عرض المشاركات

هنا يمكنك مشاهدة جميع المشاركات التى كتبها هذا العضو . لاحظ انه يمكنك فقط مشاهدة المشاركات التى كتبها فى الاقسام التى يسمح لك بدخولها فقط .


الرسائل - مهند البياتي

صفحات: [1]
1
تحليل نتائج الانتخابات في محافظة بغداد

  د مهند محمد صبري البياتي
انتقد الكثيرون النظام الانتخابي الحالي واعتبروه احد الأسباب الرئيسية لخسارة بعض الكتل والأحزاب، مقارنة بما حققته هذه الكتل والأحزاب عام 2018، متناسين او غير عارفين بان هذا النظام الانتخابي ليس بجديد على العراق، فلقد صادق المجلس النيابي العراقي بجلسته المنعقدة في 3 حزيران 1950على تقسيم العراق الى 72 منطقة انتخابية موزعة على متصرفياتها-محافظاتها الأربعة عشر، وكان عدد النواب 134 نائبا، 128 منهم للانتخاب العام و6 للأخوة المسيحيين، ثلاثة منهم في الموصل واثنان في بغداد ومقعد واحد في البصرة، وطبق هذا النظام على المجلس النيابي الذي تم انتخابه عام 1553، وعلى المجلس الذي تبعه عام 1958 والذي لم يجتمع بسبب تغيير نظام الحكم في 14 تموز 1958.
كان المجلس النيابي هيئة انتخابيه تمثيلية تؤلف على أساس نائب واحد عن كل 20 ألف نسمة من السكان الذكور الذين يحق لهم التصويت، ولم تكن هنالك حصة للنساء، لأنها أصلا لم يكن لها حق التصويت.  وتم تقسيم بغداد الى 13 دائرة انتخابية عدد نوابها 18 نائبا.
اما الان فلقد تم تقسيم بغداد الى 17 دائرة انتخابية، وعدد نوابها هو 69 نائب عدا حصة الأقليات، وهي واحد للمسيحيين والأخرى للصابئة، منها على الاقل 17 مقعدا للنساء، وحصلت 13 نائبة على مقعد نيابي باستحقاقها التصويتي في 11 دائرة انتخابية، في حين لم تحصل النساء في ستة دوائر انتخابية على مقعد، لذلك يجب ان تصعد أربع مرشحات حسب حصة-كوته النساء وكما هو مقرر في قانون الانتخابات.
كانت نتائج النساء في هذه الانتخابات ممتازة مقارنة بالانتخابات السابقة، فلقد حصلت ثلاثة من المرشحات على اعلى الأصوات في دوائرهن وهن عائشة المساري في الدائرة السادسة، وعالية نصيف في الدائرة 11 ووحده الجميلي في الدائرة 14، إضافة لذلك صعدت مرشحتان اثنتان بأصواتهن في نفس الدائرة وهن عالية نصيف العبيدي ونسرين الحجيمي في الدائرة 11 وكذلك ليلى التميمي وسهيلة النجم في الدائرة 15، واذا دققنا في نتائج 2018، نجد ان من ضمن السبعة عشر نائبة فازت فقط ثلاث نائبات بأصواتهن وهن ماجدة عبد اللطيف الأولى في سائرون وانعام مزيد وترتيبها 14 في سائرون إضافة الى عالية نصيف وكان ترتيبها السابع في دولة القانون. اما الاخريات فلقد أصبحن نائبات بسبب الحصة النسائية.
ولقد حصلت 13 من النساء على مقعد لها حسب عدد اصواتها، وفشلت النساء في ستة دوائر على الحصول على مقعد لها، وكان من المفترض ان تجري عملية استبدال حسب المادة 16 البند خامسا من قانون الانتخابات، والتي تنص على ما يلي:
يتم توزيع كوتا النساء في حالة عدم تحققها وفق البند رابعا على النحو التالي:
أ- إضافة مقعد واحد افتراضي الى عدد النساء الفائزات لكل دائرة انتخابية.
ب- يقسم العدد الحاصل نتيجة العملية في الفقرة أ على العدد الإجمالي للمقاعد المخصصة للدائرة الانتخابية لتحديد النسبة المئوية للفائزات من النساء في حالة الزيادة.
ج- يضاف مقعد واحد لعدد مقاعد النساء للدائرة الانتخابية التي حصلت على اقل نسبة مئوية.
د- اذا لم يتم استكمال العدد المطلوب لمقاعد النساء المخصصة للمجلس وفقا لما ورد في الفقرات أ، ب، ج سيكون هنالك عملية جديدة تبدأ من الفقرة أ مع حساب الزيادة التي حصلت مسبقا في الفقرة ج.
 سادسأً: تتم هذه العملية حتى يصل العدد الإجمالي للنساء الى العدد المخصص للمجلس.
انتهى الاقتباس، وهنا نجد ان عدد النساء الفائزات بأصواتهن هن 13 فقط ، لذلك عند تطبيق المادة خامسا اول مرة، سنرى بان اقل نسبة مئوية هي 20 بالمائة في الدائرة 12، لذلك ستحل السيدة ذات اعلى الأصوات من المرشحات وهي شيماء جعفر العبيدي من الكتلة الصدرية محل علي جاسم الغزي من الكتلة الصدرية، وبهذا سيصبح عدد السيدات 14  ولايزال هذا العدد اقل من 17، لذلك ستتكرر العملية من جديد، وفي هذه الحالة كان اقل الكسور هو 25 بالمائة في الدائرتين 1  و13 وهنا سيتم إحلال سعدة عادل الحسيناوي من الكتلة الصدرية محل رياض غالي مفتن من الكتلة الصدرية، وكذلك إحلال سناء عودة اللهيبي من تقدم بدلا من فوزي محمد حسين من المشروع الوطني، وبذلك يصبح عدد النساء 16، وهذا اقل من حصة النساء، لذلك سيتم اجراء الحسابات من جديد، واقل قيمة هي 33 وهي في الدوائر 8 و10 و16، وبما ان الحاجة هي لاستبدال مرشح فائز واحد، لذلك كان يجب اجراء قرعة لمعرفة الدائرة التي سيتم الاستبدال فيها، وهذا سوف لن يتم الا بعد استكمال النظر في الاعتراضات وموافقة المحكمة العليا على النتائج، وقد تتغير هذه النتائج بسبب التغييرات التي قد تحصل بسبب الاعتراضات، الا ان الامر تم على اعتبار انه من الضروري صعود امرأة واحدة من كل دائرة انتخابية، وهذا الامر لم يكن متواجدا في قانون الانتخابات، وهذا الامر يعتبر خرقا واضحا لقانون الانتخابات والذي حدد السيل الواجب اتخاذها عندما لا يستكمل العدد المطلوب في كل محافظة، وليس في كل دائرة انتخابية.
وقد أخطأت المفوضية العليا المستقلة عند إعلانها عن نتائج الانتخابات النهائية في البداية، واعتبرت بانه يجب ان تصعد نائبة واحدة على الأقل من كل دائرة، واشرت على مرشحة واحدة على الأقل في كل دائرة بانها فائزة، ولكنها تداركت الامر لاحقا، ورفعت إشارة الفائز على المرشحين لاحقا، وبعدها عادت لتجعل مرشحة واحدة على الأقل تصعد لمجلس النواب عن كل دائرة انتخابية.
نلاحظ ان عدد المترشحين للانتخابات كان عاليا وبلغ 912 متنافسا على 69 مقعد، ولكنه قليل جدا بالمقارنة مع انتخابات 2018 حيث بلغ عددهم حينها 2201 مرشح، وهذا الانخفاض كان بسبب النظام الانتخابي الجديد، والذي منع من ان المقاعد توزع حسب مجموع أصوات الكتل والأحزاب، بل حسب أصوات كل مرشح. لذلك انتهت حالة الأصوات المغالية التي كان يحصل عليها رئيس الحزب او الكتلة، ففي حين حصل نوري المالكي على اكثر من 102 الف صوت وسهل الامر لنائبة لها 2059 صوتا للصعود للبرلمان، وكذلك هادي العامري الذي جمع اكثر من 63 الف صوت وساهم في صعود نائبة لها 2375 صوت، كما حصل مع ماجدة التميمي والتي حصلت على اكثر من 55 الف صوت وساهمت في صعود شيماء علي والتي جمعت 3716 صوت فقط ونفس الشيئ تكرر مع حيدر العبادي الذي جمع ما يقارب من 60 الف صوت وساهم في صعود ندى شاكر والتي جمعت 1549 صوت فقط، ونفس الشيء بالنسبة الى اياد علاوي والذي جمع اكثر من 28 الف صوت وساهم في صعود زيتون حمادي والتي جمعت 2968 صوت، وجميع هؤلاء الرؤساء لم يشاركوا في هذه الانتخابات، لان النظام الانتخابي تغير، ولم يعد باستطاعتهم تحويل أصواتهم الى اخرين، لذلك نجد الان ان اعلى صوت حصل عليه مرشح هو حاكم الزاملي والذي جمع 23260 صوت عن الدائرة الثانية وتلاه حسن كريم الكعبي من نفس الدائرة حاصلا على 21551 صوت، واما اقل صوت حصل عليه فهو للنائبة مديحه حسن عذيب دبس المكصوصي من الفتح والتي رشحت عن الدائرة 8 وحصلت على 2462 صوتا، وصعدت حسب حصة-كوته النساء.
لقد رشح 40 شخص من نواب 2018 السابقين في هذه الانتخابات اثنان منهم من خارج بغداد، وهم خالد العبيدي من تحالف النصر في نينوى والذي حصل على اكثر من 72 الف صوتا عام 2018، ولكنه رشح نفسه على قائمة عزم في الدائرة السادسة وحصل على 4538 صوتا بعد الاعتراض، واصبح نائبا وبفارق 3 أصوات عن عباس حسين الجبوري والذي كان في النتائج الأولية هو المرشح للمقعد النيابي. إضافة الى هيثم الجبوري والذي ترشح عن الدائرة 12 وحصل على 2275 صوت فقط وبترتيب 16، علما بانه جمع عام 2018 على 6849 صوت. وخسر 20 نائبا مقعده وكان أكثر الخاسرين للأصوات من نواب بغداد عبد الحسين عبد الرضا حيث انخفضت اصوته من أكثر من 34 ألف صوت عام 2018 الى 2786 صوتا الان، في حين حافظ 20 نائب على مقعده وكان أكبر الفائزين بأصوات جديدة هي عالية نصيف حيث ارتفعت اصواتها من 3327 عام 2018 الى 17811 صوت عام 2021.
واظهرت نتائج الانتخابات بان توزيع الدوائر الانتخابية جغرافيا لم تكن عادلة، وكان هنالك تفاوت كبير بين عدد المقاعد المخصصة لكل دائرة انتخابية وبين عدد من يحق لهم التصويت في تلك الدائرة، ومن المعلومات التي وضعتها الهيئة المستقلة للانتخابات نجد بان الدائرة الثامنة مثلا، كانت فيها اعلى نسبة للناخبين الى عدد المقاعد، ففي حين ان عدد الناخبين الذين يحق لهم التصويت في هذه الدائرة هو 300762 شخص أعطيت لهذه الدائرة 3 مقاعد، أي ان حصة كل مقعد في هذه الدائرة هو    100254 ناخب  وهذا لا يشمل ناخبي الخارج وهذا الرقم كبير وكان من المفترض ان تعطى لهذه الدائرة اربع مقاعد، في حين ان الدائرة العاشرة والتي فيها عدد الناخبين هو 57408 كان لها ثلاث مقاعد أيضا، وهذا تفاوت كبير بين حصة كل مقعد من أصوات الناخبين، وعلى المجلس النيابي القادم تعديل المناطق الانتخابية وتقسيمها بشكل عادل، والامر يتطلب اجراء تعداد سكاني، حيث كان من المفترض اجراء التعداد السكاني عام 2007، وهذا عرف جرى الاخذ به منذ العام 1937 حيث كان يجري تعداد عام كل عشر سنبن واستمر المر لغاية العام 1997، ولكن تم تأجيل الامر في كل مرة، ومضى اكثر من 25 عام من دون تعداد عام للعراق. والامر الاخر المهم هو نسبة المصوتين في كل دائرة انتخابية، ونجد ان اعلى نسبة للتصويت كان في الدائرة الأولى وكانت النسبة46.24 بالمائة وتشمل هذه الدائرة مناطق المدائن وجسر ديالى والنهروان والوحدة، تلتها الدائرة 16 بنسبة 56.68 وتشمل الدائرة مناطق التاجي والطارمية والتحرير واقل نسبة كانت في الدائرة 15 حيث بلغت 26.05 بالمائة وتشمل مناطق البياع والعامل والسويب والاعلام والرسالة.
اما عدد الأصوات المستبعدة او غير الصحيحة فكانت متفاوتة بين دائرة وأخرى، حيث بلغت اكبر نسبة مستبعدة في الدائرة 12، حيث كان عدد المصوتين152519  في حين كان عدد الأصوات الصحيحة والتي استخدمت في الحسابات هي 98337 صوتا، أي تم استبعاد 54182 صوتا وهو يمثل نسبة كبيرة تصل لغاية 36 بالمائة من الاصوات وقد يكون احد الأسباب هو التصويت الخاص للمسيحيين والصابئة، اما اقل الأصوات المستبعدة فكان في الدائرة 9 حيث تم استبعاد 2325صوتا وهو يمثل 2.49 بالمائة وهو رقم معقول، وعلى المفوضية الإجابة عن سبب الاستبعاد الكبير للمصوتين في الدائرة 12 وكذلك في الخامسة حيث تم استبعاد 29 بالمائة من الأصوات.
 عند المقارنة بين نتائج الانتخابات الحالية والتي شارك فيها مليون واربعمائة وسبعون ألف ناخب تقريبا ولنتائج انتخابات عام 2018 والتي شارك فيها أكثر من مليوني شخص نجد ما يلي:
حصلت الكتلة الصدرية على 27 مقعد في هذه الانتخابات مع ما مجموعه 323911 صوت والذي يمثل 22 بالمائة من الأصوات، في حين حصلت نفس الكتلة والممثلة بسائرون في عام 2018 على 17 مقعد فقط وبأصوات تساوي 467029 والتي تمثل 23 بالمائة من الأصوات، وحينها حصل رائد فهمي سكرتير الحزب الشيوعي على 19493، ولو قمنا باستبعاد اصواته عن نتائج 2018، سنجد ان الصدريين حصلوا على 22 بالمائة من الأصوات، أي ان نسبة أصوات الصدريين لم تتغير ولكن وبسبب تنظيم ناخبيهم وترتيب مرشحيهم، ارتفعت مقاعدهم من 16 الى 28 مقعد، مع بقاء نسبة أصواتهم هي نفسها، وسنجد بان الصدريين رشحوا 33 شخصا فقط نجح منهم 28 نائبا، أي ان نسبة نجاح مرشحيهم هي 85 بالمائة وهي اعلى نسبة بين جميع الكتل.
اما دولة القانون والتي فازت بثلاثة عشر مقعدا وجمعت 156880 صوتا والذي يمثل حوالي 11 بالمائة من أصوات الناخبين في بغداد، فهي كانت قد حصلت على 9 مقاعد عام 2018 وجمعت حينها على 237216 صوتا وهو يمثل حوالي 12 بالمائة من الأصوات، وهذا التغير منطقي جدا وقليل، أي انها حافظت على جمهورها، ولو انها قد رشحت 20 شخصا لم ينجح منهم سوى 12 شخصا، أي ان اختياراتها لم تكن موفقة مثل الكتلة الصدرية.
حصلت تقدم على 132312 صوتا عن ترشح 29 شخصا، فاز منهم 11 مرشحا فقط، وكان عدد النواب السابقين المترشحين حاليا سبعة، فاز منهم ستة نواب واحتفظوا بمكان في المجلس النيابي، أربعة من هؤلاء هم من ائتلاف الوطنية والأخران من تحالف القرار العراقي وتحالف بغداد، واللذان تم حلهما وتكون بدلا عنهم تحالفات جديدة تمثل عزم وتقدم من أكبر التحالفات الجديدة والتي تدعي تمثيلها للمكون السني، ومن غرائب الأمور انه في كل انتخابات تتشكل كتل جديدة تعتمد على تحالفات اشخاص يخوضون الانتخابات اعتمادا على نشاطهم الاجتماعي والعشائري، والامر يعود الى عدم تشكل أحزاب قوية تستطيع تجميع العراقيين بغض النظر عن انتمائهم الديني او القومي او الطائفي، وان استمر الامر على هذه الحالة فنحن سائرون على طريق التقسيم الطائفي والديني والقومي البغيض، وليس على أساس التوجه الوطني، والمعتمد على منهاج الحزب وفكره.
وكانت أسوأ إدارة لاختيار المرشحين هو في تحالف عزم، اذ ترشح عنها 40 شخصا، فاز منهم 7 فقط بمقاعد نيابية، علما ان مجموع اصواتها هو 115821 صوتا، والذي كان مفترضا ان تفوز بتسعة مقاعد، وكان اقل الأصوات التي حصل عليها مرشح من عزم هو 40 صوتا لاشواق فهد عن الدائرة 17، وفي الدائرة 12 رشحت 6 اشخاص كان مجموع أصواتهم 12595 ولم تفز باي مقعد، وكان من المفترض ترشيح شخصين فقط، فسي حين رشحت الكتلة الصدرية شخصين فقط وحصلا على الترتيب الخامس للمرشح علي جاسم محمد وحصل على 3920 صوتا، ثم شيماء بالترتيب السادس وحصلت على 3798، وحصلت شيماء على المقعد النيابي بسبب حصة-كوته النساء، أي ان الكتلة الصدرية حصلت على 7718 صوتا في هذه الدائرة، ومنها على مقعد نيابي مقارنة بعزم والتي حصلت على ما يقرب من ضعف الأصوات ولكن من دون مقعد، وفي الدائرة 13 رشحت عزم 5 اشخاص من ضمنهم امرأتان تتنافسان على نفس المقعد، وجمعت في هذه الدائرة 23771 صوتا، ولكن حصلت على مقعدين فقط، ولو انها رشحت امرأة واحدة فقط لكان بإمكانها الفوز بمقعد النساء بدلا من تقدم، والتي رشحت امرأة واحدة فقط.
وحقق المستقلون مفاجأة هذه الانتخابات، لان النظام الانتخابي الجديد يسمح بفوز المستقلين عكس النظام الانتخابي السابق والذي كان يشوبه الخلل في أكثر من جانب، اذ ترشح 139 مستقلا، فاز منهم خمسة بمقاعد نيابية، وهي نتيجة لم تحصل سابقا. والنائب حسن سعيد الربيعي من الدائرة 12 هو الوحيد من الفائزين المستقلين كان نائبا عام 2018 عن حركة إرادة، واعتقد بانه انسحب من إرادة بسبب التحاق إرادة بدولة القانون، وقد فاز مستقلان اثنان عن هذه الدائرة والمستقل الأخر هو حسين الربيعي، وكان اعلى الأصوات في هذه الدائرة من نصيب النائب السابق عن الوطنية غاندي الكزنزاني، والذي كان يترشح دوما عن الوطنية، ولكن سوء إدارة اياد علاوي لائتلافه جعل غاندي ينسحب من الوطنية ويلتحق بتقدم. وكان مجموع أصوات المرشحين المستقلين الخمسة وحصلوا على مقاعد نيابية هو 31749 صوت، علما بان 55 مرشحا مستقلا حصلوا على أكثر من الف صوت، وهذه دلالة واضحة على استياء جمهور الناخبين من المرشحين المنتمين الى كتل وأحزاب، علما بان بعض المستقلين كان أدائهم سيئا جدا، اذ حصل 84 مرشح مستقل على اقل من 1000 صوت، وكان مجموع أصواتهم هو اكثر من 39 الف صوت، وحصل عيسى الشورتاني من الدائرة 13 على 21 صوتا فقط، وهو اقل الأصوات من بين المستقلين في بغداد.
في حين حصلت الفتح على 3 مقاعد نيابية وبمجموع أصوات 69110 صوت وبنسبة أصوات تبلغ حوالي 5 بالمائة، وتسبب انفصال حقوق عن الفتح وترشيحها لأشخاص لوحدهم بزيادة خسارتها، اذ حصلت حقوق على مقعد واحد وبمجموع 35106 صوت، ولو جمعنا الكتلتين لكان مجموع أصواتهم 104 الف صوت وبأربعة مقاعد فقط وبنسبة 7 بالمائة من مجموع أصوات ناخبي بغداد، ولو قارنا هذه النتائج مع ما تحقق عام 2018، لوجدنا بان الفتح حينها حصلت على 10 مقاعد وبمجموع حوالي 265 الف صوت وهي تعادل 13 بالمائة من الأصوات، أي ان الفتح قد خسرت حوالي نصف أصوات جمهورها، واكثر من نصف نوابها، وعليها ان تحلل نتائج الانتخابات وسبب عزوف الناخبين عن التصويت لها، وهذا الامر ينطبق على غالبية الكتل الأخرى عدا عن الكتلة الصدرية ودولة القانون والتي حافظت على اصواتها وزادت من مقاعدها، واسوأ النتائج كانت للوطنية وائتلاف النصر وتيار الحكمة إضافة لقوى الدولة التي مثلت الكتلتين الاخريتين في هذه الانتخابات، والتي لم تحصل على أي مقعد في بغداد، في حين ان الوطنية حصلت على 9 مقاعد واكثر من 223 الف صوت عام 2018، والنصر على 8 مقاعد واكثر من 216 الف صوت والحكمة على 4 مقاعد واكثر من 100 الف صوت، والان حصلت الوطنية على 18780 صوت فقط، والنصر على 18533 صوت وقوى الدولة والتي مثلت الحكمة والنصر وحصلت على 43671 صوت، والسبب الرئيسي يعود الى ان نواب الوطنية التسعة، لم يترشح منهم سوى كاظم المنصوري عن الوطنية الان وخسر الانتخابات، في حين ترشح خمسة نواب من الوطنية الى كتلتي عزم وتقدم ونجحوا جميعا وبأصوات عالية، ولم يترشح اياد علاوي في هذه الانتخابات إضافة الى انسحاب نائب اخر، وترشح نائب اخر كان في الوطنية وانتقل الى دولة القانون ولكنه خسر، أي ان سبب خسارة الوطنية هو عدم تمكن اياد علاوي في اقناع نوابه بالبقاء في ائتلافه، وكان عليه الترشح عن المنصور، وكان من الممكن ان يحصل على مقعد، لكن فضل ان تترشح ابنته ولم تنجح. اما عن النصر فلم يترشح خمسة من نوابه الثمانية في هذه الانتخابات وترشح الثلاث نواب الاخرون عن كتل أخرى وخسروا جميعا، وهذا خلل داخلي اخر في تحالف النصر، اما تيار الحكمة فلقد ترشح اثنان من نوابه على قائمة قوى الدولة وخسروا، وشكل عبد الحسين عبد الرضا عبطان وزير الشباب سابقا تحالف اقتدار وطن لتصوره بإمكانه تجميع الشباب حوله وترشح عن الدائرة الخامسة، ولكنه خسر اصواته التي كانت تزيد عن 34 الف صوت عام 2018 ليحصل على 2786 صوت فقط وبالترتيب العاشر في هذه الدائرة الان.
وفازت اشراقة كانون بمقعد واحد عن الدائرة 11، حيث حصل تقي ناصر على ما يقرب من 9 الاف صوت، ورشحت اشراقة كانون 10 اشخاص، جمعوا حوالي 20 الف صوت، وهذا انجاز جيد المتظاهرين.
اما النائب السابق عن دولة القانون محمد شياع السوداني فلقد شكل تيار الفراتين، وانسحب عن دولة القانون واعتبر نفسه مستقلا عام 2020 املا في الحصول على ترشيح لرئاسة الوزراء حينها عندما قدم عادل عبد المهدي استقالته، وبعدها شكل تيار الفراتين وفاز بمقعد عن الدائرة السابعة وجمع 5533 صوتا، في حين حصل عام 2018 على 14326 صوتا.
واذا تمعنا النظر في أصوات المرشحين الذين حصلوا على أصوات عالية ولم يتمكنوا من الوصول للبرلمان سنجد على رأس القائمة المرشح عباس حسين الجبوري  من العقد الوطني والذي كان مرشحا للبرلمان عن الدائرة السادسة، وكانت مجموع اصواته 4535 مقابل خالد العبيدي والذي حصل على 4532 صوتا، ولكن بعد الاعتراضات ، أصبحت أصوات خالد العبيدي 4538 في حين لم تتغير أصوات عباس العبيدي، وهنا نجد بكل وضوح أهمية كل صوت، لان ثلاثة أصوات فقط سمحت لمرشح بالوصول للبرلمان. ، والحالة الأخرى القريبة منها هو الفرق بين أصوات النائبة ابتسام التميمي من الكتلة الصدرية في الدائرة 7 والتي حصلت على  4092 صوت، وفازت على النائبة السابقة انسجام الغراوي من الحكمة، والتي رشحت تحت قائمة قوى الدولة وحصلت على 4062، أي ان الفرق كان 30 صوتا فقط.
وهنالك نتائج أخرى متقاربة في دوائر أخرى، ولكن ليس بمثل هذه الفروقات المتقاربة ففي الدائرة التاسعة كان الفرق بين النائبة ابتسام البديري من الكتلة الصدرية وحميد الزاملي من الفتح فكان 272 صوتا، ولو انها كانت ستفوز بسبب الحصة -الكوتة النسائية. وفي الدائرة العاشرة صعدت شيماء الدراجي من الكتلة الصدرية من المركز الخامس الى المركز الثالث بدلا من علي فيصل من دولة القانون، ولكن الفرق بين علي فيصل ومحمد الدليمي من عزم هو هو 190 صوتا فقط. وصعدت النائبة شيماء العبيدي من الكتلة الصدرية في الدائرة الثانية عشر من المركز السادس الى المركز الخامس بسبب حصة النساء، لتزيح علي جاسم من الكتلة الصدرية أيضا، ولكن هنا أيضا نجد ان الفرق بين علي جاسم والنائب المستقل حسين الربيعي هو 311 صوتا فقط.
في الدائرة الثالثة عشر صعدت النائية سناء عودة من تقدم من المركز الخامس الى الرابع لتزيح فوزي محمد احمد من المشروع الوطني، علما ان الفرق بين فوزي والنائب كريم يوسف أبو سدرة هو 158 صوتا فقط، وفي الدائرة الرابعة عشر نجد ان الفرق بين عبد الكريم علي عبطان من تقدم والمستقل ياسين محمد حمد هو 197 صوتا فقط، والفرق قليل جدا عن المرشح المستقل التالي حميد نجم هو 323 صوتا فقط، وأخيرا كان الفرق بين حامد المحياوي من العقد الوطني، والنائب حامد احمد القرغلوي كان 473 صوتا، وعند مقارنة هذه النتائج مع انتخابات 2018 والتي اعتمدت على نظام انتخابي مختلف، سنجد ان مثل هذه الحالات لم تكن شائعة مثل الان.
 اما المرشح حميد كاظم والحاصل على 7331 صوتا من اكثر المرشحين سوؤا للطالع لانه لم يستطع ان يصعد للبرلمان بالرغم من اصواته العالية، وينطيق نفس الشيء عل عمر عدنان من عزم والحاصل على 6191 صوتا ولم يحالفه الحظ اضا، إضافة لذلك هنالك ثمانية مرشحين حصلوا على اكثر من خمسة الاف صوتا، ولكن لم يضمنوا مقعدا لهم.
وكان اقل أصواتا حصل عليه نائب هو للمستقل حسين الربيعي من الدائرة 12 والذي حصل على 4231 صوتا، واستثنينا هنا أصوات النائبات اللائي صعدن للبرلمان بسبب حصة-كوته النساء.


اكاديمي مقيم في الامارات العربية المتحدة


2
تحليل نتائج الانتخابات البرلمانية في محافظات كردستان 1

 
د مهند محمد صبري البياتي
تم الإعلان قبل أيام عن النتائج النهائية للانتخابات النيابية التي جرت قبل أيام، في ظل نظام انتخابي جديد يسمى نظام الفائز الأول، والذي سبق تطبيقه في العراق عام 1953 واستمر لغاية 13 تموز 1958. حيث تم تقسيم كل محافظة الى مجموعة من الدوائر الانتخابية يتراوح عدد نوابها من 3 الى 5 نواب على ان يكون من ضمنها على الأقل امرأة واحد لضمان ان لا تبقى نسبة النساء اقل من 25 بالمائة من مجموع عدد النواب، وهذا ما تم تسميته بحصة او كوته النساء، طبعا هذه النسبة لم تكن موجودة في قانون الانتخابات لعام 1953. وحل هذا النظام بدلا من  نظام القائمة النسبية والذي طبق من اول انتخابات جرت بعد التغيير عام 2003، وكان ذلك النظام يعطي للأحزاب والكتل عددا من المقاعد يتناسب مع ما حصلت عليه من أصوات، وفي جميع الانتخابات البرلمانية في العالم تحصل بعض المفاجأت، حيث تخسر أحزاب وتفوز أخرى كانت سابقا خاسرة، ولا يتم فيها اثارة مثل هذا اللغط الشديد كما يحصل في العراق الان، حيث ظهرت نظرية المؤامرة بقوة لتتهم الأحزاب الخاسرة جهات مختلفة من داخل وخارج العراق بالقيام على تزوير الانتخابات لصالح الفريق الرابح، بدلا من ان تقوم بمراجعة أدائها وتحليل سبب فقدانها لكثير من مقاعدها النيابية ولموقعها المتميز سابقا، وسنحاول في هذه المقالات تحليل نتائج الانتخابات ومعرفة الأسباب التي أدت الى هذا التفاوت والتغيير في توجهات الناخب العراقي، محاولين ان نكون حياديين قدر المستطاع في تحليلنا للنتائج، ومعتمدين على النتائج التي أصدرتها المفوضية العليا المستقلة للانتخابات. وسنبدأ أولا بمحافظات كردستان ثم نتبعها بمحافظات أخرى.
من الملاحظ ان أحزاب الديمقراطي الكردستاني وحراك الجيل الجديد والاتحاد الوطني وكوران والتحالف من اجل الديمقراطية، تحصل على اغلبية أصوات الناخبين، والأحزاب الثلاثة الأخيرة تحالفت في هذه الانتخابات وشاركت تحت مسمى تحالف كردستان، وهذه الأحزاب كانت تفوز بمعظم المقاعد النيابية، إضافة الى حزبين إسلاميين وهما الاتحاد الإسلامي الكردستاني وهو تنظيم الاخوان المسلمين في كردستان العراق، والجماعة الإسلامية الكردستاني والتي أسسها علي بابير في العام 2001، وشاركت في هذه الانتخابات تحت مسمى جماعة العدل في كردستان، والتي كانت تفوز بمقعد او مقعدين.
في محافظة أربيل والتي تم تقسيمها الى أربعة دوائر انتخابية، ولها 15 مقعد نيابي، ولكل دائرة 4 مقاعد عدا الدائرة الثالثة والتي لها 3 مقاعد، على ان تكون هنالك نائبة واحدة على الأقل من النساء في كل دائرة لتتحقق حصة النساء والتي يجب ان لا تقل عن اربع نساء على مستوى المحافظة. من الملاحظ أولا انخفاض عدد الناخبين، اذ شارك بالانتخابات هذه المرة 365 ألف ناخب مقابل 642 ناخب عام 2018، وفازت النساء بستة مقاعد كانت أربع مقاعد منها باستحقاقها الانتخابي، واثنتان صعدتا بالحصة النسائية او الكوته، وهذا انجاز كبير للنساء في اربيل.
حصل الحزب الديمقراطي الكردستاني على 49 بالمائة من أصوات الناخبين مع 11 مقعدا، علما انه حصل عام 2018 على 50 بالمائة من أصوات الناخبين وكان لديه 8 نواب فقط، ولو انه تم تطبيق القانون الانتخابي السابق لكان قد حصل على 8 مقاعد فقط، ورشح الحزب 12 مرشحا فقط فاز منهم 11 بمقاعد نيابية. اما حراك الجيل الجديد، فلقد حصل على 18 بالمائة من أصوات الناخبين مع 3 مقاعد، في حين انه حصل عام 2018 على 11 بالمائة من أصوات الناخبين وكان له نائبان فقط وأصبحوا الان ثلاثة فقط، ولو طبقنا القانون الانتخابي السابق عليه لبقيت لهم المقاعد الثلاثة.
اما الخاسر الأكبر فهو تحالف كردستان بأحزابه الثلاثة، اذ حصل الان على 18 بالمائة من أصوات الناخبين ولكن حصل على مقعد واحد فقط، في حين ان أحزاب التحالف الثلاثة كانت قد حصلت مجتمعة عام 2018 على 27 بالمائة من أصوات الناخبين مع أربعة مقاعد نيابية، ولو تم تطبيق نظام القائمة النسبية والذي كان مطبقا عام 2018 لكان عدد مقاعدها 3، ونلاحظ ان تحالف كردستان رشح سبعة اشخاص على دوائر المحافظة الأربعة ولم يفز الا واحد منهم، والمستغرب ان مرشحة التحالف شرمين حمد حصلت على 483 صوتا فقط وهو الأقل في الدائرة الأولى، وهذا يدل على سوء اختيار التحالف لمرشحيه. والخاسر الاخر هو جماعة العدل الإسلامي حيث حصلت الان على 4 بالمائة من أصوات الناخبين ولم تفز باي مقعد، في حين حصلت عام 2018 على 5.73 بالمائة من أصوات الناخبين وحصلت على مقعد واحد، ولو طبق القانون السابق لكانت احتفظت بهذا المقعد.
عند النظر ببعض التفاصيل وعلى مستوى الدوائر الانتخابية، نجد انه في الدائرة الأولى والتي لها أربعة مقاعد، فاز الديمقراطي الكردستاني بجميع مقاعد هذه الدائرة، ومن ضمنها حصة النساء والتي كانت فيها المرشحة جوان عبد الله بالترتيب السادس ولها ما يقرب من 13 الف صوت ولكن فازت بالمقعد النسائي وازاحت المرشح فيصل كريم خان من تحالف كردستان والذي حصل على ما يقارب 28 الف صوت، ولم يترشح مستقلون في هذه الدائرة.
في الدائرة الثانية  فازت نائبتان من اصل اربع نواب ومن دون الحاجة الى كوته النساء، وفاز حراك الجيل الجديد بمقعد وكذلك تحالف كردستان بمقعد في حين حصد الديمقراطي الكردستاني مقعدين.
والدائرة الثالثة كانت فوزا ممتازا للنساء اذ حصلن على المركزين الثاني والثالث، وكان أداء فيان عبد العزيز من حراك الجيل الجديد جيدا جدا اذ حصلت على اكثر من 14 الف صوت، في حين خسر هريم كمال من تحالف كردستان مقعدا وكان تسلسله الرابع وبفارق 237 عن الثالث، وهذا من سوء طالع التحالف، وفاز الديمقراطي الكردستاني بمقعدين والثالث من نصيب الحراك.
اما في الدائرة الرايعة، فلقد فاز الديمقراطي الكردستاني بثلاثة مقاعد منها كوته النساء، اذ فازت نهلة قادر بمقعد النساء، علما بان ترتيبها كان الخامس وبمجموع 13872 صوتا مزحزحة مرشح الإسلامي عبد الستار مجيد من جماعة العدل وكان لديه 14809 صوتا.
وهنا يمكن ملاحظة سوء طالع ثلاثة مرشحين اثنان من تحالف كردستان والأخر من جماعة العدل، والذين خسروا بسبب الكوته النسائية او الفرق الطفيف بالاصوات مما يحتم على المرشحين القيام بجولات انتخابية جيدة ودعاية جدية لهم.
اما في دهوك والتي لها ثلاثة دوائر انتخابية و11 مقعدا نيابيا، وصوت فيها ما يقرب من 396 الف شخص، مقابل على ما يزيد عن 489 الف شخص عام 2018، وهو انخفاض قليل نسبيا مقارنة بالمحافظات الأخرى، فلقد حقق النائب السابق جمال احمد سيدو من الاتحاد الإسلامي والمستقل حاليا، المفاجأة الكبرى بحصوله على 56702 صوت وهو الأعلى في محافظات كردستان، وقد تكون الأعلى على مستوى العراق، علما بانه قد حصل عام 2018 على 27744 صوت، أي ضاعف اصواته، ويبدو ان النائب جمال احمد قد قدم خدمات جليلة لأبناء المحافظة، لذلك اعطى الناخبون أصواتهم له، وفي الانتخابات الماضية حصل الحزب الديمقراطي الكردستاني على 10 مقاعد من اصل 11 مقعد لمحافظة دهوك وذهب المقعد الحادي عشر لجمال احمد، اما الان، فلقد اخفض عدد مقاعد الحزب الديمقراطي الكردستاني الى ثمانية مقاعد، وفاز مستقلان اثنان إضافة الى ايمان عبد الرزاق من تحالف كردستان على المقاعد الثلاثة الأخرى.
في الدائرة الأولى صعدت فيان سليم من الديمقراطي الكردستاني، من الموقع الخامس الى الرابع بسبب حصة او كوته النساء لتزيح زميلها بالحزب عن استحقاقه النيابي، وحصل نفس الشيء في الدائرة الثانية حيث لها ثلاث مقاعد، وازاحت زوزان علي من الديمقراطي الكردستاني، زميلها عبد الواحد من استحقاقه الانتخابي لتحل محله بسبب حصة النساء.
اما في الدائرة الثالثة والتي لها اربعة مقاعد، فلقد استطاعت ايمان عبد الرزاق وفيان صبري، الحصول على الموقعين الثالث والرابع باستحقاقهم الانتخابي، ومن دون الحاجة الى الحصة النسائية، وهذا مؤشر جيد على صعود النساء في إقليم كردستان بالتصويت العام ومن دون الحاجة الى الحصة او الكوته النسائية.
اما في السليمانية والتي لها 18 نائب ومقسمة الى خمس دوائر انتخابية، فلقد شارك هذا العام ما يقرب من 393 ألف شخص، مقارنة بما يزيد عن 668 الف شخص عام 2018، أي ان 40 بالمائة من الناخبين لم يشاركوا بالانتخابات هذا العام مقارنة بالعام 2018، وقد يكون لحجب التصويت الخارجي تأثيرا على هذا الامر، ولكنه لا يصل لهذه النسبة الكبيرة من العزوف. حصل الحزب الديمقراطي الكردستاني هذا العام على ما يقارب من 44 ألف صوت ويمثل هذا تقريبا 11 بالمائة من أصوات الناخبين مع مقعدين برلمانيين، في حين حصل في العام 2018 على 49 ألف صوت وحصل على مقعد واحد.
اما الجيل الجديد فلقد حصل على ما يزيد عن 106 ألف صوت ويمثل هذا 27 بالمائة من الأصوات، وقد فاز جميع مرشحيه الخمسة بمقاعد نيابية، في حين انه حصل على ما يقارب من 64 الف صوت ونائبين فقط في العام 2018، وهذا يدل على حرفية في اختيار مرشحيه واختيار الدوائر الانتخابية التي شاركوا فيها. كان أداء تحالف كردستان سيئا جدا في معقله محافظة السليمانية، نسبة الى الدورات السابق، ففي حين حصلت احزابه الثلاثة على ما يقارب من 461 ألف صوت و13 مقعدا نيابيا عام 2018، كانت حصيلة اصواته الان 142 الف صوت وثمانية مقاعد نيابية، وهذه الأصوات تشكل 36 بالمائة من جميع أصوات الناخبين في المحافظة، وقد رشح تحالف كردستان 15 شخصا فاز منهم ثمانية فقط، وخسر الاخرون السبعة في الحصول على أصوات تؤهلهم لدخول البرلمان. وحصد مستقلون على مقعدين، في حين حصلت جماعة العدل الإسلامية على مقعد واحد، ولم يشارك الاتحاد الإسلامي في هذه الانتخابات بكتلة تمثل اسمه، لكن نائب الاتحاد مثنى امين والذي حصل على 12789 صوت عام 2018، شارك كمستقل في هذه الدورة وزادت اصواته الى 14719 مع مقعد في الدائرة الثالثة.
لذلك يكون اكبر الخاسرين في السليمانية هو تحالف كردستان والذي رشح 15 شخصا فاز منهم 8 فقط، ولكن رشح الجيل الجديد خمسة مرشحين فقط فازوا جميعا، وهذا يعتبر تقصيرا كبيرا من قبل أحزاب تحالف كردستان، وعدم قيام قادتهم بدراسة أماكن قوة احزابه والأماكن التي يمكن ان يخسر فيها، علما بان نتائج الانتخابات السابقة وعلى مستوى مراكز الاقتراع معروفة للجميع، وكان بإمكان خبراء ومستشاري هذه الأحزاب القيام بدراسة وتحليل أماكن قوة وضعف احزابه.
لقد حققت مرشحات السليمانية فوزا كبيرا، اذ فازت النساء في الدوائر الخمسة بأصواتهن ومن دون الحاجة الى الكوته النسائية، وحصلن على سبعة مقاعد، وحصلن على المركز الأول في ثلاثة دوائر وبأصوات عالية جدا.
عند تحليل نتائج الدائرة الأولى نجد ان الجيل الجديد والديمقراطي الكردستاني وتحالف كردستان والمستقل دارا حمه، حصلوا على مقعد واحد لكل منهم، وخسر ثلاثة مرشحين من تحالف كردستان وبمجموع أصوات تصل لحوالي 18 الف صوت، لذلك كان على التحالف ترشيح شخصين او ثلاثة فقط بدلا من أربعة، لكان ضمن مقعدين له بدلا من مقعد واحد حصل عليه في هذه الدائرة، علما بان مرشحتين فازتا بمقعدين باستحقاقهم الانتخابي، ومن دون الحاجة الى حصة او كوته النساء. نجد ان الأول من الجيل الجديد تزيد اصواته عن مجموع اصوات الفائزين الثاني والثالث، وفازت مرشحتين بمقعدين للنساء ومن دون الحاجة للكوتة او الحصة النسوية.
اما في الدائرة الثانية، فكان انجاز الأولى بدرية إبراهيم ممتازا والتي حصلت على أكثر من 25 الف صوت، اذ حصلت لوحدها على أصوات تساوي تقريبا أصوات الفائزين الثاني والثالث، والفائز الثاني حصل على اكثر من 14 الف صوت والفائز الثالث حصل على ما يقارب من 12 الف صوت مهما مرشحي تحالف كردستان.
في الدائرة الثالثة كانت الأولى من تحالف كردستان، والثاني هو النائب مثنى امين من الاتحاد الإسلامي سابقا ورشح كمستقل وفاز بما يقرب من 15 ألف صوت، وخسر النائب السابق احمد حمة مقعده عن الجماعة الإسلامية اذ اصبح الرابع في دائرة لها ثلاث مقاعد واصواته تقل عن مرشح الحراك اريان ب650 صوت فقط.
اما في الدائرة الرابعة فقد حققت المرشحة سروة عبد الواحد من الجيل الجديد نجاحا باهرا بحصولها على ما يقرب من 29 ألف صوت، وكذلك حصل سوران عمر من جماعة العدل الإسلامية على ما يزيد عن 25 الف صوت مقابل الثالث الذي حصل على اقل من 20 الف صوت من تحالف كردستان، وقد خسر نائبان سابقان مقاعدهما واللذان تحولا الى مستقلين، فلقد خسر غالب محمد علي من كوران والذي حصل علم 2018 على اكثر من 23 الف صوت، ليحصل الان على ما يقارب من 6 الاف صوت، وكان أداء النائبة يسرى رجب من الحراك والتي رشحت كمستقلة وحصلت على 349 صوتا فقط.
وفي الدائرة الخامسة حقق موفق حسين من حراك الجيل الجديد فوزا ساحقا اذ حصد على ما يقارب من22 الف صوت، وهي تساوي تقريبا اصوات ثلاثة مرشحين من تحالف كردستان وهم الثالث والرابع والخامس وكل مرشح حصل على ما يزيد عن 7 الاف صوت فقط. اعتقد بان نائبات كردستان السبعة عشر، سيقمن بعمل جيد في هذه الدورة النيابية.
سنتابع في المقالات التالية تحليل نتائج بقية المحافظات.


