عرض المشاركات

هنا يمكنك مشاهدة جميع المشاركات التى كتبها هذا العضو . لاحظ انه يمكنك فقط مشاهدة المشاركات التى كتبها فى الاقسام التى يسمح لك بدخولها فقط .


الرسائل - محمد حسن الساعدي

صفحات: [1]
1
زيارة السوداني الى واشنطن... الدلالات والنتائج.
محمد حسن الساعدي
بات من المنطقي جداً أن زيارة أي رئيس وزراء عراقي الى الولايات المتحدة الامريكية تعني قبولاً بالواقع السياسي الجديد للعراق،وعلى واشنطن أن تتعامل مع هذا الواقع ليس وفق رغبتها فحسب بل هو إرادة سياسية عبرت عن صوت الشارع العراقي والذي جاء عبر صناديق الاقتراع،بالمقابل يدرك السيد السوداني أن زيارته إذا لم يكن مرحب بها في البيت الابيض،فهذا يعني أنه سيواجه عقبات كبيرة في سيرته وعمله السياسي والتنفيذ،لذلك بالفعل كانت الزيارة لافتة ومهمة وحظيت باهتمام كبير من قبل الادارة الامريكية، من حيث الاستقبال والاهمية،إذ ترأس فيها السيد السوداني وفداً مهماً كان فيها على رأس طاولة المفاوضات.
الزيارة الى الولايات المتحدة التي تستغرق أسبوعاً واحداً تضم لقاءً مع الرئيس الامريكي جو بادين في 15 من نيسان الجاري،وعقد جلسات جانبية مع كبرى الشركات الامريكية بالاضافة الى اللقاءات مع الجالية العراقية في أميركا،وسيركز الوفد على مناقشة العلاقة بين بغداد وواشنطن وتفعيل دور الاتفاقية الاستراتيجية بين البلدين وعلى الوجود العسكري الامريكي في العراق،بالاضافة الى ملفات أخرى كالعقوبات على المصارف العراقية والعلاقات الاقتصادية والامنية والثقافية،لذلك فان القوى السياسية العراقية تنظر الى هذه الزيارة بعين الحذر لان نجاحها يعني انتقال العراق من مرحلة الى مرحلة جديدة،خصوصاً مع وضع جدول زمني لانسحاب القوات الامريكية من العراق،أو الاتفاق على الخطوط العريضة لمهمة القوات الامريكية القادمة،كما من المتوقع سيكون هناك رفع للعقوبات على بعض المصارف العراقية المدرجة في القائمة السوداء الامريكية،بالمقابل فأن واشنطن تنظر الى الزيارة على انها خطوة إستراتيجية في وضع العراق على طريق الاستقرار السياسي،خصوصاً مع الاستقرار الامني في البلاد والذي انعكس بصورة إيجابية على الوضع السياسي وتفعيل نلف الاستثمار والمشاريع العمرانية الكبرى،وربما سيكون دافع لواشنطن باتجاه تشجيع الشركات الامريكية على الدخول الى السوق العراقية خصوصاً في مجال الطاقة والكهرباء والبنى التحتية الاخرى،وهذا ما تعمل عليه بغداد لتكون نقطة توازن وتهدئة في منطقة الشرق الاوسط ولجميع الاطراف الاقليمية والدولية.
تنظر واشنطن للسيد السوداني على انه شخصية سياسية تجسد واقع وأحلام وتطلعات الشعب العراقي،ويبدو أنه نجح الى حد ما داخلياً ويريد أن يتفوق أقليمياً ودولياً ويثبت نجاحه في هذه الملفات المعقدة،ويعيد ثقة المجتمع الدولي بالعراق الجديد ويعكس واقع الديمقراطية المنتجة التي استطاعت أن تضع مبدأ التبادل السلمي للسلطة بعد سنوات من التفرد والظلم والديكتاتورية،وعكس صورة معقولة للحكم في العراق،ويحاول الآن أن يصل الى الشبكات المعقدة للعلاقات الدولية بشكل عام والتي منها الولايات المتحدة الامريكية،لذلك يدرك السيد السوداني أن زيارته فيها الكثير من المحطات المهمة وأن يعمل جاهداً من أجل عكس صورة جيدة للحكم وللديمقراطية في البلاد.
الزيارة ستحقق هدفاً ومرحلة جديدة للشراكة الاستراتيجية بين بغداد وواشنطن،والتي بالتأكيد ستكون الداعم لسيادة العراق واستقلالية قراره السياسي والسيادي،والتأكيد على أبعاده عن أي صراع محتمل في المنطقة خصوصاً في ظل الصراع الدائر بين إيران وإسرائيل وبتدخل مباشر مع المجتمع الدولي،لذلك يدرك الجميع سواءً القوى السياسية أو حكومة السيد السوداني أن هناك عمل مضني ومهم ينتظرها في إبعاد العراق من أن تكون أرضه ساحة حرباً للآخرين بل على العكس ان يكون طاولة للحوار وتقريب وجهات النظر ين جميع الاطراق المتصارعة،كما على الحكومة العراقية فتح ملف علاقات العراق مع العالم والبدء بأطلاق رسائل المطمئنة بأن العراق بدأ يتعافى وقادر على اتخاذ قراراه بنفسه بعيداً عن أي تأثير داخلي أو خارجي ممكن أن يؤثر على استقلالية العراق السياسي والسيادي.
 

2
الحقائق الاستراتيجية لحروب القوى العظمى في الشرق الاوسط.
محمد حسن الساعدي
الحروب الفاشلة في العراق وأفغانستان وما عملته القوى الغربية بدعوى(الربيع العربي) والذي لم يحقق شيئاً سوى زيادة العداء لواشنطن،وإزدياد الاصوات الداعية لضرورة إخراج كل القوات الاجنبية وتحديداً الامريكية منها من الشرق الاوسط، لذلك تبلور توافق داخل الدوائر الرسمية في واشنطن وبشقيها(الديمقراطي والجمهوري) باتجاه إخراج القوات الامريكية والحد التدريجي من الوجود العسكري فيها واستبداله بالاستثمار السياسي والاقتصادي ليكون بديلاً لنفوذها فيها.
المحور الآخر كالصين وروسيا وكوريا الشمالية تدفع باتجاه تطوير علاقاتها التجارية والاقتصادية وفق مبدأ استراتيجي يعتمد على الطلب المتزايد على استيراد الطاقة مع بلدان الشرق الاوسط وشمال أفريقيا،والذي أتاح لهذه البلدان النفوذ الواسع فيه، كما أن تراجع النفوذ الامريكي في المنطقة أتاح لهذه الدول العودة للشرق الاوسط بعد غياب،خصوصاً روسيا التي غابت عن المشهد في أعقاب إنهيارالاتحاد السوفيتي بداية التسعينات من القرن الماضي،ما اتاح لواشنطن الدخول بعد أحداث عام 1991 وحب الكويت،وما تلاها من أحداث 11 سبتمبر وغزو العراق وأفغانستان والذي سبب استنزاف هائل لقدرات الولايات المتحدة العسكرية والسياسية،والتأثير السلبي على صورتها في عموم العالم العربي والاسلامي.
توقف التراجع العسكري الامريكي بعد الحرب (الروسية-الاوكرانية) 2022،وأعادت واشنطن فكرة تواجدها بقوة، واحتياجها الى الحلفاء في المنطقة للسيطرة على الطاقة وأسعارها،أو لحشد الاصوات والتأييد الدولي لمواقفها ومواقف القوى الغربية لمواجهة روسيا والصين او لمنع تمدد نفوذها وقطع العلاقة فيما بينهم وبين إيران والخليج.
أن الكيفية التي سيتطور فيها الصراع في غزة سيكون لها آثار سلبية على الاقتصاد العالمي،والذي يعاني فعلاً من الصدمات إذ ان سلسلة من الأحداث الكارثية قد تمتد إلى الخليج نفسه والتي يمكنها أن تؤدي إلى الصراع بين القوى العظمى بالإضافة ان الانظمة في المنطقة ممكن لها أن  تتزعزع على أثر الغضب الشعبي بسبب فشلها في إدارة هذا الصراع ومحاولة تخفيف حدته او مساعدة مدينة غزة المحاصرة.
الحرب المفروضة على غزة 2023 وكلفتها الانسانية والاقتصادية الباهظة،بالاضافة الى تداعياتها السياسية والامنية على المنطقة،ويبدو من خلال تسارع الاحداث انه بات بعيد المنال،وبالقراءة الواضحة لمجريات الاحداث في فلسطين وعموم المنطقة بالإضافة الى احداث البحر الاحمر،والتي جاءت لتعيد واشنطن الى خانة التدخل المباشر في المنطقة مرة اخرى،وإعادة هيمنتها وتوظيف كل قدراتها ومواردها من أجل دعم الكيان الاسرائيلي،ومحاولة تقويض أي تحرك لمنافسيها في المنطقة، وإيجاد أرضية مناسبة لاستكمال الدمج الاقليمي لتل أبيب بالتطبيع فيها وبين دول المنطقة.
 

3
هل آن أوان الخروج من العراق ؟!
محمد حسن الساعدي
صدرت العديد من التقارير من مؤسسات تحليلية تؤكد ان قوات التحالف كان يمكنهم تجنب قتل ثلاثة من جنودهم في قاعدة التنف على الحدود(السورية الأردنية العراقية) والتي تم استهدافها بصواريخ المقاومة،والذي ينبغي أن يكون دافعاً لتسريع خروجها من سوريا والعراق،وكان ينبغي عليها أن تقلل المخاطر المحدقة بجيوشها المنتشرة في منطقة الشرق الاوسط،وأن عملية التصعيد التي تمارسها خطأ ربما يؤدي الى زيادة التوتر والمواجهة.
المهمة التي من أجلها جاءت قوات التحالف الدولي الى المنطقة قد انتهت بنهاية عصابات داعش الارهابية،ويمكن أن يكون هناك استخدام التقنيات الحديثة في مراقبة المنطقة من خلال القواعد السكرية الثابتة في تركيا أو قطر او الكويت،بدلاً من الدخول في صراع ربما يدخل المنطقة في حرب لا تنتهي سريعاً،وتكون وطأتها أشد على التحالف الدولي،والذي لا يسعى لأي اقتتال يخسره المزيد من الارواح بجنوده،ويعزز حالة الصراع الدائم فيها.
مازالت هنا بعض الرؤى التي تعزز فرضية ان الضربات الموجهة الى القواعد العسكرية في سوريا والعراق توفر الامن لقوات التحالف الدولي،وان الخطر ينحسر بوجود هذه الضربات،ولكن هذا التحليل لا يصمد أمام الواقع الحقيقي لطبيعة المنطقة،وطبيعة القوة العسكرية المتواجدة فيها،كما انه يسيء لفهم المنطقة لطبيعة التحديات والمخاطر المحدقة فيها لذلك بات من الضروري النظر الى مستقبل المنطقة بدون التحالف الدولي لأن هناك العديد من الدول تريد خروج القوات الامريكية منها كـ(تركيا،العراق،سوريا) حيث يعاني الشعب السوري من حصار اقتصادي خانق العقوبات الامريكية بالإضافة الى وجود قوات أمريكية تحتل 30% من الاراضي السورية ويقومون بسرقة النفط من آبارها.
الحكومة العراقية تعرضت للكثير من الاستفزاز من قبل التواجد الامريكي في البلاد،خصوصاً بعد استهداف عدد من القيادات في الحشد الشعبي،والذي ادى الى تصاعد وتيرة الهجمات التي تشنها فصائل المقاومة على القواعد العسكرية سواءً في العراق او المنطقة عموماً،كما أن واشنطن وجدت نفسها بمواجهة مباشرة مع الحكومة العراقية،إذ أن الحشد الشعبي يعد احدى التشكيلات العسكرية التابعة للقوات الامنية برئاسة القائد العام للقوات المسلحة ما يعني أن المواجهة باتت واضحة ومباشرة.
أن حالة إشعال المنطقة لن يحل أي مشكلة فيها،ولن يحل أي خلاف بين الدول المتصارعة،خصوصاً مع الدعم اللامتناهي لتل أبيب في حربها ضد الشعب الفلسطيني وتحديداً في غزة،وهذا ما أجج المشاعر المعادية للغرب في جميع إنحاء العالم،كما ان قوى المقاومة في المنطقة لا يمكن الانتصار عليهم أو دحرهم بالقوة والضربات الانتقامية، خصوصاً مع حالة الظلم التي تعرضت لها هذه الشعوب في المنطقة وأن فكرة تواجد الجنود الأمريكان في معسكرات في الصحراء منتشرة بمساحات كبيرة لا يمكن الاعتماد عليه كثيرا ويبقى مجرد آمال لا يمكن تحقيقها فلا الشعوب تقبل بهذا الامر ولا الحكومات سوف تستمر بدعمهم وحمايتهم.
 

4
الشرق الاوسط واحتمالية المواجهة المقبلة !!
محمد حسن الساعدي
الحرب الهمجية التي تقودها إسرائيل على غزة منذ اكثر من 115 يوم بدأت تلقي بظلالها على المشهد في الشرق الاوسط وتنذر باندلاع صراع أقليمي،فمنذ تشرين الاول من العام الماضي شنت الطائرات الامريكية عدداً من الغارات على اهداف في لبنان والعراق وسوريا واليمن وعلى الرغم من رغبتها بعدم اتساع الحرب،حيث تسعى الادارة الامريكية الى مساعدة الكيان الاسرائيلي على الفوز بحرب غزة وفي نفس القوت يسعى الى منع انتقال الصراع الى حرب أقليمية،ويبدو أن تحقيق الانتصار أصبح أكثر صعوبة،خصوصاً مع قيام محور المقاومة في الشرق الاوسط بالقيام بعمليات نوعية مهمة سواءً على الجبهة اليمنية أو العراقية او السورية أو غيرها من جبهات باتت مفتوحة للمواجهة مع إسرائيل .
أصبح من الواضح جداً أن واشنطن وتل أبيب تسعيان الى توسيع الصراع الى حرب إقليمية في محاولة لكسب المزيد من التعاطف الدولي،وجر الانتباه عما عملته دولة مثل جنوب أفريقيا والتي اعتبرت الحرب التي تشنها إسرائيل على الشعب الفلسطيني وتحديداً في غزة على انها إبادة جماعية،وهي تكشف للعالم بشاعة السياسية الامريكية وفقدانها لركائز الاخلاق ومبادئ الحرية والاحترام التي تطلقها وتنادي بها دائماً،وما يؤكد ذلك إرسالها أسلحة ومساعدات عسكرية بمليارات الدولارات الى إسرائيل والآن أصبحت واشنطن شريكة في حرب الابادة الجماعية على الشعب الفلسطيني في غزة.
الادارة الامريكية وعبر وزارة خارجيتها تجاوزت الكونغرس أكثر من مرة واستخدمت قانون الطوارئ الذي يجيز لها إرسال الاسلحة والمساعدات العسكرية الى إسرائيل،بل اكثر من ذلك فهي تمتلك أكثر من 57 الف جندي امريكي منتشرين في الشرق الاوسط وبالتحديد في منطقة غرب آسيا،بالاضافة الى وجود قوات العمليات الخاصة والتي لم يعلن عنها،وتقوم هذه القوات بضربات متنوعة وهذا ما جرى في استهداف قطعات من الحشد الشعبي والتي تعد جزء من القوت الامنية العراقية،ما يعني ان هناك استهداف لقوات الامن العراقية من قبل واشنطن،بالمقابل هناك دعوات من قبل القوى السياسية العراقية ومن قبله البرلمان العراقي في ضرورة تحديد جدول وآلية شفافة لخروج القوت القتالية من العراق، وجاء رد البنتاغون على هذه المطالب بان "من غير المرجح أن تغادر القوات الامريكية العراق في أي وقت قريب".
الهجمات الأمريكية والإسرائيلية على دول المنطقة تثير شبح حرب إقليمية أوسع، الى جانب أن الواقع يتحدث أن واشنطن وتل أبيب في حالة حرب بالفعل مع اليمن والعراق وسوريا ولبنان، كما بات من الواضح أن الهدف الرئيسي للحروب الاستعمارية الجديدة الأمريكية والإسرائيلية في غرب آسيا هو الهيمنة على المنطقة، إذ وبعد هجمات 11 ايلول 2001 وضعت واشنطن خططًا للإطاحة بحكومات سبع دول في المنطقة في خمس سنوات.
العراق مارس دوراً ايجابياً كبيراً في التهدئة في المنطقة، ولكن يبقى العامل الدولي وتأثيراته على الصراع الدائر فيها،وإيقاف العدوان الاسرائيلي على غزة وفتح المعابر وتقديم المساعدات وغيرها من ظروف تخفف عن كاهل الفلسطينيين ووضح ملامح العلاقة بين واشنطن الشرق والتي تبدأ من العراق.

5
موقف العراق من الوضع الاقليمي .
محمد حسن الساعدي
على الرغم من التغييرات الجوهرية التي حدثت على النظام السياس العراقي،الا ان مواقفه لم تتغير من مجمل القضايا الاقليمية والتي تتعلق بالمنطقة عموماً،فكانت قضية فلسطين والقدس هي القضية الام وتحضى باهتمامه وأنعكس ذلك من خلال موقف المرجعية الدينية العليا من القدم،وكيف كان ومازال في الوقوف مع الشعب الفلسطيني في إقامة دولتهم الفلسطينية وعاصمتهم القدس.
الحرب الاخيرة التي شنتها إسرائيل على مدينة غزة غيرت التوازنات الاقليمية والدولية مثلما تغيرت المواقف العربية والاسلامية منها،وتبددت كل الآمال التي كان يتطلع لها الفلسطينيين في موقف مشرف من الوضع الاقليمي والدولي،لذلك كانت المشاهد والصور القادمة من غزة،مثيرة لغضب الشعوب العربية وتحديداً العراق الذي سارع بالدعم الثابت لقضية فلسطين،وإعلان تأييده الكامل لحقوق الشعب الفلسطيني في إقامة دولته.
العراق زاد من تواصله الدبلوماسي مع ملك الاردن عبدالله الثاني وكذلك مع الرئيس المصري وامير دولة قطر ورئيس جمهورية أيران وآخرين من أجل التوصل الى أتفاق لإيقاف الحرب على الابرياء العزل،وتجنب تصعيد الحرب وتوسيعها الى مناطق اخرى في المنطقة،وإدخال المساعدات الى غزة وركزت حكومة السيد السوداني على الاحتياجات الانسانية لسكان غزة.
بالمقابل هناك تباين للمواقف من القوى السياسية في العراق من الاحداث في غزة،فالقيادات الكردية والسنية أكثر صمتاً من ردود إفعالهم،إذ اعرب رجال الدين وآخرين عن دعمهم لغزة ولكنهم دعوا الى موقف عراقي موحد،وفي نفس الوقت كانت حكومة إقليم كردستان اكثر حذراً،ويبدو أنهم لا يريدون استعداء واشنطن والابقاء على حسن النية في علاقتهم مع الغرب.
يبقى الموقف معلقاً على ما يحدث في غزة،وتبقى المواقف متذبذبة في توضيح الموقف،ولكن المعول على مواقف الجماهير التي عبرت وتعبر في أكثر من مناسبة عن موقفها الصارم من القضية الفلسطينية وضرورة أن يكون للشعب الفلسطيني أرضاً وبلداً حر ،يعيش فيه بحرية دون أي تهديد يومي لحريته في بلده، كما أن المجتمع الدولي لم يبقى له عذراً أمام الهمجية الصهيونية وكيف عبر عن وحشيتهم في قتلهم للأطفال والابرياء في مستشفى المعمداني الاهلي والذي راح ضحيته الآف من الشهداء والجرحى،وأن يوقف إراقة الدماء واعترافه بان ما جرى في غزة هي مذبحة جماعية وأن الحرب غير متكافئة بين الطرفين،مع السعي الى إيجاد حل ونهائي وجذري عبر إنهاء وجود الكيان الصهيوني الغاصب على الاراضي المغتصبة والمحتلة وكما عبر سماحة الامام السيد السيستاني في بيانه الاخير الذي شجب الافعال البربرية للكيان الصهيوني الغاصب للأراضي الابراهيمية.
 

6
حكومة السوداني...تقييم موضوعي.
محمد حسن الساعدي
يتعلق الذين يستهدفون حكومة السيد السوداني بأنها حكومة الاطار التنسيقي،وانها جاءت بفرض الاخير في حين أن هذه الحكومة ولدت من رحم التحالف الثلاثي الذي جمع القوى السياسية(السنية-الشيعية-الكردية) وأن أي نجاح لهذه الحكومة فسوف يكون نجاح للكل،وأما الفشل كذلك فهو من نصيب الكل ولكن ما زالت هناك عقبات تقف عائقاً أمام أي تقدم لهذه الحكومة آلا وهو الفساد المستشري في مؤسسات الدولة كافة والمتكئ على المحاصصة السياسية التي أفقدت النظام السياسي قوته وجعلته يقف عائقاً أمام تسلط الاحزاب النافذة التي أمست أكثر قدرة في التحكم بالنظام السياسي.
أصبح ملف تقديم الخدمات يشكّل أزمة حقيقية بالنسبة للحكومات السابقة منذ عام 2003 بسبب مافيات الفساد وعمليات النصب والاحتيال على العقود والمشاريع بالإضافة الى غياب الارادة السياسية في تقديم الخدمة للشعب العراقي لذلك ومنذ تسلم السوداني رئاسة الوزراء بعد مخاض عسير في تشكيل الحكومة وهي تسعى الى أن تكون هناك بصمة يراها المواطن،فذهب الى ملف الخدمات ليكون نقطة انطلاقة نحو التغيير والتطوير فعمد الى بناء وفتح الطرق والحسور السريعة،وإعمار المستشفيات وعقد العديد من العقود في المجال النفطي ومقايضة الغاز مقابل النفط مع طهران،من أجل توفير الغاز لمحطات توليد الطاقة الكهربائية،وإكمال الموازنة لثلاث سنوات،بالاضافة الى الاعداد والاستعداد لإجراء انتخابات لمجالس المحافظات والتي يعول عليها الشعب العراقي في تغيير واقعه المأساوي.
بالرغم من حالة الرضا النسبي من المجتمع العراقي عن تقديم الخدمات العامة،الا أن حكومة السوداني لم تذهب الى معالجة الاسس السياسية لتلك الخدمات والتي مازالت تؤثر فيها الارادة السياسية والحزبية والفساد المستشري الذي لا يسمح لأي تقدم ولو بخطوة واحدة باتجاه الاعمار وتطوير البنى التحتية،بل ان هناك انطباع لدى عموم العراقيين بأن حكومة السوداني سوف لن تختلف كثيراً عن سابقاتها من الحكومات المتعاقبة بعدا عام 2005،وذلك لان القوى السياسية هي نفسها من تمارس دور المتسلط على المشهد الحكومي،وتضع يدها في كل شيء يخص الحكومة،ومثال تأكيدي على ذلك هو إعلان السوداني عن نيته إجراء تعديل وزاري واستبدال عدد من المسؤولين ممن لديهم تراجع في الأداء الحكومي لوزاراتهم ولكن ذلك لم يتحقق ويرجع ذلك على الارجح الى الضغوطات التي تمارسها بعض القوى السياسية المتنفذة على المشهد السياسي وإصرارهم على ان يكون أي بديل من داخل كتلهم وأحزابهم.
لا يكفي إجراء الاصلاحات على الحكومة ما لم يعقبها إجراء نفس الاصلاحات على النظام السياسي من خلال تغيير شكل هذا النظام وإلغاء المحاصصة بكل ألوانها وتوفير الخدمات العامة والذي بالتأكيد يتطلب إدارة سياسية تتخطى الضغوط التي تمارسها القوى السياسية على الحكومة وكيفية التركيز على تحقيق ما يلامس حياة الناس لان الناح الحقيقي سيكون من خلال الاصلاحات الداخلية الحقيقية لذلك فان امام حكومة السوداني فرصة مهمة لتحقيق النجاح خصوصاً وأن العراق بأمس الحاجة الى الادارة الناجحة وتطبيق الحوكمة وإعادة هيكلة القطاع العام عبر الشراكات بين القطاعين العام والخاص، وان يعمل السوداني جاهداً من أجل أقناع القوى السياسية بهذه الاصلاحات،والا فعليه البقاء ثابتاً في مواجهة الضغوط،وهو أسلوب تعودته القوى السياسية لتنفيذ إرادتها وجعل الحكومات أسيرة بيدها.

7
هل ما زال العراق يبحث عن الدعم العسكري الامريكي؟
محمد حسن الساعدي
بالرغم من أنه واقعاً لم تعد هناك حاجة، لوجود قوات قتالية أجنبية في العراق، إلا أن وجود "مستشارين" يشكلون جزء مهم من هذه القوات المتواجدة، الموجود، بادعاء حربها على الإرهاب، وبعد مرور اكثر من ست سنوات، على انتهاء الحملات العسكرية ضد داعش، الا أن العراقيين جميعاً لم يلمسوا موقفاً رسمياً ولو واحدا، لدعم بلدهم وفق المعاهدة الاستراتيجية، بين الولايات المتحدة والعراق، والتي شملت أبوابا متعددة ولم تقتصر على الجانب العسكري فقط .
رئيس الوزراء العراقي محمد شياع السوداني، تحدث في اجتماع الجمعية العامة للأمم المتحدة في نيويورك، عن توجهات العراق الجديدة، نحو أنهاء وجود التحالف الدولي بقيادة واشنطن، حين أكد أن القوات العراقية وبمختلف صنوفها القتالية، قادرة على مواجهة أي تحدي يهدد البلاد وشعبها، وأنها قادرة على بسط الأمن على كافة أراضيها بعد خروج القوات الأجنبية.
بالرغم من ذلك فقد ارتفعت أصوات هنا او هناك مؤخراً، تنادي ببقاء هذه القوات، لأنها تعتقد بأن الوجود الأمريكي أمر حيوي لاستقرار العراق، وأن هناك فجوات في داخل البنية الهيكلية للقوات الامنية، في حين يرى القادة الأمنيون، ان القوات الامنية قادرة على ضبط الأمن، وصد أي هجمة من أي تهديد ضد بلدهم..وأن وقت أي وجود عسكري أجنبي، سواءً مدربين أو مستشارين أو غيره قد انتهى تماماً.
بغض النظر عن وجود الجيوب المتبقية من عصابات داعش في العراق، الا أن العراق أصبح بلداً اكثر أستقراراً من الناحية الامنية، بالإضافة لتصاعد قدرة قواته الامنية، على التدخل في أي اشتباك عسكري مع هذه العصابات وحسمه بسرعة، ما يعني أن هذه القوات أمست قادرة على حفظ امنها وامن المواطن، ولا تحتاج لوجود أي دعم لها "أن وجد" بالإضافة الى تكبد العراق كلفا مالية، والتي ينبغي ان تصرف على جوانب اخرى تلامس حياة المواطن العراقي.

8
الدينار العراقي يلاعب الدولار في الوقت الضائع
محمد حسن الساعدي
مرة أخرى يعود اللاعب الرئيسي في الملعب، ليتحكم بالحركة الاقتصادية للعراق وتعود واشنطن لتفرض نفسها هي(الكابتن) وتقود المباراة، خصوصاً وان الشعب يعلم جيداً، من يقود هذه اللعبة ويتحكم بأشواط المباراة..
مرة نراها راضٍية عن الأداء الحكومي، وطريقة تعاطيها الاقتصادي مع البنك الفيدرالي الأمريكي، أو مع متطلبات البنك الدولي، واخرى نراه يخرج لنا بضوابط جديدة، لتحكم حركة الدولار وتعلن عن ضوابط عقابية جديدة، لمصارف أهلية عراقية، تخالف عمليات البيع والشراء، في السوق المحلية للعملة.
الذريعة التي مازالت واشنطن متمسكة بها، هي أن العراق غير ملتزم بالضوابط، التي وضعها البنك الفيدرالي، في الحد من تهريب الدولار الى الخارج، وخصوصاً إيران الخاضعة لعقوبات أمريكية شديدة، وتعتقد ان بغداد لا زالت لم تعمل ما هو مطلوب منها، في إيقاف التهريب للعملة سواءً من أقليم كردستان او منافذ اخرى، ترتبط بالجارة إيران .
العراق من جهته، وعلى الرغم من الجهود التي تبذلها حكومة السوداني، في منع تهريب الدولار إلى الخارج وملاحقة التجار والمهربين، ومسك السوق الداخلية، والتأكيد على استخدام الدينار بدل الدولار، في التعاملات التجارية اليومية إلا ان هذه الجهود مازالت قاصرة، في كبح جماح هذا التهريب لذلك سعى لإيجاد خطط بديلة من خلال التعامل بعملة أخرى غير الدولار، من أجل تخفيف الطلب عليه وفتح المجال للتداول بعملات أخرى وتقديم الدعم لتمويل التعامل الخارجي للبلد، باستخدام عملات مثل (اليورو،اليوان الصيني،الدرهم الإماراتي).
بالرغم من كل الإجراءات، التي يقوم بها البنك المركزي العراقي إلا انه مازال يفتقر الى آلية التحكم بحركة الدولار في السوق ،وجميع خطواته الاصلاحية فشلت، في السيطرة على سعر الصرف، ولم تؤدي إلا الى تفاقم الازمة، و تراجع الثقة بين العراق والبنك الدولي ما دعا الأخير ليقوم بخطوات تصعيدية وصارمة، تجاه طلبات المعاملات الدولية الواردة من العراق حيث تم رفض كثير منها، بحجة عدم مطابقتها مع معايير التعامل الاقتصادي الدولي بالإضافة الى إدراج عدد من المصارف في القائمة السوداء، والتي يشتبه بقيامها بتعاملات نقدية غير مرخصة.
السياسة النقدية الخاطئة، التي يمارسها البنك المركزي العراقي، من شأنها أن تعكس الواقع المالي السلبي وبدائية الجهاز المالي وفقره لأبسط الوسائل الحديثة في التعامل المالي اليومي بالإضافة الى سيطرة مافيات الجريمة، على السوق العراقية الداخلية، وتحكمها بحركة الدولار في داخل السوق كما  أن الحكومة الحالية تخطط للسيطرة على الدولار، في سبيل تحقيق التنمية الاقتصادية، وترصين وتثبيت قيمة الدينار، عبر توسيع نطاق استخداماته التجارية، إضافة إلى منع تهريب الدولار إلى الخارج، أو تخزينه أو تلاعب بأسعاره..
‏الجانب الإيجابي هو محاولة إبعاد تأثير الدولار على السوق العراقية الداخلية، ومنع تداوله في محاولة لإعادة هيبة الدينار، وأن يكون هو المسيطر على السوق الداخلية على الأقل، ما يعني أن هناك فرصة مهمة لإعادة هيبة الدينار، كسابق عهده و اقتصار الدولار على التعاملات الخارجية مع العالم، كما أن الإيجابي في هذه القرارات، هو ان دعم الدينار سينهي سيطرة التجار على السوق الداخلية، والتلاعب بمقدرات وأرزاق المواطن البسيط.
العراق يتطلع للانضمام إلى كتلة البريكس، في خطوة لإنهاء الاعتماد على الدولار الأمريكي خصوصا وأن هناك مقبولية لدى المواطن، بالاعتماد على الدينار العراقي في تعاملاته ومن المؤمل أن تعقد قمة بريكس اجتماعها في كيب تاون بجنوب أفريقيا في آب 2023،وقدمت 19 طلباً رسمياً للانضمام للتحالف ما قد يؤدي إلى الإضرار بقيمة الدولار وآفاقه المستقبلية أمام قوة عملة البريكس، التي أشر عنها وإن لم يتم إصدارها بعد،  لكنها تدق ناقوس الموت السريري للدولار الأمريكي.

9
العراق وتركيا والنفط مقابل الماء
محمد حسن الساعدي
شهد العراق سنة جفاف قاسية، أضرت كثيراً بالأراضي الزراعية والمواشي، ما أثر بالسلب على الإنتاج السنوي للمحاصيل الزراعية المهمة، الداخلة في سلة الغذاء اليومية للشعب العراقي..
على الرغم من كل المحاولات، التي قامت بها الحكومات العراقية المتعاقبة،الا ان التزمت التركي ما زال هو سيد الموقف،وهذا أثر بشكل كارثي في جفاف البحيرات الرئيسية في العراقـ، وتراجع حجم الاهوار،بالاضافة الى نقص في حجم المياه المتدفقة الى نهري دجلة والفرات،ما اجبر العراق على أتخاذ التدابير التي لا ترقى الى مستوى المعالجة،بل كانت ترقيعية كتركيب مضخات جديدة، لاستخراج المياه من المساحات القريبة من الخزائن وعلى طول النهرين!
يبدو أن الوضع بات بائساً ومأساويا، بالنسبة لملف المياه الذي شكل عقبة أمام حفظ الأراضي الزراعية، وزيادة استصلاح غيرها،حيث ذكرت منظمة الاغذية والزراعة العالمية في العراق، أن منسوب نهر الفرات بلغ ٥٦سم(نصف متر) في مدينة الناصرية، مما تسبب في جفاف ٩٠% من الاهوار القريبة،كما أن المنظمة الدولية للهجرة قدرت ان ثلث النازحين، البالغ عددهم ٨٥ الف نازح بسبب شح المياه، يعيشون في محافظة ذي قار على طول النهر،حيث جعل نزوح هؤلاء بعد انخفاض منسوب المياه، فتحركوا الى داخل المدن.. كما أضطر المزارعون الى ترك أراضيهم وممتلكاتهم، مما أثر بالسلب على الأراضي المستغلة، وتحول كثير منها الى أراضي ميتة، تحتاج الى جهد كبير لإعادة إحيائها من جديد.
تركيا من جهتها تحاول المماطلة في هذا الجانب،إذ اعتمدت حكومتهم على عامل الزمن، من أجل تقييم الأضرار الناجمة عن الزلزال الأخير، الذي ضرب تركيا وأثر على خط الأنبوب الناقل،والذي أخذ العمل به لمدة ٤٦ يوم وتوقف ف ٢٥آذار بعد صدور التحكيم الدولي لصالح العراق، فكما نعرف تستخدم انقرة خط الانابيب، كورقة مساومة تمتلكها لانتزاع تنازلات، بشأن التعاون الوطني والأمني في أربيل وبغداد..
يصف المراقبون أن الاتفاق القريب ليس سهلاً، وليس بالمهمة البسيطة ويحتاج الى الكثير من الوقت،لان هناك العديد من القضايا الشائكة،كما أن تركيا تبحث عن قضايا أخرى مع العراق، فهي تريد تخفيض مبلغ التعويضات، التي يجب أن تدفعها، والبالغة ١.٥ مليار دولار، الى جانب تقديمها لمطالب صعبة أخرى، بما فيها تخفيضات كبيرة في أسعار النفط، وإسقاط جميع المطالبات ضدها،بالاضافة الى زيادة رسوم نقل النفط عبر اراضيها، الى ٧ دولار لنقل البرميل الواحد، مقارنة بما حددته معاهدة خطوط الأنابيب عام ٢٠١٠، والتي حددت رسول النقل ١.١٨ دولار،بالاضافة الى تعويض تكاليف خط النقل الناقل .
ملف إيقاف تصدير ٤٥٠ ألف برميل يومياً، من صادرات النفط لمدة خمسة أشهر، والتي تقدر مبالغها بحوالي ٥ مليار دولار، من إجمالي الإيرادات غير المتحققة، والعراق بحاجة الى هذه الأموال، لتنفيذ الموازنة لعام ٢٠٢٣ التي تبلغ ١٥٠ مليار دولار، والسيطرة على العجز الهائل والبالغ ٤٨ مليار دولار،ما يعني ان الخسائر التركية المترتبة على وفق ضريبة النفط، أقل من خسائر العراق،حيث تقدر خسائر تركيا بحوالي ٢ الى ٣ مليون دولار يومياً من رسوم عبور،مما يضع جانباً الفرص الضائعة، المتمثلة في تنشيط تجارة النفط والغاز مع العراق.
من المفارقات أن قرار تركيا بإطالة أمد وقف صادرات النفط من العراق،قد إعاد ترتيب مصالح بغداد وأربيل، بحيث لاول مرة يتقف الطرفان، على ضرورة وصول نفط العراق الى الاسواق الدولية،ويمكن أن يكون موقف العراق أقوى بكثير من موقف أنقرة،لذلك يمكن له أن يجعل هذا الملف ورقة ضغط ومساومة مع أنقرة،ومن المؤكد أن أتفاق الرؤية بين أربيل وبغداد، يمكن أن يساعد العراق على الاستثمار في زيادة الانتاج من كركوك، للحصول على مزيد من تدفق النفط عبر تركيا، لجعل مشروع خط الانابيب الناقل معها أكثر ربحاً وفائدة، وتحصل انفراجة في ملف المياه تبعا لذلك..

10

الى ما يهدف التقارب السعودي الايراني وسط التحولات في المنطقة؟!
محمد حسن الساعدي
تداولت وسائل الإعلام الزيارة التي قام بها وزير الخارجية الإيراني إلى الرياض ولقائه ولي العهد السعودي محمد بن سلمان،وعلى الرغم من عدم الإعلان عن أي اتفاقات بين البلدين،الا ان المراقبين يرون أن هذا التقارب من شأنه أن يدفع بأتجاه الاعتراف بضرورة إيجاد حاجة الى العمل الجماعي لحل المشاكل والخلاف في المنطقة،وخصوصاً الامنية منها،فضلاً عن مناقشة التحولات المهمة في المنطقة وتأثيرها على الاستقرار السياسي والأمني فيها .
أن حل الخلافات وتخفيف التوتر بين طهران والرياض من شأنه أن يحد ويخفف من التوترات في المنطقة،وكذلك يؤدي الى حالة التوافق في المواقف تجاه قضايا المنطقة،بالإضافة إلى التعاون في القضايا المتعلقة بالمناخ والتي يمكن أن تكون كافية لتقديم فوائد للمنطقة،لذلك فإن أي اتفاق بين الطرفين سينعكس بالإيجاب على المنطقة وليس فقط على المملكة العربية السعودية او الجمهورية الإيرانية، بالاضافة إلى إنه ييدو لم يتم احراز اي تقدم بشأن افاق الاستثمار في ايران والتي حضيت بتغطية اعلامية كبيرة وتمت مناقشتها عندما تم ابرام الصفقة في بكين بشهر أذار الماضي، خصوصاً وان الجانبان يعترفان بأن مشاكل المناخ والأمن لا يمكن حله بجهد فردي لدولة واحدة بل هوة عمل جماعي، وضرورة الاعتماد على الدول الاقليمية بدلاً من الاتجاه نحو الاعتماد المفرط على المجتمع الغربي والذي خلق شعوراً بالالحاح لاستمرار الدبلوماسية بين طهران والرياض.
الاندفاع نحو العمل الجماعي في المنطقة تعزز من خلال الحروب الاهلية التي اندلعت سواء في العراق أو لبنان أو اليمن أو سوريا والتي تسببت قبل عقد من الزمن في جر الطرفين وغيرها من الدول الاقليمية نحو فخ الصراع، لذلك توجب الآن إلى خلق ضرورات تحد من هذه الاندفاعات، واعادة المشاركة في استقرار المنطقة والاعداد والاستعداد لحملة الاستثمار، وتفعيله بين البلدين وبما يحقق المصلحة المشتركة، كما أن التحولات العالمية وفرت السياق لاستمرار المحادثات بين البلدين ، واصبح العراق الذي عانى من الخلافات الاقليمية مسؤولا عن فتح المسارات الدبلوماسية بين طهران والرياض.
أن الدور الذي لعبته الصين في تقريب وجهات النظر بين البلدين والتوسط بين الاتفاق الثنائي يجعل من الصعب على اي من الجانبين التنصل عن التزاماته، لذلك تجد ايران والسعودية بان فتح العلاقات وانهاء حقبة الخلافات هي السبيل الوحيد للخروج من الازمة، وابعاد الايادي الغربية عن التدخل في المنطقة واشعالها في اي وقت تشاء، وان مبدأ الدبلوماسية والطريق الوحيد لضمان امن البلدين بل عموم المنطقة وعلى الرغم من وجود بعض الخلافات إلا أن من المرجح أن تتحول التوافقات بين البلدين إلى تنامي الاقتصاد بين الرياض وطهران والذي ينعكس على المنطقة عموما وبما يحقق الازدهار الدائم للمنطقة.

11
الاتفاق العراقي- الإيراني...استقلالية في القرار السياسي .
محمد حسن الساعدي
يبدو من غير الواضح إذا كان الاميركان سيعتبرون الصفقة التي أبرمها العراق مع الجمهورية الإسلامية أنتهاكاً وخروجاً على العقوبات المفروضة على طهران، وبالتالي السعي من واشنطن لمحاولة منع هذا الاتفاق،كما أن العراق أتخذ موقفاً رسمياً في هذا الاتفاق دون الرجوع إلى واشنطن،ما يعد استقلالية في القرار وخروجاً على الإرادة الأمريكية التي تحاول إركاع الشعوب وإخضاعها.
الاتفاق ينص على إرسال العراق 250 ألف برميل يومياً إلى إيران مقابل تزويد الأخير العراق بالغاز الطبيعي الإيراني والذي يعتمد عليه العراق بحوالي 40% من إنتاج الكهرباء،وجاء هذا الاتفاق بعد الديون المترتبة على العراق لإيران والتي بلغت 11 مليار دولار مودعة في البنك التجارة العراقي،والتي منعت فيها واشنطن إرسالها إلى طهران لقاء تزويد العراق للغاز الطبيعي.
العراق من جهته يؤكد على أن لاحاجة للحصول على موافقة الولايات المتحدة لان الاتفاق ليس مالياً،لذلك لجأ العراق إلى أسلوب المقايضة والتي هي شكل من أشكال الدفع لاتخضع للعقوبات الأمريكية المفروضة على طهران،حيث يستخدم الأمريكان سيطرتهم الفعلية على الأموال العراقية،ومنع بغداد من تسديد ديونها لإيران بالدولار،وبهذا الإجراء يمكن لطهران أن تزود العراق بالغاز الطبيعي لقاء النفط الخام العراقي.
إدارة بايدن تسعى إلى الحصول على مزيد من التفاصيل حول هذا الاتفاق،وكيفية إجراء المقايضة للنفط مقابل الغاز من الناحية العملية،وما إذا كان هذا الاتفاق يؤثر على  العقوبات الأمريكية المفروضة على طهران، في حين تأخر تسديد الديون العراقية لإيران سبب نقصاً في الكهرباء المنتجة من المحطات الكهربائية لإيقاف تزويدها بالغاز الطبيعي،ويأتي هذا بسبب رفض واشنطن تسديد العراق ديونه بالدولار.
الاتفاق يرمي إلى طمأنة الرأي العام الإيراني بشأن حصول طهران على مستحقاتها عن صادرات الغاز، بانتظار الوصول إلى حل عملي تتمكن عبره إيران من إعادة أموالها أو سداد المستحقات المرتبة عليها جراء استيراد الدواء والسلع الأساسية،وأن سبب قبول طهران بمقايضة غازها بالنفط العراقي هو حرصها على مساعدة الحكومة العراقية على توفير خدمة الكهرباء للشعب العراقي في هذا الصيف الحار الجاف، حيث أن الاتفاق يمثل الحل الأمثل في ظل عدم موافقة واشنطن على تحويل المبالغ لإيران.
أعتقد وكما يرى الكثير من المراقبين للمشهد السياسي العام في المنطقة،أن من الأجدر على الحكومتين أن ترسخ هذا الاتفاق من خلال مد أنبوب نفطي يربط الدولتين الجارتين،وبامد طويل لمنع أي تلكؤ في استيراد الغاز الطبيعي الإيراني،وقطع الطريق أمام أي محاولة للتأثير على العلاقات الاقتصادية التي تربط الجارين والسعي الجاد من اجل أستقلال القرار العراقي بعيداً عن الضغوط الاميركية التي تحاول جعل العراق تابعاً لها .

