3
_1_
صباح الخير .. يا حلوة..
صباح الخير .. يا قديستي الحلوة..
مضى عامان يا أمي
على الولد الذي أبحر
برحلته الخرافية..
وخبأ في حقائبه..
صباح بلاده الأخضر
وأنجمها. وأنهرها . وكل شقيقها الاحمر..
وخبأ في ملابسه
طرابينا من النعناع والزعتر..
وليلكة دمشقيه ..
_2_
أنا وحدي..
دخان سجائري يضجر
ومني مقعدي يضجر
وأحزاني عصافير . تفتش بعد عن بيدر
عرفت نساء أوروبا..
عرفت عواطف الاسمنت والخشب
عرفت حضارة التعب..
وطفت الهند . طقت السند..
طفت العالم الاصفر
ولم أعثر..
على امرأة تمشط شعري الاشقر
وتحمل في حقيبتها الي عرائس السكر
وتكسوني اذا اعرى
وتنشلني اذا أعثر
أيا امي .. أنا الولد الذي أبحر..
ولا زالت بخاطره
تعيش عروسة السكر
فكيف.. فكيف.. يا أمي
غدوت أبا .. ولمأكبر ؟..
_3_
صباح الخير من مدريد..
ما أخبارها الفله؟
بها اوصيك يا أماه
تلك الطفلة الطفله..
فقد كانت أحب حبيبة لأبي.
يدللها كطفلته..
ويدعوها الى فنجان قهوته..
ويسقيها.. ويطعمها
ويغمرها برحمته..
ومات أبي..
ولا زالت تعيش بحلم عودته
وتبحث عنه في أرجاء غرفته..
وتسأل عن عباءته..
وتسأل عن جريدته..
وتسأل حين يأتي الصيف عن فيروز عينيه
لتنثر فوق كفيه..
دنانيرا من الذهب...
_4_
سلامات.. سلامات..
الى بيت سقانا الحب والرحمه..
الى أزهارك البيضاء..
فرحة ( ساحة النجمه ) ..
الى تختي . الى كتبي .
الى اطفال حارتنا..
وحيطان ملأناها بفوضى من كتابتنا ..
الى قطط كسولات
تنام على مشارقنا ..
وليلكة معرشة على شباك جارتنا ..
مضى عامان .. يا أمي
ووجه دمشق ..
عصفور يخربش في جوارحنا ..
يعض على ستائرنا ..
وينقرنا برفق من أصابعنا..
مضى عامان يا أمي ..
وليل دمشق .. فل دمشق ..
دور دمشق ..
تسكن في خواطرنا ..
ماذنها .. تضيء على مراكبنا ..
كأن مأذن الأموي قد زرعت بداخلنا
كأن مشاتل التفاح تعبق في ضمائرنا
كأن الضوء والأحجار ..
جاءت كلها معنا ..
_5_
أتى أيلول أماه ..
وجاء الحزن يحمل لي هداياه
ويترك عند نافذتي
مدامعه وشكواه
أتى أيلول أين دمشق ؟
أين أبي وعيناه ؟
وأين حرير نظرته. وأين عبير قهوته
سقى الرحمن مثواه ..
وأين رحاب منزلنا الكبير . وأين نعماه ؟
وأين مدارج الشمشير .. تضحك في زواياه ؟
وأين طفولتي فيه ..
أجرجر ذيل قطته ..
واكل من عريشته
أقطف من ( بنفشاه )
دمشق . دمشق .
يا شعرا ..
على حدقات أعيننا كتبناه ..
ويا طفلا جميلا
من ضفائره صلبناه
جثونا عند ركبته
وذبنا في محبته
الى أن في محبتنا قتلناه ...
ابن العراق