اكاديمي مقيم في الامارات



3
توقعات انتخابات 2021 في محافظتي نينوى وصلاح الدين 3
د مهند محمد صبري البياتي
تعتبر نينوى المحافظة الثانية الأكبر في العراق، ومن المحافظات المختلطة الكبيرة في العراق، حيث يشكل العرب السنة نسبة كبيرة من سكانها ثم الاكراد، وهنالك نسبة كبيرة من المسيحيين يتمركزون في بعشيقة وتلكيف والحمدانية، مع وجود عدد كبير من التركمان الشيعة وخاصة في تلعفر، إضافة الى مكونات كبيرة أخرى مثل الايزيدية والذين يقيمون في سنجار، إضافة الى الشبك، ومنذ تأسيس الدولة العراقية كان للمسيحيين مقاعد نيابية لهم في الموصل وبغداد والبصرة.
من المهم معرفة نتائج الانتخابات الماضية وخاصة الأخيرة في العام 2018، لأنها توضح التوجهات العامة للناخبين، ولو ان الاستحقاقات النيابية حسبت على اعتبار ان المحافظة منطقة انتخابية واحدة ووزعت المقاعد حسب نسبة التصويت للكتلة، حيث كان على الناخب ان يصوت للكتلة، لكي يُحسب صوته، ويمكن بعدها التصويت لاحد المرشحين للقائمة، وفي اغلب الأحيان كان التصويت يتم للرقم 1 في القائمة وهو الذي يكون عادة رئيس الكتلة في محافظته، وجرت العادة بين الناخبين ان تتم الإشارة في كثير من الأحيان الى رئيس الكتلة وليس للحزب، فيقولون كتلة الصدر بدلا من سائرون، او كتلة عمار الحكيم بدلا من الحكمة، او كتلة نوري المالكي بدلا من دولة القانون، وهذا بحد ذاته يؤشر الى اختزال الكتلة برئيسها بدلا من الحزب وأهدافه ومسيرته، ولأنه لم تتشكل لحد الان مؤسسات بحثية رصينة تقوم باستطلاع اراء الناخبين والذين يمثلون المجتمع العراقي بكافة توجهاته واطيافه، وتقوم باستطلاع اراء عدد كبير نسبيا، تعكس النتائج الانتخابية بشكل علمي ومدروس، وقد لا يزيد اعداد المستطلعين عشرة الاف من الناخبين، وهو لا يمثل شريحة يٌعتد بها، كما يحصل في البلدان الأخرى.
كان العدد الجمالي للأصوات الصحيحة في العام 2018 هو 940445 صوت، لانتخاب 34 نائب من ضمنها ثلاثة مقاعد للأقليات المسيحية والشبك والايزيدية، وكان عدد الكيانات المشاركة في الانتخاب العام هو 23 كيان، فازت عشر كيانات فقط بما مجموعه 31 مقعد، أي ان حصة كل مقعد هو 27660 صوت، وكان اعلى الأصوات من حصة ائتلاف النصر والذي حصل على اكثر من 168 الف صوت، وبسبعة مقاعد، تلاه الحزب الديمقراطي الكردستاني بستة مقاعد وبأكثر من 139 الف صوت، وحصلت تمدن على 28543 صوت وهو اقل الأصوات لكيان فاز بمقعد واحد، وتلتها تضامن بما مجموعه 14917 صوت، وتلتهم بالتسلسل التنازلي للأصوات كل من تيار الحكمة وسائرون، ثم كيانات أخرى حصلت على اقل من خمسة الاف صوت.
شارك جميع نواب ائتلاف النصر في هذه الانتخابات، ولكن انتقل خالد متعب العبيدي والذي حصل على اعلى الأصوات في نينوى وكانت تقريبا 73 الف صوت، وهو ثاني اعلى الأصوات لنائب في العراق، الى الأعظمية ليترشح هنالك معتمدا على اصوات أهالي الاعظمية واغلبيتهم من العبيد، تاركا مريديه الذين صوتوا له وكانوا يأملون ان يساعدهم في محنتهم بعد تحرير المحافظة من داعش، لينظم الى تحالف عزم، تاركا تجمع بيارق الخير وهو احد مؤسسيها، والتي انظمت وقتها الى كتل النصر، وبانتقاله كان يامل ان يتولى اما مقعد رئاسة المجلس النيابي القادم، بعد ان خسرها عام 2018 مقابل الحلبوسي رئيس تقدم، او يحصل على منصب وزير الدفاع ان فازت كتلة عزم  المدعومة من خميس الخنجر. وانتقل نائبان اخران من النصر الى تقدم، واخران الى العقد الوطني والذي هو تجمع يضم الاخوان المسلمين وبعض شيوخ العشائر، وانظم اخر الى عراق النهضة والسلام، وبقي فقط خليل محمد سعيد في كتلة النصر، ولو ان حظوظه قليلة لانه حصل على 4498 صوت على مستوى المحافظة، ومن الصعب الحصول على هذا العدد في الدائرة الرابعة، الا اذا كان الاعتماد على كونه شيعيا تركمانيا وهو مرشح عن تلعفر.
يشارك في هذه الانتخابات 3 من نواب الحزب الديمقراطي الكردستاني السته في هذه الانتخابات، ولم يشترك نائب الاتحاد الوطني الكردستاني في هذه الانتخابات علما بان الاتحاد حصل على 32845 صوتا مما اهله للحصول على مقعد نيابي، اما الأحزاب الكردية الثلاثة الأخرى والتي شاركت في انتخابات 2018 ، فقد كانت اصواتها قليلة جدا، واعلى شيء حصلت عليه كان 3139 صوتا، لذلك لا اعتقد ان لها الفرصة بالفوز باي مقعد نيابي في هذه الانتخابات. شارك جميع نواب الوطنية الاربعة في هذه الانتخابات لكن انتقل ثلاثة منهم الى تقدم، وأصبح الرابع وهو النائب نايف الشمري مستقلا ورشح عن الدائرة الرابعة والتي تضم تلعفر وربيعة، معتمدا على أصوات أهالي ربيعة.
اما نواب نينوى هويتنا فلقد شارك اثنان من ثلاثة نواب حاليين في هذه الانتخابات، أحدهم محمد اقبال الصيدلي وزير التربية السابق والمحسوب على تيار الاخوان المسلمين الى المشروع الوطني العراقي والذي يرأسه جمال الضاري، وترشح عن الدائرة الثامنة، وهي تضم بعض مناطق مدينة الموصل، وقد تكون له بعض الحظوظ حيث حصل على 7668 صوت عام 2018، اما النائبة الثانية محاسن حمدون والتي انظمت الى تقدم، وفرصتها متدنية لأنها جمعت 3542 صوت فقط وعلى مستوى محافظة نينوى.
حصل تحالف الفتح على ثلاث مقاعد نيابية، وترشح اثنان من النواب في هذه الانتخابات، لكن انتقل النائب مختار الموسوي الى تقدم ولديه 7449 صوت، اما النائبة الأخرى لليال العطو فترشحت عن الدائرة الرابعة والتي تشمل تلعفر. تغير اسم تحالف القرار العراقي والذي يرأسه أسامة النجيفي الى تحالف للعراق متحدون وكان لديه ثلاث مقاعد نيابية عام 2018، ولكن انسحب اثنان من النواب من قائمة القرار العراقي وانظموا الى عزم، وفرصتهم ضعيفة لان لديهم اقل من خمسة الاف صوت. وتحول نائبا الجماهير الوطني الى مستقلين في هذه الانتخابات، وكذلك نائب النهج الوطني ترشح كمستقل. وبسبب حل حركة تمدن انتقل نائبها الوحيد احمد عبد الله الجبوري الى حسم للإصلاح والمؤيدة للتظاهرات، وقد تكون فرصته جيدة لأنه ترشح عن الدائرة الخامسة والتي تشمل مناطق حمام العليل والشورة والقيارة والبعاج، وكثير من سكنة هذه المناطق اما من الجبور او من العشائر المتحالفة معهم.
عند تحليل الدوائر الانتخابية والمرشحين فيها، سنجد ان الدائرة الأولى والتي تشمل قضاء مخمور وغالبية سكانها من الاكراد بالإضافة لأقلية تركمانية، وقضاء الحمدانية وتسكنها غالبية سريانية، ترشح فيها 17 شخص للحصول على ثلاثة مقاعد نيابية، وهي من الترشيحات القليلة في نينوى، حيث معدل المرشحين لكل مقعد على مستوى المحافظة هو 13، في حين هي هنا اقل من 3 مرشحين لكل مقعد. وترشح في هذه الدائرة أربعة مستقلين، وترشح في هذه الدائرة النائبان طعمة حنظل اللهيبي وإخلاص الدليمي عن الحزب الديمقراطي الكردستاني، واللذان لم يغيرا حزبهم، وقد تكون حظوظهم جيدة بالفوز، وخاصة ان الدائرة الأولى ذات اغلبية كردية، وتتنافس 11 تكتلا على المقاعد الثلاثة، منهم تسع تكتلات رشحت شخصا واحدا. وقد تحصل منافسة قوية بين النائبة اخلاص الدليمي واحلام رمضان المرشحة الوحيدة من تحالف كردستان، لان المنطقة ذات غالبية كردية، ومن الصعوبة تخمين الفائز الثالث، لان غالبية المسيحيين في هذه المنطقة قد يصوتون للمرشحين على قائمة الأقليات، مما يجعل تخمين الثالث صعبا، ومن الملاحظ ان الديمقراطي الكردستاني قد رشح أشخاصا ذوي أصول عربية، في منطقة كردية، وبذلك سيضمن أصوات قسم من العرب في هذه الدائرة.
اما في الدائرة الثانية والتي تشمل قضاء تلكيف وبعض نواحي الموصل ووانه والقوش بالإضافة الى نوحي بعشيقة وقضاء الشيخان ومناطق فايده وفاروق في مدينة الموصل ولها أربعة مقاعد ومعظم اهاليها من المسيحيين، وترشح فيها النائب شيروان  جمال خضر وحصل على 7997 صوتا عام 2018، وله افضلية بالفوز لمقعد نيابي جديد، وعدد المترشحين هو 23 منهم 3 مستقلين، ورشح الديمقراطي الكردستاني أربعة مرشحين ورشحت تقدم ثلاثة، وللعراق متحدون والذين كانوا سابقا تحالف القرار العراقي والتابع لأسامه النجيفي رشحوا اثنين، ورشح الفتح اثنان، ويأملون في الحصول على أصوات الحشد المسيحي، ولم يرشح تحالف كردستان، واعتقد انه هنالك اتفاقا ضمنيا بين تحالف كردستان والديمقراطي الكردستاني بعدم التنافس فيما بينهما قدر المستطاع كي لا تتفتت أصوات الاكراد. وقد يحصل الديمقراطي الكردستاني على ثلاثة مقاعد ويتنافس على الرابع الفتح وللعراق متحدون وتقدم.
ويتنافس في الدائرة الثالثة 15 مرشح على ثلاثة مقاعد، منهم أربعة مستقلين وليس بين المرشحين أي نائب حالي، وتشمل الدائرة قضاء سنجار والبعاج وقضاء الموصل، وهي تجمع اكرادا من سنجار وعربا من البعاج والقحطانية والقيروان، ورشح الديمقراطي الكردستاني 3 مرشحين وتحالف كردستان مرشحا واحدا وللعراق متحدون مرشحا واحدا وتقدم بمرشحين، وقد يحصل الديمقراطي الكردستاني على مقعدين والأخر قد يكون للعراق متحدون او لتقدم والتي قدمت مرشحَين، وهي لا تضمن مرشحا واحدا. ومعروف ان هذه الدائرة هي مقر الايزيدية، ومن غير المعلوم ماذا ستكون توجهاتهم في هذه الانتخابات.
اما الدائرة الرابعة والتي لها اربع مقاعد، وتشمل قضاء تلعفر ذي الغالبية التركمانية الشيعية، إضافة الى زمار وربيعة، وفيها العشائر العربية من شمر، وترشح في هذه الدائرة 40 مرشحا بينهم 17 مستقل ومنهم خمسة نواب سابقين، ورشحت سته أحزاب مرشحا واحدا، في حين رشحت ستة أحزاب أخرى 17 مرشحا، ونلاحظ ان الديمقراطي الكردستاني رشح مرشحين ذكرين، في حين رشح تحالف كردستان مرشحة واحدة فقط لكي لا يكون بين الأحزاب الكردية الكبيرة تنافس على أصوات الاكراد، ورشحت أحزاب الإسلام السياسي مرشحين عدة للحصول على أصوات التركمان الشيعة والحشد في تلعفر. اذ رشح الفتح اثنين والنصر نائبين، ولكن رشحت تقدم وكالعادة عددا اكبر من المقاعد حيث رشحت اثنين من النساء وثلاثة ذكور، في حين رشح للعراق متحدون مرشحا واحدا. وقد ترشح في هذه الدائرة خمس نواب حاليين، حيث بقيت لليال العطو مع الفتح، وكانت اصواتها 2672، وخليل جولاق مع النصر، وحصل على 4498 صوتا، والغريب انتقال مختار الموسوي من الفتح الى تقدم علما بان لديه 7449 صوتا، اما محمد فرمان الجبوري من الجماهير الوطنية وله 3975 صوتا فترشح كمستقل في هذه الانتخابات، ويأمل نايف الشمري والذي حصل على 7819 صوتا بالحصول على اصوات القبائل العربية والذي كان في الوطنية واصبح مستقلا. واعتقد ان مرشح الفتح مختار الموسوي ونايف الشمري لهما حظوظ بمقعد، وقد تحصل مرشحة تحالف كردستان عزيزة البريفكاني على مقعد منافسة لمرشحة الفتح، والمقعد الرابع صعب التخمين.
اما الدائرة الخامسة فتشمل نواحي الشورة وحمام العليل والقيارة والمحلبية إضافة الى اقضية البعاج والحضر، وقسما من مدينة الموصل وترشح عنها 71 شخصا، منهم سبعة نواب سابقين، وهذه الدائرة فيها اعلى رقم من النواب، واغلبية النواب غيروا كتلهم، فمثلا انتقل فلاح حسن اللهيبي من الوطنية الى عزم، وحصل على 12558 صوتا عام 2018، وانتقل منصور الجبوري 9055 صوت وعبد الرحيم المطلك 8290 صوت من النصر الى العقد الوطني، وانتقل احمد الجبوري من تمدن الى حسم للإصلاح، حيث ان تمدن قد حُلّت، واصبح ميزر حمادي وحسن خلف اللهيبي مستقلين في هذه الانتخابات، وانتقل احمد مدلول الجربا من القرار العراقي الى عزم. وفي هذه الدائرة رشح الديمقراطي الكردستاني وتحالف كردستان مرشحا واحدا لكل منهم، وحظوظهم قليلة جدا في هذه الدائرة، ورشح العقد الوطني أربعة مرشحين اثنان منهما نواب حاليين، ورشح للعراق متحدون ثلاثة مرشحين ومرشحة واحدة، في حين رشح تقدم 8 مرشحين، منهم أربعة نساء يتنافسن على مقعد واحد، ورشحت عزم أيضا ستة مرشحين وامرأتين، ويبدوا ان هاتين الكتلتين لا تعرفان الف باء الانتخابات، قد يكون فلاح اللهيبي احد الفائزين في هذه الدائرة، واتوقع حصول احمد الجبوري على مركز متقدم، لان كتلته حسم للإصلاح لم ترشح سواه عن مقعد الرجال إضافة الى امرأة ، وقد يحصل احد مرشحي العقد الوطني على مقعد، ولا اعتقد ان فرص عزم او تقدم كبيرة بسبب عدد مرشحيهم العالي جدا.
ترشح عن الدائرة السادسة وهي تشمل جزءا من مدينة الموصل ولها خمس مقاعد 97 مرشحا وهو اعلى عدد من المرشحين في أي دائرة لنينوى او حتى على العراق، منهم 34 مستقلا، و26 كتلة، منهم 11 كتلة رشحت شخصا واحدة، و15 كتلة رشحت 52 شخصا، ومن المرشحين 4 نواب سابقين، وهم انتصار الجبوري 3354 صوتا عن الوطنية وانتقلت الى تقدم، ومحاسن حمدون الدلي 3542 صوت وانتقلت من نينوى هويتنا الى تقدم، ونواف سعود 6667 صوت من النصر الى عراق النهضة والسلام، وأخيرا أسامة النجيفي 11650 صوتا والذي غير تكتله من القرار العراقي الى للعراق متحدون.
رشحت الجماهير الوطنية خمسة مرشحين من ضمنهم امرأة واحدة، والديمقراطي الكردستاني مرشحا واحدا، والعقد الوطني اربع مرشحين من ضمنهم مرشحة واحدة، وكذلك عمل للعراق متحدون، وتحالف كردستان مرشحين، اما تقدم وكعادتهم فقد رشحوا 6 رجال وامرأتين للتنافس على خمس مقاعد، وعزم 6 رجال وامرأة واحدة. وسوف تتنافس محاسن الدلي وانتصار الجبوري فيما بينهما وهن من نفس الكتلة، لذلك قد لا تترشح أي منهن وتظهر نائبة أخرى بدلا منهن، وقد يكون للأحزاب الكردية مقعدا واحدا، وسيحصل للعراق متحدون على الأقل مقعد واحد شبه مضمون لاسامة النجيفي، وهنالك احتمال ان تفوز الجماهير الوطنية او العقد الوطني او تقدم او عزم بمقعد واحد لكل منها من ضمن الثلاث مقاعد الأخرى.
اما الدائرة السابعة ولها 3 مقاعد وهي تشمل أجزاء من مدينة الموصل، وترشح عنها 63 مرشح بينهم نائب واحد وهي النائبة منى العبيدي من النصر وحصلت على 1815 صوتا وانتقلت الى تقدم، وترشح عنها 15 مستقل، وترشحت 23 امرأة في هذه الدائرة لذلك سيكون هنالك تشتت كبير لاصوات النساء، وقدمت عزم كعادتها مرشحتين، لذلك ستكون فرصة منى عالية نوعما للفوز بمقعد النساء. اما المقعدين المتبقين للرجال فقد يفوز بها احد مرشحي المشروع الوطني او النصر او تقدم او عزم او للعراق متحدون، ومستبعد جدا ان تفوز احدى هذه الكتل بأكثر من مقعد واحد، ومن الممكن فوز احد المستقلين بمقعد واحد.
والدائرة الأخيرة وهي الثامنة ولها 4 مقاعد وترشح عنها 74 مرشح بينهم 19 مستقلا و24 امرأة وترشحت فيها 5 مستقلات ونائبتين سابقتين وهما بسمة محمد بسيم 2871 صوت  وانتقلت من النصر الى تقدم، وهدى جار الله 1178 صوت وانتقلت من القرار العراقي الى عزم، وقد يكون لبسمة فرصة اكبر من غيرها من المترشحات، وكذلك ترشح فيها نائبان سابقان وهما محمح اقبال الصيدلي  وهو من الإسلام السياسي السني او الاخوان المسلمين وحصل على 7668 صوت وكان في نينوى هويتنا وانتقل الى المشروع الوطني، ولطيف الورشان 9266 صوت وانتقل من الوطنية الى تقدم، ولكليهما فرصة جيدة للفوز بمقعد، وسيبقى المقعد الثالث للرجال من حصة عزم او الوطنية او للعراق متحدون او احد المستقلين.
اما في محافظة صلاح الدين والتي لها 12 مقعدا ومقسم الى ثلاثة دوائر انتخابية كل دائرة لها اربع مقاعد نيابية، وتشمل الدائرة الأولى اقضية تكريت وسامراء وجزء من الدور وتقع هذه الدائرة في وسط محافظة صلاح الدين، ومعظم سكانها من العرب السنة، اما الدائرة الثانية فتشمل اقضية بلد والدجيل وطوزخورماتو جنوب وشرق المحافظة والقسم الاخر من الدور، ومعظم أهالي بلد والدجيل هم من العرب الشيعة، اما طوزخورماتو فيشكل التركمان تقريبا نصف القضاء والنصف الاخر من العرب السنة وتقع شرق المحافظة. وترشح احد عشر نائبا من نواب المحافظة عدا عن النائب علي عبد الله حمود.
قد فازت كتلة قلعة الجماهير بثلاثة مقاعد وبحوالي 78 الف صوت وتشكلت كتلة جديدة  باسم جماهيرنا هويتنا واحتوت على غالبية أحزاب قلعة الجماهير، وحصل النائب احمد عبد الله خلف الجبوري على اكثر من 20 الف صوت من قلعة الجماهير وترشح عن جماهيرنا هويتنا، اما النائب الاخر قتيبة الجبوري والذي حصل على ما يقرب من 9 الاف صوت فقد انظم الى عزم، والنائبة الأخيرة منار والتي حصلت على ما يزيد عن 3 الاف صوت فأنظمت الى الفتح.
اما الفتح والذي جمع ما يقرب من 65 الف صوت وحصل على مقعدين، الأولى للنائب مهدي تقي وحصل على ما يقرب من 14 الف صوت، والثانية لمحمد كريم عبد الحسين وجمع على اكثر من 12 الف صوت، وترشحا عن فتح أيضا.
حصلت كتلة الوطنية على ما يزيد عن 56 الف صوت وترشح عنها النائبان مثنى عبد الصمد والذي حصل على ما يقرب من 12 الف صوت وجاسم حسين والذي حصل على ما يقرب من 6 الاف صوت، فلقد انظما الى عزم في هذه الانتخابات.
حصدت نصر على ما يقرب من 51 الف صوت وكان لديها نائبان أيضا هما عمار يوسف مع ما يزيد عن 11الف صوت والنائبة كفاء فرحان وحصلت على 1320 صوت وانظم كليهما الى العقد الوطني. اما تحالف القرار العراقي والذي جمع ما يقرب من 39 الف صوت، فلقد انظم نائبه مقدام محمد وكان لديه 7 الاف صوت الى تقدم، اما خالدة إبراهيم وشمائل سحاب والتي حصلت كلتاهما على 621 صوت فلقد انظمت الأولى الى تقدم والثانية الى عزم. اما صلاح الدين هويتنا والتي حصلت على ما يقرب ما يزيد عن 26 الف صوت، فلم يترشح نائبها علي عبد الله حمود والذي جمع ما يقرب من 10 الاف صوت، ولكن ترشح شعلان عبد الجبار وكان الرقم 1 في قائمة صلاح الدين هويتنا، ولكن حصل على ما يقرب من 5 الاف صوت وترشح عن تقدم.
رشح عن الدائرة الأولى والتي تشمل اقضية تكريت وسامراء وجزء من قضاء الدور ومعظم سكانها من العرب السنة ولها اربع مقاعد وترشح 58 شخص بينهم 24 كمستقل، وتعتبر هذه من النسب الكبيرة للترشيحات أي 15 مرشحا لكل مقعد، ومنهم أربعة نواب، حظوظ اثنان منهم جيدة، وهم مثنى عبد الصمد وقد حصل على 11644 صوت، وكان في القائمة الوطنية وانتقل الى عزم وعمار يوسف وحصل على 11499 صوت وانتقل من النصر الى العقد الوطني، اما النائبان الاخران في النصر والوطنية، جاسم حسين مع 5580 صوت وذهب مع عزم وكفاءة برهان مع 1320 صوت وذهبت الى العقد الوطني ففرصتهم ضعيفة نوعما. ورشحت عزم سبعة اشخاص عن هذه الدائرة وهذا قد يؤثر على أصوات مثنى.
الدائرة الثانية لها تشمل اقضية بلد والدجيل والضلوعية وفيها غالبية من العرب الشيعة، إضافة الى جزء من قضاء الدور، وكذلك قضاء طوزخورماتو، والذي ينقسم أهلها الى تركمان وعرب سنة، وترشح عنها 60 شخص منهم 19 مستقل، ورشح 13 تكتلا مرشحا واحدا فقط، ورشحت 12 كتله ما مجموعه 29 مرشح، ومن ضمن المرشحين 4 نواب حاليين، وللفتح حظوظ كبيرة للفوز بثلاثة مقاعد، وهي للنائب محمد كريم العبادي وله اكثر من 12 الف صوت، ومهدي تقي إسماعيل وله 13619 صوت، وهما بقيا في الفتح، إضافة للنائبة منار عبد اللطيف وحصلت على اكثر من 3 الاف صوت وانتقلت من قلعة الجماهير الى الفتح، واحسنت الفتح بعدم ترشيح شخص اخر. ولقد رشح التحالف الكردستاني والحزب الديمقراطي الكردستاني وتركمان العراق الموحد شخصا واحدا، واعتقد ان فرصهم قليلة، لكن ترشيحهم يعطي فكرة جيدة عن تصويت الاكراد والتركمان في هذه الدائرة، وقد يذهب المقعد الرابع الى جماهيرنا هويتنا او الكتلة الصدرية، او لاحد المستقلين والذي لديه شعبية في طوزخورماتو.
الدائرة الثالثة والتي تغطي اقضية الشرقاط وبيجي والعلم وكانت تابعة أصلا للموصل، قبل الحاقها بصلاح الدين عام في العام 1976 بعد تحويل ناحية تكريت والتي كانت تتبع قضاء سامراء، الى مركز محافظه مستحدثة باسم صلاح الدين والحقوا بها اقضية سامراء وبلد والدجيل والتي اخذت من محافظة بغداد، واخذ طوزخورماتو من كركوك، والشرقاط وبيجي من الموصل، غالبية سكان هذه الدائرة من العرب السنة، ولهذه الدائرة أربعة نواب، وقد شارك اربع نواب حاليين في هذه الانتخابات، وللنائب احمد عبد الله الجبوري حظ جيد وخاصة ان لديه اكثر من 20 الف صوت في انتخابات 2018، وهو مرشح عن تحالف جماهيرنا هويتنا، وهو امتداد لكتلة قلعة الجماهير والذي هو نائب عنها، وقد أخطأت بترشيح 6 مرشحين عن هذه الدائرة التي لها اربع مقاعد.
اما النائب الاخر مقدام الجميلي والذي حصل على 7 الاف صوت وكان في تحالف القرار وانتمى الان الى تقدم، وله فرصة للفوز بمقعد، اما النائب الاخر في قلعة الجماهير قتيبة الجبوري، والذي حصل على ما يقرب من 9 الاف صوت وانظم الان الى عزم، فحظوظه مواتيه للفوز بمقعد، علما بان عزم وكالمعتاد رشحت 6 اشخاص، اما مقعد النساء فهو غير مضمون للنائبة السابقة شمائل سحاب لان ما حصلت عليه سابقا كان 621 صوتا، وستكون هنالك منافسة حادة لمقعد النساء، وقد تكون لمرشحة تحالف القرار العراقي لانها المرشحة الوحيدة للكتلة، وقد تفوز احدى المستقلات النشيطات بهذا المقعد.

اكاديمي مقيم في الامارات


 