12
الحياة في العراق بين الصدمة والرعب
محمد حسن الساعدي
على الرغم من مرور 20 عاما على سقوط النظام السابق،إلا أن العراقيون ما يزالون يعيشون خيال ووهم ذلك الحكم ،وظل الشعب العراقي البالغ تعداده ٤٠ مليوناً يتذكرون تلك الأحداث المؤلمة التي مرت بهم وببلادهم،ولكن على الرغم من تلك التحديات التي واجهها العراقيون إلا أن الكثير منهم مازال يعتقد بأن هناك فرصة حقيقية للاستقرار،فهناك حركة سياسية تتحرك وهناك قوة سياسية بدأت تأخذ مكانها في هذه الحركة،حيث هناك حراك شبابي(التشرينيون)بدأ يأخذ طريقه نحو المشاركة الإيجابية في القرار السياسي وينافسون القوى السياسية في أي انتخابات تجرى ولديهم مقاعد برلمانية،وستكون لهم مشاركة في الانتخابات المحلية المزمع إجراؤها في كانون الأول القادم.
‏مع وجود التحدي الأكبر وهو الفساد الذي أخذ ينخر بجسد الدولة العراقية ويهدد كيانها،باتت جهود حكومة محمد شياع السوداني واضحة في مكافحة مافيات الفساد والاقتصاص منها،بالإضافة إلى نقص الخدمات و ارتفاع نسبة البطالة،كلها أسباب تقوض حركة السوداني،وتجعله عاجزاً أمام القضاء عليها،والتي بالتأكيد أمامها قائمة طويلة من الأولويات التي يجب معالجتها إذا كانت هناك  إرادة في الخروج من هذه المشاكل والذهاب نحو الاستقرار والخروج من الفوضى التي خلفها الغزو الأمريكي للعراق والمصالح الغربية والأمريكية التي لعبت دورا في هذه الفوضى بالإضافة إلى الإرهاب والطائفية التي ما تزال تعصف بالبلاد وتهدد استقراره .
‏واقعا يبدو أن العراق قد حقق قدرا من الاستقرار وأصبحت هناك حكومة مستقرة تعمل وتحاول سد الفراغ السياسي الذي دام لأكثر من عام،على أثر تشكيل التحالف الثلاثي بزعامة الصدر،بالإضافة إلى انخفاض العمليات الإرهابية إلى أدنى معدلاتها منذ عام 2003 وعلى الرغم من الهدوء النسبي في العراق والذي يعده المراقبون "مخادع"،إلا أن الهدوء والاستقرار ودخول مرحلة جديدة تأتي بالاتساق مع حالة الهدوء والاستقرار الذي تمر به منطقة الشرق الأوسط ومنها العراق والتي هي من الأهداف التي تسعى لها واشنطن وتعتقد ان خفض التصعيد الإقليمي ضروري للسماح لها بالتفرغ لخضمها اللدود"الصين" لذلك ينبغي على القوى في المنطقة أن تركز على استقرارها وعدم السماح لأي تأثير سلبي يحاول تعكير هذا الاستقرار،خصوصا وأن العراق و ثالث أكبر منتج للنفط في العالم إذ أن أي انهيار في العراق ،بالتأكيد سيؤدي بالتالي إلى زعزعة استقرار منطقة الشرق الأوسط بأكملها من خلال انتشار النازحين واللاجئين والإرهاب.
‏هناك من يرى أن على واشنطن، أن تكون جادة ومهتمة باستقرار العراق، وتطوره وازدهاره وتطوير قدراته الإدارية والاقتصادية، وان تنفذ ما عليها من التزامات، وأن تكون صادقة في ذلك.. وإلا فإن العراق بقدراته البشرية والمالية، يمكن أن يكون متقدما في المجال الاقتصادي، وسط الانفتاح على الوضع الإقليمي والدولي، الذي بالتأكيد سيؤثر بالإيجاب، على اتساع رقعة الاستثمار في البلاد .
‏المنافسة الشرسة بين القوى السياسية التي بدأت تضغط بقوة من أجل مكاسبها في حكومة السوداني وتماشيا مع أهدافها وأولوياتها المعلنة ينبغي على حكومته أن تعمل باستقلالية تامة وأن تتعامل مع هذه القوى السياسية على أساس الاتفاق السياسي الذي وقعت عليه والذي على أساسه تم تشكيل حكومته لذلك في ظل هذه الظروف يبقى السؤال الأهم هو قدرة هذه الحكومة على الوفاء بتعهداتها أمام الشعب العراقي وتكون قادرة تماماً على الاستفادة من الوضع الاقتصادي والزيادة في أسعار النفط والهدوء والاستقرار السياسي في البلاد.

13

إلى السوداني.. تعلم من السيسي
محمد حسن الساعدي
عمدت حكومة السيد محمد شياع السوداني ومنذ بداية تشكيلها, للإعداد والاستعداد لأمرين مهمين أولهما إقرار الموازنة لثلاث سنوات, والآخر العمل لإجراء انتخابات مجالس المحافظات والذي من يؤمل أن تجرى في أواخر شهر كانون الأول من العام الجاري..
هذا الأمر تم إقراره في مجلسي الوزراء والنواب, وهناك استعدادات مستمرة لهذه الانتخابات المهمة, والتي ستمثل حجر الزاوية للانتخابات البرلمانية القادمة, كما أنها تختلف عن سابقاتها من انتخابات, بأن هناك لاعبا سياسيا آخر دخل العملية السياسية, هم نواب تشرين وجزء من المستقلين, الذين يمثلون عداد جيدا في البرلمان, لذلك ستكون المنافسة الشديدة, والتي ربما ستشهد تراجعا لبعض الأحزاب والتيارات, وبقاء البعض الآخر في المستوى ذاته في الانتخابات السابقة.
‏بعد إقرار الموازنة "الثلاثية" لم يبقى لحكومة السيد السوداني أي مبرر أو عائق, عن تنفيذ البرنامج الحكومي, والذي وبحسب التعهدات التي أطلقتها الحكومة, ستكون فيه الموازنة مطابقة لهذا البرنامج, ويفترض أنها وضعت آلية شفافة وواضحة, أمام الرأي العام لتوزيع الأموال وخصوصا المخصصة للمحافظات, والتي بحسب تصريحات الناطق باسم الحكومة, ستشهد نقلة نوعية في المشاريع والخدمات والبنى التحتية..
كما ومع توفر المبالغ الكبيرة لهذه الخدمات, اشترطت الحكومة على المحافظات تأسيس صندوق لكل منها توضع فيه موازنتها, ويتم الصرف عن المشاريع من خلاله, وفي حالة أي خرق أو تجاوز للحد القانوني في الصرف, سوف يكون هناك تنبيه من الحكومة, في اتخاذ الإجراءات القانونية بحق المحافظ, وعند تجاوز حدود الصرف سيكون هناك متابعة دقيقة, من قبل مجلس الوزراء وهيئة شؤون المحافظات, لإيقاف الهدر ومحاسبة المسؤول .
‏ربما قد لا تكفي مثل هذه الإجراءات, في الحد من ظاهرة الفساد المستشري في أركان الدولة العراقية, والتي بدأت تنخر المؤسسات كلها, ولكن يعتقد كثير من المراقبين للشأن السياسي والاقتصادي, أن على السيد السوداني ينتفع من التجربة المصرية, عندما نجح الرئيس عبد الفتاح السيسي, وأستطاع أن يقود حركة العمران والنهضة التنموية في بلده, وأن يتابع عمليات الإصلاح والأعمار بنفسه, والاتفاق على المشاريع الإستراتيجية بإشراف مباشر منه, وتجاوز البيروقراطية التي تعرقل العمل كثيرا.. لذلك نرى اليوم مصر غير السابق وبدأت تتلمس نهضتها, لتكون في مصافي الدول الصناعية والاقتصادية المهمة..
على السيد السوداني أن يكون هو المباشر, لأي اتفاق مع الشركات العالمية التي دخلت العراق للاستثمار والأعمار فيه, ويتجاوز كل الروتين الذي أرهق أركان الدولة وجعلها مشلولة تماما, ولا يمكن لي أي قوى إدارية أو قانونية تحريكها, ما لم تكن هناك إرادة سياسية في تجاوزها والانتصار لمصالح المواطن..
يجب أن يقود السيد السوداني المفاوضات والتوقيع على العقود مع هذه الشركات بنفسه, ويكون هو المتابع والمخطط والمنفذ في نفس الوقت, دون أن يتجاوز حدود القانون, او يؤسس لدكتاتورية وفريدة غير مقبولة, لنحذو حذو الدول النامية في الشرق الأوسط, ونكون على مستوى المسؤولية, في تلبية طموح العراقيين بالعيش بكرامة.

14
ديمقراطية العراق الانتخابية ومديات الحد الفاصل
محمد حسن الساعدي
‏شكلت التطورات الأخيرة على المشهد الانتخابي في العراق والتي جاءت بالاتساق مع الاستقالة التي قدمها القاضي جليل عدنان تحديا كبيرا أمام التقدم في عملية الإصلاح التي أطلقتها حكومة السيد السوداني تحت عنوان "حكومة الخدمة" والتي جاءت في أعقاب الاحتجاجات التي انطلقت في تشرين الأول عام 2019 والتي كانت تهدف إلى تشكيل حكومة ديمقراطية وطالبت هذه القوى التي انضوت تحتها ما يسمى به "القوى التشرينية" بضرورة إيجاد الإصلاحات الضرورية على قانون الانتخابات وكذلك إنهاء المحاصصة ‏والعمل على استقلالية المفوضية العليا للانتخابات استعدادا لإجراء انتخابات حرة ونزيهة.
‏التغييرات التي اقرها البرلمان العراقي مؤخرا على قانون الانتخابات تهدد بالتراجع عن عملية الإصلاح التي أقرتها حكومة السيد السوداني وربما تفاقم في القضايا الجدلية في داخل القوى السياسية ومنها نظام سانت ليغو المعدل والمصمم كوسيلة للتمثيل النسبي الذي قوبل بالانتقادات بسبب محاباته للكتل الكبيرة مع التهميش الواضح للقوي السياسية الأخرى التي تريد إثبات نفسها ورد الاعتبار لها من جديد حيث يؤكد المنتقدون أن هذا القانون أو النظام قد يزيد من تهميش شرائح كبيرة في المجتمع ويركز السلطة بين القوى السياسية الكبيرة ما يشكل تهديدا لتطوير الديمقراطية الحديثة في البلاد .
‏لضمان حيادية العملية الديمقراطية و الانتخابية والحفاظ على استقلاليتها من الضروري على كافة المؤسسات التشريعية والتنفيذية والقضائية حماية استقلالية المفوضية العليا المستقلة للانتخابات وعدم التدخل في عملها و ضرورة إجراء مراجعة شاملة للتغيرات على النظام الانتخابي كما ينبغي على المجتمع الدولي أن يعمل مجددا على حماية التقدم الديمقراطي في البلاد من خلال بعثة الأمم المتحدة التي كانت ومازالت الداعمة في عملية الأشراف على عمليات التصويت وفرز الأصوات وتعزيز قدرات المفوضية العليا المستقلة للانتخابات لان وجود هذا الدعم يمكن العراق من وضع وتنفيذ القواعد الانتخابية الكفيلة بإجراء الانتخابات انتخابات مجالس المحافظات المزمع أجراها في كانون الأول الجاري والذي من شأنه أن يحدد من احتمالية التزوير ومكافحة شراء الأصوات ومنع البعض من القوى السياسية من استخدام الموارد العامة لصالح مرشحين محددين و إجراء انتخابات حرة ونزيهة بعيدة عن التأثيرات الحزبية وبمشاركة عامة لجميع شرائح المجتمع العراقي.

15
الانتخابات التركية..عهد جديد أم تجديد عهد؟
محمد حسن الساعدي
أنتهت الجولة الاولى من انتخابات الرئاسة التركية، بمشاركة قاربت 90% من مجموع الناخبين، والبالغ عددهم 64 مليون نسمة، ممن يحق لهم التصويت في الانتخابات،حيث أشارت النتائج الاولية لتقدم حزب العدالة والتنمية، الذي يقوده الرئيس الحالي، رجب طيب أردوغان بـ49.31 % في حين حصد تحالف الامة المعارض على 35.21% وحصد حزب اليسار الاخضر 10.47% من الاصوات.
تأتي هذه الانتخابات في ظل الاوضاع والمتغيرات السياسية في المنطقة، ولها تأثيرات وتفاعلات متبادلة، وتحديداً تأثيرها على المشهد العراقي، الذي تعقد كثيراً في ظل حكومة أردوغان.. وهذا يجعل هذه الانتخابات، تثير تكهنات واسعة، حول كيفية تأثير نتيجتها على الاوضاع في العراق، سواءً على أقليم كردستان او على المستوى الحكومي والاجتماعي الداخلي..
يأمل مراقبون ان تنتج هذه الانتخابات، نهاية للصراع المستمر بين الجيش التركي ومقاتلي حزب العمال الكردستاني، المستقرين في كردستان العراق، ورغم انها امنية تحمل تفائلا كثيرا، لكنها في الأقل يمكن أن تكون بداية في الأقل..
طبيعة العلاقة القائمة بين كردستان العراق وتركيا، أخذت ملامحها تثبت بعد ان صار هناك، ارتكاز في الحياة الاقتصادية الموجودة ما بين الاقليم والحكومة التركية وياتي من الاستقرار الاقتصادي، أذ أن انبوب النفط يمر من الاراضي العراقية عبر أراضي كردستان الى تركيا، وهذا ما يحقق لها موارد مهمة، خصوصاً وأن تركيا تعد من الدول المؤثرة في الشرق الاوسط، رغم ان عامل الطاقة يمثل عنصر قلق كبير بالنسبة لها، وان ما يمر عبر أراضي كردستان من بوابة جيهان، يعد مرتكزا أساسيا في العلاقة بينهما.
تذكر معلومات أن هناك ما يقارب من 2500 شركة تركية، تعمل في مختلف المجالات، في العراق وخصوصا في أقليم كردستان، سواءً في جانب الاعمار او  غيره من المجالات الاخرى..
هذا يتعبر بوابة للنمو الاقتصادي التركي باتجاه العراق، لوجود هذه البوابة داخل أراضي كردستان من الناحية العملية، وان ما يتم تداوله ماليا، قد يتجاوز  12-13 مليار دولار، ما يعني أن له التاثير الايجابي على سير العلاقة بين العراق وكردستان، وهذت بات محكوماً بطبيعة وفرز نتائج الانتخابات الحالية.
الانتخابات التركية سيكون لها وقع وتاثير على المستوى الاقليمي والعالمي، لما سيترتب عليه من تغييرات كبيرة في العدد من ملفات المنطقة، كالملف السوري والعلاقات الاقتصادية في حوض البحر المتوسط.. كما أن حكم الرئيس التركي أردوغان، يواجه منافسة شديدة من قبل أحزاب المعارضة، مما يجعل الاوضاع الداخلية لتركيا سواءً على المستوى الاقتصادي او السياسي تتراجع، خصوصا مع معارضة قوية في البرلمان التركي، قد تطيح باردوغان في أقرب فرصة، إن نجح بتجديد عهده في الجولة الثانية

16
حكومة السوداني وحلول المرحلة الصعبة
محمد حسن الساعدي
واجهت حكومة السوداني الكثير من العقبات وكان أهمها عبور حالة الصراع التي تولدت في داخل القوى السياسية من جهة ، وحالة اللامقبولية التي أظهرتها بعض القوى السياسية أمام تشكيل الحكومة، ورفضه المشاركة فيها،ما سبب حالة عدم توازن بين القوى السياسية برمتها،ولكن وعلى الرغم من هذا الصراع إلا أن السوداني كان جادا في حل المشاكل وإنهاء حالة الاتكالية والرتابة في تسيير أمور الدولة العراقية .
السوداني بدأ خطواته نحو الفساد بصورة واقعية بعيدا عن الإيهام والشعارات التي تركت مال العراق عبثاً بيد الفاسدين والسراق ، فالمبالغ التي هربت تقدر بأكثر من ٣٠٠ مليار دولار بين تهريب وشراء عقارات واسهم لشركات في داخل العراق وخارجه، بل تعدته إلى سرقة المال العام في وضح النهار وبأساليب شيطانية وتحت غطاء القانون .
السوداني بدا حرباً شاملة على كل أنواع الفساد، وحيّد الأحزاب عن أي تدخل بالشأن الاقتصادي او الأمني،إلى جانب انه استطاع أن يستقل بقراراته المركزية بعيدا عن أي تأثير حزبي من هنا أو هناك معتمدا على وجوده في كافة مفاصل الحكومة،فهو اعتلى أول منصب عندما كان قائمقام واخذ يتسلم المناصب العليا حتى وصل إلى رئاسة الوزراء .
أهم ما يمكن أن يكون حلاً سريعاً لمشكلات العراق هو الملف الاقتصادي، حيث أن المؤشرات تشير وبصورة واضحة إلى أن الأمور كانت متجهة في عام 2020 إلى الانهيار، وكان النظام السياسي والقوى السياسية تعيش خطر حقيقي بفعل هذه الأزمة، وكانت هذه القوى تبحث عن حلول سريعة، ولكن بعد تلاشي خطر الانهيار وارتفاع أسعار النفط أعادت النخبة تبني السياسات المتبعة منذ2003، وتخلت عن كل الأفكار التي تتعلق بتغيير النهج الاقتصادي .
أن الفرص التي أتاحها التدفق النقدي لرؤوس الأموال من الخارج، وتطور سوق الأوراق المالية لم تكن كافية في إصلاح الهيكل الإداري للمال في العراق،بل كان ينبغي العمل على تنوع أبواب الاقتصاد من خلال تنوع الإيرادات وعدم الاعتماد على النفط، بل ينبغي الإسراع في إيجاد أبواب جديدة لرفد الاقتصاد العراقي بإيرادات جديدة من خلال أبواب استثمار في مجالات متعددة أهمها السياحة والتي تعتبر نبض العراق، ومن أهم العناصر الأساسية في إثراء ميزانية الدولة بمليارات الدولارات سنوياً.
الآن وبعد مرور أكثر من ستة أشهر على تشكيل حكومة السيد السوداني ينبغي الوقوف على أهم المعرقلات في إصلاح النظام الاقتصادي، وأهمها ينبغي أن يكون الإصلاح متسقاً تماماً مع الإصلاح السياسي وبشكل لا ينفصل عنه،إذ لايمكن أصلاح ملف بمعزل عن الآخر،كما من المهم جداً إيجاد الثقة الضرورية بين الجمهور وبين هذه الطبقة السياسية وبما يعزز قوتها في إجراء الإصلاحات الضرورية على الهيكل الأساسي للدولة.
لاينبغي الاعتماد كلياً على الارتفاع الطارئ لأسعار النفط العالمية، بل ينبغي الإسراع بوضع إستراتيجية اقتصادية تعتمد على أإيجاد خزين هائل من المال والذهب في البنك المركزي العراقي، لذلك ربما ستعود نفش المشاكل السابقة التي برزت في 2020 إذا ما أداركنا الموقف وعالجت الحكومة الملف الاقتصادي بالتوازي مع الملف السياسي،لذلك فأن الاقتصاد العراقي الحالي غير مستدام،لان الحكومة وفي المستقبل القريب ستكافح من أجل توفير رواتب الموظفين والمتقاعدين، ناهيك عن الحفاظ على المحافظة على المستوى الاجتماعي والاقتصادي للفرد العراقي وعلى نطاق كافٍ لمنع أي اضطراب اجتماعي محتمل وإعادة شحن للشارع العراقي مستقبلاً.

17
بعد 20 عاما هل ما زال العراق بحاجة إلى واشنطن؟
محمد حسن الساعدي
‏أصبح العراقيون مدركين تماماً، أن المشاكل التي يمر بها بلدهم وحلولها باتت بأيديهم، وهم من يمتلكون أدوات التغيير، حتى مع وجود واشنطن، التي مازالت تمتلك خيوط لها كشريك وليست مسيطرة على القرار السياسي الوطني..
يبدوا ان العراقيين باتوا  يتطلعون إلى سياسيهم، بأن يكونوا على قدر المسؤولية في تنفيذ مطالبهم وحقوقهم، بالإضافة إلى إيجاد الحلول الناجعة لمشاكل الفساد، التي أخذت تتجذر أكثر فأكثر في مؤسسات الدولة، ‏وغيرها من المشاكل التي بدأت تؤثر على المشهد الاقتصادي، وآخرها التأثير المناخي التي بدأت تلقي بظلالها على الوضع الاقتصادي والاجتماعي، وزاد من مخاوف المجتمع العراقي ككل، في قدراتهم على تحسين وضعهم المعاشي، بما فيها العثور على وظائف، أمام تدهور الوضع الاقتصادي للبلاد وزيادة الأسعار، وما رافقها من أزمات أثرت على الوضع العام كأزمة المياه، و تسارع سياسة تركيا في زيادة إعداد السدود على نهري دجلة والفرات، ما سرّع كثيرا في زيادة نسبة التصحر، وهذا ما أكده تقرير البنك الدولي لعام 2020.
‏الشعب العراقي أصبح على يقين، أن المشاكل التي تمر بها البلاد، لا يمكن حلها من الخارج، وأن معالجتها ينبغي أن تكون داخليا، وليس هناك أي إرادة خارجية لإجراء أي تعديلات أو تغيرات، على البناء الاقتصادي والسياسي للبلاد، لأن الأزمة ليست سياسية أو مالية اقتصادية، بقدر ما هي أزمة إدارة..
‏الولايات المتحدة كشريك أيضا، لها أدوات عقابية تجاه العراق، ويمكن لها أن تستغل القوانين لمعاقبته كقانون "ماغنسي"الذي يمكن استخدامه في عمليات تهريب الأموال إلى الخارج، وتقديم الدعم اللازم لمجموعة مراقبة مكافحة الفساد في العراق، حيث تساعد واشنطن في إعادة الأموال وتجميد المهرب منها، و التي ترى بأن الدولار عملتها الرسمية، ومن حقها متابعة عمليات تهريبه وملاحقاتها، ومنعها من الفاسدين، وإيقاف أموالهم في البنوك الغربية .
‏يعتقد بأنه بات ممكنا للعراق، أن يجد حلاً لمشاكله من خلال نظام "الحوكمة" الذي سيسهل عملية مواجهة تحديات الإصلاحات الاقتصادية، وجذب الاستثمارات في مختلف المشاريع، و أهمها المجال النفطي، واستثمار عمليات الغاز المصاحب في توليد الطاقة، و استخدام المياه العذبة التي بدأت تشح في بلاد الرافدين!
‏هناك من يرى أن على واشنطن، أن تكون جادة ومهتمة باستقرار العراق، وتطوره وازدهاره وتطوير قدراته الإدارية والاقتصادية، وان تنفذ ما عليها من التزامات، وأن تكون صادقة في ذلك.. وإلا فإن العراق بقدراته البشرية والمالية، يمكن أن يكون متقدما في المجال الاقتصادي، وسط الانفتاح على الوضع الإقليمي والدولي، الذي بالتأكيد سيؤثر بالإيجاب، على اتساع رقعة الاستثمار في البلاد .
‏العراق بداء يصبح أكثر قدرة على حماية نفسه، ويعمل على تثبيت دعائم أمنه واستقراره وسيادته، ويمكنه الدفاع ضد أي خطر يهدد آمنة واستقراره، وآخره تنظيم داعش الإرهابي، حين استطاع بقدرة أبنائه، أن يكون أن يقود حربا بالنيابة عن العالم، ضد هذا التنظيم الإرهابي، ومنع المخطط الدولي في تقسيمه.
يبقى الخطر الأكبر والأبرز الذي يهدد الدولة العراقية، هو الفساد المستشري الذي بدأ يضرب أركانه، ويصل إلى القيادات السياسية، والذي يعد احد الموروثات السلبية للتدخل الأمريكي، وساعد في تكوين طبقة من الأثرياء، حيث تصل شهرياً ما بين مليار إلى ملياري دولار أمواله، من البنك الفيدرالي الأمريكي، لدعم رواتب موظفيه، وتوفير رأس المال للمشاريع والاتفاقيات التجارية الخارجية، فتوفرت بيئة للفاسدين من سرقة المال والتلاعب، به حتى وصل الحال إلى اختلاس مليارين ونصف المليار، في صفقة وصفت بأنها الأقوى والأكثر فساداً في القرن الحالي.

18
حكومة السوداني وأولويات المرحلة.
محمد حسن الساعدي
منذ تشكيل الحكومة العراقية برئاسة السيد محمد شياع السوداني، في تشرين الأول من العام الماضي، وبعد مرور أكثر من خمسة أشهر، تبنت هذه الحكومة أولويات وضعتها في مقدمة برامجها، وعلى الرغم من الجهود المكثفة التي تقوم بها الحكومة، وهي واضحة للعيان ولا يمكن انكارها، إلا إن هناك بعض الأمور، التي من شانها إن تضع النقاط على الحروف، في مسيرتها نحو الاستقرار السياسي.
أن من أبرز التحديات التي تواجه الدولة العراقية، هو الملف الاقتصادي، والتي تتعلق بطريقة معالجة البنى الاقتصادية للدولة من جانب، وتحمل المسؤولية التنفيذية في معالجة هذا الإخفاق من جانب آخر.. فعلى الجميع تحمل المسؤولية في مواجهة التحدي الاقتصادي الخطير، الذي يتأثر بالزيادة السكانية الكبيرة، مع تراجع وتغير في الموارد الطبيعية، ومن أبرزها الجفاف والتصحر والتغير المناخي، والأزمات الاقتصادية المتوالية التي يعانيها العالم اليوم.
المسؤولية لا تقع فقط على الجهاز التنفيذي، بل هي مسؤولية مشتركة بين جميع القوى السياسية، ومنظمات المجتمع المدني، فيتطلب من الجميع التكاتف، وإعطاء الأولوية القصوى، في مواجهة هذا التحدي، الذي يمس قوت شعبنا ومستقبل أجيالنا..
كما أنه أمام هذه التحديات، ينبغي إن تكون هناك رؤية اقتصادية واضحة، وخطوات أصلاحية جريئة، إذ لايمكن أن تكون هناك خطوات تصحيحية، ما لم يكن هناك دعم وتعاون مجتمعي، يعي أهمية التحدي الاقتصادي، وخطورته المستقبلية على البلاد.
نشر الوعي بين أبناء الشعب، ودفعه للمشاركة في الرؤية الإستراتيجية، لأي خطوة أصلاحية بنيوية، من شأنه أن يقطع الطريق أمام المتربصين والمتصيدين، إلى جانب تحديد أسقف زمنية محددة، وبنسب الانجاز لأي مشروع او خطوة أصلاحية لمؤسسات الدولة..
كما ينبغي مصارحة الشعب العراقي، عن أي ملف يمس حياته اليومية، وأولها ملف الطاقة الكهربائية، والذي ينبغي أن يعرف الجميع متى سنصل إلى محلة الاكتفاء الذاتي، من إنتاج الطاقة الكهربائية، وغيرها من مشاريع هي بمساس بحيلة المواطن العراقي .
التحدي الآخر الذي يقف عائقاً أمام الحكومة، هو العمل الجاد والمضني، لأجل إرساء وتدعيم قواعد الاستقرار في البلاد، حيث أستطاع العراق إن يتجاوز ظرفاً صعباً بالغ التعقيد، خصوصاً ونحن نستذكر الذكرى العشرين، لتأسيس النظام الديمقراطي الاتحادي الفيدرالي في العراق، ونمتلك تجرية سياسية التي تستند على الإرادة الشعبية الواعية، بالإضافة إلى الوضع الإقليمي الساند والداعم للتجربة الديمقراطية الجديدة..
ياتي هذا الاستقرار من خلال، الوقوف على قراءة الدستور العراقي من جديد، وإجراء التعديلات المطلوبة التي تتسق والمرحلة، وتشريع القوانين الهامة والتي من أبرزها(قانون النفط والغاز، وقانون المحكمة الاتحادية، وقانون المجلس الاتحادي).. وإيجاد الحلول الناجعة للخلافات بين الإقليم والمركز.
تقوية مؤسسات الدولة، وإبراز دور القضاء ودوره المهم في حل الخلافات، والتي ساهمت في إيجاد الأرضية المناسبة للتفاهم والحوار، كما ينبغي إبعاد المؤسسة العسكرية والأمنية بجميع صنوفها، عن أي تجاذبات سياسية، وعدم السماح لأي جهة سياسية بالتدخل في عملها، بالإضافة إلى إيجاد خطاب موحد وواعي ووطني مسؤول، يسهم في تعزيز الثقة بين المواطن والدولة، ويضع يده على نقاط الضعف ومواطن الخلل من أجل معالجتها.
مواصلة الانفتاح العراقي على الوضع الإقليمي والدولي، وتعزیز المشتركات والمصالح المتبادلة، إذ لابد من الحفاظ على المنجز السیاسي المتحقق، على الصعید الإقلیمي والدولي في التواصل مع الجمیع، وتعزیز ذلك بمزید من الحرص والتفاعل، والشراكة المتبادلة مع دول المنطقة.
يبقى الملف الأهم بالوقوف بوجه الظواهر الثقافية السلبية، التي تريد النيل من المعتقد العراقي، وتحارب الموروث النقي الذي تعشقت به الروح العراقية، لانه من شانها إن تهدد أواصر المجتمع وتماسك الأسرة العراقية، حيث باتت تجارة المخدرات، والانحدار القیمي في السلوك عبر وسائل التواصل الاجتماعي، خطراً یزید على خطر الإرھاب وداعش، فهناك من یستھدف أمن بلدنا ویعرض شعبنا إلى الضیاع والانحدار نحو الهاوية، بتلك الأدوات القذرة..

19
الصفقة السعودية-الإيرانية فتحت الشهية على النفط العراقي
محمد حسن الساعدي
يبدو أن اللاعب الصيني دخل إلى عمق الخلاف في الشرق الأوسط،ليدخل يديه ويحل الخلافات بين أطرافها،لان رغبة الصين تعدت السيطرة على مكامن النفط الرئيسية في الشرق الأوسط،إلى الحصول على أسعار تنافسية مفيدة على المنتج المحلي منها،خصوصاً وإنها اخترقت الأسواق العالمية بسرعة عالية في شتى المجالات.
تطبيع العلاقات السعودية الإيرانية،كان أبرز بصمة للصين في دخولها إلى الشرق الأوسط بقوة،وتحديداً إلى السوق النفطية العراقية،عبر تأثيرها الحاسم على صناعة النفط العراقية،خصوصاً وأن إمكانات النفط العراقية أكبر بكثير من إنتاجه الحالي الذي يبلغ 4.5 مليون برميل في اليوم.
العناصر الأساسية اللازمة لزيادة إنتاج النفط العراقي إلى المستوى المرتفع تكمن في الصفقة الرباعية المحاور البالغة 27 مليار دولار والمتفق عليها مع شركة "توتال"،ولكن تبقى هواجس وشكوك في قدرة الشركة على تنفيذ هذه الصفقة أو ربما جزء منها.
الآن وبعد الاتفاق(الإيراني-السعودي)والذي تم برعاية الصين وروسيا بصورة غير مباشرة سيتم الضغط على الجانب العراقي بضرورة إنهاء العمل مع الشركات الأوربية العاملة في مجال النفط في العراق والتي منها شركة توتال،حيث أكد مصدر في الاتحاد الأوربي أن مسؤول رفيع المستوى من الكرملين اخبر إيران أن إبقاء الغرب بعيداً عن صفقات شراء النفط العراقي سيتيح الفرصة في نهاية الهيمنة الغربية على الشرق الأوسط وسيكون آخر فصل في زوال التأثير الغربي على العالم.
الهدف الأول الذي تعمل عليه الصين وروسيا هو تمكين العراق من الوصول الى أهدافه على المدى الطويل في إنتاج النفط الخام والبالغة 7 مليون برميل يومياً والذي سيصل بالتدريج إلى 12 مليون برميل يومياً،حيث من المقرر الانتهاء من مشروع إمدادات مياه البحر المشتركة الذي سيشهد استثمارا أوليا بقيمة 3 مليار دولار في مرحلته الأولى من خلال سحب مياه البحر ومعالجتها من الخليج،ثم نقلها عبر خطوط الأنابيب إلى منشآت إنتاج النفط ،حيث تمثل هذه الخطة التي طال تأجيلها في دعم برنامج الأمن الاجتماعي من مياه الخليج في توفير حوالي 6 ملايين برميل من المياه في البداية لما يقل عن خمسة حقول في جنوب البصرة وواحد في ميسان،ومن ثم توسيعها إلى حقول أخرى.
المشروع الأهم من ذلك هو معالجة جمع وتكرير الغاز الطبيعي المصاحب والذي يتم حرقه حالياً في الحقول الخمسة في جنوب العراق،حيث من المقرر أن تقدم شركة توتال 2 مليار دولار في المرحلة الأولى من مشروع بناء المعالجة للقيام بذلك،حيث صرح الوزير السابق للنفط أن هذا المشروع سيساعد العراق على قطع وارداته من الغاز من إيران.
الصين تسعى إلى السيطرة على مكامن(النفط والغاز) في الشرق الأوسط،حيث آمنت الصين سيطرتها على منابع الغاز في إيران على ما يزيد من 25 عام، ما يعطيها فرصة اكبر في السيطرة على منافذ النفط والغاز في العراق، واثبات ذلك من خلال الخزانات الكبيرة التي يتم بناءها في إيران من قبل الشركات الصينية والتي نفس هذه الخزانات تم بناءها في السعودية، ما يدل على ان هناك الكثير من النفط والغاز الذي يمكن إنتاجه.
الصين تتمتع بالسيطرة على أثنين من أصل ثلاث دول مصدرة للنفط الخام في العالم وهي روسيا والسعودية،بالمقابل الولايات المتحدة التي تسيطر على بعض منابع النفط في المنطقة،كما أنها لاترغب بالسيطرة على جميع مكامن النفط الرئيسية في الشرق الأوسط، ولكن الحصول على أسعار تفضيلية للغاية على كل شيء يتم إنتاجه منها، وهي قادرة على استخدام هذا كأساس للصفقات في العراق حالها كحال سيطرة هذه الشركات على مكامن النفط في إيران .

20
الاتفاق الإيراني السعودي والمتغيرات في المنطقة
محمد حسن الساعدي
عمل العراق بكل الوسائل المشروعة، ليكون محطة مهمة من محطات الالتقاء لدى المجتمع الإقليمي والدولي،ولقد راهن على وسطيته واعتداله في هذا الملف المهم والحساس، والذي كان من أهم مصادر قوته، فعقدت كثير من جلسات الحوار المهمة، بين قوى ودول مختلفة فيما بينها ، وأثمر ذلك بان يكون العراق محطة الحوار وتقارب وجهات النظر بين المملكة العربية السعودية وبين الجمهورية الإسلامية،الأمر الذي اكسبه أوراقاً مهمة اقليمياً ودوليا .
كانت الجهود العراقية منصبة على، إيجاد التقارب  السياسي والأمني بين هذه الدول، والتي تربطها مصالح مشتركة، بالإضافة إلى المصير المشترك، أمام التقلبات الخطيرة في الوضع الدولي، وما خلفته الحرب الروسية على أوكرانيا من متغيرات في العالم اجمع، وجعلت خارطته تتغير في طبيعة تحركها،الى جانب تغير طبيعة الاصطفافات السياسية في العالم، وتأثيرها في المشهد الدولي عموماً.
العراق بجهوده الدبلوماسية، أستطاع من تقريب وجهات النظر بين الدولتين، من خلال جلسات حوار مباشرة اتسمت بالشفافية،ومناقشة كافة الملفات العالقة بينهما، وبما يخدم مصالحهما، بعيداً عن لغة التخوين أو التدخل في الشؤون الداخلية، بالإضافة إلى توحيد الجهود والرؤى، والمواقف العربية والإسلامية أمام المتغيرات، وأمام المخطط الذي تقوده إسرائيل، في تغيير خارطة المنطقة وبما يخدم مصالحها، وهذا ما سعت إليه مباشرة من خلال احتمالية توجيهها ضربة إلى مواقع محددة، داخل الأراضي الإيرانية، ما ينذر بدخول المنطقة والعالم اجمع، بحرب عالمية جديدة .
المساعي التي بذلتها الحكومةُ العراقيَّة، عبر استضافة بغداد، لجولات الحوار بين إيران والسعودية، وما رسَّخَتهُ من قاعدة رصينة للحوارات، ستنعكس على تكامل العلاقات بين الجانبين، وتعطي دفعة نوعيّة في تعاون دول المنطقة، وتدشين مرحلة جديدة فيها.
الاقتراب السعودي مع إيران يعني بقراءة تحليلية، ان المنطقة تغيرت حركة التمحور فيها، وانتهت خارطة اللوبي الواحد، لتنهض بذلك إرادات جديدة تقف بالضد من تمحور الغرب، وترفض هيمنة الأخير على مقدرات الشعوب،بل أنها ترفض اي رضوخ لهيمنتها، على حساب مصالحها ومصالح شعوبها..
لذلك كان التحرك الجديد هو بمثابة إعلان الخروج، من محور القوى الغربية التي تريد إركاع الأمة الإسلامية لهيمنتها، وبدأت مرحلة جديدة من  الصراع القادم في منطقة الشرق الأوسط، وباتت واشنطن وحليفتها الكيان الصهيوني الأضعف في هذا الصراع ..
دخول بكين على خط التقارب السعودي الإيراني، يعطي رسائل مهمة بان القطب الواحد وهيمنة القرار الواحد على العالم بات منتهي الصلاحية،وبدا منتج جديد اسمه القوى الممانعة لهذه الهيمنة، لذلك كانت الصين هي اللاعب الأبرز، الذي استطاع بسرعة من دخول ساحة الشرق الأوسط، وتغيير المعادلة فيه، وسيكون له الأثر الأكبر في إفشال المخططات الغربية، الرامية إلى تفتيت محور الممانعة ضدها .
يعتقد وبقراءة مبسطة أن منطقة الشرق الأوسط تتجه بعيدا عن مناطق الصراع،وأن الولايات المتحدة باتت تلعب لوحدها في هذه الساحة، ومن المرجح أن القوى التي تقف بالضد من نفوذ واشنطن في المنطقة، سيكون لها موقف جديد من هذا الوجود، وستعلن موقفها الرافض لهذه الهيمنة، وان على العراق ان يتخذ موقفاً سياسياً، ينعش فيه سيادته، ويدفع باتجاه القرار الوطني، ودوره المحوري في المنطقة، بعيداً عن سياسية الاستقطاب والمحاور .

21
أنهارنا وتركيا.. وأدوات الضغط المتبادلة.
محمد حسن الساعدي
تعد مشكلة المياه من المصاعب الرئيسية للعراق, تماشيا مع كونها تحتل مكاناً بارزاً في صدارة المعضلات التي تواجهها الدول، فغالبا تكون السياسات التي تتبعها (دول المنبع) تؤدي إلى خلق الأزمات بين الدول المشتركة..                                     تركيا من الدول التي تنتهج سياسة القطع والتحكم, من خلال عدم السماح لمرور كميات كافية من المياه إلى سوريا والعراق، وعلى الرغم من أستحقاق العراق لكامل حصته المائية في نهري دجلة والفرات، بوصفهما نهريين دوليين يخضعان للقوانين الدولية, التي تحكم العلاقة بين الدول المتشاطئة والمطلة على الأنهار في ضمان حصتها من المياه.
من الأوضح أن تركيا تتصرّف, وكأن العراق ما زال في فترة الحرب في تسعينيات القرن الماضي، وكما لو أن "اتفاقية التعاون وأمن الحدود" لعام 1983، التي فتحت الطريق أمامها للقيام بالعمليات, ضد حزب العمال الكردستاني في الداخل العراقي ما زالت فاعلة.
شكّلت هذه الاتفاقية أرضية مشروعةً للعمليات ضد حزب العمال الكردستاني حينا، وكان قد تمّ توقيع بروتوكول أمني عام 1984 فتح الطريق أمام القوات التركية, لدخول الحدود العراقية إلى عمق خمسة كيلومترات.. فراهنت الحكومات التركية المتعاقبة على الخلافات الداخلية العراقية، ولا تزال سياستها تدور حول النفوذ الإقليمي وحول مسألة الموصل كركوك، وما يتصل بها من قضايا الحدود والنفط، وحول مسألة المياه.
تركيا التي تتحكم بالحصة المائية للعراق, لا يمكنها أن تتجه بهذا الاتجاه ما لم تكن مدفوعة من مصالحها الخفية، والتي ترتبط إلى حد كبير باستهداف العراق ومياهه،وأدت الى حرمانه من التمتع بكامل حقوقه من مياه النهرين، كما ان سياستها المائية لا تؤثر فقط في نصيب العراق من المياه من الناحية الكمية والنوعية فحسب، بل يمتد تأثيرها في تحديد السياسة المائية وتوجيهها لبقية الدولة الأخرى .
السياسة المائية التركية تجاه العراق زا\ت حدة, وبات لها تأثيرات سلبية كبيرة على الوضع المائي, وعمقت أزمة المياه فيه, بعد قيام الجانب التركي بإنشاء العديد من المشاريع الاروائية والسدود على نهري دجلة والفرات, لتحقيق مصالحها وخلق مشاريع تنموية في منطقة جنوب شرق الأناضول، واستخدام المياه كوسيلة ضغط سياسية مع العراق، مخترقة بذلك القواعد والقوانين الدولية المنظمة لحقوق الدول وحصصها المائية، إلى جانب مخالفتها لمبدأ عدم الإضرار بغيرها, من خلال استمرارها في أنشاء السدود والخزانات على نهري دجلة والفرات, دون مراعاة لحقوق العراق المائية.
الاعتداء التركي على الحصة المائية للعراق، يجب أن تعده الحكومة العراقية عملا عدائياً, يستلزم اتخاذ الإجراءات القانونية الصارمة تجاهه.. وبما أن بغداد لن تستطيع تحشيد الجيوش على حدود تركيا كما فعلت في عام 1990 لأسباب عديدة ، إلا أنها تستطيع استخدام الملف الاقتصادي, الذي يشير إلى أن حجم التبادل التجاري يصل لأكثر من 20 مليار دولار, معظمها بضائع من تركيا عبر المنافذ الحدودية، وبالتالي أصبح العراق اكبر سوق للبضائع التركية في المنطقة, والتهديد بقطعها او في الأقل وضع ضرائب إضافية عليها, هو كورقة ضغط اقتصادية بالإضافة لتحريك الجانب الاممي عبر قناة الأمم المتحدة,لدفع أنقرة وثنيها عن التمادي في تجفيف العراق وقتل الحياة فيه.. وهي أدوات ضغط يمكنها أن تحقق لنا مكاسب في هذا الملف الحيوي.. وغيره.

22
السيد السوداني في مواجهة مع إقليم كردستان.
محمد حسن الساعدي
ربما للوهلة الأولى يجد القارئ أن الأزمة بين الحكومة الاتحادية وبين حكومة إقليم كردستان لاحل لها،وأن الملفات بين الطرفين غلقت والمباحثات والنقاشات انتهت،وهذا ما تعكسه بعض الفضائيات والأقلام التي تحاول تخريب وتأزيم وتعكير أي علاقة بينهما،أو التشويش على انجاز الحكومة في هذا الملف الحساس والمهم.
بعد أكثر من خمسة أشهر على تشكيل حكومة السيد السوداني ربما يراهن البعض على إن الجمود السياسي قد يواجه الأخير، خصوصاً بعد الأزمة الأخيرة بين حكومته وبين إقليم كردستان،ما يهدد تقويض جهوده للاستقرار ولملة ميزانية الدولة التي بات المواطن العراقي بأمس الحاجة لها،حيث تعهد السيد السوداني بإصلاح الاقتصاد ومحاربة الفساد وتحسين الخدمات العامة المتدهورة ومكافحة الفقر والبطالة.
الحزبان الكرديان(الوطني- الديمقراطي) ومعهما من الأحزاب الإسلامية الأخرى شكلوا جزءً مهماً من أئتلاف إدارة الدولة والذي أستطاع بسرعة وحكمة من تشكيل حكومة السيد السوداني، ويمتلكون الجدية في حلحة الملفات العالقة بين كردستان وبغداد،وبما يخدم المصالح المشتركة للشعب العراقي بكل مكوناته، ما جعل ملف الخلافات يفتح من جديد،ولكن هذه المرة على أساس الشفافية والثقة والجدية في حل الأزمة والانتهاء منها،بعيداً عن لغة التخوين بين الطرفين،وبدون قيود من اجل إنهاء هذه الخلافات معتمدين في حلها على بنود الدستور والقوانين التي كفلها الدستور.
العلاقة الجادة والهادئة بين حكومة السوداني وإقليم كردستان من شانها أن تكون اللبنة الأولى في توثيق عرى الثقة بين الطرفين،والركون إلى الحوار الجاد،ومناقشة الملفات بروج الأخوة بعيداً عن التخوين أو الاتهامات المتبادلة،خصوصاً وأننا نتابع إن هناك وفوداً كبيرة ورسمية مهمة تأتي من الإقليم إلى بغداد وعقدت الكثير من الجلسات الحوارية والمناقشات المستفيضة من أجل الوصول إلى الحل النهائي لكل المشاكل العالقة بين الطرفين.
نجاح حكومة السيد السوداني مرهون بتماسك حكومته،والثقة المتبادلة بين القوى السياسية في أئتلاف إدارة الدولة، والذي هو الآخر جاد تماماً في إنجاح حكومة الأخير، وبما يحقق الاستقرار السياسي والاقتصادي،وتحقيق التعهدات التي تعهد بها السوداني أمام الإطار التنسيقى والقوى السياسية الأخرى المنضوية في أئتلاف إدارة الدولة.
أي خلاف أو نزاع بين الحكومة الاتحادية وإقليم كردستان من شانه أن يوتر الأجواء السياسية،ويعكر العلاقة بينهما، وهذا ما تريده بعض الأطراف التي تراهن على فض التحالف الذي شكل حكومة السيد السوداني، لذلك أعتقد وكما يرى الكثير من المراقبين على جميع الأطراف في أئتلاف إدارة الدولة الانتهاء من هذه الخلافات والذهاب إلى تحقيق الاستقرار السياسي في البلاد .
 
