عرض المشاركات

هنا يمكنك مشاهدة جميع المشاركات التى كتبها هذا العضو . لاحظ انه يمكنك فقط مشاهدة المشاركات التى كتبها فى الاقسام التى يسمح لك بدخولها فقط .


مواضيع - سامي هاويل

صفحات: [1]
1
المادة 125 من الدستور العراقي النافذ إقصاء للحق القومي الآشوري


سامي هاويل
19- 3 - 2024
 
   بمجرد الاطلاع على ديباجة الدستور العراقي النافذ، تتجلى أمامنا صورة ما يحمله في متنه من "حقوق" للشعب الآشوري، فالمهتم اللبيب، المطلع على التاريخ المعاصر للدولة العراقية الحديثة منذ تأسيسها عام 1921 يعي جيداً ما تعرض له الآشوريون من مآسي، تمثلت بداية بكيل الأتهامات لهم لتشويه صورتهم في نظر المجتمع العراقي، تمهيداً لإلغاء حقوقهم، وجعلهم دخلاء، ومن ثم شرعنة عملية إعلان الحرب المقدسة ضدهم، فتوجت تلك  الجهود  بمذبحة سميل ضد الآشوريين العُزل شيوخاً ونساءً وأطفال، لتكون باكورة جرائم الحكومات العراقية المتعاقبة نتيجة لسياساتها العنصرية التي تلاقت فيها الأجندات الدينية والقومية المتطرفة، ودفعت سياسة السكوت عليها والتعمد على تشويه احداثها ووقائعها واختلاق سيناريوهات مزيفة عنها  الى توالي الجرائم المشابهة لها بحق بقية فئات العراقيين على أختلاف أنتماءاتهم العرقية والدينية، ووضعت ملامح الحكومات المتوالية لتكون شمولية، إقصائية، إجرامية، مبنية على أُسس قومية ومذهبية مقيتة، تستبيح الحريات العامة، ولا تحترم حقوق المواطن.

   في سياق حديثنا عن هذه الديباجة لابد لنا ان نستشهد ببعض الفقرات منها، فعلى سبيل المثال نقتبس: ( مستذكرين مواجع القمع الطائفي من قبل الطغمة المستبدة ومستلهمين فجائع شهداء العراق شيعة وسنة، عرباً وكرداً وتركماناً، ومن مكونات الشعب جميعها)، ثم تسترسل ( ومستنطقين عذابات القمع القومي في مجازر حلبجة وبرزان والأنفال والكرد الفيليين، ومسترجعين مآسي التركمان في بشير). أنتهى الأقتباس.

   المقتطفات أعلاه تكفي لتميط اللثام عن ما يدور في مخيلة القائمين على صياغتها، ونظرتهم للمسألة الآشورية!!، فإذا كان الدستور هو الضامن الأول لحقوق الشعب  والأفراد ويصون كرامتهم، ومنه تستوحى قوانين البلاد، قد تجنب الإشارة الى مذبحة الآشوريين في سميل، وغيّبَ ما تعرضوا له من ظلم واضطهاد، فذلك يترك الباب مفتوحاً على مصراعيه أمام الإقصائيين لحشو عقول العامة بما يتوافق وأجنداتهم العنصرية، وما هول المآسي التي تعرض لها الآشوريين طوال العقدين الماضيين والتي لازالت وتيرتها مستمرة إلا دليل على ذلك. ثم يتحفنا كتبة الدستور في نفس الديباجة قائلين ( لنصنع عراقنا الجديد، عراق المستقبل، من دون نعرة طائفية، ولا نزعة عنصرية ولا عقدة مناطقية ولا تمييز، ولا إقصاء ) ؟؟ فكيف تكون إذن النزعات والنعرات الطائفية والعنصرية والإقصاء وما الى ذلك؟ أهكذا ستصنعون عراقكم الجديد؟.

    يبدو أن الفقرة الأخيرة أعلاه قد أرغمت القائمين على صياغة الدستور لأبتكار الفقرة 125 كمادة خاصة بـ "حقوق" القوميات، حيث نصت هذه المادة على: أقتباس ( يضمن هذا الدستور الحقوق الإدارية والسياسية والثقافية والتعليمية للقوميات المختلفة كالتركمان، والكلدان والآشوريين، وسائر المكونات الأخرى، وينظم ذلك بقانون)أنتهى الأقتباس.

    تشتت الآشوريون في مختلف بقاع العالم من جراء الهجمات المتتالية التي أستهدفتهم في كل أماكن سكناهم، ولازالت هذه المادة غير منظمة بقانون!، وتم الألتفاف على حقوقهم الإدارية والسياسية، وهذه المادة غير منظمة بقانون!، قضمت أراضيهم التاريخية أمام مرآى الجميع وتحت ظل هذا الدستور ولازالت المادة غير منظمة بقانون!. هذا إذا أفترضنا جدلاً بأن ما جاء في هذه المادة هو فعلا حقوق قومية ممنوحة للقوميات في دستور جديد عادل للبلاد وُضِع لتسود العدالة والمساواة وليصون حقوق الجميع ولكن؟، ما ورد فيها ليس حقوق قومية، بل أبسط الحقوق المدنية الإنسانية التي تُمنح لأفراد أو لأية مجموعة عرقية أو حتى لأي عشيرة في اي بلد يتميز نظام حكمه بنوع من الحرية والديمقراطية.

   الشعب الآشوري حقوقه القومية تكمن في الأقرار الرسمي "وليس الإعلامي السياسي" بأنه شعب العراق الأصيل، ووريث الحضارة الآشورية، وعلى هذا الأساس ستندرج حقوقه القومية خاصة ما يتعلق بخصوصيته وجغرافيته المستباحة، حيث لم تسلم قراه ومناطق تواجده التاريخية من كل أنواع الاحتلال لأسباب وتداعيات وأجندات متعددة، منذ تأسيس الدولة العراقية، مروراً بمذبحة سميل، وما تلاها من أحداث متعاقبة طوال العقود الماضية، والى مذبحة صوريا،  وصولاً الى العقدين الماضيين، وليومنا هذا، كل تلك الممارسات المشبوهة أرغمت، ولازالت تدفع الآشوريين الى ترك أراضيهم وممتلكاتهم واللجوء الى داخل المدن الكبيرة كمرحلة أولى، ومن بعدها التشتت في مختلف بقاع العالم،  بعد أن فقدوا آمالهم في إنصافهم من قبل القوى المهيمنة على القرار السياسي في مجمل البلاد، سواءً السلطة المركزية أو السلطة الكردية، وتبددت أحلامهم في العيش الكريم في وطنهم وعلى أرضهم التأريخية. وما نشهده حاضراً من مضايقات مستمرة بمختلف الذرائع لما تبقى للآشوريين من وجود على أراضيهم نموذج صارخ لما تعرض له طوال القرن الماضي. الحقوق الإدارية والسياسية والثقافية والتعليمية تكون تحصيل حاصل منح الحق القومي،  وليست حقوق قومية بحد ذاتها، لأنه حتى بدون ايراد هذه المادة في الدستور من الطبيعي جدا أن تتمتع المناطق ذات الكثافة الآشورية بتمثيل إداري آشوري، وهكذا ضمن أبسط الحقوق الإنسانية سيسمح للاشوري تعليم أبنائه لغتهم، وهكذا يسري على الجانب السياسي والثقافي والأجتماعي، إذاً الحقوق القومية الآشورية مثلما ذكرنا سلفاً تكمن في إقرار أصالتهم، ومراعاة كل ما يتعلق بعمق تجذرهم في تلك الآرض وعلى وجه الخصوص التواجد الجغرافي التاريخي، وإصدار القوانين الخاصة لحماية خصوصيتهم، وإلزام الجهات المعنية بمتابعة وتطبيق تلك القوانين،  يليه بقية هذه الأمور المذكورة في هذه المادة.

2
المادة 125 من الدستور العراقي النافذ إقصاء للحق القومي الآشوري

سامي هاويل
19- 3 - 2024
 
 بمجرد الاطلاع على ديباجة الدستور العراقي النافذ، تتجلى أمامنا صورة ما يحمله في متنه من "حقوق" للشعب الآشوري، فالمهتم اللبيب، المطلع على التاريخ المعاصر للدولة العراقية الحديثة منذ تأسيسها عام 1921 يعي جيداً ما تعرض له الآشوريون من مآسي، تمثلت بداية بكيل الأتهامات لهم لتشويه صورتهم في نظر المجتمع العراقي، تمهيداً لإلغاء حقوقهم، وجعلهم دخلاء، ومن ثم شرعنة عملية إعلان الحرب المقدسة ضدهم، فتوجت تلك  الجهود  بمذبحة سميل ضد الآشوريين العُزل شيوخاً ونساءً وأطفال، لتكون باكورة جرائم الحكومات العراقية المتعاقبة نتيجة لسياساتها العنصرية التي تلاقت فيها الأجندات الدينية والقومية المتطرفة، ودفعت سياسة السكوت عليها والتعمد على تشويه احداثها ووقائعها واختلاق سيناريوهات مزيفة عنها  الى توالي الجرائم المشابهة لها بحق بقية فئات العراقيين على أختلاف أنتماءاتهم العرقية والدينية، ووضعت ملامح الحكومات المتوالية لتكون شمولية، إقصائية، إجرامية، مبنية على أُسس قومية ومذهبية مقيتة، تستبيح الحريات العامة، ولا تحترم حقوق المواطن.

   في سياق حديثنا عن هذه الديباجة لابد لنا ان نستشهد ببعض الفقرات منها، فعلى سبيل المثال نقتبس: ( مستذكرين مواجع القمع الطائفي من قبل الطغمة المستبدة ومستلهمين فجائع شهداء العراق شيعة وسنة، عرباً وكرداً وتركماناً، ومن مكونات الشعب جميعها)، ثم تسترسل ( ومستنطقين عذابات القمع القومي في مجازر حلبجة وبرزان والأنفال والكرد الفيليين، ومسترجعين مآسي التركمان في بشير). أنتهى الأقتباس.

   المقتطفات أعلاه تكفي لتميط اللثام عن ما يدور في مخيلة القائمين على صياغتها، ونظرتهم للمسألة الآشورية!!، فإذا كان الدستور هو الضامن الأول لحقوق الشعب  والأفراد ويصون كرامتهم، ومنه تستوحى قوانين البلاد، قد تجنب الإشارة الى مذبحة الآشوريين في سميل، وغيّبَ ما تعرضوا له من ظلم واضطهاد، فذلك يترك الباب مفتوحاً على مصراعيه أمام الإقصائيين لحشو عقول العامة بما يتوافق وأجنداتهم العنصرية، وما هول المآسي التي تعرض لها الآشوريين طوال العقدين الماضيين والتي لازالت وتيرتها مستمرة إلا دليل على ذلك. ثم يتحفنا كتبة الدستور في نفس الديباجة قائلين ( لنصنع عراقنا الجديد، عراق المستقبل، من دون نعرة طائفية، ولا نزعة عنصرية ولا عقدة مناطقية ولا تمييز، ولا إقصاء ) ؟؟ فكيف تكون إذن النزعات والنعرات الطائفية والعنصرية والإقصاء وما الى ذلك؟ أهكذا ستصنعون عراقكم الجديد؟.

    يبدو أن الفقرة الأخيرة أعلاه قد أرغمت القائمين على صياغة الدستور لأبتكار الفقرة 125 كمادة خاصة بـ "حقوق" القوميات، حيث نصت هذه المادة على: أقتباس ( يضمن هذا الدستور الحقوق الإدارية والسياسية والثقافية والتعليمية للقوميات المختلفة كالتركمان، والكلدان والآشوريين، وسائر المكونات الأخرى، وينظم ذلك بقانون)أنتهى الأقتباس.

    تشتت الآشوريون في مختلف بقاع العالم من جراء الهجمات المتتالية التي أستهدفتهم في كل أماكن سكناهم، ولازالت هذه المادة غير منظمة بقانون!، وتم الألتفاف على حقوقهم الإدارية والسياسية، وهذه المادة غير منظمة بقانون!، قضمت أراضيهم التاريخية أمام مرآى الجميع وتحت ظل هذا الدستور ولازالت المادة غير منظمة بقانون!. هذا إذا أفترضنا جدلاً بأن ما جاء في هذه المادة هو فعلا حقوق قومية ممنوحة للقوميات في دستور جديد عادل للبلاد وُضِع لتسود العدالة والمساواة وليصون حقوق الجميع ولكن؟، ما ورد فيها ليس حقوق قومية، بل أبسط الحقوق المدنية الإنسانية التي تُمنح لأفراد أو لأية مجموعة عرقية أو حتى لأي عشيرة في اي بلد يتميز نظام حكمه بنوع من الحرية والديمقراطية.

   الشعب الآشوري حقوقه القومية تكمن في الأقرار الرسمي "وليس الإعلامي السياسي" بأنه شعب العراق الأصيل، ووريث الحضارة الآشورية، وعلى هذا الأساس ستندرج حقوقه القومية خاصة ما يتعلق بخصوصيته وجغرافيته المستباحة، حيث لم تسلم قراه ومناطق تواجده التاريخية من كل أنواع الاحتلال لأسباب وتداعيات وأجندات متعددة، منذ تأسيس الدولة العراقية، مروراً بمذبحة سميل، وما تلاها من أحداث متعاقبة طوال العقود الماضية، والى مذبحة صوريا،  وصولاً الى العقدين الماضيين، وليومنا هذا، كل تلك الممارسات المشبوهة أرغمت، ولازالت تدفع الآشوريين الى ترك أراضيهم وممتلكاتهم واللجوء الى داخل المدن الكبيرة كمرحلة أولى، ومن بعدها التشتت في مختلف بقاع العالم،  بعد أن فقدوا آمالهم في إنصافهم من قبل القوى المهيمنة على القرار السياسي في مجمل البلاد، سواءً السلطة المركزية أو السلطة الكردية، وتبددت أحلامهم في العيش الكريم في وطنهم وعلى أرضهم التأريخية. وما نشهده حاضراً من مضايقات مستمرة بمختلف الذرائع لما تبقى للآشوريين من وجود على أراضيهم نموذج صارخ لما تعرض له طوال القرن الماضي. الحقوق الإدارية والسياسية والثقافية والتعليمية تكون تحصيل حاصل منح الحق القومي،  وليست حقوق قومية بحد ذاتها، لأنه حتى بدون ايراد هذه المادة في الدستور من الطبيعي جدا أن تتمتع المناطق ذات الكثافة الآشورية بتمثيل إداري آشوري، وهكذا ضمن أبسط الحقوق الإنسانية سيسمح للاشوري تعليم أبنائه لغتهم، وهكذا يسري على الجانب السياسي والثقافي والأجتماعي، إذاً الحقوق القومية الآشورية مثلما ذكرنا سلفاً تكمن في إقرار أصالتهم، ومراعاة كل ما يتعلق بعمق تجذرهم في تلك الآرض وعلى وجه الخصوص التواجد الجغرافي التاريخي، وإصدار القوانين الخاصة لحماية خصوصيتهم، وإلزام الجهات المعنية بمتابعة وتطبيق تلك القوانين،  يليه بقية هذه الأمور المذكورة في هذه المادة.
 

3
رأي حول قرار اندماج الحركة الديمقراطية الآشورية وحزب أبناء النهرين على الصعيدين التنظيمي والقومي الآشوري

سامي هاويل
8- 3 - 2024
 
 لاشكّ بأن عملية توحيد الجهود وتقليص الفوارق سيزيد من ثقل التنظيم على الساحة السياسية، وسيبعث الأمل في نفوس كوادره وأعضائه ومؤازريه، أما بالنسبة للجماهير الآشورية فهناك ما نرتأيه لكسب ثقتهم من جديد، سنأتي لذكره بعد قليل.

  على المستوى التنظيمي:

   رغم حدة التراشق والخلافات الساخنة التي شهدناها بين الطرفين منذ عام 2013 ولكن بقيت أنظار الأعضاء والمؤازرين مشدودة نحو إعادة اللحمة من جديد، خاصة بعد أن أدركوا يقيناً مقدار الإخفاق  والتراجع الذي مني به الطرفين، حيث تقلص دورهما على الساحة السياسية العراقية، واستمر بالأنحدار حتى أنتهت الأمور بإزاحتهما من التمثيل الرسمي داخل مجلس النواب والحكومة العراقية. في هذه الأثناء، وبعد أن تم رسميا إعلان الأندماج بين الطرفين، بدأت أنظار الشارع القومي الآشوري تتوجه صوب هذا الحدث، أما على الصعيد التنظيمي فبدون أدنى شك سادت علامات الرضى والأرتياح، وتأججت جذوة الأمل من جديد في قلوب الأعضاء والمؤازرين.

على الصعيد القومي الآشوري:

   بالنسبة للجماهير الآشورية، وعلى وجه الخصوص المهتمين بالشأن القومي الآشوري!، لازال الموقف ميالاً للحذر الشديد المصحوب بكثير من الشك والحساسية، خاصة وإننا اطلعنا على ما جاء في متن وثيقة التوحيد. فعلى مستوى المطالب القومية المطروحة في الوثيقة، هناك ما يتحتم الإشارة إليه ومناقشته بإسهاب، ولكننا سوف نتجنب هنا الحديث عن هذا الجانب، بأنتظار البيان الذي سيصدر عقب المؤتمر المزمع عقده قريباً.

 ما يمكننا هنا التطرق إليه بأعتباره من الأولويات التي تضع المؤتمرين أمام تحدٍ كبير هو مسالة التسمية،  فرغم تمسك معدي الوثيقة باعتماد مصطلح "شعبنا" المبهم، ولكننا قرأنا في الفقرة الخاصة بالتسمية إشارة واضحة الى  تبني التنظيم العمل بالاعتماد على "الأسس والمفاهيم الفكرية القومية الآشورية"، وهذه هي المرة الأولى التي يشار إليها رسمياً منذ انعقاد مؤتمر التسمية عام 2003، نأمل أن لا يقع ذلك ضمن مشروع التسويق الإعلامي القومي السياسي.

  ما نرتأي أن يلفت أنتباه المؤتمرين، والذي سيكون بمثابة صمام الأمان للعمل على إعادة الثقة مجددا بالتنظيم!،  هو وجوب التوقف بشكل جدي ومسؤول عند موضوع الهوية القومية الآشورية، ولا نعتقد هناك داعٍ للعودة والتذكير بشكل مفصل بالنتائج السلبية الكارثية التي آلت إليها عملية إقحام الهوية القومية الآشورية في صراع التسميات، أيّ كانت الأسباب والنوايا حينها، فاليوم إذا كان المؤتمرين على قناعة تامة لتبني الهوية الآشورية، والعمل وفق الأسس والمباديء الفكرية الآشورية!، وكون الحركة الديمقراطية الآشورية شكلت الى جانب المنظمة الآثورية الديمقراطية  أحد القطبين الرئيسيين الذين عملا على التهيئة لأنعقاد مؤتمر التسمية عام 2003!، عليه يتحتم على المؤتمرين تقديم توضيح وافِ، وبشفافية تامة، عن هذا الموضوع، هذا إذا كانت هناك رغبة حقيقية للعودة مجدداً للتمسك بالهوية الآشورية، غير ذلك سوف يبقى الشك سيد الموقف، ولا أعتقد سيكون هناك مجال لفرصة أخرى مستقبلاً لإصلاح الموقف.

  بأنتظار البيان الختامي للمؤتمر المرتقب ومقرراته، آملين أن يكون بمستوى التحدِ الذي يواجهه الشعب الآشوري أرضاً وحقوقاً ووجود، حينها سيكون لنا عودة.

4
الذات الممسوخة
(الجزء الثاني)
سامي هاويل
21/9/2023

إشكالية اعتماد النظم والشرائع المسيحية في كنيسة المشرق
   
   تعتبر الأخلاق الأساس الذي يتحكم بسلوك الفرد، وعليها يرتكز العقل الجمعي لتركيبة المجتمع، وهي مترابطة بشكل مطلق بمشاعر الإنسان التي تعتبر جزء أساسي من بنيته وكيانه.  ولكي نكون اكثر دقة علينا التمييز بين السلوك السيء المبني على عدم الفهم والإدراك، وبين السلوك السيء الذي يتم معاودة تكراره رغم النتائج السلبية أو الكارثية الناجمة عنه، ففي الحالة الأولى يعتبر (سلوك غير واعِ)، أما في الحالة الثانية فإنه يعتبر (سلوك غير أخلاقي).

    رغم تأثير فضائل الشجاعة والحكمة والعدالة في الفلسفة الأفلاطونية عليها ولكن!، تبقى (الموعظة على الجبل) وحزمة من النظم والشرائع في الكتاب المقدس القاعدة الأساسية لمنظومة الأخلاق المسيحية،  فإلى جانب البِر والمحبة والتسامح والتواضع والشهامة، لا يمكننا تجاهل ركيزة "الحق"  ومكانتها في هيكلية منظومتها الأخلاقية، الوجه الآخر للحق الذي جسده السيد المسيح بجلاء في قصة الزانية، ولم يتنازل عنه امام هيرودس عندما كان يدينه، وختمه على خشبة الصلب.

     لقد تباين فهم المسيحية وتركيبة منظومتها الأخلاقية بين المجاميع المسيحية منذ بداية انتشارها، وكان مرهوناً بالكيفية التي تناولتها ومارستها النخب لدى مختلف الشعوب، ما يلفت الأنتباه هو تمكن نخب كنسية مختلفة من خلق توافق بين المسيحية وتراث شعوبها إلا احبار كنيسة المشرق، كما أسلفنا الذكر في الجزء السابق، فقد مضوا بالأتجاه المعاكس رغم توافر الفرص امامهم بشكل اوسع، مما وضعهم في مأزق سنأتي لذكره بعد قليل.

   عند دخول الرومان الى المسيحية جسدت الكنيسة الكاثوليكية الرومانية مفهومي الحق والرحمة في تعاليم المسيح عبر إنشاء فرق الفرسان المبنية على مبدأ الرجولة والشهامة، لحماية حقوق الضعفاء والعزل، وبالتوازي مع ذلك نرى كيف تحولت آلهتهم القديمة (بريجيت) الى قديسة في كنيستهم، وعندما تم اعلان المسيحية ديانة رسمية في الأمبراطورية الرومانية، شاعت فكرة العزوف عن القتال بين اوساط المسيحيين الرومان، ونبذوا الأنخراط في القوات المسلحة، ولكن السلطة لم تتهاون في ردع تلك الظاهرة التي كانت تهدد أمنها، فشهدت الأمبراطورية في القرون المسيحية الأولى حملة إعدامات طالت الكثير ممن رفضوا القتال والأنخراط في الجيش، الى الجانب الآخر ظهرت الحملات الصليبية التي أضفوا عليها رمز الشهامة الوثيق الأرتباط بالأخلاق المسيحية، فكان هذا الإجراء خطوة ناجحة في خلق توافق بين مسيحيتهم وكيانهم السلطوي. ولعبت هذه المنهجية الى حد كبير دوراً مؤثراً في استمرارية سلطتهم ولحمتهم الأجتماعية، وفي نفس الوقت رفدت مؤسستهم الكنسية بمزيد من القَوَة للأزدهار والأستمرارية حتى باتت اليوم أمبراطورية كبيرة لها مكانتها واعتبارها في المجتمع الدولي رغم انهيار الأمبراطورية الرومانية منذ زمن بعيد.
 
   في معرض حديثنا عن بعض القيم المسيحية "كالتسامح والتواضع"، تقودنا المعطيات لنكتشف بانها في المنظومة الأخلاقية لكنيسة المشرق اصبحت في الكثير من الأحيان مرادفة للخنوع والتنازل والتنصل من مسؤولية الدفاع عن الحق، بحيث لا يمكن للفرد البسيط التمييز بينها، وهذه الظاهرة بحد ذاتها تندرج ضمن عملية قلب المفاهيم وتشويهها، فعندما يكون "التواضع والتسامح" على حساب معاناة وحقوق شعب بأكمله يتغير الجوهر كلياً.  في الجانب الآخر برزت ظاهرة تكفير وتوثين ثقافة وتراث الشعب الآشوري وإرثه، ولا زال هناك من يحاول ترسيخها حاضراً ايضاً. هذه الممارسات والأجتهادات لعبت دوراً بارزاً في أدلجة الفرد والمجتمع الآشوري المؤمن لكي يتنازل عن حقه ويتراجع عن الدفاع عن خصوصيته، ويتقبل ثقافة الموت لأجل الملكوت، وبالتالي تعرض الى الإذلال والقتل والتشريد، وانتهى به المطاف كأقلية مشتتة في عدة طوائف متناحرة تعود لتلك الكنيسة التي فاق أعداد المنتمين يوماً إليها الخمسين مليوناً.

    رغم كل ما أشرنا إليه يبدو أن القائمين على طوائف هذه الكنيسة يسيرون على خطى ونهج أسلافهم، منهم من يبريء الأتراك من دم مئات الآلاف من الأبرياء بذريعة "التسامح" وآخرون يمجدون ديمقراطية السلطات الكردية بذريعة "العيش المشترك" فلا يتركون الموتى يرتاحون في قبورهم ولا يساندون الأحياء لينعموا على أرضهم بالسلام والعيش الكريم. شعب بأكمله تشتت واضطُهِد طوال الثلاثة عقود الماضية ولازال، بينما هم يتجولون في اروقة الأنظمة العراقية الفاسدة بحثاً عن منافع طائفية وشخصية، تُرى! أين هذا كله من الحق والصدق والإخلاص والتسامح والتواضع والشهامة في المسيحية؟.

   ختاماً وللأمانة التاريخية نقول: هذه ليست الكنيسة التي قال عنها السيد المسيح بأن أبواب الجحيم لن تقوى عليها، فإذا لم تخطو قياداتها خارج أسوار ممالكهم الصغيرة ليروا المشهد بأكمله! حقاً حينها سوف تتحطم على صخرة الأجتهادات القديمة الجديدة الخاطئة، والإهمال المتعمد لإصلاح ما يمكن إصلاحه قبل فوات الآوان.


رابط الجزء الأول:
https://ankawa.com/forum/index.php/topic,1047167.0.html


5
المنبر الحر / الذات الممسوخة
« في: 10:02 13/09/2023  »
الذات الممسوخة

سامي هاويل
13/9/2023

   
  غايتنا بالمطلق من هذه المقالة هي محاولة توجيه الأنظار الى بعض الأمور المفصلية المهمة للغاية، المتعلقة بالمؤسسة الكنسية، خاصة اننا نلتمس بين الحين والآخر وبشكل صارخ ما يمكننا أن نسميه "عداء موروث" على مستوى الشارع القومي الآشوري وايضا على مستوى رواد المنابر الكنسية، وبعض المنصات الإعلامية الحديثة العائدة الى آشوريين يتبعون تيارات مسيحية مختلفة، لكل ما يمت بصلة للآشورية من تاريخ وتراث وثقافة وخصوصية، يصل لدرجة الأتهام الباطل والكره المقيت. إننا لن نفلح في إيجاد حلول جذرية لهذه المعضلة دون ان نتسم بالموضوعية في البحث عن الأسباب المباشرة التي تقود الى هذه الممارسات التي تُبقي الشعب الآشوري في مرحلة البحث عن ذاته.

    من المألوف بان المؤسسة الكنسية بكادرها وهيكليتها تعتبر من المسلمات التي لا يمكن مساسها، وهذا بحد ذاته منح سلطة كبيرة لرجال الدين للتدخل في إدارة شؤون المؤمنين وتلقينهم اجتهاداتهم التي اصابت في بعض الأحيان، واخفقت في اخرى منذ نشأتها الى اليوم، وبدون أدنى شك تضعنا المعطيات امام قناعة تامة بأن كفة الإخفاق هي التي كانت راجحة.  إذن! عندما نتناول مسألة حساسة كهذه علينا ان نتجرد من الألتزامات التقليدية المألوفة، لكي لا يكون الطرح مجرد كلام إنشائي هزيل يفتقر الى الجرأة، وابسط مقومات المناقشة العقلانية الهادفة.

   يروي لنا التاريخ عن ولايات عديدة ذات خصوصية آشورية ظهرت عقب سقوط الأمبراطورية الآشورية، صمدت بعضها لعدة قرون ومن ثم تلاشت، وما محاولة ولايتي مادا وأثورا للوحدة والأستقلال في فترة الهيمنة الأخمينية إلا دليل على تلك الميزة، مما يؤكد يقينا حضور وعي وفكر قومي متبلور بين النخب البارزة، خلق عندهم رغبة كبيرة للعمل من اجل الحفاظ على استمرارية الشعب الآشوري ومحاولة إعادة امجاده.

    لقد لعبت المجاميع المسيحية المبكرة وبشكل خاص رجال الدين في كنيسة المشرق دوراً كبيرا في سلخ الإنسان الآشوري من جلوده الأصلية، عبر تكفير وتوثين إرثه وحضارته وتاريخه وتراثه، سواءً بدوافع من بعض النصوص الدينية المستقاة من التوراة، او نتيجة تصادم مع ابناء جلدتهم ممن تشبثوا بمعتقداتهم وديانتهم القديمة لعدة قرون بعد الميلاد، التي كانت معابدهم شاخصة وعامرة في مدن آشور وحران وحدياب، وهذا يبرر اسباب تلاشي تلك الولايات وعزوف الشعب الآشوري عن العمل لأجل إنشاء اخرى حديثة.

    لقد ارضعوا الإنسان الآشوري من خلال التزامهم الحرفي الصارم بالنصوص الدينية المكتوبة مفاهيم واجتهادات قادته ليعادي اصوله التي اعتبروها معتقدات وثنية وعبادة اصنام، وجعلوا منه كائناً يتقبل كل انواع الأضطهاد تماشياً مع الإفراط الشديد في اعتماد الأسس المسيحية المتمثلة في المحبة والتسامح، هذه المفاهيم التي تبناها احبار الكنيسة وكادرها بكثير التطرف والغلو فاق تعاليم المسيح والمسيحية نفسها، فبدأ يتخلى عن إرثه وثقافته وتراثه ولو على مضض، وانعكس ذلك حتى على اسماء حديثي الولادة، حيث امتنعوا عن تداول اسمائهم، ليحل محلها اسماء دخيلة مستقاة من الكتب الدينية المقدسة، واخرى لقديسين اغريق ورومان وفرس، (وهنا لا بد من الإشارة بانه لهذا السبب عندما زار المبشرين والمستشرقين مواطن آشوريوا هكاري قبل حوالي القرنين من الزمن اعتقدوا في البداية بأنهم من بقايا اسباط اليهود المسبيين).

     يمكننا بهذا الصدد ان نستشهد ببعض الأمثلة المحدودة التي تؤكد يقينا ما نذهب إليه، فالموضوع لكي يوفى حقه بحاجة الى بحث دقيق ومفصل.

    على سبيل المثال في زمن الملك كسرا غالبا ما تم تشبيه السلطة الساسانية بالأمبراطورية الآشورية، كونهم وثنيين عبدة النار، ويتميزون بالعنف والقسوة، (وهذه الصفات مستوحاة من التوراة بشكل خاص في وصف الآشوريين، وهي بالتأكيد بعيدة عن الإطار الأكاديمي)، واعتبروا الساسانيين مكملين للأمبراطورية الآشورية.  فعندما غزوا انطاكيا ونهبوا بيوتها واديرتها وقتلوا سكانها العزل، قال مار افرام الكبير "الله الذي يجعل الحكم للمظطهدين، بعد وقت قصير أيقظ الآشوريين ضده وضد المدينة بحسب قول النبي (آشور هو قضيب غضبي والذي يحمل بيده عصى سخطي أُرسله ضد أُمة منافقة وأوصيه على شعبي الذي غضبت عليه ليغنم غنائمهم ويستولي على أسلابهم ويطأُهم كما يطأون الوحل). وبعد ثلاثة سنوات ذهب خسرو ضد أنطاكيا".

    هكذا ايضا روى هذه الواقعة مار يوخنا أسقف أفسس (505 - 585) حيث قال ان "كسرا غزاها وسلبها ونهبها ثم سلمها ليد الآشوريين"!. في إشارة الى الساسانيين، وفي حادثة اخرى يذهب مار افرام الكبير في وصفه لفارس بـ "آثور القذرة أم الفساد".

    على نفس هذا النحو نقرأ ايضا لمار ميخائيل الكبير ( 1166 - 1199م)  في وصفه للأتباكيين، وعند حديثه عن حاكم نينوى الأتباكي  ينعته بـ  "الخنزير الآشوري!".

    لقد استمر هذا الأزدراء لقرون عديدة، ربما لم يصلنا الكثيرمن الأجتهادات المشابهة لها، ولكن على ما يبدو بأن غياب النخب القومية في الفترة ما بعد الميلاد لهو دليل كافٍ على النهج المعادي للآشورية على يد كبار رجال الدين في الكنيسة، اولاءك الذين يعتبرون في نظر عموم الشعب المنكوب وريثي سلطة الله على الأرض، ووسيلة الخلاص من الموت الأزلي، والسبيل الوحيد لنيل الحياة الأبدية.

   هكذا بقي الأنسان الآشوري تائهاً يترنح بين إيمانه المسيحي وكيانه وخصوصيته القومية التي بقيت شاخصة في ذاكرته العليلة المتعبة، مع انه رغم ذلك تمكن بشكل او بآخر من الأحتفاظ بما يضمن ديمومته، فعلى سبيل المثال تشبث رجال الدين بلغة الطقس (ܠܫܢܐ ܣܦܪܝܐ)، اللهجة المتداولة حينها في انطاكيا، بينما بقي عامة الشعب متمسكاً الى اليوم بتداول لغته الأصلية في حياته اليومية ( ܠܫܢܐ ܣܘܕܝܐ) اللغة المحكية بلهجاتها المختلفة والمفهومة للجميع، والتي تعتبر وريثة الأكادية والآشورية القديمة، عكس لغة الطقس التي لا يفهمها غالبية ابناء الشعب الآشوري، ولازالت كنائسنا تتبناها في طقوسها وهم يدركون جيداً ان غالبية اتباعهم بما فيهم الكثير من الكهنة لا يجيدوها؟؟.

   الى جانب هذه الأجتهادات الخاطئة يمكننا ايضا القول بأن الغلو في التدين الواصل لحد التطرف كان له ايضاً دور اساسي في دفع الإنسان الآشوري بعيداً عن وجوده وكينونته وخصوصيته، وما قوافل المبشرين الذي وصلوا اقاصي الشرق الى الصين والهند سيراً على اقدامهم، تاركين ورائهم شعبهم وارضهم وتراثهم وخصوصيتهم دون اي اهتمام إلا خير دليل على ذلك.

    طالما نحن الآن نتحدث عن الغلو في التدين يمكننا ان نورد ادناه مقتطفات (ليست بحسب الترتيب) من تسبحة كتبها الجاثاليق الشهيد مار شمعون برصباعي ( 329 - 341 م) الذي استشهد مع اربعين آخرين من المؤمنين على يد شابور الثاني، في تلك الحقبة المعروفة بالأضطهاد الأربعيني، كتبها عندما كانت سيوف الساسانيين تجز رقاب عشرات الألوف من اتباعه. حيث يقول فيها:

المجد لك يا رب لأنك شئت بمحبتك ان تخلصنا.
المجد لك يا رب لأنك هديتنا من ضلال الأصنام.
المجد لك يا رب لأنك دعوتنا الى موطن السماء البهي.
المجد لك يا رب لأنك جعلتنا آية ناطقة لخدمتك.


    مع ان هذه التسبحة بحد ذاتها  تعبير واضح عن خطاب روحي ايماني بحت لا علاقة له بالماديات، ولكنه بالتالي انعكس على عموم المؤمنين في طريقة إدارة حياتهم اليومية، هذا الخطاب الشائع، الذي بلغ اقصى حدود التطرف في ازدراء الذات البشرية المادية واحتقارها، والحط من قيمتها، باعتبارها مجبولة بالخطيئة، كان سبباً مباشراً لإخفاق الإنسان الآشوري المسيحي في انتاج نخبة قومية واعية تنتشله من عمق دوامة صراعه الفكري المؤرق، وتعمل لحماية خصوصيته، وتجنبه قدر الإمكان هول كوارث حملات القتل والتشريد المتتالية، وهنا يمكننا القول بأنه عند دخولنا للمسيحية فشلت المختبرات الفكرية لدى قيادات كنيسة المشرق ، في خلق تفاعل بين المسيحية كدين مع ثقافة المجتمع الآشوري، بعكس قيادات كنائس الشعوب الأخرى، لا بل ذهبت بالأتجاه المعاكس لذلك، وهذا بحد ذاته القى بظلاله على شخصية الإنسان الآشوري وطريقة حياته، وقلب مفاهيمه، وخلق منه كائن ممسوخ الشخصيه، معاقاً فكرياً يعيش حالة صراع داخلي مرير للتوافق بين خصوصيته القومية "الممقوتة" وانتمائه العقائدي الديني.

   وسط كل ذلك الضياع والتشتت الفكري وما رافقه من غزوات ومذابح طالت الشعب الآشوري كفرد وكمجتمع وتاريخ وتراث وفكر، وانعدام الأرضية الخصبة لولادة نخب وقيادات قومية،  بالنتيجة بقيت دفة القيادة بيد رجال الدين عبر المؤسسة الكنسية على كلا الصعيدين الروحاني والمادي طيلة قرون خلت. 

   لا شك ان جميع المؤشرات تذهب نحو طبيعة الفكر السائد داخل المجتمع الآشوري، والأمثلة القليلة التي اوردناها تؤكد ذلك، لهذا انفرد الإنسان الآشوري دون بقية الشعوب التي دخلت المسيحية إليها، بهذا النوع من الخطاب المستوحى من اجتهادات قياداته الكنسية وقاده ليصل الى حافة الأندثار يجعلنا نكاد نستغرب كيف تمكن من الأستمرار طيلة ثمانية عشرة قرناً.

   اليوم ايضاً شئنا ام ابينا فدور رجال الدين عبر المؤسسة الكنسية منذ نشأتها هو السائد والمؤثر في اوساط الشعب الآشوري، رغم بروز تيارات قومية وسياسية مرافقة للنهضة القومية الآشورية في المئة عام الماضية، إلا ان دور هذه المؤسسة وبحكم هوية اتباعها بقي ولازال بعيدا عن الطموح القومي، هذا بالإضافة الى ان تلك الآيديولوجية التي استهدفت التراث والتاريخ الآشوري لازالت عالقة في العقل الباطن للكثير من الآشوريين على مختلف مستوياتهم.  ولا يسع المكان في هذه المقالة لنتطرق الى إشكالية الأنشقاقات الكنسية ودورها في تمزيق نسيج المجتمع الآشوري الى طوائف متعددة كانت الى فترة ليست ببعيدة تعادي وتحرم بعضها، وما تمخض عنها من إشكالية التسميات وما الى ذلك من تعقيدات فتحت الباب على مصراعيه امام اطراف خارجية لتتدخل بما تمليها عليها مصالحها، ولازالت قيادات هذه الطوائف مكتفية ظاهرياً بمخاطبة عاطفة اتباعها البسطاء، وهم موقنين في ذواتهم بان إعادة لُحمة كنيسة المشرق لن تتحقق ابداً. 

  رغم ان هذه المؤسسة في الوقت الحاضر لديها بعض المحاولات التي تتناغم وتتلاقى مع المصلحة القومية، ولكن؟ في ظل الغياب المؤثر لدور المؤسسات القومية الأجتماعية والمهنية والسياسية الآشورية، وبحكم حجمها وقاعدتها الجماهيرية الكبيرة لا زال دورها دون المستوى، وربما يمكننا القول أنه شبه غائب على مستويين.

   الأول: العمل على تأويل واستخلاص الكثير مما مذكور في الكتاب المقدس بعهديه القديم والجديد بما يخدم استمرارية وديمومة هذا الشعب والحفاض على إرثة وتراثه وحضارته، وتعزيز ثقة الإنسان الآشوري بنفسه، ومساعدته لإنهاء دوامة صراعه الفكري للتوافق بين خصوصيته وانتمائه القومي وبين انتمائه الديني.

   الثاني: فبحكم إمكانياتها المادية وتأثيرها المباشر على الشعب الآشوري يمكنها تقديم الدعم اللازم للشخصيات الآشورية البارزة في مختلف المجالات كاللغة والتاريخ والتراث والفن ودعم المتفوقين في مجال الدراسات العليا وفي مجالات اخرى التي من شأنها ان تبرز هويتنا وخصوصيتنا، وحث النخب القومية لخلق المؤسسات التي اشرنا إليها سلفاً، ولها القدرة على الدفع باتجاه تفعيل القضية الآشورية محلياً ودولياً في هذه المرحلة التي بات وجودنا على الأرض مهدد، حيث تعتبر هذه المفصلية واجب يقع على عاتق الكنيسة في هذه المرحلة، لما لذلك من تأثير مباشر بشكل ايجابي على الفرد الآشوري، لكي يستعيد عافيته ويكون بمستوى التحديات التي تواجهه، وتأخذ على عاتقها مسؤولية الحفاظ على ديمومته واستمراريته وتضع القضية الآشورية على الطاولة محلياً ودولياً، خاصة بعد ان تشرد غالبيته في بلدان المهجر، وما تبقى منه على ارضه يعاني اليوم من تحديات صارخة تهدد استمراره عليها.

6

النخب السياسية الآشورية ما بين حضر الكحول وضياع القضية الآشورية


سامي هاويل
6-3-2023
لكي يكون من يعلقون آمالهم على القيادات السياسية الآشورية على بينة من الحقيقة التي لازالت غائبة عليهم لأية أسباب كانت، نكتب هذه السطور لربما تجعلهم يعيدون النظر بمواقفهم في قادم الأيام.

  عندما تخفق قيادات شعب في الحفاظ على هويته القومية، وتدفع ممارساتهم المتهورة الى تغييب قضيته القومية، فلا غرابة في أن تُمس حقوقه، ويتعرض أبنائه الى شتى أشكال التهميش والإقصاء، لأن ذلك يعتبر أمر طبيعي جداً في دول العالم الثالث.

إذن! علينا أن نتعلم جيداً، بأن أية محاولة لحل أزمة معينة يجب! ومن ثم يجب! الوقوف على الخلل بموضوعية، ويجب التعامل مع المعضلة في إطار الأسباب، لأن الخلل دائماً يكمن في الأسباب وليس النتائج.

  الشعب الآشوري اليوم تم تهميش حقوقه بسبب عدم قدرة قياداته السياسية الحفاظ على هويته، أو بالأحرى (تلاعبهم بهويته)، وبذلك تم تغييب قضيته، ومن ليس له هوية لن يكون له حقوق، ولن يكون له أعتبار، وحتماً سيطرح جانباً خارج كل المعادلات السياسية.

  هذه حقيقة لا غبار عليها، ولا يمكن بأي شكل أن تندرج النتائج ضمن طائلة التأويل والتبرير، ومن يتجرأ على القيام بذلك فهو ليس إلا ثعلباً وقحاً يسترزق على حساب القضية الآشورية، أو أنه بسيط لدرجة تجعله لا يتمكن من الرؤية أبعد من رأس أنفه.

  لو وقفنا بشكل عام على قرار حضر المشروبات الكحولية سنجده يتعارض مع أبسط حقوق الأنسان، ولا يتلاقى مع مباديء الحرية والديمقراطية التي تنص عليها مواد في الدستور العراقي، من جانب آخر فنحن لم نسمع يوماً عن شخصاً يتعاطى المشروبات الكحولية قد فجر نفسه في معبد، أو في مكان عام، ولم نشهد يوماً متعاطي المشروبات الكحولية يتجاوزون على الآخرين ويفرضون عليهم إرادتهم. ولم نسمع بتاتاً من أحدهم ينشر خطاب الكراهية بين عامة الشعب.
 
  دعونا نكتفي بهذا القدر فيما يخص هذا القرار، لأنه موضوع معني به جميع من يعيش في حدود العراق، وليس حصراً بالآشوريين.

  ما يجب علينا التركيز عليه هو محاولة بعض النخب السياسية الآشورية ( وربما سنشهد في القريب العاجل حملة أخرى مماثلة لبعض القيادات الدينية)، توظيف هذا القرار كستار سميك لإخفاء حقيقة إخفاقاتهم القومية السياسية، وعدم أهليتهم للمسؤولية المناطة بهم، فقد بدأت تقرع بعض الأصوات "المناضلة" طبول آذاننا في محاولة لحشو عقل الفرد الآشوري بنفايات سياسية مهترئة، لربما تجعله يفقد ذاكرته لفترة أخرى من الزمن، ومن بعدها ( الله كريم ).

  هذه المحاولات (إذا ما وضعناها مقابل ما تعرض له الشعب الآشوري وقضيته خلال العقدين الماضيين)، فأقل ما يمكن وصفها هو أنها مثار للسخرية والقرف والأشمئزاز.

   إن كان هناك "تنظيماً سياسياً أو شخصية عامة" يرغب ليكون ممثل لمتعاطي المشروبات الكحولية بشكل عام فليست هناك أية مشكلة ولكن! إذا بدرت أية محاولة لتسويق هكذا قرارات وتجييرها لغرض التستر على الأخفاقات القومية السياسية، وذر الرماد في عيون الإنسان الآشوري فهنا لن تقل هولاً وقباحة عن التنازلات المقدمة على حساب القضية الآشورية وحقوق الشعب الآشوري من أجل مصالح حزبية سياسية ومكاسب شخصية.

  الواقع الآشوري المزري لن يبدأ بالتعافي طالما بقيت هناك ولاءات حزبية سياسية وكنسية وشخصية وحتى عشائرية، بل سوف ننتقل من السيء الى الأسوء، ولا يمكننا أن ننسىى بأننا وبسبب هذه الولاءات المتخلفة والغير مسؤولة، والتي شَرّعَت أحقية الغير مؤهلين والأنتهازيين ليكونوا في الواجهة على كافة المستويات، أصبحنا اليوم بصدد إثبات وجودنا وحماية هويتنا القومية، فهل سنتعلم ونرتقي بمواقفنا لمستوى الأخلاق القومية؟، أم أننا سنبقى محافظين على ضعف شخصيتنا القومية وبساطة تفكيرنا السطحي تجاه كل ما يمس قضيتنا وهويتنا وحتى كرامتنا القومية المباحة؟، وهل ستكتفي نخبنا المتربعة على العرش القومي والديني بهذا القدر من سلع التبرير والتظليل والتجهيل؟ أم أنها ستستمر في زيادة أنتاجها لدرجة أننا في نهاية المطاف لن نتمكن حتى من تحميلها على ظهر حمار!.

7
السيد أبرم شبيرا يصاب باليأس والقنوط بسبب مقررات الأجتماع الموسع لحزب
أبناء النهرين

سامي هاويل
15-12-2021
   
  يُحكى أن شيخاً أرملاً ألمت به أزمة صحية جعلته طريح الفِراش لشهور، وبعد أن عجز الأطباء عن أكتشاف علته! أجتمع أبنائه الأربعة في صالة الضيوف يناقشون في شأن أبيهم الذي كان مستلقياً كالعادة على فراشه في الغرفة القريبة منهم، بدأ كل واحد منهم يطرح مقترحه على الآخرين، وإذا بأحدهم يقترح أن يبيعوا حمارهم الأسود، ويصرفوا المال على تزويج والدهم عسى ولعل ينفعه الزواج، وبعد نقاش قصير تدخل أحدهم ليقترح حلاً آخر، وما أن بدأ حديثه حتى قاطعهم صوت والدهم العليل من على فراشه قائلاً ( تحدثوا عن الحمار الأسود ).

الكاتب أبرم شبيرا المحترم.
   من غير الإنصاف أن لا أشيد بقابلياتك الكتابية، ووفرة معلوماتك عن التاريخ الآشوري المعاصر، فمقالاتك التي تناولت بعض الأحداث التاريخية التي تعني بالشأن القومي الآشوري خير دليل على ذلك، باعتقادي نتاجاتك في هذا المجال تكون مثمرة ومهمة، ولا أُخفي أنني أحد المستفيدين منها، بعكس ما تذهب إليه طيلة السنوات الماضية من طروحات ومقترحات تعني الوضع الآشوري الراهن وتياراته السياسية، حيث ومن خلال متابعتي للعديد من مقالاتك التي تناولت فيها الحراك السياسي القومي لهذه الاحزاب والتنظيمات، يجعلني أشعر أن حضرتك لم تستوعب أن ما نمر به اليوم هو مرحلة بما تحمله من آرهاصات وتعقيدات، ستمر حالها حال سابقاتها، ولن يبقى في قاطرة الزمن شيء غير الحقيقة دون سواها.

   قرأت مقالك الأخير " الرابط أدناه"، ومن ثم عاودت قراءته مرة ثانية على مضض، باحثاً في ثناياه عن أي شيء مفيد من شأنه أن يُغني القضية الآشورية في هذه المرحلة ولكن! دون جدوى، فلم أعثر إلا على  أقتناص هذه الفرصة للنيل من الطرف ذو (الشعر الناعم)، وهو أحد الطرفين الذين لم تتمكن لجنتكم (التي تحاول ان تلفت الأنتباه إليها، وهي على ما يبدو كل همك) من حلحلة الخلاف بينهما، وعلى ذكر هذه اللجنة الفريدة، إن لم تكن الأولى من نوعها للوساطة بين حزبين سياسيين!!، وكأن الخلاف هو بين جارين تشاجرا على قيام قطة أحدهم بألتهام فرخ دجاجة الآخر!!!، وهذا بحد ذاته يعتبر أنتقاص وتقليل من مكانة كلا الطرفين.

   تعلم جيداً بأن العمل القومي السياسي الآشوري على الساحة بات في أدنى مستوياته، وأصبح شبه معدوم، ولا يوجد ما يلفت الأنتباه بين أداء جميع تنظيماتنا القومية الآشورية بشكل عام إلا ما ندر، ولكنك تفترض أن يكون أجتماعهم الموسع منعقداً لأتخاذ قرارات مهمة وذات نوعية خاصة...!!، دون أن تتفضل وتقدم لهم ما يدور في خلدك من هذه القرارات المهمة والنوعية والخاصة؟ إن هذا ليس إلا مجرد إطالة المقال بجمل إنشائية مملة لا قيمة لها. ومن ثم تسترسل قائلا بملىْ الفم بأن أحزابنا السياسية (المستقلة وشبه المستقلة!!!) يتحملون المسؤولية الكاملة عن الوضع المزري "لأمتنا".

    تصور أنت كاتب آشوري تنشر مقالا من 67 سطراً من الحجم الكبير، موجه لتنظيم آشوري، وتتحدث فيه عن الشأن القومي الآشوري، ولم يرد فيه ولو مرة واحدة فقط أي ذكر للآشورية؟؟، إنني أجزم لو قرأ مقالك هذا شخصاً لا يعرفك، لن يتمكن من معرفة أية أمة تنتمي إليها، وعن أي شعب تتحدث.

   في مقالك الموسوم (أضواء على دعوة أستقالة ممثلي شعبنا وأخرى على التسمية المركبة) المنشور في هذا المنبر بتاريخ 24.10.2017 تقول أقتباس "أستغرب من بعض الكتاب عندما يقولون بأنه لا توجد قومية في العالم بمثل هذه التسمية المركبة، وهذا صحيح، ولكن عندما نشير إليها في كتاباتنا فإنها لا تعني أسم قومية جديدة، بل هو طرح سياسي ورسمي ليعبر عن تسميات هذا الشعب التاريخي ويعكس وحدته الشكلية في هذه التسمية ومن دون أهمال أو حذف أو تفضيل تسمية على أخرى. فكل جزء منها يشكل مضمون واحد يقوم على مقومات معروفة من لغوية وتاريخية وحضارية وحتى نفسية ومصيرية" أنتهى الأقتباس، لا يمكنني أستيعاب أن تكون هذه السطور عائدة لشخص صرف نصف قرن من عمره يبحث، ويكتب عن الشأن القومي الآشوري!!، ولكنني عندما أنتقلت لفقرة أُخرى من مقال آخر لك تحت عنوان ( الآشورية حضارة ولغة وهوية شعب) والمنشور في نفس المنبر في 4.7.2020، حيث تقول، أقتباس "يقال في عالم السياسة بأن اليسار المتطرف يلتقي مع اليمين المتطرف بهدف مشترك وهو مهاجمة الأفكار الوسطية والتي نحن في هذا الزمن الغادر أحوج ما نحتاج إليها من التطرف المقرف نحو هذه التسمية أو تلك..."!، وتسترسل قائلاً، أقتباس "أقولها صراحة أن آشوريتي أكبر بكثير وأوسع حضاريا وأعمق فكرياً لأنها تشكل الثالوث الأقدس مع السريانية والكلدانية في فكري وإيماني القومي. في حين أن "آشوريتكم" وحيدة ويتيمة لا تخرج عن نطاق فنجان قهوة.!!، أنتهى الأقتباس، بعد أن قرأت هاتين الفقرتين بدت الصورة لي أوضح، حيث أدرك الآن أن ما تتفضل به ليس إلا عرض بضاعة شخصية في البازار القومي، بغية البروز كأحد "الوسطيين" المفكرين من صانعي الوحدة القومية، ولا أجد تفسيراً آخر لأنتهاج الوسطية على حساب الثوابت القومية وقيمها العليا، يا سيد شبيرا عليك أن تدرك بأن آشورية الذين تعتقد أنها لا تخرج عن فنجان القهوة، هي أستمرارية لآشورية من ضحوا بدمائهم من أجلها، وهي الهوية الحقيقية لقضية شعب منكوب عانى، ويعاني كافة أنواع الأضطهادات، أما آشوريتك فهي تلك الوسطية التي أسلفت ذكرها أعلاه، سائراً بها على نهج من حاولوا خداع أبناء الكنيستين الكلدانية والسريانية بحجة الوحدة، وبسبب تصرفاتكم هذه زادت الفرقة، وكبرت المسافة بين طوائفنا، وفُتِحت الأبواب على مصراعيها أمام كل من هب ودب ليعيث في الحقل القومي الآشوري فساداً، وبالتالي غابت القضية الآشورية من على المسرح السياسي. هكذا يتجلى لنا أن آشوريتك التي تزايد بها على من تمسكوا بجلودهم القومية الآشورية هي بالنسبة لك مجرد تسمية، وسلعة تعرضها في معادلة، مرة مركبة، وأُخرى ثلاثية، وربما مستقبلا بشكل آخر بحسب الطلب، ولم تعد هوية شعب وعنوان لنضالاته وتضحياته المستمرة.

   إن الحركات والتيارات القومية السياسية تلعب دور الجندي المقاتل من أجل قضية شعبها، أما النخب القومية من المفكرين والأدباء والكتاب فهم يلعبون دور الرقيب، والحارس الأمين لتلك القضية، ويوجهون الجماهير نحو المسار الصائب،  وحضرتك من خلال و"سطيتك التي تتباها بها" لست لا هذا ولا ذاك، فإما أن تلتزم المعايير الفكرية القومية الآشورية، وتتمسك بها وتدافع عنها، أو أن تنتمي الى أحد التنظيمات القومية السياسية التي تتلاقى توجهاتها مع أفكارك. التيارات السياسية عندما تتقاطع أجنداتها مع الثوابت، والمصالح القومية، ينعكس مردودها على المسيرة القومية، وتحدث خللاً من شأنه أن يمرر فرص ثمينة لا تتكرر دائما، أما أصحاب الأقلام من المفكرين والأدباء والنشطاء القوميين فعندما ينحرفون عن المسار الصحيح، يتسببون في تشويه القضية برمتها، وتغييبها ومن ثم طمسها، وهم من يخلقوا أجواء الضبابية التي تظلل الشعب وتقوده ليصبح هو الآخر وقضيته مادة دسمة بيد سياسيين يبحثون عن الأسترزاق في أية فرصة سانحة، وهنا أختم بدعوتك للوقوف والتأمل في مسألة من يتحمل مسؤولية غياب القضية الآشورية؟.

رابط مقال السيد أبرم شبيرا:   
 https://ankawa.com/forum/index.php?topic=1027681.0

8
الكنيسة، والأنخراط في الشأن القومي أو السياسي
كنيسة المشرق الآشورية نموذجاً
(الجزء الثاني) 

سامي هاويل
30-9-2021
 
   
    بعد سقوط كيانه العسكري والسياسي في 612 ق.م، توالت محاولات الشعب الآشوري لأستعادة حريته، وبسط سلطته من جديد، (حران - ܚܪܢ) عاصمة الآشوريين الغربية لم تستطيع الصمود أكثر من ثلاثة سنوات بعد سقوط نينوى، ولكن لم تهدأ رغبة الشعب الآشوري العارمة في أستعادة أمجاده، فبحكم أستمرار وجوده على أرضه،  نقرأ للبروفيسور سيمو باربولا يشير الى ولايتين ذات خصوصية آشورية أسسها الأخمينيين تحت أسم (آثورا - ܐܬܘܪܐ) غرب دجلة وصولا الى بابل، و (مادا - ܡܕܐ) في قلب آشور، حيث يصف المؤرخ الكبير هيرودوتس الأزياء الخاصة بالجنود الآشوريين، الذين أشتركوا في حملة الملك أحشويرش ضد الأغريق سنة 480 ق.م،  ويضيف قائلاً، أن الولايتين في إحدى الفترات وحدتا جهودهما وأعلنتا ثورة ضد الملك داريوس، في محاولة لنيل الحرية والأستقلال. وفي إشارة الى مملكة أُخرى يسترسل قائلاً، بأن ترايانس السلوقي بعد حملته ضد الفرثيين عام 116 ميلادية، أسس مقاطعة أُخرى تحت أسم (آشور - ܐܫܘܪ)، الى الشرق من مقاطعة "سوريا- ܐܣܘܪܝܐ حينها"، ولكي لا نطيل الحديث أكثر، فإننا فقط سنكتفي بالإشارة الى ممالك آشورية أخرى مثل (حدياب - ܚܕܝܒ ) التي كانت عاصمتها مدينة أربيل، وممكلة الأباجرة في (أورهي - ܐܘܪܗܝ ).

   ما يبعث على الأستغراب، ويثير التساؤل!، هو الأسباب التي حالت فجأة، لأختفاء آخر هذه الممالك، وتخلي الآشوريين عن طموحهم، وانعدام محاولاتهم المستمرة لنيل حريتهم وتأسيس كيانهم من جديد؟.

   إن أعتماد كبار رجالات كنيسة المشرق منذ نشأتها، على القراءة، والتطبيق الحرفي لأيات الكتاب المقدس، كان السبب الأول، والمؤثر جداً على شخصية الإنسان الآشوري كفرد، وعلى المجتمع الآشوري بشكل عام،  وإن كانوا قد أجتهدوا وأبدعوا في مجال اللاهوت، إلا أنهم وضعوه بالشكل الذي يُسَخّر فيه الإنسان، ويقدم حياته ومستقبله ووجوده، ذبيحة في سبيل أيمانه وتعاليمه الروحية الجديدة (على عكس ما قام به  اليهود، مثلما أستشهدنا في الجزء الأول من المقال بما ذهب إليه الراباي رامي شابيرو)، هكذا وأعتماداً على تناول الآيات بصورتها الحرفية، قاد رجال الدين الى ممارسة دور وعاظ السلاطين، وتوارثوها لتستمر الى يومنا هذا، في الجانب الآخر،  دفع الآشوريين لينبذوا تاريخهم، ويمقتوا أصولهم، وإرثهم، وحضارتهم، وعاداتهم، وينظروا إليها يقرف وأشمئزاز، وما لم يتمكنوا التخلص منه، قولبوه ليتلائم وتعاليم المسيحية، أما الباقي فقد حَرّموه، ووضعوه في مصاف الوثنية، وعبادة الأصنام، ولازالت هذه الظاهرة أيضاً سائدة الى اليوم في الوسط الآشوري، في ظل غياب الوعي القومي، وأمتنعوا حتى عن تسمية أبنائهم على مر الأجيال بأسماء أسلافهم وملوكهم، وأعتمدوا بالدرجة الأولى على أسماء يهودية مستمدة من الكتاب المقدس، وأخرى دخيلة لغرباء تسلطوا عليهم في حقب زمنية مختلفة، إن هذه تعتبر ظاهرة خطيرة جداً، أنعكس مردودها على مستقبل الآشوريين على مر السنين.   

    في مستهل حديثنا هنا عن كنيسة المشرق الآشورية،  وفي هذه الأيام التي صادفت رسامة بطريرك جديد لها، أثار قداسته في خطابه عقب رسامته ما يلفت الأنتباه، ويستحق الوقوف عنده، تحديداً، عند إشارته الى مسألة الخضوع للسلطة والقوانين، أعتماداً على ما ورد في رسالة الرسول بولس لأهل رومية " لتخضع كل نفس للسلاطين الفائقة، لأنه ليس سلطان إلا من الله، والسلاطين الكائنة هي مُرَتَبة من الله " (رو 1:13)"، حيث أضاف مباشرة إليها قائلاً "وفي نفس الوقت، يجب، أن تكون القوانين عادلة، وإنسانية، لإرساء المساواة، وأحترام الإنسان دون أي تمييز ديني أو قومي"، إن هذه الإضافة المهمة، التي تندرج ضمن التأويل، وقراءة (النار البيضاء)، تاتي في صلب موضوع هذا المقال بجزأيه، هكذا فقد وضع الخطوة الأولى، ليمهد الطريق أمام الأكليروس، لكي يقفوا عندها بروية وأهتمام، حرصاً على أستمرارية الشعب الآشوري، وتمسكه بأصوله وإرثة وإيمانه، ويجعلوا هذا التصريح نقطة أنطلاقة جديدة لهم، فقداسة البطريرك بإضافته النوعية هذه، يرى أن الآية المذكورة التي كانت ملائمة وطيبعة الحياة والظروف في ذلك الزمن، الذي كان الأمبراطور نيرون يهاجم المسيحيين بوحشية، دون أية رحمة، لا تتناسب مع الحاضر بطبيعته، وظروفه الراهنة.

   من هذا المنطلق، وحفاضاً على الأجيال القادمة من الضياع، نرى من الأهمية بمكان، وقبل أي شيء آخر، أن تولي الكنيسة أهتماما كبيراً بإعادة تقييم، وقراءة التاريخ الكنسي، والشروع في قراءة الكتاب المقدس بعهديه قراءة موضوعية، والتركيز على المستوى اللاهوتي، التخيلي والمجازي، وتأويل الآيات، وأستخلاص منها ما يخدم الإنسان الآشوري، ويدفعه للتمسك بخصائصه القومية، لأن ضياع خصوصية الإنسان الآشوري، وأنصهار ثقافته وهويته في ثقافات الشعوب الكبيرة في مختلف بلدان المهجر، يعني أنتهاء دور الكنسية كمؤسسة دون أدنى شك. 

  ختاماً أعتقد أن إقدام كنيسة المشرق الآشورية على هذه الخطوة هو الأنسب، قبل أن تطأ أقدامها ساحة العمل القومي والسياسي، أما ما ينتظرها من تركة قومية وسياسية هائلة، وما رافق رسامة البطريرك مار آوا الثالث من تصريحات إعلامية ولقاءات ميدانية، فتجنباً للإطالة وخلط الأمور ببعضها، ربما سنضطر لعرضها في مقال منفصل لاحق أذا أقتضت الضرورة.

9
الكنيسة، والأنخراط في الشأن القومي أو السياسي
كنيسة المشرق الآشورية نموذجاً
(الجزء الأول)


سامي هاويل
24-9-2021


   بداية أود التوضيح بأنني تجنبت نشر المقال بشكل كامل كونه سيأتي مطولاً، وربما مملاً للقاريء الكريم، لذلك أضطررت لتقسيمه الى جزئين، أتمنى للجميع قراءة ممتعة.

   يقول الراباي اليهودي رامي شابيرو في حوار له رداً على سؤال، "ولكن، في قلب اليهودية كدين، هناك فهم يقول بوجود خالق هو الله الذي اختار اليهود كشعب له، وبالتالي أعطاهم الوحي الصحيح والوحيد، الذي هو التوراة المكتوبة والشفهية، كما أعطاهم أرض إسرائيل الموعودة. وأنا لا أؤمن بكل هذا. فالله بالنسبة لي لا يمكن فصله عن الخليقة، بمعنى أن الله أكبر من خليقته. والله لا يختار شعبًا، أو يكتب كتبًا، أو يتدخل في صفقات عقارية. لأن الدين اليهودي هو مجرد وسيلة من أجل تعزيز ثقة الشعب اليهودي بنفسه."

   لنضع هذا الجواب مدخلاً نلقي من خلاله نظرة سريعة على أبرز التيارات الدينية اليهودية في فترة الأحتلال الروماني، سنجد أن ما ذهب إليه الراباي رامي شابيرو لم يأتِ من فراغ، أو هو مجرد أجتهاد شخصي، بل هو فكر متجذر ومتأصل، يضرب جذوره عميقاً في تاريخ الشعب اليهودي وفلسفته الروحية، كشعب له خصائصه التي تميزه عن باقي الشعوب. فالصدوقيون، وبحكم مكانتهم العالية في المجتمع اليهودي تجنبوا التصادم مع المحتل الروماني حفاضاً على مكانتهم، لكنهم كانوا أيضاً مهتمين بخصائص شعبهم  ويولون أهمية كبيرة للجانب الروحي بالأخص النصوص التوراتية، فأوصوا للتقيد الحرفي باحكام الشريعة، بينما أختلف عنهم الفريسيين الذين كانوا ينتمون الى الطبقة الوسطى والعاملة من الشعب اليهودي، حيث دائماً رفضوا المحتل، ودفعوا بأتجاه الثورة عليه، حتى إنهم تمادوا لتأويل نصوص توراتية مستخلصين منها قواعد تتوافق مع حياة المجتمع اليهودي المعاصر لهم، أما طائفة الزيلوتيون، الذين كانوا من طبقات الشعب المقهورة، فقد تميزوا بتطرفهم، وميولهم الى أستخدام القوة والعنف ضد المحتل، وقد لعب الخنجريون (جناحهم المقاتل)، دوراً مشهوداً في تنفيذ العديد من الأغتيالات الفردية لشخصيات مهمة رومانية ومحلية يهودية على حدٍ سواء. بينما تميزت طائفة اليَسّيين الذين أطلقوا على أنفسهم لقب (أبناء النور) بالأنعزالية، والأنغلاق بعيداً عن بقية الطوائف اليهودية التي كانوا يطلقون على بعضها لقب (أبناء الظلام)،  تجدر الإشارة الى التقارب الواضح، والتوافق بين مفاهيم طائفة اليَسّيين وتعاليم المسيح، ونحن بالتأكيد لسنا هنا لمناقشة هذه المفصلية كونها ليست موضوع المقالة.

   ما يلفت الأنتباه هو أن هذه الطوائف التي تقاطعت مع بعضها البعض في فلسفتها وتفسيرها لتعاليم الديانة اليهودية وتفاصيلها الدقيقة، ورغم أختلاف وجهات نظرهم فيما يخص الجانب المعيشي والأجتماعي للشعب اليهودي، وتباين المستويات المعيشية لكل منها، إلا أننا نلتمس بصمات رجالاتها الروحانيين وتعاليمهم، في الثورات اليهودية الداعية الى التحرر والأستقلال للتخلص من نير العبودية، ففي ثورة يهوذا الجليلي بحدود سنة 6 قبل الميلاد كان للفريسيين دوراً ملحوضاً فيها، حيث أمتنع ما يقارب 6000 فريسي من أداء القسم والولاء للسلطة المحلية والأمبراطور الروماني على حدٍ سواء، هكذا نشهد دوراً بارزاً لطائفة اليسيين في الأنتفاضة ضد الأحتلال الروماني، علاوة على ذلك برز دور بقية الطوائف اليهودية في الثورات اليهودية المتعاقبة، وعلى وجه الخصوص الثلاثة الكبيرة منها، التي قاد إحداها يهوذا الجليلي بأعوام قليلة قبل الميلاد، وأخرى قادها شمعون باركوخبا في ثلاثينيات القرن الثاني الميلادي، اما الثورة اليهودية الكبرى التي أنطلقت بحدود سنة 66 ميلادية، فقد اشتركت فيها طائفتي الفريسيين واليَسّيين بشكل فعال جداً، وهنا تجدر الإشارة الى أن الرومان قد أخمدو هذه الثورات بالقوة، وبأستخدام العنف المفرط ضد الجماعات اليهودية المنتفضة، وصل الى درجة إعدام آلاف الأسرى في حوادث يذكرها التاريخ.

   لقد رافقت هذه الثورات على مر السنين  نشاطات ملحوضة لأفراد من الطبقات الدنيا المهمشة، كانوا يجوبون الطرقات مبشرين بالمسيح المخلص، على غرار الطوائف اليهودية، وعلى وجه الخصوص اليَسّيين، حيث دائماً تمسكوا بالتبشير بالمسيح الذي صوروه اليهود قائداً قومياً سيأتي لينقذهم من مظالم المحتل، ويرفع عن الشعب أعباء قوانين الغرباء المحتلين، التي غالباً ما كانت تتعارض ونصوصهم وتعاليمهم المقدسة، ويرفع عن كاهلهم الضرائب الكبيرة التي كانوا يترنحون تحت وطأتها، وينتشلهم من الحضيض الذي كانوا يعيشون فيه كشعب مغلوب على أمره منقسم على مجموعات وطوائف متعددة.

   لو وقفنا عن كثب على الضروف الصعبة جداً التي مر بها الشعب اليهودي، أبتداءً من الأجتهادات التي قادتهم الى التعامل مع حالة الأنقسام الى أكثر من عشرين طائفة دينية، ومن جهة أخرى فضاعة وقسوة ممارسات المحتل الروماني على وجه الخصوص معهم،  وتوالي حوادث المذابح والتشريد والنفي التي تعرضوا لها، وأخيراً تشظيهم الى مجموعات وجاليات ضعيفة، وبعضها صغيرة جداً في مختلف بلدان العالم، سنجد أن العامل الذي مكنهم من البقاء والأستمرارية، هو الطريقة الذكية التي حبكوا بها تصوراتهم ومفاهيمهم وفلسفتهم الروحية مع شخصية الأنسان اليهودي، أي بمعنى آخر، أنهم أستثمروا الجانب الديني والروحي لصالح وجودهم وأستمراريتهم كشعب له خصوصية وميزات كباقي شعوب المعمورة، وأكدوا بأن اليهودية كديانة لها ميزة قومية ترتبط أرتباطاً وثيقاً مع الشعب اليهودي، لا بل ساروا عبر الزمن على خُطى الفريسيين الى الأستخلاص من تعاليم التوراة مفاهيم جديدة تتناغم وتتلائم مع الضروف المحيطة بهم أينما كانوا يعيشون، وفي أية رقعة جغرافية على هذه المعمورة، فرغم بعد المسافات بين الجاليات اليهودية، إلا أن اللحمة الروحية والجسدية مدت الأواصر القوية بينهم، بحيث أنهم بهذه الوسيلة تمكنوا من الحفاظ على كيانهم ووجودهم وخصائصهم لأكثر من 1700 سنة وهم في بلدان الأغتراب.

   وهنا لا يسعنا إلا أن نختم هذا الجزء من المقالة لنستشهد بجواب الراباي رامي شابيرو على سؤال آخر فيما إذا كانت دراسة النص التوراتي بالنسبة له تمرين روحي؟، حيث يسترسل قائلاً " تكون الدراسة تمرينًا روحيًا إن تعلمت كيف تتناولها بمستوياتها الأربعة. والدراش هو المستوى الذي يثير عندي الكثير من التساؤلات. فـالدراش هو ذلك المستوى من القراءة حيث التأويل ممكنٌ وحيث بوسع خيال القارئ أن يستخلص من القصص القديمة التي يقرأها قصصًا جديدةً. يعلِّمنا الرابانيون أن التوراة كتبت بنار سوداء، التي هي الأحرف الثابتة، وبنار بيضاء كتبت الفراغات التي تحيط بالأحرف وبالكلمات. وعليك أن تتعلم قراءة النارين. فبقراءتك للنار السوداء ترى ما هو مكتوب على الصفحات؛ وبقراءتك النار البيضاء ترى عن طريق خيالك ما هو مختبئ." وهنا يفرض السؤال نفسه! هل هناك ثمة فرصة لقراءة النار البيضاء من تعاليم المسيح في الأنجيل المقدس، وأستخلاص منها ما يمكن أن يقدم خدمة للشعب الآشوري في ضروفه الصعبة لهذه المرحلة؟. يتبــع.....

10
غبطة البطريرك مار لويس ساكو المحترم: نتمنى لكم النجاح والموفقية في مسعاكم


سامي هاويل
28-7-2021

   لا تهتم غبطتكم، هذه ستكون المرة الأخيرة التي سأعلق على ما تنشره، في الوقت الذي  يغمرني الحزن، أتوجه إليكم بالتهنئة، وأتمنى لكم الموفقية، وأهنئك شخصيا على تخلصك من (أحد المتعصبين، الإلغائيين، البسطاء، السطحيين !!) بحسب تعبيرك، على الرغم من أنني على يقين بأن أستعانتكم بهذه المصطلحات هي محاولة للتهرب من مناقشة ما يُثار من أسئلة وطروحات تخالف ما أنتم ذاهبون إليه ولكن مع ذلك سألبي مبتغاكم.


  حسناً غبطة البطريرك مثلما ترغب، أفعل ما تراه صحيحاً بنظرك، إنت تدعو لفصل الكلدان كقومية قائمة بحد ذاتها (وهذا ليس بالأمر الخفي على أحد حيث كتبت وصرحت بذلك في أكثر من مناسبة) سِر في مقدمة جميع هؤلاء الطائفيين الذين يخفون حقيقتهم خلف دعواتهم القومية، نتمنى لكم الموفقية والنجاح، ولكن ( وهنا نقصد غبطتكم وكل من يتفق معكم في أن الكلدان قومية مستقلة عن الآشوريين وليس جميع ابناء الكنيسة الكلدانية)، نرجوكم، ونتوسل إليكم أن تبتعدوا عنا طالما بقيتم مصرين على تجزأة الأمة الآشورية الى قوميات، نرجوكم أن تتركونا وشأننا، وأعملوا على ما تجدوه مناسب ويخدم توجهكم القومي الحديث، ولا تحاولوا الأقتراب من الآشوريين في إطار قومي، لأنكم بتصرفاتكم هذه تعلنون بأن علاقتكم بالآشوريين قومياً لا تختلف عن علاقتكم بأية قومية أُخرى، فقط (وأعيد هنا مؤكدا بناءً على قراركم أنتم) إن ما يربطكم بالآشوريين هو المسيحية. بالتأكيد نحن نرفض هذا الطرح رفضاً قاطعاً لأننا نؤمن وكما أوضحنا في أكثر من مقالة، وموقنين في ذواتنا أننا إخوة بالدم بحسب معايير الأنتماء القومي والعرقي. أعيد مؤكداً بأنكم أنتم من قررتم أننا قوميتان، ولهذا فليكن تعاملكم وتواصلكم مع الآشوريين على هذا الأساس. بما أنكم  (غبطتكم وكل من يؤيدكم) تصرون على هذا القرار فأمضوا به الى النهاية، وليس هناك  من داعٍ للف والدوران بعبارات إنشائية تلوح الى الوحدة مخاطبين العاطفة بين الحين والآخر لخلط الأمور على البسطاء كلما ضاقت بمشروعكم السبل.


   ما دفعني لكتابة هذه المقالة، هو أطلاعي اليوم على ما نشرتموه في الصفحة الرئيسية لموقع عينكاوا، حيث أتت صياغته كما ذكرت أعلاه مخاطبة للعواطف، ويشوب بعض فقراته التعميم والغموض، ربما جاءت لتقليل ردة الفعل على دعوتكم الموجهة قبل أيام الى الدكتورة ريواز فائق لإدراج التسمية الكلدانية كقومية بحد ذاتها وبشكل مستقل ومنفصل عن الآشوريين. (تُرى من هو الذي يحاول تحقيق الوحدة ويقف ضد أية محاولة لتجزأتنا الى قوميات؟ غبطتكم ومن يؤيدونكم؟ أم من يعارض دعوتكم هذه؟).


   لكي تكون هذه المقالة واضحة بتفاصيلها وغايتها، سوف نتناول ما نشرتموه، ونلقي الضوء على كل فقرة منه، لكي تصبح الصورة واضحة للقراء الكرام.


أقتباس: (حين طلبتُ إدراج تسمية الكلدان والسريان والاشوريين في دستور إقليم كردستان، اسوةً بما هو موجود في الدستور المركزي، هبّ العديد من الأشخاص المتشددين بالرد غير اللائق عليّ وعلى الكلدان. ونسبوا اليَّ كلاما لم اقله حتى في موضوع مجلس رؤساء الطوائف!! هؤلاء “الالغائيون” غلب عليهم التعصب الاعمى، فلا يفقهون الحقيقة التاريخية، ولا المؤسسة الكنسية، ولا السياسة ولا أدب اللياقة والحوار. اسلوبهم عاطفي وسطحي، غايتهم جعل الاخر مشابهاً لهم او  ببساطة الغاؤه) أنتهى الأقتباس.


    لم أفهم ماذا تعني غبطتكم بقولكم أنكم  (دعوتم لإدراج الكلدان والسريان والآشوريين في دستور اقليم كردستان؟؟). في رسالتكم الموجهة الى الدكتورة ريواز فائق طالبتم بإدراج الكلدان كقومية مستقلة وليس كما أوردتم أعلاه، أعذرني ولكن هذا يسمى خلط أوراق، أما المثير للدهشة! هو محاولتكم لإدراج التسميات في دستور الأقليم كما هو وارد في الدستور الأتحادي!!!، ألم تنتبهوا الى أن الدستور الأتحادي قد فصلنا الى قوميتين؟ فإذا كان قد سركم ذلك! فعن أية وحدة تتكلمون غبطتكم؟ خاصة وهي أحد أركان شعاركم. أما قولكم (الحقيقة التاريخية) فلن أطيل الحديث عنها هنا لأنني متأكد بأنكم خير المطلعين عليها، لِذا سأترك أمرها لكم، خاصة وأنتم في مركز القرار، وتتحملون مسؤولية تاريخية كبيرة في هذه المرحلة الصعبة.


    حقيقة لا أكاد أصدق هنا أن غبطتكم يؤمن بشيء أسمه إلغاء!! من يلغي من سيدنا؟ تُرى كم من المرات علينا أن  نعيد ونكرر بأن هذه الأمة المنكوبة نهضتها القومية أنطلقت منذ قرن ونصف تحت الأسم القومي الآشوري، ومن دافعوا ببسالة عنها الكثير منهم كانوا من ابناء الكنيسة الكلدانية، أليس هذا صحيحاً؟ إن لم يكن، تفضلوا وأشرحوا لنا كيف!!، الحركات والمؤسسات القومية جميعها سارت على نفس خطى هؤلاء المناضلين الذين أستماتوا في الدفاع عن آشوريتهم ووجودهم، وأعادوا للقضية القومية مكانتها، طوال فترة القرن والنصف الماضية لم نشهد أية حركات قومية كلدانية أو سريانية، فكيف يمكن إلغاء شيء لا وجود له أساساً؟ تفضلوا أشرحوا لنا؟  أما التنظيمات الكلدانية التي تأسست في العقدين الماضين فلا حاجة لنشرح تفاصيل تأسيسها هنا، لأننا فعلنا ذلك في المقالة المنشورة قبل أيام، ما أستوقفني، وأثار دهشتي، هو قولكم بأن هناك رد غير لائق (عليكم وعلى الكلدان) هذا أسلوب أضع عليه أكثر من علامة أستفهام كبيرة، لأنكم بعبارتكم هذه خاطبتم عاطفة اكبر عدد ممكن من أبناء الكنيسة الكلدانية، وكأنكم تطرقون بالقرب من مسامعهم طبول الخطر من التهجم والإساءة الى بطريرك الكنيسة الكلدانية، حقيقة لم أستسغ هذا الأسلوب بتاتاً، أتمنى أن تتجنبوه.


أقتباس: (نحمد الله على أن ليس كل الاشوريين والكلدان والسريان متشددين)أنتهى الأقتباس.


   ونحن معكم نحمد الله لأن جميع الكلدان والسريان ليسوا متشددين، أما بالنسبة للآشوريين ( أتباع كنيستي المشرق الآشورية والقديمة) فهم قسمين، الأول مجموعة طائفيين يفتقرون الى الوعي القومي نعارضهم بشدة، ولا تسرنا  تصريحاتهم المقيتة، ولا تشرفنا  مواقفهم المقرفة، لأنها لا تتلاقى مع القيم والمفاهيم القومية الآشورية، لذلك نضعهم بنفس الكفة مع الكلدان والسريان من الطائفيين المتشددين، أما القسم الثاني فهؤلاء قوميين واعين  يدركون جيداً ما يقولوه وما هم قائمين عليه، حريصين على مستقبل أمتهم ووجودها، هؤلاء هم مكملين لمسيرة القوميين الغيارى من قبلهم على أختلاف أنتماءاتهم الكنسية، لهذا من المجحف أن نضعهم  في كفة مع الطائفيين.


أقتباس: (نحن عائلة واحدة، لكن بأسماء مختلفة. في عائلتي، على سبيل المثال: انا لويس واخوتي لازار ونيسان وزكريا ولي أيضا اخوات،كل واحد له اسمه. هذه التسمية لا تفرقنا، انما توحّدنا. اننا نحب بعضنا البعض جداً، ونساعد بعضنا البعض. نحن متنوعون ولكننا واحد) أنتهى الأقتباس.


   أطال الله بعمركم جميعا سيدنا، ونطلب أن يمنحكم دوام الصحة. بشكل عام من المؤكد بأنه ليس وارداً أن يتسمى جميع الأبناء والبنات بأسم واحد ولكن!، جميعهم أبناء وبنات لأب واحد، ذلك هو المشترك بينهم، إلا إذا قرر أحدهم ترك عائلته وأنكر أنتمائه إليها فذلك وارد، يمكنه القيام به ولكن!، ما لا يمكنه محوه وإلغائه هو حقيقة أنتمائه الى جذوره المتمثلة بوالده وجده وأسلافهم.


أقتباس: (الطريق الى الوحدة، ليس سهلا. ينبغي الإقرار أولاً ان ثمة سوء فهم بين الهوية والتعددية، والذي طالما خلق توتراً في الماضي، ولا يزال للأسف. لكن حالما نقبل الاختلاف ونكتشف هوية الآخر في إطار التنوع والتعددية يتحول هذا التشنج الى حوار مثمر وتعاون)أنتهى الأقتباس.


    تُرى لماذا نتعمد على خلط الأمور ببعضها، ونتجنب الذهاب الى نقطة الخلاف مباشرة؟، نحن أمة واحدة تجمعنا كل المقومات التي تؤكد ذلك بالمطلق، فكيف نوحد أمة هي أساساً واحدة؟؟، أما مسألة الهوية والتعددية فهنا علينا أن نفهم ماذا تعني كل منها، فالهوية القومية هي واحدة بشهادة المقومات، أما التعددية فليس لها علاقة بالهوية، بل تندرج ضمن الأختلاف في الرأي وفي العقيدة الدينية وأجتهادات رجالات الدين في الإطار الطائفي، أما بالنسبة لقبول الأختلاف فهذا أمر لا بد منه، خاصة ونحن نعيش في زمن التطور والعولمة والنهضة التكنولوجية والعلمية، فمن البديهي أن نقبل الأختلاف بيننا ولكن علينا أن لا نعمم بضبابية، بل علينا حصر مكامن الأختلاف لكي نتمكن من فهمها وقبولها ومن ثم العمل على تقريب وجهات النظر.


    لكي نحدد مكامن الخلاف غبطة البطريرك، يجب أن نكون واضحين وصادقين، وموضوعيين في نفس الوقت، ولأننا لسنا كذلك، لِذا نجد صعوبة في طريق الوحدة، فالأختلاف عندنا هو كنسي طائفي، وليس قومي، لذلك هو بالدرجة الأولى مسؤوليتكم المباشرة أنتم قياداتنا الروحية في مختلف كنائسنا، أنتم من يجب  ان يخطوا الخطوة الأولى لفهم الأختلاف بينكم، وتتقبلوه، وتعملوا على توحيد الكنيسة، سيدنا! كنيسة المسيح هذه منذ عصور كانت ضحية أجتهادات رجال الدين الذين سبقوكم، وبسبب تصدع الكنيسة وتجزأتها تمزق أبناء العرق الواحد الى أشلاء، حرموا بعضهم البعض الآخر بناءً على توصيات رؤساء طوائفهم، تلك الأجتهادات والتصرفات العقيمة والغير مبررة هي التي خلقت الأختلاف، لذلك مثلما أسلفنا الذكر فالأختلاف لم يكن يوماً على أساس قومي، بل كنسي طائفي مئة بالمئة، هذه حقيقة يؤكدها التاريخ، ولا يمكن لأحد دحضها، اليوم أيضا التاريخ يعيد نفسه، فأختلافنا هو طائفي، ولكن العامة لا يروه لأنه يركن خلف التسميات، اُؤكد وأقول نعم، الخلاف هو كنسي لاهوتي تتعمد رجالات الطوائف إخفائه خلف التسميات. وسوف تدفع كنيسة المشرق بطوائفها المتعددة ثمنا باهضاً في المستقبل القريب لسوء أداء القائمين عليها. عليكم أن تنتبهوا أنتم الآباء الروحانيين الى هذه الحقيقة، أنتم بتصرفاتكم وأجتهاداتكم سائرون على خطى أسلافكم، كل يوم سوف ينفر رعاتكم من الكنيسة، وسيبتعدون رويداً رويداً عنها بسببكم، الى أن تنتهي وتزول، حينها عليكم أن تعلموا أنكم أنتم السبب وتتحملون كامل المسؤولية أمام الشعب وأمام التاريخ، لأنكم منهمكين تصرفون وقتكم وجل طاقتكم على الصراع الطائفي، لقد جعلتم من الكنيسة مؤسسة تتغلب عليها الصفة الإدارية الدنيوية على جوهرها الروحي، لا تختلف عن باقي المؤسسات الأخرى، وهذا يتعارض مع تعاليم المسيح (رأس الكنيسة وصاحبها الأوحد).


أقتباس: (الوحدة تتطلب الانخراط في ثقافة الحوار، وتوحيد الأهداف ومعالجة العقبات والتحديات) أنتهى الأقتباس.


  ولكنكم بمجرد أتهامكم المقابل المختلف  بالتعصب وأعتباره إلغائي وبسيط وسطحي، قضيتم على ثقافة الحوار، وبذلك أنتم من يمارس الإلغاء، فكيف إذن ستتوحد الأهداف؟ وكيف سيتم معالجة العقبات والتحديات؟.


أقتباس: (على ضوء دراستي وخبرتي الطويلة في الحوار المسيحي – المسيحي في مؤسسة برو أورينتي النمساوية والحوار المسيحي الإسلامي في المجلس البابوي لحوار الديانات في الفاتيكان وهنا في العراق، أرى ان الحوار: ثقافة صادقة وقوّة وغِنى عظيم. له صبغة إنسانية وروحية عميقة. الحوار الحضاري الهاديء يجعلنا ننظر الى الآخر كأخ وشريك، وليس كغريب او خصم. الحوار يحافظ على الهوية الذاتية، ويمنح الآخر حق الحفاظ على هويته والتعبير عنها. الحوار يدعم التضامن والتعاون بمحبة ووئام، عكس التعصب او حوار الطرشان الذي يقيم الأسوار ويضع المتاريس ويخلق التباعد والتنافر) أنتهى الأقتباس.


   ليس لي الكثير لأقوله عن هذه الفقرة الإنشائية المعممة،  إذا قيمناها على أساس الأنتماء القومي فهي ليست سوى إعلان مقصود يؤكد على أننا قوميتان مختلفتان، وهكذا يفرض علينا قبول ذلك وينبغي التعامل على أساسه، هذا ما نرفضه تماماً، لأننا نؤمن أننا قومية واحدة ولسنا قوميتين أو ثلاثة. أما إذا قيمناها على الأساس الديني الكنسي فهنا أيضا نلتمس ما يشير الى حقيقة أنعدام فكرة توحيد الكنيسة، لذلك يجب النظر الى الآخر كأخ وشريك، وليس كخصم، إذا كنتم أنتم رؤساء طوائفنا متيقنين من أن وحدتكم لا تلوح في الأفق حاضراً!، فنحن على أقل تقدير سنكون سعداء إذا تمكنتم من النظر الى بعضكم كأخوة وشركاء، وليس منافسين وخصوم تقيمون الأسوار وتضعون المتاريس لخلق التباعد بينكم، ليتشتت من خلالكم  رعاياكم من ابناء هذه الطوائف.


أقتباس: (عمل احزابنا ينبغي ان يكون عملاً جماعياً لاستعادة الدور المسيحي الوطني والمكوناتي لحل المشاكل بقرار مناسب وبحكمة والتخطيط لمستقبل أفضل. مهم جداً في هذه المرحلة بالذات ان تفتح احزابنا حواراً فكرياً لبناء أرضية عمل مشتركة والتغلب على المصاعب. لقد دعوت أكثر من مرة الى الحوار وتوحيد المواقف والخطابات الا اني لم أتلقَ أية استجابة.
بإختصار أقول: اننا بحاجة الى إرادة طيبة وصادقة تكون ركيزة كل عمل إيجابي. انشاء الله
)أنتهى الأقتباس.


   رغم أن الأداء السيء جداً لأحزابنا الذي بسببه خسرنا هذه المرحلة، وخسرنا فرصة ثمينة لا تعوض، وغُيبت قضيتنا القومية، وبذلك خسرت تلك الأحزاب مكانتها، وفقدت شرعيتها القومية، لكن هذه الأحزاب كانت قد تأسست وفق أطر ومقاييس قومية، لتعمل من أجل نيل حقوقنا القومية والسياسية، لست أدري ما علاقتها بإعادة الدور المسيحي؟ ومن ثم ماذا تقصد غبطتكم بأستعادة الدور المسيحي الوطني؟ هل كان هناك في السابق دور مسيحي وطني؟ وهل تم تسييس المسيحية وإقحامها في المعترك السياسي؟ وإذا كان قد حدث ذلك فهل تتوافق هذه الخطوة مع مفاهيم المسيحية وتعاليمها؟ أم أن لغبطتكم نية في دفع الأمور لتأخذ منحاً دينياً مسيحياً، مما سيمنح لكم كرجال دين مسيحيين الفرصة والشرعية لتبوء مناصب في السلطة على غرار رجال الدين المسلمين؟ إنه مجرد تساؤل راودني وأنا أفكر باحثاً عن الغاية مما أوردتموه في الأقتباس أعلاه.


   من السهل أن نكتب ما يروق لنا ولكن، من الصعب جداً أن يتحقق كل ما نتمناه، تقول غبطتكم أنكم دعوتم هذه الأحزاب الى الحوار لتوحيد المواقف والخطابات، إلا أنكم لم تتلقوا أية استجابة!! وهل حقاً غبطتكم بأنتظار الأستجابة؟ كيف ستتحاور هذه الأحزاب لتوحيد مواقفها وخطاباتها إذا كانت تختلف في مسائل جوهرية أساسية؟ كيف تتحاور في الوقت الذي هناك أحزاب تؤمن أننا قوميات منفصلة، وتعمل هذه الأحزاب جهدها لفرض ذلك بأية وسيلة كانت بما فيها أستغلال سلطتكم ومكانتكم كرأس أكبر كنائسنا؟  وكيف تتحاور هذه الأحزاب الفاقدة لمصداقيتها أمام شعبها وجماهيرها؟ وعلى أي أساس ستتحاور هذه الأحزاب بينما جميعها منهمكة في البحث عن أية سبل لتحقيق مكاسب حزبية مادية، مناصب ومراكز في حكومات على شاكلة  تلك التي في المركز والأقليم اليوم؟.


   أختم هذه المقالة التي كما ذكرت في بدايتها أنها الأخيرة التي أوجهها لغبطتكم بالقول أنكم كرجال دين أمام مسؤولية كبيرة، إن لم يُلفتوا أنتباهكم من هم حولكم من المجاملين الى هذه الحقيقة فأسمعوها منا ونحن نقولها لكم صراحة وبأعلى صوتنا ( كنيستكم في خطر لأنكم مقصرون)، نحن أبناء هذه الطوائف ندعوكم أن تعملوا لتوحيد كنيسة المشرق، لكي تعود كسابق عهدها قبل فوات الأوان، هذه هي أولى أولوياتكم، فإذا تمكنتم من تحقيق رغبتنا هذه، ثقوا أن صراع التسميات سوف يسدل الستار عليه عشية وحدتكم  بلمح البصر، حينها يمكنكم أن تتدخلوا في الشأن القومي السياسي إذا ما بقيت الساحة القومية على حالها اليوم.


   نعم، إذا حققتم وحدة كنيسة المشرق باعتبارها مسؤوليتكم المباشرة وواجبكم الأخلاقي والروحي، حينها سيكون من حقكم كأبناء هذه الأمة بغض النظر عن مكانتكم الروحية أن تقدموا النصح للمؤسسات القومية السياسية.


   أشكر سعة صدركم غبطة البطريرك، وأعتذر إن كنت سبباً في إقلاق راحتكم، لم تكن لي أية غاية من هذه الرسائل (المقالات) سوى مصلحة هذة الأمة التي تعاني بشدة من هول الصراع الطائفي، قبل الوقع الثقيل للشذوذ السياسي عليها، الذي يدفع بها نحو الهاوية يوماً بعد آخر.
 

11
"الأحـزاب والتنظيمــات الكلـدانية تحت الأضـواء"
 رسالة الى الأخوة في الكنيسة الكلدانية مع الود


سامي هاويل
13-7-2021

  في البداية وددت كتابة مقالتين منفصلتين، إحداها عن الأحزاب والتنظيمات الكلدانية، والأخرى كرسالة الى أبناء الكنيسة الكلدانية، ولكنني قررت أن أضعها في مقالة واحدة، أقدم أعتذاري للقراء الكرام على طول المقالة ولكن كما يُقال "للضرورة أحكام".


  ربما يسأل سائل! لماذا في الآونة الأخيرة كثرت الكتابات عن النشطاء والتنظيمات الكلدانية فقط؟، الجواب ببساطة لأن هؤلاء اليوم يدفعون بكل ما لهم من قوة نحو تقسيمنا الى قوميات مختلفة، منفصلة عن بعضها البعض، وما يحزننا أكثر هو تمكنهم من إقحام الكنيسة الكلدانية متمثلة بشخص غبطة البطريرك مار لويس ساكو في هذا المشروع. أما إذا كان هناك من يسع خياله ليتصور أنها (هجمة آشورية ضد الكلدان) فهو بالتأكيد إما يوهم نفسه، أو إنه يلعب هذه الورقة المهترئة ليوهم الآخرين بذلك لغايتين، إما طائفية مقيتة متجذرة في عقليته، أو وصولية يبحث من خلالها عن مصدر أسترزاق في ظل الفوضى الكبيرة التي تعم العراق تحديداً. فنحن طيلة السنين الماضية لم نفوت فرصة إلا وأشرنا بإسهاب الى التنظيمات السياسية الآشورية، موجهين لها الأنتقادات الكثيرة، وهنا نقولها ونؤكد كما فعلنا سابقاً، إن التنظيمات الآشورية فشلت في أدائها، وفشلت حتى في الحفاظ على هويتنا القومية، لا بل إنها شاركت في تغييب القضية الآشورية وشل مسيرتها، لن أطيل الحديث عنها أكثر لأنها ليست موضوع هذه المقالة.


  ما كنت أود قوله في رسالتي الى الأخوة في الكنيسة الكلدانية قبل أن ننتقل الى الأحزاب والتنظيمات الكلدانية، هو أننا علينا الأنتباه الى ثلاثة أمور مهمة جداً، ونفصل بينها،  قبل أن نبدأ ببناء تصوراتنا على ما نقرأه أو نشهده على الساحة (ساحة العمل الفعلي)، لأننا بمجرد نجاحنا في فهم وتمييز هذه الأمور الثلاثة  عن بعضها، سوف نفلح في قراءة المشهد بصورة صحيحة، من الضرورة جداً أن نُقدِم على هذه الخطوة، لأن هناك من يتعمدون على التلاعب بهذه الأمور الثلاثة وترتيبها بالصورة التي تضمن خلط الأوراق على الفرد البسيط،  ليتمكنوا من تمرير مشاريعهم التي لا تصب إلا في مصالحهم الخاصة، فأمثال هؤلاء لا يظهرون إلا في هكذا ظرف.  هذه الأمور تتمثل في:

1- الأنتماء القومي
2- الأنتماء الطائفي
3- العمل السياسي

  اُؤكد مرة أخرى على أهمية التمييز بين هذه الصفات إذا كنا فعلا صادقين في نوايانا وتواقين الى الحقيقة، فهناك من يتعمد على أعتبار موقف سياسي لتنظيم قومي معين على انه موقف قومي أو مذهبي معادي، وكما ذكرنا أعلاه يتعمد على خلط الأمور القومية السياسية مع الكنسية لتوفير أرضية جماهيرية له بالأعتماد على الخلافات والأصطفافات الطائفية. 


   لو تناولنا الميّزة الأولى (الأنتماء القومي)، وطبقنا ما هو معروف عالمياً بالعوامل والمقومات التي تميّز القوميات والأعراق عن بعضها، والمتمثلة بــ ( اللغة، الأرض، التاريخ، التراث، والعادات والتقاليد)، فسوف لا يصعب على أي شخص مهما تباينت درجة وعيه أن يتأكد ويصبح على يقين أننا قومية واحدة ننتمي الى ذات العرق، كوننا نشترك بهذه المقومات، وليس هناك شعب آخر في كل المعمورة يشترك بها معنا. ولا يوجد أية عوامل أخرى يمكننا أن نستشهد بها للقيام باي فرز قومي، أما مسالة الشعور القومي فمن السذاجة بمكان أن نعتبره أحد المقومات القومية، لأن الشعور يأتي من خلال التنشئة التي رضعها الفرد منذ صغره، والبيئة والمحيط الذي عاش فيه، فالشعور القومي هو نقطة البداية لدى أي شخص عندما يبدأ بأيلاء الأهتمام بأنتمائه العرقي، وليس بالضرورة أن يكون شعوراً حقيقياً صادقاً، لأنه يعكس تلك التنشئة والبيئة التي تربى فيها، هناك الكثير من الأمثلة لأناس عاشوا بين الأقوام المجاورة لنا، نمى عندهم شعور بالأنتماء الى تلك الأقوام، والأمثلة كثيرة لتؤكد صحة هذا التصور، لهذا فالشعور المجرد من الوعي يكون محط شكوك.


  أما الميّزة الثانية (الأنتماء الطائفي): فكلنا نعلم أننا في بداية دخولنا المسيحية كنا كنيسة واحدة سميت بــ (كنيسة المشرق)، هذه الكنيسة تعرضت الى محاولات عدة لإرضاخها وأحتوائها أوتقسيمها، وقد سهل ذلك رجالاتها من خلال خلافاتهم  وصراعاتهم فيما بينهم لتقسيمها الى طوائف، فتصدعت، وأنفصل أبنائها عن بعضهم البعض فأنقسموا الى مذاهب وطوائف دامت القطيعة بينهم لقرون، وأدى ذلك الى إضعافهم، وجعلهم لقمة سهلة المنال، هكذا دفعوا ثمن الأجتهادات والقرارات الخاطئة لرجال الدين الذين قسموا الكنيسة الواحدة، ولازلنا اليوم أيضاً نواجه هذه العقبة ونعاني من تبعاتها، لأن القائمين على مقدرات هذه الطوائف لم يظهروا الجدية لتوحيدها وإعادتها الى سابق عهدها، كنيسة واحدة موحدة، أما لو نظرنا الى الموضوع من الناحية الأيمانية، فكما يقال ( اليهود صلبوا المسيح، ورجال الكنيسة شطروا جسده الى أجزاء)، ترى ذنب من هو الأعظم؟؟. هذه الكنائس (الطوائف) اليوم تبحث في أنقاض ركام هذه الأمة المنكوبة وخرائبها عن كل ما يصلح أستخدامه لتحقيق المنافع الطائفية، وما صراع التسمية اليوم إلا دليل صارخ على ذلك، علينا الأنتباه الى هذه الحقيقة، لأنه من المخزي والمعيب جداً ونحن نعيش في زمن العولمة والتطور أن نغدوا جميعنا كأسلافنا ضحية أجتهادات رجالات الطوائف، بالنهاية فنحن بصدد تقرير مستقبل وجودنا ومستقبل أجيال من بعدنا.


   أما العامل الثالث (العمل السياسي)، ليس من الصعوبة علينا أن ندركه بشكل تام لحداثته، فأقدم تنظيماتنا السياسية الفعلية هي المنظمة الأثورية الديمقراطية التي تأسست عام 1957، تلاها الأتحاد الآشوري العالمي، ومن ثم حزب بيت نهرين الديمقراطي، والحزب الآشوري الديمقراطي، ثم تلتها أحزاب وتنظيمات أخرى كالحركة الديمقراطية الآشورية، والحزب الوطني الآشوري، وغيرها من الأحزاب والمؤسسات القومية التي لا يسعنا ذكر أسمائها هنا، فليس صحيحاً أن يحسب أي موقف لأي من هذه التنظيمات على أنه موقف شعب بأكمله.


    طالما لازلنا في إطار الحديث عن التنظيمات السياسية، أود الإشارة هنا الى أن جميع هذه التنظيمات القومية التي ذكرناها جاءت مكملة للنهضة القومية التي أنطلقت مسيرتها قبل ـ وأبان الحرب العالمية الأولى، وما تعرضنا له طوال فترة المئة والخمسين سنة الماضية تقريباً من ظلم،  وتهجير،  ومذابح،  وشتى أنواع الأضطهاد، طالت جميع مناطق وجودنا، سواءً كانت القصبات والقرى القريبة والتابعة لنينوى،  أو البعيدة نسبياً في مناطق هكاري وطور عابدين وما يجاورها، أو في مقاطعة أورمية وما من حولها من قرى وبلدات، هذه الأحداث جميعها، يضاف إليها المقاومة للدفاع عن النفس والأرض والوجود التي أبداها أجدادنا طوال تلك الفترة، والكم الهائل من الشهداء الذين سقطوا جراء الهجمات الشرسة التي تعرضنا إليها، دفعت بأتجاه إبراز قضيتنا المشروعة من جديد كأمة مضطهدة، عانت الكثير من الظلم والتهميش، ونشطت العديد من الشخصيات المثقفة للكتابة والتعريف عن قضيتنا القومية، (مثلما نعيد ونكرر دائماً فهذه الشخصيات البارزة غالبيتها كانت من أبناء الكنيستين الكلدانية والسريانية)، هؤلاء النشطاء والأدباء والمفكرين والمناضلين وضعوا اللبنات الأولى لقضيتنا القومية، ورسموا ملامحها، وحددوا  الأسس التي ترتكز عليها، وأعلنوا الآشورية  كهوية، وقضية قومية لشعب منكوب، لهذا نرى جميع التنظيمات السياسية التي أسلفنا ذكرها تحمل في عناوينها وبرامجها السياسية (الآشورية) بأعتبارها الهوية القومية، وليست ولادتها وعملها إلا تكملة للمسيرة التي بدأها رواد هذه الحركة القومية، بينما لم يكن هناك (حينها والى وقت قريب جدا سنأتي لذكره) أي وجود لحراك قومي سياسي مشهود تحت التسمية الكلدانية أو السريانية،  لا شك أن هذه التنظيمات القومية الآشورية واجهت  معضلة الصراع  والخلاف الطائفي، فرغم بعض الخطوات الأيجابية التي حققتها،  لكنها أخفقت في عملها القومي السياسي بشكل عام لأسباب عدة، أيضا ليست موضوع مقالتنا هذه، ولكن ما أسقط شرعيتها هو الآلية التي أتبعتها للتعامل مع الواقع، سواءً كان على مستوى البيت القومي، أو على مستوى الساحة السياسية في سوريا والعراق على وجه التحديد، حيث أخفقت قياداتها في الحفاظ على أستقلالية هذه التنظيمات، ومن ثم أخفقوا حتى في الحفاظ على ما كان قد تبقى لنا،  مروراً بتلاعبهم بمقدساتنا القومية.


   أما بالنسبة الى التنظيمات القومية والسياسية التي نشطت تحت التسميتين الكلدانية والسريانية، فهي بمجملها حديثة الولادة، جميعها تأسست بعد سقوط النظام الدكتاتوري في العراق، عدا الأتحاد الديمقراطي الكلداني الذي تأسس خلال سنة تقريباً قبل أنعقاد مؤتمر المعارضة العراقية في لندن عام 2002، ولو تمعنا جيداً في الأسباب التي أدت الى تأسيسها فسوف نجد أن هناك ثلاثة عوامل رئيسية دفعت بأتجاه ظهور هذه التنظيمات.


1- الأداء الضعيف للتنظيمات السياسية الآشورية خاصة بعد 2003، وتركها لأولوياتها، والتنافس على تحقيق مكاسب حزبية وشخصية في ظل نظام المحاصصة المتمثل بالقوى السياسية التي تحكم العراق الى يومنا هذا، والفراغ الكبير الذي تركته على الساحة القومية السياسية.
2- رغبة الكنيسة الكلدانية للدخول في المعترك السياسي ما بعد 2003 من خلال خلق أذرع لها تحت غطاء قومي.
3- تأثير التيارات السياسية الكردية ذات التوجه القومي العنصري الشمولي، وما ستقدمه الفوضى داخل بيتنا القومي من خدمة لتحقيق مشاريعهم التوسعية، لإبعاد أنظارنا عن ممارساتهم الإقصائية بسبب أنشغالنا بالصراع الداخلي،  وبالتالي تغييب قضيتنا القومية، ووضعها في إطار الأنتماء الديني، هكذا نرى اليوم أنهم يروجون لتعريفنا كمسيحيين ( كما نعلم فالأنتماء الديني لا يشترط المطالبة بالحقوق القومية خاصة مسالة الأرض). أما تنظيماتنا القومية فقد قبلت على مضض الهوية الدينية وها هي اليوم تعمل على ذلك الأساس.


    قبل أن نكمل الحديث عن التنظيمات السياسية الكلدانية، لا بد لنا ان نمر على مسالة مهمة جداً يجب أن نلقي الضوء عليها ولو بشكل سريع.