4
توقعات لنتائج الانتخابات الحالية 1

د مهند محمد صبري البياتي

ستجري الانتخابات العامة بعد أسابيع قليلة، في ظل قانون انتخابي جديد، يتصور الكثيرون انه يطبق لأول مرة في العراق، في حين انه صدر مرسوم الانتخاب المباشر يوم 18 كانون الأول عام 1953، وبموجبه قسم العراق الى72 منطقة انتخابية تظم 128 نائب للانتخاب العام زائدا 6 مقاعد للمسيحيين، ثلاثة في لواء الموصل ومقعدين في لواء بغداد ومقعد في لواء البصرة، علما انه كان لليهود 4 مقاعد في المجالس النيابية السابقة قبل صدور قانون اسقاط الجنسية، وكانوا يسمون الموسويون، ولهم مقعد واحد في كل من البصرة والموصل ومقعدان في لواء بغداد. طبعا لم تكن هنالك حصة او كوته لمقاعد النساء كما هو حاصل الان، وكان يتم حساب عدد المقاعد النيابية استنادا على إحصاء النفوس العام والذي كان يجري كل عشر سنين، واخرها جرى في العام 1997، ولم يجر إحصاء سكاني في الاعوام2007 و2017. وكان عدد النواب في كل منطقة انتخابية يتراوح بين نائب الى ثلاثة نواب حسب عدد سكان تلك المنطقة الانتخابية.
ونصت المادة الرابعة من قانون انتخاب النواب رقم 11 لسنة 1946 والذي حل محل قانون الانتخاب القديم على انه لا يكون نائبا:
من كان دون الثلاثين من عمره.
من كان محكومًا علیه بالإفلاس ولم یعد اعتباره قانونًا
من كان محجورًا علیه من محكمة ولم یفك حجره
من كان محكومًا علیه بالسجن لمدة لا تقل عن سنة لجريمة غیر سیاسیة ومن كان محكومًا علیه بالسجن لسرقة أو رشوة أو خیانة الأمانة أو تزوير أو احتیال أو غیر ذلك من الجرائم المخلة بالشرف بصورة مطلقة.
من كان له منصب أو وظيفة أو خدمة لدى شخص أو مؤسسة مع إحدى الدوائر العامة أو أیة منفعة مادية مباشرة أو غیر مباشرة مع ذلك العاقد إلّا إذا كانت المنفعة ناشئة عن كونه مساهما في شركة مؤلفة من أكثر 25 شخصًا
ویستثنى من ذلك مستأجرو الأراضي الحكومية وأملاكها
من كان مجنونًا أو معتوها
من كان من أقرباء الملك إلى الدرجة الرابعة.
في قانون الانتخاب الجديد اصبح عدد المناطق الانتخابية 83 منطقة انتخابية، يتراوح عدد نوابها ما بين 3 و5 نواب من بينهم امرأة واحدة على الأقل، وعندما يقل عدد النساء الفائزات حسب التصويت في المحافظة عن العدد المقرر لهن حسب الحصة او الكوتة النسائية، يتم استبدال بعض مقاعد الرجال بمقاعد للنساء وحسب ما نص عليه القانون وفسره بدقة.
 ومن الملاحظ ان قانون الانتخاب الجديد هو أفضل بكثير من القانون السابق، والذي اعتمد المحافظة كمنطقة انتخابية واحدة ويتم احتساب عدد النواب لكل تحالف او تكتل او حزب، حسب مجموع الأصوات الذي يحصل عليها التكتل، مما أدى الى صعود نواب لم يحصلوا الا على عدد قليل من الأصوات في حين حُرم اخرون ممن حصلوا على أصوات اعلى منه بكثير، فمثلا عند مراجعة نتائج انتخابات عام 2018 لمدينة بغداد نجد ان عدد الناخبين كان 2,004,844 لانتخاب 71 نائب، وقد ترشح لهذه المقاعد 2174 مرشح، عدا عن مرشحي الاقليات، وحصل عدد لا بأس به من المرشحين  على عدد من الاصوات لا يتجاوز عشرة اصوات، وهذا في حد ذاته مهزلة شاركت فيها معظم  الاحزاب الكبيرة والتي شاركت في الانتخابات، وقد سمح النظام الانتخابي ان يكون عدد مرشحي أي حزب او كتلة وفي اية محافظة هو ضعف عدد مقاعد تلك المحافظة، وهذا كان مثالا واضحا للتلاعب، لأنه لو افترضنا ان اي حزب لو فاز لوحده بجميع مقاعد البرلمان، فسيكون النصف الاخر من مرشحيه خاسرين، وسنجد ان احزاب وكتل مثل سائرون وفتح ودولة القانون والوطنية والنصر والحكمة والقرار العراقي وتحالف بغداد قد رشحت كل واحدة منها 138 شخص للانتخابات وهي تعرف مسبقا انه على الاقل سيخسر اكثر من 69  مرشحا منهم في الانتخابات، وهذا الرقم هو عدد مقاعد النواب في التصويت العام لبغداد عدا الاقليات، والمهزلة الاخرى ان ثلاثة من مرشحي الحكمة حصلوا على صوت، و3 اصوات و 4 اصوات فقط، وثلاثة من مرشحي تحالف بغداد حصلوا على 5 و6 اصوات فقط، وهذه خسارة كبيرة للجهد والاعلان، ولكن في النظام الانتخابي الجديد سوف لن يغامر اي حزب في وضع اكثر من عدد مقاعد المنطقة الانتخابية من مرشحين لكل دائرة انتخابية، لأنه سيتسبب في تفتت أصوات الكتلة.
 عند النظر الى نتائج المرشحين في انتخابات العام 2018،  نجد ان بعض المرشحين حصدوا اصوات عالية بسبب التركيز على شخص واحد في الكتلة وهو رئيس الكتلة، وذلك للحصول على اصوات كثيرة تساعد مرشحين اخرين في نفس الكتلة لم يحصلوا على اصوات معتبرة للدخول الى البرلمان، فمثلا في دولة القانون حصل نوري المالكي على 102,128 صوت مما سمح لعمار كاظم والحاصل على 3,091 صوت فقط بالدخول للبرلمان، وهذا هو اقل صوت لنائب من بغداد من غير السيدات، وهذا النظام غير العادل والذي اصرت دولة القانون والفتح على ابقائها سابقا، قد حرم اشخاص حصلوا على اكثر من ضعف اصوات النائب عمار كاظم، مثل غسان العطية والذي حصل على 6800 صوت ولكنه لم يستطع الدخول للبرلمان، ونجد مثلا ان في سائرون هنالك 22 مرشح حصلوا على اكثر من اصوات عمار كاظم ولم يدخلوا البرلمان، وهنالك 14 مرشح اخر من الوطنية، وسنجد ان عدد المرشحين من بغداد والذين حصلوا على اصوات اكثر من اصوات عمار كاظم يبلغ 61 مرشحا ولكن لم يتمكنوا من الدخول للبرلمان.
واجبر القانون الجديد الى تقليل عدد المرشحين الى النصف تقريبا، على سبيل المثال، كان عدد المرشحين للانتخابات في العراق هو 6990 مرشح عام 2018، ولكننا نجد الان ان عدد المرشحين للتصويت العام هو 3188 مرشح، أي اقل من نصف مرشحي انتخابات 2018.
لقد أخطأت الكثير من الكتل باختيار مرشحيها، وبسبب ذلك ستفقد هذه الكتل عددا من المقاعد المضمونة لها، وغير معلوم وبشكل يقيني لماذا انسحب اشخاص مثل نوري المالكي والذي حصد اكثر من 102 الف صوت، ويوسف محمد صادق من كتلة التغيير والذي حصد اكثر من 70 الف صوت، واخرين مثل ريبوار طه او هادي العامري او حيدر العبادي او ميران محمد عباس او ماجدة التميمي، والذي حصل كل واحد منهم اكثر من خمسين الف صوت في انتخابات 2018، هل هو بسبب الخوف من خسارته في هذا الانتخابات او حصوله على أصوات قليلة مقارنة بالعام 2018 حتى لا يبدوا هذا النائب وكأنما فقد شعبيته، وهذا جزء من عقلية الساسة الجدد والذين لا يعرفون الكثير عن الانتخابات البرلمانية في العالم، او لان كتلته رفضت التجديد للنواب السابقين كما حصل مع معظم نواب سائرون او الكتلة الصدرية، ويبدوا ان أحزاب الفترة الراهنة الجديدة لا تقرأ التأريخ جيدا، فمثلا ان انديرا غاندي وهي اول امرأة في الهند تصبح رئيسة للوزراء ولثلاث مرات متتالية من 1966 ولغاية 1977، خسر حزبها، حزب المؤتمر الهندي الانتخابات ولأول مرة منذ استقلالها من المملكة المتحدة، وبفارق كبير لصالح حزب جناتا الهندوسي، وانديرا نفسها خسرت حتى مقعدها المضمون في ولاية راي بيرلي، مما اضطر احد النواب من حزب المؤتمر والذي كان فائزا وبشكل كبير على منافسه، ان يستقيل من البرلمان الهندي، كي تحصل إعادة انتخابات في ذلك المركز، وترشحت انديرا في ذلك المركز كي تعود للبرلمان الهندي وفازت بها لتترأس المعارضة، وقالت حينها: فوز او خسارة الانتخابات هي اقل أهمية من وحدة وقوة الهند.
عند استعراض أسماء النواب الحاليين وموقفهم من الترشيح لانتخابات عام 2021، نجد ان من ضمن نواب المقاعد العامة ال 320 ، هنالك ستة نواب غيروا محافظاتهم وكذلك قوائمهم الانتخابية، واهمهم كان خالد متعب العبيدي، والذي حصل على اعلى الأصوات في نينوى وهي اكثر من 72 الف صوت، وكان من الاجدر به ان يبقى في نينوى ليساعد في اكمال اعمارها، وخاصة انه كان ضمن بيارق الخير والتي انضوت تحت تكتل النصر، والذي كان عابرا للطائفية، ولكن آثر ان ينظم لتكتل عزم السني التوجه، ويبدوا ان سبب ذلك لكي يضمن وزارة الدفاع ان نجحت كتلته في الحصول على موقع متقدم، ولكن اخرين مثل محمد عثمان إسماعيل من بيارق الخير والذي حصل على اكثر من 17 الف صوت، بقي في نفس التكتل ولكنه انسحب من بغداد، ليترشح في منطقة مركز ديالى. كذلك هيثم الجبوري من ائتلاف كفاءات انتقل من الحلة الى منطقة المنصور في بغداد، اما محمد ناصر دلي وكان له بحدود 12 الف صوت فلقد انتقل من كتلة الانبار هويتنا الى كتلة عزم في المنصور، وانتقل عبد الحسين عزيز احمد من ائتلاف النصر في القادسية بعد ان حصد اكثر من 14 الف صوت، الى تحالف النهج الوطني في ذي قار، وكان انتقال الا تحسين طالباني، هو الأفضل اذ انتقلت من تحالف بغداد وكانت قد حصلت على 2904 صوت، وموقفها ضعيفا في هذه الانتخابات في بغداد، لذلك عادت الى تحالف كردستان في منطقة كركوك، حيث من المؤمل ان تحصل على مقعد النساء في المنطقة الانتخابية المضمونة للأكراد في كركوك.
وهنالك حالة خاصة قلما تجدها في البلدان النيابية المعتبرة، وهي منع ترشيح النواب الذين حصلوا على أصوات كثيرة في الانتخابات، ومن دون سبب سوى ان مرشدهم امر بذلك، لذلك تجد ان سائرون او الصدريون لم يترشح 44 نائب في هذه الانتخابات علما ان 25 نائبا منهم حصل على اكثر من 10 الاف صوت، وكان من الممكن لبعضهم ان يضمن مقاعد لهم لشعبيتهم الكبيرة. ونلاحظ ان هذه الحالة موجودة ولو بشكل اقل في كتل اخرى، وهنالك 19 نائبا برلمانيا من الحزب الديمقراطي الكردستاني منهم 15 نائب حصل على اكثر من 10 الاف صوت. و 16 نائبا من الاتحاد الوطني لم يترشحوا وفيهم 12 نائب حصل على اكثر من عشرة الاف صوت، وتحالف الفتح لم يترشح 15 نائب منهم 7 نواب حصلوا على اكثر من 10 الاف صوت، اما دولة القانون فانسحب 8 نواب منهم ولكن فيهم نائب واحد فقط وهو نوري المالكي والذي لديه اكثر من 10 الاف صوت. واعتقد بان احد الأسباب الرئيسية لهذا الامر، بان القرارات في هذه الأحزاب والأحزاب العراقية الأخرى تأخذها قيادة الحزب منفردة، وليس في هذه الأحزاب مؤتمرات سنوية لجميع منتسبي الحزب، لتتخذ هذه المؤتمرات قرارات يلتزم بها الجميع، ومع الأسف فان معظم الأحزاب العراقية غير ديمقراطية بتشكيلها وادارتها، وليس لقواعد الحزب دور ملموس في قرارات ومناهج الحزب.
من الملاحظ في هذه الانتخابات هي قلة المرشحين بالنسبة للانتخابات السابقة، حيث ان تغيير النظام الانتخابي اثر على ذلك كثيرا، اذ انه في الثلاث دورات السابقة حيث الانتخابات كانت على نظام الكتل، والمقاعد نسبية حسب أصوات الكتلة وليس عدد أصوات النائب، وكل محافظة كانت تعتبر منطقة انتخابية واحدة، وكان من حق كل كتلة ان ترشح ضعف عدد المقاعد الانتخابية، وهذه الحالة لم تحصل في أي من بلدان العالم سوى في العراق، والامر يعتبر غاية في السوء والفساد، لانه وفي احسن الأحوال اذا فازت كتلة ما بجميع أصوات الناخبين، فسوف يحصل نصف المرشحين على مقعد نيابي، ويفشل النصف الاخر، وقد قامت الكتل الكبيرة بوضع هذا الامر والإصرار على ابقائه لكي تحصل على اكبر نسبة من الأصوات على حساب الكتل الصغيرة والتي لا تسمح موازنتها بترشيح عدد كبير من المرشحين، في حين ان النظام الجديد سوف لن يسمح بهذا الامر، لان التصويت يكون للمرشح فقط، وعلى سبيل المثال، ترشح هذا العام على الترشيح العام 3188 مرشح للتنافس على 320 مقعد، أي بنسية 10 مرشحين لكل مقعد نيابي، في حين تنافس 6990 مرشح عام 2018 أي بنسبة 22 مرشح لكل مقعد. وعند ملاحظة اعداد المرشحين نسبة الى المقاعد المخصصة للمحافظة، نجد ان اقل عدد نسبي من المرشحين فهو في محافظة دهوك، حيث يتنافس 24 شخص على 11 مقعد نيابي، أي النسبة تساوي تقريبا مرشحين اثنين مقابل كل مقعد، وفي نفس المحافظة تنافس 117 مرشح في العام 2018، واعلى نسبة هذا العام هو في صلاح الدين حيث يتنافس 194 مرشح على 12 مقعد نيابي، أي اكثر من 16 مرشح لكل مقعد، وكانت اعلى نسبة في عام 2018 هي في محافظة بغداد حيث تنافس 2137 مرشح على 69 مقعد نيابي، أي بنسبة 31 مرشح لكل مقعد، واقل نسبة كانت في محافظة ميسان حيث تنافس 107 مرشح لشغل 10 مقاعد نيابية اس بنسبة 10.7 مرشح لكل مقعد نيابي.
وسنستعرض في هذه المقالة الترشيحات للانتخاب الحالي في محافظات كردستان أربيل والسليمانية ودهوك، وفي المقالات التالية سنستعرض باقي المحافظات.
تم تقسيم محافظة دهوك الى ثلاث مناطق انتخابية وعدد نوابها هو 11 للترشيح العام، وقد ترشح 24 شخص للتنافس على هذه المقاعد، منهم  خمسه من المستقلين، واثنان فقط هم نواب حاليين ، احدهما النائبة فيان صبري من الحزب الديمقراطي الكردستاني، والتي حصلت على اكثر من 21 الف صوت، ومن المتوقع فوزها في هذه الانتخابات، والأخر هو النائب جمال احمد من الاتحاد الإسلامي الكردستاني أي الاخوان المسلمين في كردستان، والذي حصل على اكثر من 27 الف صوت في انتخابات 2018، وترشح الان كمستقل، علما ان من مقاعد دهوك الاحدى عشر البرلمانية، عشرة منها حصدها الحزب الديمقراطي الكردستاني والأخيرة كانت من نصيب جمال احمد. وقد رشح الحزب الديمقراطي احد عشر مرشحا بعدد مقاعد المحافظة منها ثلاثة نساء.
في المنطقة الأولى والتي تشمل مدينة دهوك وزاويته والعمادية ومناطق اخرى، ولها اربعة مقاعد ترشح جمال احمد كمستقل فيها وله حظ كبير بالفوز مجددا، إضافة لمستقلين اخرين، إضافة الى مرشحة واحدة من الاشتراكي الديمقراطي وأخرى من الجيل الجديد وأربعة من الحزب الديمقراطي الكردستاني، وبسبب النظام الانتخابي الجديد والذي يتم التصويت فيه لنائب واحد، فمن المحتمل ان تفوز احدى المرشحات من الجيل الجديد او الاشتراكي الديمقراطي، لأنه من الصعوبة جدا توزيع أصوات الناخبين بين مرشحي الديمقراطي بالتساوي.
اما في المنطقة الثانية والتي لها 3 مقاعد وتشمل زاخو وسميل وديربورن، فلقد ترشح 3 من الحزب الديمقراطي منها واحدة مرشحة، واثنان مستقلان، إضافة الى مرشح واحد من الجيل الجديد واخر من الاشتراكي الديمقراطي ومرشحة من تحالف كردستان والذي يجمع الاتحاد الوطني وكوران والتحالف من اجل الديمقراطية أي جماعة برهم صالح، واتصور ان مرشحة تحالف كردستان لها الفرصة بالفوز بمقعد والآخران سيذهبان الى الديمقراطي الكردستاني.
اما في المنطقة الثالثة ولها اربع مقاعد وتشمل عقرة و قسروك وبردرش وبجيل وترشحت فيها فيان صبري ولها الحظوة الكبيرة بالفوز بمقعد، ولكنها ستؤثر على أصوات المرشحين الاخرين من الديمقراطي الكردستاني، وقد يفوز احد مرشحي الجيل الجديد او الاشتراكي الديمقراطي، ولا اعتقد ان مرشحة تحالف كردستان ستكون لها الحظوة بالفوز بمقعد النساء مقابل فيان صبري. لذلك من المتوقع فوز الديمقراطي الكردستاني ما بين ثمانية الى تسعة مقاعد مقابل العشرة مقاعد التي فازو بها في انتخابات 2018.
تم تقسيم أربيل الى اربعة مناطق ومجموع مقاعدها 15 مقعدا، حيث ان لكل منطقة أربعة نواب عدا المنطقة الثالثة فلها ثلاث نواب، ولم يترشح من نواب الدورة الحالية سوى ثلاثة، اثنان من الحزب الديمقراطي الكردستاني وهما نهرو محمود وقد حصل على اكثر من 15 الف صوت عام 2018، وريبوار هادي والي انتخبه اكثر من 12 الف شخص، وهريم كمال الذي حصد اكثر من 19 الف صوت عندما كان نائبا عن الاتحاد الوطني الكردستاني، لكنه الان رشح عن كتلة تحالف كردستان وهو تحالف يجمع بين الاتحاد الوطني وحركة تغيير والتحالف من اجل الديمقراطية ومجموع أصواتهم يصل الى 171 الف صوت مع أربعة مقاعد ، علما بان الديمقراطي الكردستاني حصل على 8 مقاعد في أربيل مع ما يقارب من 322 الف صوت، كما حصل حراك الجيل الجديد على مقعدين وبمجموع أصوات اكثر من 70 الف صوت، وحصلت الجماعة الإسلامية على مقعد واحد و ما يقارب من 37 الف صوت وتغير اسم الجماعة الى جماعة العدل الكوردستانية، وتلاهم وبفارق كبير الاتحاد الإسلامي وبمجموع أصوات يصل الى 25 الف صوت ولكن من دون مقاعد، وهو لم يرشح .
ترشح في هذه الانتخابات 44 مرشح، منهم 12 مرشح من الحزب الديمقراطي الكردستاني، أربعة منهم من الاناث لتغطية كافة الدوائر الانتخابية، وقد يفوز نهرو وريبوار في هذه الانتخابات بسبب الأصوات العالية التي حصلوا عليها في الانتخابات السابقة، علما بان الحزب الديمقراطي قد حصل على اكثر من 321 الف صوت، مما يؤهله من جديد الحصول على 7 مقاعد تقريبا.
 وقد احسن الاشتراكي الديمقراطي بترشيح اربعة اشخاص فقط واحد لكل دائرة انتخابية، منها مرشحة واحدة عن الدائرة الأولى، ولو ان حظوظه قليلة جدا، حيث انه حصل عام 2018 على 2023 صوت على مجمل محافظة أربيل، مما لا ويأهله على الحصول على أي مقعد، ونفس الشيء ينطبق على الجبهة التركمانية والتي حصلت على 2489 صوت على مجمل محافظة أربيل، ورشحت الان 3 اشخاص، اثنان منهم في المنطقة الرابعة، وهذه بحد ذاتها ستفتت اصواتهم القليلة أصلا.
وتكون تحالف جديد ضم الاتحاد الوطني والتحالف من اجل الديمقراطية وحركة تغيير تحت اسم كتلة كردستان العراق والتي حصلت في العام 2018 على اكثر من 120 الف صوت، وتم ترشيح 7 اشخاص للانتخابات، مرشح ومرشحة في المناطق الانتخابية 1 و 2 و 4 ومرشح واحد فقط في المنطقة الانتخابية 3، واتوقع ان تبقى نتائج الانتخابية مقاربة لما حصل عام 2018، وقد يتغير مقعد واحد فقط ما بين الكتل الأربعة الكبيرة، وهو يحصل في مقعد المرشحات، اذا كانت احدى المرشحات نشيطة في المجال الاجتماعي.
ولا اعتقد بان هنالك فرصة كبيرة لاي من التكتلات الأخرى، وخاصة ان الاخوان المسلمين الاكراد والذين كانوا ممثلين في الاتحاد الإسلامي قد عملوا اتفاقات سابقة مع الاتحاد الوطني، وقد يعطون أصواتهم لمرشحي تحالف كردستان، عدد المترشحين المستقلين سته والغريب ان خمسة منهم قد ترشح في الدائرة الانتخابية الرابعة، ولا اعتقد بوجود فرصة لاي واحد منهم للفوز بمقعد نيابي.
اما في السليمانية فعدد دوائرها الانتخابية فهي خمسة وعدد نوابها هو 18 نائب. ولمعرفة توجهات الناخبين فمن الأفضل تحليل نتائج الانتخابات السابقة أولا، والسليمانية تعتبر مقر الاتحاد الوطني وحصلت على اكثر من 259 الف صوت و ثمانية نواب، وتبعتها كوران بأربعة نواب وما يقارب من 155 الف صوت والترتيب السادس كان التحالف من اجل الديمقراطية وحصلت  على اكثر من 46 الف صوت وبمقعد واحد، وتحالفت هذه الأحزاب في هذه الانتخابات تحت اسم تحالف كردستان، أي ان مجموع أصوات تحالف كردستان هو ما يقرب من 461 الف صوت مع 13 مقعد، وستبقى هي الأولى في هذه الانتخابات مع فارق كبير عن حراك الجيل الجديد والذي حصل على مقعدين وبمجموع أصوات يقارب 64 الف صوت، ومن المتوقع ان يكون الحزب الثاني في هذه الانتخابات، وكان ترتيبه الثالث عام 2018، وتلته الجماعة الإسلامية وبمجموع يزيد عن 51 الف صوت وبمقعد واحد، وتغير اسمه الان الى جماعة العدل الإسلامية، وتلاه الحزب الديمقراطي الكردستاني بمقعد واحد وحصل على ما يقرب من 49 الف صوت، وتلاه الاتحاد الإسلامي ممثل الاخوان المسلمين الاكراد بمقعد واحد وبحوالي 30 الف صوت، اما التكتل التالي وهو الحزب الاشتراكي والذي حصل على 4871 صوت وهو انخفاض حاد عن أصوات الاتحاد الاسلامي، وهو كان واعتقد لا يزال بعيدا عن الفوز باي مقعد.
وإذا حاولنا تحليل النتائج المتوقعة في هذه الانتخابات، ولقد ترشح لهذه الانتخابات 63 مرشح منهم 16 مستقل ، أي ان المستقلين يشكلون اكثر من ربع المترشحين، فبداية ان سته من النواب الحاليين قد ترشحوا من جديد، لكن المفاجأة ان خمسة منهم ترشحوا كمستقلين، والسادس وهو احمد حمة من الجماعة الإسلامية والذي حصل على 34829 صوت لوحده من مجموع أصوات الجماعة والبالغة 51563 صوت، وترشح الان عن الدائرة الثالثة وهي مركز قضاء حلبجة مقر الجماعة الإسلامية، من المتوقع ان يكون اول الفائزين علما ان اسمها الجديد هو جماعة العدل الاسلامية، وترشح عن جماعة العدل ثلاثة بضمنهم احمد حمة، ولا اعتقد بان هنالك اية فرصة للأخرين بالفوز بمقعد.
وعند التمعن في النواب المترشحين كمستقلين، نجد ان هنالك النائب سركوت لطيف والذي حصل على 27080 صوت وهو يمثل اكثر من 42 بالمائة من أصوات حراك الجيل الجديد، وله الحظوة الكبيرة بالفوز من جديد، ولكن النائبة يسرى رجب من حراك الجيل الجديد، وحصلت على 2634 صوت على مجمل السليمانية، واعتقد ان حضضوها قليلة جدا، وقد تكون هنالك مشكلة كبيرة لحراك الجيل الجديد بفقدانه للنائب سركوت، لان المرشح التالي له في عام 2018 كان قد حصل على 4712 صوت فقط، واعتقد ان حراك الجيل الجديد يكون محضوضا اذا حصل على مقعدين.
اما النائب الاخر ريبوار كريم والذي حصل على 13894 صوت عام 2018 ودخل هذه الانتخابات كمستقل، والذي كان على قائمة التحالف من اجل الديمقراطية، فحضضوه قليلة، لقلة الأصوات التي حصل عليها على مستوى محافظة السليمانية، وهو الان مترشح عن جزء من مدينة السليمانية، وقد لا يؤثر خروجه من التحالف من اجل الديمقراطية لان اصواته لا تمثل الا على اقل من 30 بالمائة من أصوات التحالف والذي عاد وأنظم الى كتلة تحالف كردستان. اما النائب الاخر وهو غالب محمد علي والذي ترشح كمستقل وحصل عام 2018 على 23320 صوت ضمن كوران، ونسبة اصواته هي اقل من 15 بالمائة من أصوات كوران، لذلك فخروجه سوف لن يؤثر على موقع كوران ضمن تحالف كردستان، وقد يحصل كمستقل على مقعد، ولكن بجهد كبير. والنائب الأخير مثنى امين والذي حصل على 12789 صوت عام 2018 عندما ترشح عن الحزب الإسلامي ممثل الاخوان المسلمين واصواته تمثل 42 بالمائة من أصوات الحزب الإسلامي، وقد ترشح عن المنطقة الثالثة والتي فيها حلبجة مقر الأحزاب الإسلامية في كردستان، وسيكون هنالك تنافس كبير بينه وبين المرشح احمد حمة مرشح جماعة العدل.
وقد ترشح عن السليمانية 63 مرشح ، منهم 16 مستقل، للتنافس على 18 مقعد نيابي، ويمثل تحالف كردستان الأكثر حظوة وتم ترشيح 15 شخص، 4 في الدائرة الأولى والخامسة  و3 في الثانية بقدر عدد نواب هذه الدوائر، و3 في الدائرة الرابعة، علما انه تم اختيار مرشحة واحد فقط في الدائرة الثالثة لتتنافس على مقعد النساء في هذه الدائرة المحافظة والتي فيها حظوظ الإسلاميين عالية جدا، وقد تحصل على مقعد النساء ولكن بصعوبة بالغة، وحصل التحالف على ما يقارب 461 الف صوت في السليمانية عام 2018 مع 13 مقعد نيابي، وتمثل اصواته 69  بالمائة من أصوات المحافظة، ومن المحتمل ان يحافظ على نفس عدد المقاعد اذا لم يزداد عددهم بمقعد او اثنان، لان ترشحه في هذه الانتخابات قد جمعت الكتلة الأولى الاتحاد الوطني والكتلة الثانية كوران والكتلة السادسة التحالف من اجل الديمقراطية، اما الكتلة الثالثة الأكبر عام 2018 وهو حراك الجيل الجديد والذي حصل على 63760 صوت وهو يمثل اقل من 10 بالمائة من أصوات المحافظة، واعتقد بانه خسر الكثير من شعبيته بعد انسحاب سركوت لطيف من حراك الجيل الجديد، وقد يكون الحراك محظوظا اذا حصل على مقعد واحد هذه الدورة، وتبقى حظوظ الكتلة الرابعة وهي الجماعة الإسلامية او جماعة العدل عالية بسبب يقاء احمد حمة وهو الذي حصل لوحده على 34829 صوت تمثل 68  بالمائة من أصوات الجماعة، ومن المحتمل محافظته على مقعده.
اما الحزب الديمقراطي الكردستاني والذي حصل على 48706 صوت عام 2018 أي حوالي 7 بالمائة من أصوات المحافظة، فمن المحتمل عدم فوزه باي مقعد لان اصواته ستتفتت ضمن الدوائر الانتخابية، وقد رشح فقط امرأة واحدة في جميع الدوائر الانتخابية عدا الدائرة الخامسة حيث تم ترشيح شوان محمد عن هذه الدائرة، وقد تفوز احدى المرشحات بمقعد. اما الاتحاد الإسلامي فلم يشارك في هذه الانتخابات باسم الاتحاد ولك ترشح مثنى امين كمستقل وحصل الحزب على 30019 ، وهذه عادة الاخوان المسلمين في الانتخابات العراقية، اذ ترشح في الدورة السابقة الاخوان المسلمون تحت راية أحزاب أخرى وحصلوا على بعض المقاعد.
وجاء في المرتبة الثامنة عام 2018 الحزب الاشتراكي وحصل على 4871 صوتا فقط، وهو عدد قليل جدا، ولا اعتقد بانه سيحصل على أي مقعد، لذلك لا أتصور بان هنالك اية حظوظ لتكتلات مثل قادمون، وكادحي كردستان والوئام والجبهة التركمانية.
وقد تكون نتائج انتخابات محافظات كردستان واضحة وخاصة في دهوك والسليمانية، استنادا على نتائج انتخابات عام 2018، وكانت مشاركات الأحزاب الكبيرة مدروسة جيدا، وهنالك حظوظ كثيرة لقسم من النواب الحاليين ويخوضون الانتخابات كمستقلين والذين انسحبوا من احزابهم، وحسبما شرحنا ذلك.
وسنحلل في مقالات لاحقة توقعاتنا للانتخابات الحالية في قسم من المحافظات.
د مهند البياتي
اكاديمي مقيم في الامارات

