المحرر موضوع: في أزمتنا الوطنية  (زيارة 397 مرات)

0 الأعضاء و 1 ضيف يشاهدون هذا الموضوع.

غير متصل صلاح بدرالدين

  • عضو فعال جدا
  • ***
  • مشاركة: 947
    • مشاهدة الملف الشخصي
    • البريد الالكتروني
في أزمتنا الوطنية
« في: 17:39 11/07/2020 »
في أزمتنا الوطنية
                                                           
صلاح بدرالدين


   بالرغم من الأهمية البالغة لعملية مراجعة دور الجيش الوطني في البلدان التي شهدت الثورات الربيعية الا أنه وببالغ الأسف لم ينشر أي عمل فكري ثقافي جاد بهذا الشأن خاصة وأن الأنظار تركزت منذ بداية اندلاع الثورات الشعبية على موقف العسكر وردود أفعالهم تجاه مواقف السلطات الحاكمة هل سيقتلون الشعب بموجب الأوامر أم سيقفون مع الغالبية المنادية الى التغيير أم سيقفون على الحياد ؟ وقد اختلف المشهد بين بلد وآخر ففي البلدان التي تحكمها أنظمة الحزب الواحد والطائفة الواحدة والحزب الواحد مثل سوريا  لم تكن الأمور مشابهة لبلدان أخرى تحكمها أنظمة رئاسية شمولية من دون مرجعيات آيديولوجية أو طائفية مثل مصر وتونس .
  العسكر والسياسة والحركة الوطنية في الحالة السورية
  أشعل الحراك الوطني الثوري المدني الانتفاضة السورية عام ٢٠١١ بشكل سلمي ومن خلال التظاهرات الاحتجاجية ورفع الشعارات الرمزية المطالبة بمرحلتها الأولى بالإصلاحات والتغيير واستعادة الحرية والكرامة ومالبثت أن رفعت من وتيرة شعاراتها والمناداة بأن الشعب يريد اسقاط النظام بعد أن جابهت السلطة وأذرعها العسكرية والأمنية المتظاهرين السلميين بالحديد والنار و الاعتقالات وزج عشرات الآلاف في جحيم – صيدنايا – وأقبية الامن العسكري والمخابرات الجوية السيئة السمعة والرهيبة .
   جاءت الاحتجاجات الشعبية في السياق التاريخي للحركة الوطنية السورية بعد تراكمات لعقود وأعوام في ظل المنظومات الأمنية القمعية مرادفة ومتزامنة لموجات ثورات الربيع التي ااندلعت  بتونس ومصر وكتتويج لنضالات السلف في العمل الوطني المعارض .
   سرعان مااستجابت مجموعات وأفراد من منتسبي الجيش والشرطة والأمن والإدارة والحزب الحاكم ورجال الاعمال لنداء الثوار المنتفضين وأعلنت انشقاقها وانحيازها لصف الشعب وكان ذلك عملا رائعا ،أضاف زخما قويا لارادة مواجهة  النظام في مختلف المناطق والمدن والبلدات ولدى غالبية المكونات  .
   وبمرور الزمن وبعد فترة قصيرة من  تصدر " الوافدين المدنيين " الى جانب جماعات الإسلام السياسي  للمسؤوليات في كيانات المعارضة بدعم من النظام الرسمي العربي والإقليمي وبتزكية من قوى كبرى انهارت الثورة وتمزقت المعارضة ، والى حد هذه اللحظة لم تظهر مراجعات جادة وشاملة لأسباب الانهيار ومازالت تلك المجموعات والشخصيات تدعي المعارضة بل وتبحث عن صفقات مع محتلي بلادنا من دون تخويل أو تكليف .
 قام الجيش الحر ببداية تشكيله بجهود خارقة واستحوذ سمعة طيبة ونال احتراما كبيرا من غالبية السوريين ولكنه للأسف ولأسباب عديدة لم يكن قادرا على الصمود والاستمرارية وأخفق ثلاث مرات: واحدة في المواجهة مع جيش النظام وأخرى في الصراع مع جماعات الاسلام السياسي وثالثة في الحفاظ على وحدته وجهوزيته واستقلاليته، وفي مجال المقارنة نرى في تجارب ثورات الربيع بمصر وتونس وقف الجيش الوطني بصف الشعب ومع الثوار من دون تدخل بالعمل السياسي .
  ولدينا الآن البعض من ضباط الجيش الحر – سابقا – خاصة ذوي الرتب العليا وبعد تلك الإخفاقات يصر على تصدر مشهد محاولات سياسية – فكرية جارية من جانب نخب وطنية مستقلة لم تتحمل مسؤوليات في كيانات المعارضة وليست مسؤولة عن الفساد والاخفاقات لاعادة بناء الحركة الوطنية السورية ويحاول بعض هؤلاء الضباط فرض مواقفه على الآخرين بل وقيادة أي مشروع يطرح للنقاش .
  أليس الاجدى ان يتفرغ هذا البعض اسوة بزملاء لهم حافظوا على قيم الجيش الحر باعداد مراجعات نقدية لتجربتهم العسكرية وأسباب الهزيمة والتعمق في استنباط دروس جديدة قد تنفع الأجيال القادمة ؟ أم أن هناك أسباب نفعية خاصة لسلوك هذا البعض غير السوي والمثير ؟  أليس الأفضل لهذا البعض التنحي جانبا  ؟ ثم متى كان العسكر موجها للسياسة الا في حالات الانقلابات العسكرية المغامرة التي اشتهرت بها بلادنا .
  بحكم معرفتنا واطلاعنا هناك الكثير من الضباط الشرفاء آمنوا بأهداف الثورة وخرجوا من حزب البعث وخرجوا عليه ومارسوا النقد الذاتي وطوروا أفكارهم وغيروا مفاهيمهم السابقة عن قناعة كاملة وضحوا من أجل أهداف الثورة  وهناك البعض منهم تعرضوا للاغتيالات والخطف أما البعض الذي يصر أن ( يقود المعارضة ويرسم السياسات )  ويتخذ الموقف الشوفيني والعداء المبطن تجاه المكونات غير العربية وغير المسلمة السنية  ) خاصة تجاه الكرد فلاشك أنه مازال أسير أفكاره ومواقفه التي نهلها من ثقافة نظام البعث لثلاثين عاما أو أكثر أو أقل .