    ليس خافياً علينا جميعاً التنافس الطائفي بين مختلف كنائسنا، ورغبة القائمين عليها في تقوية مؤسستهم الكنسية بأي شكل كان، هذا التنافس حتى عندما حاولوا ويحاولون الأكليروس إخفائة خلف مواعضهم وتصريحاتهم وزياراتهم الشكلية لبعضهم البعض، التي غالباً ما تتخللها مظاهر التواضع  وروح المحبة والتسامح، ومحاولاتهم إقناع المشاهد والمتلقي إنهم يشجعون ويعملون لتوحيد الكنيسة، بينما على المتابع اللبيب لم  يتمكنوا من إخفاء رغباتهم العارمة بأتجاه تغليب مصلحة الطائفة على تحقيق وحدة الكنيسة، وعلى أساس الخلافات بينهم بات كل ما يتعلق بإحداها، يدخل تلقائياً في صراع مع الأخرى، هكذا نصل الى قناعة إن أحد الأسباب الرئيسية لرفض الأسم الآشوري من قبل الكنيسة الكلدانية والسريانية ليس سببه توجهات قومية، بل هو طائفي بحت،  فعندما تم إضافة "الآشورية" الى أسم كنيسة المشرق ( التقويم الجديد) عام 1976 بالرغم من أن الأكليروس في هذه الكنيسة يوضحون أن سبب إقدامهم على تلك الخطوة كان محاولة للحفاظ على هويتنا القومية، بالرغم من أننا لا نشكك في النوايا، إلا أن الذي حدث أن الآشورية كهوية قومية أُقحمت بشكل أو بآخر في الصراع الطائفي ( بأعتقادي كان مهماً جداً الأنتباه الى أن رجالات الدولة العراقية  في العشرينات والثلاثينات من القرن الماضي تعمدوا على إطلاق تسمية "الآثوريين" على أتباع كنيسة المشرق، واعتمدت بقية الحكومات المتعاقبة هذا المفهوم، من ناحية لتسويف القضية القومية الآشورية وربطها بطائفة معينة، ومن ناحية أخرى  لضمان عدم تفاعل الكنيستين الكلدانية والسريانية مع القضية الآشورية، لأن "الآثورية" أصبحت مرادفة للنسطورية بنظرهم، ولحد يومنا هذا لازال هناك الكثير من أبناء الكنيستين الكلدانية والسريانية يعتبرون "الآثورية والآشورية" مرادفة للنسطورية، أي كنيسة المشرق بتقويميها القديم والجديد.  وعلى هذا الأساس أصبحت الآشورية بالنسبة للكنيسة الكلدانية والسريانية طرفاً في الصراع، وفي فترة التغيير الكبير في العراق بعد 2003، بدأت هذه الأطراف تبحث عن مقومات تؤكد أصالتها لما له في نظرهم من تبعات فيما يخص الحقوق والأمتيازات، لذلك أصبحت المعادلة كالآتي:  أذا كانت كنيسة المشرق الأشورية كنيسة أصيلة وعريقة، وتستمد شرعيتها من الأشورية الموجودة في أسمها، هكذا فالكنيسة الكلدانية أيضا عريقة لأنها تستمد شرعيتها من الكلدانية الموجودة في عنوانها، وهكذا فعلت  الكنيسة السريانية مع ربط ( غير منطقي ) بين السريانية والآرامية لتأكيد العمق التاريخي.

 
   على هذا الأساس تحركت الكنيسة الكلدانية لترسيخ هذا التصور،  ليس فقط بالأكتفاء بالتسمية الكلدانية في أسم الكنيسة وتفعيل التصور بالأنتماء الى الكلديين القدماء،  بل عملت بشكل أو بآخر لدعم وخلق تنظيمات سياسية كلدانية مقابلة للتنظيمات السياسية الآشورية التي يحسبونها على كنيسة المشرق الآشورية(شريطة أن تكون قدر المستطاع مسيطرة على قراراتها).


   بأختصار شديد أيها الأخوة، ما يقال عنه صراع التسميات ليس الحقيقة، لأن التسميات هي واجهة فقط،  بينما الحقيقة هي أننا نعيش صراعاً طائفياً من خلف الكواليس، يقوده رجالات الكنيسة، ووقوده الجهل المستشري، وشحة الوعي القومي بين صفوف جميع طوائفنا، هكذا والحديث يطول عن هذا الموضوع  ولكننا نكتفي بهذا القدر، وننتقل الى التنظيمات القومية الكلدانية.


    لو القينا نظرة على هذه التنظيمات منذ تأسيسها الى اليوم بشكل فاحص ودقيق، سوف لن يصعب علينا أن نكتشف أنها ليست إلا عناوين وأرقام على الساحة، فبمجرد أن طبقنا عليها أُطر وشروط  ومعايير تأسيس الحركات القومية سوف يتجلى لنا ذلك بوضوح تام، كونها لم تتأسس  نتيجة  مخاض  قومي، ولم تولد من رحم معاناة أمة وما تتطلبه المرحلة للأرتقاء بقضيتها القومية، بل نجدها أنها تأسست لدوافع أخرى لا تمت بصلة للشأن القومي، ففي هذه التنظيمات هناك أعضاء في قيادات بعضها كانوا، وربما لازالوا أعضاء في أحزاب كردية!!، والبعض الآخر تأسس بدفع ورعاية رجال الدين!!.


  الأتحاد الديمقراطي الكلداني:
  كما ذكرنا أعلاه فقد تأسس هذا التنظيم في الفترة القليلة التي سبقت مؤتمر المعارضة العراقية في لندن عام 2002، وقد سارعت الأحزاب الكردية على تأمين حضور رئيس هذا التنظيم ليمثل الكلدان في ذلك المؤتمر، كخطوة أولى تمهيداً لإضعافنا وتقسيمنا الى قوميتين.

  المجلس القومي الكلداني:
   هذا التنظيم تأسس بدعم ورعاية مباشرة لغبطة المطران مار سرهد جمو ومعه غبطة المطران مار أبراهيم أبراهيم، وتأكيداً لتحقيق نجاحه وأستمراريته فقد مثله غبطة المطران مار أبراهيم ابراهيم ومعه بعض الأعضاء والشخصيات في اللقاءات مع قيادة الحركة الديمقراطية الآشورية لبحث مسالة التسمية في بداية ومنتصف عام 2003، تمهيدا لعقد مؤتمر التسمية المشؤوم الذي أنعقد في أواخر تشرين الأول من نفس العام، يجدر الإشارة هنا الى أن هذين الطرفين اللذان أجتمعا وأتفقا، لم يدم أتفاقهما طويلاً، بدليل ما شهدناه من خلافات وصراعات بين الجانبين، خاصة الأتهامات المستمرة منذ الفترة بعد أنعقاد المؤتمر، والى يومنا هذا من قبل الطرف الكلداني ضد الحركة الديمقراطية الآشورية.

  المنبر الديمقراطي الكلداني:
    تأسس هذا التنظيم بعد 2003، هذا التنظيم وجدوا بعض أعضائه في التسمية المركبة محطة وسطية مناسبة لهم، يمكنهم الأحتماء فيها، والأنطلاق منها لبناء قاعدة جماهيرية، ولكن بعد أن تعرضت تلك المحطة التي راهنوا عليها الى التصدع، أصبحوا يبحثون عن أرضية جديدة تمكنهم من الأستمرار لذا، نرى دائماً تذبذب في مواقفهم وتوجهاتهم.

   الرابطة الكلدانية:
   تأسست هذه الرابطة برعاية ومباركة غبطة البطريرك مار لويس ساكو لتكون ذراعاً سياسياً للكنيسة الكلدانية، حيث شهدنا الدور الكبير الذي لعبته الكنيسة في مختلف البلدان لفتح فروع لها ودفعها لتكون أحد أطراف المعادلة، الجدير بالذكر أن أحد أسباب تأسيسها كان الصراع الدائر بين مطراني أميركا مار سرهد جمو ومار ابراهيم ابراهيم مع غبطة البطريرك مار لويس ساكو، فكانت محاولة من غبطته لمسك زمام الأمور، والسيطرة على القرار داخل الكنيسة، من خلال كسب عطف أبناء الكنيسة الكلدانية، وأستقطاب ما يمكن أستقطابه من النشطاء الكلدان، الذين خيّب آمالهم مشروع النهضة القومية الكلدانية الذي أطلقه مار سرهد جمو، ولكن على ما أعتقد أنطبق على غبطة البطريرك مار لويس ساكو المثل الشعبي القائل ( أنا من جلبت الدب الى كرمي ) طبعاً الأمثال تُضرب ولا تُقاس، حيث على ما أعتقد هؤلاء النهضويون من دفعوه ليتخذ خطوات نحو الأنشقاق وتقسيمنا الى قوميتين، بعد أن كانت مواقفه سابقاً مختلفة تماماً، وبعيدة عن اية نوايا بأتجاه أستحداث قومية جديدة.


   بالعودة الى قولنا أن هذه التنظيمات تفتقر الى أدنى مقومات الأحزاب والمؤسسات القومية، فلو بحثنا بين جميع أعضائها بدأً بقياداتها وصولاً الى أصغر عضو فيها،  لن نعثر على واحد منهم فقط، اُؤكد هنا (ولو عضو واحد فقط)، له تاريخ أو نشاط قومي كلداني سابقاً!! لا بل هناك من بينهم الكثير ممن لا يتقنون التحدث بلغتهم الأم، وإذا كان هناك من يتحدث بها، نجده لا يتقن قرائتها أو كتابتها!! إلا ربما القليل النادر بينهم، في الوقت الذي تكون اللغة أحد الركائز القومية المهمة، بأعتبارها ترمز الى هوية الفرد القومية أينما كان يعيش، أعتَقَدَ القائمين على هذه الأحزاب والمؤسسات أن خلق أمة جديدة لا يحتاج الى أكثر من رسم وإعلان علم قومي، ووضع تاريخ جديد لرأس سنة قومية، والبحث عن فاجعة لإعلانها يوم الشهيد.


   لو ألقينا نظرة على نشاطاتهم  ومواقفهم على الأقل تجاه ما أصاب البلدات والقرى ذات الغالبية الكلدانية من مظالم وأنتهاكات وتهجير وقتل طيلة العقدين الماضيين، فلن نجد حتى لو كان موقفا أعلامياً يمكن أن يرتقي الى حجم المأساة التي وقعت على من يعتقدون أنهم يمثلونهم قومياً!!. ففي الأنتخابات العراقية عام 2005 عندما عمدت أطراف كردية على سرقة صناديق الأقتراع الخاصة بسهل نينوى، لم نسمع حسأ لأحد هذه التنظيمات، ألم تكن تلك الحادثة (مذبحة سياسية؟؟)، بينما من تحركوا وأصدروا بيانات وقاموا بتعبئة الجماهير، وقاموا بالتضاهر تنديدا بتلك الممارسة الخبيثة في مختلف بلدان المهجر وحتى في الداخل، كانت التنظيمات القومية الآشورية ومعهم نشطاء قوميين آشوريين!!.


  وعندما أجتاحت داعش قصباتنا وقرانا في سهل نينوى، لم نشهد موقفاً جريئاً يُشهد له بدر من هذه التنظيمات التي تعتبر نفسها قومية كلدانية!!،  فقط تمكنوا من جمع عدد قليل من مؤازريهم حاملين أوراق عليها العلم الكلداني، فقط  ليظهروا  (مثلما يقال، تسجيل حضور) المشاركة  في المظاهرات الكبيرة التي عملت على إقامتها التنظيمات القومية الآشورية ومعهم النشطاء القوميين من الشباب الآشوري.


   أما الأغرب، فهو عندما بحثوا ( مفكري ) هذه النهضة القومية عن فاجعة ليعلنوها يوماً للشهيد الكلداني، وقع أختيارهم على مذبحة صورية، هذه القرية التي أرتكب فيها المجرم عبدالكريم الجحيشي الضابط السابق في الجيش العراقي مذبحة بحق أبنائها،  ولكن عندما قامت السلطات الكردية قبل أعوام بنقل رفات أولائك الشهداء من اربيل الى قرية صورية، تعمدوا على لفها بالعلم الكردي!! أيضا بحثنا حينها في وضح النهار وفي ظلمات الليالي حاملين مشاعلنا بحثاً عن تنظيم قومي كلداني واحد ليستنكر عملية تكريد شهدائنا، فلم نعثر على أحدهم!!، هنا أيضا تجدر الإشارة الى أن التنظيمات القومية الآشورية طيلة العقود الماضية دائماً جاءت على ذكرها الى جانب مجزرة سميل وبقية الفضاعات التي تعرضنا إليها، بأعتبارها عمليات تطهير عرقي أرتُكبت بحقنا، في الوقت الذي لم يكن أحداً من أعضاء جميع التنظيمات الكلدانية يعير أهتماماً بالحادثة.


  بالإضافة الى القليل الذي أشرنا إليه أعلاه، ما يلفت الأنتباه هو أن هذه التنظيمات لم تطرح يوماً مشروعاً قومياً كلدانياً باعتباره من أولوياتها كتنظيمات قومية سياسية!!، وليس لها أي سقف بسيط لمطالب قومية كلدانية!!، وإنما كل ما فعلته طوال السنين الماضية منذ تأسيسها والى اليوم، هو أنتظار أية فرصة تمكنهم من تقليد أي نشاط  قومي آشوري، فنجدهم جالسين يقتنصون اي حراك سياسي تعمل التنظيمات والمؤسسات القومية الآشورية عليه لذكر الشعب الآشوري فيه، لينطلقوا بسرعة البرق معترضين على عدم ذكر التسمية الكلدانية الى جانب الآشورية، يصاحبها صيحاتهم العالية مرددين شعارهم المعروف، بأن التيارات الآشورية تقوم (بتهميش الكلدان وإلغائهم)!! إنهم حقا كما يقول داعميهم ومؤيديهم من النشطاء الكلدان بأن نشاطهم مبني على أساس ردة فعل لكل حراك آشوري، ففي البداية ولأن هناك علم قومي آشوري، قاموا بإعلان علم قومي كلداني، ولأن هناك سنة آشورية، قاموا بالمقابل  بتحديد تاريخ جديد للسنة الكلدانية مع إبقاء الأحتفال كما هو في الأول من نيسان، ولآن هناك يوم الشهيد الآشوري، فحددوا يوم الشهيد الكلداني، وأينما تم ذكر الشعب الآشوري عملوا كل ما في وسعهم لألصاق التسمية الكلدانية بجوار الآشورية ولكن؟؟ مع ضمان (الواوات بينهم؟؟؟).


  هكذا يبدو لي إن هذه التنظيمات لا يمكنها الأستمرار بعيداً عن الحراك القومي الآشوري، وإذا لم تتلقى الدعم من الكنيسة الكلدانية أو اطراف خارجية، فلن تدوم إلا لبضعة شهور على أبعد تقدير.


   إننا  نرى هذه الأيام بوادر حراك للأسف مدعوم من غبطة البطريرك مار لويس ساكو لتقسيمنا الى قوميتين منفصلتين؟، من المؤكد  ليس بإمكاننا فرض آرائنا على أية جهة قومية أو كنسية، ولكننا لن ندعم أية خطوة نحو تقسيمنا الى قوميات، بل نرفض ذلك رفضاً قاطعاً. آملين أن يرتقي الجميع الى مستوى المسؤولية التاريخية، فلا يمكن أن نتهرب من مواجهة إشكالاتنا، لنذهب الى أتخاذ قرارات خاطئة تجعلنا نندم عليها في المستقبل.


   أختم هذه المقالة لأشير الى جميع أبناء الكنيستين الكلدانية والسريانية ممن يعتزون بأنتمائهم الكنسي، ويفتخرون بأنتمائهم القومي الآشوري، ما يلفت الأنتباه هو أننا لو نظرنا الى هؤلاء الأخوة ، نجدهم جميعهم بالمطلق من المثقفين والواعين والمهتمين بالشأن القومي منذ فترة شبابهم، ولدوا في بيئة كنسية طائفية، ولكنهم لم يدخروا جهداً للبحث والتقصي المجرد من العاطفة عن حقيقة أنتمائهم القومي، هؤلاء الجنود المجهولين الذين نكن لهم كل التقدير والأحترام حقيقة تُرفع لهم القبعات، فبالإضافة الى  معاناتهم  جراء ما يلفقه بحقهم الطائفيين الكلدان والسريان من إساءات وأتهامات، نجد في الطرف الآخر البعض ممن يتبجحون بآشوريتهم وكأنهم أولياء  على الأمة الآشورية،  يتطاولون عليهم وينعتوهم بأوصاف مسيئة، ويلقون عليهم باللائمة؟؟ ومن ثم يدرّون عليهم النصائح القومية، وكأنهم يخاطبون تلاميذ في المرحلة الأبتدائية!!! يا لها من مأساة، أقول لهؤلاء القوميين الآشوريين الغيارى، الشرفاء من أبناء الكنيستين الكلدانية والسريانية، هنيئاً لكم وأنتم في أيمانكم بهويتكم القومية تسيرون اليوم على حد السكين دون مورابة أو تردد، أنتم فخر هذه الأمة، ستظلون دائماً في القلوب، وإذا كانت تخيم اليوم على هذه الأمة المنكوبة الظلمات،  فحتماً غداً ستشرق شمسها من جديد، إنها مرحلة وستزول وتنتهي، وستفتخر وتحتفل  الأجيال بكل مخلص أبى أن يرضخ لواقع مرير فرضه علينا ظرف مرحلي زائل، إن لم يكن اليوم فحتما في الغد القريب.
   

12
غبطة البطريرك مار لويس ساكو المحترم: جئتكم لأكون قومياً كلدانياً ولكنني بحاجة الى مقوماتي القومية الكلدانية، فهل نورتنا لو سمحتم؟


سامي هاويل
3-7-2021

   مرة أخرى، وتأكيداً على أيماني المطلق بأننا جميعاً (على أختلاف أنتماءاتنا الطائفية) ننتمي الى ذات الأصل والعرق القومي ، حيث نتشارك كل المقومات القومية من لغة وتاريخ وأرض وعادات وتقاليد التي تؤكد ذلك بالمطلق، بعد أن أطلعت على رسالتكم الموجهة الى الدكتورة ريواز فائق لإدراج تسمية الكلدان كقومية منفصلة ومستقلة بحد ذاتها، أكتب هذه السطور والتي تعتبر رسالة أكثر مما هي مقالة آملاً أن أُوفق في أيصال رسالتي هذه الى غبطتكم ونحن نعيش ونشهد هذه المرحلة الحرجة، وربما الفاصلة لنا كأمة ضاربة جذورها عميقاً في التاريخ لعصور مضت.

   قبل أن أنتقل الى ما رجوت غبطتكم في عنوان المقالة تنويرنا به، أرغب في الحديث قليلاً عن ما ترعرعت عليه، وعن ذلك المنهل الذي أستقيت منه أفكاري واشبعتها بهذا الخصوص( الشأن القومي).

   إنه لمن البديهيات، وأنتم العالمون، أن فكرة الأنتماء القومي والعرقي هو أحد العناصر المهمة التي تتكون منه شخصية الإنسان القويم، وعلى هذا الأساس لامست فكرة الأنتماء القومي ذهني منذ نعومة أضافري، وبدأت تنمو يوما بعد يوم وسنة تلو الأخرى، الى أن تكونت صورتها متكاملة لدي، وأحتلت مكانة مهمة في كياني ووجداني، ومن ثم تحولت الى أحد الأهداف الرئيسية لي كفرد أنتمي الى هذه الأمة، وقد تيقنت أن العمل من أجلها هو واجب مبدئي وأخلاقي ملقياً على عاتقي.

   من الطبيعي جدا أن يكون أول ما يتلقاه الإنسان بهذا الشأن منذ نشأته هو " الهوية القومية" بأعتبارها العنوان العريض، والخط الأحمر الذي بدونه يذهب كل شيء أدراج الرياح مهما كانت نوعية وفعالية العمل على الساحة، فليس من المنطق والمعقول أن يحقق أي حراك أهدافاً لأجل قضية بلا عنوان. هكذا تعلمت أن "الآشورية" هي تلك الهوية التي تعبر عن أنتمائي العرقي والتي تميزني عن باقي الأمم والأعراق ( مع وافر أحترامي للجميع)، ولكن معرفة الهوية القومية ليس بالأمر الكافِ لأي شخص يعتز بالأنتماء إليها، وعلى هذا الأساس يتحتم عليه البحث والتقصي بشكل كبير ودقيق وشفاف عن كل ما يتعلق بها، لكي لا يخدع نفسه ومن حوله. والخطوة الأولى والصائبة للبحث عن الصورة الحقيقية للهوية القومية هي العودة الى التاريخ، والبحث في بطونه ومعطياته وتفاصيله. شخصياً هكذا فعلتُ، واُأَكد أنني قمت بذلك بشكل شفاف ودقيق (بعيداً عن اية أنتماءات عشائرية أو كنسية أو مناطقية)، فتكونت لدي القناعة التامة، واكتملت لدي صورة أنتمائي القومي الآشوري.

   هكذا فالآشورية هي هوية قومية وليست (تسمية)، والقضية الآشورية لها ميزاتها وخصائصها التي تمنحها الحق والشرعية، فهي ليست وليدة ظرف آني نتيجة مخاض سياسي غير شرعي، بل تميزت في العصر الحديث ( عصر النهضة القومية) بمسيرة لأكثر من مئة وخمسين سنة، ناضل فيها أبناء الشعب الآشوري بطوائفه المختلفة وقدم في سبيلها مئات الآلاف من الشهداء، وقد حملت المسيرة القومية أكثر من مشروع نهضوي وضعه رواد الفكر القومي الآشوري المنتمين الى مختلف طوائفنا، كل ذلك منحها الشرعية ودفعها لتكون موضع أهتمام ونقاش في أكثر من محفل عالمي، وبسبب ما عاناه أبنائها من جراء المذابح المتتالية التي المت بهم، وآخرها مذبحة سميل، يقابل ذلك توالي الحكومات الشمولية العنصرية على الحكم في العراق على وجه الخصوص، كل هذا عرضها لنكسة أدت الى شل مسيرتها، ولكنها لم تفقد شرعيتها، لذلك نرى بعد مرور فترة لاحت بوادر إعادة الأعتبار لها (لا يسعنا هنا الولوج في التفاصيل كونها ليست موضوع مقالنا).

  حاضرنا اليوم مؤلم، يُرثى له، إنها مرحلة صعبة جداً، النخب القومية الحقيقية باتت غائبة من على الساحة القومية، الحركات والفعاليات السياسية فشلت في  تحقيق أدنى طموحاتنا القومية، وتراجعت في أدائها لدرجة تخليها عن هويتنا القومية، وباتت تنشط تحت يافطة الأنتماء الديني، فأختلت الموازين على المسرح القومي، وتعرضت القضية القومية الى تشويه كبير دفع جميع الأطراف بما فيها الطائفية الى أقتناص الفرصة للعمل على ترسيخ الفرقة بينهم، ومحاولة السير بأتجاه تقوية المؤسسة على حساب القضية القومية. كل هذه التفاصيل لا يمكننا القفز عليها وتجاهلها، فهي معضلة حقيقية تقف في طريق أي حراك بأتجاه إنقاذ ما يمكن إنقاذه في هذه المرحلة. بما أننا نؤمن يقينا بعدم إمكانية القفز على معطيات وإرهاصات واقعنا المؤلم!، وإذا كنا فعلا صادقين في البحث عن  السبل لوضع الحلول الناجعة، فعلى الأقل كل مؤسسة أو فرد عليه أن يكون صادقاً مع ذاته ويعمل بما يرضيه ضميره، فالمسؤولية كبيرة جداً والتاريخ سيدون كل هذه التفاصيل ويعطي كل ما يستحقه.

   بعد هذا الشرح الموجز لما يشكل محور قناعاتي في الشأن القومي، وفي ظل ما يكتنفه المسرح القومي من تقاطعات وتناقضات، وبحثا عن حل يخرجنا من أحد أهم دهاليز الصراع المختلق ( صراع التسمية)، ولكي تصبح الصورة جلية أمام غبطتكم، وأمام القاريء الكريم بأنني عندما أعبر عن قناعاتي القومية لا أنطلق من داخل حلقة المتصارعين على التسميات، لِذا سأضع كل قناعاتي ومفاهيمي القومية كآشوري الأنتماء جانباً، وأتقدم لغبطتكم متنازلا عنها، راضياً لأكون كما ترغبون كلداني الأنتماء قومياً، مطيعاً ومنفذاً بقدر أستطاعتي لما تؤمنون به في سبيل تحقيق أهدافنا القومية الكلدانية، فليس لنا إشكالية في التسمية إذا ما كان بإمكاننا إحقاق حقوقنا القومية.

   كما تعلمون غبطتكم، وهكذا يقول المنطق، فلأنني حديث الأنتماء القومي الكلداني لابد (كما فعلتُ لترسيخ أنتمائي الآشوري)، أن أتوجه إليكم، ومن ثم الى كافة التنظيمات القومية الكلدانية، وجميع الذين يعتبرون أنفسهم ناشطين قوميين كلدان، لكي تنورونا وتعرفونا على القضية القومية الكلدانية لتقوية أيماننا بها وكالآتي:

1- ما هي المعطيات التاريخية التي تثبت صلتنا وأنتمائنا الى الكلديين القدماء؟.
2- شرح موجز عن القضية القومية الكلدانية ومقوماتها وخصائصها التي تميزها.
3- شرح موجز عن المسيرة القومية الكلدانية وتاريخها والمراحل التي مرت بها.
4- ذكر ولو أسم شهيد قومي كلداني واحد أستشهد في سبيل قضيتنا القومية الكلدانية.
5- التعريف بشكل موجز على المشروع القومي الكلداني.
6- ذكر الحقوق القومية الكلدانية (اُأكد هنا القومية وليس الوطنية أو الإنسانية أو الدينية).
7- ذكر اسم أحد رواد الفكر القومي الكلداني مع تعريف موجز بأفكاره ونتاجاته القومية.
8- تعريف بحركة قومية كلدانية مسلحة ناضل فيها قوميين من أجل مشروع قومي كلداني يؤمنون به.
9- توضيح ولو بشكل مبسط أي أهتمام بخصائص أنتمائنا القومي الكلداني، كاللغة، وتسمية حديثي الولادة بأسماء قومية كلدانية، والتشبث بالتراث والقيم القومية الكلدانية الأخرى.
10- التعريف بأيجاز عن أرضنا القومية ككلدان والإشارة إليها، بأعتبار الأرض أحد أهم المطالب للحركات القومية.
11- ذكر أسم تنظيم قومي كلداني واحد تأسس قبل سنة 2002، مع شرح موجز لمشروعه القومي وعمله السياسي.

   غبطتكم، سأكتفي بهذا القدر، وسأكون ممتنا لكم ولكل من يتفضل لتنويرنا، فليس من المنطق أن نعمل ونناضل وندافع عن كلدانيتنا لمجرد أنها تسمية فقط، وإلا فكيف يمكن تصديق أننا قومية أصيلة ولا نمتلك ولو نقطة واحدة مما ذكرته أعلاه.

   أما إذا لم أتلقى أي رد، فهذا يقودني لتتكون لدي قناعة أن غبطتكم ( مع أحترامي لكم) أساساً لستم مهتمين بالشأن القومي، بل أنكم لازلتم في دائرة الصراع الكنسي لتحقيق منجزات طائفية( أي أستغلال التسمية الكلدانية لكسب عواطف البسطاء من ابناء كنيستنا الكلدانية وتسخير هذه التسمية لتحقيق مصالح طائفية) وغبطتكم عليم وضليع بأمور التاريخ بجانبيه الكنسي والقومي.

    أما التنظيمات التي تدعي القومية الكلدانية فعليها تقع مسؤولية تقديم وشرح مشاريعها القومية وتوضيح أهدافها القومية لأبناء شعبها، وليس فقط الأكتفاء تارةً بأجترار موضوع التسمية وجعله عقبة في طريق أية محاولة من شأنها أن تقدم خدمة لقضيتنا القومية، وتارةً أخرى التباكي بأتهام الحراك القومي الآشوري (بتهميشهم وإلغائهم)، ضناً منهم أنهم بهذه الطريقة سيخدعون أبناء كنيستنا الكلدانية، لأنهم كلما بحثوا في جعبهم "القومية" وجدوها فارغة ليس فيها ما يستقطب مؤيدين لهم، ولهذا فالحل الأمثل لهم هو اللعب على الوتر الطائفي وإعلان حالة الأنذار من خطر "الأجتياح الآشوري"  فلربما يلتجيء إليهم بعض البسطاء الطيبين ممن كانوا، سابقا، واليوم أيضا ضحية ووقوداً خاماً لإشعال فتيل الصراع الطائفي. ننتظر بفارغ الصبر غبطتكم بدايةً، ومن ثم السادة في كافة التنظيمات الكلدانية على أمل أن يطرق مسامعنا ما يرسخ قناعاتكم اولاً ومن ثم نحن من بعدكم، فهذه مسؤولية تاريخية وأخلاقية كبيرة كونها مسألة أمة بأكملها.   

13
دعوة: الى أصحاب الغِبطة في المجمعين المقدسين لكنسية المشرق الآشورية والكنيسة الشرقية القديمة

سامي هاويل
14- 4 -2021


    لست ضليعا بما فيه الكفاية في أمور اللاهوت وتفسير الكتاب المقدس ونبوءاته ولكنني، أعتقد أن الرب يوحي لكم ويدعوكم، فهل ستستجيبون لدعوته؟. حضراتكم لا تفوتون فرصة إلا وأنتم تستشهدون بأقواله، وتدرون النصح على أبناء رعياتكم للتحلي بالصدق، والأيمان، والسير في رِكاب الأباء المؤمنين، ونبذ الضغينة، والتحلي بالحكمة، والمغفرة، والتواضع، والتسامح، كلها ميزات بناءة لا أعتراض لنا عليها، بل نحن نؤيدها بقوة، كونها لا تلعب دوراً ريادياً في ترسيخ الأيمان المسيحي فحسب، بل تعمل هذه الخِصال الثمينة على بناء شخصية الإنسان ليكون سويّاً وفعالا بشكل أيجابي داخل المجتمعات، كما إنها تتلاقى مع ثقافات المجتمعات الراقية المواكبة لمسيرة التطور اليوم، وعبر الزمن القادم. أنتم مشكورون على هذه النصح والحكم ولكن!، المؤمنين وإن لم يَبُح الكثيرين منهم علناً، ولكنهم في أعماق ذواتهم  ينتظرون منكم لتكونوا القدوة في التطبيق.

  منذ أكثر من ألف وخمسمائة سنة وكنيسة المشرق في أنقسام، وتشتت، وتشرذم، وضياع ولازالت، طوال هذه القرون لم يشهد التاريخ حالة وحدة والتئام واحدة بين أجزاء هذه الكنيسة، وفي كل أنشقاق تفتحت  وتتفتح جروح جديدة عميقة في جسد الأمة الآشورية المنهكة، وتنزف بشدة كنيسة المسيح، ولكن هذا الشعب المضحي والشجاع رغم كل المحن والكوارث التي ألمت بوجوده وكينونته طوال القرون الماضية، ظل صادقاً في أيمانه ومخلصاً لقياداته الروحية، ومطيعاً لها، رغم الهفوات والكبوات الكثيرة التي وقعت فيها هذه القيادات وأنعكاساتها المأساوية عليه، تُرى ألا يستحق اليوم هذا الشعب المنكوب، وفي هذه الظروف القاهرة من تاريخه أن تُدخلوا الفرحة في قلوب أبناءه  وترسموا الأبتسامة على وجوههم المتعبة وتزرعوا الأمل في نفوسهم من جديد؟، بأعتقادي أنه واجب مقدس يقع على عاتقكم وهو من أولى أولوياتكم.

   نعم! الرب الذي تستشهدون بأقواله يوحي لكم اليوم ويمنحكم الفرصة، ويدعوكم للوحدة، ويضعكم أمام أختبار لتثبتوا قدراتكم وصدق نواياكم وجدارتكم في قيادة كنيسته، أيام قلائل وسينعقد المجمع المقدس لكنيسة المشرق الآشورية، على إثر أستقالة قداسة البطريرك مار كوركيس صليوا بسبب ظروفه الصحية التي حالت دون أن يكمل مسيرته الروحية، وفي ذات الوقت تطرق مسامعنا هذه الأثناء أخبار محزنة عن تدهور صحة قداسة البطريرك مار أدي الثاني، (منحهم الله كليهما الصحة وطول العمر) ، وبهذا فقد أصبح منصب البطريرك في كلتا الكنيستين فعلياً شاغراً.

   في العقود الماضية سنحت الفرص عندما غاب أحد بطاركة الكنيستين، وما أن حدث ذلك حتى لجىء المخلصون على الفور إليكم يدعونكم للوحدة معلقين عليكم الآمال، وكلما أنعقد مجمعكم المقدس حبس الشعب أنفاسه منتظراً بشغف القرارات التي ستصدر عنه، ولكن! في كل مرة خاب ضنه،  وتبددت أحلامه، وذهبت آماله أدراج الرياح.

   تُرى ما هي المعوقات اليوم التي تحول دون أن ينعقد مجمع موحد لكلتا الكنيستين، يختاروا فيه بطريركاً جديداً يوحد الشقين؟ لا يوجد لاهوتياً وعقائدياً وتاريخياً ورعوياً وحتى عرقياً سبب واحد مقنع يجعلكم لا تُقدِمون على هذه الخطوة، إن كان هناك خلافات جانبية أخرى بين الأكليروس فهذا يحدث بين المطارنة والكهنة في كل من الكنيستين، حتى كادت تنشق كنائس جديدة من كلتيهما، أي ليس هناك من جديد سيطرأ عليكم، فبإمكانكم مواجهة وحلحلة الخلافات ومعالجتها وأنتم متوحدين في كنيسة واحدة، ووحدتكم حتما ستمنحكم المزيد من القوة والعزم والدعم.

أعزائنا أصحاب الغبطة الأجلاء:
    ليس أمراً صعباً مناله، ولا يحتاج الى الكثير من الجهد، فقط يحتاح الى "المحبة" هذه الصخرة القوية التي بنى عليها المسيح كل ركائز الأيمان وأنتم الأدرى.

   جربوا الوحدة! ألا تتوقون للتنعم بها؟ تذوقوا طعم الأنتصار وتأكدوا إنكم لن تخسروا شيء، ألن تشعروا بالفخر والغبطة وتعم الفرحة بينكم وأنتم تحققون رغبة السيد المسيح؟ ألن يزيد إقدامكم على هذا العمل من أحترامكم أمام أبناء الكنيستين، وأمام العالم أجمع؟ ألن تجعلكم هذه الخطوة خير قدوة للجميع؟  ترى ما هو أعظم من هذا لتحققوه وتدخلوا به التاريخ؟ ما الذي يمنعكم؟ إنها فرصة، وفرصة ثمينة جداً لم تحضى بها القيادات الروحية على مر الزمن، ربما لن تصادفكم مرة أخرى. أما إذا لم تكترثوا لها فثقوا أن مقامكم سيقل أمام أتباعكم وتهتز ثقتهم بكم حتى لو لم يبوحوا لكم بذلك علناً، وهكذا سوف تتأزم الأمور رويداً رويداً، وتضعف الكنيسة وتتشتت الرعية، بالنهاية عليكم أنتم وبحكم موقعكم تقع المسؤولية المباشرة.

   تأكدوا إنها ستكون خطوة تتباركون بها، لأنكم ستكونوا أول من عقد مجمع مقدس يحقق الوحدة بدلا من الفرقة طوال قرون عديدة مضت،  وبالتأكيد سوف تُشجع هذه التجربة لخُطى تالية جريئة صوب تحقيق الوحدة الشاملة مع باقي فروع كنيسة المشرق ( الكنيسة الكلدانية والكنيسة السريانية)، ليلتئم بعد زمن طويل جسد هذه الكنيسة العريقة وتعود الى سابق عهدها. 

14
الخوري عمانويل يوخنا، وحده لا شريكَ له!

سامي هاويل- سدني
3-8-2020

    حقيقة، وبعد أن كنت قد لبيت سابقا طلب الخوري عمانويل يوخنا في دعوته للحوار عن موضوع هذا المقال، لم أكن أرغب بالعودة أليه مجدداً، ولكنني أجد نفسي مضطراً للقيام بذلك، بعد أن أصبحت موضة إلصاق العبارات والألقاب السيئة والمهينة خطاباً يتبناه حضرته تجاه من يختلفون معه فيما يخص الأسم (آشورايا) وكاتب المقالة أحدهم.
   
 منذ ما يقارب عقد من السنين، وفي كل مناسبة او بدونها، لم يتوانى الخوري عمانويل يوخنا في أقتناص الفرص للأنقضاض باطلاً على كل آشوري يستخدم (آشورايا) للإشارة الى هويته وانتمائه القومي. ولا شك في أن يكون المتابع الكريم على بينة من الموقف الذي أتخذه الخوري عمانويل يوخنا والمعادي بشدة للأسم (آشورايا) ومستخدميه طوال هذه السنين ولحد اللحظة، لا بل بدأ يقوده إصراره وأمتعاضه الى الوقوع في مطب الخطأ التاريخي عندما يذكر أكثر من مرة في مداخلاته بأن (آثورايا) هو أسمنا الصحيح منذ سبعة آلاف سنة!.
 
  نعم! منذ سنين وهو مهندس هذه "الحرب المقدسة" بالنسبة له، وأخذ على عاتقه قيادتها ضد الأسم (آشورايا) وكل من يتداوله، وقد فتح من خلال مقالاته حواراً بهذا الخصوص، مما دفعني الى الدخول على الخط بمقالة كتبتها قبل حوالي ثلاثة سنوات (أدناه هو رابط المقالة) عندما لم أكن بنظره بعد من (المغضوب عليهم والظالين)، لكنه لم يحترم دعوته، فلم أتلقَ جواباً عليها، حيث أتخذ من مداخلة الزميل شوكت توسا على المقالة عذراً ليتجنب التعليق عليها ( أنظر الردود تحت المقالة)، تُرى كيف يكون الحوار إذاً!!. طوال كل  هذه السنين لم يقدم لنا سبباً واحداً مقنع يبرر امتعاضه ومعاداته للأسم (آشورايا). مجرد نراه يستنجد بتذكيرنا بما قد سمعناه من آبائنا وأجدادنا، وفي بعض الأحيان يحاول شد أنتباه القراء وكأنه يتنبأ الى أنه بأستخدام هذا الأسم سوف تقع كارثة قومية ما من بعدها ولا قبلها كارثة دون أن يوضح لنا كيف؟ وفي بعض الأحيان يستشهد بالكتب التاريخية والكنسية التي أعتمدت التسمية (آثورايا) وهي مستقاة من اللفظة الأجنبية لأسمنا القومي الأصيل (آشورايا) التي اطلقها علينا الغزاة، وعلى وجه الخصوص في الحقبة الأخمينية، وولاية "آثورا" التي أعلنوها وبحسب لفظهم لآشور.
 
 الملفت للأنتباه هو أن الخوري عمانويل يوخنا بينما كان يشكو ( وأنا أتفق معه) من الإساءة الموجهة إليه وغيره من الكتاب والنشطاء، في الخطابات المدججة بمصطلحات المنبطحين، والخونة، والمتسولين، والعملاء، وبائعي الذات ووو.... الى ما يمكن ان يصلح لقذف المختلف في الرأي، نجده للأسف يمارس نفس الطريقة للنيل من مستخدمي الأسم (آشورايا) حيث يصفهم بالجهلة، والأضحوكة، والمسيئين، وآشورايا يصفه بالأسم المقزز، والمشوه، والدخيل، وختمها بوصف مستخدميه بعبارته الشهيرة " صانعي شعب لقيط "!! بالنتيجة هذا يعني إن من يجعل من شعبه لقيطاً فهو أيضا لقيط!!، والأسوء ربما نسي أن المرحوم مار دنخا الرابع بطريرك كنيسة المشرق الآشورية التي ينتمي حضرته إليها لم تخلو رسائله الى رعياته في السنوات الأخيرة بمناسبات أعياد الميلاد والقيامة من وصفه أمتنا بـ ( أُومتان آشوريتا)!، وأخيراً قبل أيام قرأت في نهاية تعليق له يقول فيه أنه سيستمر في تنظيف وتطهيرصفحته في الفيسبوك من المسيئين والجهلة، وكأنهم بالنسبة له كومة قذارة بات ضروريا التخلص منهم!! تُرى أليست هذه أزدواجية صارخة؟.

  لنلقي نظرة على جانب من تمنطق حضرة الخوري عمانويل يوخنا بهذا الخصوص، حيث يقول بأنه لا مشكلة عنده أن تكون تسميتنا بالعربية (آشوريين) ولكن بالآشورية يجب أن تكون (أثورايي)، لست أدري إن كان بإمكانه أن يشرح لنا وبطريقة أكاديمية منطق العلاقة بين الحالتين بالأعتماد على التفسير اللغوي، لأنه وكما نعلم جميعاً، باللغة العربية هناك تسمية أخرى تطلق علينا وهي (آثوريين)، أليست هذه التسمية أقرب الى درجة انها تعتبر هي نفسها(آثورايي) باللغة الآشورية؟. فإذا لا يوجد له اية إشكالية من تسميتنا بالأثوريين أو الآشوريين باللغة العربية تُرى، ما الذي يثير حفيضته إذاً عندما نطلق على أنفسنا أسم (آشورايي)؟ أليست (آشوريون) بالعربية هي نفسها(آشورايي) بالآشورية كما هي الحالة بالنسبة لآثورايي وآثوريين؟ إن لم تكن كذلك فنحن بأنتظار شرحه مشكوراً.
 
 طالما أنهينا المقطع أعلاه حول تقارب الأسماء ومرادفاتها، يتحتم علينا التطرق الى أمر في غاية الأهمية، وهو المحاولة الدنيئة للحكومات العنصرية المتعاقبة على السلطة في العراق، والتي كرست جهدها لإقصاء المسألة القومية الآشورية وطمسها، حيث عملوا في بداية الأمر وبذكاء على أستخدام التسمية (آثوريين) بدلا من (آشوريين)، ومن ثم نجحوا في إلصاقها بطائفة واحدة من أبناء الشعب الآشوري، ليستغلوا بذلك الخلافات الطائفية لضرب المسألة القومية الآشورية وتأليب بقية الطوائف عليها، ربما يسأل سائل كيف؟ أنه واضح وضوح القمر المضيء في عتمة الليل لكل مهتم بالشأن القومي بأن خيرة رواد الفكر القومي الآشوري كانوا من المنتمين الى الطائفتين الكلدانية والسريانية، ولم يكن في حينها أية محاولات مذهبية طائفية رادعة لهم ، بينما نجد بعد أن تم إقصاء الآشورية بالآثورية ومن ثم إلصاقها بطائفة واحدة، بدأت طاحونة الصراع الطائفي العملاقة بالدوران ، وأصبح أبناء الطائفتين الكلدانية والسريانية ينظرون للتسمية (آثورايي) على أنها مرادفه لـ (نسطورنايي)، وفي بعض الأحيان تحولت الى (آثورنايي)، نعم لقد نجحت هذه الأنظمة الشمولية في إشعال فتيل الصراع الطائفي بين أبناء هذه الأمة، وجعلت من تسمية (آثوريين) شرارة لهذا الصراع، والآشورية وقودا له، ولا يسعنا هنا إلا ان نذكر بأن التراشق الطائفي بالعبارات المشينة والمسيئة قد مورس من الجانبين (النسطوري والكلداني) فتنامى الحقد والكراهية بينهم ووصلت في بعض الأحيان الى القطيعة التامة، كل هذا كان ولازال (ولو بدرجة أخف وبإطار أضيق اليوم) قائماً أمام مرأى ومسمع القائمين على كلتا الطائفتين وبأعلى مناصبهم، وللأسف الشديد فقد تفاعل بشكل كبير الشعب الذي كان يفتقر الى الوعي القومي والمعرفي حتى في شؤون المسيحية والتاريخية، وهكذا فوتنا الفرصة لنيل حقوقنا القومية كما يحدث اليوم، وكأنه تاريخ حقبة العشرينات والثلاثينات من القرن الماضي يعيد نفسه من جديد وعلى أكمل وجه. وأكاد أجزم بأن (أثورايا) بنظر الكثير من ابناء الطائفة الكلدانية تعني نسطورنايا ( كنيسة المشرق بشقيها الآشوري والقديمة). واليوم تتفضل حضرتك مصراً على تبني (آثورايا) وتمقت (آشورايا) وتسميه بالشعب اللقيط!! حسنا تفضل الآن لنناقش جذور الأسم (آشورايا) بحسب القليل جدا من المعطيات التاريخية.

  يقول الباحث الآشوري والمختص بشؤون الآثار واللغات الأستاذ آشور ملحم في أيضاح له حول تسمية المصطلح (السريانية)، أقتباس " لو رجعنا الى النصوص المسمارية القديمة بحدود ( 1800) قبل الميلاد كان الآشوريون يطلقون على أنفسهم (أششورايا) بتشديد الشين، وفي العصر الوسيط ( 1360-911) قبل الميلاد جاءت في ألواح مسمارية بهيئة (اشورايا) بتخفيف الشين، وفي العصر الحديث (911-612) قبل الميلاد وفيم بعد لفترة بصيغة (أششورايا) بتشديد الشين عودة الى التسمية الأولى " أنتهى الأقتباس.

  لنورد مثال آخر ومن داخل البيت القومي أيضاً، فقبل أربعة أو خمسة أعوام وفي إحدى محاضرات طالب الدكتواه حينها في علم الآثار واللغة المسمارية السيد زكا جيري، حيث قدم شرحاً أكاديمياً وافياً أمام المئات من الحضور، بأن الأسم الأصح هو (آشورايا) وليس (آثورايا)، وأوضح ذلك مشكورا بإشارته للفظ الأحرف في اللغة المسمارية التي عرضها على الشاشة. (وأؤكد هنا مرة اُخرى كما فعلت سابقاً بأنني لا أتحسس من أستخدام كلا الأسمين).

  والآن أتوجه للخوري عمانويل يوخنا وأتسائل، تفضل ووضح لنا بحسب تعبيرك كيف هو (آتورايا) أسمنا القومي لسبعة آلاف سنة، ويتم تشويهه اليوم بـأسم (آشورايا اللقيط)؟. وإن لم يكن لك ما تثبته فعليك تقديم الأعتذار (لكثيرين) لا أرغب في عدهم بالأسماء والألقاب،! وأستخدام مصطلح (اللقيط) عمل مقزز لا يليق أن يتداوله ناشط وضليع في الشؤون القومية كشخصك الكريم، وفي نفس الوقت ككاهن مسيحي بما تعنيه المسيحية من قيم ومعانٍ.

   رغم أن المقالة قد طالت بشكل كبير وربما يعزف الكثير من القراء عن قرائتها بشكل كامل، لكنني لن أنهيها قبل أن أتطرق الى أزدواجية مثيرة تتجلى في موقفك من مسالة التسميات.

   قرأت لك منذ فترة وأنت تتحدث عن لقاء جمعك مع اعضاء في قيادة المنظمة الأثورية الديمقراطية عام 2002 "إن لم تخنّي الذاكرة"، وتذكر أنكم قد تطرقتم الى مسالة تبني التسمية الثلاثية (الكلداني السرياني الآشوري) وبديت وكأنك ممتعض لأن الحركة الديمقراطية الاشورية سبقتك في تفعيل هذا الطرح بتنسيقها فيما بعد مع المنظمة الأثورية الديمقراطية لعقد مؤتمر قومي عام ( هذا بحسب ما أتذكره وأعتذر مقدما إن لم أكن دقيقا في نقله). والآن دعني أقول: رغم أن ذريعة جميعكم (البارزين من أحزاب وشخصيات) لخلق تسمية مركبة أو ثلاثية كانت أنكم إنما تحاولون أيجاد حل وسط لإنهاء مشكلة التسميات، ولكنني أشكك في ذلك، وأكاد أجزم أنه كان قراراً سياسياً بحتاً، الغاية منه حصاد أكبر عدد من الأصوات خلال اية أنتخابات مقبلة في عراق ما بعد صدام، وبهذا الفعل الشنيع أقصيتم القضية القومية الاشورية ومسيرتها التي صنعها روادها من المفكرين، وروتها دماء الشهداء لقرون من الزمان، وكلنا على يقين بأن غياب القضية الآشورية من الساحة السياسية العراقية وحراك احزابنا في (إطار ديني) ليس إلا نتيجة المتاجرة يهويتنا القومية في مؤتمر التسمية المنعقد أواخر تشرين الأول من عام 2003. تُرى هل من المعقول قد غاب عليكم بأن هذا الخلاف أساسه ليس تسموي، بل طائفي؟، وإن كان تسموي، فهل تعتقدون بأن طوال الخمسة قرون الماضية لم تُنجب هذه الأمة عاقلاً واحداً كان ليطرح تسمية مركبة وينهي الموضوع منذ زمن بعيد؟. أنظر اليوم كيف أصبحنا شعب بلا قضية بسبب قراركم اللامسؤول في الترويج للتسميات المختلقة، والمبني على المصالح الحزبية والشخصية والمؤسساتية. دعوني أبشركم اليوم، فقد أنجب ذلك المؤتمر المشؤوم مسوخاً مشوهة مبهمة لا يفهمها خلق الله من البشر، ولا يضاهيها مثيلا عبر التاريخ ( شعبنا، أمتنا، حقوقنا) تسميات مركبة وثلاثية ورباعية ودينية، من هو شعبكم أيها السادة؟ ومن هي أمتكم؟ وما هي حقوقكم؟. والمثير للدهشة هو بعد مرور سبعة عشرة سنة، لا وحدة تحققت، ولا هم يحزنون، بل على العكس، زادت الفرقة وأشتد الصراع بينكم انتم أصحاب هذه التسميات وغريميكم من متبني تسميات قومية مستحدثة وأصبح كالنار في الهشيم، والشعب يدفع الثمن، هل تعلم لماذا حضرة الخوري؟ لأن الناشطين الكلدان والسريان ادركوا جيدا بأن التسمية المركبة والثلاثية لم تكن إلا محاولة مطروحة في بازار السياسة لفرض نفوذ الأحزاب الاشورية القائمة على اعمال المؤتمر المذكور والضفر بأعلى عدد من الأصوات الأنتخابية، ولهذا تجد الصراع الدائر على الساحة هو بين هذه الأطراف على وجه الخصوص. ترى ما الضير لو كنتم قد أحترمتم أراء أبناء الكنيسة الكلدانية والسريانية وحافظتم أنتم على الهوية الآشورية وصنتم مسيرتها، وأقمتم بصدق جبهة أو أئتلاف أو تحالف بين هذه الأطراف يدعم فيه الجميع بعضهم بعضاً كونهم بالنهاية أخوة بالدم، ألم نكن قد نادينا بأعلى أصواتنا قبل أنعقاد المؤتمر المشؤوم متوسلين أن يتريثوا القائمين عليه  والمدعوين للمشاركة فيه حينها؟، ألم نقلها بأعلى أصواتنا أيها الأخوة إن هذا العمل ( أستخدام تسميات مركبة ) سوف يحولنا إما الى ثلاثة قوميات متعاقدة تربطها ببعضها شعرة، أو ثلاثة طوائف لتتحق بعدها وحدتهم في الإطار الديني المسيحي، وفي كلتا الحالتين سنخسر قضيتنا وحقنا التاريخي؟  ألا تتذكر كيف كانت تنهال علينا التهم الجاهزة عبر المنابر الإعلامية؟ ألا تتذكر كيف وصلت الوقاحة عند البعض من التيارات الآشورية ومسانديهم ليتهموا كل من تمسك بآشوريته بأنه عنصري ومتخلف؟، ألم تشهد كيف أستغل أعداء الماضي وأخوة مرحلة المؤتمر المشؤوم، ومن ثم أعداء اليوم بعضهم بعضاً وكل منهم يخطط لمشاريعه الحزبية على حساب القضية الآشورية؟، أين هي عناصر الوحدة بين كل متبني التسميات المركبة والثلاثية الذين باتت المسافة بينهم أميال؟. وأين المصلحة القومية المقدسة عندهم؟، ألا ترى كيف تجولون وتصولون على كافة المنابر السياسية والقومية بصفتكم الدينية المسيحية، وليس القومية؟ أين هو موقع القضية القومية الآشورية على الساحة السياسية؟ بعد كل هذه الأحداث الخطيرة ولسنين طويلة ولازلتم مصرين على المضي لتبني مسوخ ذلك المؤتمر المشؤوم رغم نتائجها السلبية!، بينما تنبري حضرتك وبدون أية أسباب وتوضيحات منطقية لتنسج خيوط زوبعة لأكثر من عشرة سنوات، وتصب جام غضبك وأستيائك على من يسمي نفسه وأمته (آشورايا وآشوريتا) ويتمسك بها؟ ( أليس هذا جرواً آخر تحاول أنت تربيته اليوم ليكبر ويصبح فيما بعد وحشاً كاسراً لا يمكن السيطرة عليه تماماً كما تفضلت أنت بوصفك هذا لتصرفات الآخرين في أمور أخرى؟)، أشرح لنا بحق السماء ما هذا المنطق الغريب والعجيب؟. أتمنى في قادم الأيام أن تتوقف عن إهانة من يحترمون ويعتزون بأسمهم القومي (آشورايا)  وتتوقف عن وصفهم بالجهلة والمسيئين والأضحوكة، ونعتهم بخالقي شعب "لقيط" (اي بما معناه لقطاء)، وتكف عن الأستماتة في خلق مشكلة لا وجود لها أساساً ، فهذا أمر مثير وغريب، إنك فعلا وحدك ولا شريك لك في هذا الصراع الذي تتعمد على خلقه بطريقة أو اُخرى.

رابط المقال تحت عنوان بعض الإجابات اليسيرة على أسئلة الخوري عمانويل يوخنا ، ولمسة خفيفة على مقاله الموسوم "لماذا أكتب، ولمن لا اكتب"
https://ankawa.com/forum/index.php/topic,855745.msg7549187.html#msg7549187
 

15
دواعش المسيحية ومسؤولية الأكليروس
سامي هاويل
سدني 15-3-2020
قبل الولوج في التفاصيل، ولكون عنوان المقال لربما سيدق ناقوس الإنذار عند البعض ممن حسب نفسه جند الله للتخندق والأستعداد لخوض معركة مقدسة لذا، أرى من الضرورة التوضيح ولو بشكل مقتضب. ما نقصده بتنسيب الصفة الداعشية لبعض المصنفين (مسيحيين) ليس جانب العنف والهمجية، بل التطرف الى درجة الغوص في دهاليز الهرطقة والأجتهادات والبدع، وما الى ذلك من روايات وقصص لا تمت الى حقيقة الأيمان المسيحي بصلة، لتصل الى مديات رفض وأستهجان المختلف الى درجة أكاد أجزم: لو كان في المسيحية أية دعوات للعنف والجهاد لما تردد هؤلاء للحظة من تطبيقها وممارستها كواجب مقدس بلا وازع من ضمير.

  لكي نتمكن من ايصال وتوضيح الفكرة قدر المستطاع سنُخرج عن دائرة الحديث المسيحيين بشكل عام، كونه ليس الهدف والغاية من هذا المقال، ومن جانب آخر سيكون موضوع كبير ومتشعب يقودنا الى الدخول في متاهات وتعقيدات من شأنها أن تُبعدنا عن موضوع المقال الأساسي الذي وددت الحديث عنه لذا، سيقتصر الموضوع بشكل أساسي على الشعب الآشوري بطوائفه المختلفة.

  عندما نتحدث عن المسيحية فلا بد لنا أن نفصل بين مَيّزتين تعتبران في غاية الأهمية، لأن دمجها معا يُوَلّد إشكالات وممارسات لطالما شوهت المفاهيم المسيحية في الكثير من الأحيان، وهذان العاملان الأساسيان هما ( التدَيّن و الأيمان ).

  ما يهمنا التركيز عليه بشكل كبير هو التديّن، لأنه مادة دسمة لخلق  الصراعات والخلافات والأجتهادات التي يمارسها بعض الأكليروس والعامة على حد سواء، ومن ثم الى أنشقاقات يكون الشعب وقودها الأساس، لتتحول الكنائس الى مؤسسات مجردة في عملها من الأيمان الحقيقي، تخوض في الكثير من الأحيان صراعات بين بعضها البعض وتتنافس على كسب أكبر عدد من الأعضاء الجدد لتوسيع حدود الرعية، ليصل الحال عند قسم من  رجال الدين الى القذف والتشهير ببعضهم البعض سواءً كان ذلك علانية أو بشكل مبطن، تتلقفه وتلتزم به الرعية التي لا تعي المسيحية بشكل كافٍ، وهكذا يتيه الفرد في زوبعة الصراع باحثا عن الخلاص الأبدي في مسارات هي بالحقيقة كومة عقد وتلال خرائب صراعات ومصالح وأحقاد تزكم روائحها الأنوف بات من الصعب تقويمها، لأن التَدَيّن يقود الى الجهل، ومن الطبيعي أن تولد الكراهية  أينما حل الجهل، فتنبت الأحقاد، ويتهاوى الأيمان مترنحا تحت وقعها، ويُفرغ من جوهره، وتحدث الفوضى لتشتت الخِراف في الظِلال مستعينة بثعالب جديدة في جلابيب وعّاظ متمرسين في الصيد بكلمات وعبارات معسولة يتلقاها المستمع كالبلسم لتوصله أحيانا حد الثمالة.

    في غمرة الصراع الذاتي يبدأ الفرد المتدين الذي يعتقد أنه مؤمن البحث عن ما يشفي قريحته ليتأكد أنه على الصِراط المستقيم، وهنا تنطلق جموع من ( كلاب الرعاة الأمينة ) لتلعب دورها في تأمين بقاء الرعية ( البقرة الحلوب ) في حدود الكتلة ( كنيسة كانت أم طائفة أو مجموعة )، وهم مصنفين الى مجاميع مختلفة، منهم من تربطه صلة القرابة على أشكالها برجل الدين أو الواعظ، ومنهم من أمست له كمهنة يرتزق منها، ومنهم من يقوده جهله ليمضي هائما في فضاء بدع وهرطقات وشعوذة لا يقبلها العقل والمنطق ولا الأيمان، هذه الممارسات ليست جديدة العهد، بل هي ظاهرة ضربت جذورها عميقة عبر قرون خلت، توارثت الأجيال منها قصص خيالية وأساطير فارغة محاطة بهالة الأيمان، معصومة لا يمكن مساسها خوفا من غضب الرب!!، هناك من القصص القديمة المنسبة الى قديسين أستخدمت لتدجين الرعية وتسهيل قيادتها وتوجيهها كقطيع خراف وديعة، ولو تمعنا جيدا فيها وطبقنا عليها معايير الأيمان المسيحي نجدها عبارة عن هرطقة بكل معنى الكلمة، فقصة السلطانة مهادوخت على سبيل المثال، التي قطعت رأسي اللصين الذين حاولا الدخول الى الكنيسة، ودمائهم التي يدعون أنها لازالت آثارها شاخصة هناك هي إحداها! نتسائل هنا هل هناك في تعاليم المسيحية ما يدعو الى هكذا عنف؟، لا بل يتغاضاها رجال الدين غاية في نفوسهم باعتبارها عاملا أساسيا في ترويض الرعية. نكتفي بهذا المثال من الماضي لأننا نود التركيز على البدع الجديدة التي يروج الكثير لها في حاضرنا اليوم. كم من المرات سمعنا عن ظهور العذراء مريم في بعض الكنائس؟ وبعض الأماكن العامة؟ وكم تصادفنا على مواقع التواصل الأجتماعي صور لغيوم متشابكة تشكل أشعة الشمس التي تتخللها صورة المسيح المصلوب أو ما يشبه ملامح وجه أنسان يدعون انه هو، أو ربما قديس آخر، وكم مرة سمعنا بأيقونات للعذراء تنهمر من عيونها الدموع أو الزيت؟ فيهرع جموع المتدينين الى هذه الأماكن لينالوا البركة أملا بالخلاص؟ ذات يوم وعلى صفحة الفيسبوك صادفني منشور لسيدة وهو عبارة عن صورة التمثال الضخم للسيد المسيح في البرازيل، وعلى ذراعه اليمين يظهر شخص متدندلا بحبال مظلته، وتحت الصورة تروي قصته وتقول: أن هذا الشخص قفز من الطائرة فتعطلت مظلته ولم تنفتح، ولكن الرب أراد إنقاذه، فبينما كان يتهاوى بسرعة فجأة تعلق بذراع الرب السيد المسيح، وهكذا أنقذه من الموت؟ فأنهالت الجموع "المؤمنة" تعلق بعبارات تمجيد الرب الى حد القرف، منهم من يكتب تبارك أسمه، ومنهم من يطول كلمة آمين الى بضعة سنتيمترات، أيعقل هذا الأستهتار والأستهانة بعقول الناس؟ أليس هذا تجني على التعاليم المسيحية؟ ومن ثم يأتي هؤلاء ليسخروا من داعية مسلم يحلل شرب بول البعير  ويروي قصص خرافية وخيالية، وفي نفس الوقت نرى هناك منهم من يشرب من زوائد كوب الشاي لرجل دين مسيحي كبير بالرتبة الكنسية، أو يتباركون بلمس جلبابه، حقيقة لا أجد أي فرقا بين الحالتين.

  هذه الممارسات كما أشرنا أعلاه ليست فقط مخالفة لتعاليم الأيمان المسيحي، بل هي تلعب دورا جوهريا في تحريفه ومن ثم تشويهه، وهنا لابد أن نوجه حديثنا الى الأكيروس في مختلف كنائسنا لكي يقوموا بواجبهم في التركيز على هذه البدع والشعوذات التي باتت تتعشعش في عقول أبناء رعيتهم، والتركيز في مواعظهم عليها بغية تنوير الرعية وقطع الطريق أمام كل ما هو خارج إطار الأيمان المسيحاني، بدلا من الوقوف على منصات المذبح والأسترسال بمواعظ مطولة عن أمور أقل أهمية. وليعلموا جيدا أن إهمالهم لها سوف يدفع رعيتهم الى البحث عنها في بازار التبشير خارج الكنائس الوطنية، يجر أحدهم الآخر الى أن تفرغ في نهاية المطاف.

16
مبروك للشعب الأرمني: أما نحن!

سامي هاويل-سدني
1-11-2019

مرة أخرى ولكن ليس كسابقاتها، أعلنت اقوى دول العالم أعترافها بمذابح الأرمن.
مبروك للشعب الأرمني لأنهم تمكنوا من تحقيق لحمتهم القومية.
مبروك للأرمن لأنهم لم يتركوا مجالاً لصراع طائفي يهدد قضيتهم.
مبروك للأرمن لأنهم لم يتركوا مجالاً لذليل بينهم يتاجر بقضيتهم.
مبروك للأرمن لأنهم رسموا خطوطهم الحمراء وألتزموا بها.

أما نحن!

فلازالت ارواح الأطفال المذبوحين تجول وتلعب في تلك الحقول والبساتين التي لم يشبعوا من اللهو فيها، وقهقهاتهم تملأ تلك السهول والوديان المهجورة ليعود إليهم صداها ويختفي بعد حين، ويحل الصمت الشديد ليخيفهم، فتقودهم الذاكرة الى تلك اللحظات المرعبة التي لم يكونوا قد فهموا بعد أنها كانت مراسيم قتل أمة بريئة لم تقترف ذنباً ألا ما قدمته للبشرية من علوم ومعرفة في معظم المجالات!!.


ولازالت أرواح البتولات باقية على الأرض تئن في طرقات الموت التي سُلِبت فيها عذريتهن بهمجية دواعش الأمس، فكبريائهن لم يسمح لهن الرحيل، فقد أعلنّ عصيانهن على إرادة السماء، ينتظرن بأمل من ينصفهن.

ولازال ذلك المقاتل الشجاع يقف بصمت وينظر بحسرة، وقد أغرقت الدموع عيناه، متيقناً بان لا البشر ولا الزمن ولا عدالة السماء قد أنصفوه. 

ومازال ساستنا يتخبطون في فراغ دخلوه بمحض إرادتهم، تمخضوا فيه فولدوا مسخاً شديد البؤس والتشوه، وتركوه للمختصين والباحثين لتجميله في المستقبل.
ومازالوا يصرون على محو هويتنا الآشورية ببدعٍ لم يألفها تاريخ البشرية.
ومازالوا يراهنون على سذاجة الكثيرين من الآشوريين الطيبين لتمرير أجنداتهم ومشاريعهم الخاصة.

ومازالت جموع مناصريهم لا يعرفون الفرق بين (الألتزام والولاء).

ومازالت جموع الطائفيين يفتخرون قابعين في شرنقتهم الملونة، يحاولون ترقيعها وتحويرها ليخلقوا منها قضية شعب وأمة، فتبرر خنوعهم وإرادتهم المسلوبة.

ومازالت طوائفنا مشتتة، ورجالها يبرعون في خطابات الوحدة المزيفة.
ومازالوا يستمدون قوِّتهم ويغذونها من أشلاء أمة مزقتها صراعات أسلافهم.

ومازال جمع كبير من الشعب الآشوري بكل طوائفه  يبحث عن الفردوس بين عبارات مواعض كاهن ينتعل الجهل ويمتهن الكذب والنفاق.
ومازال هذا الجمع يتلذذ بالعبودية التي يعتقد أنها أيمان!، ففاقد البصيرة لا يمكن أن يعرف طريق الأيمان، بل سيبقى هائما في بحر ظلمات الأنانية والحقد الذي يُقاد إليه، ليجد نفسه في خندقٍ بمواجهة أخيه في الخندق المقابل.
كم يشبه حاضرنا واقع العراق اليوم ولكن بدون أن يكون لنا جيل يقهر الموت وينتفض على الظلم والعبودية, فهل سنمتلك ذلك يوماً؟ ومتى سنتعظ؟

17
جمهورية العراق: حكومة فاسدة، ومنظومة إعلامية بلا حياء
سامي هاويل-- سدني
9-10-2019

 لا يختلف سويان على اعتبار تعامل الحكومة العراقية من خلال أجهزتها الأمنية مع المتظاهيرن العزل تصعيداً خطيراً أثبت عدم أهليتها، وربما سيقود البلاد الى حرب أهلية، تعصف بغالبية مدنها خاصة بعدما برزت للملأ تصريحات "بعض" رجال الدين الطائفيين معلنين من على منابرهم تأييدهم لحكومة عادل عبد المهدي، ولكون الحقد والكراهية تتقطر من مجمل مسامات اجسادهم، فلم يتمكنوا من إخفاء فرزهم الطائفي، وعدائهم للمتظاهرين بأعتبارهم يشكلون تهديدا لنفوذ بعض التيارات الدينية الشيعية الموالية لنهجهم الخالي من روح الأنتماء الى الوطن الواحد، حيث وصف احدهم ما حصلت عليه هذه الأحزاب والتيارات من أمتيازات "بالغنائم"، متناسين بأن المظاهرات أنطلقت من المدن التي يسكنها غالبية من أبناء المذهب الشيعي.
   
  لا تكاد تفارق مخيلتنا تلك المشاهد الرهيبة التي سقط فيها على مدار الأيام القليلة الماضية ما يفوق المائة شهيد وآلاف الجرحى جلهم من فئة الشباب بعمر الزهور، بعملية قنص مبرمجة قام بها مجهولون تتضارب الأنباء لحد الآن عن أنتماءاتهم ونواياهم، ربما الأيام القادمة ستكون كفيلة بكشف الحقائق على الملأ.

  لم تكن استجابة الحكومة بسلطتيها التشريعية والتنفيذية إلا دليلاً قاطعاً على فسادها كالتي سبقتها، ففي الأيام القليلة الماضية أنهالت حزمة تلو الأخرى من الإجراءات والقرارات والوعود، منها توزيع قطع الأراضي، وتجميد العمل بقوانين تمنح الحق لأشخاص بأستلام أكثر من راتب، ومنظومات الطاقة الشمسية، وفتح مجال تسجيل الشركات للشباب، وتوفير سيارات خاصة بصناعة الأكلات الجاهزة والمرطبات، وقروض بفوائد رمزية، ومنح شهرية لطلبة المدارس، وغيرها الكثير من القرارات الأخرى التي لا يسع الوقت لذكرها في هذا المقال، وهنا يفرض السؤال نفسه! إذا كان بإمكان الحكومة أتخاذ هكذا قرارات في غضون  ساعات وأيام قلائل، فلماذا لم تفعل ذلك طوال الفترة الماضية؟ إن هذا التصرف يقود الى أستنتاجين: إما الحكومة تذكب، وهذه القرارات مجرد محاولة لأمتصاص غضب الجماهير، أو أنها فاسدة ولا يهم القائمين عليها سوى تسخير مناصبهم لتحقيق غاياتهم الشخصية وتمرير مشاريع مفروضة عليهم من جهات خارجية، وبرأيي أرجح الأحتمال الثاني، لأن بلد غني جداً كالعراق يمكن إصلاح الخراب الذي حل عليه خلال ثلاثة أو أربعة سنوات على أكثر تقدير، اذا كانت له حكومة كفوءة ونزيهة تكون بقدر المسؤولية الموكلة إليها.

  قبل الأنتقال الى ساحة الإعلام لا بد من الإشارة الى أدعاء الحكومة على لسان قادتها بأن المظاهرات مخترقة ؟ لنفرض جدلاً بأنها مخترقة، فكم هي نسبة الذين أخترقوها؟ وهل تمكنتم من تحديد هوياتهم أو على الأقل توجهاتهم؟ أيها السادة! إذا كانت هناك جهات مخترقة فهي أجهزتكم الأمنية، وإلا فكيف يتم قنص المتظاهرين بهذا الشكل المرعب ولمدة أيام متتالية دون أن تعلنوا عن إلقاء القبض على أي من هؤلاء المجرمين!!.

  بالعودة الى الأحداث الدامية في الأيام القليلة الماضية، وما شابها من قتل عمد  وأعتقالات بالجملة وأعتداء على المواطنين والجهات الإعلامية القليلة جداً التي حاولت تغطية الوقائع على حدٍ سواء،  فالغالبية القصوى من وسائل الإعلام، وخاصة عشرات القنوات التلفازية والفضائيات التي لطالما تغنت بانتهاء عصر الأستبداد وحلول الديمقراطية والحيادية وحرية التعبير قد غابت عن الساحة، مبرهنة بذلك أنها ليست إلا أبواق نشاز لأولياء نعمتها من المتنفذين في الحكومة، وبذلك سقطت عنها ورقة التوت، وكشفت حقيقتها أمام الشعب العراقي فاقدة مصداقيتها بالكامل بعد أن خانت الأمانة المهنية، لا بل بعدم تغطيتها المباشرة لأحداث المظاهرات تعتبر مشاركة في إخفاء الحقيقة عندما تركت المتظاهرين العزل فريسة لحفنة من القتلة المأجورين ليقنصوا رؤوسهم وصدورهم.

  اليوم ما على الحكومة أن تعيه جيداً هو، (الشهيد لا يسقط إلا على يد عدو) وبما أنها اعلنت "مشكورة" الذين تم أغتيالهم في التظاهر شهداء، فقبل أن تقوم بإطلاق حزمة قراراتها وأمتيازاتها، يجب عليها الوقوف الفوري على حقيقة القتل العمد والممنهج التي راح ضحيتها كما ذكرنا سلفاً ما يفوق المئة شهيد وآلاف الجرحى، والكشف عن هوية المجرمين والجهات التي وقفت ورائهم ، قبل أن تخرج الأمور عن سيطرتها لتقود بالنهاية الى رغبة في الأنتقام، ومن ثم الى حرب أهلية دامية لا تحمد عقباها، من شأنها أن تضع العراق على شفير الهاوية، ومن ثم تقدم أستقالتها لأنها لم تتمكن من حماية مواطنيها الذين مارسوا حقهم الدستوري في التظاهر من أجل أبسط حقوق المواطنة، وتسلم زمام الأمور الى قادة من الجيش ممن أثبتوا كفائتهم  ولائهم وإخلاصهم لوطنهم من أمثال الجنرال عبد الوهاب الساعدي، كمرحلة أنتقالية يحدد بعدها موعد لأنتخابات عامة بإشراف أممي.

  لتكن هذه الأيام عبرة لكافة أبناء العراق، لكي يفكروا ملياً قبل الإدلاء بأصواتهم في الأنتخابات، فلا الولاء الطائفي يخدمهم، ولا التحزب يُضَمد جراحهم، ولن يصون كرامتهم رجال الدين الطائفيين أياً كان أنتمائهم، فالتجارب أثبتت بأن العيش الرغيد لن يتحقق في أي بلد يقوده فكر طائفي ويستأثر بمقدراته ذيول تابعة له. فحكومة مدنية ذات ولاء وطني تعتمد على الكفاءات كفيلة في تحقيق كل أماني الشعب العراقي وهي التي ستؤمن مستقبل أبناءه وأجياله القادمة.
[/size][/color]     

18
الآشوريون وتحديات المرحلة، والخَيار المصيري
قراءة وحلول
(الجزء الثاني)


سامي هاويل
سدني/ 28- 5- 2018


   
   إشارةً الى خاتمة الجزء الأول وفي معرض حديثنا فيه عن أهم الأسباب التي حالت دون تحقيق منظومة قومية قادرة على تمثيل القضية الآشورية ، والتي قادت الى تدني الأوضاع  لتصل الى عزوف الشعب الآشوري عن التفاعل مع الأحداث والمستجدات على الساحة القومية السياسية، فإلى جانب تلك الأسباب لابد لنا من الإشارة الى بعض النخب القومية التي لعبت دوراً مشيناً طوال العقدين الماضيين، خاصة ذوي الأقلام الملونة والذين كان قسماً منهم يتربعون على عرش الكتابة في الشأن القومي ونشر الوعي بين صفوف الآشوريين . هذه النخبة التي بدلاً من أن تكون لسان حال الشعب الآشوري، تمارس دور الحارس الأمين على المصلحة والثوابت القومية، وتعمل من أجل تشخيص العلل والأخطاء في المسيرة القومية السياسية والأتيان بالمقترحات والحلول المناسبة، أنزلقت هي الأخرى الى درك خلافات التيارات السياسية لتكون طرفاً في الصراع، وبدأ العديد من أصحاب الأقلام البارزة بفقدان مصداقيتهم، خاصة عندما لم يكتفوا بمؤازرة تيار قومي ضد آخر فحسب، بل وصل بهم الحال الى قبول التلاعب بمقدسات الأمة الآشورية ومحاولة ذر الرماد في عيون الشعب الآشوري من خلال تسويق أعذار لشرعنة هذه الظاهرة الخطيرة، وبذلك تمكنوا من تمويه عدد لا يستهان به من الآشوريين ليتقبلوا البدعة الجديدة تحت ذريعة تحقيق الوحدة القومية!!، لا بل تجرأ قسم منهم الى تنسيب من كان يتمسك بجلوده الآشورية الى فصيلة العنصرية وضيق الأفق. هكذا قادت تصرفاتهم  الى خلق جو من الضبابية والضياع داخل البيت القومي، وشرعت الأبواب على مصراعيها لمن كان يتحين الفرص لنفث سمومه داخل المسيرة القومية سواءً كان طائفياً أو عشائرياً، وأُتيحت الفرصة لأيادٍ من خارج البيت القومي لتغدي هذه الصراعات والهيمنة على السلطة والقرار الاشوري، وها نحن اليوم ندفع ثمن هذه الممارسات غالياً.

  مجمل ما تطرقنا إليه أفرز حالة من النفور في الشارع الاشوري، واصبح من الصعب جدا تعبئة الجماهير لتبني أي مشروع قومي حقيقي، كما أنها عكست صورة سيئة جدا لدى الشركاء والخصوم السياسيين في العراق، مما أفقدنا فرصة إقامة أية تحالفات من شأنها أن تنقذ ما تبقى لنا من وجود على أرض الوطن، وتحفظ حقوقنا الوطنية كمواطنين من الدرجة الأولى على أقل تقدير.

توقعات للمرحلة المقبلة:

 
  بعد أن مُنِيت وللأسف تياراتنا السياسية على الساحة العراقية بخسائر كبيرة، وفشلت في تبني وطرح أي مشروع قومي مدروس للمناقشة والعمل من أجل تحقيقه، وخسرت رصيدها القومي والسياسي إثر فشلها في حماية مقاعدها "المسيحية" التي كانت تمكنها من المشاركة في العملية السياسية، لابد لها أن تتحرك بشكل أو بآخر لإعادة أعتبارها في الشارع الآشوري وعلى الساحة السياسية العراقية على حدٍ سواء، وعليه سوف نشهد في الفترة المقبلة بعض التجاذبات والأصطفافات والتراصفات مشابهة بالشكل ومتطابقة بالمضمون مع تجمع التنظيمات السياسية الذي تشكل حفاضاً على ماء الوجه على إثر مذبحة كنيسة سيدة النجاة عام 2010. هذا الحراك حتماً سوف يتخطى حدود العراق وسوريا ليطرق أبواب المهجر الآشوري، وسنشهد أجتماعات ولقاءات وربما مؤتمرات أيضاً بهذا الخصوص، وهنا لا بد لنا أن نقول لكافة أبناء الشعب الآشوري " حذارِ! ومن ثم حذارٍ من مغبة الوقوع من جديد كما حصل سابقاً ضحية العواطف القومية التي تهيجها الخطابات التي تحاكي العاطفة يتخللها شعارات رنانة "، لأن ذلك سيؤدي الى تحطيم كل الآمال في الشعب الآشوري ويقود الى المزيد من التشتت والضياع، وسينعكس بشكل مأساوي على فئة الشباب ويدفعهم بعيداً عن مجمل القضايا القومية ليخلق حالة من القطيعة لا يمكن معالجتها في هذه المرحلة على الإطلاق.

مقترحات وحلول:

   عندما نرغب مناقشة الحلول في الشان القومي لابد أن تتصدر الوحدة في المقدمة، ولكي تكون حقيقية، علينا أن نعي ما هي الوحدة المقصودة وكيف تكتمل، الوحدة القومية ليست عبارة عن عملية مثول تيارات قومية سياسية على طاولة مستديرة يتمخض منها محضر أجتماع وبيان بشأن مسالة معينة تخص القضية القومية، والوحدة القومية ليست مؤتمر يعقد هنا وهناك يُختتم بقرارات وتوصيات آنية غير مدروسة بشكل دقيق، تتأثر بالواقع ولا ترتقي الى مستوى الطموح القومي المشروع، والوحدة القومية ليست عملية ترقيع ثقوب أحدثتها الخلافات الطائفية منذ عقود خلت، والوحدة القومية ليست بتلك السذاجة التي تعني صهر وتذويب جميع الأحزاب والتيارات القومية وإعادة قولبتها في هيكل واحد، والوحدة القومية لا تتحقق بكنس العقبات وإخفائها تحت البساط من خلال أستخدام مصطلحات مبهمة مثل (شعبنا، أمتنا، مسيحيتنا، كلدوآشوريين،كلدوآشوريين سريان، كلدان سريان آشوريين، آراميين، سركلدوشيين!)، فهذه الممارسة لن تحقق الوحدة أبداً، بل هي مجرد تأجيل لعُقَد وخلافات سوف تستفحل أكثر وأكثر يوماً بعد يوم، وقد أثبتت الخمسة عشرة سنة الماضية صحة ما نذهب إليه، ولا حاجة لينبري أحدهم يتشدق بأعذار واهية في محاولة لتسويف هذه الحقيقة وتمريرها على الفرد الآشوري، إن هذه الممارسات لحد هذه اللحظة أجهضت القضية القومية وشلًت مسيرتها ولم يستفد منها إلا الذين يبحثون عن مكاسب طائفية وحزبية وشخصية بين أنقاض حطام البيت الآشوري.

   الوحدة الحقيقية تتمثل في وحدة الفكر القومي الآشوري، ووحدة الرؤى المبنية عليه لكل ما يمت بصلة للآشورية كهوية ووجود وحق وكيان وقضية ومسيرة، نعم الآشورية ليست تسمية يمكننا الأستغناء عنها أو صفها في مقام التسميات، لأن الآشورية ليست أنتماء عرقي فحسب، بل تعدت ذلك لتصل الى الأنتماء الوطني لأمة وحضارة ودولة كاملة بكل مفاصلها في التاريخ القديم، أنضوت تحت لوئها قوميات وملل مختلفة، والآشورية في العصر الحديث هي هوية لمسيرة أنطلقت قبل أكثر من قرن ونصف، وتكللت بدماء آلاف الشهداء، وأصبحت راية وقِبلة لكل الحركات والنضالات القومية، والآشورية كانت العنوان العريض والصريح لكل مناضلينا وأدبائنا وروادنا القوميين من مختلف طوائفنا الكنسية طوال فترة المائة والخمسين سنة الماضية، والآشورية ليست وليدة عقد من السنين، بل هي عنوان وهوية  لقضية شعب منكوب نوقِشت  في محافل عالمية متعددة، وأقرّت بها جهات دولية عديدة، وعليه لا يمكننا اليوم أن نمارس عملية سلخها من كل صفاتها وخصوصياتها التي ذكرناها أعلاه لنجعل منها مادة للتفاوض عليها، وهل يمكن لشعب أن يتفاوض على هويته القومية؟؟. كل ما أوردناه أعلاه يؤكد بشكل لا يقبل الشك والتأويل على أن الآشورية تتربع على قمة ثوابتنا القومية، وهي أحد الخطوط الحمر التي لا يجوز عبورها. وقد ألتمسنا تبعات المساومة عليها خلال الخمسة عشرة سنة الماضية ولازلنا نعاني من عواقب تلك الممارسة لحد اللحظة.

   بالأستناد على الآشورية كهوية قومية شاملة لشعب له ارضه التاريخية وخصوصية قومية تتمثل  باللغة والتراث والنضالات والتضحيات وإرث تاريخي وأدبي حافل، ويتمتع بكل مقومات الأمم الحية، ويمنحه كل الحق للمطالبة والدفاع عن حقوقه المشروعة إسوة بباقي شعوب المعمورة، عليه يجب أن يُعاد صياغة الخطاب القومي الآشوري الذي حتماً سيحدد المباديء الأساسية كمعايير قومية ثابتة، وعلى أساس هذا الخطاب يتم وضع المشروع القومي الآشوري، ودراسة كل السبل لوضع أستراتيجية قومية وخطة عمل مدروسة وشاملة تغطي كافة السبل والوسائل التي تضمن النجاح  للسير نحو الأهداف القومية المرسومة، الى جانب الفعاليات والنشاطات داخل البيت الآشوري التي من شأنها أن تعمل على رفع وعي الفرد الآشوري وإدراكه لواقعه وقضيته وحقوقه وتشبثه بهويته وخصوصيته القومية، تلعب فيها كافة الجهات والتيارات القومية دورها المحدد ضمن خصوصيتها سواءً كانت مؤسسات شبابية أو ثقافية أو منظمات مجتمع مدني تتمتع بأستقلالية القرار من غير أن تكون خاضعة لوصاية أية جهة أخرى داخل البيت القومي، الى جانب المؤسسات الكنسية والمنظمات والأحزاب السياسية وأفراد مستقلين من ذوي القدرة والأهتمام، كل ما ذكرناه لن يكتمل إلا من خلال التهيئة لوضع برنامج على هذا الأساس، ومن ثم العمل لعقد مؤتمر قومي شامل تدعى إليه كافة الجهات القومية الى جانب الشخصيات الآشورية البارزة ذات الشأن والمكانة والأختصاص، وأؤكد على ضرورة إشراك مستشارين من خارج البيت القومي من ذوي الدراية والأختصاص بالشؤون الدولية في بعض جلسات المؤتمر.

    إذا ما تمكنّا من تحقيق ذلك، حينها يمكننا القول بأننا وضعنا خطوات صحيحة في المسار الصائب، وسنشهد تفاعل أيجابي مع القضية الآشورية من مختلف الأطراف، محلياً وأقليميا ودولياً ، لأننا سنظهر كشعب له حق تشرعنه المواثيق الدولية، وخطاب صريح ومفهوم، ومشروع يحمل في ثناياه أهداف واضحة، وآلية عمل جاهزة، ليس كما نحن اليوم شعب متمثل بهوية دينية، ذات ملامح قومية مشوهة، يعتمد على أجتهادات شخصية لبعض رجال الدين والسياسة، ليس له خطاب موحد، ولا مشروع جدير بالأهتمام ولا يتبنى أهداف معلنة، يتمايل في مطاليبه وأدائه بشكل آني وهزيل وفق معطيات وإفرازات الأحداث على الساحة السياسية.

أدناه هو رابط الجزء الأول:
http://www.ankawa.com/forum/index.php?topic=877301.0

19
الآشوريون وتحديات المرحلة، والخَيار المصيري
قراءة وحلول
(الجزء الأول)


سامي هاويل
سدني/ 26- 5- 2018


 
دروس وعبر لا يمكننا إغفالها، ليست مسطرة في كتب التاريخ نقرأها بتفاصيلها المعقدة أحياناً، بحيث تجعلنا نشكك في مصداقية بعضها، بل هي حقيقة ماثلة أمامنا، واكبتنا منذ سبعة وعشرين سنة، ولازالت تُغيّم علينا وتحيق بنا من كل صوب وحدب، تَبِعاتها وإفرازاتها لم تمزق نسيجنا القومي فحسب، بل هددت وجودنا كأمة بعِرقها وحقوقها وتضحياتها ومسيرتها وقضيتها، ووضعتها في مهب الريح.

  في خضم كل هذه المؤشرات الخطيرة والمعاناة الكبيرة التي تهدد كياننا وخصوصيتنا، لا زال الفرد الآشوري يقبع في شرنقته مترنحاً تحت عبىء الولاء  والعبودية للعشيرة والأفراد والمؤسسات، وبات جلده أثخن من أن تنبهه الوخزات القاتلة، وجمجمته أقوى من أن تخترقها الحقائق الصارخة التي تطرقها بشدة، لتوقضه من سبات التخدير الذي حقنه في جسمه المنتفعين القائمين على مقدرات الأمة الآشورية، إنها مأساة بحق وحقيقة، ومؤشر خطير جداً يقف على عتبة النخبة من القوميين ليتحركوا اليوم قبل فوات الأوان، لا يمكن أنتظار معجزة! فالمعجزات يصنعها الغيارى فقط، رغم أن واقعنا لا يحتاج الى صنع المعجزات، بل الى القليل من الحراك المنتظم لإعادة ترتيب البيت القومي.

قراءة:

  ساًعزف عن الولوج في بعض التفاصيل الدقيقة تجنباً للإطالة، لكون الخطوط العريضة ستفي بالغرض لمن يرغب أن يولي أهتماماً، مرحلة السبعة وعشرين سنة الماضية كافية لتضعنا أمام حقائق تُلاقي في طبيعتها ونتائجها مثيلاتها التي سبقتها.

  في ربيع عام 1991 كانت الأنطلاقة الأولى للعمل القومي الآشوري بشكل علني على الساحة في العراق منذ نكبة سميل، حيث كان الشعب الآشوري متعطش لهكذا فرصة لذا تفاعل معها بشكل سريع وفعال، لكن مصدر تفاعله كان عاطفته وليس فهمه وإدراكه لقضيته، وبما أن العمل كان يفتقر الى المشروع القومي الحقيقي، لذا أصبح محصوراً في رؤى  النخب من أبناء جيل النهضة القومية( إذا صح التعبير)  التي أفرزتها زيارة البطريرك الشهيد مار أيشاي شمعون وأعقبه زيارة الشهيد مالك ياقو في مطلع السبعينات من القرن الماضي. حيث برزت نشاطاتهم ( أي النخب القومية) في النادي الثقافي الآثوري في مجال الأدب والثقافة القومية وبعدها تكللت بتكتلات شبابية تمخضت عنها ولادة تيارات سياسية كالحزب الوطني الآشوري وغيره من التكتلات والتجمعات القومية، ولا شك بأن الحركة الديمقراطية الآشورية كانت أبرزها، وهي الوحيدة التي أخذت قرار الكفاح المسلح، وعلى إثر نشاطها البارز ألقت أجهزة الأمن القمعية القبض على أبرز قياداتها في الداخل ونال مؤسسيها يوسب ويوبرت ويوخنا أكليل الشهادة في 3-2-1985. فنالت رضى الشارع القومي وأستقطبت إليها غالبية الشعب الآشوري بكافة أطيافه الذي منحها ثقته الكاملة وولائه لها، ليس على أرض الوطن فحسب، لكن في عموم المهجر أيضا ليصل الأمر الى مبايعتها من قبل الأحزاب والمؤسسات الآشورية المهجرية، وذلك لعب دورا سلبياً جدا في أداء الحركة، كونهم بدلا من أن يلعبوا دور الداعم والرقيب لعملها قاموا بتأليهها وجعلها قبلتهم التي يحجون إليها مما عكس صورة ضعيفة لمؤسسات المهجر أمام قيادات الحركة وأثبتوا بذلك ( أي مؤسسات المهجر)  بأنهم يستمدون شرعيتهم من تقاربهم منها، مما جردهم من شرعية تقويم الأخطاء في أدائها على الساحة، وهكذا بدات تطفو على السطح إرهاصات وعثرات وأدَتَ العمل الجماعي القائد نحو الهدف الواحد.

  الحركة من جانبها ولحاجتها الماسة لدعم المهجر الآشوري، وبالأعتماد على مواقف مؤسسات المهجر الضعيف، بدأت بالتغلغل في صفوفه بالصورة التي يخدمها كتنظيم، حيث بدأت تبرز تحالفات كان أولها بين الحركة الديمقراطية الآشورية والمنظمة الديمقراطية الآثورية وحزب بيت نهرين الديمقراطي/عراق المنشق من التيار الذي كان يقوده الدكتور سركون داديشو والذراع السياسي للأتحاد الآشوري العالمي، حيث تم توضيف هذا الأئتلاف لخدمة الحركة مادياً وجماهيرياً لحين أنتهاء فترة الأستفادة منه، ثم أُطلقت رصاصة الرحمة عليه لينتهي، وتنتهي معه آمال الكثيرين من الآشوريين التواقين لرؤية عمل جماعي حقيقي، ثم شهدت الفترة من بعده تجاذبات وتحالفات بين بعض الأطراف الآشورية، حيث بدت بعض التيارات الآشورية مهرولة لكسب رضا قيادة الحركة توقاً لكسب الشرعية في صراعها المؤسساتي المهجري مع بقية الأطراف الآشورية، بينما ظلت قيادة الحركة طيلة هذه السنين توضف من يتقارب معها لتحقيق غاياتها ومن ثم طرحه جانباً والأستعانة بغيره ممن كان ينتظر في الطابور.

  لقد قادت هذه الممارسات الى قتل آمال الفرد الآشوري في إمكانية إقامة جبهة قومية عريضة تحمل مشروعا قوميا يمكن أن يقود الى إعادة تفعيل القضية من جديد وطرحها بالشكل الذي يليق بها لاسيما على الساحة العراقية التي كانت ولازالت تشهد تغييراً كبيراً ، وإعادة ترتيب البيت القومي الآشوري بشكل عام وتفعيل قضيته بشكل أوسع تمهيداً لتدويلها بالأعتماد على الحق القومي الذي شرعته المواثيق الدولية وتدعمه معطيات المرحلة.

  لست هنا في معرض إلقاء اللوم على هذا الطرف أو ذاك، ولكنني أحاول الوقوف على بعض الحقائق لكشف مكامن الخلل والتي برأيي لا تحتاج الى الكثير من الجهد، حيث يمكننا أن نختصرها في شحة الوعي القومي في عموم الشعب الآشوري عدا قلة قليلة، وغياب الخطاب القومي الآشوري الشامل والكامل، والأستعانة بدلا عنه بخطابات وأجتهادات فردية تتفاوت بين مؤسسة وأخرى بحسب طبيعة وموقع عملها والتأثيرات الداخلية والخارجية عليها، مما أدى الى غياب الرؤى الرصينة لوضع المشروع القومي الآشوري الشامل، هكذا أستفحلت الصراعات بين مؤسساتنا القومية وتم تدمير الجسور بين بعضها لتصل الى درجة القطيعة التامة، ولم يسلم الفرد الآشوري لاسيما المتعاطف مع تلك التيارات حيث خاض ويخوض الكثير من الآشوريين صراعات مقيتة موالية لجهة ومعادية لأخرى مستعينين في بعض الأحيان بارخص اللألفاظ والأساليب التي لا تتلاقى مع الخُلق القومي والمباديء الأنسانية، وقد أفرز ذلك حالة من الإحباط الشديد في الشارع القومي، وإعطاء مساحة لا بأس بها لبعض الطائفيين والمنتفعين أستغلوها لترسيخ مفاهيم تؤدي الى تفعيل دور الصراع الطائفي وخوض غمار معركته تحت غطاء عملية أستحداث القوميات بالأعتماد على غياب الوعي القومي في الوسط الآشوري كما ذكرنا أعلاه، وتأثير دور رجال الدين وموقعهم على عواطف البسطاء، وضعف التيارات السياسية الآشورية العاملة. مما أرغم الأخيرة الى الرضوخ للواقع ومحاولة توضيفه لمصالحهم المؤسساتية، حتى وصلت بهم الأمور الى القفز من على كل الخطوط الحمراء بوضع مقدساتنا وثوابتنا القومية على طاولة التفاوض، بذريعة تحقيق الوحدة، وفي مقدمتها  "آشوريتنا" بدأً بالمؤتمر المشؤوم المنعقد في 22-10-2003، منذ ذلك التاريخ أمضى نجم القضية الآشورية بالأفول، وتم تغييبها من المسرح السياسي في العراق، وأنتقلت العدوى الى الجانب السوري فكانت المنظمة الديمقراطية الأثورية الرائدة في تسويق هذا المشروع كونها العضو البارز الى جانب الحركة الديمقراطية الآشورية في اللجنة التمهيدية لعقد المؤتمر المذكور، فيما تسارعت غالبية التنظيمات السياسية والمؤسسات القومية وكافة طوائفنا دون أستثناء الى هذا المهرجان المقيت ليشتركوا جميعهم في تبني ولادة المسخ الذي قادنا اليوم ليكون تمثيلنا ديني مسيحي لا قومي آشوري، هكذا بات الشعب الآشوري بندب حظه العاثر، بينما نحيب سياسيينا المقرف بات موضوع الساعة بعد أن سُحِبت من تحتهم مقاعدهم "المسيحية" عن طريق دُمى حليف البارحة وخصم اليوم.. يتبع في الجزء الثاني
   


20
شذرات

عدنان شمعون
ashamon62@yahoo.com
20 شباط 2018
1

القيادة الحكيمة

  رجل ذو ثياب رثة ممزقة بالكاد تغطي جسده شبه العاري يتخبط في مشيته يسقط هنا ويصطدم هناك، ، لا مأوى له يقيه برد الشتاء وحر الصيف، يتكبد عناء الايام دون رحمة، اراه كل صباح باكر من خلف نافذة غرفتي الصغيرة المطلة على ازقة حارتنا حينما اتأمل قبل طلوع الفجر واستيقاض الجميع منظر البيوت حيث الهدوء يخيم عليها والسكينة تشمل حواريها، اراه بجراحه وحروقه، اثار المندمل منها واضحة المعالم والمتقرحة لا يسترها شيء، هيئته بدت لي مختلفة عن الايام الخوالي، ربما نظرتي الى شكله هذه المرة كانت عن كثب، لاني وجدت فيه ما استوقفني عند اية في الكتاب المقدس "لنصنع الانسان على صورتنا كشبهنا "  (تكوين 1/26) وبما ان الله له ثلاثة اقانيم الاب والابن والروح القدس، فلا بد ان يكون المقصود بالاية انه خلق الانسان بثلاثة صفات الجسد والروح والنفس اي العقل الذي يتحكم بتصرفات الانسان، وهذا الرجل كما وصلتنا اخباره كان يتمتع بذكاء باهر ومميز وربما كان سيتربع على قمته لولا عثرات الزمن وظروف الحياة التي اسقطته في فخاخها وجعلته يبدو كالمجنون الفاقد لصفة العقل التي من دونها يفقد الانسان السيطرة على تصرفاته وحركاته وكلامه وحتى انسانيته، فلهذا نراه تارة يسقط هنا واخرى يصطدم هناك والنتيجة الكثير من الكدمات والجروح والخدوش .
شبهت حالة هذا الرجل بحالة امتي الاشورية التي ومنذ سقوط كيانها السلطوي مرت بالعديد من المجازر والويلات، فالمذابح التي طالتها لا حصر لها، فكل شبر من ارضها تلطخ بدماء ابنائها، وكل مدينة او قرية تشهد على العديد من المذابح على يد العرب والاكراد والاتراك والفرس وان تغير شكل الجلاد فالضحية هي واحدة، امتنا تسقط تارة هنا واخرى هناك، تحترق حينا هنا واخرى هناك والسبب هو افتقادها الى القيادة التي هي بمثابة العقل الذي يدير جسد الامة .
2
قصة الكرسي في سطور

  صنع الله في البدء عرشا له في السماء وربما يكون من هنا قد جاء اختيار السيد المسيح له كل المجد لمهنة النجارة لانه كان اول من صنع كرسيا ليجعل منه عرشا في السماء، وخلق الله الملائكة وخلق النور والكون بكل ما فيه من كواكب ونجوم ومن ضمنها الارض .
 دب الغرور والتكبر في نفس رئيس الملائكة لوسفير اي الزهرة كما في اللاتيني واراد وبمعونة بعض من الملائكة الذين انجروا ورائه في المؤامرة ان يصنع لنفسه عرشا فوق عرش الله والتي كانت السبب في طرده من ملكوت الله وسقوطه من السماء على الارض "كيف سقطت من السماء يا زهرة بنت الصبح ... " (اشعياء 14/12 ) فمن كل كواكب الكون سقط الشيطان وهو اسمه بعد الخيانة على الارض، فصنع له عرشا على الارض وصار لنا الان كرسيان، واحد في السماء واخر على الارض، خلق الله الانسان وصنع له جنة على الارض، فمن كل كواكب الكون صنع الله الجنة على الارض، وربما يكون بمثابة اعلان حرب على الشيطان، وهو ما اغاضه لانه احس ان عرشه على الارض بات مهددا فهاجم الانسان الذي لم تكن بينه وبين الشيطان اي عداوة مسبقة، هاجمه بالخطيئة حتى يقطع العلاقة بينه وبين خالقه ونجح في ذلك، وبدأ الانسان يتكاثر ويصبح قبائل وشعوب وامم وبدأت الكراسي تتزايد والصراع عليها والدفاع عنها صار امرا محتما حتى مجيء السيد المسيح له كل المجد الذي اعاد العلاقة بين الله والانسان الى ما كانت عليه قبل الخطيئة، لكن حمى الجري وراء الكراسي كانت اقوى من اي ايمان يذكر فبدأ المؤمنون به اي الكرسي صراعاتهم ووصل هذا الصراع الى امتنا وبما اننا ملكيين اكثر من الملك فلا بد ان نكون كرسيين اكثر من الكرسي فصارت امتنا امما لكل منها كرسيها الخاص بها، الله يزيد ويبارك .

3
  القضية القومية الاشورية

  هذا كان ردي على الدكتور المرحوم هرمز ابونا حينما سألني عن رأي في المحاضرة التي انتهى توا من القائها وقد كانت عن القضية القومية الاشورية، وهو في محاضرته كان يقول ان قضيتنا ليست قومية ما دمنا نؤمن باشوريتنا وهو ما لم اتفق معه في ذلك وطلبت منه مهلة اسبوع حتى ادلو بدلوي في هذا الموضوع، وفي الاسبوع الثاني من المحاضرة سلمته هذه المقالة القصيرة وقلت له هذا هو ردي وبعد ان انتهى من قرائتها نظر الي وقال احسنت، الله يرحمك استاذي العزيز ويجعل مثواك الملكوت مع الابرار والقديسين .
يمكننا توضيح القومية من خلال تشبيه القومية بالانسان .
لنفرض جدلا ان الرأس هو الشعب والجسد هو الوجود والذراعين هما التاريخ والدين والساقين هما الارض واللغة.

الرأس ...
الشعب مجزأ الى عدة طوائف مذهبية، كل مذهب من هذه المذاهب يدعي القومية، كلدانية، سريانية، مارونية، ارامية، مشرقية وغيرها من التسميات والمذاهب المشتتة في ارجاء المعمورة، هذه التسميات صارت اليوم حجر عثرة في طريق العمل القومي، كما انها الورقة الرابحة التي يلعب بها اعداء هذه الامة للضغط على العاملين في الساحة الاشورية لتغير مسارهم النضالي بالاتجاه الذي يخدم مصالحهم، بهذا يكون رأس الجسد الاشوري مهشم .

الجسد ...
الوجود: الوجود الاشوري وهو العمود الفقري الذي ينتصب على الساقين الارض واللغة ويحدد استقراره الذراعان التاريخ والدين، ولمعرفة مدى قوته ومتانته علينا ان نتعرف على حالة الذراعين والساقين .

الذراعان ...
التاريخ: الذي اصبح بحكم المسروق، حيث يحاول المغتصبون نسبه الى اجدادهم، تارة عن طريق اعادة كتابة التاريخ وتحريف كل ما هو اشوري، وتارة اخرى عن طريق سياسات الترهيب التي يتبعها المغتصبون والتي ادت الى نزوح وهجرة اعداد كبيرة من الاشوريين الى اوربا واستراليا وامريكا الشمالية، ناهيك عن محاولات التشويه للهوية الاشورية التي ما زالت مستمرة، هذه الممارسات هي بمثابة عمليات بتر لاعضاء الجسد لغاية نسف الوجود.

الدين: وكما قلنا سابقا عن المسيحية في انها التاج الذي تزهو به الاشورية، للاسف هذا التاج صار للكثير منهم اذا لم يكن الجميع صبغة تميزهم عن باقي الشعوب التي تشاركهم العيش، مسيحيتهم اسم من غير ايمان، وعبادتهم دين من دون فحوى، فجميعنا مسيحيون لكن اغلبنا يفتقد الى الايمان المسيحي وهكذا نحن ايضا اشوريون لكن غالبيتنا العظمى تفتقد الى الايمان القومي الاشوري وعلى ما يبدو ان القومية والدين صارا بالنسبة لنا عادات وتقاليد .
هذا الذراع يمكن اعتباره معاقا شأنه شأن الاخر .

الساقان ...
الارض: مغتصبة وهي حقيقة يعيشها الاشوريون منذ اكثر من ألفي عام، وهي واحدة من اهم الاعضاء التي يمتلكها الجسد، فهي بمثابة الوعاء الذي يحوي كل خصائص الشعب او هي الحاوية التي تقي الاشياء الثمينة من عبث اللصوص، ومن غيرها تعتبر كل النفائس والمقدسات معرضة للسرقة والنهب، وهذه الساق تعتبر مبتورة على الاقل في الوقت الراهن .
اللغة: اللغة الاشورية لا تقل اهميتها عن بقية الاعضاء، فبالرغم من عظمتها وقوة مفرداتها، بفرعيها الشرقي والغربي الا انها مهددة بالانقراض رغم المحاولات الجادة من قبل الغيورين عليها، تداولها اصبح مقتصرا على مجموعة دون اخرى، وتسمياتها ايضا تتباين بين طائفة واخرى،فهي ارامية، سريانية،كلدانية،اشورية، هذه الساق يمكن اعتبارها كسيحة او مكسورة .
نستنتج من ذلك ان الجسد الاشوري، اي الوجود الاشوري يستند على ساق واحدة كسيحة او معاقة، غير قادرة على تحمل ثقل الجسد، كما ان الذراعين اللذان يساعدان على توازنه، احدهما شبه معدوم والاخر معاق، وهو ما جعل قدرة الساق المعاقة على الحركة المتوازنة في غاية الصعوبة، وبذلك يكون الجسد قد فقد اهم عوامل الديمومة والبقاء، الوقوف والحركة، هذا هو حال الوجود الاشوري دون رتوش او مغالاة، وسيظل الحال على ما هو عليه ما دام الكل نائما في العسل .
يتضح اذا ان قضيتنا هي قومية بالدرجة الاولى واذا كانت كذلك فلا بد ان الوعي القومي الاشوري في حالة يرثى لها، وهو ما اوصلها الى حالتها الهزيلة هذه .

4
اللغة اشورية
لماذا اللغة اشورية ؟
" بها يبارك رب الجنود قائلا مبارك شعبي مصر وعمل يدي اشور وميراثي اسرائيل" ( اشعياء 19 / 24)
قد يتسائل القارئ: ما علاقة هذه الآية بموضوع اللغة الاشورية ؟
كلنا يعلم ان الانشقاقات التي حدثت في امتنا الاشورية كان سببها المفاهيم التي تبناها البعض من اباء الكنيسة في اطوارها الاولى والتي لم تلق الترحيب من البعض الاخر. وهذا بدوره ادى الى ولادة المذاهب الكنسية التي اخذت بعد ذلك منحا خطيرا، حينما بدأت تطلق على نفسها تسميات لكي تميزها عن بقية الطوائف الاخرى وبمرور الزمن بدأت هذه التسميات تحل محل التسمية القومية وبدأ اتباعها يؤمنون بها كقومية. ومن الطبيعي ان تأخذ اللغة تلك التسمية. فعلى سبيل المثال لا الحصر بعض السريان يؤمنون بالسريانية كقومية ولهذا يقولون ان لغتهم هي السريانية، ونفس الشيء مع الكلدان فهم يؤمنون ان الكلدانية هي قوميتهم وعليه يجب ان تكون لغتهم هي الكلدانية بالرغم من ان الاثنين ينتميان الى اصل واحد، وهكذا حال كنيسة المشرق الاشورية . وبما ان العلة بدأت من الكنيسة فلا بد ان يكون العلاج من الكنيسة، فمن الداء الدواء .

  ان الكتاب المقدس، بعهديه القديم والجديد، هو دستور المسيحية، وهو ما لا يختلف عليه اي منصف. ولان اباء الكنيسة كانوا وراء ما الت اليه امور امتنا الاشورية، فهم مطالبون ان يحتكموا الى الدستور والعقل لحل هذه المعضلة. والاية المذكورة، برأيي، هي المخرج من هذا المطب التاريخي. فالرب يبارك شعوب مصر واشور واسرائيل. والسؤال هو، هل تحققت هذه النبوءة ؟ وما الدليل على ان تلك الشعوب نالت البركة؟

  العهد الجديد يجيب على هذا السؤال، نعم ان هذه الاية تحققت في عهد السيد المسيح له كل المجد، فاسرائيل نالت البركة حينما ولد المسيح من احد اسباطها، ومصر نالت البركة حينما عاش الرب بعض من سنوات عمره على ارضها ومختصر العبارة مشى على ارضها وباركها، يقول القس انطونيوس فكري في معرض حديثه عن الاية ما يلي (فالمسيح الذي جال في كل بلاد مصر ليباركها ويعطيها البركة)، اما اشور فنالت البركة حينما تكلم الرب لغتها، وبهذا تكون اللغة اشورية وليست ارامية او سريانية او كلدانية .
5

الاله اشور والاله يهوة اله واحد

  ان كلمة اشور ربما تكون مركبة من كلمتين وهي (اش)  وتعني مؤسس او خالق و(اور) وتعني النور وهي بذلك تعني خالق النور، وبحسب الكتاب المقدس ان الله خلق في البدء السماوات والارض والنور "في البدء خلق الله السماوات والارض، وكانت الارض خاوية خالية، وعلى وجه الغمر ظلام، وروح الله يرف على وجه المياه. وقال الله ليكن نور فكان نور. ( التكوين 1/ 1-3) واشور هو الاله الذي كان يؤمن به الاشوريين قبل المسيحية .

  وربما تكون  كلمة اشور تعني البداية، وهي بذلك تكون الكلمة المعنية في انجيل يوحنا"في البدء كان الكلمة والكلمة كان عند الله وكان الكلمة الله" (يوحنا 1/1) .