 

23
ماذا بعد مرور20عاماً على اجتياح العراق؟!
محمد حسن الساعدي
بعد مرور أكثر من  عاماً على اجتياح الولايات المتحدة الأمريكية للعراق، وإسقاط نظام صدام، والذي يُعد من أكثر الأنظمة الديكتاتورية فتكاً وهتكاً للحرمات وسفكاً لدماء شعبه، هناك إجماع على إن الحرب كانت خطأً فادحاً، وعلى الرغم من الإجماع والدعم الدولي،إلا إن عملية إسقاط النظام شابها الكثير من الأخطاء والمعوقات التي حالت دون بقاء النظام السياسي والدولة.
ما يعزز هذه القناعة هو حالة الفوضى التي سادت عملية إعادة بناء العملية السياسية في البلاد،وما شاب من عمليات الفساد الكبيرة التي رافقت عمليات الأعمار سواءً تلك التي كانت تحت رعاية الحاكم المدني"بول بريمر" أو التي كانت سبباً في بقاء عمليات الفساد المنظمة التي رافقت تشكيل الحكومات المتعاقبة، وما رافقها من قوانين واجتهادات لبريمر،والتي كانت من أهم أسباب بقاء عمليات السرقة المنظمة وهب المال العام من كبار الساسة الذين تربعوا على قيادة العراق،حتى وصل الحال إلى إن أغلب البنوك الإقليمية والدولية تعمل بالأموال العراقية المهربة إليها.
في عام 2003 قدّر البنك الدولي الناتج المحلي للعراق بحوالي 21.9 مليار دولار، في حين وصل الناتج المحلي في عام 2021 ما يقرب من 208 مليار دولار، وبذلك ارتفعت المقاييس للحياة في العراق وتنوعت،وعلى الرغم من الضربات التي وجهت للنظام السياسي بعد عام 2003، وما شابه من عمليات الفساد التي ضربت مؤسسات الدولة كافة،إلا إن هناك تحول ديمقراطي جيد وانتخابات تنافسية وليست كما يروج لها قبل عام 2003 والنتيجة تكون فيها محسومة .
الأمر الأكثر دهشة وعلى الرغم من قناعة واشنطن إن العراق أصبح تابعاً لطهران، ويعمل تحت رايتها وقراراتها،وخصوصاً بعد انسحاب القوت الأمريكية عام 2011 بأمر من الرئيس الأمريكي"باراك أوباما"، ولكن في نفس الوقت لم نرى أو نلمس هذا النفوذ في مراحل تشكيل أي حكومة، بل أن هناك دعماً ملموساً في أي حكومة تتشكل وموقفاً سياسياً رافضاً لأي أنقسامات في الداخل العراقي تتسبب في التدهور الأمني وعدم الاستقرار في الشارع الداخلي .
لقد أثبت السيد السوداني انه ليس يد إيران في العراق،وله موقفاً سياسياً وقرار مستقل من أي موقف إقليمي أو دولي، وينبغي للعراق أن يكون بلداً مستقلاً بعيداً من التدخلات التي تضر بمكوناته أكثر ما تقوي عنصر الثقة بينها، وعلى الرغم من ترشيحه من ق الإطار التنسيقي القريب من طهران، إلا انه يبدي حالة التوازن بين ما يخدم مصلحة العراق وشعبه ، وبين ما يكون سبباً في التهدئة في المنطقة عموماً من خلال رعاية العراق لطاولة الحوار بين الأطراف سواءً طهران ودول الخلي حاو طهران والولايات المتحدة .
حالة التوازن التي أعتمدها السيد السوداني في سياسته تجاه القضايا الخارجية أثمرت كثيراً في حالة الاستقرار السياسي في البلاد،على الرغم من ما ساد من فوضى قبيل تشكيل حكومته، إلا أنها تشكيل هذه الحكومة كان الأسرع منذ 2003 وخرجت هذه الحكومة بمخاض يسير جداً وبوقت قياسي، وان له موقفاً من بقاء القوات الأمريكية في البلاد، والذي ينبغي أن يكون للبرلمان الموقف الأساسي والرئيسي بعيداً عن أي ضغوط سياسية تمارس هنا أو هناك.
يبقى الخطر الأكبر والأبرز الذي يهدد الدولة العراقية هو الفساد المستشري الذي بدأ يضرب أركان الدولة المهمة ويصل إلى القيادات السياسية، والذي يعد احد الموروثات السلبية للتدخل الأمريكي في العراق،وساعد في تكوين طبقة من المليادريرية فيه،حيث تصل شهرياً ما بين مليار إلى ملياري دولار أموال من البنك الفيدرالي الأمريكي لدعمه في رواتب موظفيه، وتوفير رأس المال للمشاريع والاتفاقيات التجارية الخارجية، فتوفرت بيئة للفاسدين من سرقة المال والتلاعب به حتى وصل الحال إلى اختلاس مليارين ونصف المليار في صفقة وصفت بأنها الأقوى والأكثر فساداً في القرن الحالي.
يبقى شي مهم هي الخطوات التي تقوم بها حكومة السيد السوداني في أصلاح المنظومة السياسية والحكومية، وطرد الفاسدين،وإعادة الأموال المهربة إلى الخارج، وتقوية الاقتصاد، وغيرها من برنامج عمل تعهد به خلال فترة رئاسته للوزراء، ومدى قدرته على هذه التعهدات وسيبقى السؤال الأكثر جرأة في إمكانية حكومة السيد السوداني من الإطاحة بالرؤوس الكبيرة للفساد في وقت قياسي بعيداً عن الضغوط السياسية وأن الشعب العراقي ينتظر هذه الخطوات ليكمل طريقة وخلاصه معه. 
 
 

24
الحرب الروسية الأوكرانية و المشهد العراقي.
محمد حسن الساعدي
باتت الأوضاع والأحداث في العالم مرتبطة ببعضها بشكل وثيق، فكل هذه الملفات يأثر الواحد بالآخر ويتآثر.. فالحرب في أي مكان ستلقي بتأثيرها على المشهد الاقتصادي للمنطقة وتحديداً العراق، ولا يقتصر هذا على المشهد الاقتصادي فحسب، بل تعداه الى الجانب السياسي، ولنا في تأثيرات الحرب الروسية- الأوكرانية خير دليل.. حيث بات من المهم ان نقرأ المشهد العراقي من زاوية(روسية-أوكرانية).. فما شهده بلدنا من متغيرات أقتصادية، بدأت بالتأثير عليه من خلال الارتفاع اللافت في أسعار النفط في العالم، وما تركه من تفاعل بالإيجاب على الوضع الاقتصادي للبلاد.
العراق من البلدان التي تؤثر وتتأثر بالمشهد ومتغيرات الدول، وبات العالم يستشعر حجم المازق الذي يعيش به بما يخص موارد الطاقة،لذلك ذهب الى ضرورة إيجاد منفذ ثاني لتغطية النقص الحاصل فيها،والعراق هو احد هذه المنافذ التي يُعتمد عليها في تزويد العالم بالنفط..
تبعا لما سبق صار لا بد أن يكون العراق مستقراً سياسياً واقتصادياً، ليصبح مؤهلاً لهذه المهمة.. لذلك عمدت الولايات المتحدة الامريكية لدعم إيجاد الاستقرار السياسي المناسب له، من خلال إيجاد الوسائل الضرورية لهذا الاستقرار، وتوفير البيئة الآمنة له.
البيئة العراقية من جهتها ربما تعد آمنة لدعم الاقتصاد العالمي بالنفط،إذا ما توفرت لها كل الوسائل الضرورية لهذا الاستقرار، عبر توفير القوانيين والتعليمات التي من شانها تذليل العقبات، وإزالة المعرقلات التي توثر على عمل الحكومة وتنفيذ برنامجها الحكومي،وإيجاد الاليات التي من شانها تسهيل عمل الحكومة.. هذا جعل حكومتنا في موضع مريح لكنه يتطلب ضرورة إستثمار هذه الفرصة الثمينة، التي أنتجتها ازمة الطاقة العالمية بعقد الاتفاقيات الاقتصادية مع هذه الدول، وفق مبدأ التوازن، وان تبنى هذه الاتفاقيات على أساس مصالح الشعب العراقي..
نقلت مصاذر ان الوفد الذي وصل الى العاصمة واشنطن برئاسة السيد فؤاد حسين، عازم على مواجهة الازمة الاقتصادية، وفق رؤية الحكومة العراقية ومصالح البلد، وليس على اساس ما تريده واشنطن من العراق، كما يحلول ان ينقل صورة مفادها، أن على واشنطن ان تنظر الى العراق كحليف وليس تابع.. وان له قرارا سياسيا نابعا من مصلحة هذا الشعب..
للعراق دوراً رئيسي ومهم في أن يكون المفاوض البديل، عن واشنطن في حواراته مع طهران، او حتى مع روسيا، وهذا يتيح ان تصبح  بغداد طاولة حوار لهذا الخلاف،وتقريب وجهات النظر بين الفرقاء.
حكومة السيد السوداني وكما يبدوا لحد الان، جادة في إيجاد الاصلاحات الضرورية لمعالجة الخلل في بنية الدولة،وتنفيذ الإجراءات  الضرورية لتحسين الاداء الحكومي،بالاضافة الى ضرورة ان يكون هناك تفعيل لدور القضاء عبر ملاحقة مافيات الفساد وسراق المال العام..
بعكس ذلك ستبقى حكومة السيد السوداني ومن خلفها البلاد، رهينة الرغبات واجندات دول اخرى، وسياسات ومصالح تلك الدول،وستبقى عرضة للاسقاط بأي لحظة،لان تلك الدول تبحث عن مصالحها فقط.

25
واشنطن تعيد للعراق.. ديناره
محمد حسن الساعدي
اكتسبت رحلة وفد العراق، برئاسة وزير الخارجية السيد فؤاد حسين أهمية وحساسية تختلف عن سابقاتها..
فرغم أن هكذا زيارات تجري عادة، لمناقشة العلاقة بين بغداد وواشنطن، والقضايا المشتركة بين الجانبين،وأهمها الاتفاقية الإستراتجية بين الجانبين، والتي ترسم العلاقة بين الطرفين، لكن تزامنها مع الأزمة الاقتصادية الخطيرة، التي عصفت بالدينار وجعلته ينخفض، بصورة لافتة أمام الدولار، جعلها مهمة لمصلحة العراق واقتصاده..
الواقع أثبت أن بغداد ما زالت بحاجة إلى الدعم الأمريكي، في معالجة الاقتصاد الداخلي وأهمها تقوية الدينار العراقي، كما أن موارد العراق جميعها تقريبا، أمست بيد واشنطن خصوصاً، وأن العراق ما زال يخضع لقانون البنك الفيدرالي الأمريكي، وسياسة البنك الدولي، في آليات الحصول على الدولار، لتمشية أعمال الحكومة ومشاريعها وتغطية واردتها.
عملية التلاعب التي بدأت في "مزاد العملة" والذي بدأته الولايات المتحدة عام 2004 للسماح للمصارف العراقية بالوصول إلى الدولار وبأسعار تفضيلية، لتمويل المشاريع بالإضافة إلى السلع الواردة له،ويتم ذلك من خلال حساب عراقي، في بنك الاحتياط الفيدرالي ومقره نيويورك، ويتم من خلاله توجيه عائدات النفط.. لكن عمليات الفساد الكبيرة التي والتلاعب من خلال مافيات الفساد، وتهريب الأموال إلى دول الجوار، عبر شركات وأشخاص وهميين، في محاولة لتهديد الاقتصاد العراقي، جعل واشنطن والبنك الفيدرالي الأمريكي ينتبه لهذه العملية الخطيرة في تهريب العملة،ويحذر بغداد من هذه المافيات الخطيرة..
يقال في أروقة الاقتصاد السياسي، أنه ومنذ عام 2012 ما يصل إلى 80% من مبيعات المزاد بالدولار، كانت مرتبطة بصفقات غير قانونية، يتم تحويلها إلى الخارج!
عام 2015 قيدت واشنطن مؤقتاً، تدفق الدولار لإيقاف عمليات التحويل، ولكنها تراجعت عندما احتجت بغداد، ووافقت على إجراء بعض الإصلاحات التي وصفت بالتجميلية، على عمليات التحويل التي يقوم بها "سوق الأوراق المالية" وبسبب القلق المستمر من إمكانية وعدم الاستقرار في العراق، عمدت واشنطن إلى إلقاء الوضع الاقتصادي العراقي في أزمة كبيرة وخطيرة، من خلال إيقاف تدفق الدولار لبنكه المركزي، وإيقاف تمويل الواردات العراقية، وقننت هذه الواردات حتى وصلت إلى النصف.
يعتقد كما يرى كثير من المحللين السياسيين، أن البنك المركزي العراقي لديه الإمكانيات الجيدة، للسيطرة على عمليات التهريب المنظمة،وإجراء إصلاحات اقتصادية على سوق العملة،وملاحقة عمليات التهريب، التي تقوم بها عصابات الجريمة، عبر منافذ متعددة في العراق،ومكافحة غسيل الأموال.
حكومة السيد السوداني مطالبة اليوم، بإيجاد آليات عملية وحقيقية، لمعالجة ملف سعر صرف العملة، وربما هناك حلول قريبة كما يتداول, ولكنها لن تكون سريعة وآنية، وهذا طبيعي أمام المشاكل الكبيرة المتراكمة، فلا يمكن بأي مقاييس سياسية أو اقتصادية، أن يكون حلها سريعا.. وأي إجراء تقوم به الحكومة, لمعالجة هذا الملف وغيره, سيكون كفيلاً بالتغير الإيجابي نحو اقتصاد مستقر.

26
حكومة السوداني بين التوازن السياسي والمحاور!
محمد حسن الساعدي
شهدت مرحلة تولي حكومة السيد السوداني الكثير من العقبات،والمعرقلات التي كانت احد أسباب بطئ الاجراءات التي تقوم بها الحكومة،فحالة الخلاف السياسي ما زالت دائرة بين القوى السياسية،فبعضها يقف عند إجراءات الحكومة في معالجة السلبيات في إدارة الدولة، والبعض الآخر يذهب الى طريقة تعاطي السيد السوداني مع هذه الملفات،ولكن بالمقابل وقفت مشاكل جمة امام حكومة السيد السوداني،وتركة ثقيلة من الحكومة السابقة،فالغت الكثير من القرارات والاجتهادات الشخصية التي قامت بها حكومة السيد الكاظمي،وتاخرت كثيراً في معالجة الكثير من الملفات السياسية والخدمية،إذ وبعد مرور مئة يوم على تشكيل الحكومة لم يتم معالجة ملفات مهمة وعدت الحكومة بمعالجتها.
ملف وجود القوت الامريكية من الملفات المهمة والحساسة،والتي دعمتها حكومة السوداني حيث عبرت عن موقفها المعلن لمهمة الولايات المتحدة والذي يبدو للقارئ انه تحول مفاجئ من بغداد، الا انه في نفس الوقت يعكس تحركاً ثابتاً نحو واشنطن في السنوات الاخيرة،كما ان القادة العسكريون انفسهم قد أقروا بضرورة تواجد هذه القوات،لذلك هذا الملف هو من الملفات التي حسمت من قبل مجلس النواب العراقي،وان أي قرار يتخذ من الضروري ان يكون من خلال نافذة مجلس النواب حصراً.
عمد السيد السوداني الى ان يكون نقطة توازن مهمة في العلاقات الخارجية،وتحديداً العراق مع محيطة الاقليمي والدولي،ويكون نقطة اللقاء بين القوى الخارجية المختلفة على الارض العراقية،فكان يبتعد عن المحاور لئلا يقع في مستنقع التصارع السياسي الدائر بين هذه القوى الخارجية وتحديداً(واشنطن-طهران) والتي تسعى بكل ثقلها بالمنطقة من اجل أضعاف الطرف الآخر،ولكن ما أثر على المنطقة عموماً وجعل واشنطن تعود الى وضع المدافع والمراقب،دخول الصراع الرسوي الاوكراني على خط الازمة العالمية،وأستشعار واشنطن بضرورة ان يكون هناك منفذ ثاني للطاقة في العالم،وان يكون مصدر هذه الطاقة هو العراق،لذلك بدأت واشنطن بالسماح لحلفائها بعقد الاتفاقات الاقتصادية مع بغداد ومنها (المانيا،فرنسا، وسنجد هناك اتفاقات أقتصادية مع آخرين).
من الضروري جداً ان يسعى العراق الى تبني مبدأ التوازن في علاقاته سواءً سياسياً أم أقتصادياً،وفق مبدأ وقانون"مصلحة العراق" وان تسعى حكومة السوداني الى الانفتاح السياسي والاقتصادي مع الجميع،وتحديداً الوضع الاقليمي الذي ينتظر من العراق صفحة جديدة ومتميزة بالعلاقات وتبادل المصالح وفي كافة الصعد.
العامل الدولي مؤثر جداً على المشهد السياسي والاقتصادي على حد سواء،وبات يدخل في المتغيرات على الارض،لان الواقع الاقتصادي يرتبط أرتباطاً وثيقاً بالواقع السياسي،لذلك نجد أن القوى الغربية تتحكم بالمشهد الاقتصادي بالعالم من خلال منظمات تراقب عمل وحركة الدولار في العالم وتراقب عمليات التهريب التي تمارسها بعض الجهات ومن ضمنها العراق،والذي أثرت عمليات التهريب الى دول الجوار الى أقتصاده، وأثرت بالسلب على قيمة الدينار امام الدولار،ما ساهم فعلاً في صعوده وتأثيره السلبي على حياة المواطن وقوته اليومي.
حكومة السيد السوداني مطالبة اليوم بإيجاد السبل الكفيلة والمهمة في معالجة التلكئ في ملف العلاقات الخارجية بين العراق ووضعه الاقليمي والدولي بالاضافة الى إيجاد ألية واضحة للملف الاقتصادي في البلاد،وربما نجد هناك حلول قريبة لهذا الملف ولكنها لن تكون سريعة وآنية، لذلك من الطبيعي أمام المشاكل التي تقف عائقاً امام حكومة السيد السوداني ان تنتظر الحلول البطئية،خصوصاً وأن التركة ثقيلة وكبيرة ، ولا يمكن باي مقاييس سياسية او حتى اقتصادية يمكن حلها بسرعة، لذلك أي إجراء تقوم به حكومة السوداني في معالجة هذا الملف سيكون كفيلاً بالتغير الايجابي نحو اقتصاد حر ومستقر في العراق.

27
من يمسك الدولار في العراق؟
محمد حسن الساعدي
لاشك أن معيشة المواطن العراقي البسيط ومتطلباته اليومية, من أهم الأولويات, كونها تلامس حياته وقوته اليومي، وأي مضاربة أو تلاعب يتعلق بها, سيؤثر على حياته ومعيشته.. لذلك فأن عملية صعود الدولار أمام الدينار العراقي باتت تهدد القوت اليومي للمواطن, وتؤثر في حياته ومستقبل عائلته.
عملية صعود الدولار أمام الدينار العراقي, فيها جنبة سياسية وأقتصادية، فعملية التهريب المنظمة التي تمارسها بعض المصارف المحلية إلى دول الجوار، كانت من اهم الأسباب التي دفعت البنك الفيدرالي الأمريكي, لإيقاف هذه المصارف ومنع التعامل معها، خصوصاً مع علمنا أن التعامل المصرفي بالدولار, يراقب بدقة من قبل الجانب الأمريكي، وهذا بديهي جدا إقتصاديا وسياسيا, والذي يعتبرها مصدر قوته في العالم.
العامل الدولي هو الأخر كان مؤثرا جداً على المشهد السياسي والاقتصادي على حد سواء، وبات يدخل في المتغيرات على الأرض، فالواقع الاقتصادي يرتبط ارتباطا وثيقاً بالواقع السياسي.. فصار منطقيا أن نجد القوى الغربية هي من تتحكم بالمشهد الاقتصادي العالمي, من خلال منظمات تراقب عمل وحركة الدولار بل ومجمل الإقتصاد, وتراقب عمليات التهريب التي تمارسها بعض الجهات في العالم ودوله ومن ضمنها العراق، والذي أثرت عمليات التهريب على أقتصاده، وكان بشكل سلبي خصوصا على قيمة الدينار أمام الدولار، ما ساهم فعلاً في صعوده وتأثيره السلبي على حياة المواطن وقوته اليومي.
 
عمليات التهريب المنظمة والأموال العراقية الموجود في الخارج، كلها أسباب أثرت على عملية صعود الدولار أمام الدينار، وجعلته يتعرض إلى هذا الصعود والذي ربما سيتزايد شيئاً فشيئاً، ما لم تكن هناك إجراءات سريعة كفيلة بمعالجة الوضع الاقتصادي, والوقوف على عمليات التلاعب وتهريب العملة، كذلك على الحكومة إيجاد السبل الكفيلة لمحاربة التهريب للخارج, عبر إجراءات قانونية ورقابة مشددة على بعض المصارف التي علياه مؤشرات مريبة.. إلى جانب إعادة الأموال المهربة للخارج, عبر اتفاقيات تجريها الحكومة العراقية مع هذه الدول.
لا يمكن للحكومة العراقية أن تتحرك لوحدها ما لم يكن هناك تنسيق بينها وبين البنك الفيدرالي الأمريكي, واللجوء للحوار للوقوف على مكامن الخلل، وإيجاد أليات لمعالجة هذا الارتفاع.. كما ينبغي أن تكون هناك إجراءات داخلية منها "تقوية الدينار العراقي على حساب الدولار" وتمتين الاقتصاد العراقي وإدامته, عبر الإهتمام بالقطاع الخاص وتفعيل قوانين الاستثمار, وبما يعزز قو هذا القطاع, ويعطي فسحة له في المشاركة بتقوية الاقتصاد الوطني من جهة, وتوفير فرص عمل مهمة فيه.
حكومة السيد السوداني مطالبة اليوم بإيجاد أليات عملية لمعالجة ملف سعر صرف العملة، وربما هناك حلول قريبة كما يتداول, ولكنها لن تكون سريعة وآنية، فمن الطبيعي أمام المشاكل الكبيرة المتراكمة أمام حكومة السيد السوداني أن تنتظر الحلول متأنية، ولا يمكن باي مقاييس سياسية أو حتى اقتصادية أن يكون حلها سريعا.. وأي إجراء تقوم به حكومة السوداني, لمعالجة هذا الملف وغيره, سيكون كفيلاً بالتغير الإيجابي نحو اقتصاد حر ومستقر في العراق.

28
العراق والتحول الديناميكي في البنية السياسية المستقبلية.
محمد حسن الساعدي
شكّل دورة خليجي 25 التي أقيمت في مدينة البصرة جنوب العراق نقطة تحول مهمة في علاقة العراق مع جيرانه، وتحديداً دول الخليج التي تنظر إلى العراق بترقب في خطوات التحول الديمقراطي،فكانت نقطة الالتقاء المهمة في التقارب بينهما،وعكس الصورة الحقيقية للوضع السياسي للبلاد،لذلك ربما كانت "كرة القدم" هي الوسائل التي عبر فيها العراق عن رسالته نحو جواره الإقليمي،والدولي إلى حد ما،وهذا ما شكّل بداية لتحول في السياسية المنتهجة في التعامل مع مختلف القضايا المصيرية والتي ترتبط بالعراق وجيرانه،بالمقابل تغيرّت نظرة العرب ودول الخليج نحو العراق،لتكون نقطة انطلاق جديدة في الرؤية المستقبلية بين العراق وجيرانه.
تحوّل العراق نحو السوق الأوربية وتحديداً ألمانيا وعقد الشراكة بين العراق وشركة"CEMENS" المتعدد الأغراض أعطى دفعة قوية للعراق في ضرورة تسخير طاقاته وخيراته والظروف الاستثنائية التي يعيشها العالم من أجل البدء بنهضة تنموية تشكل جميع القطاعات وفي مقدمتها قطاعات الكهرباء والصحة والبنى التحتية للبلاد، وعلى الرغم على الرغم من التعهدات التي أطلقتها الولايات المتحدة تجاه العراق، بحماية أمنه واقتصاده منذ اجتياحه عام 2003، وتوقيعها ورقة الاتفاق الاستراتيجي بين البلدين، إلا أن مؤشرات هذا الدعم مفقودة تماماً على الأرض، فلا نجد أي دلائل للدعم في تبني البناء والأعمار للبنى التحتية أو المشاريع الكبرى، أو دعم مأسسة الحكومة وحماية المال العام من السرقة، وبقيت كل هذه الوعود والتعهدات حبرا على ورق, ولم تصل إلى درجة التطبيق بسبب السياسية الأمريكية المنتهجة تجاه العراق. 
بات من الضروري على حكومة السيد محمد شياع السوداني أستثمار حالة الصخب والصراع بين القوى العالمية،في البدء وسريعاً بعقد الاتفاقات التي من شانها تطوير البنى التحتية لمؤسسات العراق،وفق مبدأ المصلحة الوطنية للبلاد، وفتح قنوات تواصل مع باقي الشركات العالمية, التي تعمل في مجال البناء والإنشاء والبنى التحتية, مع الحفاظ على التوازن في بين واشنطن وبين هذه الشركات, وبما يعزز الشراكة المتوازنة من جانب, والانفتاح من جانب آخر، وبالتالي تحقيق الشراكة مع الجميع والسيطرة على الاقتصاد العراق داخلياً وفق منهج مدروس وواقعي فعال..
بعكس ذلك فستبقى حكومة السيد السوداني ومن خلفها البلد, رهينة لرغبات دول أخرى, وسياسات ومصالح تلك الدول, ..بل عرضة للإسقاط في أي لحظة، لان تلك الدول تبحث عن مصالحها لا مصلحة العراق وشعبه.. وفي مقدمة تلك الدولة امريكا, وهي دولة ليست التي يستهان بها وبتأثيرها الاقتصادي أو السياسي, خصوصا في وضع دولة مثل العراق ما زالت لم تستقر سياسياً وأقتصادياً.
 
 

29
عبدالله وحمد في البصرة بعد فراق طويل.
محمد حسن الساعدي
تلاقت لهجات مختلفة وقلوب متنوعة، في كرنفال رياضي كبير، احتضنته مدينة البصرة جنوب العراق، في افتتاح خليجي 25 ، ففتحت ذراعيها لاستقبال ضيوفها الوافدين، من كل إرجاء الدول المشاركة في البطولة، هذا العرس الخليجي سيجمع كل الأطياف والألوان برابط هو "الأخوة"..
تعد نسخة الخليجي متميزة بوجود كل من "الإمارات،الكويت، البحرين،قطر" مجموعة واحدة،بالإضافة إلى مجموعة "العراق،السعودية،اليمن،عُمان" ما يعني أن حدة التنافس ستكون قوية بين هذه المنتخبات، ما يرفع مستوى الإثارة والتنافس إلى أقصاها في كل المباريات.
لايمكن أن نعد هذا الكرنفال مجرد بطولة يحتضنها بلد عربي"العراق" حاله كحال بقية الدول المضيفة للبطولة، بل هي رسالة داخلية وخارجية، مفادها أن العراق بلدكم ما زال بخير، وينعم بالاستقرار وفتح ذراعيه لاستقبال أخوته، العرب والخليجين من كل الألوان والأطياف، وان العراق سيبقى بلد الجميع وللجميع، بغض النظر عن المسميات والاختلافات، أو محاولة عزل العراق عن محيطه العربي والخليجي، إلى جانب كونها رسالة إلى الداخل ، والى السياسيين تحديداً، بأنها فرصة مهمة للنظر من الأعلى إلى ما تصنعه "الكرة" من تقريب للقلوب، وأن يكونوا على قدر المسؤولية الوطنية والأخلاقية، في عبور البلاد إلى بر الأمان.
خليجي البصرة ليس مجرد مباريات للعب ( الكرة ) كما يراها كثيرون .. بل هي كرنفال دولي اخوي، ومهرجان عراقي يعبر عن عمق الثقافة العراقية، لذلك لا يمكن أن ينطلق هذا المهرجان الكروي، بهذا الشكل المزمع ولا بالتجمع المنتظر، ما لم تتوفر له الظروف الموضوعية، والتي حضرت قبله اللجان الدولية التحضيرية،وقطعت أشواط كبيرة في الاستعداد، وجهود ميدانية كبيرة بذلت وتوافقات اكبر، حتى خرج الخليجي بهذا الشكل اللائق، والذي يليق بالعراق وشعبه وحضارته ،فعودة الأشقاء العرب والخليجيين إلى العراق، لها دلالة وانعكاس لواقع جديد لا يمكن أن يقرا من زاوية رياضية فحسب،بل هو رسالة عراقية مهمة مفادها أن العراق بخير.
كرة القدم أصبحت أحد أهم الأذرع السياسية والتنفيذية، وتمتلك الأدوات لتحقيق ما تريد، من عكس واقع داخلي عراقي، للرأي العام العالمي الضاغط، بالإضافة إلى الواقع الاقتصادي الذي تعيشه المنطقة، لذلك مثل هذه الفعاليات يمكن لها، أحداث أي تغيرات ومطالب متوقعة، تكون قادرة على محاكاة الواقع، واستنهاض الهمم والانطلاق، نحو ضفاف شواطئ جديدة، ملؤها الأمن والسلام والعمل والتعاون والانفتاح، وإعادة البناء المجتمعي والثقافي، بما يختلف جذريا عما كان سائدا ..

30
إقتصادنا في مرمى الاستهداف الأمريكي.. ماذا بعد!
محمد حسن الساعدي
على الرغم من التعهدات التي اطلقتها الولايات المتحدة تجاه العراق، بحماية أمنه واقتصاده منذ اجتياحه عام 2003، وتوقيعها ورقة الاطار الاستراتيجي بين البلدين، إلا ان مؤشرات هذا الدعم مفقودة تماماً على الارض، فلا نجد أي دلائل للدعم في تبني البناء والاعمار للبنى التحتية او المشاريع الكبرى، او دعم مأسسة الحكومة وحماية المال العام من السرقة، وبقيت كل هذه الوعود والتعهدات حبرا على ورق, ولم تصل الى درجة التطبيق بسبب السياسية الامريكية المنتهجة تجاه العراق.
الولايات المتحدة ومنذ نشأتها, ودخولها الى الاقتصاد العالمي, لم نرها دخلت يوماً الى دعم اقتصاد أي دولة, الا بما يخدمها، وتجنى منه مصلحة مضاعفة.. فعندما نجدها دعمت كثيرا من الدول, فلا لاجل مصلحة تلك الدول بل, وإنما لغايات هي تريدها لنفسها, وتجني من ورائها مصالحها العليا، وللاسف فكثير من الأنظمة العربية كانت داعمة, بل واداة لهذا النهج الإستبدادي, الذي جعلهم خاضعين خانعين لسياسيات البيت الأبيض التوسعية.
عمدت واشنطن الى خفض الدعم المالي للعراق, من الاموال الموجود في صندوق التنمية العراقي من مبيعات النفط, في سابقة خطيرة تهدد أقتصاده وتنذر بتعرضه الى الانهيار، وسقوط عملته "الدينار" امام الدولار، ما يعني فقدانه لقيمته داخلياً، وهذا الاسلوب في الحرب ضد الدول التي تعتمد في اقتصادها على الدولار, يعد مواجهة مباشرة ومحاولة لتجويعه أقتصادياً، وبما يمس أمنه الإقتصادي عموما والغذائي خصوصا.
امام هذا الضغط السياسي والاقتصادي, ينبغي على الحكومة العراقية ان تتخذ اجراءات, تحيّد سياسية واشنطن الضاغطة, على ان تكتفي داخلياً من من العملات الصعبة وتعتمد على الدينار العراقي، وتتخذ اجراءات كفيلة بحماية عملتها, عبر تحجيم دور المصارف الاهلية, ومحاولة هيمنتها على السوق, بالاضافة الى وضع يدها وبصورة كلية على سوق الاوراق المالية، وإبعاد الفاسدين من لعب دور في شراء وبيع العملة، وان تعمل على إعادة الأموال مهربة الى الخارج, عبر الاتفاقات مع الدولة المهرب اليها، وبما يحقق الاكتفاء الذاتي ماليا، بعيداً عن سياسة المضاربات والتهديد بالاقتصاد، وإيقاف النزف المالي للبلاد.
يعتقد وكما يرى كثير من المراقبين والمحللين الاقتصاديين, ان العراق يمكن له ان ينفتح على الاقتصاد العالمي، وفتح قنوات تواصل مع باقي الشركات العالمية, التي تعمل في مجال البناء والانشاء والبنى التحتية, مع الحفاظ على التوازن في بين واشنطن وبين هذه الشركات, وبما يعزز الشراكة المتوازنة من جانب, والانفتاح من جانب آخر، وبالتالي تحقيق الشراكة مع الجميع والسيطرة على الاقتصاد العراق داخلياً وفق منهج مدروس وواقعي فعال..
بعكس ذلك فستبقى الحكومة ومن خلفها البلد, رهينة لرغبات دول اخرى, وسياسات ومصالح تلك الدول, لا مصلحة العراق وشعبه.. وفي مقدمة تلك الدولة امريكا, وهي دولة ليست التي يستهان بها وبتأثيرها الإقتصادي او السياسي, خصوصا في وضع دولة مثل العراق..

31
شباب الناصرية..بندقية للايجار!
محمد حسن الساعدي
ما أن تحصل أحداث تصعيدية سياسية، حتى يكون الشارع واحدا من محطاته، ويكون الشباب هم وقوده، وما حصل فعلاً من أحداث تأزيمية، خلال التظاهرات الأخيرة، ومنذ انطلاق التظاهرات التشرينية ونحن نراها تنعكس من الشارع وفيه..
كذلك صارت  أهداف جهات كثيرة يسعى لها عبر النزول إلى الشارع، وعبر استخدام كل الوسائل القانونية وغير القانونية، من أجل مصالح ضيقة، أو غايات فردية او أجندات، التي تعتبرها هدفاً تعمل لتحقيقه.
ما يحصل في محافظة ذي قار لا يدخل في خانة المطالبة بالحقوق، بقدر ما هو صراع مناصب، بين تجار الدم والمال والكرسي، وهم يسعون إلى أن يكون شباب المحافظة وقود هذا الصراع، لذلك كان من أولويات القوى الأمنية، الضرب بيد من حديد، أمام كل المحاولات في تسيس المدينة، وجعلها بمتناول يد العصابات، والتجار الذي يحاولون التحكم بالمحافظة، حتى وصل الحال الى ان يتدخلوا بالعقود التي تقوم بها المحافظة مع الشركات العالمية، والخاصة بأعمار المدينة، حيث يسعى هولاء الشباب ومن يقف خلفهم من أصحاب الأجندات والتجار، إلى تجنيد هولاء المساكين، من أجل قطع الطرق أو محاصرة الشركة التي تريد تنفيذ المشروع، او حتى محاصرة المحافظة، وهذا ما تم فعلاَ خلال محاصرة المحافظة مؤخراً وإحراقها.
ما يحصل في محافظة المظلومية ( الناصرية) خصوصاً أو الجنوب عموماً، لايمكن تصويره الا خروجا عن المألوف.. بل مستغرب تماماً.
الجنوبيون هم الشهداء الأحياء، وهم الجنود الأوفياء بيد مرجعيتهم، بل أهم أهل التقاليد والعادات والحظ والبخت، وما يجري اليوم من هتك الحرمات وحرق الممتلكات، لايمكن درجه إلا في خانة التآمر، على هذا الجزء الحي من العراق .
ما يجري من تخريب للممتلكات وقتل للنفس المحترمة، لايمكن عدّه الا تخطيطا مبرمجا لحرق الجنوب كله، وتنفيذ مخطط بأشراف اللوبي الصهيوني، وبالتعاون مع بعض دول الخليج، والتي لم ولن تدخر جهداً في تخريب الوضع السياسي للبلاد، وإثارة النعرات الطائفية والقومية، ولكن هذه المرة ستكون حرباً(شيعية-شيعية) تحرق الأخضر قبل اليابس، إضافة الى تنفيذ كل خطوات هذا المخطط الخبيثة، في السيطرة على المدينة، وإخراج السجناء من الإرهابيين والقتلة من العرب والخليجين في سجن الناصرية..
لذلك فان ما يجري من تخريب متعمد وحرق للممتلكات العامة والخاصة، وهو تصعيد مفاجئ خصوصاً وأن عمليات التخريب تدور في جغرافية محددة، وهي المحافظات الجنوبية، فيا ترى ما هي الدوافع أو الأهداف التي يحاول فيها المحتجون الوصول إليها؟!
الهدف معلوم وواضح للجميع، إلا وهو إدخال محافظات الجنوب في الفوضى، وذلك من أجل منع أي انتخابات قادمة، وإبقاء الوضع على ما هو عليه، إضافة إلى الدعم الكبير الذي تتلقاه جماعات التخريب، والتي تسعى إلى إيجاد حالة "الفوضى الخلاقة" في الجنوب وإشغال فتيل الاقتتال بين أبناء البلد الواحد . هناك مسؤوليات كبيرة تقع على العشائر العريقة في جنوب البلاد ، كما ان هناك واجبا شرعيا عليها في ضرورة المحافظة على تماسك المجتمع، ومنع انزلاقه إلى حرب طاحنة، تقودها عقول التخلف الجهل نحو الهاوية، وهذا ما تسعى إليه القوى الغربية في عكس فشل القوى السياسية "الشيعية " في الإدارة والحكم..
كما على الدولة مهام حساسة ومهمة، في الكشف عن هذه التظاهرات وحماية البريء منها ، وملاحقة الأجندات ومحاسبتها، بل من المؤكد ضرورة بث الوعي السياسي بين أبناء الجنوب أن البلد بلدهم ، وان مطالبهم حقة ، وينبغي على الحكومة ان تسعى جاهدة على تحقيقها..
كما أن على الحكومة تنفيذ المطالب المشروعة، للشعب العراقي عموماً والمناطق المحرومة خصوصاً ، وتوفير الخدمات وبما يتسق والشعارات التي رفعتها حكومة السيد السوداني.

32
بلاسخارت تغادر أرض المعركة!!
محمد حسن الساعدي
الزيارة التي قامت بها ممثلة الأمين العام للأمم المتحدة في العراق السيدة جينين بلاسخارت، إلى المرجع الديني الأعلى سماحة الإمام علي الحسيني السيستاني في مقر أقامته بالنجف الاشرف، ليست بالحدث الطبيعي في هذا الوقت الراهن والحساس والذي تمر به البلاد..
هي كذلك ليست في إطار الاستئناس برأي المرجعية الدينية العليا، حول طبيعية التحديات التي تواجهها العملية السياسية، فبالإضافة لانتهاء مهمتها في العراق، تأتي الزيارة للاستماع إلى توجيهات المرجعية الدينية العليا، حول جميع الملفات لتقرأ كيف إن هذه المرجعية ملمة بجميع الملفات وبأدق التفاصيل، ومراقبة للوضع عن كثب، وتفهم تحديات الحكومة الحالية، ومجريات الأحداث والصعوبات التي تواجه مجمل الوضع السياسي، كذلك التحديات التي تواجه البشرية والمقدسات بشكل عام.
المرجعية الدينية العليا وكما يبدوا تسعى،لإرساء قواعد معادلة جديد في البلاد مغايرة لمعادلة الحكم البعثي الجائر، على أسس من العدالة،والاعتماد على الشعب العراقي، في إرساء هذه القاعدة لأنه يمثل مفتاح الحل لكل المعادلات، استنادا على الانتخابات وبناء مؤسسات الدولة على أسس قوية ومتينة، ومحاسبة المقصر والفاسد واستبداله عند أي تقصير بواجبه..
فهي ترى أن الانتخابات هي الأسلوب الأمثل لإدارة الدولة، لان العراق متعدد المكونات والقوميات والاثنيات والمذاهب، وأن الطريق الأسلم للحفاظ على وحدته هو الانتخابات، ولا طريق واقعي متاح سواه لبناء الدولة، على أسس الحقوق المنصفة واحترام المكونات كافة دون تمييز بين احد.
المرجعية أكدت في لقاءها مع ممثلة الأمم المتحدة وكما يرى محللون، على إن الدستور هو الفيصل في جميع القضايا الخلافية، والذي شارك بكتابته جميع المكونات، ويحظى بمقبولية كبيرة لدى الشعب العراقي، لذلك من الضروري اعتماد قانون انتخابي عادل، يتم من خلاله انتخابات مجلس نواب وحفظ النظام وخدمة الشعب العراقي، وتثبيت مبدأ الفصل بين السلطات الثلاث، ليكون القرار الأول والأخير بيد العراقيين أنفسهم، وضرورة الحفاظ على النظام العام في الدولة، وإشاعة العدل والمساواة، ونشر السلم الأهلي بين مكوناته دون تمييز.
من الواقعي القول أن الموقف العام والقوى السياسية عموماً، تعوّل كثيراً على حكومة السيد السوداني، في ترسيخ القانون وحفظه،والتحول التدريجي من حقبة فوضوية إلى حقبة تسودها لغة القانون والحزم والصارم، في محاسبة المقصر والفاسد،وحماية النظام العام بعيداً عن سلطة السلاح والقوة، التي يمارسها البعض في فرض نفوذه على البلاد،فالحكومة ومن قبلها الإطار التنسيقي، في اختبار جدي بقدرتهما على إدارة الدولة بجدية وحزم، وإعطاء صورة حقيقية عن هذه القدرة، كما هي رسالة اطمئنان للقوى التي لم تشارك،وتحديداً التيار الصدري الذي ينتظر أي تقصير أو تراجع، للانقضاض على الإطار وحكومته.. فعلى الإطار التنسيقي ترك الفسحة والمساحة الكافية للسيد السوداني، في إيجاد التغييرات الايجابية في مفاصل الحكومة، وترك القرار السياسي والسيادي بيده، بعيداً عن أي ضغوط تمارسها هذه الجهة أو تلك.. لان الجميع سيسقط بسقوطه، وكما إن مساحة الصراع العراقية، ودعت مقاتلا فإنها ستستقبل آخر جديد، سيدخلها ممثلا للأمم المتحدة في العراق .

33
الجيش العراقي على حدود كردستان
محمد حسن الساعدي
توالت ردود الأفعال المتباينة بين القبول والرفض لعمليات القصف الإيراني على الحدود وعلى بعض المواقع في كردستان بذريعة تواجد معسكرات للمعارضة للجمهورية الإسلامية في إيران والتي بلغ تعدادها أكثر من 74 معسكرا يقوم بتدريب المعارضين لإيران ويقوم بإدخال العناصر المسلحة للقيام بعمليات إرهابية .
البرلمان العراقي شرّع قانون في عام 2019 بمنع وجود أي قوت مسلحة أجنبية على الأراضي العراقية،وطالب بضرورة طردها،ومنع تواجدها على الأرض العراقية،وأن لا تكون الأراضي العراقية منطلقاً لاستهداف الجيران، ولكن لم ينفذ هذا القرار، علماً إن القوى السياسية الممثلة في البرلمان صوتت عليه بالإجماع.
حقيقة سعى البرلمان العراقي إلى ضرورة وجود القوات الأمنية والجيش العراقية لحماية الحدود ،وتحريك قطعات الجيش العراقي بالتنسيق مع حكومة إقليم كردستان لحماية الحدود الشرقية والشمالية لذلك سوف يكون هناك نوع من التنسيق العالي بين القوات العراقية و حكومة إقليم كردستان وقيادة البيشمركة كذلك .
وجود القوات المسلحة ومسك الأرض على الحدود الشرقية والشمالية لطرد هذه العصابات أولا ومن ثم ضبط الحدود وثالثا إزالة الذريعة في قصف المناطق العراقية .
نتفق تماماً على انه الرفض القاطع للمساس بالسيادة العراقية و محاولة أثاره الخلافات والمشاكل بين العراق وجيرانه كما نرفض وجود أي تشكيلات مسلحة تحاول المساس بالأمن القومي العراق أولاً أو تهدد السلم والأمن المجتمعي للجيران ، وان يكون العراق منطلقاً لاستهداف جيرانه .
الحكومة العراقية شددت على أن حماية الحدود العراقية شأناً حكومياً حصرا ولا يحق لأي جهة التدخل فيه ، كما أكدت على ضرورة أن يقوم الجيش العراقي بالانتشار السريع لضبط الحدود وطرد المرتزقة والعصابات المتواجدة في إقليم كردستان ، كما أكدت على أن يتم تصنيف هولاء هل هم لاجئون لكي يعاملوا كلاجئين ويدخلون في برنامج المساعدات الإنسانية ، وان كانوا مسلحين فيجب تجريدهم من سلاحهم وطردهم خارج الحدود العراقية وتامين الحدود نهائياً .