5
في ذكرى الدكتور المهندس جعفر علي حيدرالركابي

د مهند محمد صبري البياتي
مرت قبل ايام الذكرى التاسعة والعشرون لرحيل الدكتور المهندس جعفر علي حيدر علي رستم الركابي الاكاديمي البارع والعالم الجليل، والذي ترك رحيله فراغا كبيرا في الكلية الفنية العسكرية حيث عمل فيها طوال حياته وله فيها بصمات كثيرة وغصة كبيره لدى اصدقائه وزملائه وطلبته، اضافة للمعانات الكبيره لدى عائلته، حيث رحل من دون ان يكون احد منهم بجانبه.
كان المرحوم احد اعمدة قسم الكهرباء في الكلية الفنية العسكرية، وشارك في تأسيسها منذ البداية، ولم يؤثر حجب البعثة الدراسية عنه لاستكمال  دراسة الدكتوراه ولسنوات عديدة كونه، غير منتمي للحزب الحاكم حينها، على حرصه الكبير وتفانيه في بناء مختبرات المكائن الكهربائية واستكمال مناهج الدراسة لقسم الكهرباء.
تعود علاقتي بالمرحوم جعفرالعزيز على قلبي، الى العام 1969 حيث كنا زملاء في الصف الثاني في قسم الهندسه الكهربائيه، كليه الهندسه، جامعه بغداد، وكانت البدايه علاقة زمالة عادية لا تتجاوز التحايا والسلامات، وخاصه اننا كنا في شعبتين مختلفتين، لذا لم نجتمع في ايه مجاميع مختبرية او فعاليات صفية، ولكن توطدت العلاقه بعد سفرة طلابية قمنا بها الى منطقه الاخيضر قرب كربلاء في السنه النهائية في العام 1972، وفي حواراتنا ونقاشاتنا العامه وجدت ان هنالك تقاربا بين تفكيري ونظرتي للامور مع نظرته للحياة وتفكيره فيها اضافه لوجود اشياء مشتركه اخرى معه.
كانت لجعفر جماعته الخاصه والمقربه منه وهم زملائه من ايام كلية بغداد حيث اكمل الدراسة الثانوية، كان ومنذ البداية من المتفوقين والمنظمين جدا، واعتقد انه كان الوحيد بيننا نحن الطلبة يكتب تقاريره المختبرية على الاله الطابعة وبطريقة ممتازة، يشيد بها الكثيرون من مسؤولي ومشرفي المختبرات من المعيدين او من الاساتذة. وكان الاول على دفعتنا وباستمرار وفي جميع سنين دراستنا الجامعية وبجدارة، وكان تسلسله الثاني على كليه الهندسة، جامعة بغداد، في العام 1972، وكان هذا يحصل قليلا، اذ يحضى خريجوا اقسام الهندسة المدنية والميكانيكية والكيمياوية على المرتبة الاولى والثانيه دوما، في حين كانت الدراسة في قسم الهندسة الكهربائية صعبة جدا وشديدة الوطئة علينا طلبة القسم، ويطلقون على قسمنا تسمية القسم المعقد، لان الطلبة كانوا دوما مشغولين ومنهمكين في الدراسه في معظم الاحيان، ودروسهم صعبة ومدرسيهم شديدون في التدريس وبخلاء في اعطاء الدرجات.
كان لدى جعفر سياره اوبل ستيشن قديمة الصنع لكنها بحاله ممتازة، وكان رقمها مميزا، وهي تعود لوالده، وكنا نعلم بانه يقوم بزيارات مستمرة الى كليه العلوم للقاء صديقته وزوجته لاحقا السيدة جهان جعفر علاوي، وكنت اتوقعها رقيقة ومرهفة الحس مثله وكذلك كانت. وعلمت لاحقا انه في العام 1968 كتب قصة قصيرة بالانكليزية في مجلة كلية بغداد بعنوان نهاية يوم، يصف فيها وبكلمات مختصرة كيف تعرف على جهان في الابتدائية ومن دون ان يذكر اسمها، وهي الوحيدة  التي اهتمت بجرح في ركبته في لعبة كرة القدم، وتشعر وانت تقرأ القصة بان كاتبها شخص حساس ولا يشكي همومه الا لنخلة في الكلية تسمع كلماته، وعندما يُنهي حديثه مع النخلة يشعر بان هم كبير قد انزاح عن صدره، والقصة تعكس فعليا جزءا من شخصيته المرهفة.
ومن الامور التي اتذكرها عن جعفر انه في التدريب الصيفي عام 1971 والذي كنا نقوم به كجزء من متطلبات التخرج في العطله الصيفية، حيث نعمل لشهرين في احدى المؤسسات أوالدوائر الحكومية لنتعرف على اساليب العمل فيها ونكتسب خبرة تفيدنا لما بعد التخرج، ولاعطائنا فكرة عن اماكن العمل المختلفة المستقبلية،  وكان تدريبه في المحطات الكهربائية التابعة لمؤسسة الكهرباء وقتها، واستمتع كثيرا بالخفارات الليليه التي كان يقوم بها في محطه الصرافية وهي من المحطات الكهربائيه القديمة قبل غلقها، لوكانت تتيح له السهرعلى نهر دجلة والاستمتاع بهدوء الليل، ويقوم اثنائها بالكتابة والتأمل.
ازداد تقاربنا بعد التخرج وكانت بدايته في تموز عام 1972 بعد تخرجنا مباشرةً، حيث كنا نذهب للقسم لنعرف اخبار الدراسات العليا وامكانية وجود اعمال هندسية بسيطة قد نقوم بها، وخاصة ان الكلية وبعض الدوائر كانت تستعين باساتذتنا بالطلب منا للقيام ببعض الاعمال الصغيرة، وكذلك نلتقي بزملائنا، وفي احد ايام تموز ذهبت الى القسم مهموما حاملا معي مجله الصياد اللبنانية بعد ان قرأت فيها نعيا في المجله لكاتبها المميز فارس فارس والذي تبين لي فيما بعد انه الاسم المستعار للشهيد غسان كنفاني القيادي الفلسطيني في الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين ورئيس تحرير مجلة الهدف، بعد اغتياله من قبل الموساد في بيروت حيث تم وضع متفجرات كثيرة في سيارته وتحت مقعد السائق وانفجرت حال تشغيلها واستشهدت معه ابنة اخته لميس. وسألني جعفر عن سبب همي، فاعلمته بالامر فاندهش هو ايضا لانه كان من المتابعين لكتابات غسان وفارس فارس و منها ازدادت علاقاتنا وحواراتنا ونقاشاتنا.
 خلال تلك الفتره كنا نتهيأ للالتحاق بالخدمة العسكرية الالزامية. حيث اعلمني جعفر بانه سيلتحق بالدراسات العليا في القسم، لانه لا يرغب بالالتحاق بالخدمة العسكرية وهو بحاجة الى الاعتماد على نفسه اقتصاديا ولا يريد ان يكون عالة على اسرته وهم في اشد الحاجه للمال لتصريف امورهم وخاصة ان لديه اخت صغيرة لاتزال في مراحل الدراسة الابتدائية وتحتاج للرعاية و ليس لوالده اي راتب تقاعدي علما انه كان مدير عام لشركة اورزدي باك قبل تأميمها وبقي لسنوات بعدها ولكن لم تتم حساب سنوات خدمته السابقة، وكان فرحا لوجود مخرج لحالته المادية. واتذكر حينها انني وجعفر اخذنا اخواتنا عاليه من طرفه و خواتي يسرى ومها ومياده الى احدى مقاهي شارع ابي نؤاس حيث كانت مناسبة احتفالات تموز واطلاق للالعاب النارية في السماء من منطقه القصر الجمهوري والمقابلة لشارع ابي نؤاس وهي كانت من المرات القليلة التي تحصل فيها مثل هذه الالعاب، وفرحت اخواتنا كثيرا بالامر، وقد كنا الوحيديين الذين جلبوا فتيات صغيرات للمقهى، وتوطدت العلاقات ما بينهن وقمن بزيارات متبادلة ولفترة طويلة.
التحقنا نحن بالخدمة العسكرية في شهر تشرين اول عام 1972، والتحق جعفر بالدراسات العليا، وكالمعتاد كان جعفر متفوقا بدراسة الماجستير،  ومسرورا بانه سيقوم بالبحث في موضوع جديد في تخصص المكائن الكهربائية وهو المكائن الخطية ومع دكتور قدم حديثا للعراق وهو د. جعفر علوش، ومن سوء حظنا انه لم يتم تسريحنا من الخدمة العسكرية الالزامية بعد اكمالنا السنة الكاملة المقررة للخدمة الالزامية لخريجي الجامعات، لاننا كنا اخر دفعة في الثانوية درست سنتين فقط، وتقرر في العام 1968، جعل دراسة الثانوية 3 سنوات بدلا من سنتين، مما جعل عدد الملتحقين بكلية الهندسة في العام 1969 قليلا جدا وهم فقط ممن رسبوا في الثانوية في العام 1968، اضافة لذلك تقرر ايضا جعل الدراسة في كلية الهندسة خمس سنوات بدلا من اربعة، لذلك لم يتخرج الكثبرون من كلية الهندسة في العامين 1973 والعام 1974، مما تسبب في ابقاء جميع خريجي اقسام الهندسة الكهربائية والميكانيكية والمدنية في الخدمه العسكرية لاكثر من سنتين اضافيتين لذلك اصبحت خدمتنا العسكرية نحن خريجي العام 1972 لمدة اربعين شهرا بدلا من اثنا عشر شهراً المقررة رسميا وقد صدر القرار 881 من مجلس قيادة الثورة حينها بمنحنا نحن المهندسين رتبة ملازم مهندس احتياط اعتبارا من 1 تشرين اول عام 1973، ومن المفارقات ان اسم دفعتنا كان دورة الصمود والتصدي، صمودنا نحن المغلوب على امرهم، ومن دون التصدي لاي شيئ سوى سوء ادارة الجيش للمهندسين الموجودين لديها.
كان الجيش بحاجة ماسة للمهندسين في تخصص الكهرباء والميكانيك لارسالهم الى دورات تدريبية على منظومات الصواريخ الجديدة التي تم التعاقد عليها مع الاتحاد السوفيتي بعد حرب تشرين اول عام 1973، وكانت الدورة تستمر لاكثر من ستة اشهر وفي الاتحاد السوفياتي، ولم يجد القائمون على هذه الدورات سوى ارسال المهندسين تخصص  الكهرباء والميكانيك من الملازمين المهندسين الاحتياط الى الاتحاد السوفياتي، وبقي الكثيرون من زملائنا بالاكراه بالخدمة العسكرية لمدة عشر سنوات، ولم يتم تسريحهم سوى في العام 1982، وهم من التحق بالجيش عام 1972، وكان من المؤمل تسريحهم في العام 1973.
وحينها اخبرني جعفر بانه اتخذ القرار الصحيح بالالتحاق بالدراسات العليا والا كان مثل حالنا لا نستطيع الخروج من الخدمه العسكريه، ومع الاسف وفي اثناء بحثه لاكمال متطلبات الدراسة اكتشف بان مشرفه د.جعفرعلوش والذي اصبح رئيسا للقسم كان غير متفرغا للاشراف على البحث ويقوم كل فتره بتغيير متطلبات البحث وغير مستقر على رأي معين، ولقد كانت معانات جعفر كثيره في البحث ويتمنى لو انه لم يختر هذا المشرف من البداية، واصبحت مشكله جعفر مضاعفه، حيث اسرني بانه سيتطوع في الجيش بسبب الحالة المالية ومسؤليته في اعانة اهلة، وكنت اعرف معاناته المالية ومحاولته توفير الحياة الكريمة لوالديه، ولاخته الصغيرة والوحيدة عالية وهم كانوا يعيشون حياة مرفهة وخاصة في الاربعينات والخمسينات ويعتبرون من علية القوم في مجتمع بغداد، ولقد حاولت اقناعه بعدم التطوع وايجاد مخرج ما، ولكنه قال ليس لي في الامر حيلة وهذه مسؤليتي اتجاه عائلتي وخاصه اختي الصغيرة عالية، لذلك تطوع بالجيش والتحق بالكليه الفنيه العسكريه الحديثة النشوء بعد حصوله على شهادة الماجستير واكماله المتطلبات اللازمه للتطوع في الجيش.
 وتشاء الصدف ان تعلن الكليه الفنية العسكرية وكذلك الجامعة التكنلوجية عن بعثات عديدة خارج العراق لاكمال الدراسات العليا في تخصصات كهربائية مختلفة، فقدمت عليهما وحصلت على مقعد لدراسة  الدكتوراه في كلتيهما، وانا لا ازال في الخدمه العسكرية، وبسبب قبولي في بعثات الكلية الفنية العسكرية، طلبت الكلية  نهاية العام 1975 بنقلي من وحدتي العسكرية وهي مركز التدريب المهني للاسلكي والرادار والتي مركزها في التاجي، الى الكلية الفنية العسكرية والواقعة في معسكر الرشيد، لالتقي مع جعفر من جديد في الكلية الفنية وفي نفس قسم الكهرباء، انا كملازم مهندس احتياط وهو كملازم اول مهندس، وكانت من الفترات الجميلة التي قضيتها في الجيش.
ولم يكن جعفر ياخذ اعتبارا للرتب العسكرية لان المهم لديه كان العلم والتعليم، وكان رحمه الله محبوبا من الجميع من طلبة الكلية ومن منتسبيها وخاصة من المراتب الادنى مثل نواب الضباط، فهو لم يكن متعاليا او يحاول فرض نفسه كضابط على المراتب العسكرية في الكلية، ففي كثير من الاحيان عندما كنا نسير معا او نجلس في مطعم الضباط، يقوم الجنود او المراتب باداء التحيه العسكرية له، وكان كثيرا ما ينسى ان يرد على تحيتهم، فاذكره بضرورة رد التحية العسكرية، فيجيب ضاحكا طيب رد التحية مكاني فاخبره بان هذه عسكرية ويمكن ان يعاقبوني اذا رددت التحية بدلا عنه، فيرد: يله مشيها، وكانت علاقته مع الجميع ممتازة واخوية وكان الجميع يمتدحونه لاخلاقه العاليه وتصرفاته الانسانية.
وفي تلك الفتره كان معظم التدريسيين في الكلية من الاساتذه المصريين والذين تم التعاقد معهم للتدريس بالكلية الفنية العسكرية، وبسبب عدم استكمال المختبرات اللازمه في الكلية الفنية تم الاتفاق مع كليه الهندسة في جامعة بغداد على ارسال طلبة الكلية والاساتذة مدرسي المادة مع المدرسين المساعدين والمعيدين الى مختبرات الهندسة، وكان نصيبي مختبر الالكترونيك مع د مختار صادق، ونصيب جعفر مختبر المكائن الكهربائية مع د محمود صالح، وكنا نذهب مرتين بالاسبوع للمختبرات سوية، وكانت تلك الزيارات للكلية من اسعد اللحظات لطلبة الكلية، للانتقال من جو العسكرية المتشدد الى اجواء الجامعة المدنية حيث الاختلاط بين الطلبة والطالبات، وكنت اشاهد السعادة على اوجه الطلبة، والسعادة في وجه جعفر لسعادة طلابه، وكان يتسامح مع الطلبة عند خروجهم خارج المختبرات للتمتع باجواء الكلية.
وتوطدت علاقاتنا انا وجعفر بالاساتذه المصريين وخاصه د محمود صالح الطيب الذكر، وكان هنالك تزاور عائلي وسفرات قمنا بها مع د محمود وعائلته، ولكن بقيت علاقتي شخصيه مع جعفر ومن دون زيارات لوالده او والدته لانني كنت ارى ان هنالك حاجزا عمريا بيني وبين والديه واشعر بعدم رغبة جعفر للخوض في علاقات مع اسرته لذلك كنت احترم هذه الرغبات، عدا ما كنا نلقاهم على باب الدار عند زيارتي لجعفر، لكن د محمود و بحكم عمره الكبير ومحاولته التعرف على العوائل العراقية، استطاع القيام بزيارات اسرية عديدة لعائله جعفر واخبرني في احد المرات ان جد جعفر كان من اوائل رؤساء الوزارات في الاردن حسب ما عرف من والد جعفر، وكانت مفاجئة كبيرة لي، لان جعفر لم يتطرق لهذا الامر مطلقا، علما هنالك اخرين كانوا مستعدين لرفع الرايات لو كان احد من اجدادهم او ابائهم وزيرا او مسؤلا كبير لدى الدولة العثمانية او العراقية لاحقا، ولم اقم بسؤاله عن هذا الامر، احتراما لخصوصية الموضوع وعدم احراج جعفر بأسئلة قد لا يود الاجابة عنها، وفي هذا الاثناء ارسل عميد الكلية الفنية العسكرية في طلبي، وطلب مني التطوع في الجيش لكي يتم استكمال متطلبات ابتعاثي للخارج، فاخبرته بانني ساتطوع في انكلترا بعد ارسالي بالبعثة ولم يكن من شروط الابتعاث التطوع في الجيش، ولكن عميد الكلية اخبرني بان البعثة سوف لن تكون متاحة لي اذا لم اتطوع بالجيش، واعطاني مهلة اسبوعين للتفكير بذلك، وكنت افكر بانني وجعفر لم ننتمي لحزب البعث الحاكم ولا نود بذلك، وكان من المفترض ان يكون جعفر اول المبعوثين ولكن وبسبب عدم انتمائه لحزب البعث لم يرشح للبعثة، وخشيت باني ان تطوعت بالجيش ولم انتمي للحزب فمن المحتمل ان تُلغى بعثتي، وابقى محصورا بالجيش ومن دون اتاحة الفرصة لي لاكمال دراستي العليا، وتباحثت الامر مع جعفر واخبرته بالامر، فاستحسن رأيي، ولم يعلق بشيئ حول بعثته للدكتوراه، لذلك اخبرت عميد الكليه بانني لا استطيع التطوع بالجيش لانه لم يكن من الشروط المطلوبة عند التقديم للبعثة، عندئذ طلب مني التقديم بطلب الى وزير الدفاع بالغاء بعثتي الخاصة بالكلية الفنية العسكرية، وهذا ما حصل وتم اعادتي لوحدتي العسكريه السابقة.
ولقد اخبرني بعض زملائنا ممن عملوا مع جعفر في الكلية الفنية العسكرية، كيف ان جعفر قد نصب جميع اجهزة مختبرات المكائن الكهربائية لوحده، وكان يدخل المختبر، ويقوم بنزع رتبته العسكرية ليقوم بمد الاسلاك وربطها بالمكائن المختلفة وحسب التعليمات الموجودة في الكتلوكات العديدة ومن دون طلب مساعدة احد، وبقي على هذا المنوال لاشهر حتى اكمل بناء عدد من مختبرات قسم الكهرباء، على الرغم من حرمانه من البعثة الى خارج العراق لاستكمال شهادة الدكتوراه وهو احق واحد بهذه البعثات لانه الاول على القسم والثاني على الكلية ولديه ماجستير، ومع ذلك هو محروم من البعثة كونه غير منتمي لحزب البعث، ولم اشاهده يتذمر من الامر.
واثناء ذلك تداولت مع جعفر بامور كثيرة، فاخبرني انه ولوجود حاجه ماسه لعائلته للنقود لمصاريفهم اليوميه فكر في عرض سرج خاص للخيل كانت لوالده وهي من مقتنياته عندما كان مديرا لشركة سباق المنصور قبل تموز 1958، للبيع عند احد التجار، وخاصة انهم ليسوا في حاجة لها، ومكانهم الجديد لا يسع الكثير من المقتنيات. وسمع بذلك سعدون شاكر وزير الداخليه حينها، فارسل في طلب جعفر واعلمه برغبته بشراء السرج، وكان جعفر خائفا بالبدايه حول استقدامه لوزاره الداخلية، ولكنه شاهد الوزير بشوشا معه واستفسر عن السرج والمبلغ المطلوب فكان جواب جعفر انه يطلب المبلغ الذي طلبه منذ البدايه وهو مائة دينار حسبما اتذكر، ووافق سعدون شاكر على العرض، وطلب من جعفر ان كان لديه امر ما يمكنه مساعدته فيها، فاخبره جعفر بحرمان والده من التقاعد، خاصة انه خدم كمدير لاورزدي باك منذ تأسيس الشركة ولما بعد التأميم، ولكن لم تحسب جميع الفتره كخدمة تقاعدية له، لذلك حرم من التقاعد، ووعده سعدون شاكر خيرا بالامر، وفعلاً، صدر مرسوم جمهوري لاحقا بمنح والد جعفر راتبا تقاعديا شخصيا مقداره  150 دينار شهريا. وبعد وفاة  والد جعفر، توقف صرفه، إذ تبين أن الراتب التقاعدي الشخصي لا يورّث، فعلمت حينها مقدار العسر المالي الذي كانوا يعانونه والصعوبات التي كان يواجهها ومن دون ان يتذمر.
وبعد التسريح من الجيش والتحاقي بالبعثه الخاصه بالجامعه التكنلوجيه في تموز 1976 ودعت جعفر، واثناء ذلك تزوج جعفر من  صديقة العمر جهان جعفرعلاوي، واثناء بعثتي وزواجي انا ايضا قمت بزيارته في بيت اسرة زوجته في المنصور شارع الاميرات حيث كان يسكن مع اهل زوجته، وتحادثنا في امور كثيرة، لكنه لم يتطرق الى سبب عدم حصوله على البعثه لحينها، وعدت للجامعة التكنلوجية في نهاية عام 1981 بعد اكمال دراستي العليا، وقام جعفر مع زوجته وابنه البكر عباس بزيارتنا في بيت عمي وكانت هذه اول مرة واخر مرة اشاهد فيها عباس هذا الطفل الهادئ والودوع والمؤدب جدا والذي كان نسخة عن والده ووالدته.
انشغلت في اول سنه بعد رجوعي من البعثه بالمحاضرات وكذلك بمرض عمي، والد زوجتي نهال، بحالة مرضية خاصة في الحبل الشوكي، لم يستطع الاطباء تشخيصها في بدء الامر، لذلك نصحوا بعلاجه في الخارج، واستطعنا الحصول على موافقة الدولة على تسفيره لانكلترا للعلاج وكنت مرافقا له اثناء العطلة الصيفية عام 1982، وخلالها علمت بان جعفر قد حصل على بعثه للدكتوراه اخيرا، وباشر بالدراسة في الكلية الامبراطورية في لندن، والتقيت مع جعفر في لندن حينها وتباحثنا في امور الحياة، واخبرني بان عميد الكلية الفنية العسكرية ارسل في طلبه نهاية العام 1980، وقال لجعفر انه يعرف مدى اخلاص وتفاني جعفر في عمله، ويعرف ظروف جعفر وسبب عدم ارساله للبعثة، لانه ليس بعثيا، واخبره بان المنظمة الحزبية في الكلية الفنية كانت ترفض ارساله للبعثة لانه غير بعثي ويرفض الانتماء للحزب، وان جعفر قد لن يعود للعراق بعد اكماله الدراسة. ولكن عميد الكلية الفنية العسكرية اخبر جعفر بانه قرر ارسال جعفر بالبعثة وعلى مسؤليته الخاصة ان وعده جعفر بالعودة بعد اكماله الدراسة، فوعده جعفر خيرا وقال بانه سيحاول اكمال الدراسة في الثلاث سنوات المقررة وحتى من دون تمديد، ثم اخبرني جعفر بانه ملتزم بهذا الوعد وسيحاول اكمال الدراسة في اقرب وقت، حتى يفي بوعده لامر الكلية، وفعلا وفى بوعده وعاد بعد ثلاث سنوات.
في حين ان بعض المبعوثين البعثيين، لم يعودوا للعراق بعد اكمالهم للدراسة، ولانهم ضباط ويُعتبرون فارين من الجيش فلقد صدرت احكام بالاعدام غيابيا بحقهم، والمهزلة الكبرى، ان هؤلاء الضباط الفارين من الجيش قاموا بعد 2003 بتقديم طلبات باعتبارهم معارضين للنظام، وحصلوا على تعويض وترفيع في الجيش وعلى راتب تقاعدي عالي، على خيانتهم للمهمة التي اوكلوا بها وهي الحصول على الشهادة العليا وبدلا من ذلك فروا من الجيش ولم يعودوا للتدريس في الكلية الفنية العسكرية، لخدمة العراق والتعليم العالي.
واخبرني في تلك الزيارة بانه اجر منزلا متواضعا ورخيصا في منطقة بتني اللندنية، حتى لا يكلف الكلية الفنية مصاريف اضافية، علما بان الكلية الفنية العسكرية كانت تدفع سكن الطلبة العسكريين بالكامل ومهما تكن قيمة الايجار، وكنت اعرف الكثيرين من الضباط العسكريين المبتعثين اشتروا بيوتا باسم زوجاتهم او اولادهم او احد معارفهم وقاموا بتأجيرها لانفسهم بمبالغ كبيرة، وذكر جعفر بان زوجته اشترت ماكنة للخياطة لتقوم بخياطة بعض ملابس اولاده وتصليحها لتوفير المصاريف، وكان اثناء ذلك قد رزق بابنه الثاني عمار.
 وعندما اخبرته لِمَ لم يحول عن طريق البنك المركزي العراقي كامل المبلغ المخصص له وللعائلة، اخبرني بانه لم يكن يمتلك كامل المبلغ، لذا حول جزءا يسيرا من استحقاقه وحسب ما متوفر لديه، عندئذ قلت له لِم لَم تستلف من عمك والد زوجتك، وهو متمكن ومقاول مشهور وصاحب مكتب استشاري كبير، او حتى منا نحن اصدقائه، قال لي: ان اخلاقي وطباعي لا تسمح بذلك، واريد ان اعتمد على نفسي بكل شيئ.
وذكر جعفر بان معظم راتبه يُصرف قبل نهاية الشهر ولا يوجد لديه ما يكفي ليمكنه من دفع الايجار في نهاية الشهر، ويتأخر تحويل الراتب في بعض الاحيان فيضطر للذهاب الى محاسب القنصلية العسكرية للاستفسار عن سبب تأخير التحويل وخاصة ان بناية السفارة كانت مقابل الكلية التي يدرس فيها في لندن، فيخبره المحاسب وهو نائب ضابط: سيدي انت اول طالب بعثه اشوف ايجار بيته قليل جدا وراتبه لا يكفي لنهايه الشهر. ولكن جعفر كان سعيدا بذلك، لاعتماده على نفسه بالكامل، واعتقد ان احد الاسباب لذلك، هو لقيامه بتحويل جزء من مرتبه للعراق لإعالة عائلته وخاصة ان عالية شقيقته كانت في بداية دخولها للجامعة، ولا يريد لها ان تكون اقل شأنا من الاخريات، اضافة لذلك لالتحاق زوجته السيدة جهان بدراسة الماجستير في الرياضيات، والدراسة الخاصة تكون مكلفة للاجانب.
ومع ذلك فالاقدار تلعب بالناس، فبعد فتره قصيرة اصابت ابنه البكر عباس حمى غريبة، اضطر معه ادخال عباس للمستشفى في لندن على عجل، ولم يستطع الاطباء تشخيص الحاله فتوفي عباس بعدها بايام لاصابته بفايرس او بكتريا نادرة الوجود، واصابت الحاله زوجته جهان باكتئاب شديد واثرت عليهم كثيرا، وقد علمت بالامر لاحقا عن طريق د محمود صالح والذي بقي على اتصال مع جعفر، حيث قدم د محمود مرة اخرى للعراق ولكن هذه المرة كخبير للطاقة في الاسكوا التابعة للامم المتحدة وكان مقرها حينئذ بغداد، وبقي تأثير وفاة عباس على جعفر وزوجته كثيرا، وكان يتحدث عن عباس وخسارته اياه وخاصة عندما يلتقي باصدقائه، وقد اثر هذا عليه كثيرا.
ومع ذلك اكمل جعفر دراسته للدكتوراه وفي المدة المحددة ولم يطلب اي تمديد للبعثة. وعاد للكليه الفنية العسكرية تنفيذا للوعد الذي قطعه لعميد الكلية، واصبحنا نلتقي من جديد وخاصه عندما يحضر للجامعه التكنلوجيه لالقاء محاضرات على طلبه الدراسات العليا او مناقشه رسائل طلبة الدراسات العليا، وكان يقول لي: شفت مهند ما الفرق بيني و بينك، الاثنين محصورين بالعراق ولا نستطيع الخروج، بالعكس انا راتبي اعلى، لان رواتب وامتيازات العسكريين اعلى من رواتبنا بكثير، طبعا لم يكن لدي جواب سهل اجيبه فيها، ولان تخصصنا الدقيق كان مختلفا لم يتسنى لي ان اشاركه في اي من مناقشات طلبة الدراسات العليا في مرحلتي الماجستير والدكتوراه، ولكن جميع من التقيت من الاساتذة بتخصصه، كان يشيدون بحرصه الشديد على المناقشة الجادة والعلمية للطلبة، وتقديره الكبير للمتميزين منهم .
واسرَّني في احدى الاوقات، بان هنالك ضغوط كبيرة عليه للانتماء لحزب البعث ولكنه يرفض ذلك وخاصة انه الان اكمل دراسة الدكتوراه وهم يحتاجونه في الكلية وهو لا يحتاجهم، واخبرني ذات مرة، ان احد زملائه من التدريسيين في الكلية، ولكنه رفض اخباري من يكون، كان يحاول جهده لكي ينتمي لحزب البعث، ولكنه كان يرده باستمرار ويطلب منه عدم فتح هذا الموضوع مرة اخرى، وجاء نفس هذا الشخص اليه في احد الايام و اخبره بان الخلية الحزبية في الكلية تناقش وضع جعفر باستمرار وكيف يمكن اقناعه بالانتماء للحزب، وطلب هذا الشخص من جعفر بانه ان انظم في احد الايام للحزب، فهو يرجوه ان يكتب في استماره الانضمام بانه، اي هذا التدريسي،  قد اقنعه بالانضمام لكي يحصل على ترقية حزبية، ثم قال جعفر لي: لم استطع ان ارد عليه باي شيئ و نظرت اليه باحتقار وقلت لنفسي، والقول هنا لجعفر، لم انتمي للحزب وانحرمت من البعثه سنوات والان تريدني ان انتمى لكي تحصل على ترقية حزبية.
وبقينا نلتقي باستمرار وخاصة في الجامعة التكنلوجية عند حضوره لالقاء المحاضرات على طلبة الدراسات العليا او عند مناقشة اطاريح طلبة الدراسات العليا في قسم الكهرباء، ونتناقش بامور الحياة المختلفة، وبعد الانسحاب من الكويت والبدء بتقليص الجيش العراقي، طلبت الكلية الفنية العسكرية من منتسبيها ذوي الشهادات العليا ان يكتبوا في استمارات وزعت عليهم، ان كانوا يرغبون بالاستمرار في الخدمة في الجيش، اوالاستقالة، فكتب جعفر وزميل اخر له بانهم يرغبون بالاستقالة، وكتب اخرون بانهم يودون البقاء، وقال لي جعفر: ان المهزلة كانت انهم ابقوا من كان يود الاستقالة، واقالوا من كان يود الاستمرار بالخدمة ومن ضمن من اقيل، ذلك التدريسي الذي اشرت له سابقا.
 واثناء ذلك كانت حاله زوجته النفسيه في تدهور، ويبدو انها لم تستطع ان تتحمل الضغوط النفسية للحرب اضافه لفقدانها ابنهم العزيز عباس، لذلك سافرت مع ابنها الاخرعمار الى لندن للراحة والعلاج، وخاصة ان لها اخوة يعيشون في لندن.
في تلك الفترة تركت العراق متوجها للاردن للتدريس في جامعاتها بعد الحصار الجائر في العام  1991، وخلال ذلك وبسبب الضغوط النفسية الهائلة على جعفر وسفر زوجته انتقل للعيش في الشقق السكنية التابعة للاساتذة الجامعيين في شارع حيفا، وبدأت احواله النفسيه بالتدهور وبدأ يهمل نفسه وهندامه حتى في الكلية ، وكان يحاول السفر للقاء اسرته في لندن، لكن لم يستطع ذلك ورفضت الكلية الفنية العسكرية طلبه بالاستقالة او السماح له باعطائه اجازة خارج العراق، وقد اوصلت له رساله عن طريق احد الاصدقاء لاخبره بامكانيه تدبير سفر غير قانوني له عن طريق كردستان اذا اراد ذلك، لكنه رفض ذلك واصر ان تكون مغادرته للعراق بالطرق القانونية، وبعدها سمعنا بانه كان يجلس لساعات يستمع للسمفونيات في شقته في شارع حيفا بصوت عالي، وبدأ يمزق اوراقه العلمية ويرميها من شباك العمارة الى الخارج، ومن دون ان تقوم الكلية الفنية العسكرية ممثلة بعميدها وبمسؤوليها باي اجراء لمعرفة حالته النفسيه ومحاوله علاجه، الى ان وصل الحال به باقدامه على الانتحار في الشقة، وقام زملاءه في الكلية الفنية العسكرية بنصب مجلس عزاء له في مبنى الشباب المسلمين في المنصور، وحضره غالبية زملائه وطلبته.
و حصل ان التقيت في عمان في منتصف التسعينات مع والدة جعفر السيدة رباح الركابي مع ابنتها عالية، وسلمت عليهما، وذكرت عالية لامها باني احد اصدقاء جعفر المقربين، فقبلتني وقالت: شوف ايش سوى بينه جعفر، عافنه وتركني وحدي.
ثم علمت لاحقا عندما كنت اعمل في الرياض بان عالية موجوده ايضا في الرياض وهي متزوجه وتعمل في السفارة الامريكية، فقمت بزيارتها واستذكرنا قسم من الايام الخوالي ولم نتطرق كثيرا لاحوال جعفر لحساسية الموقف، وحاولت قبل اشهر ان اجمع بعض المواضيع عن جعفر وعائلته الكريمة لاكتب هذه الاسطر، استذكارا له وتقديرلقيمه العليا ومثاليته.
علمت بان جده السيد علي رضا باشا الركابي 1868- 1942، ولد في دمشق و كان اول رئيس وزراء في سوريا في حكم الامير فيصل القصيرة في اذار 1920 والذي اطاح به الفرنسيون بعد معركه ميسلون، ثم شكل رابع حكومه فيما كان يسمى امارة شرق الاردن في 10 اذار 1922 بعد استقالة مظهر ارسلان، ثم دعي مره اخرى لتشكيل الوزارة السابعة في 3 ايار وبقي لغايه 25 حزيران 1926، و كان يدعم الثوره السورية ضد الاستعمار الفرنسي سرا، لذلك لم يستطع العوده لسوريا بعد استقالته، وبقي في القدس، وعاد لسوريا بعد صدور العفو العام، واعتزل العمل السياسي بعد وفاة الملك فيصل الاول في العراق، و انقطع عن الناس و توفي في 25 ايار 1942 بعد معاناة من المرض واصيب بالشلل في اواخر حياته، وكان قد تسلم سابقا قيادة الجيش العثماني في البصرة وبغداد.
اما والد جعفر السيد علي حيدر الركابي فلقد اكمل دراسته في كلية الحقوق بدمشق وكان أول قدومه للعراق سنة 1935 في عهد الملك غازي. عمل مدرسا في المتوسطة الغربية ثم في دار المعلمين الريفية إلى العام 1941. عاد بعدها إلى دمشق وعُيّن مديرا لديوان وزارة الخارجية السورية. غادر سوريا ليستقر في العراق سنة 1947، فتوظف في البلاط الملكي. ثم عمل مديرا لشركة المنصور لسباق الخيل ومشروع تطوير منطقة المنصور، وكذلك مديرا لنادي المنصور. استمر في ذلك حتى 14 تموز 1958، وجرى اعتقاله في مساء نفس اليوم، وأطلق سراحه في حزيران 1959.
وأسست مجموعة من رجال الأعمال شركة المخازن العراقية، فاشترت محلات أوروزدي باك وانتُخِب المرحوم منذر نوري فتاح رئيسا لمجلس إدارة الشركة. وجرى تعيين السيد علي حيدر الركابي مديرا للشركة، واستمر في ذلك العمل بعد تأميم الشركات وإلى أيلول 1968، حين قامت الحكومة البعثية الجديدة بإحالته على التقاعد بدون راتب تقاعدي، الى ان قام سعدون شاكر باستحصال تقاعد خاص له كما اسلفنا سابقا. وكان اول من ترجم في عام 1946 كتاب يقظة العرب والتي صدرت عام 1939 بالانكليزية في لندن.
اما والدة جعفر السيده رباح الركابي  فهي كانت ناشطه اجتماعيه ومدرسة فاضلة، وقد قام النحات والرسام المشهور جواد سليم برسم لوحه لها ذكرها جبرا ابراهيم جبرا في مذكراته شارع الاميرات، وهي الان محفوظه لدى ابنتها السيدة عالية الركابي. وحاولت معرفه معلومات اضافيه عن اسرة جعفر، فلم استطع معرفه ذلك الا بصورة غير مباشرة عن طريق اللوحة حيث كتبت الروائية السيده انعام كجه جي مقالتين حول الموضوع اولاهما عام 1997 بعد وفاة السيده رباح بعنوان حكاية امرأة ولوحة، والاخرى بعنوان لوحة رباح، ومنها عرفت ان حسين اخو جعفر يعيش الان في ملبورن استراليا، وشقيقته عالية تعيش في امريكا، و كذلك علمت ان زوجته السيدة جهان و ابنهما عمار يعيشان في لندن، ولا يسعني الا ان اشكر السيدة انعام كجه جي، لقيامها بايصال ملاحظات قيمة لي من المهندس حسين علي حيدر الركابي شقيق جعفر.
ورأيت ان من واجبي كزميل وصديق للمرحوم جعفر الركابي، والذي يحتم علي فيه ان اتذكره ولو باسطر قليلة لا توفيه حقه، فهذا الانسان الراقي والحساس والذي خدم بلده العراق بكل اخلاص، وتخرج على يديه مجموعة كبيرة من مهندسي العراق عسكريين ومدنيين، غاب عنا بسرعه ولا اريد ان تنمحي صورته وذكراه عن اصدقائه وزملائه وطلبته، ولن ننسى نحن اصدقائه ذلك الانسان المخلص والمجتهد والذي كان وفيا ومخلصا لوطنه ومهنته.
مهند محمد صبري البياتي
اكاديمي مقيم في الامارات



6
المقترح الجديد لتوزيع المناطق الانتخابية

https://ankawa.com/sabah/whitepaper.pdf


7
تحليل قانون الانتخابات العراقي الجديد
د مهند محمد صبري البياتي
ناقش مجلس النواب العراقي هذا الاسبوع مشروع قانون انتخابات مجلس النواب لسنة 2019، والمقدم من قبل السيد رئيس الجمهورية وصادق عليه البرلمان العراقي يوم الاربعاء المصادف 24 كانون اول 2019، ويتكون مقترح القانون من 50 مادة، ناقشت اللجنة القانونية في مجلس النواب مواد مشروع القانون، وقامت بتمرير 35 بند في المشروع في حين وضعت مقترحات للبنود الخمسة عشر المتبقية، وتتراوح المقترحات بين صياغة لغوية او تعديل بسيط، اضافة الى تغييرات جوهرية غيرت كليا النظام الانتخابي المعمول به حاليا.
ومن اهم التغييرات التي تمت المصادقة عليها هي المادة 15 والتي اعتبرت الاقضية مناطق انتخابية والترشيح فردي ضمن الدائرة الانتخابية، وهو ما اعترضت عليه بشدة الاحزاب الكردية، وسبب ذلك، ان هذا االتغيير سوف يؤثر على مقاعد الاحزاب الكردية، وكما هو معلوم، فان مشاركة الناخبين في اقليم كردستان بالانتخاب عالية جدا مقارنة بوسط وجنوب العراق، وحتى في المحافظات المختلطة مثل نينوى وصلاح الدين وكركوك وديالى، فان الاخوة الاكراد يشاركون باعداد كبيرة في الانتخابات مقارنة باقرانهم العرب، وفي هذه الحالة من الافضل لهم ان تكون المناطق الانتخابية كبيرة، ليحققوا نتائج احسن، وكانوا يفضلون بل دعوا مرارا وتكرارا ان يكون العراق منطقة انتخابية واحدة، وعند ملاحظة نتائج انتخابات عام 2018، سنجد ان محافظة دهوك سجلت ما مقداره 40775 صوت انتخابي لقيمة المقعد النيابي الواحد، وقيمة المقعد النيابي هو مجموع الاصوات الصحيحة في المحافظة مقسوما على عدد مقاعد تلك المحافظة، تليها اربيل ثم ديالى ثم السليمانية، بينما تأتي الانبار في اسفل القائمة حيث كانت قيمة المقعد الانتخابي 25343 صوت، تليها من الاسفل البصرة بما مقداره   27051  صوتا. ولهذا انسحبت الاحزاب الكردية من البرلمان عندما رُفِض طلبها بتأجيل مناقشة  المادة 15 الخاصة بجعل القضاء دائرة انتخابية واحدة واعتماد الترشيح الفردي.
وهذه المادة هي صلب النظام الانتخابي المقترح، الذي على اساسه سيتم اعتبار كل قضاء نفوسه مائة الف نسمة واكثر، دائرة انتخابيه واحدة، اما اذا كان عدد نفوس اي قضاء اقل من مائة الف فيدمج مع اقرب قضاء مجاور، ولم يُحدد في مشروع القانون المقترح القضاء المجاور، في حين كان الاجدى بالمشرعين الاشارة  الى ان الدمج يتم مع القضاء المجاور والاقل نفوسا، حتى لا يهيمن القضاء الكبير على مقدرات اختيارات القضاء الصغير، على سبيل المثال،  محافظة الانبار لها ثمانية اقضية، وبعض الاحصائيات تشير لعدد سكان اقضية الانبار كالاتي: قضاء الرمادي 570 الف، الفلوجة 500 الف، القائم 180 الف، حديثة 120 الف، الرطبة 60 الف، عانه 30 الف وقضاء راوة 25 الف، وبهذا يكون مجموع سكان محافظة الانبار تقريبا مليون و585 الف، ولها 15 نائب، واذا افترضنا ان هذه الارقام صحيحة، وهي تبدو قريبة من الواقع، عندئذ نحتاج جمع ثلاث اقضية وهي الرطبة وعانة وراوة، ولحسن الحظ انها متجاورة، ويكون مجموع سكانها 115 الف نسمة، لذلك تحتاج الفقرة ثالثا من المادة 15 للتعديل، لتشمل جمع قضائين او اكثر بدلا عن جمع قضائيين فقط. وعند تقسيم عدد سكان الاقضية في الانبار على مائة الف نحصل على عدد المقاعد لكل قضاء، وهنا سنجد ان الرمادي لها 5 مقاعد وللفلوجة 5 كذلك وللقائم مقعد واحد ولحديثة مقعد واحد وللاقضية المدمجة الرطبة واخواتها مقعد واحد، وهنا سيكون المجموع 13 مقعد، في حين ان حصة الانبار هو 15 استنادا لمجموع سكانها، لذلك نحتاج الى الية تشرح كيفية تقسيم المقعدين المتبقيين، وهذا مالم يتطرق له المشرع، والطريقة الاكثر الاعدل هي اعطائها للاقضية ذات الباقي الاعظم، وهنا سيكون قضاء القائم لان لديه باقي 80 الف صوت، وتليها الرمادي لان لديها 70 الف صوت متبقي.
اما المادة 16 من القانون، فلقد تم اعتماد مقترح اللجنة القانونية التي اشارت الى ان نسبة تمثيل النساء يجب ان لا يقل عن 25 بالمائة من اعضاء مجلس النواب في كل محافظة، وشرحت المادة بالتفصيل اليه الاستبدال، الا ان نص البند ج من خامسا في المادة 16، غير دقيق حيث يقول " يضاف مقعد واحد الى عدد مقاعد النساء للدائرة الانتخابية التي حصلت على اقل نسبة مئوية" انتهى النص، في حين ان الامر هو استبدال مقعد رجالي بمقعد نسائي.
اما بالنسبة لحصة المكونات، فلقد نصت المادة 13 ثالثا " تكون المقاعد المخصصة من الكوتا للمسيحيين والصابئة المندائيين ضمن دائرة انتخابية واحدة". اي سيتم التصويت للمسيحيين والصابئة في قضاء واحد، وهذا خطأ جسيم لان الاخوة المسيحيين والصابئة لا يتمركزون في منطقة بعينها، لذلك من المفترض ان تعتبر المحافظة منطقة انتخابية واحدة ولجميع المكونات. من المعيب استخدام الكلمة الاجنبية الكوتا في اماكن كثيرة بدلا من كلمة الحصة ، لان كلمة الحصة تعني نفس الشيئ، وكان الاجدر باللجنة القانونية وكذلك مجلس النواب الانتباه لهذا الامر.
اما بشأن حق الترشيح في الفصل الثالث المادة 8، من الواجب تفسير جملة " ان يكون من ابناء المحافظة" والواردة في  خامسا،  هل المقصود بها من مواليد المحافظة وان لم يقيم فيها في اخر عشر سنوات مثلا، او مسجلا لدى دائرة الاحوال المدنية في الدائرة الانتخابية، والتعريف الشامل لهذه الجملة يجب ان يكون دقيقا، وذلك لمنع استبعاد اي مرشحين لاحقا بحجة انهم ليسوا من ابناء المحافظة
من الملاحظ ان مشروع القانون والمقدم من قبل رئيس الجمهورية استبعد في المادة  منه 9 ترشيح كل من:
 اولا: كل من رئيس الجمهورية ونوابه، رئيس مجلس الوزراء ونوابه، الوزير، رئيس هيئة مستقلة ونوابه، رئيس الجهة غير المرتبطة بوزارة ونوابه، وكيل وزارة، مستشار، المحافظ ونوابه، رئيس وعضو مجلس المحافظة، درجة خاصة، مدير عام الا بعد مضي ما لا يقل عن سنتين من تركه المنصب.
ثانيا: القضاة واعضاء الادعاء العام.
ثالثا: افراد القوات المسلحة او الاجهزة الامنية ما لم تقبل استقالته قبل سته اشهر من تأريخ فتح باب الترشيح.
رابعا: اعضاء مجلس المفوضين وشاغلي المناصب العليا في المفوضية العلياالمستقلة للانتخابات ويستثنى من ذلك من انهى خدمته فيها قبل مدة لا تقل عن سنتين من تأريخ الترشيح، اضافة لموظفي المفوضية، ويحق لهم الترشيح بعد مضي سنه على تركهم العمل.
لكن اللجنة القانونية في مجلس النواب ضربت كل هذه الاستثناءات عرض الحائط واقترحت " ان لا يكون من افراد القوات المسلحة او المؤسسات الامنية واعضاء وموظفي المفوضية العليا المستقلة للانتخابات عند ترشحه".  وهذا يعني ان اللجنة القانونية لا تعلم اوتتغافل عن كون كثير من مسؤولي الدولة وخاصة المشموليين بمقترح رئيس الجمهورية، سوف يستغلون مناصبهم وموارد دوائرهم للدعاية الانتخابية لانفسهم، وحصل هذا الامر مرارا وتكرارا.
ان المتمعن في المادة 15 من القانون والتي تم فيها اعتماد مقترح اللجنة القانونية في مجلس النواب والتي قسمت الدوائر الانتخابية على اساس دائرة انتخابية لكل قضاء في المحافظة، والترشيح فيها فردي ضمن الدائرة الانتخابية، سيجد ان الاحزاب الكبيرة والتي كانت تعتمد على الاصوات العالية جدا، التي يكتسبها بعض قادة الاحزاب مثل نوري المالكي وهادي العامري وماجدة التميمي وحيدر العبادي واياد علاوي، لزيادة اصوات الكتل التي يترأسونها  والتي تنعكس كمقاعد اضافية لكتلهم، سوف لن يتم الاستفادة منها الان لدفع مرشحين ليكونوا نوابا مع ان اصواتهم قليلة جدا. تدل نتائج انتخابات الدورات السابقة ان سائرون او الصدريون كما كانوا يُسمون سابقا، هم الوحيدون الذين كانوا يحاولون توزيع اصواتهم بين العديد من مرشحيهم، وهذه الطريقة من النظم الانتخابية استخدمتها الاردن والكويت لتفتيت اصوات الناخبين وعدم تمكين الاخوان المسلمين في الاردن والقوميين في الكويت من الحصول على مقاعد عديدة، لان الانتخابات في ذلك البلدين لم يكن يعتمد على الاحزاب بل على القوائم الفردية في الدوائر الانتخابية المتعددة النواب، وان الملك او الامير يكلف بعد ذلك من يراه مناسبا  لتشكيل الحكومة، وليس رئيس الحزب الذي لديه غالبية المقاعد. واذا نظرنا الى نتائج انتخابات الدورة الحالية ولتي جرت العام 2018، سيجد بان اعداد المرشحين الذين حصلوا على عشرة الاف صوت او اكثر يتركزون في تحالف سائرون، اذ حصل عشرة مرشحين في سائرون على اكثر من عشرة الاف صوت يتقدمهم ماجدة التميمي بحصولها على اكثر من 55 الف صوت وحصلت سائرون على 17 مقعد، في حين حصل هادي العامري على اكثر من 63 الف صوت وكان هنالك اربعة مرشحين حصلوا على اكثر من 10 الاف صوت وفاز تحالف الفتح بعشرة مقاعد، في حين حصد نوري المالكي على اكثر من 102 الف صوت تلاه محمد شياع باكثر من 14 الف صوت، ولا احد غيرهم حصل على اكثر من 10 الاف صوت، لكن فازوا بتسعة مقاعد، وحصلت كتلة الوطنية على 8 مقاعد وفاز اياد علاوي على اكثر من 28 الف صوت ولم يحصل غيره على اكثر من 10 الاف صوت، ونفس الشيئ في كتلة النصر حيث فاز حيدر العبادي على اكثر من 59 الف صوت وفازت قائمته بثمانية مقاعد وهو الوحيد الذي حصل على اكثر من عشرة الاف صوت.  علما ان قيمة المقعد النيابي في بغداد كان 28237 صوت،  وهذه المؤشرات تدل ان شعبية هذه الاحزاب تتمركز في بعض قياداتها، حيث ان المالكي باصواته الكثيرة نجح باضافة اربعة مقاعد لوحده الى كتلته، في حين اضاف هادي العامري وحيدر العبادي اكثر من مقعدين لتحالفهم، ولكن الان لا يستطيعون ان يفعلوا نفس الشيئ لان الزائد من الاصوات التي  يحصلون عليها سوف لن تذهب لاحد، وهذا الامر سيضغط كثيرا على هذه الاحزاب وعلى قواعدها، بكيفية تقسيم الاصوات الانتخابية كي لا تتركز على شخص واحد بل محاولة توزيعها على اخرين، وهذا الامر خطير اذ قد ينتج منه خسارة بعض البرلمانيين والساسة المهمين لمقاعدهم، والموازنة صعبة بين ضمان صعود رئيس الحزب اومحاولة دفع اكبر عدد من المرشحين للفوز بالمقاعد، وخاصة ان الكثير من الاحزاب ليست لديها اعراف حزبية ديمقراطية، ولا فكرة تداول المواقع المهمة في الحزب، ولا كيفية توزيع المرشحين على الاقضية المختلفة واختيار المرشح المقبول جماهيريا، وقد نشاهد نتائج غير متوقعة بالانتخابات القادمة، قد تقلب الطاولة على كثير من الاحزاب، اذا لم تركز على قواعدهم الانتخابية ومعروفة كيفية توزيع مؤيديهم في الاقضيه اي في الدوائر الانتخابية الجديدة. وهذا الامر ينعكس ايضا على كيفية اختيار المرشحات ومعرفة اي المناطق الانتخابية تقوم باختيار المرشحات من دون تحفظ، واعتقد بان الكثير من الاحزاب ليست لديها استراتيجية او خبرة في كيفية توزيع مرشحيها على المناطق الانتخابية.
ختاما نستطيع ايجاز بعض النقاط المهمه والتي تحتاج الى ايضاح من قبل مجلس النواب، مثلا المادة 8 خامسا، يجب اعطاء تعريف واضح لجملة "من ابناء المحافظة" هل المقصود المولود فيها فقط، او لديه اقامة فيها حتى لو كانت سابقا او مسجل في السجل المدني في اي وقت كان.
وكذلك المادة 9، حيث كانت الصيغة المقدمة من رئيس الجمهورية شمولية اكثر، واستبعدت الاشخاص الذين يؤثرون على جمهور الناخبين بسبب وظيفتهم، وامكانية استغلال الموارد المتوفرة لدى المسؤول في الدعاية الانتخابية وترغيب الناخب بمكاسب غير مشروعة، وهذا حصل كثيرا في الانتخابات السابقة، ويبدوا ان الكثيرين من اعضاء مجلس النواب مارسوا هذا الامر ويرغبون ان تستمر الامور على ما كانت عليه سابقا.
المادة 13 ثالثا تضع المقاعد الخاصة لحصة المسيحيين والصابئة في دائرة انتخابية واحدة، في حين يجب ان تكون على مستوى المحافظة، لاتهم غير متمركزين في قضاء بعينه.
المادة 15، لم يحدد المشرع عدد مقاعد كل قضاء او دائرة انتخابية، ضمن مقاعد المحافظة، ومن الافضل ان تكون حسب قاعدة الباقي الاعظم.
المادة 16 خامسا ج، الصياغة خاطئة، لان العملية هي ليست اضافة مقعد للنساء بل استبدال مقعد رجالي باخر للنساء.
امل ان يقوم مجلس النواب بتصحيح بعض الامور التي اشرت اليها ليكون القانون اكثر وضوحا للناخب.
اكاديمي مقيم في الامارات

8
النظام الانتخابي الملائم للعراق
د مهند محمد صبري البياتي
كثر الحديث والجدال في الاونة الاخيرة عن النظام الانتخابي الملائم للعراق، وقسم كبير من هذه الاطروحات تصر على نظام معين بذاته من الدول الدخول بسلبيات وايجابيات هذا النظام او ذلك، ويقوم اخرون بتكرار الطلب هذا من دون معرفة ملائمته للعراق وما قد يسببه من خلل في البنية الاجتماعية او يغمط حقوق الناخب والذي وضع ورقته الانتخابية في الصندوق الانتخابي متأملا من ان صوته سيؤثر في اختيار من يأمل ان يوصل مطاليبه ورغباته الى قمة البرلمان وبعدها ستتحقق قسم من امانيه، وقبل الدخول في تفاصيل اهم النظم الانتخابية في العالم، نحتاج ان نسترجع تجربة ابائنا واجدادنا في انتخابات المجالس النيابية. وفي زمن الدولة العثمانية، تم انتخاب نواب من العراق ليمثلوا في برلمان الدولة والتي سميت مجلس المبعوثان، في اعوام 1908 و1912 و1914، وكان الاعضاء يمثلون بغداد والموصل والبصرة والمنتفك وكركوك والسليمانية وكربلاء والديوانية، وكان من الاعضاء الدائمين في مجلس المبعوثان الشاعران جميل صدقي الزهاوي ومعروف الرصافي اضافة الى السادة: طالب النقيب وساسون حسقيل وعبد المحسن السعون، وكان هنالك المجلس العمومي لولاية بغداد وهي تشبه مجالس المحافظات، ويتم انتخاب ممثل لكل قضاء من اقضية بغداد. اما بعد تشكيل الدولة العراقية الحديثة، فلقد طالب الملك فيصل الاول في اول خطاب للعرش بتشكيل الجمعية التأسيسة العمومية لتقوم بوضع ما يسمى بالقانون العام اي الدستور اضافة لقانون الانتخاب والذي على اثره جرت انتخابات  لمجلس النواب العراقي والذي كان اول انتخاب له في العام 1925 ، واخر انتخاب له في ايار 1958، وسقطت في 14 تموز 1958. وكان النظام الانتخابي المعمول به هو الفائز الاول، والذي بموجبه قُسم العراق الى مناطق انتخابية عديدة، واصبح الانتخاب على مرحلة واحدة بعد ان كانت على مرحلتين.  ومن الملاحظ انه كانت تجري كثير من الضغوط على المنافسين للنظام القائم، وكذلك اغراءات كثيرة للموالين، لذلك ففي اخر انتخابات في 10 ايار 1958، ان عدد النواب 148، فاز بالتزكية 118 نائب، اي انه فعليا جرت الانتخابات لاختيار 30 نائب فقط.
 وفي عام 1980 عادت الانتخابات من جديد وتحت مسمى المجلس الوطني، وقسم العراق الى 250 منطقة انتخابية، وكانت حصة البعثيون 187 مقعدا، والمستقلون واحزاب موالية 67 مقعد، وكان عدد المرشحين 860 ، وتلتها انتخابات في العام 1984 ثم اخرى في الاعوام  1989، و 1996 واخيرا عام 2000 ، وجميعها كان عدد اعضاء المجلس 250 عضو، ولقد حصل اعضاء حزب البعث على اغلبية المقاعد، ولم يكن للمجلس اي دور رقابي ملموس، بل وُضع لاعطاء انطباع بوجود ديمقراطية في العراق، حيث كان رئيس المجلس يعين من قبل مجلس قيادة الثورة، ويكون برتبة عضو قيادة قطرية. وهذا الانتخابات كانت على نظام الفائز الاول.
بعد التغيير في عام 2003 حصلت اول انتخابات بداية العام 2005، وتم تسميتها المجلس الوطني العراقي، وكان من مهامه الاساسية هو وضع الدستور، واعتمد النظام النسبي لتوزيع المقاعد، وتم اعتبار العراق منطقة انتخابية واحدة، ويقوم الناخب باختيار كتلة واحدة او حزب واحد او على مرشح منفرد، ويسجلها في ورقة الانتخابات، وبسبب ظروف الارهاب حينها، والخوف من اعلان اسماء المرشحين كيلا يتعرضوا للتهديد او حتى للقتل، لم يتم اعلان اسماء المرشحين عن اية كتلة، وسميت تلك الحالة خطأ بالقائمة المغلقة، وقد تكون التسمية الصحيحة لها هي القائمة السرية وهذه الحالة لم تحصل عند اية دولة سابقا، لان الناخب لا يعلم بالضبط من هم المرشحون وما هو تسلسل تواجدهم بالقائمة، فقط يعلم انها لحزب ما يرأسها شخص ما، في حين ان القائمة المغلقة  تعني ان يضع الحزب او الكتلة اسماء المرشحين في قائمة معلنة للجمهور وحسب افضلياتهم، وهذا يحصل في الغالب بعد انتخابات داخلية في الكتلة، او توافقات بين ادارة الكتلة والحزب والمرشحين.
 وفي كانون الاول عام 2005، تم اجراء الانتخابات النيابية ، ولكن تم اعتبار كل محافظة منطقة انتخابية واحدة، وتم حساب عدد مقاعد كل محافظة اعتمادا على عدد االناخبين المسجلين في انتخابات كانون الثاني، وعلى البطاقة التموينية، وبقي عدد النواب 275، وتم حساب 230 مقعد موزعا على المحافظات اعتمادا على خيارات الناخبين، وبقي 45 مقعد تم توزيعها على الكتل الفائزة وبتسمية غريبة سموها القاعدة الوطنية.