  ما يهمنا هنا هو علاقة اشور بيهوة ايلوهيم، ولمعرفة تلك العلاقة علينا الرجوع الى الكتاب المقدس والاستشهاد ببعض من اياته المقدسة التي توصف الاله يهوه كما كان الاشوريون يصفون الاله اشور. ففي سفر اشعيا والاصحاح 49 يقول كاتب الوحي " اسمعي لي يا جزر البحر، واصغوا ايتها الامم البعيدة: الرب دعاني من رحم امي، ومن احشائها ذكر اسمي. فمي جعله كسيف قاطع وفي ظل يده خبأني. جعلني سهما مصقولا، وفي جعبته أخفاني" ( اشعياء 49/1-2 ) والكلام هنا عن السيد المسيح له كل المجد فرامي السهم هو الاب والسهم هو الابن المولود من رحم الام بقوة روح القدس، وفي مراثي ارميا الاصحاح الثاني يقول كاتب الوحي " شد قوسه كعدو وسدد بيمينه سهامه، واتلف كل شيء لنا تشتهيه العيون. وفي مساكن بنت صهيون صب غيظه كالنار ( مراثي ارميا 2/4 ) وفي مراثي ارميا ايضا والاصحاح الثالث يقول كاتب الوحي " شد قوسه ونصبني هدفا لسهمه. خرق كليتي خرقا بسهام جعبته ( مراثي ارميا 3/12 )، "فيرميهم الرب بسهم ..." ( مزامير 64/8 ) وغيرها من الايات، والاجنحة ايضا لم يتغاضى عنها الكتاب المقدس فقد تم ذكرها في سفر المزامير " فلانك كنت نصيرا لي، وفي ظل جناحيك أرنم" ( مزامير 63/8 )، "احفظني مثل حدقة العين، وفي ظل جناحيك استرني" ( مزامير 17/8 )، "لاني بك احتميت، وفي ظل جناحيك احتمي" ( مزامير 57/2 ) .

  لو تأملنا في رمز الاله اشور لوجدنا ان الثالوث المقدس ظاهرا جليا فيه، فرامي القوس يمثل الاب والسهم الابن اما القوس فهو يمثل رحم الام المذكور في اشعياء النبي، فالايمان الاشوري قبل المسيح كان مبني على الثالوث المقدس الذي هو الاب والابن والام، وجاءت الام هنا بديل لروح القدس التي كانت مجهولة، لانها كانت كالظل في العهد القديم الى مجيء السيد المسيح له كل المجد، وعلى ما يبدو ان الاشوريين كانوا على علم بان الام سيكون لها دورا ما في خطة الخلاص التي وضعها الله، "نسل المرأة يسحق رأس الحية " وأضع عداوة بينك وبين المرأة، وبين نسلك ونسلها. هو يسحق رأسك، وأنت تسحقين عقبه" ( تكوين 3/15 ) .
ومعنى رمز الاله اشور بكل بساطة هو ان المسيح الابن سيخرج من رحم الام بقوة الاب ليقضي على الشيطان .

  في النهاية نقول للذين بدأوا يتبنون تسمية الاله اشور، نقول لهم بكل محبة واحترام، مشكلتنا ليست في ما نعبد ولا هي في من نعبد، كما انها ليست في اليهود ولا هي في الصهيونية او الماسونية، مشكلتنا هي نحن، نعم نحن من نبحث عن شماعة لكي نعلق عليها خيباتنا وفشلنا، كسلنا وضعفنا، نحن هي المشكلة وعلينا ادراكها قبل فوات الاوان، ان العالم المسيحي بكل كنائسه وبضمنها الكنائس الاشورية بكل طوائفها تؤمن بالسيد المسيح اله ومخلص، ونحن لسنا بحاجة الى دق اسفين جديد بين ابناء امتنا الاشورية المسيحية بكل طوائفها ومذاهبها، ولنكتفي بقوميتنا الاشورية ولغتنا الاشورية وارضنا اشور والله من وراء القصد .

21
أربعة أحزاب مسيحية تمخضت فولدت تنويهاً

سامي هاويل
سدني 30-10-2017

 
  أي زمن أغبر نعيش فيه، شعب فُرِشت قضيته أرضاً لتسير عليها حاشية من المنتفعين دون أن يأبوا لشيء.
   لما لا طالما باتت ساحة العمل القومي شبه خالية من الغيارى، ما أن نقف لوهلة ونتأمل بما آلت إليه حالة الأمة الآشورية حتى نكاد لا نصدق هذا الواقع الأليم، هل يا ترى هي لعنة أصابتنا؟ أم أنها فوضى غياب الوعي القومي؟ أيا كانت فبالنهاية هي حقيقة مؤلمة علينا الإقرار بها، إما أن نتقبلها بخجل وإذلال، أو أن نشمر عن سواعدنا لنحقق التغيير والإصلاح المنشود.

   يُطل علينا بين حينٍ وآخر بعضاً ممن تطايروا في زوبعة الأحداث وقذفتهم الفرصة  ليجدوا  أنفسهم  أولياءً على هذه الأمة سواءً كانوا في تنظيمات سياسية أو في مؤسسات دينية، جميعهم مسلوبي القرار، لا يحملون خطاباً واضحاً يأتي بالنفع،  ولا برنامجاً مدروساً يمكن التفاؤل به، ولا حتى موقفاً جريئاً في خضم المتغيرات يمكن أن يبعث الأمل في نفوسنا. خِراف مسالمة ومطيعة للغريب، وذئابٌ مفترسة تنهش لحم أبناء جلدتهم إذا ما أشاروا الى ممالكهم المقدسة وعروشهم الطاهرة.

  بالعودة الى الموضوع، كنت سارد بقسوة شديدة لو كانت تنظيمات تتبنى نهجاً أو تحمل فكراً  قومياً آشورياً ولكن، بما أنها مسيحية تعمل تحت تسمية ثلاثية فلن أولي أهتماماً كبيراً للموضوع وساكتفي بالتعليق على التنويه الذي صدر منها بحسب الرابط في أسفل المقال.

   كما هو واضح مما ورد في التنويه يبدو انها ردة فعل لقيام أحدهم بنشر خبر على بعض المواقع وصفحة التواصل الأجتماعي ( الفيسبوك) مفاده أن هذه الأحزاب التي حضرت أجتماعا مع أحزاب كردية ومؤسسات أخرى وقعت على عدم التخلي عن نتائج الأستفتاء الذي نظمه  " الحزب الديمقراطي الكردستاني"، الأحزاب الأربعة عبرت عن امتعاضها من هكذا خبر ونفت ان تكون قد وقعت على أي بيان او وثيقة صدرت عن الأجتماع، وادعت بان  أقتباس" الأجتماع كان لمناقشة المستجدات بعد مرحلة الأستفتاء وطرح مبادرة للتهدئة بين جميع الأطراف لتفادي أي مواجهات محتملة في المستقبل" أنتهى الأقتباس.

   ضم التنويه أمرين مثيرين للأسغراب، الأول قولهم  أقتباس " تبين من طريقة نشر الخبر خلق فجوة بين أبناء الشعب الواحد وخلط الأوراق في مرحلة مهمة وحساسة يمر بها شعبنا العراقي بشكل عام وشعبنا الكلداني السرياني الآشوري بوجه خاص" أنتهى الأقتباس. لست أدري كيف سيخلط الأوراق ويخلق خبر كهذا فجوة بين أبناء الشعب الواحد ؟ برايي أنها مجرد كليشة غايتها لفت الأنتباه الى مسالة لا وجود لها.

   أما الثاني فهو تلويحهم باللجوء الى دعوة قضائية ضد اي جهة أو شخص يزور الحقيقة أو يمس الشخصية المعنوية لأحزابنا وقادتها ( اي الأحزاب الأربعة وقادتها)!!

   يبدو أن الأخوة في هذه الأحزاب على قدر كبير من الحساسية ولهم عزة نفس تفوق ما يملكها الآخرين؟  إنه أمر يثير الحفيضة فعلاً.
   رغم أنني لم أطلع على المنشور الذي يعترضون عليه ولكن، من خلال تنويههم أصبحت على بينة منه لذا، ايها السادة: إذا كان تحسسكم من الخبر كبيرا الى درجة التفكير باللجوء الى إقامة دعوة قضائية، فلماذا إذا لم تعلنوا في تنويهكم بعدم تمسككم بنتائج الأستفتاء بشكل صريح؟ هل تعتقدون أنكم تكتبون لشعب معاق ذهنياً؟.

   لاحت في الآونة الأخيرة هذه "الموضة" الجديدة التي تمسك بها سياسيينا وبعض رجال الدين، موضة اللجوء الى الدعاوي القضائية ضد أبناء شعبهم إذا ما أنتقدوهم أو ذهبوا قليلا بأكثر قساوة . وكانهم معصومين من الخطأ، مُنزلين من السماء للتو بعد أن تناولوا مأدبة الغداء في حضرة الأنبياء والقديسين! ما بالكم أيها السادة! أنتم في موقعكم لستم إلا خدما لشعبكم بمحض رغبتكم وإرادتكم، ومن المفروض أن تتميزون بالصبر وسعة الصدور، وإلا اتركوا كل شيء وأهتموا بشؤونكم الخاصة بعيدا عن السياسة، بدلا من محاولتكم تكميم افواه ابناء جلدتكم وكأنهم الخطر الأوحد الذي يهدد مسيرتنا، كان عليكم إقامة الدعوات القضائية ضد مئات الأنتهاكات التي لحقت وتلحق بشعبكم، اليس مفروضا أن يكون ذلك  أولى أولوياتكم وواجباتكم؟ يجب عليكم أن تعوا جيداً بان الشخصية المعنوية لأحزابكم وقادتها تُصان بالمواقف المُشَرفة وتهان بالمواقف الخجولة والمتذبذبة، وصونها أو إهانتها هو قرار الشعب، لِذا فمحاولتكم التلويح باللجوء الى إقامة دعوة قضائية لسبب أراه تافه كان بإمكانكم معالجته بيسر، يعتبر تجاوزاً على إرادة شعبكم وحريته في التعبير وعليه، يتوجب عليكم توضيح موقفكم من مسالة الأستفتاء والتمسك به أو رفضه، وبغير ذلك فأنتم مطالبين بتقديم أعتذار، وفي المستقبل عودوا الى ما ترغبون نشره مرارا وتكرارا حفاضاً على "الشخصية المعنوية لأحزابكم وقادتها".

رابط التنويه الصادر من الأحزاب الأربعة
http://www.ankawa.com/forum/index.php/topic,857149.0.html

22
الحكيم والعقيم 3
عدنان شمعون
ashamon62@yahoo.com
2017-10-17

للأطلاع على الجزئين السابقين أرجو النقر على رابطيهما التاليين.

الجزء الأول
http://www.ankawa.com/forum/index.php/topic,807416.msg7462471.html#msg7462471
 
الجزء الثاني
http://www.ankawa.com/forum/index.php/topic,807614.msg7462992.html#msg7462992

 
اشراقة يوم جديد تطل الشمس باشعتها الذهبية على القرية النائية منادية سكانها بالنهوض والسعي وراء لقمة العيش ومعلنة عن ولادة امال جديدة علها تجد الطريق الى دواخل ابنائها الذين صار اليأس ظلا يلازمهم اينما اتجهوا .

  باكورة ذلك الصباح وبعد ليل طويل بدأت الحياة تدب في القرية وبدأ سكانها يخرجون الواحد تلو الاخر مدججين باسلحة الفلاحة التقليدية، فمن احزمتهم التي تطوق خصرهم تتدلى المناجل والفؤوس وعلى اكتافهم حاملين المعاول والمجارف  متجهين الى الحقول والبساتين التي تحيط بالقرية كطوق اخضر ليضيف جمالا الى جمالها .

  لقد تعود اهل القرية صباح كل يوم  وهم في طريقهم الى اعمالهم ان يمروا بالشيخ وهو جالس كعادته على عتبة المنزل ليلقوا عليه تحية الصباح، لكن ذلك اليوم لم يكن الشيخ موجودا على العتبة كعادته في كل صباح، فظنوا انه ما زال في سريره يغط في نوم عميق .
في طريق العودة كان المشهد نفسه حيث لم يتغير، فبدأ القلق يدب في نفوسهم وراحوا يتسائلون اين عساه يكون يا ترى؟ فدخل بعضهم المنزل للتأكد من سلامة الشيخ، وعند البحث في كل ارجاء المنزل لم يجدوا له اي اثر لكن كان هناك على احدى الطاولات مظروف مكتوب عليه "وصيتي الى اهلي واحبائي"  فقام احدهم بفض المظروف ليجد فيه وصية مكتوبة بيد الشيخ الجليل، وهذا ما جاء فيها :
 
كثرة الكلام عن شيء يثبت الحاجة اليه
اللسان حجر عثرة في طريق الحكماء
لا احد يريد الاصغاء فالكل لديه ما يقول
القلم يكتب واللسان ينطق وشتان ما بينهما
العين ترى والاذن تسمع والاثنان مستقبلان
القلم يرسم الحرف جميلا ليثير العين حتى يكون دائما على مرأها
واللسان يلوي الحرف ويجعله خفيفا ليسهل للاذن استقباله
لهذا حينما قررت الاقلام دخول المعركة سبقتها الالسنة الى ميادينها
الذي تكل عيناه من القراءة، لا تجهد اذانه من السمع
والذي يغمض عينيه ويصم اذانه يكون لسانه سليطا كسيفا ذا حدين
الاستماع الى كلمة واحدة خير من النطق بالف كلمة
وقراءة كلمة من كتاب خير من الاستماع الى قراءة الف كتاب
الجهل عنوان للتخلف، والتخلف مصيبة الامم الجاهلة
الحكماء اذا تكاثروا وتنافروا تعسرت المشورة وتجزئت كلمة الحق
والزعماء اذا تعددوا وتنافسوا تشتت خطاب الامة وتشرذمت وحدتها
ان الفرق بين الحق والواقع هو ان الاول ثابت والثاني نسبي ولا يمكن ان يكون النسبي مقياسا للثابت فما هو لكم لا يمكن ان يكون لغيركم الا اذا تنازلتم عنه طواعية
الواقع لا يمكن ان يؤثر على الحق لان المتغير لا يؤثر على الثابت الا اذا كان الثابت هشا
فكيف تصنفون حقكم ؟
ايهما ايسر لكم ان تغيروا حقكم الثابت الشرعي بذريعة الواقع النسبي المتغير ام ان تغيروا الواقع النسبي المتغير بذريعة حقكم الثابت
خير للانسان ان يموت في محاولة لتغيير الواقع من ان يعيش فيه وهو لا يطيقه
لا تسكتوا ولا تكلوا عن المطالبة  بحقكم ما دامت انوفكم تستنشق الهواء
لا تهنوا ولا تتنازلوا ما دمتم اصحابه
في مسيحيتكم الهكم يحارب عنكم
وفي اشوريتكم حجارتكم تحارب عنكم
متى ستحاربون عنكم ؟ 
اذا نطقت الحجارة تكون كلماتها اكثر صلابة من جوهرها
فكونوا كالحجارة في المطالبة، وفي الحرب كونوا كجوهرها
قطرة من ماء النهر خير من مياه البحار التي لا تروي العطش هكذا ايضا العالم كله لا يسع من تغرب عن داره
احبوا الحياة حتى يحبكم خالقها لانكم بذلك تضمنون ابديتها ولا تحبوا الموت لان حياتكم كلها ستكون صحوة له ويكون ايضا ابديتكم
تعلموا الصبر لتبتعدوا عن الغضب
فمن الصبر القرار الصائب، ومن الغضب كل القرارت الخاطئة
كل شيء في زمنكم صار للبيع الا الانسان فهو يعطى مجانا فوق البيعة
فلو بعت الكرامة عليك ان تعطي شخصا فوق البيعة مجانا والغيرة شخصين والشرف ثلاثة اشخاص والدين اربعة اما الضمير فكل الشعب سيكون فوق البيعة
من يقرأ التاريخ يبني حاضرا مزدهرا ومستقبل اكثر ازدهارا
ومن يعيش فيه يكون جاهلا بحاضره ومستقبله يكون مجهولا
لا تيأسوا ولا تملوا في السعي وراء النجاح، ففي المحاولة يكمن اثنان، الفشل والنجاح
اذا كان للموت قيامة فللكبوة الف قيامة
لسعتكم حرارة الصيف فتمنيتم الشتاء فقرصتكم برودته فحنيتم الى الصيف
تتغير الفصول وانتم لا تتحركون ساكنين
لا تتغيرون ولا تبذلون حركة نحو التغيير فان تغيرتم فنحو الاسوأ لان طرق السوء لا عوائق فيها
القاعدة تقول في التجمع قوة وفي الكثرة تسلط
اما انتم فاذا تجمعتم تفرقتم شيعا واحزاب وفي كثرتكم قلتكم لهذا يلازمكم الضعف
اذا بدأ الشقاق تواتر جيل بعد جيل، وانتم تواترتم شتاتكم من ابائكم وستورثونه ابنائكم وبدورهم سيورثونه احفادكم
شبيه الشيء منجذب اليه، هذا ما قاله الاولون
انتم في كل شيء متشابهون، فلماذا تتنافرون ؟
لو كانت مصيبة لصغرت وانتهت، ولو كانت شدة لتقويتم بها، ولو كانت بلاء لتعلمتم منها الصبر
لو كان داء لوجدنا له الدواء، ولو كان وباء لطال ايضا اعدائكم
انها بالحقيقة نكبة حلت عليكم وحرب باردة ابتليتم بها وانتم اصحاب القرار في وضع اوزارها
في العائلة يتم بناء اساس اي امة، وبالاخلاق يتجذر وجودها وبالمحبة تتقوى اواصرها
كل بيت تنعدم فيه المحبة، ينعدم فيه وجود الله
المكان الذي لا وجود لله فيه يدعى جحيما
فبماذا توصفون مكانكم
الكراهية والمحبة لا ينضحان من كأس واحدة
فكما الظلمة والنور لا يلتقيان، هكذا المحبة والكراهية
ليس بالضرورة ان تحبوا العالم اذا احببتم انفسكم
لكن اذا كرهتم العالم، كرهتم انفسكم لا محال
املأوا قلوبكم بالمحبة واجعلوا من بيوتكم فردوسا حتى لا تكون حياتكم جحيما
لان كل شيء ابتدأ بالله والله محبة
فلتكن بدايتكم من هنا
معرفة الله شيء والايمان به شيء اخر
ومعرفة النفس شيء والايمان بها شيء اخر
بالمعرفة ندرك الحقائق ونفهمها حتى نؤمن بها، وبالايمان نحرر طاقاتها الكامنة
فهل انتم مؤمنون ام انكم ما زلتم في طور المعرفة ؟
السواعد القوية تصنع التاريخ والسواعد المرتخية تعيش فيه
اعملوا بجد واجتهدوا في اعمالكم باسم ثالوث العمل المقدس الاولوية والالتزام والحضور
كونوا منتجين لتحفظوا بمكانتكم تحت الشمس
لان الذي لا ينتج يستهلك، والمستهلك الغير منتج يكون هو نفسه في طريقه الى الاستهلاك
لحظة من العمل تعادل زمنا لمستقبل زاهر، ولحظة من الكسل تعادل لحظة في ماض سحيق
احذروا عجلات الزمن الساحقة، وتفادوا سيفه البتار
اذا كانت لدغة عقرب البراري موجعة، فان لدغة عقرب الساعة قاتلة لا محال
احتكموا الى المرآة  كشريعة تكشف عيوبكم
لان المستور مهجور وكل مستتر بعيد عن العين والفكر
اذا كنت غبيا فهي مشكلتك، اما اذا كنت غبيا ومسؤولا فهي مشكلة الجميع
اترك ما هو ليس لك لاصحابه وارض بما تستحق واعمل ما هو عليك
ينتهي الكون اذا تغيرت هندسته قيد انملة
هكذا كل منكم يجب ان يكون في مكانه الصحيح، وعدا ذلك نهايتكم ستكون محتمة
سياستان دمرتا اوصال امم وهي دون علم
الميكافيلية سلبت صاحب الحق حقه
البراغماتية شرعت للمغتصب ما هو ليس حقا له
حينما قررتم عبور البحر مشيتم عليه، وحينما غطستم فيه شرعتم في بناء السفن وانتم في الاعماق
خطوة الى الامام لها الف حساب والف خطوة للوراء دون حساب
عجائب الامور اختبرت، وعن المعجزات سمعت ومنها ما رأته عيناي
لكن معجزة المعجزات رأيت فيكم
وطنكم كبحر هائج تتلاطم امواج الغرباء على صخور شواطئه
ووسط عبابه رأيتكم كماء اسنه تنتظروا على امل ان تتلقفوا حجرا تلقيه يدا مجهولة لتبدأوا حركة خجولة وسط صخب الامواج العاتية
كسرتم قوانين الطبيعة ومنها قانون الفعل ورد الفعل، لان ردود افعالكم لم تعادل ابدا افعال اعداءكم
في المرارة علاج لكثير من الاسقام، فلماذا لا تنفعكم مرارتكم ؟
احتكموا الى عقولكم في تدبير اموركم مع الغريب
احتكموا الى قلوبكم في تدبير اموركم مع اخوتكم
احتكموا الى عقولكم وقلوبكم في تدبير اموركم مع خالقكم
المسامحة في حالة الضعف تسمى خوفا
المسامحة في حالة القوة تسمى اقتدارا
فكيف تقولون سامحنا اعدائنا وانتم في قمة الضعف ؟
اصحوا من غفوتكم، افيقوا من سباتكم وغفلتكم والا فات الاوان
انتفضوا على عدوكم الداخلي اذا اردتم النصر
انتفضوا على عقمكم اذا اردتم ان تنموا وتزدهروا
او ابقوا عليه ليكون سبب نهايتكم

23
بعض الإجابات اليسيرة لأسئلة الخوري عمانويل يوخنا، ولمسة خفيفة على مقاله الموسوم "لماذا أكتب؟ ولمن لا أكتب؟

سامي هاويل
سدني- 10/10/2017
   
   أي حوار هاديء في أمور تعني أطرافه لابُد أن يكون مثمراً، أما إذا غاب عنه الأحترام وتخللته تهم وإهانات وإصرار مفرط على فرض الرأي سوف يفقد قيمته ويتحول الى جدال لا نفع منه بل يؤدي الى طمس الحقيقة التي نبحث عنها جميعناً، لذا بدوري وكما طالب الخوري عمانويل يوخنا أؤكد للقراء الكرام والمحاورين الأعزاء أن يضعوا ذلك بنظر الأعتبار.   
 
   رغم أن الأب عمانويل يوخنا دعا الى الحوار الهاديء،  لكن مضمون مقاله لم يكن هادئاً، بل تختفي تحت صياغته الهادئة زوبعة تمس مشاعر الكثير من أبناء أمتنا الآشورية، ولا أنكر أنني أتفق معه تماماً فيما ذهب إليه من إضاءة على بعض المواقف والتصورات التي تبدر من أفراد بسطاء وربما بعض المؤسسات وبتأثير بعض المنتفعين على المسرح السياسي، ولكن عندما يرفع سقف الخطورة الى مستوى أنتحار الشعب الآشوري ويربط ذلك بأمور أخرى لا يتفق معها فهذا بأعتقادي يعتبر إصراراً على فرض الراي وتشاؤماً أكثر مما هو تحذير وإثبات موقف.

   كوني وددت أن يكون ردي على مقاله الموسوم "لمن اكتب؟ ولمن لا اكتب" لمسة لذا، سالتزم بذلك وأختار لمستي لتكون على  الأسم " آشورايا " الذي أعتَبَره  " ترويج وهرطقه!!".

    إنه لمن المحزن أن نتشابه بأولاءك الأساقفة  الذين عندما كان عدوهم  يطرق حصونهم في حربٍ ضروس، كانوا منهمكين في مجمعهم يتجادلون حول جنس الملائكة، ولكن طالما يتطلب الأمر فما باليد حيلة، يبدو أنه علينا أن ندلي بدلونا حوله.

   منذ سنوات والكثير من أبناء امتنا الآشورية يتداولون الأسم "آشورايا" ولم نشهد اية احتجاجات جماهيرية مناهضة لذلك، ولم نلتمس أية اضرار لحقت بالمسألة الآشورية، ولم يُحدث اي ارتباك في الشارع القومي الآشوري، كما ولم يمس أي حق آشوري تاريخي موثق في المحافل الدولية، ولم يُثِر حفيضة أبناء امتنا في الكنيستين الكلدانية والسريانية، ولم يعترض الكردي والعربي واليزيدي والصابئي والتركماني والأيراني والتركي واي شعب أو جهة اخرى في مختلف اصقاع المعمورة عليه، فقط؟ الغير متفقين عليه هم قلة قليلة جداً، أما المعترضين بشدة عليه فهم عدد من الأشخاص، والأب عمانويل يوخنا أبرزهم، فقد ذهب في شجبه له بحيث وصفه " بالمقزز!! " وأثار عنه ضجة واصفاً إياه بالخطر العظيم الذي يهدد أمتنا الآشورية، ولحد الآن لم يُقدم لنا شرحاً مفصلاً عن ذلك الخطر العظيم  لنتجنبه؟.

   طالما لازلنا في إطار اللمسة، وبما ان الخوري عمانويل يوخنا قد أستشهد بالكتب التاريخية مؤكداً بأن ذِكر امتنا في مجملها كان تحت مصطلح "آتورايا" وليس آشورايا"، ورغم انني شخصيا استخدم الأثنين دون أن تكون لي اية إشكالية أو حرج، ولكنني وإن ليس من أختصاصي  ارغب بان ابدي برأيي المتواضع حول الموضوع من الناحية التاريخية.

   صحيح أن ما وجدته في الكتب القليلة التي اطلعت عليها فأمتنا باللغة الآشورية يُشار إليها بــ " آتوريتا" والفرد بــ "آتورايا"، وما تداوله ويتداوله الكثيرين من الشخصيات الآشورية البارزة للدلالة على أمتنا هو "آتوريتا" هذه حقيقة لا يمكن إغفالها، كما انها  لا تُعد إشكالية بتاتاً ، ولكن لو بحثنا عن أصول هذا المصطلح سوف نستشفي بأن تداوله في الوسط القومي  كان منذ حقبة الأجتياح الأخميني لبلاد آشور في منتصف القرن الرابع قبل الميلاد، وعلى وجه التحديد عندما ابقوا التسميات المتداولة محلياً على المناطق الجغرافية، فأطلقوا على الولاية التي ضمت نينوى وأربيل أسم  "ولاية آتورا" بحسب لفضهم، مثلما حرف الأغريق آشور الى آسور لعدم وجود حرف "الشين" في ابجديتهم، وليس حرف "التاء أو الثاء"، وتبعهم الأرمن والأتراك وغيرهم من الشعوب المجاورة وكلٌ حسب لفضه، وهكذا أصبح الغرب يعرفنا (أسيريان). وإن كان الأب عمانويل قد طالب " الهرطوقيين بحسب تعبيره"  بذكر اي كتاب أو منشور تاريخي يشير الينا كـ ( آشورايي ) فأنا بدوري ادعوه ليبحث في مختلف متاحف العالم وليدلنا من بين آلاف الرقيمات والأختام الطينية على واحداً منها فقط يشير إلينا كـ (آتورايي). حيث جميعها بالمطلق تُشير الى أرضنا ( آشور )  وشعبنا (آشورايا) وأمتنا ( آشوريتا ). هذا بحسب المختصين في علم الآشوريات، ومن ثم ليتفضل مشكوراً ليدلنا بطريقة أكاديمية أين تقع (آتور)!،  بينما يمكننا بيسر الإشارة الى ( آشور)كأرض ووطن. فكيف إذا أصبح من يطلق على  نفسه آشورايا مستمداً أسمه من أنتمائه الجغراقي والعرقي ( هرطوقياً )؟ ومن ثم فهل علينا  كسر وتحطيم جميع الشواهد والرقيمات والتماثيل التي تشير إلينا  ك (آشورايي) كون ذلك يعتبر هرطقة؟ لا أعتقد بأن اليونسكو وبقية الدول الغربية سوف تسمح لنا بلمسها، لذا وفي هذه الحالة ما علينا إلا أن نوجه كتاب شكر وتقدير لأبو بكر البغدادي وزمرته على نضالهم الدؤوب في كسر وتدمير والعبث  بالآثار الآشورية في نينوى ونمرود  كونها تحتوي على بِدع  وهرطقة!!.

   في الوقت الذي يؤكد باصرار الأب عمانويل على ترسيخ الفوبيا وترويجها من قبل البعض،  يأتي حضرته ليحقنها بشكل مثير في هذا الموضوع الذي  يعتبر بعيد كل البعد عنها في الوسط الآشوري، أليست هذه ازدواجية بحد ذاتها؟ ثم الأكثر مثير للأستغراب هو تقبله للتسمية الهجينة المركبة التي مزقت الأمة الآشورية وحولتها الى ملل وأشلاء تتناثر هنا وهناك  وفرطت بكل تضحيات الشعب الآشوري وحقوقه المشار إليها في المحافل الدولية وحرفت مسيرته النضالية، وشوهت، لا بل تكاد تقضي على القضية الآشورية وحولتها الى دينية مسيحية، كل هذا  بحجة الوحدة؟؟، بينما يرفض بشدة واستهجان  تسمية أمتنا  ب (آشوريتا) ويُهَرطق من يتداولها، ترى أيهما كانت سبب إثارة الصراع الداخلي ليصل ذروته ويشضينا الى قوميات وملل، الأسم ( آشورايا )، أم ( التسمية المركبة )؟؟ اليس جلياً جلاء الشمس في رابعة النهار كيف تم إقصاء القضية الآشورية من المسرح السياسي في عراق ما بعد سقوط الدكتاتور بسبب التسمية المركبة ؟ أليس واضحاً بشكل لا يقبل الشك لمن له بصيرة بأن مجمل الصراع الدائر في الوسط القومي بخصوص التسمية هو بين مروجي بدعة التسمية المركبة ودعاة القوميات المستحدثة؟ هل يمكننا أن نتجاهل ونقفز على هذه الحقيقة التي عشناها ونعيشها لحد اللحظة ونتذوق مرارتها؟. عذراً رابي قاشا فلم تكن منصفاً في موقفك من هذا الموضوع. ثم!! الم يكن مثلث الرحمات مار دنخا الرابع بطريرك كنيسة المشرق الآشورية يشير في  رسائله الى رعياته في مختلف المناسبات وعلى وجه الخصوص اعياد ميلاد الرب وقيامته الى أمتنا ويسميها ( أومتان آشوريتا )؟ فهل ينطبق وصفك لمن يتداولها عليه ايضاً؟  ام أن هناك أستثناءات؟.

   بما أن لمستي اخذت حيزاً كبيراً في هذا المقال وأشكر مقدماً سعة صدر الأب عمانويل يوخنا والقراء الكرام  وطول بالهم للأطلاع عليها، لذا سأنتقل على الفور الى أسئلته المطروحة للنقاش دون الخوض في بقية التفاصيل الواردة فيها، من جانب أختصاراً للمقالة  ومن جانب آخر حيث أعلاه هناك ما له علاقة بمضمونها.

ساضع الأسئلة أدناه وأجيب على كل منها على حِدا:
السؤال:
1- هل ارتكب العماديون والبامرنيون الأكراد مذابح سيفو ضد قرى العمادية وصبنا من الآشوريين والكلدان؟
الجواب : لا‘ لم يرتكب العماديون والبامرنيون مذابح سيفو بحقنا.
2-  هل ارتكب الدوسكيون الأكراد مذابح سيفو ضد الكلدان في دهوك ومحيطها؟
الجواب: لا، لم يرتكب الدوسكيون مذابح سيفو ضد الكلدان في نوهدرا وضواحيها.
3- هل ارتكب المزوريون الأكراد مذابح سيفو ضد قرانا في منطقة مزوري؟
الجواب: لا، لم يرتكبوا المزوريون الأكراد مذابح سيفو ضد قرانا في منطقة مزوري.
4- هل ارتكب اكراد اربيل وكركوك والسليمانية وشهرزور وبنجوين وحلبجة مذابح السيفو أو 1933 ضد شعبنا؟
الجواب: لا، لم يكن أكراد اربيل وكركوك والسليمانية وشهره زور وبنجوين وحلبجة من ارتكبوا مذابح السيفو ضد شعبنا الآشوري.
5- هل ارتكب البارزانيون واكراد راوندوز وسوران مذابح ضد القرى الآشورية هناك في 1933 ؟ أم حموهم ودافعوا عنهم  في حرير وبارزان وغيرها؟
الجواب : هذه المنطقة الجغرافية ليس لي علم إن كانت تقطنها عوائل محسوبة على المرحوم مالك ياقو والمرحوم مالك لوكو وعليه فإن كان كذلك فلم يكونوا مشمولين بمجزرة سميل عام 1933 ، وليس لي اي اطلاع على قيامهم بحماية الآشوريين المجاورين لهم. كما نعلم جميعنا وقتها لم تكن الهواتف الجوالة متوفرة وإن كانت ربما كان الوضع قد اختلف، حيث ان المجزرة لم تدم سوى بضعة ايام وهناك حتما من لم يسمع بها إلا بعد أنتهائها.
6- هل حصلت السيفو 1915 في جغرافيا أقليم اليوم بحدوده الجيوسياسية الحالية؟
الجواب : لا، السيفو 1915 ذاع صيتها في مناطق هكاري وطورعبدين وديار بكر واورمية.

   والله أبونا لو قرأ مقالك هذا أحدهم ولم يكن ملماً بتاريخ المنطقة وجغرافيتها والأحداث التي حلت عليها سوف يعتقد بأن الأكراد قد أضاعوا الصِراط المستقيم فأختلطت عليهم "آية التوبة" بمقولتي الرب يسوع المسيح "من ضربك على خدك الأيمن أدر له الأيسر، وأحبوا أعدائكم"  وسيضن أننا نحن الآشوريين نفتري عليهم في الوقت الذي حللنا عندهم ضيوفاً مكرمين!!، أما الأكراد فسيأكل الشك عقولهم  ويصبحوا في حيرة من أمرهم كأم حسين في إحدى مسرحياتها عندما تخاطب زوجها قائلة ( أبو حسين! أثارينا طلعنا مسيحيين وما ندري بحالنا ).

   قبل أن استرسل مضيفاً بعض الملاحظات على الأسئلة أعلاه أود الإشارة الى قولك في خاتمتها، أقتباس" أم في هذه الجغرافيا السياسية سكن الناجون من السيفو ؟ وتأسست قراهم في أقليم اليوم بعد عشرينات القرن الماضي" أنتهى الأقتباس، هنا سيحصل عند بعض القراء ألتباس بأعتباره أعتراف ضمني بأن الوجود الآشوري في هذه المناطق حديث ولا يتعدى العشرينات من القرن الماضي، بينما الحقيقة ان قِدم الآشوريين في هذه المنطقة ضارب في عمق أعماق التاريخ، تركوها مرارا وعادوا إليها تكرارا بحثاً عن الأمان وهرباً من القتل والتنكيل والأعتداءات عبر التاريخ، وحتى القرى التي يقطن اليوم بعضها  أكراد في هذه المنطقة هي قرى آشورية ومثال على ذلك بعض قرى منطقة صبنا  كالعمادية وبامرني وارادن وأقدش وصولا الى ديرالوك على طول جبل متينا وما يقابلها على طول سلسلة جبل كارا أبتداءا من كلي دهوك وصولا الى دهوكي وهاوندكا المقابلة للعمادية.

  عودة الى الأسئلة المطروحة والأجوبة عليها. فلكونها مطروحة بشكل أنتقائي حيث تبدو وكأنها مرافعة في قاعة محكمة كانت إجابتي عليها مختصرة وفي صلبها، وعليه سوف أوضح بعض الأمور وأضيف من الإجابة على الأسئلة غايةً مني لتوضيح الصورة.

يُقال: "ليس جميع المسلمين إرهابيين، ولكن جميع الإرهابيين مسلمين".
  هكذا أود القول نعم، لم يرتكب أكراد المناطق التي أشرت في مجمل الأسئلة  إليهم المذابح التي ذكرتها تحديداً، ولكن هل لك أن تثبت لنا على مذبحة واحدة من ضمنها سيفو ومجزرة سميل ومذابح ميركور ( محمد الراوندوزي) وغيرها.... إن لم يكن للأكراد اليد الطولى فيها او اداتاً لتنفيذها؟ نعم لم يشترك أكراد كركوك والسليمانية واربيل في مذبحة سميل ولكن أكراد بهدينان شاركوا بشكل فعال فيها، وعشرات القرى التي طردوا منها أهلها الآشوريين في مناطق دهوك وسميل والسندي أستولى عليها أكراداً لا غيرهم، فهل سوف نصنف أصحاب تلك القرى ضمن قائمة المهاجرين اللاهثين وراء المرح والترف في بلدان المهجر؟.

هل لحضرتك أن تسمي لنا قرية آشورية واحدة في منطقة صبنا وبروار ونهلة ممن يجاورها قرى كردية لم يقضموا أراضيها، وأعاقوا سكانها لإرغامهم على تركها؟ 
وهل لك أن تذكر لنا قرية آشورية واحدة في المنطقة الجغرافية التي أشرت إليها لم يقم أكراد بقتل مختارها أو أحد من وجهائها غدراً.
وهل لك أن تذكر لنا  إن لم يكن كرديا، من الذي قتل أدور خوشابا؟
وهل لك أن تذكر لنا إن لم يكن كردياً، من الذي اغتال فرنسيس يوسف شابو؟
وهل لك أن تذكر لنا إن لم يكن كرديا، من الذي أعتدى على هيلن ساوا وبعدها قتلها ورمى بها في العراء ؟
وهل لك ان تذكر لنا إن لم يكن كردياً، من الذي أغتال أبو نصير ؟
وكم من الواوات علي إدراجها!، كلها حدثت في ظل السلطات الكردية الحالية وأمام مرآى ومسمع القائمين عليها.
ماذا كانت الإجراءات القانونية الرادعة لكل هذا الكم من الجرائم والأعتداءات والمضايقات؟

  ترى لو جمعنا كل حالات ما يسموه البعض " تجاوزات" ( لكي لا نُغضب أحداً) على مجمل القرى الآشورية والمستمرة لهذا اليوم، وأضفنا إليها كل عمليات القتل  والمضايقات اليومية  التي يعتبرها بعض السذج حالات فردية، ونضم إليها شراء الذمم وتجنيد شخصيات محسوبة على الآشوريين لتمرير مشاريعهم، والتدخل في شؤوننا الداخلية بأستغلال خلافاتنا الطائفية المُزمنة، ومحاولة سَنّ قوانين وإصدار قرارات تخص الملكية وغيرها في البرلمان الكردي لغرض الأستيلاء على الأراضي الآشورية، ونختم هذا الملف ( ملف الحالات الفردية) بتبني حكومة الأقليم مناهج تدريسية تعتمد على تزوير الحقائق والتاريخ وتمجيد الرؤوس الكبيرة أمثال المجرم سمكو الشكاكي وبدرخان بك وأعتبارهم أبطال قوميين، وأعتماد أسمائهم لتسمية أزقة في أربيل ودهوك، ترى كيف ستكون الصورة ؟؟ ماذا نسميها؟؟ كيف لنا أن نتفائل للعيش المشترك مع الشعب الكردي (الذي لا نكن له الكره كما يحاول البعض وصفنا) إذا كانت قياداته السياسية وسلطاته التشريعية والتنفيذية والقضائية ويضاف إليها السلطة الرابعة تعتمد وتتعمد في المضي على هكذا نهج؟

  لا أعتقد أن أحداً يخالفني الرأي بأن المنطقة الجغرافية التي نتحاور بشانها هي آشورية بامتياز؟ وبما أنها كذلك، وفي ظل الشيء اليسير الذي أشرنا إليه في الملف أعلاه، يا ترى ماذا نسمي ما يجري عليها؟ تجاوز؟ تصرف فردي؟ إفرازات عدم أستقرار المنطقة؟ تعايش مشترك؟  أم أنه أحتلال، وهل أصبح كثيراً علينا أن نسميه أحتلال، إن لم يكن كذلك فنورونا بالوصف اللائق به رجاءً، فربما نكون على خطأ نرجوكم صححوا مسارنا، أو أرحموا عقولنا حبا بالله ولا تجعلوا المهجر الآشوري يعيش واقعاً بعيدا عنه ويتصرف على ذلك الأساس، فإذا كانت الفوبيا التي تُشير إليها قد فعلت فعلتها في المهجر، فمن المؤكد سوف يقضي  تسويق  واقع مُهين بكل ما تعنيه الكلمة على الفكر القومي الآشوري ويكبله بغلال المهانة والخنوع التي سوف يتروض عليها الجيل الآشوري الجديد رويداً رويداً، حينها يمكننا القول بأن الشعب الآشوري أختار الأنتحار.[/font]

24
آشور المحتلة والعقول المختلة ويوخنا أوديشو دبرزانا نموذجاً



سامي هاويل
سدني - 8/10/2017

 
    كلما يُفتح جرحاً جديداً في جسد الأمة الآشورية يطل علينا البعض ممن أضاع بوصلته منذ زمن بعيد ليضع أصبعه في الجرح ويبدأ بنبشه بوقاحة ليزيد النزف دون أن يُردع ليكون عبرة لمن أتخذ طعن أبناء جلدته هواية يتسلى بها.

   كتب السيد يوخنا بعض السطور والعبارات التي أعتَبَرها "مقال" ويتباهى بها وكأنه هو من أكتشف البارود، يظهر فيها كذلك الشخص الذي هاجمته الدبابير في حين غرة، فبدأ باللطم على رأسه ووجهه وأنطلق قفزا بحركات بهلوانية كذلك العجل المرح المُطلق في بدايات الربيع.

   إنه لمن المُخزي والمهين أن يستصغر ويستحقر أحدهم أمته كما فعل كاتب السطور  "مقال" بوضعه عبارة ( آششوريتا)  بين هلالين في محاولة للأنتقاص ممن يستخدمها، ومن ثم ينبري ليهاجم كل من حاول  ويحاول جاهداً أيجاد مخرج لإنقاذ المسألة الآشورية وإعادتها من حافة الهاوية الى بر الأمان مستجديا العون وهو يطرق أبواب أصحاب القرار شرقاً وغربا. بينما يبرر السيد يوخنا عدائه بفلسفة رمي أربعة ملايين كردي في البحر!! لست أدري من الذي طالب برمي الأكراد في البحر؟ وإن لم يطلعنا السيد يوخنا عليه فتبريره في أطروحته هذه ليس إلا تلك العصى التي لم يحاول حتى الكتاب الأكراد من أستخدامها فتكفل هو ومن على شاكلته لوضعها في عجلة مسيرة التصحيح الآشورية.

   نحاول قصارى جهدنا لإبعاد الصراعات الداخلية والتفرغ لما من شانه أن يعيد الأعتبار للقضية الآشورية ولكن، على ما يبدو أن ظاهرة دعم مشاريع الغرباء عن طريق التطاول على الناشطين الاشوريين يقودنا في بعض الأحيان مجبرين لتعرية بعض المواقف المشبوهة سواءً كانت عن قصد أو دونه.

   آشور المحتلة، هذه العبارة التي يشمئز منها السيد يوخنا ومن على شاكلته من أبناء شعبنا الآشوري، يقر بها ضمنياً الآخرين سواءً كانوا محليين أو على المستوى الدولي، فمحلياً العربي والكردي في المقدمة ومن بعدهم كل فئات الشعب العراقي أقروا في أكثر من مناسبة ولحد الآن يصرحون بأن الآشوريون هم أصل العراق، هكذا يقر العالم بأسره بأن عراق اليوم  مقام على الأرض الآشورية وبُني على أنقاض أمبراطوريتها، وهذا أعتراف بأن الأرض آشورية، ولكن يبقى تدويل مصطلح الأرض المحتلة مرهونا بصاحب الشأن ( الشعب الآشوري) فليس من المنطق أن يقر المحتل بذلك بصريح العبارة، بينما نتفاجأ بأبن البيت الذي أتخذ الأنبطاح نهجا لخطابه في مهاجمة أخوته ممن يتداولها!!، أليس هذا هذياناً يفوق الأختلال ليصل الى درجة الإسهال الفكري الشديد؟.

   إن محاولة حقن طروحات الأعداء في كتابات بعض الآشوريين ليست إلا غباءً سياسياً غايته ترويض الفرد الآشوري وتهيئته لقبول الأكذوبة التي تبرر الأعتداء على حقه وأملاكه للتمكن من تعبئته وتجنيده لمحاربة كل من يحاول جاهداً كسر القشور التي سببتها ما سميت بسياسة ( الأمر الواقع ) وخطاب الزمن الرديء، وإلا ماذا يعني أن يوصف الشعب الآشوري بالمهاجر؟

   ليس هناك شعب يحب أرضه ودافع عنها في أحلك الظروف كما فعل الشعب الآشوري، والتاريخ يشهد على ذلك، ولكنه وبعد كل ما مر عليه بات مُرغما على تركها، وبذلك فهو مُهَجّر قسراً وليس مهاجراً، واية محاولة للتلاعب بهذه الحقيقة ليست إلا تبريرا  لأحتلال الأرض الآشورية، وهذا الموقف يعتبر خيانة للحق الآشوري.

   لكي لا أُطيل الحديث، أختم  المقال بعبارة ( منفوخة الشفاه) المُخزية التي وردت في "حدوثة" السيد يوخنا واصفاً فيها إحدى الشابات الآشوريات، إنه لمن المُشين والمقرف أن يتهجم شخص يدعي بنهجه القومي على أبنة جلدته بهكذا وصف. يا سيد! وصفك لها يدل على قصر نظرك، فبدلا من أن تركز بنظراتك الى شفاهها كان عليك قراءة مشاعرها القومية على الرغم من قلة خبرتها وضعف إمكانياتها الخطابية، أعذرني سيدي، ولكن مجمل نضالك وعشرات سنين عملك القومي بالنسبة لي لا يساوي عانة مقارنة بمشاعرها القومية الحقيقية، فهي ببساطتها وطيبتها تحاول قول الحق وأنت بخبرتك وإمكانياتك تلوي الحقيقة، لذلك فأنت مدين بأعتذار لها أولا ولأمتك الآشورية ثانياً، ونتمنى أن تترك عادة فرز النماذج  لنقرأ لك شيئاً مفيدا يخدم الشارع القومي الآشوري في هذه الأيام العصيبة.

25
نحو إعادة ترتيب البيت الآشوري
سامي هاويل
سدني/ 4 - 10 - 2017
  ليس بخافٍ على المثقف الآشوري، ولاسيما القريب منهم، والمتابع لما تفرزه الساحة القومية من مواقف متذبذبة، واصطفافات هزيلة، وتصريحات أقل ما نقول عنها خجولة وكسيفة، وفي بعض الأحيان معادية لأدنى مستويات الطموح الآشوري المشروع. لا شك أن جميعها تُصنّف ضمن إطار النتيجة لذا، ومن هذا المنطلق أصبحت من الضرورة القصوى لكي نبحث عن الأسباب التي أدّت الى هذه النتيجة المخيبة للآمال، رغم أننا أشرنا إليها في أكثر من مقال ومناسبة، ولكن نعود مجدداً للتذكير والإضافة علها تكون بادرة تلفت انتباه المعنيين لكي يباشروا بوضع برامج عمل رصينة من شأنها قطع الطريق على من يستغل معاناة شعبه ويقتات من مآسيه والتهيئة للغد القريب.

   بغية الوصول الى الهدف كقاعدة سواءً كان على مستوى الفرد أو على صعيد الحزب والمؤسسة، وصولاً الى أهداف الشعوب والأمم، لابُد من العمل الحثيث والتضحية. ولكي يكمن الأستعداد لذلك يشترط وجود عامل الإيمان، الإيمان بالهدف باعتباره حق مشروع، خاصة على صعيد الشعوب والذي هو موضوع المقال. ولن يولد ويترعرع  الشعور الصادق ليصبح ايماناً حقيقياً إن لم يكن مرهوناً بعامل الإدراك، فبدون فهم وإدراك الحق، والبحث بشكل دقيق وجاد في كل تفاصيله بعيدا عن  العاطفة والخنوع والخضوع للواقع لن يرى الإيمان الحقيقي النور.إذن، أصبحت لدينا قاعدة تتكون من عوامل متسلسلة ( التضحية، الإيمان، الإدراك )، هذه العوامل المهمة يجب ومن ثم يتحتم علينا إيلاء الأهمية لها.

   إن الأهمية القصوى لهذه العوامل باعتبارها حاجة مُلِحة يبررها واقع البيت القومي الآشوري حاضراً. فعلى صعيد الفرد الآشوري نرى بأن الغالبية القصوى تفتقر الى الوعي القومي، ما يؤكد بأن هذه الغالبية تفتقر الى عامل الإدراك، وعليه يكونوا ضعيفي الأيمان الى درجة تجعلهم غير مستعدين للعمل والتضحية من أجل الهدف القومي. بل نراهم مجرد أناسٍ يحملون مشاعر سطحية نابعة من العاطفة لا يمكنها الصمود أمام أخف الصدمات التي تواجهها، وهناك العديد من الأمثلة الحية تؤكد ما ذهبنا إليه لا يمكننا الخوض في تفاصيلها في هذا المقال.

   أما على صعيد المؤسسات القومية الآشورية فهي الأُخرى ليست حالها أفضل من الفرد الآشوري البسيط. فالسياسية منها ينقسم أعضاؤها الى فئتين، الأولى قيادية تتأثر بمحيطها وما يحمله من ضغوطات ومغريات ما يجعلها تميل بحسب رغباتها مما يدل على افتقارها الى الإيمان المطلق بالحق القومي. وهذا ما يجعلها تبدأ بتسخير القاعدة من أجل تنفيد أجتهاداتها وأجنداتها الحزبية والفردية بعد أن تمكنت من إخفائها وقولبتها في إطار قومي، والنتائج تؤكد بشكل صارخ هذه الحقيقة. أما الفئة الثانية والتي تتكون من الكادر الوسط والقاعدة فهي مُسيّرة كليا، وتُسخر كل طاقتها لتحقيق مشاريع قياداتها، وهي الأُخرى تفتقر الى عامل الإدراك الحقيقي للمسألة القومية والعمل المشروع في إطارها، لذلك تتولد وتترعرع  التناحرات الحزبية المُختلقة لأسباب أقل ما يقال عنها " تافهة" واصطفافات غريبة عجيبة بعيدة كل البعد عن العمل القومي الجبهوي الموحد. يضاف الى ذلك تعدد الخطابات الحزبية واختلاف وجهات النظر في أمور واضحة بينما، بات الخطاب القومي غائباً.

   أما على مستوى المؤسسة المدنية الآشورية فغالبيتها، وبحسب قناعات ذوي القرار والقائمين على مقدراتها أصبحت تابعة وأسيرة أجندات حزبية وكنسية وحتى عشائرية. هكذا أثبتت عقمها وقد أُصيبت بالشلل المزمن، فرغم أهميتها لكن دورها المؤثر قد غاب عن الشارع القومي الآشوري عدا بعض النشاطات المتفرقة هنا وهناك.

   طالما ما زال الحديث في إطار المؤسسة الآشورية بات من الواجب علينا الإشارة الى افتقارنا الى مؤسسات حقيقية ذات دور فعال والتي لم تظهر للوجود الى يومنا هذا رغم الحاجة الملحة إليها. كما أن تأسيسها يعتبر واجب أخلاقي وقومي يمليه حاضرنا المأساوي على أصحاب الشأن في مختلف المجالات التي سنذكر بعضها وغيرها من التي لم نُشر إليها لما سيكون لها من دور قوي ومؤثر في الشأن الآشوري. ففي كل بلد مهجري لدينا عشرات الأطباء والأختصاصيين في مجال الطب، ولكننا لم نشهد لحد الآن على سبيل المثال، تأسيس نقابة أطباء آشوريين، أو لنقل منظمة الصليب الأحمر الآشوري. هكذا لدينا الكثير من الفنانين ولكن دون أن ترى النور " نقابة الفنانين الآشوريين". كذلك بالنسبة الى نقابة المهندسين الآشوريين، غرفة تجارة لرجال الأعمال الآشوريين، أو اتحاد الطلبة الآشوريين، بينما لدينا الآلاف من الطلاب الجامعات في مختلف دول العالم.

   لو تمعنا جيدا في هذه الأمور لوجدنا أنها تُشكل طاقة كبيرة جدا من شأنها أن تُحدث تغييراً إيجابيا كبيرا على واقعنا القومي. وهنا، أود التأكيد على ضرورة أن تكون هذه المؤسسات مستقلة وتعمل ضمن إطار مجالها المهني وترفض بشكل قطعي إملاءات أية مؤسسة سواءً كانت سياسية أو كنسية. وإلا لن تختلف عن سابقاتها من التي بات قسم منها هياكل وأسماء فقط، والقسم الآخر بقرة حلوب يستغلها ذوي المنفعة من الحيتان السياسية والكنسية. إن القيام بهذا العمل ليس بالأمر الهيّن، بل يتطلب جهداً مصحوباً بالصبر والهدوء حتى لو كانت المبادرة بداية من قبل بضعة أشخاص في مجال عملهم. وهنا نعود الى موضوع الإيمان والإدراك الكافي لكي يُمَكن القائمين على هذه الخطوة من تحقيق النجاح المؤكد.

   عندما نتحدث عن مؤسسات فالقصد منها أن تكون مؤسسات ذات طابع رسمي في بلدانها، أي تكون مسجلة لتكون ذات طابع رسمي. فعلى سبيل المثال نرى بأن العديد من الفنانين قد تراجعوا بسبب محدودية إمكانياتهم وغياب الدعم المادي لهم. وهناك في مجال الفن والأغنية الكثير ممن أصابهم الإحباط ويشكون من قلة بيع نتاجاتهم، وأعتماد  نسخها وبيعها، دون أن تكون لهؤلاء مؤسسة رسمية تدعمهم وتدافع عن حقوقهم. ويسري هذا الواقع على جميع المجالات الأخرى. لذلك نجد تراجعاً في مجمل مفاصل هذه الأمة.
في إطار حديثنا عن الإنهيار والتراجع، فمن الضرورة بمكان أن نشير الى العامل الأهم والذي يتمثل في الخطاب القومي الآشوري الموحد. هذا الخطاب المغيّب في حاضرنا لابُد من إعادة صياغته في إطار مفهومه القومي الآشوري بعيدا عن العواطف والأنتماءات سياسية كانت أم كنسية. لا شك أن هذا يتطلب الكثير من الجهد والخبرة والقراءة الصحيحة للأحداث والمتغيرات لكي يتم إعادة صياغته بما يخدم الفرد والمؤسسة وصولا الى قيمته العليا في خدمة القضية الآشورية في هذه المرحلة. ومن أجل تسهيل عملية صياغة الخطاب الآشوري يتطلب ذلك عقد مؤتمر آشوري عام وشامل تحضرة الشخصيات والمؤسسات القومية المؤمنة بالهوية القومية الآشورية الجامعة. هذا ما دعت إليه وتعمل لتحقيقه هيئة التنسيق لمؤتمر آشور العالمي. حيث هناك، في المؤتمر المذكور، سيتم  إقرار المبادئ الأساسية للمسألة الآشورية والعمل القومي، والتي ستكون بمثابة معيار ثابت يتم به تقييم العمل القومي وتسهل في ظله عملية فرز الغث من السمين، وبالأستناد على تلك المبادئ الأساسية سوف يتم صياغة الخطاب القومي الآشوري وهو ما سيسهل تحديد سقف المطاليب القومية الآشورية، وتوضع آلية العمل من أجل تحقيقها من خلال التنسيق وتوزيع الأدوار بين المؤسسات.

   وعلى ذكر مسألة مؤتمر آشور العالمي، فينبغي أن لا يُعقد لمرة واحدة فقط، بل يبدأ بمؤتمر أول ، فيه توضع المبادئ الأساسية ويُعاد صياغة الخطاب القومي، وتقسم المهام للعمل لفترة معينة، ومن بعدها ينبغي العودة لعقد مؤتمر آشور العالمي الثاني لتقييم المرحلة السابقة ووضع خطة عمل للمرحلة المقبلة، وهكذا.

   ستبقى هذه الأمور مجرد كتابة على صفحات الأنترنت الى أن يباشر الخيرين العمل من أجل تحقيقها. ولكن، الى أن يحين ذلك الوقت، يبقى إيلاء الأهمية القصوى لنشر الوعي القومي من خلال استغلال جميع السبل المتاحة في مقدمة الأمور التي يمكن تحقيقها في الوقت الحاضر. فلن نتمكن من تعبئة الشارع الآشوري طالما بقي يعاني من شحّة الوعي القومي. هكذا، ستبقى احتجاجاتنا، ومظاهراتنا تفتقر الى العامل العددي الذي له الدور الفعّال فيها. وبدون صياغة الخطاب القومي الآشوري ووضع سقف المطاليب القومية ستظل المنابر المحلية والدولية في حيرة من أمرها، ولن تتمكن من معرفة ما نصبو إليه كما يحدث في أيامنا العصيبة هذه.

  إن الحركات القومية التي تكون لها القدرة على تحقيق النجاحات هي تلك التي يتفاعل الشعب بشكل واسع  ومتناسق مع مؤسساته وفق خطط وآليات مدروسة وممنهجة. ونحن الآشوريين نفتقد الى هذا التفاعل بسبب غياب الوعي والخطاب القومي الموحد. إن ضعف المؤسسات "السياسية، بشكل خاص، وإخفاقها في تحديد سقف المطاليب القومية وافتقارها الى إثبات وجودها على الساحة السياسية كممثلة شرعية قادرة على تخطي العقبات. واحتياجها الى خطاب سياسي واضح وصريح قد أبعدها عن الشارع القومي. وهي، بغالبيتها، ماضية الى فقدان مصداقيتها بالكامل إذا لم تُعِد النظر في مواقفها وتعيد قراءة وصياغة خطابها السياسي، وهو الأمر العسير في ظل غياب الخطاب القومي الآشوري. وسوف تتبعها الطوائف الكنسية التي أغرتها هي الأخرى فرص المنافع فحطت على الساحة السياسية بعد أن وجدت فيها المساحة الكافية لتحقق مكاسب طائفية وكنسية مستغلة بساطة الفرد ومستندة على أستفحال الخلاف الطائفي والتسموي الذي يعاني منه الشعب الآشوري. فعلى رجال الدين في كافة كنائسنا الكف عن تسخير وتوظيف الخلافات الداخلية، واستغلال مراتبهم الدينية وعطف الشعب تجاههم، والانجرار وراء مكاسب آنية، لأنها مسؤولية تاريخية في هذا الظرف المصيري الذي يعصف بالمسألة القومية. فبالنهاية سوف يتحملون مسؤولية مقاطعة الشعب للكنيسة وهجره لأيمانه مما له من تداعيات خطيرة على المستويين القومي والمسيحاني.

   أخيراً  نختم بالقول، إن كان الهدوء يسود الشارع القومي ويطمئنهم لكي يمضوا صوب أجنداتهم فهذا لا يعني بأن موجات العواصف والزوبعات الغاضبة لن تحل فجأة في وقت لن يكون لهم فيه أية فرصة لإصلاح الهفوات وطيّ صفحات المتاجرة العلنية.

26
المنبر الحر / شعبنا !!
« في: 19:37 10/09/2016  »
شعبنا !!

سامي هاويل- سدني
10-9-2016
   
  لا يختلف إنسانان سويان على أن عملية إصلاح الخطأ بخطأ آخر لا تسبب الفشل الذريع فحسب، وإنما تزيد الأمر تعقيداً، لا بل تعمل على وأد غالبية محاولات الإصلاح، وربما تقضي على جميعها إذا ما أصرّ عليها ذوو الشأن على وجه الخصوص. فعمليات الإصلاح ليست بالأمر اليسير، خاصة عندما تكون عواملها ضئيلة وضعيفة، قد تأخذ وقتاً من الزمن ولكنها بالنهاية نجدها مثمرة عندما تتسم بالعقلانية والهدوء والمرونة التي لا تكون على حساب المسائل الجوهرية. ولكي نستطيع الوقوف على أقرب مسافة من الحقيقة بغية الوصول إلى حلول فعالة فيما يخص عنوان هذه المقالة، علينا أن ندرج توضيحاً لما يعنيه مصطلح (شعبنا).

    الشعب هو عبارة عن كم متفاوت في العدد من الناس والمجموعات، تشترك جميعها برقعة جغرافية معينة، يمارسون حياتهم بحسب قوانين تسنّها حكومة ( منتخبة أو مفروضة بتأثير القوة أو الغالبية). ولنصبح على مقربة أكثر من فهم ما نود الوصول إليه، نضع أمام القراء الكرام مثالا بسيطا يعطي صورة حقيقية واضحة لمعنى الشعب. فالبلدان المختلفة التي يعيش فيها أجناس متعددة ينتمون الى أعراق مختلفة يشكلون شعباً معينا غالبا ما يتسمى بأسم البلد أو الوطن الذي يشتركون جميعهم به. لِذا يصح القول: (الشعب العراقي، الشعب السوري، الشعب الأمريكي، الشعب الفرنسي.... والى آخره من شعوب مختلف البلدان). وهنا أود التأكيد على أن في مقدورنا أستعمال مصطلح (الشعب الآشوري) أيضاً، كون الأمبراطورية الآشورية أنضوت تحت لوائها أعراق متعددة لم تكن على صلة بالعرق الآشوري، ولكن أبناء هذه الأعراق عاشت على الأرض الآشورية ملتزمة بقوانين البلاد، ومتبنية الهوية الآشورية الجامعة، يحصلون على ما لهم من حقوق، ويؤدون ما عليهم من واجبات.

   في أيامنا هذه، بعدما أشتدت وتيرة صراع التسميات المُفتعل بين أبناء الأمة الآشورية على أختلاف أسبابه ومسبباته، وشُرِعت الأبواب أمام أصحاب الأجندات العنصرية المتعددة، وأصبحت لهم اليد الطولى في شأننا الداخلي، يُضاف إلى ذلك عدم الأستقرار الناتج من جراء الصراع المحلي والأقليمي والدولي الدائر في كل من العراق وسوريا، كل هذه العوامل مشتركة أدخلتنا في دوامة مزقت الأمة الآشورية الى أشلاء ليصل بها الحال إلى درجة بات وجودنا مهدداَ بشكل مخيف. فكان من الطبيعي جداً أن نسخر كل طاقاتنا التي تكتمن بكافة مؤسساتنا القومية والكنسية والسياسية والاجتماعية وحتى الفردية، لكي نحافظ على خصوصيتنا القومية قبل أن نفكر في مسألة الحقوق التي باتت هي الأخرى موالاً يُبدع في غنائه من أختار الإرتزاق على حساب أمته. هكذا نرى كيف أقدمت قيادات غالبية أحزابنا السياسية على محاولة إيجاد مخرج للأزمة التي ألمت بنا كأمة. ولكن لو تمعنّا جيداً في الآلية المتبعة والتي تكمن في عقد ( مؤتمر التسمية المشؤوم في أواخر تشرين الثاني 2003) وحصيلة النتائج التي تمخضت عنها سوف نتيقن، بشكل لا يقبل الشك، أنها لم تكن ذا منفعة، لا بل أكاد أجزم على أن المخططين الرئيسيين، وليس جميع المشاركين من المغرر بهم، قد أرتكبوا خيانة بحق الأمة الآشورية، جعلتهم في مكان يصعب عليهم العودة إلى بر الأمان، لِذا، وبدلاً من أن يسارعوا لإنقاذ الموقف، بدأوا يتخبطون يميناً وشمالاً ليزيدوا من هول الكارثة التي أوقعوا أنفسهم، ومعهم أمتهم فيها. ومن بين جملة الأخطاء (لا مجال لذكرها في هذه المقالة) التي فصّلوها لإنقاذ موقفهم، وليس لإنقاذ أمتهم من المأزق الذي أوقعوها فيه كان مصطلح " شعبنا"!!!! ، أي شعب؟ لا أحد يدري، ولكن في الحقيقة هي ليست إلا زوبعة مُسيَسة الغاية منها جعل الأجواء أكثر ضبابية، لتعم الفوضى على الساحة القومية بحيث تقلل من رؤية الفرد البسيط، ليؤجل بذلك كشف الحقيقة ووضع اليد السليمة على الخطأ لإيجاد الحلول المثلى التي من شأنها أن تنقذ ما تبقى لنا، وتلملم بعض كنوزنا القومية التي بسطوها على الأرض لكي تدوسها حوافر خيول شذّاذ الآفاق، وتطأها فلول الخنازير البرية.

   هكذا كان على النخب القومية المستقلة والخيرة أن تتحرك بشكل سريع وفعال للحد من أستمرار تفشي جرثومة الإرتزاق الطائفي والسياسي، ولكننا وللأسف نرى بأن هناك من بين النخب القومية من يتردّد من المواجهة،  ليجعل من مسوخ السياسيين محطة يحتمي فيها لحين تنجلي العاصفة. ولكن فاتهم، هذه المرة، بأن الوقت الثمين يمر بسرعة البرق، وشدة الرياح الصفراء العاتية سوف تقتلع جذورنا وتمسح وجودنا بشكل شبه كامل بحيث تنعدم الفرصة التي ينتظرونها ليلعبوا ما في مخيلاتهم من أدوار. هكذا نجدهم يقبعون متسترين بمصطلح "شعبنا" ليتجنبوا المواجهة مع المنتفعين والطائفيين ومن يتبعهم من البسطاء المغرر بهم، وليتركوا بذلك فراغاً أكبر، ومساحة أوسع على الساحة القومية ليستغلها كل من هَبّ ودَب، ولا يدركون بأن هذا المصطلح بشكله المبهم ليس إلا تأكيدا على أننا قوميات مختلفة.

    لنكن واقعيين على الأقل مع ذواتنا، عندما نزرع زؤاناً فهل ننتظر أن يكون المحصول حنطة؟ إن أستعمال مصطلح "شعبنا" دون الإشارة بشكل صريح إلى أي شعب نقصد ليس إلا محاولة مسك العصا من منتصفها، وفي حالتنا هذه لا يعتبر ذلك حلاً، بل يساهم في خلط الأوراق أكثر فأكثر. وليعلم الذين قد أختاروا التريث والاستراحة تحت ظل هذا المصطلح، أنه ليس هناك في الأفق ما ينبيء بالأمل ليترقبوه وينتظروه، بل أنهم أشبه بأولئك الذين أختاروا الهجوع في مخادع أمينة وآمنة يوم أحاقت الأخطار ببني جلدتهم. وأستمرارهم في البقاء على موقفهم هذا لا يُعَدُ حكمة ولا إصلاحاً ولا أعتدالاً، بل هو في أحسن الأحوال أشبه بجرعة المخدر المحقون في جرح بدأت الديدان تتناسل فيه وتتآكله.
 

27
الى البطريركية الكلدانية "مع التقدير"

سامي هاويل - سدني
18- 6 - 2016

 
وصلت قافلة من البعير قادمة من الصحراء تحمل على ظهورها خمسمائة مقاتل يقودهم خالد أبن الوليد الى المدائن، كان يظن بأنه سيغزو بهم العالم بأكمله، وما أن دخل على أسقف المدائن حتى نطق بما يردده الدواعش اليوم قائلاً، " جئناكم  بثلاث، أما الإسلام أو القتال أو الجزية ". ربما كان رد الأسقف له سبباً في التحول الكبير والدمار الذي لحق ببلاد آشور، عندما قال له " نحن لن نغير أيماننا، وما لنا وقتالكم، سندفع لكم الجزية " ضنا منه بأنه يتماشى مع تعاليم المسيح، ولم يخطر بباله بأن قراره المصيري هذا سيغير ملامح المنطقة بأسرها، ولم يكن قد مضى عقدين أو ثلاثة من الزمن على هزيمة كسرا أمام قبيلة من القبائل المسيحية في معركة ذيقار ( بلاشا د ذقيرا )، إثر حادثة حُدَيقة بنت النعمان بن المنذر.  هكذا سلم الأسقف رقاب الشعب بيد الغزاة الجدد فبدأت قوافلهم تتدفق الى المنطقة لجني الجزية، وصلت مجموعات منهم يبلغون من الجهل درجة بحيث كانوا يدخلون الى قصور كسرا وينهبون الذهب والفضة ويعبثون فساداً في كل نقطة وطأت أقدامهم، حتى أن بعضهم كانوا يحملون أواني وكنوز من الذهب ويجوبون الشوارع منادين بأعلى أصواتهم " من يبادلنا الصفراء بالبيضاء " دون أن يدركوا الفرق بين الذهب والفضة. هكذا وضعت قوانين دفع الجزية فوقعت على " من تمر على وجهه موس الحلاقة " مما يعني أن من يدفع الجزية ليس طفلاً ولا شيخاً، بل رجلاً يمكنه حمل السلاح، فوصل عدد دافعي الجزية أكثر من سبعمائة ألف رأس، هذا العدد الكبير كان بإمكانهم محو خالد أبن الوليد مع مقاتليه عن بِكرة أبيهم بساعة من الزمن، ولكن القرار الخاطيء للأسقف فعل فعلته حينها.  مرت الأيام والسنين وبلغ عبىء الجزية أوجه وما كانت هناك من حيلة أمام دافعيه من لقمة عيش أطفالهم إلا الدخول للإسلام، حتى قل عددهم الى حدود العشرين الف فقط، حينها توجه رجال الدين المسيحيين الى أحد الخلفاء العباسيين يتوسلونه لأيقاف موجات دخول المسيحيين الى الإسلام، فوافق الأخير " ليس حفاضاً على المسيحية، بل لضمان أكبر مبالغ ترِد من دافعي الجزية ".

  دروس وعبر مرت علينا عبر التاريخ ولم نستفد منها بقدر أنملة، ويبدو أن قادتنا مصممين على المضي على نفس المنوال، ولا يدرك بعضهم بأن بين المسلمين ورجال دينهم هناك الكثير ممن ينظر الى بعض المبادرات على أنها أنتصارات تحلل لهم نساء وممتلكات المسيحيين وما ملكت أيمانهم في الدنيا، وتضمن لهم في الآخرة بطاقة المرور الى الجنة حيث أنهار العسل والخمر وحور العين والغلمان ، وغيرها من الوعود التي لازالت تُزين مواعظ الشيوخ والأئمة حتى يومنا هذا وتدفع الشباب المسلم الى العنف.

   أما المنتمين الى الدين الإسلامي من الذين تواكب عقولهم عصر العولمة والديمقراطية فهم ليسوا بحاجة الى مبادرات مسيحية لكي يتعاطفوا مع المسيحيين.

  لسنا فقط لا نتعض من تجارب الماضي البعيد، بل أننا لا نتعض حتى من تجارب الأمس القريب جداً. فلم تسعف قبلة مثلث الرحمات مار عمانوئيل دلى التي وضعها على القرآن أهلنا في المحافظات الجنوبية والعاصمة بغداد، فقد تم التنكيل بهم وطردهم من بيوتهم وما أعقبها من مجازر وأختطاف وأغتصاب وأستيلاء على الممتلكات والى ما لا نهاية من أساليب الأعتداءات التعسفية أمام مرآى ومسمع المرجعيات الدينية الشيعية والسنية، وحتى القائمين على السلطة في العراق.

  أما مأدبات الفطور التي أقامها غبطة البطريرك مار لويس ساكو عندما كان مطرانا في كركوك ، فهي الأخرى لم تجدي نفعاً، حيث تلتها بأيام قليلة هجمات على المقابر المسيحية في كركوك، وغيرها من الممارسات الهمجية التي طالت أهلنا في كركوك، وكذلك الموصل عندما كانت لازالت تحت إدارة الحكومة " الديمقراطية" وليس تحت سيطرة داعش. وما تلاها من أستيلاء على ممتلكات المسيحيين في بغداد على يد المليشيات الموالية لجهات عراقية ذات نفوذ، بالإضافة الى قيام بعض المتنفذين بمحاولة فرض الحجاب على المسيحيات، ودعوتهم للأقتداء بالعذراء مريم بأعتبارها كانت "محجبة"، ولم تنتهي الأمور الى هذا الحد بل لا زالت عقدة المادة 26 الخاصة بالقواصر الذين يُسلِم أحد أبويهم على حالها ولم تُحَل بعد، وفي الآونة الأخيرة تم نشر فيديو لأحد المسيحيين في ساحة التحرير وهو يتلو الشهادة ويعلن إسلامه، وأنا على يقين بأن الأمور لن تقف عند هذا الحد طالما بقي الدين الأسلامي المصدر الأساسي لتشريع القوانين في الدولة العراقية، فهل من بصيص أمل في أتجاه تخفيف معاناتنا في الوطن سيحل بعد دعوتكم رعيتكم للصوم يوما واحداً في شهر رمضان تضامنا مع المسلمين ؟ أم أنه يفتح باباً جديداً أمام المتشددين لكي يأتوا بعد حين ويفرضوا على المسيحيين الصوم طوال الشهر، كخطوة أولى في طريق الأسلمة ؟.
الآباء الأجلاء من المطارنة والأساقفة في الكنيسة الكلدانية، وعلى رأسهم غبطة البطريرك مار لويس ساكو المحترمين، دعوتكم الأخيرة لم تكن موفقة أبداً، نتمنى أن تتريثوا وتتباحثوا مع بقية إخوتكم في الدم والأيمان قبل أتخاذ هكذا قرارات، أو بالأحرى أعملوا جميعكم معاً من أجل إعادة اللحمة الغير مشروطة لكنيسة المشرق، ووحدوا الصوم بينكم كأبناء كنيسة واحدة فهو واجب الأولى القيام به قبل إطلاق مبادرات الصيام ومأدبات الإفطار للمسلمين.

28
الحكيم والعقيم 2
[/b]

عدنان شمعون
ashamon62@yahoo.com
29 اذار/2016

http://www.ankawa.com/forum/index.php/topic,807416.0.html رابط الجزء الأول

   عاد الشيخ الجليل الحكيم الى قريته النائية بعد غربة وغياب طويل، عاد مرة اخرى الى اهله وابناء جلدته وكله امل في ان يكون التغيير قد طالهم وانزاحت عن سمائهم قساوة الحياة وظلم المستكبرين، عاد وفي نفسه تساؤلات شتى عن الحاضر والمستقبل، لكن المفاجئة صعقته وهزت كيانه حينما راى ان عجلات الزمن ما زالت تمزق اوصالهم وانهم ما يزالون يتخبطون في دهاليز الماضي ويا ليتهم كانوا كما تركهم منذ سنوات مضت بل انهم اسوأ حالا واحط مكانة مما كانوا عليه .

   نظر اليهم بعيون شاخت مقلتيها وجفت سواقيها، لقد قارب من العمر ارذله ونظرته هذه ستكون الاخيرة، هذا ما كان يشعر به ويتألم في قرارة نفسه وعزائه الوحيد كان بصيص الامل الذي راه في عيون البعض،  ومنه استلهم موعظته هذه

لن ابكي عليكم وان ظاقت بكم الدنيا وتكالب عليكم الاعداء   

   لن ابكي عليكم لاني احبكم   
انكم تعيشون الالم وتتحدون ملاحمه وتجتازون كل مراحله وبعد ذلك تسألون عن المزيد، فهل ادمنتم الالم ؟
اختبرتم الحزن وتفوقتم عليه وصار البكاء عنوانكم، فكيف لا يستدلكم الاعداء ؟
الضعفاء هم دائما هدف للاقوياء، فالقوي لا يستهدف القوي .
تلومون من يستضعفكم لانه اقوى منكم وكان الاجدر ان تستقووا عليه .
لقد تعودتم تجرع العلقم حتى صار طعمه في افواهكم شهدا .
فلما الاجتهاد وراء العسل ؟

   لن ابكي عليكم لاني احبكم   
تصغون الى الاكاذيب وانتم في قلب الحقيقة
تتسابقون الى مصادرها وتغرفون منها ما لا طاقة لاذانكم سماعها
بعدها تبدأون صياغة امال مزيفة واحلام عقيمة لتريحوا بها نفوسكم المتعبة

   لن ابكي عليكم لاني احبكم
عدوكم جاهز في كل المستجدات، هو جاهز للقتل والسلب والنهب والاغتصاب وهلم جرا من هذه المفردات .
اما انتم فلم تجهزوا للحق، لم تجهزوا للدفاع عن ما تبقى لكم من كرامة وارض وعرض، بل انكم تتقوقعون عند كل نقاط التحول والتغير التي تطرأ على واقعكم ومن ثم تخرجون لتلقون باللوم على اعدائكم .
ستبقى المحبة معطلة في قلوبكم، لان مفعول الكراهية ما زال ساريا في شرايينكم .
اذا حضرت الضغينة اختفى الوئام، فهل كنتم في يوم على وفاق ؟
اذا حضرت الانانية كثر النفاق، فهل كنتم في يوم على اتفاق ؟

   لن ابكي عليكم لاني احبكم
ان المتناهي في الصغر يستحيل رؤيته بالعين المجردة، وما لا تراه العين تسمعه الاذن وما لا  تسمعه الاذن يحس به البدن، فالكل يحاول اثبات وجوده مهما كان صغيرا .
 البرغوث الصغير بعضاته يثبت وجوده والجرثومة التي لا تراها العين المجردة تثبت وجودها بالالم الذي تسببه للجسم، فما هو حجمكم في هذا العالم ؟
انظروا حولكم شعوب وملل لا تعد ولا تحصى، منها من تملأ العالم ضجيجا واعمالها لا تكاد ترى، ومنها من لا تسمع منها الا همسا واعمالها تضج العالم، وانتم ضجيجكم فيكم واعمالكم لغيركم .
الكل يسابق الزمن وانتم تسابقون بعضكم بعضا .

   لن ابكي عليكم لاني احبكم
انتم شجرة زيتون عاقرة جذورها تضرب اعماق الارض، مخضرة وارفة الظلال لكنها لا تطرح ثمرا
اني ارى فيكم امة حية بكلمة الخالق وقدرته وشعب ميت بجهله وضعفه .

   لن ابكي عليكم لاني احبكم 
ارضكم ارث ابائكم كانت لكم وصارت اليوم للغريب، ابيتم من ان تحرثوها وابيتم من ان تحرسوها وها هو الغريب يستعبدكم على تربتها ويسخركم للعمل فيها .
لقد اثبتم للعالم ان الكسالى بالسوط يساقون .
الذي يعيش في الارض غير الذي تعيش الارض فيه، فالاول يمكن ان يهجرها والثاني يستحيل عليه هجرها وان بعد عنها اميال وفراسخ
ابصروا الامور ببصيرة حتى تروا ولا تتخبطوا
 لان البصير من دون بصيرة اعمى

   لن ابكي عليكم لاني احبكم .
انا نور العالم يقول الرب
في احلك الظلمات تتمسكون به وحينما ترون منه بصيص تنكرونه، فما اعظم الظلمة في داخلكم .
انتم ملح الارض يقول الرب
فاين هي الارض التي ستملح بكم ؟

   لن ابكي عليكم لاني احبكم
الطيور في هجرتها تتناوب القيادة وانتم في مسيرتكم تتصارعون عليها ويا ليتكم تفقهون ابجدياتها .
دواب الارض كل بحسب اجناسها قطعانا تسير، وانتم شتات شتات لا راعي ولا مراعي .
في الحياة اما ان تكون فريسة او مفترس وغير هذا هو خارج عن قانون الحياة، فهل تدركون قانون الحياة ؟ .

   لن ابكي عليكم لاني احبكم .
الطوائف والعشائر والاحزاب هي حججكم الواهية التي تحاولون بها تبرير فشلكم .
 الطوائف والعشائر والاحزاب هي ورقة التوت التي تحاولون بها ستر عوراتكم، انها بالحقيقة مكونات اي امة، بها تتباهى ومنها تستمد قوتها فلماذا اخرجتموها من اطارها واستنبطتم منها امراضكم، الطائفية والعشائرية والتحزب وافرغتم اطار امتكم كما يفرغ الصندوق من محتوياته حتى صار هشا سهل الانكسار .

   لا ضرر من ان تعمل لطائفتك او عشيرتك او لاي حزب تؤمن به على ان يكون ذلك من خلال الامة، فهي بعد الخالق خط احمر لا يجب تجاوزه .
   ان ضعف حاضركم هو من يشدكم الى الماضي السحيق ويجعل منكم اصناما صماء تبكي اطلاله ويبعد المسافات عن مستقبل كان يمكن ان يكون الافضل، انكم حقا حفريات حية .

   لن ابكي عليكم لاني احبكم
علام تبكون ؟
على ما يبيعه رعاتكم ام على ما ليس لكم القدرة في استرجاعه .
الاسفنجة التي تنظف كل ما حولها تتسخ من كثرة ما يتعلق بها من اوساخ، هكذا اشبهكم
اعطيتم للعالم كل ما هو صالح ولم تأخذوا منه الا ما يضركم 
انتم نظفتم كل الامم وتعلقت بكم اوساخها
انفظوا عنكم غبارها ونظفوا ما علق بكم ثم ابدأوا المشوار حتى لا تطالكم مكنسة الزمن 

   لن ابكي عليكم لاني احبكم
تربيتم على الفضيلة والحفاظ على امانة الغريب وهو شيء جيد
فما بالكم لا تأتمنون بعضكم بعضا
يسهل الاتفاق بينكم وبين الاغراب ويستحيل ذلك فيما بينكم
مع الجميع انتم على وفاق الا مع ابناء جلدتكم فانتم في عداء
تغلون في كل شيء لهذا صرتم لا شيء
مسيحيون اكثر من المسيح
اشوريون اكثر من اشور
ملكيون اكثر من الملك
المحبة فيكم معدومة بل هي صفر، فكل اعمالكم وجهودكم مهما عظمت فمحصلتها النهائية ستكون صفرا لان المضروب في صفر ناتجه صفر

   لن ابكي عليكم لاني احبكم   
رحم الرب القائل الاعتراف بالخطأ فضيلة
الذي لا يخطأ هو جنين في رحم امه هو من لم يخض معترك الحياة
الذي يعمل هو من يخطأ، والذي يقر به ويتعلم منه هو من ينجح والقائل انه لا يخطأ لا يمكن ان يعرف الصواب
تتكلمون كأمة وتتصرفون كعرق
ليس في الامة اخوة او اقارب بل هناك شعب وقضية
فان ضاعت القضية يصبح الشعب في حكم اللاوجود
لن ابكي عليكم
 لاني بذلك اكون قد اعلنت خبر نعيكم
لن ابكي عليكم، لاني احبكم
لن ابكي عليكم

29
الحكيم والعقيم
عدنان شمعون ـ كندا
ashamon62@yahoo.com

   قد تولد الحكمة في ظلال الجهل، لكنها لا تترعرع في احضانه . فاذا حلت الحكمة زالت النقمة، واذا زالت الحكمة حلت النقمة .
بهذه الكلمات استهل الحكيم كلامه مخاطبا سكان تلك القرية النائية، التي ظلت تلعن الزمن دون جدوى، فهي من جهلها لم تدرك ان مصابها لم يكن سببه الزمن، وان احوالها المتدنية لا تصّلحها اللعنات حتى وان كانت ابدية. فاهلها نبذوا اهل العلم، واضاقوا الخناق عليهم، فمنهم من هاجرها بعيدا الى القرى التي لا تمت اليهم بصلة، بعد ما ذاقوه من بغض وكراهية بين ابناء جلدتهم، فضلوا خدمة الغرباء . ومنهم من تشرنق ليتفادى جهلهم وقلة ايمانهم .

 
{لا يكون نبي بلا كرامة الا في وطنه وبيته}( متى 13-57) .
   لقد كان الحكيم على دراية تامة باحوال اهل القرية، فهي لم تكن تسر الخاطر، بل كانت تسير من سيئ الى اسوأ . تفحص وجوه الحاضرين الذين تواجدوا هناك حبا للفضول لا للاصغاء، فالفضول هو خصلة اخرى تضاف الى خصالهم الرديئة .  تفحص الحضور والالم يعتصر قلبه، اذ كان واحدا منهم، غريبا امضى الامس بينهم، وغريبا يزورهم اليوم، وهذا ما يحز في قلبه .

   تحملق في وجوههم طويلا، ثم مضى يقول : ان الحديد والذهب معدنان مختلفان في التكوين، فالاول قوي ورصين، والثاني براق وثمين، الاول يكيل الثاني، لهذا نراه قابعا في كفة الميزان لا يفارقه ابدا، اما الثاني فيغادرها ليزين صدور الناس ومعاصمهم، فما بالكم تكيلون من هم اكثر حكمة ودراية منكم، ام ان الغيرة هي التي تاكل احشائكم، وتسيركم دون بصيرة .

   انني اشبهكم بالتفاحة التي اراد لها القدر ان تنبت على الغصن البعيد، فهي ظلت معلقة بالرغم من القساوة التي تمنى عليها الطقس، صمدت امام اعتى الرياح، ولم تهزها اعنف العواصف، بينما تساقط اصحابها الاكثر بعدا عن مهب الريح، الى ان نهشتها الدودة، وجعلت من باطنها ماوى لها، اكلت ما بداخلها حتى وصلت القشرة، وهنا السؤال يطرح نفسه، هل بمستطاع التفاحة مقاومة أي نسمة عابرة ؟
فحذاري والدودة، فخرابها العظيم لا يقاس بحجمها . .!

   انكم تتجنبون كلمة الحق، وتتهربون منها، لا بل تصمون اذانكم خوفا من ان يمزق دويها الصارخ طبلاتها، الحقيقة مؤلمة دائما، فمن احبكم صارحكم باخطائكم، وكشف لكم عوراتكم، لغاية تقويمكم واصلاحكم. انتم تنهرون ابناءكم وتقسون عليهم بعض الاحيان، فهل هو كرها منكم لابنائكم ؟ الجواب كلا، فخوفكم عليهم وحبكم لفلذات اكبادكم هو الذي يدفعكم احيانا الى استعمال القسوة ضدهم .

   ان مشرط الطبيب يفتح الجرح ويغوص في اعماقه، وفي هذا الم كبير، فهل يتذمر المصاب وهو على دراية من ان الغاية من كل ذلك هي المعالجة والقضاء على الجرح قبل استفحاله ؟ وهو مايعرض حياته لخطر الموت، فلما لا تتحملوا الالم مرة واحدة على ان يصاحبكم بقية حياتكم ؟

   ان قطعة القماش كانت دائمة التذمر من وخزات الابرة، الى ان جاء الوقت الذي تكلمت فيه الابرة الى قطعة القماش ردا على تذمرها، حين قالت: انك من دون وخزاتي لا شيء، سوى قطعة قماش، يهملك الناس ولا يعيروا لك أي اهتمام، فوخزاتي هي التي تصنع لك الجمال الذي به تبهرين عيون الماره، ووخزاتي هي التي تجعل لك الشأن الذي تفتخرين به .

   ان الغسيل الوسخ لا ينشر امام الناس، كما انه لا يركن جانبا لان رائحته النتنة ستزكم الانوف ..!
قبل ان تاخذوا، عليكم ان تتعلموا العطاء، انظروا الى الزهرة البرية، فهي لا تبخل برحيقها على النحلة، وهكذا ايضا النحلة، لا تبخل عليكم بعسلها، فلما تبخلون على بعضكم البعض، وانتم اخوة بالدم ؟

   يا لكم من قوم، تذمرتم حتى على خالقكم، تاجرتم بدماء اخوتكم، زرعتم ما هو ليس من خصال ابائكم في ابناءكم، تعلمتم الكذب وتفوقتم عليه، سلكتم طرقا لم يكن لكم فيها مسلكا، ويا ليتكم فلحتم، فالابواب ظلت موصدة في وجوهكم، وكما يقولون اذا عرف السبب بطل العجب . . !

   متى ستتعلموا من النمل، هذا المخلوق الصغير في الحجم والعظيم في القوة والعمل، لا يقل ذكائا عن باقي المخلوقات، انظروا كيف قسم واجباته في الخلية الواحدة بشكل لا يقبل الجدل، متى ستحذون حذو هذا الكائن الصغير، وتتركون كبريائكم الزائف الذي لم تجنوا منه سوى الخراب . جميعكم يروم القيادة، فهل تمتلكون ما يساعدكم على شراء الاتباع ؟

   ان الذي يخوض في هوامش الاحداث، لن يكون الحدث ابدا.انكم كمن يعيش في عصور اختّلت فيها العقول وتداخلت في بعضها الفصول، تسيرون من دون تحديد وجهتكم، وحينما يدرككم التعب، تنظرون الى من حولكم لترموا عليه اللائمة. انكم الاقرب من البعيد، والابعد من ذلك القريب، غدوتم معلقون بين السماء والارض، تضحكون على ما يبكيكم، وتبكون على ما يضحك العالم .

   انتم تتغاضون عن قساوة الكثير لكم، ليس ايمانا منكم بما قاله السيد المسيح له المجد، لانكم تلسنون على بعضكم البعض، والقسوة فيما بينكم لا حدود لها. ها هي الذئاب تصول وتجول في قطعانكم، تمزق هذا وتشتت ذاك، جاءتكم بلباس الحملان، وانيابها كانت ظاهرة للعيان . . والذي لا يفرق بين الذئب والحمل، هو اعمى .

ان الذئاب لا تهاجم سوى القطعان المشردة، فهل من لائمة عليها ؟
الذي يكون في صمته حجاره، تكون حركته كالبيدق، مسير لا مخير .
والدفة اذا قادها الجهل، فلا مفر من الهاوية .
فان فهمتم فهو خيرا لكم، لان الحياة ما دامت مستمرة، فلكم كل الفرص في صنع المعجزات .
وان لم تفهموا، فستظلوا على ما انتم عليه، شعب عقيم، وعقمكم سيكون سبب نهايتكم . 
[/font][/size][/color]

30
"الطابع المسيحي في العمل السياسي " الخطوة الثانية في مشروع إقصاء القضية الآشورية

سامي هاويل/ سدني
26/2/2016

   

   إثناعشر عاماً وبضعة شهور مضت على المؤتمر المشؤوم (المؤتمر القومي الكلداني السرياني الآشوري العام) المنعقد في بغداد أواخر تشرين الأول 2003، والذي لطالما أشرنا إليه بشكل مفصل في مقالات سابقة وهكذا سنفعل لاحقاً أيضاً لحين أن تكتمل صورته الحقيقية المُقرفة  أمام أنظار الجميع، بأعتباره المحطة الأولى في طريق إقصاء القضية الآشورية.
 
   لا يغيب على المتتبع التأثير السلبي الذي أفرزه صراع التسميات المختلق، والذي اشتدت وتيرته بعد أن تم تغذيته في المؤتمر المذكور،  وما خَلّفه النمو السريع لهذا الصراع  حين أخفق العديد من المعنيين، سياسيين ومثقفين وكُتاب ورجال دين في التعاطي معه كمعضلة، هؤلاء الذين  في الوقت ذاته نتفاجىء بقدراتهم الخارقة في خلق وأيجاد مسوخ بديلة للهوية الآشورية  تَقيهم عناء الموقف الصائب والمُشَرف الذي ربما يمنيهم بخسائر شخصية أو مؤسساتية، لما لا، فلطالما بات الوعي القومي غائبا ً بين أوساط الأمة الآشورية.
   
   كثيرة هي الأمثلة للحالة التي أبتلت بها الأمة الآشورية اليوم، ولا أرغب الأستشهاد  بأمثلة من أقوام غير مسيحية، ولكنني سأشير الى حالة الأقوام المسيحية التي طرحت جلودها القومية جانباً وروجت لأنتمائها الديني فقط بديلاً  لها، نجدها  سرعان ما تلاشت هويتها القومية. فلا يشعر الأقباط  اليوم بأي إشكال في أعتبارهم عرب وجزء من الأمة العربية، يتداولون العربية في بيوتهم  وكنائسهم وحياتهم اليومية، هكذا الحال عند الأخوة الموارنة. وبحصرنا دائرة المقارنة والأمثلة الى أصغر حجم فإننا نعي جيداً بأن هناك بين أبناء الأمة الآشورية في المدن العراقية وسهل نينوى ممن يدعون بأنهم عرب مسيحيين!! كما هي الحالة عند بعض سكان القرى الآشورية في الشمال ممن أتخذوا من الكردية هوية قومية لهم وباتوا أكراداً مسيحيين.

    ما يقودنا الى الشعور بالحزن العميق في حاضرنا الذي تُحيق فيه بأمتنا أيديولوجيات عنصرية تعمل من أجل إلغاء وجودنا القومي بالكامل، تاريخاً وحاضراً ومستقبلاً، هو أننا نشاهد كيف أنتهج سياسيونا قبل رجال الدين خطاب المسيحية في عملهم السياسي، بحجة الوحدة!! في الوقت الذي تمزقنا عواصف العقائديين والقومجيين من شركاثهم في السلطة لتُقَطعنا أوصالاً، وقد طرحتنا اليوم في حاضر مزري فقدنا فيه ثقلنا الديموغرافي والجغرافي، وغُيّبت فيه قضيتنا القومية بشكل كامل، ليحل أنتمائنا الديني المسيحي بديلاً لها، كخطوة ثانية في طريق تكريدنا وتعريبنا. والغريب جداً هو كلما حاولنا الوقوف على هذه الحقيقة، يقابلنا منظروا الغفلة بخطابات بكائية وعبارات  تبريرية تعكس مدى ضعفهم وأنعدام بصيرتهم، كالتسميات المركبة التي باتوا يقينين في قرارة ذاتهم بأنه لا جدوى منها، وحينما يرغبون تجنبها بدأوا يجترون مسطلح(شعبنا!!!)، وهو الآخر يعتبر جرعة إضافية مخدرة لتظليل أبناء الأمة الآشورية، لتؤجل تَبرُئهم من المنتفعين ممن يمتهنون الأرتزاق على حساب قضيتهم وأمتهم على أختلاف ألوانهم ومواقعهم وصفتهم. أكاد أجزم بأن هناك من بين البارزين منهم من ينتظر بوقاحة اللحظة التي يحترق فيها كل شيء في الشرق الأوسط ليستر على عوراتهم في العمل القومي ويُخفي تعاقدهم  مع الغريب ، كون الكثير منهم قد وصلوا الى مآربهم، ولكن أنسحابهم في الوقت الحاضر يضعهم أمام تساؤلات مؤرقة.
 
   عديدة هي العوامل التي أدت الى هذا الواقع المرير ولكن يأتي في مقدمتها غياب الوعي القومي، وبما أننا نعطيه المرتبة الأولى في  عملية إصلاح البيت القومي الآشوري ، لذلك يكون الأجدر بكافة المؤسسات السياسية والكنسية والأجتماعية والثقافية والشخصيات القومية توحيد طاقاتهم،  والتعاون،  وبذل كل ما بوسعهم، وتسخير كل إمكانياتهم  وبكافة السبل المتاحة  من أجل نشر الوعي القومي، وبذل الجهود للحفاظ  على خصوصيتنا القومية، فبدونها لن يجدوا القاعدة الجماهيرية التي تمنحهم الشرعية بعد حين، وهكذا تتحول الى مؤسسات عائلية ومن ثم تتلاشى، ويبقى الحال في كنائسنا أيضاً على غرار الكنائس الغربية، خالية طوال أيام السنة، عدا أيام الأعياد الكبيرة.

    حذارِ من الترويج للخطاب المسيحي كبديل للخطاب القومي الآشوري تحت أية ذريعة كانت، الوحدة المسيحية هي شأن كنسي وحسب، ويجب أن تبقى في إطارها، وعلى المعنيين بها العمل لتحقيقها، أما أستغلالها كبديل لحل إشكالية التسميات فهو عمل خياني يضرب وجودنا القومي الآشوري في الصميم. نحن أمة واحدة، نمتلك كل مقومات الأمم الحية، وإذا بات اليوم من يرغب العمل تحت التسمية الكلدانية أو السريانية كقومية فدعوهم يمضون في طريقهم، (رغم أننا لم نطلع لحد هذه اللحظة على أي سقف مطاليب قومية لهم !!)، ولكن مع ذلك نقول إذا ما  تمكنوا يوماً من إعلانها وإحقاق أي منها فهو نصر لنا أيضاً، وأتركوا القرار لأبناء أمتنا الآشورية بكافة أنتماءاتها الطائفية، أما أن نُسخّر مقوماتنا ومسيرتنا ونُسيّس وجودنا وقضيتنا القومية الآشورية تحت أية ذريعة فهذا عمل مرفوض بشكل قطعي ، ولا يمكن السكوت عليه ، لأنه وكما أشرنا سابقاً باننا ملك للقضية الآشورية وليس العكس، كوننا نعتبر إحدى مراحلها، وهناك من الأجيال من  ناضلوا وضحوا بحياتهم من أجل الحفاظ عليها، فبدونها سوف لن يطول أجلنا كأمة ، ويصبح كل شيء على حافة الهاوية ليغور في طي النسيان.

31
  الحديث عن الوحدة والقيادة لم يتوقف منذ الأنطلاقة الأولى للحركة القومية الآشورية في العصر الحديث، والمحاولات لتحقيقها لم تهدأ الى يومنا هذا، مما يدل على أن جميع تلك المحاولات بائت بالفشل، لأسباب مذهبية وعشائرية وحزبية وغيرها، وعلى ما يبدو فإن الإشكالية الكبرى التي يعاني منها شعبنا الآشوري هي إشكالية فكرية، سببتها الظروف التي عصفت به، فمنذ سقوط دولته توالت على حكمه شعوب عديدة ذات ثقافات مختلفة أدت به الى ما يمكن تسميته بالأنفصام الفكري، الذي نرى اليوم بأنه السبب الرئيسي في تنافر تياراتنا بعضها عن بعض، وعدم توافقها رغم تقارب أهدافها.

  نحن في هيئة التنسيق لمؤتمر آشور العالمي نرى بأن الحل يجب أن يكون فكري، فإذا أستحال علينا لحد هذا اليوم أيجاد من يجمعنا تحت مظلة واحدة، يوحدنا ويقودنا الى بر الأمان للأسباب التي تم ذكرها، فلنجعل من الفكر مظلة تظلل مؤسساتنا أياً كانت مشاربها، وعليه نرى بأن وضع اللبنة الأساسية في هذا الفكر يكمن في سبعة مباديء كمرحلة أولى، ومنها سوف يتم أستنباط بروتوكولات آشور السبعة أثناء أنعقاد مؤتمر آشور العالمي الأول، والتي ستكون الأساس في بناء البيت الآشوري، والعمود الفقري لجسد أمتنا العظيمة. وعليه ورغبة منا في هيئة التنسيق ننشر هذه المباديء التي نراها القاعدة الأساسية لبناء الفكر القومي الآشوري، وعلى أساسها سيتم صياغة الخطاب القومي الآشوري الذي يعتبر الحل الأمثل لتحقيق الوحدة القومية الشاملة. لذا ننشر هذه المباديء السبعة ليتسنى لأبناء شعبنا الآشوري الأطلاع عليها وقرائتها بدقة، ومن ثم رفدها بكل ما يروه مناسباً لكي نحقق النجاح في وضع البروتوكولات المنشودة، ومن الرب التوفيق.

هيئة التنسيق لمؤتمر آشور العالمي
25/11/2015
assyriaconference@yahoo.com




المبادئ الأساسية في الفكر القومي الآشوري
هيئة التنسيق لمؤتمر آشور العالمي

مقدمة:
     إن بلاد آشور هي الموطن الأصلي والتاريخي للشعب الآشوري. وهي مهد حضارته التي أستوطن فيها في عصور ما قبل التاريخ، في حدود الألف الخامسة قبل الميلاد. وفوق تلك الأرض تدرّج الكيان السياسي والعمراني للآشوريين حتى تمكنوا من تأسيس أول دولة واضحة المعالم سياسياً وحضارياً، ذات حكومة مركزية مسيطرة كلياً وفعلياً على جميع مناطق وادي الرافدين وطابعة إياها بالطابع الآشوري.

   أهم ما تميزت به حضارة الآشوريين في وادي الرافدين هو أنها ذات طابع أصيل، وأستمراري عبر العصور التأريخية وذلك بخلاف الحضارات الأخرى التي سادت ثم بادت، وأنتهت بأنتهاء عهدها القديم، حيث تلاشى طابعها القومي من الوجود.  وبقيت حضارة الآشوريين مستمرة على ذات الأرض التي ولدت عليها أول مرة ولم تنتقل إلى مكان آخر. وبفعل أبنائها وبمساعدة القوى الخيرة في المجتمع الدولي ستبعث ثانية في الزمن القادم في أرض مولدها. والتاريخ سيعيد نفسه لامحالة أمام الإرادة الصلبة للشعب الآشوري. ، فعلى أرض بلاد مابين النهرين ولد الشعب الآشوري، . نما وتطور وجوده القومي والإنساني عبر علاقة لا أنفصام ولا أنقطاع فيها بين الأرض والتاريخ. وبالثبات الملحمي، في المكان والزمان، صاغ الآشوريون هويتهم الوطنية، وأرتقوا بصمودهم في الدفاع عنها إلى مستوى المعجزات. وإن ديمومة التصاق الشعب الآشوري بالأرض على أمتداد الأزمان والعصور، هي التي منحت الأرض هويتها، ونفحت في الشعب روح الوطن.

    أستمر الشعب الاشوري يزخر بالحياة والطموح حتى بعد سقوط كيانه السياسي كأمبراطورية بسقوط عاصمتهم نينوى عام 612 ق.م، حين أجتاحها الفرس الميديون بالتآمر مع حلفائهم الكلديين. وتؤكد جميع المصادر والوثائق التأريخية بأن الآشوريين هم من أوائل الشعوب التي أعتنقت المسيحية التي بدأت أولى ملامحها بالظهور في بلاد آشور بعد منتصف القرن الأول الميلادي على يد الرسولين مار أدّاي (تدّاوس) ومار ماري. ولهم اليد الطولى في وضع أسس اللاهوت القويم، على يد لاهوتييه الذين تطول قائمة أسمائهم. وإن سبب تقبل الشعب الاشوري للمسيحية والتحول اليها من معتقدات ابائهم، هو كونها لم تختلف كثيراً عن أيمانهم القديم (الديانة الآشورية قبل الميلاد). فقبل مجيء السيد المسيح نشر الآشوريون فكرة الإله الأوحد في مرتبته، وآمنوا به بأسم (آشور)، كما آمنوا بموته وقيامته بعد ثلاثة أيام وهذه كانت معاني أحتفالات رأس السنة الآشورية التي تصادف في الأول من شهر نيسان، من كل عام.

   فمسيحيتنا رداء تزهو به آشوريتنا، كما أن أمتنا الآشورية هي فخر للمسيحية كما وصفها يسوع المسيح "رجال نينوى سيقومون في الدين مع هذا الجيل ويدينونه، لأنهم تابوا بمناداة يونان، وهوذا أعظم من يونان ههنا" (متى 12/41). ومن هذا المنطلق يحق لنا كآشوريين أن نفتخر بكنيستنا المشرقية بفروعها، وهي إرث حي وأمانة مقدسة من الآباء والأجداد، بات الحفاظ عليها واجبا ملحا يقع على عاتقنا.

لذا نحن في هيئة التنسيق لمؤتمر آشور العالمي، نؤمن بأن أمتنا الآشورية المجيدة المباركة ولدت وستبعث على ارض مولدها، بنضال أجيالها مهما طال الزمن. أخذنا على عاتقنا العمل الدؤوب لإنعاش المشروع القومي الآشوري، وهذا المشروع الكبير لن يكتب له النجاح إلا بالعمل على تنشئة أجيال تؤمن أيمانا قاطعا بالهوية والآرض الاشورية المسلوبة، لذا وجدناه أمرا ضروريا لطرح هذه المبادئ التي سوف تساعد مؤسساتنا القومية وتوحد جهودها في تنشئة تلك الأجيال.

 
1-   المبدأ الاول
"الشعب الآشوري له كل مقومات الأمة الحية"

الشعب الآشوري سليل الأمبراطورية الآشورية العظيمة ووريثها الشرعي، مر ولازال يمر بمحن كثيرة أدّت الى تشتته في جميع بقاع الأرض هرباً من الأضطهاد وطلباً للأمان، إن الشعب الآشوري ليس مجرد شريحة بشرية تتصف بصفات عرقية محددة، بل يمتلك كل مقومات الأمة الحية التي تمتاز بخصوصيتها عن بقية الأمم، وإن تشتت أجياله في المهاجر لا يُسقِط عنهم أنتمائهم القومي، ولا حقهم في أرضهم. لذا بات ملزماً علينا أن نرسخ هذه الحقيقة في أذهان أجيالنا ليتحملوا مسؤوليتهم في إبراز هذه الحقيقة أمام المجتمع الدولي.

2-   المبدأ الثاني
"الفكر القومي الآشوري والمسألة الأيمانية"

 ساد الأعتقاد والأيمان في أوساط الشعب الآشوري لإلاف السنين بأن ملوكهم يمثلون اللـه على الأرض، ومنه يستمدون سلطانهم، ويرى الأستاذ والباحث المعاصر في الشأن الاشوري سيمو باربولا بأن العقيدة الايمانية المسيحية عند الآشوريين هي أمتداد للعقيدة الآيمانية الآشورية القديمة، لذا كان الآشوريون من أوائل الأمم التي تقبلت المسيحية، وسرت تعاليمها بينهم، وسادت بفترة قصيرة من الزمن، وتمازجت معها بعض المعتقدات القديمة، حيث كان الملوك الآشوريين يمسكون بالسلطة الدينية والمدنية، وأنتقل هذا التقليد الى آباء كنيسة المشرق المقدسة حيث كان البطريرك يعتبر الرئيس الأعلى لكلتا السلطتين الدينية والمدنية الى ما قبل عقود قليلة ، وعليه يمكن أعتبار أن الاشورية لا تكتمل إلا بالمسيحية، كما لا تكتمل المسيحية إلا بالمعمودية، بشرط تجريدنا الإنسان الآشوري من خصائصه القومية التي تشمل التاريخ والجغرافية والثقافة الشعبية المجتمعية التي يشترك بها حتى الآشوري غير المسيحي.


3
-   المبدأ الثالث
"بناء الإنسان الآشوري (تأجيج جذوة الشعور القومي في وجدان الإنسان الآشوري)"[/b]

 بات مؤكداً للمهتمين بالقضية القومية بأن شخصية الإنسان الآشوري قد أنهكتها وأنتهكتها كثرة الحروب والأضطهادات المستمرة من قبل جيرانه، ولا نغالي إذا قلنا بأن بناء الإنسان الآشوري له الأولوية قبل بناء الوطن، لذا أصبح لزاماً علينا البحث عن السبل الكفيلة لإعادة بناء الشخصية الآشورية وصقلها، لإسقاط كل ما تعلق بها من شوائب على مر الزمن، وأستثمار طاقات أبناء أمتنا من المختصين في هذا المجال للبحث ووضع الدراسات الكفيلة التي تضمن بعث الطاقات الكامنة في الشخصية الآشورية وتحفيزها للبحث عن أستكمال شروط الهوية القومية. ونرى بأن الوصول الى هذه الأهداف سوف يتأتى من خلال أيجاد مؤسسات قومية من المختصين في شتى مجال العلوم الإنسانية للبحث وأيجاد الحلول الناجعة في بناء الشخصية الآشورية.


4-   المبدأ الرابع
"مسؤولية الإنسان الآشوري في دعم المشروع القومي الآشوري"

للعامل الإقتصادي دورٌ حاسمٌ في حياة وتطوّر الشعوب ورسم آفاق مصيرها ومستقبلها. كما له دورٌ في تركيبة البنية الأجتماعية والسياسية. وفي ظل الرخاء الأقتصادي للمجتمع تتوسّع الخيارات أمام أفراده للتمتع بالحياة، وتتعزز مقومات العيش الكريم التي تشمل الحق في البقاء والصحة والتغذية والتعلٌم والحماية من الأذى والأستغلال والتمييز.

    وليس بخافٍ على أحد أن المسألة المادية تلعب دوراً محورياً في إنجاح أية فعالية، أو نشاط أجتماعي إن كان على مستوى الفرد أو الجماعة. ومن المحال أن تتحقق أية مطامح قومية من دون الأعتماد على العامل الأقتصادي. لذا، فإنها مسؤولية كل آشوري تتملكه الغيرة والنخوة القومية أن يبادر إلى المساهمة في إنشاء صندوق مالي يقوم بتغطية جميع النفقات للناشطين القوميين الذين يعملون في إيصال القضية الآشورية إلى المحافل الدولية المؤثرة في سبيل الاعتراف بحقوقنا القومية والسياسية المشروعة على أرض آشور.