34
حكومة السوداني وإجراءات اللحظة الأخيرة .
محمد حسن الساعدي
منذ تشكيل حكومة السيد محمد شياع السوداني عشرة أيام،وتوالت القرارات التي أطاحت بالكثيرين،ومنهم قادة عسكريين ومسؤولي دوائر ومدنيين،وما زالت القائمة تطول أكثر وأكثر، ولكن ومع كل هذه الإجراءات التي تقوم بها الحكومة ولكن لم تصل إلى لب المهمة التي من اجلها تم أختيار السيد السوداني.
عملية التنقلات والإعفاء التي يقوم بها السيد السوداني هي من الإجراءات الاعتيادية والروتينية التي يمكن القيام بها من ابسط مدير عام،وأن عملية ملاحقة الفاسدين ليست بالأمر الشيق والصعب،بقدر ما تحتاج إلى إرادة سياسية في ملاحقته،وإلا يمكن لأي مواطن عراقي إن يفتح صفحة يسميها"فضح الفاسدين" حتى تنهال عليه المعلومات من كل حدب وصوب وبالأسماء، إلى جانب كون شخص السيد السوداني كان احد الأشخاص المسؤولين في الدولة العراقية،ويعلم جيداً حجم الفساد ومكامنه والداعمين له.
الفساد في العراق لايمكن له أن يتحرك إلا بوجود إرادة سياسية تحكمه،وتقوده نحو السيطرة على موارد البلاد وخيراته وثرواته، وإلا كيف يمكن لمبلغ مليارين ونصف دولار يسرق من مدخرات الضرائب وفي وضح النهار ما لم يكن هناك دعم وغطاء لهذه العصابات الكبيرة والتي سيطرت على مقدرات الدولة ومواردها.
هناك ملفات مهمة وإستراتيجية يمكن للسيد السوداني إن يضعها من أولياته،ألا وهي إعادة انتشار للجيش العراقي،والعمل على ضبط الحدود بأكملها،ومنع تسلل الإرهابيين الذين بدءوا يعيدون نشاطهم في مناطق مختلفة من ديالى وشمالها وغربها، بالإضافة إلى ضرورة العمل سريعاً من أجل حصر السلاح بجميع أنواعه بيد الدولة، ومنع سلطة العشائر والأحزاب على الدولة، كما يمكن للسيد رئيس الوزراء العراقي أن يعيد للعراق هيبته ومنع تدخل دول الجوار في الشأن العراقي ، ومنع أي خرق للسيادة العراقية،وفرض حماية وحصانة على أجوائه،وهذه خطوات هو يمتلكها خصوصاً مع الدعم السياسي والوطني الداخلي إلى جانب الدعم الإقليمي والدولي اللافت والذي يتيح له التحرك،بالأخص وأن السيد السوداني يمتلك القوة كونه القائد العام للقوات المسلحة،ورئيس مجلس الوزراء ما يعطيه فسحة اكبر للتحرك في حماية البلاد وفرض هيبة الدولة .
الملف الاقتصادي وتحسين وضع المواطن العراقي يكون بإجراءات بسيطة جداً، ومن أهمها تفعيل القطاع الخاص والاهتمام به من خلال إعادة أعمار المصانع والمعامل الكبرى، بالإضافة إلى الاهتمام برواتب المتقاعدين والرعاية الاجتماعية ، ولكن الأهم من ذلك تحسين الوضع الصحي للمواطن من خلال تشريع القانون الصحي وبما يضمن كفالة المؤسسة الصحية بحماية المواطن العراقي وتقديم أفضل الخدمات الصحية، بالإضافة إلى تشريع أستثمار القطاع الصحي وبما يحق النهوض المنشود له ، وإلا فان هذا القطاع الذي سيطرت عليه مافيات الفساد وحيتان السرقة لن  نهض ولن يرى الاستقرار ابداً .
نصيحة أخيرة ...
أعتقد على السيد السوداني أن لايُغرق نفسه كثيراً في مستنقع الملفات المتداخلة كملف الفساد، وما عليه فعلاً هو تفعيل هيئة النزاهة، ولجنة النزاهة البرلمانية وتفعيل دور الدوائر الرقابية والمفتشية في كل مؤسسات الدولة، ليجد بذلك كماً هائلاً من المعلومات التي تقود إلى منابع الفساد وبؤرها،وان عملية إعادة الأموال هي أبسط مما يتصور المختصون بالشأن المالي،فالأموال معلومة ومعروفة والمصارف الخارجية والداخلية كذلك معلومة للمراقب والمتابع، وما على الحكومة سوى متابعة المسؤولين في الدولة العراقية وأملاكهم فسيجدون قاعدة بيانات مهمة وخطيرة تقودهم إلى هذه الأموال وبوقت قصير جداً.
 
 
 
     

35
العراق والتدهور السياسي وأثاره على البنية الاجتماعية.
محمد حسن الساعدي
على الرغم من حالة الهيجان السياسي الذي يعيشه العراق منذ عام ونصف تقريباً، والذي وصل فيه إلى الصراع بين القوى السياسية،إلا أن الملفت في هذا الوضع أنه أستطاع الخروج من بوتقة الانسداد السياسي،إلى مرحلة الانتعاش بتشكيل حكومة السوداني وبعد أقل من أسبوعين من تكليفه،ما يعني حالة الانحدار نحو الفوضى بدأت تبتعد عن المشهد السياسي شيئاً فشيئاً،الأمر الذي يجعل من إمكانية الذهاب إلى الاستقرار السياسي ممكنة في ظل القدرة والإرادة لدى شخص السوداني أو القوى السياسية عموماً في الخروج من هذا المأزق،خصوصاً بعد الإجماع الدولي على ضرورة الذهاب إلى استقرار في العراق .
ربما ما زالت التوافقية السياسية هي الغالبة على المشهد عموماً،وأن القوى السياسية لجأت إلى هذا المبدأ هروباً من حالة الخلاف في التعددية العرقية والاثنية والقومية، وهو أمر مفروض وليس مخيرة فيه القوى السياسية، وهناك محاولات جادة من قبل بعض القوى السياسية الخروج من هذا الحرج، ألا أن ما زالت هذه المسميات مؤثرة على المشهد عموماً،لذلك نرى أن الجميع مشارك في الحكومة والجميع يشترك في المعارضة، وهو أمر غير صحي قبالة من يريد أن يتحمل مسؤولية تشكيل الحكومة ويسعى إلى أثبات قدرته أمام الجمهور العراقي والقوى السياسية،وهذا أمر محرج أمام الإطار التنسيقي الذي ينبغي له إن يثبت جدارته أمام القوى السياسية داخل الإطار،وأمام خصمه وغريمه"التيار الصدري" الذي يراقب بحذر وسينقض على خصمه بأي لحظة يرى فيها أخفاق هنا أو هناك .
البرنامج الحكومي الذي قدمه السيد السوداني لتشكيل حكومته مهم ، ولكنه لايتناسب والوقت المحدد لهذه الحكومة،إلا إذا أكملت مدتها الدستورية ومن ثم سعت إلى إجراء انتخابات ، لان المشاكل التي يمر بها العراق لا تتناسب وحجم وقوة هذه الحكومة،فهناك تركة ثقيلة، وملفات فساد كبيرة وخطيرة إلى جانب الفترة التي تحتاجاها لحلحلة الأوضاع وتوفير الخدمات الضرورية للشعب العراقي.
أولويات السيد السوداني هي ملفان مهمان ، السعي إلى إكمال الموازنة وإقرارها في مجلس النواب بأسرع وقت ممكن، والذهاب إلى ملف المحافظين والذي يحتاج وقفة حكومية في إيجاد رؤية متوازنة لهولاء، ومتابعة حالة المحافظات وفقدان الخدمات فيها،بالإضافة إلى ملفات الفساد التي تلاحق بعض المحافظين وتنذر بإبعاده عن منصبه، كما أن حكومة السوداني أخذت على عاتقها تنفيذ مشاريع 100 يوم من عمر الحكومة وهي ذات المدة القريب جداً، والخطوة الثانية هي السعي نحو الخطط والمشاريع ذات الندى المتوسط والبعيد، ومنها ملف الكهرباء والصحة والخدمات،وهي أمور ليست سياسية بقدر ما تحتاج إلى إرادة قوية في تنفيذها، وإبعاد الأيادي الفاسدة التي تعرقل تنفيذ أي مشروع يمس الحياة اليومية للفرد العراقي . 
بالرغم من ضعف تفاؤلنا بهذه الحكومة،إلا إننا كمراقبين للمشهد السياسي ننظر بأن أي تقدم في خطوات الاستقرار السياسي عموماً يعني نجاح حقيقي للبلاد،ويطفئ شعلة النار المتقدة التي تحاول إحراق البلاد والعباد، وبالتالي ينهي الأجندات الخبيثة التي تحاول إغراق العراق بمسلسل فتنة ثاني،كما أن أي نجاح لأي حكومة مهما كانت مسمياتها او أشكالها يعني أن العراق يعيش حالة الاستقرار الديمقراطي الحر والتبادل السلمي للسلطة،وهي بالتأكيد رسالة واضحة أن العراق رغم المشاكل السياسية المعقدة،إلا انه ما زال قادر على معالجة جراحه والنهوض من جديد .

36
العراق.. بعد انتخاب الرئيس
محمد حسن الساعدي
‏على الرغم من التوقعات المعلنة، التي أشارت لفوز السيد برهم صالح بولاية ثانية، إلا أن المتغيرات على الأرض قلبت الواقع تماما، وأصبحنا نتعامل مع حال غير ما كنا نتوقع..
انتخاب السيد عبد اللطيف رئيساً للجمهورية، اعلن بذلك إسدال الستار على حقبة تغيرت فيها المعطيات جميعها، وكذلك خارطة التحالفات هي الأخرى ستختلف كليا عن سابقاتها، إذ أن وحسب ما تعهد به مرشح الكتلة الأكبر السيد محمد أشياء السوداني، من إجراء انتخابات مبكرة في مدة أقصاها سنة ونصف، سيجعل الخارطة السياسية تغير كليا عن الأرض.
‏العراق بدأ يشهد تطورات مهمة وسريعة، تجعل من الأحداث تتالى يوميا، في وقت إني يمر فيه العراق بلحظات حرجة وظروف استثنائية، لكن ما يخفف حدتها الموقف الدولي الداعم، للعملية السياسية ولمراحل تشكيل الحكومة بأسرع وقت، وعلى أساس التوافق بين القوى السياسية المشاركة في،لكون هذا النظام يكفل تقاسم السلطة، بين ة المكونات العراقية سواءً الشيعة أو السنة أو الأكراد.
‏التحالف الثلاثي(الصدريين،الحلبوسي، البارزاني) حاول أن يشكل حكومة أغلبية بمفرده، و يهمش المنافسين الآخرين، لكن لم يستطيع لوجود الثلث المعطل (الإطار التنسيقي) وحلفائه، والذي استطاع بعد انسحاب الصدريين من مجلس النواب أن يشكل الكتلة الأكبر، ويدخل البرلمان بكتلته الأكبر ويسمي مرشحه لرئاسة الوزراء، وتشكيل ائتلاف "إدارة الدولة" الذي تبنى تشكيل الحكومة بأغلبية 277 نائبا، وانتخاب رئيس الجمهورية السيد عبد اللطيف رشيد، وما جاء بعده من تكليف الأخير للسيد السوداني بتشكيل حكومة، في المدة الدستورية تكليفه.
‏العراق بعد عام 2003 يفتقر إلى ثقافة المعارضة، خصوصا وأن الانتخابات لم تنتج لنا أي كتلة فائزة بالأغلبية، وجيل السياسيين الذين حكموا العراق على مدى عقدين لا يستسيغ المعارضة، وإنها ينبغي أن تكون تقويمية لأي حكومة، بدل أن تكون مناهضة للدولة، وأن عمل الأحزاب جميعها ينبغي أن يكون مشاركة في تشكيل الحكومة، حيث تتيح هذه المشاركة، الوصول إلى سلطة القرار في الدولة .
مشاركة الصدريين في الحكومة، ستعني إنها تشهد اجتماعا وطنيا واسعا، وتكون قابلة للنجاح.. إذا ما عملت الحكومة وفق برنامج مدروس ،والأشراف على انتخابات مبكرة يكون عمرها سنة ونص ،ولكنها لن تكون بالضرورة مقدمة لخارطة سياسية تكون فيها المعارضة فاعلة..
قد يكون العراق قادرا على التغلب على تحديات التحول الديمقراطي، من خلال تطوير ثقافة المعارضة، والتي بدورها ستخدم العملية الديمقراطية في البلاد .

37

سيصبح ليلنا نهاراً!!
محمد حسن الساعدي
الحكايات في بلد العجائب"العراق" كبيرة ومتعددة الأوجه،والمفارقة العجيبة أن بلدنا محطة اختبارات حتى للدول الفقيرة، والتي تعتاش أو ما زالت على العراق ، ومنها المملكة الأردنية الهاشمية والتي تعتمد في نفطها على العراق المدعوم من الحكومة، ويباع بأسعار أقل من سعر السوق، حسب ما أعلنت شركة تسويق النفط العراقية "سومو"، إن سعر البرميل النفط المصدر للأردن بلغ 24 دولاراً،ما يعني أن العراق يعتبر الممول الأول للأردن من النفط الخام،فكيف به وهو الآن يريد أن يستورد الكهرباء منها ؟!!
الأردن الذي سيتعاقد مع شركة سيمنس الألمانية لإنشاء محطة توليد الطاقة الكهربائية،سيقوم العراق بدفع تكاليف هذه المحطة،وكذلك سيقوم العراق بدفع تكاليف خط الربط الكهربائي بين البلدين، كما أن الأردن ستقوم بتوظيف شركة لحماية أسلاك الطاقة على طول امتدادها من الأردن إلى العراق،وسيقوم العراق بدفع رواتب موظفي هذه الشركة، كما ستقوم بغداد بتزويد المحطة بالبترول بتخفيض 20% من السعر العالمي، وبعدها سيقوم العراق باستيراد الطاقة الكهربائية بملايين الدولارات، في حين إن الكهرباء المستوردة من الأردن لاتكفي سوى 3% من حاجة العراق الفعلية وهذه النسبة ليست بالمهمة والتي يمكن أن تخسر الدولة بحجم هذه الأموال.
النظرة الشمولية للحكومة العراقية لهذا الملف، حيث تسعى إلى مد خطوط الكهرباء مع دول الجوار،في حين أن العراق ينبغي أن لايكتفي ولا يعتمد على مد الخطوط الكهربائية مع هذه الدول،بل وضع خطط إستراتيجية واضحة لبناء محطات توليد الطاقة الكهربائية لسد النقص الحالي من الكهرباء بالكامل.
كان الأولى بالحكومة العراقية بدل أن تصرف الأموال في الخارج، أن تسعى إلى "أقلمة الكهرباء"،عبر إنشاء محطات كهربائية في كل محافظة عراقية وحسب الكثافة السكانية،على أن تكون بأعلى درجات التقنية الحديثة لمنع أي تجاوز على خطوطها الإستراتيجية أو الداخلية،فبدل أن نعتمد على استيراد الكهرباء ،لماذا لا تذهب وزارة الكهرباء إلى بناء المحطات وإجراء الصيانة الدورية للمحطات المتوقفة عن العمل بدون سبب،وصيانة خطوط النقل المتوقفة بسبب الإرهاب أو غيره . 
أن عملية هدر الأموال بهذه الطريقة لا باب له سوى باب الفساد الذي وصل إلى أرقام مخيفة في ملف الكهرباء، ما يستدعي وقفة جادة في هذا الجانب، وأيلاء هذا الملف اهتمام حكومي لمنع استغلاله من مافيات الفساد التي تعتاش على مثل هذه الملفات الكبيرة والخطيرة ، لذلك من الضروري على الحكومة القادمة أن تهتم بهذا الملف ووضعه تحت المجهر،للوقوف على خفايا هذا الملف ومنع أي سرقات علنية فيه .

38
العراق والحرب الأهلية.. هل سينزلق لكماشتها!
محمد حسن الساعدي
لايسهل الاختيار بين إن كان وقع الأحداث المتسارع أثر في الأوضاع السياسية، أم أن الأخيرة أدت للأحداث..
خصوصا بعد أن بدأت تنتقل من التلميحات والتصريحات إلى المواجهات، والتي ظهرت جلياً في أحداث الخضراء الأخيرة، ودخول أتباع التيار الصدري إلى مجلس النواب وسيطرتهم عليه، ومنع انعقاد جلساته، ووصولهم إلى مجلس القضاء الأعلى، بل والأكثر من ذلك الاشتباك المسلح، والذي تطور إلى قصف الخضراء بالهاونات، وآخرها أحداث "ليلة الهرير السياسي" وكيف كاد الصدريون أن يحققوا إنهاء وإسقاط العملية السياسية برمتها، ولم يبقى حينها سوى خطوة واحدة وهي إعلان البيان رقم "1"!
الصدر ليست المرة التي يعلن اعتزاله العمل السياسي، والاعتكاف بل ذهب أكثر من ذلك، إلى إصدار بيانات ضد أتباعه ولأكثر من مرة، وعلى الرغم من كونه شخصية دينية ترتدي"العمامة" لكنه لم يستطيع لحد الآن، أن يكون زعيماً روحياً أو ممثلا للشيعة، على الرغم من محاولاته ليكون كذلك ولكنها كلها فشلت.. فدينيا وعقائدياً وحتى عرفا، من يمثل التشيع هو المرجع الديني الأعلى للطائفة.. ووجودها في النجف الاشرف، يلغي كل محاولات استغلال هذا المنصب، وهي المخولة الوحيدة للتحدث بأسم الشيعة، وتأثيرها بات واضحاً، ورغم أن  هذا التأثير يمتد لعشرات السنين، لكنه صار واضحا على الواقع الاجتماعي والسياسي، وتحديداً بعد عام 2003 .
رسالة السيد الحائري وهو المرجع الروحي للتيار الصدري، وإعلان اعتزاله العمل المرجعي، مثل صفعة قوية لأحلام السيد الصدر، بالاتساق مع الرسالة التي وصلت إلى الأخير، التي حملته المسؤولية القانونية والشرعية، في أي تهديد للسلم الأهلي والمجتمعي للبلاد!
استهداف التيار الصدري لإيران  من جانب اخر، هو احد الأسباب التي جعلت الجميع ينظر إلى إن هذا الصراع، بشكل كأنه يعكس ويصور أنه "البطل المعادي لإيران" وما سواهم عملاء وذيول لها، بينما المتابع للمشهد عموماً، يعرف تماما إن احد أسباب وجود التيار الصدري، وقوة نفوذه على الأرض هي طهران، في كثير وقت من الأوقات.. وكما هو الحال في علاقات طهران مع مجمل القوى السياسية العراقية، سواءً الشيعية والسنية والكردية، لذلك يحاول التيار الصدري الاستفادة من المشاعر الشعبية، المعادية لإيران في العراق، ويركب موجتها..
اليوم الصورة تبدوا مغايرة تماماً لما كانت  عليه سابقاً، وخصوصاً بعد الانتخابات البرلمانية الأخيرة، والتي عكست تحولا كبيراً في المشهد السياسي، وأنتجت أعضاء جدد في البرلمان ونواباً مستقلين، وربما فيهم من يختلف مع السياسية الإيرانية في العراق، وأن كانت هذه تغيرت هي الأخرى مؤخراً، حيث باتت فرص طهران للتدخل ضئيلة جداً ولا تقتصر سوى على تقديم النصح "أن طلب منهم" ليس إلا، لقناعتها إن السياسيين العراقيين لايمتلكون الإرادة، في إيجاد المشتركات فيما بينهم لحل مشاكلهم.
أي محاولة من الإطار التنسيقي لاستعداء التيار الصدري، لن تكون بمصلحة الجميع ولا العملية السياسية ككل.. لان الأخير يمتلك أدوات إعلان الحرب على الجميع، ووسائل نقلها لتصبح حربا أهلية، كما يمتلك وسائل للتحريض، وما شهدناه من صراع دموي في البصرة ما كان إلا مشهدا صغيرا من السيناريوهات المعدة لذلك..
هذا كله لايمنع وجود الضمانات الكفيلة بمنع أي انزلاق لهذه الحرب، كذلك موجود عوامل مؤثرة قوية، ومنها وجود المرجعية الدينية العليا ودورها الأبوي، والذي كان واضحاً في الأحداث الأخيرة التي حصلت في بغداد، وتحديداً في المنطقة الخضراء..
لذلك وبناء على ما تقدم فان مبررات الحرب الأهلية وأسبابها متوفرة، لكن قناعة الجميع أنهم سيكونوا خاسرين فيها، وأن الضحية سيكون الأبرياء وأسباب أخرى موضوعية، هي من تجعل معطيات قيامها صعبة، وأن ليس أمام القوى السياسية عموماً سوى الجلوس للحوار، والخلوص إلى تفاهم جدي يحمي السلم الأهلي والمجتمعي، من خطر الانزلاق إلى الاقتتال والذي سيكون هذه المرة بين أبناء المذهب الواحد.

39
الدستور العراقي و متطلبات المرحلة
محمد حسن الساعدي
‏بات من الضروري على القادة العراقيين التفكير بجدية في الاتفاق على عقد مؤتمر دستوري،والانتهاء إلى إجراء تعديلات جدية في الدستور العراقي والعمل على إجراء إصلاحات دستورية على النظام السياسي،و بما يحقق الشفافية العالية في مسيرة العملية السياسية من خلال مشاركة كل القوى السياسية بالإضافة إلى مشاركة مؤسسات المجتمع المدني وطرحها للتصويت رسميا عبر الاستفتاء الشعبي المباشر ومن ثم عرضها على مجلس النواب للتصويت عليها على أن تكون هذه التعديلات شاملة كل جوانب الغموض في الدستور ويعطي المزيد من الوقت للمشرعين من أجل قراءة النصوص الغامضة وإعادة نصها بما يضمن وضوحها و أبعادها عن التساؤلات الجانبية.
‏ينبغي إعطاء الأولوية في أي تعديل دستوري لبناء المؤسسات المنصوص عليها في الدستور والاحتكام إلى القوانين التي تحكم العلاقة بين المركز أو الإقليم أو باقي الأقاليم المراد تشكيلها،كما من الضروري أن يكون هناك تشريع أن يمكّن لرئيس الجمهورية باعتبارها نظام الدستور وهذا ما يتماشى مع المادة 67 من الدستور التي تمنح الرئيس صلاحيات المراجعة الإدارية و سلطة الادعاء على الحقوق الدستورية ما يعني إعطاء دور بمشاركة القوى السياسية في أي تعديلات للدستور بما يعزز مبدأ الثقة و تعزيز مبادئ الحوار البناء و بما يحقق التكامل بين جميع القوى السياسية.
‏المجتمع الدولي من جهته ينظر إلى دستور عام 2005 على أنه الأكثر مثالية في تاريخ العراق ويجب الحفاظ عليه على هذا النحو لذلك وأمام الضغوط السياسية في جديه إجراء التعديلات اللازمة على الدستور باتت الولايات المتحدة والأمم المتحدة مجبرة على مساعدة العراق مرة أخرى في إعادة تأهيل النظام الدستوري من خلال إعادة النظر في القوانين الدستورية عبرة إجراءات برلمانية وقانونية للقوانين المعدلة ويمكن لهذه المساعدة القانونية أن تندرج من ضمن الاتفاقية (اتفاقية الإطار الإستراتيجية الثنائية) التي عقدت بين العراق الولايات المتحدة والتي ترسم للأخيرة دعم ومساعدة الشعب العراقي في تعزيز الديمقراطية في العراق و مؤسساته الدستورية.
‏على الرغم من حالة الشدة والجذب والتنازع بين القوى السياسية عموما إلا أن هذه القوة ما زالت تحترم الدستور وربما على الأقل ظاهريا وذلك من خلال هيبته ونفوذه على النظام السياسي لذلك بات من الضروري على هذه القوى السياسية الاحتكام إلى هذا الدستور والرجوع إليه في فض النزاعات والخلافات والرجوع إليه في بناء النظام السياسي الجديد وتقرير المصير من خلال شكل الحكومة والنظام القائم حاليا، والانتهاء من هذا الانسداد السياسي الذي أوصل البلاد والعباد إلى حالة من التصارع واللجوء إلى شارع و بما يحقق أهداف الأجندات الخارجية.

40
الأزمة السياسية في العراق ...الحقائق والنتائج.
محمد حسن الساعدي
بات من الصعب التنبوء بمستقبل العراق القريب، بل إن الأمر الأكثر صعوبة هو عدم إيجاد حلول للمشاكل السياسية وعدم الاستقرار الاقتصادي،بالإضافة إلى وجود التهديد الإرهابي المستمر للبلاد، وأزمات المناخ، والاهم من ذلك هو الفساد الذي استشرى بكل مفاصل الدولة، واخذ يقبض على أنفاسها الأخيرة.
التيار الصدري الذي سعى لتشكيل الحكومة بعد حصوله على 73 مقعداً،والذي من شانه أن يجعله قادراً على السيطرة على مؤسسات الدولة وشؤونها،ومع عدم قدرتهم على تشكيلها ولتعويض النقص حاول الصدريون مناشدة المستقلين من الأحزاب والكتل السياسية الأصغر لكسب دعمهم في البرلمان،ولكن هذه المحاولات لم تنجح لان هذه الكتل أصرت على بقاءها خارج الصراع السياسي او ذهب باتجاه دعم الإطار التنسيقي.
بعض المحللين ذهبوا إلى إن مواقف هذه الكتل السياسية نتيجة لارتباطهم غير المعلن مع الخارج،ولكن هذه النظرية تعرضت للطعن وباتت باطلة في كثير من الحالات،كون الخلاف ما زال قائم، ولو افترضنا هذا التدخل الإقليمي لوجدنا إن تقارب وجهات النظر هو السائد في الوضع الراهن، ولبات تشكيل الحكومة قاب قوسين أو أدنى،دون الذهاب إلى حالة الصراع السياسي والذي وصل إلى حد المواجهة المسلحة بين أقطاب الصراع.
الحقيقة إن العراق يمر بفترة تغيير في ديناميكية الوضع السياسي ككل،بالعكس من حالة التقارب الكبيرة التي كانت سائدة بين القوى السياسية عموماً، والسهولة التي كانت تتعامل بها في تشكيل أي حكومة منذ عام 2005،ولكن الآن نفس هذه الأحزاب وجدت نفسها أمام صراع داخلي فيما بينها على السلطة،فمنذ انتخابات 2018 دخل التيار الصدري كمنافس للقوى السياسية الأخرى،والذي يحاول إن يكون الممثل الوحيد للشيعة في العراق، وفي نفس الوقت تحاول القوى السياسية الأخرى منع هذا المشروع وهذا هو السبب الرئيسي في تخلي القوة المستقلة وباقي القوى السياسية عن الكتلة الصدرية وتبنيهم لخيار الذهاب نحو فتح قناة الحوار مع الإطار التنسيقي .
الحكومة العراقية برئاسة السيد الكاظمي اتخذت موقف المتفرج،وأبدت إحجامها عن أي مواجهة مع أنصار المعسكرين،الأمر الذي أثار حفيظة العديد من المراقبين عن دورها في هذه الأزمة والذي ينبغي إن يتخذ موقف المحافظ على كيان الدولة وهيبتها ومنع سقوطها بيد أي من القوى المتصارعة،ناهيك عن التناقض الواضح والصارخ بين استجابتها للتظاهرات الحالية وتظاهرات تشرين من عام 2019،الأمر الذي يبرز حالة الضعف والازدواجية في معاييرها تجاه مواطنيها،وجعلت هذه الديناميكية غير المتوازنة كبح جماح هذا الصراع بين القوى السياسية،وبدأت المخاوف تتزايد من مدى قدرة الحكومة منع اندلاع أي صراع مقبل.
ينبغي على الكتلة الصدرية قبول عواقب قراراتها في الانسحاب من البرلمان، إذ لايمكن للمأزق السياسي الاستمرار  لفترة أطول، وينبغي أعطاء الأولوية لمعالجة المخاوف الحقيقية لدى المواطن العراقي وهي نقص الخدمات، كما ينبغي للقوى التي وقفت مع التيار الصدري في مواقفه المتشنجة إعادة حاسباتها جيداً،ودعم حركته في التظاهرات أن هذه الخطابات ليست مقاييس موثوقة لنواياه والتي بالتأكيد غير الهدف.
   
 
 
 
 

41

تظاهرات العراق ثورة شعبية أم صراع داخل النخبة السياسية؟!!
محمد حسن الساعدي
بالرغم من المخاوف بشأن تجدد الصراع الداخلي في البلاد،إلا إن الجميع مقتنع تماماً بأن الجميع خاسر في هذا الصراع،وذلك لعدم وجود طرف أقوى من الطرف الآخر،ولا يملك القوة بما يكفي للقضاء على منافسه،كما أن المثبط الآخر هو ارتفاع أسعار النفط، حيث يريد الجميع الاستفادة من تدفق الإيرادات إلى خزائن الدولة،إلى جانب أن القوى الإقليمية تبحث عن عراق مستقر.
تنبع الصعوبات التي تواجهها النخب السياسية في عدم قدرتها على التفاهم السياسي فيما بينها،إضافة إلى التأثير السلبي الخارجي والذي انعكس على هذه العلاقة بين القوى عموماً،لذلك نجد أن القادة السياسيون يقفون لوحدهم في مواجهة الخلاف فيما بينهم،والذي بالتأكيد يعد ضرورياً في رفاهية النظام السياسي على المدى البعيد، ولكن في الوقت نفسه فان هذا الخلاف قد يحمل بين ثناياه مخاطر العنف على المدى القصير عندما لايجد القادة السياسيون أي وسائل للتفاهم فيما بينهم .
من الضروري على الدول الإقليمية والمجتمع الدولي أن تشجع الدعوات الداعية للحوار،من مختلف القوى السياسية،وبما ان تشكيل حكومة توافقية جديدة ربما يكون بعيداً،ولكن من المفيد السعي إلى أيجاد أرضية جيدة لمثل هذا الحوار،بعيداً عن التفرد بالقرار ومحاولة "كسرالارادات"،وفي نفس الوقت ينبغي التركيز على إجراء انتخابات جديدة،على أساس تغيير القانون الانتخابي وإيجاد مفوضية عليا جديدة،وكل هذا لايمكن إلا بوجود برلمان قادر على إيجاد مثل هذه المتغيرات ومن ثم حل نفسه ، وإجراء انتخابات مبكرة في وقت مداه السنة ونصف .
أغلب استطلاعات الرأي تشير وبصورة واضحة إلى وجود أحتمالية حل الجمود،لان الكتل السياسية ستسعى إلى تغيير القانون الانتخابي، أو على الأقل تعيد رسم حدود الدوائر الانتخابية لتضييق الفجوة بين "التيار الصدري والإطار التنسيقي"، كما أن على المدى البعيد سيحتاج العراق إلى مساعدة دولية في إيجاد التعديلات الضرورية على بعض بنود الدستور،وهو السيناريو الذي نوقش بعد تظاهرات تشرين الماضي،ولكن أمام هذه المطالب ينبغي أن يكون هناك أرضية مهيأة قبل النظر بأي تغيير في النظام السياسي العراقي،لذلك فان إجراء حوار وطني يعد من مقدمات إجراء أي تغيير محتمل.
أصبح واضحاً لدى القوى السياسية جميعاً أن الصراع السياسي لن يجدي، ولن يصب في مصلحة أحد وان أي صراع سيكون الخاسر هو الجميع دون استثناء،لذلك الطريق الأسلم هو الحوار والذهاب نحو إجراء انتخابات مبكرة وبما يحقق التوازن السياسي المطلوب.       
 

42
الجمهور بين الوعي والتجهيل..
محمد حسن الساعدي
منذ الوهلة الأولى للمتابع للمشهد, سواءً السياسي منه أو الاجتماعي, سيرى أن المجتمع العراقي تغلب عاطفته  على مقاييسه العقلية.. لذلك تجد أن العراقيين يجسدون هذه العاطفة, من خلال أتباع رموزهم وقياداتهم الدينية والسياسية، بشكل بعدي عن الوعي بالمجمل، اعتقاداً منهم بأنها جاءت لتكون خلاصاً لهم مرة، وحباً وتعلقا بها مرة أخرى، فصار الجمهور يسير وفق منطق العاطفة أكثر من المنطق العقلي, ناهيك تقديم المصالح العامة على المصالح الحزبية الضيقة.
الحالة الصدرية كانت أهم وأكثر حالة بارزة في المجتمع العراقي، فهم وبقراءة واقعية يمتلكون قاعدة جماهيرية وقوية ومتماسكة، قد تمثل 16% من الجمهور الشيعي " تبعا لأرقام التصويت الإنتخابية" وكان من الممكن الاستفادة منهم في كثير من ركائز الديمقراطية في البلاد، أو تسخير قدراتهم في تصحيح المسارات الخاطئة فعلاً، بدلاً من أن يكونوا"كماشة نار" لقياداتهم التي لم تستطع استثمار هذا الكم الهائل من الجمهور"المطيع"
التظاهرات الصدرية ليست بالشيء الجديد على المشهد العراقي عموماً، ولا تمثل عمق الخلاف السياسي بين القوى السياسية.. فمنذ عام 2003 كان الصدريون في سباق مع الزمن, لبسط سيطرتهم على مراكز القرار في الدولة..ومنذ احتلال العراق وصدامهم مع المحتل, الذي لم ينعكس عسكرياً كنتائج على الأرض, سوى انه عمق الخلاف أكثر، فلم يخرج المحتل وظل الموقف المعادي لكل القوى السياسية, التي كانت تريد ركوب التيار الصدري, وتريده "مطية" لها.. وفشلت كل محاولاتهم تجعل الصدريين أداة لتنفيذ مشاريعه, وآخرها تجربة الحزب الشيوعي" فخلافهم الفكري" والذي لم يبدوا ظاهراً أمام هذا التحالف, كان واضحا لمن يفهم الأمور.
التظاهرات الصدرية الأخيرة واقتحامهم مجلس النواب، ومنع انعقاد جلساته بالتأكيد لم  تهدف لتعميق مفهوم الديمقراطية، بقدر زيادتها للشرخ بين القوى السياسية الأخرى وتحديداً مع "الإطار التنسيقي" وربما الدفع باتجاه صراع واقتتال داخلي يكون فيه المواطن هو حطبها، من خلال " تجهيله" ودفعه إنفعاليا, دون أي حرص على المصالح العامة, أو مصالح الجمهور الصدري في الأقل..
واهم من يعتقد أن الحالة الصدرية يمكن لها أن تنتهي قريبا ، بل هي متمددة ليس من خلال الجمهور، لأن الشعب العراقي هو الآخر منقسم على الوجود الصدري بينهم، فهو في غالبيته رافض لطريقة تعاملهم مع الملفات، وتعاطيهم مع النظام السياسي، ناهيك عن مقت حالة "التأليه" التي يمارسها الصدريون تجاه قيادتهم وزعامتهم، من خلال التصريحات أو التلميحات أو التغريدات, التي أنتجت حالة من العبودية والإتباع "اللامنطقي" وإيصالهم لدرجة المعصوم وربما أكثر!
يعتقد كثير من المحللين للمشهد السياسي, أن العراق ونتيجة لتنوع مكوناته, فلا يمكن بأي حال من الأحوال أن يقاد من جهة لوحدها.. وقد لمسنا سابقاُ كيف أن السيد المالكي رغم حصده 89 مقعداً، لكنه لم يستطع تشكيل الحكومة لوحده.. لذلك لا يمكن لا للصدريين أو غيرهم, لن تنجح محاولات تجهيل المجتمع أو استدراجه بشعارات زائفة, أو تسويق تهم هم أول المشاركون بها, وعلى القوى السياسية وخصوصا الشيعية منها, أن تتحمل مسؤوليتها أمام نفسها وجمهورها, بالمضي في عقد جلسة مجلس النواب العراقي، والانتهاء من تشكيل الحكومة وبمشاركة الجميع, أو من يريد منهم ذلك.. على أن تذهب نحو إعلان الحرب على الفساد بكل أنواعه وانتماءاته.
 

43

البرلمان العراقي والكابيتول...مقارنة موضوعية.
محمد حسن الساعدي
التظاهرات التي انطلقت في تموز الماضي يحاول فيها المتظاهرون تنظيمها كأنتفاضة 6 كانون الثاني التي جرت في أمريكا حينما أمر الرئيس الأمريكي آنذاك "ترامب" باقتحام مبنى الكابيتول بعد خسارته الانتخابات؟!
ما يسمى بالثورة العفوية الشعبية التي انطلقت إلى البرلمان العراقي، ودخوله من قبل أتباع التيار الصدري تأتي في محاولة للمحافظة على نفوذهم في العراق وإبقاء حكومة السيد الكاظمي، خصوصاً وأن التيار الصدري أوغل أكثر فأكثر في الدولة ومفاصلها جميعاً،لذلك سعى بكل قوة من أجل تحجيم دور الإطار التنسيقي الذي كان هو الآخر يمتلك القوى في داخل مفاصل الدولة ومؤسساتها،ما جعل حالة الصراع السياسي فيما ينهما تستعر أكثر فأكثر.
التظاهرات التي تدفق فيها الآلاف من أتباع السيد مقتدى الصدر،إلى المنطقة الخضراء والتي توجد فيها المؤسسات الدستورية المهمة(البرلمان،المحكمة الاتحادية،المحكمة الاتحادية العليا، والسلطة القضائية، وغيرها من مؤسسات دستورية عليا) ودخولهم دون أي مقاومة تذكر من قبل القوات الأمنية التي سهلت لهم دخولها بكل سهولة .
الأزمة الحالية تعد من أعقد الأزمات السياسية التي تمر بها البلاد، كون المشاهد والمواقف أخذت بعداً آخر غير البعد الذي خرجت من أجله، وتغير سقف المطالب من تغيير النظام السياسي وتعديل الدستور أو إجراء انتخابات مبكرة، وحل البرلمان ، ومن ثم انتهت بضرورة حل البرلمان مع بقاء القانون الانتخابي والمفوضية العليا المستقلة للانتخابات، وهذا عكس عدم الثبات في المواقف السياسية للبعض،إلى جانب كونه أن القرارات المتخذة تأتي في أطار النوايا التي تريدها هذه القوى بما ينسجم ومتبناها السياسي .
وفق القانون العراقي لايمكن تنفيذ كل هذه المطالب إلا بعقد جلسة مجلس النواب العراقي ، وتشكيل حكومة وطنية قادرة على إجراء انتخابات مبكرة، ومن ثم الذهاب إلى تعديل الدستور بما يتوافق عليه القوى جميعها،لذلك أي عملية تغيير تتم عبر الشارع لن تكون دستورية وقانونية ،وعلى الجميع السعي الجاد من أجل تشكيل حكومة تؤدي مهامها الدستورية والقيام بواجبها في إجراء انتخابات مبكرة تعكس حالة الجمهور ومطالبهم المشروعة .
عملية كسر الإرادات التي تمارسها قوى سياسية على أخرى لايمكنها إن تقدم شيئاً للعملية السياسية،بل العكس صحيح ، فكلاً من هذه القوى تمتلك قواعد جماهيرية تؤهلها إن تمتلك المبادرة،لذلك على القوى السياسية المتصارعة الوعي إن لايمكنها الذهاب إلى كسر الإرادات لأنها لن تكون بمنأى منها، وستذهب بالبلاد والعباد إلى المجهول .

44
العراق على صفيح ساخن !!
محمد حسن الساعدي
مع التصاعد اللافت في درجات الحرارة،تصاعدت حدة الأزمة السياسية في البلاد إلى مستوى أكثر خطورة مما كانت عليه،حيث أصبح النظام السياسي الديمقراطي " الهش" أمام تحدي أكبر في الصراع بين المتصارعين على السلطة.
الصراع الدائر بين القوى السياسية يشوبه الكثير من المخاطر والتي ربما ستؤدي إلى اندلاع العنف وتهديد السلم الأهلي والمجتمعي،إلى جانب التهديد المبطن لأساسيات الدولة ومؤسساتها الدستورية،وبما يعزز فرضية "بيان رقم 1" ،لذلك ربما المؤشرات على الأرض تشير إلى إجراء انتخابات مبكرة،ولكنها في نفس الوقت تثير غضب الشارع العراقي الذي ينتظر من الحكومة التي تنتجها انتخابات تشرين الماضية إن تكون على قدر المسؤولية في توفير الخدمات ومعالجة المشاكل في البلاد،بالإضافة إلى انخفاض مستوى المشاركة مما يؤثر سلباً على شرعية النظام السياسي في البلاد.
القارئ الذي ينظر إلى التصارع السياسي يجد إنه من الممكن أن يكون سبباً موجباً لانتهاء مبدأ " تقاسم السلطة" والانتقال إلى مرحلة أثر قوة وهي "الأغلبية" بمختلف مسمياتها،وربما ستظهر لنا خارطة جديدة للواقع السياسي.
الأمر المهم إن الأزمة الحالية ما هي إلا دليل واقعي على وصول القوى السياسية إلى حالة عدم رغبة القوى السياسية الشيعية في العمل والتوافق بينها،وانتهاء العقد السياسي بين هذه القوى، وبذلك من الضروري قناعة هذه القوى أن تسعى إلى تكثيف جهودها من أجل أيجاد قواعد العمل السياسي " الحلفاء" بعيداً عن المسميات المذهبية والطائفية وبما يعزز مفهوم"الكتلة الأكبر"،لأنه لم يظهر لنا منتصر حقيقي من هذا الصراع الدائر، بل أضاعت الأزمة الحالية الجهود والوقت في مواجهة العراق للازمات الكبيرة والخطيرة التي تعصف به أوهمها أزمة المياه والمناخ،وخرق السيادة العراقية لأكثر من مرة من قبل جيرانه.
النتيجة التي يمكن الخلوص إليها هي أما إن تتوصل الأطراف المتنازعة إلى أتفاق يحفظ وجودهم السياسي من خلال المفاوضات السياسية،والتي ربما يتوصل فيها أطراف الصراع إلى أجماع في تشكيل الحكومة المقبلة،أو استمرار الجمود السياسي والذي يمكن أن يتحول إلى عنف في أي لحظة .
أن ظهور الخلافات إلى العلن يهدد بالمواجهة المسلحة،ويؤدي بالبلاد إلى التخندق السياسي،وذهاب الإجماع الشيعي، وربما يكون للساحة العراقية تأثير سلبي على المشهد الإقليمي، ذلك ليس من مصلحة احد إن يدخل العراق نفق الاقتتال، وعلى الجميع إن يكون مؤثراً في تغيير القناعات،والرضوخ إلى إرادة العقل،وتغليب المصلحة العامة على المصالح الفئوية الضيقة والتي جعلت البلاد ساحة حرب أكثر من مرة . 