ومن الملاحظ ان الانتخابات في العام 2010 وما بعدها، جرت مع نقص حاد في الخبرات ومصادر المعرفة لدى غالبية موظفي الهيئة المستقلة للانتخابات وكذلك اعضائها، ولم تتمتع بالجاهزية الكافية للقيام بمهامها، ولم تمتلك التجربة اللازمة ولا مصادر المعرفة الضرورية لتمكينها من تنظيم انتخابات تتمتع بالمستوى المطلوب من المصداقية، وكان الهم الاكبر للاحزاب والكتل السياسية هو الفوز باكثر عدد من المقاعد وليس المنظومة الانتخابية الشفافة والمستقلة والتي تستطيع ان تعكس رغبة الناخبين، مما ادى الى عزوف الكثير من المواطنين عن المشاركة بالانتخابات، مما ادى الى تدني نسبة المشاركة بشكل كبير، وخاصة في اخر انتخابات عام 2018 لاحساس المواطنين بان العملية الانتخابية لن تعكس رغباتهم الحقيقية. ففي حين مكّن تنظيم الانتخابات التنافسية المتعاقبة على مر السنين الإدارات الانتخابية في غالبية أرجاء العالم من الحصول على خبرة متراكمة تعمل على تبادلها لمزيد من الاستفادة المشتركة، وتغيرت التحديات التي كانت تواجهها تلك الإدارات فيما مضى، والتي كانت تتمحور حول كيفية التحقق من ثقة كافة الشركاء في تلك العمليات وتحقيق أعلى مستويات المصداقية في الإدارة الانتخابية. وتعتبر ثقة الشركاء في العملية الانتخابية، وثقة الجمهور والأحزاب السياسية بشكل خاص فيها وفي طريقة إدارته أمراً مفصلياً ليس لنجاح العملية الانتخابية فحسب، بل لتحقيق أعلى مستويات المصداقية في الحكومات الناتجة عنها. ولكن لم يحصل هذا في العراق بعد 14 عاما من اجراء اول انتخابات في بداية عام 2005. وجرت جميع الانتخابات في العراق اما على نظام الفائز الاول او القائمة النسبية، ولكل منها محاسنها ومساوئها.
من اقدم النظم الانتخابية في العالم هو نظام الفائز الاول والمطبق في المملكة المتحدة والبلدان المتأثرة بها تاريخيا مثل اكبر ديمقراطية في العالم اي الهند، وكندا وامريكا وتقريبا هنالك 22 بلدا يستخدم هذا النظام. وكان معمولا به ايضا في انتخابات العراق في العهد الملكي وكذلك في الاعوام من 1980 ولغاية 2000  .
يعد نظام الفائز الأول ابسط نظم الأغلبية، حيث يتم استخدامه في دوائر انتخابية فردية، وهو نظام يتمحور حول المرشحين الأفراد، اذ يقوم الناخب باختيار مرشح واحد فقط من مجموع المرشحين المدرجين على ورقة الاقتراع. وببساطة فان المرشح الفائز هو الحاصل على اعلى عدد من اصوات الناخبين.
اما نظام ألتمثيل النسبي، والذي عمل به بعد التغيير ويستند المفهوم الأساسي لنظام التمثيل النسبي الى ترجمة حصة اي حزب سياسي مشارك في الانتخابات من اصوات ألناخبين ألى حصة مماثلة ومتناسبة من المقاعد في الهيئة ألتشريعية المنتخبة في البرلمان. ويعتبر نظام التمثيل ألنسبي خياراً شائعاً في الديمقراطيات الراسخة وكذلك ألناشئة، حيث يستخدم احد تلك ألنظم 23  بلد من مجموعة ألديمقراطيات ألراسخة، وتحتل هذه ألنظم ألمركز ألأول من حيث عدد ألبلدان ألتي تعتمدها في كل من أمريكا أللاتينية، وأفريقيا و اوروبا. وتستخدم غالبية ألبلدان ألتي تعتمد نظام ألتمثيل ألنسبي والبالغ عددها 72 بلداً أحد أشكال نظام ألقائمة ألنسبية. هناك ألكثير من ألاعتبارات  ذات ألتأثير الكبيروالمباشرعلى طريقة عمل نظم ألتمثيل ألنسبي على أرض الواقع. فكلما زاد عدد ألمرشحين المنتخبين عن كل دائرة انتخابية، كلما أرتفع مستوى ألنسبية في النظام الانتخابي. كما وأن نظم ألتمثيل ألنسبي تختلف فيما بينها بشكل الخيارات التي توفرها للناخب، من حيث استطاعة ألناخب ألاختيار بين الأحزاب السياسية أو المرشحين الأفراد أو كليهما معاً.
 تمتاز نظم ألتمثيل ألنسبي بشكل اساسي بكونها تعمل على تفادي النتائج غيرألمرغوب بها لنظام الفائز الاول اي نظام الاغلبية، ما يجعلها صالحة لإفراز هيئات تشريعية تمثيلية بشكل افضل. ففي كثيرمن ألديمقراطيات ألناشئة، وخاصة تلك ألتي تواجه انقسامات اجتماعية حادة، قد تصبح مسألة اشراك كافة ألمجموعات والمكونات الاجتماعية شرطاً مفصلياً لا غنى عنه لتدعيم ألنظام ألديمقراطي بشكل عام. إذ أن ألفشل في توفيرألفرصة الحقيقة لكافة ألأقليات، للمشاركة في صنع ألقرار وتطويرألنظام ألسياسي من شأنه أن يفضي إلى نتائج كارثية.
تقود نظم ألتمثيل النسبي الى تحقيق مستويات أعلى من ألاستمرارية واستقرار السياسات. فقد أثبتت التجارب في أوروبا ألغربية نجاعة هذه ألنظم لدى أعتمادها لانتخاب البرلمانات في تحقيق استقرار افضل للحكومات، بالإضافة الى تحقيق مستويات اعلى من المشاركة وألاداء ألإقتصادي، وعدم فسح المجال أمام ألأحزاب ألمتطرفة، أليسارية وأليمينية على حد سواء، للحصول على تمثيل في ألهيئة التشريعية، وتعتبر بعض نظم ألتمثيل ألنسبي أكثر تعقيداً من غيرها من ألنظم غير ألنسبية، وهو مايتطلب جهوداً اكبر لتوعية الناخبين، بالإضافة ألى مزيد من ألتدريب ألمهني لموظفي ألانتخابات لضمان صحة ألعملية.
وبسبب بعض السلبيات في نظام الفائز الاول وكذلك القائمة النسبية، تم ايجاد النظام المختلط، تقوم نظم الانتخاب المختلطة على  أسإس الاستفادة من ميزات كل من نظام الأغلبية  ونظام التمثيل النسبي. وعليه يتركب النظام المختلط من نظامين انتخابيين مختلفين عن بعضهما البعض. ويتم الاقتراع بموجب النظامين من قبل نفس الناخبين حيث تُجمع نتائج النظامين لانتخاب الممثلين في الهيئة التي يتم انتخابها. ويستخدم في ظل النظام المختلط  احد نظم الأغلبية والذي عادةً ما يكون مستندا إلى دوائر انتخابية فردية، بالإضأفة إلى نظام القائمة النسبية. وهنالك شكلين للنظم الانتخابية المختلطة، فعندما ترتبط نتائج الانتخاب في ظل كلا النظامين الانتخابيين ببعضها البعض، بحيث يستند توزيع المقاعد في ظل النظام النسبي على نتائج النظام الاخر، وذلك لتعويض ما قد ينتج عن ذلك النظام من خلل في نسبية النتائج، يطلق على النظام المختلط اسم نظام النسبية المختلطة اما عندما ينفصل النظامان عن بعضهما البعض بشكل كلي ويعملان بشكل مستقل تماماً، حيث لا يستند توزيع المقاعد في ظل أي منهما على ما يحدث في النظام الآخر، يطلق على ذلك النظام اسم النظام الانتخابي المتوازي. ففي نظام النسبية المختلطة، يتم توزيع المقاعد النسبية في ظل هذا النظام للتعويض عن الخلل الحاصل في نسبية النتائج الخاصة بمقاعد الدوائر الانتخابية الفردية والمنتخبة بموجب أحد نظم الأغلبية. وعلى سبيل المثال، فلو فاز حزب ما بما نسبته 10 بالمئة من أصوات الناخبين على المستوى الوطني من أصوات القائمة النسبية، في الوقت الذي لم يحصل فيه على أية مقاعد من تلك المخصصة للانتخاب في الدوائر الانتخابية  بموجب النظام الآخر، فسيعطى ذلك الحزب ما يكفي من المقاعد المخصصة للانتخاب النسبي بما يكفل له الحصول على 10 بالمئة من مقاعد الهيئة التشريعية المنتخبة، ويطبق هذا النظام من خلال اعطاء الناخبين إمكانيات للخيارتتبع كل منهما لواحد من النظامين الانتخابيين ، كما هي الحال في كل من المانيا ونيوزيلندا، من خلال إعطائهم خياراً واحداً يتمثل في الاقتراع لصالح المرشحين في دوائرهم الانتخابية، ويتم احتساب الأصوات التي يحصل عليها كل حزب من خلال تجميع أصوات مرشحيه في مختلف الدوائر الانتخابية. ويستخدم نظام النسبية المختلطة في كل من ألبانيا وبوليفيا وألمانيا وهنغاريا وإيطاليا وليوستو والمكسيك ونيوزيلندا وفنزويلا. وفي جميعها عدا هنغاريا يتم استخدام نظام الفائز الاول لانتخاب مقاعد الدوائر الانتخابية غير النسبية. أما في هنغاريا فيستخدم نظام الجولتين. وتجدر الاشارة الى ان النظام المعتمد في إيطاليا أكثر تعقيداً حيث يوزع ربع مقاعد مجالس النواب للتعويض عن الأصوات الضائعة في انتخابات الدوائر الفردية.
وفي فنزويلا هناك 100 مقعد مخصصة للانتخاب من خلال نظام الفائز الأول، بينما تُوزع المقاعد الباقية للانتخاب من خلال نظام القائمة النسبية وكمقاعد للتعويض. اما في المكسيك يستخدم 200 مقعد منتخب بموجب نظام القائمة النسبية للتعويض عن الخلل العالي الذي عادةً ما ينتج عن انتخاب المقاعد المتبقية والبالغة 300 مقعد بموجب نظام الفائز الاول. اخيراً يستخدم النظام الانتخابي المعتمد في ليسوتو في مرحلة ما بعد الصراع 40 مقعداً للتعويض عن الخلل في نتائج انتخاب 80 مقعد اخر بموجب نظام الفائز الاول.
على الرغم من تصميم نظام النسبية المختلطة لإفراز نتائج نسبية، الا أن حجم الخلل في نسبية النتائج في انتخابات الدوائر الفردية قد يكون كبيراً إلى حد لا تستطيع معه المقاعد المخصصة للانتخاب النسبي التعويض عنه. وهو ما قد يحصل بصورة جلية خاصةً عندما يتم تحديد الدوائر الانتخابية للانتخاب النسبي على المستوى المحلي وليس الوطني. حيث قد يفوزحزب ما بعدد من المقاعد المنتخبة بموجب نظام الغالبية يفوق العدد الذي قد يخوله الفوز فيه عدد أصواته الحزبية. ولمعالجة ذلك، يمكن مقاربة النسبية بشكل افضل من خلال توسيع عدد مقاعد الهيئة المنتخبة بعض الشئ، حيث تكون المقاعد الإضافية بمثابة مقاعد تعويضية. وهذا ما حصل في معظم الانتخابات التي جرت في المانيا. كما أن النظام في نيوزيلندا يسمح بذلك.
من محاسن نظام النسبية المختلطة أنه يتمتع بمزايا نظم التمثيل النسبي، في نفس الوقت الذي يسهم في ربط الممثلين المنتخبين بمناطق جغرافية محددة، ما يقوي من صلتهم بناخبيهم. إلا أنه في تلك الحالات التي يعطى فيها الناخب صوتين، واحدا ً للحزب وواحد لممثله المحلي، وكثيراً، لايعي الناخبون تماماً الأهمية الأكبر للاصوات الخاص بالحزب في توزيع المقاعد النهائية في الهيئة المنتخبة.
اما نظام الانتخاب المتوازية النسبية فتقوم على استخدام نظامين احدهما نظام انتخاب نسبي والآخر يتبع نظم الأغلبية، ولكن على  العكس من نظام النسبية المختلطة، ففي هذا النظام لا علاقة للنظامين ببعضهم البعض، حيث لا يعمل النظام النسبي على تعويض الخلل في تناسب النتائج الناتج عن نظام الأغلبية المستخدم بموازاتها ويمكن أن يرافق النظام النسبي أحد نظم الانتخاب الأخرى، وفي ظل هذا النظام يمكن أن يعطى الناخب ورقة اقتراع واحدة، كما ويمكن أن يُعطى ورقتي اقتراع منفصلتين، تخص واحدة منهما المقعد المنتخب بموجب نظام الأغلبية بينما تستخدم الورقة الأخرى للاقتراع للمقاعد المنتخبة بموجب النظام النسبي، تستخدم نظم الانتخاب المتوازية حالياً في 21  بلد، حيث شاع استخدامها على امتداد ما يزيد على 15 عام مضت وذلك بسبب الانطباع السائد بأنها تجمع بين مزايا كل من نظام القائمة النسبية ونظام الأغلبية، وتستخدم كل من أرمينيا وغينيا-كوناكري واليابان وكوريا الجنوبية والباكستان واالفلبين وروسيا وجزر سيشيل وتايلاند وتيمور الشرقية وأوكرانيا نظاماً متوازياً يقوم على الجمع بين نظام الفائز الأول في دوائر فردية ونظام القائمة  النسبية، بينما تستخدم كل من أذربيجان وجورجيا وكازاخستان وليتوانيا وطاجيكاستان نظاماً يقوم على الجمع بين نظام الجولتين في الدوائرالانتخابية الفردية ونظام القائمة النسبية.
اما توزيع المقاعد المنتخبة بموجب كل من النظامين في ظل النظام الانتخابي المتوازي فيختلف من موقع إلى آخر. ففي أندورا وروسيا وأوكرانيا توزع المقاعد مناصفة بين النظامين. وعلى أحد أطراف هذه المعادلة نجد أن كوريا الجنوبية تنتخب81 بالمئة من ممثليها البالغ عددهم 299 بموجب نظام الفائزالأول، بينما لا تنتخب سوى 56 ممثل بموجب نظام القائمة النسبية. أما على الطرف المقابل، نجد بأن تيمور الشرقية تنتخب 75 ممثلاً بموجب النظام  النسبي بينما لا تنتخب سوى 13 ممثلاً استناداً إلى نظام الفائز الأول. وعلى أية حال، فعادةً ما يكون التوزيع بين النظامين أكثرتقارباً من هاتين الحالتين، ففي اليابان على سبيل المثال يتم انتخاب حوالي 60 بالمئة من ممثليها من خلال نظام الفائز الأول في الدوائر الانتخابية الفردية، بينما ينتخب باقي الممثلون عملاً بنظام القائمة النسبية.
يمكن للنظام المختلط أن يؤدي إلى إيجاد شريحتين مختلفتين من الممثلين المنتخبين، أولئك المسؤولين أمام ناخبيهم في دوائرهم الانتخابية بالدرجة الأولى، وأولئك المنتخبين على قائمة الحزب الوطنية والذين لا يشعرون بأية مسؤولية اخرى غير تلك التي تربطهم بالحزب الذي تم انتخابهم على قائمته، دون أية روابط جغرافية. وهو ما من شأنه التأثيرعلى تماسك الأحزاب والفرق البرلمانية في عملها البرلماني. وهو يحقق ذات المستويات من النسبية في نتائج الانتخابات تقريبا كتلك الناتجة عن نظام القائمة النسبية. وتقوم النظم المختلطه بالحد من الخلل في نسبية النتائج، اذ تفرز نتائجاً وسطية بين ما تسفر عنه نظام الغالبية وما ينتج عن نظام التمثيل النسبي. ومن ميزاتها كذلك انها تعطي الأحزاب الصغيرة التي تمثل الأقليات فرصةً في الحصول على تمثيل لها من خلال المقاعد المنتخبة بموجب التمثيل النسبي في حال اخفاقها في الحصول على أي من مقاعد  الأغلبية، خاصةً كلما ارتفع عدد المقاعد المنتخبة بموجب النظام النسبي، وهي تصلح كثيرا في النظم الانتخابية التي تعطي حصة من المقاعد للنساء كما في العراق، اذ لا يسمح نظام الفائز الاول باعطاء حصة للنساء. أما مساوئ هذه النظام فتتمثل في كونها قد تفرز شريحتين مختلفتين من الممثلين.
ومن اهم نظم الانتخابات الاخرى والمعمول بها عالميا هي: نظام ألكتلة ويتمثل هذا النظام ببساطة، في أستخدام نظام ألاغلبية ألنسبية في دوائرأنتخابية تعددية أي ألتي تنتخب اكثر من ممثل واحدة عن كل منها. ويتمتع الناخبون بعدد من ألأصوات يساوي عدد ألمقاعد ألتي يتم انتخابها عن دوائرهم، بحيث يمكنهم ألاقتراع لأي من ألمرشحين على ورقة ألاقتراع، بغض ألنظر عادة عن أنتماءاتهم ألحزبية. وفي كثيرمن نظم ألكتلة، يمكن للناخب ألإدلاء بما شاء من ألأصوات ألتي يمتلكها طالما لم يتعدى ذلك عدد ألمقاعد ألمخصصة لدائرته ألانتخابية. ويفوز ألحزب أوألقائمة ألحاصل على اعلى ألأصوات بكافة  مقاعد الدائرة ألانتخابية، وبذلك يتم أنتخاب كافة مرشحيها على ألقائمة. و كما هي ألحال في نظام ألفائز ألأول لا يتحتم على ألفائز ألحصول على ألأغلبية ألمطلقة من ألأصوات، تتمثل اهم مزايا هذا النظام في كونها سهلة ألاستخدام، ويعمل على تحفيز ألأحزاب ألسياسية وتمكينها من ترشيح مجموعات مختلطة  من ألمرشحين وذلك عملاً على تمكين ألأقليات من ألحصول على تمثيل لها. ويمكن أستخدامه لتحقيق تمثيل عرقي متوازن، حيث أنه يمكّن ألأحزاب من تقديم قوائم مرشحين تشتمل على تنوع عرقي، وقد يتم تصميمه بشكل يُلزم ألأحزاب ألقيام بذلك.
والنظام  الاخر هو ألصوت ألبديل، وتنتظم ألانتخابات في ظل هذا ألنظام عادةً على أساس ألدوائر ألانتخابية ألفردية، كما هي ألحال في ظل نظام ألفائز ألأول. إلا أن نظام ألصوت ألبديل يعطي ألناخب خياراً اوسعأ مما يعطيه نظام ألفائز ألأول لدى ممارسة ألاقتراع. فبدل من تحديد مرشحهم ألمفضل على ورقة ألاقتراع، يقوم ألناخبون حسب هذا ألنظام بترتيب ألمرشحين حسب ألأفضلية وذلك من خلال أعطاء ألمرشح ألمفضل ألرقم 1 ومن ثم أعطاء ألذي يليه في ألأفضلية ألرقم 2 ومن ثم  ألرقم 3 للذي يليه وهكذا. وبهذا ألشكل يعطي نظام ألصوت ألبديل ألناخبين أمكانية ألتعبير عن أفضلياتهم بدلاً من ألتعبير عن خيارهم ألأول فقط. ولهذا ألسبب قد يُعرف هذا ألنظام ايضا بنظام ألصوت ألتفضيلي أو نظام ألصوت ألواحد ألمتحول أو نظام ألصوت ألإضافي والتي تعتبر جميعها من فصيلة ألنظم ألتفضيلية.
وهنالك نظام ألجولتين، وكما يستدل من أسمه، يقوم هذا ألنظام على انتظام العملية الانتخابية من خلال جولتين انتخابيتين بدلاً من ألجولة ألواحدة، عادة ما يفصل بينهما أسبوع واكثر، حيث تسيرألجولة ألأولى  بذات الطريقة التي يتم فيها تنظيم الانتخاب على اساس الجولة الواحدة ضمن نظام الأغلبية، وغالبا ما يكون ذلك استنادا الى نظام االفائز الأول. ألا أنه من ألممكن أستخدام نظام الجولتين في دوائر انتخابية تعددية، من خلال استخدام نظام الكتلة، كما هي الحال في كرواتيا و نظام ألكتلة ألحزبي كما هي ألحال في مالي. ويفوز في ألانتخاب بشكل مباشر في ألجولة الاولى، ودون ألحاجة إلى جولة  ثانية، ألحزب أوألمرشح الحاصل على أغلبية معينة من ألأصوات، عادةً ما  تكون ألأغلبية ألمطلقة لاصوات ألناخبين الصحيحة، على الرغم من أعتماد بعض ألدول لأغلبية اخرى في ألانتخابات ألرئاسية لدى أستخدامها لنظام ألجولتين  وفي حال عدم فوز أي من ألأحزاب أو المرشحين بتلك ألأغلبية في ألجولة ألأولى، يتم تنظيم جولة انتخابية ثانية يفوز فيها بالانتخاب ألحزب أوألمرشح ألحاصل على أعلى لأصوات. اما ألتفاصيل ألمتعلقة بالجولة ألثانية فتختلف من حالة إلى أخرى. والطريقة  الاكثر شيوعاً تتمثل في حصر ألمنافسة في الجولة ألثانية بين ألمرشحين أوألحزبين ألحاصلين على أعلى ألأصوات في ألجولة ألأولى، وهو ما يعرف بنظام الجولتين بالأغلبية ألمطلقة، اذ ينتج عنهأ بالضرورة فوز أحد المرشحين أوألحزبين بالأغلبية ألمطلقة للأصوات في ألجولة الثانية وبالتالي فوزها في ألانتخاب. أما الطريقةألأخرى، والتي تعرف بنظام ألجولتين بالاغلبية ألنسبية، والذي يتم استخدامهأ في ألانتخابات ألتشريعية في فرنسأ، فتتمثل في تمكين أي مرشح يحصل على ما يزيد عن 12.5 بالمئة من اصوات ألناخبين ألمسجلين في ألجولة ألأولى المشأركة في ألجولة ألثانية من ألانتخابات. ويفوز في ألانتخاب في ألجولة ألثانية ألمرشح ألحاصل على أعلى الأصوات، بغض ألنظر عما إذا حصل على ألأغلبية ألمطلقة للأصوات أم لا. وبالتالي فهذه ألطريقة تختلف عن سابقتها، حيث يمكن أن يشارك في ألجولة ألانتخابية ألثانية عددأ اكبر من ألمرشحين ولا ينحصر في مرشحين أثنين فقط.
يستخدم نظام ألجولتين لانتخاب 22 هيئة تشريعية حول ألعالم، وهو ألنظام ألأكثر شيوعاً في انتخابات ألرئاسة بشكل مباشر فبالإضأفة إلى فرنسا، يستخدم هذا ألنظام في ألكثير من ألبلدان ألتي كانت في ألماضي أقاليم اومستعمرات تابعة لفرنسا أو متأثرة بها بشكل أو بأخر. ويستخدم نظام ألجولتين لانتخاب الهيئة ألتشريعية في كل من جمهورية أفريقيا ألوسطى والكونغو برازافيل والغابون ومالي وموريتانيا وتوغو من ضمن مجموعة ألبلدان الافريقية الناطقة بالفرنسية. ويستخدم كذلك في كل من مصر وجزر ألقمر وهايتي وإيران وكيرواتيه وفيتنام، بالإضأفة الى بعض دول ألاتحاد ألسوفياتي سابقا مثل بيلاروسيا وقيرغيزستان وتركمانستان وأوزباكستان. وتستخدم نظام ألجولتين، كجزء من نظامها ألانتخابي ألمختلط لانتخاب ممثلي ألدوائر، كل من  جورجيا وكزاخستان وطاجيكستان. وهنالك نظم انتخابية اخرى لا تستخدمها سوى دولة او دولتين، ولم نتطرق اليها، ويمكن تلخيص ميزات وعيوب بعض النظم الانتخابية الشائعة كما يلي.
من ميزات نظام القائمة النسبية  نسبية النتائج، والتعددية الحزبية، وتمثيل الأقليات، وقلة الأصوات الضائعة، وسهولة اعطاء حصه للمرأة وكذلك للاقليات، وانعدام وقلة الحاجة لترسيم حدود الدوائر الانتخابية، وانعدام الحاجة للانتخابات الفرعية اوالتكميلية وسهولة الاقتراع عن بعد، والحد من انتشار المناطق التي ينفرد الحزب الواحد بالسيطرة فيها، وامكانية ارتفاع مستويات المشاركة. اما عيوبها فتتضمن ضعف التمثيل الجغرافي، وضعف المساءلة والمحاسبة، وامكانية ضعيفة في حصول مؤسسة الرئاسة على دعم كافٍ داخل السلطة التشريعية، وامكانية ازدياد الحكومات الائتلافية وحكومات الأقلية، والقوة الزائدة التي يمنحها للأحزاب السياسية، ويمكن أن يسهل وصول الأحزاب المتطرفة إلى البرلمان، وعدم إمكانية إقصاء حزب ما عن السلطة.
اما في نظام الفائز الأول، فان ميزاتها تشمل، قوة التمثيل الجغرافي، وتسهّل ممارسة المساءلة والمحاسبة، وبسيط وسهل الفهم، ويمنح الناخبين خيارات واضحة، ويحفزعلى وجود معارضة متماسكة، ويسهم في استبعاد الأحزاب المتطرفة، ويمكّن الناخبين من الاختيار بين المرشحين، وقد يسهم في توفير دعم أكبرلمؤسسة الرئاسة من السلطة التشريعية، وقد يسهم في تشكيل حكومات تتمتع بدعم الأغلبية البرلمانية. اما عيوبها فتشمل، على استبعاد الأحزاب الصغيرة، وتعمل على استثناء الأقليات من التمثيل، وتعمل على استثناء المرأة من التمثيل، وتؤدي إلى ضياع أعداد كبيرة من الأصوات، وعادةً ما تؤدي إلى إجراء انتخابات فرعية اوتكميلية، وتحتاج إلى ترسيم الدوائر الانتخابية، وتسهل العبث بالدوائر الانتخابية لأغراض غير مشروعة، ويصعب معه تنظيم الاقتراع عن بعد.
وللنظام المتوازي الميزات التالية،  التعددية الحزبية، وتمثيل الأقليات، والحد من تشتيت الأحزاب السياسية، وسهولة التوافق عليه، وأكثر امنا من غيره، وتمكين المساءلة والمحاسبة، والحد من عدد الأصوات الضائعة. وتشمل عيوبها، ان النظام أكثر تعقيداً من غيره، ويحتاج إلى ترسيم الدوائر الانتخابية، وعادةً ما يؤدي إلى إجراء انتخابات فرعية او تكميلية، وقد يؤدي إلى ظهورشريحتين مختلفتين من الممثلين المنتخبين، ويحفز على مماسة الاقتراع الاستراتيجي، وصعوبة تنظيم الاقتراع عن بعد، ولا يضمن نسبية النتائج.
وفي حالة نظام النسبية المختلطة فان من اهم ميزاتها، نسبية النتائج، واالتعددية الحزبية، وتقوية التمثيل الجغرافي، وتمكين  المساءلة والمحاسبة، والحد من عدد الأصوات الضائعة، وتشمل عيوبها، ان النظام اكثر تعقيدا من غيره، ويحتاج  الى ترسيم الدوائر الانتخابية، وعادةً ما يؤدي إلى انتخابات فرعية وتكميلية، وقد يدي إلى ظهور شريحتين مختلفتين من الممثلين المنتخبين، ويحفزعلى ممارسة الاقتراع الاستراتيجي، وصعوبة تنظيم الاقتراع عن بعد.
واذا تمعنا في المشاكل التي سببتها النظم الانتخابية المطبقة في العراق ما بعد 2003، وكذلك الانتخابات قبل 1958، فانه قد يكون ملائما استخدام نظام القائمة النسبية المختلطة لانها تضمن وبشكل يسير ضمان حصول النساء على ربع المقاعد البرلمانية. وقد يكون من المفيد ان تعطى نسبة 40 بالمئة من مقاعد المحافظات لطريقة الفائز الاول، و60 بالمئة للنظام النسبي على مستوى المحافظة لضمان حصة النساء.
لو تفحصنا عدد الاقضية في كل محافظة لتحديد المناطق الجغرافية لطريقة الفائز الاول، لوجدنا بعض المحافظات كبغداد مثلا لديها  13 قضاء، في حين ان المقاعد المخصصة لها هي 69، زائدا مقعدين واحد للمسيحين  واخر للصابئة وتكون حصة النساء 17 مقعد، وعند تخصيص 40% من عدد المقاعد لطريقة الفائز الاول اي 28 مقعد، ستكون حصة بعض الاقضية عالية جدا وقد تبلغ سبعه مقاعد  كقضاء الكرخ واخرى بمقعد واحد كالمدائن، وذلك حسب عدد سكان كل قضاء، عندئذ يمكن جعل مجموعه من النواحي منطقة انتخابية واحدة. اما المقاعد الواحد والاربعون الباقية فتخصص لطريقة القائمة المختلطة النسبية، فتستخدم لضمان حصة النساء وهي الربع في اعضاء مجلس النواب لمحافظة بغداد، اي 17 مقعدا، واذا افترضنا بان انتخابات الفائز الاول لم تفز بها اية نائبة عن بغداد، عندئذ يجب اختيار المقاعد السبعة عشر من ضمن المقاعد الواحد والاربعون المخصصة للنظام الموازي، عندئذ ستكون حصة المرشحات فيها 41 بالمائة، اي سيكون هنالك ضغط كبير على الكتل والاحزاب باختيار مرشحات جيدات يتمكن من ضمان مقعد في انتخابات الفائز الاول، وقد تستغل بعض الاحزاب هذا الشيئ، بدفع مرشحات  لضمان مقعد ضمن قائمة الفائز الاول، وفي نفس الوقت يتم تسجيلهن كمستقلات، وبعد فرز النتائج يعلِنَّ عن انتمائهن لحزب ما، وهنا يجب ان يكون قانون الانتخاب واضحا بتعريف جديد للكتلة الاكبر ومنع التلاعب به.
وبالاضافة لبغداد هنالك ثمانية محافظات اخرى عدد اقضيتها هي اقل من المقاعد التي ستُعطى اليها ضمن قائمة الفائز الاول وهي بابل والبصرة وديالى وكربلاء و كركوك والنجف ونينوى وذي قار. وهنالك محافظة واحدة فقط وهي الديوانية-القادسية حيث عدد اقضيتها هي اربعة، وهي كذلك عدد المقاعد التي ستخصص الى المحافظة ضمن نظام الفائز الاول. ولتوضيح كيفية تقسيم المقاعد، واستنادا لتقرير وزارة التخطيط عام 2014، بلغ نفوس محافظة بغداد حوالي ستة ملايين و537 الف شخص، منهم مليون و644 الف في قضاء الكرخ و مليون و387 الف في قضاء الرصافة و مليون و176 الف في قضاء مدينة الصدر و813 الف قي قضاء الكاظمية و 609 الف في قضاء الاعظمية و 445 الف في قضاء المحمودية و 322 الف في قضاء ابو غريب  واخيرا  141 الف في قضاء المدائن. وبقسمة نفوس بغداد على مجموع المقاعد المخصصة للفائز الاول وهي 28، سنحصل على الرقم 233 الف، وهو عدد الاصوات اللازمه لتكوين منطقة انتخابية واحدة، وعند قسمة عدد سكان كل قضاء على هذا الرقم ستكون حصة كل قضاء كالتالي بعد تقريب الارقام لارقام صحيحة: الكرخ 7 مقاعد، الرصافة 6 ، مدينة الصدر 5، الاعظمية 3، الكاظمية 3، المحمودية 2، ابو غريب مقعد واحد  والمدائن مقعد واحد كذلك.
وفي الطرف الاخر هنالك ثمانية محافظات لديها اقضية يزيد عددها عن عدد المقاعد النيابية المخصصة لنظام الفائز الاول، وتتصدرها السليمانية حيث لديها 15 قضاء في حين ان عدد المقعد التي ستحضى بها ضمن قائمة الفائز الاول هي 7 فقط، اي ان كل قضائين او اكثر سيتم دمجها لتشكيل منطقة انتخابية واحدة، وبالاضافة للسليمانية، فهنالك ايضا الانبار ودهوك واربيل وميسان والمثنى وصلاح الدين وواسط.
وبالاضافة الى ما تم اقتراحه اعلاه، فهنالك امور اخرى من الواجب الاخذ بها في قانون الانتخابات المزمع طرحه ويمكن تلخيصه بالاتي:  قامت الهيئة ومن دون وجه حق وابتداءا من انتخابات 2010 وما بعدها، السماح للكتل بوضع عدد من المرشحين بالقائمة ضعف عدد المقاعد المخصصة لكل محافظة، وهذا الامر يستخدم في العراق فقط، لانه لو فازت اية كتله بجميع المقاعد لاية محافظة، فستكون نصف قائمتها خاسرة. وسبب ذلك هو تجميع اصوات اضافية للكتلة من مرشحين سيكونون حتما اكثر فاشلين، ولم يكن هذا الامر موجودا في انتخابي عام 2005.
قامت الهيئة وبشكل غير قانوني تغيير الرقم الاول في طريقة سانت ليكو وجعله يصل الى 1.9 في حين ان الاصل ان يكون الرقم 1، وهذا يحرّم كثير من الاحزاب التي لديها مقعد واحد فقط، بالحفاظ على هذا المقعد، وهذا الامر يشبه نوعما شرط الحسم العالي والمطبق بدول اخرى مثل تركيا لاستبعاد الاكراد واسرائيل لاستبعاد القوائم العربية. من الملاحظ كثرة المترشحين للمقاعد النيابية وبشكل غير معقول وغير منطقي وكان هنالك بعض المرشحين والذين لم يحصلوا على اي صوت او اصوات لا تصل الى العشرة، ولوضع حد لهذا الامر من قبل الاحزاب والكتل والافراد المستقلين، يمكن وضع شرط يلزم كل مرشح او كتلة بوضع ضمانه مالية قيمتها مليون دينار، لا يسترجعها المرشح الذي لا يحصل على 1 بالمائة من اصوات الناخبين الصحيحة في قائمة الفائز الاول، وفي القائمة النسبية على المرشح المنفرد الحصول على 1 بالمائة من مجموع اصوات الناخبين الصحيحة على مستوى المحافظة مقسوما على عدد المقاعد لضمان استرجاع الضمانة المالية.
اضافة لذلك تضع اية كتلة انتخابية او حزب ضمانة مالية قيمتها 10 ملايين دينارعن اية قائمة تضعها في اية محافظة، ولا تستطيع استرجاع الضمانة المالية اذا لم تضمن الحصول على 5 بالمائة من اصوات الناخبين الصحيحة مقسوما على عدد مقاعد المحافظة. وهذا الامر سيضمن تقدم المرشحين الجاديين فقط للترشيح.