5-   المبدأ الخامس
"نشر الثقافة القومية في ضمير الأجيال الجديدة"

   إن تثقيف الأجيال هو مهمة ملحة لرفد المسيرة القومية بالطاقات الشابة الواعية، ولعل التاريخ  الآشوري بنجاحاته ونكساته، أن يكون ملهما للإنسان الآشوري المعاصر، لأن الآشوريين ومنذ آلاف السنين كان للثقافة العامة موقع متميز في تراثهم، وخير دليل لريادة الشعب الآشوري في مجال الثقافة هو مكتبة آشور بانيبال الشهيرة.

   في مقدمة الثقافة تاتي الثقافة القومية والتي يمكن تأمينها للأجيال بفتح مدارس خاصة للجاليات الآشورية في بلدان الشتات تتكفل بتعليم اللغة الآشورية والتاريخ والجغرافيا الآشورية والتراث الآشوري لترسيخ الهوية الآشورية في نفوس الشبيبة الآشورية وحثها لرفد المسيرة القومية.

6-   المبدأ السادس
"توظيف الإعلام في خدمة القضية الآشورية"

   في عالم اليوم أصبح الإعلام متاحا للجميع بفعل التكنولوجيا المتطورة التي ربطت جميع سكان المعمورة للتواصل بسهولة، وصار لكل فرد مساحة من الحرية للتعبير عن آرائه وأيصالها الى الآخرين حول العالم ، وخاصة في العالم المتطور الديمقراطي حيث يعيش اليوم الغالبية العظمى من شعبنا الآشوري. ولما كان الإعلام يشكل أحد الأركان الأساسية في نشر القضية الآشورية، لذا فإن تسخير هذا التطور التكنولوجي في وسائل الأتصال بطرق حكيمة  يعتبر من الضروريات، وهنا لابد من الإشارة الى أهمية الجهود الفردية في التعريف بالقضية القومية في دول المهجر، وندعو كل فرد آشوري أن يكون رسولاً للقضية القومية في مجتمعه، بين جيرانه، في عمله، وفي الشارع ، ولعلنا مخطئين لو أفترضنا بأن جميع المجتمعات التي نعيش بينها تعرف عن القضية الآشورية والشعب الآشوري، فالإعلان عن هويتنا الآشورية، وأرضنا الآشورية المحتلة في هذه المجتمعات هو أساس العمل القومي الآشوري .

7-   المبدأ السابع
"العمل على تحقيق كيان جغرافي آشوري"

الآشوريون اليوم شعب بلا وطن رغم أمتلاكنا جميع المقومات التي تمتلكها الأمم الحية التي يتشكل منها المجتمع الدولي، نحن شعب لنا ميراث حضاري عظيم خدم البشرية على مر العصور، ولنا ميراث في أرض آبائنا وأجدادنا، أرض آشور المعروفة للجميع. وهذا الميراث يحتل الأكراد اليوم معظم أجزائه، ولازالت محاولاتهم مستمرة الى يومنا هذا للأستيلاء على ماتبقى لنا من أرض، أما الجزء الآخر من أرض آشور فهي تحت وصاية العرب التي لم تنصفنا يوماً.

لقد آن الأوان لكي يكون لنا كياننا الخاص بنا كما لبقية الشعوب التي نمتاز بمزاياها وأكثر، وعليه، سوف نعمل جاهدين من أجل تحقيق هذا الكيان، وبالطرق التي نراها مناسبة، وفقا للشرائع الدولية التي بدأت تلوح في الافاق لحماية وإنصاف الشعوب الأصيلة.  مع حرصنا الشديد على روح الأخاء مع كل من يقاسمنا العيش في هذا الكيان من غير الآشوريين.

32
غبطة البطريرك!! ما بين البيان الختامي للرابطة ونظامها الداخلي "سقطت الوحدة"

سامي هاويل- سدني
7-7-2015
 
 
  منذ أن أعتلى غبطة بطريركنا الجليل مار لويس روفايل الأول ساكو السدة البطريركية في كنيسة بابل على الكلدان، رفع شعار ( الوحدة، الأصالة، التجدد ) وقد أستبشرنا خيرا، ولا زلنا، وكلنا على دراية تامة بالمشقات التي واجهها ويواجهها غبطته، سواءً كانت في إطار إصلاح المؤسسة الكنسية أو على مستوى مواجهة الأنفصاليين المدعومين من قبل بعض الأكليروس في الكنيسة الكلدانية، هؤلاء الذين لا زالوا مستمرين على نهجهم في بذل الغالي والنفيس لكي يسوقوا على أننا ننقسم الى قوميات مختلفة، لغايات سيكون الزمن كفيلا في كشفها على العلن وفي الهواء الطلق، وقد أفلح غبطته الى حد كبير في إصلاح ما توجب إصلاحه وهو مستمر في ذلك، ولكن ربما هذه المرة جاءت رياح التقسيم بما لا تشتهيه سفن بطريركنا المبجل، لن أدخل في تفاصيل البيان الختامي والنظام الداخلي وما يعتريهما من مطبات، ولكنني لا أكاد أصدق كيف وافق غبطته وهو المعروف بنهجه الوحدوي على أعتبار الكلدان أمة قائمة بحد ذاتها كما تشير المادة الثانية من النظام الداخلي، وكيف مرر الفقرة السادسة من البيان الختامي التي تشير الى تعاون هذه الأمة المزعومة مع ( الآشوريين والسريان والأرمن..... !!! )، فقد جاءت هذه الفقرة لتؤكد ما ورد في النظام الداخلي للرابطة على أن روابط الكلدان مع الآشوريين والسريان هي روابط مسيحية فقط، وهذا واضح وضوح الشمس في رابعة النهار، حيث يقف المؤتمرون على نفس المسافة من ناحية الأنتماء العرقي بينهم كأُمة كلدانية وبين الآشوريين والسريان والأرمن ! ( مع جل أحترامنا للأخوة الأرمن ) ولكن كل الحقائق والدلائل التاريخية والتي غبطة البطريرك ملم بها بشكل كامل ودقيق، تشير الى أن هناك  روابط عرقية وقومية مشتركة بين أتباع الكنائس ( الكلدانية والسريانية والمشرقية بشقيها ) ولا تتوفر بينهم وبين الأخوة الأرمن.

   خمسة وخمسون مندوباً أغلبيتهم لا يفقهون التاريخ، ولا يتقنون لغة الأم، ولم يكن لهم يوما دورا قوميا بارزاً حتى لو كان تحت التسمية الكلدانية، دعاهم غبطة أبينا البطريرك مار لويس ساكو، ليقرروا مصير الكلدان وأنتمائهم القومي ؟ تاركاً الكثيرين من الخيًرين والوحدويين والحريصين من أتباع الكنيسة الكلدانية خلف أبواب بناية المؤتمر التأسيسي للرابطة. فهل حقاً الكلدان أمة قائمة بحد ذاتها لا تمت بصلة الى الآمة الآشورية ؟؟، وهل الكلدان حقا لا تربطهم أواصر مع الآشوريين والسريان غير الأنتماء المسيحي ؟؟. إذا كان غبطته قد غض الطرف على ذلك، فما الجدوى من الوحدة الكنسية التي أعلن أستعداده للتنازل عن السدة البطريركية من أجلها؟؟، حيث الوحدة التي نتوق إليها هي وحدة هذه الأمة بالدرجة الأولى، أما إذا كانت الوحدة مبنية على أساس مسيحي فقط، فأنا ساقولها بصريح العبارة أرى بأننا في غنى عنها، خاصة عندما جعلها غبطته مشروطة بالشركة مع الكنيسة الرومانية!!، ويصر غبطته على هذه الشراكة في الوقت الذي يعيش تجربة مريرة تعكس مدى رغبة مؤسسة الكنيسة الرومانية في الهيمنة على قرار ومقدرات كنيستنا الكلدانية.

   ثمة حقيقة لا يمكننا إغفالها أو القفز عليها، وهي الصراع الطائفي داخل الأمة الآشورية، هذا الصراع الذي يخفيه عرابيه خلف شعار التسميات، ولكننا بالنهاية نؤمن بأننا أمة واحدة ننتمي جميعنا الى ذات العرق القومي، ولا يمكن أن نرضى بغير ذلك، ولكن ما تم إقراره والموافقة عليه بالإجماع كما هو مذكور في البيان الختامي للمؤتمر التأسيسي للرابطة الكلدانية، هو سابقة خطيرة جداً، لم يتبناها بشكل رسمي الأكليروس في الكنيسة الكلدانية من قبل.

   نحن بدورنا نعيد ونقول لكافة مندوبي مؤتمر الرابطة الكلدانية، وفي مقدمتهم الآباء المطارنة والكهنة الأجلاء وعلى رأسهم غبطة البطريرك مار لويس ساكو، أنطلاقاً من أعتبار هذا المؤتمر يعنينا طالما عقده أخوتنا بالدم، وبإشراف إحدى أكبر كنائسنا:

   إننا نرفض وبشكل قاطع ما ورد في الوثيقة الصادرة من المؤتمر التأسيسي للرابطة الكلدانية ونظامها الداخلي، فنحن أمة واحدة تجمعنا كل الخصال والمقومات التي تشير بشكل قطعي الى أننا قومية واحدة، ونطالب أبناء أمتنا من أتباع الكنيسة الكلدانية ليدلوا بدلوهم في هذا الحدث التاريخي الخطير، فهي مسؤوليتهم التاريخية.

   إننا نؤمن بأن أنتمائنا القومي هو آشوري بأمتياز، ولكننا في نفس الوقت ندرك جيدا ما يدور في أروقة هذه الأمة ونتفهم موقف أبناء الكنيسة الكلدانية عندما يرفضون أنتمائهم الى الأمة الآشورية، ونحن على أطلاع تام على كل الأسباب التي قادتنا الى الفرقة والقطيعة لعقود.

   وفي نفس الوقت لا يمكننا فرض الأنتماء القومي الآشوري على أي فرد من أبناء أمتنا في أية كنيسة أو طائفة كان، ولن نقف في طريق أي نشاط يزعم رواده بأنه قومي خارج إطار الآشورية التي يعتبرونها تسمية، ونؤكد بأننا رغم أختلافنا الفكري سنكون حريصين على إبقاء الأواصر القومية بيننا بأعتبارها من مقدساتنا، ولكن شريطة أن لا يضعوا فواصل قومية بين ابناء الأمة الواحدة. فإذا كنا مختلفين في أنتمائنا القومي بحسب ما ورد في النظام الداخلي للرابطة، هذا يعني بأن ما يجمعنا هو الأنتماء الديني، وهو بحد ذاته يحدد المسافة بيننا على أنها ذات المسافة بين بعضنا البعض وبين أية أمة أخرى تعتنق المسيحية، والأنكى من ذلك فلو وضعناه في الإطار القومي يؤكد بأننا قوميتان منفصلتان، والعلاقة التي تجمعنا هي نفس العلاقة بيننا وبين الأكراد أو العرب أو الفرس أو الأرمن أو اية قومية أُخرى، أما بدعة ( الشعب الواحد) التي وردت في البيان الختامي والنظام الداخلي، ليست إلا محاولة للتمويه، أقتبسوها من خطابات الأحزاب القومية الآشورية التي حاولت ولا زالت لتسويق التسمية المركبة لغايات شخصية وحزبية على حساب القضية الآشورية، وهذا المصطلح ليس إلا ضحكا على ذقون أبناء الأمة الآشورية. فهل يرضى أبناء الكنيسة الكلدانية رغم كل ما يدور من خلاف تسموي، بما صدر عن الرابطة الكلدانية ؟؟.

   أخيرا نطالب متمنين من غبطته، إعادة النظر بدقة ومسؤولية وحذر حول ما صدر عن المؤتمر التأسيسي للرابطة، فهي مسؤولية قومية ومسيحانية وتاريخية تقع بالدرجة الأولى على عاتقه، ومن بعده كافة المطارنة والكهنة الحاضرين في المؤتمر، ومن ثم بقية المندوبين. حيث أبعاده تصل الى مديات خطيرة، ومن شأنه أن يجهض كل المحاولات التوحيدية، سواءً كانت على الصعيد القومي أو الكنسي، ولا شك في أنه سوف يفتح جراح عميقة تضاف الى سابقاتها، التي حتما ستقود الى المزيد من التشرذم والقطيعة والأنصهار وتخدم مصالح أعداء الأمة الآشورية على أختلاف كنائسها وطوائفها.

33
COORDINATING BODY
FOR
ASSYRIA WORLD CONFERENCE - CANADA
هيئة التنسيق لمؤتمر اشور العالمي – كندا



ASSYRIANS AND THE TRAGEDY OF DISPLACEMENT

الاشوريون ومأساة التهجير

محاضرة يلقيها الكاتب والناشط الاشوري الاستاذ اشور كيواركيس القادم من بيروت لبنان وذلك في تمام الساعة الرابعة من مساء يوم الاحد الموافق 19/7/2015  في قاعة اديسا الكائنة على العنوان التالي :
1811 Albion Rd. Etobicoke, ON. M9W 5W4
تتخلل المحاضرة مأدبة عشاء على شرف الضيف 
سعر بطاقة الحضور 30.00$ 


للحجز والاستفسار يرجى الاتصال على الارقام التالية

(647) 273-9940
(647) 381-5105
(647) 869-8229

34
المنبر الحر / آشوريون ولـكن!!
« في: 14:40 16/03/2015  »
آشوريون ولكــن!!
سامي هاويل
سدني-أستراليا
16-3-2015

 
تتوالى المواقف الاشورية كردات فعل لما تخلفه عواصف السياسة المحلية والعالمية على الساحة السياسية لاسيما في الوطن ، وهذا بحد ذاته يعتبر أهم الأسباب التي وضعت القضية الآشورية على المحك في هذه المرحلة الأنتقالية الحرجة، وهي مشابهة الى حد كبير لسابقتها أبان الحرب الكونية الآولى ، ما يعكس الأفتقار الشديد الى الأيديولوجية، والأستراتيجية والأهداف المعلنة وما إلى ذلك من ضرورات وحدة الخطاب القومي الآشوري ورسم الخطوط العريضة للمشروع القومي الآشوري.

  ربما ينظر البعض الى هذا الموضوع بأستغراب، والبعض الآخر بامتعاض، مقارنة توقيته بالظروف الحالية التي تمر بها الأمة الآشورية، بسبب الأحداث الأخيرة التي طرأت بعد الهجمة الشرسة على الشعب الآشوري في نينوى والقصبات المجاورة في سهلها، وما آلت إليه الهجمات المفاجئة على القرى الآشورية في منطقة الخابور مؤخرا، ولكنني أعود واكرر القول بأن البقاء في التفاعل مع النتائج والعمل على اساسها لن نحصد منه سوى الخسارة تلو الأخرى، وعليه فنحن كأمة بحاجة الى قراءة المسيرة القومية قراءة موضوعية، عقلانية، مسؤولة، بعيدا عن العواطف، لنقف على مكامن الخلل الذي يرافق كل تحركاتنا ، ونضع الحلول المناسبة له لكي لا نستمر في إهدار المزيد من الفرص الواحدة تلو الأخرى. فبغير ذلك لن نحقق شيء ملموس على ارض الواقع، بل ستزيد أمورنا تعقيدا يوما بعد يوم.

  بعد هذه المقدمة، التي غالبا ما أشرنا الى معظمها في العديد من المقالات السابقة، أود الولوج في موضوع المقالة، تاركا هذه المرة الكنائس، والأحزاب السياسية ، وأبناء أمتنا في الكنيستين الكلدانية واليعقوبية (السريانية) ليتنفسوا الصعداء. لأدعوا جميعنا نحن من يفتخر بأنتمائه القومي الاشوري لنقف أمام المرآة، نتأمل كل ما يعكر جمال هذا الأنتماء، فهناك ما يقودنا الى الأهتمام بإعادة النظر في مفهوم أنتمائنا القومي الآشوري، ولو كنا صادقين في رؤيتنا فإننا سوف نلتمس بسهولة كبيرة العديد من تصرفاتنا التي ليست فقط لا تمت بصلة الى الآشورية، بل تعمل على إضعافها، وترسخ التشتت والعداء، وتسيء بشكل كبير الى أنتمائنا وهويتنا وحاضرنا ومستقبلنا الآشوري.

  لا أكاد ارى أية ميزة بين من يدعون أنتمائهم الى الكلدانية كقومية، وبين الكثيرين ممن يدعون أنتمائهم الى الاشورية كقومية، لأن أنتماء الأثنين يعتبر أنتماء موروث، ( أي بمعنى آخر فأنا آشوري لأنني هكذا سمعت والدي يقول لي، وهكذا أنا كلداني لأنني سمعت والدي هكذا يدعو نفسه)، وليس أنتماء فكري، فلو كان الكثير ممن يدعون بأنتمائهم الى الآشورية كقومية قد ولدوا وترعرعوا في بيت ومجتمع كنسي كلداني أو سرياني، لكانوا اليوم كلدانا أو سريانا بالأنتماء القومي.

  وإلا فكيف أستطاعت آلاف مؤلفة ممن يتفاخرون بأنتمائهم القومي الآشوري قبول التسمية المركبة بصدر رحب !! إذا لم يكن أنتمائهم القومي الاشوري مجرد أنتماء موروث مبني على العاطفة !!، وكيف يمكنهم السكوت وإن كان على مضض على إقصاء قضيتهم الاشورية وإحلال محلها أنتمائهم الديني المسيحي !!، وكيف يمكن للكثير ممن يفتخرون بأنتمائهم القومي الآشوري أن يتطاولوا معممين على أخوتهم بالدم من أتباع كنيستينا الكلدانية والسريانية ، ونعتهم بالمستعربين والمستكردين والطائفيين !!، هل هناك آشوري صادق يمكنه التجاوز على أخوه بالدم بهذا الشكل المقرف ؟، أنا لا أرى في من يفعل ذلك سوى عدواً لإنتمائه الآشوري بكل ما يعنيه هذا الأنتماء. لن أستشهد أكثر بأمثلة تثير الشؤم والحزن على أمة  عظيمة كالأمة الآشورية، وصل أبنائها الى هذا الدرك، في مرحلة تُعد الأخطر في تاريخها المعاصر. كل هذه التشوهات ربما تثير حفيضتنا وأشمئزازنا، وربما نرفض وجودها، وربما لن نجد أثر لها، إذا ما نظرنا إليها بقلوبنا، ولكنها واضحة وضوح الشمس في رابعة النهار إذا ما نظرنا إليها بعقولنا.

  آشوريون ونفتخر !! ولكننا نتخبط يمينا وشمالاً بفوضوية، نخلط الحابل بالنابل، نتجاوز الخطوط القومية الحمراء، لا بل أصبح لكل مجموعة منا خطوطا حمراء، على شاكلة الأجتهادات المذهبية في الأديان، ليصل المطاف بالبعض الى رسم حدود الأنتماء الآشوري بحسب رغباتهم وقناعاتهم المركونة على انتمائهم الآشوري السطحي الموروث، وإن لم نكن كذلك!! أفلا يكفي من يدعون بأنتمائهم الاشوري لكي يصنعوا ثورة من شأنها أن تنتزع حقنا القومي؟، ويقودوا قضيتنا القومية الآشورية مكملين مسيرتها الطويلة؟ بالتأكيد كان سيكفي عددهم ويزيد، ألا يدل هذا الغيض من فيض على أننا لسنا آشوريين حقيقيين ؟ أنا أعتقد بأنه يدل قطعيا على ذلك.

  الآشورية أمة قبل أن تكون عرق، وهي فكر قبل أن تكون عاطفة، والأنتماء الحقيقي إليها هو أنتماء فكري، وليس قبلي أو عاطفي أو مناطقي. الأنتماء الى الاشورية  له مزاياه وخاصياته، إن لم نمتلكها فنحن لسنا آشوريين حقيقيين، وإذا لم نكن آشوريين حقيقيين ! فباي حق نقاضي الآخرين ؟؟ هذه هي الحقيقة التي تعكسها لنا المرآة، فإن كنا صادقين بمشاعرنا علينا إعادة النظر في آلية أنتمائنا القومي، أما إذا صعب علينا قبول الحقيقة ، حينها لن يتغير في أنتمائنا شيء سوى القبيح الى اقبح.
لكل أمة مقوماتها ومزاياها، ونحن كسائر الأمم لدينا مقوماتنا الخاصة بنا، ولكننا نفقدها رويدا رويدا، الأرض، اللغة، العادات، التاريخ، لهذا بدأت معالم الأمة الاشورية تتشوه، ولنا قسط كبير من المسؤولية في ذلك.

  لتكن آشوريا حقيقيا عليك ان تتقن لغتك كتابة وقراءة، وليس الأكتفاء بنطقها، ولتكن آشوريا حقيقيا فعليك ان تبحث في ثنايا التاريخ  عن كل ما يتعلق بالأمة الآشورية، وتستخلص منه العبر، ولتكن آشوريا حقيقيا فعليك أن تعمل للحفاض على كل مؤسساتنا سواءً كانت قومية سياسية  أو أجتماعية ثقافية أو دينية، فهي جميعها أملاك الأمة الآشورية وموروثها وعلينا دعمها وإصلاحها وليس فتح جبهات داخلية تزيد الأحتقان بين ابنائها وأتباعها، وإذا كنت ترغب أن تكون آشورياً حقيقياً فعليك التفاعل مع ما يجري على الساحة، والوقوف عن قرب من كافة الجهات الآشورية التي تعمل في مختلف المجالات لدعم الخطوات الصائبة، وردع  كل ما لا ينصب في مصلحة الأمة الآشورية وحاضرها ومستقبلها، وإذا كنت ترغب أن تكون آشوريا حقيقياً فعليك أن تحترم ابناء أمتك أي كان أنتمائهم الكنسي واي كانت توجهاتهم، فإذا كنت تعتقد بانهم على خطأ وأنت على صواب فعليك تقع مسؤولية إقناعهم بالحقيقة التي تعتقد بأنك تمتلكها ، وليس بالتهجم وتوزيع الأتهامات والإهانات التي تزيد النزف من الجروح القديمة الجديدة التي لم تلتئم بعد، وإذا كنت ترغب أن تكون آشوريا حقيقيا فلا تتراجع وتقف جانباً في هذا الزمن الصعب، بل عليك العمل بأتجاه الإصلاح، بأتجاه بناء الأنسان الآشوري، بأتجاه بناء المؤسسة الآشورية ، بأتجاه بناء المجتمع الآشوري، وإذا كنت ترغب أن تكون آشوريا حقيقيا فأكسر قشور التبعية الشخصية والمؤسساتية ولا تجامل على حساب المصلحة القومية، وإذا كنت تواقاً لتكون آشوريا حقيقيا، فعليك أن تعمل على ترسيخ هذه المفاهيم بين أبناء الأمة الآشورية دون ملل، فنحن بحاجة الى مبشرين يجوبون أروقة الأمة الآشورية المظلمة  لنشر الوعي القومي بين ابنائها، فبدون الوعي القومي لن يكون هناك أيمان بالقضية ، وبدون الأيمان لن نتمكن من تعبئة الجماهير الاشورية لتحقيق الممكن من الأهداف، وبدون ذلك لن نتمكن من الحفاض على وجودنا، وكل شيء سوف يذهب أدراج الرياح، ولن يرحمنا الوقت، ولن تبقى الفرص بأنتظارنا، وسنغدوا أمة تتبعثر أشلائها على  وجه المعمورة.

35
هل حقاً مشكلتنا تكمن في التسمية !!
(الجزء الثالث)


سامي هاويل - سدني
11/10/2014
  في الجزئين السابقين حاولنا الوقوف عند بعض العوامل التي تدحض فكرة تحقيق الوحدة ( الوحدة التسموية)، وقبل أن نبدي رأينا في الوحدة وآلية تحقيقها، لابُدّ من الإشارة الى بعض الحقائق الأُخرى الملموسة التي تلعب دوراً إضافياً مؤثراً في إضغاف مؤسساتنا وبالتالي شَل قدرتها لإداء مهامها من أجل الأرتقاء بمستواها لخدمة مجتمعاتنا في المجال القومي.

  لا يختلف عاقلان على أننا أُمة واحدة ينتمي أبنائها بكافة تلاوينهم الطائفية الى ذات العرق ، ويتميزن عن باقي الأمم بذات المقومات القومية المشتركة بينهم، كاللغة، والأرض، والتاريخ، والثقافة، أما الحدود التي تفصل بين أبناء هذه الأمة وتُقطع أوصالها، فهي بالدرجة الأولى طائفية بأمتياز، رسمتها الأجتهادات اللاهوتية والصراعات الفردية بين رجال الدين في فترات مختلفة من تاريخ كنيستنا "كنيسة المشرق"، وهنا تجدر الإشارة الى التدخلات الأجنبية منها لاهوتية وأُخرى سياسية، جميعها لعبت درواً سلبياً مؤثرا في تمزيق وحدة الصف القومي لتصل أحياناً الى درجة التحريم والقطيعة بين أبناء الأُمة الواحدة، هذه الصراعات يَسَّرت مهمة الغزاة ليعبثوا بأرضنا ويقيموا عليها مجازر رهيبة عبر الأزمان، طالت جميع طوائفنا دون أستثناء، وغيرت ديموغرافية المنطقة وعملت على محو هويتنا القومية من خلال محاولة صهر الفرد الآشوري في مجتمعاتهم وثقافاتهم بعد أن أصبحنا منقسمين الى مجاميع متفرقة تسيطر عليها قوى مختلفة، ولازالت هذه السياسات مستمرة وشاخصة أمامنا تمارس بحق الشعب الآشوري في عقر داره.

   رغم كل الكوارث التي حلت علينا عبر التاريخ، وأستمرارها لحد يومنا هذا، الذي يشهد أبناء هذه الأمة كارثة قومية وانسانية أخرى تهدد كيانهم ووجودهم على أرضهم التاريخية، لازال هناك العديد من الطائفيين يتقيئون السموم داخل مجتمعاتنا ويزيدون من الأحقاد والفرقة بين أبنائها، فهؤلاء قد أعلنوا "جهادهم المقدس" لوأد أية مبادرة من شأنها أن تشكل خطوة في طريق وحدة كنيسة المشرق ووحدة الصف القومي.

   وفي سياق حديثنا عن الدور السلبي للأنشقاق الكنسي الطائفي، لنستشهد بمثال عن كل طائفة لوحدها تجنباً للإطالة، سوف نكتشف المزيد من العقبات الأُخرى في طريق الوحدة المطروحة، فعلى سبيل المثال لازالت الآثار السلبية لحركة الأسقف مار باوي سورو باقية بين الكثير من أتباع كنيسة المشرق الآشورية، فإثر تصاعد وتيرة الصراع حينها بين مؤيد ورافض يعاني لحد الساعة الكثيرين من جراء مخلفاتها.

  هكذا الكنيسة الشرقية القديمة، التي هي الأُخرى تشهد تصدعات وشروخ عميقة في أبرشياتها في استراليا والسويد وأميركا والعراق، بعضها بين أبناء الرعية، وبعضها بين اكليروسها، الذين بات قسم منهم يعمل بحسب أجتهاداته وأستنتاجاته الشخصية حتى في الأمور المهمة والحساسة التي تمس خصوصية أنتمائها الى الكنيسة الأم " كنيسة المشرق".

  أما بالنسبة للكنيسة الكلدانية فهي الأخرى تشهد حالة من الصراع مماثلة لشقيقتها كنيسة المشرق الآشورية، ولكن الأمور لم تبلغ من التطور الى الدرجة التي آلت إليها في كنيسة المشرق الآشورية، حيث الصراع الدائر بين المطران مار سرهد جمو من جهة ورئاسة الكنيسة الكلدانية بشخص غبطة البطريرك مار لويس روفايل الأول ساكو من جهة أخرى، يضع الكنيسة الكلدانية أمام تحدي كبير ويشغل قيادتها عن الأمور المهمة خاصة في هذه المرحلة الصعبة، وفي ظل هذا الصراع من الطبيعي جداً أن تتولد مواقف وأصطفافات بين اتباعها، ما بين مؤيد لرئاستها ومؤيد للطرف الآخر، وهذه الظاهرة أيضاً باتت اليوم شاخصة أمامنا.

  وهكذا أيضا بالنسبة لفرعي الكنيسة السريانية فهناك من التحديات والصراعات التي أثقلت كاهلها هي الأُخرى كشقيقاتها الآنفة الذكر.
وكذلك الحال عند أبناء هذه الأمة المنتمين الى الكنائس الأنجيلية، فهناك أيضاً ينقسمون بحسب أجتهادات الواعظ أو رئيس الجماعة، ولا سمح الله فلربما سنشهد تأسيس كنائس إضافية جديدة بمسميات أخرى من شانها أن تضع دعاة الوحدة بتركيب التسميات أمام معضلة جديدة تجعلهم يأخذون شهيقاً وسط الطريق عندما يلفضون أسم هذه الأمة!!.

  نتسائل! أمام كل هذا الكم الهائل من الصراعات والتناقضات! ياتُرى هل فعلاً التسمية هي السبب في  التشتت القومي والضعف المؤسساتي ؟ سواءً كانت المؤسسة الكنسية أو التيارات السياسية والمؤسسات القومية الأخرى ؟ ام التسمية هي مجرد غطاء تتخفى ورائه الأسباب الحقيقية.
وهل! ياتُرى وضع التسميات الواحدة بجانب الأُخرى، بواوات وبدونها، أو تركيبها بحسب الذوق والأجتهاد، أو أبتكار أُخرى جديدة تعتبرالحل لتحقيق الوحدة التي نحلم بها جميعنا؟

   أساساُ هذه الوحدة التي يعمل البعض لتحقيقها يكتنفها الشك، وتشوبها العاطفة، وتفتقر الى المنطق والموضوعية، وهي بحد ذاتها ليست إلا دوران في حلقة مفرغة، كونها في الواقع أسيرة النفوذ الطائفي والصراع الحزبي والمصلحي وهي اليوم تترنح تحت وقع ظلالهما، والتمسك بها ليس إلا جرياً وراء السراب، ولن تأتي بثمار صالحة، بقدر ما تُزيد من الفرقة وتؤجج الصراع، طالما بقي باب الأجتهادات مشرعا أمام الجميع بضمنهم ذوي النوايا السيئة، ليخترع كُلٌ ما تمليه عليه مصلحته وفكره الضيق.

   هذه المعاناة التي نقف أمامها ليست حالة ننفرد بها نحن فقط، بل العديد من الأمم والأوطان تعاني منها ولازالت، ولكنها تمكنت من تجاوزها عندما شخصت قياداتها مكامن الخلل ووضعت الحلول المناسبة له، هكذا يجب علينا أن نفعل، وهو ليس بالأمر اليسير، بل يحتاج الى جهد كبير وفق برنامج عمل تضعه نخب قومية يتميزون بنكران الذات ويتحلون بالأيمان القومي والصبر والإخلاص، ويكون مبنياً على المنطق والموضوعية بعيداً عن قيود العاطفة والمحسوبية.

  رغم الدور الأيجابي لتوحيد طوائفنا في مؤسسة كنسية واحدة، وأندماج  تياراتنا السياسية في تنظيم واحد ولكنه ليس شرطاً لتحقيق الوحدة الحقيقية التي نحن بأمس الحاجة إليها، فتعدد المؤسسات يعتبر مصدر قوة لنا في مجال العمل القومي، شريطة أن تتوحد جميعها بالخطاب القومي وتعمل من أجل تحقيق الهدف الواحد من خلال توزيع الأدوار فيما بينها، وألتزام جميعهم ببرنامج عمل مشترك متفق عليه ومخطط له.

   إذاً الوحدة تكمن في صياغة الخطاب القومي الآشوري ، الذي يزيل الغبار عن القضية القومية ويعكس صورتها  الحقيقية الناصعة، ومن ثم تتبناه كافة مؤسساتنا القومية سواءً كانت سياسية أو كنسية أو أجتماعية وتعمل بموجبه كلٌ بحسب دورها. وبما أن مؤسساتنا اليوم خاصة السياسية منها تفتقر الى ذلك الخطاب، وهي قد قطعت شوطاً وفق أجندات خاصة بكل منها، وبات لبعضها إلتزامات تمليها عليها تحالفاتها مع جهات من خارج البيت القومي، لذا تقع المسؤولية القصوى على النخبة القومية المتمثلة بالناشطين المستقلين من ذوي الخبرات في مجال السياسة، والكُتّاب والأُدباء وذوي الأختصاصات كالباحثين والقانونيين والمؤرخين والتربويين وغيرهم، هؤلاء جميعاً تقع عليهم اليوم المسؤولية القصوى، ويفرض عليهم الواجب القومي كي يبدأوا العمل في استقطاب بعضهم لبعض والتنسيق من أجل.

1- خلق قيادة قومية موحدة تتبنى أستراتيجية صحيحة، وتقوم بدراسة الواقع الأليم الذي تمر به الأمة الآشورية شعباً وقضية، وتضع الحلول المناسبة له، وتحدد سقف الأهداف القومية ومن ثم تبدأ العمل من أجل تحقيقها وفق مشروع قومي متكامل.

2- أختيار مجموعة من المفكرين القوميين المعروفين بتاريخهم المُشرف ومواقفهم وإخلاصهم ليكونوا المرجعية العليا للقيادة الآشورية، مهمتها النظر في كل الأمور وتقديم التوصيات لإتخاذ القرارات المناسبة بشأنها.

3- إعادة صياغة الخطاب القومي الآشوري الموحد بحسب المعايير المستنبطة من الفكر القومي الآشوري.

4- وضع خطة، ورسم آلية عمل للتفاعل مع الشارع القومي في كل البلدان التي يتواجد فيها أبناء أمتنا بغية نشر الوعي القومي الآشوري، وبعث الروح القومية فيهم، من خلال إقامة نشاطات مختلفة وندوات تثقيفية مكثفة وموحدة المنهج ومدروسة.

5- أيلاء الأهتمام الكبير بالشباب الآشوري وتفعيل دورهم، وتوجيههم وحثهم للمشاركة في العمل القومي، وفسح الفرص أمامهم ليتولوا زمام الأمور في العمل من أجل تعريف القوى المؤئرة بتطلعات الشعب الآشوري  وقضيتة القومية، وطرحها في كل المحافل الدولية ذات الصِلة والعمل على تدويلها.

6- إنشاء صندوق مالي موحد (خزينة مركزية)، وحث الآشوريين من رجال الأعمال وذوي القدرات والإمكانات لتمويله، الى جانب مشاركة كافة أبناء الأمة الآشورية في تمويله بأعتباره واجب ملزم للجميع، لدعم النشاطات القومية وفسح الفرص أمام إمكانية التفرغ الكامل للناشطين الملكفين بمهام خاصة في مجال العمل القومي.

7- وضع برامج تربوية للأشبال وصغار السن يتولاها المختصين في مجال تعليم اللغة الآشورية  والتاريخ والثقافة القومية.

   هذه هي بعض الأمور المهمة التي يجب علينا العمل لتحقيقها، فهي ليست سهلة المنال، ولكنها ليست مستحيلة، كل ما تحتاج هو تكاتف الخيرين والبدء بخطوات ثابتة ومدروسة، حينها ستعطي النتائج التي نتمناها، كونها البداية السليمة لإحياء المشروع القومي الآشوري، وإعادة الأعتبار لقضيتنا القومية من جديد بعد أن أصبحت اليوم أسيرة الصراعات الطائفية والحزبية والمصالح الشخصية. فهل سيحل علينا اليوم الذي نرى فيه هذا الحلم يتحقق ؟. وإذا ما حدث ذلك حينها سنرى أبناء هذه الأمة العظيمة بكافة أنتماءاتهم يقفون وراء الغيارى ويدعمونهم، فعندما يلوح الأمل وتكمن الثقة ستتلاشى الخلافات ولن يكون لصراع التسميات أية مكانة، وتلك هي الوحدة الحقيقية.   
[/font][/size][/color]

36
هل حقاً مشكلتنا تكمن في التسمية !!
(الجزء الثاني)

سامي هاويل - سدني
26/9/2014

2- التيارات الكلدانية والسريانية:

  تعتبر التنظيمات السياسية القومية تحت التسميات الكلدانية والسريانية وليدة الساعة والحدث، حيث جميعها ظهرت خلال الفترة ما بعد العام 2000، والغريب في الأمر هو أن جميع الشخصيات البارزة في هذه التنظيمات لم يكن لها أي نشاط قومي ملحوظ في السابق، فرغم توفر فرص العمل القومي السياسي بعد إقامة المنطقة الآمنة عام 1991 في شمال العراق ( آشور ) ولكننا لم نشهد أية محاولة لتأسيس حزب سياسي تحت التسمية الكلدانية أو السريانية طيلة الفترة ما بين عامي 1991 و 2000، الى أن جاء تأسيس الأتحاد الديمقراطي الكلداني بقيادة السيد عبدالأحد أفرام كأول تنظيم سياسي كلداني في منذ سقوط بابل عام 539ق م ولحد تاريخ تأسيس هذا التنظيم !! ومن ثم دعمه من قبل الأكراد لحضور مؤتمر المعارضة العراقية في لندن عام 2002 كممثل للكلدان، ( حينها أدخل ممثلوا الآشوريين رؤوسهم في الرمال وأرتضوا على تجزأتنا لقوميتين من أجل مقاعد في المؤتمر المذكور )، تلك كانت الأنطلاقة الرسمية الأولى للأتحاد الديمقراطي الكلداني كتنظيم يمثل الكلدان، ولكنه بقي مجرد عنوان دون أن تكون له قاعدة جماهيرية كونه تنظيم يفتقر الى الشرعية وينقصه الفكر القومي الحقيقي، من جانب آخر فأبناء أمتنا من الكلدان خاصة النخبة منهم ليسوا سُذج  لتُمرر عليهم هكذا أمور ،  ولو نظرنا الى تطلعاته القومية نجدها محصورة بين المطالبة بالإقرار بالوجود القومي الكلداني وحق التمثيل في السلطات، وبين بعض الأنشائيات الوطنية الأُخرى، بينما يقف الحزب بعيداً عن مطلب الأرض القومية الذي يمثل الركن الأساسي في نظال أي تنظيم يدعي بأنه قومي.

  أما في المهجر، وفي إطار حملته لخلق كيان قومي منفصل تحت التسمية الكلدانية، دفع سيادة المطران مار سرهد يوسف جمو بقوة في أتجاه تأسيس كيان قومي كلداني، فتكللت جهوده بالنجاح حيث تأسس المجلس القومي الكلداني في نيسان من عام 2002، أما لماذا هذا التوقيت ؟ لأنه وبعد أن لاحت بوادر حتمية إزاحة النظام البعثي من سدة الحكم في البلاد، فمن المؤكد بأن الدستور سوف يخضع للتغيير ويتم صياغة آخر جديد بديلاً له يتماشى مع تيار التغيير في البلاد، وإذا ما تمت الإشارة لهذه الأمة قومياً كآشوريين في الدستور الجديد  فهذا يعتبره  نجاحاً كبيراً لكنيسة المشرق التي تحمل في عنوانها الأسم الآشوري، هذه الكنيسة ستستمد القوة من الأسم القومي أكثر من بقية كنائسنا ( الكلدانية والسريانية )، وستعتبر هي الأصل والبقية فروع أنشقوا منها في فترات مختلفة من التاريخ، وعليه عمل سيادة المطران ومعه الناشطين الكلدان على إدخال التسمية الكلدانية في الدستور العراقي لتستمد الكنيسة الكلدانية هي الأُخرى قوتها وأصالتها من التسمية القومية الجديدة التي لها صلة بالتاريخ القديم للبلاد، بأختصار شديد فشعار الدفاع عن الوجود القومي الكلداني وحقوق الكلدان لم يكن إلا عنواناً كبيراً يُخفي خلفه النوايا الحقيقية التي لا تتخطى خارج حدود المنافسة والصراع الطائفي.

  إن عملية أستحداث قومية جديدة خاصة في مرحلة أنتقالية حرجة تتسارع فيها الأحداث ليس بالأمر السهل، فرغم وجود أرضية خصبة لذلك ولكن الأمر يحتاج الى جهد كبير وشرعية قانونية وتاريخية ومؤسساتية ، لذلك كان لابُد من أختصار الطريق بأي شكل، لذلك أتجهت بوصلتهم في البداية نحو الحركة الديمقراطية الآشورية بأعتبارها التيار القومي الوحيد المؤثر على الساحة العراقية، ولما تحضى به من قاعدة جماهيرية واسعة ، بالإضافة الى عضوية سكرتيرها السيد يونادم كنا في مجلس الحكم، وهكذا أسفرت المشاورات الى عقد أجتماع في مقر الحركة الديمقراطية الآشورية في العراق بتاريخ 2/6/2003،  حضره سيادة المطران مار أبراهيم ابراهيم ومجموعة من الناشطين الكلدان، أتفق فيه الطرفان على أن يعمل سكرتير الحركة بحكم تواجده في مجلس الحكم لتثبيت التسمية المركبة " الكلدوآشورية" في دستور البلاد المرتقب.

   كما ذكرنا فالطرف الأول لم تكن تهمه الوحدة بقدر أهمية إدراج التسمية الكلدانية في الدستور العراقي، سواءً كانت مستقلة لوحدها أو مركبة لا يهم، أما الطرف الثاني "قيادة الحركة" فهدفها كان أصوات أبناء الكنيسة الكلدانية خاصة بعد توسع ساحة العمل السياسي ليشمل المدن الوسطى والجنوبية، بالأخص بلداتنا في سهل نينوى التي غالبية سكانها من أتباع الكنيسة الكلدانية. هكذا قرر الطرفان تبني التسمية الكلدوآشورية كتسمية قومية ، ومن ثم إضافة الثقافة السريانية إليها للألتفاف على أصوات أتباع الكنيسة السريانية، فأصبحنا الأمة الكلدوآشورية وثقافتنا سريانية وأرضنا "كوردستان"!!!!!!، وحقوقنا طواها النسيان، وبغية الهروب من المسؤولية التاريخية، وإعطاء الشرعية الشعبية لهذه الصفقة، تقرر عقد مؤتمر قومي عام، فبدأت التحضيرات له من قبل الحركة الديمقراطية الآشورية والمنظمة الآثورية الديمقراطية، دُعي إليه كافة كنائسنا وغالبية مؤسساتنا القومية في الداخل وفي المهجر، وما كان على الحضور في ذلك المؤتمر إلا وضع بصمتهم على الطبخة الجاهزة ( التسمية المركبة ) ثم عادوا الى قواعدهم متوهمين بأنهم حققوا إنجازاً كبيراً في طريق الوحدة القومية سيشهد له التاريخ.

  بعد شرعنة التسمية الكلدانية كتسمية قومية الى جانب الآشورية في هذا المهرجان الكبير، شعر المتنفذين بأن أهدافهم الحزبية تسير نحو التحقيق، ولكن سرعان ما تبددت أحلامهم الوردية لتتحول الى كابوس إثر تصريح المطران مار كوركيس صليو ممثل كنيسة المشرق الاشورية والذي أبدى فيه رفضه للتسمية المركبة، تلاه البيان الصادر من مطارنة الكنيسة الكلدانية الذين أيضاً بدورهم رفضوا التسمية المركبة، ومطالبتهم بتثبيت الكلدانية كتسمية قومية مستقلة عن الاشورية!، كل هذا التحول تم خلال فترة شهر من أنعقاد المؤتمر المذكور!!، منذ ذلك الوقت بدأ العد التنازلي لإقصاء قضيتنا القومية من الساحة السياسية، فدخلت في دوامة صراع التسميات لينتهي المطاف بها اليوم كجزء عسير الذكر من مسيحيي العراق.

  تجدر الإشارة الى محاولات التهجم المستمرة على النخب القومية التي كانت تعي جيدا ما وراء الستار وبقيت متمسكة بجلودها وهويتها الآشورية، فقد بدأوا ينعتوهم بالعنصريين، والسوبر آشوريين، وأبطال الأنترنت، وأبطال ما وراء البحار، وسكنة الصوامع، والى ما لا نهاية من التهم التي بالحقيقة لم تكن إلا محاولات للتستر على فعلتهم بعد أن أنهارت خلفهم كل جسور العودة الى المسار الآشوري لهؤلاء القائمين على إقصاء المسالة الآشورية من خلال بدعة التسمية المركبة.
  هكذا بدأت تظهر على الساحة تنظيمات قومية أُخرى تحت التسميات الكلدانية والسريانية، غالبيتها تضع فواصل قومية بين أتباع كنائسنا الكلدانية والسريانية والشرقية الآشورية، وتعتبر هذه التسميات الثلاثة قوميات منفصلة عن بعضها!!.

  من ناحية أُخرى، لو فرضنا جدلا بأن التنظيمات القومية العاملة تحت التسمية الكلدانية أو السريانية تعطي طابع شمولي لأي من هذه التسميات بأعتبارها تشمل أتباع الكنائس الثلاثة، لربما كان بالإمكان التصديق بأن الخلاف هو تسموي فقط، ولو كان لهم الأيمان بأننا ننتمي الى ذات العرق القومي،  لكانت أمكانية حل المعضلة يسيراً، ولكن أعتبارنا ثلاثة قوميات مختلفة فهذا يعتبر كفراً وإلحاداً، وينصب في مصلحة الأعداء لا غيرهم.

  المثير للجدل هو عندما نبحث عن أي مشروع قومي لدى دعاة الكلدانية والسريانية فلا نجد له أثر، وعندما نبحث عن حقوق قومية أيضاً لن نرى أي وجود لها في أجنداتهم وعملهم على الساحة السياسية، عدا ذكر بسيط لذلك نقرأه  في المناهج السياسية لبعضهم مصاغ على شاكلة مطاليب بعض التيارات السياسية الآشورية، وكأنه مستنسخ بالكامل مع تغيير التسمية فقط، كالإقرار بالوجود القومي تحت هذه المسميات، وبعض الحقوق الخجولة التي لا ترتقي الى مستوى الطموح القومي، ليست مهمة! فالمهم عندهم هو صياغة برنامجهم السياسي بشكل يجعلهم أحرار في العمل على الساحة ويمكنهم من إقامة التحالفات مع أية جهة عراقية بسهولة، لأنها برامج تضعهم كتيارات تدعي النضال القومي في منأى عن أي أصطدام مع أجندات التعريب والتكريد والأسلمة، فمهمتهم هي تثبيت التسمية الكلدانية والسريانية في دستور البلاد كقوميات منفصلة عن الآشورية، يضاف الى ذلك بعض المناصب الإدارية في مؤسسات الدولة. بينما نجد هذه التنظيمات ومؤآزريها الغارقين في الفكر الطائفي  يقضين ولا يفوتون فرصة للتهجم بقوة على كل ما هو آشوري، أبتداءً بادنى مستويات الشتم والتشهير وصولا الى محاولات إلغاء الآشورية بأعتبارها عدوهم اللدود قبل الفصائل الإرهابية وفي مقدمتها داعش، ووصل بهم العقم الفكري  لينسبوهم بحسب بحوثهم  تارة الى كلدان الجبال، وأُخرى الى أسباط اليهود الضائعة وثالثة الى السريان ورابعة الى الآراميين،  حتى وصلت ببعضهم الأحقاد الى تحريض العراقيين ضد أخوتهم من خلال أعتبارهم غرباء وافدين الى العراق، لذا برأيهم يستوجب إما إقامة سميل ثانية بحقهم أو تجريدهم من جنسيتهم العراقية ورميهم خارج الحدود.

  هؤلاء "النابغة" القلة القليلة من أبناء أمتنا في الكنيستين الكلدانية والسريانية من حَمَلة هكذا فكر إقصائي وعدائي والذين يحاربون التسمية المركبة بشراسة، كان البارزين فيهم من المتفقين في باديء الأمرعليها، فلو كان بإمكانهم لوحدهم المُضي قدما بمشاريعهم لفعلوها منذ اللحظة الأولى دون أن يكترثوا لوحدة هذه الأمة، ولكنهم يعلمون جيدا بأن قربهم من الآشورية يرفدهم بالشرعية، فهو لهم شَرُ لابُدّ منه، لإن الآشورية هي هوية قومية شاملة أستمدت شرعيتها من عمقها التاريخي ونضال أبنائها بكافة أنتماءاتهم الكنسية وأرتوائها بدمائهم الطاهرة، وإبداع ابنائها الغيارى الذين صانوا مسيرتها القومية بفكرهم النَيّر.

  وهؤلاء القلة القليلة لا يحضون بأدنى مستويات الدعم من لدن أبناء أمتنا  في الكنيستين الكلدانية والسريانية، وما نتائج الأنتخابات لجميع الدورات إلا دليلاً قاطعا على ذلك، ولولا المساندة والدعم الإعلامي لهم من قبل بعض رجال الدين في الكنيستين المذكورتين لما تمكنوا من تعبئة حتى أقرب المقربين لهم، ولكن يبقى سر استمرارهم في الشرعية التي تمنحها لهم التيارات السياسية الآشورية، وبعض النخب القومية الذين يحاولون أحتواء الخلاف من خلال القبول بالوسطية المتمثلة بالتسميات المستحدثة.

  من جانب آخر فلو فرضنا جدلاً بأن كل واحدة من هذه التيارات الثلاثة قد حققت تقدما معينا في مسار العمل القومي، ووصلت الى نقطة شلّت فيها حركة تقدمها بسبب عملها كلٌ على حِدى، لذلك تطلب الأمر أيجاد حل ولو آني لأجتياز المرحلة وتحقيق الأكثر،  لكان ذلك قد شكل عُذراً ربما يبرر آلية تحقيق الوحدة بصيغتها المطروحة بينهم، ولكن هذا الأفتراض ليس له وجود، فدعاة الكلدانية والسريانية لم يحققوا قيد أنملة من الأهداف في إطار مفاهيمهم القومية، أساساً لم نسمع عن اي تحرك لأحد من هذه التيارات السياسية في أتجاه تقديم لائحة مطاليب الحقوق القومية كلدانية كانت أو سريانية. في الوقت الذي صمتوا صمت القبور على بعض الأحداث نذكر منها:

1- الأعتداءات التي حصلت على أهالي قرية سناط.
2- لف نعش شهدائنا من قرية صورية بالعلم الكوردي والكتابة على قبورهم باللغة الكوردية.
3- الأعتداءات الصارخة على أبناء أمتنا في زاخو وشيّز ونوهدرا إثر أحداث حرق محلات بيع الخمور.
4- مواقف أدنى من أن تكون خجولة عند وقوع مجزرة كنيسة سيدة النجاة.
5- عملية ذبح صوت الناخبين إثر سرقة صناديق الأقتراع المخصصة لسهل نينوى عام 2005.
6- القضم المستمر لأراضي بلدة عينكاوا وغيرها من القرى والقصبات الأُخرى التي يسكنها أبناء أمتنا من الكلدان والسريان.
7- الغياب الشبه الكامل من تحمل المسؤولية القومية والسياسية والإنسانية للجريمة البشعة التي  تعرض ويتعرض لها أهلنا في سهل نينوى.

نتسائل! أليس هؤلاء غالبيتهم القصوى من الكلدان والسريان؟
 ألا نسمع ونقرأ بين الحين والآخر لهؤلاء السياسيين في التنظيمات الكلدانية والسريانية ومؤازريهم بأنهم يشكلون الغالبية القصوى من مسيحيي العراق ؟
أين هي مواقفهم تجاه كل هذه الجرائم المرتكبة بحق هؤلاء الأبرياء المغلوبين على أمرهم ؟

   أما على صعيد التيار الآشوري فقد تم إقرار بعض الحقوق، كتدريس اللغة وإقرار العطل الرسمية، هذا ايضا كان بفضل تأثير الحركة القومية الآشورية وصداها في الوطن طيلة فترة القرن من الزمان، يضاف الى ذلك دعم الشارع الآشوري للتيارات القومية الآشورية يَسّرَ عملها وشرعن وجودها على الساحة السياسية ولكنها هي الأُخرى أخفقت في ترجمة الطموح القومي في مسار تحقيق الأهداف القومية، لإسباب ذاتية متعلقة بهذه التنظيمات، مما أنعكس بشكل سلبي على أدائها سواءً على مستوى التعامل مع الأزمات الداخلية في المجتمع الآشوري، أو على مستوى العملية السياسية في الوطن بشكل عام.

  كل ما ذكرته أعلاه يضاف إليه الجزء الأول من المقالة، يؤكد لنا بأن التسميات ليست إلا عناوين أُخفيت ورائها الأسباب الرئيسية للإنقسامات داخل أمتنا، لذا أقف مستغرباً حائراً أمام محاولات بعض الأخوة في أستخلاص  وأقتراح مصطلحات  وتسميات قديمة جديدة بين الحين والآخر كحلول لإحتواء الأزمة، في الوقت الذي نجد فيه كل المحاولات التسموية كالكلدوآشورية والكلدانية السريانية الآشورية والسورايا والآرامية وحتى المظلة الدينية المسيحية طيلة الفترة الماضية قد منيت بالفشل الذريع في تحقيق الوحدة.

فإذاً أين تكمن الوحدة ؟ وكيف سيتم تحقيقها ؟؟ سؤال مهم ومطروح أمام الجميع لمناقشته، بالنسبة لي سوف أُبدي رأيي المتواضع بصدده في الجزء القادم من المقال.

37
هل حقاً مشكلتنا تكمن في التسمية !!
(الجزء الأول)
سامي هاويل - سدني
22/9/2014
  سؤال أكثر من مهم كان يجب أن يطرق مداخل عقولنا بقوة، وكان يستحق الوقوف عنده مرات ومرات قبل الإقرار والتشخيص بإعتبار التسمية هي السبب الرئيسي لعلاتنا، فعلى هذا التشخيص الخاطيء تم وضع معادلات الوحدة القومية الهشة لتصل في بعض الأحيان الى أقصى مداها من الترقيع  طال حتى الأمور الجوهرية الأساسية، لندخل من بعدها في دوامة أفرزت عقداً مخيفة تلعب اليوم دوراً مؤثراً ومباشراً في إخضاع العمل القومي، والتشتت الفكري وتوسيع الهوة وترسيخ الطائفية بين أبناء الأمة الواحدة، تنصب جلها في طريق ضرب أركان بيتنا القومي تمهيداً لإقصاء قضيتنا ليس على المستوى الوطني فحسب، بل إلغائها من الوجود بشكل كامل.

  يشبه ما أقترفه البعض فيما يخص التسمية بذلك الطبيب الذي ركّز بشكل مطلق لإجراء فحوصات على عيون مريض راجعه  وهو يعاني من مشاكل في البصر، ولم يُعِر أهتماماً الى باقي الأمور بأعتبار الشكوى جاءت من العين ولذلك فالسبب يكمن فيها، بينما لم يُدرك بأن علة العين ليست إلا نتيجة لإصابة المريض   بداء السكري، لذا فمن الطبيعي جداً أن تتدهور صحة المريض أكثر بسبب الأدوية المشخصة على أساس خاطيء وربما تهدد حياته.

  رغم إن هذا المثل يشير الى صدق النية لدى الطبيب، لكنني لن أبريء ساحة هؤلاء الذين شكلوا النواة الرئيسية في تفحيل أزمة الصراع التسموي، كوني أؤمن بأنهم كانوا يُدركون جيداً الأسباب ولكنهم غاضوا الطرف عنها وراهنوا على عاطفة الجماهير كسباً لتأييدهم لتحقيق مآرب حزبية وشخصية، فهم يتحملون المسؤولية التاريخية لما آلت إليه الأمور.

    ربما يتهمنا البعض بأجترار موضوع التسميات، هؤلاء ربما هم من لم يدركوا بعد هول المأساة التي عصفت بأمتنا الآشورية من جراء التلاعب بثوابتها، وربما هم ممن تم تمرير بدعة الوحدة القومية عليهم ( الوحدة المبنية على التسميات المركبة، والثلاثية، والرباعية، وما ملكت أيمانهم )، هذه الوحدة التي لم تقف عند تمزيق مجتمعنا وإشغال الشارع القومي بها فحسب، ولكنها طعنت القضية الآشورية في الصميم. ولكوننا نُدرك جيداً ما لحق لحد الآن "والقادم أعظم" بالمسيرة القومية الآشورية ومدى خطورته على مستقبلنا كأمة، نُعيد طرح الموضوع والتأكيد عليه، طالما لازال هناك بعض الأخوة يأتونا بعروض وحدوية جديدة مستوحات من داخل معادلة التسميات وبطريقة أنتقائية يتصورون بأنها حلول ومخرج للأزمة، بينما هي ستعمل على تفاقم الأزمة بشكل أكبر.

  من الضروري جدا أن نقف  عند بعض المصطلحات التي يستخدمها الأنتهازيين والطائفيين كإقصاء الكلدان والسريان وتهميشهم وأستغلالهم وإلغائهم وغيرها من التعابير الدسمة التي تُمكن هؤلاء من تظليل أبناء أمتنا في الكنيستين الكلدانية والسريانية ومن ثم تعبئتهم وتهيأتهم لخوض غمار حربهم المقدسة ضد التيار الآشوري!، فنحن نعي جيداً الخلافات الطائفية بين ابناء أمتنا الآشورية، وفي نفس الوقت نكن الأحترام لكل الذين يعتزون بالأنتماء الى أية كنيسة ويعتزون بأي من هذه التسميات، ولكننا نرفض بشكل قطعي محاولة أستغلالها في مصادرة القرار القومي والألتفاف على مقدرات أمتنا من أجل مصالح حزبية وكنسية وفردية. كما أننا نقف بشدة ضد كل من يدعي بحرصه القومي أي كان ويستغل ذلك في التهجم والتشهير بأبناء أمتنا في أية كنيسة كانوا، لأننا نُدرك يقينا بأن الظروف الموضوعية الصعبة للغاية التي مررنا بها كأمة لقرون خَلَت، يقابلها شحة الوعي القومي وطبيعة الصراعات الكنسية، وغياب الفكر القومي الخلاب، كلها كانت أسباب مباشرة لتفكك مجتمعنا من الناحية القومية، ومن ثم تحولنا الى مجموعات يُملي عليها الغريب ما يصب في مصلحته.

  نعم، عندما ينطلق البعض في محاولة أحتواء الأزمة بأعتبارهم التسمية هي السبب فهم ليسوا فقط يتهربون من مواجهة الأسباب الحقيقية التي يأتي في مقدمتها الخلاف الكنسي الطائفي، ولكنهم بذلك يكرسون الخلاف بشكل أكبر ويعملون على تقوية الفواصل بين ابناء الأمة الواحدة من خلال ربط كل تسمية بأتباع كنيسة معينة، ومن ثم شرعنة حدود جغرافة لكل منها، كأعتبار آشوريو هكاري التابعين لكنيسة المشرق بشقيها، آشوريون، والتابعين للكنيسة الكلدانية من آشوريو سهل نينوى وبعض القرى في الشمال كلداناً، وهكذا أعتبار التابعين للكنيسة السريانية بشقيها سرياناً، وهذا منافٍ للحقيقة، فهناك من أبناء هكاري وأورمية تابعين للكنيسة الكلدانية، وهناك من أبناء سهل نينوى أيضا تابعين لكنيسة المشرق، وهكذا بالنسبة للكنيسة السريانية، وبالتركيز على تسمية الكلدان فكانت قد أُطلقت من قبل كنيسة روما على كل من أنشق من كنيسة المشرق وتبعها، أي بمعنى آخر فقد شملت أبناء أورمية وهكاري عندما كانوا كنسياً تابعين للكنيسة الرومانية، بينما حينها كان أبناء سهل نينوى لازالوا متمسكين باستقلاليتهم كنسياً  كأمتداد لكنيسة المشرق، ولا يمتون بصلة للكلدانية. لذلك لا يصح حصر التسميات بمجموعات معينة وإعطائها بعداً قومياً وجغرافياً.
من جانب آخر وبغية الوقوف عن كثب من فعالياتنا السياسية على أختلاف تسمياتها ومناهجها، نأخذ كل منها بحسب الترتيب التسموي وكالآتي.

1- التيارات الآشورية:
  وهي الأقدم في العمل القومي السياسي، نذكر منها المنظمة الآثورية الديمقراطية في سوريا 1957، والأتحاد الآشوري العالمي في المهجر 1968، والحزب الوطني الآشوري في العراق 1973، والحزب الآشوري الديمقراطي في سوريا 1977، وحزب بيث نهرين الديمقراطي في المهجر 1976، والحركة الديمقراطية الآشورية في العراق 1979، وأتحاد بيث نهرين الوطني في العراق بعد 2003،  والقائمة تطول، هذه التنظيمات أكتسبت شرعيتها بالدرجة الأولى باعتبارها أمتداداً للحركة القومية الآشورية في العصر الحديث، وهي الحركة القومية الوحيدة لهذه الأمة والتي نالت أعترافاً محلياً واقليمياً ودولياً بشكل رسمي، وروادها ينتمون الى كافة طوائف شعبنا الآشوري الكلدانية والسريانية والمشرقية. تمكنت هذه التيارات السياسية كل منها بحسب رؤيتها من رسم سياستها وتحديد سقف المطاليب القومية، تباينت ما بين الإقرار بالوجود القومي الآشوري والوطن القومي الآشوري، وقد تمكنت كل منها بحكم نفوذها ومنطقة تمركزها من تحقيق بعض التقدم على هذا الصعيد، ولكنه كان أضعف من أن يكتمل بسبب إمكانياتها المحدودة مقارنة بإمكانيات الأنظمة الدكتاتورية الحاكمة، ومن ناحية أُخرى فتنظيمات المهجر لم تتمكن من تعبئة الجماهير أو أنها اخفقت في الحفاظ على جماهيريتها بسبب أدائها التنظيمي، ولم تتمكن من طرح القضية القومية الآشورية في المحافل الدولية بالشكل المطلوب، يضاف الى ذلك تجاهل القوى العالمية للقضية الآشورية بسبب السياسات المبنية على مصالح الدول صاحبة القرار على الساحة العالمية. أما بالنسبة للتيارات القومية الآشورية في العراق وسوريا فوضعها مختلف تدريجياً بحكم تواجدها على الأرض الآشورية، وتفاعلها مع التيارات القومية والوطنية وحتى الدينية المناوئة للأنظمة المستبدة الحاكمة هناك، مما فتح ذلك أمامها مساحة للعمل والتفاعل مع هذه التيارات المختلفة.

  ولو أخذنا على سبيل المثال الحركة الديمقراطية الآشورية، فما أن سنحت الفرصة للنشاط العلني على الساحة تحديداً بعد فرض المنطقة الآمنة فوق خط 36 في نيسان من عام 1991 حتى أخذت تقوى وتتوسع قاعدتها التنظيمية والجماهيرية لتبسط نشاطها في كل أنحاء المنطقة الآمنة  وتنفرد بالقرار القومي بسبب دعم الجماهير الآشورية المتعطشة في هذه المنطقة لأي تيار سياسي يمثل طموحه القومي، وهكذا حضيت بدعم كبير من المهجر الآشوري شعباً وتيارات قومية وسياسية، ومن بعدها في منتصف التسعينات نشط الحزب الوطني الآشوري، وحزب بيث نهرين الديمقراطي، وهكذا أتحاد بيث نهرين الوطني في الفترة ما بعد سقوط النظام البعثي. إذا ما لاحضنا موقف الجماهير الآشورية على أختلاف أنتماءاتها الكنسية فقد تفاعلت مع التيارات السياسية دون النظر الى مسالة التسمية، بالرغم من وجود هذا الصراع ولكنه كان في إطاره الطائفي، وما نتائج الأنتخابات في الأقليم عام 1992 إلا دليلاً على ذلك، فنسبة أتباع الكنيسة الكلدانية بالذات في تلك المنطقة كانت أكبر من نسبة أتباع كنيستي المشرق بشقيها، كما أن قائمة الحركة الديمقراطية الآشورية شهدت تنافساً  قوياً على مقاعد الكوتا الخمسة المخصصة للآشوريين، فقد دخل الحزب الشيوعي العراقي التنافس بقائمة تحت تسمية "الكلدوآشوري" وهكذا دخل الحزب الديمقراطي المنافسة بقائمة "مسيحيي كوردستان الموحدة"، فيما تنافس على مقاعد الكوتا الأتحاد الوطني بقائمة "المسيحيين الديمقراطية"، ورغم الفرق الكبير بين إمكانات الحركة مقارنة بالحيتان الثلاثة، ولكنها حضيت بدعم جماهيرنا وفازت بأربعة مقاعد من مجموع خمسة، مما يؤكد بأن أبناء أمتنا في الكنيسة الكلدانية لم يعروا أي أهتمام للتسمية المركبة للحزب الشيوعي ولا للتسمية المسيحية للحزبين الكورديين، ولكنهم وقفوا موحدين لدعم التيار الآشوري بقيادة الحركة حينها، طبعا السبب كان في الجماهير الكبيرة التي عقدت آمالها على قدرة الحركة في تمثيلها قومياً. ولكن سرعان ما تزحزحت ثقة الجماهير بتياراتنا السياسية على الساحة وفي مقدمتها الحركة، وبدأت تتدنى شعبيتها بعد أن أخفقت  في أدائها من جهة، وتعاملت مع خلافاتنا الداخلية على أساس المصالح الحزبية من جهة أُخرى، هذا ناهيك عن الخلافات التنظيمية الداخلية، وما العد التنازلي لعدد المصوتين في الكوتا دورة بعد أُخرى إلا دليل على عدم رضا الشارع الآشوري على أداء تنظيماتنا في الوطن. لقد أشرت الى الحركة هنا كونها أكبر تنظيم قومي آشوري على الساحة وهو تنظيم ولِد من رحم معاناة الشعب الآشوري حراً ولكنه بات اليوم مع كل الأسف أسيرا لأجندات فئوية حزبية. أما بقية التنظيمات فلم يكن لها حضوراً ملحوضاً عدا المجلس الشعبي، ولكن هذا المجلس تأسس بدعم ومساندة الحزب الديمقراطي الكوردستاني في محاولة لموازنة القوى الآشورية على الساحة ومن ثم أحتوائها لتمرير الأجندات الكوردية من خلالها.

38
لنا خبز الإغاثة كفافنا، ولهم الدعم الدولي كفافهم
سامي هاويل- سدني
18/9/2014
  ليس تنظيم داعش لوحده المسؤول عن مأساة العراقيين عموما، والآشوريين بكل طوائفهم والأيزيديين بشكل خاص، بل القائمين على مقدرات البلاد وسياستها على أختلاف ألوانهم وولاءاتهم وميولهم يتحملون المسؤولية القصوى في ذلك، ولا يمكن أن نغض الطرف أيضاً عن السياسة الغربية الرعناء في المنطقة. وإذا ما دخلنا في التفاصيل بشكل أدَقّ فقائمة الإتهام ستطول. ليست هناك من حاجة لإطالة المقالة في ذكر الأحداث التي وقعت أبان وبعد أجتياح أسراب جراد الصحراء الأسود لعدة مدن عراقية، لإننا لازلنا لحد الساعة نعاني من كابوسها الرهيب، ونعيش حاضرها الأليم، ونترقب بخوف وقلق مستقبلها المجهول.
  في الحديث عن سقوط نينوى الذي وصل دَويّهُ السماء السابعة، لا يختلف إثنان على خيانة القادة العسكريين الميدانيين في المدينة لبلدهم وأهلهم ومهنتهم، ولا يختلف إثنان على التقييم السلبي والسيء لإداء الحكومة العراقية التي تأسست وفق معايير الطائفية والمحاصصة والولاء لقوى اقليمية ودولية، مما غيّب الكفاءة فيها وتلاشت النخب والتيارات الوطنية التي ثقلها في العملية السياسية يتراوح ما بين نسبة الواحد الموجب والواحد السالب. فعندما تكون هذه معايير تشكيل الحكومة في بلد متعدد الطوائف والقوميات كالعراق فلابد أن يؤدي ذلك الى الأحتقان السياسي ومن ثم الأنفجار الطائفي والقومي الذي سيحرق المواطن العراقي بحكم موقعه في الخط الأمامي  من الصراع، وعندما نتوجه اليوم بأنظارنا الى مجلس الوزراء الجديد، ومنه الى تحت قبة البرلمان المنتخب، سنرى ذات الوجوه نفسها ولكن بأدوار ومواقع جديدة، هذا يعني بأن الشعب العراقي ينتظره المزيد من الويلات، وقودها حتماً هو دم المواطن البريء الأعزل وخيرات البلاد وبنيتها التحتية.
  منذ غزو نينوى والمدن الصغيرة التابعة لها، يعيش الكثير من أهلها، وجميع الآشوريين المسيحيين والأيزيديين على قارعة الطرق، وسط ظروف معيشية ونفسية سيئة للغاية، يقابلها أداء حكومي خجول لمعالجة الأزمة، وغياب دولي متعمد يدل على موت كل القيم الأنسانية، ويكشف زيف الأدعاء بالحرية والديمقراطية وغيرها من المصطلحات والعناوين الكبيرة التي لا وجود لها في عالم تحكمه شريعة الغاب.
يدفع اليوم الآشوريين وإلى جانبهم الأيزيديين وكما حدث دائما في التاريخ المعاصر ثمن الصراعات على السلطة في العراق، وبالتركيز على تحليل الأحداث ودور القوى المؤثرة على الساحة العراقية نستنتج بأنه كان دور خياني، سواءً كان على مستوى الحكومة الفيدرالية التي مُنيت بفشل ذريع في إثبات وجودها للأسباب المذكورة أعلاه، أو على مستوى القيادات الكوردية التي أنسحبت قواتها بشكل مفاجيء من مدن سهل نينوى تاركة ورائها الأطفال والشيوخ والنساء فريسة لفرق الإرهاب التي لا تفهم سوى سياسة القتل والسبي والترهيب، والأغرب من كل هذا كان محاولة تجريد الأهالي من السلاح!!، نعم تجريد الأهالي من السلاح وعصابات داعش على عتبة دارهم، والميليشيات الكوردية تستعد للإنسحاب!! لا أجد تفسيرا لذلك سوى أعتباره مخطط لتعريض الآشوريين والأيزيديين للقتل والتهجير، وهذا ما حصل. فالتاريخ سيسجل هذا الموقف المُشين في صفحاته السوداء، بينما تطرق مسامعنا بين الحين والآخر بعض الخُطب المستهلكة لمسؤولين أكراد كبار معبرين عن تضامنهم مع "المسيحيين" وكأنهم يمنّون عليهم لأيوائهم في الساحات العامة وعلى أرصفة الطرقات، متناسين بأن هؤلاء المسيحيين  هم الآشوريين أصحاب تلك الأرض.
أزاء كل هذه الجرائم البشعة، وبعد أن أكتضت شوارع دول العالم " الديمقراطية المتقدمة" وساحاتها العامة بالمظاهرات والأعتصامات، ورسائل الأمتعاض وخيبة الأمل، تمخض الغرب وعلى رأسه أميركا لشهور فولدوا مسخاً سياسياً جديدا لا يقل قباحة عن سابقيه، فبعد أن شعروا بأن مصالحهم أصبحت ضمن قوس النار لعصابات داعش، قرروا تقديم الدعم المادي والعسكري والمعنوي لحكومة " الأقليم الكوردي"، وكأن جيش ناحية آمرلي الجرار بترسانته العملاقة والمتطورة هو الذي حال دون أجتياحها بعد محاصرتها لثلاثة أشهر من قبل داعش بدرجة الثلاثمائة والستون!،  هذا الدعم ليس إلا حلقة جديدة من سلسلة سياساتهم الخبيثة في عملية توازن القوى العراقية، وهو تهيئة لمرحلة مُقبلة ربما من شأنها أن تُزيل خريطة البلاد الى غير رجعة، يأتي هذا الدعم الدولي وكأن المتضرر في كل هذه الأحداث هم الأكراد لا غيرهم، أما المنكوبين فقد أكتفوا بتقديم كسرات الخبز لهم ليسدوا به رمقهم وينقذوا أطفالهم من الموت جوعاً، دون مراعاة مشاعرهم وكرامتهم المستباحة، ولم يعطوا اذنا صاغية الى دعوات الآشوريين والأيزيديين المُلحّة لتقديم الدعم العسكري واللوجستي لهم ليمكنهم من حماية أنفسهم وعوائلهم وأرضهم بعد أن فقدوا الثقة بالمطلق بقدرات الحكومتين الفيدرالية والأقليمية. كل هذه التحديات تكشف لنا حقيقة عدم وجود حليف محلي أو أقليمي أو دولي لنا كآشوريين، من المؤكد بأن السبب الرئيسي يكمن في أدائنا السياسي والقومي الذين باتا من ناحية أسيرَي الولاءات لأجندات محلية مضادة، والمصالح الحزبية والصراعات الداخلية لاسيما الطائفية من ناحية أخرى.
  لقد آن الأوان لكي ننبذ الخطابات الهلامية لسياسيينا ووعودهم الكاذبة، ونُقر بأننا خسرنا هذه المعركة على المستوى القومي بأمتياز، ولكننا لم نخسر الحرب برمتها، وما علينا إلا أن نُدرك بأننا لسنا اليوم بصدد العمل لنيل حقوق قومية بقدر ما نحن في صراع من أجل حماية وجودنا المهدد، والحل الأمثل يكمن بالدقة والموضوعية في القراءة المسؤولة لكل الأحداث التي مرت خلال السنوات القليلة الماضية، والعمل على إعادة صياغة الخطاب القومي الآشوري بشفافية وفق معايير صحيحة لكي لا يكتنفه الخنوع والتوافق على أساس معطيات الواقع الشاذ، ومن ثم تبني المشروع القومي المتكامل المبني على الثوابت الآشورية المتمثلة بالأرض والهوية الآشورية كأستحقاق قومي ووطني مشروع، والتحرك على هذا الأساس على المستويات الدولية والأقليمية والمحلية، لإزالة الغبار عن القضية الآشورية لتظهر من جديد بصورتها الكاملة والصحيحة، وليتسنى للعالم أيجاد آلية التعامل معنا، وفي نفس الوقت يمكننا ذلك معرفة موقعنا من كل المشاريع القائمة في منطقة الشرق الأوسط بشكل عام، والعراق على وجه الخصوص. هذه المسؤولية تقع على عاتق النخب القومية لا غيرهم، وهو واجب قومي وأخلاقي ملزم لجميعهم، فالأكتفاء بدور المتفرج في هذه المرحلة يعتبر مشاركة في عملية محو الوجود الآشوري وإقصاء قضيته العادلة. 

39
قراءة في "لائحة حقوق القوميات والأديان والطوائف الدينية في (أقليم كوردستان)"

سامي هاويل-سدني
19-8-2014

  تعتصر قلوبنا هذه الأيام وتنفطر أكبادنا على أبناء أمتنا الآشورية في نينوى والبلدات الآشورية الأخرى التي تقع في سهلها إثر قيام عصابات الظلام ومن يساندهم بترهيبهم وطردهم، وما تؤول إليه ظروفهم المأساوية وسط غياب آمال عودتهم قريباً الى سكناهم، مقابل زيادة أحتمالات هجرة الكثير منهم الى خارج العراق بعد أن تعرضوا الى أسوء معاملة مست كرامتهم وأدخلت الذعر والخوف في قلوبهم وأفئدة أطفالهم.

  ما بين مشاعر الحزن العميق الذي ألم بنا جميعا في هذه الأثناء، والغضب الكبير الذي ينتابنا بسبب هزالة مواقف من نصبوا أنفسهم ممثلون لنا في العملية السياسية العراقية، وهشاشة مواقف رجال الدين المسيحيين، ومابين صمت المجتمع الدولي تجاه ما يتعرض له شعبنا على أرضه المقدسة، لفت منذ أيام أنتباهي عنوان المقالة أعلاه، فوضعت كل الأعتبارات والحقائق والتفاصيل جانباً، وكذّبتُ صوت الحق والحقيقة في أعماقي، وأوهمت نفسي متأملاً بنسبة الواحد بالمئة في أن تكون القيادات الكردية قد أعادت النظر في سياستها تجاه الشعب الآشوري، ولكن ما أن أنتقلتُ الى تفاصيل ما سموه ( لائحة حقوق القوميات والأديان والطوائف الدينية في اقليمهم ) حتى لعنتُ اللحظة التي فكرت في صدق نيتهم، فسقطت أنسيابياً نسبة الواحد بالمئة من قاموس أفكاري، الى أن يأتي اليوم الذي تتمكن القيادة الكردية من إثبات سياستها المعتدلة فعلياً، أبتداءً بإخلاء القرى والقصبات الآشورية من حالات الأغتصاب والأحتلال لأراضيها. كنت في حينها أنتظر اليوم الذي يقررون فيه مناقشه هذه الوثيقة لكي تتزامن المقالة مع الحدث، ولكنني تفاجئت اليوم عندما أنتبهت الى خبر مناقشة البرلمان الكردي لـ (قانون ضمان حقوق المكونات في الأقليم) ومن ثم قرأت خبر مشاركة السيد روميو هكاري في جلسة المناقشة " الرابط الأول أدناه ".

  من المثير للأنتباه هو عندما بدأت بالبحث عن رابط عنوان المقالة أعلاه في المواقع التي نشرته، لم أتمكن من العثور عليه ! كما أنني حاولت البحث عن القانون تحت المسمى الجديد المذكور في الأسطر القليلة أعلاه والذي يتشابه بشكل كبير مع سابقه، فلم أجده أيضاً ! لذا فإنني أعتبر عدم نشره في وسائل الإعلام هو محاولة تمريره بموافقة من يُعتَبرون ممثلين عن المسيحيين لتشريعه وإقراره دون علم الشارع الآشوري وبذلك يصبح قانوناً نافذ المفعول. لذا فإنني سوف أحتفظ بعنوان المقالة كما هو، وأسند مناقشتي على هذا الأساس، وسوف أحاول تحميل نسخة منه كنت قد أحتفضت بها، لكي يطلع القاريء الكريم على هذه الشيطنة، والتي تعتبر خطوة في مشروع تكريد الأرض والفكر والإنسان الآشوري، وفي نفس الوقت نطالب الجهات المعنية بنشر الصيغة الكاملة والمكملة من ( قانون ضمان حقوق المكونات في الأقليم ) لكي يطلع الجميع عليها. 

  ربما يقول لي قائلاً " هل اليوم هو مناسب لهذا الموضوع؟ "، ويضيف آخر " أترك القومية ودعنا نتوحد كمسيحيين"، وليس مستبعداً أن يهاجمني قوميوا الغفلة بالقول " هؤلاء المسيحيين ليسوا آشوريين".   
  إن ما يحدث اليوم ليس إلا بنتيجة! نعم إنه نتيجة التغييب المتعمد لقضيتنا القومية، ونحن كمسيحيين تاريخنا ليس بابعد من ألفي سنة، لذلك أصبحوا يسموننا أحد المكونات الأصلية، وكمسيحيين تسقط أستحقاقاتنا القومية، فالمسيحية ليست لها أرض، ولا قضية ، ولا مسيرة نضالية، ولا تتوهموا بأننا في ظل التناحر الطائفي سوف توحدنا المسيحية ( مع جل أحترامي لأنتمائي الديني المسيحي الذي أعتز به). ولكننا كآشوريين نعتبر شعب العراق الأصيل دون منازع، ولنا سند الملكية بالأرض والماء والجبال والسهول والسماء من فوقها، لأن تاريخنا يمتد لأكثر من سبعة آلاف سنة، وكآشوريين لنا قضية، ولنا مسيرة نضالية قدمنا خلالها مئات الآلاف من الشهداء، وهذه القضية هي سبيل خلاصنا وكفيلة للتمتع بحقوقنا، وأمل بقائنا على أرض الآباء والأجداد. هذه هي الأسباب التي تدفعنا الى العمل تحت الراية القومية، أفلا تلاحضون كيف يحاول القوميين العنصريين تسخير طاقاتهم من أجل محو أي ذكر للآشورية، أو مسخها بأي شكل من الأشكال ؟.

  بالعودة الى موضوعنا بعد هذه البداية الطويلة، فبعد قراءة اللائحة المذكورة نجد وبالرغم من بعض محاولات من قاموا بصياغتها لربط مضمونها بعنوانها، لكن يظهر بوضوح الأختلاف الكبير بين الأثنين، فالعنوان يشير الى حقوق القوميات والديانات الغير الكردية في الأقليم، ولكن المضمون يذكرهم بصيغة "أشخاص منتمين الى الأقليات القومية أو الطوائف الدينية"، وهنا لابُد من الإشارة الى أننا كآشوريين لسنا بأقلية، لأن مفهوم الأقلية هنا لا يمت بصلة الى العدد، فالأقلية تعني مجموعة أو شريحة معينة تعيش بين شعب أو شعوب، وعلى أرض غريبة عنها، لذلك فقد أجحف من صاغوا هذه اللائحة بحق الشعب الآشوري عندما أعتبروه أقلية، في الوقت الذي هو صاحب الأرض.
  لنضع هذا كله جانباً، وننتقل الى بعض مواد هذه اللائحة. وتجنباً للإطالة سوف لن أعلق على كافة فقراتها، خاصة المتشابهة فيها. ففي المادة الأولى وكما ذكرت سلفاً، حاول من وضعوا هذه الوثيقة قولبتها بشكل يوهم القاريء على أنها تخص القوميات في الأقليم، ولكن بعدها مباشرة نجد في المادة الثانية والتي تنص على:
 (( 1- تقر حكومة أقليم كردستان الحقوق السياسية والمدنية والثقافية والأجتماعية والأقتصادية للأشخاص المنتمين الى الأقليات القومية واتباع الديانات كافة.
 (( 2- يتمتع الأشخاص المنتمين الى الأقليات القومية والدينية بالمساواة التامة مع مواطني كردستان أمام القانون.)).
  يلاحظ القاريء اللبيب أعلاه وبجلاء، كيف يتم إقصاء الوجود القومي كأمة وإضفاء الصفة الشخصية عليها، يضاف الى ذلك نرى في الفقرة الأولى غياب الإشارة بشكل صريح الى " الحقوق القومية" والأكتفاء بذكر الحقوق التي تخص الفرد وليس القومية بشكل عام، وهذا يؤكد نوايا تجنب التطرق الى القومية بمفهومها وكينونتها، ويتكرر هذا المشهد في غالبية فقرات هذه الوثيقة.

  أما الفقرة الثانية، فيما يخص المساواة!!! سأترك إنصافها للقاريء الكريم، حيث على الأقل فالأحداث خلال العقدين الماضيين ولحد اللحظة تؤكد مدى مصداقية أدعاء المساواة في الأقليم. كما أود الإشارة الى أنها صيغت بشكل يوحي بأن هذه الأقليات هي وافدة الى الأقليم !! ولهذا يشير فيها الى مساواة حقوقهم مع مواطني الأقليم.
  المادة الثالثة والرابعة تتشابه نوعا ما مع الفقرة الثانية أعلاه حيث يسترسل فيها من وضعوها في نبذ مسالة التمييز والتفرقة والعمل على تهيئة الظروف المؤاتية لتمكين الأشخاص المنتمين الى الأقليات والأديان من التعبير عن خصائصهم وغيرها من الإنشائيات التي تُزيّن الوثيقة.

 أما المادة الخامسة الفقرة أولاً تنص على :
 ((1- تعمل حكومة أقليم كوردستان على تشجيع عودة الأشخاص المنتمين الى الأقليات العرقية والدينية من سكان الاقليم الاصليين الذين أضطروا الى الهجرة لظروف غير طبيعية الى خارج الأقليم أو خارج العراق. وتعاد اليهم ممتلكاتهم القانونية بما فيها دور السكن والأراضي الزراعية أو تعويضهم.))
  هذه الفقرة أيضاً تؤكد عدم صدق نوايا القائمين على صياغة الوثيقة، لأنهم يدركون جيداً بأن الظروف المرحلية الحالية ليست مؤاتية لعودة من يخصونهم الى أراضيهم، ببساطة جداً نقول لأن أهلهم وذويهم الباقين في الأقليم لحد هذه اللحظة يعانون من أجتياح وأحتلال قراهم واراضيهم، وتمارس ضدهم سياسة التمييز فيما يخص العديد من جوانب الحياة اليومية، فكيف سيعود من هاجر الأقليم في الوقت الذي لا تزال الأسباب التي أدت الى تهجيره قائمة ؟
  لذا ولكي يثبت الحكام في الأقليم مصداقيتهم، فإننا نطالبهم بدايةً للعمل على إنصاف كافة القرى والأراضي الآشورية، والنظر في كيفية ترسيخ مفهوم المساواة، ويتركوا مسألة عودة المهجرين ليقرروا هم بشأنها.

لننتقل الآن الى المادة السابعة، ونختار منها الفقرات أولاً ورابعاً حيث تنص على:
(( 1- للأقليات القومية في كردستان حق التعلم بلغة الأم، وتتكفل حكومة الأقليم بإنشاء المؤسسات التربوية الرسمية والخاصة بالأقليات للدراسة والتعلم بلغاتها الأصلية. )).
(( 2- للطوائف الدينية حق تعليم أبنائها شعائر الدين في المدارس التي تتشكل فيها الطائفة الأغلبية، وفي المدارس الخاصة. )).
  في الفقرة الأولى يتضح عدم رغبة من وضع هذه الوثيقة في أعتبار أية لغة أُخرى كلغة رسمية في الأقليم، وهذا يتعارض مع الدستور العراقي الذي أعتبر لغات القوميات رسمية على المستوى المحلي في مناطق تواجدهم بأغلبية.
أما الفقرة الثانية فقد أسقطت حق الطوائف في تدريس أبنائها شعائر دينهم إلا في المدارس التي يشكلون فيها أغلبية !
وهنا نوجه سؤالنا الى ذوي العلاقة ! إذا كنتم تسمونهم بأقليات فيا تُرى أين إذاً سيشكل هؤلاء   
نسبة الأغلبية لكي يعلموا أبنائهم شعائرهم الدينية ؟؟.

المادة الثامنة، الفقرتان الأولى والثالثة تنص على:
(( 1- يجب اعادة كل السكان الاصليين المرحلين عنوة ولاسباب عنصرية، من محافظات كركوك ونينوى وديالى الى مناطق سكناهم الاصلية ومنهم بطبيعة الحال المواطنون الاشورييون والكلدان والتركمان والكرد الايزديين، وان يتم تعويضهم عما لحق بهم من ضرر من جراء الترحيل القسري ))
(( 3- تعمل حكومة أقليم كردستان المحافظة على التجمعات السكانية للأقليات القومية والدينية ويحرم تغيير الطابع القومي والديني لهذه التجمعات. ))
   الفقرة الأولى حددت مسألة إعادة السكان الأصليين وحصرتها بين ثلاثة محافظات فقط (نينوى وكركوك وديالى)، بينما نعلم جميعاً مدى التغيير الديموغرافي الحاصل على محافظة نوهدرا بشكل عام، ومناطق عينكاوا وشقلاوا وغيرها من القصبات الآشورية التابعة لمحافظة أربيل، يبدو بأن هذه الفقرة قد تم صياغتها بشكل تخدم الأكراد على حساب الآشورين والقوميات الأُخرى.

  أما الفقرة الثالثة، بالرغم من التغيير الديمغرافي الذي حدث، وبالرغم من القوانين الجائرة التي سنتها حكومة الأقليم والتي تبيح عملية التغيير الديمغرافي ، كقانون تسوية الأراضي وغيره من القوانين والممارسات، فإننا في الوقت ذاته نرحب بهذه الفقرة ونطالب القائمين على السلطة بالتحرك الفعلي لتحقيق ما ورد فيها، هذا إذا كانت النيات صافية.

المادة العاشرة تنص على:
(( 1- للاشخاص المنتمين الى الاقليات العرقية والدينية حق انشاء وتأسيس الجمعيات والنقابات والاتحادات والنوادي والمراكز الثقافية والاجتماعية الخاصة بهم وفق القانون ، ولهم حق التمتع بثقافتهم الخاصة وتنميتها ))
  هذه المادة تتناقض مع المادة الثانية الفقرة (1)، حيث يظهر بوضوح بأنها لا تجيز تأسيس أحزاب سياسية قومية خاصة بمن يسمونهم أقليات، كما أنها تؤكد يقينا بأن هذه الوثيقة هي عبارة عن محاولة إعطاء صورة للديمقراطية والحرية في الأقليم (والتي لا تُرى بالعين المجردة اليوم)،  من حيث حماية حقوق الأقليات القومية، بينما بالحقيقة هي وثيقة تخص "الأشخاص" المنتمين الى الأقليات العرقية وليس القومية بحد ذاتها.

المادة الثانية عشرة الفقرة واحد تنص على:
(( 1- من حق الاشخاص المنتمين الى الاقليات القومية والدينية تسمية مواليدهم من الذكور والاناث بأسماء دالة على العرق القومي أو الديني على أن لاتكون مهنية لكرامة الطفل أو اعتباراته الانسانية )) !!!.
يا تُرى ماذا يُقصد هنا بعبارة " على أن لا تكون مهينة لكرامة الطفل أو أعتباراته الإنسانية" ؟؟ نتمنى التوضيح.
أما الفقرة الثالثة من المادة الثانية عشرة فتنص على :
(( 1- تعاد تسمية المواقع والمناطق الاصلية التي تم تغييرها من قبل الحكومات العراقية السابقة لاغراض التعريب بكل أوجهها )).
  لا أدري كيف إذاً تسمى أربيل الآشورية بـ ( هولير )؟ وكيف سميت نوهدرا بـ ( دهوك )؟ وكيف وُضعت قطعة أمام مدخل منطقة خنس الآشورية الأثرية تقول ( كردستان مهد الحضارات )؟.

أخيراً ننتقل الى المادة الثالثة عشرة والتي تنص على:
((تقر حكومة أقليم كردستان للاقليات العرقية والدينية بجميع الحقوق الواردة في اعلان حقوق الاشخاص المنتمين الى اقليات قومية أو اثنية والى اقليات دينية ولغوية المعتمد بقرار الجمعية العامة 74/135 الموارخ في 18/ديسمبر/1992 )).
  في هذه المادة يكمن مربط الفرس مثلما يقول المثل الشائع، حيث للمطلع على قرار الجمعية العامة رقم 47/135 المؤرخ في 18/12/1992 سيدرك جيدا كيف تم صياغة هذه الوثيقة المسمات بـ (لائحة حقوق القوميات والاديان والطوائف الدينيية في أقليم كوردستان العراق )، حيث أعتمد واضعوا هذا الوثيقة على قرار الجمعية العامة أعلاه من حيث المخاطبة، علما بأن هذا القرار يعني بشكل حصري حقوق الأشخاص المنتمين الى الأقليات القومية والدينية، ولكن واضعوا الوثيقة الكردية عنونوه بشكل يوحي وكأنه يخص القوميات والديانات الغير الكردية والغير المسلمة، مع ذكر ذلك بشكل عام في بعض الفقرات، بينما نجدهم يتجنبون التطرق أو ذكر أعلان الأمم المتحدة بشأن حقوق الشعوب الأصيلة الصادر عام 2007 ، حيث إن هذا الإعلان يشير الى القوميات والشعوب الأصيلة وحقوقهم بشكل واضح وصريح. 

  أختم قرائتي هذه متوجها الى واضعي هذه الوثيقة بالقول ، لقد أخفقتم في صياغة ما يرتقي الى مستوى منح حقوق القوميات الغير الكوردية في الأقليم، وزدتم من شكوكنا بأنكم لستم مستعدين، لا بل لا تملكون الجرأء الكافية لكي تقروا حقوق الآخرين، وأكثرتم من خيبتنا بكم في أن تنصفوا الشعب الآشوري، ولم تنظروا الى التضحيات التي قدمها خلال سنوات نضاله المريرة، ويبدو بأن العديد من الشجعان الآشوريين الذين أنظموا الى صفوفكم طوال العقود الماضية قد مسحت مواقفهم وبسالتهم من مخيلتكم وأصبحتم لا تفوتون فرصة إلا ووضفتموها للنيل من الوجود الآشوري وطمس هويته القومية. ما هكذا تكون التحالفات، فلا أحد يدري ما تخبئه الأيام والأزمان، إنكم وبعد أن أصبحتم أحد أقطاب العملية السياسية يبدو بأن الغرور قد أمتلككم ونال منكم ميولكم القومي العنصري لذا خسرتم مصداقيتكم أمام الشعب الآشوري، فهل ستعملون لإعادتها ؟ أم إنكم لا تكترثون لأنكم لا تؤمنون بأن يأتي يوما يكون فيه قد فات الأوان.
الرابط الأول
هكاري يشارك في جلسة مناقشة مشروع قانون ضمان حقوق المكونات في الأقليم
http://www.ankawa.com/index.php/ankawaforum/index.php?topic=749864.0

الملف أدناه هو نسخة من قانون حماية حقوق المكونات القومية والاديان والطوائف الدينية في أقليم كوردستان العراق، أتمنى أن يتمكن القاريء الكريم من فتحه.

http://uploads.ankawa.com/uploads/1408458781591.docx

40
بعد سقوط نينوى بيد داعش أصبح أستقلال الأكراد قاب قوسين
سامي هاويل - سدني
11-6-2014

   يحصد العراقيين اليوم زؤان المحاصصة المقيتة بعد أن ألقت بظلالها الداكنة على تشكيل الجيش العراقي وقوى الأمن والشرطة المحلية، التي ما لبثت وأن أنهارت أمام عصابات داعش في مدينة نينوى ثاني أكبر مدن البلاد، في حين تتوالى بين ساعة وأخرى دعوات رئيس الوزراء السيد نوري المالكي ورئيس مجلس النواب السيد أُسامة النجيفي مناشدين تارةً أبناء العشائر لحمل السلاح والتصدي لعصابات داعش!!! وأُخرى موجهة للقوات الكردية ( البيشمركة )!!!، لا بل ذهب السيد رئيس الوزراء الى أبعد من ذلك عندما أصدر أوامره بتطبيق المحاكم العسكرية الميدانية ( يبدو أنها التسمية الديمقراطية لفرق الأعدامات في زمن الطاغية! ) بحق الذين يلوذون بالفرار تاركين مواقعهم لتلتهمها الميليشيات الإرهابية!!!، ربما يأتي وقع هذه الأحداث الخطيرة مدوياً ليدفع الساسة في العراق الى إعادة تقييمهم للمرحلة السابقة بشكل جدي ومسؤول، ليصيغوا آلية لتشكيل الحكومة الجديدة المرتقبة في مختبرات بعيدة عن المحاصصة والمحسوبية والطائفية والمصالح الفئوية، ومن الجانب الآخر حبذا تُولَد الحكمة من رحم معاناة العراقيين هذه المرة لتجعلهم يفكرون ملياً قبل أن يضعوا بصمتهم على ورقة الأنتخابات عندما يتوجهون مستقبلا صوب مراكز الأقتراع.

   وفي سياق حديثنا عن الأحداث الأخيرة في نينوى، فإلى جانب معاناة أبناء هذه المدينة بشكل عام، لا بد من الإشارة الى ما لاقاه وسيلاقيه أبنائها المسيحيين الذين هم أمتداد لأجدادهم الآشوريين، إضافة الى ذلك فقد أصبحت البلدات التي يسكنها أبناء أمتنا الآشورية في قضائي بغديدا وتلكيف وبقية البلدات المجاورة لها، على خط التماس تحت رحمة مليشيات داعش من جهة والقوات الكردية التي تتواجد فيها من جهة أُخرى، وهنا لابُدّ من الإشارة الى من وقف بالضد من دعوات إقامة منطقة آمنة للمسيحيين على هذه الرقعة ( منطقة سهل نينوى )، لنطالبهم بأستخدام "عصى موسى" لتوفير الأمن والأستقرار الذي لطالما تغنوا به في تصريحاتهم الوطنية المفرطة والتجربة الديمقراطية المزيفة طوال العشرة سنوات الماضية، التي خلالها أستُهدِف أبناء أمتنا الآشورية بشكل مباشر ومدروس، وأُرغِم أكثر من نصف عددهم على ترك منازلهم وممتلكاتهم وأراضيهم ومن ثم الى ترك البلاد حفاضاً على أرواحهم.

  المشهد السياسي اليوم وشك أن يكون واضح الملامح لكل متابع لأحداث العراق بشكل عام، وفي هذه المنطقة على وجه الخصوص، ففي الوقت الذي أخفقت فيه القوات العراقية النظامية في صد الهجمة، أنسحبت القوات الكردية من المدينة وأحكمت سيطرتها الآن على طول الحدود الشرقية والشمالية منها، هذه الحدود تضم الى حد كبير العديد من الأقضية والقصبات التي يعتبرها الأكراد من المناطق المتنازع عليها والمشمولة بالمادة 140 من الدستور العراقي. أي بمعنى آخر فقد حسمت داعش الحدود الجغرافية في هذه المنطقة لصالح الأكراد، وإذا ما أحرزت  مليشياتها تقدماً نحو جنوب المدينة من جهة، وطالت سيطرتها على نينوى من جهة أُخرى، ستدفع الأمور نحو أنفصال الأقليم الذي لطالما لوح به مسؤولين أكراد بارزين بين فترة وأُخرى في العديد من المناسبات، فالفرصة أصبحت مؤاتية لهم اليوم أكثر من أي وقت مضى، خاصة والعراق سيخوض غمار عاصفة تشكيل حكومة جديدة، في ظل الأنفلات الأمني الذي يعم معظم مدنه، والتناحر السياسي الذي يولده الصراع الطائفي، ورغبة التيارات السياسية المختلفة في السيطرة على  مقدرات البلاد والقرار السياسي فيها. فهل ستفلح قطعات القوات الخاصة المتوجهة في هذه الأثناء الى المدينة لتحريرها في تغيير مسار الأحداث ؟ وإذا ما أخفقت في ذلك فهل للحكومة المركزية من ورقة أخيرة تُنقذ فيها البلاد من الأنقسام والفوضى والفلتان الأمني والحروب الأهلية ؟ الأيام القادمة حبلى بالأحداث المثيرة وربما مفاجآت غير متوقعة.

41
هل حقاً الكوتا المسيحية مخصصة لشعبنا!!
سامي هاويل - سدني

"كوتا شعبنا!" هذا المصطلح التضليلي يستخدمه العديد من السياسيين في الأحزاب القومية ( المسيحية )، ويؤكده أقلام العديد من كتابنا المهتمين بالشأن القومي، منهم من يميل الى أحزاب قومية آشورية معينة ومنهم من يدعم أُخرى قومية تحت مسميات كلدانية وسريانية وبعض القوائم العائدة الى شخصيات برزت حديثا على الساحة القومية الخالية من أي تنظيم قومي حقيقي يمثل أدنى مستوى من طموحات الشعب الآشوري.
رغم إن المادة التي تنص على هذه الكوتا واضحة وصريحة تؤكد على أنها ذات طابع ديني مسيحي ( كوتا المكون المسيحي )، إلا أننا نشاهد كيف يحاول سياسيينا بذكاء تأطيرها وتغليفها ببعض الشعارات والوعود القومية لتظليل الفرد الآشوري ودفعه صوب صناديق الأقتراع لينتخبهم متوهما إنه ينتخب ممثلين قوميين له، أي بعبارة أُخرى، يمارسون خِدع السياسة على أبناء أمتهم بينما يصارحون الغريب ويصادقون على أجنداته!!، ولا يُدرك الفرد الآشوري بأن قضيته القومية قد غُيبت تماماً في الوطن، وعليه أختفى رسمياً أي تمثيل قومي آشوري من على الساحة السياسية العراقية، كما لا يُدرك الكثير من أبناء الشعب الآشوري بأن الكوتا المسيحية هي على حساب تمثيلهم القومي.
أليس أستخفافاً يمارسه ممثلي قوائمنا وقيادات أحزابهم بعقول أبناء أمتنا عندما يطالبونهم بالتصويت لأجل إظهار ثقلنا من خلال كثرة عدد الناخبين ؟؟ فلنسأل هؤلاء السياسيين :
1-  كيف يستطيع المرء أن يعرف عدد الناخبين الآشوريين، ويفرز أصواتهم المحتسبة ضمن أصوات المسيحيين العراقيين عموما؟
2- هل جميع المصوتين للكوتا المسيحية هم مسيحيين آشوريين، أو كما تسمونهم ( كلدوآشوريين سريان، أو كلدان سريان آشوريين، أو الكلدان والسريان والآشوريين ) ؟.
لقد ذكرنا مراراً بأن صيغة المادة التي منحت الكوتا للمكون المسيحي تجيز قانونياً لإي فرد مسيحي أياً كان أنتماءه القومي أن يرشح نفسه ليحصل على أي مقعد من مقاعد الكوتا الخمسة، وتفسح المجال أمام أي ناخب بغض النظر عن أنتماءه الديني أو القومي أن يصوت لمرشحي الكوتا، وفي الوقت الذي يدعي ممثلي أحزابنا ومرشحيهم بأنهم يرفضون الكوتا المسيحية وسوف يعملون على تغييرها الى كوتا قومية!!، ولكنهم يتنافسون على مقاعدها منذ أن أُقِرت هذه الكوتا!.
هؤلاء السياسيين يتحملون المسؤولية الكبرى أمام الشعب وأمام التاريخ  على قبولهم الترشيح والمنافسة على المقاعد المخصصة للمسيحيين، ومشاركتهم المصحوبة بوعود خجولة لتغيير صفة الكوتا من دينية الى قومية ليس إلا دليلاً على أنهم يبحثون عن مصالحهم الحزبية والشخصية فقط، وإلا لكانوا قد رفضوا وأستنكروا وقاطعوا الأنتخابات منذ الساعة الأولى التي أُقِرت فيها الكوتا المسيحية بأعتبارها تهميشاً متعمداً ومحاولة لتغييب القضية الآشورية من المعادلة السياسية في العراق.
مثلما سياسينا، أيضا يتحمل الناخبين قسطا كبيراً من المسؤولية، كونهم بتصويتهم لقوائم تتنافس على كوتا دينية يُقرون مشروعية إقصاء قضيتهم القومية، ويفسحون المجال أمام السياسيين ليتلاعبوا بكل شيء من أجل مصالحهم الخاصة، وليستمروا بهذا النهج طالما هناك من يصدق خطاباتهم ويصوت لهم. وهنا لابُد لي أن أُشير الى أهمية دور الأقلام النخبوية  وواجبها في توعية الجماهير الآشورية وتعبئتها فكريا ودفعها نحو الإصلاح والوقوف بعيداً عن التنافس الأنتخابي لمجموعة أحزاب لا يربطها اليوم بالقومية شيئاً سوى أسمائها وندواتها داخل البيت الآشوري.
أضع أدناه أمام القاريء الكريم نص المادة المخصصة للكوتا في قانون الأنتخابات، ليرى بأم عينه كيف خُصصت مقاعد الكوتا قومياً للشبك والأيزيديين والصابئة فقط، أما المقاعد الخمسة التي تتنافس عليها قوائمنا، ويصوت لهم أبناء أُمتنا فهي مخصصة للمسيحيين العراقيين عموماً دون الإشارة الى أنتماءاتهم القومية، فهل من مجيب ؟.