45
ديمقراطيتنا بين الاعتصام والاقتحام!
محمد حسن الساعدي
أعتمد زعيم التيار الصدري في تعبئة جماهيره، على إستراتيجية قديمة وهي التعبئة والسيطرة على الجمهور، وفق منطق وقاعدة راسخة تعتمد مبدأ "حبيبي طيع وأسكت"خصوصاً وان شخصية السيد الصدر، برزت كقوة زئبقية في المشهد السياسي المعقد في البلاد، ورفعت شعار مناهضة إيران، بعد أن كانت قوته لسنوات في أحضانها وتحت رعايتها المباشرة.
الحراك والاعتصام الذي يقوم به الصدر أدى إلى شل حركة الدولة العراقية، وتعطيل البرلمان وكل مهامه، مع عدم وضوح وجود مسارات للخروج من هذا المأزق..
وعلى الرغم من أن الصدر خرج من البرلمان باختياره، ولكن بات هذا البرلمان محاصراً من قبل المتظاهرين التابعين له، مطالبين بحله وإعادة الانتخابات التي أجريت في تشرين من العام الماضي، وان هذه المواجهة باتت أكثر تعقيداً، وربما تدخل في خانة طويلة الأمد، خصوصاً وأن الآمال قد تراجعت كثيراً بعد عقدين من الجهد السياسي، في محاولة ترسيخ الديمقراطية في البلاد.
البلاد تعيش أطول أزمة سياسية في تاريخها، خصوصاً وانه لحد الآن غير مستفيد من الوفرة المالية الناتجة من ارتفاع أسعار النفط، ونراه من مؤشر خطير في عدم الاستقرار الآني، فالبلاد تنتقل من أزمة إلى أزمة أخرى،دون وجود أي حلول أو نهاية واضحة تلوح في الأفق، لكن في الوقت ذاته فان أياً من الجانبين لايريد أي تصعيد لإراقة الدماء، وهذا بحد ذاته مؤشر ايجابي، بأن هناك ربما حلولاً قريبة ستكون ممكنة.
الخلاف والخروج بتظاهرات لايمثل رأياً شعبياً عاماً، بل هو مسرح لمعركة داخل النخبة السياسية نفسها، ولا علاقة لها ببقية المجتمع، وهذه النخبة للأسف باتت فاقدة للشرعية في داخل المجتمع، وحتى لو تمت معالجة الخلافات في داخل البيت الشيعي وتحديداً بين الصدر والمالكي، إلا أن هناك لاعباً آخر هو اللاعب الكردي، والذي لم يصل لحد الآن لتفاهمات ناضجة في اختيار رئيس الجمهورية، وبات منقسماً أكثر من الماضي، وربما سيكون هناك مرشحان لرئاسة الجمهورية.
لايمكن النظر إلى الاعتصامات والتظاهرات على أنها حالة تمثل واقع ورغبات الشعب، أو أنها اعتيادية وطبيعية او عفوية، بل هي تمثل طيف سياسيا واحدا من أطياف المجتمع المتحزب، وتمثل موقفهم ورؤاهم وهم التيار الصدري، كون مخرجات الانتخابات أفرزت لنا هذا المشهد الذي نعيشه الآن، وبات على الجميع القبول بهذه المخرجات، كما على التيار الصدري الذي يمتلك قاعدة جماهيرية جيدة ومهمة، تقبّل انسحابه من البرلمان، والتي جرت بملئ إرادته، ولم يجبره أحد على اتخاذ مثل هذه الخطوة.. لذلك فبقاء الاعتصامات بهذا الشكل لن يقدم نموذجا ايجابيا للديمقراطية المرجوة للعراق، او شيئاً باتجاه الحلول، بل سيؤدي إلى تفاقم الوضع أكثر فأكثر، وعلى الجميع العمل إلى احترام هيبة الدولة والدستور والقانون النافذ، واللجوء إلى الأساليب الديمقراطية في حل الخلافات، والتي أن تم تجاوزها فبالتأكيد ستنعكس على الشارع، وتذهب بالبلاد إلى ما لايحمد عقباه.

46

المعارضة مشروع مؤجل وفكرة صامتة
محمد حسن الساعدي
 بالرغم من محاولات الأحزاب السياسية العراقية التنافس, لأجل توسيع نفوذها وسلطتها, والتكيف مع البيئة السياسية بعد عام 2003 نحو النظام الديمقراطي, لم تتمكن من تشكيل دولة قوية, قادرة على الوقوف بوجه التحديات, أو حكومة فاعلة أو مؤسسات دستورية عاملة على تقديم الخدمة للمواطن, وحل المشاكل التي تمر بها البلاد وعلى كافة الصعد.
في الدورة الأولى لمجلس النواب العراقي لم يتمكن الساسة, من التخلص من نموذج السلطة القائم على أساس التوافق, وعلى الرغم من كل الدعوات لتشكيل حكومة أغلبية سياسية, إلا أن هذه المحاولات فشلت, بسبب تعدد الألوان والمكوناتية والقوى السياسية, والتي سببت استحالة تهميش أي مكون من هذه المكونات, لذلك لجأت القوى السياسية إلى التوافق لتمثيل هذه التفصيلات في أي حكومة تتشكل .
نموذج المعارضة في العراق لم ينضج بعد.. وبقى تقليديا في السعي لتغيير المنهج, داخل النظام السياسي لأحداث التغيير, وعلى الرغم من أن الديمقراطية العراقية تغيرت, كما أن وجهات نظر العراقيين حول العديد من القضايا, ومنها مفهوم المعارضة ظلت جامدة, ولم ترقى لمستوى التصور الديمقراطي الحديث..                       
لذلك بات من الضروري وجود معارضة تعمل ضمن النظام السياسي, على أن تتوفر بيئة مناسبة لها, في ما يتعلق بالثقافة السياسية ودعم الناخبين لمحاربة الفاسدين،كما أنه من المفيد جدا أن يكون هناك معارضة سياسية منظمة, تعمل بفعالية وتكون واعية لدورها في العملية السياسية, وأنها ستشكل حجر أساس لتطوير العمل الديمقراطي في البلاد.. كما ينبغي أن تفهم المعارضة نفسها أن النظام السياسي يكون فاعلا وقادراً على إيجاد نظام سياسي متحرك وحي, وهذا يتضمن وضع حد للسلوك السياسي للقوى السياسية الخاطئ, ويقف عائقا أمام سعيها للتلاعب بالرأي العام, و استخدام القوة لتحقيق مكاسب شخصية..
 ينبغي للمعارضة الواعية أن تدرك أهمية المطالبة بالحقوق العامة للناس, وأن تعمل على تشكيل خلية أزمة تهتم بمتابعة هذه الحلقات, والتي تمس حياة المواطن, من خلال برنامج عمل وخطة معدة مسبقا, و تعمل بفعالية لضمان تحقيق أهدافها, وبعكسه ستبقى مجرد فكرة صامتة في العملية السياسية, أمام سعي الجميع من أجل حصة في مغانم السلطة ومناصبها.

47
العراق...نهاية أم بداية مشروع؟!
محمد حسن الساعدي
تبرز في ساحة الأحداث العراقية اليوم مشاريع سياسية وأجندات متصارعة،من أجل الفوز بتصدر المشهد السياسي الملتهب بسبب أمية رموز بعض تلك المشاريع حتى في ثقافة الارتباط المشبوه لبعض الكتل السياسية في إعادة العراق ومشروعه الفتي إلى المربع الأول ، فهناك المشروع الأمريكي الذي جاء بالأمريكان إلى العراق ،من أجل تحويله إلى محطة انطلاق لبرنامج تقسيمي يوصل إلى شرق أوسط أميركي بقيادة الكيان الصهيوني، وهذا المشروع فشل فشلاً بيّناً.
المشروع(الطائفي)، يمثل تهديداً بكل خطوطه الحمراء للعراق أرضاً وشعباً، كونه أُسس على رؤىً سياسية قاعدتها الأفكار الدينية الطائفية وزرع الفتنة بين مكوناته التي تدق أطنابها في مخيلات البسطاء والسذج من الناس ، لتنفيذ أجندتهم في السيطرة على مقدرات الشعب العراقي وتهديد لحمته الوطنية ارضاً وشعباً .
فبعد كل تلك التحديات المعلنة وما خفي منها، علينا أن ندرك حجم التحدي أمام القوى السياسية، التي تسعى إلى النهوض بمسؤولياتها في التصدي لتلك المخططات التي تضمر للعراق الشر، والتي مازالت هذه القوى والكتل السياسية غير متفاهمة على الساحة العراقية دون أن تراعي مسألة أن الزمن يمر مرور البرق وأن حجم التآمر كبير جدا.
اليوم المطلوب من الأحزاب والحركات السياسية أن تقدم المزيد من التنازلات لبعضها البعض، وتنحدر إلى مستوى المسؤولية التاريخية، من أجل انبثاق مشروع وطني، له ثقل في الساحة العراقية والإقليمية ، ويكون رقما صعبا في المعادلة الإقليمية والدولية القائمة حالياً ، اليوم أصبح العراق بالرغم من الاختلاف الحاصل ، إلا انه يمثل تجربة رائدة وغنية في العمل السياسي في ظل الربيع العربي والذي شهدناه مؤخرا في المنطقة العربية ، إن هذه التصورات والقراءات قد تشكل مساحة جديدة أمام تحرك المشروع الوطني في العراق، لكننا نعود فنقول إن المشروع الوطني ما زال رسماً على الورق ويحتاج إلى واقعا ملموسا تلهم من الكتل السياسية الدروس والمواعظ  لكي يستطيع أن ينهض بهذه المهام ويرسم مستقبل واضح المعالم للشعب العراقي .
 

48
حركة تشرين تعيد رسم السياسة العراقية!!
محمد حسن الساعدي
لم تكن حركة أو تظاهرات تشرين التي انطلقت قبل سنتين, مجرد حركة احتجاجية شعبية ضد النظام أو الحكومة, نتيجة لسوء الخدمات أو الإدارة، وملاحقة الفاسدين وسراق المال العام، بل كانت في بداياتها حركة شبابية عراقية, تسعى لمعالجة المشاكل التي تمر بها البلاد, ومحاولة لمنح الشعب حقوقه المسلوبة منذ عام 2003 وليومنا هذا.. انطلقت الاحتجاجات الغاضبة تحت شعار"نازل أخذ حقي" والتي تجاوز فيها المحتجون المطالبة بالحقوق ومحاربة الفساد, إلى النزول للشارع تحت عنوان"أخذ حقي".
حركة تشرين لم تكن شعاراتها او في نية المشاركين فيها حينها, الانقلاب على النظام السياسي بأكمله، بل سعى شبابها إلى إصلاح هذا النظام, وبطريقة تحافظ على الأسس البنيوية للديمقراطية الحديثة فيه من جهة, وتغير قواعد العمل السياسي من جهة أخرى، من خلال إعادة هيكلة عمل الحكومة وتوسيع مشاركته, ليشمل حتى القوى التشرينية، وتكون عنصرا فاعلا ومشاركا في العمل السياسي, سواءً في البرلمان أو السلطة التنفيذية، وعلى الرغم من ارتفاع نسبة المطالبين بحاكم قوي يحكم العراق، إلا أن أكثر من 60% منهم يدعمون النظام الديمقراطي في نهاية الأمر.
على الرغم من كل العيوب التي رافقت مسار الديمقراطية في البلاد،إلا أنها تعد أفضل نظام حكم العراق لحد الان, لذلك ربما التشرينيون لايريدون عودة الديكتاتورية أو حكم الإسلاميين الذي يؤيده 40% أو حكم العسكر الذي يؤيده 45%  " رغم ان تلك النسب لا يمكن التأكد من صحتها أو دقتها" ولكن ما تم رفعه من شعار كان هو الحكم المدني, على أساس التوافق بين جميع هذه المكونات الأساسية في المجتمع العراقي.
بالرغم من التشوه والتشويه الذي أصاب الحركة التشرينية، ودخول الشبهات والمندسين, وبعض الأحزاب الفاسدة والمتنفذة وركوب موجتها، إلا إنها ليست ضد التداول السلمي للسلطة والذي نص عليه الدستور العراقي لعام 2005، وعلى الرغم من كثرة الشبهات التي رافقت الحركة التشرينية, إلا إنها لم تكن مسنودة من حزب سياسي او يتحكم بها أو يقودها في الشارع.
صحيح أن هناك من ركب موجتها من كتل سياسية وتيارات حسبت على أدعياء الاسلاموية، وأمست موجهة من قبل أجندات داخلية وخارجية, ما جعلها تخرج عن مسارها الذي تشكلت من اجله، والتي انتجت نواب مستقلين ينبغي التعامل معهم بنفس المسمى, وان يكون لهم دور أساسي ومحوري في العملية السياسية في البلاد. 
بعد مرور أكثر من سبعة أشهر على إجراء الانتخابات البرلمانية، وعدم قدرة أي طرف يمتلك الأغلبية السياسية على تشكيل الحكومة،ما جعل الموقف يسير نحو السكون والانغلاق السياسي، رافقته حالات من الشد والجذب والتراشق الإعلامي بين القوى السياسية المتصارعة، فالتيار الصدري والذي يمتلك (73) مقعداً وتشكيله للتحالف الثلاثي(إنقاذ وطن) لم يفلح في عقد جلسة لانتخاب رئيس الجمهورية(كردي) متفق عليه في داخل التحالف الثلاثي.
يرى كثير من المراقبين والمحلليين السياسيين, أن المستقلين باتوا رقما  مهما في المعادلة السياسية القائمة، وينبغي التعاطي الايجابي معهم، وإعطاءهم الفرصة في المشاركة الفاعلة سواءً في البرلمان أو في خطوات تشكيل الحكومة،كما ينبغي على القوى السياسية المؤثرة الانفتاح على هولاء ومشاركتهم القرار السياسي وبما يحقق التوازن والمشاركة من الجميع في الحكومة القادمة.

49
بين البرلمان والشارع.. متبنيات ديمقراطية حديثة
محمد حسن الساعدي
مثّل النظام السياسي بشكله الحالي, ركنا أساسيا  في العملية الديمقراطية الناشئة في العراق بعد عام2003 ، وكان بقاءه يمثل تحدياً مهماً للسياسيين بمختلف مكوناتهم وأنتمآتهم، لكن ما كان يحصل هو أن الخلافات تركزت  على القيادة والزعامة, أكثر من التركيز على الحفاظ على هذا النظام ومنع أي تهديد له..
البرلمان وبعد خروج نواب التيار الصدري، وتأدية البرلمانيين الجدد اليمين الدستورية أصبح خط التحرك فيه أكثر انسيابية، مع أغلبية مريحة نسبيا لقوى الإطار..لكن بالمقابل لا يمكن التعويل كثيراً على هذه الأغلبية التي تتمتع بها "الشيعي" خصوصاً وان منافسه الأشرس بات خارج البرلمان، ما يعني أن فرصة تحقيق حكومة قوية قادرة لم يعد سهلا..
بقاء السيد مقتدى الصدر خارج اللعبة السياسية, يشكل خطراً على الدولة ونظامها السياسي، فربما سيلجأ إلى تحشيد الشارع، أو تأجيجه للضغط على القوى السياسية, لتكون دائماً تحت سطوته وتأثيره..
الوضع الدولي والإقليمي يرى حالة العراق, على أنها صراع بين معسكرات موالية للغرب أو لطهران، لكن الواقع يتحدث عن صراع من اجل الحكم، وتعدى مرحلة "الشخصنة" في المواقف، وبات أي صراع سياسي, يمثل تنافسا سياسيا من اجل السلطة لاغير ..
يمكن للجمهور الشيعي أن يتحول إلى الشارع,  ليعبر عن مواقفه الرافضة للحكومة والقوى السياسية، ورداً على المأزق السياسي منذ ثمانية أشهر، إلى جانب الإخفاقات الكبيرة في معالجة أهم الملفات, سواءً في الجانب الاقتصادي أو السياسي أو الخدمي، بالإضافة إلى نقص الكهرباء والذي لم يجد المعالجات المطلوبة والحلول الناجعة منذ2006.
الوضع السياسي يحتاج إلى إعادة هندسة وليس تغيير، وحمايته بقوة الدستور والقانون، والوقوف بوجه أي تهديد له، وما عداه قابل للتغير والاجتهاد السياسي، لذلك على القوى السياسية ان تعول كثيراً على إعادة ترميم النظام السياسي، وتسعى أن يكون محور عملها وتغيرها, في كيفية إيجاد الرؤى المشتركة في تشكيل أي حكومة قادمة، وإيجاد المشتركات بين هذه القوى, على أن لا يتم إبعاد احد من هذه القوى، بل ينبغي أن تكون في خانة المعارضة أو الحكم.
ربما المتغير الوحيد بعد الانتخابات الأخيرة ، ضمن متغيرات عديدة، بل وريما أهمها هو التغير في هندسة التحالفات السياسية ، فالجميع خرج من التحالفات التقليدية ليطرح نفسه كمثابة للجميع، وعابر للقوميات والطوائف.. والجمع حمل  شعار " الحرب على الفساد " فلم تعد التحالفات القديمة تتحكم بالعملية السياسية، وأهم شاهد عليها هو رئاسة البرلمان, وكيف انقلبت البوصلة لتتجه نحو الحلبوسي رئيساً للبرلمان العراقي بدلاً من خالد العبيدي ، وعلى اغلب الظن فأن رئاسة الجمهورية ستكون المرحلة الثانية من انقلابات دستورية محتملة, تحولات المشهد السياسي راساً على عقب، لان ما يجري اليوم من تغييرات في هذا المشهد ، ما هو إلا إعادة رسم لعشر سنوات قادمة وبناء هيكل دولة جديد، وإعداد واستعداد لمرحلة قادمة تنسخ كل المراحل السابقة، وتعيد فتح المشهد من جديد في تعاطيه مع الدولة دون الحزب .

50

استقالات الكتلة الصدرية...قراءة واقعية
محمد حسن الساعدي
ربما كثير منا يتفق مع رؤية قدمها مختصون, لتوصيف عالم السياسة بأنها فن الممكن, لكن ضيف لها مفكرون انه ينبغي الحفاظ على المبدأ.. وهو أمر لابد منه خصوصاً, لمن يحمل أرثا يعتقد انه سقي بالدماء والتضحيات الكبيرة، على إن يجعل من هذه التضحيات مصداقا له أمام جمهوره.. وليقنعه لابد له أن يكون خطابه متسقا وفكر هذا الجمهور ..
عمد التيار الصدري إلى أستخدم أسلوب المناورة، بشكل متكرر ومتعدد الأشكال, فمرة نراه يتفق مع الجميع, وفي اللحظات الأخيرة نراه يتنصل عن أي اتفاق, ويتراجع عنه تحت مبررات هو يقدمها، الأمر الذي جعل القوى السياسية عموما, تترقب مواقفه على حذر وريبة, رغم أنها في نفس الوقت لا تتسق معها.
الانتخابات الأخيرة التي أجريت في تشرين الأول الماضي, شكلت منعطفاً جديداً في الخارطة السياسية، وعلى الرغم منكل الملاحظات التي تخللتها, إلا أنها رسمت وضعاً جديداً وطريقاً, اتخذه التيار الصدري ليكون رأس الحربة في أي متغير قادم, هو يتوقعه أو يريد تحقيقه.
الدعوة " الأمر" التي وجهها السيد الصدر لنوابه في البرلمان, بالتهيؤ لتقديم استقالاتهم جميعاً، ليست بالقضية الجديدة، فقد أستخدم هذا الأسلوب مرات عدة.. وكان يعتمد على تحرك الشركاء واندفاعهم, لإقناعه بالعودة إلى دوره في العملية السياسية، ولكن وكما يبدوا فان هذه المرة ليست كسابقتها، فالجميع متحامل على موقفه الذي شق به عصى الكتلة الأكبر، وسعى ليكون سبباً مباشراً في تفتيت عرى المكون الأكبر..وهو خطر تراه بقية أحزاب وتيارات المكون الأكبر, خطيئة كبيرة وخطرا يهدد المكون والعراق كله..
لذلك فأن موقفه جديد/ قديم, بالتالي فربما لن يكون هناك أي موقف من الشركاء لإقناعه بالعدول عنه, بل سيكتفي الجميع بالسكوت وعدم التحرك نحوه, مما يعني إن هناك فرصة مهمة ستكون, لخصومه في للإطار التنسيقي في التحرك نحو الفرقاء السياسيين, لإقناعهم بتشكيل تحالف يجمع القوى السياسية, لتشكيل حكومة تتكون من جميع المكونات السياسية في البلاد.. ورغم أنها قد  تكون مغامرة, لما عرف عن استخدام التيار الصدري المتكرر للشارع, وما فيه من مخاطر وتعطيل للحياة, لكنه قد يدفعهم لهذا الخيار, عندما حصارهم بزاوية ضيقة من الخيارات في التعامل معه..
الحديث عن استقالة نواب التيار الصدري, حصل في وقت سابق وربما لعدة مرات, وصارت هذه الخطوات  مألوفة ومتكررة من التيار, ولا تقود لحل البرلمان أبداً, باعتبار هذه الخطوة تعتبر مغامرة, لا يمكن توقع أو تحديد نتائجها بدقة.. كما أن الشارع العراقي لا يتقبل ولا يتحمل أي انتخابات جديدة قريبة،في ظل الظروف الصعبة التي يعيشها، ما يعني أن ذهاب أي كتلة إلى الاستقالة, لا يمكن لها أن تكون معطلة لتشكيل الحكومة, ويمكن تشكيلها من باقي الكتل, والذين سيستغلون الفرصة, في تصعيد مرشحيهم الاحتياط بدلا من المستقيلين, ويعدلون ميزان القوى, الذي أركبته نتائج الانتخابات الأخيرة...
نعتقد وكما يرى محللون إن الوضع السياسي لا يتحمل أي إعادة قريبة للانتخابات ، وليس أمام القوى السياسية إلا التوافق لتشكيل الحكومة, أو الذهاب لخيار الاحتماء بالشارع، ما يعني دخول البلاد في تشرين ثانية، ولكن هذه المرة بسلاح الصدريين, وبواقع محلي وإقليمي ودولي, يختلف عما سبق.. واقع لا يمكن توقع تأثيراته في معادلتنا مطلقا..

51
السيدة التي  ترسم مستقبل العراق!
محمد حسن الساعدي
تحدثت ممثلة الأمين العام للأمم المتحدة بجلسة مجلس الأمن الدولي، حول الأوضاع السياسية في البلاد، السيدة "بلاسخارت" وعن آخر تطورات المشهد السياسي، فأشارت في حديثها بان الوضع لا زال سلبيا.. فالعديد من القضايا إنعكاس سلبي للواقع السياسي، وتلكؤ خطوات تشكيل الحكومة..
كما انها ذكرت في خطابها "أن العراقيين ما زالوا بانتظار طبقة سياسية منشغلة بمعارك السلطة، التي عفا عليها الزمن، بدلاً من أن تشمر عن سواعدها لإحراز تقدم، في تحقيق القائمة الطويلة من الأولويات المحلية المعلقة في العراق"..
واقع ان العراق بعد عام 2003 بات ساحة صراع إقليمي ودولي، وأمسى حلقة شد وجذب لكل الخلافات  هنا أو هناك.. كل ذلك مصدق لحقيقة أنه لا يمكن بأي حال، إلقاء اللوم على الوضع السياسي العام في البلاد، بقدر تأثير الوضع الإقليمي والدولي عليه.. لذلك نجد أي متغير في هذا الوضع ينعكس على الوضع الداخلي، وأن أي صراعات خارجية ستنعكس سلباً على هذا الوضع، وأي تهدئة هناك بالتأكيد نجد انعكاساتها على المشهد السياسي عموماً .
بغض النظر عن ملفات الفساد الخطيرة، التي تلف أركان الدولة العراقية، وتتفنن مافيات الفساد فيها في أكبر ظاهرة للفساد في العالم، ولكننا عندما نتحدث عن مراحل الديمقراطية في البلاد، فإننا ننظر بتفاؤل لما مر به العراق من مراحل مهمة من تاريخه، بعد حكم لأربعين عاماً من الديكتاتورية والتفرد بالسلطة، وإذا به يتحول فجأة إلى ديمقراطية، وتداول سلمي للسلطة، عبر انتخابات برلمانية كل أربع سنوات.
السيدة بلاسخارت تحاول رسم خارطة جديد للعراق، عبر رؤية ومخطط والذي انعكس في الانتخابات الأخيرة، التي جاءت لترسم خريطة جديد للعراق الجديد.. وهذه المرة عبر التدخلات الخارجية، التي لم تؤثر بالإيجاب بقدر ما أثرت بالسلب، لتدخل البلاد مرة ثانية في نفق الانغلاق السياسي، وظل الوضع أشبه "بالبركة الراكدة" التي يراد لها أن تبقى هكذا!
الأولى بالسيد بلاسخارت ومن ورآها، في الأمم المتحدة باجمعها، أن تكون عنصرا فاعلا في تسوية الخلافات والصراعات في العالم اجمع، وليس فقط في العراق، وكان الأولى بالأمم المتحدة أن تسعى جاهدة، في تقريب وجهات النظر بين الفرقاء السياسيين، وتقدم مساهمة ايجابية في إزالة أي سوء فهم بين المكونات السياسية، وبما يعزز النظام  في البلاد، ويقوي مؤسسات الدولة، ويرسخ الثقة بين العراق وجيرانه وفق مبادئ"حسن الجوار والمصالح المتبادلة".
العراق بلد المكونات وينبغي أن تكون جميعها، مشاركة في القرار السياسي للبلاد، وعليها أن تتحمل المسؤولية كاملة، في حماية مصالح البلاد العليا والشعب، وان تكون ممثلة في كل المؤسسات التشريعية والتنفيذية، وبما يعزز تلك الوحدة بين المكونات جميعها.

52
قانون الدعم الطارئ للأمن الغذائي في الميزان
محمد حسن الساعدي
يذهب أغلب المراقبين والمختصين بالشأن المالي بأن يكون إقرار قانون الأمن الغذائي والتنمية بديلاً مقصوداً لمشروع الموازنة الاتحادية لعام 2022،الأمر الذي يقف حاجزاً ومعضلا أمام المصالح الاقتصادية والمالية للدولة والشعب،ويكون سببا مباشرا في تأخير عمليات الاستثمار و حركة البناء والأعمار وتنفيذ الخطة العمرانية الكبرى للبلاد، كما أن إمكانية التصويت على هذا القانون يعرقل فرص استغلال الفائض المالي المتوقع في إنشاء صندوق يكون متعدد الغايات والأهداف والتي فيها استثمار وإطفاء ديون بدلاً من ذلك يراد تبديد الفائض من زيادة أسعار النفط الخام وليست إيرادات النفط ،ضمن قنوات صرف جديدة خارج إطار الرقابة والتدقيق التي ينظمها قانون الموازنة وقانون الإدارة المالية رقم 6 لعام 2019 ما يزيد من مخاطر الهدر والفساد على المال العام خاصة في ظل اضطراب عمل مجلس النواب والحكومة، الأمر الذي يعني دخول البلاد في فراغ دستوري ومستقبل مجهول لا يمكن أصلاحه.
لا يوجد مسببات لمثل هذا القانون الذي يحمل بين طياته الكثير من الألغام،إضافة إلى عدم وجود أي موجبات لإقرار مثل هذا القانون لعدم وجود مخاطر تهدد الأمن الغذائي للبلاد وبشكل الذي يتم تصويره إضافة إلى أن إلى أن التخصصات المالية للغذاء سارية بصورة منتظمة وليس هناك أي مشاكل في هذا الجانب،ما يعني لا توجد مبررات لمثل هذا القانون بالإضافة إلى أنه مثل هكذا قوانين من السهل الطعن بها لعدم وجود جواز تشريعي لها من قبل حكومة "تصريف الأعمال" إلى حين انتخاب حكومة جديدة وبصلاحيات دستورية كاملة،إضافة إلى أن البرلمان لا يمتلك الصلاحيات في تقديم القوانين التي فيها جنبه مالية حسب قرار المحكمة الاتحادية .
المادة (2) من القانون والتي تنص على أنشئ حساب بمقدار 25تريليون دينار ومنح صلاحية الاقتراض الحكومي بمقدار 10 تريليون دينار في دعم الحساب وبذلك فإن إجمالي رصيد الحساب 35 تريليون دينار وفقا للمادة (3/ أولا) من قانون تخصص نسبة 35% من الحساب المزمع إنشاءه لتمويل البطاقة التموينية وشراء محصولي الحنطة والشلب من الفلاحين هي أكثر من 10 تريليون وهو ما يعادل خمسة أضعاف تخصيصات البطاقة التموينية و مستحقات الفلاحين في الموازنة السابقة .
هذا القانون الذي أعيد طرحه من ضمن جدول أعمال مجلس النواب العراقي مرة ثانية،ورفضته المحكمة الاتحادية رفضا قاطعا،وذلك لكونه أعطي صلاحيات الحكومة أكبر من صلاحيتها في تصريف الأعمال فقط كما أنه يمثل اكبر ملف فساد في البلاد، إذ أن حصة المواد التموينية فيه لا تتجاوز 35% والباقي يذهب إلى تعيينات وأموال طائلة تذهب بعنوان أعمار الأقاليم ،تحديدا ما يعني أن هناك إرادة سياسية لتمرير هذا القانون،والعمل على إقرار وفق هذه المحددات دون أن تكون هناك أي جداول أو آليات أو خطة عمل واضحة لصرف هذه الأموال .
لا يوجد هناك أي مبرر لتشريع قانون بديل في الموازنة الاتحادية نظرا لما تمر من تضمنته المادة 13 من قانون الإدارة المالية رقم 6 لعام 2019 من عمليات الصرف في حال تأخر إقرار الموازنة والتي تشير بصورة واضحة إلى الصرف بنسبة واحد إلى 12 فما دون من إجمالي المصروفات الفعلية للنفقات الجارية للسنة المالية السابقة،بعد استبعاد المصروفات غير المتكررة على أساس شهري ولحين المصادقة على الموازنة العامة،لذلك فإنه في حال عدم إقرار مشروع قانون الموازنة العامة الاتحادية لسنة مالية معينة تعد البيانات المالية منها السنة السابقة أساس البيانات المالية لهذه السنة وتقدم إلى مجلس النواب لغرض إقرارها،لذلك فأن إقرار مثل هذه القوانين لها أثر خطير في حال أقرت لان الأيادي المسؤولة ليست نظيفة بالشكل التي يمكن الاعتماد عليها في عمليات صرف مثل هذه الأموال الطائلة.
 

53
المحكمة الاتحادية العليا ومتطلبات حفظ النظام السياسي .
محمد حسن الساعدي
قرارات المحكمة الاتحادية العليا العراقية التي أصدرتها، حسمت الموقف العام بشكل أساسي، ونجحت بتنظيم مسار العملية السياسية، والذي لا يمكنها المضي دون الالتزام بهذه القرارات، وأهمها قرار الأمن الغذائي الذي يحمل الكثير من الثغرات والإشكاليات، الأمر الذي يجعل قوى التحالف الثلاثي مستفزة وتعيش حالة انفعال في مواقفها وتصريحاتها .
خطاب يحمل لهجة منفعلة تعبر عن حالة فقدان التوازن والمبادرة، و ضياع جميع الأوراق.. إلى جانب انه كان يحمل توتراً واضحا، بالإضافة إلى لغة التشكيك والتخوين بالآخر ،بالإضافة إلى الشعور بالوحدة،كونه خطاب لمتحدث لا يملك الأغلبية، لأنه لو ملكها لاستطاع المضي بتشكيل الحكومة.
 التحالف الثلاثي بات غير متماسك، في ظل كل هذه الظروف التي مر بها واستشعار  قادته ذلك، بعد انغلاق كل الطرق للمضي بدون الإطار التنسيقي، لذلك فإنه عوامل التقارب بين التحالف الثلاثي والإطار التنسيقي باتت أقوى واكبر، لأن كلاهما لا يستطيع أن المضي لوحده، وذلك لعدم وجود أي أساس لذلك، وعدم إمكانية تشكيل الكتلة الأكبر من طرف واحد..
كما أن تحالف السيادة هو الآخر أصابه التصدع داخلياً، خصوصا مع الأزمات الكبيرة التي عصفت به، وانعكاس ذلك من خلال الأزمات، التي ظهرت من خلال تصريحات بين قياداته ونوابه.
الحالة الكردية ليست بالأفضل، فالانقسام واضح من خلال التفرد بالقرار الكردي دون الرجوع إلى القيادات والقوى الكردية في القرارات المصيرية، التي تخص الشعب الكردي بشكل عام، ما يعني أن هناك قناعة باتت واضحة لدى الاتحاد الوطني الكردستاني، بالتوجه نحو العمل الجاد من أجل استقلال السليمانية عن الإقليم، ما يجعل الأمور تضييق أكثر وأكثر في داخل البيت الكردي، وليس أمام الحزبين الكرديين، سوى الجلوس والاتفاق على مرشح رئيس جمهورية توافقي، لأن ذهاب طرف دون الطرف الآخر، يعني أن الوضع سينعكس بالسلب على الإقليم بشكل كبير .
قوى الإطار وكما هو واضح للمتابع باتت أكثر تماسكا وقوة، وأصبحت رقما صعب لا يمكن تجاوزه، وهي لا تريد إبعاد الصدر عن المشهد السياسي او إقصاءه، بل تسعى إلى تشكيل الكتل الأكبر، والاتفاق على أن يكون القرار السياسي الشيعي واحداً.
 كل حلقات المشهد هذه باتت تؤكد وتشير أن الأمور تسير نحو ضرورة التهدئة، والدفع نحو الحوار والتوافق بتشكيل الحكومة، وإما الحديث عن الصراع والصدام الداخلي، فهو أمر غير وارد لأسباب كثيرة، أهمها عدم قدرة أي طرف على كسر الآخر، إضافة إلى أن الجميع سيخسر، وأن الطرفين الإطار والتيار يعيان جيدا صعوبة هذا الصدام، وريما سيبقى التراشق الإعلامي والمشاغبات التي تصدر من نواب ونائبات لايعون حجم الأزمة، وما يعفونهم فقط هو النعيق والمغالطات التي خسرت البلاد الكثير هي السائدة، في ظل حالة التشدد والتوتر الذي يمر به الوضع السياسي عموما، فالأمور وكما هو واضح، باتت تسير نحو حالة من التهدئة والتوافق، وجلوس الفرقاء السياسيين خصوصا في البيت الشيعي إلى طاولة الحوار، لتشكيل الكتلة الأكبر، والدخول بها إلى مجلس النواب، والانتهاء من ترشيح رئيس جمهورية توافقي، بين الحزبين الكرديين، ومن ثم الانتهاء برئاسة الوزراء القادم، و تشكيل الحكومة بشكل نهائي و حاسم.

54

البرلمان بين سلطة الأغلبية والاقلية المعارضة
محمد حسن الساعدى
استجابت القوى السياسية جميعها لنتائج الانتخابات، التي اجريت في تشرين الماضي 2021،  بعد ان حسمت المحكمة الاتحادية الجدل في نتائج سادها كثير من الشكوك وتساؤلات عن مدى مصداقيتها، ولكن ما إن خرجنا من ظروف الانتخابات، حتى دخلنا في تحدي آخر هو كيفية أدامة والحفاظ على النظام السياسي.
بعد مرور ستة أشهر على إجراء الانتخابات، وعلى الرغم من عقد جلسات مجلس النواب، لانتخاب رئيس مجلس النواب ونائبيه، الا أن الصورة ظلت على ضبابيتها، ولم تحسم جلسات مجلس النواب لانتخاب رئيس الجمهورية، وبالتالي رئيس مجلس الوزراء الجدل في الكتلة الاكبر ، وامتدت الخلافات بعد تشكيل التحالف الثلاثى (الصدر -الحلبوسي -البرازاني) والذي عقد المشهدتماما، وأضحت القوى السياسية أمام تموضع صعب محاولة إيجاد الحلول، لتقريب وجهات النظر في داخل البيت الشيعى تحديدا، الذي يظهره من قسم في الإطار الذي ظهر منقسماً..
الاطار الذي يحوي كل القوى السياسية الشيعية، أمام التيار الصدري الذي يحاول الانفراد بحمل راية القرار السياسي والسيادي، ويريد فرضه على قوى الاطار ليكون خارطة طريقه القادمة.
الإطار التنسيقي عمل لإطلاق مبادرة مهمة، حملت بين نقاطها الثمان خارطة طريق، تمثل رؤية كل القوى الشيعية، للخروج من حالة الانسداد السياسي، و الاحتقان الذي ربما سيمتد إذا ما استمر إلى الشارع ليحرق الأخضر واليابس، والتي هي مستقاة من المبادرة التي طرحها رئيس تيار الحكمة السيد عمار الحكيم، ليتبناها الإطار التنسيقي فيما بعد ، لتكون المبادرة الأساسية لحل حالة الانسداد السياسي..
بالمقابل قدم الصدر دعوته إلى المستقلين (42)نائب لتشكيل حكومة منهم، على أن يشترك الصدر فيها وفق ما تم طرحه في المبادرة، مما ترك رسالة وأستفاهمات عديدة في الغاية من هذه الدعوة..
الرحى تدور بين سلطة الحكم وسيفها ورقبة المعارضة، فكلاهما يدفع الآخر نحو المعارضة، والذي بالتأكيد هو شيء صحي في تجربة وديمقراطية جديدة على المشهد السياسي، ولكن ينبغي أن يكون هناك ظروف مهمة مهيأة لهذه المعارضة، من خلال تمكينها من اللجان البرلمانية، واهمها المالية والرقابية في داخل قبة البرلمان، لتكون العين واليد التي تراقب و تحاسب، من خلال ترأسها لهذه اللجان، وبذلك نكون قد فتحنا المجال لتشكيل معارضة حقيقية وقوية، وناهضة بالواقع السياسي وتكون حجر الأساس، لاي تغيير ديمقراطي محتمل في المستقبل.
ما يطرحه التحالف الثلاثى في حكم الأغلبية السياسية، أمام معارضة الأقلية والذي بدأت خطواته في عام 2018، بعد تشكيل تحالف الإصلاح والأعمار، أمام تحالف البناء لم ينهض ليكون قويا، وذلك بسبب عرف التوافق الذي ساد منذ عام 2003 والذي دفع به الاكراد ليفشلوا بذلك مخطط الاغلبية والاقلية.
من الواضح اليوم للذين ينادون بالمعارضة من التحالف الثلاثي، انهم يجب أن يكونوا على قدر هذه الدعوة، من خلال تفعيل دورها الرقابي، وفسح المجال أمامها لمتابعة ومراقبة السلطة التنفيذية، والذين هم جزء منها، وتفعيل جلسات الاستجواب للوزراء والمسؤولين كافة، من اجل ان يكون القول كالفعل، وتمارس المعارضة البناءة والتقويمية، دورها الدستوري المناط بها، بعيداً عن اي توجيه لسلطة الحاكم في البرلمان .

55
محددات القوة في ديمقراطية العراق.
محمد حسن الساعدي
لا يخفى حجم التحديات التي تعرض لها العراق بلداً ووجوداً وشعباً ، حيث تسير الديمقراطية مع الفوضى والقتل والدمار ، ولا يزال العقل الأمريكي يراهن على هذه الورقة رغم احتراقها ، وانهيار كل الآمال والوعود والعناوين والشعارات على أرضية الواقع السياسي الهزيل ، الذي حول الشعب العراقي إلى كبش فداء لكل العناوين الإجرامية الإرهابية وأصبح مشرداً لايملك أي خيار سوى أن يعيش في أرضه غريباً وتحت وطأة سيف الإرهاب الداعشي المتكرر، وإهمال وتهميش الحكومة الديمقراطية في العراق الجديد .
الديمقراطية وفق هذه النظرة تعني مشاركة أبناء الشعب ومنحهم القدرة في التأثير على صنع القرار السياسي في البلاد ، إذ لا خلاف أن الديمقراطية تعني المشاركة في صنع قرار مصيري يهم الشعب ومستقبله ووجوده .
ربما في العراق الجديد حصلت بعض مفردات الديمقراطية ، ولكنها ما لبثت أن تلاشت بسبب تسلط وديكتاتورية فكر الأحزاب الحاكمة ، والتي مزجت بين الديمقراطية وبين مسك السلطة بقوة وبدون أي حاكميه للشعب ، فنرى أن الحاكم اخذ بزمام السلطة وبدا ببناء شبكته العنكبوتية للسيطرة على جميع مفاصل الدولة ، دون أي مصد ديمقراطي أو حجة سياسية يمتلكها في هذا الإجراء ، إذ المتابع يرى أن العراق لم يعرف الديمقراطية الحقيقية التي تقوم على أساس حرية الفرد .
القراءة الأمريكية للعراق واجهت نكسة كبيرة ، إذ أنها رأت أن التغيير الديمقراطي هو العنصر الحاسم في حماية مصالحها في المنطقة عموما والعراق خصوصاً من خلال السعي لإقامة نظام ديمقراطي مقبول ،ولكنها تفاجأت بتعقيدات المجتمع العراقي وتنوع قومياته ومذاهبه ، ولم تفهم أن التغيير يجب أن يأتي من الداخل ووفق تسلسل وسياق تاريخي ، ولا يفرض عليها بأي قوة كانت ، إذ لايمكن تحقيق أي تقدم أو تغيير. في مجتمع من خلال الوصفات الجاهزة القادمة من الخارج .
الأزمة السياسية بعد الأحداث الطائفية التي تعرضت لها البلاد عن هشاشة الثقــــــــــــــافة السياسية لعموم سياسي العراق الجديد ، بل عكست عدم رصانة العملية السياسية ، خصوصاً في ظل التفرد الحزبي والطائفي للبلاد ، بل وصل بنا الحال إلى حكم العائلة والبيت الواحد ، وهذا بحد ذاته كسر وانهيار لأي عمل ديمقراطي سياسي سواء على المستوى الثقافي أو على مستوى فهم الممارسة الفعلية لأي عمل سياسي وعلى مستوى المؤسسات والشخوص ، أو حتى على مستوى النخبة السياسية التي هي الأخرى انهار دورها أمام حكم الإقطاع .
اعتقد إن هناك ثمة فقر كبير لسياسينا لمفهوم السياسة والديمقراطية ، كما إن الجمهور هو الأخر يعاني من سطحية في الفكر ، وانتماء جهلوي للشخوص سواء الدينية او الحزبية والتي ثبت انحرافها ولأسباب حزبية ضيقة لا تمت إلى الوطن والعقيدة بأي صلة ، الأمر الذي جعل الجمهور يسير في نفق مظلم لا يعلم نهايته ، ولايهمه كثيرا النهاية ولكن المهم هو التمسك بفكر وعقيدة حتى لو كانت تخالف العقل والمنطق والسياقات العرفية والاجتماعية.
اعتقد أن الديمقراطية في العراق في حالة موت سريري ، بل ربما أعلن وفاتها ولكن بصمت في ظل أجواء التسلط والديكتاتورية والانحراف السياسي ، والذي بات ظاهرةً وعنواناً كبيرا للتجربة الإسلامية في البلاد ، لان الديمقراطية هي نظام سياسي يترك سلطة المسؤول تحت المراقبة ، وقيد الإشراف والمتابعة مع إفساح المجال لعبقرية الأفراد السياسية للتعبير عن ذاتها .

56
الكرد وتحالفهم الثلاثي.. وحسن النوايا
محمد حسن الساعدي
لم يتغير موقف الاخوة الكرد، وبقيت مواقفهم المتشنجة من مجمل القضايا المصيرية للعراق، بل يوماً بعد يوم يثبتون انهم ليسوا جزءً من أي موقف رسمي للدولة العراقية، وباتوا يعملون بصمت خارج أي قرار حكومي او رسمي.
الزيارة التي يقوم بها رئيس أقليم كردستان السيد مسرور بارزاني الى لندن، ربما يتصور المشاهد انها تاتي، في سياق تمتين العلاقة بين الاقليم ولندن، ولكنها في الاعمق تنبع من التحالف الثلاثي الساعي لحكم العراق هذه الأيام.. فرئيس الاقليم ينتمي الى الحزب الديمقراطي الكردستاني، والذي يعد الجزء الاساس من التحالف الثلاثي، إضافة الى ان الزيارة لاتخلوا من، لمسات السفير العراقي هناك السيد"جعفر الصدر" والذي هو مرشح التيار الصدري لرئاسة الوزراء، وجزء من تحالف "انقاذ وطن" حيث تم في نفس السياق، زيارة الى الاخير وجرى خلالها بحث ملف تشكيل الحكومة، والعلاقة بين الاقليم والمركز، ما يعني ان المسالة ليست عرضية، بل هي جاءت من اجل إيجاد ارضية مناسبة، لاعلان ما يريدون اعلانه.
تحدث السيد مسرور خلال الزيارة، ووصف نظام الكونفدرالية بأنه سيمنح قوة أكثر للمكونات، قائلا: ينبغي أن يصب نظام الحكم في العراق في مصلحة المكونات، مؤكدا ان مصلحة العراق بالنسبة لنا أهم من مصلحة باقي البلدان، مؤكداً ان الاكراد لم يستلموا حصة أقليم من الموازنة منذ 2014، الامر الذي يجعلنا نتساءل كيف تسير حكومة الاقليم الامور الحياتية لاهلنا في الاقليم؟!
لم تعتمد حكومة الاقليم على الموازنة كلياً، بل دأبت على ان يكون لها منفذ آخر للموارد المالية، فسعت الى الاعتماد على الموراد النفطية، وبيع النفط عبر ميناء جيهان التركي، وكذلك استلام موارد المعابر الحدودية في شمال العراق، دون المرور بحكومة العراق الاتحادية، وتسليم موارد الاقليم لخزينة الدولة، ما يعني أن مثل هذا الاجراء، يمثل تحدياً للحكومة الاتحادية، ومخالفة صريحة للدستور العراقي النافذ.. يضاف لذلك حينما المحكمة الاتحادية العليا حسمت الموقف، بان قانون النفط والغاز في الاقليم هو غير قانوني ودستوري، وبذلك فان أي اجراء تقوم به هو غير دستوري بالمجمل.
يرى كثير من المراقبين انه ليس من مصلحة أقليم كردستان، الوقوف امام هيبة الدولة وقوتها، بل عليه ان يعتمد الحوار، في أي ملف يريد مناقشته مع الحكومة الاتحادية، واللجوء الى الدستور في حسم الملفات العالقة بينهما، وبما يعزز وحدة العراق أرضاً وشعباً، وان لا يكون الاقليم منطلقاً لاي نوايا سيئة، تجاه العراق وشعبه، لان الخارطة والمصير والهوية لا تغيرها الاجندات، بل ستكون من اكبر العوائق والمصدات، امام اي اجندة قادمة .