اكاديمي مقيم في الامارات


 

9
الهيئة الوطنية  للاستثمار ومشروع بسمايه الاسكاني

د مهند محمد صبري البياتي
اصدر مجلس الوزراء قبل ايام قرار بنقل ملكية الاراضي المشيد عليها العمارات السكنية الى الهيئة الوطنية للاستثمار، وهي بهذه الخطوة تكافئ الهيئة على ادارتها السيئة للمشروع منذ البداية وتخبطاتها المستمرة طوال هذه الفترة وعدم شفافيتها لتفاصيل هذا المشروع الضخم والمهم جدا، والتي لم تستثمر فيه اي شيئ.
قامت الهيئة الوطنية  للاستثمار في تشرين الثاني 2009 بدعوه الشركات الاجنبيه والعراقيه لبناء 500 الف وحده سكنيه في مختلف انحاء العراق، ثم زادتها الى مليون وحده بسبب العروض الكثيره الوارده لها من اكثر من 100 شركه عراقيه واجنبيه حسب ادعاء رئيس الهيئة الوطنية  للاستثمار وذلك في شباط 2010 في كوريا. حددت الهيئه كسقف اعلى مبلغ 500 دولار امريكي قيمه بناء كل متر مربع في الوحده السكنيه بما في ذلك كافه اعمال البنى التحتية للمشروع وتفاصيل الدعوة لازالت موجودة في موقع الهيئة.
وعند مراجعه نموذج التمويل المالي والدراسة الاقتصادية للمشروع يتبين ومنذ البداية ان من وضع هذا النموذج لا يعرف اوليات الاقتصاد ويخلط ما بين الحسابات الرقمية البسيطة وإدارة المشاريع العقارية اقتصاديا، مع مخاطر كبيرة لمشروع كبير تقترب تكلفته من عشرة مليارات دولار. صحيح انه هنالك حاجة ماسة للسكن في العراق وهنالك نقص حاد للوحدات السكنية قد يصل لمليوني وحدة واغلبها للطبقة المتوسطة والمحدودة الدخل،  لكن هذا لايبرر التخبط في ادار مثل هذه المشاريع، ولقد اعتمد النموذج الاقتصادي على اساس ان كلفة البنيه التحتية للمشروع تمثل 25 بالمائة من السعر الكلي للمشروع، لذلك كان المطلوب في البداية ان يدفع مشتري الوحدات 25 بالمائة من سعر الوحدة كمقدمة للتسجيل، ووضعت الهيئة قيمة الدفعات للمستثمر كالاتي بالنسبة للبنية التحتية، 10 بالمائة من كلفة المشروع خلال 60 يوم من تأريخ توقيع العقد، و5 بالمائة اضافيه بعد 12 شهر من توقيع العقد، و5 اخرى بعد 18 شهر من توقيع العقد و 5 بالمائة الاخيرة بعد 24 شهرا، وجميع هذه الدفعات تكون مقابل ضمانة مصرفية معتمدة وبشرط الانجاز. وحتى لا تضطر الهيئة الى الاقتراض من البنوك لتسديد هذه الدفعات افترضت الهيئة، انه بامكانها بيع 40 الاف وحدة سكنية خلال 60 يوم من تاريخ توقيع العقد، وما يدفعه هؤلاء المشترون مقدمة تسجيل الشقة، يمثل عشرة بالمائة من قيمة العقد والمفروض دفعها للمستثمر خلال هذه الستين يوما، ثم باستطاعة الهيئة بيع عشرون الف وحدة اضافية خلال السنة الاولى، وبعد ستة اشهر تتمكن من بيع عشرون الف وحدة اضافية، واخر عشرين الف وحدة في نهاية السنتين، اي تتمكن من بيع جميع الوحدات خلال 24 شهر من تأريخ توقيع العقد، ولا نعلم ماذا كانت خطة الادارة في الهيئة لتوفير التمويل اللازم للمشروع اذا لم تتمكن من بيع هذه الوحدات وبهذ التوقيتات ، ولا اعتقد ان اي مطور للعقارات يستطيع ان يضع مثل هذا النموذج لبناء اي عقارلان مخاطره كبيرة، ولابد للمطور ان يضع جدول للدفعات النقدية اللازمة للمشروع، واستطيع القول بان الهيئة لم تضع اي جدول للدفعات النقدية لهذا المشروع الضخم لمعرفة الالتزامات النقدية الواجب توفرها لضمان استكمال المشروع من دون عوائق.
وبعد توقيع العقد مع الشركة المستثمرة الكورية هانوا في 30 ايار 2012 لتنفيذ المشروع وبقيمة 7 مليارات و750 مليون دولار شاملة البنية التحتية لكامل المشروع اضافة الى المباني السكنية، جرى فتح التسجيل على بيع الوحدات في معرض بغداد يوم 3 حزيران 2012 ولكن بسعر جديد وهو 630 دولار للمتر المربع، بعد ان كان 500 دولار في الاعلان الاول للوحدات السكنية، ثم اصبح 600 دولار في اعلان الهيئة في ايلول  2011 مع فتح التسجيل الالكتروني للراغبين بشراء الوحدات وعلى موقع الهيئة. واشترطت الهيئة دفع 25 بالمائة من سعر الوحدة مقدما عند التسجيل ثم دفع 10 بالمائة عند استلام الوحدة مع امكانية تقسيط المتبقي، ولكن لم يستطع موظفوا الهيئة في المعرض في حزيران 2012 الاجابة عن الاسئلة  المتعلقة بقيمة رسوم مصاريف الخدمة الواجب دفعها شهريا من قبل مالك الوحدة، وتم ذكر 400 الف دينار سنويا حينها من قبل البعض ولغاية الان لا يعرف الساكنون قيمة رسوم الخدمات، لذلك تخوف الكثيرون من التسجيل على الوحدات، وخاصة انه تم رفع الاسعار من 500 الى 630 دولارمع غموض بقيمة رسوم الخدمات الواجب دفعها، وتذكر بعض المصادر ان عدد المسجلين على الوحدات والذين دفعوا 25 بالمائة كان 700 شخص فقط، مما اضطر رئيس الهيئة لاحقا الى تخفيض رسوم التسجيل وبشكل حاد من 25 بالمائة الى 10 بالمائة لتشجيع المواطنين على شراء الوحدات، لكن هذا الامر ترتب عليه امر خطير جدا، وهو كيفية توفير السيولة النقدية الواجب دفعها لشركة هنواعند استحقاق الدفعات. لذلك قامت الحكومة العراقية باجبار المصارف الحكومية الثلاث الرافدين والرشيد والتجاري بتسديد ما تبقى من مستحقات الشركة الاستثمارية في البنية التحتية ومن دون اي ضمان لهذه المصارف، حيث ان كلفة البنية التحتية للمشروع هي مليار و937 مليون وخمسمائة الف دولار، في حين ان ما تم استحصاله من المشترين اقل من هذا المبلغ بكثير، ولم تعلن هيئة الاستثمار كعادتها عن عدد المسجلين على الوحدات والذين قاموا بتسديد الدفعة الاولى وهل هي 25 او 10 بالمائة او اية قيمة اخرى، وللخروج من هذه الازمة وافقت الحكومة العراقية حينهاعلى تسديد مليار دولار مقسمة على خمس سنوات للمساهمة في نفقات البنية التحتية للمشروع، وقامت الهيئة في 6 نيسان 2015 بتوقيع عقد مع شركة هنوا بمبلغ مليارين و 120 مليون دولار لاستكمال البنية الاجتماعية للمجمع والتي تشمل تشييد حوالي 300 بناية مختلفة تشمل المدارس والمؤسسات الصحية ومراكز الشرطة والاطفاء ومنظومة مياه الشرب وغيرها، وقامت بتسديد حوالي 202 مليون دولار في ايلول 2015 لهذا الغرض، وتم  تسديد دفعات اخرى لم نستطع معرفة قيمها، ولكن كانت اخر دفعة لشركة هنوا في ايار 2018 وقيمتها 230 مليون دولار، ليكون مجموع ما استلمته هنوا لغاية ذلك التأريخ هو 3 مليارات و470 مليون دولار وتمثل تقريبا 35 بالمائة من قيمة العقدين والذي يصل تقريبا لعشرمليارات دولار، ولا نعرف كيف ستسطيع الهيئة توفير ستة مليارات و500 مليون دولار المتبقية من قيمة العقدين لاستكمال دفعات شركة هنوا، مع فشلها الكبير في بيع شققق  المشروع، علما ان المشروع يعتبر من المشاريع المهمة وما تم انجازه كان ممتازا، لكن الشركة المنفذة، ليست بجمعية خيرية تقوم باكمال مشاريعها من دون ضمانات حقيقية بانها ستستلم مستحقاتها وحسب العقد الموقع معها وهي تعرف حقيقة ما يدور في العراق من مناورات مختلفة.
وعند التدقيق اكثر في تفاصيل المشروع، نجد ان هنالك ثغرات كبيرة في المشروع وعدم شفافية ووضوح الهيئة الوطنية للاستثمار، فهي لم تعلن لغاية الان عدد الذين سجلوا لشراء الشقق ودفعوا فعلا مقدمة قيمة الشقة وهل كانت 10 او 25 بالمائة وما هي مساهمات المصارف الثلاثة في استكمال دفعات البنية التحتية للمشروع، وهي لم تذكر العدد الحقيقي لمجموع الوحدات السكنية الفعلية، لكن تذكر فقط مائة الف وحدة، ولكن من يقوم بالتدقيق في مخططات المشروع سيتفاجأ بان مجموعها 111 الف وحدة موزعة على تسعة احياء فيها 925 عماره وجميعها متشابهة وذات عشرة طوابق، وفي كل طابق 8 شقق بمساحة 100 مترمربع وشقتين بمساحة 120 متر مربع وشقتين بمساحة 140 متر مربع، اي ان المجموع الكلي للشقق  الصغيرة هو 74 الف شقة والشقق ذات 120 او 140 متر مربع هو 18500 شقة لكل واحدة، وعند حساب سعر بيع المتر المربع الواحد 630 دولار امريكي، سنجد ان اجمالي بيع جميع الشقق سيكون 7 مليارات و692 مليون دولار، واذا علمنا ان قيمة العقد مع شركة هنوا هو 7 مليارات و750 مليون دولار، والحكومة ساهمت بمبلغ مليار دولار في البنية التحتية وذلك للتخفيف من كاهل المواطنين حسبما تم ادعاؤه، سنجد ان هنالك فائض بقيمة 942 مليون دولار بيد الهيئة من بيع الوحدات السكنية تستطيع ان تستخدمه في اي مجال او كمصروفات لا نعرف تفاصيلها، لذلك لم تذكره الهيئة في اي وقت العدد الحقيقي للوحدات السكنية وحتى لم تذكر عدد الشقق من كل نوع الا لاحقا، والسؤال البسيط، اي هي اللجان الاقتصادية في البرلمان او المستشارين الاقتصاديين لرئيس الوزراء لكشف هذه الامور، اضافة لذلك لماذا لم تقم اي من المصارف الثلاث الرافدين والرشيد والتجاري بذكر مساهماتهم الفعلية بتموين هذا المشروع وما هي ضمانات هذه المصارف عند حدوث اي ظرف طارئ ينتج عنة فشل هذا المشروع.
وفي واقع الامر لم تذكر الهيئة في اي وقت عدد الشقق التي تم التسجيل عليها ودفع مقدمتها، وهذا الامر ضروري، لمعرفة كم هي مساهمة المصارف  في استكمال دفعة البنية التحتية للمستثمر و التي تم بموجبها دفع ما مجموعه مليار و937 مليون و500 الف دولار لشركة هنوا في 17 تشرين اول 2014 وحسب العقد المبرم معها، وكانت مساهمة الحكومة العراقية 400 مليون دولار كجزء من المليار دولار التي خصصتها للمشروع، وتدل بعض الارقام المأخوذة من بيانات الهيئة ان اعلى رقم لعقد تم توقيعه مع احد مشتري الشقق هو 14717، في حين ذكر السيد علي عدنان الرماحي مدير التسويق والمبيعات في 28 كانون ثاني 2015 ان عدد المسجلين للمشروع هو 40 بالمائة من عدد الشقق السكنية، وحتى لو اخذنا هذا الرقم المبالغ فيه واعتبرنا ان كل مشتري قد دفع مقدمة الشقة وهي عشرة بالمائة وكان توزيع نوعية الشقق المباعة حسب نسبة وجودها لتسهيل الحسابات، سنجد ان مجموع ما اودعه مشترو الشقق هو تقريبا 277 مليون و200 الف دولار، اي ان المصارف الثلاثة قد دفعت تقريبا مليار و 260 مليون دولارلشركة هنوا عن الجزء المتعلق في البنية التحتية للمشروع ومن دون اي ضمان ومن اي جهة كانت بان حقوق المصارف مضمونة، ولم يتدخل البنك المركزي لحماية مؤسساته المصرفية، وهذا جزء من صلب عمله الاساسي، ولا يتوقف الامر عند هذا الحد، بل يتوجب على المصارف لاحقا تسليف المواطنين 80 بالمائة من قيمة الشقق، واذا افترضنا ان الهيئة اتمت بيع جميع الشقق المستلمة من شركة هنوا ولغاية منتصف هذا العام 2018 وهي سبعة قواطع في الحي أ والبالغ عدد شققها 10920، علما ان القاطعين 8 و9 سيستكملان في نهاية هذه السنة حسب ادعاء الهيئة، لذلك فان على المصارف ابتدأ من العام القادم ولغاية استكمال المشروع توفير ما مجموعة تقريبا 5 مليارات 548 مليون دولار وهي تمثل 80 بالمائة من  قيمة الرهون العقارية على الشقق التي ستباع لاحقا، وتسدد خلال 15 عاما، هذا عدا عما دفعته سابقا لاستكمال دفعات البنية التحتية لشركة هنوا نهاية عام 2014 والذي يقرب من مليار و260 مليون دولار اضافة للرهون العقارية المختلفة والتي دفعت لتمويل شراء بقية الشقق في المجمع أ، ولا نعلم ماذا سيكون الوضع المالي لهذه المصارف اذا تلكأ المشترون بدفع الاقساط، او لم تتمكن الهيئة من تسديد قيمة مساهمة المصارف في البنية التحتية، ومع الاسف لم يصرح اي مسؤول في هذه المصارف او البنك المركزي عما سيؤول له موقع هذه المصارف اذا انكشفت عن هذه المبالغ. ان كل هذه الاشكالات والبطء الشديد في اكمال المشروع وعدم تمكن الهيئة من اقناع المواطنين بشراء هذه الشقق والتي نفذت بشكل ممتار، يقع بالدرجة الاولى على الهيئة التي فقدت مصداقيتها منذ البداية، فهي اعلنت ان سعر المتر المربع شاملا للبنية التحتية هو 500 دولارللمتر المربع، ولا يزال اعلانها هذا موجود على موقع الهيئة الالكتروني، وقامت بعدها في ايلول 2011 بزيادة السعر الى 600 دولار بحجة توفير البنية التحتية، علما انها ضمنتها في  سعرها السابق، ثم قامت في حزيران 2012 وبعد توقيع العقد مع شركة هنوا لتنفيذ المشروع برفع السعر مجددا الى 630 دولار ومن دون ذكر السبب وراء هذا الامر، مما حدى ببعض الناس اعتباره وساطة او كومشن بمقدار 5 بالمائة، وهذا دفع الكثيرين الى التردد بالشراء، وذكرت بعض المصادر ان عدد المسجلين على الشقق والذين دفعوا المقدمة لم يتجاوز الالف شخص في الشهر الاول، ثم قامت الهيئة باقناع الحكومة لاحقا بالمساهمة ودفع مليار دولار بحجة التخفيف عن قيمة البنية التحتية، والتي لو قسمت على مساحات الوحدات السكنية، لخفضت قيمة المتر المربع 90 دولارا، لكنها ابقت السعر للمواطن 630 دولار، اي اصبحت كلفة المتر المربع 720 دولار فعليا، وهذا يعتير زيادة في سعر المتر المربع 220 دولار او 44 بالمائة من القيمة الاولية، لذلك ارتبطت الهيئة ومشروع بسماية ومنذ البداية بشبهات فساد وزاد الامر سوءا فشل الهيئة في الترويج لبيع الشقق، في حين ان هنالك ازمة سكن حادة في العراق ومعظم المواطنين يتطلعون للحصول على سكن مناسب. ولم تكن ردود الهيئة في ايلول 2013  وكذلك في تشرين اول 2015 على الاتهامات التي وجهت لها، مقنعة  ولم تحتوي على اية ارقام بل مجرد استطراد بالحديث ودفع التهم وبدون اثباتات، وقدمت رقما مضحكا بان عدد الذين سجلوا على الشقق في موقعها الاكتروني عام 2011 بلغ 70 الف شخص، وان المصارف الثلاثة وافقت على شراء 30 الف وحدة سكنية المتبقية، ومن دون ابراز اية وثيقة من المصارف تؤكد ذلك، والغريب ان تستند الهيئة الوطنية للاستثمار على التسجيل الالكتروني في موقعها، ومن دون التحقق بامكانية تكرار التسجيل لمرات عديدة ومصداقية من سجلوا وقد يكون البعض قد دُفعوا للتسجيل على الشقق لاظهار هذا الرقم الكبير، ثم تعتبرالهيئة هذا الرقم كمعيار لحال السوق العقاري في العراق ولرغبة العراقيين بشراء الوحدات وباي سعر، لكي تقوم لاحقا بالتعاقد على مشروع بحدود ثمانية مليارات دولار، وتزيد الاسعار لاكثر من مرة.
وبالاضافة لما ورد اعلاه فهنالك ملاحظات كثيرة عن تخبط الهيئة في اعلانات متكررة وقيامها بتوقيع مذكرات تفاهم مع شركات وجهات تبين عدم جديتها لاحقا، بالاضافة الى ملاحظات مهمه حول النواقص في متطلبات الشقق ومنها تكييف وانارة الوحدة السكنية والتأمين الضروري للمشروع تجاه المخاطر وغيرها من الامور التي أدرجتُها في مقالة سابقة لي بعنوان "من يدقق بمشروع بسمايه الاسكاني و الاستثمار يستحوذ على 810 مليون دولار من قيمه المشروع" والمنشور في موقع شبكة الاقتصاديين العراقيين بتأريخ 10 شباط 2017، وتم ارسال نسخ من المقال الى مجلس رئاسة الوزراء وموقع الحكومة الالكتروني والوزارات المعنية ولاعضاء في البرلمان.
وهنالك خشية كبيرة من ان تتدهور حالة مجمع بسماية السكني وابنيتها بسبب عدم وجود جمعيات للسكان وشركات متخصصة تقوم بادارة وادامة الابنية واحياء المجمع، وتحصيل رسوم الخدمات اللازمة لصيانة الاماكن المشتركة وهي كثيرة، وعلى المصارف الثلاثة ان تساهم في ابقاء المجمع في حالة جيدة، لانها المستثمر الاكبر بل الوحيد في المشروع، لانه اذا ساء وضع المشروع وانخفضت اسعار الوحدات السكنية ستكون هي المتضرر الاكبر من هذا الانخفاض والذي قد يؤدي الى توقف مشتري الوحدات السكنية من دفع اقساط الوحدات السكنية المستحقة، ويجب ان تكون هي المشارك الاكبر والمتحدث الاساسي عن هذا المشروع السكني الكبير، ولا يترك الامر لهيئة الاستثمار والتي اخفقت كثيرا في ادارة المشروع، لانه لو كانت هنالك جهة اخرى او ادارة اكفأ، لاستطاعت ان تنجز هذا المشروع في نهاية العام  2019 كما كان مخططا له، وليس كما هو الحال الان، اذ تؤمل الهيئة ان ينتهي بناء الحي أ وهو حي واحد من تسعة احياء يشملها المشروع في نهاية هذا العام 2018، علما بانه يحتوي على 13 بالمائة فقط من مجموع شقق مشروع بسماية وابتدأ العمل فيه بعد استكمال البنية التحتية ودفع كامل قيمة البنية التحتية في شهر تشرين اول عام 2014  اي استغرق بناؤه 51 شهرا، واذا استمر البناء على هذه المنوال فاحتمال اكمال بقية المشروع  في 345 شهرا اي بحدود 29 عاما، فهل ستستطيع الشركة المنفذة انتظار هذه الفترة، والمطلوب الان وبشكل عاجل انهاء احتكار الهيئة الوطنية للاستثمار بادارة هذا المشروع الضخم، لا ان يقوم مجلس الوزراء بتسجيل اراضي الشقق السكنية باسم الهيئة، لينطبق عليها قول انطو للبزونة شحمة.
اكاديمي مقيم في الامارات

10
هل يستعيد التمر العراقي مكانته في السوق العالمية

د مهند محمد البياتي
استوطنت النخلة منطقة مابين النهرين منذ الاف السنين ثم امتدت زراعتها من باكستان شرقا وللمحيط الاطلسي غربا، وكانت بلدان هذه المنطقة هي الاكثر انتاجا للتمور المتنوعة وتستحوذ على 97 بالمائة من الانتاج العالمي للتمور، وكانت معضم التقارير السنوية لمنظمة الاغذية والزراعة الفاو في الخمسينات من القرن الماضي تذكر العراق بالتحديد عند الحديث عن التمور والفواكهة المجففة، وذكرت في تقريرها لعام 1958 ان انتاج العراق من التمور كان 220 الف طن في حين ان انتاج ايران كان 105 الف طن وذكرت فقط هاتين الدولتين، وكان العراق متصدرا للدول المنتجة والمصدرة للتمور عالميا، وتبين البيانات والاحصائيات الخاصة بمنظمة الفاو ان اكبر اربع دول منتجة للتمور عام 1961 كانت مصر بانتاج 479 الف طن  تليها العراق ب 350 الف طن، ثم ايران ب300 الف طن والسعودية  ب160 الف طن، وبقيت هذه الدول مستحوذة على المراتب الاربع العليا للانتاج مع تغيير في مواقعها، وتغير هذا المشهد عام 2004 حيث انخفض انتاج العراق بشدة الى 448 الف طن بعد ان كان 868 الف طن في السنة السابقة لتحل بالمركز السادس بعد باكستان والامارات، وكان انتاج الامارات 6 الاف طن من التمور فقط عام 1961، حيث كان يطلق عليها في ذلك الوقت الامارات المتصالحة، وفي عام 2016 بقيت مصر متسيدة للانتاج العالمي للتمور بمليون و695 الف طن تليها ايران بمليون و66 الف طن، ثم الجزائربمليون وثلاثين الف طن والسعودية بانتاجها 965 الف طن والعراق ب 615 الف طن وكان اجمالي الانتاج العالمي 8 مليون و460 الف طن وتبين هذه الارقام ان انتاج الدول اعلاه زاد بمقدار يتراوح ما بين اربعة اضعاف والى احد عشر ضعفا، والامارات زادت انتاجها باكثر من مائة ضعف، في حين ان انتاج العراق لم يتجاوز الضعف خلال هذه السنوات الخمسة والخمسون، حيث بلغ الانتاج العالمي 8 مليون و460  الف طن عام 2016 اي بانتاج يقارب الخمسة اضعاف ما تم انتاجه عام 1961، وسبب هذا البطء في انتاج العراق عائد لاسباب عديده اهمها ما سببته الحروب والمعارك في موت هذه الشجرة المباركة والحساسة جدا للبارود والمواد الكيمياوية الاخرى المنبعثة من العتاد الحربي  وخاصة في البصرة وعلى الحدود الشرقية للعراق، وكذلك ازدياد ملوحة مياه السقي وملوحة التربة واهمال المزارعين للنخلة لقلة مواردها في العراق نسبة الى الجهد الكبير والكلفة العالية نسبيا للايدي العاملة الخبيرة بصعود النخل لتلقيحها وتركيس عثوقها وجني الثمر لمرات عديدة اضافة الى تنظيف وتهيئة النخلة للسسنة القادمة مع مكافحة افاتها، اضافة الى قيام بعض اصحاب البساتين وخاصة تلك الواقعة داخل او في اطراف المدن الكبيرة باهمال النخيل والتسبب بموتها على امل ان يعاد فرزها كارض سكنية للاستفادة من الزيادة الهائلة باسعار الاراضي السكنية في بغداد والبصرة ومعظم مراكز المحافظات الوسطى والجنوبية، وعانت المغرب ايضا بقلة الزياده في الانتاج ولكن المسبب كان افة خنفساء النخلة الحمراء والتي دمرت الكثير من اشجار النخيل .
واستثمرت دول اخرى في زراعة النخيل واستطاعوا خلال سنوات قليلة من جني ارباح عالية من انتاج نخيلهم بسبب التخطيط الجيد وزراعة انواع معينة تنتج تمورا  لها اسواقها الرائجه وباسعار عالية جدا، والتمور المصدرة من امريكا وتونس هي خير دليل على ذلك. وعلى الرغم من الانواع الكثيرة للتمور والتي قد تصل لاكثر من الفي نوع، الا ان هنالك انواع معينة مرغوبة للتصدير وهي الاغلى سعرا مثل المدجول او المجهول والتي قامت امريكا بزراعتة بكثرة واصبحت الاولى في العالم في انتاج هذا النوع وجلبته من المغرب في بداية القرن الماضي، وتليها دقلة نور وتعتبر تونس والجزائر هي الاكثر انتاجا عالميا لهذا النوع وهي تغزو الاسواق الاوربية من دون منازع ولكن يبقى سعرها اقل من نصف سعر المدجول ، والانواع الاخرى والتي قد تكون مشهورة جدا في بلدانها ولكنها عالميا لا تنافس النوعين اعلاه، وقد يكون البرحي مشهورا في كثير من الاماكن ومطلوب كثيرا كخلال ورطب الا ان سوقه لايزال محدودا، وفي الطرف الثاني هنالك التمور الصناعية والتي تستخدم كثيرا في انتاج الدبس وكمحليات تدخل في صناعة الحلويات المختلفة والمعجنات، مثل الزهدي والساير وهي الادنى سعرا عالميا، وتتصدر ايران بتسويق تمور الساير  للاغراض الصناعية الى اوربا في حين يقوم العراق بتصدير الزهدي وبكميات كبيرة الى الهند ولكن باسعار متدنية جدا وكذلك للامارات العربية والتي تقوم باعادة تصديرها للهند ودول اخرى في اسيا بعد تحقيقها ارباح مجدية.
وقد خسر العراق لكثير من اسواقه العالميه التي كان يصدر لها التمور، ويشير جوزف ساسون في كتابه السياسة الاقتصادية في العراق 1932–1950 ان مجموع ما صدره العراق من تمور منذ العام 1937 ولغاية العام 1950 بلغ مليونان و240 الف طن، اي بمعدل 160 الف طن في السنة، علما بان تقارير منظمة الفاو تشير ان معدل تصدير التمور عالميا في خمسينات القرن الماضي كان بحدود 293 الف طن، اي ان حصة العراق في تصدير التمور كان يتجاوز 55 بالمائة من التصدير العالمي، وكان مدينة البصرة من اكبر المدن العالمية في تصدير التمور وتحتوي على المئات من المصانع المتخصصة في تنظيف وتعبئة وتسويق التمور،  ولكن الاهمال في تطوير اساليب التنظيف والتعقيم والتعبئة واختيار الانواع المناسبة من التمور للسوق الاجنبي ووضع مقاييس ومعاييرعلمية لتصنيف انواع التمور مما يساعد على تحديد اسعارها بالسوق العالمية دفع تمور امريكا وتونس لتتصدر قائمة الدول المنتجة للتمور العالية النوعية والاغلى سعرا، علما بان العراق كان رائدا في الدراسات  العلمية الخاصة بالتمور والنخلة وكتاب نخلة التمر للاستاذ عبد الجبار جاسم البكر والصادرة عام 1972 بصفحاتها التي تزيد عن الالف لايمكن للباحث ان يستغني عنها، اضافة لموسوعة أطلس أصناف نخيل التمر في دولة الإمارات العربية المتحدة باجزائها الستة والتي كتبها ابن العراق عام 2006 د حسام حسن علي والذي قضى معضم حياته بالتدريس في جامعة البصرة، ولكن احتضنته دولة الامارات لست سنوات ليقوم باصدار هذه الموسوعة، والتي كان يفترض ان تقوم جامعة البصرة او الدولة العراقية باسناده ليصدر مثل هذه الموسوعة عن نخيل وتمور العراق.
وتستحوذ الدول الممتدة من باكستان شرقا وللجزائر غربا تصدير مختلف انواع التمور للعالم لان انتاجها يزيد كثيرا عن حاجة اسواقها المحلية، ويمكن تقسيم اسواق استيراد التمورعالميا الى نوعين، فاوربا اضافة لكندا وامريكا والمكسيك واليابان وكوريا واستراليا ونيوزلندا هي الاغلى سعرا في العالم، وفي الخمس سنوات الممتدة من 2012 ولغاية 2016 ونطلق عليها الخمس سنوات الماضية، استوردت هذه الدول 944 الف طن وبقيمة بليونين و194 مليون دولار اي بمعدل دولارين و32 سنت للكيلوغرام، ونجد بان التمر المستوردة من امريكا كان الاعلى سعرا وبلغ بحدود 6 دولارت وستين سنتا للكيلو وتليها التمور من اسرائيل حيث كان معدل سعرها 3 دولارات وسبعين سنتا وكان مجموع ما صدرته اسرائيل بحدود 104 الف طن في هذه السنين الخمس، وثم تأتي التمور المصدرة من فرنسا وبسعر دولارين وثمانين سنت، ويعود الفرق الى نوعية التمور المصدرة، فغالبية تمور امريكا واسرائيل هي من نوع مدجول في حين ان تمور فرنسا من نوع دكلة نور والمستوردة اصلا من تونس والجزائر وتعيد تصديرها من جديد بعد اعادة تعبئتها، اما حصة العراق في السوق الاوربية فلا تذكر، اذ صدرت فقط 1327 طن اي اقل من 2 بالاف وبقيمة مليون ونصف المليون دولار، واستحوذت تونس والجزائر وايران لوحدها على 60 بالمائة من كمية التمور المصدرة لهذه الدول ولو ان معدل سعر الكيلو تراوح ما بين دولارين و 14 سنت للتمور التونسية ودولار و32 سنت للتمور الايرانية، وغالبية التمور الايرانية كانت اما من تمور الساير وهي الصناعية، او تم تصديرها لروسيا الاتحادية للاستحواذ على سوقها.
وتقف الهند كاكبر مستورد للتمور في العالم ولكنه اسعاره متدنية جدا مقارنه بالسوق العالمي، فلقد استوردت حوالي مليون و560 الف طن من التمور في الخمس سنوات الماضية وبمعدل 57 سنت للكيلوغرام وهي تمثل حوالي 40 بالمائة من كمية التمور المصدرة للدول الاخرى في العالم عدا الدول الاوربية والغنية والتي تمت الاشارة اليها وصدرت العراق لوحدها للهند خلال هذه الفترة حوالي 696 الف طن ولكن بسعر 39 سنت، في حين صدرت باكستان حوالي 576 الف طن للهند خلال نفس هذه الفترة ولكن بسعر 76 سنت اي تقريبا  ضعف سعر تمور العراق، وتمثل صادرات العراق وباكستان للهند حوالي 82 بالمائة من حاجتها ثم تليها ايران والتي صدرت 130 الف طن وبسعر 51 سنت ثم الامارات التي صدرت حوالي 86 الف طن وبسعر 69 سنت، وتبين هذه الارقام ان ارخص التمور المصدرة للهند هي العراقية وبفارق كبير عن ثاني ارخص الاسعار وهي لايران. وعند التمعن بكميات واسعار التمور المصدرة للعالم خلال السنوات الخمس الماضية، نجد ان العراق قد صدر حوالي مليون و323 الف طن وبسعر 36 سنت للكيلوغرام وتلتها باكستان بكمية 653 الف طن وبسعر 79 سنت ثم ايران بكمية 584 الف طن وبسعر 82 سنت، والملاحظ ان ايران التي صدرت 44 بالمائة مما صدرته العراق اي اقل من نصف تصدير العراق قد حصل على اكثر مما جناه العراق، وتوضح الارقام ان تونس قد فاقت الجميع بمجمل قيمة مبيعاتها من التمور عالميا خلال السنوات الخمس الماضية والتي وصلت الى مليار و142 مليون دولار، وبسعر دولارين و 16 سنت للكيلوغرام، ولو ان معدل سعر الكيلوغرام من التمر هو اقل من سعر التمر الامريكي او الاسرائيلي اوالفرنسي.
ويتبين من الارقام اعلاه وهي مأخوذة من بيانات منظمة الفاو والمعتمِدة على تقارير تجارة المحاصيل بين الدول، علما بان الفاو لم تعتمد  تقارير وزارة التجارة او التخطيط العراقية  في بيانتها،  لذلك تم اعتماد تقارير الدول التي استوردت من العراق، ان ارخص التمور المباعة عالميا هي التمور العراقية وبفارق كبير عن ثاني ارخص التمور وهي الباكستانية، علما ان التمور الباكستانية تعاني من تردي نوعيتها في السنين التي تحصل فيها الامطار الموسمية مبكرا مما يضطر المزارعين من جنيها قبل اكتمال نضجها، ولقد استغل تجار التمور الباكستانية فترة الثمانيات من القرن الماضي حيث قلت التمور العراقية والايرانية في السوق العالمية بسبب الحرب بين الجارتين والتي كانتا تتصدران تصدير التمور، واستطاعت الدخول في السوق الاوربية وخاصة البريطانية وكذلك الهندية، وقاموا بتحسين طرق معالجة وتعبئة التمور واختيار الانواع المناسبة للتصدير ويتصدرون السوق العالمية الان كاكبر ثاني مصدر للتمور بعد العراق.
ولا يكفي ان نقول بان لدينا اكثر انواع التمور واطيبها بالعالم وباننا كنا نتصدر الانتاج العالمي والتصدير وكان لدينا اول مركز اقليمي للتمور انشأ بمساعدة الفاو، بل يجب ان يتحول هذا الامر الى واقع لتحسين اسعار ووضع التمور العراقية عالميا، وليزداد دخل المزارعين واصحاب بساتين النخيل، ويكون دافعا قويا لهم ليتشجعوا بتحسين طرق العناية بالنخيل والتمور ويجعلونها قادرة على منافسة تمور الدول الاخرى بالسوق العالمية، وهذه المهمة وان كانت صعبة وتأخذ وقتا الا انها ليست مستحيلا، وتقع المسؤلية في ذلك على جهات عديدة، ابتداءً من وزارة الزراعة لمكافحة الافات التي تصيب النخيل وخاصة سوسة النخيل الحمراء والتي دمرت الانتاج المغربي وحولته من مصدر للتمر الى مستورد كبير له، وكذلك بالتعاون مع كليات الزراعة ومراكز البحوث المختصة بالنخيل وشركات انتاج التمور لارشاد المزارعين لتحسين طرق الري والتلقيح وجني التمور وفرزها وتنظيفها وتعفيرها وخزنها وتعبئتها بشكل يجعلها تنافس التمور الاخرى في السوق المحلية والعالمية، اضافة الى قيام جهاز المقاييس والسيطرة العراقية والتعاون مع مراكز البحوث وكليات الزراعة بوضع معايير ومواصفات خاصة لبعض انواع التمور العراقية مثل البرحي والزهدي وغيرها من انواع التمور ليعتمدها المزارعون وشركات انتاج التمور وتجار السوق المحلية والمصدرون كمقياس لتحديد نوعية التمرة ودرجتها، لكي يستطيعوا منافسة تمور المدجول ودقلة نور والتي تسيطر على سوق واسعار التمور عالميا، وهذا الامر مهم جدا واعتمدته امريكا وتونس وفرنسا للترويج لتمورها، اضافة الى تشجيع المزارعين والمستثمريين الزراعين بزراعة النخيل من نوع المدجول خاصة وهو ما قامت به اسرائيل والاردن والسلطة الفلسطينية في السنين الاخيرة واستطاعت تسويق تمورها في اوربا ودول الخليج وباسعار مرتفعه، علما بان هنالك تمورا عراقية قريبة جدا من هذا النوع ولكن باسماء اخرى وتزرع في ديالى وكربلاء، ولا ننسى اهمية الصناعات المعتمدة على التمور مثل الدبس والخل والخمائر المختلفة والكحول وغيرها من الصناعات وهنا يأتي دور شركات وزارة الصناعة وشركات الصناعات الغذائية، اضافة لتطوير المنتجات الحرفية والمعتمدة على اجزاء النخلة والتي تساهم في تشغيل ايدي عاملة كثيرة وخاصة في الريف والمدن الصغيرة.
وذكرت التقارير السنوية لوزارة التخطيط العراقية  للصادرات والاستيرادات لعام 2016 انه تم تصدير 22 طن من التمور الى تركيا و125 طن الى سنغافورة و40 طن الى روسيا فقط، ولم تستورد اية تمور في ذلك العام، في حين تبين بيانات الدول المختلفة والمدرجة لدى الفاو لعام 2016، ان العراق قام باستيراد1228 طنا من التمور وبقيمة تقرب من مليوني دولار منها اكثر من الف طن من الامارات وبسعر دولار ونصف للكيلوغرام، وكذلك 86 طن من تركيا وبسعر دولارين و86 سنت للكيلوغرام، والاغرب انه استورد طنين من التمور من لبنان ودفع مقابلها 9 الاف دولار اي بسعر اربعة دولارات ونصف للكيلوغرام، اما بالنسبة للتصدير فتذكر البيانات ان 22 دولة استوردت من العراق 322 الف طن وبسعر 36 سنت للكيلوغرام ولم تكن روسيا او سنغافورة من البلدان التي صدر اليها العراق اية تمور، ومن المعيب ان يصدّر العراق للبنان حوالي الفا طن من التمور بسعر 36 سنت ثم يقوم باستيراد تمور بسعر اربعة دولارات ونصف للكيلوغرام، وحصل نفس الشيئ مع الامارات حيث تم تصدير تمور لها بسعر 31 سنت في حين تم استيراد تمور منها بسعر دولار ونصف. ولعدم دقة البيانات الخاصة باستيراد وتصدير جميع المنتجات الزراعية او الحيوانية والصادرة من العراق، لم تُعتمد اية ارقام من العراق من قبل الفاو والارقام المدرجة اعلاه مأخوذة من بيانات الدول الاخرى والتي تستورد وتصدر للعراق.
أكاديمي مقيم في الامارات