( الدوائر الانتخابية )
مادة (11)
أولا- يتكون مجلس النواب من (328) ثلاثمائة وثمانية وعشرون مقعداً يتم توزيع (320) ثلاثمائة وعشرون مقعدا على المحافظات وفقا لحدودها الادارية وفقاً  للجدول المرفق بالقانون وتكون ( 8 ) ثمانية مقاعد منها حصة (كوتا) للمكونات .
ثانياً- تمنح المكونات التالية حصة (كوتا) تحتسب من المقاعد المخصصة على ان لايؤثر ذلك على نسبتهم في حالة مشاركتهم في القوائم الوطنية وكما يلي:-
      أ- المكون المسيحي (5) خمسة مقاعد توزع على محافظات (بغداد ونينوى وكركوك ودهوك واربيل) .
      ب- المكون الايزيدي (1) مقعد واحد في محافظة نينوى .
      ج- المكون الصابئي المندائي (1) مقعد واحد في محافظة بغداد .
       د- المكون الشبكي ( 1 ) مقعد واحد في محافظة نينوى .
ثالثاً- تكون المقاعد المخصصة من الكوتا للمسيحيين والصابئي المندائي ضمن دائرة انتخابية واحدة

42
المنبر الحر / تجاوزات أم أحتلال !
« في: 23:20 01/04/2014  »
تجاوزات أم أحتلال !!
سامي هاويل - سدني
   
عشرون سنة أو أكثر ونحن نداول مصطلح "التجاوز" في خطاباتنا  لوصف ما تعرضت له الأرض الآشورية تماشياً مع خطاب فعالياتنا السياسية في الوطن. ولحد أيامنا هذه والمتزامنة مع الأنتخابات العراقية المقرر إجرائها في الثلاثون من نيسان الجاري أي بعد شهر من الآن، نسمع ونقرأ خطابات نُخبنا السياسية وهي تُشير الى ذلك بعبارة ( التجاوز أو التجاوزات). لذا فمن الضروري جداً أن نعيد النظر في هذا المصطلح وندرس مدى تطابقه مع ما تعرضت وتتعرض له كافة القرى الآشورية سواءً المتواجدة تحت السيطرة الكردية أو تلك التي تقع إدارياً تحت سلطة محافظة نينوى.
   فالتجاوز يتفاوت حجمه ونوعه، أبتداءً من أقل مستوياته، وأنتهاءً بأكبرها والتي تتمثل بتجاوز دول معينة على أُخرى. وفي هذه المقالة سوف نقف على ما يخص الأراضي الآشورية، كونه موضوع المقالة، ونقارن ذلك بمفهوم الأحتلال لنصل الى الصيغة الصائبة التي يجب مداولتها في خطابنا القومي والسياسي.
  فالتجاوز في هذا المجال كثيراً ما يقع من قبل المواطن على أراضي الدولة ( البلدية ) وعلى وجه الخصوص في مجال البناء وتعتبر حالة مألوفة في كافة الدول والمجتمعات، هكذا تقع حالات أُخرى من التجاوزات بين القرى المجاورة والمتلاصقة أراضيها الزراعية أو مراعيها أو ممتلكاتها الطبيعية مع بعضها، وأحياناً أُخرى تقع تجاوزات فردية بين سكنين معينين متجاورين، يدخل بناء أحدهم في ملكية ( أرض ) الأخر، أو بين أصحاب حقلين زراعيين متجاورين يغير أحدهم الحدود بينهما لصالحه، وفي كل هذه الحالات وغيرها من أنواع التجاوزات تتدخل السلطات المعنية لفض النزاع وحسمه بالإستناد الى الأوراق والمستمسكات الرسمية والشهود وما شابه ذلك من السبل القانونية المتبعة.
  أما الأحتلال فيختلف مضمونه وشكله كثيراً عن التجاوز، وهو أيضاً يقع على أشكال متعددة تتمثل أقصاها بأجتياح دول لأُخرى عسكرياً. وهناك الأحتلال ضمن حدود الدولة الواحدة المتعددة الأثنيات يتمثل بالتغيير لديمغرافية السكان الأصليين للأرض والتي غالباً ما يكون للسلطات دوراً رئيسياً فيها، أو أستيطانها من قبل دخلاء يفرضون أنفسهم بالقوة على أصحابها، ومن ثم يتبعون ممارسات أستفزازية يومية ( تجاوزات ) بغية إرغام أصحاب الأرض على تركها أو بيعها بأرخص الأثمان بعد أن يفقدوا الأمل كلياً في إنصافهم من قبل السلطات التي من المفروض أن تتدخل بشكل مباشر لحماية مواطنيها.
  لو ألقينا نظرة على التغيير الديمغرافي المتبع من قبل الحكومات العنصرية في العراق فإننا سوف نلتمس ذلك بسهولة، فما أتبعه نظام حزب البعث الحاكم طوال الخمسة وثلاثون سنة من حكمه من إجراء تغييرات ديمغرافية شملت قرى يقطنها أكراد في كركوك وقرى آشورية في سهل نينوى من خلال توطين عائلات عربية العرق في تلك القرى مما لعب دوراً مباشراً في خلق الأزمات بين أطياف الشعب العراقي وبث روح الفرقة  والعداء بين القوميات المختلفة لتصل في العديد من المناسبات الى المواجهة المسلحة، والتي بدورها أثرت بشكل سلبي على أمن وأستقرار البلاد لعقود ومزقت نسيجها الأجتماعي المتعدد الأثنيات، ففي عراق اليوم يمثل التغيير الجغرافي والديمغرافي إحد أكبر المعضلات التي تقف عائقاً في طريق حلحلة الإشكالات وتحقيق الأستقرار والأمان الذي يتمناه المواطن البسيط ويراوده في أحلامه.
  بالعودة الى ما يتعلق بالشأن الآشوري فيما يخص ديمغرافيته وجغرافيته، لا أعتقد بأن ما تعرض له قد يغيب على النخب العراقية بكافة أطيافها، ففي التاريخ الحديث، تحديداً منذ إعلان تأسيس الدولة العراقية عام 1921 ولحد يومنا هذا كان الشعب الآشوري ضحية الممارسات الهمجية والشوفينية للحكومات المتعاقبة، التي شرعت بتطبيق نهجها العنصري الدموي في مدينة سميل عام 1933 والقرى المجاورة لها، وأستمرت بممارسة الضغط على الفرد الآشوري طوال السنين التي أعقبت تلك المجزرة، حيث هُجر الآشوريون أبانها قسراً من 67 قرية، نالت عشائر كوردية القسم الأكبر من "الغنيمة" بينما أستولت عشائر عربية على البقية الباقية منها بدعم ومساندة السلطة، بينما يسكن غالبية أصحابها الآشوريين اليوم في 33 قرية على ضفاف نهر الخابور داخل الحدود السورية، جميعهم يحملون الجنسية العراقية ولازال الكثير منهم يحتفضون بأوراقهم الرسمية العراقية.
  بعد مذبحة سميل تلتها المرحلة الثانية في مسلسل قمع وتهجير الآشوريين، فقد لعبت الحرب الداخلية الدائرة بين المليشيات الكوردية والجيش العراقي المندلعة عام 1961 دوراً مؤثراً في فقدان الشعب الآشوري لإكثر من مائتان قرية كانت تقع معضمها على خط التماس بين الطرفين، حيث هُجّر قسراً أهالي العشرات من تلك القرى وتم إرغامهم للعيش في مجمعات سكنية قريبة من المدن الكبيرة، فيما أُضطر سكان بقية تلك القرى الى تركها والعيش إما داخل المدن العراقية مثل بغداد ونينوى ونوهدرا وأربيل والرمادي والبصرة، أو مغادرة البلاد بحثاً عن الأستقرار والعيش الكريم، وقد أستولوا الكثير من سكان القرى الكردية المجاورة بشكل كامل على الكثير من تلك القرى الآشورية، أو أصبحوا الغالبية العظمى من سكانها الى جانب القليل من أصحابها الآشوريين.
   في أعقاب أنتهاء الحرب العراقية الأيرانية عام 1988 تعرضت المنطقة الشمالية بأسرها الى هجمة شرسة من قبل القوات العراقية التي أتبعت سياسة الأرض المحروقة، فأجتاحت المنطقة فيما سُمي بعملية (الأنفال) السيئة الصيت، وتعرض السكان المحليين الى أشد الضربات العسكرية تخللتها بالإضافة الى الأسلحة الثقيلة هجمات بالأسلحة الكيمياوية، إضافة الى ذلك فقد دُمرت مئات القرى الآشورية الى جانب القرى التي كان يقطنها الأكراد وفُجرت الأديرة والكنائس، مما أثار الرعب في نفوس المدنيين العُزل من الآشوريين والأكراد ودفعهم ذلك للجوء الى الحدود التركية والأيرانية، أما من وقع منهم بأيدي القوات العسكرية فقد تم أعدامهم في مهرجانات دموية ودفنوا في مقابر جماعية، أكتُشفت العديد منها بعد سقوط النظام الحاكم في نيسان من عام 2003.
  لنقل، ومثلما ذكرنا أعلاه بأن الفكر الوطني المبني على المساواة والعيش المشترك لم يكن متبلوراً في مخيلة القائمين على حكم البلاد وغاب بشكل كامل عن أجنداتهم طوال الفترة منذ إعلان تأسيس الدولة العراقية وإلى أن بدأت شوكة آخر هذه الأنظمة بالإنكسار في أعقاب فرض المنطقة الآمنة فوق خط 36 في المنطقة الشمالية، وفرض حضر الطيران العسكري على المنطقة الجنوبية الواقعة تحت خط 32 بعد أنتهاء حرب الخليج الثانية عام 1991، مما فسح المجال للتيارات السياسية الكوردية لإدارة المنطقة الشمالية، أعقبه تشكيل البرلمان الكوردي عام 1992،  لكن ذلك لم يغير الواقع المعيشي للآشورين في مناطقهم التاريخية، للأسف فرغم ما تعرض له الأكراد من تشريد وقتل وتهجيرعلى أيدي النظام الحاكم، لكنهم ( القيادات الكوردية ) بدأت تمارس ضد الأراضي الآشورية نفس ما مورس بحقهم أبان حكم حزب البعث، فمن ناحية أستوطنت الكثير من العائلات الكوردية في العشرات من القرى الآشورية، ومن ناحية أُخرى أستغلت القيادة الكوردية سلطتها في توطين قرى حدودية كردية على أراضي آشورية في الكثير من القرى والقصبات الآشورية بحيث تخلو اليوم أي قرية آشورية من أستيطان الأكراد سواءً كانوا سكان قرى مجاورة أو قادمين من قرى حدودية نائية، بينما مارست الحكومة الكوردية سياسة التمويه والمخادعة وتعددت أعذارها لحل المسالة تارّة بعدم الأستقرار في المنطقة وتارّة أُخرى بعدم السيطرة على زمام الأمور بسبب الطبيعة القبلية التي يتكون منها المجتمع الكوردي، وأحياناً أُخرى تحاول أحتواء الشكاوي المتتالية بتمثيلية ساخرة بتشكيل لجان للبت في مسالة التجاوزات!! دون تحقيق شيء ملموس على الأرض، بينما نجدها (الحكومة الكردية) تمارس الضغط والأستيطان بطريقة رسمية من خلال سن قوانين تشرعن الأستيلاء على القرى والأراضي الاشورية، كقانون تسوية الأراضي وغيره من القوانين والإجراءات التعسفية التي تدفع الفرد الآشوري الى فقدان الثقة في أن يُنصف يوماً تحت حكم هذا النوع من الأنظمة،  ومن الجدير بالذكر فإن هناك ممارسات وقعت وتقع في العديد من القرى الآشورية لإستفزاز سكانها، في نظر القانون تعتبر مسائل يومية وتجاوزات فردية!، بينما بالحقيقة هي ليست كذلك، فبالرغم من أختلاف مسببيها ومكانها وزمانها وأقتصارها على تصرفات أفراد ولكنها عندما تجتمع جميعها مع بعضها  فهي متشابهة في الهدف والمضمون وتشكل عامل ضغط على الفرد الآشوري لإخضاعه لسياسة الأحزاب الكوردية أو دفعه بطريقة أو بأُخرى للتفكير في الهجرة بحثاً عن الأمان والعيش الكريم خاصة عندما غاضت السلطات الكردية الطرف عن هذه التجاوزات المتكررة، وهذه الأعتداءات لا تكفي مقالة واحدة لتغطيتها، فالكثير منها باتت معروفة للقاصي والداني، لا بل تعدت الأعتداءات على الأراضي الآشورية لتصل الى درجة تكريد الفرد الآشوري من خلال حقن المناهج التدريسية بمواد تاريخية لا تمت للحقيقة بصلة، و أعتبار بعض المجرمين في التاريخ أبطالاً قوميين وهم من تلطخت أيديهم بدماء الأبرياء من الآشوريين يشهد لذلك التاريخ، فعلى سبيل المثال أُدخِل أسم المجرم "أسماعيل آغا" زعيم عشائر الشكاك الأيرانية المعروف بلقب ( سمكو الشكاكي ) في المناهج التدريسية وأعتُبِر بطلاً قومياً! بينما هو من أغتال غدراً البطريرك الآشوري الشهيد ما بنيامين شمعون وقتل الكثير من الآشوريين الأبرياء العُزل.
  أما فيما يخص قرانا وقصباتنا في منطقة سهل نينوى فقد تعرضت في هذه المنطقة أيضا الى التغيير الديموغرافي والجغرافي بعد أن أقدمت حكومة البعث على منح أراضي العديد من هذه القرى لعوائل عربية بغية تشويه هويتها العرقية ، وأستمروا على هذا المنوال طيلة سنوات حكمهم، بينما باتت اليوم هذه المنطقة ساحة نزاع بين الحكومة الفيدرالية والسلطات المحلية في محافظة نينوى على وجه الخصوص من جهة، والسلطات الكردية من جهة أُخرى، ولم تسلم أراضي هذه القصبات من الآعتداءات المستمرة على سكانها ومن عملية سلخ أراضيها ومنحها بمختلف الطرق لغرباء عنها لحد يومنا هذا، كما تشهد هذه المنطقة عملية حرمان من أبسط الخدمات الأجتماعية التي من المفترض أن يتمتع بها المواطنين، بالرغم من مرور أكثر من عشرة أعوام على إزاحة النظام الدكتاتوري وإحلال محله ما يسمى بـ "النظام الديمقراطي"، فعلى سبيل المثال، قبل أيام منحت "مشكورة!!!" السلطات المحلية في محافظة نينوى موافقتها لأهالي بغديدا للقيام بمظاهرة سلمية أحتجاجاً على سوء الخدمات وضحالة تعامل أحدى الشركات مع مشروع إصلاح المجاري في البلدة، بينما يعتبر هذا الأمر من أولويات السلطة في المحافظة في الوقت الذي أهملت هذه السلطة مهامها تجاه الإسراع في تحسين الخدمات ومحاسبة المقصرين الذين يتسببون في معاناة أبناء بغديدا، شخصياً أعتبر هذا تعمد في الأهمال كون منطقة سهل نينوى تعاني ولفترة طويلة بشكل كبير من سوء الخدمات وغياب المشاريع الخدمية وقلة توفير فرص العمل لأبنائها وغيرها الكثير من المستلزمات المعيشية العامة.
  من خلال النظر الى هذا الكم اليسير من الأحداث والحقائق المذكورة في هذه المقالة  (دون الخوض في المآسي الأُخرى التي تعرض لها الشعب الآشوري خلال السنوات القليلة الماضية) ومن خلال مقارنتها بشكل موضوعي بالمسميين ( التجاوز والأحتلال ) نستنتج بأن ما تعرض ويتعرض له الشعب الآشوري هو أحتلال بأمتياز، ومحاولة مدروسة لإلغاء وجوده ومسخ قضيته، ولا يجوز أعتباره تجاوزاً، ويجب تدوال هذا المصطلح الأصح بدلاً من التجاوزات. لا بل أزيد التأكيد على توحيد الخطاب القومي الآشوري والعمل على تدويل القضية الآشورية من خلال طرحها بكل مفاصلها في كافة المحافل الدولية بعد أن أنعدمت الثقة وغاب الأمل في إمكانية الحكومة العراقية والسلطة الكردية إنصاف الشعب الآشوري دستورياً وفعلياً وأحترام قضيته ووجوده على أرض آبائه وأجداده أرض آشور الخالدة.

الرجاء الأطلاع على الرابط أدناه وهو بحث في مصير القرى الآشورية المسيحية التابعة لمحافظة دهوك أجراه مشكوراً الزميل ماجد أيشو.
http://www.nohra.ca/Writers/Majed%20Eisho/0006.htm
 

43
أنتخابات،، مزايدات، أتهامات، وأمور أخرى
سامي هاويل - سدني
مرة أخرى يُطل علينا موسم الأنتخابات العراقية وأمتنا الآشورية تنظر إلى هذا الأستحقاق القومي والوطني بحسرة وخيبة أمل. فلا التمثيل يوماً كان قومياً ، ولا الترشيح اليوم أيضاً يأخذ منحاَ قوميا، وما لدينا على الساحة هو بقايا تنظيمات كانت قومية النهج بالأمس القريب ساقتها قياداتها لترتدي وشاح رجال الدين وتحصر أجنداتها بين المصلحة الحزبية والمنفعة الشخصية، وأُخرى وُلدت من جديد لكن مشوهة، ليصبح أرتباط أجنداتها الخجولة بالقضية القومية مقتصر على الأنتماء الديني المسيحي.
قبل أنطلاقة الحملة الأنتخابية بشكلها الرسمي، قدحت الشرارة في جلبابهم لينطلقوا من جديد بحملتهم العرجاء القبيحة قبل الموعد المحدد، تتخللها الأتهامات والتراشق الإعلامي فيما بينهم، والتي من المؤكد سيرافقها عرض عضلات ومزايدات على فتات من صدقات العرب والأكراد يتاجرون بها لإغفال الفرد الآشوري كي يهب صوته لهم من جديد.
أحزاب يعتبرون أنفسهم قوميون بينما هم أبعد من ذلك بكثير، تنظيمات تدعي العمل الجبهوي بإنضوائهم تحت لواء تجمع التنظيمات، يتبادلون الزيارات وينشروا صورها بأبتساماتهم العريضة المزيفة بينما نرى بوضوح كيف باتت الثقة معدومة بينهم، لا أحد منهم يجروء أن يدير ظهره للآخر، كل منهم يمسك بإحكام قبضة خنجره المسموم ليصيب ظهر الآخر، يخرجون للعمل من أجل شعبهم المسيحي، وككل مرة يعودوا وجعبهم فارغة. ليقتلوا الأمل من جديد في نفس الفرد الآشوري.
متسولون بكل معنى الكلمة يجوبون شوارع الغرب، يستجدون أصوات أبناء جلدتهم ليستغلوها لمصالحهم لا غيرها، لينتهي الزمن بهم عالة على شعبهم!!!. يرتكبون الحماقات الواحدة تلو الأًخرى ويغضون الطرف عن معاناة الشعب، لا بل يتاجرون بمقدسات الأمة ويماسون العهر السياسي في رابعة النهار دون خجل، والأنكى من هذا كله "يستخفون بعقول الآشوريين"، نسمعهم يتخبطون بتصريحاتهم يميناً وشمالاً، ولكنهم يمتهنون بدعة التظليل ببراعة، فأكاذيبهم تقشعرُّ لها الأبدان وتشمئز منها القلوب.
مدارس ، رفع التجاوزات ، أستنكارات ، أيضاحات خجولة ، وعود كاذبة ، أجندات لعينة ، فتح ساقيات الري ، توزيع معدات طبية ، حليب أطفال ، أكياس طحين ، عيادات متنقلة ، زيارات ميدانية ، تصريحات بهلوانية ، أتهامات ، تخوين ، كلها سلع فاسدة تُباع لأبناء شعبهم المنكوب في قاعات الندوات دون واعز من ضمير، وكأن الشعب الآشوري باكمله تربى في ميتم، أما القضية الآشورية فهي للمتاجرة بها مع الغريب. لا عتب عليهم طالما روتين التصفيق بعد أنتهاء ندواتهم ساري المفعول، إننا فعلاً نعيش أزمة عقل وقِلة مسؤولية.
تسمعهم يقولون ، شعبنا ! أُمتنا ! سمونا ما شِئتم ، كلدوآشوريين سريان ، كلدان سريان آشوريين ، سورايا ، مسيحي، لا يهم، فالمهم الوحدة !!! أي وحدة ومن أجل ماذا؟؟ أين هي؟؟ وحدة من مع من ؟؟، كلها على بعضها ليست إلا حزمة سكاكين مسمومة طعنوا بها قضيتنا الآشورية في الخاصرة ولا زالوا يفعلون. ولا من رقيب ولا من رادع ولا وازع من ضمير.
أحدهم يوقع على قوانين جائرة تمس قدسية شعبه، والآخر يعمل جلّ طاقته ليقدم أرضه للغريب على طبق من ذهب ، وثالث بلا حياء يدعو شعبه المسيحي لمراجعة مكاتب المفوضية لكي يحصلوا على كامل حقوقهم ؟؟؟؟؟ يصرح وكأن الشعب الآشوري بأكمله معاق فكرياً! يالها من سخرية القدر.
ورابع، عضو برلمان لم نسمع عنه شيئاً طيلة الأربعة سنوات، بينما نراه يتلعثم حين توجه إليه الأسئلة في الإعلام المسموع، يرد على سؤال وربع من مجموع خمسة أو ستة أسئلة، وأية ردود ؟،  وهو في سفرة عائلية الى الغرب بينما القرارات تُمرر في البرلمان!!، ليست مهمة، فالمهم هو محاولة ضمان دورة برلمانية أًخرى.
عليكم أن تعلموا أيها السادة، إنكم أصبحتم عبأً  ثقيلاً على أكتاف الأرامل واليتامى من أبناء شعبكم المُعذب المُهجر فأنتم تقتاتون على حسابهم، لقد ساهمتم في تفحيل معاناته، وسخرتم صوته الثمين من أجل منافعكم الشخصية ولا زلتم تنوون المزيد، لا فائدة منكم على الإطلاق ، لستم برعاة صالحين بعد أن تعاقدتم مع الذئاب، ولا أمل بكم. تعلمون جيداً إنكم عاجزون فلماذا الضحك على الآخرين؟. عليكم أن تصححوا مساركم بدأً بالأعتذار لإمتكم قبل فوات الأوان، بحرقة وحسرة على شعبي الآشوري وقضيته العادلة أسمحوا لي لأقول لكم " عليكم اللعنة  لقد خذلتمونا "
وأنت أيها الآشوري، عليك أن تختار بين دور المغفل اليائس والقومي الغيور، وبين التخاذل ومواجهة الصعاب، وبين القبول أو رفض الواقع المرير، وبين الركون في الزاوية والعمل الدؤوب في المسار الصائب، إنه التحدي الأكبر، فأما أن نكون أو لا نكون.
   

44
السيد أُسامة النجيفي وعبارة "لا تروحون زائد"!
سامي هاويل- سدني
في حفل الأستقبال الذي أُقيم على شرف السيد أُسامة النجيفي أثناء زيارته الأخيرة الى العاصمة الأميركية واشنطن قبل أكثر من أسبوع ، وعندما طلب منه السيد مظلوم مروكي ممثل المجلس الشعبي ( الكلداني السرياني الآشوري ) تقديم الشكر للحكومة العراقية ورئاسة مجلس الوزراء على إقرارهم مبدئياً تشكيل محافظة في سهل نينوى على أساس جغرافي، جاء رد السيد النجيفي بالرفض، مدعياً بأنهم لا يؤيدون تشكيل محافظة في سهل نينوى ولا يريدون تفتيت الموصل الى أقسام، ثم أضاف "ولا تروحون زائد".
 
حقيقة أستوقفتني هذه العبارة بالأخص عندما تكون قد بدرت من شخص يجلس على رأس هرم السلطة التشريعية في العراق، فبالإضافة الى مشروعية الدعوة لتأسيس محافظة في سهل نينوى من الناحية الدستورية إسوة بباقي المحافظات المُعلن تشكيلها         ( بالرغم مما يشوب الدستور العراقي من تهميش متعمد بحق الشعب الآشوري تاريخاً وحاضراً )، لكن السيد أُسامة النجيفي وشقيقه السيد أثيل النجيفي محافظ نينوى يقفون بالضد من هذا المشروع بحجة الخوف من تقسيم محافظة نينوى وأستقطاع أراضيها، نحن هنا لا نلغي حرية السيدين أُسامة النجيفي وأثيل النجيفي في إبداء رأيهم وإعلان موقفهم من المشروع ودورهم المهم في هذه المسالة، بقدر ما نحاول مناقشة هذا الموضوع بشكل عقلاني ومنطقي والوقوف على معطيات الواقع وجانبـه القـانـوني، ولـكن أسلوب رد السيد أًسامة النجيفي الذي تخللته عبـارة "لا تروحون زائد" على الطلب المذكور للسيد مظلوم مروكي يجعلنا نصاب بخيبة أمل كبيرة أزاء مواقفه هو وبعض الساسة الذين يشاطرونه هذا الرأي، نتسائل من كان يقصد بعبارته هذه التي تذهب أبعد من أعتبارها صيغة أمر لتصل الى درجة الكشر عن الأنياب، هل كانت موجهة الى شخص السيد مظلوم مروكي؟ أم الى تنظيماتنا السياسية ؟ أو الى الشعب الآشوري المسيحي في العراق؟ ولكن كونها أتت بصيغة الجمع فإن المعني بها هم إما تنظيماتنا السياسية أو الشعب الآشوري، وفي كلتا الحالتين فهي لا ترتقي الى أسلوب المخاطبة الدارج والحوار المتمدن،  وتعتبر بحد ذاتها عبارة أستفزازية تُقزم المقابل وتُقلل من أهميته وتلغي دوره ووجوده، كان على السيد أُسامة النجيفي تجنب هكذا أسلوب متشنج خاصة وهو يشغل منصب رئيس مجلس النواب العراقي ( السلطة التشريعية في البلاد ).

وفي سياق هذا الموضوع وما يشوبه من مواقف متباينة تتراوح بين القبول والرفض وألحيادية، كان لابدّ لنا أن نتطرق الى ما تعرض له شعبنا الآشوري المسيحي في مركز محافظة نينوى والأقضية والبلدات التابعة لها طوال السنوات العشرة الماضية، فقد تعرض أبناء شعبنا في مركز المحافظة الى أستهداف مباشر ومبرمج من حيث القتل على الهوية والتهجير القسري لم يسلم منه حتى رجال الدين أمثال الشهيد المطران فرج رحو مطران نينوى لكنيسة بابل على الكلدان والأب الشهيد رغيد كني ورفاقه الشمامسة وغيرهم المئات من شهدائنا وآلاف العوائل المهجرة التي أضطر قسم منهم للعيش في المقابر لشهور في المدن الشمالية هرباً من العصابات الأجرامية التي أستهدفتهم بشكل مباشر وتستهدفهم لحد يومنا هذا، حيث سقط شهيد آخر قبل ايام في نينوى لرفضه صناعة كواتم الصوت!، كل هذه الفضائع وقعت وتقع أمام مرأى ومسمع الساسة في العراق. من جهة أُخرى فلم تسلم بغديدا وبرطلا وتلكيف وغيرها من بلداتنا في هذه المنطقة من التغيير الديموغرافي والأستيلاء على أراضيها من قبل الدخلاء عليها.

وهنا لابُدّ لنا أن نوجه بعض الأسئلة الى السيدين أُسامة النجيفي وأثيل النجيفي المحترمين:

1-  ماذا كانت الإجراءات الفعلية التي أتخذتموها على الأرض لردع والحد من تلك الهجمات الإجرامية المستمرة لحد يومنا هذا؟
2-  اين هي الملفات الخاصة بهذا الشأن؟  
3- متى ستُعلن نتائج التحقيقات حول الأغتيالات وعمليات التهجير القسري التي تعرض لها المسيحيين في الموصل؟
4- ما هي الخطوات الجدية التي تنوون القيام بها من أجل الحفاظ على جغرافية وديموغرافية بلداتنا المذكورة أعلاه، وحماية أهاليها من التهديدات المستمرة ؟
5- ما هي برامجكم بخصوص الدعم المادي والإداري ومشاريعكم لتوفير فرص العمل لإبناء هذه المنطقة لرفع مستوى المعيشة فيها ؟

أليست هذه الأمور البديهية مسؤولية تقع على عاتق السيد رئيس مجلس النواب ومسؤولية مباشرة للسيد محافظ نينوى؟

بالتأكيد هي كذلك، ولكننا اليوم فقدنا الأمل وغابت الثقة بالمسؤولين الحكوميين وفي مقدمتهم السيدين أُسامة النجيفي وأثيل النجيفي، ونشك في دعواتهم الخجولة وخطاباتهم المستهلكة التي لم تقلل من معاناتنا المستمرة، فكم من الزائد برأيكم ذهبنا سيادة رئيس مجلس النواب ؟. إذا كان مطلب تشكيل محافظة في سهل نينوى بصيغته المطروحة يعتبر تفتيت لمحافظة نينوى بحسب رأيكم، فماذا تسمي دعوة السيد أثيل النجيفي المفاجئة في إقامة أقليم نينوى ؟ بحسب رؤيتكم فهذه أيضاً تعتبر محاولة لسلخ نينوى عن العراق، أم أن معاييركم تختلف بحسب مصادر المقترحات والدعوات؟. أُذكركم بأن للآشوريين الدور الأكبر في إنهاء وصاية تركيا على ولاية الموصل وضمها الى العراق في بداية القرن المنصرم وقدموا الشهداء والتضحيات من أجل ذلك، فلا داعي لهاجس الخوف الذي ينتابكم من أستقطاع سهلها عن مركز نينوى، أو أستقلاله من العراق.  
ما تعرض له شعبنا الآشوري المسيحي في السنوات القليلة الماضية في العراق وضع مصداقية المسؤولين العراقيين وتياراتهم السياسية على المحك، وبعضها في دائرة الأتهام. كان الأجدر بهم أيلاء أهمية قصوى وإعطاء خصوصية لشعبنا من خلال وضع وتشريع قوانين خاصة به وتطبيقها بشكل كامل على الأرض، كوننا تعرضنا الى مذبحة لا تقل خطورة عن مذبحة سميل، أدت الى هجرة أكثر من نصف شعبنا من العراق بعد تغيير النظام عام 2003، وأنتم كنتم تمثلون السلطة في البلد خلال هذه الفترة. ومن جهة أُخرى فإننا نوجه أصابع الأتهام الى قياداتنا القومية السياسية في العراق، التي تدعي تمثيلنا، كونها مقصرة بشكل كبير في هذا الشأن وأدائها كان في أدنى مستوياته في مجال تثبيت خصوصيتنا القومية في مراكز القرار، واليوم يعتبر مطلب المحافظة الذي يدعون النضال من أجله ويعتبرونه أنجاز قومي ذو طابع أشمل من أعتباره حق قومي وليس كما يسوقون له لأغراض أنتخابية، فهو مطروح بشكل مبعثر بحيث  فيه لشعبنا مثلما لبقية المكونات المجاورة في هذه الرقعة الجغرافية في الوقت الذي تساهم تلك المكونات في ترسيخ عملية التغيير الجغرافي والسيطرة على أراضي مدننا في سهل نينوى، ولم تُعلن لحد الآن الحدود الجغرافية للمحافظة المزعوم إقامتها في سهل نينوى، مما يساورنا القلق  ويجعلنا نشعر بأن هذه المحافظة أشبه ما تكون بإعلان تشكيل محافظة دهوك في عام 1969 التي كان الآشوريون يمثلون الغالبية في مركزها حينها، ولكن بعد إعلانها محافظة وخلال فترة زمنية قصيرة أصبحنا أقلية فيها، عسى أن لا يتكرر ذلك في سهل نينوى، خاصة إن هذا المطلب لا يوجد لنا فيه خصوصية تذكر.

45
قضاء حلبجة الكردي الى محافظة، وسميل الآشورية طواها النسيان
سامي هاويل- سدني
    في خطوة نوعية جاء قرار مجلس الوزراء العراقي بموافقة أغلبيته في جلسته المنعقدة البارحة 31/12/2013 على تحويل قضاء حلبجة الى محافظة تحمل تسلسل "التاسعة عشرة" للعراق. وقد أتُخذ هذا القرار "تكريماً" لسكان هذا القضاء الذي تعرض سكانه لضربة بالسلاح الكيمياوي على أيدي النظام الصدامي الدموي في آذار من عام 1988. ولا يختلف إثنان على أعتبار هذه الجريمة النكراء التي أرتُكبت بحق الأبرياء المدنيين من الأكراد العراقيين من الأطفال والنساء والشيوخ إبادة جماعية، حيث كان لها أثر كبير على الشعب الكردي والعراقي بكافة أطيافه، وإثر هذا القرار رحبت الأوساط الكردية به ووعدت السلطة في الأقليم بتحويل حلبجة الى إحدى أجمل المحافظات العراقية. لا شك أن غالبية العراقيين لا يختلفون على هذا القرار "التكريمي" الذي يستحقه سكان القضاء المنكوب. هذه الخطوة بحد ذاتها تعتبر رادعاً لسياسات الأقتتال الداخلي ورفضاً لمداولة وأستعمال الأسلحة الكيمياوية وغيرها من الأسلحة المحضورة دولياً.

    وبهذه المناسبة لابُدّ لنا أن نقف عند "توارث" الحكومات العراقية المتعاقبة لسياسة القمع على أساس الأنتماء العرقي والمذهبي التي مورست بحق كافة الأطياف العراقية، والتي أنعكست سلباً على مجمل الشعب العراقي ولازالت آثارها شاخصة لحد يومنا هذا. ففي الوقت الذي تسعى الحكومة العراقية الحالية ومعها كافة القوى الوطنية لإنقاذ البلاد من خطر الصراعات الطائفيه والقومية والمذهبية التي تهدد وحدة البلاد أرضاً وشعباً، وتعمل جاهدة لإرساء الأمن والأستقرار وإحلال الديمقراطية وبناء دولة المؤسسات، لابُدّ لها أن تقف بشكل جدي ومسؤول على أحداث التاريخ المعاصر للعراق منذ إعلان حدوده الجغرافية كدولة مستقلة عام 1921 والمراحل التي مر بها، لتحديد مكامن الخلل وأيجاد الحلول الصائبة والمناسبة لها، حيث تعتبر مذبحة سميل التي تعرض لها الشعب الآشوري في آب من عام 1933 أول مذبحة في تاريخ الدولة العراقية، وتعتبر الأنطلاقة الأولى للسياسات العنصرية والقتل والإبادة الجماعية، كون مذبحة سميل أقتُرفت بقرار من الحكومة العراقية في حينها، ونفذها الجيش العراقي بدعم من بعض العشائر العربية والكردية، وراح ضحيتها أكثر من أربعة آلاف آشوري من الأطفال والنساء والشيوخ العُزل الذين قُتلوا بدم بارد، وتشريد الالاف منهم والأستيلاء على أكثر من 67 قرية آشورية في محافظة دهوك الحالية. حيث تعتبر سياسة التضليل وتشويه وإخفاء حقيقة هذه المذبحة التي مارستها الحكومات العراقية المتعاقبة، تشريعاً لهكذا أعمال إجرامية وفتحت الباب على مصراعية أمام من يجلس على سدة الحكم لينفذ مشاريعه العنصرية التدميرية بحق العراقيين الذين يختلفون عنه قومياً ومذهبياً، ولهذا السبب أعقبت المذابح التي تعرض لها الآشوريون بمختلف مذاهبهم في سميل 1933 وصورية عام 1969 فضائع أُخرى أرتُكبت بحق العراقيين، كجرائم المقابر الجماعية التي تعرض لها الشيعة في الجنوب وحلبجة الكردية في الشمال، وعملية الأنفال السيئة الصيت التي أقتُرفت بحق الآشوريين والأكراد في المحافظات الشمالية.

    الغريب جداً! والذي كان غير متوقعاً من القائمين على كتابة الدستور العراقي، بأعتبار الدور الشيعي والكردي بارزاً في صياغته، ففي الوقت الذي تعتبر هاتان الشريحتان من المتضررين بشكل كبير من جراء السياسات الشوفينية التي مورست بحقهم، ومعهم غالبية الشعب العراقي، على يد الحكومة العراقية السابقة، نجدهم وعن قصد قد غضوا الطرف على مذبحة سميل!، كما إننا لا نجد أي أثر أو ذكر للدور الأيجابي الكبير الذي لعبه الآشوريون " الشعب الأصيل لهذه الأرض وبناة حضارتها" في دستور البلاد الجديد. إنها من المفارقات الغريبة فعلاً!، أن يدعي القائمين على الحكم  بأنتهاجهم للديمقراطية وحقوق الأنسان وأدعائهم بأنهم يضعون مصلحة الشعب العراقي بكل مكوناته القومية فوق كل الأعتبارات، بينما يتنكرون لما تعرض له الآشوريين في البلاد.

    وهذا التصرف بحد ذاته يعتبر محاولة فاضحة لتغييب الدور الوطني للآشوريين في العراق وتعمُد مقصود لإقصاء قضيتهم العادلة، لذلك وبحسب الدستورالعراقي الحالي يُعتبرالآشوريين مواطنين من الدرجة الثانية أو الثالثة في العراق، مما أعطى الضوء الأخضر بطريقة غير مباشرة  لتمارس أبشع الجرائم بحقه طوال العشرة سنوات الماضية، بأعتباره أقلية دخيلة على البلاد تفتقر الى الشرعية الوطنية والحصانة الدستورية، فخلال الفترة ما بعد سقوط الطاغية ولحد يومنا هذا تعرض الآشوريون الى مذابح راح ضحيتها الآلاف منهم، وهُجرت عشرات الآلاف من العوائل الآشورية قسراً من مكان سكناهم في الموصل وبغداد والعديد من المحافظات الجنوبية، دون أن يكون لهم معين أو قانون يحميهم كشريحة أصيلة من الشعب العراقي، واليوم ترك البلاد خلال العشرة سنوات الماضية أكثر من نصف مليون آشوري تشردوا في دول الجوار وقسم كبير منهم وصلوا الى دول الغرب أملا في الحفاظ على أرواحهم وأرواح أبنائهم.

    إن الإخفاقات التي تخللت مسيرة التغيير في العراق والتي تدخل غالبيتها ضمن الصراع القومي والطائفي والسلطوي كانت السبب الرئيسي في تلكوء مسيرة التغيير والفشل في إرساء الأمن والديمقراطية في العراق، ويشغل الدستور العراقي الحالي حيزاً مهماً في هذا الفشل، كونه  تمت صياغته على أساس التوافق والمحاصصة المقيتة التي تنصب في مصلحة القوى المؤثرة والمهيمنة على الساحة السياسية العراقية.

    عليه وحفاضاً على مصداقية القائمين على البلاد، يتحتم عليهم دراسة الدستور بشكل دقيق، وإعادة صياغته بالأعتماد على المصلحة الوطنية العليا، لإنصاف جميع أطياف الشعب العراقي، لاسيما الآشوريين الذين كانوا أول ضحايا إرهاب ممنهج للدولة العراقية في مدينة سميل عام 1933، وهذا بحد ذاته سيعتبر الحجر الأساس في إعادة بناء الثقة بين أبناء الشعب العراقي عموماً بأفراده ومؤسساته وقواه السياسية وأطيافه الدينية، لتكون هذه الخطوة نقلة نوعية في أتجاه حلحلة أزمات البلاد وإخراجها من النفق المظلم الذي تمر فيه.  
            

46
لابُـدّ أن يعـود الأسـد إلـى عـريـنه
دعوة لنقل رفات أمير الشهداء مار بنيامين شمعون الى ألقوش



سامي هاويل/سدني


( جئت الى هنا لأُنقذ شعبي، لا لأُنقذ نفسي، وأنا عائد إليهم الآن لكي أعيش أو أموت معهم )

   بهذه العبارة الشهيرة رَد أمير الشهداء مار بنيامين شمعون على القيادة الروسية في أورمية، عندما ألتقى بها بعد رحلة خطيرة هددت حياته أملاً في أيجاد سبيل لأنقاذ آشوريو هكاري من المذابح التي كانوا يتعرضون لها على أيدي القوات التركية وحلفائها من العشائر الكردية في تلك المنطقة أبان الحرب العالمية الأولى، عندما أقترحوا عليه حمايته والبقاء في أورمية.

    وُلد البطريرك الشهيد مار بنيامين شمعون عام 1887م في قرية قودجانس بمنطقة هكاري، ورُسم أسقفاً تحت أسم مار أبرم على يد البطريرك مار روئيل شمعون، في الثاني من آذار عام 1903م، وهو يكون السابع في تسلسل البطاركة الشمعونيين "الخط الجبلي في قودجانس"، وبعد أيام من رسامته أسقفاً توفي البطريرك مار روئيل شمعون، وعليه تم رسامته جاثليقاً على كنيسة المشرق في الثلاثين من شهر آذار من نفس العام وهو في ربيعه السادس عشر.

    عُرف مار بنيامين شمعون في الأوساط الآشورية والتركية والكردية بأيمانه وحكمته وكرمه وشجاعته، يحمل خصال القائد الروحي والدنيوي، كما عُرف بحبه اللامتناهي لشعبه وكنيسته المقدسة، كان بحق رمزاً للتضحية ومثالا للتواضع وحب الناس، وكان يولي الرعاية للمحتاجين، وأضحت الأبتسامة الدائمة على وجهه الوسيم سبباً تجعل الأطفال يُقبلون إليه ويلاقون منه العطف والحب والحنان، فلاقى توقيراً وأحتراما كبيراً من قبل الأتراك والعشائر الكردية وحتى القيادات الروسية في تبليس، بحيث كان الأكراد يلجأون إليه لفض نزاعاتهم ويأتمنون حكمته وقراراته لتسوية خلافاتهم ، حتى إن قسماً من العشائر الكردية كانوا يتناولون لحم الحيوانات المذبوحة على يد عائلته، بالرغم من كونهم مسلمون تمنعهم تعاليم الإسلام من تناول لحم الحيوانات المذبوحة على أيدي الغير المسلمين.

   جاء تتويج أمير الشهداء مار بنيامين شمعون بطريركاً على كنيسة المشرق في فترة حرجة جداً كان يمر بها الشعب الآشوري وكنيسته الشرقية في هكاري ، فمن جانب كانت الأرساليات التبشيرية الغربية تعمل جلّ ما بوسعها وبشتى الطرق للسيطرة على هذه الكنيسة، ومن الجانب الآخر تَلت ذلك ولادة حزب الأتحاد والترقي التركي ذات النهج العنصري المتشدد في عام 1908م، وللتو بدأت تركيا حملتها الكبيرة في سياسة تتريك القوميات الغير تركية التي تعيش تحت لوائها.

    هكذا وبعد سنوات من الضغوطات التي مارستها تركيا الفتية على شعوب هذه المنطقة بشكل عام، وعلى المسيحيين من الآشوريين والأرمن واليونانيين بشكل خاص، سنحت لهم الفرصة إثر أندلاع الحرب الكونية الأولى عام 1914م لكي يتخلصوا من المسيحيين بشكل نهائي، وعليه أقدمت على إصدار فرمان أجاز الجيش التركي والعشائر الكردية إباحة ممتلكات المسيحيين وقتلهم وتشريدهم، فوقعت المذابح المروعة التي راح ضحيتها أكثر من 750 ألف آشوري ومليون ونصف من الشعب الأرمني. هذه الظروف القاهرة وضعت القيادات الآشورية برئاسة البطريرك أمام خيارين، إما الأستسلام للموت المحتوم أو المقاومة والدفاع عن النفس، وبينما كانت المذابح تسير على قدم وساق دون أن يكون هناك بصيص من الأمل في أيقافها، أجتمعت القيادة الآشورية برئاسة البطريرك مار بنيامين شمعون في شهر آيار من عام 1915م، وقرروا الأنظمام الى الحلفاء، وإثر ذلك أقدمت تركيا على محاولة لإغتياله، فلم تنجح كون القيادة الآشورية كانت قد أخذت التدابير اللازمة مسبقاً، حيث نقلت المقر البطريركي الى منطقة ديز، وعليه ما كان أمام تركيا إلا القبض على شقيقه هرمز المقرب منه كثيرا والذي كان يدرس في أسطنبول، وهددت بإعدامه إن لم يرضخ البطريرك لهم، حينها أطلق مقولته الشهيرة ( أبناء شعبي هم أولادي وإخوتي وأنا قائدهم، فكيف لي أن أسلمهم للموت من أجل أخي، فهو شخص واحد وليكن قربانا لشعبه )، هكذا أقدمت الحكومة التركية على إعدام شقيقه هرمز في مدينة الموصل.

    تدخل الأنكليز والروس لإقامة تحالف آشوري كردي لإستغلال قوتهم في ردع تركيا، هكذا وجد مار بنيامين شمعون نفسه مرغما لقبول التحالف بسبب الضروف المزرية التي كان يمر بها الشعب الآشوري دون أن يكون له أية فرصة أُخرى للتقليل من معاناتهم، فقرر قبول التفاوض وفتح حوار مع عشائر الشكاك الكردية تحت قيادة أسماعيل آغا الملقب بـ ( سمكو الشكاكي ). بالرغم من التحذير الذي قدمه لقداسته بعض القادة الآشوريين وعلى رأسهم الجنرال آغا بطرس من مغبة الوقوع في الفخ لما كان يُعرف به المجرم سمكو من صفات الغدر والخيانة، إلا أن قداسته أصرّ على الذهاب لمقابلة سمكو والتفاوض معه لما سيكون لهذا الأتفاق من مردود أيجابي على أبناء شعبه الآشوري لإنقاذه من الإبادة التي تعرض وكان يتعرض لها، في الوقت الذي لم تتوفر أية خيارات أُخرى. ولكن السلطات الأيرانية كانت قد تدخلت لدى سمكو ووعدته ببعض الأمتيازات في حال تمكنه من أغتيال البطريرك الآشوري، بسبب عدم موافقته على تسليم أسلحة الآشوريين في أورمية. فقد عثرت القوات الآشورية التي دخلت الى كوناشهر عقب أغتيال البطريرك الشهيد على كتاب رسمي من حاكم تبريز يحث ويحرض فيه سمكو لإغتيال مار بنيامين شمعون.

    هكذا نفذ سمكو المخطط فأغتال غدراً البطريرك مار بنيامين شمعون في الثالث من شهر آذار عام 1918م في عملية خيانية عندما كان قد حل ضيفاً عليه ليتباحثوا بشأن مصير الشعبين الآشوري والكردي. تمكنت القوات الآشورية التي دخلت الى القرية من العثور على جسد البطريرك الشهيد وتبين بأنهم كانوا قد مثلوا بجثته وقطعوا أصبعه لعدم تمكنهم من نزع الخاتم منها. وقد وارى جسده الطاهر الثرى في كنيسة أرمنية في بلدة خسراوا الأيرانية.

    كثيراً ما نقرأ ونسمع سياسيينا ورجال الدين ومن أرفع المستويات تصريحات تحث أبناء شعبنا الآشوري للتشبث بأرضنا، ودعوة المهجّرين والمشردين للعودة الى الوطن، ومن جملة الأمور التي تعتبر عاملاً مؤثرا على هذا الجانب هي أيلاء الأهتمام اللازم بالرموز القومية والدينية اللذين كان لهم دوراً مميزاً في تاريخ أمتنا المعاصر، حيث يتميز البطريرك الشهيد مار بنيامين شمعون من بين هؤلاء القادة، فمن المحزن والمؤسف أن يرقد بعيداً عن أرضه ووطنه، ولا يكون بين أبناء شعبه الذي أحبه وأحبوه، خاصة وإن الفرصة سانحة اليوم أكثر من أي وقت مضى لتكريمه على إخلاصه وتضحياته الكبيرة لأمته وأيمانه المطلق بكنيسته وقضيته القومية.

    اليوم ونحن نحتفي في الأحد الذي يسبق أحد الصوم الكبير من كل عام بذكرى أستشهاد هذا الرمز الشامخ يتوجب علينا أن نعمل على نقل رفاته الى الوطن، تحديدا الى بلدة ألقوش كونه سليل عائلة أبونا الألقوشية العريقة، ليرقد بجوار آباءه بطاركة كنيسة المشرق، وأقترح على الجهات الآشورية المعنية وفي مقدمتها كنيسة المشرق الآشورية العمل على أستحصال الموافقات الرسمية المطلوبة من الجانب الأيراني والعراقي، والبدء بتنفيذ هذا الواجب النبيل والمقدس الذي يستحقه أمير الشهداء مار بنيامين شمعون ليكون مرقده مزاراً لكافة أبناء أمتنا الآشورية يذكرنا بأسمى معاني الشجاعة والأيمان والإخلاص والفداء التي يجب أن نقتدي بها اليوم لكي نحافظ على وجودنا كأمة تعبر أحد أخطر المنعطفات في تاريخها المعاصر.



 



47
مسؤولية الحكومة العراقية في عودة الكرسي البطريركي لكنيسة المشرق الى العراق
بقلم سامي هاويل/سدني
15/12/2013
  تولي الدول المتقدمة ذات الأنظمة الديمقراطية أهمية كبيرة لكل صغيرة وكبيرة لها علاقة بإرث وتاريخ شعوبها، بأعتبارها مسؤولية وطنية تقع على عاتق حكومات هذه البلدان، حيث تُنفق مئات الألوف وربما ملايين الدولارات للأهتمام بهذا الجانب. فعلى سبيل المثال هنا في أستراليا، وقبل بضع سنوات، وعن طريق القمر الصناعي، وعلى بقعة معينة في أرض تعود لكنيسة مار زيا الطوباوي التابعة للكنيسة الشرقية القديمة عُثر على بقايا عظام تحت الأرض يُعتقد إنها تعود الى السكان الأصليين لأستراليا ( الأبوريجنيس )، وعلى أثرها تحركت السلطات المختصة على الفور لتسوية الموضوع مع الكنيسة لحماية هذه البقعة من الأرض والحفاظ عليها لأهميتها التاريخية والعنوية. وإذا ما حاولنا البحث والتقصي فسنجد العديد من الأمثلة المشابهة لهذا الحدث وقعت في العديد من دول العالم، ولن نخوض فيها بل نكتفي بهذا المثل المذكور أعلاه.
    ما يحز في نفوسنا ويشعرنا بالحزن والألم، هو الأهمال الكبير من لدن الحكومة العراقية والجهات المختصة تجاه الأرث التاريخي في العراق. وهنا أيضا لن نخوض في التفاصيل لتلافي الأبتعاد عن موضوع مقالنا هذا والذي سنركز فيه على الكرسي الجاثليقي لكنيسة المشرق.
    غالباً ما نقرأ للعديد من أبناء أمتنا الآشورية مناشدات لعودة الكرسي البطريركي لكنيسة المشرق الآشورية الى العراق، لسنا هنا بصدد الوقوف بالضد من هذه الدعوات الصادقة، بل بالعكس فنحن جميعا تواقين لرؤية اليوم الذي يعود هذا الكرسي المقدس الى الوطن. ولكن لا بدّ لنا أن نشير الى الأسباب التي غرّبته!، وقبل الولوج في هذه الأسباب  نرى من  الضروري أن نمر ولو بشكل سريع على فترات تاريخية محددة تجنباً لإطالة المقال، للإشارة الى الدور الوطني الكبير الذي لعبه أبناء كنيسة المشرق.
    تعتبر كنيسة المشرق من الكنائس الأولى في تاريخ المسيحية، حيث تأسست في ساليق قطيسفون جنوب بغداد ( سلمان باك الحالية )على يد تلميذ مار توما "مار ماري" ومار أدي في القرن الأول الميلادي، حيث كان لهذه الكنيسة دوراً رائداً في نشر الديانة المسيحية وتعاليمها في منطقة الشرق الأوسط والشرق الأقصى. وتجدر الإشارة الى "ططيانوس الآشوري" الذي كان قد وصل الى روما في بداية القرن الثاني الميلادي، فله يعود الفضل  في جمع الأناجيل الأربعة ( الدياتيسرون) في كتاب مقدس واحد، وفي نفس الوقت فقد تتلمذ على يده القديس كليمنت في روما بحسب ما يشير إليه هذا القديس نفسه.
    ليس بخافياً على أحد الدور الرائد الذي لعبه أبناء هذه الكنيسة عبر القرون، خاصة في زمن الأمويين والعباسيين، حيث كانت لغة الكنيسة ( اللغة الآشورية ) هي السائدة، وكانت لغة الدواوين والتخاطب حتى القرن الثالث عشر الميلادي في ما بين النهرين. وقد برزت شخصيات كبيرة كأسحاق النينوي وأيليا الحيري في مجال ترجمة الأدب اليوناني، منها مؤلفات أرسطو وأفلاطون الى اللغة العربية. حيث أزدهرت الترجمة بين عامي 750 و900 ميلادية، وأيضا في عهد هارون الرشيد، ونخص بالذكر حنين بن أسحاق المعروف بـ( الطبيب النسطوري ) بالإضافة الى أبنه إسحاق، وحبيش بن الأعسم، وغيرهم من الذين كانوا أشهر المترجمين في تلك الفترة، بالإضافة الى خدماتهم الجليلة في مجال العلم والأدب.
     من اللافت للإنتباه إن الخليفة العباسي أبو جعفر المنصور بنى بطريركية كنيسة المشرق عندما شرع ببناء بغداد (وعلى أثرها أنتقل الكرسي البطريركي من ساليق قطيسفون الى بغداد)، لما كان لأبناء هذه الكنيسة من دور مؤثر في مجال الترجمة والعلم والطب والأدب، هنا أيضاً يجدر الإشارة الى أفراد أُسرة بختيشوع الذين كانوا أطباء الخلفاء العباسيين. وقد بلغ تأثير هذه الكنيسة حتى على الموسيقى العربية بشكل كبير، كما إن الخليفة نفسه قد أشرف على بناء مدرستين لهذه الكنيسة في بغداد.
    أتسمت فترة الخلفاء العباسيين بنوع من الهدوء والسكينة لكنيسة المشرق، الى أن بدأت الأولى بالضعف، وسقطت على ايدي المغول في القرن الثالث عشر الميلادي. وعلى أثر أجتياح المغول للعراق تعرض أبناء هذه الكنيسة الى مذابح ومجازر كبيرة في بغداد وتكريت وأربيل وغيرها من المدن والقرى الأُخرى، خاصة عندما تولى تيمورلنك قيادة المغول، لذا أضطر آباء الكنيسة الى الأحتماء في المناطق الجبلية هرباً من حملات تيمورلنك الدموية، فتسبب ذلك في تنقل الكرسي البطريركي لكنيسة المشرق من منطقة لأخرى الى أن أستقر لقرون في بلدة ألقوش " القلعة الآشورية العريقة".
    في القرن السادس عشر عاودت الأرساليات الغربية التبشير في منطقة الشرق الأوسط ، وقد لعبت هذه الأرساليات دورا رئيسياً في تمزيق كنيسة المشرق، بعد أن تركوا مهمة التبشير بين الشعوب الغير مسيحية وألتفتوا الى كسب ما يمكن كسبه من أبناء كنيسة المشرق متجاهلين المعاناة التي ستلحق بأبناء هذه الكنيسة من جراء تصرفهم هذا، وتوّجت محاولات كنيسة روما برسم مار يوخنا سولاقا بطريركا تابعا لها في عام 1552 وأسبغت عليه في البداية لقب (بطريرك الآشوريين الشرقيين) متجاهلة بهذه الرسامة كل القوانين والأعراف الكنيسة، كونها رسمته رئيساً دينيا في كنيسة كان لا زال لها بطريرك شرعي يجلس على كرسيها المقدس في ألقوش. وتعاقبت المحاولات إثر أغتيال البطريرك الجديد مار يوخنا سولاقا بعد ثلاثة سنوات من رسامته، فبرزت سلسلة البطاركة الشمعونيين التابعين لكنيسة روما وبعدهم سلسلة البطاركة اليوسفيين. بعد أن باءت بالفشل محاولات روما لتقسيم كنيسة المشرق، أستقرت الأمور بتواجد بطريركين مستقلين لكنيسة المشرق أحدهما في قوجانس ( جبال هكاري داخل الحدود التركية الحالية ) أبتداءً من عام 1670م، والآخر في ألقوش،الى عام 1838 عندما أستغلت من جديد كنيسة روما الخلاف الذي كان قائما داخل العائلة البطريركية، وعلى أثرها رسمت من جديد مطران نينوى مار يوخنا هرمز أبونا بطريركاً جديدا تابعا لها.
    كما ذكرنا أعلاه، فقد تنقل مقر الكرسي البطريركي لكنيسة المشرق من منطقة أو مدينة الى أُخرى في الوطن، فبعد أن أنتقل من ساليق قصيسفون الى بغداد أيام الخليفة المنصور، تغرب لأول مرة إثر رسامة مار يهبالاها المغولي جاثاليقاً على كنيسة المشرق عام 1281م في كنيسة ساليق أيام الأليخان أباقا المغولي، ولكن بعد وفاة مار يهبالاها عام 1317م تم رسامة مار طيماثيوس عام 1318 جاثليقاً على كنيسة المشرق، وهكذا أُعيد الكرسي البطريركي الى الوطن. أختار مار طيماثيوس مدينة أربيل لتكون مقراً للكرسي البطريركي إثر الحملة الدموية المغولية على المسيحيين بعد وفاة آرغون خان المغولي وتولي أبنه قازان خان الحكم.
     بعد وفاة مار طيماثيوس، جلس مار دنخا الثاني بطريركا على كرسي كنيسة المشرق في كرمليس، ومن ثم أنتقل الكرسي البطريركي في عهد خلفائه الى نينوى ( الموصل )، هكذا الى أن أستقر في النهاية لقرون في ألقوش، وإثر سيطرة الكنيسة الرومانية على منطقة سهل نينوى وكثلكة أبناء شعبنا الآشوري في هذه القرى والقصبات تحديداً بعد عام 1838م، أصبح كرسي الجاثليق مار شمعون في قوجانس الوريث لكنيسة المشرق لتمتعه بأستقلالية كاملة دون وصاية.
    هكذا وأبان الحرب العالمية الأولى، تعرض آشوريوا المنطقة الواقعة "جنوب شرق تركيا اليوم" الى المذابح على يد القوات التركية المدعومة بالعشائر الكردية، تم أجتياح المنطقة بكاملها ونهب وتدمير القرى الآشورية، وأُجبر سكان هذه القرى للنزوح الى أيران ومنها الى بعقوبة، حيث أستقروا في مخيمات أستشرت بينهم الأوبئة والأمراض القاتلة التي توفي على أثرها الآلاف بعد أن كانوا قد فقدوا بطريركهم،    وأكثر من نصف عددهم في المذابح خلال أعوام 1915-1918م.
    لم يسلم الآشوريون من محاولات التطهير العرقي والإبادة على أساس الهوية القومية والدينية طوال عقود من الزمن في التاريخ المعاصر، الى أن توّجت هذه المذابح في سميل في الفترة 7-11 آب من عام 1933، بتخطيط من السلطات الأنكليزية في العراق وتنفيذ من قبل الحكومة العراقية في حينها، وعلى أثرها وبقرار جائر من الحكومة العراقية في نفس العام تم نفي رئاسة كنيسة المشرق بشخص بطريركها مار أيشاي شمعون بالإضافة الى عائلته الى جزيرة قبرص، ومنها أنتقل الى أنكلترا، ثم الى الولايات المتحدة وأستقر هناك الى يومنا هذا.
    أشتداد الأزمة والأقتتال بين الحكومة في بغداد والقيادات الكردية طوال عقد الستينات وبداية السبعينات من القرن الماضي من جهة، وتأثير الصراع العربي الأسرائيلي من جهة أُخرى وضع الحكومة العراقية أمام الأمر الواقع بعد أن شابها الضعف خاصة في المجال العسكري دون أن تتمكن من أحتواء الأزمة الكردية، مما أضطرها لمنح الحكم الذاتي للأكراد في 11/3/1970، ولغرض إفشال هذه الأتفاقية ألتجأت الحكومة الى جملة من الأمور، منها أستغلال الآشوريين لما يتمتعون به من شجاعة وقدرات قتالية عالية لمواجهة الأكراد، عليه تم توجيه دعوة للبطريرك للقدوم الى العراق بعد أن قررت إعادة الجنسية العراقية له.
    وصل البطريرك مار أيشاي شمعون الى العراق في نيسان من عام 1970 في زيارة رسمية تلبية للدعوة الموجهة لقداسته، أستمرت زيارته لمدة شهر، تجول خلالها في العديد من المدن والقرى التي كان يسكنها الآشوريون وعاد بعدها الى الولايات المتحدة، وفي عام 1972 كررت الحكومة العراقية دعوتها مجددا للبطريرك ولكن هذه المرة وجهت الدعوة الى الأتحاد الآشوري العالمي أيضاً بأعتباره أكبر تنظيم قومي آشوري في المهجر ويتمتع بشعبية واسعة بين الآشوريين، فوصل البطريرك بدعم ومساندة  من الأتحاد الآشوري العالمي الى العراق عام 1972، ولكن هذه المرة عرضت الحكومة على البطريرك تشكيل وحدات قتالية آشورية لمحاربة القوات الكردية. رفض البطريرك هذا العرض مبينا بأنه رجل دين من جهة، ولا رغبة له في إقحام الآشوريين في هذا الصراع من جهة أُخرى بعد أن كان قد تيقن بأن الحكومة العراقية تحاول زرع القتنة وإشعال فتيل الصراع الكردي الآشوري من جديد. فلم تقف الحكومة عند هذا الحد، بل سارعت لتوجيه الدعوة الى مالك ياقو مالك أسماعيل الذي يعتبر واحداً من القادة الآشوريين البارزين، بغية أستدراجه لتنفيذ المخطط، لكنه هو الآخر رفض ذلك. وحسب ما تدعي بعض المصادر فقد تم  تسميمه من قبل الحكومة العراقية وتوفي عام 1974 بعد أن كانت قد فشلت الحكومة في تسميم البطريرك مار أيشاي شمعون الذي كان قد علم بالأمر وعليه كان قد عجّل سفره الى الولايات المتحدة الأميركية.
    بالرغم من إعادة الجنسية العراقية الى بطريرك كنيسة المشرق الآشورية، وإصدار العفو عن الآشوريين المتهمين في أحداث سميل، ولكنها كانت مؤامرة من قبل حزب البعث العربي الأشتراكي لإشعال فتيلة حروب وأقتتال بين أبناء العراق بالأخص الآشوريين والأكراد، ولم تكن دعوة صادقة مبنية على النوايا الحسنة والحس الوطني الصادق، وعليه فقد سقطت مشروعيتها، أساساً أصبحت مجرد مقررات على ورق تنصلت الحكومة عنها مثلما كانت تفعل دائما مع كل ما لا يتفق ومشاريعها العنصرية الشمولية. وعليه وأنطلاقا من المصلحة الوطنية العليا وأيمانا بمفاهيم الديمقراطية والمساواة والعيش المشترك التي تدعي الحكومة العراقية الحالية أنها تنتهجها، نرى من الواجب والضرورة توجيه دعوة رسمية الى القيادة الروحية لكنيسة المشرق الآشورية وليس لشخص البطريرك نفسه، لإعادة الكرسي البطريركي لهذه الكنيسة من الأغتراب الى الوطن، بإعتباره إرثا وطنياً لا يقاس بثمن كونه الوريث الشرعي لكنيسة المشرق المقدسة الرسولية الجامعة، والتي هي أقدم كنائس العالم، وفي نفس الوقت فهذه الخطوة الجريئة تعتبر مسؤولية أخلاقية وتاريخية ووطنية تقع على عاتق الحكومة العراقية الحالية، ولما سيكون لهذه المبادرة من تأثير أيجابي على كافة الأصعدة سواءً كانت وطنية عراقية أو دينية وقومية آشورية، وما ستلعبه من دور بارز في الحفاظ على الوجود القومي والديني للآشوريين التابعين لهذه الكنيسة في العراق، ونحن جميعاً على أمل أن تتمكن الحكومة العراقية من أن تخطو هكذا خطوة جريئة أيجابية تحتسب لها وتؤكد بذلك صدق نواياها في بناء عراق ديمقراطي تعددي يعيش فيه جميع أبنائه بسلام وأمان يتطلعون الى غد مشرق.  
[/size][/color]

48
عذراً أبينا البطريرك، فدعوتك لنا ينقصها الشوكة والسكّين
سامي هاويل/ سدني
غبطة البطريرك مار لويس روفايل الأول ساكو الكلي الأحترام
لكم مني أعطر سلام وأطيب التحايا
لقد علّق بعض الزملاء على دعوتكم الأخيرة للمهاجرين تطلبون منهم العودة الى الوطن، وأظهروا نصف الكأس المملوئة ( الجانب الأيجابي من الحياة في الدول المتقدمة ) وأنا أتفق معهم الى حد كبير، وفي نفس الوقت أرفض أسلوب المخاطبة عند بعضهم ، لقد تأملت كثيرا في دعواتكم مقدراً شعوركم العالي وحرصكم الكبيرعلى مستقبنا كأُمة وككنيسة المشرق، ولن أًخفي على غبطتكم حزني العميق، عندما قرأت الدعوة، ومن قبلها ندائكم لمساعدة أهلنا وقرانا في الشمال، وما زادني حزنا هو عرض قرية سيكانيان كنموذج لسكن العائدين، أنها دعوة راعي صالح لقطيعه التائه في بلدان الأغتراب، دعوة ربما يعتبرها البعض مسكينة من الناحية المعيشية مقارنة ببلدان الغرب، ولكنها عظيمة بمعانيها، وكأنكم بظروفكم الصعبة تقولون تباً للمستحيل، وهذا الفعل النبيل حتما سيثير مشاعر الكثيرين من المغتربين وأنتباههم إن لم نقل أغلبهم، فأنا أقول ليبارككم الرب على هذه الخطوة الأولى من مسافة الألف ميل.

أبتي البطريرك الجزيل الأحترام
لكي أجعل من رسالتي هذه سلسة وخارجة عن قوالب وأطرالمقال السياسي، سأروي لكم حادثة حصلت معي البارحة، جعلتني أخرج من دائرة الصمت لأعلق بصدق على دعواتكم المسؤولة والرائعة.
قبل أيام ناولتني زوجتي ورقة أمتحان لأبني، وهو تلميذ في الصف الخامس الأبتدائي( 11 سنة ) دون علمه، حيث لم تكن النتيجة جيدة، وأبغلتني بأنه طلب منها أن توقع الورقة لأنه يجب عليه إعادتها الى المعلمة، وأعلمتني بأنها رفضت التوقيع وطلبت منه أن يناولني أياها لأوقعها، منذ أيام وأنا أُراقبه وأشعر بالحرج الذي هو فيه، حيث لا علم له بأنني قد أطلعت عليها. وبما أنه يجب عليه إعادتها اليوم  ( الجمعة ) الذي هو آخر أيام الأسبوع، أضطر ليلة البارحة أن يقدمها لي، ولكن كيف؟ دخل على الغرفة مسرعاً يحمل الورقة وقلم وقال، أبي هل لك أن توقع هنا على هذه الورقة ؟ بسرعة رجاءاً لأن الوقت تأخر وأنا أشعر بالنعاس الشديد، وكما تعلم فغداً لدي مدرسة. قلت له طيب أتركها هنا لأطلع عليها ومن ثم أوقعها، فقال لا لا يجب أن توقعها حالاً لكي لا أنساها هنا، فقلت لا تقلق سأطلع عليها وأوقعها ومن ثم سأضعها على طاولتك، فظهرت على وجهه علامات المحصور في الزاوية، وأظهر أمتعاضة وإنزعاجه متحججاً، فقلت له طيب، هات لأوقعها، وما أن وضعت التوقيع عليها، حتى أنفرجت أساريره وخطفها مسرعا الى غرفته، بعد  مرور حوالي عشرون دقيقة دخلتُ الى الصالون وبصوت مرتفع بحيث تأكدت أنه سيصله وقلت، إنني أشعر بالجوع لذا سأشوي قليلاً من اللحم، ما أن أكملت جملتي حتى أنتبهت الى وقع أقدامه ينزل السلم مسرعاً وقال، هذه فكرة جيدة لأنني أشتهيت اللحم المشوي واشعر بالجوع!! نظرت إليه مبتسماً، فضحك هو وقال، حسناً حسناً سأجلب ورقة الأمتحان لنناقشها الآن بشرط أن تشوي قليلا من اللحم، فوافقت بعد أن وعدني بأن لا يكرر ذلك ابداً.

أبينا البطريرك
للتو بعد هذه الحادثة الطريفة، خطرت لي دعواتكم التي وجهتموها، فالأولى طلبتم منا مساعدة قرانا في الشمال، مع فائق أحترامي الكبير لغبطكم، نحن أعطيناكم الأذن الطرشى، لا بل نقدكم أحد الزملاء لأنكم أطلقتم على هذه المنطقة أسم شمال العراق وليس " كردستان"، وفي دعوتكم الأخيرة لنا للعودة، أظهر بعض الأخوة عتاباً لأنكم وصفتمونا بالعاطلين عن العمل وذكروا بأننا هنا نعمل بأحترام ولسنا عاطلين نعيش على المساعدات الحكومية؟ وأنا متأكد من صدقهم حيث هناك الكثير الكثير من الناجحين في أعمالهم.

غبطة البطريرك
 رووا آبائنا حادثة فيها الكثير من المعاني، وهي عن البطريرك الشهيد مار بنيامين شمعون عندما نزح جزء من شعبنا الآشوري من هكاري، أبان الحرب العالمية الأولى، وبينما كانوا قد حطوا الرحال مساءً بعيداً عن قراهم، وبينما كان البطريرك الشهيد يتحدث عن ألمه وحزنه لما حدث، ومن بين جملة الأمور التي تحدث عنها نظر بأتجاه قريته التي أجتاحها الجيش التركي وقال "كم أنا متشوق لشرب الماء من ينبوع القرية" وبينما كانوا نائمون ليلاً أنطلق ثلاثة من الشجعان الذين سمعوه نحو هكاري مخترقين الجيش التركي خلسةً ، وصلوا الى الينبوع، ملؤوا الحاوية من مائها وعادوا في الصباح ليقدموها للبطريرك محققين أمنيته.

والآن دعني أسأل غبطتكم،
 طالما إننا نعمل كما ذكر بعض الزملاء في مقالاتهم، وأمورنا المادية جيدة، فهل لبينا دعوتكم الأولى؟
أم هل أظهرنا أهتماماَ بها؟ أو قليلا من الأحترام لغبطتكم كراعي لإحدى أكبر كنائسنا؟

 ربما  خانتنا الذاكرة ونسينا بان دعوتكم ليست فقط لنا، بل هي أيضاً تشمل هؤلاء المنكوبين الذين يعيشون مرارة الغربة والعوز والخوف في سورية والأردن وتركيا، ربما لم ندرك بأنها كانت تشجيعاً للباقين في الوطن، ليتشبثوا بأرضهم وأرضنا ويحافضوا على وجودنا هناك، إذا لم يكن بإمكاننا العودة، فعلى الأقل كان علينا ألتزام الصمت، ولكن هيهات، فجميعنا أصبحنا كُتّاباً وسياسيين ومؤرخين ومنظرين.

غبطة البطريرك، والآن دعني أحدثكم عن النصف الفارغ من الكأس.
لا تقلق غبطتكم علينا فنحن نعيش في معقل العولمة والتطور والديمقراطية والأمان، رغم شكرنا لهذه البلدان التي حضنتنا ومدت يد العون لنا وأعطتنا جنسياتها وكامل الحقوق، ولكنكم تستطيعون أن تسألوننا، عندما نترك المنزل بكم من الأقفال نغلق الباب؟، أسألونا أين نخبيء مقتنياتنا الثمينة؟ فحتى الشياطين لن تعثر عليها، لأننا أهملنا بيتنا الكبير (مجتمعنا) أسألونا كم من الآباء هنا لا يؤرق نومهم غياب أبنهم من البيت ليلاً، أسألونا كم منا يفيق صباحاً مبللة وسادته بدموع الشوق بعد أن حلم بذكريات الوطن؟، وأسالونا كم نعمل بشقاء لكي نعيش معززين؟.

أما عن شعاركم

الوحدة:
 فهنا عَلِمنا من أية قبيلة كلُ منا، والى أي مذهب ننتمي، هنا نستطيع أن نميز بسهولة بين أبناء أمتنا مَن هو مِن تركيا أو سوريا أو أيران أوالعراق.  وهنا حتى القديسين وزعناهم على عشائرنا ومناطقنا وجمعياتنا، نقيم لهم التذكار، لقد أصدرنا شهادة وفاة الوحدة، وقتلنا الأمل في قلوبنا، وهجرتنا الحكمة والنقاء،  فنحن لسنا فقط مغتربين! بل أصبحنا غرباء لبعضنا البعض وعلى ذاتنا أيضاً. أما وحدتكم الكنسية التي تنشدون لها، فاخبرونا قبل لقائكم بقداسة البطريرك مار دنخا الرابع لكي نقدم لكم الشروط.

الأصالة:
أبشرك بأصالتنا، لا تخافوا فنحن حريصين عليها!، أسمع هذه!! لقد قدّم البعض من المخلصين هنا منذ زمن طلباً لوزارة التربية الأسترالية لتدريس لغتنا الجميلة في المدارس الحكومية التي يدرس فيها أبنائنا، فلبّت الوزارة الطلب مشكورة، وعيّنَت مدرسين لهذا الغرض، ولكن!! لقد روى لي أحد الأصدقاء حواراً دار بينه وبين مدرسة أجنبية كانت تسأله مستغربة عن الفرق بين الكلدان والآشوريين، بأن أحد أخوتنا هرع يوماً الى أحدى المدارس الحكومية ووبّخ الإدارة مستنكرا لأن ولده قد حضر أحد دروس لغتنا، وطلب منهم بأن لا يدرسوا أبنه هذه اللغة، ولا يجب أن يبقى في الصف أثناء هذه الحصة، هل تعلم لماذا؟؟؟ لأنها معروفة في هذه المدارس "باللغة الآشورية"!، غبطتكم لقد سبقناكم بالعمل القومي هنا، فهل تعلم بان أبنائنا وهم بعمر الزهور قد نقشوا أعلامنا على جدران السجون؟ فلدينا في بلدان الأغتراب عشرة أضعاف المسجونين من أبناء أمتنا في العراق، وأغلبهم من فئة الشباب، نعم، هنا في أستراليا وقبل بضع سنوات خسرت جاليتنا أكثر من مائة مليون دولار، لأننا كنا أنانيون نفكر في جمع المال بأسهل الطرق، لأننا لم نستطع أن نقيم مرجعية موحدة تُرشدنا، وهنا ستتفاجأ بفئات الشباب الصغيرة في العمر وهم يتحدثون في الأماكن العامة بالعربية فيما بينهم ( مع أحترامنا لأعزائنا العرب واللغة العربية )، فيما بقيت لغتنا منسية، فلا عتب عليهم إذا كان أهلهم يتحدثون بالعربية  في الشارع وفي البيت. لقد نسينا طقوسنا الكنسية هنا، فنحن لا نذهب للكنيسة للصلاة، وكيف لنا أن نًصلي وقلوبنا يملؤها الحقد والضغينة والأنانية،  الكثيرين منا نذهب الأحد صباحاً من أجل "البيض المسلوق" الذي يقدموه للفطور بعد القداس، فهو طيب أثناء المأدبة الجماعية، وإذا لم يتوفر في أحدِ ما، هناك من سيسأل ويستفسر عن السبب، وربما يُحدث غيابه من المائدة جدالاً!!، فإلى جانب مَيزتها الروحية نحن لا ننظر لكنائسنا كمؤسسات، وكأملاك لهذه الأمة، ولا نكترث لطقوسنا الغنية والرائعة ولا يهمنا إن بقيت أم تلاشت، فقداديس أخوتنا الأقباط وغيرهم من الكنائس مشوقة، ومواعضهم مفهومة ومفيدة، حتى لو لم يناولوننا القربان!! ما يهمنا هو الجنّة لا غيرها، حتى لو حصلنا عليها بالخداع، لأن الروح ماتت في داخلنا. فبقينا أشباه المسيحيين وأنصاف القوميين،
 
التجدد:
لقد حققنا التجدد، فهنا طورنا عاداتنا لتتلائم مع التجدد، مثلاً أرتفع سعر "الترجيات" للشباب الذكور بعد زيادة الطلب عليها!، وهنا عندما تنظر الى بعض شبابنا سيصيبك الهلع، فحتى الديك الرومي يغار من تسريحة شعرهم والوانها، هنا علينا التأكد من أمان المكان الذي نجلس فيه في حفلات الزفاف وغيرها من المناسبات، مثلا يجب أن نختار مكاناً ملاصقاً من الخلف للحائط لتجنب زحمة الذين يسرعون الى المسرح للرقص الشرقي عندما يبدأ المطرب بالأغاني العربية، ولا رغبة لي لأنسف المسرح أيضاً في هذا المقال، نعم فهذه أيضا تستطيع أن تشملها في " الأصالة" لأننا نحتفظ بإرثنا وعاداتنا وتقاليدنا.

 إذا التزمتم الصمت نسأل لماذا؟ ونحن اليوم في ظرف نحتاج للنصيحة ونحتاج لمن يهدينا!، وإذا نصحتنا فلن نرضى، ولو قدمتم لنا رداءً ناصع البياض فلن تقع أنظارنا إلا على النقطة الصغيرة الداكنة فيه، وإذا طلبتم المساعدة يصيبنا الطرش، وإذا عرضتم علينا أحوالكم فلن نرى إلا ما يعجبنا، وإذا قدمتم مقترحاً، لابُد لنا أن نعترض ونأتي بالنقيض حتى لو كان من المحرمات، لأننا نرى بعين حولاء واحدة، ونسمع بأذن واحدة ، ونتكلم بفمين، غبطة البطريرك لن نعود لأنكم لن توفروا لنا المصفحات لحمايتنا، فالموت عندنا هو مفخخة أو رصاصة غادرة، وكأننا سنعيش أبداً، هكذا أصبحنا اليوم في بلدان الديمقراطية والحرية، لقد بتنا نتلذذ بلسعات الموت البطيء القاتلة، كما تتلذذ القطة بطعم المبردعندما تلحسه ، ولكنها لا تدرك بأن اللذة تأتيها من الدم الذي ينزف من لسانها، ولا نشعر بخطورة اللسعات لأننا نفتقر الى الوعي القومي والأيمان المسيحي الحقيقي، نعم أبينا البطريرك فقد تطورنا مع الزمن، وأصبحنا نتسابق الغربيين في تطورنا، فنحن اليوم حتى الحقوق القومية نتناولها بالشوكة والسكين، أخشى أن يأتي يوماً ويحل محل دعواتكم لنا، رجاءً منا أن نترككم وشأنكم، فإذا بقينا على هذه الحال، لا تدعونا من الآن فصاعداً، ولا تعتمد علينا، إذا بقينا على هذه الحال! فقط سأرجوك أن تذكرنا في قداس "جمعة الموتى" من كل عام ، لأننا سنغدوا أمواتاً يتنفسون، يلفضنا الزمان على هامش التاريخ.

49
المنبر الحر / بيــان
« في: 14:14 15/10/2013  »
بيــان


سامي هاويل
سدني-أستراليا


أيها الشعب الآشوري الأبي

بعد أن حققنا تقدماً عظيماً في الحصول على حقوقنا القومية كاملةً مكملة دون زيادة أو نقصان، والمتمثلة بإرغام حكومة الأقليم لإعادة كافة قرانا وأراضينا المغتصبة، وإجبار الحكومة العراقية للإعتراف الكامل بكافة حقوقنا القومية، بما فيها الأعتذار عن الجرائم التي ارتكبتها حكومة العراق الجائرة عام 1933 و عام 1969، وغيرها من الجرائم التي أرتُكبت بحق أبناء أمتنا الآشورية، وبعد أن أُعطي كل ذي حق حقوقه، بما فيها تعويض المهجرين قسراً الى سوريا، وإعادة الجنسية لهم، وبعد أن حققنا النصر المبين بإقامة إقليمنا المشروع على أرضنا التاريخية، ولملمنا فيه كافة عوائلنا المشردة والمتعففة والمضطهدة والمظلومة من قبل فرق الموت والظلام المجرمة في العراق، وتلك التي كانت تعيش الرعب في نيران الحرب الأهلية في سوريا، وحياةً أجتماعية صعبة ومزرية في كل من تركيا والأردن، وبعد أن قطعنا شوطاً طويلاً في إحلال الأمن والأستقرار والحقوق التي  يتمتع بها شعبنا الآشوري في الوطن، وبالرغم من قدراتنا الفكرية العالية وحنكتنا السياسية التي لا يجاريها مثيل، لم يبقى أمامنا سوى أن نحمل معاولنا ونهرع مسرعين الى مقابر الأمس القريب، ننبش قبور أجدادنا لنجري تجارباً وتحاليل على نخاع عظامهم وشعرات رؤوسهم، نبحث بدقة بينهم عن الخونة المأجورين والجبناء الذين باعوا الأمة والوطن لنتعظ من تلك التجارب، ونُضيف أكثر الى قدراتنا الفكرية الكبيرة .
وهكذا لاحت طلائع الأختصاصيون من عظماء الأمة الآشورية في عصرها الذهبي هذا، مسرعة الى ساحة المعركة، تتأبط كل مجموعة منهم حقائق التاريخ، ونتائج فحوصات مختبراتهم القومية لتعلنها على الملأ، متصارعة فيما بينها على تلك الحقائق والنتائج، لما فيها من خدمة جليلة تُضاف الى أنتصاراتنا الكبيرة.

أيها الشعب الآشوري العظيم
نظراً لصعوبة التمييز بين المجموعتين المتنافستين، كونهم جميعا ينتمون الى نفس الجنس والعرق والأرض والتاريخ والمآسي والمصير والحاضر والمستقبل، قررنا تسمية المجموعتين ( وما أشطرنا في ترقيع التسميات).وتقسيمهم الى فريقين لغرض تسهيل فرزهم، والسيطرة على تدفق نتاجاتهم ومعلوماتهم الغزيرة حرصاً على عدم إضاعة أية نقطة منها، لما فيها من فوائد جمّة لحاضر الفرد الآشوري ومستقبله الزاهر. ولتسهيل التمييز، ما كان علينا إلا أن نستعين بأختراعات شركائنا في الوطن، لتسمية المجموعتين.( مع أحترامنا لإعزائنا الشيعة في العراق )

الأولى... الطبّارين
والثانية... اللطامين

يا أبناء أمتنا الاشورية العظيمة
أستناداً الى الحرص الكبير الذي يتحلى به الطبارين على مصلحتنا القومية العليا، جعلهم سَباقين في إعلان نتائجهم التي جاءت بعد جهد جهيد، فشنوا بها هجوما وثائقيا من نوع "أرض جو" على معاقل أخوتهم اللطامين، وقد أسفر هذا الهجوم إلى إلحاق أضراراً جسيمة بأجهزة مختبراتهم وحرق بعض آلياتهم. من جهة أًخرى وأحتراما للقوانين الدولية بشأن أستعمال الأسلحة المحضورة وتماشيا معها، وألتزاماً بالتقاليد العشائرية، فقد ردت قوة من بحرية اللطامين الرابضة أمام حدود الله الصاع صاعين مستخدمين في ضرباتهم الموجعة ذات السلاح الذي أستخدمه أخوتهم الطبارين، فردوهم مخلفين ورائهم خسائر فادحة في الوثائق والممتلكات.
هذا وما زالت الحرب الضروس قائمة على حدود بعض المواقع الألكترونية وأعنفها تدور الآن في موقع عينكاوا الأغر، ولا يسعنا إلا أن نزف البشرى الكبيرة لأبناء أمتنا الآشورية بالأنجازات العظيمة التي تحققت في هذه المعركة.

يا ابناء آشور.

في الوقت الذي تشتدُّ فيه المعارك، وفي الوقت الذي تؤكد جميع المؤشرات الى أمكانية توسيع الجبهات لتشمل أقليم الفيسبوك لما فيه من محرمات، وإهدار للوقت في عرض المغريات من صور الدولمة والمقلوبي والبرياني ( نعتذر من الذين يتحسسون من الواوات!!)، نؤكد بأن هناك كتيبة من الخبّاطين أخوة لنا في الدم والمصير، وصل الحرص القومي بهم للتسول بين الجثث في ساحات المعارك، ولملمة مخلفات الحرب لتكريرها وأستخدامها في سدّ جميع الثغرات الصغيرة الباقية في أسوار هذه الأمة حرصا منهم لمنع دخول أي جراد معادي من شأنه إفساد محاصيلنا القومية الهائلة.
هذا ولم توافينا أية معلومات أُخرى عن نوع السلاح الذي سيتم أستخدامه بين الطرفين في الهجمات القادمة، رغم بروز مؤشرات الى الأستعانة بصنوف ماهرة في أستخدام أسلحة العشائرية العابرة للقارات، وإذا كانت من النوع الذي يحمل رؤوساً نووية، حينها ليستبشر الكورد والعرب والشبك والأيزيديين خيراً لأننا سوف نفتح لهم ذخائر الخير والبركة تماشيا مع مباديء الجيرة والأنتماء الوطني.
وفي ختام بياننا هذا، لا يسعنا إلا أن نشدَ على سواعد هؤلاء الأبطال الذين يحملون عقول الماضي في أجسام الحاضر، ونناشدهم للأستمرار في جهادهم المقدس خدمة لإمتنا الآشورية.

50
"إذا أتفق كل المسيحيين على التسمية الآشورية فماذا سيحدث؟"

بقلم سامي هاويل
سدني-أستراليا

هذا السؤال أورده الأخ لوسيان في مداخلته على مقال الكاتب والناشط الأخ آشور كوركيس الواردة في الرابط أسفل هذا المقال، وقبل أن أُجيب على سؤال الأخ لوسيان، كان لابد لي من توضيح بعض الأمور المهمة المتعلقة به لتكمل الصورة بشكل أفضل. وقد أخترتُ سؤاله هذا ليكون عنوان مقالي لأهميته، وفي نفس الوقت يأتي هذا المقال جواباً عليه.

الأخ الكريم لوسيان المحترم
تحية طيبة

القيادات الكردية، وبفضل كثافة الشعب الكردي السكانية، وما يتمتعون به من قوة ودعم خارجي، يفرضون تسمية ( كردستان ) على تلك الأرض، التي بالحقيقة وكما تشير كل الدلائل التاريخية القديمة والحديثة بأن أسمها الشرعي والتاريخي هو "آشور"، سكانها كانوا غالبيتهم الساحقة من الاشوريين، اليوم قل عددهم بسبب المذابح التي طالتهم والسياسات العنصرية التي مورست بحقهم، وجميعنا على دراية تامة بأن القيادات الكردية لن يفوتوا أية فرصة تسنح لإعلان الأستقلال، هذا ما تُلوّح به شخصيات قيادية كردية بين فترة وأخرى في العديد من المناسبات (وهنا أود التأكيد على أننا لا نقف بالضد من تطلعات الشعب الكردي المشروعة، شريطة أن لا تكون على حساب الشعب الآشوري أرضاً وهوية).

يعتبر أحد المعوقات الرئيسية الذي يقف في طريق مشروعهم هذا هو  "صاحب الأرض"، وصاحب الأرض الشرعي هو الشعب الآشوري، ولهذا عملت القيادات الكردية على إقصاء الآشورية كقضية، فبدأوا بالتدخل في شؤوننا الداخلية، وعملوا على غرار أسلافهم العروبيين على خلق صراع داخل الأمة الآشورية، وليست بخافية على أحد محاولات بعض مؤرخيهم وكُتابهم لتزوير التاريخ، وأستمرارهم في سياسة تكريد الأرض الاشورية بكافة الطرق المتاحة، فقد أفلحوا الى حد ما في تحقيق هدفهم من خلال تدخلاتهم داخل الشان القومي الآشوري وعلى مراحل، أذكر منها.

1- إثارة البعض من أبناء أمتنا التابعين للكنيسة الكلدانية لرفض الآشورية كهوية قومية، وما دعم القيادات الكردية للسيد عبدالأحد أفرام لتأسيس الحزب الديمقراطي الكلداني، وعملها على أحضاره الى مؤتمر المعارضة العراقية في لندن عام 2002 إلا دليلاً على ذلك، وتمهيداً لتفعيل صراع التسميات بشكل أوسع ليكون أمراً واقعاً يقف عائقاً في طريق النهضة القومية الآشورية ويجب إضاعة الوقت والفرص لغرض معالجته. ولم يكن هذا كافياً لإقصاء القضية الآشورية، فجائت الخطوة التالية أنسيابياً وهي

  2- بعد أن أثبتت التنظيمات الآشورية فشلها الذريع في الأرتقاء الى مستوى التمثيل القومي الحقيقي، أتجهت بوصلتها الى الداخل لحل إشكالية التسميات، فأرتكبت إثرها خطأً تاريخياً قاتلاً أسقط عنها شرعيتها القومية منذ لحضة أرتكابهم لذلك الخطأ، عندما أشتركت جميعها في مؤتمر التسمية المشؤوم المنعقد في بغداد في تشرين الأول من عام 2003 والمهيأ له من قبل كل من الحركة الديمقراطية الآشورية والمنظمة الآشورية الديمقراطية (علما إن هذا المهرجان الكبير حضره ممثلين عن جميع كنائسنا وعدد كبير من مؤسساتنا القومية من داخل وخارج العراق)، ومن الجدير بالذكر، أنه مسبقاً كان هناك تنسيق بين قيادة الحركة الديمقراطية الآشورية وبين نيافة المطران مار سرهد جمو ومار أبراهيم أبراهيم ومجموعة من أبناء أمتنا من الكنيسة الكلدانية لإعلان التسمية المركبة حلا للأزمة بحجة الوحدة، وتم تكليف السيد كنا  لإدراجها في الدستور العراقي ( راجعوا على موقع اليوتيوب تصريحات السيد نوري منصور رئيس المنبر الديمقراطي الكلداني/ أميركا في إحدى الفضائيات أثناء حواره المباشر مع سكرتير الحركة الديمقراطية الآشورية السيد يونادم كنا حول موضوع الوقف المسيحي، للأسف لم أتمكن من توفير الرابط )، وأي وحدة !! أنظروا اليوم أين يكمن الصراع ؟ ( إنه بين تلك الأطراف المتفقة مع بعضها حينها) بينما في الحقيقة كان الطرفين يبحثان عن مصالحهم المؤسساتية وليس مصالح هذه الأمة ( ولن أُعلق على ماذا كانت مصالح الطرفين في هذا المقال، ربما سافعل ذلك في مقال منفصل ) وبالتالي جاء كل هذا لمصلحة التيارات العنصرية الكردية بالدرجة الأولى، لأنه تم الخلط بين الهوية القومية لأمتنا وبين تسمياتنا الطائفية (سوف أوضح في الختام هذه النقطة) أما الآن فدعنا ننتقل الى الخطوة الثالثة.

3- في السنوات القليلة الماضية نشط أعضاء الأتحاد العالمي للكتاب والنشطاء الكلدان وبشكل ملحوظ، بداية في حملة منسقة ومن خلال الكثير من المقالات التي ركزوا فيها على أن أبناء سهل نينوى ليسوا آشوريين، بل إنهم من القومية الكلدانية، وهذا يعني أنهم ليسوا ألأصحاب الشرعيين لتلك الأرض ، لأن أرض الكلدان هي في بابل وليس في آشور، وبذلك يصبح حالهم حال الأكراد وبقية سكان المنطقة، أي الجميع غرباء عليها ، وهذا ينصب في خدمة المشروع الكردي بالدرجة الأولى كونهم الطرف الأقوى، هكذا عمل أتحاد الكتاب والأدباء الكلدان بكل ما يمتلكون من قوة ليثبتوا أنهم ليسوا الأصحاب الشرعيين لهذه الأرض، متحججين بالدفاع عن القومية الكلدانية ضد صهرها في القومية الآشورية!!! وغيرها الكثير من العبارات المثيرة للأنتباه كاللإلغاء والتهميش والإقصاء، وتمسكوا بهذه الشعارات التي تمنحهم مساحة واسعة بين أبناء الكنيسة الكلدانية لكي يمرروا هذا المشروع الذي يخدم مصالح من تسلطوا على شعبنا وأرضنا وكل شيء نملكه، ولكن! بقي هناك أمر آخر مهم يجب توجيه ضربة له!، ألا وهو إن هناك مجموعة أُخرى من أبناء هذه الأمة يُقرون ويعتزون بأنتمائهم الآشوري، غالبيتهم من منطقة هكاري الواقعة ضمن المثلث الآشوري المعروف تاريخياً، والواقعة ضمن الحدود التركية حالياً، هكذا وللفور أطلق الأتحاد العالمي للكُتاب والأُدباء الكلدان العنان لإقلامهم، وشحذوا كل هممهم، وبدأوا بحملة جديدة منسقة ضد إخوتهم بالدم، في بداية الأمر بدأوا ينشرون في وسائل الإعلام المقروءة بأن إخوتهم هؤلاء ليسوا عراقيين، بل غرباء وفدوا الى العراق، وهم مجموعة من المتطرفين، مثيري المشاكل، مجرمين، دمويين، ناكري الجميل، وقائمة الأتهامات والإهانات طالت لتصل في بعض الأحيان الى المساس بالكرامة، أما الآشوريون القدامى فقد أُبيدوا عن بكرة أبيهم بحسب الأكتشاف الفريد من نوعه لإعضاء الأتحاد العالمي للكتاب والأدباء الكلدان، وعندما وجدوا أنهم لم يفلحوا، بدأوا يدعون بأن هؤلاء كلدان القومية متنسطرين، تارة هراطقة، وتارة أًخرى عبدة (الصنم آشور)!!!، وأيضا هنا قائمة الأتهامات تطول، وأخيراً بدأنا نقرأ هذه الأيام للبعض من الذين تأتي مرتبتهم أذيالاً لهذا الأتحاد بأن هؤلاء النساطرة هم من بقايا الأسباط اليهودية المسبيين، هذه الحملة مستمرة الى يومنا هذا، والغاية منها هو المحاولة للإثبات بأنه لا يوجد اليوم آشوريون على وجه المعمورة، وهذا يعني محاولة تغييب المالك الشرعي لهذه الأرض، وبذلك يحق للأكراد أن يسموها (كردستان) لأنهم يشكلون الغالبية القصوى عليها، مع إعطاء الضمانات لحماية المسيحيين والطوائف الأُخرى تماشياً مع العولمة وحقوق الإنسان ليثبتوا للعالم ديمقراطيتهم وأهليتهم لإدارة أنفسهم.

يبقى المحزن، والمؤلم، والمثير للتساؤل في نفس الوقت، هو أن غالبية المنتمين الى هذا الأتحاد إن لم نقل جميعهم لم يكن لهم أي نشاط قومي كلداني من قبل، ولم يهتموا لهذا الأمر يوماً، إلا قبل عقد من السنين، وظهورهم على الساحة جاهزين متفقين بهذه السرعة يخرج عن مباديء القاعدة العامة لتشكيل هكذا تجمع، ولهذا يُعتبر مُثيراً للتساؤل وخاصة هم سائرون على هذا النهج، وبالأخص إن أولى أولوياتهم هو العمل الأعلامي المكثف المعادي للآشورية، يدعون أنهم قوميون كلدان، ولكنهم لا يملكون مشروعاً قومياً ولا مطاليباً قومية كلدانية لحد هذه اللحضة، أليس هذا غريباً جداً!!!.

لنعود الآن الى ما ذكرته في النقطة الثانية لأُعلق عليه كونه سيكون الإجابة على سؤالك.
لقد أنطلقت نهضتنا القومية في العصر الحديث حاملة الآشورية كهوية، في حين لم تشهد أحداث التاريخ الحديث أي نشاط قومي ملحوظ تحت مسميات أُخرى في هذه الأمة، ولهذا فللآشورية (بغض النظر عن أحقيتها التاريخية) رصيد وإرث كبير من الأستحقاقات القومية المشروعة، سواءً كانت المتعلقة بالأرض والوجود، أو المتعلقة بالمعاهدات الدولية المنعقدة في عشرينات القرن المنصرم، وهكذا نجد بأن المذابح التي طالت هذه الأمة حملت طابعاً آشورياً، وتشهد كافة الوثائق المتعلقة بها على هذه الحقيقة، ولذلك عندما أُثيرت مسألة التسميات، وكثرت الدعوات الى إعلان تسمياتنا الكنسية كتسميات قومية مستقلة، وبعد ما أعقبها من عملية تركيب التسميات التي أدت الى إسقاط شرعية الآشورية كهوية، نلتمس بوضوح كيف أختفت قضيتنا القومية بسرعة من الساحة السياسية، وحل محلها أنتمائنا المسيحي ( مع أعتزازنا بأنتمائنا له)، وبما أن الأنتماء المسيحي لا يلتزم الأنتماء القومي وليست له صلة بالحقوق القومية، لذلك سوف تنحصر حقوقنا في إطار المواطنة التي يتمتع بها حتى الغريب في الوطن، وهكذا سنكون قد خسرنا فرصة ثمينة أُخرى لإحقاق حقوقنا القومية المشروعة ضمن العراق الموحد، وهكذا أيضا سنكون قد أضعنا  كل أستحقاقاتنا القومية، بما فيها كل التضحيات المقدمة من أجل الحفاظ على أرضنا ووجودنا وحقوقنا.

والآن دعني أُثير هذه الأسئلة:

1-ماذا كان سيحصل لو كُنا قد أجلنا الخلافات الطائفية لحين تحقيق ولو البعض من أهدافنا القومية تحت الأسم الآشوري؟
2-هل كان ذلك سيلغي حق من يعتز بالتسمية الكلدانية أو السريانية أو الآرامية أو أساساً هل عمل أحد على منع الآخرين من الأعتزاز بهذه التسميات؟
3-لو كان هذا قد حصل ألم يكن وضع شعبنا أحسن بكثير من ما هو عليه الآن ؟
4-أليست الحقوق التي يطالب بها الآشوريين من أرض ولغة وتاريخ وهوية هي نفس حقوق الكلدان ؟
                
  وفي الختام أدعوا من يعلو صراخه مدويا بأن "الآشورية" تسمية أطلقها الأنكليز حديثاً على النساطرة، الى قراءة ترجمتي لفصل من كتاب "الآشوريون بعد نينوى" والتي تقع في ستة أجزاء منشورة في عدة مواقع من بينها موقع عينكاوة وعلى منبر(تاريخ شعبنا، التسميات ) لكي يرى بأم عينه كيف كانت سارية الآشورية بين أبناء هذه الأمة بمختلف طوائفها الكنسية ومناطقها الجغرافية منذ سقوط نينوى وبأستمرار الى يومنا هذا.

رابط مقال الأخ آشور كوركيس وفيه تجدون تعليقات وآراء الكًتاب ومن بينهم سؤال الأخ لوسيان
  http://www.ankawa.com/forum/index.php/topic,704438.0.html

51
المنبر الحر / وداعــاً ريمــون
« في: 17:05 10/10/2013  »
وداعـاً ريمون

في ساعات المساء الأولى من هذا اليوم، صُعقت بنبأ رحيل المرحوم ريمون فرنسيس داود، وهو في الثالثة والأربعين من عمره، حسب ما وصلنا كانت الوفاة إثر جلطة دماغية ألمت به.
وللتو بعد سماعي الخبر الأليم، أمتزج حزني العميق بالذكريات الرائعة التي جمعتني بالمرحوم ومعنا الكثير من الأصدقاء الطيبين من أبناء أينشكي. لقد كان ريمون نعم الصديق، خدوماً، مفعماً بالأيمان القومي والروح الطيبة، متحليا  بالصدق والشجاعة والوفاء والإخلاص، فاينما كان قد حل لم يُخفق أبداً في رسم البسمة على وجوه الحاضرين لما كان له من خصائل رائعة جعلته متميزا دائماً.
وها هو الموت يخطفة اليوم من بين أهله وأصدقائه ومحبيه تاركا أطفاله الأربعة وزوجته الطيبة وإخوانه واخواته ووالدته (العمة كميليا) التي لطالما عاشت الحزن سنين طوال بسبب جريمة الأغتيال البشعة التي تعرض لها زوجها المرحوم فرنسيس داود في صيف عام 1991 في قرية اينشكي.
أرحل هنيئاً، ضاحكاً، لتدع قلوبنا تدمع، يلفها رداء الحزن، فستبقى في قلوبنا وعقولنا ذلك الشجاع ونعم الصديق الوفي، ورغم الفراق الأليم لكن الصداقة وذكرياتها ستبقى مشرقة لا تغيب كالشمس لإنها تسكن في الوجدان.
في الختام لا يسعني إلا أن أتقدم بواسع تعازي الحارة الى زوجته وأطفاله ووالدته وأشقائه وشقيقاته وإلى كافة أقربائه وأصدقائه وأهالي قرية أينشكي، وأقول إننا نشارككم هذا المصاب الأليم ونحمل معكم في قلوبنا هذا الحزن الكبير، ونطلب من الرب أن يسكنه بين الشهداء والقديسين. وداعاً صديقي العزيز ريمون وإلى جنات الخُلد.

سامي هاويل
سدني-أستراليا

52
ترجمة من كتاب الآشوريون بعد نينوى
للمؤلف البلغاري د. راشو دونيف
الجزء السادس

سـامي هاويـل ـ سدني

لمراجعة الأجزاء المترجمة السابقة:

الجزء الاول:
http://www.ankawa.com/forum/index.php?topic=691859.0   
الجزء الثاني:
http://www.ankawa.com/forum/index.php/topic,698919.0.html
الجزء الثالث:
http://www.ankawa.com/forum/index.php?topic=699310.0
الجزء الرابع:
http://www.ankawa.com/forum/index.php/topic,700460.0.html
الجزء الخامس:
http://www.ankawa.com/forum/index.php/topic,702248.0.html

العلاقة بين الأمبراطورية الآشورية وأستمرارية الحضارة (6)
الأستمرارية
أستناداً الى الأب الدومنيكاني ريتور (Rhetore) 1881م، يقول بأن اليعاقبة في بتلس (Bitlis) كانوا يسمونهم الآشوريون القدماء (Eski Assuri ... Ancient Assyrians)1 ، والذي يدل على أن الصلة بين المصطلحين " الآشوريون والسريان " لم تكن قد فُقِدت.
أمهارت ولامسا ( Emhart and Lamsa ) قدموا الملاحظة التالية بخصوص الرابط بين الآشوريين القدماء والمعاصرين:
من الدلائل على أستمراية العرق الآشوري هو أن على الأغلب جميع سكان كردستان وآشور الجنوبية يلتزمون بتذكار سفر يونان النبي المرسل الى العاصمة الآشورية. ومنهم أيضاً اليزيديون  والأكراد يحترمون يونان كنبي. تخليداً لذكراه الآشوريون يصومون ثلاثة أيام متتالية منقطعين عن الطعام وشرب الماء ويقضون أغلب أوقاتهم بالصلاة، ويقدمون الذبائح للرب لإنقاذه أجدادهم، أهل نينوى من العذاب الذي تنبأ به يونان النبي2 .
جويلاوم دي ربروكس (Guilaume De Rubruquis) الذي زار النساطرة المتواجدين في التتار سنة 1253م شاهد بأن " قبل يوم الأحد من الصوم الكبير، يصوم الآشوريون ثلاثة أيام متتالية، ويسمون هذا الصوم ببشارة النبي يونان لأهل نينوى" 3. النساطرة الآشوريون ورثوا هذا الصوم لأكثر من الف سنة وقد تضمنوه في إرسالياتهم التبشيرية الى آسيا. كما أن كنيسة السريان الأوثوذوكس أشارت الى هذا التقليد بالصوم ثلاثة أيام أبتداءً من يوم الأثنين الذي يسبق أحد بداية الصوم الكبير ويسمونه صوم نينوى ( Saumo dninve ). كما إن الكنائس السريانية الكاثوليكية والكلدانية أيضا يلتزمون بهذا التقليد 4.
هينريك يقول، فيما يخص التقاليد الآشورية، بأن مضمون هذه التقاليد من الواضح إنها لم تنتقل جميعها عبر الأجيال إلا في هذه الأيام; لقد كانت هذه التقاليد ميتة ودُفنت لأكثر من 2500 سنة ولكنها عادت الى النور بفضول علماء الآثار". حتى الآن لا نعرف تحديداً متى أختفت هذه التقاليد، أذا كانت قد أختفت جميعها، لا يمكن أن تكون قد أختفت بين ليلة وضُحاها بسبب أنهيار الأمبراطورية. فالكنيسة بالتأكيد لم تكن لتشجع هذه الممارسات التي كانت تعتبر وثنية، على سبيل المثال أكيتو
( أحتفال الربيع)، ولكن المسيحية أحتوت وأمتصت هذه التقاليد والمعتقدات وحولتها الى أشكال مختلفة. إن المعلومات المتوفرة لا تسمح لنا بأن نُعلن بشكل قاطع بأن جميع تقاليد الأمبراطورية الآشورية قد أختفت أو لم يستمر إقامتها بشكل آخر في الكنائس الآشورية 5.
آغا بطرس أكد بأن:
"وصولاً الى إعلان الحرب العظمى، فإن شعوب المقاطعات الستة (النساطرة الآشوريون في هكاري) كانوا يرتدون نفس الملابس التي كان يرتدونها الآشوريون القدماء قبل آلاف السنين. على سبيل المثال، المقاتلين من مقاطعة تياري على يرتدون قبعات خاصة مصنوعة من القطن عالية ومدببة وتنتهي بنوع من الخيوط، كما كان يرتديها المقاتلون الآشوريون القدماء: بينما نرى إن أبناء الباز والمناطق الأُخرى كانوا يضعون نطاق من الحرير حول قبعاتهم، بالضبط مثلما كان يفعل ملوك الآشوريون القدماء" 6.
نذكر مثال آخر على أستمرارية الآشوريون، وهو بقاء أسماء المناطق الجغرافية في اللغة السريانية. كارن رادنار (Karen Radnar) يلاحظ فيما يخص طورعبدين بأن:
السريانية الجبلية (Syriac toroyo)، وهي لهجة آرامية، كانت اللغة السائدة في المنطقة الى وقت متأخر جداً، وإن مختلف أسماء المواقع الجغرافية أستشهد بها لأول مرة في المصادر الآشورية التي تعود الى نهاية الألفية الثانية وبداية الألفية الأولى قبل الميلاد وهي باقية الى اليوم.(...) أسماء أماكن مثل مديات (Midyat)، ماردين (Mardin)، ساور (Savur,,, Sawro)، كيفاخ (Kivakh)، آزاخ (Azakh)، كفرتوثو (Kfartutho) التي كانت تُعرف بالآرامية، كانت مسبقاً موثقة في زمن الآشوريون 7.
وضمن جملة من الأمور يشير رادنر (Radner) الى المواقع الجعرافية التالية على أنها باقية في اللغة السريانية: Matiatu = Midyat, Mardiane = Mardin, Sura = Savur/Saur/Sawro/Sauras 8.
     
الأعتبارات النظرية
جي هجنسون (J.Hutchinson) و A.D. سميث (A.D.Smith) أتفقوا على أن " الهوية العرقية (....) هي العلاقة على مستوى الفرد مع المجموعة التي تربطه معها أواصر الثقافة المشتركة، أي بمعنى أنها الخصائص التي تربطه أو تربطها مع مجموعة معينة 9. وفي نفس المنشور نرى بأن P.R  براس (P.R. Brass) يقتبس من دي فوس (De Vos)، مدعياً بأن الهوية القومية تتألف من الخصائص المشتركة التي يمارسها مجموعة من الناس والتي تميزهم عن المجموعات الأُخرى" 10. في كِلا التعريفين تعتبر الثقافة المختلفة عامل محوري ويشملونها للتعريف عن الأنتماء العرقي.
وبشكل مشابه نرى بوستوك (Bostock) يتفق على أن الهوية العرقية هو شعور الفرد بالأنتماء الى المجموعة الذين يشتركون معه بالثقافة واللغة والدين والأرض 11.
وفي تقييم جوزيف في عمله المنوي، يرى بأن النساطرة كانوا أعضاء في جماعة ثقافية بدلاً من جماعة عرقية، ملتحمين مع بعضهم قومياً تربطهم خصائص اللغة المشتركة، والى القرن التاسع عشر أعضاء ينتمون الى كنيسة واحدة. كما أن نفس التقييم يمكن أن يجري على السريان الأرثوذوكس (اليعاقبة). فهم أيضاً كانوا يشتركون في الأنتماء الى كنيسة واحدة الى أن أختُلقت الكنيسة السريانية الكاثوليكية، والى حد ما كان لهم لغة مشتركة تمكنهم من التواصل مع الآشوريون الشرقيون       (النساطرة والكلدان). إلا أنهم لا يبدون واعيين بأنتمائهم الى الأمة الآشورية، أو حتى الى الأمة السريانية الأرثوذوكسية.
باسيلي نيكيتن (Basilie Nikitine) السفير الروسي في أورميا، في بداية القرن العشرين، لاحظ بأن اليعاقبة ليسوا موحدون قومياً 12.
من المهم التأكيد على التعقيدات اللغوية لطائفة السريان الأورثوذوكس، التي كان لها تركيبة غير متجانسة من حيث اللغة، فلم يكن جميع الآشوريون الغربيون يتحدثون نفس اللغة. ففي غرب نهر الفرات كان السريان الأورثوذوكس يتحدثون بالدرجة الأولى باللغة التركية والأرمنية أيضاً، بينما في الجنوب كانوا يتحدثون بالعربية. وفي طورعبدين أستُخدمت السوريت (Sureyt)، على الرغم من أن بعض أبناء الطائفة كانوا يتحدثون بالكردية. فبالنتيجة كانت وحدة اللغة ضعيفة، بالإضافة الى ذلك فإن السوريت لم تكن بعد متطورة الى لغة الكتابة عندهم، والتي كانت على النقيض من الحالة عند الآشوريون الشرقيون، فقد كانت السوريت لغة الكتابة والأزدهار للأدب القومي.
كورتويس (Courtois) ذكر بأن الرابط المشترك بينهما هو أيمانهم بنفس البطريرك 13 الذي كان يختم المستندات المشتركة؟
وحتى بالنظر الى أن حتى أواخر عام 1934م كان هناك بطريركين، أحدهم في ماردين والآخر على مقربة منه في طورعبدين. لقد أستمر التوتر بين أبرشية طورعبدين المستقلة والبطريركية وصولاً الى عام 1915م وبالتالي على الأقل فيما يخص السريان الأورثوذوكس لم يكن بأستطاعة البطريرك التصرف كقوة مستمدة وحدتها من الهوية. فكما لاحظنا، الوحدة تحت رئاسة بطريرك واحد حدثت لفترات متقطعة; فقد حدثت أنقسامات طيلة الألفية الثانية بعد الميلاد. وبالتالي فإن المؤسسة البطريركية نفسها لم تكن عاملاً ملزماً للسريان الأورثوذوكس وهذا قد فتح الطريق أمام الفكر العلماني لملىء الفراغ.
لقد كان العمل من أجل الوحدة القومية الشغل الشاغل للمفكرين اليعاقبة أمثال نعوم فائق وآشور يوسف، " كلاهما قاما بحملة من أجل النهضة والوحدة (...). نعوم فائق شارك في تأسيس جمعية النهضة (intibah cemiyeti ... society of the awakening) في ديار بكر عام 1908م 14. نعوم فائق دعى السريان ( اليعاقبة والكاثوليك) والآشوريون ( النساطرة والكلدان) للوحدة تحت قضية مشتركة وترك الخلافات الطائفية جانباً: 15
"هدفنا ليس لكي نُظهر كم نحن متعلمين، ولكن من أجل خدمة وطننا (...) أدعو كافة إخوتنا السريان لكي يتوحدوا تحت مظلة واحدة. هؤلاء النساطرة، الكلدان، الموارنة، الكاثوليك، البروتستانت (...) أنني أُذكر هذه المجاميع بأن ماضيهم وعرقهم ودمائهم واجسادهم ولغتهم وأرضهم هي نفسها كما للسريان ... علينا أن نعمل من أجل تمجيد أسم الآشوريون ... هدفنا الأولي هو لتأمين حقوق الآشوريون". 16
دونابد ومكو الذيّن أجريا بحثاً على هوية السريان الأورثوذوكس أكدا بأن:
لقد نصت أبحاثهم على أن الجينات العرقية الآشورية تظهر، عبر كل المعارف الأساسية لتاريخهم وثقافتهم الشفوية والكتابية،  فمن المنطق أن تكون عملية إعادة تقييم وتطوير هذا الأرث الذي تم الاحتفاظ به في العقل الباطن للعديد من اليعاقبة الذين، بمعنى أكثر وضعت الهوية الخاصة بهم على أساس ماضيهم الآشوري. 17
كما أن دونابد ومكو رسموا خطاً مميزا للصلة بين اليعاقبة والنساطرة بماضيهم الآشوري:
في إطار هذه المناقشة ، فالآشورية ملحوضة بوضوح أكثر بين السريان الأورثوذوكس من الخربوط وملاطيا وديار بكر وأورفا وماردين. كونها بعيدة نسبياً عن قلب الأرض الآشورية في نينوى القديمة والتي هي الموصل في عراق اليوم، هؤلاء الناس طوروا أواصر أنتمائهم الرمزية الى ماضيهم الآشوري أكثر من ما كان عليه وضعهم الراهن، بينما هؤلاء الذين يعيشون بجوار نينوى يمكنهم فعل ذلك بسهولة أكبر. ويمكن القول بالمثل للجاليات اليهودية البعيدة عن أورشليم أيضاَ، أو لليونانيين الجاسرة والأناضوليون البعيدين عن أثينا. 18
لقد كان القرن التاسع عشر عصر النهضة القومية للقوميات المنضوية تحت لواء الأمبراطورية العثمانية. فقد أشار دافيسون (Davison) الى:
لقد برز الشعور القومي في الأمبراطورية خلال فترة الثورة الفرنسية. وشق النشاط القومي بعد ذلك طريقة من غرب الأراضي العثمانية الى شرقها، مؤثرا على غالبية الشعوب (...) زمنياً وجغرافياً، وبالترتيب: اليونانيون والصرب والرومانيون والبلغاريون والأرمن والألبان (الأستثناء من الأراضي الجغرافية) والعرب والأكراد. وقد أستغرق وقت أنتشار هذه الأيديولوجية جغرافياً في فترة تتراوح ما بين الربع الأخير من القرن الثامن عشر الى بداية الربع الأول من القرن العشرين. 19
لقد تطور الفكر القومي بين الشعوب الأسلامية متأخرا مقارنة بالشعوب المسيحية، والأتراك كانوا آخر من تطور عندهم هذا الفكر. أما بالنسبة الى النساطرة والسريان الأورثوذوكس فقد كانوا آخر الشعوب المسيحية الذين تأثروا بالشعور القومي وألتزموه، ولكن الآن فقد أنتشر الفكر القومي الآشوري بشكل واسع ، وقد تطورت بقوة المشاعر القومية بين رواده.
مثلما كتب بروباكر (Brubaker) في إشارة الى القومية، في الوقت الذي يصعب فيه تعريف مفهوم الأمة، السؤال عن ما هي الأمة لا يمت بصلة الى الهوية القومية، "وللمناقشة  ضد الفكر الواقعي والواسع حول القومية ليس بالضرورة تقليلاً من شأن الأمم"، وبعبارة أُخرى، الهوية القومية يمكن أن تتواجد مع أو دون موضوعية تعريف الأمة. 20
عندما أندلعت الحرب العالمية الأولى عام 1914م، لقد وجد الآشوريون ( النساطرة ) الفرصة للإستقلال. فقد تم تشجيعهم من قبل الحلفاء مع الوعود بالمساعدة التي لم تحصل أبداً. وبعد مناقشات ومداولات طويلة، أعلن البطريرك الآشوري       (النسطوري) الحرب على تركيا في 10/5/1915. 21 مع أن الظروف التي كان يعيشها الآشوريون أجبرته لإتخاذ هذا القرار. وفي الأوساط الدبلوماسية التركية، كثيرا ما يوصف هذا التصرف بأنه من أعمال التحدي والعداء. مع هذا، ففي ذلك الوقت كانت المذابح قائمة ولم يكن للبطريرك النسطوري أية خيارات تُذكر.