57
العراق بعد انتخابات تشرين .
محمد حسن الساعدي .
بعد سقوط نظام صدام، سعت القوى الغربية وفي مقدمتها الولايات المتحدة، لتنفيذ مخطط سايكس بيكو جديد على الوطن العربي، من خلال ثورة وهمية سميت لاحقا "الربيع العربي" في محاولة منهم لنقل المعركة الى ارض المسلمين لتكون بين "الاسلام والمسلمين "..
هذا ما حصل بالفعل في مصر من  دعم صعود الاخوان المسلمين الى الحكم ، ومحاولة تمكين القوى المتطرفة، للسيطرة على مقاليد الحكم في بلاد النيل، وغيرها من الدول العربية، في محاولة لايجاد صراعات داخلية، تدخلها في نفق مظلم ونهاية مجهولة، وبالفعل تغيّرت المعادلة ونقلت المعركة.. وهي الخطوة الاولى نحو تغيير خارطة المنطقة العربية نحو "الشرق الأوسط الجديد "
العراق جزء مهم من المنظومة العربية، وحلقة وصل ضمن معادلة التوازن الإقليمي والدولي، كونه يمثل بوابة الشرق الأوسط، ومدخل الوطن العربي الشرقي، لهذا يتوجب على المخطط الاستراتيجي عند وضعه خطة تقسيم العراق، ضرورة قراءة الوضع العراقي، بموضوعية وبمعزل عن تركه منطقة رخوة، تؤدي الى انفلات أمني خطير، ينعكس بالسلب على مجمل الوضع الامني العربي، وبالتالي تهديد مصالح القوى الغربية والأمريكية بالخصوص في المنطقة.
الشيء المهم ان اي محاولة لتقسيم العراق، ستؤثر على الحركة الديمغرافية للمنطقة برمتها، وستخلق فوضى أمنية  بابعاد عرقية وطائفية، قد تصل مدياتها ابعد مما يمكن تصوره.. وقد يمتد لغالبية البلدان العربية، والتي ترتبط مع الولايات المتحدة بمصالح ستراتيجية حيوية، الامر الذي يؤدي الى فوضى شاملة لن تتوقف او يمكن ايقافها.. وهذا سيجعل عموم المنطقة، ساحة حرب مفتوحة، مع الجميع وبين الجميع، ووقودها أمريكي الصنع..
العراق بلد نفطي وأحد مصادر الطاقة في العالم ، لهذا ليس من المفيد للغرب، الا ان يدعم كونه أرضاً صلبة، مستقرة سياسياً وعسكرياً واقتصادياً، كما يجب ان يكون دولة قوية موحدة، لان اي مخطط لتجزئته، سيكون كارثة على مجمل الوضع في المنطقة، خصوصاً ان الشعب العراقي منقسم ومتنوع الطوائف والإثنيات ، مع وجود الترابط في العلاقات الاجتماعية، بين مختلف المكونات، لهذا من الصعب والخطر معا تفكيكه او تقسيمه..
كما ان الشعب العراقي يتميز بكونه، يحمل حساً عاطفيا، عندما يشعر انه مهدد فان ردة فعله ستكون مفاجاة للخصوم وتكون شرسة، ولايمكن تحديد مدياتها او ااتحكم بها..
لهذا مهما تحاول القوى الغربية، او الدوائر المغلقة في الولايات المتحدة، فرض الأمر الواقع على الشعب العراقي، فانه ليس من الممكن ذلك ، لذلك تسعى هذه القوى الى تنفيذ الخطة (باء) وهي تغذية الانقسامات والصراعات السياسية، وزرع النعرات الطائفية بين المكونات خصوصاً ( الشيعية -السنية) واشعالها وجعلها مستعرة دائماً، وان شعار التقسيم ليس الا اداة ضغط سياسية، على التحالف الشيعي لإيجاد توازن مقبول في داخل الدولة .
يبقى على الجانب الشيعي ان يستثمر الدعوات، في رفض التقسيم من خلال تهدئة الأوضاع الداخلية ، وابعاد المبررات التي من شانها، سعي الآخرين للتقسيم وفق مصالح خاصة ضيقة، وبدل السعي خلف البيت الأبيض، ليكن التحالف الشيعي هو بيت العراقيين جميعاً، من خلال السعي الجاد لانتخاب رئيس وممارسته مهامه، والانتهاء من أنتخاب رئيس الوزراء، وممارسة دوره السياسي في معالجة الأزمات، وحل المشاكل العالقة والنهوض بالواقع المؤلم للعراق وشعبه، لان الخطر ما زال ينشط، واذا لم تكن هناك خطوات جادة فان العراق يسير نحو الهاوية.

58
العراق بين علمنة الحكم وفضاء الإسلام.
محمد حسن الساعدي
يبدوا أن الأحزاب والتيارات الإسلامية التي حكمت العراق بعد عام 2003، لم تدرك أن الفهم والفكر اللازم للحكم، يختلف عما قبله، وان الاليات التي اتبعتها هذه الأحزاب كانت بسيطة وتقليدية، وفي بعضها لم تكن جزءا من أي مفهوم للحكم والقيادة، بل كانت عبارة عن تجارب ربما تخطأ وقد تصيب.. وهكذا سارت كل الحكومات المتعاقبة، بنظرة قاصرة للحكم، سواءً في إدارة الدولة، أو تشكيل الحكومات المتعاقبة.
الشعب العراقي هو الاخر لا يدرك، حجم التحديات التي تحيط به، وبات متكئاً على الظروف، وربما يعتمد في مواقفه على قيادته السياسية التي يؤمن بها، بغض النظر عن صلاحها من عدمه، وهذا ما لمسناه في أغلب المواقف السياسية التي تحتاج الى موقف منه، وما التظاهرات الا انعكاس لموقف الأحزاب، ولا صورة او موقف حقيقي للشعب العراقي منفصل ومستقل، وان وجد فالشي القليل الذي يتحرك بأمواج الأحزاب وحركته في داخلها.
ما يمكن ان يعيد الثقة للعراقيين أنفسهم، هو الابتعاد عن الغلو والتعصب الاعمى، والسير خلف ذوات لم يكن لها باع طويل في السياسية، وان يعتمدوا على أنفسهم في اختيار مستقبلهم، بعيداً عن الطارئين وراكبي أمواج السلطة، وتقبل الرأي الآخر دون الإصرار، على راي ربما يكون غير مقنعاً للأطراف الأخرى، وان لا ينقبلوا عليه مستقبلاً.
التعامل مع الواقع السياسي بواقعية أكثر، بعيداً عن العاطفية التي خسرتهم كثيرا، وسببت لهم خيبات امل كبيرة من السياسيين أنفسهم، فالشعب العراقي يتميز بالعاطفة، في تقييمهم للأمور وباستعجال، وعندما ينكشف الواقع يشعرون بالندم على مواقفهم تلك، وهذا ما انكشف في الكثير من المواقف السياسية بعد عام 2003.
كذلك عليه ان يميز بين الدين والسياسية في الحكم، فلايربط بين دينه وسياسيه وان يجعل من معتقداته مبادئاً له، لا ان يجعلها أداة في رويته السياسية، لان الواقع متغير بحسب، طبيعة مصالح الأحزاب المتحكمة، والتي قدمت صبغة الدين ولونه، على رؤاها ومبنياتها في محاولة لأقناع الجمهور، والذي ربما انطلت عليه هذه الفكرة وأقتنع بها، ولكن ما هي الا أداة لإخضاع الجمهور وكسب ثقته في يوم الانتخابات فقط.
الحاجة باتت ماسة الى بلورة نخبة سياسية عراقية، تمتلك الحرية السياسية وغير خاضعة للأهواء الحزبية الضيقة، ولها القدرة على التعامل مع الازمات السياسية، على ان تضع مصالح العراق العليا فوق كل المصالح الفئوية، وان تتحدث بلغة الآخر ولها القدرة على التفاوض “بالمصالح الوطنية" وان تضع مبدأ الاستقرار السياسي من واولياتها، دون جعل الامن القومي للبلاد في مهب الريح، وفي متناول الصراعات السياسية الآنية، ناهيك عن كل ما سبق مرتبط بوجود حكومة، تمتلك برنامجا واضحا، وتستطيع استثمار كل هذه الفرص المتاحة لمصلحة العراق.

59

الى أين تتجه الأوضاع في العراق؟
محمد حسن الساعدي
توضحت الصورة تماماً من بعد جلسة يوم السبت، والتي لم يتحقق فيها النصاب لانتخاب رئيس الجمهورية، وبذلك لم يحصل ما ذهب إليه التحالف الثلاثي، وما تلاها من انعقاد جلسة يوم الأربعاء والتي هي الأخرى لم تكن كافية، لانتخاب رئيس الجمهورية، بحضور 171 فقط.
 هذا التناقص في عدد الحضور والذي بدا واضحاً، مما يعني أن التحالف الثلاثي غير قادر، على تحقيق الأغلبية بل أن أعداده في تناقص، ففي الجلسة الأولى كان يحتاج إلى 22 نائب للحصول على الأغلبية، ما دفع السيد الصدر للتواصل مع القوى السياسية، وتحديدا الكردية (الاتحادي الوطني) الذي يملك تسعة عشر نائبا، في محاولة لاستمالته نحو التحالف الثلاثي، لكن دون جدوى.
قوى الإطار باتت أكثر قوة وتماسكا بعد كل جلسة وموقف، ويزداد عدد نوابها في قبالة التراجع الواضح في التحالف الثلاثي، والذي تأكد في جلستي مجلس النواب المنعقدتين، كما أنه اثبت انه يملك الثلث الضامن، بل وربما سيكون النصف الضاغط، في المستقبل وبشكل مريح.
مواقف عدد من القوى السياسية والنواب المستقلين، الذين ربما سيصل عددهم إلى 140 نائباً تقريبا، هي الأخرى ألقت بضلالها على المشهد السياسي، خصوصاً أنها لم تكن واضحة في موقفها، سواءً من الإطار التنسيقي أو من التحالف الثلاثي، بجانب عدم وضوح رؤية الأخير في بداية تشكيله، ولكن تتوضح الأهداف بعد وضوح الهدف، من النقاشات واللجان التي تشكل بين الإطار والتيار، والذي كان يهدف في حقيقة الأمر إلى كسر إرادة الإطار، في حين أن القوى السياسية المنضوية في داخل الإطار، تركت الباب مفتوحاً أمام أي تفاهم قادم مع التيار الصدري او التحالف الثلاثي عموماً .
هناك اختلاف واضح في المواقف والرسائل التي أطلقها التحالف الثلاثي، والذي أدت إلى كسر النصاب القانوني مرة أخرى من قبل الإطار التنسيقي في جلسة يوم الأربعاء، وهذا شيء شجع ويدفع الآخرين للتفاهم مع الإطار، ويشجع بدأ الحوار والتفاهم ويجعله أقرب إلى الواقع، من السير منفردين كلاً لوحدة، ما يعني أن الجلوس إلى الحوار والتفاهم، حول آلية الشراكة باتت هي الأقرب إلى المشهد السياسي، عموما مع بقاء القوى الشيعية والتي يقدر عددها بحوالي 187 نائب، على شكل كتل كبيرة وصغيره مستقلين.
التصارع والخلاف قد يجعل من الصعب تشكيل حكومة، خصوصا مع وجود المسار الذي رسمه الدستور والمحكمة الاتحادية، الذي يميل إلى تشكيل الحكومة بصورة توافقية، وفق التوازنات السياسية بالدرجة الأساس، إلا أنه قد يكون من الممكن تشكيل حكومة التوافقية، إذا ما ضمنا وجودها على غرار ما حصل من تفاهمات، في تشكيل أول حكومة بعد عام 2003.
بات من المستبعد حاليا عقد الجلسة لاختيار رئيس الجمهورية، وذلك لعدم تحقيق النصاب القانوني، كما أن مسألة حل البرلمان أداة يمتلكها التحالف الثلاثي لكنه من المستبعد استخدامها، لعدم ضمان الحصول على نتائج انتخابات مشابه، إذا ما افترضنا إجراء انتخابات جديدة.
يرى المتابعون بان الوضع السياسي وصل إلى قمة الانسداد السياسي، وربما يتجه السيد الصدر إلى المعارضة، خصوصا انه قال في وقت أن سبق، وأبلغ قوى الإطار التنسيقي بشكل واضح، أما هو من يشكل الحكومة ويذهب بها نحو الأغلبية السياسي التي يريدها، ويتجه الآخر نحو المعارضة، وربما يرفض السيد الصدر الذهاب إلى المعارضة، وهذا ما أعلنه منذ أيام، ما يعني أن فرضية التقارب بين الطرفين باتت بعيدة، وأن من يحسم الأمر هو المحكمة الاتحادية وحدها.

60
معضلة الازمة العراقية وحلولها
محمد حسن الساعدي
انتهت جلسة مجلس النواب قبل ان تبدأ، ودون انعقاد والأسباب كثيرة، ولكن أهمها هو "كسر الإرادات" ومحاولة تغيير المعادلة السياسية بعد انتخابات تشرين الأول الماضي، التي حملت كثيرا من علامات الاستفهام، وتركت أسرارها في الغرف المظلمة دون تسليط الضوء عليها، أو الوقوف بجدية على ما حصل، وهذه المرة الهدف هو مجلس النواب ضمن حملة منظمة تجاه مؤسسات الدولة ومن ضمنها مؤسسة التشريع.
تلك المؤسسة الوحيدة التي تمثل صوت الشعب العراقي بكافة أطيافه، فما حصل هو سرقة لحصانتها، وهدم لبناء العمل السياسي، الذي ذهبت من اجله ملايين من قوافل الشهداء، الذين احتضنتهم عشرات المقابر الجماعية، على مدى أربعين عاماً من الحكم البعثي.
تسلط اليوم الاضواء على التيار الصدري، بحكم كونه من نال أكبر عدد من المقاعد، لكن يبدوا ان القياسات التي يعتمد عليها التيار، في بناء رؤاه للدولة لا تتفق تماماً مع واقعه، فالتحالف الثلاثي والذي هو جزء منه ويمثل 44% فيه، فيما يمتلك (الحلبوسي والبارزاني) 55% الباقية ما يجعله عنصر مستضعفا في هذه المعادلة، كمن ورط نفسه في معضلة، لا يسهل عليه الخروج منها لوحده.
الواقع بين ان السيد الصدر الذي يمتلك 74 مقعداً لم يمكنه تمرير مرشح حليفه لرئاسة الجمهور"ريبر أحمد"، رغم محاولاته الشديدة في استقطاب، المستقلين، لأنه ببساطة قد أستخف بخصومه من بقية الاحزاب الشيعية، التي اصور انه قد كسرها، بالاستقواء بحلفائه الجدد.
السنة العرب من جهتهم كان الصراع بينهم أخف وطأة إذ استطاعت تركيا توحيد السنة في تحالف واحد، وأتفق الجميع على ضرورة التوحد وفض الاشتباك بينهم، ما جعل موقفهم السياسي ينتهي إلى ترشيح الحلبوسي وانتخابه رئيساً لمجلس النواب.
الأكراد من جهتهم كانوا يمثلون حلقة الوصل بين المكونات، لكن الخلافات بين الاتحاد الوطني والديمقراطي وصلت إلى طريق مسدود بعد ان كان التوافق هو سيد الموقف في المعادلة السياسية، بأن يكون رئاسة الجمهورية من حصة الاتحاد الوطني الكردستاني وقيادة الإقليم من حصة الديمقراطي الكردستاني ولكن نتائج الانتخابات الأخيرة والتي جاءت لصالح الديمقراطي الكردستاني، مما دعاه لرفض معادلة التفاهمات السابقة ومحاولة فرض معادلة جديد، مبنية على أساس تلك النتائج ويتطلع فيها الأخير إلى الاستحواذ بشكل أكبر، على المناصب المخصصة للأكراد، والتي منها منصب رئيس الجمهورية.
الحل الأمثل للخروج من هذه الحلقة المغلقة، هو إيجاد التفاهمات المطلوبة من أجل ضمان تشكيل الحكومة، سواءً من التحالف الثلاثي والذي يسعى إلى تشكيلها وتثبيت الضمانات في ضرورة أن يكون تقاسم السلطة والدرجات الخاصة جميعها من المستقلين حصراً، وفق آلية واضحة وشفافة ومعروفة بنزاهتهم واستقلاليتهم على أن تراعى فيها النسبة المئوية للمكونات وتمثيلها فيها، وأن يكون رئيس الجمهورية ورئيس مجلس الوزراء خارج تلك المعادلة، وأن يتم ترشيحه بالاقتراع المباشر، من قبل مجلس النواب ومن ثم تشكيل حكومة قوية، تكون قادة على النهوض بالواقع الاقتصادي للبلاد، والتي ستكون أولى الخطوات الضرورية والمهمة، في ترسيخ الكتلة الأكبر في البرلمان.

61
المنبر الحر / رفعت الجلسة !!
« في: 22:05 01/04/2022  »
رفعت الجلسة !!
محمد حسن الساعدي
ليس غريباً أن نرى مثل هذا الصراع السياسي الدائر في العراق، خصوصاً ونحن امام شهد ساخن وبرلمان أشد سخونة.. فخرج من دائرة تخصصه في تشريع القوانين، الى لعبة كسر الارادات والاستقواء، والتهديد والوعد و ممن يفترض انهم ممثلون للشعب، ويحملون همه، ويعملون من اجل خلاصه من مشاكله وهمومه.
ما يوسف حقت ان جلسة مجلس النواب العراقي، عبرت بأسوء صورة عن ماهية هؤلاء النواب، فجزء مصمم على كسر أرادة طيف كامل من القوى السياسية، بحجة تشكيل الكتلة الأكبر شكلاً، ولكنها ستكون الأضعف واقعا ومضمونا وإرادة مستقبلاً.
عقدت جلسة مجلس النواب في موعدها المقرر يوم السبت 26/3/2022 بحضور 202 ومقاطعة 149 نائبا، ولكن دون تحقيق أي طرف لغايته، إلا من حيث استطاعة الجميع، ان يعكسوا حالة الفشل، التي ظهر بها المشهد الديمقراطي في البلاد، فلا زال الوضع السياسي يراوح مكانه في ذات النقطة، دون أي تغيير ما يشير الى وجود حالة من الانسداد السياسي، قد يدفعنا الى حالة الطوارئ، وليس حكومة الطوارئ. والتي هي الأخرى تحتاج الى ثلثي مجلس النواب للمصادقة عليها، ما يعني ان المشهد بات معقداً أكثر، وليس هناك أمام القوى السياسية عموماً وبالخصوص الكتلة الصدرية والإطار، سوى الجلوس على طاولة الحوار والبدء فوراً، بتفاهم بناء تجتمع فيه المشتركات وهي مصلحة الوطن والمواطن، وتفويت الفرصة على الاجندات الخارجية، التي تريد إيقاع الاقتتال الداخلي، بين أبناء المجتمع الواحد.
الانقسامات الحالية ليست في مصلحة المواطن العراقي، والذي ينتظر الكثير من برلمان اختاره، ليكون هو المدافع عن هذه المصالح، وتحقيقها وضرورة تغليب المصلحة العليا بروح المسؤولية الوطنية، والابتعاد عن نهج الاقصاء والفشل وسوء الإدارة، الذي شاب المراحل السابقة بكل تفاصيلها، والكف عن لي الاذرع والذهاب الى طاولة الحوار البناء، خصوصا وان الانتخابات الأخيرة التي تكن بالصورة الديمقراطية المعتد بها، والتي وصلت على 14% وهي لا تمثل بكل الأحوال رأي الشارع العراقي وإرادته، وانما تمثل أصوات أتباعها.
يعتقد وكما يرى كثير من المتابعين للمشهد السياسي والمحللين، ان جلسة مجلس النواب لن تعقد بهكذا وضع، خصوصاً وان الخلاف كبير وعميق، الى جانب الخلاف العميق داخل البيت الكردي، وأصرار التحالف الكردستاني على ترشيح “ريبر" قبله تصميم الاتحاد الوطني الكردستاني على ترشيح "برهم صالح" ما جعل المشهد يسوده التعقيد والانسداد.
لذلك لا يمكن الوصول الى حلول، ما لم تكن هناك إرادة سياسية، في الخروج من هذا المأزق الخطير، والذي يعرض السلم الأهلي للخطر، وللقناعة بضرورة الجلوس على طاولة الحوار، وتغليب المصلحة الوطنية على المصالح الحزبية، التي افقدت البلاد الكثير من فرص تقدمه وتطوره، بالإضافة الى ان البيت الشيعي يتحمل المسؤولية الأكبر، في خروج البلاد من هذا المأزق الخطير، عبر العودة الى طاولة الحوار والنظر لمصلحة المواطن، الذي ينتظر الخدمات وحلول لمشاكله.

62
الخبزة العراقية في مرمى الاستهداف الروسي!!
محمد حسن الساعدي
إن القلق من تطور الأمور إلى حرب كبرى سيؤدي إلى حرب كونية ستخلف دماراً في كثير من أنحاء العالم، هذا الصراع الذي قد يؤثر على المنطقة العربية، فروسيا دولة كبرى، ولها مصالح كبيرة في المنطقة وتأثير كبير، وأمريكا دولة عظمى وموجودة في المنطقة، بالإضافة إلى الاتحاد الأوروبي واللذان يسعيان إلى تقويض الإرادة الروسية في أوكرانيا، لذلك فان تأثر المنطقة العربية بنيران الحرب “الأوكرانية – الروسية”، متوقعاً وربما  تواجه دول العالم مجدداً المعادلة الصعبة: “معي أو ضدي”، وذلك بسبب الاستقطاب الدولي بين الدول العظمى في صراعاتها.
العراق أحد الدول التي تتأثر سلباً بهذا الصراع لأنها دولة مستهلكة للبضائع، حالها كحال غيره من البلدان، لكن درجة تأثره ستكون كبيرة،وبحسب خبراء الذين أشاروا إلى ثلاثة قطاعات إستراتيجية ستواجه تحديات كبيرة بفعل الحرب، كون العراق واحد من أبرز مستوردي الحبوب في الشرق الأوسط، رغم أنه يزرعها لكن الإنتاج لا يكفي الحاجات المحلية، ويتطلب الاستهلاك المحلي بين 4.5 إلى 5 ملايين طن سنويا للاستهلاك المحلي، وهو ما يضطره إلى الاستيراد الخارجي وغالبه يأتي من أوكرانيا وروسيا، وتشكل روسيا وأوكرانيا نحو 30 %من الإنتاج العالمي للقمح، السلعة الإستراتيجية في كل البلدان، ويعتمد العراق على استيراد كميات من احتياجاته من القمح على هذين البلدين، لرخص ثمنها.
صندوق النقد الدولي أشار بصورة واضحة إلى أن الحرب في أوكرانيا أدت بالفعل إلى ارتفاع أسعار الطاقة والحبوب وفرار ما يربو على مليون لاجئ إلى الدول المجاورة وفرض عقوبات لم يسبق لها مثيل على روسيا وفي ضوء عدم استقرار الوضع والغموض السائد إزاء التوقعات المستقبلية بشكل غير اعتيادي، فإن التداعيات الاقتصادية خطيرة للغاية بالفعل، الحرب الجارية والعقوبات المرتبطة بها سيكون لها أيضا تأثير خطير على الاقتصاد العالمي.
القطاع النفطي هو الآخر سيتضرر في العراق، كون اغلب الشركات العاملة في الاستخراج ستكون بأمس الحاجة إلى عمليات التنقيب والصيانة وقطع الغيار، والتي ستتضرر كثيراً بهكذا حرب، بالإضافة إلى القطاع التسليح الذي سيعاني كثيراً من عدم توفر قطع الغيار والصيانة وتصليح الطائرات، لذلك سيكون عائقاً أمام العراق في توفير مثل هكذا مستلزمات في إدامة حربه ضد الإرهاب.
من الضروري جداً أن يأخذ العراق احتياطاته من خلال تنويع مصادر الاستيراد وعدم الاعتماد على مصدر واحد، كما من الضروري على الحكومة العراقية دعم القطاع الزراعي وبشكل كامل ودعم الصناعات التحويلية والإستراتيجية، إلى جانب تقديم كامل الدعم للمصانع والمعامل ذات القطاع الخاص، وبما يحقق النقلة النوعية والاكتفاء الذاتي في القطاعات كافة.

63
المنبر الحر / الطايح رايح...
« في: 17:17 06/03/2022  »
الطايح رايح...
محمد حسن الساعدي
يقال في الأمثال "الطايح رايح" نسبة إلى السقوط والضياع في دوامة الفوضى والعنف خصوصاً وان العراق يعيش هذه الفوضى الأمنية من عسكرة المجتمع العراقي وتحويله إلى معسكر مخلف تسيطر عليه البندقية في قبالة دول العالم المتقدمة والمتحضرة التي تعد مشاريعاً خدمية لمواطنيها وتحسين لمستوى المعاشي لهم ولسنين مقبلة ، وتعمل على إعداد الخطط والاستراتيجيات الاقتصادية لبناء البنى التحتية للدولة ، والنهوض بالواقع المعاشي وتامين العيش الكريم، مما يجعل المواطن ينظر إلى المشاريع بعين المتابع والمقيم لمدى جهد الحكومة وما تقوم به ، واغلب هذه المشاريع يتم الإعلان عنها لكي تكون واضحة أمام المواطنين ، ويساهم في تقييم الأداء الحكومي ، ولا يعيش في دوامة الخوف من الفساد الإداري والمالي الذي ينال من هذه المشاريع ويحطم مستقبل البلاد .
العراق بلد الحضارات، وبلد العلوم المختلفة، والذي خرج الكثير من العلماء على مر العصور ويذكرهم التاريخ ويمجدهم، ويذكر ما صنعوا للبشرية من انجازات كبيرة وعظيمة، بلد الضاد، الذي علم الحضارات الأخرى الكلام والكتابة، والعلوم وفي شتى المجالات، بلد الحضارات أصبح في مقدمة الدول الأكثر فساداً في العالم وكما تشير اغلب الدراسات التي تصدر من معاهد ومراكز عالمية كبرى.
صحيح ان الفساد الإداري والمالي يعد ظاهرة عالمية تشمل مختلف البلدان، حيث لا يوجد مجتمع خالي تماماً من الفساد، ولا توجد حكومة نظيفة من الفساد في كل المجتمعات، لكن الاختلاف هو في مستوى الفساد من مجتمع لآخر، فالفساد هو جزء من الطبيعة البشرية، فجذور الخير والشر موجودة في الإنسان وقد تتغلب نوازع الخير في البعض فيما تتغلب نوازع الشر عند البعض الآخر ولابد من القول بأن ظاهرة الفساد ليست وليدة اليوم بل إنها موجودة منذ وجود الإنسان لكنها تتزايد وتتسع بشكل خاص في ظل الحروب وتدهور الحالة الاقتصادية والمعيشية وفي ظل الصراعات التي تحصل في المجتمعات كما أن آفة الفساد تسببت الفساد في خسائر اقتصادية كبيرة في المجتمعات المعنية الى جانب التأثيرات السلبية الاجتماعية والسياسية، ولكن هذا لايعني السكوت عن ملفات فساد كبيرة وخطيرة.
الموطن العراقي ينظر الى المشاريع الحكومية بنظرة الريبة والشك، وإنها مشاريع للحكومة ولا دخل للموطن فيها، والا منذ تسعة عشر عاماً مضت، واين نحن الان؟
مشاريع اقتصادية وهمية، صفقات كبيرة وخطيرة تعقد خلف الكواليس، وإن الأساس السياسي لبروز ظاهرة الفساد المالي والإداري في العراق وهو المعول الرئيسي لدراسة الظاهرة هو التعامل المشوه مع الجانب السياسي لنظام السوق , وهو النظام الديمقراطي الذي مورس بأبشع صوره من خلال التعامل بالمحاصصة في تقاسم السلطات السياسية والإدارية للدولة .. وكان للصراع الطائفي العنيف الذي شهده البلد والذي أدى إلى تدهور أمنى كبير أصبح هو الشغل الشاغل لكل المكونات الاجتماعية بما فيها مؤسسات الدولة مما أدى إلى غياب كامل لدور مؤسسات الدولة الرقابية، واخذ كل مؤسسة دورها في مراقبة ومتابعة صرف المال العام، حيث أصبح النظام من دولة تعتمد نظام التخطيط المركزي الى نظام منفلت خالي من الرقابة.
نحن نثير التساؤل، والمطروح في الشارع العراقي، هل هناك رؤية أو استراتيجية لدى الحكومة على المدى البعيد (القانون فوق الجميع) أم أن الوضع العام يسير وفق مبدأ (الطايح رايح).

64
العراق وحكايته مع البند السابع.
محمد حسن الساعدي
جاء قرار مجلس الأمن المرقم  678 وخصوصا بنده السابع، كنتيجة طبيعية لاجتياح صدام لدولة الكويت واحتلالها.. حيث أدى هذا القرار وضمن فقراته، لإدخال العراق تحت طائلة هذا البند المتشدد، ليكون تحت مطرقة العقوبات الدولية القاسية، ويكون محكوماً بحضر عسكري وثقافي واقتصادي..
رغم انه كان يفترض أن يخرج العراق، من تحت طائلة هذا البند السيئ، بعد سقوط النظام وإيفاءه بجميع الشروط، كونه لم يعد معنياً بأي متطلبات، تجعله يبقى تحت اشتراطات هذا البند، وكذلك من العقوبات الدولية وفقاً للضوابط القانونية الدولية، لكن هذا لم يحصل!
هذا القرار المتكون من 19 فصلاً و111 بندا، والبند السابع منه يتكون من 13 مادة تبدأ بالمادة 39 وتنتهي بالمادة 51، حيث شمل هذا البند، الحصار العام للبلاد مما جعل العراق ومنذ 1990 يكون رسمياً تحت تأثير العقوبات الدولية، التي تحكمت بنفطه وموارده الاقتصادية لأجل غير محدود، وعلى الرغم من المحاولات الحثيثة بعد عام 2003 لإخراجه من هذا البند، من خلال استثمار علاقاته الإقليمية والعربية والدولية لإقناع العالم، إلا أنها فشلت ولم تثمر عن أي شيء إيجابي..
رغم أن الحكومات العراقية، عملت على هذا الملف بجدية، من خلال دخوله لنادي باريس، والتنسيق مع صندوق النقد الدولي من أجل إطفاء الديون العراقية، وتنفيذه لجميع التزاماته أمام المجتمع الدولي، وبالتالي لم يتبقى عوائق أمام خروج العراق من طائلة البند السابع، كما أنه وبخروجه من البند السابع، تنتهي الأمور العالقة بشكل كامل بين العراق والكويت، وستبقى هناك ملفات تسوية بين البلدين الجارين.
أن خروج العراق من هذا البند سيرفع القلق الدولي تجاهه، كما انه سيعزز الثقة بين المجتمع الدولي وبين العراق، والأهم انه هذا سينهي الوصاية عليه.. وسيفتح بوابة الحركة والانتعاش الاقتصادي، إلى جانب الاستثمارات الكبيرة والمهمة، في مختلف المجالات، والذي سيجعل من العراق بلداً منفتحا أقتصادياً على الوضع الإقليمي، الأمر الذي سيساعد العراق في استرجاع أمواله المهربة إلى الخارج، كما ان ملف الديون العراقية هو الآخر سيحل بصورة قانونية، وان ما تبقى من ديون على العراق ستكون ديونا طبيعية تدخل في خانة الديون العامة للدولة.
فرصة تاريخية مهمة أمام العراق في استثمار الظرف الحالي، لتحقيق هذا القرار، والذي يأتي بالتزامن مع انتهاء الديون الكويتية، وفتح صفحة جديدة من العلاقات الاقتصادية بين العراق والعالم، وفتح باب الاستثمار في كافة المجالات ومد جسور الثقة مع محيطه الإقليمي والدولي وبما يحقق نقلة اقتصادية جبارة تحقق النمو والازدهار فيه..
فهل سنشهد دبلوماسية حقيقية من حكومتنا، ستكون ذكية كفاية لتحصل على مثل هذا القرار ، ام ستظل رهينة الإرادة للكبار ومصالحهم؟

65
علاوي يمزق الكصكوصة.
محمد حسن الساعدي
على الرغم من ان اللجان لم تبدأ اعمالها، ولكن يبدو من خلال قراءة المشهد السياسي ان هناك بداية لعمليات الاستهداف، وعلى الرغم من كون السيد وزير المالية محسوب على الكتلة الصدرية وتم التصويت عليه من قبل الصدريين أنفسهم، الا ان الجرة ستكسر برأس علاوي الذي لم يكن الأفضل منهم، خصوصاً وان الأخير هو من أقترح رفع سعر الدينار امام الدولار، وعلى الرغم من أن هذا الوزير كان أداة تنفيذية لصالح رفع سعر الدينار والذي اتفق مع مسعود على تحويل مبلغ شهري يقدّر بمئتي مليون دولار شهرياً ،إلّا أن موقف هذا الوزير هي أول سابقة في الاتجاه الصحيح في منع تدخل غير مختص و بطريقة الگصگوصة التي لم تعد تنفع في تنفيذ توجهاتها على الدولة والحكومة معاً .
مما لا شك فيه ان الطريقة التي تقاد بها الدولة عبر التغريدة او"الكصكوصة" يعد خارج الضوابط القانونية والتشريعية والدستورية التي رسمت سياسة الدولة والحكومة معاً، كما ان هناك قوى سياسية موجودة قد تختلف معك بالتوجه او الرأي وهو امر خطير في قيادة الدولة من فرد واحد او توجه واحد.
هناك طرق وقنوات رسمية تدار بها الملفات وكما ورد في فقرات المادة ٦١/سابعاً وثامناً من الدستور العراقي واللتان نصّتا على وجوب تقديم طلب من ٢٥ نائباً لاستجواب وزير ما أو ٥٠ نائباً لطرح الثقة عنه.
هذا التجاوز من الدستوري من قبل نائب رئيس مجلس النواب السيد الزاملي يؤسس لعُرْف الگصگوصة والتي يُراد منها استبدال فقرات الدستور ببضع أسطر حسب رغبة كاتبها مع ما به من تناقضات كانت قد دعمت وكتلته النيابية لقرار يريد نقضه الآن.
سياسية الإصلاح التي رُفع شعارها ينبغي عليه أن يُراعي فيها المؤسسة التشريعية الى جانب فقرات الدستور التي نصت ان الجهة الوحيدة التي من حقها استجواب أي وزير هو قبة مجلس النواب بتوقيع (25) مقعداً، وأن تمارس كتلته وفقها حقها الرقابي لا أن تكون الأوامر عبر ورقة ممهورة تُلغي للبرلمان دوره ووجوده، فالگصگوصة قد تم تمزيقها حسب الدستور العراقي ونفاذ فقراته وهنا على الرغم من اشتراك الوزير في عملية رفع سعر الدولار الا انه انتفض أمام منطق يريد أن تُدار به المؤسسات عن طريق الگصگوصة.
   

66
فينا قبلة التسويات في المنطقة ..
محمد حسن الساعدي
ينتظر العالم بأكمله ما ستؤول أليه المباحثات الجارية في فينا بكل فروعها،وعلى الرغم من المباحثات الجارية حول ملف إيران النووي بين طهران والعالم اجمع،إلا إن هناك بادرة يمكن لها أن تكون بوابة لانفراج الأزمة،فمن خلال المعطيات على الأرض نستشف أن اللاعب الدولي غير قواعد اللعبة تماماً، وابتداءها في الشرق الأوسط،وأولها الملف اللبناني،حيث عودة البنك الدولي لممارسة عمله في بيروت،وعودة نواب حزب الله اللبناني إلى ممارسة عملهم في مجلس النواب بحجة الموازنة السنوية للبنان،ما يعطي رسالة أن الأوضاع في فيينا باتت تشرف على نهايتها.
الأمر المهم هو الملف الأوكراني الذي ألقى بظلاله على المشهد في العالم ، وجعل أنظار البيت الأبيض يتوجه إلى المواجهة المحتملة مع موسكو،ما يجعل واشنطن تسرّع من عملية التفاوض مع طهران، والتفرغ تماماً لهذه المواجهة المحتملة،كما إن العلاقات الخليجية باتت يسودها جواً من الدفء بينها وبين طهران، خصوصاً بعد زيارة الشيخ طحنون إلى الأخيرة ، وإجراء جولة من المشاورات لتقريب وجهات النظر،كما أن رفع الضغط عن النظام السوري هو الآخر القى بظلاله على المشهد في المنطقة، ما يعني أن هناك صورة جديدة يراد لها أن تكون في المنطقة ، إضافة إلى الملف اليمني هو الآخر لم يغب عن فيينا،بل كان حاضراً وبقوة وبات مرهقاً لجميع الأطراف المتصارعة هناك،ما يجعل فيينا قبلة لأي تسويات قادمة وقريبة في الشرق الأوسط تحديداً، والعالم عموماً .
طهران تمتلك مصالح في العراق ولديها حلفاء ، لذلك فان أي تقدم سياسي في البلاد يعني أن هناك أنفراجاً في المشهد النووي الإيراني ، ما ينعكس بالإيجاب على الوضع السياسي الداخلي للبلاد، لذلك لم تتدخل طهران في ملف الانتخابات الأخيرة وتركت الأمر للقوى السياسية العراقية في حل مشاكلها بنفسها، إضافة إلى انشغالها بملفها المعقد مع واشنطن، ولكن في الآونة الأخيرة وزيارة الجنرال إسماعيل قاني إلى النجف الاشرف ولقاء السيد مقتدى الصدر لحلحة أزمة تشكيل الحكومة وسط إصرار الصدر على أبعاد جزء من قوى الإطار التنسيقي على حساب أطراف أخرى، ورفض الأخير لهذا المطلب ، ووصل المباحثات بين الطرفين إلى طريق شبه مسدود .

67
العراق..صراع الديمقراطية والأقوياء.
محمد حسن الساعدي
الحديث عن الديمقراطية طويل وشائك ، ولا بد لنا أن نركز على العلاقة التي تربط الحاكم بالمحكوم ، وما ينتج عنها من إشكاليات كثيرة  ملموسة و فاعلة للأخذ بها منهجا للحكم ، ففي ضوء الأوضاع التي تعيشها الأنظمة الحاكمة في الدول العربية ، لا بد من الحديث عن الأشكال المختلفة التي تتخذها الديمقراطية في التطبيق ، حيث يجب توفر المكونات الأساسية لتطبيقها و أهمها حقوق المواطن الأساسية التي تحدث عنها الإعلان العالمي لحقوق الإنسان ؛ و أهمها الحقوق الاجتماعية كحق العمل و التعليم و الصحة و الرعاية الاجتماعية .وممارسته لهذه الحقوق تجعله مشاركا فعلا في وضع القرارات التي تمسه على مختلف المستويات . أما المكون الأخر من مكونات الديمقراطية فهو التعددية السياسية حيث تعطى القوى السياسية حقها في التعبير عن وجودها بالمشاركة في الانتخابات، ويفترض منح الفرص أمام تعدد الاتجاهات السياسية التي يختار المواطن من بينها من يمثله.
الصراع القائم اليوم في العراق هو صراع البقاء بين ديمقراطية فتية تحاول أن تثبت نفسها، لتبني للأجيال مستقبلها، وبين صراع مرير على السلطة، هذا الصراع مميت، فالجبابرة يحاولون أن يسقطوا الديمقراطية بالضربة القاضية، ويتمكنوا من السيطرة على مفاتيح الحل والعقد في السياسية، والأخيرة تحاول ان تبني لها مرتكزاً في بناء الدولة، ولكنها تجد الصعوبة في مقامة التسلط والديكتاتورية.
إن العراق ليس حالة استثنائية في التجربة الديمقراطية فله تجارب  كثيرة بدأت على شكل الديمقراطية وانتهت إلى دكتاتوريات أحرقت الأخضر واليابس ودمرت البلاد وحرمت الشعب العراقي من أبسط الحقوق والحريات المتعارف عليها، وعندما أزيل نظام البعث بالتدخل العسكري الخارجي حاولت كل جهة جاءت مع  التغيرات السياسية الجديدة فرض سيطرتها الجغرافية والمنطقية والطائفية بشعارات وطنية وديمقراطية ودينية، ومن هذا نستشف أن التوجهات التي بدأت ملامحها أثناء تشكيل الحكومات العراقية المتعاقبة كانت تحمل بين طياتها النزعة الفردية وليس الجماعية، وتجلت هذه التوجهات بشكل واضح وصريح وأصبح القرار الفردي والحزبي في العديد من القضايا هو الحاسم، وقد يكون هذا التوجه وهذا الطريق عبارة عن خطوات نحو إقامة نوع من الدكتاتورية تحت طائل مسميات كثيرة في مقدمتها مصلحة العملية السياسية التي أصبحت بفضل هذه السياسة تعيش مأزقاً حقيقياً وملامحها ظهرت في الانقسامات بين الكتل السياسية عموماً .
الديكتاتورية عبارة عن نهج إقصائي يتسم بالرؤية الضيقة على الرأي الآخر ويعتبر الانفراد باتخاذ القرارات هي أفضل وسيلة للتخلص من المعارضين ،والاستيلاء على المال العام وحصره بيد الفاسدين الذين يعيثون فساداً في أجهزة الدولة بدون رقيب أو حسيب ،بل ويقفون حجرة عثرة أمام المؤسسات الرقابية والمحاسبية  التي تحاول تطبيق القوانين والتعليمات التي ترفض القرارات الفوقية التي تعتبر معادية للديمقراطية ومصالح الشعب والوطن، ولعل من المفيد تذكير من يتناسى وليس ينسى أن هذا الطريق يحمل مخاطر جمة مهما كانت الصيغ التي تستعمل لتمريره، ومصير الدكتاتوريات والدكتاتورين لم ولن يختلف بالكثير ولكل واحد منهما طريقة للتخلص منه وعند ذلك لن يرحمهم لا الشعب والتاريخ.

