المحرر موضوع: الفصل الثامن من كتاب "نينوى وبقاياها" للعالم الاثري الشهير أوستن هنري لايارد*  (زيارة 328 مرات)

0 الأعضاء و 1 ضيف يشاهدون هذا الموضوع.

غير متصل marqos yousif

  • عضو
  • *
  • مشاركة: 27
  • منتديات عنكاوا
    • مشاهدة الملف الشخصي
          ترجمة: الاستاذ يوآرش هيدو
                ( الجزء الرابع )


و الملاحظ أن هذا القانون  ليس فيه ما يبرر توجيه تهمة  كتهمة  الهرطقة ضد الاشوريين من قبل خصومهم،
 وواضح بالطبع ، لا من هذه الوثيقة(  اي قانون الايمان  النيقاوي المذكور انفاً _ المترجم  )  فحسب  ، بل ومن كتابات نسطوريوس وآباء  كنيسة المشرق الأوائل  بأن المسألة المتنازع فيها ، قد بولغ فيها إلى حد فاق
اهميتها  إلى حد كبير .
ولا يمكن لأحد أن ينكر فيما عدا تلك التهمة  التي  الصقتها بهم  كنيسة روما،  أنهم قد حافظوا  إلى حد كبير على نقاوة تعاليم  وطقوس كنيستهم.
 يقول عنهم ( موشهايم )  Mosheim ،  الذي لايشك  في نزاهته  ، " انه لمما يدعو للفخر  ان يكون الاشوريون  ( النساطرة )  من بين جميع الطوائف المسيحية في الشرق ، الوحيدين الذين حافظوا  على أنفسهم بمنأى  عن الخرافات العديدة التي وجدت سبيلها إلى الكنائس  الإغريقية و اللاتينية".

لذا ، فمن المهم جدا بالنسبة للبروتستانتي أن يتحقق
 من أوجه الاختلاف بينهم وبين الطوائف المسيحية الأخرى،  وعن حقيقة ( جوهر ) معتقدهم  وطقوسهم  .
 فهم يرفضون الخرافات والإنحرافات التي تسللت  إلى  كنيسة روما  ، على وجه الخصوص كما أنهم يرفضون مبدأ  ( المطهر )  ويمقتون وضع الصور  او التماثيل
في الكنائس .
‏أنهم يرسمون علامة الصليب على غرار المسيحيين الآخرين في الشرق ، لكن هذه الشعيرة لا تعتبر جوهرية عندهم،انما  يعتبرونها شارة  المسيحية وعلامة الأخوة فيما بينهم ، بما أنهم مبعثرون وسط اقوام ذوي عقيدة عدائية.

يتناول المؤمنون الخبز والخمر أثناء القداس ويسمح لكل الأعمار بتناول القربان المقدس .  كما يسمح للمسيحيين  من جميع الطوائف بدخول الكنيسة وتناول القربان .  وفيما يتعلق بعدد وطبيعة الاسرار الكنسية ،  فإن كتبهم ليست متوافقة حولهما  ، كما ان الأجوبة التي تلقيتها
 من البطريرك والعديد من الكهنة حول الموضوع ،  لم تكن متماثلة . العدد " سبعة  " يذكر دائماً من قبل الكتبة الاشوريين  الاوائل وما زال  يذكر حتى يومنا هذا  ، اما ما هي هذه الأسرار السبعة  ، فلا احد  يعرف على ما يبدو!!

‏يصاحب المعمودية  التثبيت  ، كما هو الحال في الكنيسة الأرمنية ويكون (  التثبيت  ) بمسح جبين الطفل بقطرة من " الميرون  " أي الزيت المقدس .
ولما كان منشأ التثبيت او التكريس غير معروف ،
أصبحت هذه الشعيرة جزءاً  لا يتجزأ من المعمودية . ومهما يكن من أمر   فأن الكنيسة  الاشورية لا تعتبرها من الاسرار .
‏اما الاعتراف السري الذي كان يوماً يمارس كطقس من طقوس الكنيسة  ، فقد أُبطل  .  وهناك شك أيضا  في ما إذا كانت رتبة الزواج  من ضمن الاسرار الكنسية .
 في العصور المبكرة للكنيسة  الآشورية ،  كانت درجات القرابة ( قرابة الدم )  والنسب  ،
والتي يحرم ضمنها التزاوج عديدة ومعقدة  . ويسرد 
عبديشوع  ، اي ( مارعبديشوع  مطران نصيبين وارمينيا  _ المترجم. ) اثنين وستين حالة  ولكن القوانين حول هذا الموضوع  ، إن كانت في أيما وقت مضى  تطبق    بصرامة  ، قد أضحت  اليوم اقل صرامة إلى حد كبير .
للبطريرك  سلطة البت في مسألة  الطلاق  و هو الشخص الوحيد الذي يقدر كفاية الأسباب  .
يسمح لرجال الدين من الدرجات الخمس  الأدنى
بالزواج  . في العصور  المبكرة في تاريخ الكنيسة ،  كان هذا الامتياز يسري على الاسقف و  المطران بل وحتى
على البطريرك . تعتبر الرسامه سراً من أسرار الكنيسة .  ويستعمل الزيت في رسامة  البطريرك فقط .
 أما فيما يتعلق بالدرجات الأخرى تتلى الصلوات على المرشح مع وضع اليدين فضلاً عن حلق جزءٍ من أعلى ( قمة  ) الراس .
إن رسامة  رجال الدين في إعمار  مبكرة  كان دائماً سبباً لتوجيه  اللوم للكنيسة الآشورية التي  ، من هذه الناحية ،
 لا تختلف عن جميع الكنائس الشرقية الأخرى فحسب ، بل تناقض حتى قوانينها الخاصة.
‏أن  أصوام  الآشوريين عديدة وهم  يلتزمون بها بصرامة.
 هناك ( 152 ) يوماً  في السنة يمتنعون  فيها عن تناول الأطعمة الحيوانية  .
ورغم إنني  ، خلال فترة التنقيبات  ،  استحصلت  مراراً على إعفاء للعمال من لدن البطريرك  ، لكنهم لم يكونوا
راغبين  في  الاستفادة منه.
‏كما أنهم يلتزمون بأعيادهم بالصرامة المماثلة .
ففي يوم الاحد يمتنع  الآشوريون عن القيام بآية رحلة كما يمتنعون  عن القيام  باي عمل  .
تبدأ اعيادهم ، و صومهم مع شروق الشمس وتنتهي مع غروب شمس اليوم التالي .