المصادر
1. J. R. P. Duval, Letter du R.P. Rhétoré, pro-préfet de la Mission Dominicaine de Mossoul, Les Mission Catholiques, T.3., Jnavier – Décembre, 1881 , P. 536.
. Emhart and Lamsa, op. cit., P. 22. 2
3. Voyages de Benjamin de Tudelle, de Jean du Cerpin, Du Frére Ascelin et de ses compagnons, De Guillame du Rubriauis. Paris, 1830, P. 366.
4. Macler, op. cit., Paris, 1907, P. 34.
5. Heinrichs, op. cit., P. 99.
6. Petros, op. cit., P. 2.
7.  Karen Radnar,’How to reach the Upper Tigris: the Route through the Tür ‘Abdin’,state Archrues of Assyria Bulletin, XV, 2006, PP. 275-76.
8. Ibid., 289.
 . J. Hutchinson and A. D. Smith, Ethnicity, Oxford, 1996, P. 5. 9
10. P. R. Brass, “Ethnic Groups and Ethnic Identity Formation” in J. Hutchinson and A. D. smith, op. cit., PP. 85-86
11. W. W. Bostock, Alternatives of Ethnicity: immigrants and Aborigines in Anglo-Saxon Australia, Hobart, 1977, P. 1.
12. Nikitin, op. cit., P. 4.
13. Courtois, op. cit., P. 18; For a comprehensive discussion of the Syrian Orthodox identity see Sargon Donabed and Mako, op. cit., PP. 71-113.
14. Aryo Makko, ‘ The Historical Roots of Contemporary Controversies: National Revival & the Assyrian ‘ concept of unity’” , JAAS, 24, 1, 2010.
. Murat Fuat Çikki, Naum Faik ve Süryani RÕnesansi, Istanbul, 2004, P. 7. 15
16. Naum Faik cited by Trigona-Harany, 2008; also see Makko, op. cit., P. 11.
17. Donabed and Mako, op. cit., P. 73.
18. Ibid., P. 75.
19. R. Davison, “Nationalism as an Ottoman Problem and the Ottoman Response” in W. Haddad and W. Ochsenwald. Nationalism in a Non-National State, Columbus, 1977, PP. 25-27.
20. R. Brubaker, Nationalism Reframed, Cambridge, 1996, PP. 14 and 16.
21. Salahi R. Sonyel, The Assyrians of Turkey: Victims of Major Power Policy, Ankara, 2001, P. 92. As documentary evidence Sonyel cites British Archival documents, FO371/15316/E3791: Memorandum by W. J. Childs, FO 22.5.1931.

53
ترجمة من كتاب الآشوريون بعد نينوى
للمؤلف البلغاري د. راشو دونيف
الجزء الخامس

سـامي هاويـل ـ سدني

لمراجعة المقالات المترجمة السابقة:

الجزء الاول:
http://www.ankawa.com/forum/index.php?topic=691859.0    
الجزء الثاني:
http://www.ankawa.com/forum/index.php/topic,698919.0.html
الجزء الثالث:
http://www.ankawa.com/forum/index.php?topic=699310.0
الجزء الرابع:
http://www.ankawa.com/forum/index.php/topic,700460.0.html

العلاقة بين الأمبراطورية الآشورية وأستمرارية الحضارة (5)

الآشوريون في المصادر الأرمنية.

علاوة على ذلك، ساوث كيت لاحظ إن:
"في القرية الأرمنية آرآبوت (Arapout)، التي وقفتُ فيها لتناول الفطور، بدأتُ أسأل عن السريان. الناس أبلغوني بأنه كان هناك قرابة المائة عائلة منهم في قرية خربوت، والقرية كانت بالكامل مأهولة بهم. لاحظت بأن الأرمن لم يعرفوهم بالأسم الذي أنا أستخدمته (سريان) ولكنهم كانوا يسمونهم ( آسوري) (Assuri)، مما أدهشني في اللحظة التي تلمست التشابه يبنه وبين الأسم بالأنكليزية "أسيريانس" (Assyrians)، والذي يدعون السريان بأنهم منحدرون منه كونهم أبنائهم مثلما يقولون، من آشور، " الذي خرج من شنعار وذهب اليها ( الى آشور)، وبنى نينوى، ومدينة رحوبوث، وكالخ، وريسن، بين نينوى وكالخ: نفسها مدينة عظيمة"1

يشير يوجين بور (Eugene Bore) ، في سنة 1840م " عندما يُسأل كلداني عن قوميته (milet – nation)، كلداني، أو آشوري (Childam’ or ‘Assori’)". ويضيف بور بأن جيرانهم الأرمن هم من سموهم بهذه التسميات المزدوجة، ففي المناطق الجبلية يسمون كلدان وأيضا يدعون بأنهم آشوريون (Assori)2.
قال جوزيف بأن الأرمن يشيرون الى النساطرة بعبارة (Asori)(الآشوريون)، ولكنهم قصدوا بهذا الأسم ، السريان، لأن كلمة الآشوريون باللغة الأرمنية هي (Asorestantji)3. وليم وردا يرد بشكل مقنع على تأكيدات جوزيف التي يقول فيها بأن آسوري (Asori) لا تعني الآشورية (Assyrian)4. مع ذلك، من المهم أن نناقش الموضوع للتأكد من صلاحية الأطروحة. فعلاً هناك بعض الأدلة على أن "Asori" باللغة الأرمنية ربما تعني السريان، بدلاً من الآشورية. على سبيل المثال، أدوارد جي ماثيوس ( Edward J. Mathews ) ذكر بأن أفرام السرياني، هو معروف في التقاليد الأرمنية ( سرب أبرم آسوري )( Surb Ep’rem Asori )
، ( Surb Ep’rem xorin [Parish Priest] Asorwoy )، و (Surb Eprem Xurin Asorwoy)5. ماثيوس أيضا يذكر بأن لقب أفرام الكامل هو " Xorin Asori " حيث يشير باللاتينية الى جغرافية المقاطعة الرومانية مسمياً أياها "Coele Syria, or Syria Profunda" والتي كان مطرانها يجلس في أنطاكيا 6.
  
فيما يتعلق بعبارة "ستان" (stan) ، بريجيت أنيتّي أولسن (Brigit Anette Olsen) يلاحظ بأن " مختلف الأيرانيون يستخدمون عبارة ستان بعد الكلمة المنتهية بحرف (i) ويستشهد بأسم آسورستان (Asorestan) أي "آشور"، وهي مشتقة من آسوري (Asori)7. في الوقت الذي أشار أفيدس كريكور سانجيان (Avedis Krikor Sanjian) الى أن كلمة آسوريك (Asorik) تتألف من كِلا التسميتين آشوري و سريان، بالإضافة الى ذلك فإن الحرف (k) يُعَبر عن صيغة الجمع في اللغة الأرمنية 8. وفي التفسيرات النحوية فإن العديد من العلماء يرصدون معاني مختلفة لتسمية "آسوري".
إن مصطلح آسورستانياك (Asorestaneayc) يعود أصل أستخدامه الى المؤلفين الأرمن الذين كتبوا عن فترة الحكم الساسانية للإشارة الى سكان المقاطعة الأيرانية آسورستان (Asorestan) " وللدلالة أيضا على أن السكان حرفوا الأسم العرقي آسورستانياك (Asorestneayc) والذي كان أكثر دِقة من التسمية آسوري ( Asori )" 9. لأن الأقليم الجغرافي لآشورستان كان بابل وليس سوريا.
التسمية (Asori / Asorik) تضمن بعض الدراسات، رغم إن بعض الباحثين يعتقدون بأنها تسمية مرادفة لسوريا 10، وهناك التباس على ما يبدو. ففي دراسة تعود للقرن التاسع عشر على نصوص كُتِبت في الفترة ما بين عامي"20 BC – 50 AD وهي تعود الى فيلو الأسكندري (philo of alxandria)، تذكر هذه النصوص بأن آسوريك (Asorik) كانت تسمية مرادفة لسوريا و آسورسدان (Asoresdan) كانت تسمية مرادفة لآشور 11. كما إن دراسة مبكرة أُخرى تعود للقرن التاسع عشر تذكر بأن السريان الذين أطلق عليهم الأرمن أسم آسوريك (Asorik)، في الوقت الذي كان بقية الشعوب تسميهم سورياني (suriani) كما إن الآشوريون كان يطلق عليهم الأرمن أسم آسورسداندجك (Asoresdandjk)12.
ولكن, هناك تقرير قدمته أكاديمية العلوم للديوان الملكي البروسي في برلين عالم 1869م يقول بأن " الأرمن  لهم شكل واحد للتسميتين اليونانيتين واللتان هما Σúριa and Aσσúριa" وآسورستان (Asorestan) تم تعريفها على أنها تعني آشور وسوريا في تفس الوقت 13. كما أن روبرت دبليو ثومسن (Robert W.Thomson) في دراسته عن التاريخ الأرمني "أكاثانكيلو (Agathangelo)" يذكر بأن في أكاثانكيلو آسورستان تعني آشور، و آسوروتس (Asorwots) تعني سوريا، ويضيف بأن في كل رسائل أكاثانكيلو لا تُميّز بين سوريا وآسورستان فيما يخص آشور وسوريا 14.
هناك مصدر آخر يساعد في تقييم هذه المصطلحات أو التسميات، وهو قصة أخيقار الحكيم ( Ahikar / Ahiqar ) العائدة الى القرن الثامن قبل الميلاد، أخيقار الذي كان وزيراً للملك الآشوري سنحاريب وأسرحدون يروي تجربته لأبن أخته. القصة أساساً هي نوع من الحكمة الأدبية، آثارهذه الحكمة تظهر بجلاء في قصص الحكيم أيسوب اليوناني، كما إنها منتشرة في لغات أَخرى، منها اللغة الأرمنية. النسخة الأرمنية التي تعود الى القرن السادس عشر تحدد مكان وجود أخيقار على أنه كان في نينوى وآشور وتسميها بالأرمنية هي " Asorestan ". في الوقت الذي يوصف بأن آشور باللغة الأرمنية تعني آسورستان نرى بأن الكتابة تًشير الى الآشوريون باللغة الأرمنية بتسمية آسورس (Asores)15. هنا نجد من الواضح جداً التقارب بين تسمية آسورس وبين التسميات "آسوري/ آسورك (Asori / Asorik) وإن تسمية آسورك لا يمكن القول بأنها تعني السريان. لقد أبدى جوزيف وجهة نظره في دراسنه الأخيرة ، حيث قال بأن كلمة آسوريك تعني السريان:
" آسوري ( Asori) بصيغتها المفردة تعتبر إشارة الى شخص سرياني، ( آرامي ) مثلما هي الحال عندما نقول  ( Suraya / Soroyo) بينما صيفة الجمع تكون آسورينر (Asoriner). اللغة السريانية           ( الآرامية ) تسمى باللغة الأرمنية "آسوريرن (Asoreren).وكلمة آشور في اللغة الأرمنية تعني آسورستانتس 16". جوزيف يقول بأن البروفيسور الراحل سانجيان (sanjian) في مصادره الأساسية يؤكد. في الواقع يطلق على الآشوريون باللغة الأرمنية المعاصرة (Asorinery) في الوقت الذي يسمون السريان والتي هي آسورينر (Asoriner) وآشور تسمى بالأرمنية المعاصرة آسورستاني (Asorestani).
      ولكن جوزيف لا يشير الى الأمثلة والنماذج الأُخرى التي قد تشير الى أستنتاج مختلف ومنها: الآشورية في اللغة الأرمنية المعاصرة  والتي هي آسوري (Asori)، بينما السريان والتي هي سيرياكان (siriakan) . وسوريا يسمونها والتي هي سيريان (sirian)17.
ويمكن القول بان مصطلح آشور (Assyria) في العصور الأرمنية الحديثة قد حوّر لكي يتلائم من تسمية البلد سوريا، ولكن منذ أن أصبح بالإمكان إسقاط حرف الألف "A" في اللغة الأرمنية لهذا الغرض، فإذاً لماذا لم يظهر هذا سابقاً؟ وبعبارة أُخرى ، يقول جوزيف بأن آشور وسوريا ليست مرادفتين ولم يشرح حتى الآن لماذا الأرمن لم يستنسخوا التسميتين سريان وآشور الموجودة في لغات أُخرى مثل اليونانية والآشورية أو الجيورجية والتي فيها تسمى الآشورية والتي تعني آسورلي (Asureli)، والسريانية والتي تعني سيرييس (Siriis).    
 التسمية تركيا باللغة الأرمنية توركاكان (T’urk’akan)، وأيران تسمى  أيراناكان (Iranakan)، والعرب أو العربية   والتي هي عربكان (Arabakan).
لذا فإن الملحق "كان،Kan" يتماشى مع الملحق في كلمة سيرياكان (Siriakan  ) المذكورة أعلاه. أما الملحق "ك ،K" الموجود في المصطلح (Asorik) أيضا نجده في المصطلح (Parsik) والتي تعني الفارسي. إن كل هذه المتغيرات والتشابكات يقيناً تثير الشكوك في أن مصطلح آسوري "Asori" يعني سريان.
جوزيف يدعو القُراء للإطلاع على مقطع من مقال وولف هارت هينريكس (Wolfhart Heinerichs) فيما يخص التسمية الآشورية.
حيث يذكر هينريكس بأن مصطلح آسورستان (Swrstn) وُجد في قائمة المقاطعات الساسانية "ورد في لغة الأرمن الأيرانيين، ومنذ أن كانت ساليق وقطيسفون تحت إدارة الكنيسة الفارسية أصبحت تعتبر مركز الجاثاليق في سنة 410م، لذا فإنه من غير المستغرب بأن أسم سكان آسورستان (Asorestan)، آلآسوري (The Asori)، أكتسبوا تسمية السريان الشرقيين والسريان بشكل عام" 18. رغم أن المحتوى العام لمقال وولف هارت هينريكس هو إن "الآشورية" هي حديثة المنشأ، فإن هذا التصريح يوحي بأنه إذا كانت تسمية آسوري مرادفة لتسمية السريان في اللغة الأرمنية، فإذا هذه التسمية تعتبر مشتقة أو مأخوذة من تسمية آشورستان. ولذلك فمن المحتمل بأن معنى مصطلح الآشوري تغير الى سرياني ومن ثم الى آشوري.
وبدوره يشير هينريكس الى كل من هونكمان (Honigman) و مارك (Mariq) فيما إذا كان أقليم آشورستان هو نفسه أقليم آشور أم لا. ولكن كما يُشار أعلاه بأن المقاطعة الساسانية كانت تسمى آشور تحديداً. هينريكس ومارك يُظهرون عدم تيقنهم من دقة حدود هذا الأقليم مشيرين إلى أن للمؤرخين الأرمن المعاصرين للفترة الساسانية، كان يُعتبر أقليم آسورستان في المملكة الساسانية إشارة الى آشور أو سوريا 19. جوزيف وهينريك وآخرون يقولون بأنه في اللغة الأرمنية  "آسورستان تعني آشور وآسوري تعني سوريا. ولكن إذا ما أتفقنا مع التعريف الذي قدمه كلُ من هونكمان ومارق والذي يقول بأن آسورستان ربما كانت تعني سوريا، فبهذه الحالة نستخلص بأن كِلا التسميتين آسورستانجي وآسوري ربما كانت تعني السريان. ففي هذه الحالة ماذا ستكون التسمية الأرمنية لكُل من آشور والآشوري؟
الحقيقة هي كما يشير كل من سركون جورج دونابد (Sargon George Donabed) و شميران مَكو (Shamiran Mako): نرى وبسهولة في كل الحالات بأن أي ذكر للآشوري بعد سقوط نينوى عام 612 ق م قد أخطأ علماء التاريخ أو التبسوا بجغرافيتها ، ولكن في الواقع لم تكن بالضرورة تعني الآشورية، بمعنى أنها هوية وثقافة متميزة موروثة من آشور القديمة 20.
في بداية القرن التاسع عشر يقول جين القديس مارتن (Jean Saint-Martin) بأن الأسماء سوريا وسورستان  وآسوريك وآسورسدان.
 يبدو أن جميعها مشتقة من كلمة واحدة تُعين السلطة والقوة 21. على الرغم من أن ما أستخلص اليه القديس مارتن فيما يخص أصل التسمية قد يكون خاطيء، ولكن تجدر الإشارة الى ذكره للتقارب بين التسميات 22.
أخيراً ما يجب أن يوضع بالحسبان في هذا النقاش، هو أن اللغة السريانية في أورهاي (Orhaya/Orhoyo) التي كانت لغة الطقس في الكنائس الأرمنية، في البداية بدأوا بتقليلها بأستخدام قسم من الحروف السريانية. ( آرمان آكوبيان "Arman Akopian" يشير الى أنه تم أستخدام قسم من الحروف السريانية لأنه كان من الصعب إبدال الأبجدية الأرمنية والتي كان عددها 38 حرفاً، بالسريانية التي عددها هو 22 حرفاً)23. كما أنه كان هناك على الأقل مجموعتان من الأرمن، تتحدث أحداهما بلهجة الخربوط (Kharput) والثانية بلهجة أورفا/ أديسا 24. وبالتالي فمن المفترض بأن الأرمن قد أستعاروا مصطلحهم من الآشوريون نفسهم، والذي يذكر بأن مصطلح آسوري (Asori) يعني الآشوريون.
يتبع
المصادر
1. Ibid., P.87.
2. Eugéne Boré, Correspondance et Mémoires d’un voyageur en Orient, II, Paris, 1840.
3. Joseph, The Nestorians and Their Muslim Neighbours, P. 15.
  
4. William Warda, Assyrian Heritage of the Church of the east, Chaldean Church and the Syrian Orthodox Church, http://www.christiansofiraq.com/reply.html [Accessed on 1 April 2011].
5. Edward J Mathews, ‘ A First Glance at the Armenian Prayers attributed to Surp Ep’rem Xorin Asorwoy’ in Roberta     R. Ervine (Ed.), Worship Traditions in Armenia and the Neighboring Christian East, New York, 2006, P. 161.  
6. Ibid., P. 172n.
7. Brigit Anette Olsen, The noun in Biblical Armenia, Berlin, 1999, P.417.
8. Avedis Krikor Sanjian Colophons of Armenian manuscripts, 1301-1480, Cambridge, Massachusetts, 1969, P. 30.
9. Honigman and Mariq, op.cit., P. 49.
10. For example see Agop Jack Hacikyan, Gabriel Basmajian, Edward S. Franchuk and Norhan Ouzounian, The Heritage of Armenian Literature, I, Detroit, 2000, P. 161n.
11. Philonis Judaei, Patrum Ecclesiae Graecorum, Pars II, VII, Lipsiœ, 1830, P.97.
12. Jean Baptist Aucher, EYΣEBIOY TOY IIAMφIΛOY XPONIKA, Venetiis, 1818, PP. 367 and 311.
13. Monatsberichte der Königlich-Preussischen Akademie der Wissenschaften zu Berlin, Berlin, 1870. PP 224n and 239.
14. Robert W. Thomson, Agath’angeghos: History of the Armenians, New York, 1976, P. 467.
15. F. C. Conybeare, J. Rendel Harris and Agnes Smith Lewis, The Story of Ahikar, Cambridge, 1913, PP. 36-37.
16. Joseph,’ Assyria and Syria: Synonyms?’, P. 39.
17. http://translate.google.com/?hl=en hy [ retrieved on 11 April 2011].
18. Wolfhart Heinrichs, “The Modern Assyrians: Name and Nation” in Riccardo Contini (ed.), Semitica, Serta philological Constatino Tsereteli dicata, Torino, 1993, P. 107.
19. Honigman and Maricq, op.cit., P. 41.
20. George Donabed and Shamiran Mako, ‘ Ethno-Cultural and Religious identity of Syrian Orthodox Christians’, Chronos, No. 19, 2009, P. 89.
21. Jean Saint-Martin, Mémoires historiques et géographiques sur l’Arménie, Paris, 1818, P. 276.
22. Académie des inscriptions et belles-letteres, Recueil des historiens des Croisades, Imprimerie Imperiale, Paris, 1869, P. 812.
23. Arman Akopian, ‘Babylon, an Armenian-language Syriac Periodical: Some Remarks on Structure and Language’, The CSSS Symposium “ The Armenian and the Syriac Symbiosis”, University of Toronto, November 14, 2009, P. 1.
24. Ibid., P. 2.

54
ترجمة من كتاب الآشوريون بعد نينوى
المؤلف البلغاري د. راشو دونيف
الجزء الرابع

سـامي هاويـل ـ سدني

لمراجعة المقالات المترجمة السابقة:

الجزء الاول:
http://www.ankawa.com/forum/index.php?topic=691859.0    
الجزء الثاني:
http://www.ankawa.com/forum/index.php/topic,698919.0.html
الجزء الثالث:
http://www.ankawa.com/forum/index.php?topic=699310.0
في هذا الجزء يدحظ المؤلف وبالأدلة، والتي وردت الكثير منها في الأجزاء السابقة، الأدعاءات التي تقول بأن الآشورية هي تسمية أبتكرها وأطلقها أوستن هنري لايارد وغيره من المستشرقين على النساطرة. كما لفت نظري الرسالة التي بعثها البابا بولس الخامس الى الشاه عباس طالبا منه أن يشفق على المسيحيين الآشوريين في بلاد فارس! لقد كان السبب الرئيسي في رسالته هذه هي أن هؤلاء الآشوريين كانوا قد تكثلكوا، وعلى ما يبدو أن أمرهم لم يكن مهم لدى روما ما لم يرتبطوا بها رغم تعرضهم لشتى أنواع الأضطهاد خلال الفترات السابقة. كما أن هناك إشارة واضحة الى كرمليس وإقرار سكانها بأنتمائهم القومي الآشوري عندما كانوا منتمين الى كنيسة المشرق، فهل ياتُرى تغيرت قوميتهم بعد أن أصبحوا تابعين للكنيسة الرومانية؟ المترجم
 
العلاقة بين الأمبراطورية الآشورية وأستمرارية الحضارة (4)

البابا بولس الخامس في رسالته المختصرة بتاريخ 3/11/1612الى الشاه عباس ( Abbahas)، ملك بلاد فارس ، نيابة عن النساطرة بشأن الجزية، قال، "أخص بالذكر هؤلاء الذين يسمون آشوريون أو يعاقبة والساكنين في أصفهان، إذا لم تشفق عليهم بسبب محنتهم فإنهم سيضطرون الى بيع أبنائهم ليتمكنوا من دفع الجزية المفروضة. هذه المسألة المحزنة جداً، والأكثر لأن الآشوريون الآنفوا الذكر فقد رفضوا ومقتوا معتقدهم وأيمانهم القديم وعادوا الى حضن الكنيسة الرومانية المقدسة"(1). كما إن البابا بولس الخامس في رسالته الى شمعون في سنة 1617م، يطلق عليه لقب "بطريرك الآشوريين الشرقيين
(Patriarcha Assyriorum Orientalum)(2) وفي سنة 1619م، كلوّد ديورت  بوربونويس (Claude Duret Bourbonnois)، يشرح بأن السريان المسيحيون هم آشوريون (3). فري (Frye) يشير الى أن
الكرمليون في رسائلهم في أيران في القرن السابع عشر الميلادي أستخدموا مصطلح "اليعاقبة، السريان، الآشوريون الشرقيون، الكلدان، السريان والآشوريون " تقريباً بالتبادل.
وهذا يوحي ويؤكد له بأن "المقولة التي تدعي بأن كلمة آشور كان مصدرها الغربيون في القرن الثامن عشر أو التاسع عشر الميلادي من المؤكد أنها تُعتبر خاطئة" كما أنه يضيف بأن " الرابط بين كلمة آشوريون مع الأمبراطورية الآشورية القديمة من ناحية أُخرى، ربما تم تأكيدها من قبل المبشرين الغربيين، وبعد ذلك تم قبولها بشغف من قبل الكثير من المسيحيين الناطقين بالسريانية "(4).
لقد قيل بأن عالم الآثار الأنكليزي لايارد هو الذي أشاع أسم "الآشوريون" عندما أطلقها على النساطرة. على سبيل المثال، شينر أكتورك (sener Akturk) يؤكد بأن المسيحيين الشرقيين " تبنوا الهوية القومية العلمانية التي صنعها لهم العلمانيين الشرقيين والمبشرين الأوروبيين" وإن " أسطورة الآشوريين يبدو إن عالم الآثار هنري لايارد هو الذي أحياها وروَّج لها عندما أكتشف نينوى عام 1849م(5). جوزيف قال بأن " أسم الآشوريين لم يظهر قبل القرن التاسع عشر الميلادي"وعزى ظهور هذا الأسم الى الأكتشافات الأثرية والمبشرين الغربيين الذين جلبوا هذا الأسم للسكان المحليين ( 6 ).
هذه المزاعم لا يمكن أن تكون صحيحة لأن هناك أدِلة وافرة على أستخدام هذا المصطلح من قبل. حيث تذكر السجلات الكرملية بأن بيترو ديلا فال (pietro della valle) في حزنه على علاقة حب مخيبة للامال، ذهب الى نابلس ومن ثم وَفد الى الأرض المقدسة. وفي سنة 1616 في بغداد "تزوج من معاني جيوريدا (Ma’ani Gioerida) الآشورية أي الكلدانية التي كانت مولودة في ماردين" (7). بيترو ديلا فال يتحدث عن زوجته ويذكر بأنها كانت من "الأمة الآشورية" (Assira di nazione) وأنها كانت "من دم المسيحيين القدماء"  di sangue di cristiani antichissim )  8 )  وعندما سُئل عن قومية زوجته أكد مرة أُخرى " di nazione assira"  9. وفي جنازتها، صرح بيترو ديلا فال مرة أُخرى بأن الست معاني جيوريدا ولدت في آشور (see figure 17) (10).

في سنة 1620م أوبرت لي ماير (Aubert Le mire) أشار الى البطريرك النسطوري بلقب "بطريرك الآشوريين الشرقيين"(Assyriorum Orientalum patriarcha) وأفاد بأن سولاقا عندما تلقى درع التثبيت من البابا أُعطي له لقب "بطريرك الآشوريين الشرقيين" (patriarcha Assyriorum Orientalum).
وهنا تجدر الإشارة الى أن التسمية الآشورية أُطلقت على كِلا هذه الأبرشيات (11). كما إن أبراهام وودهيد (Abraham Woodhead) 1688م عندما يوصف الكنائس الشرقية الأخرى كان يشمل " الكنائس الآشورية، اليعاقبة، الأرمنية، الأقباط الأثيوبيين، الموارنة، والى آخره". أبراهام وودهيد بذكره الكنائس الآشورية قصد بها كِلا الكنيستين النسطورية والكلدانية (12). بينما روبرت ماننك (Robert manning) في سنة 1721م يُعَرّف اليعاقبة كآشوريين: "أحتُفل بالخدمة الإلهية Chaldaick  أو Syriack الفاسدة، بين الموارنة والأقباط والنساطرة والآشوريين أو اليعاقبة"(13).
المؤرخ ورسام الخرائط في القرن السابع عشر جون سبيد  (John Speed) في سنة 1626م قام برسم خارطة الأمبراطورية العثمانية، والتي فيها أيضاً لوّن ما وصفه "بالآشوريون"، علاوة على ذلك، فقد وصف زوجته بأنها منحدرة من سكان المناطق المتعددة الأثنيات في الأمبراطورية التركية (14). لقد سمحت المعلومات التي كانت بالأصل موجودة ليستنتج سبيد بأن الآشوريون عاشوا في الأمبراطورية العثمانية.
في سنة 1714م وُصِف أعضاء في الكنيسة الكلدانية على أنهم كلدان آشوريون (caldeens Assyriens Orientaux)(15). وفي سنة 1736م جون كرين (John Green) يشير الى أن " الزنادقة أو الهراطقة في الشرق (...) لا يسمون باليعاقبة أو النساطرة من الآن فصاعداً، ولكن ببساطة يسمون سريان، كلدان، آشوريون" (16).  أم جوهان أوتر (M Johan Otter) أيضاً في سنة 1737، يشير الى قرية كبيرة أسمها كرمليس (Kiermelis, Caramles/Karamles)
، القريبة من الموصل، سُكنت من قبل الآشوريون (17). أوتر مر عبر هذه القرية في طريقه من الموصل الى بغداد. جيفاليير  (Chevalier) قال بأن أوتر أسمى "النساطرة في كرمليس" بالآشوريون (18). وبعبارة أُخرى، إنه مصطلح أخلاقي. لكنه تجدر الإشارة بأن أوتر أستخدم تسمية الآشوريون بدون الإشارة الى أي أنتماء ديني وتقريباً قبل قرن من الأدعاء بأن الغربيين هم الذين أخترعوها ليسموا بها النساطرة. كرمليس كانت مأهوله بالكامل بالنساطرة (19)، ولم يشير أوتر الى أية مصادر أُخرى بما يتعلق بتسميتهم الآشورية ويُستخلص ببساطة الى أنه أعتمد على ما ذكره له سكانها.
لا يمكن إغفال هذه الأدلة على أساس إن المبشرين تعرفوا على أسم الآشوريون من التوراة (20). السكان المحليون زودوا الرحالة بالمعلومات عن الأرض التي عاشوا عليها. المبشرون والرحالة والباحثون الذين زاروا الأرض المقدسة، وأيضاً كانوا قد تعرفوا على كنعان من التوراة ولكنهم لم يطلقوا على السكان المحليين تسمية الكنعانيين. السمعاني الحق بعمله على الكلدان والنساطرة ثلاثة قوائم للبطاركة، الثانية والتي كانت بالسريانية واللاتينية كانت تحتوي على إشارات الى، مار مارس الآشوري (Mar Mares the Assyrian)، عبديشوع الآشوري (Ebedjesu the Assyrian)، مكيخا Machicha أسقف آشور (Machicha bishop of Assyria)، الياس الذي تعلم على أيدي معلمين في آشورElias who was educated by teachers in Assyria  ، عبديشوع من آشور (Abedjesu of Assyria)(21). جوزيف يتجاهل هذا الدليل على أساس أنه في هذه الإشارة " لا يوجد ضمنياً إشارة الى أنهم أحفاد الآشوريون القدماء"(22). مع ذلك، ليس هناك ضمناً ما يشير الى عكس ذلك. كان السمعاني وغيره من الكتاب من الذين ذكروا " الآشوريون" ملزما للتوضيح ما إذا كانوا أو لا، بأستعمالهم للآشورية قصدوا بأنهم من "أحفاد الآشوريون القدماء"؟ السمعاني أستخدم مصطلحات " الكلدان، الآشوريون, والنساطرة" للإشارة الى نفس الشعب ("Orientalum, quos chaldaos, Assyrios,& Nestorianos appellamus”)(23).
جورج في يانا (George V Yana) نقلاً عن قسطنطين تسيريتيلي (Konstantine Tseretely) و وولفهارت هينريكس (Wolfhart Heinrichs) يذكر:
تسيريتيلي على التحديد يشير الى بعض المراسلات بين ملك جيورجيا إراكلي الثاني (Irakli II) ومار شمعون في سنة 1769م و1770م  والتي فيها يشير مار شمعون الى نفسه "بالجاثاليق الآشوري" والملك يُعَرّف رعية مار شمعون "كآشوريين" الوثائق أعلاه هي مهمة وكبيرة لإنها تعني بأن التسمية الآشورية كانت متداولة قبل وصول المبشرين الأنكليز الى المنطقة وتدل على أن هؤلاء المبشرين لم يكونوا الأوائل من أستخدموا التسمية الآشورية وأرتباطها بالمسيحيين من أبناء كنيسة المشرق. وفي إشارة الى وثائق تسيريتيلي المهمة، هنريكس (heinrichs) يكتب " على أية حال هناك إشارة موحية  الى أن الهوية الآشورية قد يكون لها تاريخ أطول من ما يفترضه هيثيرتو (hitherto)"(24).
سوث كيت (southgate) كما هو مذكور أعلاه، أعطى تقييم متناقض حول أستخدام تسمية اليعاقبة، مع ذلك فقد أستند الى أن السريان في الحقيقة هم آشوريون:
لغتهم المشتركة في منطقة خربوت (Kharput) هي التركية، والتي فيها السريان من آثور وفي العربية حُولت الى آشور، والآثورية في العربية (Syriac, Othoroyo) الى آشوري، الأسم المشترك للسريان(25).
يتبـع
المصــادر
1. A Chronicle of the Carmelites, P. 198.
2.Documenta Relationum S. Sedem Apostolicam et Assyriorum Orientalum seu Chaldaerum Ecclesiam’, Anno IV, Vol. 7, 1899-1900, P. 108.
3. Bourbonnois, op. cit., p. 634.
4. Frye, op. cit., p.34.
5. Şener Aktürk, ‘Perspectives on Assyrian Nationalism’, Sine loco, n.d. [http://www.aina.org/articles/poan.pdf retrieved on 8 october 2010].
6. Joseph, The Nestorians and their Muslim Neighbours, pp. ix and 14.
7. A Chronicle of the Carmelites, p. 234.
8. Pietro Della Valle, Viaggi di pietro Della Valle, Brighton, 1843, p. 398.
9. Ibid., p. 657.
10. Pietro della valle, ‘’ Nell funerale di Sitti Maano Gioerida’’ in Melchiédec Thévenot, Relations de divers voyages curieux, Paris, 1663, p. 17 [reproduced from della Valle’s manuscript].
11. Aubert Le Miré, Politiœ Ecclesiasticœ, Libri IV, Bruxellenti, 1620, pp. 210 and 216.
12. Abraham Woodhead, The Second Treatise of the First Part of Ancient Church-Government, Oxford, 1688, P. 109.
13. Robert Manning, The case stated between the church of rome and the church of England, Sine loco, 1721, P. 329.
14. Publisher George Humble London, 1627, qt http://www.vintage-maps.com/zoomify/temlate.php?zoomifyimage=10891_0.jpg [ accessed on 24 September 2012].
15. Hélyot et al, op. cit., p. 106.
16. Green, op. cit., p. 128.
17. M. Johan Otter, Voyage en Turquie et en perse, I, Paris, 1748, P. 146.
18. Chevalier, op. cit, P. 298.
19. Niehbuhr, op. cit., p. 283.
20. Joseph,’ Assyria and Syria: Synonymous?’, JAAS, 11, 2, 1993, p.41.
21. Assemano, De Catholicis seu patriarchis Chaldœrum et Nestorianorum, p. 267.
22. Joseph, The modern Assyrians of the Middle East, Leiden, 2000, p. 23.
23. Assemano, De Catholicis seu patriarchis Chaldœrum et Nestorianorum, p. 1.
24. George V. Yana (Bebla), ‘Myths vs Reality, JAAS, 14, 3, 2000, p. 79.
25. Southgate, Narrative of a Visit to the Syrian ( Jacobite) Church of Mesopotamia, p. 87.

55
ترجمة من كتاب الآشوريون بعد نينوى
للمؤلف البلغاري د. راشو دونيف
الجزء السادس

سـامي هاويـل ـ سدني

لمراجعة المقالات المترجمة السابقة:

الجزء الاول:
http://www.ankawa.com/forum/index.php?topic=691859.0   
الجزء الثاني:
http://www.ankawa.com/forum/index.php/topic,698919.0.html
الجزء الثالث:
http://www.ankawa.com/forum/index.php?topic=699310.0
الجزء الرابع:
http://www.ankawa.com/forum/index.php/topic,700460.0.html
الجزء الخامس:
http://www.ankawa.com/forum/index.php/topic,702248.0.html

العلاقة بين الأمبراطورية الآشورية وأستمرارية الحضارة (6)
الأستمرارية
أستناداً الى الأب الدومنيكاني ريتور (Rhetore) 1881م، يقول بأن اليعاقبة في بتلس (Bitlis) كانوا يسمونهم الآشوريون القدماء (Eski Assuri ... Ancient Assyrians)1 ، والذي يدل على أن الصلة بين المصطلحين " الآشوريون والسريان " لم تكن قد فُقِدت.
أمهارت ولامسا ( Emhart and Lamsa ) قدموا الملاحظة التالية بخصوص الرابط بين الآشوريين القدماء والمعاصرين:
من الدلائل على أستمراية العرق الآشوري هو أن على الأغلب جميع سكان كردستان وآشور الجنوبية يلتزمون بتذكار سفر يونان النبي المرسل الى العاصمة الآشورية. ومنهم أيضاً اليزيديون  والأكراد يحترمون يونان كنبي. تخليداً لذكراه الآشوريون يصومون ثلاثة أيام متتالية منقطعين عن الطعام وشرب الماء ويقضون أغلب أوقاتهم بالصلاة، ويقدمون الذبائح للرب لإنقاذه أجدادهم، أهل نينوى من العذاب الذي تنبأ به يونان النبي2 .
جويلاوم دي ربروكس (Guilaume De Rubruquis) الذي زار النساطرة المتواجدين في التتار سنة 1253م شاهد بأن " قبل يوم الأحد من الصوم الكبير، يصوم الآشوريون ثلاثة أيام متتالية، ويسمون هذا الصوم ببشارة النبي يونان لأهل نينوى" 3. النساطرة الآشوريون ورثوا هذا الصوم لأكثر من الف سنة وقد تضمنوه في إرسالياتهم التبشيرية الى آسيا. كما أن كنيسة السريان الأوثوذوكس أشارت الى هذا التقليد بالصوم ثلاثة أيام أبتداءً من يوم الأثنين الذي يسبق أحد بداية الصوم الكبير ويسمونه صوم نينوى ( Saumo dninve ). كما إن الكنائس السريانية الكاثوليكية والكلدانية أيضا يلتزمون بهذا التقليد 4.
هينريك يقول، فيما يخص التقاليد الآشورية، بأن مضمون هذه التقاليد من الواضح إنها لم تنتقل جميعها عبر الأجيال إلا في هذه الأيام; لقد كانت هذه التقاليد ميتة ودُفنت لأكثر من 2500 سنة ولكنها عادت الى النور بفضول علماء الآثار". حتى الآن لا نعرف تحديداً متى أختفت هذه التقاليد، أذا كانت قد أختفت جميعها، لا يمكن أن تكون قد أختفت بين ليلة وضُحاها بسبب أنهيار الأمبراطورية. فالكنيسة بالتأكيد لم تكن لتشجع هذه الممارسات التي كانت تعتبر وثنية، على سبيل المثال أكيتو
( أحتفال الربيع)، ولكن المسيحية أحتوت وأمتصت هذه التقاليد والمعتقدات وحولتها الى أشكال مختلفة. إن المعلومات المتوفرة لا تسمح لنا بأن نُعلن بشكل قاطع بأن جميع تقاليد الأمبراطورية الآشورية قد أختفت أو لم يستمر إقامتها بشكل آخر في الكنائس الآشورية 5.
آغا بطرس أكد بأن:
"وصولاً الى إعلان الحرب العظمى، فإن شعوب المقاطعات الستة (النساطرة الآشوريون في هكاري) كانوا يرتدون نفس الملابس التي كان يرتدونها الآشوريون القدماء قبل آلاف السنين. على سبيل المثال، المقاتلين من مقاطعة تياري على يرتدون قبعات خاصة مصنوعة من القطن عالية ومدببة وتنتهي بنوع من الخيوط، كما كان يرتديها المقاتلون الآشوريون القدماء: بينما نرى إن أبناء الباز والمناطق الأُخرى كانوا يضعون نطاق من الحرير حول قبعاتهم، بالضبط مثلما كان يفعل ملوك الآشوريون القدماء" 6.
نذكر مثال آخر على أستمرارية الآشوريون، وهو بقاء أسماء المناطق الجغرافية في اللغة السريانية. كارن رادنار (Karen Radnar) يلاحظ فيما يخص طورعبدين بأن:
السريانية الجبلية (Syriac toroyo)، وهي لهجة آرامية، كانت اللغة السائدة في المنطقة الى وقت متأخر جداً، وإن مختلف أسماء المواقع الجغرافية أستشهد بها لأول مرة في المصادر الآشورية التي تعود الى نهاية الألفية الثانية وبداية الألفية الأولى قبل الميلاد وهي باقية الى اليوم.(...) أسماء أماكن مثل مديات (Midyat)، ماردين (Mardin)، ساور (Savur,,, Sawro)، كيفاخ (Kivakh)، آزاخ (Azakh)، كفرتوثو (Kfartutho) التي كانت تُعرف بالآرامية، كانت مسبقاً موثقة في زمن الآشوريون 7.
وضمن جملة من الأمور يشير رادنر (Radner) الى المواقع الجعرافية التالية على أنها باقية في اللغة السريانية: Matiatu = Midyat, Mardiane = Mardin, Sura = Savur/Saur/Sawro/Sauras 8.
     
الأعتبارات النظرية
جي هجنسون (J.Hutchinson) و A.D. سميث (A.D.Smith) أتفقوا على أن " الهوية العرقية (....) هي العلاقة على مستوى الفرد مع المجموعة التي تربطه معها أواصر الثقافة المشتركة، أي بمعنى أنها الخصائص التي تربطه أو تربطها مع مجموعة معينة 9. وفي نفس المنشور نرى بأن P.R  براس (P.R. Brass) يقتبس من دي فوس (De Vos)، مدعياً بأن الهوية القومية تتألف من الخصائص المشتركة التي يمارسها مجموعة من الناس والتي تميزهم عن المجموعات الأُخرى" 10. في كِلا التعريفين تعتبر الثقافة المختلفة عامل محوري ويشملونها للتعريف عن الأنتماء العرقي.
وبشكل مشابه نرى بوستوك (Bostock) يتفق على أن الهوية العرقية هو شعور الفرد بالأنتماء الى المجموعة الذين يشتركون معه بالثقافة واللغة والدين والأرض 11.
وفي تقييم جوزيف في عمله المنوي، يرى بأن النساطرة كانوا أعضاء في جماعة ثقافية بدلاً من جماعة عرقية، ملتحمين مع بعضهم قومياً تربطهم خصائص اللغة المشتركة، والى القرن التاسع عشر أعضاء ينتمون الى كنيسة واحدة. كما أن نفس التقييم يمكن أن يجري على السريان الأرثوذوكس (اليعاقبة). فهم أيضاً كانوا يشتركون في الأنتماء الى كنيسة واحدة الى أن أختُلقت الكنيسة السريانية الكاثوليكية، والى حد ما كان لهم لغة مشتركة تمكنهم من التواصل مع الآشوريون الشرقيون       (النساطرة والكلدان). إلا أنهم لا يبدون واعيين بأنتمائهم الى الأمة الآشورية، أو حتى الى الأمة السريانية الأرثوذوكسية.
باسيلي نيكيتن (Basilie Nikitine) السفير الروسي في أورميا، في بداية القرن العشرين، لاحظ بأن اليعاقبة ليسوا موحدون قومياً 12.
من المهم التأكيد على التعقيدات اللغوية لطائفة السريان الأورثوذوكس، التي كان لها تركيبة غير متجانسة من حيث اللغة، فلم يكن جميع الآشوريون الغربيون يتحدثون نفس اللغة. ففي غرب نهر الفرات كان السريان الأورثوذوكس يتحدثون بالدرجة الأولى باللغة التركية والأرمنية أيضاً، بينما في الجنوب كانوا يتحدثون بالعربية. وفي طورعبدين أستُخدمت السوريت (Sureyt)، على الرغم من أن بعض أبناء الطائفة كانوا يتحدثون بالكردية. فبالنتيجة كانت وحدة اللغة ضعيفة، بالإضافة الى ذلك فإن السوريت لم تكن بعد متطورة الى لغة الكتابة عندهم، والتي كانت على النقيض من الحالة عند الآشوريون الشرقيون، فقد كانت السوريت لغة الكتابة والأزدهار للأدب القومي.
كورتويس (Courtois) ذكر بأن الرابط المشترك بينهما هو أيمانهم بنفس البطريرك 13 الذي كان يختم المستندات المشتركة؟
وحتى بالنظر الى أن حتى أواخر عام 1934م كان هناك بطريركين، أحدهم في ماردين والآخر على مقربة منه في طورعبدين. لقد أستمر التوتر بين أبرشية طورعبدين المستقلة والبطريركية وصولاً الى عام 1915م وبالتالي على الأقل فيما يخص السريان الأورثوذوكس لم يكن بأستطاعة البطريرك التصرف كقوة مستمدة وحدتها من الهوية. فكما لاحظنا، الوحدة تحت رئاسة بطريرك واحد حدثت لفترات متقطعة; فقد حدثت أنقسامات طيلة الألفية الثانية بعد الميلاد. وبالتالي فإن المؤسسة البطريركية نفسها لم تكن عاملاً ملزماً للسريان الأورثوذوكس وهذا قد فتح الطريق أمام الفكر العلماني لملىء الفراغ.
لقد كان العمل من أجل الوحدة القومية الشغل الشاغل للمفكرين اليعاقبة أمثال نعوم فائق وآشور يوسف، " كلاهما قاما بحملة من أجل النهضة والوحدة (...). نعوم فائق شارك في تأسيس جمعية النهضة (intibah cemiyeti ... society of the awakening) في ديار بكر عام 1908م 14. نعوم فائق دعى السريان ( اليعاقبة والكاثوليك) والآشوريون ( النساطرة والكلدان) للوحدة تحت قضية مشتركة وترك الخلافات الطائفية جانباً: 15
"هدفنا ليس لكي نُظهر كم نحن متعلمين، ولكن من أجل خدمة وطننا (...) أدعو كافة إخوتنا السريان لكي يتوحدوا تحت مظلة واحدة. هؤلاء النساطرة، الكلدان، الموارنة، الكاثوليك، البروتستانت (...) أنني أُذكر هذه المجاميع بأن ماضيهم وعرقهم ودمائهم واجسادهم ولغتهم وأرضهم هي نفسها كما للسريان ... علينا أن نعمل من أجل تمجيد أسم الآشوريون ... هدفنا الأولي هو لتأمين حقوق الآشوريون". 16
دونابد ومكو الذيّن أجريا بحثاً على هوية السريان الأورثوذوكس أكدا بأن:
لقد نصت أبحاثهم على أن الجينات العرقية الآشورية تظهر، عبر كل المعارف الأساسية لتاريخهم وثقافتهم الشفوية والكتابية،  فمن المنطق أن تكون عملية إعادة تقييم وتطوير هذا الأرث الذي تم الاحتفاظ به في العقل الباطن للعديد من اليعاقبة الذين، بمعنى أكثر وضعت الهوية الخاصة بهم على أساس ماضيهم الآشوري. 17
كما أن دونابد ومكو رسموا خطاً مميزا للصلة بين اليعاقبة والنساطرة بماضيهم الآشوري:
في إطار هذه المناقشة ، فالآشورية ملحوضة بوضوح أكثر بين السريان الأورثوذوكس من الخربوط وملاطيا وديار بكر وأورفا وماردين. كونها بعيدة نسبياً عن قلب الأرض الآشورية في نينوى القديمة والتي هي الموصل في عراق اليوم، هؤلاء الناس طوروا أواصر أنتمائهم الرمزية الى ماضيهم الآشوري أكثر من ما كان عليه وضعهم الراهن، بينما هؤلاء الذين يعيشون بجوار نينوى يمكنهم فعل ذلك بسهولة أكبر. ويمكن القول بالمثل للجاليات اليهودية البعيدة عن أورشليم أيضاَ، أو لليونانيين الجاسرة والأناضوليون البعيدين عن أثينا. 18
لقد كان القرن التاسع عشر عصر النهضة القومية للقوميات المنضوية تحت لواء الأمبراطورية العثمانية. فقد أشار دافيسون (Davison) الى:
لقد برز الشعور القومي في الأمبراطورية خلال فترة الثورة الفرنسية. وشق النشاط القومي بعد ذلك طريقة من غرب الأراضي العثمانية الى شرقها، مؤثرا على غالبية الشعوب (...) زمنياً وجغرافياً، وبالترتيب: اليونانيون والصرب والرومانيون والبلغاريون والأرمن والألبان (الأستثناء من الأراضي الجغرافية) والعرب والأكراد. وقد أستغرق وقت أنتشار هذه الأيديولوجية جغرافياً في فترة تتراوح ما بين الربع الأخير من القرن الثامن عشر الى بداية الربع الأول من القرن العشرين. 19
لقد تطور الفكر القومي بين الشعوب الأسلامية متأخرا مقارنة بالشعوب المسيحية، والأتراك كانوا آخر من تطور عندهم هذا الفكر. أما بالنسبة الى النساطرة والسريان الأورثوذوكس فقد كانوا آخر الشعوب المسيحية الذين تأثروا بالشعور القومي وألتزموه، ولكن الآن فقد أنتشر الفكر القومي الآشوري بشكل واسع ، وقد تطورت بقوة المشاعر القومية بين رواده.
مثلما كتب بروباكر (Brubaker) في إشارة الى القومية، في الوقت الذي يصعب فيه تعريف مفهوم الأمة، السؤال عن ما هي الأمة لا يمت بصلة الى الهوية القومية، "وللمناقشة  ضد الفكر الواقعي والواسع حول القومية ليس بالضرورة تقليلاً من شأن الأمم"، وبعبارة أُخرى، الهوية القومية يمكن أن تتواجد مع أو دون موضوعية تعريف الأمة. 20
عندما أندلعت الحرب العالمية الأولى عام 1914م، لقد وجد الآشوريون ( النساطرة ) الفرصة للإستقلال. فقد تم تشجيعهم من قبل الحلفاء مع الوعود بالمساعدة التي لم تحصل أبداً. وبعد مناقشات ومداولات طويلة، أعلن البطريرك الآشوري       (النسطوري) الحرب على تركيا في 10/5/1915. 21 مع أن الظروف التي كان يعيشها الآشوريون أجبرته لإتخاذ هذا القرار. وفي الأوساط الدبلوماسية التركية، كثيرا ما يوصف هذا التصرف بأنه من أعمال التحدي والعداء. مع هذا، ففي ذلك الوقت كانت المذابح قائمة ولم يكن للبطريرك النسطوري أية خيارات تُذكر.

المصادر
1. J. R. P. Duval, Letter du R.P. Rhétoré, pro-préfet de la Mission Dominicaine de Mossoul, Les Mission Catholiques, T.3., Jnavier – Décembre, 1881 , P. 536.
. Emhart and Lamsa, op. cit., P. 22. 2
3. Voyages de Benjamin de Tudelle, de Jean du Cerpin, Du Frére Ascelin et de ses compagnons, De Guillame du Rubriauis. Paris, 1830, P. 366.
4. Macler, op. cit., Paris, 1907, P. 34.
5. Heinrichs, op. cit., P. 99.
6. Petros, op. cit., P. 2.
7.  Karen Radnar,’How to reach the Upper Tigris: the Route through the Tür ‘Abdin’,state Archrues of Assyria Bulletin, XV, 2006, PP. 275-76.
8. Ibid., 289.
 . J. Hutchinson and A. D. Smith, Ethnicity, Oxford, 1996, P. 5. 9
10. P. R. Brass, “Ethnic Groups and Ethnic Identity Formation” in J. Hutchinson and A. D. smith, op. cit., PP. 85-86
11. W. W. Bostock, Alternatives of Ethnicity: immigrants and Aborigines in Anglo-Saxon Australia, Hobart, 1977, P. 1.
12. Nikitin, op. cit., P. 4.
13. Courtois, op. cit., P. 18; For a comprehensive discussion of the Syrian Orthodox identity see Sargon Donabed and Mako, op. cit., PP. 71-113.
14. Aryo Makko, ‘ The Historical Roots of Contemporary Controversies: National Revival & the Assyrian ‘ concept of unity’” , JAAS, 24, 1, 2010.
. Murat Fuat Çikki, Naum Faik ve Süryani RÕnesansi, Istanbul, 2004, P. 7. 15
16. Naum Faik cited by Trigona-Harany, 2008; also see Makko, op. cit., P. 11.
17. Donabed and Mako, op. cit., P. 73.
18. Ibid., P. 75.
19. R. Davison, “Nationalism as an Ottoman Problem and the Ottoman Response” in W. Haddad and W. Ochsenwald. Nationalism in a Non-National State, Columbus, 1977, PP. 25-27.
20. R. Brubaker, Nationalism Reframed, Cambridge, 1996, PP. 14 and 16.
21. Salahi R. Sonyel, The Assyrians of Turkey: Victims of Major Power Policy, Ankara, 2001, P. 92. As documentary evidence Sonyel cites British Archival documents, FO371/15316/E3791: Memorandum by W. J. Childs, FO 22.5.1931.

56
ترجمة من كتاب الآشوريون بعد نينوى
للمؤلف البلغاري د. راشو دونيف
الجزء الخامس

سـامي هاويـل ـ سدني

لمراجعة الأجزاء المترجمة السابقة:

الجزء الاول:
http://www.ankawa.com/forum/index.php?topic=691859.0   
الجزء الثاني:
http://www.ankawa.com/forum/index.php/topic,698919.0.html
الجزء الثالث:
http://www.ankawa.com/forum/index.php?topic=699310.0
الجزء الرابع:
http://www.ankawa.com/forum/index.php/topic,700460.0.html

العلاقة بين الأمبراطورية الآشورية وأستمرارية الحضارة (5)

الآشوريون في المصادر الأرمنية.

علاوة على ذلك، ساوث كيت لاحظ إن:
"في القرية الأرمنية آرآبوت (Arapout)، التي وقفتُ فيها لتناول الفطور، بدأتُ أسأل عن السريان. الناس أبلغوني بأنه كان هناك قرابة المائة عائلة منهم في قرية خربوت، والقرية كانت بالكامل مأهولة بهم. لاحظت بأن الأرمن لم يعرفوهم بالأسم الذي أنا أستخدمته (سريان) ولكنهم كانوا يسمونهم ( آسوري) (Assuri)، مما أدهشني في اللحظة التي تلمست التشابه يبنه وبين الأسم بالأنكليزية "أسيريانس" (Assyrians)، والذي يدعون السريان بأنهم منحدرون منه كونهم أبنائهم مثلما يقولون، من آشور، " الذي خرج من شنعار وذهب اليها ( الى آشور)، وبنى نينوى، ومدينة رحوبوث، وكالخ، وريسن، بين نينوى وكالخ: نفسها مدينة عظيمة"1

يشير يوجين بور (Eugene Bore) ، في سنة 1840م " عندما يُسأل كلداني عن قوميته (milet – nation)، كلداني، أو آشوري (Childam’ or ‘Assori’)". ويضيف بور بأن جيرانهم الأرمن هم من سموهم بهذه التسميات المزدوجة، ففي المناطق الجبلية يسمون كلدان وأيضا يدعون بأنهم آشوريون (Assori)2.
قال جوزيف بأن الأرمن يشيرون الى النساطرة بعبارة (Asori)(الآشوريون)، ولكنهم قصدوا بهذا الأسم ، السريان، لأن كلمة الآشوريون باللغة الأرمنية هي (Asorestantji)3. وليم وردا يرد بشكل مقنع على تأكيدات جوزيف التي يقول فيها بأن آسوري (Asori) لا تعني الآشورية (Assyrian)4. مع ذلك، من المهم أن نناقش الموضوع للتأكد من صلاحية الأطروحة. فعلاً هناك بعض الأدلة على أن "Asori" باللغة الأرمنية ربما تعني السريان، بدلاً من الآشورية. على سبيل المثال، أدوارد جي ماثيوس ( Edward J. Mathews ) ذكر بأن أفرام السرياني، هو معروف في التقاليد الأرمنية ( سرب أبرم آسوري )( Surb Ep’rem Asori )
، ( Surb Ep’rem xorin [Parish Priest] Asorwoy )، و (Surb Eprem Xurin Asorwoy)5. ماثيوس أيضا يذكر بأن لقب أفرام الكامل هو " Xorin Asori " حيث يشير باللاتينية الى جغرافية المقاطعة الرومانية مسمياً أياها "Coele Syria, or Syria Profunda" والتي كان مطرانها يجلس في أنطاكيا 6.
 
فيما يتعلق بعبارة "ستان" (stan) ، بريجيت أنيتّي أولسن (Brigit Anette Olsen) يلاحظ بأن " مختلف الأيرانيون يستخدمون عبارة ستان بعد الكلمة المنتهية بحرف (i) ويستشهد بأسم آسورستان (Asorestan) أي "آشور"، وهي مشتقة من آسوري (Asori)7. في الوقت الذي أشار أفيدس كريكور سانجيان (Avedis Krikor Sanjian) الى أن كلمة آسوريك (Asorik) تتألف من كِلا التسميتين آشوري و سريان، بالإضافة الى ذلك فإن الحرف (k) يُعَبر عن صيغة الجمع في اللغة الأرمنية 8. وفي التفسيرات النحوية فإن العديد من العلماء يرصدون معاني مختلفة لتسمية "آسوري".
إن مصطلح آسورستانياك (Asorestaneayc) يعود أصل أستخدامه الى المؤلفين الأرمن الذين كتبوا عن فترة الحكم الساسانية للإشارة الى سكان المقاطعة الأيرانية آسورستان (Asorestan) " وللدلالة أيضا على أن السكان حرفوا الأسم العرقي آسورستانياك (Asorestneayc) والذي كان أكثر دِقة من التسمية آسوري ( Asori )" 9. لأن الأقليم الجغرافي لآشورستان كان بابل وليس سوريا.
التسمية (Asori / Asorik) تضمن بعض الدراسات، رغم إن بعض الباحثين يعتقدون بأنها تسمية مرادفة لسوريا 10، وهناك التباس على ما يبدو. ففي دراسة تعود للقرن التاسع عشر على نصوص كُتِبت في الفترة ما بين عامي"20 BC – 50 AD وهي تعود الى فيلو الأسكندري (philo of alxandria)، تذكر هذه النصوص بأن آسوريك (Asorik) كانت تسمية مرادفة لسوريا و آسورسدان (Asoresdan) كانت تسمية مرادفة لآشور 11. كما إن دراسة مبكرة أُخرى تعود للقرن التاسع عشر تذكر بأن السريان الذين أطلق عليهم الأرمن أسم آسوريك (Asorik)، في الوقت الذي كان بقية الشعوب تسميهم سورياني (suriani) كما إن الآشوريون كان يطلق عليهم الأرمن أسم آسورسداندجك (Asoresdandjk)12.
ولكن, هناك تقرير قدمته أكاديمية العلوم للديوان الملكي البروسي في برلين عالم 1869م يقول بأن " الأرمن  لهم شكل واحد للتسميتين اليونانيتين واللتان هما Σúριa and Aσσúριa" وآسورستان (Asorestan) تم تعريفها على أنها تعني آشور وسوريا في تفس الوقت 13. كما أن روبرت دبليو ثومسن (Robert W.Thomson) في دراسته عن التاريخ الأرمني "أكاثانكيلو (Agathangelo)" يذكر بأن في أكاثانكيلو آسورستان تعني آشور، و آسوروتس (Asorwots) تعني سوريا، ويضيف بأن في كل رسائل أكاثانكيلو لا تُميّز بين سوريا وآسورستان فيما يخص آشور وسوريا 14.
هناك مصدر آخر يساعد في تقييم هذه المصطلحات أو التسميات، وهو قصة أخيقار الحكيم ( Ahikar / Ahiqar ) العائدة الى القرن الثامن قبل الميلاد، أخيقار الذي كان وزيراً للملك الآشوري سنحاريب وأسرحدون يروي تجربته لأبن أخته. القصة أساساً هي نوع من الحكمة الأدبية، آثارهذه الحكمة تظهر بجلاء في قصص الحكيم أيسوب اليوناني، كما إنها منتشرة في لغات أَخرى، منها اللغة الأرمنية. النسخة الأرمنية التي تعود الى القرن السادس عشر تحدد مكان وجود أخيقار على أنه كان في نينوى وآشور وتسميها بالأرمنية هي " Asorestan ". في الوقت الذي يوصف بأن آشور باللغة الأرمنية تعني آسورستان نرى بأن الكتابة تًشير الى الآشوريون باللغة الأرمنية بتسمية آسورس (Asores)15. هنا نجد من الواضح جداً التقارب بين تسمية آسورس وبين التسميات "آسوري/ آسورك (Asori / Asorik) وإن تسمية آسورك لا يمكن القول بأنها تعني السريان. لقد أبدى جوزيف وجهة نظره في دراسنه الأخيرة ، حيث قال بأن كلمة آسوريك تعني السريان:
" آسوري ( Asori) بصيغتها المفردة تعتبر إشارة الى شخص سرياني، ( آرامي ) مثلما هي الحال عندما نقول  ( Suraya / Soroyo) بينما صيفة الجمع تكون آسورينر (Asoriner). اللغة السريانية           ( الآرامية ) تسمى باللغة الأرمنية "آسوريرن (Asoreren).وكلمة آشور في اللغة الأرمنية تعني آسورستانتس 16". جوزيف يقول بأن البروفيسور الراحل سانجيان (sanjian) في مصادره الأساسية يؤكد. في الواقع يطلق على الآشوريون باللغة الأرمنية المعاصرة (Asorinery) في الوقت الذي يسمون السريان والتي هي آسورينر (Asoriner) وآشور تسمى بالأرمنية المعاصرة آسورستاني (Asorestani).
      ولكن جوزيف لا يشير الى الأمثلة والنماذج الأُخرى التي قد تشير الى أستنتاج مختلف ومنها: الآشورية في اللغة الأرمنية المعاصرة  والتي هي آسوري (Asori)، بينما السريان والتي هي سيرياكان (siriakan) . وسوريا يسمونها والتي هي سيريان (sirian)17.
ويمكن القول بان مصطلح آشور (Assyria) في العصور الأرمنية الحديثة قد حوّر لكي يتلائم من تسمية البلد سوريا، ولكن منذ أن أصبح بالإمكان إسقاط حرف الألف "A" في اللغة الأرمنية لهذا الغرض، فإذاً لماذا لم يظهر هذا سابقاً؟ وبعبارة أُخرى ، يقول جوزيف بأن آشور وسوريا ليست مرادفتين ولم يشرح حتى الآن لماذا الأرمن لم يستنسخوا التسميتين سريان وآشور الموجودة في لغات أُخرى مثل اليونانية والآشورية أو الجيورجية والتي فيها تسمى الآشورية والتي تعني آسورلي (Asureli)، والسريانية والتي تعني سيرييس (Siriis).   
 التسمية تركيا باللغة الأرمنية توركاكان (T’urk’akan)، وأيران تسمى  أيراناكان (Iranakan)، والعرب أو العربية   والتي هي عربكان (Arabakan).
لذا فإن الملحق "كان،Kan" يتماشى مع الملحق في كلمة سيرياكان (Siriakan  ) المذكورة أعلاه. أما الملحق "ك ،K" الموجود في المصطلح (Asorik) أيضا نجده في المصطلح (Parsik) والتي تعني الفارسي. إن كل هذه المتغيرات والتشابكات يقيناً تثير الشكوك في أن مصطلح آسوري "Asori" يعني سريان.
جوزيف يدعو القُراء للإطلاع على مقطع من مقال وولف هارت هينريكس (Wolfhart Heinerichs) فيما يخص التسمية الآشورية.
حيث يذكر هينريكس بأن مصطلح آسورستان (Swrstn) وُجد في قائمة المقاطعات الساسانية "ورد في لغة الأرمن الأيرانيين، ومنذ أن كانت ساليق وقطيسفون تحت إدارة الكنيسة الفارسية أصبحت تعتبر مركز الجاثاليق في سنة 410م، لذا فإنه من غير المستغرب بأن أسم سكان آسورستان (Asorestan)، آلآسوري (The Asori)، أكتسبوا تسمية السريان الشرقيين والسريان بشكل عام" 18. رغم أن المحتوى العام لمقال وولف هارت هينريكس هو إن "الآشورية" هي حديثة المنشأ، فإن هذا التصريح يوحي بأنه إذا كانت تسمية آسوري مرادفة لتسمية السريان في اللغة الأرمنية، فإذا هذه التسمية تعتبر مشتقة أو مأخوذة من تسمية آشورستان. ولذلك فمن المحتمل بأن معنى مصطلح الآشوري تغير الى سرياني ومن ثم الى آشوري.
وبدوره يشير هينريكس الى كل من هونكمان (Honigman) و مارك (Mariq) فيما إذا كان أقليم آشورستان هو نفسه أقليم آشور أم لا. ولكن كما يُشار أعلاه بأن المقاطعة الساسانية كانت تسمى آشور تحديداً. هينريكس ومارك يُظهرون عدم تيقنهم من دقة حدود هذا الأقليم مشيرين إلى أن للمؤرخين الأرمن المعاصرين للفترة الساسانية، كان يُعتبر أقليم آسورستان في المملكة الساسانية إشارة الى آشور أو سوريا 19. جوزيف وهينريك وآخرون يقولون بأنه في اللغة الأرمنية  "آسورستان تعني آشور وآسوري تعني سوريا. ولكن إذا ما أتفقنا مع التعريف الذي قدمه كلُ من هونكمان ومارق والذي يقول بأن آسورستان ربما كانت تعني سوريا، فبهذه الحالة نستخلص بأن كِلا التسميتين آسورستانجي وآسوري ربما كانت تعني السريان. ففي هذه الحالة ماذا ستكون التسمية الأرمنية لكُل من آشور والآشوري؟
الحقيقة هي كما يشير كل من سركون جورج دونابد (Sargon George Donabed) و شميران مَكو (Shamiran Mako): نرى وبسهولة في كل الحالات بأن أي ذكر للآشوري بعد سقوط نينوى عام 612 ق م قد أخطأ علماء التاريخ أو التبسوا بجغرافيتها ، ولكن في الواقع لم تكن بالضرورة تعني الآشورية، بمعنى أنها هوية وثقافة متميزة موروثة من آشور القديمة 20.
في بداية القرن التاسع عشر يقول جين القديس مارتن (Jean Saint-Martin) بأن الأسماء سوريا وسورستان  وآسوريك وآسورسدان.
 يبدو أن جميعها مشتقة من كلمة واحدة تُعين السلطة والقوة 21. على الرغم من أن ما أستخلص اليه القديس مارتن فيما يخص أصل التسمية قد يكون خاطيء، ولكن تجدر الإشارة الى ذكره للتقارب بين التسميات 22.
أخيراً ما يجب أن يوضع بالحسبان في هذا النقاش، هو أن اللغة السريانية في أورهاي (Orhaya/Orhoyo) التي كانت لغة الطقس في الكنائس الأرمنية، في البداية بدأوا بتقليلها بأستخدام قسم من الحروف السريانية. ( آرمان آكوبيان "Arman Akopian" يشير الى أنه تم أستخدام قسم من الحروف السريانية لأنه كان من الصعب إبدال الأبجدية الأرمنية والتي كان عددها 38 حرفاً، بالسريانية التي عددها هو 22 حرفاً)23. كما أنه كان هناك على الأقل مجموعتان من الأرمن، تتحدث أحداهما بلهجة الخربوط (Kharput) والثانية بلهجة أورفا/ أديسا 24. وبالتالي فمن المفترض بأن الأرمن قد أستعاروا مصطلحهم من الآشوريون نفسهم، والذي يذكر بأن مصطلح آسوري (Asori) يعني الآشوريون.
يتبع
المصادر
1. Ibid., P.87.
2. Eugéne Boré, Correspondance et Mémoires d’un voyageur en Orient, II, Paris, 1840.
3. Joseph, The Nestorians and Their Muslim Neighbours, P. 15.
 
4. William Warda, Assyrian Heritage of the Church of the east, Chaldean Church and the Syrian Orthodox Church, http://www.christiansofiraq.com/reply.html [Accessed on 1 April 2011].
5. Edward J Mathews, ‘ A First Glance at the Armenian Prayers attributed to Surp Ep’rem Xorin Asorwoy’ in Roberta     R. Ervine (Ed.), Worship Traditions in Armenia and the Neighboring Christian East, New York, 2006, P. 161.   
6. Ibid., P. 172n.
7. Brigit Anette Olsen, The noun in Biblical Armenia, Berlin, 1999, P.417.
8. Avedis Krikor Sanjian Colophons of Armenian manuscripts, 1301-1480, Cambridge, Massachusetts, 1969, P. 30.
9. Honigman and Mariq, op.cit., P. 49.
10. For example see Agop Jack Hacikyan, Gabriel Basmajian, Edward S. Franchuk and Norhan Ouzounian, The Heritage of Armenian Literature, I, Detroit, 2000, P. 161n.
11. Philonis Judaei, Patrum Ecclesiae Graecorum, Pars II, VII, Lipsiœ, 1830, P.97.
12. Jean Baptist Aucher, EYΣEBIOY TOY IIAMφIΛOY XPONIKA, Venetiis, 1818, PP. 367 and 311.
13. Monatsberichte der Königlich-Preussischen Akademie der Wissenschaften zu Berlin, Berlin, 1870. PP 224n and 239.
14. Robert W. Thomson, Agath’angeghos: History of the Armenians, New York, 1976, P. 467.
15. F. C. Conybeare, J. Rendel Harris and Agnes Smith Lewis, The Story of Ahikar, Cambridge, 1913, PP. 36-37.
16. Joseph,’ Assyria and Syria: Synonyms?’, P. 39.
17. http://translate.google.com/?hl=en hy [ retrieved on 11 April 2011].
18. Wolfhart Heinrichs, “The Modern Assyrians: Name and Nation” in Riccardo Contini (ed.), Semitica, Serta philological Constatino Tsereteli dicata, Torino, 1993, P. 107.
19. Honigman and Maricq, op.cit., P. 41.
20. George Donabed and Shamiran Mako, ‘ Ethno-Cultural and Religious identity of Syrian Orthodox Christians’, Chronos, No. 19, 2009, P. 89.
21. Jean Saint-Martin, Mémoires historiques et géographiques sur l’Arménie, Paris, 1818, P. 276.
22. Académie des inscriptions et belles-letteres, Recueil des historiens des Croisades, Imprimerie Imperiale, Paris, 1869, P. 812.
23. Arman Akopian, ‘Babylon, an Armenian-language Syriac Periodical: Some Remarks on Structure and Language’, The CSSS Symposium “ The Armenian and the Syriac Symbiosis”, University of Toronto, November 14, 2009, P. 1.
24. Ibid., P. 2.

57
رد على السيد حبيب تومي

نشر السيد حبيب تومي مقالاً تحت عنوان (نداء البطريركية الكاثوليكية الكلدانية لمساعدة قرانا ونوم العافية لنواب شعبنا) وفي مستهل التعليقات على المقال رد السيد حبيب تومي على تعليقي متسائلاً ما إذا كنتُ كآشوري أعترف بالقومية الكلدانية أم لا! ولإهمية الموضوع أرتايت لوضعه على شكل مقالة.
أدناه هو رابط مقال السيد حبيب تومي، بالإمكان الأطلاع على التعليقات والردود فيه.
http://www.ankawa.com/forum/index.php/topic,693096.0.html
السيد حبيب تومي المحترم
لا أعلم ماذا كانت الدوافع لكي تورد ( إن ) في ردك لي الذي تزعم إنك مجرد كنت تسأل إن كنتً أنا أعتبر الكلدان أعداءً لي؟
أما عن أعتبار الكلدانية قومية،  رغم أهمية هذا الموضوع بكل ما يشوبه من تعقيدات لكنني سأرد عليك بأختصار وبكل وضوح وصراحة.
بداية أًؤكد لك بأنني مؤمن يقينا من عمق أعماقي بأننا جميعاً ابناء أمة واحدة وقومية واحدة ، وهذه حقيقة لا تشوبها شائبة، مثلما يقول المثل الشعبي ( لكبالا إزلتا لگيب قاشا ). وكوننا أمة واحدة غير مجزئة قومياً  (بل مجزئين طائفياً) فمن الطبيعي جدا أن يكون لنا قضية مصيرية واحدة..
إننا نعلم جيداً بأن هذه الأمة بغض النظر عن كل المعطيات التاريخية التي تؤكد هويتها، دخلت في منعطفات عديدة منذ سقوط كيانها الإداري والسياسي والعسكري عام 612-539 ق م ، وهذه المنعطفات أثرت بشكل سلبي على وجودها وكيانها بصورة مباشرة ، سواءً كانت عوامل خارجية أو صراعات داخلية، وهكذا تعثرت المسيرة القومية لقرون، وفي ظل النهضة القومية في المنطقة فقد برزت لنا شخصيات قومية (إسوةً بالقوميات الأخرى) ووضعت هذه الشخصيات اللبنات الأولى للفكر القومي المعاصر، وليس خافيا على أحد بأن هذه الشخصيات كانت تنتمي الى مختلف طوائفنا سواءً كانت كلدانية أو سريانية أو مشرقية، وقد ألتزمت هذه الطليعة "الآشورية" كهوية جامعة أستناداً الى المعطيات التاريخية الدامغة، فبدأت عجلة المسيرة القومية بالحراك نحو الأمام لتبرز قضيتنا القومية من جديد الى جانب قضايا الشعوب الأخرى في المنطقة، وبما أن القضية القومية يتوارثها الأجيال، ولا يجوز لهم مسّ ثوابتها، كونها ليست ملكاّ لهم، لأنهم يُعتَبرون مرحلة في مسيرتها المقدسة،  لذا ما كان علينا إلا أن نسير على خُطى هؤلاء القادة والمفكرين، مع إجراء الإصلاحات على آلية المسيرة القومية ( المتغيرات) وفقاً لمتطلبات المرحلة، وليس التلاعب بالقضية (الثوابت) لأن كل الحركات القومية لابد أن يكون لها ثوابت ومتغيرات.
من الطبيعي جدا وبحكم الخلافات الكنسية وتعدد التسميات التي أًطلقت على أًمتنا عبر حقب زمنية مختلفة أن نُراعي هذه المسالة، ونحترم مشاعر أبناء أًمتنا بتلاوينهم الكنسية وأعتزازهم بأنتمائهم الى هذه التسميات التي ليست غريبة علينا جميعاً، ولكننا كما ذكرتُ أعلاه بأننا لا نمتلك الحق في المساس بالثوابت القومية والتي تُعتبر الآشورية أولها، ربما يتسائل البعض كيف أصبحت الآشورية أول الثوابت القومية؟
مرة أًخرى لندع كافة المعطيات التاريخية جانباً، فإن الفكر القومي الذي وضعه روادنا الأوائل في العصر الحديث أعتبر الآشورية هوية جامعة لهذه الأمة، فبرزت حركة التحرر القومية كحركة آشورية، وقضيتنا القومية أيضاً تعرف عليها العالم كقضية آشورية، وكل المآسي التي تعاقبت على هذه الأمة في العصر الحديث أخذت طابعاً آشورياً، وشهداء هذه الحركة القومية جميعهم نالوا أكليل الشهادة تحت هذا العنوان الكبير، فيما لم يشهد لا التاريخ الحديث ولا القديم أي حراك قومي لأمتنا تحت التسمية الكلدانية، إلا قبل عقد من السنين (لا يسعنا هنا الخوض في تفاصيل هذا الحراك)، وهذا التوجه القومي الكلداني أيضاً لا يمتلك أدنى حد من المقومات القومية والمتمثلة بالمطاليب القومية المشروعة، وحضرتك تعلم جيدا ما هي المطاليب القومية المشروعة.
لذلك وبالأستناد فقط الى هذا الكم اليسير من الكثير الكثير من المعلومات والدلائل على أنتمائنا القومي الآشوري، وبالرغم من أحترامي الكبير لأبناء أمتنا من المؤمنين بالتسمية الكلدانية، فأنا لا أعتبر كلدان اليوم قومية مستقلة عن القومية الآشورية، وفي نفس الوقت أعتبر التسمية الكلدانية ملكاً لنا لأنها أًطلِقت على فئة من أبناء أُمتنا، نعتز بهم، وهم جزأً مهماً ومكملاً لهذه الأمة العظيمة. لا بل لكي أًزيل الشكوك عند البعض دعني أقول لهم بصريح العبارة ( إذا كان بأمكاننا الحصول على حقوقنا وأستحقاقاتنا القومية المشروعة تحت التسمية الكلدانية، وإذا كان بأمكاننا الحفاظ على قضيتنا القومية ومسيرتها تحت التسمية الكلدانية، وإذا كان بإمكاننا حماية وجودنا القومي اليوم تحت التسمية الكلدانية فأنا سأكون أول كلداني ) ولكن، أخي الكريم، أنا وأنت وجميع المهتمين بالشأن القومي نعلم علم اليقين بأن أستحداث قضيتنا القومية وطرحها بهذا الشكل الغامض والمبعثر على الساحة السياسية يُعتبر بتر لمسيرتنا النضالية، وإقصاء لقضيتنا القومية المشروعة التي رووها أجدادنا بدمائهم الزكية، وإسقاط لكل حقوقنا وأستحقاقاتنا التاريخية، لذا لا يمكن أن أسمح لنفسي ولن يسمح القوميين الداركين لهذه القضية لأنفسهم بالتلاعب بأُسسها وبمقدراتها. لذا فالمسالة ليست بهذه السذاجة ( الأعتراف بالقومية الكلدانية ) فمن أنا لأعترف بقوميات الآخرين؟ وماذا سأُضيف أو أُقلل من شعورهم بالأنتماء إليها؟ فأنا أحترم إرادة أي فرد وأحترم أنتماءه وحرية أختياره، ولكن في نفس الوقت ومن منطلق شعوري العميق بوحدوية أنتمائنا القومي وأهمية الدفاع عن وجودنا المهدد، لن أُفرط لحضة واحدة في الدفاع عن أبناء هذه الأمة، وسوف أعمل بصدق على فضح كل الممارسات الرامية الى الأيقاع بين أبناء الأمة الواحدة، وأستغلال عطف وبساطة الجماهير لأجل مآرب، كنسية كانت أم شخصية أو حزبية.
في النهاية أُؤكد لك بأنني سوف أدعم أي مشروع قومي حقيقي كلداني يُطالب بحقوقنا القومية، فما عليك أو على غيرك إلا أن تدلني عليه، لأنني لم أُصادفه لحد هذه اللحظة.

سامي هاويل
سدني-أستراليا

58
ترجمة من كتاب الآشوريون بعد نينوى
المؤلف البلغاري د. راشو دونيف
الجزء الرابع

سـامي هاويـل ـ سدني

لمراجعة الأجزاء المترجمة السابقة:

الجزء الاول:
http://www.ankawa.com/forum/index.php?topic=691859.0   
الجزء الثاني:
http://www.ankawa.com/forum/index.php/topic,698919.0.html
الجزء الثالث:
http://www.ankawa.com/forum/index.php?topic=699310.0
في هذا الجزء يدحظ المؤلف وبالأدلة، والتي وردت الكثير منها في الأجزاء السابقة، الأدعاءات التي تقول بأن الآشورية هي تسمية أبتكرها وأطلقها أوستن هنري لايارد وغيره من المستشرقين على النساطرة. كما لفت نظري الرسالة التي بعثها البابا بولس الخامس الى الشاه عباس طالبا منه أن يشفق على المسيحيين الآشوريين في بلاد فارس! لقد كان السبب الرئيسي في رسالته هذه هي أن هؤلاء الآشوريين كانوا قد تكثلكوا، وعلى ما يبدو أن أمرهم لم يكن مهم لدى روما ما لم يرتبطوا بها رغم تعرضهم لشتى أنواع الأضطهاد خلال الفترات السابقة. كما أن هناك إشارة واضحة الى كرمليس وإقرار سكانها بأنتمائهم القومي الآشوري عندما كانوا منتمين الى كنيسة المشرق، فهل ياتُرى تغيرت قوميتهم بعد أن أصبحوا تابعين للكنيسة الرومانية؟ المترجم
 
العلاقة بين الأمبراطورية الآشورية وأستمرارية الحضارة (4)

البابا بولس الخامس في رسالته المختصرة بتاريخ 3/11/1612الى الشاه عباس ( Abbahas)، ملك بلاد فارس ، نيابة عن النساطرة بشأن الجزية، قال، "أخص بالذكر هؤلاء الذين يسمون آشوريون أو يعاقبة والساكنين في أصفهان، إذا لم تشفق عليهم بسبب محنتهم فإنهم سيضطرون الى بيع أبنائهم ليتمكنوا من دفع الجزية المفروضة. هذه المسألة المحزنة جداً، والأكثر لأن الآشوريون الآنفوا الذكر فقد رفضوا ومقتوا معتقدهم وأيمانهم القديم وعادوا الى حضن الكنيسة الرومانية المقدسة"(1). كما إن البابا بولس الخامس في رسالته الى شمعون في سنة 1617م، يطلق عليه لقب "بطريرك الآشوريين الشرقيين
(Patriarcha Assyriorum Orientalum)(2) وفي سنة 1619م، كلوّد ديورت  بوربونويس (Claude Duret Bourbonnois)، يشرح بأن السريان المسيحيون هم آشوريون (3). فري (Frye) يشير الى أن
الكرمليون في رسائلهم في أيران في القرن السابع عشر الميلادي أستخدموا مصطلح "اليعاقبة، السريان، الآشوريون الشرقيون، الكلدان، السريان والآشوريون " تقريباً بالتبادل.
وهذا يوحي ويؤكد له بأن "المقولة التي تدعي بأن كلمة آشور كان مصدرها الغربيون في القرن الثامن عشر أو التاسع عشر الميلادي من المؤكد أنها تُعتبر خاطئة" كما أنه يضيف بأن " الرابط بين كلمة آشوريون مع الأمبراطورية الآشورية القديمة من ناحية أُخرى، ربما تم تأكيدها من قبل المبشرين الغربيين، وبعد ذلك تم قبولها بشغف من قبل الكثير من المسيحيين الناطقين بالسريانية "(4).
لقد قيل بأن عالم الآثار الأنكليزي لايارد هو الذي أشاع أسم "الآشوريون" عندما أطلقها على النساطرة. على سبيل المثال، شينر أكتورك (sener Akturk) يؤكد بأن المسيحيين الشرقيين " تبنوا الهوية القومية العلمانية التي صنعها لهم العلمانيين الشرقيين والمبشرين الأوروبيين" وإن " أسطورة الآشوريين يبدو إن عالم الآثار هنري لايارد هو الذي أحياها وروَّج لها عندما أكتشف نينوى عام 1849م(5). جوزيف قال بأن " أسم الآشوريين لم يظهر قبل القرن التاسع عشر الميلادي"وعزى ظهور هذا الأسم الى الأكتشافات الأثرية والمبشرين الغربيين الذين جلبوا هذا الأسم للسكان المحليين ( 6 ).
هذه المزاعم لا يمكن أن تكون صحيحة لأن هناك أدِلة وافرة على أستخدام هذا المصطلح من قبل. حيث تذكر السجلات الكرملية بأن بيترو ديلا فال (pietro della valle) في حزنه على علاقة حب مخيبة للامال، ذهب الى نابلس ومن ثم وَفد الى الأرض المقدسة. وفي سنة 1616 في بغداد "تزوج من معاني جيوريدا (Ma’ani Gioerida) الآشورية أي الكلدانية التي كانت مولودة في ماردين" (7). بيترو ديلا فال يتحدث عن زوجته ويذكر بأنها كانت من "الأمة الآشورية" (Assira di nazione) وأنها كانت "من دم المسيحيين القدماء"  di sangue di cristiani antichissim )  8 )  وعندما سُئل عن قومية زوجته أكد مرة أُخرى " di nazione assira"  9. وفي جنازتها، صرح بيترو ديلا فال مرة أُخرى بأن الست معاني جيوريدا ولدت في آشور (see figure 17) (10).

في سنة 1620م أوبرت لي ماير (Aubert Le mire) أشار الى البطريرك النسطوري بلقب "بطريرك الآشوريين الشرقيين"(Assyriorum Orientalum patriarcha) وأفاد بأن سولاقا عندما تلقى درع التثبيت من البابا أُعطي له لقب "بطريرك الآشوريين الشرقيين" (patriarcha Assyriorum Orientalum).
وهنا تجدر الإشارة الى أن التسمية الآشورية أُطلقت على كِلا هذه الأبرشيات (11). كما إن أبراهام وودهيد (Abraham Woodhead) 1688م عندما يوصف الكنائس الشرقية الأخرى كان يشمل " الكنائس الآشورية، اليعاقبة، الأرمنية، الأقباط الأثيوبيين، الموارنة، والى آخره". أبراهام وودهيد بذكره الكنائس الآشورية قصد بها كِلا الكنيستين النسطورية والكلدانية (12). بينما روبرت ماننك (Robert manning) في سنة 1721م يُعَرّف اليعاقبة كآشوريين: "أحتُفل بالخدمة الإلهية Chaldaick  أو Syriack الفاسدة، بين الموارنة والأقباط والنساطرة والآشوريين أو اليعاقبة"(13).
المؤرخ ورسام الخرائط في القرن السابع عشر جون سبيد  (John Speed) في سنة 1626م قام برسم خارطة الأمبراطورية العثمانية، والتي فيها أيضاً لوّن ما وصفه "بالآشوريون"، علاوة على ذلك، فقد وصف زوجته بأنها منحدرة من سكان المناطق المتعددة الأثنيات في الأمبراطورية التركية (14). لقد سمحت المعلومات التي كانت بالأصل موجودة ليستنتج سبيد بأن الآشوريون عاشوا في الأمبراطورية العثمانية.
في سنة 1714م وُصِف أعضاء في الكنيسة الكلدانية على أنهم كلدان آشوريون (caldeens Assyriens Orientaux)(15). وفي سنة 1736م جون كرين (John Green) يشير الى أن " الزنادقة أو الهراطقة في الشرق (...) لا يسمون باليعاقبة أو النساطرة من الآن فصاعداً، ولكن ببساطة يسمون سريان، كلدان، آشوريون" (16).  أم جوهان أوتر (M Johan Otter) أيضاً في سنة 1737، يشير الى قرية كبيرة أسمها كرمليس (Kiermelis, Caramles/Karamles)
، القريبة من الموصل، سُكنت من قبل الآشوريون (17). أوتر مر عبر هذه القرية في طريقه من الموصل الى بغداد. جيفاليير  (Chevalier) قال بأن أوتر أسمى "النساطرة في كرمليس" بالآشوريون (18). وبعبارة أُخرى، إنه مصطلح أخلاقي. لكنه تجدر الإشارة بأن أوتر أستخدم تسمية الآشوريون بدون الإشارة الى أي أنتماء ديني وتقريباً قبل قرن من الأدعاء بأن الغربيين هم الذين أخترعوها ليسموا بها النساطرة. كرمليس كانت مأهوله بالكامل بالنساطرة (19)، ولم يشير أوتر الى أية مصادر أُخرى بما يتعلق بتسميتهم الآشورية ويُستخلص ببساطة الى أنه أعتمد على ما ذكره له سكانها.
لا يمكن إغفال هذه الأدلة على أساس إن المبشرين تعرفوا على أسم الآشوريون من التوراة (20). السكان المحليون زودوا الرحالة بالمعلومات عن الأرض التي عاشوا عليها. المبشرون والرحالة والباحثون الذين زاروا الأرض المقدسة، وأيضاً كانوا قد تعرفوا على كنعان من التوراة ولكنهم لم يطلقوا على السكان المحليين تسمية الكنعانيين. السمعاني الحق بعمله على الكلدان والنساطرة ثلاثة قوائم للبطاركة، الثانية والتي كانت بالسريانية واللاتينية كانت تحتوي على إشارات الى، مار مارس الآشوري (Mar Mares the Assyrian)، عبديشوع الآشوري (Ebedjesu the Assyrian)، مكيخا Machicha أسقف آشور (Machicha bishop of Assyria)، الياس الذي تعلم على أيدي معلمين في آشورElias who was educated by teachers in Assyria  ، عبديشوع من آشور (Abedjesu of Assyria)(21). جوزيف يتجاهل هذا الدليل على أساس أنه في هذه الإشارة " لا يوجد ضمنياً إشارة الى أنهم أحفاد الآشوريون القدماء"(22). مع ذلك، ليس هناك ضمناً ما يشير الى عكس ذلك. كان السمعاني وغيره من الكتاب من الذين ذكروا " الآشوريون" ملزما للتوضيح ما إذا كانوا أو لا، بأستعمالهم للآشورية قصدوا بأنهم من "أحفاد الآشوريون القدماء"؟ السمعاني أستخدم مصطلحات " الكلدان، الآشوريون, والنساطرة" للإشارة الى نفس الشعب ("Orientalum, quos chaldaos, Assyrios,& Nestorianos appellamus”)(23).
جورج في يانا (George V Yana) نقلاً عن قسطنطين تسيريتيلي (Konstantine Tseretely) و وولفهارت هينريكس (Wolfhart Heinrichs) يذكر:
تسيريتيلي على التحديد يشير الى بعض المراسلات بين ملك جيورجيا إراكلي الثاني (Irakli II) ومار شمعون في سنة 1769م و1770م  والتي فيها يشير مار شمعون الى نفسه "بالجاثاليق الآشوري" والملك يُعَرّف رعية مار شمعون "كآشوريين" الوثائق أعلاه هي مهمة وكبيرة لإنها تعني بأن التسمية الآشورية كانت متداولة قبل وصول المبشرين الأنكليز الى المنطقة وتدل على أن هؤلاء المبشرين لم يكونوا الأوائل من أستخدموا التسمية الآشورية وأرتباطها بالمسيحيين من أبناء كنيسة المشرق. وفي إشارة الى وثائق تسيريتيلي المهمة، هنريكس (heinrichs) يكتب " على أية حال هناك إشارة موحية  الى أن الهوية الآشورية قد يكون لها تاريخ أطول من ما يفترضه هيثيرتو (hitherto)"(24).
سوث كيت (southgate) كما هو مذكور أعلاه، أعطى تقييم متناقض حول أستخدام تسمية اليعاقبة، مع ذلك فقد أستند الى أن السريان في الحقيقة هم آشوريون:
لغتهم المشتركة في منطقة خربوت (Kharput) هي التركية، والتي فيها السريان من آثور وفي العربية حُولت الى آشور، والآثورية في العربية (Syriac, Othoroyo) الى آشوري، الأسم المشترك للسريان(25).
يتبـع
المصــادر
1. A Chronicle of the Carmelites, P. 198.
2.Documenta Relationum S. Sedem Apostolicam et Assyriorum Orientalum seu Chaldaerum Ecclesiam’, Anno IV, Vol. 7, 1899-1900, P. 108.
3. Bourbonnois, op. cit., p. 634.
4. Frye, op. cit., p.34.
5. Şener Aktürk, ‘Perspectives on Assyrian Nationalism’, Sine loco, n.d. [http://www.aina.org/articles/poan.pdf retrieved on 8 october 2010].
6. Joseph, The Nestorians and their Muslim Neighbours, pp. ix and 14.
7. A Chronicle of the Carmelites, p. 234.
8. Pietro Della Valle, Viaggi di pietro Della Valle, Brighton, 1843, p. 398.
9. Ibid., p. 657.
10. Pietro della valle, ‘’ Nell funerale di Sitti Maano Gioerida’’ in Melchiédec Thévenot, Relations de divers voyages curieux, Paris, 1663, p. 17 [reproduced from della Valle’s manuscript].
11. Aubert Le Miré, Politiœ Ecclesiasticœ, Libri IV, Bruxellenti, 1620, pp. 210 and 216.
12. Abraham Woodhead, The Second Treatise of the First Part of Ancient Church-Government, Oxford, 1688, P. 109.
13. Robert Manning, The case stated between the church of rome and the church of England, Sine loco, 1721, P. 329.
14. Publisher George Humble London, 1627, qt http://www.vintage-maps.com/zoomify/temlate.php?zoomifyimage=10891_0.jpg [ accessed on 24 September 2012].
15. Hélyot et al, op. cit., p. 106.
16. Green, op. cit., p. 128.
17. M. Johan Otter, Voyage en Turquie et en perse, I, Paris, 1748, P. 146.
18. Chevalier, op. cit, P. 298.
19. Niehbuhr, op. cit., p. 283.
20. Joseph,’ Assyria and Syria: Synonymous?’, JAAS, 11, 2, 1993, p.41.
21. Assemano, De Catholicis seu patriarchis Chaldœrum et Nestorianorum, p. 267.
22. Joseph, The modern Assyrians of the Middle East, Leiden, 2000, p. 23.
23. Assemano, De Catholicis seu patriarchis Chaldœrum et Nestorianorum, p. 1.
24. George V. Yana (Bebla), ‘Myths vs Reality, JAAS, 14, 3, 2000, p. 79.
25. Southgate, Narrative of a Visit to the Syrian ( Jacobite) Church of Mesopotamia, p. 87.

59
ترجمة من كتاب الآشوريون بعد نينوى
المؤلف البلغاري د. راشو دونيف
الجزء الثالث

سـامي هاويـل ـ سدني

لمراجعة الأجزاء المترجمة السابقة:

الجزء الاول:
http://www.ankawa.com/forum/index.php?topic=691859.0   
الجزء الثاني:
http://www.ankawa.com/forum/index.php/topic,698919.0.html   رابط الجزء الثاني

في هذا الجزء، والأجزاء التالية يظهر بوضوح كيف تشابكت التسميات ، وكيف حُورت الآشورية بحسب لغات الشعوب المجاورة ، وبحسب لغات الرحالة الذين وفدوا الى آشور في فترات مختلفة. المترجم

العلاقة بين الأمبراطورية الآشورية وأستمرارية الحضارة (3)

في الواقع، أبن العبري (Barhebraus) بشخصه أيضاً أستخدم مصطلح آشور في مؤلفه. على سبيل المثال، يشير الى مفريان كريكوريوم (mapherian gregorium) من حلب، يقول أبن العبري، " المفريان الذي وصل الى آشور التقى مع السكان المحليين والأجانب هنا ( مفريان دين ل أتور إزل وإقبَل من كاوويي وبارويي،، مفريان دين إزيل لآتور إقبَل من كاوايي وبارايي)(1)".
 


وفي نفس الفترة أيضاً، في 1264 ميلادية، عندما كان مار أغناطيوس الثالث بطريركاً، روى أبن العبري بأن "آشور كانت في أيدي القوات المغولية (" آتور من يَد خَيلووتي دمنكولايي،،، آتور من يَد خيلاواتا دمنكولايي) (2)".



 كِلا المصطلحين آشوريون وآشور أستمر أستخدامهم من قبل الرحالة أمثال الرحالة البرتغالي المستكشف أنتونيو تينرييرو (Antonio Tenreyro) الذي زار حلب في سنة 1529 ميلادية ووصفها على أنها جزء من آشور
  (Oaleppe em Assyria)(3).  في سنة 1576م، الرحالة نيكولاس دي نيكولاي (Nicolas de Nicolay)   
وصف محافظة أزامي (Azamie) على أنها آشور (4). أستناداً الى بيير دأفيتي (pierre d’Avity) آشور سُمّيت بأزامي من قِبل الأتراك (5).
عندما وصل سولاقا منافس البطريرك النسطوري، الى روما  عام 1551م، ليتلقى درع التثبيت، يشير السجل على أن البابا تلقاه على أنه  "بطريرك آشور"(simon sultakam patriarca di ssiria)(6). بعض الوثائق الأُخرى تشير الى  أن "رئيس الآشوريين" شارك في الأحتفال الخاص بالنار المقدسة في كنيسة القيامة في أورشليم عام 1540 وعام 1555م(7).

في سنة 1629 ميلادية، بالإضافة الى ذلك فقد سُجِل أيضا نفس اللقب (patriarca d’Assiria)، حيث يقول أبديسي (عبديشوع) ((Abdisi / Abdisho, Awdisho "”patriarca de muzale , nell’ Assiria di la dell’ Eufrate(8 )  ستروزي  ( strozzi  ) يشير بأن شمعون سولاقا " عاد الى رعيته حاملاً درع التثبيت كبطريرك تحت لقب بطريرك الآشوريين الشرقيين(9). العديد من المصادر الأُخرى تؤكد هذه المعلومة، على سبيل المثال، وفي سنة 1563 ميلادية الأسقف الدومنيكاني فيليسيانو ننكواردا (Feliciano Ninguarda) يشير الى أوديشو كبطريرك الآشوريين الشرقيين (patriarche Assyriorum Orientalum)(10).

في سنة 1568، برثولماوس ساكي دي بلاتينا  و أونوفريو بانفينيو يذكران بأن النساطرة يعيشون في آشور وفارس وبقية المقاطعات الشرقية ويشيران الى مدينة الموصل كآشور (Ciutate Muzal, quae Assur vocatur)(11).

في سنة 1580 مطران أيكس المستشرق كلبيرتو جينيبرارد (Gilberto Genebrard) يشير الى أوديشو، الذي ذهب الى روما سنة 1662م كبطريرك الآشوريين وللكرسي البطريركي لسولاقا ككرسي الموصل الواقعة في آشور (Muzal in Assiria)(12). في سنة 1585م، سيمونس مايولو (Simonis Maiolo) يشير الى بطريرك كنيسة الآشوريين الشرقيين (De orientalis Ecclesia Assyriorum patriarcha) وللشعب الآشوري (Assyrios)(13).

في سنة 1610 وفي المنشور التاريخي الأسباني (Historia Eclesiastica) يشير الى كل من سولاقا وأوديشو كبطاركة الآشوريين (patriarcha de los Assyrios) وكذلك للأقليم كآشور(14).

وفي سنة 1587م، في تقرير البعثة الى الشرق، المُعد للبابا سكستوس الخامس (Sixtus V)، هناك الكثير من الإشارات الى كِلا آشور والآشوريين "دنخا شمعون بطريرك الأمة الكلدانية في آشور"، " القريب من مدينة آشور"، " أُجبر مع العديد من الآشوريين للعبور الى الهند"، " الكلدان الآشوريون من كَرامد (Karamid)"، " الكلدان الآشوريون الشرقيون"، " الآشوريون المشار اليهم أعلاه (مطران كَرامد، الأخ يعقوب، الأب عبدالله)(15).

تشير دراسة في بداية القرن السابع عشر على أنه في عام 1553م، التقى البابا بكاهن آشوري يعقوبي(Assiro Jacobita) مُرسل من قبل بطريرك أنطاكيا. نفس هذه المعلومة سُجلت في ( Abrege Chronologique de L’historie Ecclesiastique) لسنة 1751م، والتي تقول بأن البابا التقى كاهن آشوري يعقوبي (Jacobite Assyrien) أسمه موسى المارديني (Muse/Musa) ، مُرسل من قبل بطريرك أنطاكيا(16)، لكي يقدم طاعته للكرسي الرسولي(17).

في سنة 1613م أوبرت لي ماير( ( Aubert Le Mire أيضاً يُعرّف موسى المارديني كآشوري يعقوبي (Assyrius Iacobita)(18). هذه الوثائق تُظهر بأن السريان الأرثوذوكس (اليعاقبة) أيضاً أُشير إليهم كآشوريين وليس فقط النساطرة أوالكلدان، قبل ثلاثة قرون كانت تُشير العلاقة بين الآشوريون ومختلف الطوائف الكنسية. موسى المارديني، الذي أصبح فيما بعد أسقفاً، سافر الى أوروبا عِدة مرات لخدمة البطريرك(19).

وفي سنة 1568م، أُجريت دراسة على أطروحته عن  الجنة، موسى برسيفا ( Barsepha) (Kifa)، الذي كان أسقفاً للسريان الأرثوذوكس في القرن التاسع الميلادي (903 - 813) وُصف على أنه آشوري (homo Assyrius). مما لا شك فيه بأن منبع هذه المعلومة كان موسى المارديني بنفسه، الذي كان في روما في خمسينات القرن السادس عشر(20). هنا تجدر الإشارة الى ان المصطلح هو إمِك  (emic). وفي سنة 1562م، عبديشوع الرابع بطريرك الكنيسة الكلدانية البابوية المتحدة، في مهنته الأيمانية يشير الى نفسه كبطريرك الآشوريين الشرقيين، والأهم من ذلك، انه كان يتحدث عن "الآشوريين المسيحيين"(Assyriorum Christianorum)(21).يجب التأكيد على أن الكثير من مصطلح أِمك أستُخدم من قبل موسى المارديني، وهذا كان تعريف شخصي ولم يكن مفروضاً من قبل روما.

  المجمع السنهادوسي الكلداني الذي انعقد في آمد تحت إشراف الياس كان يتضمن رسالة البطريرك المُرسلة الى البابا بولس الخامس. وقد نصت الرسالة على أن عبديشوع رُسِم بطريركاً على الآشوريين من قبل البابا بيوس الرابع(22).

في سنة 1582م، ممثل البطريرك شمعون التاسع في روما مار أيليا هرمزد مطران آمد، أطلق على نفسه لقب "كلداني من آشور" وطلب من الكاردينال كارافا ((Caraffa " بأن أمته لا يجب أن تُسمى نساطرة، بل يجب أن تُسمى الكلدان الشرقيون في آشور الجامعة(23)".

وفي إشارة غريبة الى الآشوريين من قبل جيو توماسو مينادوي (Gio Tomasso Minadoi) في سنة 1594م، في كتابه عن الحرب التركية الفارسية. وفي سنة 1579م، لالا مصطفى باشا القائد في القوات العثمانية، كان في أرضروم ينتظر نهاية الشتاء لإستئناف الحرب. مينادوي يقول بأن لالا مصطفى باشا تفقد قواته في أرضروم. كان في التسلسل الأول " أُناس من بلاد ما بين النهرين"، وبعدهم " الآشوريون والبابليون"، وبعدهم " السريان (Soriani)". الآشوريون والبابليون كانوا من البصرة (Old Teredon)(24). لقد كانت فعلاً قوات لالا مصطفى باشا تحتوي على قطعات من سوريا والعراق وماراش (25) ولكن لم يُعرف الكثير عن التركيبة العرقيه للجيش في تلك الحملة التي وقعت في عهد مراد الثالث.

من الصعب أستخلاص أية أستنتاجات من الإشارة الى الآشوريين من قبل مينادوي، خاصة وإن هذه الإشارة يمكن أن تكون جغرافية، كما إنها ليست واضحة مَن كانوا مِن بلاد ما بين النهرين الذين أشار اليهم إضافة الى الآشوريون والبابليون. مع ذلك فهي إشارة وأستشهاد آخر يضاف الى سلسلة من المراجع والإشارات الى الروابط بين الآشوريون المعاصرون والقدماء، لأنه لا يمكن أغفال بأن مينادوي أشار على وجه التحديد الى الآشوريين عرقياً. على الأقل انه مثال آخر لأستخدام التسمية في وقت أبكر من مصدرها الحديث المُفترض.

يتبـــــــــــــــــــــع....