68
السـياسـة بين الدهاء والذكاء؟؟
محمد حسن الساعدي
دائما ما ترتبط كلمة السياسة بكلمة قذرة لوصف الحالة لمن يمارسون السياسة فلماذا هذا الربط؟
الشاهد انه بسبب ترك المجال لخوض السياسة لأناس فاسدين وزهد المخلصين عن ذلك المعترك او ضعف قدرتهم على التماشي السياسي واحتكار المجال لأرذل القوم حتى أصبح من يريد خوض المجال ينصحونهم انهم لا يقترب منها حتى لا يدنس بوسخ السياسة.
يقول العلمانيين والليبراليين ومن على شاكلتهم من اصحاب الفكر المغاير للفكر الاسلامي ان السياسة لعبه قذره ويجب فصل الدين عنها؟!
القارئ لمفهوم السياسية غالباً ما يتبادر الى ذهنه الكذب والنفاق، والتلاعب بمقدرات الشعوب، ومفهوم السياسة كما عرفه اهلها الإجراءات والطرق التي تؤدي إلى اتخاذ قرارات من أجل المجموعات والمجتمعات البشرية ومع أن هذه الكلمة ترتبط بسياسات الدول والحكومات فإن كلمة سياسة يمكن أن تستخدم أيضا للدلالة على تسيير أمور أي جماعة و قيادتها و معرفة كيفية التوفيق بين التوجهات الإنسانية المختلفة و التفاعلات بين أفراد المجتمع الواحد ، بما في ذلك التجمعات الدينية و الأكاديميات و المنظمات ، بمعنى آخر  كيفية توزع القوة و النفوذ ضمن مجتمع ما أو نظام معين .
السياسة ليست لعبة قذرة كما يصورها البعض ومن يردد ذلك يريد أن يقر بذلك حتى يؤكد بأنها خارج الدين، فالسياسة مارسها الرسول صلى الله عليه واله والصحابة المنتجبين حينما ولاهم على الولايات وبعده الامام علي (ع)، فكيف يقال عليها لعبة قذرة!
أن مَن يصف السياسة بأنها لعبة قذرة فهو في الواقع لا يعلم السياسة الشريفة والنزيهة والتي تسخر لخدمة الفرد والمجتمع على أسس نزيهة وكما يصورها الاسلام (فن الممكن مع الحفاظ على المبدأ)، أذ ان السياسة تعتبر فن إدارة المجتمعات البشرية.
والعلاقة بين الدين والسياسة موجودة في القرآن الكريم وكل ما يتعلق بتنظيم الأسرة وغيرها من الأمور الحياتية والتي تساعد على تنظيم المجتمع أي أنها تحصن السياسة، فمنذ حوالي قرنين من الزمان بدأت تغزو في بلاد المسلمين أفكاراً من الغرب تدعو لفصل الدين عن الدولة.
والشارع الإسلامي لم يترك أي شيء إلا ووضع له قوانين وضعية تنظم الحياة اليومية للفرد والمجتمع، ومن هنا يجب أن يكون الدين والسياسة مفهومان متصلان في قيادة المجتمع نحو تحقيق العدل والمساواة بين الجميع، كما ينبغي أن يكون (الدين والسياسة) هما الفيصل في فض الكثير من الصراعات التي تقوم لكل ما دونها من آراء وقوانين ورؤى فيما يخص الفرد والمجتمع.
سياسيو ا العراق أصبحوا بارعين في التلاعب بالسياسية، وتسخيرها وفق مصالحهم من جهة، فجعلت هذه السياسة الوضع يسير نحو نفق مظلم لا يمكن معرفة نقطة النهاية فيه.
من الصراعات الى الخلافات والى الازمات، وانتقل العراق من محطة الى محطة، ومعها سياسة التهور وافتعال الازمات، فلا جار صديق، ولا صديق صدوق، الكل متنازع ومتصارع في داخل العراق الواحد وغياب الإرادة الحقيقية لإيجاد الاستقرار في البلاد.
أن على السياسيين العراقيين كافة عدم التعامل بثقافة التطرف والعداء والضرب على وتر الطائفية والعنصرية، وعلى الكتل السياسية أن لا تشغل نفسها وتسخر جهودها بكيفية القضاء على الخصوم السياسيين، وكأنهم يلعبون في ساحة رهانات بلا مراهنين
الشعب العراقي اليوم يمر في وضع سيء ولهذا لن يسمح للسياسيين بممارسة هذه اللعبة القذرة معه ألا وهي لعبة الطائفية لأنه مر بها وذاق طعم الاقتتال بين ابناء الوطن الواحد.
السياسة في صميمها هي عمل لخدمة الناس وإدارة شؤونهم لراحتهم وحماية مصالحهم والذود عن حقوقهم ممن ينتهكها وتسخير العلاقات والخطط والبرمجيات لتطوير الفكر والمجتمع ..فمتى يفك ارتباط السياسة بكلمة القذرة ؟

69
حكومة الأغلبية الوطنية والواقع السياسي
محمد حسن الساعدي
 الواقع السياسي يشهد متغيرات شديدة التأثير على العملية السياسية، فلم تعد المكونات ممثلة بقوى موحدة في الرؤية، ففي حين يفترض بالحكومات أن تشكل أساس موالاة ومعارضة، وهذا معمول به في اغلب دول العالم ، ولكن ما نشهده اليوم في العراق ، هو الازدواجية في العمل السياسي..
هناك مشاركة في الحكومة ومعها معارضة لها في البرلمان، والمعارض للحكومة مشارك فيها.. وهذا ما يؤدي إلى التعطيل الواضح في العمل المؤسساتي للدولة، وتأخير النمو الاقتصادي والاجتماعي، وضياع ثرواته وتفشي الفساد الإداري والمالي .
المهم في الأمر أن تكون هناك إستراتيجية واضحة، وخطط مدروسة في نجاح المشروع الوطني، بغض النظر عمن يكون في سدة الحكم، ومن يقود الدولة،  والاهم هو التقدم خطوة إلى الأمام، لتصحيح المسارات خيرا من الوقوف والتعثر، ما ينعكس سلباً على الشارع.
الدعوات التي  أطلقت لتشكيل حكومة أغلبية وطنية، بمشاركة عادلة لمكونات الشعب العراقي، والتي ستكون بديلا لحكومة الأغلبية السياسية، والتي ثبت أنها غير مجدية مع وضع يشبه وضعنا، والذي تشوبه الكثير من ضتعقيدات أصبحت عبئاً ثقيلا على نفسها وعلى المواطن، صارت حاجتنا لترميمات لوقف الانهيار، الذي تواجهه العملية السياسية والتي، سببت  عدم الثقة وتصدع العلاقة بين معظم المكونات السياسية، حاجة ملحة ولازمة..
العراق الجديد الذي بني على التوافق والمشاركة، أنجز شوطا مهما في مساره السياسي، ولكن المشاركة فيه لم تعد قادرة، على إنتاج مخرجات مفيدة للمشروع السياسي, بل يمكن القول أن ما توقف على عتبة المشاركة والمحاصصة، أكثر بكثير مما تم تمريره من توافقات وقوانين وسياسات، كانت المرحلة شهدت الكثير مما تم تمريره عبرها، والبديل عن المحاصصة، هو حكومة الأغلبية الوطنية الجامعة، لمن يتفق مع المشروع السياسي من مكونات البلد الرئيسة، ويسير بها إلى مرحلة تطبيق السياسات الحكومية، وتشريع القوانين والتنفيذ الأحكام القضائية، مدعوما بأكثرية برلمانية تحميه، طيلة مدة الدورة الحكومية، من التعرض للابتزاز والتردد، عند مواقف الحسم وما أكثرها في العراق .
السير نحو حكومة الأغلبية الوطنية، ربما يعد حلاً مقبولا لمجمل مشاكل العراقي، وطريقاً ناجعاً للسير بخطوات سريعة، بعد إن استنفذت الصراعات السياسية والمحاصصة، والخداع وفقدان الثقة، كل أمالنا وفرصنا، ووتحولت لمنغص لهذا الشعب الذي يأمل خيرا من هذه الدعوات .

70
الإسلام السياسي ومديات قبوله.
محمد حسن الساعدي
تواجه أطروحات الإسلام السياسي الشيعي اليوم،  تحدّيا كبير من قبل شارعها ذاته.. فهي بين المقبولية والرفض، فلم يعد خافياً على أحد حجم التناقضات والتخبّطات، التي بلورت حقيقة وواقع العمل الإسلامي الحزبي في العراق، كما لم تعد مجرّد الشعارات المجرّدة التي يرفعونها كافية لتغطية عورة الفساد والتخلف والمحسوبية، التي أضحت العنوان الأبرز للمرحلة الراهنة، من تاريخ العراق السياسي، في ظلّ حشد هائل من قيادات إسلامية، لا تفقه سوى لغة الطائفية والتفرقة، وتشتيت كل طموحات الوحدة الوطنية الخالصة.
الملفت للنظر أن الأحزاب الإسلامية غير قادرة، على إيجاد خطاب يتناغم مع الواقع، ووضع أساليب التعامل مع الخصوم ومع الجماهير، وهو ما يحتاجونه فعلا بعد سقوط الأقنعة ووضوح الأهداف المخفية، التي كانت تغطي وتجمّل الواقع المتردّي لمعظم هذه الأحزاب.
هذه الازدواجية التي يتعامل بها بعض الإسلاميين، لا توحي إلا بتشابه خطير بين طريقة تفكيرهم وطريقة تفكير كل المتسلطين المتحجرين، والمنتفعين في زمن النظام البائد..
في الوقت الذي يحملون الإسلام كهوية، حول قرار غلق النوادي الليلية، بينما تراهم لا يحركون ساكناَ على الفساد المهول والذي ارتكبه وزراء وبرلمانيون(من أنفسهم)ويغضون النظر عن حجم الفشل في تقديم الخدمات الأساسية، كالكهرباء والماء وغيرها، وصمتهم إزاء الدم العراقي المباح، الذي صار ارخص من كل صفقاتهم وسلتهم الواحدة بقراراتها، فهؤلاء اخذوا يتمادون في الضحك على ذقون الشعب، والذي أصبح بنظرهم، أداة اختبار لتجاربهم الفاشلة .
التظاهرات التي بينت رفضاً للمشروع الإسلامي، بغض النظر عن الهدف والغاية إلا أن المستغرب في هذه التظاهرات انه تم رفع شعار كلا للإسلام السياسي! ارحلوا ؟.. وهذه المرة الأولى التي يرفع فيها هذا الشعار، منذ سقوط الطاغية المقبور، ومجيء العملية السياسية والمشروع الديمقراطي الحديث، وهي ضربه قوية للإسلاميين بصوره عامة، وللحزب الإسلامي الحاكم في العراق، إذ أنها عكست بصوره واضحة، أن الأحزاب الإسلامية فشلت فعلاً ذريعاً في الحكم وهذا ما جعلها تتراجع، بل وربما تسقط أمام تيارات أخرى ناضجة، مثل الليبرالية او العلمانية.
لقد أظهروا تكالبا منقطع النظير على السلطة ومغانمها، وحبا مفرطا بكراسي الحكم، واستغراقا في ملذاتهم، حتى أن من يراقبهم لا يجد فرقا كثيرا بينهم وبين أولئك الذين كانوا يصفونهم بالعلمانيين..
كما لا فرق بينهم وبين القيادات والمسؤولين، في باقي دول المنطقة في وقت كنا نأمل منهم، أن يكونوا بناة لتجربة ديمقراطية إسلامية في الحكم، تشع بنورها على العالم كله، وبدون مبالغة لو قلنا أن بعضهم لو ثنيت له الوسادة، لكان فرعونا أو هامانا أو قارونا جديدا..
لم يقتصر الأمر على ما تقدم ، بل إن اغلب القوى الإسلامية العراقية، لم تستطع خلق ثورة فكرية ونفسية وأخلاقية، لدى كوادرها والمنتمين إليها والمحسوبين عليها، من المسؤولين الذين غرقوا في وحل الفساد المالي والإداري،، بشكل لم يسبق له مثيل في تاريخ، الدول قديما او حديثاً..
لقد تحول فرح العراقيين إلى إحباط وتلاشى أملهم، وأنعكس فشل القوى الإسلامية على الإسلام كدين ونظام حكم، ولو أجري إحصاء محايد ونزيه ودقيق، لنسبة الراغبين بالحكم الإسلامي من العراقيين، لاكتشفنا حقيقة مذهلة هي تراجع هذه النسبة عام ٢٠١٠ عن مستواها عام ٢٠٠٣ ، ويتحمل مسؤولية ذلك الإسلاميون الذين تولوا المسؤولية بعد ٢٠٠٣، وفشلوا في بناء تجربة ناجحة لدولة إسلامية، تحترم حقوق وحريات الناس وتحفظ كرامتهم، ويجعلها تتميز عن تجارب المنطقة العربية الإقليمية، بديمقراطيتها وعنفوانها وإشعاعها الديمقراطي..
لذا ليس غريبا أن يسمع الإسلاميون العراقيون، تلك الأصوات المنبعثة من رحم المعاناة، والتي تتهمهم بعضا أو كلا بالعمالة أو الدكتاتورية، أو الضعف أو الفساد أو النفاق، أو ما شابه من نعوت لم نكن نتوقع أن نسمعها تقال يوما ما، بحق أناس يحملون الهوية الإسلامية..
كما ليس غريبا أن تجد بين العراقيين من يطالب بالعودة للدكتاتورية، ويدعو إلى دكتاتور جديد يحكم العراق، لان الإنسان عندما يسقط من القمة يستمر بالانحدار إلى الأسفل، لان هذه التجربة السلبية للقوى الإسلامية في العراق تحتاج إلى وقفة طويلة وتحليل دقيق، لتحديد سبل تجاوزها بشخوص جديدة، وخطاب إسلامي قادر على خلق ثورة فكر وسلوك، لدى من يعمل ويتحرك ضمن إطار هذه القوى، حتى يكون قدوة حقيقية للناس، في حفظ الأمانة والرحمة بالرعية والنهوض بالمسؤولية، وتحقيق العدل السياسي والعدالة الاجتماعية .

71

المشروع الوطني العراقي وأفق نجاحه
محمد حسن الساعدي
حالة التخبط السياسي والاقتصادي التي يعيشها العراق، وعدم وضوح تجربته الديمقراطية وأهدافها حتى الآن، وغياب الرؤية الشاملة للواقع، ومرحلة ما بعد خروج التواجد الأجنبي منه، يتطلب وضع تصورات عملية لما يمكن أن يكون طريقا ممهدا نحو مشروع جديد، يحاول قدر إمكانه إيجاد حلول عملية بدل هذا الاختلاف السياسي والذي وصل إلى حد التحارب بين مكوناته، في طريق مليء بالأشواك والعثرات والكوارث، ما وقبلها وضع خارطة طريق لإخراجه من هذا المأزق.
لقد تبنت قوى سياسية كثيرة ما يسمى بالمشروع الوطني، وادعت أنها تسير وفق برنامجه وتوجهاته، التي تؤمن بأن العراق هو بلد لكل العراقيين لا يفريق بين أبناء الشعب وفقا لأي اعتبارات, عدا الولاء للوطن والتفاني من أجل تقديم الأفضل، وان يكون العراق البلد الذي يحتضن كل الكفاءات والمواهب من أجل خير العراق والعراقيين.
من بديهيات خارطة الطريق العراقية التي ينبغي أن يركز عليها المشروع الوطني, هو مصداقية الأطروحات الوطنية, إذ أن المشروع الوطني ليس مجرد لافتة أو شعارات ترفع, بل هو بحاجة إلى أطار نظري يكون واضحا ومفهوما من قبل الجميع، على أن يكون الهدف الأساسي هو تصحيح مسارات العملية السياسية, وان كان واضح المعالم إلا انه أفضل من مشروع بديل غامض أو تشوبه حالات الريب, والشك بأن القوى التي تدعيه, ربما تريد اغتياله مرة أخرى ولكن هذه المرة, تحت يافطات تخلصها من الإحراج أمام الشعب, الذي يؤمن إيمانا كامــــــــــلا بأن المشروع الوطني هو الطريق الصحيح, لتحقيق الأهداف العليا للشعب وللبلد, الذي يتمنى أبناءه أن يكونوا بناته الحقيقيون، من اجل أن ينهض ويودع تلك السنوات العجاف إلى غير رجعة.
 يمكن أن تتهيأ للمشروع الوطني فرص النجاح, أن وجدت القوى الحريصة على تبنيه وتطبيقه على أرض الواقع, ووفرت مستلزمات إنجاحه وفق صيغ متقدمة وميسرة ومقبولة, وتجاوز مرحلة الشعارات الفارغة التي لم تحقق من هذا المشروع إلا قشوره, التي لا تغني ولا تسمــــــــــن.. ولا تحقق آمال العراقيين في أن يعيدوا مجد شعبهم, الذي كان موحدا متماسكا, بلا تفرقة أو تمييز أو تعصب, وهو ما ينبغي أن يتم العمل على تحقيق مضامينه العملية في أقرب وقت.
توسيع نطاق العمل الوطني والتحالفات, التي تؤمن ببنود هذا المشروع من المتطلبات الأساسية, لان إشراك اكبر عدد ممكن في تطبيقه, يفترض أن تتوفر له النوايا الصادقة والمستلزمات من أموال وقرارات, وفرص عمل وظيفية وتشغيلية تجعل الناس تؤمن, بإمكانية التعامل الايجابي مع المشروع الوطني, لكي لا يفقد بريقه وليتم استيعاب مضامينه الوطنية بطريقة واقعية أفضل.

72

الحكومة القادمة بين النتائج والتحالفات.
محمد حسن الساعدي
انتهت مرحلة الانتخابات وبمشاركة 9 ملايين و077 ألفا و779ناخبا، وبنسبة مشاركة بلغت 41% بالاستناد إلى سجل الانتخابات وبحسب الإحصائيات التي أعلنتها المفوضية العليا للانتخابات، وها نحن اليوم نبدأ مرحلة جديدة وهي انعقاد أول جلسة للبرلمان، والتصويت على رئيس البرلمان ومن ثم يصار إلى التصويت على رئيس الجمهورية، والذي بدوره سيكلف صاحب الكتلة الأكبر في تشكيل الحكومة القادمة ؟!
وهنا ننقل تساؤل الشارع يا ترى من هي الكتلة الأكبر؟ وهل هي الكتلة التي حصلت على أعلى الأصوات أم الكتلة التي تحصل على أكبر عدد من النواب؟
أذا قلنا إن الكتلة الأكبر هي التي تحصل على أكبر عدد من الأصوات فمن حق الأطار التنسيقي اليوم تشكيل الحكومة، لأنها حصلت على أعلى الأصوات بعدد مقاعد 88 مقعداً أو أقل، وهنا نثير تساؤلنا أذن لماذا لا يسعى التيار الصدري لتشكيل الحكومة منفرداً دون التحالف مع أي مكون من مكونات " الإطار التنسيقي " الذي ولد بلا مباني ؟!
اليوم وبعد أن اتضحت النتائج الأولية للانتخابات البرلمانية، كَثُر الحِراك السياسي للكُتل الفائزة في الانتخابات، وعُقدت العديد من الحوارات وربما وصل بعضها إلى التفاوض، من أجل تشكيل التحالفات القادمة، التي يتم من خلالها، الوصول إلى اتفاقات سياسية تقود إلى تشكيل الحكومة المقبلة، وتوزيع المناصب الرئاسية الثلاثة (رئيس مجلس النواب، رئيس الجمهورية، رئيس الوزراء)، والتي متى ما تم الاتفاق عليها، ستظهر الملامح الرئيسية للحكومة القادمة، ومن سيكون رئيسها. ولكن هناك تساؤل يٌفرض علينا الإجابة عنه حول شكل الحكومة المقبلة، هل ستكون حكومة استحقاق انتخابي فعلاً، تشكل من قبل الكتلة الفائزة بأغلب الأصوات، أو من قبل الكتلة الحاصلة على أكثر عدداً من الأصوات أو المقاعد بعد الائتلاف فيما بينها، أم أن الحال سيبقى على ما كان عليه في ظل الحكومة السابقة، فيكون تشكيل الحكومة الجديدة محكوماً بالتوافقات السياسية، بعيداً عن الاستحقاقات الانتخابية، فنكون أمام حكومة توافقية؟ أم أن الحكومة المقبلة ستذهب نحو الأغلبية السياسية والتي دعى اليها الإطار التنسيقي.
إن الإجابة على هذا التساؤل يحتاج، إلى استقراء الساحة السياسية، خصوصاً مع التقارب الكبير في الأصوات بين الائتلافين اللذان يشكلان الكتلة الشيعية الاكبر.
طُرح مفهومان في الآونة الأخيرة، مفهوم " الأغلبية السياسية " الذي يعد الإطار التنسيقي من المتبنين لهذا المفهوم، كما طرح مفهوم آخر هو مفهوم " شراكة الفائزين " والذي قاده ودعى إليه السيد مقتدى الصدر وفريقه، والمفهومان صحيحان، ويمكن أن ينفذا، ولكن في كل واحد منهما الإيجاب والسلب.
الاطار التنسيقي في الأغلبية السياسية التي يدعو لها يسعى إلى شراكة المكونات ، فهو يسعى من خلال هذه الأغلبية كسب جميع المكونات وإشراكها، وهذا الشي فيه من الايجابيات الشيء الكبير ، لان الحكومة القادمة ستكون محكومة بالتوافقات ؟! ، كما أن هؤلاء الشركاء سيكون لهم شروط للشراكة وتحقيق الأغلبية ،ولكن الشيء الايجابي في الأمر أن هذه الشخصيات كثيرة في العملية السياسية ، واغلبهم يسعى إلى أن يكون له مكان في هذه "الطبخة" مما يؤدي إلى الإسراع في هذه الأغلبية وتشكيلها ، كما أن البعض الآخر يسعى الإبقاء على مركزه في السلطة لهذا سيقدم التنازلات من أجل الامتيازات والسيارات المصفحة والحمايات والنثريات وغيرها من امتيازات قدمت في تشكيل الحكومة السابقة .
المفهوم الآخر الذي تبناه الاطار التنسيقي أنطلق أبعد من ذلك بكثير ، وبالعدد الذي يملكه اليوم والذي يقارب (88) نائباً، يمكن له أن يسير نحو تشكيل الحكومة وتقديم مرشح الأطار إلى الفضاء الوطني ، خصوصاً وان مرشحيه لا " فيتو " عليهم ، أي انهم مقبولين داخلياً من جميع الكتل ، وإقليميا وربما دولياً ، ولكن بنظرة تحليلية إلى موقف الأطار التنسيقي من خلال المشاروات واللقاءات سعيهم وحرصهم إلى بناء الكتلة الأكبر في داخل البرلمان، وإعادة بناء النظام الداخلي ليكون مؤسسة قادرة على النهوض بالواقع المزري الذي يعيشه الشعب العراقي .
الجانب الآخر أن المكونات الأخرى والتي تمثل الطيف العراقي جميعاً ، تسعى إلى لملمة صفوفها ، وتشكيل حكومة قادرة على النهوض على الأقل بواقع ناخبيها ومناطقها ومدنها ، وعلينا الاعتراف أن العراق لا يمكن أن يقاد من طرف واحد ما لن تشترك به كل الأطراف ، كما أن الواقع السياسي اليوم يفرض علينا هذه الوجوه لأنها تمثل طيفها ولونها ، فالشيعة هؤلاء ممثليهم ، وكذلك السنة لهم من يمثلهم وكسب ثقتهم ، ناهيك عن الأكراد الذين احكموا سيطرتهم على الوضع السياسي ، وأصبحوا رقماً في المعادلة السياسية .
يبقى على الشركاء جميعاً قراءة الواقع السياسي جيداً، والسعي بجدية عالية من أجل حلحلة مواقفهم المتصلبة تجاه تشكيل الحكومة القادمة ، والسعي نحو الكتلة الاكبر وتكون هي صاحبة القرار الفصل في المرشح لرئاسة الوزراء، والانطلاق نحو بناء عراقاً جديداً نراه يقيناً وليس فرضيات ونظريات أحرقت المليارات بلا واقع.

73

العراق وصراع القوى العظمى
محمد حسن الساعدي
يمكن قراءة المشهد في المنطقة عموماً أنه حصيلة التصادم في المصالح بين القوى الكبرى، إلى جانب الأزمات والإرهاب والاستثمار في الجانب العسكري، والسيطرة على الموارد الطبيعية، وعلى منابع الطاقة وخطوط أنابيب الغاز في هذه المنطقة الحيوية ومسارات عبورها ووصولها، وبأقل تكلفة إلى مصانع ومجمعات منظومة الدول المتصارعة، فكانت ساحة الصراع المباشر منطقة الشرق الأوسط
الصراع الدائر اليوم بتعقيداته الإقليمية يعّد ساحة حقيقية لانبثاق نظام دولي جديد ، فالولايات المتحدة تلعب اليوم دور المهيمن في حين تلعب كل من روسيا والصين دور المتربص بتراجع هذا المهيمن، فالخسائر الكبرى التي منيت بها الولايات المتحدة جعلها في موقف مضطرب وتراجع نسبي وسمح في الوقت ذاته لكل من القوى الصاعدة أن تحاول إيجاد موطأ قدم مناسب لمكانتها الإقليمية أو الدولية ، فالتحالف بين روسيا والصين تجاه الأزمات الدولية الكبرى سيجعلها حتما ذات تأثير ودور قوي ولن يتوانى في اختيار الوقت الحاسم لإحداث التغيير في بنية النظام الدولي.
لا يخفى على المتابع أن العراق جزء من خارطة الأحداث والمتغيرات في المنطقة العربية ، وان أي تغيير فيها سواء كان سلباً أو إيجاباً فان العراق يتأثر بهذا المتغير ، لذلك فأن مسار الأحداث المستقبلية في العراق لا يمكن التكهن بها بسهولة كون الأحداث السياسية في العراق متشابكة ومعقدة ومركبة ، وهذا التعقيد يأتي من المواقف السياسية المتباينة بين الكيانات السياسية والتي تظهر أشياء وتخفي أشياء أخرى وعليه إن عملية تفكيك جزيئاتها ليست بالأمر السهل ، كما ان التغيير في أسعار النفط ألقى بظلاله على مستقبل مواجهة العراق لتحد مصيري وهذا التحدي قائم على تفاعلات إقليمية أساسها الربح والخسارة ، الأمر الذي يجعل جميع الأطراف العراقية في نقطة مشتركة لمواجهة التحديات وهي مجبرة على ذلك سواء رغبت أم لم ترغب مع محاربة الفساد الإداري وإعادة البناء.
الأنظار متوجهة إلى ما يصدر من اجتماعات فينا والخاصة بملف إيران النووي، والذي يرتبط ارتباط بالواقع السياسي والعسكري للشرق الأوسط عموماً، إذا ما وضعنا في الحسبان التقارب الملحوظ بين دول الخليج العربي وإيران والذي سيكون له الأثر الايجابي على التهدئة في المنطقة عموما لذلك لا يمكن قراءة كلف وترك آخر، فكل الملفات مرتبطة مع بعضها وأن أي تقدم في ملف يعني نجاح في باقي الملفات.
 

74
معادلة العراق السياسية.. وسكة التوازن.
محمد حسن الساعدي
بعد مرور قرابة شهرين من إجراء الانتخابات، وما شابها من خروقات وصفها البعض "بالخطيرة" والتي يمكن أن تهدد العملية الانتخابية بالكامل، قدمت الاعتراضات والطعون على هذه النتائج.. بعد أن وصلت إلى المحكمة الاتحادية وهي المرحلة الأخيرة التي سيقبل بها الجميع، سواءً كانت مرضية او لم تفعل، فلا يمكن الذهاب إلى حل مجلس النواب أو إلغاء الانتخابات، لخطورة هذه الخيارات على الوضع العام بكل تفاصيله، حتى وان مبررات ذلك جاهزة وبقوة، لان القوى المعترضة على النتائج، رغم أنها اكبر المتضررين من النتائج المعلنة، ولكنهم لن يذهبوا باتجاه إلغاء الانتخابات، لتيقن الجميع بخطورة عواقب ذلك .
المحكمة الاتحادية على الرغم من امتلاكها الجنبة القانونية في إصدار أي قرار، الا انها ستأخذ بعين الاعتبار الوضع السياسي في البلاد، فلا يمكنها إصدار قرارها بالمصادقة على الانتخابات، ما لم تكن هناك رؤية سياسية لدى القوى السياسية، وتعاطيها الإيجابي مع هذا الوضع، وبما يحقق الاستقرار في البلاد.. تبعا لذلك فان طبيعة المحكمة الاتحادية تجعلها تأخذ بعين الاعتبار المصلحة العامة للبلاد، وتعمل على تحقيق التوازن حفاظاً على الاستقرار.
طبيعة التحالفات الجارية بين القوى السياسية عموماً، تحتم علينا قراءة المشهد السياسي، بعمق فالقوى السنية وبعد خلاف وقطيعة، تنبأت موقفها الضعيف وتراجعت عن هذا الموقف، بعد شعورها بعدم التوازن في مقاعدها، ولكن الآن أصبحت القوى شبه متساوية بعد جولة من التحالفات، لاسيما التي قام بها تحالف عزم وتساويه مع تقدم، وكذلك تحالف الاتحاد الوطني مع التغيير واقترابه من الديمقراطي، لذلك لايمكن لأي أحد من هذه القوى السير، لوحده منفرداً وسيشترك الجميع في أي حكومة قادمة.
يعتمد تشكيل أي حكومة قادمة على مبدأ الأغلبية السياسية والذي سيأخذ أحد شكلين:
1-الأغلبية الوطنية الموسعة والتي تشمل اغلب القوى السياسية من جميع المكونات، وهذا ما دعى إليه الإطار التنسيقي.
2-الأغلبية الوطنية الضيقة والتي تشمل الفائزين فقط، وهذا ما دعى إليه التيار الصدري.
يعتقد على نطاق واسع، وكما يرى أغلب المراقبون للشأن السياسي ان الحل الأمثل للانسداد السياسي الحالي، ووفق ما تقدم من المعطيات، هو مشاركة القوى السياسية جميعاً، لان خلافها يعني ان الحكومة ستكون ضعيفة ويمكن أسقاطها بسهولة، والأوضاع هشة جداً ولا تتحمل كل تلك الازمات، وعدم جواز وخطورة أن تمضي اغلبية مكون او مكونين، لان ذلك يخل بالتوازن الوطني وله مخاطر كثيرة، لأنه ينسف الثوابت المتفق عليها، والأعراف السياسية منذ سنوات.
رغم كثرة المفاجئات في الوضع السياسي العراقي وتقلبها، لكنها في النهاية تعود لتسير على سكة التوازنات، رغم كل عيوبها وتحفظنا عليها، فدفع الضرر أولى من المنفعة، كخيار أهون الشرور.

75
الأخوة في الكويت..لنبدأ صفحة من جديد.
محمد حسن الساعدي
بالرغم من الآثار التاريخية للازمة والخلاف والتوتر بین دولة الكویت والعراق، والخلاف البحري في الآونة الأخیرة، إلا أن المتابع للمشهد يرى أن هناك العدید من القواسم المشتركة والرؤى المستقبلية التي من شأنها أن تساهم في تسویة القضایا العالقة بین البلدین، بالاعتماد على مبدأ الدبلوماسية والتي ترتكز على العلاقات المشتركة والتاريخ إضافة على الروابط التاريخية والدينية بين البلدين الجارين والمفاوضات المشتركة والجادة بهدف الحفاظ على استقرار البلدین الجارین والشقیقین ومنطقة الخلیج العربي بأسرها إذ أن التاریخ یفرض على قادة البلدین، دولة الكویت والعراق، أن یؤسسوا قاعدة قیم جدیدة لعلاقات متكافئة قائمة على الاحترام المتبادل، ونبذ كل الأفكار السلبیة والآثار السابقة ، وأن یتحلى الطرفين بروح الأخوة ، وبأحقیة الدولتين الجارتين بالعیش بسلام، ونبذ كل الأفكار التي تتعارض مع ذلك، وینبغي أن تؤسس ثقافة جدیدة تأخذ كل الأفكار التي تتعارض مع ذلك، وینبغي أن تؤسس ثقافة جدیدة تأخذ بها الأجیال القادمة وهي تطوي صفحة الماضي وأخطاءها ومآسیها، التي دفع ثمنها الشعبين الكريميين ، وبذلك فإنه لا یمكن تحقیق خطوات ناجحة في بلورة إطار جدید للعلاقات الكویتیة العراقیة وبصورة جدية وناضجة .
لا نريد الرؤية التشاؤمية والنظر إلى الماضي ولكن علينا التمسك بحاضرنا والاستعداد للمستقبل الذين ينتظر الأجيال القادمة، وخصوصاً بعد غلق ملف التعويضات الكويتية على العراق،والذي يتيح للدولتين فتح صفحة جديدة وجدية في العلاقات، على أسس مصلحة البلدين الشقيين، وبما يخدم مصالحهما القادمة، بعيداً عن لغة التخوين ، بل مد جسور الثقة بين الطرفين ، خصوصاً وأن هناك روابط تاريخية تربط الشعبين الجارين .
أعتقد إن أولى المشاكل المعقدة بين الطرفين قد انتهت،وبات ملف التعويضات منتهي تماماً،ويبقى ملف ترسيم الحدود بين البلدين، لذلك ينبغي على الطرفين اللجوء على طاولة الحوار عبر عقد جلسات حوارية مستمرة من اجل رسم هذه الحدود والانتهاء بصورة نهائية من هذا الملف وبما يعزز حدود الدولتين، والسير قدماً نحو تعزيز مبدأ الأخوة بينهما ، وتعزيز الثقة وإذابة العقد النفسیة التي ترتبت على الغزو الصدامي لدولة الكویت عام 1990 ،والتي جعلت العقل وأجیال الغزو وما قبله تتربى على ثقافة الإدراك بأن العراق قد  احتل الأراضي الكویتیة، وهذا ما یدفعهم إلى التحذیر منه، مما یؤثر دوماً على الرؤية الكویتیة الرسمیة لأي علاقات مستقبلیة مع العراق، لذلك عندما نصل إلى قناعة أن الملفات العالقة قد انتهى الحديث بها تماماً، نسير نحو تثبيت مبدأ الثقة المتبادلة وطمأنة الجميع إن القادم للعلاقات التاريخية بين الدولتين الجارتين وبما يحقق الاستقرار والرفاه وحسن الجوار بينهما .

76
المحكمة الاتحادية العراقية وحلولها المتوقعة.
محمد حسن الساعدي
رغم تعدد السلطات واستقلالها عن بعضها في العراق، لكن الواقع يثبت أن المحكمة الاتحادية والتي تشكلت بموجب قانون المحكمة الاتحادية رقم (3) لسنة 2005 أعلى سلطة في البلاد
هي تقوم بمهام قانونية وسياسية، وبالتالي هي لاتبت بالقضايا بغض النظر عن التبعات، ما يجعلها تأخذ بعين الاعتبار "المصلحة العامة للبلاد" وتعمل على تحقيق التوازن حفاظاً على الاستقرار...
بعد قرابة الشهرين من إجراء الانتخابات البرلمانية في العاشر من تشرين، فان الخلافات والشكاوى مازالت تتسيد المشهد، من قبيل التشكيك بنزاهتها أو  طعون واعتراضات قدمت، على نتائج الانتخابات بعد ان وصلت إلى المحكمة الاتحادية، وهي المرحلة الأخيرة التي يتم البت فيها بشكل نهائي.
المعترضون على نتائج الانتخابات رغم أنهم المتضرر الأكبر، إلا أنهم لا يمكنهم الذهاب نحو إلغاءها، لخطورة هذا الخيار على الوضع العام بكل تفاصيله، رغم أن مبررات ذلك حاضرة وبقوة.. إلا أن القوى السياسية المعترضة، تدرك خطورة الوضع وأي محاولة لإلغاء الانتخابات، ستكون لها انعكاسات سلبية في المشهد العراقي عموماً.
على الرغم من أن بعض الاعتراضات خطيرة وجدية، لاسيما الاعتراضات التي تستند إلى تقرير الشركة الألمانية الفاحصة، والتي أقرت بوجود ثغرات كبيرة في العملية الانتخابية، إلا أن الذهاب إلى إلغاء الانتخابات او حل مجلس النواب يبدو بعيداً، ومجرد ورقة ضغط تستخدمها الأطراف السياسية، كوسيلة لترويض خصومها..
المحكمة الاتحادية تتعرض لضغوط كبيرة، من قبل القوى السياسية، سواءً الفائزة لتمرير نتائج الانتخابات، او المعترضة لإيجاد حلول للازمة الناتجة عن الانتخابات، والتي في الأعم الأغلب غايتها الوصول، لتفاهمات مقبولة تحفظ حقوقها.. لذلك سوف لن تبت  المحكمة في قضية المصادقة على نتائج الانتخابات، ما لم تصل هذه القوى التفاهمات المطلوبة، توجها لمشتركات في تشكيل الحكومة القادمة.
يتوقع كما يرى محللون أن المحكمة الاتحادية والتي ستكون قراراتها، تأسيسية مستقبلية وليس بأثر رجعي، منعها استخدام الأجهزة الالكترونية مستقبلا، وهو إجراء عملت عليه المحكمة الاتحادية الكورية في انتخابات 2016، وبذلك تكون قد أنصفت القوى المعترضة، وطمأنت القوى الفائزة.. إضافة إلى عدم اعتبار الفائزات من دون كوتا (الفائزات بصوتهن) جزءاً من الكوتا وبالتالي، ستفوز ما يقارب 7 نساء أخريات بالكوتا.. لذلك المحكمة الاتحادية تبحث عن مخرجات تكون أقل ضرراً، إن لم يكون مقبولاً بعض الشيء من قبل القوى الفائزة أو المعترضة، والسير نحو طمأنة الشارع والدفع باتجاه الاستقرار والسلم الاجتماعي في البلاد.

77
العراق وحكوماته بين الأغلبية السياسية والتوافق.
محمد حسن الساعدي
منذ عام 2003 والعملية السياسية في العراق تسير بالتوافقية، وتشكلت فيه الحكومات المتعاقبة وفق هذا العرف، وسارت الكتل السياسية عليه، حتى أصبح الوضع السياسي يتعامل وفق محاصصة توافقية، تركت آثار سلبية ضارة على المشهد السياسي عموماً..
ما بين مطرقة الانتظار لحسم النتائج النهائية للانتخابات، وسندان الحوارات والتفاهمات السياسية بين الكتل المختلفة، ما زال شكل الحكومة المقبلة يتأرجح، ولو شكليا وإدعاء، بين من يسعى لتشكيل حكومة اغلبية سياسية بسيطة، واخرى تدعو لحكومة أغلبية واسعة ترضي الجميع، ففي الوقت الذي اشار فيه عدد من المراقبين، الى اهمية تشكيل الكتلة الاكبر، والذهاب الى تشكيل حكومة توافقية، تشمل جميع المكونات وترضي جميع الاطراف، أكد آخرون على عدم وجود أي خطوط حمراء تجاه أي طرف، في طريق تشكيل الكتلة الاكبر والحكومة المقبلة.
الكتل السياسية ما زالت تخوض مناقشات وحوارات فيما بينها، من أجل تكوين الكتلة الاكبر، والذهاب لتشكيل الحكومة القادمة، والتي تشمل جميع المكونات وترضي جميع الأطراف.. من جانب آخر فأغلب الكتل المعترضة على النتائج، والتي قدمت طعونا بشأنها، فقد كانت لديها رؤية واضحة، وتم تجسيدها من خلال البيانات المتعاقبة والصريحة لها، ومن بينها بيانات الاطار التنسيقي بان الجميع في انتظار الإجراءات النزيهة والشفافة، من قبل مفوضية الانتخابات كي يتم بعدها الحديث عن تحالفات تشكيل الحكومة، ورسم مسار العملية السياسية الجديدة..
من دون هذا فان هناك تخوفا لدى البعض، من ان التغاضي عما حصل من خروقات، او التماهل والمجاملة السياسية، سيؤدي الى تكرار نفس المشهد في الانتخابات المقبلة ايضا، وتكون ربما الكارثة والمشكلة اكبر، بحسب وجهة نظرهم.
مفوضية الانتخابات هي الآخرة مطالبة، بأن تنظر لجميع الطعون المقدمة اليها بشكل جيد ودقيق، وأن تعمل على تصحيح الأوضاع الخاطئة إن وجدت وفق الاطر القانونية، وهذه المطالبة لا تعني اخذ حقوق من جهة على حساب جهة أخرى، لكنها مطالبة بالتصحيح، وهنالك ضرورة لمراجعة جميع الامور لإيجاد مخارج قانونية، تجعلنا نتجاوز الازمة وتنصف الكل، بالشكل الذي يخدم العملية الديمقراطية في العراق.
أهم ما يميز الأوضاع أن هناك حراكاً جيداً تقوم به هذه الكتل، لمحاولة أقناع هذا الطرف او ذاك، للوصول لحلول تمنع الوضع من التدهور أكثر، وهذا ما شهدناه في التأثير على المشهد عموماً، من خلال اللقاءات التي أجراها بعض القادة السياسيين، بمختلف مذاهبهم وقومياتهم، في محاولة لإيجاد مشتركات وترسيم خارطة جديدة، مبنية على أساس تشكيل الأغلبية السياسية وبمشاركة غالبية الأقوياء..
كما ان على القادة الشيعة ان لا يضعوا فيتو على أي جهة، ووفق مفهوم "شلع قلع" لأنه سيخسرهم أولاً قبل غيرهم، لذلك على الجميع النظر على المصلحة العامة والعبور بالبلاد نحو بر الآمان، والسير نحو تشكيل حكومة قوية قادرة على، تغيير الواقع المأساوي وبما يحقق الرفاهية للبلاد والشعب العراقي، وبنفس الوقت تتحمل مسؤولية الحكومة، وتكون لها سندا برلمانيا، يسمح لها بتحقيق برنامجها، ويحميها من أي تسقيط وإفشال محتمل.

78
الخروقات الأمنية بين الفعل والافتعال
محمد حسن الساعدي
حيرت الحوادث الأمنية الأخيرة في العراق، وخلفت عددا من الضحايا كما في محافظة البصرة، او الخرق الأمني الخطير الذي حصل في كركوك، وسقوط قرية كاملة بيد الدواعش ,  المتابعين للشأن الأمني والمحللين السياسيين، وأربكت تفكيرهم.. فهكذا حدث قد يعكس عجز أجهزتنا الأمنية، وهشاشة الخطط الموضوعة، ويعكس التراجع في أداء المؤسسات الأمنية الكثيرة والكبيرة في العراق..
من الواضح أن ما حصل من تفجيرات، معد له بصورة منظمة ومدروسة سلفاً، خصوصا ونحن نعلم ان اغلب الجيوب والأوكار الإرهابية المهمة والكبيرة، قد دمرت بعمليات عسكرية سابقة.
ان ما حصل لايمكن ان يكون بعيداً عما يجري في سوريا، خصوصا في ظل المواقف الأخيرة من العراق، بعدم وقوفه مع مشروع التغيير في سوريا، والمواقف الأخيرة للعراق في تبني سياسية الحياد، في مواقف الجامعة العربية من القضية السورية، مما أعطى حافزاً للجماعات الإرهابية في سوريا، للتحرك لضرب العراق من الداخل، خصوصاً بعد التنوع الذي دخل لصفوف داعش ودخول المقاتلين العرب بالقتال في العراق، لزعزعة الوضع الأمني هناك، ومحاولة إحداث فتنة طائفية كبيرة وخطيرة تحرق الأخضر واليابس، وفي ظل هذه المعطيات نحن قد نكون  مقبلين على أزمة وصراع خطير في المنطقة.. فالمشهد السوري ألقى بظلاله على الوضع العراقي، وهو يأخذ منحنيات متصاعدة خلال الفترة السابقة، هذا أذا ما أخذنا بعين الاعتبار الوضع الداخلي العراقي المتزعزع اصلاً، والتصارع بين الكتل السياسية، خصوصا بعد الانتخابات الأخيرة وما رافقها من شكوك وتساؤلات كثيرة، إضافة إلى ما تشهده الساحة العراقية من هدوء حذر مما ينبأ بشيء غير متوقع..
كل هذه المؤشرات تجعلنا نعتقد، ان المنطقة تمر بظروف حساسة وخطيرة جداً، هذا فضلا عن الفساد الإداري والمالي المستشري في مؤسسات الدولة .
في ظل هذا أصبح العراق بين المطرقة والسندان، والشعب هو الطرف الضعيف في هذه المعادلة، ما جعله بين جهتي صراع القوى الإقليمية المتنازعة، والذي يعلم أنه لن ينتظر أن يعود للاستقرار، إلا بعد نهاية الأزمات في المنطقة عموماً .

79

الطعون الإنتخابية..قضية خاسرة أم رهان مضمون!
محمد حسن الساعدي
انتهت الانتخابات بكل ما خلقته من تساؤلات، حول شفافيتها ومصداقيتها، وها نحن ندخل الشهر الثاني من يوم الاقتراع، وما زالت أزمتها الطاغية على الملف السياسي..
منذ وقت مبكر بدأت تصريحات الرفض لهذه الانتخابات، تنطلق من اغلب القوى السياسية خصوصاً الشيعية منها، والبعض الآخر لجأ الى المحكمة الاتحادية، للمطالبة بإلغائها وإجراء انتخابات جديدة، وكلها تدخل في خانة الاعتقاد أن ما جرى يوم 10/10 هو سرقة لصوت الناخب، ومحاولة توجيه الرأي العام الى جهة سياسية دون أخرى وبإرادة دولية، لذلك سعت القوى السياسية المنضوية تحت"الاطار التنسيقي" الى إعلان الرفض من خلال الخروج بتظاهرات واعتصامات أغلقت بوابة الخضراء، والبعض الآخر أستخدم القانون في سعي لرفض النتائج، واللجوء الى القضاء رغبة لإعادة إجراء الانتخابات وبآلية جديدة تضمن عدم سرقتها.
هناك نوعان من الطعون والتي تم أعلانها، بعد اعلان النتائج الصادمة للانتخابات البرلمانية 10/10 وهي كالاتي:
النوع الأول: طعون المرشحين، والتي فيها ملاحظات مهمة، حيث عمد عدد كبير من المرشحين، الى جمع الأشرطة التي وزعتها المفوضية في يوم الانتخابات، وقاموا بعّد أصواتهم وكانت أكثر بكثير من الأصوات التي أعلنتها المفوضية، إذ قدم المرشحون 1800 طعن وهو عدد كبير جداً..
من جهتها ردت المفوضية هذه الطعون وصرّحت أن النتائج مطابقة، رغم اختلافها مع عدد الأصوات، الموجودة في الأشرطة التي تم تسليمها للمرشحين، كما أبطلت المفوضية 726 الف ورقة اقتراع، وهو رقم كارثي،ولكن اغلب هذه الأوراق وبعد عدّها وفرزها أتضح أنها أوراق سليمة وليست باطلة، ولكن الجهاز رفض قراءتها لسبب مجهول.
النوع الثاني : ظواهر لا تقبل التبرير وليس لها تفسير غير التزوير، وان لم يتضح من فاعلها، ومنها إبطال ( 726 ) ألف ورقة اقتراع، ولكن بتوزيع غير عادل هنالك صناديق ذات كثافة تصويت عالية تم إبطال 80‎% من أصواتها دون سبب منطقي، ولا يوجد تبرير لإبطال هذه الأصوات..
قيل أيضا أن الأوراق الباطلة، لم توزع بشكل عادل على المرشحين، وإنما كانت لمرشحين محددين، وهو ما يوضح استهداف مرشحين دون غيرهم! 
القوى السياسية في داخل الإطار السياسي، عملت على الالتزام بالسياقات القانونية، بأي خطوة في رفضها للنتائج،فاتخذت خطوة الطعن بها ومن ثم الشكوى لدى المحكمة الاتحادية، التي أجلت الدعوى المقامة من قبل رئيس تحالف الفتح السيد هادي العامري، وأمام كل هذه المواقف فان العملية السياسية دخلت نفقاً مظلم، وقد لا تكون هنالك حلول إذا لم يتم القبول بمبادرات لمعالجة الأزمة، والخروج بحكومة أغلبية واسعة تلبي طموح الجمهور، وتعالج المشاكل جميعها .