ينتخب بطريرك الكنيسة الآشورية النسطورية  دائماً.
 إن لم يكن ذلك بحكم الضرورة ،  فعلى الاقل بالاتفاق العام ، من أسرة واحدة.
 ويتوجب على الأم أن تمتنع عن تناول اللحم أو أي طعام حيواني  خلال فترة الحمل أو لعدد من الأشهر قبل ولادة الطفل المنذور ، البطريرك العتيد  لكنيسة المشرق .
كما ان البطريرك نفسه لا يذوق اللحم أبداً .
فالخضر والحليب  تشكل طعامه الوحيد  .
ويجب أن تجري رسامته  على يد ثلاثة من رؤساء  الأساقفة ، ويحمل دوماً  اسم  (  شمعون ) ،  بينما يتخذ صنوه ،  بطريرك الآشوريين الكاثوليك بالمقابل ،
 اسم  ( يوسف  ) .
 معظم كتبهم الكنسية مكتوبًٌ بالسريانية ،  التي شأنها شأن  اللاتينية في الغرب ، كانت اللغة المقدسة في الجزء الأعظم من الشرق.
 وتختلف اللهجة التي يتكلمها  سكان الجبال قليلاً عن تلك التي يلهج بها سكان السهول.

‏في الآونة الاخيرة بدأ البروتستانت يهتمون كثيرا بالآشوريين . فقد انشأ مبشروهم  مدارس في اورميا
 وحولها ،  واسست مطبعة وطُبع  العديد من الكتب ،
من ضمنها الكتب المقدسة باللهجة الدارجة.
 وكانت جهود  هؤلاء المبشرين مثمرة في اعتقادي.
 تجدر الإشارة إلى أن اللهجة  المتداولة في القرى  القريبة من مدينة الموصل هي قريبة الشبة بلغة تلك الفئة  القريبة الملفتة  للنظر ، اعني  الصابئة المندائيين   او مسيحيي القديس يوحنا  ، كما يسميهم العامة ،
والذين يتواجدون بالقرب من مصب نهر الفرات  ،
في مقاطعة خوزستان أوسوسيانا ،  والذين  ربما ينحدرون من سكان بابل القدامى.


لقد صرح اشخاص من البروتستانت بأنهم يتجنبون دوماً التصادم مع النظام الكنسي للآشوريين مقرًين   بأن شكل الادارة الكنسية المتبع عندهم هو الشكل الأنسب لطائفة محاطة بظروف كتلك التي تحيط بهم .
من المؤمل أن توطيد  نفوذ السلطان في المناطق الجبلية وإبعاد عدد من الزعماء الاكراد الأشد تعصباً  وتعطشاً للدم ، سيمكن الآشوريين من الآن فصاعدا من ممارسة معتقدهم دون عائق أو قيد، و بانهم قد تحرروا من مخاوف  وقوع عدوان جديد ، قد يعيدون بما عرف عنهم من نشاط  ومثابرة  ، الازدهار إلى مقاطعاتهم  الجبلية.
 وبما أنهم البقية  الوحيدة الباقية  من أمة عظيمة.
يتعين على  كل واحد منا ان  يعير قدراً من الاهتمام بتاريخهم  ووضعهم ، ولا يسعنا إلا أن نتعاطف  مع
شعب اضهد زمناً طويلاً  واستحق لقب " بروتستانت الشرق ".

          (انتهى  الجزء الرابع  وهوالاخير )