 . Barhabreus, Chronicon Ecclesiasticum, III, Paris, 1877, P. 758.
2. Ibid., P.750. By locals and foreigners, it is meant Suryoyo and non-Suryoyo.
3. Joseph da Cunha Prochado, PeregrinaçaÕ de fernaÕ Mendes Pinto, Lisboa, 1725, P. 410.
4. Nicolas de Nicolay, Les Navigations peregrinations et voyages, faicts en Turquie, Anvers, 1576, P. 183.
5. Pierre d’Avity, Description general de l’Asie, Paris, 1660, P. 309.
6. Fra Paolo Sarpi, Istoria del Concilio Tridentino, VII, Mendrisio, 1835, P. 328.
7. Fiey, ‘Les pélerinage des Nestorians et Jacobites à Jérusalem’, Cahiers de civilization medieval, 12, 46, June 1969 P. 120.
8. Pietro Soave, Historia del Concilio Tridentino, 2nd edition, sine loco, 1629, PP. 585-86.
9. A Chronicle of the Carmelites, P. 382.
10. Feliciano Ninguarda, Assertio Fidei Catholicœ adversus articulos utriusque conessionis fidei Annœ Burgensis, Venetiis, 1563, P. 68.
11. Bartholomœus Sacci de Platina and Onofrio Panvinio, Historia B. Platine de vitis pontificum Romanorum, Coloniœ, 1568, P. 419.
12. Gilberto Genebrard, Chronographiœ, IV, sine loco, 1580, PP. 458 and 445 respectively.
13. Simonis Maiolo, Historiarum totius orbis, Romaœ, 1585, PP. 385-86.
14. Luis de Urreta, Historia Eclesiastica politica, natural y moral, Valencia, 1610, PP. 585-86.
15. ‘Relatione di quanto ha trattato il vescovo di Sidonia sua mission in Oriente’, op.cit., PP. 325-332.
16. Soave, op.cit., P. 392: “Riceuette anco il Papa un altro Mardeiro, Assiro Iacobita, mandato del Patriarcha Anticheno, a riconescer la Sede Apostolica, & dargli obedienza & far la prosessione della Sede Romana.”
17. Macquer, op.cit., P. 292: “ Le Pape reçut un Jacobite Assyrien appelé Moyse Marden, envoyé per le Patriarche d’ Antioche, pour tender obeisance au Saint Siége apostolique et fait un procession publique de la foi de l’Eglise Romaine.”
18. Aubertus Miraœus, Notitia Episcopatuum Orbis Christiani Libri V, Antverpiœ, 1613, P. 45.
19. Dorothea Weltecke, ‘ The World Chronicle by patriarch Michael the Great (1162-1199): some reflections’, JAAS, 11, 2, 1997, P. 7.
20. Andrea Massio, De Paradiso Commentarius, Antverpiœ, 1569. 3.
21. Documenta Relationum S. Sedem Apostolicam et Assyriorum Orientalum seu Chaldaerum Ecclesiam X: Profession Fidei R. Dom. Abd-Isu IV Patriarchae Chaldaerum’ Bessarione, Anno IV, Vol. 6, 1899-1900, PP. 133 and 135.
22. Green, op. cit., PP. 129-30.
23. Fiey quoted in G. V. yana, op. cit., P. 60.
24. Gio Tommaso Minadoi, Historia della guerra fra Turchi, e Persiani, Venetia, 1594, PP. 26-7.
25. Nicoale Jorga, Osmanah Imparatorluğu Tarihi, trans. Nilüfer Epceli, istanbut, 2005, P. 206.

60
ترجمة من كتاب الآشوريون بعد نينوى للمؤلف البلغاري الدكتور راشو دونيف "الجزء الثاني"

سـامي هاويـل ـ سدني

http://www.ankawa.com/forum/index.php?topic=691859.0    رابط الجزء الأول
 
1-   لقد أضطررت في هذا الجزء لوضع المصادر في نهاية الترجمة وذلك كوني أُلاقي صعوبة في وضع مصادر كل صفحة لوحدها.
2-   الأتابگيين هم من أُصول تركية وكانوا خلفاء للسلجوقيين.
3-   لاحظنا في الجزء السابق كيف أعتبر معاصروا الأمبراطورية السلوقية على أنها مكملة للأمبراطورية الآشورية، هكذا نلاحظ في هذا الجزء كيف كانوا يطلقون على الأمبراطورية الفارسية في بعض الأحيان أسم آشور. وكيف يطلق أفرام الكبير على الأمبراطورية الفارسية لقب " آشور القذرة " كونهم ليسوا مسيحيين. وعلى ما يبدوا أنه تم أستغلال بعض النصوص التوراتية المعادية للآمبراطورية الآشورية ، وأعتبار الآشوريون أعداء اليهود، ولأن اليهود مذكور أنهم شعب الله المختار، بالأضافة الى قدسية التوراة عند المسيحيين فبذلك أعتبروا جزافاً بأن الآشوريين هم من أعداء المسيحية، في الوقت الذي كانوا هم رواد المسيحية وناشري تعاليمها في كل القارة الآسيوية، وطقوسهم أذهلت المسيحيين الغربيين عندما تُرجمت الى اللاتينية، حيث بأعتقادي يعتبرهذا أحد الأسباب الذي جعل الآشوريين غير مهتمين بحضارة أجدادهم وقلص نشاطهم القومي لعصور، في الوقت الذي كرسوا جل طاقاتهم لنشر التعاليم المسيحية ليصنعوا أمبراطورية مسيحية في الشرق، ولحد يومنا هذا فبالرغم من الدور الأيجابي للنهضة القومية الآشورية في القرنين الماضيين لكننا نلتمس بوضوح في مجتمعنا الآشوري بكافة أنتماءاته الكنسية بروداً يصل عند البعض الى حد رفض الاشورية أنطلاقا من تلك المفاهيم الخاطئة، وهذا سببه قلة الوعي القومي والديني في مجتمعنا الآشوري، لذلك يصعب اليوم تعبئة جماهيرنا الآشورية قومياً كون الكثيرين يُعتبرون آشوريين بالوراثة وفي نفس الوقت أنصاف المسيحيين.... المترجم.

العلاقة بين الأمبراطورية الآشورية وأستمرارية الحضارة (2)

خسرو أو كسرى كان ملك للسلالة الساسانية, وكانت عاصمتهم في قطيسفون ، والتي كانت أيضاً مقر الكرسي الجاثاليقي للكنيسة النسطورية. كما أن يوخنا أسقف أفسس(505-585 ميلادية) قد روى هذه الحادثة في كتابه عن تاريخه الكنسي.

"وبالتالي أفسد المدينة التي لا تحصى وأسر الناس وأفرغها من سكانها وترك فيها حماياته وعاد الى أرضه مع غنائم هائلة من الفضة والذهب المسلوبة من سكانها,وكنائسها, ومن جميع المناطق الأخرى المستولى عليها, وسلمها لإيدي الآشوريين، وقعت هذه الحادثة بعد أثنان وسبعون سنة، أكثر أو أقل،بعد الفترة التي أكتُشفت على يد الملك أناستاسيوس"1.

ويعتقد بأن الإشارة الى الآشوريين(آثورايي)2 كانت بالحقيقة إشارة الى الفرس، نظراً لأنه الفرس الساسانيين هم الذين أحتلوا مدينة درعا وميخايل الكبير ( أيضا يُعرف ميخايل السرياني، بطريرك كنيسة السريان الأوثوذوكس (1166-1199)) في مخطوطته يعرفهم على هذا النحو3. كما إن هارون الذي أعقب ميخايل يذكر.

 " أستناداً الى الحقائق بأن الآشوريون في التوراة كانوا أعداء أسرائيل، (أثورايا) أستُخدم كتعبير مجازي يعني أعداء المسيحية. أستخدم هذا المجاز في الكثير من الأحيان يرافقه صور مبنية على نظرة التوراة الى الآشوريين (....)، على سبيل المثال يذكر في ( أيشعيا 34-5 :10) عندما يصف الآشوريون   بأنهم قضيب غضب الله. المعنى المجازي لكلمة ( آثورايا ) أُطلق  خصيصاً على الفرس. كما نلاحظ بأن مار أبرم الكبير ( المتوفي سنة 373) والمعروف على نطاق واسع لدى كافة المؤلفين السريان، حيث يشير الى فارس "كآشور القذرة  أُم الفساد"4.

مع ذلك فقد تواصلت الرابطة بين أقليم معين مع آشور والآشوريين في القرن السادس والسابع مثلما تُظهر أمثلة أُخرى:
(i) في التاريخ السرياني لقرداغ مكتوب( 630-600 م ) أستنادا الى والكر( Walker 2006) "وهي الرواية التي توصفه بأنه منحدر من مملكة الآشوريين(athoraye)"، ويعتبر والده منحدر من عائلة الملك نمرود ووالدته من عائلة الملك سنحاريب (....). وفي وقت لاحق من التاريخ قيل بأن قرداغ كان "مثالياً لآشور (athor)"(....). وأربيل وُصفت "مدينة الآشوريين (athoraye)(...). والكر(Walker) (...) قال إن تنسيب قرداغ الى الآشورية يعود الى حقيقة وقوع مزار هذا القديس في شمال العراق على المعبد الآشوري الجديد.
مار أيشوع عياب الثالث, كاثوليكوس بطريرك كنيسة المشرق (647-657 AD) في رسائله الى مختلف أساقفة أبرشياته يذكر آشور والآشوريين العديد من المرات:

      في رسالته الى مار كوريل:
"ينبغي أن يكون معروفاً هنا وفي وسط آشور والشعب المجاور........"
     رسالته الى رجال الدين لبيت لاباط ( bet lapat)5 في هوزايي (Huzaye):
"لكن قالت أنه يُشرف أن نرى روحياً، مثلما آشور وعيلام متحدتان بجسد واحد"
     رسالته الى الأسقف تيودورس:
"سوف أتأخر عدة أيام لكي أزور هؤلاس الناس المشتتين من آشور الى جانب هذه المنطقة."
     رسالته لمار سركيس أسقف عيلام يقول:
"لقد كتبنا مرتان لإخوتنا خنانيشوع  و إيشوسَوّرن (Isho-sawren)6 وهذا بقانون كلمة الرب. حتى لو لم يرغبوا في القدوم، الآشوريون سوف يحترمونهم"7.

آشور كمنطقة أو أقليم أيضا ذُكرت في مخطوطة أرمنية في القرن السابع الميلادي، حيث تروي هذه المخطوطة بأنه في سنة 636 أحتل العرب " آشور وعرضوا أهلها الى مذابح وأجبروا الكثير من الناس لإعتناق الإسلام"8.
فَيي (Fiey) يشير الى أن نسطورس مطران أربيل، أشترك في المجمع السنهاديقي لطيماثاوس عام 790 ميلادية وقد وقع "كمطران آشور"، وهي المرة الأولى يصادف بها هذا العنوان9. كما إن ميخايل الكبير يشير بهذا اللقب الى بار سهدي      (Bar sahde) رئيس دير مار متي ( Dayro d-mor Matay)، في الموصل، في منتصف القرن الخامس الميلادي حيث يلقبه " مطران دير آشور ونينوى"10.  فََيي يرى بأن هذه المعلومة ليست دقيقة لأنه في القرن الخامس الميلادي لم يكن هناك أُسقف في دير مار متي 11. لكنه من الضروري القول بأن ميخايل الكبير ربط موقع الدير بالإمبراطورية الآشورية. مار متي الذي كان قديساً لكنيسة السريان الأرثوذوكس له عدد من الألقاب (enter alia) متي من آشور. كان أيضا قديساً لكنيسة السريان الكاثوليك 12. وبالمناسبة فإن ميخايل الكبير أشار الى مطران آثور (Ator)، فيما يتعلق بفترة البطريرك أثاناسيوس سندلايا (Athanasius sandalaya) في القرن الثامن الميلادي أيضاً، ويقول بأن أثاناسيوس رسم كريستوفر  (Christophorus) مطراناً لإثور (Ator) 13.
 
http://uploads.ankawa.com/uploads/1379033890671.docx
البطريرك النسطوري المحتفى به طيماثاوس الأول (823-780), في تقديسه يشمل كرسيه في رؤيته كل من "بابل،فارس،وآشور(Assyria)" 14.
أدي شير كتب، بالأستناد الى ميخايل الكبير، بأن اليونانيين كانوا يضطهدون اليعاقبة في النصف الأول من القرن التاسع الميلادي بقولهم لهم "إن مذهبكم السرياني ليست له أهمية ولا كرامة، ولم يكن لكم مملكة، ولا ملك نبيل"، واليعاقبة ردوا عليهم بالقول "حتى لو كانت تسميتنا "سريان" ولكننا بالأصل "آشوريون" وكان لنا العديد من الملوك النبلاء" وسوريا الواقعة الى الغرب من نهر الفرات سكانها يتحدثون باللغة الآرامية, والذين يسمون "بالسريان"، هم جزء من الكل، في الوقت الذي كانت الأجزاء الأُخرى الواقعة الى شرق نهر الفرات, وصولاً الى فارس, كان لهم العديد من الملوك من آشور وبابل وأورهاي ( Edessa) 15.

ميخايل الكبير أيضاً يشير في مخطوطته الى "الكلدان، الآشوريون، السريان" 16، (kaldaye, athuraye,d hinun suryaye في اللهجة الشرقية، و kaldoye,athuroye, d hinun suryoye في اللهجة الغربية)، والتي ليست فقط تُظهر الترادف بين التسمية الآشورية والسريانية ولكن أيضاً تؤكد الروابط بين آشور القديمة والسريان. في حين تجدر الإشارة الى أن أقتباسه أستُخدم هنا ليُظهر مختلف الخيوط التي تربط آشور القديمة بالآشوريين المعاصرين، إن وجهات نظر ميخايل الكبير تعتبر معقدة ومتناقضة. بإختصار, يذكر في سيرته ذو الثلاثة أجزاء:

1- "الآشوريون والذين هم السريان" ( Vol. 1, p. 32);
2- الآشوريون الذين سميوا بالسريان (Vol. 3, p. 446);
3- السريان هؤلاء الذين يتحدثون اللغة الآرامية (Vol. 3, p 78);
4- آرام حكمت الآراميين الذين سماهم اليونانيين سريان (Vol. 3 p 443);
5- لماذا يسمونهم كلدان, حيث كانوا يسمونهم آشوريونVol. 3, p. 443) );
6- الآراميين الذين هم سريان (Vol. 1, p. 16);
7- يسمونهم عامة، كلدان، الأسم القديم، أو الآشوريون، والذي يعني (Athoraye)، سُمي آشور الذي عاش في نينوى (Vol. 1, p.443);
8- السريان الذين هم كلدان ( في النسخة الأرمنية) 17.

في مخطط الأسطورة الدينية التي أوجزها ميخايل الكبير، بأن النبي نوح وَلد شيم الذي وَلد آرام وآشور، ومن آشور نشأ الكلدان. في هذه الخلفية المعقدة، يمكننا أن نستنتج تقارب التسميات. يُقال بأن الآراميين نشأوا من آرام والذين سميوا سريان، وفي مكان آخر يذكر بأن الآشورية والسريانية هي أسماء مرادفة، وحتى السريانية والكلدانية. فمن الصعب الأستنتاج من مدونات ميخايل لأنه لم يكن هناك حدود واضحة بين هذه التسميات.

ميخايل الكبير يشير بالصدفة الى قرية تسمى سامراء، يوصفها بأنها واقعة بين آثور (نينوى) وبابل 18. وهو أيضاً يشير الى الحاكم (atabeg) الأتابگي تحت أسم قطب الدين (Qotb ed-din) الذي توفي عام (1170)، كأمير للموصل وجميع آشور(prince de mossul et de toute Assyrie) 19. النسخة الأرمنية المختصرة من المخطوطة مكتوبة عام 1248 وتحتوي على نفس الأسم واللقب ولكن التاريخ يختلف، 1494 حسب التقويم السرياني و613 من الحقبة الأرمنية ( 1182-83, 1164-7 respectively) 20:
ميخايل الكبير أيضا يشير الى آشور كمنطقة جغرافية، والتي كانت تحت السيطرة الرومانية 21. وللتوضيح، فإن ميخايل الكبير لا يرمز بأي إشارة تربطه بالآشوريين. على أية حال، إنه أستخدم المصطلح مرة واحدة على الأقل بطريقة أزدرائية، عندما لقب حاكم الموصل الأتابگي "بالخنزير الآشوري (an Assyrian pig)" 22.

 الرحالة اليهودي بنيامين من توديلا (Tudela) في القرن الثاني عشر، في روايته يطلق على نينوى أسم "آشور
 (Assur)" أو بالأحرى يؤكد بأن "الموصل هي آشور العظيمة" 23. رغم إن توديلا أخطأ في تحديد مكان آشور التي تقع في جنوب الموصل. كما إن الحاخام بيتاجيا (petachia) أيضا زار الموصل في القرن الثاني عشر الميلادي، والذي
أسماها نينوى الجديدة, أيضاً أشار " من نصيبين وأبعد تمتد أرض آشور" 24. هذين المثالين والعديد من الإشارات الأُخرى لآشور موجودة في مؤلفات ميخايل الكبير بعد أكثر من 1500 سنة على أنهيار الأمبراطورية الآشورية، هي دلالات على الرابط المستمر بين هذا الأقليم مع ماضيه الأمبراطوري.


المصادر
1. The third part of the Ecclesiastic History of John Bishop of Ephesus translated by R. Payne Smith, Oxford University Press, Oxford, 1860, cited in http://www.tertullian.org/fathers/.
2.. Jessie Payne Margoliouth, Extracts from the Ecclesiastical History of John Bishop of Ephesus, Leiden, 1909, P. 99.
3. V. Langlois, Chronique de Michel Le Grand, Paris, 1868, P. 192.
4. Butts, op. cit, P. 3.
5. Bet-Lapat is the Syriac name of the town; also known as Yani Gundi-Shapur in Farsi.
6. i.e. Our Hope Jesus.
7. R. Duval, Patriarche, Liber Epistularum, Louvain, CSCO, 1962, PP. 102 and 106, quoted in Odisho Malko Gewargis, ‘We Are Assyrians’, trans. Youel A Baaba, JAAS, P. 83; My emphasis.
8. Dulaurier, Recherches sur La Chronologie Armeniens’, Paris, 1859, P.226.
9. Jean-Maurice Fiey, Assyrie Chrétinne, I, Beyrouth, 1968, P. 70.
10. Chronique de Michel le Syrien, trans. J.-B. Chabor, II, Paris, 1901, P. 417.
11. Fiey, ‘Les dioceses du Maphrianat syrien, 629-1860’, Le parole D’Orient,5, 2, 1974, P. 374.
12. Fiey, Assyrie Chrétienne, II, Beyrouth, 1968, PP. 759-60.
13. Chronique de Michel le Syrien, III, P. 29.
14. ‘ Documenta Relationum S. Sedem Apostolicam et Assyriorum Orientalum seu Chaldaerum Ecclesiam’, Bessarione, X, Anno IV, Vol. 6, 1899, P 132.
15. Sa Grandeur Mgr. Addai Scher, De La Chaldee Et De L’Assyrie, II, Imprimerie Catholoque, Beyrouth, 1913, P. 750 cited in William Warda, Assyrians from the fall of Nineveh to Present, June 2005, http://www.christiansofiraq.com/facts.html, retrieved on 12 October 2010. [Addai Scher’s cited book was published in Arabic. The page number given as 750 refers to the original publication by Michael the Great. In fact,  Addai’s quotation above is a summary and therefore PP. 748-50 in the original publication Michael the Great or Appendix II, PP. 442-446 in Chronique de Michel Le Syrien, III, Paris, 1905, Have to be consulted for the full context of the comments. The passage quoted above is from the preface of Addai  Scher’s book in Arabic, which is numbered in the Classic Syriac system with Letters, rather than numbers. The exact page of the passage is page ى (h), i.e. Five. After the preface the numbering system is given in Arabic numerals. Page five of the main corpus of the book in not to be confused with page 5 of the preface].
16. Chronique de Michel Le Syrien: Patriarche Jacobite d’Antioche (1166-1199), trans. J.-B. Chabot, I, Paris, 1899, P. 32.
17. Langlois, op. cit., P. 33.
18. Chronique de Michel lw Syrien, III P. 88.
19. Ibid, P. 339.
20.Académie des inscriptions et belles-letters, Recueil des historiens des Croisades, Paris, 1869, P. 372.
21. Langlois, op. cit., P. 88.
22.Chronique de Michel Le Syrien, III P. 261.
23. Benjamin de Tudéle, Voyages de Rabbi Benjamin, trans. J P Baratier, I, Amsterdam, 1734, P. 131.
24. Travels of Rabbi Petachia of Ratisbon, tr. A. Benisch, London, 1856, P. 9.

61











لتحميل الملف على صيغة PDF يرجى الضغط على الرابط التالي:



62
الى كل من يراوده الجنّ الأزرق ليلاّ وتتناوب في احلامه أباليس الفجر ليفيق صباحاً متوهماً بأن الآشوريون قد أُبيدوا عن بكرة أبيهم، أُهدي هذه الترجمة البسيطة.

سامي هاويل
سدني-أستراليا

الأمبراطور البيزنطي الآشوري الأصل ليو الثالث 717-741
[/size]
ليو الثالث الآشوري توج أمبراطوراً للبيزنطينيين بين عاميّ 717م وحتى وفاته سنة 741م، وهو من وضع نهاية لفترة عدم الأستقرار، ودافع بنجاح عن الأمبراطورية ضد الأحتلال الأموي، كما أنه أنهى تبجيل الصور والرموز.
ليو، الذي أسمه الأصلي هو كانون، ولد في مدينة ماراش التركية، بحسب ما ذكره المؤرخ البيزنطي ثيوفانس، والذي قال بأن عائلة كانون أستوطنوا في تراقيا، حيث دخل في خدمة الأمبراطور جستنيان الثاني، عندما كان هذا الأخير يتقدم بأتجاه القسطنطينية على رأس جيش قوامه 15 ألف فارس من بلغاريا وذلك في سنة 705م.
بعد نصر بلوسمنك أُرسل ليو في مهمة دبلوماسية الى ألانيا ولازيكا لتشكيل حلف ضد الأمويين بقيادة الوليد الأول. وقد تم تعيين ليو قائداً للقوات في الأناضول من قبل الأمبراطور أناستاسيوس الثاني، فأنضم ليو الى زميله آرتاباسدوس، ومن ثم بدأوا بالتخطيط لإزاحة الأمبراطور ثيودوسيوس الثالث. وقد تزوج أرتاباسدوس من أنّة أبنة ليو حيث كان ذلك جزءً من الأتفاقية بينهم.

حصار القسطنطينية

دخل ليو الى القسطنطينية في الخامس والعشرين من شهر آذار- مارس عام 717م وأجبر ثيودوسيوس الثالث للتنازل ، وأصبح هو الأمبراطور تحت أسم ليو الثالث. الأمبراطور الجديد واجه مباشرة الحصار العربي الثاني على القسطنطينية والذي حدث في شهر آب من نفس السنة، العرب الأمويين المرسلين من قبل الخليفة سليمان بن عبد الملك، تحت إمرة شقيقه مُسيلمة بن عبد الملك. لقد أستغل العرب فترة الخلاف داخل الأمبراطورية البيزنطية، فتقدموا بقوة تعدادها 80 الى 120 ألف مقاتل يرافقهم أسطول ضخم في البسفور.
أناستاسيوس الثاني كان قد بدأ بالأستعدادات بحذر قبل ذلك بثلاثة أعوام، من جهة أُخرى فقد لعبت المقاومة العنيدة من قبل الأمبراطور ليو الثالث دوراً كبيرا في رد الغزاة. وثمة عامل آخر لعب دوراً بارزاً في هذا النصر للبيزنطينيين وهو أستخدامهم النار اليونانية، كما أن القوات العربية أصبحت فريسة للقوات البلغارية التي وصلت لإنقاذ البيزنطينيين. فقد كان ليو متحالفا مع البلغاريين، ولكن المؤرخ "ثيوفانوس المعترف" لم يؤكد فيما إذا كانوا يخدمون تحت إمرة تيرفال أم خليفته كرميسي البلغاري.
عدم تمكنهم من مقاومة الهجوم البلغاري وإخفاقهم في أختراق حصون القسطنطينية القوية، يُضاف إليها نفاذ إمدادات ومؤونة القوات العربية أضطروا الى فك الحصار في آب من عام 718م. ومن الجدير بالذكر فإن الخليفة سليمان قد توفي في العام الذي سبق فك الحصار، وخليفته عمر الثاني لم يحاول إقامة حصار جديد على القسطنطينية. وقد دام هذا الحصار قرابة سنة كاملة.
وهكذا بعد أن حافظ على الأمبراطورية من الأنقراض، شرع ليو لدعم وجهها الإداري والتي كانت تشوبها الفوضى في السنوات السابقة،ففي سنة 718م قمع تمردا في صقلية وأخر في سنة 719 لأتباع الأمبراطور المخلوع أناستاسيوس الثاني. لقد أمن ليو حدود الأمبراطورية من خلال دعوة المستوطنين السلافيين في المناطق المهجرة وأعاد الكفاءة للجيش. عندما جددت الخلافة الأموية غزواتها ما بين عامي 726 و739م، كجزء من حملات هشام بن عبد الملك، فقد وجه الأمبراطور ليو ضربة بشكل حاسم الى تلك القوات بالأخص في أكروينون سنة 740م. حيث كان قد أستكمل الجهود والترتيبات العسكرية بتحالفه مع الخزر والجيورجيين. وبعد أنتصاره ألتفت ليو الى الداخل وأجرى مجموعة من الأصلاحات المدنية، لعل أهمها كان نظام الضرائب الذي كان قد أصبح عبأً ثقيلاً على الأثرياء، وأهتم بعملية توفير السكن ، كما أنه أهتم بشكل خاص بالأُسر وأعادة بنائها. وطور القانون البحري والقانون الجنائي، لاسيما أستبدال عقوبة تشويه أو بتر الأعضاء الى عقوبة الأعدام في الكثير من الحالات، هذه الأجراءات تجسدت في مدونة جديدة تسمى أكلوكا ( الأختيار) وقد نُشرت في عام 726م. كما أنه أجتمع مع بعض المعارضة وكبار رجال الدين، وقام باجراء بعض التغيير على طراز هياكل البناء في منطقة بحر أيجه.

المروق ( تحطيم المعتقدات التقليدية)

لقد كانت عملية أجراء الأصلاحات التشريعية في المسائل الدينية من الأمور البارزة التي أهتم بها الأمبراطور ليو وعُرف بلقب ( كاسر الأيقونات أو الأصنام ) وعلى ما يبدو وبعد محاولة ناجحة ، فرض المعمودية على كافة اليهود والمونتنست ( المونتنست هي حركة مسيحية بدائية) في الأمبراطورية الرومانية فأصدر في سنة 722م سلسلة من المراسيم ضد عبادة الصور والتماثيل لإنهاء هذا العرف الخطير الذي كان قيد الأستخدام لقرون، وهذه كانت رغبة منه في تحسين الأخلاق العامة، فتلقى الدعم من الطبقة الأرستقراطية الرسمية والكثير من كبار رجال الدين، ولكن في نفس الوقت  عارض هذه المراسيم قسم آخر من رجال الدين من علماء ورهبان بالإضافة الى رفض الشعب القاطن في الأجزاء الغربية من الأمبراطورية الأنصياع لهذه المراسيم. في سنة 727م تم سحق التمرد الذي أندلع في اليونان على أساس ديني من قبل الأسطول الأمبريالي وعلى أثر ذلك أستقال بطريرك القسطنطينية جرمانوس الأول بدلا من قبول المرسوم، فنصب ليو محله البطريرك أناستاسيوس السابع الذي وافق عن طيب خاطر على المرسوم الخاص بمسألة عبادة الصور والرموز، وهكذا قمع الأمبراطور ليو المعارضة العلنية في العاصمة.
في سنة 730-732م وفي شبه الجزيرة الأيطالية  تحدى الباباوات غريغوري الثاني وغريغوري الثالث الأمبراطور نيابة عن مبجلي الصور والتماثيل، مما خلق صراعاً عنيفاً بين الطرفين، فأستُدعيت المجالس في روما وتقرر تحريم ولعن مبجلي الصور والتماثيل. وفي سنة 740م فصل الأمبراطور ليو رعية جنوب أيطاليا عن الباباوات والحقها ببطريرك القسطنطينية، ورافق هذا الصراع أستخدام القوة من قبل المعارضة في رافينا البيزنطية مما اضطر ليو أخيرا لإخضاعها عن طريق إرسال أسطول كبير ولكن الأسطول تعرض الى عاصفة مدمرة جاءت بالضد من مخططه وحالت دون أن يتحقق، وبذلك أصبحت جنوب أيطاليا خاضعة له وتحت سيطرته بينما بقيت رافينا البيزنطية على نفس طقوس عبادة الصور والتماثيل بشكل فعال وأنفصلت كلياً عن الأمبراطورية. في شهر حزيران من عام 741م توفي الأمبراطور ليو إثر إصابته بداء الأستسقاء.      
 



 

63
مذبحة سميل

ستبقى صرخات الشهداء الآشوريين من الأطفال الأبرياء والأمهات الثكالى والشيوخ العزل تدوي في ضمائرنا، وتدفعنا بقوة لنيل حقوقنا القومية المشروعة، والمسؤولية التاريخية اليوم تقع على عاتق التيارات السياسية الآشورية لكي يطالبوا بشكل رسمي وبوضوح من الحكومة العراقية وساستها وقواها السياسية والدينية للإعتراف بهذه الجريمة . ومذبحة سميل الشهيدة هي وصمة عار على جبين العملاء، الملك غازي والنازي رشيد عالي الكيلاني والتركي حكمت سليمان والكردي بكر صدقي وكل الحكومات العراقية المتعاقبة، لحين إعلان الأعتراف الرسمي من قبل الحكومة العراقية بهذه الجريمة البشعة، التي تعتبر أول مذبحة في تاريخ العراق الحديث مخططة ومدبرة من قبل الحكومة العراقية ونفذها الجيش العراقي ضد الآشوريين أصحاب الأرض الأصلاء.

المجد والخلود لشهداء أمتنا الآشورية في عيدهم الثمانين.
والخزي والعار لكل المجرمين القتلة والعملاء المأجورين.

أدناه هي بعض الصور لصحف أسترالية تشير الى مذبحة سميل بعد أيام من وقوعها

سامي هاويل
سدني-أستراليا
 






64
رد على مقال السيد تيري بطرس
[/size]
 
 في أسفل هذا المقال سأضع روابط مقالي الأستاذ آدم دانيال هومه، والسيد تيري بطرس للإطلاع عليهما.
  
 قبل بضعة شهور، ومن على هذا الموقع ( موقع عنكاوة )، وبينما كان الهدوء يسوده، وقعت هزة بدرجة 11.5، كان سببها تراشق الأتهامات بين أعضاء النادي الثقافي الآثوري، متهمين بعضهم البعض بالعمالة للبعث المقبور. وكان الطرفان الرئيسيان فيها كلُ من السيد أبرم شبيرا، وهو الذي أشعل الفتيلة بدون سبب يذكر. والطرف الآخر كان السيد نمرود بيتو السكرتير السابق للحزب الوطني الآشوري الذي تداخل لدحض ما كتبه السيد أبرم شبيرا. وكون السيد تيري بطرس أحد أعضاء الحزب الوطني الآشوري سابقا، فمن الطبيعي أن تميل كفة ميزانه الى سكرتيره السابق، وهذا مؤكد، حيث إن السيد تيري بطرس سبق وأن أكد بأن السيد شبيرا كان أحد مرشحي الأمن في مقالات سابقة له، وتحديدا المقالين المعنونين:

1.     عندما فُصلت من النادي الثقافي الآثوري في بغداد.
2.     عندما تم تحويل النادي الثقافي الآثوري من شهيد الى ميت يطويه النسيان.
 
  ربما يتسائل أحدهم، ما هو سر دفاع السيد تيري بطرس عن السيد أبرم شبيرا في رده مؤخراً على مقال الأستاذ آدم دانيال هومه، فببساطة الجواب يكمن في سببين رئيسيين وهما:
1.     الأسطفافات البهلوانية التي ظهرت مؤخرا. فمن الملاحظ بأن السيد شبيرا قد انقلب على قائده الأوحد سكرتير الحركة الديمقراطية الآشورية السيد يونادم كنا، متراصفا مع زميله السيد خوشابا سولاقا، الذي أصبح خارج صفوف الحركة بعد أن أقصاه سكرتيرها لأسباب أقل ما يُقال عنها أنها لا تمت بصلة الى المصلحة القومية، بل كانت خلافات حزبية، ومن منطلق عدو عدوي صديقي. فقد أصبح السيد شبيرا اليوم في خانة المعادين لسكرتير الحركة، ولهذا من الضروري عند السيد تيري بطرس أن يدافع عنه ضد كل من ينتقده حفاظاً على هذا التحالف الذي سيحقق النصر المبين في إزاحة السيد يونادم كنا عن الساحة السياسية.
2.      لقد كان وقع مقال الأستاذ آدم دانيال هومه مدوياً على كل من ساهم في تشويه معالم الأمة الآشورية، وترنح تحت مؤثرات واقعها الأليم، وبذلك فإن تأنيب الضمير غالباً ما يلعب دوره في هكذا مواقف. اليوم وبعد أن أدرك كل من روّج للتسمية الهجينة بأنها فرقت أكثر مما جمعت، ومزقت أكثر مما وحدت، وأصبح من الصعب عليهم التراجع عنها. لأن عملية التراجع تعني نهاية تاريخهم السياسي والقومي بطريقة مأساوية. لذلك ليس لهم من حلول غير الدفاع المستميت عن هذه التسمية لعل الأيام المقبلة تعطيهم فرصة للإفلات من لعنة التاريخ، الذي لن يرحم من تاجر بمقدسات أُمتنا الآشورية.
    
  لقد بات جلياً، للقاصي والداني، التخبط الفكري لهؤلاء المناضلين في الهواء الطلق. فنقرأ لهم ما يكتبون عن شعبهم، وأُمتهم، ويوم شهيدهم، ورأس سنتهم، وحقوقهم ومقاعدهم وكوتتهم وكراسيهم وووووو...الخ. من دون أن يسموها بالاسم الصريح، فلا تعرف عن أي شعب وأمة يتحدثون. أبربكم  أليست هذه أُم المهازل بعينها؟ بينما نجد هؤلاء الأشاوس  واقفين بالمرصاد ضد كل آشوري قومي شريف يفتخر ويعتز ويتشبث بهويتة الآشورية، وتاريخه العريق. ويمضي قدما على نهج آبائه وأجداده في سبيل نيل حقوقه القومية المشروعة، فيصفونه بالمتعصب، والمتزمت، والحالم، والرجعي وماشابه من أمثال هذه الصفات القميئة التي لاتليق إلا بالانهزاميين الذين يلتاطون وراء الأقوياء، ويرتضون بالواقع الأليم والمزري لشعبهم، ويعملون على تزينه وتسويقه بين الجماهير. أفليس هذا كفراً شنيعا في المفهوم القومي؟ والأنكى من كل هذا نراهم  يمارسون عهرهم الفكري في وضح النهار بدون خجل أو حياء، ويتهمون القوميين الآشوريين، الذي ظلوا متمسكين بجلودهم ولم يبدلوها يوما،  بإثارة مسألة التسميات، في الوقت الذي هم من خلقوا هذا الصراع. وهذا الصراع، اليوم، قائم بينهم وبين أصدقائهم الذين عقدوا معهم اتفاق تركيب التسميات، وقد ابتلى القوميون الحقيقيون بفعلتهم هذه.
 
 من ناحية أُخرى، وفي مستهل رد السيد تيري بطرس على مقال الأستاذ آدم هومه، لا أدري باي مناسبة أقحم الأكراد وحقوقهم ونفيهم ووحدتهم في الموضوع؟ بشكل يوحي للقاريء بأن الأستاذ آدم دانيال هومه قد طالب بإفراغ العراق من العرب والأكراد وغيرهم، وتسليمه بأيدي الآشوريين. وفي هذه الفقرة من مقال السيد تيري بطرس يحاول شرح تجربة الوحدة القومية عند الأكراد ومقارنتها بوحدتنا المزعومة ( وحدة التسميات المركبة) حيث يقول، " لقد عانى الأخوة الكورد هذه الحالة لفترة وجيزة حينما أصر البعض على أعتبار الكورد الفيلية قومية مستقلة سموهم الفيليين، ولكن الحركة القومية الكردية تمكنت من الانتصار وجذب الفيليين الى صفوفهم وهم الشيعة، ليس هذا فحسب بل جذبت هذه الحركة الضاضائيين وهم من العلوية. ولهم مشاكل أكبر ان هناك تقريبا صعوبة بالغة لان يفهم أحدهم الآخر. فهل نتعلم من تجاربهم" أنتهى الأقتباس
  
 نعم، يجب أن نستفاد من تجاربهم، ولكن هل سألت حضرتك نفسك إذا ما كنت قد تعلمت من تجربة الكورد؟
  أنا أقول: بالتأكيد أنك، ومن يسير على مفاهيمك هذه، لم يستفِد البتّة من هذه التجربة، لأن الحركة القومية الكردية لم تُغير أسم الشعب الكردي الى الشعب (الكردفيلضائي) أو (الفيلكردضائي) لكي يحققوا وحدتهم، كما تجنيتم أنتم على خصوصيتنا القومية الآشورية ووضعتموها ببدعتكم هذه في مهب الريح. كما إن الأكراد لا يقبلون تسميتهم بالأكراد بل يسمون أنفسهم بالكورد، وها أنت في مقالاتك تحترم إرادتهم هذه، في الوقت الذي تتهم من يتمسك بهويته الآشورية بشتى التُهم.
  
 أما عن ربطك نهج الأستاذ آدم دانيال هومه والذي هو نهج كافة رواد الحركة القومية الآشورية الحقيقيين بنهج أحد دعاة الكلدانية، فهذا يعتبر معادلة مقلوبة ومضحكة ومبكية في نفس الوقت. كان الأجدر بك أن تقارن أوجه التشابه بينك وبين السيد حبيب تومي، فانتما الأثنان تعملان على طمس الهوية الآشورية وكلُ على طريقته الخاصة.
  
 أخي العزيز!
  
 أنظر كيف وصل الحال بك لتوصف تصرف البطريرك الراحل مار أيشاي شمعون الذي ذكره الأستاذ آدم هومه في مقاله، بالتصرف المتهور. كل هذا مجرد محاولة للدفاع عن مشروعكم التسموي التدميري بحجة الوحدة، هذه الوحدة التي فرقتنا أكثر وشتتت شملنا بشكل مخيف.
  
  إننا نحترم مشاعر أخوتنا من الكلدان والسريان، ولم نفرض يوما على أحدهم الآشورية ، ولكن كل ما نفعله هو ذكر الحقائق التي تؤكد بأننا أُمة واحدة غير مجزئة الى قوميات مختلفة، وهذه الأمة لها مسيرتها الطويلة وحقوقها المشروعة التي يحاول الغريب النيل منها، وقلناها مرارا بأن من يؤمن بأنه كلداني أو سرياني ليس بغريب علينا وليس لنا الحق لكي نفرض عليه أية تسمية، وسنقف بصدق وإخلاص معه لكي يحقق أهدافة إذا كانت أهداف قومية، لآنه بذلك يحقق أهدافنا، لأننا أُمة واحدة لا يفصلها فاصل سوى التسميات التي أُطلقت علينا في فترات مختلفة. وعندما نتشبث بالهوية الآشورية فذلك لأننا نؤمن يقينا بأننا نُكمل مسيرة أجدادنا من كل الطوائف. المسيرة القومية التي رووها بدمائهم الزكية. وهناك أستحقاقات تاريخية لا يمكن الحصول عليها تحت مسميات حديثة على العمل السياسي القومي. ولسنا بصدد فرض الآشورية على أحد. وفي نفس الوقت نُطالب أخوتنا من الذين هم مؤمنون بالكلدانية والسريانية أن يقفوا معنا، لأن الحقوق التي سنحصل عليها كآشوريين هي حقوقهم بدون زيادة أو نقصان. وبوقفتنا مع بعضنا البعض، بصدق، سنحقق التقارب الذي سيقودنا الى الوحدة الحقيقية. وليس كا فعل سياسيونا وروجتم لها أنتم، بحيث نرى بأن كافة النُشطاء من الكلدان والسريان يعانون من مؤامرة التهميش والألتفاف على معتقداتهم باستخدام التسمية المركبة. وهكذا أشتدت الفرقة بيننا لتصل اليوم الى درجة إننا أصبحنا قوميات مختلفة. واليوم نتساءل بإلحاح: أين هي، ياترى، قضيتنا القومية على أرض الوطن؟ أليس السبب الرئيس في ضياعها هو تشويه هويتها الآشورية بتركيب التسميات؟ ألا تكفيكم النتائج المأساوية التي لحقت بالقضية الآشورية وأقصتها من مسرح المعترك السياسي بعد ترويجكم لهذه التسمية الوحدوية على حد مزاعمكم؟ ومن ثم أين هي الوحدة التي تتغنون بها؟  

أخي الكريم!

بتاريخ 10/6/2005 وفي رد لحضرتك على الكاتب والناشط الآشوري الأخ آشور كوركيس، أقتبس منه، حيث تقول:

" الأستاذ آشور كوركيس، لا أعتقد ان الأستاذ زيا نمرود كانون سيخالفك أو انني ساخالفك، ان اله الآشوريين أو أحد أكبر الهتهم كان أسمه آشور، فهذه النقطة نحن متفقون عليها، المختلف عليه هو أننا عرفنا نفسنا بلغتنا السورث القديمة أي السبريتا والسواديتا باسم أتورايي وهناك تراكم ثقافي سياسي تحت هذه المسمية، سواء كانت صح أم خطأ، لنترك هذا الجدال، كما ان شعبنا الأشوري أو القسم الذي يؤمن انه اشوري مجزء في بلدان العالم، ان القيام بتغيير حرف من هذا الأسم آتورايا وجعلها اشورايا لن يرسخ حقوقنا ولا سيزيد من مقدار هذه الحقوق، كما ان التسمية اتورايا تعني مدلول ورثة الحضارة الآشورية ولا تخالف ما تريدون ان تقولوه أي انها تثبت هذه الوراثة،اذا ما الداعي لتغيير هذه الحرف وبتغيير هذا الحرف سنعاني مستقبلا الكثير من مخاطر الأنقسام والتنابذ والتحارب، وهل أسماء الأمم رخيصة الى هذا الحد ، لكي يقوم كل مجتهد بتغييرها حسبما يشاء وينشرها ويستعملها، الا توجد للأمم مرجعيات لقيام بالتغييرات المطلوبة، لماذا يحاول البعض أسترخاصنا كشعب وكتسمية وكرموز قومية؟ان ادارة الأمور القومية لا تدار أستاذي العزبز بايديولوجيات، بل بالقدرات هل حاول مروجي هذه التسمية وبهذا الشكل ترسيخ حقوقنا او زيادتها او اي امر قابل للتطوير هل ان خلافهم الوحيد هو مع تسمية اتورايا هل هذه التسمية هي العائق.
انظر استاذي العزيز الى واقع شعبنا وما سيفرزه استحداث تسميات، هل شعبنا هو تحت سيطرتنا من الناحية القانونية لكي نفرض عليه تسمية جديدة"
أنتهى الأقتباس

وفي فقرة من مقال آخر لك بتاريخ 8/6/2005 تحت عنوان "وهو لكذلك حقاً!" تقول:

"ان السادة المنوه عنهم اعلاه ليسوا باكثر من تجار القومانية، فالأمة المبتلية بتعددية التسمية بحاجة لحل الأشكالية وليست بحاجة لتسمية جديدة، واشورايا ( بالسورث) هي تسمية جديدة وبدعة جديدة واشكالية جديدة ، انها ليست حلا بل محاولة لاستحالة ايجاد حل، فمن لا يتفق مع الاسم اتورايا (بالسورث) لن يتفق مع اشورايا (بالسورث)، انه استرخاص الامة وتاريخها وذاكرتها، فنحن لحد الان لا ندري من اين اتونا بهذه التسمية المقززة فعلا،فهي مقززة لانها تفرض علينا كامر واقع من خلال استعمالها في وسائل الاعلام، وهي مقززة فعلا لانه لم يجري الحوار بشانها ولم يعلمنا احد كيف فرضت على الامة، انها مقززة فعلا لان هذه التسمية تشعرنا بالاهانة، باهانة ان الامة مستباحة لكل من يريد ان يفرض اي شيء يريده، دون ان يسأل عن ماهية ما يفرضه وفائدته او ضرره، وهذه هي احد اوجه حربنا المستمرة منذ امد مع الاخرين، اننا نريد لشعبنا مرجعية معينة تحدد الامور، والاخرين يريدون شعبنا ساحة مستباحة لما تتفتق عنه اذهانهم". أنتهى الأقتباس

فمن ياتُرى أستباح مقدرات الأمة الآشورية؟

 ثم تُضيف وتكتب،

" يقال ان اشورايا اصح من اتورايا، ولم يطلعنا احد على وثيقة رسمية او كتاب او رقيم، في الوقت الذي لنا الالاف من الكتب ومئات الالاف من المقالات التي تذكر التسمية (اتورايا)، ابتداء من سفر ايشعيا وامثال احيقار الحكيم ولحد الان. اما اذا كان للاخوة من مؤيدي هذه التسمية المبتدعة من تحليلات او اكتشافات اخرى تؤيد وجهة نظرهم فليزودوننا بها، هذا اذا كان الامر يستحق اساسا نشر هذه التسمية اللقيطة، لانها لن تضيف شيئا، الا زيادة معاناتنا وانقساماتنا".

ومن ثم تسترسل قائلا:

" اي شعب من الشعوب المجاورة لنا سيقبل بتغيير حرف من حروف اسمه، حاولوا ان تقولوا او ان تنشروا العرب ب الالف اي ارب، او الاكراد ب الاغراد او اي حرف اخر، هل سيقبلوها؟ حاولوا ان تنادوا اشور بعاشور، بماذا سيجيبكم، هل سيقبل؟ الن يعتبر العرب والاكراد واشور المسألة اهانة شخصية؟". أنتهى الأقتباس

إقرا ما كتبته أعلاه دفاعاً عن أثورايا ضد آشورايا والتي لا فرق بينهما، ولا أحد يتحسس من آشورايا بالشكل التي وصفته أنت، لا بل بالرغم من أنها تدل على نفس الأمة والتاريخ والقضية، فإن آشورايا هي الأصح ، لأنك لو قضيت عمرك، أطاله الله، في البحث بين الرقيمات والألواح التي تعج بها متاحف العالم فلن تجد كلمة آتور على أحدها. كما أنك لن تجد أرضا أسمها آتور، في الوقت الذي ترد كلمة آشور على الآلاف من هذه الألواح، وآشور أيضا كانت منطقة جغرافية معروفة منذ زمن الأمبراطورية الآشورية والى يومنا هذا، أليس هذا دليلاً على أحقيتها؟ أما ما كُتب في التوراة وما ذكره المؤرخون أستنادا الى لهجات الأمبراطوريات المتعاقبة على آشور، فنعم هناك ذكر لآتور الى جانب ذكر آشور، ولكن عليك العودة الى المصدر الرئيس لصاحب الشأن بهذا الصدد. ومن ثم كلمة (Assyrian) كلنا على دراية بأن أصل هذه التسمية مأخوذ من اللفظ اليوناني، وبما أن اليونانيون لا يوجد لديهم حرف (الشين) لذا أطلقوا علينا هذه التسمية مما يدل على أن آشورايا هي التسمية الصحيحة، لأنه لو كانت آتورايا لكانوا قد سمونا (Atourian) لأن أبجديتهم تحتوي على حرف (التاء) أو (الثاء)، مع ذلك فلا أرى أية إشكالية في أستخدام أي منهما.
  
 ومن ثم إذا كانت ردة فعلك قوية بهذا الشكل بخصوص تغيير حرف واحد من التاء الى الشين، فكيف تقبل بالتسمية المركبة القِطارية؟ أليست هذه مفارقة عجيبة غريبة!!
  
 أخي الكريم!
  
 أين كان حرصك القومي عندما كان بدنك يتقزز من آشورايا؟ وكيف أستطعت أن تنعت آشورايا بالتسمية اللقيطة؟.
  
 وبعد كل هذا تأتي اليوم لتتهجم على أحد القوميين الآشوريين بحجم الأستاذ آدم هومه مجرد لأنه صحح مغالطات السيد أبرم شبيرا. والأدهى من هذا كله تأتي في نهاية مقالك لتشكك في أمتلاكه الحقيقة الآشورية؟ إن هذا يؤكد، يقيناً، بانك تشك في حقيقة آشوريتك. ولهذا أسمح لي أن أقول لك:  فعلاً إنك آشوري بالوراثة، لأنك وُلدت وترعرعت في عائلة كريمة التي أكُن لها كل الأحترام والتقديرعلى أنك آشوريا، ولكنك بقيت آشوريا بالوراثة ولست آشوريا بالفكر. وهذه ليست مشكلتك لوحدك، فاليوم كثيرون هم الآشوريون بالوراثة وقليلون هم الآشوريون بالفكر والإدراك. لذا، أخي الكريم، دعوا هؤلاء ليصونوا كرامة الأمة الآشورية وينقذوها من هذا المأزق الذي أوقعتموها فيه. أما أنتم فلن يخدمكم شيئاً سوى الأعتذار من هذه الأمة، وأتمنى أن تكونوا أهلاً له.

http://www.ankawa.com/forum/index.php/topic,682185.0.html
أعلاه هو رابط مقال الأستاذ والأديب آدم دانيال هومه.

http://www.ankawa.com/forum/index.php/topic,682342.0.html
أعلاه هو رابط مقال السيد تيري بطرس


سامي هاويل
سدني - أستراليا
[/size]

65
أولوية القضية على الوحدة

بداية أود التوضيح بأنني عندما أتطرق الى المسألة القومية في إطارها الآشوري المشروع لا أنطلق من أنتمائي الكنسي أو العشائري كما يفعل دُعاة القومية الحديثي العهد, ولم أكن يوما لأفكر في عملية فرض تسمية كما يراها ويروج لها هذا البعض, لأنني لا أنظر الى الآشورية كتسمية, بل أُدركها كهوية ومسيرة متكاملة تحمل كل مفاصل ومقومات القضية المشروعة المعمدة بدماء الشهداء, ومعروفة على نطاق واسع كونها مطروحة في محافل دولية منذ بدايات القرن المنصرم, بالإضافة الى الأرث الهائل من الأدبيات والوثائق التي تركها اجدادنا بمختلف أنتماءاتهم الكنسية في هذا المجال الى جانب كل المكتشفات التاريخية ونتاجات البحوث التي قدمها كافة الخبراء الأجانب في هذا الشأن. وأنا مؤمن بأن قضايا الأمم تتوارثها الأجيال ويتحتم عليها صيانتها ورفدها بالفكر النير والأيمان المطلق بمشروعيتها, ولا يجوز المساس بثوابتها تحت أي ظرف كان, لأن ذلك يعتبر بتر للمسيرة وإسقاط للحق التاريخي وإضاعة لكل التضحيات التي قُدمت قرباناً على مذبح تلك الأمم المقدس. ولكن الفكر القومي الآشوري في هذه الأيام حوصر في أُطر ضيقة وزُج به في صراع عقيم أفقده صورته الحقيقية,  فأختُزلت الآشورية لتكون طرف في الجدل الدائر بعد أن كانت الهوية القومية الجامعة لهذه الأمة, لذا أجد نفسي وكما يفعل كل الخيرين من أبناء أُمتنا الآشورية مضطراُ للدفاع عن مشروعيتها منطلقاُ من مبدأ يجعلني أشعر بأني لا أملك فيها أكثر مما يملكه بقية أبناء أُمتي أي كان معتقدهم الديني وأنتمائهم الكنسي, ولا أُزايد في آشوريتي على الآخرين كما يدعي بعضهم زوراً وبهتاناً ويستخدموها كذريعة لتمرير مشاريعهم الخطيرة, بل أنني أكن لهم الأحترام عندما أدعي بأننا جميعاُ أبناء الأمة الآشورية, ولم يخطر ببالي يوماً لألغي بها أيمان ومعتقد الآخرين, كون الآشورية ليست ملكاً لي بل أنني أشعر في عمق أعماقي بأنني خادم لها ولأمتي التي أُقدسها. فإذا كان هناك من لا يشعروا بالأنتماء إليها فما جدوى الوحدة مع هؤلاء؟   
وبالعودة للبدء بالدخول في موضوع المقال هذا أقول, في اليوم الأول الذي مزق أنشقاق كنيسة المشرق جسد الأمة الآشورية, وُلد خطاب الوحدة, ويبدو أنه في هذا الزمن قد شاخ, لا بل عندما تتناوله اليوم بعض الأقلام المزاجية بمفاهيم هلامية نشعر أنه قد أُصيب هذا الخطاب بالخرف.
 يستحيل أن يقف ضد الوحدة من يدعي الحب والحرص على أمته, ومن يفعل ذلك فهو لا يمتلك صفات القومي الحقيقي, ويخلو كيانه من المشاعر الصادقة تجاه أمته, فمن المؤكد أنه ينطلق من مصالحه الخاصة أو قد يكون عميلاً يعمل لصالح الغرباء, أو أنه لا يُدرك المسار الذي هو فيه كونه تبعية ينفذ ما يُمليه عليه البعض في هذا النحو.
لكي أُبدي رأيي المتواضع في الوحدة الحقيقية لابد من النظر الى الموضوع بحرص ومسؤولية كونه يخص مستقبل أمة بأكملها, فالوحدة هو شأن مؤسساتي بحت لأننا أمة واحدة , ووحدوية أمتنا التي أؤمن بها يقينا لا تحتاج الى توحيد, فالوحدة هو شأن مؤسساتنا المشتتة, فكنيسة المشرق على سبيل المثال كانت كنيسة جامعة واحدة وبمر الزمن تجزأت نتيجة الأجتهادات اللاهوتية والتدخلات الخارجية, واليوم نعاني من تبعات تلك الأنشطارات لذلك نقول بأن نجاح وحدتها مقرون ب
جهد وتضحيات جمّة ليتم معالجتها في حدودها ومفاهيمها الكنسية دون إقحام الثوابت القومية في هذه العملية, ها نحن نلتمس اليوم قدرة الأكليروس في كنائسنا على المضي في هذا الطريق, وبدورنا نشدّ على أيديهم لتحقيق هذا الأنجاز الذي لطالما حلمت به أجيال من قبلنا ونحن اليوم تواقون اليه. كما إن مؤسساتنا القومية ولاسيما السياسية منها تفتقر الى الخطاب الوحدوي الحقيقي الذي يُمكّنها من أداء دورها الرائد لتحقيق الممكن في هذا الزمن الصعب , وهذا أيضا يتطلب الكثير من الصبر والجهد والخبرة والصدق والتضحية.فالوحدة المؤسساتية هذه هي حقيقية وصادقة ويجب أن تقوم على أساس آلية تحدد إطارها وفق نهج قومي واضح وصريح لا تشوبه العاطفة والمحسوبية, ولا يجب أن يكون أسير الخطابات الفئوية والنظريات المشوهة, كما إنني لا أؤمن بالوحدة التي تصهر فعالياتنا السياسية في بوتقة واحدة ليتم قولبتها في هيكل جديد, كونه سيكون سهل الأستهداف بعكس العمل الجبهوي  المتعدد المسارات الذي يصبو الى الهدف الواحد, لأنه يجعل من هذه الفعاليات السياسية مصدر قوة لبعضها البعض وهكذا ستحقق نجاحات في مجال عملها.
لكي نكون قادرين على البدء في وضع خارطة طريق للوحدة الحقيقية يشترط أن نمتلك الخطاب القومي الموحد, لذا يجب إعادة صياغته بصورة دقيقة ومسؤولية عالية بالأعتماد على المعطيات التاريخية , ودراسة موضوعية للحاضر وليس الخضوع له, كونه يعتبر ذلك الفكر الذي يعمل على أنهاء معاناتنا من جراء الواقع المرير, ولا يجب أن تشوبه العاطفة والمحسوبية, حينها سنتمكن من لملمة طاقاتنا المؤسساتية لتشكل كتلة واحدة ذات مزايا وأهداف واضحة تمثل طموح الجماهير, تلك الجماهير التي سوف تشرعن هذه الخطوات بدعمها ومساندتها والتفاعل الأيجابي معها مؤدية بذلك دورها الرائد في رسم مستقبل أجيالها.
أما الوحدة المطروحة على الساحة القومية اليوم بشكلها العاطفي والغير مدروس والمتمثلة بصياغة ترتيب التسميات المفتقرة الى الموضوعية لإنها أسيرة واقع مزري فرضته علينا سلبيات الماضي ومآسي الحاضر,فهذه لا تعتبر وحدة بقدر ما هي تأجيل لأزمات سوف تستفحل لتشكل عقبة جديدة تُضاف الى سابقاتها, فهي ليست كما يبررها البعض تهرباً من مواجهتها بأن نتركها الى المختصين في المستقبل لكي يقرروا بشأنها! لا وحدة ستتم بهذه السذاجة, ولامختصين سيقرروا بشأنها في المستقبل, بل ستشكل عبئً كبيراً على الأجيال يصعب حلها, تماماً مثلما ندفع نحن ثمن تأجيل عُقد الأمس التي أركعتنا اليوم, إننا نسير على خُطى أسلافنا في هذا الصدد كون عقولنا ما زالت مطوقة بقشور الطائفة والعشيرة ويغرينا الطمع في تحقيق المكاسب الذاتية, كما إننا في أعماقنا فقدنا الأمل لينتهي المطاف بنا الى الأنحصار في دائرة العاطفة المجردة من الفكر النهضوي الخلاّب الذي كان يجب أن نحترفه بعد كل التجارب التي مررنا بها كأمة عانت الكثير لتترنح اليوم تحت الثقل الهائل للعُقد المؤجلة.
من جانب آخر وفي إطار ما يسمى بالوحدة المطروحة بشكلها الحالي ذهب الكثير من الطليعة وبالأخص العديد من أصحاب الأقلام البارزة على الساحة القومية الى أيجاد مبررات لسد الثقوب التي لا تُعد ولا تُحصى في جلد الوحدة المزعومة, فكما ذكرنا هناك من يحاول إخفاء مخلفاتها بتأجيل البت بالتسمية الصحيحة الى أجل غير مسمى, وهناك من أبتكر بدعة ( الشعب الواحد) بغية أحتواء أزمة التسميات, وهناك من أختلطت عليه الأمور وساقه العجز الى أتهام الفكر القومي الآشوري بالعنصرية , ولكن لا جدوى من كل ذلك لأن العمل المبني على العاطفة والمستند على الواقع حتماً سيتلاشى وينتهي ولن يبقى له أثر سوى تبعاته السلبية.
إذا كان هناك من يؤمن بأن تسمياتنا الطائفية هي لقوميات مختلفة, فما جدوى الوحدة بين هذه القوميات؟ بالأحرى ذلك يعني إن علاقتنا ببعضنا البعض هي وحدة المعتقد الديني, أما قوميا فهي علاقة جيرة كما هو الحال مع القوميات الأخرى, فالعراقيين هم شعب واحد تنضوي تحت مظلته قوميات متعددة يربطهم الأنتماء الوطني, وهناك من يحاول تطبيق هذه الحالة على أبناء الأمة الواحدة, إن هذا بحق يعتبر كفراً وإلحاداً في المفهوم القومي الدارج.
إن عملية تطعيم الفكر القومي بمفاهيم أُممية وأخرى عروبية جلبها معه من أخفق في مساره السياسي, وإعادة صبه في قوالب فكرية مزدوجة غريبة عن مفاهيم القومية ساهمت بشكل كبير في تشويهه وإقصائه سياسياُ, لذا نرى اليوم بأننا فقدنا خصوصيتنا القومية وبات وجودنا مقروناً بأنتمائنا الديني وها هي قياداتنا القومية السياسية سائرة وهي تلهث وراء مقاعد لتمثل المسيحيين فاقدين خصوصيتهم القومية رسمياُ كمؤسسات سياسية. هكذا أوقعتنا بدع وحدة الزمن البائس في دوامة الصراعات والفرضيات والأبتكارات, وكثر الأختصاصيون في مجال الترقيع التسموي القومي والمذهبي,فاسحين المجال لكل من هبّ ودبّ ليدلو بدلوه المبهم في المجال القومي دون وازع من ضمير,  لذلك أمست قضيتنا القومية الآشورية تتلاشى رويداً رويداً مما يضع المخلصين من أبناء أمتنا الآشورية بمختلف أنتماءاتهم الكنسية أمام مسؤولية تاريخية لأيجاد حلول منطقية والعمل وفقها لإزاحة من يقتاتون رزقهم على حساب أُمتنا الآشورية من الساحة القومية ويفوتوا الفرصة على من يتربص بقضيتنا القومية ويحاول النيل من مشروعيتها. ختاماً نقول كلا للوحدة التي شوهت الفكر القومي الناضج وأقصت قضيتنا القومية الآشورية وضاعفت من معاناتنا وقذفتنا في دوامة الفراغ الفكري الذي يدوّي فيه ضجيج الأصوات النشاز لنسير في سبيل آخرته هي نهايتنا المحتومة.

سامي هاويل
سدني – أستراليا
1/6/2013   

66
همسة مدوية في ضمائر الكُتاب والنشطاء الآشوريون

ربما ينحرف مسار حركات وأحزاب قومية معينة في ظروف ومراحل مختلفة ولأسباب عِدّة, وغالبا ما يكون ذلك مؤثرا وبشكل مباشرعلى شعوبهم ومصائرها, وربما تختفي وتتلاشى بعضها لتبرز غيرها أُخرى, ولربما يفرض العجز في إصلاح التيارات السياسية القومية الحاجة المُلحّة لخلق بدائل تلبي رغبة الجماهير وتحقق طموحاتهم, ولكن بالرغم من كل ذلك تبقى المسيرة النضالية في حراك مستمر بالرغم من تعثرها, ويبقى تقدمها ونجاحها مرهوناً بمشروعيتها وأداء الطليعة والجماهير, ومدى قدرتهم على مواجهة التحديات, وهنا يبرز دور المثقفين من الكُتاب والأدباء والشعراء والأعلاميين في توعية شعوبهم وفق اُطر تستند لثوابت مبدئية, فعملية تقويم مسار الحركات القومية السياسية تخرج أحيانا من إطارها التنظيمي وتحتاج الى مجهود فكري كبير تحث الشعب للضغط في الأتجاه الصائب لمعالجة الخلل. ولأن البدائل الحقيقية تولد من رحم الأمم, لذا يكون دور المثقف مؤثراً جداً في تلقين أبناء أُمته بالفكر الناضج وفق معايير صحيحة, وفي ظل أستقلالية القلم والكلمة وولائها للمصلحة القومية العليا دون غيرها.

أما إذا أنحرف مسار هذه النخبة فحتما سيكون لذلك نتائج سيئة على شعوبهم, ويتسبب في تشويه قضاياهم وهويتهم وشل مسيرتهم وإسقاط أستحقاقاتهم وتُضاعف معاناتهم الى درجة تقود هذه الشعوب الى التفكك والتشرذم والأنشطار المستمر مما يُسهل عملية قضم حقوقهم وأبتلاعهم من قبل محيطهم المختلف عنهم عرقاً وأنتماءً.

الحركات القومية لن يُكتب لها النجاح إلا أذا كانت تسير وفق نهج واضح وبشكل مدروس ومتكامل ومخطط له, يلعب الجميع شعباً وأفراداً ومؤسسات دورهم الرائد فيها, متعاملة مع الواقع في إطار المتغيرات, ووفق ثوابت لا يجوز مسّها, كما يشترط أن تكون هذه الحركات مكملة لمسيرة شعوبهم النضالية ومحافظة على خصوصيتها.

إن عملية توعية أبناء أمتنا الآشورية وتعبئة طاقات جماهيرنا تقع بالدرجة الأولى على عاتق الأقلام المختصة بالشأن القومي, والتي ولائها يجب أن يكون لقضيتنا القومية الآشورية دون الأنحياز الى أجندات مصلحية آنية, وتعتمد على الثوابت والمباديء الأساسية التي لا يمكن المساومة عليها أو قولبتها ومن ثم صفها الى جانب المتغيرات, لأن هذا يعتبر تصرف خطر يخلو من الحرص والمسؤولية وهو بحد ذاته عملية أنهزامية ورضوخ لما يمليه الحاضر, وحتما سيُدخلنا في دوامة تهدد قضيتنا وتشوه جوهرها وتُسقط مشروعيتها كما يحدث في أيامنا هذه.

وإذا ما ألقينا نظرة في هذا السياق على حاضر اُمتنا الآشورية وهي تعيش أحدى مراحلها ربما تكون الأصعب والأكثر تعقيدا في تاريخها الحديث والمعاصر, لما تعانيه من اضطهاد وقتل وتنكيل وتهجير وتشويه ومحاولات طمس هويتها وقلع جذورها من أرضها التاريخية, ناهيك عن التخبط الفكري والأنقسامات الطائفية والعشائرية والمناطقية والصراعات الحزبية والتشتت والضياع الذي يُجهض كل المحاولات الرامية لأنقاذ الموقف, فتُلقى اللائمة في كل نكسة تلم بنا على القيادات السياسية والروحية كونها على تماس مباشر مع كل هذه التحديات. بينما نغض الطرف عن الدور الهدام الذي ينتهجه العديد من الكُتاب السائرين وراء العاطفة ضاربين بذلك عرض الحائط كل القيم والمباديء, وخلو المنابر القومية من الكلمة والنهج القومي الناضج, عدا القلة من الذين وقفوا على حدّ السكين ولا تكاد تلقى مواقفهم أهتماماً في أيامنا هذه وسط هذا الكم الهائل من الأقلام الملونه والخطابات الأنهزامية المحسوبة على النهج القومي.

إننا اليوم نعاني من أزمة فكرية سببها الرئيس هو الدور الهدام الذي يمارسه الكثير من كُتابنا في هذا المجال, فبدلاً من أن يكونوا فعالين بشكل ايجابي في إعادة هيكلة الصف القومي, نراهم ينسجمون مع أجندات ومشاريع آنية مختلفة لا تنصب في مصلحة أمتنا الآشورية على الأطلاق, وباتت أقلامهم تصوغ خطابات تتناغم مع الواقع الشاذ, ليقفوا بذلك على مسافة  بعيدة عن القراءة الموضوعية للمشهد القومي والسياسي, لذا نراهم يخفقون في تحديد مكامن الخلل بجرأة وشفافية لمعالجتها بشكل جذري, فاقدين بذلك مصداقيتهم كلياً ودورهم الريادي في تحمل مسؤوليتهم التاريخية لتوعية أبناء اُمتنا الآشورية لتمكينهم من فهم وإدراك حاضرهم والتفاعل معه بالشكل المطلوب لمواجهة كافة التحديات التي تهدد كيانهم ووجودهم.

لقد بات جلياً اليوم عدد لا يستهان به من الكُتاب, يصولون ويجولون يميناً ويساراً شمالا وجنوباً في الحقل القومي الآشوري, يلقبون الأشياء بغير مسمياتها وينتهجون فكراً يصل أحيانا الى درجة الهلوسة والهذيان, فيصفون الفكر القومي الآشوري بالضيّق! وينعتون حامله بالطائفي والعنصري!!, وبات أكثريتهم لا يميزون بين الآشورية كهوية وقضية ومسيرة قومية مشروعة ومُدوّلة, وبين تسمياتنا الطائفية المختلفة, وبهذا التخبط يشكلون دعماً مباشراً لتوأمهم من سياسيي الزمن الرديء البارعين في أيجاد الأعذار لكبواتهم الكثيرة وإخفاقاتهم المستمرة, وما أنعقاد المؤتمر المشؤوم في تشرين الأول من عام 2003 الذي حبل بطريقة غير مشروعة وولد قيصرياً أسما لهوية مجهولة ومخلفاته السيئة إلا دليلاً قاطعاً على ذلك, فبدلا من أن تجهد الطليعة القومية المثقفة بشكل فعال في صد كل المحاولات التي تطعن خاصرة المسألة الآشورية, مضوا أصحاب الكثير من الأقلام المعروفة والجديدة منها على حد سواء في دعم هذا النهج العقيم وحقنه في الوسط الآشوري, وعملوا كل ما بوسعهم وسخروا جلّ أمكانياتهم وطاقاتهم لتمريره على أبناء أمتنا الآشورية وإرغامهم لتقبل هذا المشروع الأنبطاحي الذي وقف عائقا في منتصف الطريق, واليوم نلتمس جميعنا نتائجه وتبعاته السلبية الخطيرة التي تلقي بضلالها السوداء القاتمة على مجمل قضيتنا القومية الآشورية في الوطن والمهاجر, وأدخلتنا في صراع تسموي خطير بعد أن شرعنوا بعملتهم تلك كل التسميات الطائفية وأسبغوا عليها الصفة القومية, وهكذا غابت من جديد هويتنا القومية الآشورية وأضعنا فرصة ثمينة لأحقاق حقوقنا على أرضنا التاريخية وأصبحنا (شعب متعدد القوميات). إن هذا يعتبر جريمة بحق شهدائنا وقضيتنا وماضينا وحاضرنا ومستقبلنا.

إن عملية المراوغة التي يمارسها العديد من متعاطي الكِتابة اليوم في أنتقاء التسميات التي كثِرت  يوما تلو الآخر وتلقين خطاباتهم اليومية بشعارات رنانة بعيدة عن العقل والمنطق لن تحقق هدف الوحدة المزعوم, لأننا أساساً أمة واحدة موحدة بحسب المفهوم القومي الصائب, وأنقساماتنا هي شأن كنسي وطائفي, وحلها يجب أن يكون في إطارها هذا, وحتى لو تحققت الوحدة الكنسية وما لها من تأثير أيجابي في هذه المرحلة لكننا سنبقى مشتتين فكرياً وسنظل نجتر هذه المهاترات, لأننا نفتقر الى الوحدة الحقيقية المتمثلة بالخِطاب القومي الآشوري الذي يُعتبر المرجع الأمثل لكافة فعالياتنا السياسية ومؤسساتنا القومية وكنائسنا المختلفة, فحضوره  وتبنيه من قبل الجميع كان سيجنبنا تلقي الهزائم الواحدة تلو الأخرى حتى لو كانت لدينا العديد من المذاهب وعشرات الأحزاب القومية.

أليس من واجب مثقفينا وكُتابنا أن يتكاتفوا لأعادة صيانة هذا الخطاب وصياغته بما تقتضية المصلحة القومية العليا بدلا من محاولة خلق بدائل مشوهة وميتة قبل أن تولد؟
ألم يكن لهذا التقصير الكبير دورا مؤثراً في أنحراف مسار غالبية مؤسساتنا السياسية والقومية؟
ومن ثم ألم تكن مواقفهم هذه مساندة للفكر الأقصائي ومروجة للدكتاتوريات المتنفذة الجاثمة على صدور تنظيماتنا السياسية ومؤسساتنا القومية ومجهضة لكل عملية إصلاحية داخل العديد من أحزابنا ومؤسساتنا القومية؟

بناءاً على النتائج والمعطيات التي دحضت سذاجة نظرية تحقيق الوحدة القومية بالتسميات المركبة والمنفردة والمطرزة بالواوات والشارحات والخالية منها طوال عقد من السنين, يفرض اليوم وبقوة على جميع مثقفينا من الكُتاب والأُدباء والمفكرين ( من كافة طوائف أمتنا الآشورية) لإعادة قراءة الأحداث بشكل دقيق وتحمل مسؤوليتهم التاريخية وإعلان موقفهم الصريح والواضح من الآشورية وتجاه مجمل الأمور التي تمسها, والأبتعاد عن سياسة التمويه والأختباء وراء مصطلحات ( شعبنا !, أمتنا !, الكلدوآشوريين !, الكلدان السريان الآشوريين ! , سورايا !, مسيحيين ! , وغيرها ) المضللة التي تهيمن على أكثرية نتاجاتهم الفكرية ومقالاتهم التي تملأ صفحات العديد من المواقع الألكترونية لأرضاء هذا الطرف أو ذاك, لأن هذه العملية تعتبر تهرب وتأجيل مرحلي لإزماتنا المزمنة التي ستتفاقم كلما مضت الأيام, والعمل على أيجاد السبل الكفيلة لتوعية الجماهير الآشورية وتعبئتها لتلعب دورها الرائد في دعم ومساندة الحلول والبدائل الكفيلة بإنقاذ القضية الآشورية, والتكاتف وبذل الجهود الحثيثة لصياغة الخطاب القومي الآشوري كمشروع نهضوي متكامل وحل أمثل لتجاوز كافة المحن التي تواجهنا في هذه المرحلة العصيبة.

سامي هاويل
سدني / أستراليا         
6/4/2013

67
همسة صادقة في ضمائر الكتاب والنشطاء الكلدان

بداية، أود التنويه بأنني ومن خلال مقالتي هذه انما أوجه الكلام الى النشطاء والكتاب الداعين الى القومية الكلدانية، والمعادين بشكل واضح للآشورية، وليس عامة أبناء كنيستنا الكلدانية. وفي الوقت ذاته، أكن الاحترام للجميع، وأود التأكيد بأننا أبناء عرق وأمة واحدة لاحدود بين أبناءها سوى الانتماء المذهبي ولهذا السبب بالذات أدخل في هذا الموضوع الحساس جدا.
ومن خلال هذه المقالة أدعو كل من لا يؤمن بأننا أبناء أمة واحدة أو يرى بأننا شعب متعدد الأمم فلينطقها بصوت عال وبكل وضوح في أي تعقيب أو رد على هذه المقالة لكي تتوضح الصورة للجميع، ولكي يتسنى لنا معرفة التوجهات الحقيقية لمن نحاورهم والأساس الذي ننطلق منه.
ولكوني مؤمن يقينا بأننا جميعا ننتمي الى ذات العرق والأصل وتربطنا كل مقومات الأمة الواحدة من أرض وتاريخ ولغة وعادات. سأبدأ من هذا المبدأ، بعيدا عن أية أعتبارات أخرى، آملا أن يكون حوارا هادئا يغني الجميع. ولنشعل شمعة أمل في نهاية هذا النفق المظلم لتظهر الحقيقة كاملة، خاصة بعد هذه الزوبعات الكتابية المليئة بالتجريح والاهانات والمغالطات والاتهامات التي يطل علينا بها البعض بهذه الصورة المقرفة التي تعج بها المواقع الألكترونية منذ عقد من الزمان. في الوقت الذي يعاني فيه أبناء أمتنا الآشورية من ويلات ومآسٍ في الوطن، وتسير أجيالنا المقبلة في المهجر الى الأنصهار والذوبان.
 نحن اليوم نُعتبر محطة في تاريخ أمتنا وجزء من مسيرتها القومية، وأبناء قضية مشروعة واحدة أمتدت منذ سقوط كياننا السياسي والعسكري في نينوى وبابل. هذه القضية التي ليست ملكا لنا لأنها لم تبدأ بولادتنا ولن تنتهي برحيلنا. بل كانت مسيرة مشروعة ومقدسة لأجيال عبر التاريخ وارتوت بدماء الملايين من الشهداء. ودشنها روادها من المناضلين والأدباء والباحثين وقادة نفتخر بهم، ويشهد لهم التاريخ ببطولاتهم وتضحياتهم في سبيل الحفاظ عليها نقية ومشروعة وناصعة كالشمس.
 لقد باتت الخلافات الداخلية وتأثيرات العوامل الخارجية والموضوعية خلال فترات مختلفة عبر العصور لتلقي بظلالها الداكنة على هذه القضية حيث شابها الغموض والتشويه ولكنها لم تنتهي ولن تزول لطالما هناك من ينادي ويطالب بها. إنها بحق قضية مقدسة لكونها، وكما ذكرنا، تعمّدت بدماء الشهداء الخالدين لذا علينا صيانتها والعمل على صدّ كل المحاولات الخبيثة الرامية الى تغييبها مجددا ومحوها من الوجود.
ولتوخي السير خارج إطار مسيرتها.علينا دراسة الماضي بمختلف محطاته وارهاصاته وأيجابياته وسلبياته، لأن أي انقطاع في هذه المسيرة يفقد شرعيتها ويجعل القضية تتلاشى لتستقر على هامش التاريخ بعد أن تتلاطمها أمواج الحاضر المزري الذي نعيشه اليوم. فكم من الحنكة والحرص نحتاج اليوم لكي نحافظ على مشروعيتها؟ ومن أين نستوحي هذا الحرص؟
إن الحرص على القضية ينبع من الايمان بها، والإيمان يأتي من البحث والاطلاع الكامل على مجمل الأمور التي تخصها. وباكتساب الدراية والايمان والحرص تتولد مشاعر الرغبة في النضال والذي حتما سيكون في المسار الصحيح. وهكذا يستطيع الفرد أن يكون عنصرا أيجابيا وفعالا يؤدي دوره ويرفد هذه المسيرة بالقوة.  فلا أحد يضحي بحياته من أجل قضية لا يدركها جيدا وبهذا لا يؤمن بها. وما كان قد    سقط شهيدا واحدا إذا لم يكن مدركاً لقضيته ومؤمناً بمشروعيتها.
وفي هذا السياق نستنتج بأننا وكسائر شعوب المعمورة لنا قضية قومية واحدة موحدة لا تقبل التجزئة، ومشروعة لها ملامحها ومقوماتها وثوابتها ومسيرتها وخصوصيتها. وليس الموضوع فرض تسميات وصراع عقيم داخل البيت الواحد.
بالعودة الى النقطة المهمة والتي تعتبر أولى الأولويات في مجال العمل القومي والمتمثلة بقراءة موضوعية لتاريخ المسيرة القومية. فللوهلة الآولى سوف نكتشف بأن كل المؤرخين والكتاب والنشطاء البارزين والمناضلين القوميين من أبناء أمتنا  يقدمون لنا شرحا وافيا وبحوثا مدعومة بالأدلة القاطعة على هوية قضيتنا القومية وكينونتها. وهؤلاء في غالبيتهم ينتمون الى مختلف أطياف أمتنا الآشورية ومنهم من كانوا بدرجة بطاركة ومطارنة وكهنة وغيرهم الكثير (لا مجال لذكر أسمائهم في هذا المقال حيث وفرة المصادر تؤكد ما أذهب اليه). كما أن كافة الباحثين والمختصين في هذا الشأن من الغرباء ممن لا ينتمون الى هذه الأمة (وأيضا أقول لا مجال لذكر أسمائهم فمؤلفاتهم تكتظ بها مكتبات العالم ومواقع الشبكة العنكبوتية). سنرى بأن جميعهم يذهبون الى تسميتها (القضية الآشورية) مستندين بذلك على معطيات التاريخ القديم والمعاصر. عدا القلة من العروبيين حاولوا تشويهها لإجهاضها سيرا على نهج اعادة كتابة التاريخ متغافلين بأن التارخ لن يرحم من تسول له نفسه المريضة وشذوذه الفكري لتحريفه.
اننا اليوم اذ نقف حائرين من أمرنا ونحن نترنح تحت وطأة حاضرنا البائس ومخلفات الماضي القاسية التي رافقت مسيرتنا القومية لتصلنا بشكلها الحالي بما تحمله من تعقيدات تقف عقبة في طريق العمل القومي الجاد، بينما يحاول البعض من إخوتنا تغذية هذا الصراع العقيم في سبيل تحقيق مآرب شخصية وكنسية ضيقة. والبعض الآخر يمرر أجندات مشبوهة تنصب في مصلحة أعداء أمتنا الآشورية.
أجل! نقف حائرين مشتتين قليلي الايمان بثوابتنا القومية. فدفع العجز والرغبة بآن واحد بالبعض الآخر ممن خانهم الذكاء لاختيار فكرة تركيب التسميات حلا لتحقيق الوحدة مروجين لها بالرغم من علمهم وقناعتهم بأنها لم ولن تحقق الوحدة المزعومة. أساسا لا أعلم كيف يصدق المرء بأن الشروخ الطائفية الكبيرة والمزمنة سوف تزول باستخدام التسمية المركبة. هذا التخبط بحق، أضاع قضيتنا القومية فأضفت عليها الصفة الدينية وها نحن اليوم معروفين بهويتنا المسيحية (مع احترامنا لانتمائنا الديني المسيحي) فتقبلها هؤلاء وهم متأكدين في قرارة ذاتهم بأن هذا يعتبر (ضربة لقضيتنا القومية). بينما نجدهم، بين الحين والآخر، يمارسون المراوغة على أبناء أمتهم. وهم اليوم، أيضا، مدعوون لاعلان موقفهم بوضوح من دون الوقوف بعباراتهم التضليلية الملونة ( شعبنا، أمتنا، الكلدوآشوريين،الكلدان السريان الآشوريين، سورايي , وغيرها)  في منتصف الطريق كعقبة في مسار حل هذه المعضلة. 
 إخوتنا بالقومية!
مواقفكم هذه وعدائكم للآشورية لن يخدم توجهاتكم التي تعتبرونها قومية كلدانية. بل إنها مواقف تقلل من شأنكم. وأيضا أنتم بفعلتكم هذه تواجهون مسيرة قرون مكللة بالشهادة من المحال على ذوي الطاقات الهائلة إيقافها وشلها تماما. كما إنني أستنتج وألتمس من أعمالكم  وتوجهاتكم ودعواتكم القومية الحديثة المنشأ هذه التي أنتم سائرون عليها بأنكم لن تستطيعوا السير بها قدما الا إذا عاديتم الآشورية.  وعدائكم للآشورية هو محاولة الوقوف بأقرب مسافة منها لما تمتلكه من شرعية نضالية وتاريخية. فبمجرد ابتعادكم عنها سوف لن تتمكنوا من السير قدما ولو لخطوة واحدة الى الأمام لأنكم لا تملكون مقومات الأستمرارية ككيان منفصل, والسبب يعود الى.
1.  لم تقدموا لحد الآن مشروعكم القومي الكلداني.
2.  لم تحددوا، لا بل لم تفلحوا حتى لتتفقوا فيما بينكم في تحديد سقف مطاليبكم القومية.
3- لحد هذه اللحظة لم نشهد أي مطاليب قومية كلدانية مُتفق عليها رُفعت الى الحكومة العراقية ولا حتى الى المحافل الدولية وأية جهات أخرى من ذوي الشأن.
4- لحد هذه اللحظة لم تعلنوا عن الخريطة الجغرافية لأرض الكلدان الذين تنسبون أنفسكم اليهم.
5- لحد هذه اللحظة لم نسمع من حضراتكم أي دعوة ترمي الى إعادة أرضكم التاريخية وهذا يعتبر من أهم المطالب للحركات التي تدعي بأنها قومية.
6- لحد هذه اللحظة لم نقرأ مقالا لأحدكم يحاول فيه لم شمل هذه الأمة المغلوب على أمرها               
( طبعا أذا كنتم تؤمنون بأننا جميعا ننتمي اليها).     
7- لحد هذه اللحظة لم تتطرقوا الى تاريخ المسيرة القومية الكلدانية (منشأها، مراحلها، مناضليها، خصوصيتها، شهدائها، مقوماتها, مفاهيمها ). فاذا كانت ولادتها مقرونة بنبوغ شعوركم القومي الكلداني الحديث جدا، والاعلان عن صهوتكم (النهضة الكلدانية) فالله يكون بعونكم في هذا المسار الشاق.
هذه أسئلة مشروعة من حقي أن أطرحها لكم اليوم, منتظرا أنا والكثير من أبناء أمتنا الآشورية ( بكافة أنتماءاتهم المذهبية) الجواب الشافي, لأن هذه التساؤلات هي أساس أي توجه قومي، وإذا خلا هذا التوجه مما ذكرته في النقاط أعلاه فإنه يعتبر غير شرعي ويشوبه الغموض وحتما ستظهر أجنداته ونياته في المستقبل القريب.
أيها الإخوة!
إننا جميعا على اطلاع ودراية تامة بالأسباب التي أدت الى ظهور هذه التسميات(الكلدانية، السريانية، سوريايي، آرامية) في تاريخ أمتنا؟ ونقدر ونحترم مشاعر الجميع في مدى تمسكهم بهذه التسميات لأية أعتبارات كانت, ولكن في نفس الوقت، ندعوا الجميع للتحلي بالحكمة والمسؤولية في هذه المرحلة الحرجة من تاريخنا وتجاوز مشاعر الانتماء الطائفي وعدم المحاولة في القفزعلى الحقيقة. فالحركات القومية التي لا تستند على الحق والحقيقة، والتي لا تملك الاستحقاق التاريخي لن يكتب لها النجاح. فبسبب هذا التخبط الفكري العقيم يجب أن نقر بأننا خسرنا فرصة لا تتكرر دائما للحصول على حقوقنا القومية، لا بل خسرنا حتى الكثير مما كنا نملكه.
أيها الأخوة الأعزاء
 الموضوع ليس موضوع تسميات بقدر ما يتعلق برصيد المسيرة والقضية القومية ومشروعيتها, فلو سلمنا جدلا بأن التسمية الكلدانية هي الأصلح. هل تعلمون بأن أول ما نقره بهذا الادعاء هو أننا ضيوف في (كردستان) التي تعني أرض الأكراد. وفي أول مطالبة لنا بأرضنا التاريخية سنتلقى صفعة كردية تنقلنا جوا من فوق أسوار عاصمتنا  نينوى لنستقر في أحد أزقة الحلة تائهين غرباء لأن أرض الكلدان هناك. ونحن اليوم نزلاء عند الأكراد يتاجرون بنا في سوق الديمقراطية وحماية حقوق الأقليات لاأكثر. فهل ترضون بذلك؟
 أيها الإخوة بالدم والمصير!
الآشورية لاتعادي التسمية الكلدانية كما تدعون. وهي، في الوقت ذاته، ليست ملكا لأحد. ولا يستطيع أي كان أن يزايد بها على أبناء أمته الواحدة. والآشورية ليست صنيعة خصيصا لتكون العدو اللدود الذي يهدد الكلدانية كما تدعون. والآشورية بمفهومها القومي الصحيح لا تميل الى طائفة دون الأخرى ولا تفرق بين فئات الأمة الواحدة. بل هي مسيرة طويلة تحمل في طياتها سر خلودها وكل ما نملك قوميا. ولم نأتِ بجديد لنضيفه على جوهرها. بل نحن، اليوم، بتوجهنا الآشوري هذا إنما نسيرقدما وبإصرار من أجل تكملة هذه المسيرة التي هي أمانة مقدسة في أعناقنا، وعلينا صيانتها حفاظا على استمراريتها الحيوية لأنها الأمل الوحيد لاسترجاع حقوقنا المسلوبة في الوطن والسر الذي يحافظ على أجيالنا القادمة من التشرّد الضياع.
سامي هاويل
سدني أستراليا
7/3/2013
samihawel@hotmail.com

68
الحركة الديمقراطية الآشورية / قراءة ومقترحات

   على إثر الدعوة التي قدمها السيد نينوس بثيو(السكرتير السابق للحركة الديمقراطية الآشورية) بادر الكثير من المهتمين والمعنيين في تبيان وجهة نظرهم من الموضوع، لا بل راح البعض منهم إلى المبالغة في إيجاد حلول لا تغني ولا تسمن في محاولة للتستر على حقيقة ما تعاني منه الحركة الديمقراطية الآشورية من مزالق وخضّات. وهذه الحلول لم تتعدَ حدود الكتابة الفارغة وغير الموضوعية من أجل كسب رضا القيادة المتنفذة، ولا يكترثون اذا ما حلت اللعنة على هذا التنظيم وعلى القضية الآشورية برمتها بسبب مزاجيتهم الزئبقية المزمنة.
   فهناك من اعتبر نفسه معنيا بالدعوة التي قدمها السيد نينوس بثيو بينما هو، موقن في قرارة ذاته، بأنه أبعد من أن يكون معنيا بها على الإطلاق، لا بل كان هو بالذات جزءا رئيسا لعب دورا إعلاميا ملحوظا في دعم سياسة إقصاء القيادات والكوادر القديمة. والمستقبل كفيل في فضح تلك المواقف المشبوهة التي لا تعدو حدود المنفعة الشخصية وتجميل صورة ماض غير مشرّف، وملوّث بالأنانية المقيتة. وحصيلة كل ذلك تحمّل هذا التنظيم التبعات الخطيرة التي باتت تلوح اليوم مؤشراتها وتداعياتها حتى لمن أدخل رأسه كالنعامة في الرمل متخطيا ومتجاهلا وخز الضمير القومي (ان كان مثل هذا الضمير موجودا، أصلا، لدى هذا البعض).
   انتهزت هذه الفرصة لكي أبدي رأيي المتواضع في هذا الموضوع دون إشارة أو تعليق على ما ورد في دعوة السيد نينوس بثيو فهناك الكثير من الآراء والردود بهذا الخصوص. وقد وفى، البعض منها، بالغرض لاتسامه بالموضوعية المطلقة حيث أزال جميع علامات الاستفهام التي حفل به المقترح الذي وضعه في قالب دعوة.
   الحركة الديمقراطية الآشورية، هذا التنظيم العملاق برز وليدا يحبو على الساحة السياسية وبين الجماهير الآشورية والقوى العراقية المعارضة في آذار من عام 1991 متضمناٌ عددا من الكوادر لا تتعدى أصابع اليدين. ولكن هذا الانفتاح على مساحة كبيرة تقطنها جماهير أمتنا الآشورية بعد فرض المنطقة الآمنة في شمال العراق (آشور) من جهة، ومن جهة أخرى تعطش أبناء أمتنا الآشورية الى خلق تمثيل يليق بهم ويقودهم لنيل حقوقهم المشروعة، حفز الكثير من الشباب الآشوري من كل طوائف شعبنا للانخراط في صفوفه (بالنسبة لي شخصيا كنت من أوائل المنتمين. وذلك منذ 27/3/1991 عندما شكلنا أول خلية مكوّنة من خمسة أعضاء كان يشرف عليها السيد يونادم كنا وذلك حين كنا نازحين على الحدود التركية- العراقية مع عائلاتنا بانتظار الفرصة السانحة للعودة الى الوطن والمباشرة بالنضال القومي).
   وخلال فترة زمنية قصيرة (عدة أشهر  فقط من نفس العام) التحق العشرات من الشباب بصفوف الحركة الديمقراطية الآشورية. وبالرغم من قلة الخبرة في مجال العمل السياسي والجبهوي لكن الكوادر الجديدة لعبت دورا مميزا في لجان (الجبهة الكردستانية) وتشهد لدورهم وتميزهم وجرأتهم الأحزاب الكردية والعراقية قبل قيادة الحركة الحالية.
   في هذه الفترة كان يمثل قيادة الحركة خمسة أعضاء فقط وهم السادة (نينوس بثيو سكرتيرا، يونادم كنا مسؤول العلاقات، الشماس بنخس خوشابا مسؤولا للتنظيم، الدكتور هرمز بوبو مسؤولا للمكتب العسكري، ويوسب بطرس ). قكان من الطبيعي جدا بعد التغيير الكبير الذي طرأ على الحركة، وكثرة الأعضاء المنتمين اليها، بالأضافة الى الحاجة الى أعضاء قيادة جدد لتحمل العبء الكبير داخليا وعلى مستوى المسؤوليات الوطنية الأخرى، كان يجب عقد مؤتمر شامل لحل هذه المسائل. فتقرر عقد المؤتمر الأول للحركة ما بين 14-18 أيلول من عام 1992 في قرية كوندي كوسا (بالنسبة لي كان اول مؤتمر قومي حزبي أحضره، وقد استفدت كثيرا من المداخلات التي قام بها العديد من المؤتمرون , أمثال السادة , الدكتور لنكن مالك, نينوس بثيو, الدكتور خوشابا ملكو, الدكتور وليم أيشايا, شمشون خوبيار, الشماس بنخس خوشابا والعديد غيرهم ). ولكن في نفس الوقت شاب المؤتمر بعض الغموض والحساسية المفرطة بين الأعضاء البارزين من المؤتمرين. وأنا شخصيا أعتبرها بسبب قلة الخبرة في مجال العمل الجماعي وفقدان الثقة بين العديد منهم، ولكن بالرغم من كل ذلك نجح المؤتمر، على الأقل، من تشكيل قيادة تضم اثني عشر عضوا وثلاثة اعضاء احتياط.
   ولكن يبدو أن الحساسية المفرطة وفقدان الثقة بين أعضاء القيادة تعدت حدود المؤتمر لتشكل خطرا يهدد المسيرة النضالية للحركة من خلال بروز تكتلات تضم عددا كبيرا من الكادر الوسط والمتقدم موالين لبعض أعضاء القيادة، وينفذون أجنداتهم الرامية الى إقصاد خصومهم ومحاولة السيطرة على زمام الأمور ما أدخل الحركة في دوامة يبدو أنها لم تخرج منها لحد هذه اللحظة، ولن تخرج منها الا اذا امتلك أعضاؤها الجرأة الكافية لمواجهة هذه التحديات بشفافية وبروح قومية ومسؤولية عالية بعيدا عن المحسوبيات والمجاملات والمصالح الشخصية.
   طوال عقد التسعينات من القرن المنصرم شهدت الحركة الكثير من الاستقالات لعدد كبير من كادرها المتقدم والنشيط، والعديد من أعضاء قياداتها البارزين بعد أن تم تحييدهم بسبب الصراعات الداخلية للسيطرة على مقدراتها. ولعل تعمّد حل الفوج الآشوري من قبل القيادة المتنفذة في الحركة يُعد من أكبر الخسائر التي منيت بها حينها. (بالنسبة لرأيي الشخصي أحمّل الجزء الأكبر من المسؤولية على عاتق السيدين السكرتير السابق والحالي لما كان لهما من دور مؤثر داخل صفوف الحركة وشعبية كبيرة بين غالبية الكوادر والأعضاء وكان بإمكانهما إيجاد الحلول المناسبة لو أرادا ذلك).
    وبينما كان على القائمين على الحركة إيلاء أهمية قصوى لتجاوز الأزمة بروح قومية عالية، لكن حدث العكس من ذلك، فقد بدأت عملية إقصاء وعزل من يقف ضد مشاريعهم الرامية الى السيطرة التامة على مقدرات الحركة سياسيا وماديا، ومن ثم التشهير بمن يترك صفوف الحركة مجبرا والصاق التهم الباطلة بالكثير منهم وبشتى الأشكال والأساليب البذيئة بحيث تربى جيل من الكوادر على هذا النهج السيء. وأصابت العدوى العدد الأكبر من المؤازرين بأشكالهم وألوانهم. وبسبب العطف الجماهيري الواسع الذي حظيت به الحركة نجح المتنفذون في قيادتها من تمرير هذه التهم على أبناء أمتنا الآشورية وخاصة في المهجر الآشوري. وهنا يقع قسطا كبيرا من اللوم على الجماهير الآشورية، وخاصة المؤازرين الذين صدقوا ودعموا هذا التوجه الهدام. وتجدر الإشارة الى أن الأمور وصلت الى درجة بحيث كل من أراد ان يمحو ماضيه  القومي غير المشرف ما كان عليه الا الانتماء الى الحركة أو مؤازرة سياسة تسقيط كل الشرفاء القوميين الذين حاولوا جاهدين إنقاذ الموقف. وكان من الطبيعي جدا أن يروق هذا الأمر للقيادة المتنفذة في الحركة. ولم لا؟ فهناك من تلتقي مصالحه الشخصية مع سياستهم الإقصائية.
   كل هذه الأمور الموجزة أعلاه إضافة الى رغبة القيادات الكردية العنصرية في السيطرة على مقدرات الأمة الآشورية من خلال احتواء أكبر تنظيم سياسي يمثلها على أرض الوطن ( وقد نجحت بذلك ) لكون التنظيم أصبح مجرد هيكل يقوده أشخاص متنفذين.
   كل هذه الأسباب أدت الى تآكل التنظيم يوما بعد يوم، وسنة تلو الأخرى. ولكن الفرصة كانت قائمة ومؤاتية لإصلاح الأمور الى أن تجرأت القيادة المتنفذه هذه بالتدخل، بداية، في شؤون لا تعنيها لامن قريب ولا من بعيد ولكنها كانت مجرد محاولات تكتيكية للتغطية على الفشل الذريع في الحفاظ على الحركة كتنظيم قوي وبارز ليحظى برضا الغالبية من أبناء أمتنا الآشورية. فبالرغم من وضع يد هذه القيادة على العديد من مؤسساتنا القومية في الداخل والمهجر لغرض تسخيرها لمصالحها الخاصة، بدأت بالتدخل في الشؤون الكنسية. وما الدعم الذي لاقاه الأسقف المعزول (باوي سورو) إلا دليلا على ذلك. إضافة الى التقرب الملحوظ من رئاسة الكنيسة الكلدانية، وبشكل خاص بعد سقوط النظام البعثي، واتساع رقعة العمل السياسي القومي. وقد ألحقت هذه السياسة ضررا كبيرا بالحركة الديمقراطية الآشورية تحمل تبعاتها قاعدتها بكوادرها وأعضائها. واليوم، وبعد هذا السقوط المدوّي يبدو أن بوصلة قيادة الحركة اتجهت صوب الكنيسة الشرقية القديمة. فنجد كثرة الزيارات المكوكية لأعضاء بارزين الى رئاسة الكنيسة. وهذه أيضا تبعاتها ستكون مأساوية كسابقاتها وقد تضع النهاية الكلية لمصداقية هذا التنظيم الذي تشرفنا، يوما، بالانتماء اليه كونه تعمّد بدماء زكية لكوكبة من الشهداء الأبرار الأوائل من أعضاء قيادته ومؤسسيه مرورا بمواكب الشهداء الذين سقطوا، الواحد تلو الآخر، بعد عام 1991 الى يومنا هذا.
   أعود وأقول: كان من الممكن تخطي هذه الأزمات ببذل جهود مضنية من قبل الخيرين يرافقهم دعم المؤازرين الواعين. ولكن جاء مؤتمر التسمية الهجينة الذي أشرفت عليه القيادة المتنفذة بالاشتراك مع مثيلتها في قيادة المنظمة الآثورية الديمقراطية ليشكل منعطفا خطيرا جدا ليس على الحركة الديمقراطية الآشورية فحسب، بل على القضية الآشورية ومسيرتها النضالية ومستقبلها أيضا. فمن أجل كسب عطف البسطاء من أبناء شعبنا، وبالأخص أبناء الكنيسة الكلدانية، بإعلان التسمية المركبة وضعوا نقطة بداية نهاية القضية الآشورية في الوطن. وما التمثيل المسيحي الهزيل اليوم الا دليلا ونتيجة هذا التصرف الذي تشوبه الكثير من الشكوك تصل الى درجة التصور بأن أعداء الأمة الآشورية كانت لهم يد طويلة في تمريره. وبهذه الحالة يعتبر تشريع التسمية الهجينة مجرد التقاء مصالح أحزاب وكنائس بالإضافة الى مصلحة أعداء أمتنا الذين كانوا يحيكون المكائد لمحو الآشورية كهوية قومية وقضية مشروعة لشعب منكوب تلاحقة كوابيس المذابح الجماعية التي تعرض لها خلال المائة والخمسين سنة الماضية. وليستفيق على مجازر مماثلة لها تقع اليوم على أرض الوطن أمام مرأى ومسمع صاحب الشأن قبل الغريب. ولتمرير هذا المشروع الخطير، ولإدراك القيادة المتنفذة في الحركة بخطورة تبعاته المستقبلية، ولتلافي المسؤولية التاريخية، وجهوا الدعوة لحضور هذا المؤتمر القومي العام (المشؤوم) إلى كافة تنظيماتنا ومؤسساتنا القومية والكنسية لكي يتحمل الجميع وزر هذه االكارثة المدمّرة.
   وكما ذكرت في مقالة سابقة،  فبالرغم من أن البيان الختامي لهذا المؤتمر دعى الى تبني التسمية الهجينة في الوطن ولتلك المرحلة فقط، ولكن سرعان ما نقلوها الى تنظيماتهم في الخارج، وعملوا، بكل ما أوتيوا من عزيمة وإصرار على ترويجها، لتبتلي الساحة القومية في المهاجر بهذه المعضلة التي وصلت بالبعض الى درجة الهذيان فأضاعوا السراط المستقيم وأصبحوا في حيرة من أمرهم ماذا يسمون أنفسهم؟ فالآشورية باتت سلعة تباع في سوق شراء الذمم وتنظيف النفوس العفنة، وتحقيق المآرب الشخصية والحزبية.
   إن ذلك المؤتمر المسخ كان، بحق وحقيق، بداية انحدار مسيرة الحركة الديمقراطية الآشورية. وهي اليوم سائرة بسرعة نحو النهاية المأساوية التي لا يرغب بها كل آشوري مؤمن بقضيته العادلة وبمسيرة الحركة الحقيقية التي دشنها الشهداء الأوائل (يوبرت ويوسب ويوخنا) بدمائهم الزكية الطاهرة.
   بعد هذه القراءة الوجيزة  لمسيرة الحركة خلال الثلاثة والعشرين سنة الماضية أرتأي الحلول التالية فلربما ستكون مخرجا لها من الأزمة الخانقة وبذلك تعود الى مكانتها التي نتمناها لها لتقود المسيرة النضالية على أرض الوطن. وهذه الحلول برأيي تكمن في:
1- إصدار بيان صريح وواضح وجريء بتبني، مجددا، الآشورية كهوية قومية لأمتنا وقضية شعبنا عبر مسيرته الطويلة. والاعتراف بالخطأ التاريخي الجسيم الذي أسفر عن انعقاد مؤتمر التسمية، خاصة بعد أن أثبتت الأحداث بأن هذه التسمية لم توحّد صفوفنا بل شتّت شملنا وزادت في الطين بلة. والمعطيات التي نتلمسها خير دليل على ذلك وعلى رأسها ضياع قضيتنا القومية وتمثيلها العادل وإحلال التمثيل المسيحي مكانها.  فالانشقاقات الكنسية التي وقعت منذ قرون طويلة غابرة لن تُحل، على الإطلاق، بتركيب خليط تسميات مذهبية مع هوية قومية لشعب مضى على تقطيع أوصاله مئات السنين.
2- إعادة النظر في الأهداف المعلنة للحركة والمبالغة في وطنية قيادتها المتنفذة.
3- تثقيف كوادر وأعضاء الحركة ومؤازريها قوميا من خلال صرف بعض الوقت على الجانب التنظيمي وإبعادهم عن سياسة التحزب المقيتة.
4- إبعاد الشخصيات الآشورية التي لها ماضٍ قومي غير مشرف عن صفوف الحركة ومؤازريها وعدم السماح لهم بالتحدث باسمها في أوساط شعبنا الآشوري.
5- إيقاف التدخل في شؤون مؤسساتنا القومية لغرض احتوائها بالأخص في المهجر الآشوري. فالشعور القومي ليس محصورا بين المنتمين الى صفوف الحركة. ومؤسساتنا القومية لعبت وستلعب دورها الرائد في دعم العمل القومي المثمر.
6- إيقاف التدخل في الشؤون الكنسية، وتوعية الأعضاء والمؤازرين بالكف عن التشهير برجال الدين والشخصيات الآشورية البارزة.
7- إعادة النظر في كيفية التعامل مع التنظيمات القومية الآشورية وليس كما كان يحدث في السابق من تشكيل جبهات وائتلافات تنصب في مصلحة الحركة، أويُعمد إلى حلها إذا ما وفت بالغرض وانتهى مفعولها, للقيام من جديد بتشكل تحالفات جديدة لذات الأسباب والأهداف.
8- العمل مع من يرغب من التنظيمات والشخصيات والمؤسسات الآشورية البارزة لإعلان تأسيس جبهة قومية عريضة تكون المرجعية لهذه الأمة وذلك بتبني الأسس القومية الصحيحة بعيدا عن المصالح الحزبية ومختبرات البدع التي أثقلت كاهل هذه الأمة.
9- دعوة أعضاء القيادة والكوادر المتقدمة المبعدين بسبب الصراعات الداخلية الى مؤتمر الحركة المرتقب من خلال دعوات رسمية لهم، ووضع برنامج يعلو فوق كل الاعتبارات، ويكون بمستوى الخطر الذي يهدد وجودنا في الوطن.
10- احترام حرية التعبير والرأي والمعتقد لكل من يدعو الى تبني تسميات دخلت في تاريخنا بفترات متفاوته لأي سبب كانت كونهم من أبناء أمتنا ولهم الحرية في ذلك والقرار يعود الى الجماهير في اعطائهم الشرعية أو لا، والوقوف بصدق على مسافة قريبة منهم طالما كانوا صادقين في شعورهم وجادين في عملهم ومؤمنين بأننا ننتمي الى عرق واحد وأمة واحدة ومصيرنا ومستقبلنا واحد.
11- إعادة النظر في الصمت الواضح تجاه سياسات التغيير الديموغرافي الذي تمارسه القيادات الكردية على العلن بحق شعبنا وأرضنا التاريخية، وصد المضايقات المستمرة التي يتعرض لها الفرد الآشوري, إضافة الى اتخاذ المواقف المناسبة تجاه الاهمال الواضح من قبل الحكومة المركزية بحق أبناء أمتنا. أضف إلى ذلك التأكيد على التهميش المتعمد والواضح بحق شعبنا الآشوري في الدستور العراقي والكف عن خداع وتخدير شعبنا بوجود مواد دستورية خاصة بنا كما هي باقي القوميات العراقية الأخرى لاسيما المادة 125 التي تخص كافة الأقليات وليست حصرا بشعبنا، بالإضافة الى إثارة العديد من الأمور المهمة التي عانى منها أبناء أمتنا ونذكر منهم النازحين من جراء مذبحة (سيميل) حيث أنهم عراقيين بالانتماء الوطني ولهم كافة الحقوق الوطنية إسوة ببقية أبناء الوطن .
12- تبني مشروع تدويل القضية الآشورية وطرحها على مستوى المحافل الدولية كالأمم المتحدة والاتحاد الأوروبي وتعريفها بكافة المنظمات الدولية المختصة بهذا المجال، وهذا يعتبر حق مشروع ولا يتعارض مع المصلحة الوطنية, خاصة بعد إخفاق الحكومة المركزية في توفير الحماية اللازمة لأبناء أمتنا بعد ما تعرضوا له من مجازر وتجاوزات لا أخلاقية تمخّضت عن تهجير أكثر من نصف عددهم خارج الوطن.
   هذا رأيي المتواضع فيما يخص حاضر ومستقبل الحركة. فإذا ما تحققت مقترحاتنا هذه فمن المحتم أننا سنرى كافة الجماهير الآشورية، بمختلف انتماءاتهم الكنسية وتوجهاتهم السياسية، واقفين كالبنيان المرصوص خلف الحركة الديمقراطية الآشورية وقيادتها مثلما كانوا في بداية التسعينات من القرن الماضي. وبغير هذا فالحركة تسير في الاتجاه المعاكس لطموحات أمتنا الآشورية. وحتى لو تمكنت القيادة المتنفذة هذه المرة، أيضا، تأجيل الخطر المحدق بالحركة ولكنها حتما ستواجه هذه المعضلة في المستقبل القريب وقد يكون ظرف أصعب بكثير من الذي هي فيه الآن، وربما سيكون الوقت، يومذاك، قد فات ولامجال لإجراء أي إصلاحات ضرورية. وحينها يتحمل النتائج كل من واكب المسيرة بشكلها الحالي من قيادة وكوادر وأعضاء ومؤازرين.
 