11
هل تصدر وزارة الكهرباء ورقتها البيضاء حول مشكلة الكهرباء
د مهند محمد البياتي
 
تقوم الكثير من الحكومات باصدار تقرير شامل لاخبار مواطنيها عن قضية او مشكلة معقدة لمساعدتهم على فهم القضية وتضع حلولا مناسبة لها، ويسمى هذا التقرير بالورقة البيضاء، واول من اصدرها تشرشل عام 1922، ونحن الان احوج ما نكون لورقة بيضاء تصدرها وزارة الكهرباء  ليفهم المواطن العراقي مشكلة الكهرباء وما هي الحلول التي تزمع وزارة الكهرباء ووزيرها القادم ان يضعوها للمشكلة المستعصية والتي بدأت مع القطع المبرمج في بداية التسعينات من القرن الماضي واستفحلت بعد 2003، والتي لا نعرف متى ستنتهي ويرتاح المواطن من همها.
بدايه يجب الاعتراف ان وزاره الكهرباء فشلت وبشكل كبير في ايجاد حل لازمه الكهرباء على الرغم من الانفاق الكبير على الوزاره والوعود المتكررة من قبل المسؤولين في الدوله والوزاره ولمده تزيد عن 15 عاما بقرب حل هذه المشكلة، مما ادى الى عدم ثقة المواطنين للتصريحات التي تدلي بها الوزاره او مسؤوليها ووعودهم المتكررة. فالطاقه الكهربائيه هي سلعة تقوم الوزارة بانتاجها حصريا في محطات الكهرباء المختلفه والمنتشرة في مختلف بقاع العراق والتي يزيد عددها عن 54 محطة كبيرة، ثم تقوم بنقلها عبر شبكتين للضغط العالي لتقليل الخسائر في الطاقة الكهربائية اثناء النقل، وتقوم بعدها عن طريق عدد كبير من المحطات الثانوية الرئيسية والمنتشرة في جميع المحافظات بتقليل ضغط الطاقة الكهربائية الى 11 او 33 كيلو فولت، ولتربطها بشبكة اخرى محلية تستلمها دوائر توزيع الكهرباء المختلفة والتي تقوم بدورها بتحويلها الى الجهد المناسب لتوزع على زبائنها المختلفين والبالغ عددهم ما يقرب من اربع ملايين مستهلك او زبون غالبيتهم من سكان المنازل اضافة الى الدوائر الحكومية والقطاعات الزراعية والتجارية والصناعية المختلفة، ويدفع الزبائن لاحقا الاجور المستحقة عليهم مقابل استهلاكهم للطاقة الكهربائية، وتمتد فتره السماحية للدفع بحدود شهرين او ثلاثه، و لكن وبسبب غياب هيبة الدولة والفوضى التي اعقبت سقوط الدولة العراقية عام 2003، وعدم وفاء الوزارة بالتزاماتها المتكررة بتوفير الكهرباء على مدى 24 ساعة، تقاعس الكثير من الزبائن بدفع ما ترتب عليهم من ديون، بل قام البعض بالربط على الشبكة بوسائل غير قانونية وبسرقة هذه السلعة واستهلاكها من دون ان تستطيع الوزارة رصدهم او منعهم، وازدادت وبشكل كبير خسائر الطاقة الكهربائية المعروضة للبيع والتوزيع، وتراكمت الديون على الوزارة من دون ان تستطيع  جباية اموالها او منع سرقة منتجها، واصبح حالها مثل صورة التاجر الذي يبيع بالدين، والذي يعرضه الكثير من التجار ويبدو فيها بائع الدين بهيئة مثيرة للشفقة، مقارنة مع الصورة المعروضة لبائع النقدي ويبدو فيها شخصا مرتبا وانيقا وذو ملابس نظيفة.
ومن خواص هذه السلعة المهمة والتي لا يمكن الاستغناء عنها، انه لايمكن خزنها بكميات كبيرة ولفترات طويلة لان الخزن سيكون مكلفا للغاية، ويجب توفيرها وعلى مدار الساعه للمستهلك وبالكمية التي تحددها الوزارة حسب الشريحة التي ينتمى لها الزبون، ويحتاج توليد ونقل وتوزيع الطاقة الكهربائية لادارة فنية خبيرة ومتطورة تستطيع ادارة محطات التوليد بكفاءة عالية وتوفير مستلزمات تشغيلها باستمرار، وشبكة نقل متطورة ومستقرة تستطيع استيعاب كامل انتاج المحطات ونقلها الى المحطات الثانوية ومن دون خسائر ملحوظة في الطاقة، ومن ثم معالجتها ونقلها لتصل للزبائن بالمواصفات المطلوبة والتي لا تسبب في تخريب الاجهزة المختلفة والموصولة بخطوط الطاقة، مع وجود آلية كفوءة تستطيع قياس وتسجيل الطاقة المشتراة من قبل المستهلك ومن ثم جباية قيم الاستهلاك.
وبسبب عدم انتظام وصول الطاقة الكهربائية لغالبية الزبائن وعلى مدار الساعة، اضطر الكثير منهم بالتعاقد مع اصحاب مولدات طاقة كهربائية محليين ومنتشرين في جميع ارجاء العراق ليقوموا بتغطية اوقات انقطاع  تجهيزالطاقة من قبل الوزارة، وانتشرت شبكات من الاسلاك الممتدة عشوائيا من المولدات الاهلية الى مساكن المواطنين، ليتم بيع الطاقة الكهربائية على اساس اعلى تيار كهربائي يمكن ايصاله للزبون والذي يتحكم به قاطع دورة وضع لهذا الغرض، ولتزيد اعباء المواطن الاقتصادية بدفعه لاجور كهرباء اضافية يقوم بدفعها مقدما لصاحب المولدة والا انقطعت الطاقة الكهربائية عنه ساعة تأخره عن الدفع، وبسبب هذه الحالة والممتدة لاكثر من عشرين عاما، اصبح التصور العام لدى الكثيرين، ان عمل وزارة الكهرباء لا يختلف عن عمل صاحب المولدة، وانعدمت الثقة بين  ملايين الزبائن ووزارة الكهرباء، واصبح صعبا على وزارة الكهرباء اقناع الزبائن بانها تعمل فعليا على تطوير خدماتها وتضمن وصول الطاقة الكهربائية اليهم وعلى مدار الساعة.
وعلى الرغم من ان هنالك سلعة واحدة فقط تقوم الوزارة ببيعها، ومواصفاتها معروفة اي ليست هنالك بضاعة يابانية واخرى هندية او صينية لتتم المقارنة بينها، الا انها فشلت في كسب ثقة الزبون، وساحاول بايجاز شرح الموضوع للمواطن العادي، كي يفهم ما الذي يحدث وليقرر بدورة كيف يساهم في التخفيف من هذه المشكلة، لانه معني بها ويريد ان تصله السلعة باستمرار، وساحاول الاعتماد على بيانات وزارة الكهرباء واحصائياتها السنوية والمنشورة على موقعها الالكتروني للاعوام من 2010 ولغاية 2016، لكي تكون هنالك مصداقية لما يتم عرضه.
تقاس انتاجية كل محطة كهربائية عاملة بمقدار ما تولده من طاقة كهربائية خلال خلال عمرها التشغيلي، ويستخدم معيار خاص لتقييم اداء كل وحدة في المحطة الكهربائية يدعى معامل السعة، وهو حاصل قسمة معدل الانتاج الفعلي للمحطة في فترة زمنية معينة او خلال العام على مجموع السعة التصميمية للوحدات العاملة في تلك المحطة، وفي العام 2016 كان معدل القدرة الكهربائية المنتجة من المحطات الغازية والحرارية فقط هو 8520 ميكاواط، في حين ان السعة التصميمة لهذه المحطات هو 18517 ميكاواط، ولذا كان معامل السعة لهذه المحطات 46 بالمائة، اي ان اداء هذه المحطات كان سيئا لانها انتجت اقل من نصف قابليتها الانتاجية، لأن معدل السعة التصميمية للمحطات المختلفة العاملة على الوقود الاحفوري في الشرق الاوسط هو بحدود 80 بالمائة، وعند الرجوع الى معامل السعة للمحطات الغازية والبخارية فقط وللسنوات الممتدة من 2010 ولغاية 2016 سنجده يتراوح ما بين  34 و 46 بالمائة، اي انه كانت للمحطات قدرة اضافية لانتاج الكهرباء لكنها لم تعمل بكامل طاقتها والمسبب الرئيسي لانخفاض معدل القدرة هو توقف الوحدات عن العمل بسبب الصيانة الوقائية او الاعطال او عدم توفر الوقود اللازم لتشغيل الوحدات الكهربائية ونوعية الوقود المستخدم او عدم تمكن الشبكة الكهربائية من نقل جميع الطاقة الكهربائية المنتجة مما يحتم على الوحدات تخفيض انتاجها، وقد قررت اخيرا وزارة الكهرباء وفي نهاية عام 2017 التعاقد مع شركة سيمنس الالمانية للقيام بتحسين وصيانة لسبع وحدات كهربائية في اربع محطات لتتمكن من توليد 1000 ميكا واط وبزيادة مقدارها 400 ميكاواط عن انتاجها الحالي والبالغ 600 ميكاواط مع توفير عشرة بالمائة من الوقود، اي ان الوزارة انتبهت الان ان محطاتها لا تعمل بالشكل المطلوب وتحتاج الى صيانة فعلية وبعد مضي 15 عاما من بداية الازمة الحقيقية، ومع الاسف الشديد تقوم الوزارة في بعض الاحيان باستغفال الجمهور، فقامت محطات الانتاج بتوليد اقصى ما لديها من قابلية وانتجت اكثر من 16 الف ميكاواط يوم 7 اب 2018 وكان وكيل وزارة الكهرباء فرحا بهذا الامر واعلنه للجمهور العراقي، ولكن الوقائع اثبتت ومن خلال تقارير الوزارة نفسها ان معدل انتاجها لهذا اليوم كان 12507 ميكاواط فقط، اي ان انتاجها كان لفترة قصيرة فقط خلال ذلك اليوم.
وبالاضافة لهذا الامر فالطاقة المنقولة من محطات التوليد والى المستهلك ستخسر قسما منها في شبكة الضغط العالي اثناء النقل وفي المحطات الثانوية المختلفة وفي شبكات التوزيع، اضافة الى ما قد تتعرض له من تجاوزات من قبل جهات مختلفة تقوم بالربط على الشبكة الكهربائية بطرق غير قانونية لسرقة الطاقة الكهربائية وبوسائل عديدة، وعادة ما تكون هذه الخسائر او الضياع بالطاقة الكهربائية عالميا دون العشرة بالمائة في معظم البلدان، ولكن هذه الضائعات في العام 2016 كانت بحدود 52 بالمائة في التوزيع فقط وباجمالي ضائعات 58 بالمائة في كامل منظومة الكهرباء، اي ان اكثر من نصف الطاقة الاجمالية والمتوفرة للتجهيز للمستهلك تضيع، وهو مؤشر خطير جدا ويدل على عدم تمكن وزارة الكهرباء من السيطرة على منظومتها ومنع التجاوز عليها وخصوصا على شبكة التوزيع، علما ان معدل الضائعات منذ العام 2010 ولغاية 2015 كانت تراوح ما بين 36 و58 بالمائة، ولو كانت المحطات الغازية والبخارية التابعة للوزارة تعمل بمعامل سعة 75 بالمائة واستطاعت الوزارة التحكم بضياع الطاقة الكهربائية وضمان وصول 85 بالمائة من الطاقة المتوفرة للتوزيع، والرقمان هما اقل من المعدل العالمي ومما موجود في المنطقة، لكان معدل القدرة الكهربائية المجهزة لزبائنها هو بحدود 13489 ميكا واط بدلا من 4410 ميكا واط والذي تم بيعه وتسجيله فعليا عام 2016 علما بان الحمل المطلوب كان 17750 ميكاواط، اي انه كان بالامكان تجهيز اكثر من ثلاثة اضعاف ما تم تسجيله فعليا لو ان الوزارة كانت تدير منظومتها الكهربائية بكفاءة وحرفيه، والرقم قريب نوعما من الحمل المطلوب.
والحالة هذه ليست بالجديدة، ففي العام 2010 كان معدل القدرة الكهربائية الاجمالية المتاحة هو 6350 ميكاواط،، في حين ان المقاس والواصل للمستهلك كان 3133 ميكا واط فقط، ولو ان الوزارة قامت بتحسين معامل السعة الى 75 بالمائة في المحطات الغازية والبخارية فقط لكان المتوفر الفعلي من جميع المصادر هو 10300 ميكاواط، وبحساب خسارة 15 بالمائة في النقل والتوزيع، لكان الواصل الفعلي للمستهلكين والمسجل هو 8754 ميكاواط بدلا من المباع والمتحقق وهو 3133 ميكاواط، وكان الحمل المطلوب في ذلك الوقت 12251 ميكاواط اي ان المشكلة موجودة منذ 2010، وهي حتما حاصلة قبل ذلك بكثير.
وكان بامكان وزارة الكهرباء تجاوز مشكلة الانقطاعات الكثيرة في تجهيز الطاقة الكهربائية لو انها ركزت جهودها في تحسين انتاجية الوحدات الكهربائية المنصوبة فعليا والسيطرة على الضياعات الكبيرة جدا في منظومتها، ونعتقد بان غالبية الضياعات في الطاقة الكهربائية متأتية من التجاوز على شبكة التوزيع الكهربائي اما بالربط مباشرة على الشبكة او التلاعب بمقاييس القراءة ولم تستطع الوزارة على حل هذه المشكلة منذ تأسيسها بل تفاقمت على مر السنين اضافة الى قدم شبكات التوزيع والمقاييس الميكانيكية المربوطة والتي يسهل التلاعب بها، وكانت محاولتها الاخيرة على خصخصة جزء من منظومة التوزيع وتكليف الشركات الخاصة بالقيام بعملية تحديث شبكة التوزيع وربط مقاييس ذكية بدلا من الميكانيكية خطوة باتجاه تقليل الضياع في شبكة التوزيع، لكنها لم تستطع تسويق هذا الامر بشكل جيد، وجوبهت بمعارضة شديدة من قبل زبائنها وحتى من قبل بعض الاحزاب المتنفذة، ونعتقد بانها ستكون المعضلة الاساسية التي ستواجه المسؤول القادم والذي سيتولى مهام وزارة الكهرباء.
ومن الملاحظ ان الوزارة لم تنجح ايضا في العمل على خفض الاستهلاك في الطاقة علما بان غالبية الاستهلاك هو للانارة والتكييف، وهي قد ركزت فقط في التشجيع على استخدام مصابيح وفرة الطاقة او الفلورسنات المضغوطة على شكل المصابيح، بدون الدعاية على استخدام مصابيح الثنائي الباعث للضوء او ليد LED ، وهو الاوفر للطاقة بمقدار النصف تقريبا من مصابيح وفرة الطاقة وبعمر تشغيلي يزيد عن 25 الف ساعة مقارنه بثماني الاف ساعة  لمصابيح وفرة الطاقة، وكان من الضروري ان تقوم الوزارة بالحصول على الموافقات اللازمة وخاصة من مجلس الوزراء لاجبار كافة المؤسسات الحكومية باستخدام هذه المصابيح بدلا من المصابيح المتوهجة وخاصة في انارة الشوارع وكافة المراقد المقدسة والمساجد، واعفاء هذه المصابيح من الرسوم الكمركية للتشجيع على استخدامها، والتعاون مع الشركة العامة للمنتجات الكهربائية والالكترونية وغيرها من الشركات التابعة لوزارة الصناعة لتصنيع هذه المصابيح، لانها البديل القادم للانارة بمختلف انواعها في العالم، وللتذكير فان العالمين اليابانيين اللذان طورا الليد لاستخدامه في الانارة حازا على جائزة نوبل للفيزياء لانجازهما هذا والذي وفر كثيرا من استهلاك الطاقة عالميا وقلل من الانبعاثات الكربونية، اما عن التكييف فهو مؤثر جدا وخاصة في الصيف، ومن واجب الوزارة التعاون مع جهات مختلفة كثيرة منها الجامعات ونقابة المهندسين والمؤسسات الخاصة بالانشاءات لتطوير وزيادة العزل الحراري في مختلف الابنية، ووضع مواصفات خاصة بالعزل الحراري للابنية يتم الالتزام بها عند البناء، والتشجيع على استخدام مواد بناء عازلة للحرارة وكذلك تطوير اجهزة التكييف و محاولة دمجها مع اجهزة التبريد التبخيري لتقليل استهلاكها من الطاقة.
اما النقطة الاخرى والمهمة جدا فهي كلفة الطاقة الكهربائية والتي قدرتها الوزارة بمقدار 106 دينار للكيلوواط ساعة في عام 2016، في حين انها تبيعها للقطاع الحكومي بسعر 100 دينارفقط اي بخسارة وكان الاجدى ان يكون سعرها 120 دينار كالقطاع التجاري، علما بانها تخسر كثيرا بتسعيرتها وخاصة لقطاع المنازل والذي يبدأ بسعر 10 دنانير للكيلوواط ساعة ونعتقد بانه الارخص عالميا، ولكن لا يمكنها من تغيير تسعيرة الكهرباء في الوقت الحاضر وخاصة للمنازل بسبب عدم توفرها على مدار الساعة وانقطاعاتها المتكررة، وحتما ستنخفض كلفة انتاج الطاقة الكهربائية اذا تمت السيطرة على الضائعات في النقل والتوزيع وكذلك زيادة معامل السعة للمحطات الغازية والكهربائية. ومن الملاحظ انها تشتري الطاقة الكهربائية بسعر 9 سنت للكيلوواط ساعة من ايران اي تقريبا بسعر 110 دينار وبسعر 7 سنت اي تقريبا 80 دينار من محطات التوليد الاستثمارية مع تحملها لكلفة الوقود، وسوف تشتريها بسعر 3 سنتات ونصف من المستثمرين في المحطات الشمسية المزمع اقامتها، وتستطيع وزارة الكهرباء تشجيع واقناع الدوائر الحكومية وخاصة تلك التي لديها مساحات كبيرة في اسطحها وفي مواقف سياراتها المعرضة للشمس، بنصب الواح الطاقة الشمسية وربطها بشبكة الكهرباء وقيام وزارة الكهرباء بشراء الزائد من الكهرباء المتولد من انتاج هذه الالواح وبسعر تشجيعي لكي يغطي جزء من استثمار هذه الدوائر بالواح ومنظومة الطاقة الشمسية، مع قيام الوزارة بصيانة وادامة هذه المنظومات الشمسية كجزء من التعاون والتشجيع على تركيب هذه المنظومة، وبامكان الوزارة ان تقوم بدراسة الجدوى الاقتصادية من نصب هذه المنظومات وتعميمها على الدوائر المختلفة كجزء من الحلول المستقبلية، والتي ستخفف من الاحمال وخاصة في اوقات الذروة، علما ان قطاع المنازل سوف لن يتشجع اقتصاديا بنصب الالواح الشمسية لان كلفة انتاج الطاقة الكهربائية من هذه الالواح هي اضعاف تسعيرة الكهرباء، الا اذا كان الغرض منها هو لتغطية ساعات انقطاع التيار الكهربائي.
اعتقد ان لدى وزارة الكهرباء كفاءات وخبرات كثيرة قادرة على وضع حلول لمشكلة الكهرباء وخاصة اذا تم ابعاد الوزارة عن المحاصصة الطائفية والتدخل السياسي من خارج الوزارة، مع محاولة التخفيف من التضخم الوظيفي والذي يستهلك كثيرا من ميزانية الوزارة اذ ازداد عدد موظفي الوزارة من 30 الف موظف عام 2003، الى ما يزيد عن 120 الف شخص حاليا، مع تكليف وزير من ذوي الاختصاص والخبرة يستطيع ان يقف بوجه الفساد المستشري في الوزارة كما هو في كافة الدوائر الحكومية، وان يشرف على وضع خطط قصيرة المدى واخرى طويلة المدى تستطيع ان تعالج المشاكل الفنية الاخرى الكثيرة والتي لم نتطرق اليها مثل نوعية الوقود وتطوير نوعية المحطات، والتحسين الاداري والفني ومنع نصب محطات صغيرة وغير مصممة للانتاج في محطات التوليد مثل محطات الديزل والتي استهلكت الكثير من الموازنة الاستثمارة والتشغيلية لوزارة الكهرباء وكانت احد اركان الفساد المالي في الوزارة، علما بان وزارة الكهرباء قد تكون المؤسسة الوحيدة في العراق والتي تستطيع قياس انتاج وكفاءة عمل كل محطة ووحدة في الانتاج والنقل والتوزيع، وذلك لوجود المقاييس والانظمة القادرة على حساب كمية الطاقة الداخلة والخارجة لكل وحدة ولغاية الكيلواط، ووضع نظام حوافز ومكافأة للعاملين في هذه الوحدات والذين يحققون اعلى انتاجية واقل خسائر، كما تقوم بذلك مؤسسات القطاع الخاص للتشجع على زيادة الانتاجية والارباح لديها، علما ان الكثير من محطات الانتاج والنقل والتوزيع للطاقة الكهربائية في العالم تحقق ارباحا في عملها، وتتنافس فيما بينها للاستحواذ على اكبر عدد ممكن من الزبائن.
ولا تحتاج الوزارة للتسويق لبضاعتها، فهي اكثر من مطلوبة ويتنافس عليها الجميع، لكنها تحتاج الى كسب رضا زبائنها الكثار والبالغ عددهم حوالي اربع ملايين، ولتقنعهم بانها تعمل بجد لحل هذه المشكلة التي مر عليها اكثر من خمسة عشر عاما، وهي تتراوح بين وعود لم تتحقق بان الحل قريب المنال وباعلانات عن اضافة وحدات توليد ولكنها لا تغطي المطلوب، ولتبين لهم من خلال كتاب ابيض يتم الشرح فيه المراحل التي مرت عليها، واسباب تأخر الحل بكل وضوح وشفافية، وما هي حلولها المستقبلية وبكلمات واضحة وسهلة على الفهم للجمهور وبارقام يسهل تتبعها، مع وعود باصدار تقارير شهرية او فصلية تظهر فيها كمية انتاجها من الطاقة والكميات المستهلكة والنقصان الحاصل في التجهيز وبارقام قليلة وواضحة يفهمها المواطن العادي، كي تحضى بقبول ومساندة مستهليكها  واقناعهم بدفع الديون المتراكمة عليهم والتوقف عن القيام بالربط على الشبكة بطرق غير قانونية، ومساعدة الوزارة بجدية في تقنين الاستهلاك، والمهمة ليست سهلة او يسيرة وتحتاج لكادر متخصص يستطيع ايصال المعلومة الصحيحة للمستهلكين، مع القيام بحملة اعلامية حقيقية وكبيرة يساهم فيها المجتمع المدني والمدارس والشخصيات المؤثرة في المجتمع، وتطوير جهاز اعلامي في الوزارة لكي يتواصل مع الجمهور الكبير وايصال المعلومة الصحيحة لة، بدلا من الاكتفاء بالمتحدث الرسمي  للوزارة، والجميع يعرف بان الوزارة حالها كحال باقي مؤسسات الدولة، أثر فيها الفساد ودخلت المحاصصة في كل ركن من اركانها وفي قراراتها مما سبب في تفاقم هذه الازمة.
فهل ستتمكن وزارة الكهرباء في القريب العاجل من حل هذه المشكلة المستعصية والتي سببت في اقصاء واستقالة عدة وزراء ولاسباب مختلفة اهمها كان عدم توفير الطاقة الكهربائية المطلوبة. 
اكديمي مقيم في الامارات



12
ازمه المياه في العراق  ... هل لها حلول

د مهند محمد البياتي
اثارت تركيا لغطا كبيرا في الاعلام والشارع العراقيين، عندما بدأت بملأ سد اليسو المقام على نهر دجلة، ودق ناقوس الخطر حول المستقبل المائي لمنطقة وادي الرافدين، كما حصل لمنطقة في وادي النيل عندما بدأت اثيوبيا ببناء سد النهضة، متناسين ان الزيادة الكبيرة في تعداد سكان هذ المناطق، والحاجة الماسة لتوفير االغذاء لهم وكذلك لتوليد الطاقة الكهربائية، كلها عوامل شجعت تركيا واثيوبيا على بناء هذه السدود، وتزامن الامر مع الاستخدام الجائر للمياه في الزراعة اضافة الى التغيرات الكونية للمناخ والتي قللت الامطار بشكل كبير وهي المورد الاساسي لمياه الرافدين والنيل، وكلها عوامل تتطلب التخطيط والادارة السليمة والجيدة للموارد المائية، وتزامن هذا مع المعاناة الكبيرة لاهالي الجنوب وخاصة اهالي البصرة بالحصول على مياه عذبة للاستخدام اليومي او للزراعة، والاصابات المرضية لكثير من الاهالي مما سببت في ادخال الالاف منهم الى المستشفيات بسبب رداءة المياه المجهزة لهم.
وكان الانسان سابقا يخشى من غضب الطبيعة وفيضان الانهر مما دفعه الى تخليد ذلك في ملحمة كلكامش، اول ملحمة كتبت في التاريخ، واعيد ذكرها لاحقا في قصة النبي نوح في التوراة وفي القران الكريم، ولا يزال قسم كبيرمن اهالي بغداد يتذكرون فيضان دجلة عام 1954، وما تسبب في تهجير بعض احياء بغداد والخسائر الفادحة التي تكبدتها العاصمة والمساعدات الدولية التي انهالت على العراق وقتها، مما ادى الى بناء اول سد على نهر دجله في سامراء وافتتح عام 1957 لتلافي اثار الفيضانات اللاحقة ولتحويل قسم من مياه دجلة الى منخفض الثرثار، وتلاه بناء سدي دوكان ودربندخان على نهري الزاب الصغير وديالى والذي استكمل بناؤهما في نهاية الخمسينات من القرن الماضي، لتوليد الكهرباء وخزن المياه للمواسم الشحيحة وكذلك لتقليل مخاطر الفيضانات القادمة، وكانت هذه اول سدود تبنى على نهر دجلة وروافدها في منطقه الشرق الاوسط.
اما عن نهر الفرات والذي ينبع من تركيا وتتقاسم موارده تركيا وسوريا والعراق، فلقد كانت هنالك محاولات عديده لايجاد ارضية مشتركة للتفاهم و الاتفاق بين هذه الدول الثلاثة ومنذ عام 1920 لكن لم توقع اية اتفاقات شاملة  لغاية الان بين هذه الدول لتقاسم مياهه، ففي بداية الستينات حاولت كل دولة منها التخطيط لوحدها لبناء سد على نهر الفرات، وقام العراق في عام 1962 بالتعاقد مع شركة سوفيتية لتقوم بدراسة مجرى نهر الفرات وتحديد المكان المناسب لانشاء سد عليه، ولم تقرر الحكومات العراقية المتعاقبة ولاسباب سياسية بالدرجة الاولى ولغاية بداية السبعينات تحديد مكان السد والبدء بانشائه، في حين قررت الحكومتان التركية والسورية البدء بانشاء سد لكل واحدة منها على نهر الفرات، وبدأت تركيا بانشاء سد كيبان عام 1966 وافتتحتها عام 1974، في حين بدأت سوريا بانشاء سد طبقة عام 1968 وافتتحتها في تموز عام 1973، اما النظام العراقي فكان مشغولا بتثبيت حكمه، مما سبب في حدوث شح كبير في واردات العراق المائيه عام 1974 عندما بدأت تركيا وسوريا بملأ سديهما، وتسبب ذلك بخراب الموسم الزراعي العراقي في تلك السنة والسنة اللاحقة، ولم تقرر الحكومة العراقية ولغاية منتصف السبعينات مكان بناء السد على نهر الفرات، بل اكتفت بشق قناة من منخفض الثرثار الى نهر الفرات وبدأت العمل به منذ العام 1972 لتلافي النقصان الذي قد يحصل في نهر الفرات، وقد حلت هذه القناة بعض النقص في مياه الفرات ولكنها تسببت في ايصال ماء مالح من منخفض الثرثار الى نهر الفرات. وبعدها بنت الحكومة العراقية سد حديثة على نهر الفرات واعقبتها ببناء سد الموصل والذي لم يتم اختيار مكانه بالشكل الصحيح، مما تطلب القيام باعمال صيانة مستمرة له، وقد لا تتوقف اعمال الصيانة هذه طوال عمر السد. 
تعتمد كمية المياه المتدفقة في نهري دجلة والفرات على كمية الامطار والثلوج الساقطه في تركيا وشمال العراق وغرب ايران وشمال سوريا وعلى التغيرات المناخية العالمية، وتسمى مواسم الامطار الشديدة بالسنوات الرطبه وحدث ذلك في الاعوام 54 و65 و67 و68 و69 و88 و94 من القرن الماضي، وتم تسجيل اعلى وارد من مياه النهرين للعراق عام 1969 حيث كانت واردات دجلة بحدود 106 مليار متر مكعب ، وواردات الفرات بحدود 63 مليار متر مكعب ، اما اقل وارد للنهرين فكان عام 1930 وهي سنة الجفاف الكبيرة، حيث كان وارد دجلة حوالي 19 مليار متر مكعب ووارد الفرات بحدود 11 مليار متر مكعب، ولو انه تم تسجيل وارد منخفض جدا للفرات عام 1974 وهو بحدود 9 مليار متر مكعب، ولم يكن هذا بسبب قلة الامطار، ولكن بسبب قيام تركيا وسوريا بملأ سديهما. ونلاحظ هنا الفرق بين وارد بحدود 30 مليار متر مكعب لعام 1930، ووارد بحدود 169 متر مكعب عام 1969 اي اكثر من خمسة اضعاف، علما ان الوارد  المائي في عام 2016 كان بحدود 55 مليار متر مكعب. وقد لا يعرف الكثيرون ان المشاكل المائية بين العراق ودور الجوار تركيا وايران وسوريا ليست حديثة، حيث ان ايران قطعت عن مدينة مندلي مياه نهر كنكير منذ العام 1932، واعقبتها بقطع مياه نهر كنجان جم عن مدينة زرباطيه ، واخيرا تم قطع مياه نهر الكارون عن شط العرب والكرخه عن هور الحويزة، وهنالك اخبار عن قيام ايران ببناء سدود على نهري ديالى والزاب الاسفل، وسوف يؤدي ذلك الى تقليل واردات دجلة بمقدار كبير.
ومن المهم ملاحظة ان ازمة المياه في العراق لاتتعلق بكمية المياه الواردة للعراق فقط ولكن بنوعية هذه المياه، والمقصود هنا بكمية الاملاح والمواد العضوية والمعادن والمركبات المختلفة الذائبة في الماء اضافة للجراثيم و الفطريات المختلفة والتي تجعلها غير صالحة للاستخدام البشري وكذلك للزراعة، ويطلق عادة على المواد الذائبة هذه تسمية اجمالي المواد الصلبة الذائبة، وفي بعض الاحيان تتم تسميتها بالاملاح الذائبة، ولأخذ فكرة عن اهمية هذا الموضوع، فلقد وضعت منظمة الصحة العالمية مؤشرا لهذه الكمية، واعتبرت ان مقدار 300 الى 600 ملليغرام من هذه المواد الذائبة في اللتر الواحد من الماء يعتبر جيدا، اما مقدار 600 والى900 ملليغرام فيعتبر مقبولا، والكمية من 900 والى 1200 فيعتبر سيئا، وإذا زاد عن 1200 ملليغرام فيعتبر غير مقبولا،  اما في الزراعة فالكمية من 500 والى 2000 ملليغرام في اللتر الواحد فيعتبر مقبولا في بعض الاحيان وخاصة للمحاصيل الزراعية والنباتات المقاومة للجفاف والملوحة، واذا زادت عن 2000 ملليغرام فيعتبر شديدا الملوحة ولا يمكن استخدامه في الزراعة و يعتمد الامر على نوعية المحصول الزراعي ونوع التربة، علما ان ملوحة ماء البحر هي بحدود 35 الف ملليغرام، او 35 غرام باللتر الواحد، في حين ان متوسط الاملاح في مياه الانهار العذبة هي بحدود 110 ملليغرام في اللتر الواحد تقريبا. اما بالنسبة الى نهري دجلة والفرات فسنجد ان معدل كمية الاملاح المسجلة عام 2016 في نهر دجلة عند الحدود العراقية التركية في منطقة الخابور كانت بحدود 265 ملليغرام، وفي الموصل بحدود 300 ملليغرام وازدادت في بغداد الى حوالي 630 ملليغرام، ولكنها تزداد جنوبا بسبب مصب نهر ديالى ذو الملوحة العالية نوعما في نهر دجلة جنوب بغداد، اضافة لعوامل اخرى،  وتصل الملوحة الى 720 ملليغرام في واسط، وتزداد الى 1420 في منطقة الكرمة قبل التقائها ببقايا نهر الفرات، اما بالنسبه لنهر الفرات فهي بحدود 600 ملليغرام عند نقطة دخولها للاراضي العراقية، وفي الحلة تزداد الى 720 ملليغرام وتزيد في الديوانية الى 1760 ملليغرام وتصبح في الناصرية بحدود  2350 ملليغرام، اما في البصرة فان الملوحة تتراوح ما بين 540 و 7700 ملليغرام وحسب المواسم وبمعدل عام بحدود 2200 ملليغرام، ومعظم هذه الارقام مأخوذ من الاحصاءات البيئية للعراق والصادرة عن وزارة التخطيط لعام 2016، ويمكن ملاحظة ان الزيادة في الاملاح تكون شديدة جنوب بغداد ومعظم المياه تكون غير صالحة للشرب ولكن بنسب متفاوتة، علما ان هنالك قراءتان لكمية الاملاح وبقية المواد الكيمياوية المتواجدة في المياه، تتولى احداهما حاليا دائرة البيئه في وزارة الصحة وفي اماكن محددة على طول نهري دجلة والفرات ، والاخرى تقوم بها وزارة الاعمار والاسكان والبلديات وهي تقيس المواد الكيماوية والاملاح في الماء الخام الداخل لمحطات التصفية  اضافة لقياسها للماء الخارج من محطات التصفية والتعقيم، ومن المفارقة انه تم ذكر الملحوظة التالية والمأخوذة من الاحصاءات البيئية للعراق والصادرة عن وزارة التخطيط لعام 2016 صفحة 30 ( لم تصل نتائج الفحوصات الكيمياوية لمحطات الرصد الموجودة في محافظة ميسان طيلة اشهر سنة 2016، بسبب تعذر مديرية البيئة في وزارة الصحة من القيام بعملية سحب النماذج المائية لعدم توفر مخصصات الوقود) ونتساءل ما هي جدية دوائر الدولة في  العراق بحل ازمة المياه وهي تتعاجز عن توفير الوقود اللازم لقراءة وتشغيل اجهزة القياس، ويجب الانتباه الى ان محطات تصفية المياه لا تستطيع تقليل المواد الذائبة في المياه، لكنها تتخلص من جميع المواد العالقة في الماء اضافة الى تعقيمها.
ويتبين ان المشكلة الرئيسية للمياه في الوقت الحاضر هي نوعية المياه اكثر من كميتها وخاصة جنوب بغداد اذ لا تصلح المياه المتوفرة للشرب او للزراعة، ومعضم مسبباتها هي من داخل العراق. وإذا علمنا بان مترا مكعبا واحدا من الماء في السنة يكفي لمتطلبات الشرب فقط للشخص الواحد، اي ان الانسان بحاجة كمعدل عام الى 3 لتر من الماء للشرب في اليوم الواحد، في حين ان هذا المتر المكعب من الماء هو مايستهلكه المزارع لانتاج نصف كيلوغرام فقط من الحنطة في البلدان الغير متطورة زراعيا، في حين ان المزارع في الدول المتقدمة زراعيا يمكنه من انتاج كيلوغرامين من الحنطة باستخدام متر مكعب واحد من المياه، وهذا يوضح الكمية الكبيرة اللازمة للمياه في الانتاج الزراعي، فعالميا يتم استهلاك ما معدله 10 بالمائة من المياه للاستهلاك المنزلي، و 20 بالمائة في الصناعة و70 بالمائة للزراعة تقريبا، اما في العراق حاليا فإن 86 بالمائة من المياه تستهلك للزراعة، و 6 بالمائة  للبيئة اي لادامة الاهوار، و 5 بالمائة للصناعة و 3 بالمائة للاستهلاك المنزلي فقط، ويمكن ان تتغير هذه الارقام عند ازدياد المنشأت الصناعية. ونلاحظ هنا ان استهلاك المياه للزراعة في العراق هو اعلى من المعدل العالمي، علما ان غلة الانتاج الزراعي في العراق للدونم الواحد من الحنطة مثلا هو ادنى من مثيلتها في الدول المجاورة كتركيا وايران وسوريا، ونحتاج لكمية اكبر من المياه لانتاج كيلوغرام من الحنطة، وسبب ذلك بالدرجة الاولى هو نوعية المياه المستخدمة في الزراعة وطريقة الري والزراعة، اضافة لملوحة التربة في جنوب ووسط العراق. ويتبين من الارقام اعلاه امكانية معالجة المياه المستخدمة للاستهلاك المنزلي بتخليصه من الاملاح الزائدة، عن طريق معالجة المياه الخارجة من محطات التصفية القائمة حاليا للتخلص من هذه الاملاح الذائبة، وتعتبر طريقة التناضح العكسي او RO  هي الطريقة الامثل والارخص حاليا وتستخدم لتحلية اكثر من 60 بالمائه من المياه العذبة المنتجة عالميا، وتتناسب كلفة انتاج الماء العذب مع كمية الاملاح المذابة في الماء، وكلما قلت الملوحة في الماء المراد تحليته نحتاج لضغط اقل لاجبار الماء على النفوذ من خلال الاغشية الخاصة والمستخدمة لتحلية المياه، اي نحتاج الى طاقة كهربائية اقل لتحلية نفس الكمية من الماء، ويكون العمر التشغيلي للاغشية المستخدمة اطول اي لا يتم استبدال الاغشية بنفس السرعة، اي ان كلفة استبدال الاغشية ستكون اقل، لذلك فالكلفة التشغيلية لتحلية المياه في محافظات الوسط مثل بابل والديوانية وكربلاء وواسط تكون اقل من كلفتها في ذي قار او المثنى اوالبصرة، ولكن تبقى الكلفة الاولية لانشاء محطة التحلية نفسها تقريبا، وتتراوح كلفة انتاج المتر المكعب من الماء العذب في محطات التحلية للمياه شبه المالحة ما بين ربع دولار الى نصف دولار امريكي، حسب حجم المحطة ودرجة ملوحة الماء الداخل للمحطة ومقدار ملوحة الماء المنتج، اما كلفة التحلية لانتاج متر مكعب من الماء العذب باستخدام ماء البحر فهو بحدود دولار واحد تقريبا، و يمكن للاسعار هذه ان تنخفض مع تطور تقنيات صناعة الانسجة المستخدمة في التحلية وانخفاض اسعارها، لذلك فمحاولات تقليل ملوحة مياه دجلة والفرات سيقلل من كلفة تحلية المياه للاستخدامات المنزلية وسيحسن ويزيد من انتاج المحاصيل الزراعية، وهنالك فعليا في العراق محطات تحلية حكومية عديدة تستخدم طريقة التناضح العكسي ويصل عددها الى 449 محطة في جميع محافظات العراق عدا كردستان ونينوى والانبار، وطاقتها التصميمية بحدود 94 ألف متر مكعب في اليوم، ولكنها لا تنتج سوى 20 ألف متر مكعب في اليوم من الماء العذب، والغريب في الامر ان محافظة البصرة لديها 43 محطة تحلية طاقتها التصميمة بحدود 51 ألف متر مكعب في اليوم ولكنها لا تنتج سوى 2104 متر مكعب من الماء العذب في اليوم اي تعمل بكفاءة 4 بالمائة فقط، ولو كانت هذه المحطات تعمل بكامل طاقتها التصميمة في البصرة، وتم توزيع مياهها مباشرة على مواطني البصرة والبالغ عددهم بحدود 3 ملايين شخص، لكانت حصة الفرد الواحد 17 لتر من الماء العذب يوميا، وهي اضعاف ما يحتاجه الفرد من المياه لاغراض الشرب والطبخ اليومي فقط، اضافة لذلك فان هنالك 25 محطة صغيرة منصوبة في البصرة وتعمل بالطاقة الشمسية، طاقتها التصميمية هي بحدود 1608 متر مكعب في اليوم ولكنها انتاجها من المياه هو صفر، علما ان باقي المحافظات في العراق لديها محطات تحلية طاقتها التصميمة 43 الف متر مكعب في اليوم وتنتج بحدود 18 الف متر مكعب من الماء العذب يوميا اي ان كفائتها التشغيلية هي 42 بالمائة، اي عشر اضعاف كفاءة محطات البصرة.
ويعتبر الاستخدام الجائر للمياه في الزراعة المسبب الرئيسي لملوحة المياه، فبسبب طريقة الري المستخدمة بالزراعة في العراق والذي تعوّد عليه المزارع العراقي منذ الاف السنين  عن طريق غمر التربة بالمياه لري البساتين او الحقول، ولكون معضم التربة في وسط وجنوب العراق هي طينية رسوبية والتي لاتسمح بنفاذية الماء وبسرعة الى الاعماق، ولأن الجو جاف وحار في معظم اشهر السنة، يتم تبخر كميات كبيرة من هذه المياه تاركة خلفها الاملاح المذابة فيها على سطح التربة، ومع مرور الوقت تزداد هذه الاملاح وقد تتحول الاراضي اذا لم تعالج الى اراضي صبخة اي مالحة  ولا يمكن الزراعة فيها، لذلك بدأت ومنذ خمسينات القرن الماضي في العراق حملات كبيرة لاستصلاح الاراضي وعمل مبازل حقلية كثيرة لغسل التربة للتخلص من املاحها وكذلك لتسريب المياه الزائدة من التربة، وهنالك الان اكثر من 127 الف كيلومتر من القنوات و المبازل الرئيسية والثانوية والمجمعة والحقلية والتي تصب في النهاية في قناة المصب العام والمرتبط بشط البصرة والواصل لخور عبد الله في الخليج العربي، وهذه القنوات تحتاج الى صيانة مستمرة وحتى الى توسيعها لتشمل اراضي اضافية، لان المبازل تغطي حاليا فقط الاراضي الممتدة ما بين  غرب نهر دجلة وشرق نهر الفرات وتبدأ من مشروع الاسحاقي شمال بغداد. ومن الضروري جدا منع رجوع مياه البزل المالحة الى الاراضي الزراعية، ولكن يحصل احيانا التجاوز على مياه البزل من قبل المزارعين لاستخدام هذه المياه المالحة لزراعة بعض المحاصيل او عمل احواض غير نظامية لتربية الاسماك، وهذه تعيد للتربة الاملاح التي سبق ان تم التخلص منها، اضافة الى التأكد من ان البطانة الكونكريتية لقنوات البزل لا تزال صالحة وعدم حدوث كسور فيها والتي ستعيد مياه البزل المالحة للتربة من جديد. ان تغيير اساليب الري من طريقة الغمر والمستخدمة منذ زمن السومرين ولحد الان، واستخدام التنقيط بدلا من ذلك سيوفر حوالي 55 بالمائة من المياه اللازمة للزراعة مقارنة بالسقي السطحي، او طريقة الرش والتي تخفض كمية مياه الري 25 بالمائة، علما بان المياه الزائدة عن حاجة المحاصيل والتي لا تسحبها المبازل، ستعود لقنوات الري وللانهر حاملة معها املاح التربة وكذلك الاسمدة الكيمياية والعضوية والمذابة في هذه المياه، وهي من احد الاسباب الرئيسية لازدياد ملوحة نهري دجلة والفرات وقنواتها العديدة.
ومن المهم ملاحظة اهمية استخدام بعض الطرق الحديثة للزراعة والتي لم يتعود عليها مزارعينا مثل الزراعة من دون حرث، وهي تبدو غريبة جدا وخاصة لمن تعود ان تكون اول خطوات الموسم الزراعي هي الحرث، وتعتمد هذه الطريقة على ابقاء سطح التربة من دون قلبها وبذلك تحافظ التربة على رطوبتها وتقلل كميه المياه المطلوبة للزراعة، والى منع ترسب الاملاح بسبب تبخر المياه من سطح التربة المقلوبة والاستفادة من بقايا النباتات المزروعة سابقا، وهذا الطريقة من الزراعة انتشرت بكثرة في العالم، وجرى تطبيقها في سوريا وايران وتركيا وكذلك في العراق ولكن على نطاق ضيق، وانتجت زيادة في الغلة او الحاصل وصل الى 25 بالمائة، اضافة الى تقليل كمية المياه اللازمه للزراعة.