سامي هاويل
سدني أستراليا
22/2/2013
samihawel@hotmail.com    
              


69
عندما تسقط مقومات أمة

   لكل قضية ثوابتها الجوهرية التي لا يمكن بأي حال من الأحوال المساس بها، أيآ كانت الأسباب ومهما صعبت المراحل، لكونها تعتبر سمة الانتماء القومي وأساس وجودها وقضيتها ومسيرتها النضالية. وصيانتها هوالحافز الرئيس لولادة الحركات والتيارات السياسية في فترات تشكل فيها الأحداث خطورة على كيان الأمة. لذلك يكون العمل السياسي مشروعا في اطار المتغيرات. أما تسييس الثوابت فذلك يصل الى درجة الخيانة. خيانة الأمة، وخيانة المسيرة، وخيانة القضية برمتها. فالشعوب والأمم، على مر العصور، ليست إلا مراحل في تاريخهم القومي الطويل يتوجب على الأجيال المتعاقبة حماية وصيانة كيانهم من خلال وضع أيديولوجية ترسم الخطوط العريضة للعمل السياسي لتصون الأمة من تحديات واقعها المزري، لتجتاز تلك المرحلة بأمان بدون أن يصيب قضيتها ومسيرتها أي تشويه من شأنه أن يؤثر على أستمراريتها، ويجعلها ترسي على هامش التاريخ، ليؤدي ذلك إلى ضياع أجيالها القادمة وانصهارهم في بوتقة الأمم الأخرى. ولكي يتحقق كل ما ذكرته أعلاه يتوجب، لا بل يشترط الحفاظ على تلك الثوابت المتمثلة بمقومات الأمة، هذه المقومات التي توطد أواصر أبنائها وتميزهم عن بقية الأمم والشعوب، يشترك بها كل أبنائها بمختلف انتماءاتهم الدينية والعشائرية والمناطقية.
   واذا ألقينا نظرة على قضيتنا القومية الآشورية ومسيرتها النضالية في تاريخنا المعاصر. وتمعنّا، بالأخص، في هذه المرحلة الحرجة التي تعصف بها. فالأحداث تعاقبت سريعا في وقت لم نكن جاهزين أو مهيئين للتغييرات التي أحدثتها. كما أن طبيعة القوى التي برزت على الساحة ونهجها اللا وطني، وتدخل القوى الخارجية والدول الأقليمية في الشأن الداخلي للبلاد، كل هذه العوامل أثرت بشكل سلبي ومباشر على الآشوريين شعبا وأرضا وقضية.
    بالأضافة الى كل هذا، وبحكم طبيعة الخلافات الداخلية، ولاسيما الانشقاقات الكنسية القديمة الجديدة، حالت دون أن يكون لنا خطاب قومي موحد تنتهجه كافة مؤسساتنا القومية، سياسية كانت أو اجتماعية أو كنسية، وهذا الخطاب بحد ذاته يساعد في توعية مجتمعنا الآشوري ويسهل عملية تعبئته لاتخاذ المواقف المناسبة في كافة المراحل والظروف مهما كانت شدتها وقسوتها.
   وبالنظر لتشخيص وقراءة الأحداث المتسارعة التي حلت على الوطن خلال العشرين سنة الماضية، وتأثر قضيتنا القومية الآشورية بها، سنرى بأنه قد برزت القضية الآشورية على الساحة السياسية العراقية ولأول مرة منذ أحداث سميل الدامية. فتفاعل شعبنا الآشوري، في الداخل وفي المهجر أيضا، مع هذه النقلة الأيجابية. فنشطت الحركة الديمقراطية الآشورية على الساحة السياسية في الوطن مدعومة من قبل شعبنا في الداخل، وكافة مؤسساتنا القومية في المهجر. وبالرغم من قلة الخبرة السياسية لدى غالبية أعضائها إلا أنها لاقت ترحيبا واسعا بين أوساط أمتنا  الآشورية بكافة انتماءاتها الكنسية وتلاوينها المذهبية والمناطقية. وتوجت، بذلك، الممثل الشرعي والوحيد في الوطن لقضيتنا القومية. ولاقت الدعم الكامل والمساندة التامة من لدن أبناء أمتنا الآشورية. كما أقرت المعارضة العراقية، وقتذاك، بالحركة متعاملة معها على أساس أنها التيار القومي الآشوري الشرعي الوحيد على الساحة السياسية.
   فبالرغم من نهجها وفكرها القومي الآشوري الذي تعوقه خلافاتنا الكنسية على غرار أسلافها من التيارات القومية، ولكنها أثبتت جدارتها وحظيت بثقة شعبنا، ولم تكن الانتخابات التي جـرت في ربيـع عام 1992، لتشكيل حكومة ما يسمى ( كردستان)، إلا دليلا قاطعا على التفاف الجماهير الآشورية حولها. فحصلت على أربعة مقاعد من أصل خمسة مخصصة للآشوريين,. علما ان المنافسين على هذه المقاعد، إضافة الى الحركة، كانا الحزبان الكرديان الرئيسان تحت مسميات مسيحية. والحزب الشيوعي العراقي الذي دخـل المنافسـة تحت قائمـة ( كلدو وآثور) لكسب عاطفة السذج من أبناء أمتنا لاغير، وذلك باللعب على وتر التسميات المقيتة. ومن الجدير بالذكر أن أبناء أمتنا الآشورية المنتمين الى الكنيسة الكلدانية كانوا أكثر عددا في المنطقة ولكن أغلبيتهم وقفوا الى جانب الحركة لأنها كانت تمثل أمل الأمة وطليعتها السياسية، ولم يعيروا أي أهتمام الى التسمية المركبة حينها بأستثناء قلة من الذين كانت لهم مصالح شخصية. وبذلك أخذت المسيرة القومية طريقها القويم. وما أن بدأت تظهر على الساحة السياسية تيارات قومية آشورية أخرى كالحزب الوطني الآشوري، وحزب بيث نهرين الديمقراطي حتى طفت الصراعات الحزبية والشخصية على الساحة واستحوذت على مساحة كبيرة منها، وأثرت تأثيرا سلبيا كبيرا على العمل القومي السياسي وذلك نتيجة شحة وضعف الوعي القومي، وقلة الخبرة السياسية.   ولن أخوض في تلك التفاصيل في هذه المقالة لتجنب إطالتها.
   ظلت المسيرة القومية تترنح تحت وطأة الصراعات الحزبية، وارتجالية القيادات المتنفذة في هذه الأحزاب، ولكنها ظلت محتفظة بشرعيتها بالرغم من تعثرها بتلك الصراعات. ثم جاءت الولادة القيصرية لحزب الاتحاد الديمقراطي الكلداني وفرضه على شعبنا، ومحاولة إبرازه، من خلال إشراكه في مؤتمر المعارضة العراقية في لندن عام ،2002 من قبل القيادات الكردية كممثل لقومية مستحدثة داخل صفوف شعبنا. وهنا كانت البداية العلانية والفعلية للتدخل الكردي اللامشروع في شؤون الأمة الآشورية الداخلية. فأخفقت تنظيماتنا السياسية في التعامل الصائب مع هذه الحالة وذلك من أجل تأمين مقاعد ومناصب لهم في المؤتمر. فنجحت التجربة الكردية في خرق البيت الآشوري تمهيدا للهيمنة على القرار السياسي ومقدرات الأمة الآشورية.
   ولكن الأسوء من كل ذلك حدث بعد سقوط النظام البعثي القمعي في نيسان من عام 2003 حين اتسعت ساحة العمل القومي السياسي لتشمل كافة مدن البلاد. فتحرك بعض الأكليروس في الكنيسة الكلدانية للحصول على مكتسبات كنسية وشخصية مستغلين صراع التسمية كذريعة وغطاء لشرعنة هذا التدخل في الشؤون السياسية الذي لا يليق برجال دين مسيحيين. مستغلين بذلك عاطفة أبناء شعبنا المقسم إلى مذاهب وطوائف. وقد شكل هذا ضغطا مباشرا على التيارات القومية العاملة على الساحة السياسية. فرضخت الأخيرة إلى هذه الضغوط واضعة بنظر الأعتبار، هي الأخرى، المكتسبات الحزبية والشخصية الضيقة. فوقعت الكارثة عندما أسفرت الاجتماعات المستمرة بين بعض المطارنة في الكنيسة الكلدانية وفصائلنا السياسية وأبرزهم الحركة الديمقراطية الآشورية الى الاتفاق على التسمية المركبة. فباشرت الحركة الديمقراطية الآشورية والمنظمة الآثورية الديمقراطية التعبئة  لعقد مؤتمر قومي تحت أسم (المؤتمر القومي الكلداني السرياني الآشوري العام). دعيت اليه أغلبية الآحزاب السياسية والمنظمات القومية وجميع طوائف شعبنا الآشوري تمهيدا لشرعنة التسمية المركبة لتحل محل الآشورية. وقد نجحوا، فعلا، في تمرير هذا المشروع الخطير الذي أسقط شرعية الآشورية التي عمدها مئات الآلاف من الشهداء الأبرار بدمائهم الزكية، وناضل من أجلها الرواد القوميون العظماء للحفاظ عليها لكونها لم تكن، يوما، مجرد تسمية فقط وإنما كانت ولم تزل هوية شعب وذاتية أمة، وخصوصية مسيرتها ورمز نضالها وجوهر قضية حية ومشروعة ساهم فيها وضحى من أجلها من كل فئات شعبنا الآشوري، وانضوت تحت لوائها كل أطياف أمتنا الآشورية، اتسموا بها قبل وبعد سقوط كيانها السياسي عام 612 قبل الميلاد. وبذلك تم ضرب القضية القومية في الصميم. فلما كانت الدعوة إلى هذا المؤتمر بحجة إيجاد حل توافقي لتوحيد الصفوف. نجد، وفي فترة قصيرة جدا، تغييرا في المواقف من قبل من عمل جاهدا لإنجاح أنعقاد هذا المؤتمر وإعلان مقاطعة التسمية الهجينة التي شاركوا في صياغتها. فاتضح جليا بأن هذا المؤتمر دعي له بحجة توحيد الصفوف ولكن غاية البعض منه كانت نزع شرعية الآشورية كقضية. ونتيجة هذه المؤامرة أسقطت المسألة الآشورية من طاولة المباحثات وانطوت صفحة أستحقاقاتنا التاريخية. ففي أول خطوة في هذا السياق أجحف الدستور العراقي بحق الأمة الآشورية عندما وضع تسمية طائفية بجوار الآشورية تمهيدا لقضم حقوقنا واستحقاقنا ومحو وجودنا القومي إضافة إلى التهميش الصارخ الذي تعمد كتّاب الدستور أجرائه على مجمل قضيتنا القومية.
   وبعد حين أقرت خمسة مقاعد تحت مسمى الكوتا المسيحية لتمثل كافة مسيحيي العراق من الآشوريين بطوائفهم الثلاثة،  والأرمن, والعرب والكرد المسيحيين منهم. وبذلك أصبحنا اليوم شعب مغيبة قضيته القومية بالكامل وبالتالي فمن الطبيعي جدا عندما تختفي القضية فلن يكون لها ممثلون، وهذا ما حصل فعلا. أما الذين يشغلون مناصب في الكوتا المسيحية فهم يمثلون مسيحيي العراق عامة، وهذه صفة دينية لا علاقة لها بالشأن القومي. واليوم للمسيحيين الأرمن والعرب والكرد كامل الحق في التنافس على مقاعد الكوتا المسيحية، ولن نتفاجأ إذا ما تربع أكراد أو عرب مسيحيون على هذه المقاعد كممثلين لمسيحيي العراق قاطبة.
   يعتبر هذا بحق من أخطر المنعطفات التي مرت بها المسألة الآشورية مهددا كيانها ووجودها والسبب الرئيس يعود الى إسقاط شرعية الهوية الآشورية التي تعتبر قدس أقداس مقوماتنا القومية، وبسطها على طاولة التفاوض من أجل مصالح فئوية ومؤسساتية وحزبية وشخصية، وبالتالي كان المغتصب لأرض آشور من أكثر المستفيدين على الإطلاق. فبغيابها سيتتحق له استملاك هذه الأرض، وتسميتها كما يشاء ويحلو له مما يثير الشكوك بوجود دور له في هذه العملية.
 عندما يفقد شعب خصوصيته القومية، وفي نفس الوقت تغيبه الدولة، والقائمين على شؤونها،  من دستورها وقوانينها ليظهر كالمهاجر والدخيل في وطنه فمن الطبيعي جدا أن يتعرض الى قتل وتهجير وقمع وترهيب وتعريب وتكريد والى آخره من الممارسات اللاإنسانية واللاوطنية. وهذا ما حدث أمام مرأى ومسمع أبنائه ممن يدعون زورا تمثيله قبل المهيمنين على كافة مراكز القرار في البلاد. فمنذ عام 2004، ولحد يومنا هذا، تصاعدت الحمله الشرسة تدريجيا مستهدفة أبناء أمتنا في جميع أنحاء البلاد من تفجير الكنائس واستهداف مباشر تعرض له شعبنا الآشوري راح ضحيته أكثر من الف شهيد بين أطفال وشيوخ ونساء وتم تهجير مئات الآلاف من مناطق سكناهم، وهاجر أكثر من نصف عدده الى خارج الوطن مذعورين لا معين لهم ولا من يسأل عن أحوالهم ولا من يمثلهم بصدق واخلاص ولا من يدافع عنهم. في الوقت الذي جاءت فيه مواقف ممثلينا السياسيين ورجال الدين خجولة وغير مسؤولة، ومثيرة للتساؤل، ومفرطة في وطنيتها الزائفة اللامبررة، لا بل راحت الى أبعد من ذلك حيث ضل يعارض ممثل المسيحيين في برلمان العراق فكرة إنشاء منطقة آمنة لحماية وجودنا على أرض الوطن. استمرت هذه الممارسات الهمجية ضد أبناء شعبنا العزل الى أن وصلت ذروتها عندما اقتحمت مجموعة أرهابية كنيسة سيدة النجاة سقط على أيديهم أكثر من 50 شهيدا من النساء والأطفال ورجال الدين، فلم يستطع سياسيونا أن يجدوا التصريحات المناسبة للمراوغة والتلاعب بها لتمر هي الأخرى كسابقاتها لما أبداه شعبنا من سخط واشمئزاز إلى درجة شعروا بأنها تهدد مناصبهم وستسقط شرعيتهم لعدم جدوى تواجدهم فيها. فراحوا يبحثون هذه المرة عن بدعة جديدة ليخففوا حجم الضغط الشعبي عليهم. الى أن جاء تصريح رئيس الجمهورية السيد جلال الطالباني، في فرنسا، بعدم ممانعته من إقامة محافظة خاصة بالمسيحيين لينقذ ممثلينا من المأزق الذي وقعوا فيه. فبالرغم من خطابات التخوين والاتهامات المتبادلة، وسعة الفجوة بين فصائلنا السياسية وعدائها لبعضها البعض، وأختلاف مطالبها المتراوحة بين إدارة محلية الى حكم ذاتي. تحولوا بين ليلة وضحاها، وبقدرة قادر إلى رجال بمستوى المسؤولية فأجمعوا على طرح رئيس الجمهورية تاركين وراءهم أجنداتهم، معلنين اللحمة السياسية والاجماع المطلق في تبني مشروع المحافظة. وبدأت التحضيرات لعقد مؤتمر تُدعى اليه كافة الأحزاب السياسية إضافة الى جمعيات ثقافية وأخرى قومية للبت في هذا المشروع. تزامنت هذه الاجتماعات مع انعقاد مؤتمر الأتحاد الآشوري العالمي في عنكاوة  في 4/12/2010 مستغلين الفرصة لحفظ ماء الوجه. فاجتمعوا في التاريخ المذكور متفقين على بعض النقاط ذات الصلة، وأي أجماع وأية مطالب!! وفي هذه المرة، أيضا، أسقطوا حقنا المشروع في تشكيل المحـافظـة. فقـد كانـت أبـرز مطـاليبهم، ناهيك عن المحافظة، المطالبـة بتفعـيـل المـادة 35 مـن الدسـتور ( المسودة ) الكردي، والتي تضمن تحقيق الحلم الكردي في ضم سهل نينوى الى إقليمهم المزعوم بعد أن استحال ذلك من خلال تطبيق المادة 140 من الدستور الفيدرالي ما شنّج مواقف التيارات العربية، ولاسيما السنية منها، ضد هذا المشروع الذي يدخل ضمن صراعهم مع القيادات الكردية على منطقة سهل نينوى. فأصبح مشروع المحافظة جزء من الصراع الكردي- العربي ليذهب هذا المطلب المشروع هذه المرة، أيضا، أدراج الرياح. فحتى هذه الساعة، ومنذ إعلان مشروع المحافظة، لم تقدمه أحزابنا السياسية ليطرح في البرلمان الفيدرالي للمناقشة. ترى لماذا ؟؟؟؟ ومتى سيتم ذلك؟؟؟
   من الجدير بالذكر بأن المادة 35 من مسودة الوثيقة الكردية تنص على منح الحكم الذاتي لكافة الأقليات في إقليمهم المزعوم في المناطق التي تشكل فيها أغلبية. والسؤال الوجيه هنا يقول: يا ترى في أي منطقة من الإقليم المزعوم نشكل فيه أغلبية؟. وبهذا كان ربط تفعيل المادة 35 من الوثيقة الكردية بمشروع المحافظة، في بيان صادر باسم جميع قياداتنا السياسية، خطأ فادحا إن لم يكن متعمدا حسب التزامات بعض هذه الأحزاب مع القيادات الكردية أدى الى رفض القوى العربية مشروع المحافظة في حين كانت قوافل الهجرة لأبناء شعبنا مستمرة الى خارج الوطن.
   هكذا بقي الحراك السياسي لتجمع التنظيمات السياسية الكلدانية السريانية الآشورية (سورايا) محصورا في الزيارات المتبادلة لبعضهم بعضا إضافة الى بعض التصريحات التي يضطرون للإدلاء بها فيما يخص الاعتداءات الصارخة والمستمرة على أبناء شعبنا الآشوري، ولعل أبرزها وأخطرها، بعد تأسيس تجمع التنظيمات المذكور، كان على أصحاب المحلات التجارية في زاخو ونوهدرا (دهوك) وديرالوك وشيوز وغيرها من المناطق بالأضافة الى عملية تكريد شهداء صوريا بعد أن لفت رفاتهم بالعلم الكردي وكتبت على قبورهم باللغة الكردية. والاستيلاء على الكثير من أراضي عينكاوة. وأخيرا وليس آخرا مصادرة أراضي قرية كوري كافانا بالأضافة الى الكثير من التجاوزات اليومية. أين يا ترى يقف هذا التجمع المبهم وغير المتجانس فكريا وسياسيا وقوميا وحزبيا من كل هذه الأحداث التي أعقبت تأسيسه؟. بينما نراهم هذه الأيام يشحذون الهمم وتعلو أصواتهم في البرلمان الفيدرالي وتكثر استنكاراتهم وقامت قيامتهم فأنطلقوا بسرعة البرق ليصلوا عتبات الأمم المتحدة مستجدين تدخلها من أجل مقعد بائس في المفوضية العليا للأنتخابات.
    إضافة الى كل هذا تقرع مسامعنا في الآونة الأخيرة بعض التوصيات إثر كل اجتماع لهذا التجمع، ولعل أهمها هو التحضير لعقد (مؤتمر قومي عام). (بحيث صرنا في ريبة من هذه المؤتمرات وتراودنا الوساوس والشكوك من غاية انعقادها حتى كاد حرف التاء فيها ينقلب إلى حرف الألف،، ولما لا؟. فقادتنا أصبحوا خبراء في تركيب الأسماء والواوات، لا. بل أثبتوا فشل مقولة لكل قاعدة شواذ فراحوا يصنعون من الشذوذ قواعد. فكما وضحنا أعلاه فعلى إثرانعقاد مؤتمر التسمية المشؤوم في أكتوبر 2003 غابت القضية القومية الآشورية من المنابر السياسية في العالم عامة، وفي العراق على وجه الخصوص. ثم تلاه المؤتمر الذي وحد صفوف الإخوة الأعداء سياسيا في كانون الأول من عام 2010، أيضا، وبدون جدوى ولا تقدم في مجال العمل القومي السياسي. لا. بل إن تداعياته كانت أسوء بكثير.
   أعتقد الآن بأن من حقنا أن نثير التساؤل. فقد انعقد مؤتمر في اطار وحدة التسمية، وفي اطار العمل الحزبي الجبهوي انعقد مؤتمر آخر، وعلى إثره انضوت كافة التنظيمات السياسية لاسيما في الوطن تحت لواء التجمع. فإذا ما هي الحاجة والغاية من عقد مؤتمر جديد مجهول البرنامج لحد هذه اللحظة؟ بينما هناك مؤشرات وتلميحات غير رسمية الى إمكانية طرح مسألة العلم القومي، وتواريخ رأس السنة الآشورية ويوم الشهيد الآشوري في المؤتمر المرتقب انعقاده قريبا.
   اليوم وبعد أن غُيبت المسألة الآشورية نتيجة التلاعب بهويتها القومية، وأجهضت حقوقها نتيجة المواقف السياسية السيئة لممثليها، وبقيت تعرف بهويتها الدينية فقط. فهل من  المعقول والصواب التلاعب بأركانها في وقت صعب ومرحلة حرجة كهذه؟ بالتأكيد كلا. فبمجرد مناقشة هذه الأركان الثلاثة في المؤتمر المزعوم يعني اسقاط شرعيتها، وبذلك فما أن يوضع العلم القومي الذي أحتضنه وشرعنه شعبنا الآشوري كرمز لوجوده على طاولة المباحاثات حتى تعلو أعلام ترمز الى أمم جديدة داخل البيت الآشوري كما حدث في مؤتمر التسمية. وما أن تناقش تواريخ يوم الشهيد الآشوري ورأس السنة الآشورية حتى تسقط شرعيتها وتعلن بدل ذلك أيام للشهداء ورأس السنة ترمز الى أمم داخل الأمة الآشورية. وبذلك حققنا حلم من يريد محو هويتنا القومية، واغتصاب أرضنا التاريخية، وطمس قضيتنا العادلة والمصيرية لنتحول الى أمم جديدة مشكوك في أمرها وانتماءها. لا قضية ولا حقوق لها على الإطلاق. وبذلك يكتمل المشروع الكبير الرامي الى الغاء قضيتنا، وقطع أواصرنا بجذورنا الآشورية الموغلة في التاريخ، والالتفاف على أستحقاقاتنا القومية، وبالتالي إلغاء وجودنا ومحوه كليآ. لذا يجب على القائمين على هذا المؤتمر أن يعوا هذا الأمر جيدا، وأن يدركوا بأن صبر هذه الأمة بدأ بالنفاذ. فلا مجال لهكذا خطوة خطيرة من شأنها أن تنقلنا من دوامة الى أخرى لا يحمد عقباها. وبالتالي هم سيكونوا المسؤولين أولا وأخيرا أمام الشعب، ويتحملون كافة النتائج التي تؤول إليها مثل هذه المحاولات الخطيرة. فمن الآن يجب أن يوضع حد لها(ان وجدت) ولا مجال لطرحها في المؤتمر المرتقب فبمجرد مناقشتها يعني إسقاط شرعيتها وحينها لن يكون هناك خط رجعة لإصلاح الخطأ التاريخي وتبعاته.
   سيبقى العلم الآشوري رمز وجودنا، وملكا للشعب لا أحد غيره. والسابع من آب ذكرى شهدائنا على مر العصور وعيدهم المقدس. وسيحل علينا الأول من نيسان من كل عام  ليذكرنا باستمرارية مسيرتنا القومية الطويلة، ورمزا لعظمة أجدادنا، يمدنا بالأمل ويقوي إيماننا بسمو قضيتنا القومية الآشورية. فحتما سنعود يوما الى أرضنا، أرض آشور المقدسة لنسترد أمجاد أجدادنا ونبني الحضارة من جديد.
سامي هاويل
سدني أستراليا
10/10/2012     


70
لقاء مع السيد ديفد ديفد نائب مسؤول فرع أستراليا للأتحاد الآشوري العالمي       

أعلان
تعلن غرفة الحوار القومي السياسي الآشورية في برنامج البالتاك بأن السيد ديفد ديفد نائب مسؤول فرع أستراليا للأتحاد الآشوري سيكون ضيفنا في يوم الأحد 21/10/2012 الساعة الثانية من بعد الظهر المصادف ليوم السبت 20/10/2012 الساعة العاشرة مساءا بيوقيت شيكاكو- أميركا والساعة الحادية عشرة مساءا بتوقيت كندا, والأحد الرابعة صباحا بتوقيت لندن, ليطلعنا على نشاطات الأتحاد الآشوري العالمي وآخر المستجدات على الساحة القومية.
الحوار سيكون مفتوح مع ضيفنا لمن يرغب المشاركة والأستفسار فيما يخص هذا الموضوع.
أيضا نود أبلاغ أبناء شعبنا الآشوري بأن الغرفة تدور فيها حوارات قومية سياسية تعني بالشأن القومي والسياسي وسيكون هناك  بين الحين والآخر لقاءات مستمرة مع ممثلين وشخصيات قومية بارزة لغرض الوقوف على مجريات الأمور عن قرب, وسوف نبلغكم بمواعيد اللقاءات والشخصيات التي تحل علينا كضيوف في الوقت المناسب. وشكرا 
ندرج أدناه كيفية الدخول الى غرفة الحوار
Paltalk >> Groups >> Middle east >> Iraq >> Assyrian dorasha omtanaya politiqaya politiqaya
    ادارة غرفة الحوار القومي السياسي الآشورية


71
تدويل القضية الآشورية مسؤولية تاريخية وضمان لأسترجاع حقوقنا المسلوبة

   في ستينات القرن التاسع عشر, وتأثرا بالحركة القومية في أوروبا، لاحت بوادر النهضة القومية في منطقة الشرق الأوسط بدأ بمحاولة الناشطين القوميين العرب  للتحرر من الاحتلال العثماني، تلتها باقي الشعوب المجاورة. وقد شهدت المنطقة أحداث دامية بسبب الصراع القومي، فيما استغلت بعض الدول الغربية هذه النهضة في سبيل بسط نفوذها على المناطق التي تراجعت فيها الهيمنة العثمانية.
      هذه الصراعات انعكست بشكل مأساوي على الآشوريين لكونهم مسيحيين من جهة، وأصحاب الأرض الشرعيين من جهة أخرى. ويؤكد المؤرخون بأن الكنيسة الغربية قد لعبت دورا مؤثرا ومشينا للسيطرة على مسيحيي المنطقة ما ضاعف حجم الخسائر التي تعرض لها الشعب الآشوري. وكما هو معروف فان الأرض والإنسان الآشوري تأثر بشكل كبير بسبب مذابح الأمير الكردي محمد الراوندوزي الشهير باسم (مير كور) أي الأمير الأعور ضد الشعب الآشوري بين عامي (1832 -1836م) تلتها مذابح بدرخان بك ما بين عامي (1843-1847م) ثم أعقبتها المجازر إبان الحرب العالمية الأولى(1915-1918م) وتوجت تلك المجازر والمذابح الجماعية بمذبحة سميل عام 1933م. وأعقبتها على التوالي، وحتى يومنا هذا، عمليات التغيير الديموغرافي والزحف الكردي المستمر على الأراضي والقرى الآشورية في الشمال، وهيمنة العشائر العربية ومحاولتها تغيير ديموغرافية القرى والقصبات الآشورية في سهل نينوى.  فلم تسلم قصبة أو قرية آشورية واحدة من القضم والتجاوز. وقد سقط، في معظم هذه القرى، العديد من الشهداء من الشخصيات الآشورية البارزة من أبناء تلك القرى في محاولة لترهيب الآشورين وإرغامهم على ترك قراهم وأراضيهم. وبعد نزوحهم الى المدن، وبحكم سياسة التعريب المقيتة،  بدأت عملية الهجرة الى الغرب بحثا عن الأمان والعيش الكريم.
  في السنوات القليلة الماضية، وتحديدا بعد سقوط الطاغية في العراق، وفي الوقت الذي كان العراقيون جميعا على أمل أن تنتشل القيادات العراقية الجديدة البلاد من المستنقع الآسن الذي انحدر إليه. تفاجأ الجميع بهيمنة القوى الطائفية والقومية العنصرية على السلطة وحلت المحاصصة الطائفية والعرقية محل الدكتاتورية فتضاعفت معاناة الشعب العراقي بأسره. ولكن جاءت المرحلة قاسية على الآشوريين بشكل خاص بدأ بتفجير الكنائس والقتل على الهوية القومية والدينية طالت غالبية أبناء أمتنا في المدن الكبيرة. فأثار الذعر بينهم وسط مرأى ومسمع وتقاعس الحكومة وكافة القوى العراقية. فبدأت الهجرة من المدن الكبيرة الى الشمال الذي يتمتع بالهدوء النسبي ولكنه لا يخلو من سياسة التكريد، وهناك الكثير من الأدلة الدامغة على ذلك ليست محل نقاش في مقالنا هذا. فانتهى الأمر بهجرة الآلاف من العوائل الآشورية الى دول الجوار تمهيدا للجوء الى دول الغرب. ومن الجدير بالذكر ان أعداد الآشورين الذين هجّروا خلال السنوات القليلة الماضية تجاوز 60% من أجمالي تعدادهم في العراق حيث استشهد منهم أكثر من الف شخص، وهذه نسبة كبيرة تدخل في اطار التهجير والإبادة الجماعية. ولم يزل كابوس القتل والتهجير والأغتصاب والتغيير الديمغرافي، حتى يومنا هذا، يراود مخيلة القلة الباقية من أبناء أمتنا الآشورية على أرض الوطن.
    وفي هذه الأيام، وخلال الأحداث الدموية الجارية في سوريا، ينتظر المهجّرون من العراق، والآشوريين من ذوي الجنسية، على حد سواء، مصيرا مجهولا نتمنى أن لاتكون عاقبته وخيمة بحيث يهدد وجودنا في المنطقة ككل.
   بالرغم من مشاعر الإنتماء الوطني الذي يبديه الآشوريون في عراق اليوم، والرغبة في العيش المشترك مع باقي الأطياف العراقية الأخرى إلا أن عمليات القتل والتهجير والترهيب مستمرة امام مرأى ومسمع القائمين على الحكم في العراق، إضافة الى التهميش الواضح الحاصل في الدستور العراقي الجديد بحق الآشوريين ومحاولات طمس قضيتهم بعد كل المعاناة التي لاقوها خلال فترات مختلفة من التاريخ الحديث. ولا يلوح في الأفق، على الأقل في المستقبل القريب، أي نوايا لأنصافهم مما يجعل وجودهم على أرضهم التاريخية مهدد كليا.
   بعد كل هذا التغيير الذي حصل لجغرافية وديموغرافية المنطقة التي سكنها الآشوريين منذ عصور والتي تعتبر، بحق، أرض أجدادهم التاريخية، وخيبة الأمل الكبيرة التي أصابتهم من عدم جدوى المحاولة لأبداء الرغبة الكاملة للعيش مع باقي أبناء الوطن بسلام ومساواة تربطهم أواصر الانتماء الى الوطن الواحد يشترك فيه الجميع، إضافة الى الشعور بأن وجودنا القومي أصبح مهددا في المنطقة ككل، أصبح من الصعب جدا العودة الى أراضيهم التي سكنوها منذ آلاف السنين خاصة بعد التهجير والأبعاد القسري الذي تعرض له خلال القرن الماضي والى اليوم. ويضع كافة مؤسساتنا القومية والسياسية والدينية أمام مسؤولية تاريخية لتوحيد الخطاب القومي والسياسي الآشوري وطرح المسألة الآشورية على مستوى عالمي والعمل على تعريفها بكافة المحافل الدولية بشكل كامل، والابتعاد عن دوامة صراعات التسمية المختلقة والأجندات الخجولة التي اثبتت هذه الأيام فشلها وعقمها السياسي. فبالرغم من المحاولات التي أبدتها، مشكورة، بعض مؤسساتنا السياسية وشخصيات آشورية بارزة في المهجر لتفعيل المسألة الآشورية على مستوى عالمي إلا أنها لم تكن ذات ثقل كاف بحيث يولي لها المجتمع الدولي أهمية وأولوية.
    ففي ظل القرارات الدولية الخاصة بالأقليات القومية منذ أكثر من 300 عام، والمعاهدات الدولية في منتصف عشرينات القرن الماضي والتي نصت إحداها على منح الحقوق القومية  للآشوريين بعد انتصار دول الحلفاء في الحرب العالمية الأولى، وصولا الى إعلان الأمم المتحدة لعام 2007 بخصوص الشعوب الأصيلة. في ظل كل هذه المعاهدات والقرارات الدولية يقابلها فقدان الثقة بالحكومة العراقية الحالية وكافة القوى الفعالة على الساحة السياسية يضعنا أمام خيار تدويل المسألة الآشورية لاسترجاع حقوقنا المسلوبة، والمطالبة بفرض منطقة آمنة في الوطن تكون تحت رعاية الأمم المتحدة لكي نتمكن من حماية أبناء شعبنا الباقين على أرض الوطن وخلق مؤسسات قومية للحفاظ على وجودنا وأجيالنا من التشتت والانصهار. ويقع، كل هذا، على عاتق آشوريي المهجر بأحزابهم ومؤسساتهم القومية وهم يتحملون مسؤولية قصوى للعمل في هذا الاتجاه، وليس الرضوخ الى واقع مرير هم بعيدون عنه. كما يلوح في الأفق، بين الحين والآخر، ترويج لمشاريع خارجية لا تخدم قضيتنا القومية. ففي المهجر الآشوري يجب وينبغي، على أقل تقدير في هذه الأيام العصيبة، توحيد الخطاب القومي الآشوري، وتبني مشروع تدويل المسألة الآشورية للحفاظ على كياننا وإعادة الاعتبار لقضيتنا بعد أن تشوهت بسبب الضغوط الخارجية من جهة ورضوخ فعالياتنا السياسية في الوطن الى الأمر الواقع من جهة أخرى. هذا الواقع الذي تدل كل المؤشرات فيه الى وجود أجندات من داخل البيت الآشوري وخارجة تهدف الى طمس هويتنا القومية الآشورية وإضفاء الصفة الدينية عليها، ومحو وإزالة وجودنا في الوطن تمهيدا لتشويهه والقضاء على كل ما هو آشوري في عراق اليوم أرضا وشعبا وتاريخا وحاضرا ومستقبلا.   
     
   ســامـي هـاويـل
سـدنـي/ أستـراليـا
30/9/2012

 


72
لقاء مع السيد أيشايا أيشو رئيس الهيئة التنفيذية للمؤتمر الآشوري العام   
       

أعلان
تعلن غرفة الحوار القومي السياسي الآشورية في برنامج البالتاك بأن السيد أيشايا أيشو رئيس الهيئة التنفيذية للمؤتمر الآشوري العام  سيكون ضيفنا في الغرفة يوم الأحد 16-9-2012  الساعة السابعة صباحا بتوقيت سدني أستراليا, الذي يصادف يوم السبت 15-9-2012 الساعة الخامسة مساءا بتوقيت كندا والرابعة مساءا بتوقيت أميركا ( شيكاغو) ليطلعنا على آخر المستجدات في الساحة القومية والسياسية ويتحدث عن أسباب أنسحاب المؤتمر من أجتماع الأحزاب السياسية في أريزونا الأمريكية
الحوار سيكون مفتوح مع ضيفنا لمن يرغب المشاركة والأستفسار فيما يخص هذا الموضوع.
أيضا نود أبلاغ أبناء شعبنا الآشوري بأن الغرفة تدور فيها حوارات قومية سياسية تعني بالشأن القومي والسياسي وسيكون هناك  بين الحين والآخر لقاءات مستمرة مع ممثلين وشخصيات قومية بارزة لغرض الوقوف على مجريات الأمور عن قرب, وسوف نبلغكم بمواعيد اللقاءات والشخصيات التي تحل علينا كضيوف في الوقت المناسب. وشكرا 
ندرج أدناه كيفية الدخول الى غرفة الحوار
Paltalk >> Groups >> Middle east >> Iraq >> Assyrian dorasha omtanaya politiqaya politiqaya
    ادارة غرفة الحوار القومي السياسي الآشورية


73


أعلان
تعلن غرفة الحوار القومي السياسي الآشورية في برنامج البالتاك بأن السيد أدد آشورسين رئيس الأندية الآشورية الأمريكية سيكون ضيفنا في الغرفة يوم غد الأحد 9-9-2012  الساعة السابعة صباحا بتوقيت سدني أستراليا, الذي يصادف يوم السبت 8-9-2012 الساعة الخامسة مساءا بتوقيت كندا والرابعة مساءا بتوقيت أميركا ( شيكاغو) ليطلعنا على آخر المستجدات في هذه المؤسسة القومية ويتحدث عن آخر أجتماع لها والبيان الصادر عنها بتاريخ 3/9/2012.
الحوار سيكون مفتوح مع ضيفنا لمن يرغب المشاركة والأستفسار فيما يخص هذا الموضوع.
أيضا نود أبلاغ أبناء شعبنا الآشوري بأن الغرفة تدور فيها حوارات قومية سياسية تخص بالشأن القومي والسياسي وسيكون هناك  بين الحين والآخر لقاءات مستمرة مع ممثلين وشخصيات قومية بارزة لغرض الوقوف على مجريات الأمور عن قرب, وسوف نبلغكم بمواعيد اللقاءات والشخصيات التي تحل علينا كضيوف في الوقت المناسب. وشكرا 
ندرج أدناه كيفية الدخول الى غرفة الحوار
Paltalk >> Groups >> Middle east >> Iraq >> Assyrian dorasha omtanaya politiqaya
    ادارة غرفة الحوار القومي السياسي الآشورية


74
عنكاوة ضمن سياسة التغيير الديمغرافي

   لا يعتبر، على الاطلاق، ما جرى في عنكاوة من محاولات الاستيلاء على أراضيها، وآخرها مشروع الأبراج السكنية، إجراء رسميا يندرج ضمن إطار عملية الاعمار التي تشهدها المنطقة، بل يدخل في سياق حملة التغيير الديمغرافي التي شهدتها وتشهدها غالبية القرى والقصبات الآشورية منذ اندلاع ما يسمى بالثورة الكردية عام 1961 مرورا بقرار الحكم الذاتي في 1971، وعلى امتداد العقدين المنصرمين وذلك في مناطق عديدة ومتعددة، ومنها،على سبيل المثال لاالحصر، برواري بالا، زاخو، صبنا، نهلة، قرى سيميل وفيشخابور وتوابعها، وغيرها من المناطق الأخرى التي لازالت تعاني من جراء هذه التجاوزات اللاإنسانية، وتترنح تحت عبء المضايقات اليومية التي دفعت وتدفع سكانها الاشوريين إلى فقدان الثقة بوعود الجهات الكردية الرسمية المتكررة  دون اتخاذ أي إجراءات حازمة على أرض الواقع. ففي بداية التسعينات من القرن الماضي كانت القيادات الكردية تتذرع، دائما، بأن جميع التجاوزات التي كانت تحصل آنذاك مردها غياب السلطة والقانون بسبب التدهور الأمني والتدفق السكاني الحاصل نتيجة الهروب الجماعي إثر الهجمات المتكررة التي كان يشنها الجيش العراقي على المنطقة الشمالية.  ولكن كل هذه الذرائع والحجج انكشف زيفها وبطلانها  بعد الأنتخابات التي جرت في عام 1992 وبدء استتباب الأمن وتشكيل الحكومة الكردية، وتحرر المؤسسات الرسمية من هيمنة الأحزاب لأننا لم نلحظ أو نلمس أي تغيير في المواقف بين هذه وتلك حيث لم يُتخذ أي اجراء ملموس يرمي الى رفع المعاناة التي تعيشها القرى والقصبات الآشورية في المناطق المذكورة آنفا. لا. بل اتضح جليا بان الحكومة الكردية تسير وفق نهج حزبي ممنهج يغلب عليه طابع التمييز العنصري والفئوي والقومي في كافة المحاور والمفاصل. وعوضا عن رفع الغبن والمعاناة عن أهالي تلك المناطق المنكوبة فقد بادرت القيادات الكردية إلى سنّ قوانين وشرائع وإصدار بعض القرارات انصبت معظمها، إن لم نقل كلها، في خانة تكريد الأراضي الآشورية بصورة رسمية مضمخة بمراسيم وقوانين تشريعية، وضمها الى وزارة المالية في حكومة الإقليم. وهذا واضح وجلي في عملية تشكيل لجان تسوية الأراضي في بداية السنة الماضية بغية الاستحواذ على ما يمكن قضمه من أراضي الآشوريين المهجرين.
   لقد كانت الجهات الكردية الحزبية والرسمية ولا زالت تقف وتتفرج عن بعد عن كل الأماكن التي تحصل فيها المضايقات والتجاوزات لكي تظهر للرأي العام بأن مايحدث ليس سوى تصرفات شخصية بحتة ولاعلاقة للجهات الرسمية بها لامن قريب أو بعيد وذلك ابتغاء التستر على برامجها السرية الهادفة إلى تكريد الأرض والتاريخ والإنسان. في الوقت التي تحاول، عبثا، أن تلعب دور الحكومة الديمقراطية المنصفة والنزيهة وذلك من خلال التصريحات والتمثيليات البائسة والهزيلة التي مللناها وقرفنا منها لأننا ندرك جيدا بأنها لاتسمن ولاتغني مثلها مثل ما حصل أثناء حرق المحال التجارية في محافظة دهوك والأقضية التابعة لها والتي كانت شدتها في زاخو.
   في خضم كل هذه التجاوزات الصارخة تأتي المواقف المائعة والتصريحات الباهتة والخجولة وغير المصحوبة بمواقف حازمة وفعالة إن لم نقل رادعة من قبل أحزابنا السياسية  التي اختارت لنفسها تمثيلا لا يمت بأي صلة إلى القضية الآشورية قوميا لأنها ارتضت أن تنأى بنفسها عن المطالبة بالحقوق القومية والتعويض عنها بالمطالبة بالحقوق الدينية  لذلك  فهي تمثل المسيحيين في العراق بشكل رسمي وقانوني.
   ولعل أبرز ما يثير الأستغراب والدهشة هو التوضيح الصادر مؤخرا عن (المجلس الشعبي الكلداني السرياني الآشوري) حيث ورد فيه:(التقت اللجنة مع السيد محافظ اربيل للبحث معه في مسالة الابراج الاربعة الذي وعد بأن جميع الشقق الموجودة في الأبراج ستباع الى أبناء شعبنا حصراً، وبأسعار مناسبة).
     عندما يقف المرء على تفاصيل هذه الأحداث الجسيمة والرامية، عن قصد وسابق تصميم وإصرار، إلى اقتلاع جذور أمتنا الآشورية من أرضنا التاريخية وطمس كل مايمت إلى تاريخنا ووجودنا القومي بصلة. ويتحرّى بروية وإمعان جزئيات هذه العملية وأبعادها وتداعياتها الخطيرة، ويقارن بينها وبين  ما ورد في إيضاح المجلس الشعبي فإنه سيقف عاجزا متلعثما عن التعليق يعتمل في نفسه الغضب العارم ممزوجا بالسخرية والاشمئزاز والقرف من هكذا قيادات تدعي، كذبا ونفاقا، تمثيل هذه الأمة في حين تنام على الضيم، وتغض الطرف عن كل الجرائم التي تقترف بحق هذا الشعب.  ولست أدري فيما إذا كانت اللجنة التابعة لتجمع التنظيمات السياسية لشعبنا المثلث الأضلاع قد اقتنعت بما ورد في ايضاح المجلس الشعبي أم لا ؟. أم قد وصلت بهم  اللامبالاة إلى الحد  الذي يعتقدون فيه بأن أبناء أمتنا الآشورية هم دون مستوى إدراك خفايا مثل هذه الأمور؟.  وإذا كان الاحتمال الثاني هو الصحيح فهذا يعني، بكل صراحة، قلة احترام للمجتمع الآشوري برمته، وضرب بكل تطلعاته وأمانيه عرض الحائط في سبيل الحفاظ على منصب يخجل من تبوئه كل أبي وشريف.
   أيها السادة!
    أنتم واقفون، الآن، أمام برنامج كردي عنصري بغيض يرمي إلى تكريد أراضينا وتاريخنا بشتى الأساليب والطرق الملتوية كما حصل في كافة قرانا وقصباتنا على مرأى ومسمع منكم ولم يتغير شيء سوى الهجرة المستمرة والمتواصلة لأبناء شعبنا الآشوري جراء هذه التجاوزات والمضايقات اليومية. فعن أي وعد لمحافظ بائس تتحدثون؟. أهالي عنكاوة يتآكلهم الغضب والألم، ويستغيثون ويتوسلون ويصرخون بأن يبعد الله عنهم هذه الكأس الكردية المترعة بالسموم قبل أن تسحب أراضيهم من تحت أقدامهم ولكن لا من سميع ولا من مجيب. وأنتم تحاولون بلسمة الجراح بالتذرع بوعود محافظ أربيل بأن بيع الأراضي ستنحصر بأبناء شعبنا قطعا!!!!. إن هذا الموقف يؤكد جزما الشكوك التي طالما كانت ولازالت تراود مخيلة معظم أبناء أمتنا الآشورية بأن الكثير من المحسوبين ممثلين شرعيين لشعبنا الآشوري ليسوا أكثر من أدوات ودمى بيد القيادات الكردية العنصرية تحركها حيثما وكيفما تشاء. ومن خلال هذه الدمى يمرّر الأكراد جميع أجنداتهم ومشاريعهم المشبوهة. ومن خلال مواقف هذه الدمى أصبحت القضية الآشورية جزأ من (المسألة المسيحية في العراق)، ومن ثم انمسخت مسألة الوجود المسيحي في العراق إلى (مسيحيي كردستان)، لتكون النتيجة الحتمية لهذه الولادات القيصرية تكريد الإنسان الآشوري وتاريخه وكيانه ووجوده.
 يبدو أن هنالك ربيعا آشوريا يلوح في الأفق البعيد، ولكنه مقبل لامحالة. مقبل ليطهّر الساحة القومية من كافة المنافقين والانتهازيين والنفعيين والمتاجرين بقضيتنا القومية، ويفضح كافة المواقف والأساليب التي مورست طوال السنين الماضية ومدى خطورتها ومردوداتها السلبية على أبناء أمتنا الآشورية عامة وفي العراق بشكل خاص. لقد أتيحت الفرص، باستمرار، لكافة سياسيينا ليثبتوا جدارتهم في تمثيل القضية الآشورية. ولكن كان هنالك من فشل، وهنالك من تقاعس، وهنالك من باع،  وهنالك من خان، وهنالك من بقي واقفا بصمود وإباء وشرف على حدّ السكين. لهذا فقد آن الأوان ليفرز الشعب الآشوري الراعي الصالح من الراعي الكذاب، والمناضل الشريف من الذي باع أرضه وقيمه مقابل حفنة من المصالح الآنية. فلن يكون، من الآن فصاعدا، لمن ساوم على المسالة القومية الأشورية مكانة في الساحة السياسية. هذا ناهيك بأن هنالك العديد من الشخصيات والمؤسسات الآشورية كانت ولم تزل منهمكة في جمع وتدوين جميع الأحداث والحوادث التي حصلت في السنين القليلة الماضية بشكل مفصل لكي يتم تعرية كافة المتآمرين والمؤامرات التي حيكت من قبل الأعداء ونفذت بالتعاون مع بعض الأبناء العاقين داخل البيت الآشوري. فعاجلا أم آجلا سيحال كل من تلاعب ويتلاعب بمصير الأمة الآشورية دون وازع من أخلاق أو ضمير إلى محكمة الشعب التي ستفرز الحنطة من الزؤان، وتعطي كل ذي حق حقه دون زيادة أو نقصان .
 
 سامي هاويل
سدني/ أسترالي

75
في الوعي القومي الآشوري

   يتوقف تقدم ورقي الأمم على مدى إدراك أبنائها لقضيتهم، وإلمامهم بتاريخهم ومراحله المختلفة،  وتأثيراته سواء كانت إيجابية أو سلبية، والأستفادة من تلك المعطيات في بناء حاضر يدفع عجلة المسيرة القومية الى الأمام. ويتحتم على الطليعة، كأقل تقدير، دراسة الحاضر بواقعه أيا كان وإيجاد السبل والوسائل اللازمة لتحقيق الأهداف وفق نهج قومي ناضج وموحد مبني على الأسس القومية الآشورية القويمة.
   كما يشترط في عملية نجاح العمل القومي السياسي إعطاء الصورة الواضحة للقضية، محليا ودوليا، ليتم التعرف عليها وعلى معالمها وخصوصياتها وتطلعات أبنائها. وبذلك تتحدد المواقف تجاهها ليتسنى وضع آليات وبرامج سياسية تتناسب وتتفاعل مع الواقع وتخدم المسيرة القومية بشكل إيجابي. وهذه المسؤولية تقع على عاتق العاملين في الأحزاب والحركات السياسية بالدرجة الأولى. ولكن يبقى الوعي القومي بمثابة الأولوية التي يتحتم علينا الاهتمام بها والعمل على أيصالها الى الشارع الآشوري. وهذه عملية تتطلب جهدا كبيرا، وإرادة قوية، وإيمان مطلق بسمو القضية الآشورية ومسيرتها النضالية.
   إن التأخر الشامل الذي حلّ بالأمة الآشورية بسبب تراكمات الزمن منذ بداية الانحدار المتمثل بسقوط الأمبراطورية الآشورية، مرورا بحقب زمنية ومنعطفات خطيرة ذاتية وموضوعية وصولا الى واقعنا المزري كان لها دور مؤثر في اضعاف  الفكر القومي وسباته بالرغم من النشاط الملحوظ لرواد الفكر القومي الآشوري خلال القرنين المنصرمين، ودوره في تنشيط الحركة القومية الآشورية، لكنه ظل أسير الصراعات الداخلية الكنسية  والمناطقية والعشائرية ناهيك عن العوامل الخارجية التي لعبت دورا سلبيا،هي الأخرى، في هذا الشأن. فنلاحظ انحسار هذا الفكر بين قلة قليلة من المهتمين بالشأن القومي، بينما بات غريبا عن الشارع الآشوري. وأصبح مفهوم الانتماء الى الآشورية مجرد انتماء سطحي تتغلب عليه صفة العاطفة. كما أن عملية خلط الأمور القومية بالانتماءات الطائفية والكنسية، ومحاولة إضفاء صفة القومية على الانتماء الطائفي تنصبّ، كليا، في مصلحة المذاهب وبعض رجال الدين، ولا تختلف في مضمونها وسلبياتها عما يحدث في الساحة السياسية القومية. إضافة الى هذا كله فهناك تأثير المدرسة الفكرية الشيوعية على جزء لايستهان به من الطبقة المثقفة لأبناء أمتنا الآشورية. وبذلك انعكست سلبا على الفكر القومي والمسيرة النضالية. ونلاحظ اليوم، بكل جلاء ووضوح، الدور الهدام الذي تمارسه بعض الكوادر البعثية والشيوعية، سابقا، التي لازالت متمسكة بجلودها وأفكارها الأصلية والناكرة لكل فكر قومي أي كان. والمتنكرة، اليوم، بقناع النهضة القومية المذهبية. هذا الدور الذي أثر ويؤثر، سلبيا، على العمل القومي الآشوري الذي لم ولا ولن يقبل بالتشويهات والعمليات الجراحية والتطعيم المذهبي التي يحاول البعض إجرائها لمقومات الأمة الآشورية المتمثلة بالانتماء فكرا وتاريخا ولغة وحضارة حاضرا ومستقبلا. كما نلاحظ تأثر هذا الفكر بالمدارس الحزبية والمصالح الذاتية حيث أصبح الانتماء الى العمل السياسي يتغلب على الانتماء القومي نتيجة الصراعات الحزبية خلال العقدين المنصرمين.هذا الصراع الذي أهدر الفرص الثمينة وأصبح اشتداده ذريعة للتلاعب بمقدسات الأمة الآشورية في سبيل تحقيق الممكن من المكاسب الحزبية. وبات الانتماء الحزبي بديلا للانتماء القومي. وغالبا ما نسمع ونقرأ عن عملية ربط مصير الأمة الآشورية وقضيتها بمصير حزب معين. وهذه ظاهرة سيئة جدا تنصبّ في خانة المصالح الحزبية ولا تخدم القضية الآشورية بأي شكل من الأشكال، لا بل تساعد على تشويه الفكر القومي وقدسية الانتماء إلى هذا الفكر. ولهذا نعيش اليوم في دوامة الصراعات الحزبية في ظل فقداننا رويدا رويدا لخصوصيتنا القومية وإهدارنا للفرص المتاحة الواحدة تلو الأخرى.
   إننا اليوم بحاجة الى وضع خطط وأساليب عملية وبنّاءة في كيفية نشر الوعي القومي بين أبناء أمتنا الآشورية والذي يعتبر الحل الأمثل لتجاوز جميع أزماتنا الداخلية. وهو، بحد ذاته وبالتأكيد، سيكون انقلابا جذريا بدآ بالنفس التي يعكر صفوها وجوهرها القشور الصدئة المتراكمة عبر العصور جراء الصراعات الداخلية والتأثيرات الخارجية. كما سيكون بمثابة اهتزاز عنيف يطرح عنها كل الأدران التي لوثتها، ويقتلع منها الأنانية والمصلحة الذاتية، ويصقلها بالجرأة والابداع والتفاؤل. وبذلك سيقوي إرادة الأمة الآشورية ويوظد أواصرها لتتمكن من تحطيم واقعها البائس بيدها، وتبدأ نهضتها من جديد.
   إن عملية نشر الوعي القومي الآشوري لا تتوقف على المؤسسات القومية والاجتماعية والسياسية والكنسية فحسب، بل تتعدى ذلك لتكون مسؤولية أخلاقية وتاريخية تلزم الإنسان الآشوري، وبشكل فردي، القيام بها من خلال احتكاكه ببقية الأفراد ابتداء بالعائلة ومايحيط بها من الأقرباء والأصدقاء والمعارف وصولا الى المجتمع ككل لتكون بمثابة ثورة حقيقية داخل الأمة الآشورية ترسخ الثقة بالنفس، وتقوي الإيمان بإمكانية تحقيق الأهداف القومية، وتقدس الانتماء القومي الآشوري لنفوت الفرصة أمام الهجمات الشرسة الرامية الى إضعافنا بالانقسامات المذهبية والعقائدية الدخيلة،ولنستطيع ردع وصد كل المحاولات التي تسخر القضية القومية الآشورية لتحقيق مآرب حزبية ومذهبية وشخصية ضيقة طالما عانى ويعاني من مخلفاتها شعبنا الآشوري المشتت في جميع بقاع الأرض، وبالأخص في أرض الآباء والأجداد، أرض الرافدين، بلاد آشور المقدسة.

سامي هاويل
سدني / أستراليا


76
أيضاحات لابد منها

   تعتبر عملية اقتناص شواهد وأحداث مبتورة من  التاريخ دون سرد أسبابها ومسبباتها وحقائقها دون لف أو دوران، عملية غير نزيهة تنصب في مصلحة فئة شاذة عن الواقع والتاريخ، ولربما تدخل ضمن أجندات مشبوهة في محاولة لمسخ الحقيقة، واعطاء صورة مبهمة للراي العام ، وبضبابية غير واضحة المعالم. وهذا مرفوض رفضا قاطعا، وخارج عن أصول الحوار المتمدين والموضوعي والشريف، والنزيه, وبعيد كل البعد عن قواعد الكتابة الجادّة والأكاديمية، وتعتبر بحق محاولة لتشويه وتزوير التاريخ.
   لقد توهم البعض من متعاطي الكتابة الإلكترونية، التي صار يمارسها كل من هبّ ودبّ، بأن عملية انتقاء ما يفي بأغراض مشاريعهم الانقسامية والتدميرية سوف تلقى صداها بين أبناء شعبنا التي تجمعهم كل مقومات الأمة الواحدة الموحدة أرضا وتاريخا وتراثا ومصيرا. لا بل وصل بهم العقم الفكري إلى درجة أنهم يلفقون أكاذيب، ويأتون بترّهات يصدقونها وحدهم ومن هم على شاكلتهم، في حين ينظر إليها الآخرون بقرف واشمئزاز واستهجان. وهم  بذلك أشبه بتلك الصراصير المثقفة والمأجورة التي أمرها المقبور صدام حسن بإعادة كتابة التاريخ على هواه ومزاجه الخاص، وكان في طليعة تلك الصراصير المدعو أحمد سوسة (واسمه الأصلي نسيم سوسة) الذي أسلم وباع دينه ودنياه وآخرته بحفنة من الدنانير، وهاهو الآن قد آل مع سيده القائد الضرورة وكل الذين كانوا على شاكلته، إلى مزبلة التاريخ، ولم يبق من انجازاتهم التاريخية المزيفة سوى روائح الدجل والنفاق مصحوبة في كل محفل باللعنات. ولكن الذي يحزّ في نفوسنا كثيرا هو أن القائمين على هذه العملية التضليلية ينتمون مجازا إلى هذه الأمة. مع أن لدي وطيد الأمل بأن يكون حوارنا هذا دعوة صادقة لإعادة النظر في المواقف العدائية التي لامبرر لها إطلاقا، آملين من الجميع وبدون استثناء, انتهاج أسلوب الحوار القومي الموضوعي والمبني على أسس قويمة ومنطقية، بعيدا عن الهراء الذي لايغني ولايُسمن. ولايخدم بأي حال من الأحوال، قضيتنا القومية المقدسة وخاصة في هذه المرحلة الحرجة والحساسة والمصيرية. فالمسؤولية الملقاة على عاتقنا كبيرة، وكبيرة جدا لكل من يعي ويستوعب، ونحن من سيحدد مسار قضيتنا ومآلها ومستقبلها. أما الضالون المضللون فمصيرهم متوقف على حكم الشعب عامة، وطبقته المثقفة والنزيهة والشريفة بشكل خاص. وإن غدا لناظره قريب.
   لقد حدثت التغييرات التي تعصف بالمنطقة بلا هوادة، وبشكل سريع وغير متوقع على الإطلاق. بينما نحن الآشوريين نعاني أمراضا مزمنة تكمن في عمق الصراعات الكنسية التي استنزفت مجمل طاقات الأمة الآشورية. لذلك لم نكن مهيئين وجاهزين لخوض غمار هذا الاعصار الجارف والمدمّر. لهذا بقينا على هامش الأحداث والتاريخ نجترّ ماضينا ومآسينا وويلاتنا وخلافاتنا، في حين كان عدونا في كامل الجاهزية للانقضاض على ماضينا وحاضرنا ومستقبلنا، وبدأ بكتابة صفحات جديدة في تأريخ لم نألفه من قبل, يعاضده في ذلك عن قصد أو عن غباء بعض المسوخ المستكردين والمستعربين الذين نهضوا  من نفق التاريخ المظلم, وأصابهم الدوار القومي, وفقدوا رشدهم، وأضاعوا السراط المستقيم، وانتهى بهم المطاف إلى خندق أعداء أمتهم، لا بل يقفون في طليعة هؤلاء الأعداء حيث أنيطت بهم مهام تعكير أجواء التفاهم والتعاضد بين أبناء الشعب الواحد، والعمل بكل ما أوتيو من حقد وضغينة وغباء إلى إدخال قضيتنا القومية في دهاليز الطائفية المقيتة، ودفع عجلة التناحر والتمزق والانشقاق الى الأمام، بحيث وصل الحقد الأعمى ببعض منهم إلى درجة إهانة شهداء الأمة الآشورية بشكل يثير القرف والتقزز والأشمئزاز وبألأخص أميرشهداء هذه الأمة  قداسة البطريرك مار بنيامين شمعون الذي ضرب أروع الأمثلة في التضحية والفداء ليس على مستوى الأمة الآشورية فحسب وإنما على مستوى العالم بأسره, وبشهادة الأعداء قبل الأصدقاء. تباً لكل من يجول ويصول في الميدان القومي طولا وعرضا بلا مسؤولية وبلا وازع من ضمير وفي طليعتهم بعض رجال الكهنوت الذين لايعملون بتعاليم الوصايا العشر فحسب وإنما يتقطر الحقد من كل مسامات أجسامهم النتنة لكل ما هو آشوري ماض، وحاضر، ومستقبل, ولهذا نتعرض اليوم إلى خسائر فادحة على كل المستويات وفي كل المجالات، وعلى جميع الصعد.
   أودّ، وبكل صدق وتفان وإخلاص أن ألفت انتباه جميع الإخوة من أبناء شعبنا الآشوري بكل مذاهبه ومشاربه وتشعباته ومواقفه وبدون استثناء، بأننا شعب واحد وأمة واحدة شاء من شاء وأبى من أبى، نعيش أياما حرجة وهلامية, وفي غاية الصعوبة. ماضينا مشرق بدون شك وبلا مواربة، حاضرنا بائس يدعو إلى الشفقة والرثاء، ومستقبلنا مبهم يشوبه القلق والانتظار بلا أمل.  لذلك يفرض علينا الواقع والوجدان والضمير أن نتحلى  بالحكمة والصدق والصبر والهدوء حينما نتطرق الى أمورنا الداخلية، ويتحتم علينا الواجب والمسؤولية التاريخية أن نعمل معا جنبا إلى جنب، لإزالة كل العوائق والموانع وسوء التفاهم بيننا لدرء الأخطار المحيقة بنا، وإزالة كافة الأسباب والمسببات التي تضع بيننا الفواصل والنقاط . والعمل يدا واحدة للمحافظة على أمتنا من الانصهار والاندثار، ومن أجل نيل حقوقنا القومية المشروعة على أرض الآباء والأجداد, أرض آشور المقدسة.
 سامي هاويل
سدني / أستراليا


77
لمـاذا الآشـوريـة

سأحاول الدخول في أزمة التسميات عبر هذا العنوان لألقاء الضوء على هذا الجانب المهم الذي حوله البعض الى نقاش بيزنطي ينخز في الفكر القومي وينهك العقل الآشوري ويلهيه عن الأولويات التي تتطلبها هذه المرحلة من تاريخ أمتنا الآشورية بمختلف أنتماءاتها الكنسية, ولكن هذا الحوار ربما سيختلف شكلا ومضمونا عن ما نشهده ونقرأه على صفحات الأنترنت وبالأخص في مواقع أبناء أمتنا, ولأهميته رغبت في التطرق اليه بشكل موضوعي وأن كان مطولا بعض الشيء بحكم تأثيره الكبير على الشارع الآشوري.     
بداية أؤكد على انني سأبذل جهدي لكي أجعل منه حوار هاديء مبني على حقائق ومعطيات تنصب أولا وأخيرا في مصلحة  قضيتنا القومية لربما ستكون بداية موفقة لتداوله بشكل عقلاني, وهو حوار معني به كل من يؤمن بأننا امة واحدة لا تفصلنا حدود الأنتماءات الطائفية والعشائرية وتجزئنا الى امم. نعم أنها دعوة لكل مخلص وحريص على وجودنا ومستقبل قضيتنا القومية الوحدوية الصفة والجوهر ويؤمن بأن خلاصنا هو بالتجرد من عاطفة الأنتماء الكنسي والعشائري والحزبي. أنها مرحلة وضع النقاط على الحروف بشفافية مطلقة بعيدة عن عملية أرضاء هذه الكنيسة وتلك المؤسسة وذلك الحزب.                                       
يذكر غبطة الكاردينال مار عمانوئيل دلي في أطروحته (المؤسسة البطريركية في كنيسة المشرق ) التي قدمها لنيل شهادة الدكتوراه من جامعة اللاتران بروما عام 1958, في الصفحة "76" قائلا (وتجدر الملاحظة الى كلمة , آثور , في جدول عمرو في المخطوط العربي رقم 110 الورقة 177 في خزانة الفاتيكان مضافة فوق السطرلكنها بنفس خط الناسخ الأصلي) ويضيف (ان كتاب الآباء المذكور سابقا , عندما يذكر المطارنة الناخبين يضع في المرتبة الرابعة مطران آثور, دون التنويه بأربيل بينما في الصفحات اللاحقة عند كلامه عن تقدم المطرانيات يضع مطرانية أربيل في المرتبة الرابعة وهذا دليل على انه في عهد مؤلف هذا الكتاب كانت أبرشية أربيل تعني أبرشية آثور في الوقت نفسه ويعتقد المستشرق شابو بأن الأبرشية الكنسية آثور تكونت من توحيد مطرانيتي أربيل والموصل  ) أنتهى الأقتباس , وهذا يدل على تداول ,آثور أو آشور, كمدلول لمنطقة تاريخية معينة أضافة الى أن سكانها من أبناء امتنا الآشوريين كانوا على دراية تامة بأنتمائهم القومي الآشوري ويفتخرون بهذا الأنتماء.                                             
وفي هذه الأطروحة تحديدا الصفحة 143  يتابع غبطة الكاردينال مار عمانوئيل دلي قائلا ( ونلاحظ أن من بعده طيماثاوش الثاني (ت 1332 )يوقع ,, أنا طيمثاوس الجاثاليق بطريرك المشرق, حتى نصل الى أبينا البار مار يوحنا سولاقا الذي أسبغ عليه البابا يوليوس الثالث لقبا هو : بطريرك الموصل في آشور الشرقية) ويضيف في الصفحة 143-144 قائلا (في سنة 1565 اذ يكتب البابا بيوس الرابع الى خليفة مار يوحنا سولاقا وهو مار عبديشوع الجزري ,1555-1571, يلقبه بلقب وهو: بطريرك الآشوريين أو الموصل أي بطريرك الموصل في آثور الشرقية ) كما يضيف في الصفحة 144-145 مسترسلا ( بقي هذا اللقب       :" جاثاليق بطريرك الموصل في آشور " حتى أواخر القرن السادس عشر تقريبا اذ بدأ المرسلون والرحالون يجوبون في بلادنا الشرقية ويطلعون أكثر فأكثر على تقاليدها وريازة كنائسها وأصالة تراثها, فكتبوا تقارير عما رأوا وأطلعوا عليه من المعلومات التاريخية والدينية والجغرافية, جاء في كتاباتهم الغث والسمين. فقد أخطأوا عندما ظنوا ان بغداد هي بابل وان البطريرك الجالس في دير الربان هرمزد قرب     " آشور حاليا في الموصل في ديار بابل فخلطوا الحابل بالنابل , وخبطوا بين الشمال والجنوب وهكذا تغلب هذا الأسم الذي له جذوره في الكتاب المقدس أي "بابل"على سائر الأسماء, وباشرت روما على أثر التقارير التي تصلها والأخبار الحاملة أسم الديار البابلية منذ نهاية القرن السادس عشر وبدء القرن السابع عشر تطلق على البطريرك أسم " بطريرك بابل على الكلدان ) كما يضيف غبطة الكاردينال في الصفحة 147 قائلا أن أحد المشتغلين في ميدان القانون الكنسي الشرقي وأسمه الأب كوروليفسكي قد كتب بحثا قي القانون المقارن عن البطاركة وأقترح فيه لقبا لرئيس الكلدان الأعلى وهو : مطران ساليق وقطيسفون رئيس أساقفة المشرق جاثاليق بطريرك بابل على الكلدان, ولكن بعد سنتين غير رأيه وعرض لقبا آخر فكتب جاثاليق بطريرك المدن الكبيرة ساليق وقطيسفون رئيس اساقفة المشرق, وأضاف قائلا أن لقب بطريرك بابل الحالي ليس جيدا ويجب تغييره.                                                                                                 
كلنا على دراية بأن الأطروحة المقدمة لنيل شهادة الدكتوراه يجب ان تكون المعلومات فيها صحيحة وفي غاية الدقة وأتنمى من القراء والمهتمين بالشأن القومي الأطلاع على هذه المصادر الغنية بالمعلومات التاريخية التي تؤكد ورود الآشورية كمدلول لأرض وصفة قومية معروفة آنذاك.                             
كما ٍاترك لكم في نهاية هذه المقالة رابط لمحاضرة سيادة المطران مار سرهد جمو التي يتحدث فيها عن اللهجات في لغتنا وهو يقر وبحماس ملحوض في الجزء الخامس من الرابط أدناه بأننا آشوريين لذا أتمنى المشاهدة والأستماع الى الجزء الخامس من الرابط الأول أدناه.                                                 
والآن لنضع التاريخ القديم جانبا بكل ما يحمل بين طياته من أثباتات وأدلة دامغة على آشورية أنتماءنا القومي والحضاري ولنبحث في ثنايا التاريخ المعاصر مستخلصين من معطياته ما يخدم قضيتنا  كأمة كان لها دور في أحداث عدة حلت على المنطقة والعالم . لقد دخلت المسيرة القومية الآشورية في مرحلة السبات لقرون طويلة في الوقت الذي كرس أبنائها جهودهم في نشر الرسالة المسيحية وقد حققوا في هذا المجال نجاحا كبيرا يشهد له التاريخ, ونتيجة ذلك لاقوا المرارة  والقتل والتهجير والتنكيل بسبب أيمانهم المسيحي ليصبح أبناء الأمة الآشورية مقسمين الى مناطق جغرافية مختلفة ومجاورة لبعضها البعض بدآ بسهل نينوى  صعودا الى مناطق نهلة وصبنا وبرور وزاخو والى طور عبدين وهكاري شمالا وسوريا غربا وصولا الى اورميا شرقا, كانوا يعيشون في قرى وقصبات متسلسلة ومجاورة لبعضها البعض على هذه الرقعة المعروفة تاريخيا بالمثلث الآشوري, وجريا وراء الصراعات الكنسية أشتدت القطيعة بين أبناء أمتنا الآشورية أجتماعيا وفكريا لفترة طويلة وحالت هذه العملية دون ان تتحقق الوحدة بين أبناء هذه المجموعات مما جعل أراضينا التاريخية  سهلة المنال ومفتوحة امام الطامعين بهذه الأرض. من الجدير بالذكر هو اصالة انتماء هذه الأمة الى جذورها الآشورية القديمة لما تربطهم بها من عوامل ومقومات الأمة الواحدة كالأرض واللغة والتاريخ والثقافة والعادات والتقاليد المشتركة يضاف اليها أنتمائهم المسيحي كعامل اضافي لعمقه التاريخي بحيث نلاحظ ان كل من ترك كنيسة المشرق والمسيحية أنصهر في القوميات المجاورة كالعديد من العشائر العربية في العراق وسوريا بالأخص سكنة مناطق جنوب نينوى وداخلها وكركوك وغيرها من المدن والقصبات الآشورية القديمة.                                                                                       
عاش الآشوريين على أرضهم فترات مختلفة أتسمت الكثير منها بالهدوء والسكينة بالأخص في المناطق الجبلية بحكم الطبيعة الجغرافية وتميز ابنائها بشدتهم في مقاومة الهجمات الرامية الى أحتلال هذه المناطق ويشهد التاريخ على فشل تيمور لنك القائد المغولي المعروف بدمويته الدخول الى مناطق هكاري بالرغم من محاولاته المستمرة الا انها باءت بالفشل ومني جيشه بخسائر فادحة ارغمته الى الهروب وعدم التفكير مجددا بالعودة اليها. الى أن بدأت البعثات التبشيرية الغربية الى هذه المناطق بحجة نشر الدين المسيحي ولكن هذه البعثات وصلت الى المنطقة للتجسس والأطلاع على طبيعتها الجغرافية وسكانها لتبسط دول الغرب نفوذها عليها, وقد نشطت فرنسا وبريطانيا بشكل كبير في هذا المجال كونها كانت من كبرى دول أوروبا وأقواها. وبسبب الضعف المستمر والأنهيار البطيء الذي اصاب الدولة العثمانية بدأت تفقد سيطرتها على مستعمراتها ومنها هذه المناطق آنذاك فأستغلت فرنسا ذلك لتفرض عليها شروط اتاحة الفرصة لمبشريها للعمل بين أبناء الأمة الآشورية بغرض كثلكتهم, واستخدمت الضغط بالقوة في الكثير من الأحيان ضد كل من يرفض الكثلكة وما مذابح بدرخان بك 1843- 1847 التي وقعت في مناطق هكاري بايعاز من الدولة العثمانية الا دليلا على ذلك مقابل مساعدات تقدمها فرنسا للأخيرة.                                       
أتسم القرن التاسع عشر بنمو الحركات القومية بين شعوب المنطقة فقد أخذت الكثير من هذه الصراعات طابعا قوميا, وكوننا أصبحنا أحد المحاور فيها بدأت قضيتنا القومية تأخذ مجددا مكانتها ليس بين الشعوب المجاورة فقط بل أقرت بها الدول الغربية ايضا أبتداء من مذابح بدرخان بك وسمكو الشكاكي وميركور ومذابحه في شقلاوة والمناطق المجاورة لها وصولا الى مذبحة سميل وصوريا والأنفال والى يومنا هذا. كل هذه الأحداث المأساوية أخذت طابعا قوميا وعرفت به قضيتنا بالقضية الآشورية وتم مناقشتها في عصبة الأمم ومؤتمرات دولية أخرى  وتمخض عن ذلك أصدار قرارات دولية لحل المسألة الآشورية بدأ بضم ولاية الموصل الى العراق بحجة أسكان أشوريي هكاري فيها بجوار أبناء جلدتهم من آشوريي السهول بعد رفض الحكومة التركية أعادة أراضيهم التي عاشوا عليها مئات السنين وتلتها محاولات حل القضية الآشورية واسكانهم من جديد في مناطق نوهدرا ( دهوك ) وبعدها الخابور  أضافة الى مشاريع أسكان الآشوريين في البرازيل وجزيرة غويانا البريطانية ولكن دون جدوى فقد بقيت هذه المسألة دون حل الى يومنا هذا وللأطلاع على قضية أسكان آشوريي الجبال الرجاء الأطلاع على الرابط الثاني أدناه.             
أنني في الوقت الذي أكن فيه كل الأحترام لمشاعر أبناء أمتنا الآشورية في مختلف كنائسنا بمختلف التسميات التي دخلت عبر التاريخ وليس الغرض من هذه المقالة الغاء اية تسمية كما يروج لها البعض من المتسترين خلف خطاباتهم البكائية المشبعة بادعاءات التهميش واللألغاء والتأشور وغيرها من المصطلحات التي ليس لها وجود الا في مخيلتهم لكسب عطف أبناء أمتنا البسطاء ليشغلوهم بالجري وراء السراب في الوقت الذي يسيل لعاب هؤلاء القلة وراء وظيفة أو منصب في الداخل أو في أحدى سفارات عراق اليوم عراق الفوضى والفساد الأداري وبذلك يخدمون أعداء امتنا من الشوفينيين لتمرر الفرصة التي أوجدتها التغييرات الحاصلة في منطقة الشرق الأوسط والعراق خاصة.                                                 
وكما ذكرت أعلاه فأن قضيتنا القومية أخذت طابعها القومي الآشوري ولا يوجد أية اشارة الى مسمى آخر عبر التاريخ الحديث لذلك المنطق والمسؤولية التاريخية تفرض علينا الأبتعاد عن مشاعر الأنتماء الطائفي والكنسي والعمل الوحدوي لأيجاد الخطاب القومي الآشوري الذي سيكفل أحقاق حقوقنا القومية وحماية وجودنا على أرضنا التاريخية في عراق اليوم أملا في أن نعود يوما اليها وهذا من مستحقاتنا, وللقلة من المحسوبين على امتنا والمروجين لقوميات داخل جسد الأمة الآشورية أقول أن ميادين العمل مفتوحة أمامهم طولا وعرضا فليخرجوا من زوبعة خطاباتهم العدائية لكل ما هو آشوري وليشمروا عن سواعدهم وينزلوا اليها ويدافعوا عن أيمانهم القومي الجديد ذو الثماني سنوات أذا كانوا صادقين به حينها سنحترم أرادتهم وخياراتهم, وليعلموا بأن عمالقة الظلام وجلاوزتهم من قبلهم حاولوا طمس الهوية الآشورية فوقف في وجههم الأبطال من أبناء أمتنا من كافة طوائفنا أمثال آشور يوسف والملفان نعوم فائق وهرمز رسام ومار أدي شير ومار توما اودو ومار اوكن منا ومار روفايل بيداويد والأستاذ الكبير هرمز أبونا  والكثير من العضماء الذين دخلت أسمائهم أنصع صفحات التاريخ ليفتخر بها أجيالنا القادمة كما نفتخر بهم نحن اليوم.     
ان عملية اقصاء الآشورية خلال التاريخ المعاصر التي أستمرت الى يومنا هذا ليست الا محاولات لتغييب قضيتنا القومية والألتفاف على أستحقاقاتنا التاريخية, فقد أحيكت شتى المؤامرات على قضيتنا القومية في الآونة الأخيرة ومن بين اهم وأخطر هذه المحاولات كانت خلق صراع التسميات الذي أدخلنا في دوامة يشترط الخروج منها التحلي بالوعي القومي والألمام الكافي بأحداث التاريخ المعاصر والأرتقاء الى مستوى المسؤولية التاريخية بعيدا عن الأنتماء الكنسي والطائفي.                                                             

  الرابط الأول    http://www.youtube.com/watch?v=Q6vxXmPLyAU&feature=related
 الرابط الثاني           
                                         http://www.atour.com/government/un/20040404a.html
     
 سامي هاويل
سدني / أستراليا

78
مفهـوم الوحـدة القوميـة

يبقى موضوع الوحدة القومية في صدارة الأمور التي تشغل الأنسان الآشوري, ولكثرة الحديث عنه وأختلاف وجهات النظر لابد وان نعطي للوحدة على الصعيد القومي تعريفها الصحيح. فكلما تناولنا هذا الموضوع يجعلنا على احتكاك تام مع الشأن القومي وتزداد وضوحآ القضية وايجاد السبل لأدراكها وفهمها بشكلها المتكامل.                                                                                         
في الوقت الذي يولي الجميع اهمية قصوى لهذا الموضوع لابد وان ندخل في تفاصيله على أختلاف اشكاله. فمن غير المعقول ان نتخبط في مسالة وحدة الأمة قوميا لكونها أساسا امة واحدة ولا تحتاج الى ايجاد وسائل معينة لتوحيدها, أما ما نراه هذه الأيام من محاولات تفريخ أمم جديدة في جسد الأمة الآشورية ليست الا محاولات آنية تنصب في مصلحة جهات وأفراد معينين لم يكن لغالبيتهم اي نشاط قومي ملحوض وهم من قوميي الزمن الرديء والمستقبل القريب كفيل لفضح كل الممارسات التي تؤدي الى شق الصف القومي الآشوري, وكما هو مألوف ويشهد له التاريخ عندما يرتقي الواقع الى مستوى الحقيقة دائما يحاول طمسها وتشويهها ولكن الحقيقة أزلية وتسير في مستوى معين وبخط مستقيم بعكس الواقع, فبزوال أسبابه ينحدر الى الأسفل لتظهر الحقيقة ناصعة كما هي. والملفت للنظر دائما هوعندما يبدأ ذلك الواقع بالتغيير يجرف معه كل من اعتمد عليه ليأخذ حيزا في صفحات التاريخ المظلمة كي تستفاد من تجربته الأجيال القادمة.                                                                             
الوحدة بشكلها العاطفي اليوم هي الأكثر شيوعا بين أبناء امتنا الآشورية تولدها مشاعر خيبة الأمل لضعفنا وتخلفنا ولكبر المسافة بيننا وبين العالم المتحضر والمتقدم في كافة المجالات وايضا ينطوي عليها مشاعر الخوف من المستقبل المجهول الذي ينتظر ابنائنا وأجيالنا القادمة. لذلك عندما تكون العاطفة بمفردها الحافز للوحدة في ظل غياب العقل والفكر الخلاب حتما سيكون مصيرها الفشل ومزيد من الأحباط وفقدان الأمل والضياع. أن التحالف الأضطراري لأحزاب سياسية فرضتها ظروف آنية مرحلية وهدوء تراشق خطابات التخوين والعمالة بينها لا يمكن حسبانه بأي شكل من الأشكال في أطار الوحدة الحقيقية, كما ان مواعظ رجال الدين المقرونة بالعاطفة من على منابر الكنائس لم تكن يوما دعوة حقيقية أو خطوة جريئة في مسار الوحدة المرجوة بقدر ما هي دغدغة لمشاعر المؤمنين, وقد سئمنا من هكذا تصرفات فقد اكل الدهرعليها وشرب بالرغم من أنها لازالت تلعب دورا مؤثرا في أوساط البسطاء من أبناء امتنا الآشورية على أختلاف انتماءاتهم الكنسية وكانت حافزا لعب دورا سلبيا في فقدان الأمل بتحقيق الوحدة على كافة الأصعدة لا بل فقدت الوحدة قيمتها من جراء هذه الممارسات اللامسؤولة في هذا الزمن الذي بدأت أركان القضية القومية الآشورية بالتصدع والأنهيار.                                 
اذآ,, ما هي الوحدة القومية بمفهومها الصحيح؟                                                               
على الصعيد الكنسي, كلنا على دراية تامة بتاريخ كنيسة المشرق التي كانت واحدة بكل جوانبها منذ تاسيسها على يد مار بطرس في ( ساليق وقطيسفون) الذي تتلمذ على يده ركني كنيسة المشرق مار أدي ومار ماري, وقد توحدت كافة أبرشياتها تحت قيادة أسقف المدائن مار بابا بر جاجي ( فافا ) 247-326م ولكن الصراع الذي نشب نتيجة الأجتهاد الفكري واللاهوتي لبعض الأكليروس فيها يضاف اليه تدخل الكنيسة الغربية في محاولة لأحتوائها وبسط نفوذها على المنطقة كان بداية لمعاناة ميريرة لم تشهدها أمم أخرى عبر التاريخ, فقد شكل مجمع نيقيا أول تهديد لتقسيم كنيسة المشرق الى طوائق عدة كانت بدايته أنشقاق أتباع مار يعقوب البرادعي في مجمع القستنطينية الخامس عام ( 553م ) الذي تأسست فيه الكنيسة اليعقوبية, ثم أعقبت ذلك محاولات روما أبتداءا من عام ( 1551م ) التي أستمرت الى اكثر من ثلاثة قرون متتالية تمخض عن ذلك  ولادة فرع جديد تابع لكنيسة روما تحت أسم كنيسة بابل على الكلدان في عام ( 1847م ), وكان أخر أنشقاق في كنيسة المشرق الأم عام ( 1964م ) عندما أنشطرت الى قسمين ( كنيسة المشرق الآشورية والكنيسة الشرقية القديمة), وبرأيي المتواضع أعتبر حركة الأسقف مار باوي سورو الأخيرة محاولة جديدة لشق كنيسة المشرق الآشورية ولكنها لحسن الحظ لم تفلح على الأقل في وقتنا الحاضر.                                                                           
تعتبر الأنشقاقات الكنسية التي ذكرناها أعلاه بأختصار فترات مظلمة في تاريخ كنيسة المشرق والأمة الآشورية وأحد أهم العوامل الرئيسية لكل ما لحق بهذه الأمة من ويلات بسبب القطيعة بين اتباع هذه الكنائس المختلفة الذي أدى الى ضعف وتعثر المسيرة القومية الآشورية فتآتت الفرصة للغرباء للأستيلاء على اراضي الآشوريين التاريخية وتعدى ذلك الى تدخلاتهم المبيتة في شؤوننا الداخلية لحقن روح الكراهية والفرقة بين أبناء هذه الكنائس مما حول الأمة الآشورية الى أوصال متقطعة هنا وهناك لا حول لها ولا قوة تترنح تحت أزماتها الداخلية وتعاني المآسي من جراء الهجمات الشرسة التي لحقت بهم من قبل المحتلين لأرضهم التأريخية عبر العصور والى يومنا هذا.                                               
اليوم ونحن لازلنا نعاني من جراء التشتت والضياع الذي سببه الفرقة والقطيعة وتداعياتها, ألم يحن الوقت لكي يولي الأكليروس في مختلف هذه الكنائس أهتماما كبيرا لتوحيد كنيسة المشرق لتعود الى مجدها الأول ؟ لا أعتقد , بالرغم من بعض المحاولات الضعيفة والغير مدروسة بين فترة وأخرى الا اننا لم نشهد البداية الحقيقية لوحدة الكنيسة ( كنيسة المشرق ), نأمل أن تكون مقولة الرب يسوع المسيح ( اذا أجتمع أثنان بمحبة فأنا ثالثهم, بما معناه انه غير موجود في أنفاق الفرقة والكراهية ) حافزا للبدء في مد جسور المحبة الحقيقية وليس الخطابية بين مختلف كنائسنا لأنهاء كم هائل من معاناتنا وأعود أذكر بمقولة الرب ( طوبى لصانعي السلام فأبناء الله يدعون ).                                             
أما على الصعيد السياسي فكما ذكرت أعلاه هناك فرق كبير بين الوحدة القومية والتحالفات الحزبية, فالأخيرة كثيرا ما تحدث بسبب ظروف معينة تمليها عليهم مرحلة أو أخرى وبزوال مؤثراتها نلاحظ نهاية لهذه التحالفات لتليها أصطفافات حديثة بحكم المصالح الحزبية وظروف المرحلة الجديدة وأحداثها ترافقها خطابات وحدوية تغلب عليها صفة المصلحة القومية ولكنها لا تتعدى حدود الخطاب التسويقي فأنهيار تحالفات واقامة أخرى خير دليل على ذلك. هذه العملية تؤثر بشكل سلبي على مجمل العمل القومي والسياسي وبالتالي تضيع الفرص لبلوغ الحد الأدنى من الحقوق القومية.                           
الوحدة القومية الحقيقية تكمن في وحدة الفكر القومي بكل ما تحمله هذه المفردة من معاني, هذا الفكر المستخلص من قضية أمة موغلة في التاريخ لها امتدادها عبر الاف السنين وصولا الى يومنا هذا. القضية الآشورية التي مرت بعصور مختلفة بالرغم من الترسبات التي حلت عليها من جراء مخلفات الأزمنة المظلمة الا انها بقيت حية وشقت طريقها الوعر الى الأمام لتثبت أصالتها وأصرار ابنائها على البقاء كجزء مهم وبارز بين شعوب المعمورة لا حدود لعطائهم عبر الأزمان وفي كافة مجالات الحياة.         
القضية الآشورية كباقي الأمم الأخرى الحية لها معالمها وخصوصيتها ومقوماتها ولا يمكن ان يفلح اي عمل سواء كان قومي أو سياسي أذا كان مبنيا على جزئياتها بل حتما ستكون نتائجه سلبية وفي أغلب الأحيان سيخلق ذلك منعطف خطير يؤدي الى اضاعة الفرصة المتاحة ويدخلها في صراعات غالبا ما تكون تداعياتها قاسية جدا على المسيرة القومية برمتها. ولهذا يتطلب العمل القومي السياسي وعي وادراك متكامل للقضية الآشورية بكافة جوانبها سواء كان تاريخها أومسيرتها والتجارب التي مرت بها عبر التاريخ أضافة الى فصل تام بين ثوابتها التي تشكل جوهرها الغير قابل للمساس ومتغيراتها  التي تدخل في اطار السياسة حسب ظروف ومتطلبات المرحلة, وبذلك لن تشكل تعددية مناهج وآليات العمل السياسي عائقا في المسيرة القومية طالما هناك أرادة وأصرار مبني على الفكرالقومي وأسسه الحقيقية. فالآشورية ليست تسمية وليدة مرحلة أو حقبة زمنية معينة, بل هي هوية أمة ضاربة جذورها في عمق التاريخ سميت الأرض بها وعرف الله الواحد الأزلى بهذا الأسم في الوقت الذي كانت الكثير من شعوب المعمورة تعيش في ظلام, الآشورية هي أولى حضارات العالم وأحدى أهم أمبراطوريات التاريخ القديم لما قدمته للأنسانية جمعاء من علوم ومعرفة في علم الفضاء والتنجيم والطب والجيش والهندسة والأيمان بوحدوية الله وأزليته وحقوق الأنسان والقانون والتجارة, فعمليات التنقيب أذهلت علماء العصر الحديث بحيث ان هذه الحضارة اليوم تدرس في جامعات العالم تحت مسمى علم الآشوريات, لذلك تعتبر الآشورية أحد أركان وثوابت هويتنا القومية التي لا يمكن المجازفة بها, وكلنا على دراية تامة بأن السنين القليلة الماضية التي شهدت عملية تسييس الآشورية بذريعة توحيد الصف القومي أدت الى تشويه كبير أسقط القضية القومية وأدخل مسيرتها في دهاليز الصراع الطائفي والحزبي والمصلحي فغابت من الساحة السياسية لتصبح جزء من الهوية المسيحية لأبنائها دون أن تحقق الوحدة المزعومة, ولهذا يقع اليوم على عاتق أبنائها الغيورين حمايتها كهوية ومسيرة لها شرعيتها وأستحقاقاتها وهي بألأحرى أمانة حافظ عليها أسلافنا العظماء بدمائهم الطاهرة وعلينا أن نحذو حذوهم لكي تصل كاملة غير مشوهة الى أجيالنا القادمة.                                                                                                   


سامي هاويل
سدني/أستراليا   




79
الـوجــود الآشــوري وتحديــات المرحــلة ( 4 )


لــم تعــاني أمــة علــى وجـــه المعمــورة عبــر الـتــاريـخ ويلات كتلك التي مرت بها الأمــة الآشـوريـة منــذ سقــوط كيــانهــا السياســي والسـلطـوي فــي نينــوى 612 ق م وبــابل 539 ق م. فبسبب الفــرق الشــاسـع في كافــة مجالات الحيــاة بينهــا وبيـن الشعــوب المجــاورة والذي يشهد له اليوم جميع المستشرقين وعلماء الآثار والتاريخ, تعرضــت حضارتهــا الى تشويه وتدميــر شامل من قبل الغزوات المتتالية,في الوقت الذي سرقت الكثير من تلك الحضارة لتدونها أمم أخرى من جديد كموروث لها. هذه الحملات الدموية على مر العصور ولأكثر من 2000 عام قطّعت هذه الأمة الى اوصال وجعلتها تعيش على شكل مجتمعات منقطعة عن بعضها البعض لفترات طويلة كما كان عليه الحال أيام حرب الخمسة قرون متتالية بين الأمبراطورية الرومانية والفارسية والتي لطالما كانت حدة سخونتها وشدتها تقع على الموطن الأصلي للآشوريين لتقسمها الى شطرين احدهما أصبح تحت حكم الرومان والآخر بقي تحت سيطرة الفرس, وقد حال الأنقطاع الطويل بين المجتمعين وتأثير المحتلين الى وضع فواصل بحكم طبيعة ثقافة المتسلط عليهم ليؤثر على عاداتهم وتقاليدهم لا بل فاق ذلك لتظهر لنا لهجتين وحرفين غربي وشرقي, كما لعبت الأنشقاقات الكنسية دورا سلبيا هي الأخرى فزادت حدة القطيعة بين ابرشيات الكنائس المختلفة لتمزق النسيج القومي وتبعثر الفكر النير الرامي الى توحيد الأمة الآشورية وحمايتها من الضياع والأنصهار في الأمم المجاورة. ومن الجدير ذكره هو الدور البارز الذي لعبته الكنيسة الغربية المدعومة بالبروبوكاندا الفرنسية في اشعال فتيلة الصراعات بين طوائف أمتنا الآشورية محاولة بذلك غزو كنيسة المشرق الرسولية وأضطهاد كل من لا يتبع لروما, وهذا جلي من خلال الضغط الذي مارسته فرنسا على الدولة العثمانية الملقبة (بالرجل العجوز حينها) في سبيل نشر مفاهيم المسيحية الغربية والضغط على كل من لا يتبعها من أبناء كنيسة المشرق, وما الحملات الدموية للمجرم بدرخان بك بأيعاز من الدولة العثمانية عام 1843-1848  على منطقة هكاري لأرضاء البروبوكاندا الفرنسية الا دليل صارخ على تسييس الغرب للمسيحية من أجل موطىء قدم في المنطقة. هذه المآسي والكثير غيرها لا مجال لذكرها في هذه المقالة أرغمت أبناء الأمة الآشورية الى الهجرة والتنقل من منطقة لأخرى مجاورة داخل موطنهم الأصلي أملا في أنهاء معاناتهم الطويلة والخلاص من الهجمات الشرسة التي كانت تلحق بهم والتي تقشعر الأبدان لدى سماعها.                                                                                                         
 وفي تاريخنا المعاصر وتحديدا منذ بداية القرن المنصرم, ومن خلال تجربة الآشوريين الطويلة والمريرة مع جيرانهم من الأكراد والأتراك والعرب والفرس خاصة بعد مذابح آشوريي الجبال أبان الحرب العالمية الآولى تلتها مذبحة سميل في العراق عام 1933 والصمت المطبق للغرب عليها بدأ نزيف الهجرة الى البلدان الغربية ( اوروبا وأميركا وكندا وأستراليا) أملا في وضع حد لويلاتهم التي أستمرت لأكثر من الفي سنة ضاع خلالها الملايين من أبناء الأمة الآشورية حيث  سقط غالبيتهم شهداء والآخرون تم تعريبهم وتكريدهم وتتريكهم أبتداء بحملات المغول وبعدها الغزوات الأسلامية لمناطقهم التاريخية, وقد أستقر الآشوريين على شكل جاليات قريبين من بعضهم البعض في البلدان الغربية المختلفة ليكونوا شريحة مهمة ضمن شعوب هذه الأوطان وتفاعلوا مع شعوبها ليكونوا جزآ من نسيجها الوطني. وما أن ادركوا خطورة هذه المجتمعات الجديدة على هويتنا وخصوصيتنا القومية حتى  باشروا في بناء مؤسساتهم القومية المختلفة التي لعبت دورا كبيرا في نشر الوعي القومي لحماية أجيالهم القادمة من الأنصهار والضياع بالرغم من طبيعة الحياة اليومية ومشاغل الحياة الشخصية للفرد الآشوري في هذه البلدان. اليوم وفي خضم الظروف الصعبة التي يمر بها أبناء الأمة الآشورية في الوطن وخطورة المرحلة التي تعصف بالقضية الآشورية ولكون مسؤولية حمايتها تقع على عاتق جميع ابنائها فمن الواجب عليهم العمل لصيانتها من الضياع في ظل تلاطم أمواج الصراعات الساخنة نتيجة السياسات الشوفينية والنزاعات الأقليمية والدولية التي تهيمن على المنطقة. ففي الوقت الذي أرغمت فعالياتنا السياسية في الوطن للرضوخ  للواقع المزري وقبوله فمن غير المبرر ان يكون ذلك سببا في خمول المهجر الآشوري في هذه المرحلة التي نحن فيها الأحوج لأستغلال وتسخير كل امكاناتنا وطاقاتنا من أجل الضغط على صانعي القرار ومسوقيه الى الوطن من خلال التحرك على جميع المحافل الدولية وحكومات الدول الغربية مطالبين بحقوقنا المسلوبة والتي تقرها الأمم المتحدة بالأخص تلك التي تنص على حقوق الشعوب الأصيلة, ولكن بالرغم من المساحات الواسعة التي تتيحها لنا الحرية في البلدان الغربية فلم نشهد أي خطوة جديرة بهذا الأتجاه الا القليل جدا على مستوى مؤسسات أو أفراد, فلم تكن بالشكل الذي يلفت النظر ويؤثر على مراكز القرار, والأنكى من ذلك فأننا نتلمس اليوم من الشارع الآشوري في المهجر قبولهم بنظرية واقع الحال التي سوقها سياسيينا من الوطن الى المهجر. لمن الغريب أن نستسلم لواقع مرير يهدد كياننا كأمة ونحن في المهجر بعيدين عنه نعيش واقعا يختلف عنه تماما وظروف مؤهلة لتفعيل القضية الآشورية وتوحيد الجهد في الأطار القومي بعد أن أثبتت القوى العراقية بكافة تلاوينها فشلها في التعامل المنصف والعادل مع القضية الآشورية, ولا أعتقد أنها ستفعل ذلك اليوم ولا على الأقل في المستقبل المنظور فكل معطيات الثمانية سنوات الأخيرة تشير الى ذلك. أن عملية الخضوع الى واقع بعيد عن المهجر بآلاف الأميال تكمن في شحة الوعي القومي وقلة الدراية بماضينا ومراحله المختلفة وقرائتها بشكل صحيح لتوظيفها لمصلحة حاضرنا ومستقبل أجيالنا. أن الأدراك المتكامل للقضية القومية الآشورية والألمام بمفرداتها وتاريخها الطويل ومراحله المختلفة يولد الأيمان, وهذا الأيمان المطلق بالقضية الآشورية يبعث الأمل والثقة بالنفس في الفرد الآشوري, هذه العوامل مجتمعة يضاف اليها قراءة صحيحة للواقع ومعطياته ومعرفة تامة بالأمكانيات الذاتية المتاحة للأمة الآشورية والعمل على ايجاد الأصدقاء الحقيقيين للقضية الآشورية أقليميا وعالميا, كل هذه العوامل  ستحدد المسار الصحيح للعمل القومي الآشوري ليكون أنطلاقة جديدة ذات مميزات وخصوصية تتلاقى مع المصلحة القومية العليا. لقد آن الأوان لتوحيد جهود كافة النشطاء والمهتمين لتوحيد الخطاب الآشوري القومي والسياسي وفق الأسس والمعايير القومية الصائبة والعمل على وضع حد للتجاوز الحاصل على الآشورية باعتبارها هوية شاملة, وردع محاولات أجهاض مسيرتها سياسيا وتشويهها وأضفاء الصفة الطائفية عليها. وبلا ادنى شك فان العمل القومي المبني على هذه الأسس سيكون قادرا على السير قدما وسيواجه كافة المعضلات موجدا لها حلول عقلانية تنصب في خدمة القضية الآشورية العادلة ومسيرتها النضالية.                                                                                             

ســامي هــاويل
سـدني / أســترالــيا

80
الوجـود الآشـوري وتحـديـات المرحلـة ( 3 )

كـان أنبثــاق الأتحــاد الآشـوري العالمــي فـي عـام 1968 فــي المهجــر مطـلب وحاجــة ملحــة أمـلته ظـروف التشتت والأغتراب التــي ألمــت بــامتنــا الآشــوريـة, فجــاء  بفكــر ناضــج ورؤيـة صحيحــة وواضحة ولــدت من رحــم الأمـة الآشـوريـة فـي محــاولة لأدلــجة الفــكر القومــي السياسي الآشوري المعــاصر, حيث أعيـدت ملامـح القضــية الآشوريــة مــن جديــد ووضعـت اللبنات الأولـى لهـا, فتــم أختيار العلـم القومـي وتحـديـد يــوم الشهيــد ورأس السنـة الآشورييـن,وقــد تفــاعل معــها المجتمــع الآشوري وتبناها وشرعنها لتكون رمــوزا للأنطلاقــة الجـديــدة بعد أن أرغـم الزمـن الرديء بكل معضلاته المختـلفة أبنـاء الأمـة الآشـوريـة تـرك وطنهــم واللجوء الــى البلــدان الغربيــة بحثـا عـن الأمــان والعيــش الكريــم. فلعبـت هــذه الأنطــلاقة دورا رياديــا فـي حمايـة أجيــالـنا مـن الأنصهــار في المجتمعــات المتقـدمة واعــادت الثقــة والأيــمان بالنفـس وزرعـت أمــل العــودة مـن جــديد الـى الـوطن (آشــور) فـي نفـوس الكثيريــن بأعتبــارنـا أمـة حيــة تعيــش حاضـرها بقسوتــه وتعمــل لمستـقبل أجيـالهــا. وفــي خطـوة مـوفقــة تــم تـوحيــد الأنديـة الآشـورية فـي أميركـا وأستراليــا لتنضوي تحت مظلـة الأتحــاد الآشـوري العــالمــي , بينــما كانـت الأنـدية الآشوريــة فـي أوروبــا متأثـرة بشكـل كبيــر بالمنظمـة الآثوريــة الديـمقراطيــة ومـا أن أصبحــت المنظمــة عضــوة فــي الأتحــاد الآشـوري العـالمــي دخـل أتحــاد الأنــديــة الآشــوريــة فــي أوروبــا تحــت مظــلة الأتحاد هــوا ألآخــر. هــذا الفكـر القويــم كــان لـه تـاثيـرا كبيــرا علــى آشوريـي المهجــر فأنخـرط الكثيــر منهــم في صفوف الأتحــاد. ولكــن هــذه المسيـرة تعثــرت بسبــب أتســاع قـاعــدة الأتحــاد وتقسيــمه الــى أقاليــم بحكــم أنتشــار أبنــاء أمتنــا فـي دول مختــلفـة وبعيـدة عــن بعضــها البعــض ممــا أفقـد قيـادته السيطــرة علــى فروعــه المنتشـرة فــي هــذه البــلدان, بالأخص بعـد أن بدأت قيـادات بعــض هــذه الفـروع بأتخــاذ مــواقـف أرتجــاليــة سأهمــت بشكل كبيــر في اضعــاف الأتحــاد وأبعــاده عــن أهدافــه المـرسـومــة, فبـدلا من العمــل لتحقـيـق القيـادة المـرجوة لـلأمـة الآشـورية التــي كــانت أحـد أهداف ألأتحــاد التــي أقرهــا فـي المـؤتمــر المنعقــد فـي عـام 1987, بـدأت بعـض الشخصيــات المتنفــذة فــيه بلعــب دور تلـك القيــادة ونتيــجة ذلـك جعلـه ينحــرف عــن الــطريــق الــذي حــددتـه هيئتـه التــاسيسيــة. ولعـل ولادة الحركــة القوميـة على أرض الــوطن المتمثلـة بالـحركة الديمقراطية الآشوريــة بالأخـص بـعد عــام 1982 أثنــاء أعـلان الكــفاح المســلح كـان لهــا دورا مــؤثرا عـلـى الأتحاد الآشــوري العــالمــي, فقـد تبايـنت وجهــات النظـر فــي قيــادتـه حـول تعــريف هــذا النشــاط القومــي الفتــي, فأعتبــره البعــض بأنه الممثــل الشــرعـي الـوحيــد علــى أرض الوطــن بينــما رفــض آخــرون ذلــك دون أن يصــل الطــرفان الـى حـل مناســب. وفــي ســياق ذلــك بــدأت مـحاولات المؤيــدين فــي الأتحــاد لفكــرة الممثـل الأوحـد بالأتصــال بقيــادة الحــركــة فــي عـام 1984 تمهيــدا لــوضع ميثــاق عمــل لأقــامة قيـادة مشــتركة وتوحــيد الخطــاب القــومي والسياسي, ولكنهــا لـم تكــلل بالنجـاح فــي بــدايـة الأمــر, وبقيــت هــذه المعضلــة فــي صفــوف الأتحــاد لحيــن أنعقــاد المؤتمــر الثــامن عشــر حيـث أقتــرح المؤتمــرون تشكيــل الــذراع السيـاســي لتبنــي المهام السيــاسية على الصعيــد القومـي في محــاولــة لأقــامـة جبهــة قوميــة شــاملة تشــمل كافــة فعاليتنــا الســياســية في الــوطن والمهجــر, فتــأسس الــذراع السيـاسي فــي 27-28/11/1993 شـرطا أن يلتــزم بقــرارات قيــادة الأتحــاد الآشوري العــالمي. هــذه العمليــة كــانت بمثــابة خــضوع الجبهــة القــومية التي سيعمــل الذراع السيــاسي لأقــامتها لمقــررات قيــادة الأتحــاد, فلـم يلاقــي هــذا الطــرح ترحيبــا في صفــوف الجبهــة القوميــة التــي تشكلــت فــي الـوطـن عــام 1993 بيـن الحــركة الديمقــراطية الآشــورية وحـزب بيت نهـرين الــديمقراطـي /عــراق والمنظمــة الأثوريــة الــديمقــراطيــة والــذراع السيــاسي للأتحــاد الآشــوري العــالمي, ومن الجــانب الآخـر وبحكــم وجــودهــا علــى أرض الــوطن والــدعم والمـؤازرة الكبيــريـن الــذي لاقتــه الحــركـة الــديمقــراطيـة الآشـورية جعلــها صـاحبـة القـرار علـى الأرض, وهكــذا أصـبح الــذراع السيــاسي بيـن مطــرقة الأتحــاد الآشــوري العــالمي وسنــدان الحــركة الديمقراطيــة الآشورية فتعـثر العمل الجبهــوي فــي الوطــن والمهجــر نتيجــة الصــراع بيـن هـذيـن الطـرفيـن للأســتحواذ علــى السلطــة والقــرار, فأنهـارت جبهــة وتشكلــت أخـرى وبحــكم التعــاطـف الكبيــر الــذي لاقتــه الحــركـة كثفــت نشـاطهـا لأقــامـة مـكاتب لهــا في المهجــر فـي محــاولــة للســيطرة علــى زمــام الأمــور هنــاك أيضــا فأنقســم الشــارع القــومي الآشــوري الـى مؤيــد ومعــارض وادخــل الــقرار القــومي والعمــل الجبهــوي فــي هــذه الـدوامــة لسنيــن عـديـدة أستــمرت لـحد يـومنــا هــذا, وقــد أنعكــس ذلــك سلبيــا علــى المســيرة القــوميــة وأضــاع فرصــة ثمينــة أخــرى كمــا حصــل في المــاضي القــريب وكــأن التــاريخ يعيــد نفســه. هــذا الصـراع يكمــن فــي عــدم نضـوج الفكــر القومــي لــدى المتنفــذين فــي قيــادات فعاليــاتنا السيــاسية وضعــف الأيمـان بأمكــانيــة تحقيــق شيء ملمــوس علــى أرض الــواقع أضـافـة الــى ذلـك الأفتقــار الــى القــرار الجمــاعي داخـل الهيئـات التنفيــذيـة لأحـزابنا, كمــا لعبــت قــوى محليــة خــارجيــة مـؤخـرا دورا مـلحوضا لتفويــت الفرصــة علــى الأمــة الآشوريــة فــي مرحلـة التغيير الحــاصلة في العــراق, وهــكذا شـل العمــل القـومي الصحيــح وزج بـه فــي نفــق الصراعــات الحزبيــة, لا بـل الأسـوء مـن ذلـك هــو أقحـام الثـوابت القوميــة وتسـويقها من أجل المصـالـح الحزبيــة والــذاتية, فاليــوم وكمــا هو واضــح  أختفــت تمامــا القضيـة القوميــة الآشورية من الســاحة السيــاسيـة العراقيــة وكمـا ذكرت فـي مقالــتي الســابقة فقــد رضخـت أحـزابنــا السيــاسية في الــوطن للــواقع الشــاذ وهــي تعمل لفرضــه علـى المهجر الآشــوري مجتمعــا ومـؤسســات, بينمـا تحـول الأتحــاد الآشــوري العــالمي الى بقـايــا هنــا وهنــاك تنـاقـض بعضهــا البعض أحيــانا, وأحيانا أخـرى لا تتـوافـق مواقفهــم مــع الخطـوط العريضــة التــي تأسـس الأتحـاد الآشــوري الــعالمي عليــها, واليــوم تكــاد تكــون الســاحة السيــاسية القـومية الآشورية خاليـة بعـد أن أخـفقـت تيــارات أخـرى ملىء الفــراغ متـأثـرة بالمعطيات التي أفرزتهـا الصراعــات الحزبية وعـدم أمكانيتهــا هي الأخرى الألتـزام بالخطـوط العريضـة التي رسمتهــا. وهكــذا أصبحـت المســالة الآشوريـة أســيرة الصــراعـات الــداخليــة وألآنفـراد فــي القــرار السيــاسي ممــا جعلــنا نعــود مجــددا الــى نقطــة البــدايـة فــي محــاولــة لتــوحيد الخطــاب القــومــي لأعــادة القضيــة الآشــوريــة الــى مكانتــها ورفــد المسيــرة القــوميــة بأجيـال تكــون بعيــدة عــن الممــارســات المــذكـورة أعــلاه, وترســيخ الفكــر المبــني علــى الأسس والمفــاهيــم القــومية أمــلا فـي الــحفاض علـى وجـودنـا المهــدد.                                                                 

       

ســامي هـاويل
سـدني/ أستراليا   
                                                                                   
                                                                                                 

صفحات: [1]