ولمياه الخليج العربي المالحة دور اخر وكبير في تلوث مياه شط العرب وهو مستمر ولاكثر من اربعين عاما، فلقد كانت الاطلاقات المائية العذبة من نهر الكارون في جنوب شط العرب اضافة الى اطلاقات مياه شط العرب الكبيرة سابقا تعمل على منع مياه الخليج المالحة من الصعود شمالا في شط العرب اثناء المد البحري والذي يحصل مرتين في اليوم الواحد، بل تسمح بارجاع المياه العذبة الى الانهر والقنوات المتفرعة من شط العرب لتعمل على ري الاراضي والبساتين المحيطة بشط العرب مرتين كل يوم، ولكن اختلف االامر ومنذ فترة طويلة، فمع توقف نهر الكارون باطلاق المياه العذبة بسبب تغيير مساره الى داخل الاراضي الايرانية، واطلاق مياه البزل المالحة بدلا عنه، وقلة وضعف الاطلاقات المائية من نهري دجلة والفرات الى شط العرب ادى الى صعود مياه الخليج المالحة شمالا باتجاه البصرة وتكوينها وبمرور الزمن بتشكيل ما يسمى باللسان الملحي والذي يصعد مع كل موجة مد بحري، ولا يمكن ايقاف صعوده الا بزيادة الاطلاقات المائية وباستمرارالى شط العرب، وعندما تقل هذه الاطلاقات سيقوم اللسان اللحي بالتمدد شمالا ومن جديد، ولا يمكن الان توفير هذه الكمية من المياه لاطلاقها باستمرار في شط العرب مع شح المياه واستمرارها بالتناقص، ويكمن الحل الوحيد والمتاح حاليا هو ببناء سد مانع جنوب البصرة لمنع تمدد اللسان البحري المالح شمال شط العرب مع تقليل هدر مياه شط العرب والاستفادة منه لري الاراضي على جانبي شط العرب وحتى امكانية مده الى منطقة الفاو.
اما المسبب الاخر لتلوث وملوحة المياه فهو عائد لمياه الصرف الصحي والتي يتم صبها في الانهر والقنوات من دون معالجتها او لا تعالج بشكل جيد، وتزداد خطورتها كونها محملة بالجراثيم والبكتريا، واثبتت فحوصات مياه دجلة والفرات وجود نسبة عالية من بكتريا القولون البرازية والمعوية اضافة لبكتريا اخرى، ففي حين ان كمية المياه المجهزة من محطات ومجمعات المياه في العراق للمساكن والمشاريع التجارية والصناعية عدا محافظات كردستان ونينوى والانبار كان بحدود 12 مليون متر مكعب يوميا عام 2016، وتعود معضم هذه المياه الى المجاري العامه اضافة لمواد عضوية ومخلفات مختلفة، ولكن نجد ان معدل طاقة محطات  معالجة المجاري القائمة حاليا هي 1.3  مليون متر مكعب يوميا فقط، اي انه فعليا تتم معالجة حوالي 11 بالمائة فقط من مخلفات الصرف الصحي، في حين يترك اكثر من 10 ملايين متر مكعب من مياه المجاري من دون معالجة ومعضمها تأخذ طريقها الى الانهر والقنوات وتشمل هذه مخلفات مجاري المساكن والمستشفيات اضافة الى كثير من مخلفات المياه المستخدمة في الصناعة والتي لا تراقب بشكل جدي، ومن الضروري استكمال بناء محطات معالجة مياه الصرف الصحي لتشمل جميع  المياه الخارجة من المجاري، ثم الاستفادة من قسم من هذه المياه بعد معالجتها لري شبكة من الاحزمة الخضراء والواجب اقامتها حول كل مدينة عراقية لحمايتها بيئيا ولتطليف اجوائها وللتخفيف من تأثير موجات الغبار و الاتربة والتي اصبحت تتكرر كل عام، او اعادة هذه المياه للانهر والقنوات بعد جعلها صالحة للاستخدام البشري، وكذلك التأكد من صلاحية شبكات المجاري القائمة وصيانتها المستمرة والتأكد من عدم وجود كسور او نضح فيها وتسريبها لمياه الصرف الصحي، ونفس الشيئ بالنسبة لصلاحية شبكات المياه والتأكد من عدم تسريبها للمياه او تلوث مياهها بمياه المجاري، علما بانه لم يتم استبادل اقدم هذه الشبكات منذ العام 1990 اي لاكثر من 28 عام وهي اطول من العمر التشغيلي لهذه الشبكات وخاصة في البصرة والتي تتأكل بسرعة كبيرة بسبب ملوحة مياهها، ويقدر نسبة فقدان المياه من شبكة المياه بحدود 25 بالمائة.
ومن المهم ملاحظة ان كمية المياه المستهلكة للبيئة تشكل حوالي 6 بالمائة وهي ضعف الكمية المستخدمة للاستهلاكات المنزلية، وهي كمية المياه اللازمة لادامة وبقاء الاهوار، وبسبب كونها في جنوب العراق حيث ان الجو حار وجاف ولاغلب اشهر السنة، ولأن مياه الاهوار غير عميقة في كثير من الاماكن، لذلك فإن كمية المياه المتبخرة من الاهوار تكون عالية جدا مما يستوجب تعويض هذه المياه المتبخرة باستمرار، ولكن المشكلة لاتكمن بخسارة المياه فقط، ولكن بكمية الاملاح التي تتركها المياه المتبخرة في الاهوار، مما يزيد الملوحة في مياه الاهوار والتي يعود قسم منها للاختلاط مع مياه الانهار، ولابد من ايجاد حلول علمية وعملية لهذه المعضلة والتي تتفاقم مع مرور الوقت، ويصيب التبخر ايضا مياه البحيرات الناشئة خلف السدود مثل سد الموصل وسد حديثة وغيرها اضافة لبحيرات الثرثار والحبانية والرزازة، ولكن تأثيرها اقل من الاهوار كونها تقع في وسط وشمال العراق حيث درجات الحرارة اقل نسبيا من منطقة الاهوار وملوحة هذه المياه هي اقل من ملوحة مياه الاهوار، وهذ تتطلب وضع بعض الحلول لتقليل كميه التبخرهذه، مثل تسويرها بالاشجار وتغطية قسم منها بالكرات المطاطية وغيرها من الحلول الحديثة. اضافة لذلك فأن الكثير من الانهر والقنوات تفقد كميات لا بأس بها المياه عن طريق التسريب الاراضي وكذلك بالتبخر، لذلك فإن تبطين هذ القنوات وبعض الانهر اصبح لزاما لتخفيف هذا الفقدان، واصبح من المهم استخدام الانابيب المختلفة بدلا من القنوات الصغيرة لنقل المياه، ضمانا لمنع الهدر وكذلك للسيطرة على توزيع المياه للمناطق المختلفة وخاصة فيما تسمى ذنائب الانهر اي المناطق التي تقع في نهايات الانهر والتي تحرم من وصول المياه اليها بسبب استحواذ مزارعي هذه المناطق في اعالي الانهر لهذه المياه.
ومما نلاحظ اعلاه فأن اكثر من 80 بالمائة من المياه تذهب للزراعة، ولكن بسبب ملوحة هذه المياه وخاصة في وسط وجنوب العراق، فإن الانتاج الزراعي في هذه المناطق هو اقل بكثير من المعدل العالمي للانتاج الزراعي ولنفس المحاصيل، وهي حتى اقل من دول الجوار كسوريا وتركيا وايران، ويتأثر اكثر من 10 ملايين عراقي من مزارعين واسرهم في الريف ومن المرتبطين بالزراعة وخاصة في المدن الصغيرة من هذه الحالة، وخاصة إن دخلهم من الزراعة قليل عادة، لذلك فمن المهم قيام الوزارات ومجالس المحافظات والدوائر المختلفة بتقليل الملوحة والتلوث في المياه، عن طريق استكمال شبكة المبازل والقنوات الخاصة بها والتأكد من صلاحيتها وصيانتها طوال الوقت، وقيام وزارة الاعمار وشؤون البلديات ومجالس المحافظات باستكمال بناء محطات معالجة مياه المجاري بالكامل ومنع تسريب ايه مياه غير معالجة للانهر والقنوات المائية لمنع او لتقليل التلوث المائي، وكذلك لاعادة استخدام المياه المعالجة، اضافة الى تقليل هدر المياه عن طريق التبخر او تسرب المياه، و لكن تبقى مهمة كبيرة على عاتق المزارعين والذين يساهمون بشكل كبير في تحسين نوعية المياه والتقليل من هدرها، وهي ليست بالمهمة السهلة او اليسيرة ولا يستطيعون القيام بها لوحدهم وبجهودهم الذاتية فقط، فتغيير نمط الري و الزراعة والتي تعود عليها المزارعون طوال عمرهم ليس من السهولة القيام بها، فتوفير منظومات الري بالتنقيط والرش وباسعار مدعومة، اضافة الى توفر الطاقة الكهربائية او بدائلها لتشغيل هذه المنظومات، وكذلك  تواجد التدريب اللازم لادارة وصيانه هذه المنظومات ضرورية جدا لانها تستهلك بسرعة، والخوف من خسارة الموسم الزراعي بسبب سوء استخدام هذه المنظومات له تأثير كبير على المزارع واسرته. ولا تنفع طريقة طبع بعض المنشورات او القيام بعمل ندوة او اثنتين لاقناع ملايين المزارعين بتغيير اسلوب زراعتهم ونمطها، وهذه المهمة تقع بالدرجة الاولى  على وزارة الزراعة ودوائرها المختلفة، بسبب الامكانيات والخبرات الفنية والعلمية المتوفرة لديها، ولكن مع الاسف ان معظم دوائر الارشاد الزراعي في المحافظات والتي يفترض ان تكون حلقة الوصل بين المزارعين وبين وزارة الزراعة والتي من خلالها يتم رعاية وتنمية الزراعة في العراق، وتوصيل احدث طرق طرق الزراعة والري والتي تناسب الاجواء في العراق، ولكن ليس لها ذلك الدور المؤثر على المزارعين، ومن المهم المساهمة في استكمال البنية التحتية اللازمة لتطوير الزراعة، فاضافة لتحسين التربة والمياه، من الواجب توفير الطاقة الكهربائية اللازمة لتشغيل منظومات الري الحديثة. وكذلك المساهمة في توفير المخازن المبردة والملائمة لحفظ المنتجات وخاصة في المواسم التي تكون قمة في انتاج المحاصيل حيث يصبح المنتوج الزراعي اكثر بكثير من حاجة السوق المحلية الزراعية وتنخفض اسعارها بشكل كبير ويضطر المزارعون ببيع منتجاتهم بارخص الاثمان او جعلها علف للحيوانات او اتلافها في بعض الاحيان بدلا من خزنها لاوقات تتحسن فيها الاسعار، والتشجيع على اقامة الصناعات المعتمدة على الانتاج الزراعي والحيواني، والتوجيه والتشجيع بزراعة المحاصيل المقاومة للجفاف والملوحة. وهنالك حاجة ملحة لحملة وطنية تعمل على ارشاد المزارعين ومساعدتهم وتوعيتهم باهمية استخدام الطرق الحديثة في الري والزراعة، تساهم فيها نقابات الفلاحين والمجتمعات المدنية ودوائر الارشاد الزراعي ومراكز البحوث الزراعية والكليات والمعاهد والمدراس الزراعية ووسائل الاعلام المختلفة، وهي مهمة ليست بالسهلة او اليسيرة وخاصة انها تستهدف ملايين المزارعين وعوائلهم وتسعى لتغيير اسلوب عملهم ومصدر رزقهم، وقد تأخذ سنين من العمل الجاد والمضني كي يتم قطف ثمارها، وقد تشمل بعض الحلول وضع تسعيرة مدروسة بشكل جيد لمياه الري والتي تزيد عن حاجة الارض المروية باحدى الطرق الحديثة، لدفع المزارعين بتغيير اسلوب الري وتقليل الهدر الكبير في استخدام المياه.
ان ماتم استعراضه اعلاه لا يغني عن الحوار والمفاوضات الجادة والمستمرة مع دول الجوار وخاصة تركيا وايران، كي تزيد اطلاقاتها المائية في نهري دجلة والفرات وروافدها الاخرى ولضمان حقوق العراق المائية ولتوقيع اتفاقيات مع دول الجوارحول التقاسم العادل للمياه ما بين الاطراف المختلفة. اضافة لذلك فمن المهم زيادة واردات العراق المائية عن طريق حصاد الامطار ببناء السدود المختلفة على الوديان لحصر مياه الامطار للاستفادة منها للزراعة وادامة المراعي وسقي الماشية، اضافة الى ايجاد طرق مناسبة لحقن المياه الى المكامن الجوفية عندما تتحول مياه الامطار الى سيول وخاصة في شرق العراق، بدلا من ضياع هذه المياه، ولقد سعت دول مختلفة مثل الصين والهند والامارات باستمطار الغيوم لزيادة الموارد المائية، ويمكن للعراق الاستفادة من هذه التجارب وخاصة انها حققت نجاحات في هذه الدول وهنالك غيوم كثيرة في سماء العراق يمكن الاستفادة منها.
ومن المهم ملاحظه ان بعض التصريحات والمقترحات من قبل بعض الساسة والمسؤلين وحتى من الوزارات المختصة، حول بعض الحلول لمشكلة المياه والتي تدل على عدم الالمام الكافي بموضوع ازمة المياه ووضعهم لحلول غير قابلة للتطبيق او غير اقتصادية مما يعطي انطباعا مشوشا وغير صحيح لدى غالبية الجمهورالعراقي، فمما لاشك فيه انه لا حل لمشكلة المياه المالحة والخارجة من شبكة المياه سوى بالتحلية، الا ان التحلية يجب ان تكون للمياه الخارجة من محطات المياه والمجمعات المائية القائمة اصلا، لانها ارخص بكثير من تحليه مياه البحر والتي ينادي بها الكثيرون، وهي بعيدة عن التجمعات السكانية وتحتاج لكلف اضافية لنقل المياه لشبكات المياه. واما اصرار البعض على زيادة الاطلاقات المائية الى شط العرب لدفع اللسان البحري، فهو حل مؤقت لا يمكن الركون اليه، لانه سيستهلك رصيد المياه القليلة و المخزونه بالسدود وقد لا تكفي هذه المياه لدفع اللسان لمدة عام قادم، ومتى ما توقفت الاطلاقات المائية سيعاود اللسان البحري الصعود من جديد، ولا بديل عن السد المانع على شط العرب لحل هذه الاشكالية ولقد تأخرت وزارة الموارد المائية ومجلس محافظة البصرة كثيرا لتقرير هذا الامر والاتفاق على موقع مناسب للسد. وكان اغرب اقتراح من وزارة الموارد المائية وفي هذا الوقت الذي ينادي فيه الجميع بحل لمشكلة ملوحة المياه، هو عمل قناة مائية لتوصيل مياه الخليج المالحة اما لمنخفض الرزازة في كربلاء او منخفض بحر النجف، متناسين ان عمق بحيرة الرزازة هو 18 متر فوق مستوى سطح البحر واعلى مستوى له هو 38 متر فوق مستوى سطح البحر، واذا اردنا جعل عمق المياه في القناة 3 امتار فقط، عندئذ نحتاج اولا حفر قعر بحيرة الرزازة بعمق 21 متر، ويكون عمق هذه القناة الطويلة في منطقة كربلاء بحدود 41 متر، فهل لنا ان نتصور شكل هذه القناة العميقة جدا، وكيف يمكن صيانتها وما هو حال مياه البحر الراكدة فيها بعد فترة قصيرة، وتخريبها للمياه الجوفية، وما الغرض منها سوى ايصال قوارب او سفن صغيرة لكربلاء، وحتى في بحيرة النجف، إذ ان قعر بحيرة النجف هو بحدود 20 متر فوق سطح البحر، اي نحتاج لحفر البحيرة بعمق 23 متر لكي يمكن ايصال مياه البحر اليها، ثم نمد قناة لا يقل عمقها عن 23 متر باتجاه الخليج لايصال مياه مالحة للنجف تخرب كل شيئ في طريقها، ان دغدغة عواطف اهالي النجف وكربلاء المقدستين في هذا الوقت بمشاريع تخرب البيئة ولا مردود اقتصادي او سياحي فيها ولا يمكن تنفيذها، تعطي رسالة خاطئة للجمهور العراقي من قبل جهات ذات اختصاص.
ان مشكلة المياه في العراق تتطلب تنسيقا وعملا مشتركا بين وزارات ومؤسسات عديدة اضافة الى تعاون المواطنين وخاصة المزارعين منهم، وتشكيل سلطة للمياه امر ضروري لوضع استراتيجيه شاملة للسنوات المقبلة، والتنسيق ما بين الوزارات والادارات المختلفة وهي ليست بالمهمة السهلة والقابلة للتنفيذ من دون عوائق كبيرة، وهي اصعب بكثير من مشكلة الكهرباء والتي لم يتم حلها لحد الان، وتاثيرها السلبي كبير وعلى شريحة واسعة من العراقيين، وعلى الرغم من الابحاث والدراسات الكثيرة المطروحة حول ازمة المياه والحلول المقترحة بشأنها ومن جهات مختلفة كثيرة، الا ان جمهورا واسعا من العراقيين لا يزال يحتاج الى معرفة مسبباتها والمساهمة في كيفية انجاح بعض الحلول المطروحة، ونعتقد ان الحكومات المتعاقبة لم تأخذ بنظر الاعتبار اهمية وزارة الزراعة وضرورة مساهمتها في حل مشكلة المياه، او حتى تطوير الزراعة في العراق، فالمحزن ان وزراء الزراعة في العراق للسنوات الثماني الماضية لم يكونوا اصحاب اختصاص في اي من مجالات الزراعة لكي يضعوا بصماتهم على خطط واستراتيجيات الوزارة، فلقد انتقلنا من وزير حقوقي لا علاقة له بالزراعة الى مهندس مدني تولى وزارة الزراعة ولم نشهد له باي نشاط او مساهمة لا في ازمة المياه ولا في تنشيط الزراعة.
اكاديمي مقيم في الامارات .

13
هل أثّر سانت ليغو المعدل على نتائج الانتخابات الاخيرة
                                 
مهند محمد البياتي
اكاديمي مقيم في الامارات
يمتاز النظام الانتخابي المعمول به في العراق المسمى بنظام القائمة النسبية، بقلة الاصوات الضائعة فيه وامكانية تمثيل الاقليات والنساء بسهولة وبنسبية نتائجه وتشجيعه التعددية الحزبية وانعدام او قلة الحاجة فيه لترسيم الدوائر الانتخابية وانعدام الحاجة فيه للانتخابات الفرعية وسهولة اقتراع الخارج فيه، كذلك يحد من انتشار المناطق التي ينفرد فيها حزب واحد بالسيطرة عليها ولكنه يعاني من ضعف مساءلة ومحاسبة النواب بسبب ضعفه في التمثيل الجغرافي ويسهل وصول احزاب متطرفة للبرلمان ولا يمكنه من اقصاء حزب ما عن السلطة ويتسبب في ازدياد تشكيل الحكومات الائتلافية، لكنه يعطي قوة زائدة للاحزاب السياسية، لذلك هو ملائم بشكل ما للعراق ولكنه لا يعتبر النظام الافضل للعراق.
يحتاج هذا النظام لطريقة حسابية جيدة وعادلة لتوزيع المقاعد الانتخابية على كل حزب وحسب الاصوات التي حصل عليها، قد تكون طريقه الباقي الاكبر من افضل الطرق واسهلها على الفهم لاحتساب المقاعد الانتخابية، حيث يحصل كل حزب على عدد من المقاعد يتناسب كليا مع نسبه الاصوات التي حصل عليها في الدائرة الانتخابية، ساعطي مثالا بسيطا لتوضيح هذه الطريقه، فلو افترضنا إن هنالك منطقة انتخابية لها عشرة مقاعد وصوت فيها مائة ناخب وحصل فيها الحزب س على 25 صوت، الحزب ص على 21 صوت، الحزب ع على 18 صوت، الحزب ك على 9 اصوات، الحزب ل على 8 اصوات، الحزب م على 7 صوت، الحزب ن على 6 اصوات، واحزاب اخرى صغيره حصلت على صوت او صوتين بما مجموعه 6 اصوات وحاولنا توزيع المقاعد العشرة عليهم بنوع من العدالة وبحسب الاصوات التي حصلوا عليها، سنحتاج اولا لمعرف عدد الاصوات اللازمه للحصول على مقعد واحد والذي يسمى احيانا بالعتبة الانتخابية وهي تساوي عدد الاصوات الانتخابية الاجمالية الصحيحة مقسوما على عدد المقاعد، في حالتنا هذه هنالك مائة صوت يقسم على عشرة مقاعد، اي ان العتبة الانتخابية ستساوي عشرة واذا قسمنا  اصوات كل حزب على قيمة هذه العتبة الانتخابية، سنجد ان ناتج القسمه يتكون من عدد صحيح و كسر عشري وهذا العدد الصحيح سيمثل اولا عدد المقاعد التي سوف يحصل عليها كل حزب في البداية، اي ان الحزب س سوف يحصل على مقعدين وكذلك الحزب ص، في حين يحصل الحزب ع على مقعد واحد، اما بقية الاحزاب فليس لها شيئ في هذه المرحلة، واذا جمعنا هذه الارقام الصحيحة سنحصل على خمسة مقاعد، وستبقى لدينا خمسة مقاعد اخرى يجب توزيعها على الاحزاب، وتقتضي العداله ان توزع هذه المقاعد المتبقية على الاحزاب التي حصلت على اكبر الكسور وهنا نجد ان اكبر خمسة كسور متبقية هي للاحزاب ك، ثم للحزب ع، ثم للحزب ل، ثم للحزب م، واخيرا للحزب ن.
لقد استخدمت هذه الطريقه في كثير من الدول الاوربيه في بدايات تطبيق الانتخابات فيها في القرن التاسع عشر، لكن هذه الطريقه تعاني من مشكلة واحدة وهي ضرورة اعادة جميع الحسابات في كل مرة يحصل فيها تغير في عدد الاصوات لاي حزب بسبب الاعتراض او حدوث خلل في احتساب الاصوات او حرمان او انسحاب حزب ما من الانتخابات، حتى لو حصل تغيير في صوت واحد فقط، حيث يتم احتساب العتبة الانتخابية من جديد، ثم قسمة اصوات الاحزاب على العتبة الانتخابية الجديده لمعرفة حصة كل حزب من المقاعد النيابية.
لذلك اقترح عالم الرياضيات الفرنسي اندريه سانت ليغو طريقة رياضية اخرى عام 1912 لاحتساب كيفية توزيع المقاعد على الاحزاب، وسميت هذه الطريقة باسمه، وتعطي نفس نتائج طريقة  الباقي الاكبر او قريبة منها جدا، لكنها لا تحتاج لاعادة احتساب العتبة الانتخابية في كل مرة يتم فيها اكتشاف حصول خطأ ما في اصوات اي حزب، ثم اعادة احتساب المقاعد من جديد لكل حزب، خاصه ان العمليات الحسابية كانت تجري يدويا في تلك الايام، وطريقه سانت ليغو كانت تقتضي عمل جدول توضع فيه اصوات جميع الاحزاب بشكل تنازلي، ثم ناتج قسمه اصوات كل حزب على الارقام الفرديه المتسلسلة 1، 3، 5، ،7 و هكذا، بعدها يتم اختيار اعلى الارقام في الجدول والتي يكون عددها مساويا لعدد المقاعد، فاذا كان عدد المقاعد يساوي عشرون  مقعدا مثلا، يتم اختيار اعلى عشرون رقما في الجدول وتكون حصة كل حزب من المقاعد هو عدد الارقام الكبيرة التي تم اختيارها من الجدول والعائدة له، وهذه الطريقة لا تعتمد على حسابات العتبة الانتخابية، او حتى على عدد المقاعد، اذ يمكن استخدام نفس الجدول للحصول على اي عدد من المقاعد ومن دون اجراء اية حسابات اضافيه، ولا نحتاج لاعاده جميع الحسابات كلما حصل هنالك خطأ ما، فقط نحتاج الى اعاده حسابات  ارقام الحزب الذي حصل فيه الخطأ، وقد لا يكون مؤثرا اذا حصل نقص في اصوات حزب ليست له مقاعد منذ البداية، ولدقه هذه الطريقه فهي تستخدم في كثير من دول العالم الان مثل النرويج، السويد، المانيا، البوسنه، نيوزيلاند، النيبال، لاتفيا، كوسوفو، الدنمارك، بوليفيا، بولندا والعراق، وفي عام 1980 اثبت العالم الالماني هانس شيبرز رئيس فريق معالجة البيانات، اي رئيس مركز الحاسبه في البرلمان الالماني ان طريقه سانت ليغو تعطي نفس نتائج طريقة الباقي الاكبر وكذلك تمنع  خساره الاحزاب الصغيرة لاصواتها لذلك اعتمدت طريقه سانت ليغو في انتخابات برلمان المانيا منذ عام 2009 وكذلك في انتخابات برلمانات بعض المقاطعات الالمانية، اضافة لانتخابات البرلمان الاوربي. اذا رجعنا لمثالنا السابق البسيط، فسنجد ان الجدول المتكون من تقسيم اصوات الاحزاب على الارقام 1، 3، 5  سيعطي نفس نتائج طريقه الباقي الاكبر اي مقعدين للاحزاب س، ص، ع، ومقعد للاحزاب ك، ل، م واخيرا للحزب ن، ولقد حاولت بعض الدول القليلة اقصاء بعض الاحزاب الصغيرة و ذلك بابدال القسمة على الرقم 1 برقم اكبر، فقاموا بالقسمه على الرقم 1.4، واذا طبقنا هذه القسمه على مثالنا فسنجد ان مقاعد الحزب س ستكون 3 بدلا من اثنين، وسيخسر الحزب ن مقعده، واذا استخدمنا الرقم 1.7 بدلا من 1، كما جرى في العراق  حاليا، فسنجد ان الحزب م سيخسر مقعده ايضا لصالح الحزب ص، لتكون مجموع مقاعد ص ثلاثة مقاعد ايضا، وهنا نلاحظ ان الحزب ص، والذي لديه 21 بالمائه من الاصوات حصل على ثلاثة مقاعد اي 30 بالمائة من المقاعد، في حين ان الحزب م، والذي لديه 7 بالمائة من الاصوات لم يحصل على مقعد، اي لديه صفر  بالمائة من المقاعد، اي ان توزيع المقاعد لم تكن عادله باستخدام الرقم 1.7 .
الان وبعد اكتمال حساب الاصوات وتحديد المقاعد لكل حزب او تحالف باعتماد طريقه سانت ليغو المعدله باستخدام الرقم 1.7، والذي لم يستخدمه اي بلد في العالم سوى العراق، وبعد قيام المفوضية العليا المستقلة للانتخابات باعلان النتائج النهائية، يمكننا حساب الاثر الذي احدثه استخدام الرقم 1.7 بدلا من 1 و لجميع محافظات العراق، ولقد اعطت المقارنة نتائج مختلفه فيما بين المحافظات، وكانت هنالك سبعه محافظات وهي الأنبار، ميسان، السليمانية، المثنى، القادسيه، كربلاء  وواسط، لم تتغير نتائجها بسبب التعديل. لكن كانت هنالك اربعة محافظات وهي بابل، النجف، البصرة وذي قار، اثًر استخدام الرقم 1.7 على نتائجها، حيث خسرت حركة ارادة مقعدا كان من حصتها في ثلاث محافظات وهي بابل والنجف وذي قار، وكسب هذه المقاعد احزاب الحكمة وسائرون وتحالف الفتح وعلى الترتيب، وخسر حزب البناء والاصلاح مقعده في البصرة لصالح تحالف النصر. اضافة لذلك تسببت هذه الطريقه  في تغيير النتيجة بشكل اخر في سبع محافظات، اذ تم خساره مقعدين من احزاب لصالح احزاب اخرى، ففي بغداد خسر حزبا ائتلاف كفاءات للتغيير وتضامن مقعديهما لصالح دولة القانون وتحالف بغداد، وفي ديالى خسر ديالى التحدي ودولة القانون مقعد لكل واحد لصالح تحالف الوطنية وسائرون، وفي صلاح الدين خسر عراق الارض وسائرون مقعدا لصالح قلعه الجماهير والقرار العراقي، وفي كركوك خسر تحالف النصر وتحالف الفتح مقعدا لكل واحد منهما لصالح الاتحاد الوطني  الكردستاني وجبهة تركمان كركوك، اما في نينوى فلقد خسر تضامن والحكمة مقعديهما لصالح ائتلاف النصر والحزب الديمقراطي الكوردستاني، اما في اربيل فلقد خسر الاتحاد الإسلامي الكوردستاني والجماعة الإسلامية، مقعديهما لصالح الحزب الديمقراطي الكوردستاني والجيل الجديد، وفي دهوك خسر التحالف من أجل الديمقراطية والعدالة، والاتحاد الوطني الكوردستاني، وكسب المقعدان الحزب الديمقراطي الكوردستاني، اي حصل هنالك تغيير لثماني عشر مقعدا في عموم العراق، وكان اكبر الخاسرين هو حزب ارادة لثلاثة مقاعد، ثم تجمع تضامن لمقعدين وخسر الاتحاد الإسلامي الكوردستاني، والبناء والاصلاح،  والتحالف من أجل الديمقراطية والعدالة، والجماعة الإسلامية، وإئتلاف كفاءات للتغيير، وديالى التحدي، وعراق الارض مقعدا لكل واحد منهم، في حين كان اكبر الرابحين هو الحزب الديمقراطي الكوردستاني باربعة مقاعد، و كانت هنالك اربعة احزاب خسرت مقعدا، و لكن ربحت مقعدا في محافظة اخرى، وهي تحالف الفتح ودولة القانون والاتحاد الوطني الكوردستاني والحكمة، وهنالك حزبان كسبا مقعدين وخسرا مقعدا واحدا اي كسبا مقعدا واحدا بالمحصلة النهائية، هما ائتلاف النصر وسائرون، وكسبت ستة تحالفات مقعدا، وهي الجيل الجديد، القرار العراقي، تحالف الوطنيه، تحالف بغداد، جبهه تركمان كركوك، وقلعه الجماهير، ونستطيع القول إنه على مستوى العراق خسرت تسعة كيانات و معضمها صغيره 12 مقعدا، في حين فازت سبعه احزاب وتحالفات معضمها كبيره ومتوسطه وحتى صغيره على عشرة مقاعد، في حين تعادلت اربعة تحالفات كبيرة بالفوز والخسارة لمقعد واحد، وهنالك تحالفان هما النصر وسائرون  كسبا مقعدين ولكن خسرا مقعدا واحد لكل واحد منهم، اي كسبوا بالمحصلة مقعدا واحدا لكل منهما، والخسارة الموجعة كانت لحركة ارادة والتي خسرت ثلاث مقاعد واكبر الرابحين هو الحزب الديمقراطي الكوردستاني باربعة مقاعد.
وتؤكد نتائج الانتخابات على اساس الدوائر الانتخابية المتعددة المقاعد وكما هو معمول به في العراق والذي يسمى بنظام القائمه النسبيه، اهميه قيام الاحزاب والقوائم وحتى الافراد ذوي البرامج المتشابة بالاندماج في كتله واحده حتى يضمنوا عدم تفتت اصواتهم وامكانية حصولهم على مقاعد اضافية وخاصه ان القسمه على 1.7 او 1.4 يعاقب فقط الاحزاب و التحالفات التي تفوز بمقعد واحد فقط على مستوى المحافظة، و تستفيد منها الاحزاب الكبيره في معظم الاحيان، نعتقد بان تغيير القسمه على قيمه غير الرقم 1  في نظام سانت ليغو هو اجراء غير عادل، ويحرم كثير من القوائم الصغيرة لاستحقاقها الانتخابي، والاستفادة ليست بتلك المؤثرة في كثير من الاحيان للاحزاب الكبيرة، ولا تُغير معدلات الاستحقاقات النيابيه بشكل كبيراو مؤثر، لكنها غير عادلة لانها تحرم بعض القوائم الصغيرة من استحقاقها الانتخابي، ومن الضروري جدا مراجعه النظام الانتخابي المعمول به حاليا بالكامل واستخدام انظمة اكثر موالمة للعراق مما معمول به حاليا، و لبدء بنقاشه منذ الان، لكي يكون جاهزا للانتخابات القادمه.

صفحات: [1]