80
الانتخابات حجر الأساس للديمقراطية
محمد حسن الساعدي
في البدء علينا أن نقر أن حق الانتخاب في الديمقراطية هو حجر الأساس فيها. لأنه الوسيلة التي تمنح الشرعية للحاكم أو لإدارة المؤسسات لخدمة الشعب.
أن استعمال حق التصويت هو البذرة الأساسية والمساهمة في بناء الديمقراطية وأكثرها تأثيرا على مستقبل الحكم. المهم أن يتجه إلى صناديق الاقتراع أكبر نسبة من المواطنين لاختيار من يمثلهم لتسيير دفة الحكم. ولكن الكثرة من الناس ليست دائماً كافية للمساهمة في بناء هذه الديمقراطية، هناك كذلك نوعية التصويت. بما أنه يمكن أن ينتج عن الانتخابات تغييرات جذرية قد تقدم أو تؤخر البلاد. لذا من الحكمة والواجب الوطني الإطّلاع اللازم على البرامج المعروضة من الأحزاب ومرشحيهم لاختيار الأفضل منهم عن معرفة ، ومدى تطابق هذه البرامج مع الواقع ، ومدى ما قدمه هولاء المرشحون في دوراتهم السابقة أن كانوا أعضاء سابقين ، علينا ان نقف عند هذه النقطة لنوجه السؤال التالي ،،، ماذا قدمتم وهل يمكن ان نطبق قاعدة ( المجرب لايجرب ) .
أن الاستخفاف بحق التصويت أو القول المألوف "صوتي الفردي لا يقدم ولا يؤخر  شيء خاطئ ويفرغ الديمقراطية من هدفها الأساسي وهو حكم الشعب بالشعب. والسذاجة والجهل لن يوصلا إلى الحكم إلاّ المنفقين وال الشعب بأقوالهم وشعاراتهم الكاذبة ، ودائما ماكانوا يضحكون ع الذين يتلاعبون بالأصوات بأكاذيبهم وحيلهم وأموالهم لشراء أصوات الناخبين.
..الانتخابات تضع على المحك مستوى الوعي الديمقراطي ومدى تطوره. فوجود رقابة جديّة للترشيح والانتخابات من قبل هيئات مستقلة محلية أو دولية تمنح الديمقراطية مصداقية ومكانة مرموقة في قلوب المنتخبين، مما يؤدي بالمواطن باحترام المساهمة السياسية ويقبل شرعية المرشح المنتخب.
 من الضروري الاقتناع بأن الانتخابات وسيلة  لتبلور إرادة الشعب بشكل شفّاف، وليس هدفا بحد ذاته لصالح الأحزاب. الأحزاب هي في خدمة الشعب، وليس الشعب في خدمة الأحزاب كما نراها في كثير من دولنا العربية الديكتاتورية، التي تتظاهر وتجاهر "بديمقراطيتها"  تحت رعاية ملكها أو أميرها أو  رئيسها-الملكي .
لتثبيت أركان الديمقراطية، على الحكومة المنتخبة أن تفي بوعودها التي قدمتها للشعب أثناء الحملة الانتخابية. هذا ينطبق أيضا على كل المؤسسات التي فيها انتخابات. من ضرورات الديمقراطية كذلك الشفافية في تسيير أمور الدولة والحوار الدائم بين الحاكم والمحكوم عن طريق وسائل الإعلام وجملة اتصالات منوّعة مثل حضور المرشح بشكل دوري في دائرته الانتخابية ليعي مشاكل الناس في واقعهم اليومي لتكون قراراته وإجراءاته تمس مصلحة المواطن الفعلية .

81
الانتخابات العراقية ...مآلات التغيير .

يبدوا أن الولايات المتحدة في سياستها الجديدة، لا تعتقد أن القتال وخسارة جنودها في معركة تبعد الآف الأميال يمكن أن تحقق لها شيئا.. فالتي تجري الأن هي بالنيابة، إضافة إلى الحرب الالكترونية وهذا موضوع آخر .
تبعا لذلك أريد للانتخابات العراقية، أن تكون ذات ثوب جديد، فتكون هناك قوى صاعدة، والتي كانت تنادي بحل الحشد الشعبي وإنهاء دوره ، وهذا الكلام يدخل في خانة الوقوف مع الهدف الاستراتيجي لواشنطن كما يراه المراقبون..
أهمية الانتخابات أجبرت المهتمين على البحث الدقيق عن الصغائر فيها، فظهرت غرائب وقضايا رقمية عجيبة، واخرى مثيرة للشك جدا، ومنها ما نشره مختصون عن اكتشاف اسم ليندا موجود في برنامج تعارف (البحث عن أصدقاء) وأثناء تعمقهم بالبحث تبين وجودها، في كل عمليات البحث بمحيط مراكز الاقتراع، حيث تبين لاحقاً أنها مسؤولة العلاقات في الشركة الألمانية، والمسؤولة عن عمليات العد والفرز وأيضا مسؤولة في الكنيست الإسرائيلي!
رغم ذلك وانطلاقاً من المسؤولية الوطنية والشرعية للعقلاء، تجاه الوطن والشعب المرتهن ، بسبب التحديات الكبيرة التي يواجها البلاد ، صار لزاماً على أهل الحل والعقد، الركون إلى التهدئة والتعامل بحكمة، والجلوس إلى طاولة الحوار، والخروج من هذا المأزق الخطير، والذي لاسامح الله لو لم نغلب المصلحة العامة على الشخصية فيه، فإننا ذاهبون لا محاولة نحو الصدام الداخلي.
الكتل الفائزة نفسها لا يمكنها السير نحو تشكيل الكتلة الأكبر، ولو كانت قادرة، لتحركت نحو إعلان نفسها كتلة أكبر، والسير نحو شركاء من  السنة والكرد.
صحيح انها تواصلت ولكنها لم تلقى استجابة من هذه الكتل، بل قالتها بصراحة بأنها لايمكنها الجلوس مع طرف دون آخر.. وهذا يحتم على الطرفين، الوصول إلى توافق يرضي الطرفين، ويحافظ على ما تبقى من قناعات بالديمقراطية، حفظا للوطن وشعبه..محمد حسن الساعدي
يبدوا أن الولايات المتحدة في سياستها الجديدة، لا تعتقد أن القتال وخسارة جنودها في معركة تبعد الآف الأميال يمكن أن تحقق لها شيئا.. فالتي تجري الأن هي بالنيابة، إضافة إلى الحرب الالكترونية وهذا موضوع آخر .
تبعا لذلك أريد للانتخابات العراقية، أن تكون ذات ثوب جديد، فتكون هناك قوى صاعدة، والتي كانت تنادي بحل الحشد الشعبي وإنهاء دوره ، وهذا الكلام يدخل في خانة الوقوف مع الهدف الاستراتيجي لواشنطن كما يراه المراقبون..
أهمية الانتخابات أجبرت المهتمين على البحث الدقيق عن الصغائر فيها، فظهرت غرائب وقضايا رقمية عجيبة، واخرى مثيرة للشك جدا، ومنها ما نشره مختصون عن اكتشاف اسم ليندا موجود في برنامج تعارف (البحث عن أصدقاء) وأثناء تعمقهم بالبحث تبين وجودها، في كل عمليات البحث بمحيط مراكز الاقتراع، حيث تبين لاحقاً أنها مسؤولة العلاقات في الشركة الألمانية، والمسؤولة عن عمليات العد والفرز وأيضا مسؤولة في الكنيست الإسرائيلي!
رغم ذلك وانطلاقاً من المسؤولية الوطنية والشرعية للعقلاء، تجاه الوطن والشعب المرتهن ، بسبب التحديات الكبيرة التي يواجها البلاد ، صار لزاماً على أهل الحل والعقد، الركون إلى التهدئة والتعامل بحكمة، والجلوس إلى طاولة الحوار، والخروج من هذا المأزق الخطير، والذي لاسامح الله لو لم نغلب المصلحة العامة على الشخصية فيه، فإننا ذاهبون لا محاولة نحو الصدام الداخلي.
الكتل الفائزة نفسها لا يمكنها السير نحو تشكيل الكتلة الأكبر، ولو كانت قادرة، لتحركت نحو إعلان نفسها كتلة أكبر، والسير نحو شركاء من  السنة والكرد.
صحيح انها تواصلت ولكنها لم تلقى استجابة من هذه الكتل، بل قالتها بصراحة بأنها لايمكنها الجلوس مع طرف دون آخر.. وهذا يحتم على الطرفين، الوصول إلى توافق يرضي الطرفين، ويحافظ على ما تبقى من قناعات بالديمقراطية، حفظا للوطن وشعبه..

82
الإنتخابات العراقية.. تزوير على أصوله
محمد حسن الساعدي
تقبلت معظم  الأحزاب والتيارات السياسية، وبعد مدة ليست بطويلة من انتخابات 2018, ضرورة إجراء انتخابات مبكرة, استجابة لواقع رفض الشارع لنتائجها، ولما سادها من خلل واضح وشبهات بعمليات تزوير منظمة.. فسعت الحكومة حينها وبالتعاون مع المفوضية العليا "المستقلة" للانتخابات, إن تقيمها فأستقر الرأي على يوم العاشر من تشرين الأول الماضي..
وسط استعدادات لا مثيل له في العالم، وسعي من المفوضية لتوفير الحماية الأمنية، للناخب والمرشح ولمراكز الاقتراع جرت الانتخابات.. ووسط أجواء اتسم ظاهرها بالهدوء، كان الجميع يتوسم خيراً منها، وما إن جاء صباح اليوم العاشر وبدأ الجمهور يخرج للإدلاء بصوته، حتى بدأت القراءات والتحليلات للمشهد عموماً تتكشف, ومعها بدأت الشبهات تحوم في الأجواء.
أبرز واهم تلك الشبهات التي دارت حول الانتخابات، هو عمليات "الإبطال" المنظمة لأوراق اقتراع، والتي استهدفت كتلا سياسية بعينها ، وكما نقلت شهادات ومواقع خبرية لاحقا، إنها كانت تركز على مرشحي كتل, الفتح وائتلاف قوى الدولة تحديدا..
عمليات التسقيط الممنهجة التي نقل أنها مورست، بهدف إبطال أوراق مرشحي هذين الائتلافين، توضح بما لا لبس فيه, إن هناك محاولة لإبعادهم عن المشهد السياسي، يضاف لها علميات الترهيب للناخب التي سبقت يوم التصويت، والتوجيه والدفع, نحو كتلة بعينها أخرى يريدها الموظف الانتخابي، حصلت فعلاً في مناطق شرق القناة, وربما وثقت في حالات عدة.. إذ أشارت تقارير صدرت من مراقبين، أن عمليات تغيير للنتائج حدثت في هذه المناطق، ما يعطي انطباع لدى المتابع إن الأمر يسير نحو تلاعب بالنتائج.. وأن هناك تزويرا على أصولها قد حصل!
مع تقدم ظهور النتائج الأولية، شاهدنا كيف حصل تراجع دراماتيكي، لأرقام مرشحي تحالفي الفتح ولقوى الدولة، وصعود لافت للكتلة الصدرية من 54 إلى 73 مقعد، في حين إن الكل يعرف جيداً, حجم التيار الصدري وجمهوره الواقعي على الأرض..كل هذا خلق إنطباعا سائدا لدى أغلب القوى السياسية, بأن الانتخابات شابتها أخطاء خطيرة، وأنها لا تعكس الواقع السياسي لها..
بعد إعلان النتائج الأولية، خرجت جماهير الأحزاب الخاسرة إلى الشارع، تهدد بحمل السلاح والتصعيد ضد ما أسمتهم "سارقي الأصوات" واتهمت المفوضية العليا للانتخابات بالتواطؤ، وهي خطوة مقلقة إن خرجت عن السيطرة، أو تم إختراقها..خصوصا بعد ما أعلنت المفوضية عن أرقام غريبة, لنيل مرشحين لأرقام متطابقة في عشرات المحطات, ناهيك عن الارتباك والتذبذب والتعالي, وتغير الأرقام المعلنة للنتاج بشكل متكرر, مما زاد من التشكيك وفتح بابا للطعن أكثر..
 ما يقلق حقا ملاحظة أن هناك ربما "إرادة دولية" وسعيا لإبعاد قوى الاعتدال والوسطية، عن المشهد السياسي العراقي.. وهي جهات كان لها دور كبير ومتكرر, في تهدئة الصراعات السياسية, وتفكيك كثير من الأزمات، وإبراز قوى لها موقف إنفعالية متقلبة, وربما تحسب أنها بالضد من طهران، الأمر الذي يجعل المراقب للأمور, يظن أن هناك رغبة بالدفع باتجاه السير نحو التصعيد, وصولا للصدام!
يرى كثير من متابعي المشهد السياسي في العراق، إن على المفوضية العليا إعادة النظر في أدائها وسياستها، وتغليب مصلحة الوطن على المصالح الشخصية،وعدم الخضوع لضغوط الأحزاب المتسلطة على المشهد, وطمأنة المتنافسين من خلال استقلالية وشفافية عالية, تبدأ بإعادة العد والفرز اليدوي لمراكز الاقتراع، التي تدور حولها الشبهات، ولا ضرر من إعادته يدويا لكل العراق.. وبهذا الأجراء ستحسن صورة الممارسة الديمقراطية عندنا،وتحفظ السلم الأهلي والمجتمعي..
من جانب أخر فان على قوى الاعتدال، أن تأخذ دورها المعتاد في "العقلنة" وهناك بوادر لذلك في التحرك المسؤول للحكيم زعيم أئتلاف قوى الدولة, فبالرغم من حصوله على أربع مقاعد فقط, إلا انه هنأ الفائزين بفوزهم، وقام بدور محوري ومهم في تهدئة الموقف داخل قوى الإطار التنسيقي بمختلف محاوره "المقاوم منها وغيره" وضبط إيقاع التصريحات وإبعاد البلاد عن شبح الصدام "الشيعي–الشيعي"
ينبغي على الجميع القبول بنتائج الانتخابات، على الرغم من انخفاض المشاركة الفعلية التي لم تتجاوز 34%، فهي تمثل إرادة الناخبين، وتعكس رغبتهم في شكل ممثليهم في البرلمان القادم.. والسير قدماً نحو تشكيل, حكومة توافقية قوية تمثل الجميع، إذ لا يمكن إن تشكل حكومة من أي من المتنافسين لوحده..  فلن تنجح حكومة صدرية أو مالكية، والتوافق سيكون سيد الموقف، ومحاولة معالجة "الأخطاء الإنتخابية" بما تسمح به حدود القانون وإجراءاته, وإلا فبديله الصدام الذي لن يسمح به أحد, فعواقبه لن تستثني أحدا.

83

اغتيال الكاظمي بين التصديق ونتائج التحقيق ؟!
محمد حسن الساعدي
بالتأكيد الجميع متفق تماماً إن هيبة الدولة يجب أن تحترم،ومرفوض تماماً أي عمليات التهاون أو الاستهانة بالقانون أو المساس به، او محاولة جر البلاد والعباد إلى حرباً مفتوحة بين الجميع ومع الجميع، وهذا ما يريده أصحاب الأجندات الخارجية في محاولة زعزعة الاستقرار في البلاد، الأمر الذي يجعلنا نقف وبلا تهاون أمام أي محاولات لضرب القانون أو تجاوزه..
ما حصل من عملية محاولة اغتيال السيد رئيس الوزراء بالتأكيد لا تمت إلى فرضية الأمن والاستقرار مطلقاً، بل تأتي في ظرف حساس يهدف إلى أيجاد الفتنة والفرقة بين أبناء الوطن الواحد، وهو بالتأكيد ما يسعى له الآخرين من أصحاب الأجندات الخارجية والتي لا تريد السلام والأمن،وعلى الرغم من تشكيل لجنة للتحقيق في ملابسات هذه المحاولة الفاشلة، إلا إننا هنا في هذه الأسطر نحاول أن نطرح بعض التساؤلات المنطقية والتي ينبغي على القوى الأمنية وفي مقدمتها السيد القائد العام للقوات المسلحة الإجابة عنها ، وهي كيف استطاعت هذه الطائرتين من الدخول في المجال الجوي للمنطقة الخضراء، خصوصاً ونحن نعلم أن المنظومة الدفاعية( CRAM)للسفارة فاعلة وتعمل على صد أي اعتداء عليها، بل أن هناك معلومات من استخبارات الحشد الشعبي تؤكد أنه لا يمكن أو أي قوة خارجه التحرك أو تسيير طيرانها، إلا بأخذ موافقات متعددة ، تبدأ من القائد العام للقوات المسلحة إلى العمليات المشتركة إلى القيادة المركزية لقوات التحالف الدولي وغيرها ..
أذن ..
ينبغي أن نتحمل المسؤولية القانونية والشرعية في مشافهة الشعب العراقي فيما يجري ويحصل من محاولة إحداث فتنة يراد بها حرق الأخضر واليابس وجر البلاد إلى منزلق الحرب الداخلية ولكن هذه المرة تكون بين أبناء الدين والمذهب الواحد، لذلك لزاماً على القائد العام للقوات المسلحة والقوات الأمنية البطلة أن تأخذ دورها في حفظ أرواح الأبرياء،وحفظ النظام وسيادة القانون وهيبة الدولة وبما يحقق الاستقرار المنشود، ولكن قبلها على الحكومة أن تكون جادة في التحقيق الجاري لمعرفة ملابسات ما حصل في الجمعة الدامية والتي راح ضحيتها العشرات بين المعتصمين والقوات الأمنية بين شهيد وجريح، ومن ثم هناك مسؤولية أخرى تقع على عاتق الحكومة في الإجابة على الشبهات التي تحوم حول نتائج الانتخابات الأخيرة،وعلى المفوضية العليا للانتخابات أن تكون مستقلة في قرارها الانتخابي من خلال الإجابة على كل علامات الاستفهام التي حاطت بكل عمليات الاقتراع،والإجابة على التساؤلات المنطقية والمشروعة للقوى السياسية المعترضة وبما يحقق الاستقرار السياسي في البلاد .
القوى السياسية هي الأخرى مسؤولة أمام الشعب العراقي ضمان حفظ الاستقرار والعملية السياسية الفتية في البلاد،والركون إلى الحوار بعيداً عن لغة التهديد والتخوين، وتجاوز الانتخابات بما فيها من عيوب وشبهات والجلوس إلى طاولة الحوار للبدء فوراً بالإعداد لتشكيل حكومة توافقية تحمل هموم الشعب العراقي وتحقق أمانيه .

84
الحكيم بيضة القبان .
محمد حسن الساعدي
تناقلت وكالات انباء ومحللون، معلومات تتحدث عن أن هناك نية لدى الإدارة الأمريكية، بالتدخل في مسار الانتخابات العراقية والتي أجريت في تشرين المنصرم..
محاولة التأثير في الواقع السياسي ابعرلقي ليست جديدة، والسعي لتغيير الخارطة السياسية كذلك، لكن من خلال صندوق الاقتراع كانت ربما مبتكرة.. ، وهدفها طبعا كما نقل، هو ضمان إبعاد القوى المعتدلة والحشد الشعبي، سعيا لدمجه مع القوى الأمنية الأخرى.. لذلك لم يتفاجئ الجميع أن هناك تأثيرا على سير الانتخابات، ولكن المفاجئ كان حجم التلاعب الخطير في هذه الانتخابات، كما وثقته تلك الجهات، وصعود كتل صعوداً غريبا، خصوصاً وأن العراقيون يعرفون حجم هذه الكتل وجمهورها!
هذا جعل المشهد الانتخابي يبدو ضبابياً، وما زاد المشهد تعقيداً، هو طريقة تعاطي المفوضية العليا للانتخابات، مع إعلان النتائج الأولية، وما تلاها من إعلانها للأرقام بما يعزز فرضية، إن هناك نية مبينة للتلاعب بالأرقام، وعلى الجميع القبول بهذا الأمر، وما رافقها من القبول بالاعتراضات أو الطعون التي قدمتها الكتل السياسية، كل هذا جعل المفوضية في دائرة الاتهام، بدءاً من المؤتمر الصحفي وانتهاءً بطريقة العد والفرز اليدوي الذي لم يقبله لا العقل ولا المنطق.
المتابع للمشهد القادم وفي ظل الاعتصامات، وما رافقها من تصادمات دموية أودت بأرواح الأبرياء، فان المشهد لايوحي بأي تغيير على مستوى إعلان النتائج، أو إكمال عمليات العد والفرز، وإنها لن تغير شيئاً من الأرقام والأحجام ، وعلى الجميع تقبل ذلك والذهاب نحو المصادقة عليها في المحكمة الاتحادية، والتحرك نحو تشكيل الحكومة القادمة..
لذلك تسعى القوى الفائزة، إلى جر الآخرين إلى ساحتها، لاجل كسب الشرعية والسير قدماً نحو الكتلة الأكبر، وفي مقدمة المستهدفين كان السيد عمار الحكيم، والتي كانت زيارة الصدر إليه، محاولة لإستدراجه  لإكتساب شرعيته، ويكون غطاءً لحكومة قادمة، ولكن بحسب الأخبار فأن الحكيم رفض هذا المطلب، واعتبره محاولة لكسب شرعية لحكومة لن تتملك غطاء سياسيا، ما لم يتفق الجميع عليها ويشارك الأغلبية فيها..
تبعا لذلك سعى التيار الصدري، لمحاولة كسر قوى أطار التنسيق الوطني، من خلال التحرك نحو بعض الأطراف فيها، وإغرائها بالمناصب، والتي تسعى هي الأخرى، إلى توحيد موقفها الرافض لنتائج الانتخابات، والتأكيد على ضرورة إعادة العد والفرز اليدوي لكافة مراكز الاقتراع، وكشف عمليات التلاعب والتزوير التي تمت ومطابقة الأعداد يدوياً مع النتائج .
من المتوقع وحسب المعطيات على الأرض،  غياب الاستقرار الحقيقي، إذا ذهب طرف شيعي واحد، لتشكيل الكتلة الأكبر وتأليف الحكومة، وحتى لو اتفقت الأطراف الشيعية المختلفة، فالمتوقع أنها ستكون حكومة ضعيفة كسابقتها، ولن تصمد لأكثر من سنة أو أكثر، لذلك  سيكون  الوضع هشاً، بسبب الاختلافات الأيدلوجية والسياسية والفكرية، بين دولة القانون والتيار الصدري خصوصا، ما يجعل السيناريوهات متعددة ومفتوحة الإحتمالات، الى جانب عدم وجود أدوات النجاح لتحقيق الاستقرار .
الحكيم هو احد الأطراف المهمة في العملية السياسية، وعلى الرغم من المحاولات المتكررة من منافسيه لإبعاده من العمل السياسي، إلا إن هذه المحاولات باءت بالفشل لأسباب كثيرة يطول شرحها، ولكن أهمها أن الرجل يمتلك كثيرا من العوامل التي، تجعله مقبولاً من قبل القوى السياسية(الكردية- السنية )، بل وحتى اغلب الكتل الشيعية رغم الخلاف والاختلاف بينها..
مع كل ذلك فإن القوى الشيعية المتصارعة على السلطة، تريد إن يكون غطاء ش عي في أي حكومة قادمة، فالصدر يريده أن يكون جسراً لتنفيذ أجندته والسير نحو تشكيل حكومته، والمالكي هو الآخر يريده أن يكون داعماً له أمام خصمه الكلاسيكي الصدر، وكل منهما قد اغراءته للحكيم، وأمام كل هذه الإغراءات يقف الحكيم ليرفض ويقول " لن أشارك في أي حكومة قادمة"، رغم أنه صار بمقعدين بيضة لقبان متأرجح!
ينبغي انتظار ما تسفر عنه الطعون المقدمة، وإعادة الأصوات التي قيل أنها سرقت، فالقوى السياسية لن تقف مكتوفة الأيدي أمام سرقة أصواتها ومنها الحكيم، لكن على القوى السياسية المطالبة الآن اكثر مما مضى، بتغليب المصلحة الوطنية على مصلحتها، من خلال إعادة العد والفرز اليدوي، وإبراء المفوضية العليا للانتخابات ذمتها أمام العراقيين ، ومن ثم السير نحو تشكيل الحكومة، والتي كما يتوقع لها محللون، أنها ستكون أضعف من سابقتها، ما يجعل القادم مجهول وغير معلوم .

85
الحكومة القادمة ومنطقة الظل .
محمد حسن الساعدي
لم تكتمل فرحة القوى السياسية الفائزة بانتخابات العاشر من تشرين, بالفوز بمقاعد مجلس النواب القادم، فتقوض احتفالها بهذا الفوز بالانتظار والتأني والترقب..
على الرغم من حصول الكتلة الصدرية على 73 مقعد, قابلتها قائمة المالكي(دولة القانون) والتي ما زالت تصر على أنها ستكون الكتلة الأكبر, على الرغم من عدم إعلانها عن مجموع مقاعدها لحد الآن..إلا إن كل هذه العناوين والمانشيتات بالفوز, لم تشفي غليل هذه الكتل، وباتت مقيدة بما ستفرزه الأيام القادمة بعد الانتهاء من عمليات العد والفرز..
بالرغم من كل الملاحظات التي سادت عمليات الاقتراع, وإصدار الكتل الخاسرة بيانات استنكار, لما لمسته من عدم مهنية وشفافية, في أداء المفوضية العليا للانتخابات, وأدائها الغريب في إعلان النتائج، كما ذكرت في بياناتها , إلا إن هذه الكتل السياسية لم تخطوا خطوة واحدة نحو تشكيل الكتلة الأكبر ,والسير نحو تشكيل الحكومة القادمة كما يريدها البعض، وهنا لابد لهم كلهم من فهم, أن الأغلبية السياسية هي أغلبية عابرة لجميع المكونات وتمثلها جميعاً .
التوافق في المرحلة القادمة هو سيد الموقف، وعلى الجميع ترك الشعارات الكاذبة، فلن تتمكن أي كتلة سياسية من السير لوحدها, نحو تشكيل الحكومة القادمة، أذا استدركنا إن القوى الكردية لن تضع يدها بيد, أي كتلة سياسية غير متفق عليها, ولا نحظى بالإجماع الشيعي، كما هو الموقف السني الذي هو الآخر المعلن من خلال الحلبوسي, من أنهم لن يضعوا أيديهم إلا بيد من يتم التوافق عليه داخل البيت الشيعي أو(الإطار التنسيقي للقوى الشيعية)
على هذا الأساس يمكن قراءة المشهد, بأن على القوى الشيعية تأجيل مبدأ الأغلبية السياسية عن المشهد الحالي، وأن يحل محله التوافق على الرغم من مساؤها، فهي أحد الأسباب التي أسقطت حكومة عبد المهدي, وسبب رئيسي لفشل الحكومات المتعاقبة في إدارة البلد وحل مشاكله.
القوى الشيعية هي الأخرى أمام مفترق طرق، فإما إن تبتعد عن لغة الاستعلاء والتصريحات النارية، وعلى الجميع أن يعترف إن هذه الانتخابات كسابقتها كانت تهم التلاعب والتزوير حاضرة فيها وبقوة، لذلك على الجميع إن يضع مصلحة البلاد أم ناظرهم، والسير نحو تشكيل حكومة تخدم المواطن العراقي وتدعم وجوده وتحفظ هيبته وقوته، وتمنع أي تدخل خارجي في قراره السياسي والسيادي، وان لا مكان لمنطقة الظل فالكل في مركب واحد، وعلى الجميع إنقاذ ما يمكن إنقاذه من خراب.. وإلا كان البديل خرابا كاملا لن يستثنى منه احد.

86

الإرهاب يضرب من جديد .
محمد حسن الساعدي
بالتزامن مع نهاية التجربة الانتخابية التي أجريت في العاشر من الشهر الجاري، وما دار حولها من شبهات وتساؤلات وصلت إلى حد الطعن بها، يأتي الإرهاب مرة ثانية ليضرب المدن والقرى الآمنة وتحديداً مدينة ديالى والتي تحدها خمس محافظات إلى جانب امتلاكها حدوداً طويلة مع إيران ما تعد حلقة وصل مهمة بين الشمال والوسط، كما تعتبر هذه المحافظة من المحافظات المهـــــــــمة في الإنتاج الزراعي من ناحية الحمضيات أو من ناحية إنتاجها للقمح حيث تعتبر من الأراضي الخصبة في الإنتاج ومن النوعيات المتميزة في البلاد ، كما تعتبر هذه المدينة ذات مليون ونصف نسمة تتميز بتنوعها القومي والمذهبي ، وما تميزت به هذه المدينـــــــــة هو التعايش الاجتماعي بين مكوناتها، والتـــــــــزاوج بين عوائلها حتى أصبـــــــحت مكوناتها متماسكة من حيث العمق القبلي أو حتى من حيث العلاقات الاجتماعية فيما بينهم ما جعل هذه المدينة تعيش أجواء هذا التعايش طيلة سنين مضت .
لا شك أن الوضع الأمني في العراق يخضع للتأثيرات الداخلية والإقليمية وحتى الدولية ، إذ لا ريب أن هناك اتساقاً في التأثير بين الوضع الإقليمي والدولي من جهة وبين الوضع الداخلي من جهة أخرى ، وقد تحاول بعض الأوساط التشويش وألفات النظر عن الانتصارات المتحققة في الداخل إلى أحداث الخارج الساخنة ، إلا أن الوضع الأمني في الآونة الأخيرة كان لافتاً في تطوراته وشكّل انتقاله سريعة في الأحداث العسكرية الجارية في كركوك وديالى وكذلك الانتصارات المتحققة في جبهة الموصل.
يحاول الإرهاب  فتح جبهات أخرى لها لتخفيف ضغط القوى الأمنية على هذه المجاميع ، ومحاولة فتح هذه الجبهات في العاصمة بغداد ، من خلال إثارة موضوع النازحين ، والدفع بهم باتجاه العاصمة بغداد ، وإثارة ضجة إعلامية من جهة ، وفتح ثغرات في الجبهة الغربية للعاصمة بغداد،خصوصاً بعد الخرق الأمني الذي حدث في شمال بغداد وتحديداً قضاء الراشدية،إضافة إلى تعويض الخسائر المتكررة للتنظيمات الإرهابية وخصوصاً داعش ، في صلاح الدين وديالى والانبار ، والتي منيت بخسائر كبيرة ، وتفتيت اغلب شبكاتها العنكبوتية وحواضنها الإرهابية .
لا أعتقد أن الملف الأمني يمكن أن  يتقدم ما لم يكن هناك تقدم ونجاح سياسي ، من خلال تفعيل ملف المصالحة الوطنية في المحافظة ، وإيجاد أرضية بين المكونات السياسية ،كما أن الملف الأمني سينجح إذا تحققت أسس المصالحة الوطنية وتفعيلها والتي تحتاج إلى تكاتف الجميع مع وجود النية الصادقة في بناء عراق جديد يعيش فيه المكونات السياسية والمذهبية بحرية ورفاه.
 

87
الإنتخابات العراقية.. ماذا بعد؟
محمد حسن الساعدي
تبانت جميع  الأحزاب والتيارات السياسية، وبعد انتخابات 2018 على ضرورة إن تكون هناك انتخابات مبكرة تعكس واقع الشارع الرافض لها، لما ساد فيها من الخلل الواضح والشبهات بعمليات التزوير المنظمة، لذلك سعت الحكومة بالتعاون مع المفوضية العليا (المستقلة) للانتخابات إن تجري الانتخابات وأستقر الرأي على يوم العاشر من تشرين الأول الجاري..
أجريت الانتخابات ، وكانت الاستعدادات بشكل لا مثيل له في العالم، فسعت المفوضية لتوفير الحماية الأمنية، للناخب والمرشح ولمراكز الاقتراع، وجرت الانتخابات وسط أجواء اتسمت بالهدوء، وكان الجميع يتوسم خيراً فيها، وما إن جاء صباح اليوم العاشر وبدأ الجمهور يخرج للإدلاء بصوته، حتى بدأت القراءات والتحليلات للمشهد عموماً.. ومعها بدأت شبهات تحوم.
أبرز واهم الشبهات التي دارت حول الانتخابات، هو عمليات التسقيط المنظمة لأوراق إقتراع، كتل سياسية دون غيرها ، وكما نقلت شهادات ومواقع خبرية،  عن عمليات استهداف مرشحي كتل الفتح وائتلاف قوى الدولة خصوصا..
إذ راقبنا عمليات التسقيط الممنهجة التي مارسها البعض، بهدف إبطال أوراق لمرشحي هذين الائتلافين ، سنفهم إن هناك استهداف لمحاولة أبعادهم عن المشهد عموماً، إضافة إلى علميات الترهيب للناخب التي سبقت يوم التصويت، وتوجيهه نحو كتلة بعينها أخرى يريدها الموظف الانتخابي، وهذا ما حدث فعلاً في مناطق شرق القناة.. إذ تشير أغلب التقارير، التي صدرت من مراقبين، أن عمليات تزوير وتغيير للنتائج حدثت في هذه المناطق، ما يعطي انطباع لدى المتابع إن الأمر يسير نحو تلاعب بالنتائج..
مع بدأ ظهور النتائج الأولية، شاهدنا كيف حصل تراجع دراماتيكي، لأرقام النتائج للفتح ولقوى الدولة، وصعود لافت للكتلة الصدرية من 54 إلى 73 مقعد، في حين إن الجمهور يعلم جيداً حجم التيار الصدري وجمهوره الواقعي على الأرض.
الانطباع السائد لدى أغلب القوى السياسية هو إن الانتخابات شابتها أخطاء خطيرة، وأن هذه النتائج لا تعكس الواقع السياسي لها..
بعد إعلان النتائج الأولية، خرجت جماهير الأحزاب الخاسرة إلى الشارع، تهدد بحمل السلاح والتصعيد ضد ما أسمتهم ( سارقي الأصوات) واتهمت المفوضية العليا للانتخابات بالتواطؤ، وهي خطوة مقلقة إن خرجت عن السيطرة، أو تم اختراقها.. لكن ما يخيف حقا، ملاحظة ان هناك إرادة دولية، وسعيا لإبعاد قوى الاعتدال والوسطية، عن المشهد السياسي، والتي كان لها دور كبير في التهدئة في صراع الكتل السياسية الشيعية على رئاسة الوزراء، وإبراز قوى لها موقف قد يبدوا ضد طهران، الأمر الذي يجعل الأمور ربما تبدأ بالسير نحو التصعيد.
يرى الكثيرون من متابعي المشهد السياسي في العراق، إن على المفوضية العليا إعادة النظر في سياستها الحالية، وتغليب مصلحة الوطن على المصالح الشخصية،وعدم الاستسلام لنفوذ الأحزاب المتسلطة على المشهد السياسي، بان تكون هي المهيمنة خلال الفترة القادمة، من خلال أثبات شفافيتها بإعادة العد والفرز اليدوي لمراكز الاقتراع، التي تدور حولها الشبهات ، لتثبت شفافيتها واستقلاليتها، كما أنها بهذا الأجراء ستعكس صورة عن الديمقراطية في البلاد، والتي حفظت وتحفظ السلم الأهلي والمجتمعي..
أيضآ فإن على قوى الاعتدال، أن تأخذ دورها الكبير والمهم، وهذا ما شهدنا بوادر له في الدور المسؤول للحكيم رئيس أئتلاف قوى الدولة.. فبالرغم من حصوله على أربع مقاعد في هذه الانتخابات إلا انه هنأ الفائزين بفوزهم ، وقام بدور محوري ومهم في تهدئة الموقف بين الإطار التنسيقي للمقاومة من جهة، وإضافة إلى الإطار التنسيقي للقوى الشيعية، وضبط إيقاع التصريحات وإبعاد البلاد عن شبح الاقتتال ( الشيعي – الشيعي)..
ينبغي على الجميع القبول بنتائج الانتخابات، على الرغم من انخفاض المشاركة الفعلية التي لم تتجاوز 34%، إلا أنها تمثل إرادة الناخبين، وتعكس رغبتهم في انتخاب ممثليهم في البرلمان القادم.. والسير قدماً نحو تشكيل حكومة توافقية قوية تمثل الجميع، إذ لايمكن إن تشكل حكومة من أي من المتنافسين لوحده..  فلن تنجح حكومة صدرية أو مالكية، والتوافق سيكون سيد الموقف، وإلا فبديله الصدام الذي لن يسمح به أحد.

88

التيار الكهربائي ينير أروقة السفارة !!
محمد حسن الساعدي
تنفّس جاك ومايكل وجورج الصعداء بعد إعادة التيار الكهربائي إلى أروقة السفارة الأمريكية في العاصمة بغداد ، بعد انقطاعه  وإبعاده عن البث، ما جعل كادر السفارة يشعرون بالارتياح لهذا الرجوع وبفولتية عالية ربما ستسبب لهم لاحقاً احتراق وإحراق الجميع، وعلى الرغم من أن التيار الكهربائي يتلاعب بمصير السفارة ومصير الجميع ، فمرة يقلل من قوته في البث ، ومرة يهرب إلى الأمام ، ومرة نراه ينشط ويحرق الأسلاك جميعها، وكل ذلك من اجل أن يثبت وجوده كتيار على الرغم من انه كونه تيار ذات أداوت وأسلاك متهرئة لا تصلح أن تنير الطريق للمارة، ولكنه في نفس الوقت يمتلك قدرة على إنتاج الطاقة تجعله يحرق الآخرين وأهمهم جيران السفارة ، والذين تسعى الأخيرة بشتى الطرق إلى حرقها أو جعلها في ظلاماً دامس .
الشعب العراقي تعود حياة الظلام، ويبدو انه لا يريد مغادرتها، ولا يريد أن يرى النور طريقه أو طريق حريته ، وهذا الأمر التبس على الجميع في معرفة براعة هذا التيار على إدارة الطاقة وطريقة توزيعها، وعلى الرغم من الأساليب الخبيثة التي يمارسها القائمون على إدارة الطاقة في التيار الكهربائي، إلا أنهم غير واعين تماماً أن الكهرباء هي نعمة للجميع وينبغي عليهم أن يكونوا أداة لبث النور في العراق بدل الظلام .
الشعب العراقي بعد انتخابات 10/10 أثبت نظرية أن الفاسد ينبغي أن يكون في المقدمة،فلا مكان لغير الفاسد في عراقنا الجديد ، ولا مكان لأي صوت يعلو على صوت السارق وناهب المال العام والقاتل الذي استباح دماء الناس بلا وجه حق،لذلك ووفق المقولة المشهورة " كيفما تكونوا يولى عليكم" سيكون لزاماً على العراقيين القبول بنتائج الانتخابات وما أفرزته من صعود تيارات وأحزاب نفسها حكمت العراق منذ 2003،دون أي تغيير يذكر، بل أنها كانت الغطاء الذي عمل ويعمل فيها مافيات الفاسد وعصابات الجريمة المنظمة في سرقة قوت الناس وأرزاقهم، فبعد أن سرقوا مستقبلهم ذهبوا إلى أكثر من ذلك أرزاقهم وقوته اليومي ، وصاروا يشاركونهم حتى في مصيرهم ومستقبلهم .
اعتقد لا تعليق لما جرى من انتخابات عكست واقعاً مؤلماً يعيشه الشعب العراقي ،وقد اختار أن يكون مطيةً للأحزاب والتيارات التي ألبسته ثوب الطاعة والذلة لها من غير تشكي أو وجع، وعلى المجتمع العراقي عموماً أن يقبل بواقعه القادم ، وان يتقبل أن المستقبل من صنعه هو ، فلا يمكن تغيير واقع الإنسان بمعجزة بل أن الواقع يتغير بإرادة المجتمع نفسه ، ولا يفيد بعد ذلك الندم "ولات حين مندم" .

89

الانتخابات العراقية ومتبنيات النظام السياسي .
محمد حسن الساعدي
على الرغم من التجربة الانتخابية التي جرت يوم 10/10 وما سادها من ملاحظات مهمة أشرتها بعثة الأمم المتحدة أو المفوضية العليا للانتخابات إلا أننا ما زلنا نحن نعيش حالة التخبط السياسي والاقتصادي ، وعدم وضوح تجربته الديمقراطية وأهدافها، حتى الآن، وغياب الرؤية الشاملة للواقع العراقي، ومرحلة ما بعد خروج التواجد الأجنبي منه، فإن بالإمكان وضع تصورات عملية لما يمكن أن يكون طريق عراقيا نحو مشروع جديد، يحاول قدر إمكانه أن يجد حلولا عملية بدل هذا الاختلاف السياسي بين مكوناته السياسية والذي وصل إلى حد التحارب بين مكوناته، في طريق مليء بالأشواك والعثرات والكوارث، ما يستلزم وضع خارطة طريق لإخراجه من هذا المأزق.
لقد تبنت قوى سياسية كثيرة ما يسمى بالمشروع الوطني العراقي، وادعت أنها تسير وفق برنامجه وتوجهاته، التي تؤمن بأن العراق هو بلد لكل العراقيين لاتفريق بين أبناء الشعب وفقا لأي الاعتبارات عدا الولاء للوطن والتفاني من أجل تقديم الأفضل، وان يكون العراق البلد الذي يحتضن كل الكفاءات والمواهب من أجل خير العراق والعراقيين.
ان من بديهيات خارطة الطريق العراقية التي ينبغي أن يركز عليها المشروع الوطني العراقي هو مصداقية الأطروحات الوطنية, لا أن المشروع الوطني العراقي مجرد لافتة او شعارات ترفع وهو بحاجة إلى أطار نظري يكون واضحا ومفهوما من قبل الجميع، على أن يكون الهدف الأساسي هو تصحيح مسارات العملية السياسية وان كان واضح المعالم إلا انه أفضل من مشروع بديل غامض أو تشوبه حالات الريب والشك بإمكانية أن القوى التي تحاول رفعه, تريد اغتياله مرة أخرى ولمن تحت يافطات تخلصها من الإحراج أمام الشعب الذي يؤمن إيماناً كامــــــــــلا بأن المشروع الوطني العراقي هو الطريق الصحيح لتحقيق الأهداف العليا للشعب وللبلد الذي يتمنى أبناءه أن يكونوا بناته الحقيقيون، من اجل رفع رايته وينهض ويودع تلك السنوات العجاف إلى غير رجعة.
 أن بإمكان المشروع الوطني أن تتهيأ له فرص النجاح أن وجد القوى الحريصة على حمله وقد طبقت شعاراتها على أرض الواقع وهيأت مستلزمات إنجاحه وفق صيغ متقدمة وميسرة ومقبولة, وتجاوز مرحلة الشعارات الفارغة التي لم تحقق من هذا المشروع ألا قشوره التي لاتغني ولا تسمــــــــــن ولا تحقق آمال العراقيين في أن يعيدوا مجد شعبهم الذي كان موحدا متماسكا متحالفا بين كل مكوناته بلا تفرقة أو تمييز أو تعصب, وهو ما ينبغي أن يتم العمل على تحقيق مضامينه العملية في وقت ليس بعيد.
  أن يتم توسيع نطاق العمل الوطني والتحالفات التي تؤمن ببنود هذا المشروع، لان إشراك اكبر عدد ممكن في تطبيق المشروع الوطني يفترض ان تتوفر له النوايا الصادقة والمستلزمات من أموال وقرارات وفرص عمل وظيفية وتشغيلية تجعل الناس تؤمن بإمكانية التعامل الايجابي مع المشروع الوطني لكي لايفقد بريقه ولكي يتم استيعاب مضامينه الوطنية بطريقة أفضل.

90

الانتخابات.... الوجه الآخر للديمقراطية
محمد حسن الساعدي
لا شك أن في فكرة الديمقراطية بريقاً قوياً خاصة بالنسبة للشعوب التي تعاني من القهر والاستبداد، وقد حول هذا البريق فكرة (الديمقراطية) من بُعد فكري ونظري لترتيب السياسة في المجتمع الى ممارسات عملية تتعلق بحريات أساسية منها حرية التعبير والتنقل والتنظيم وغيرها.
اليوم ونحن نعيش في خضم الصراع بين حكام الظلم والاستبداد وبين الشعوب المظلومة والمغلوبة وهي تريد أبسط الأشياء أن تعيش حياة الكرامة والعزة في أوطانها ، فكل من يخرج سلمياً وهو يريد من سلطان زمانه أن يلبي حاجاته فهو يعد خارجاً على القانون وكل ذلك يحدث بأسم الديمقراطية الحديثة فهناك نظرة ومفهوم خاطئ يتداوله بعض شراع المجتمع كون الديمقراطية تتناقض والفكر الإسلامي والديني الحنيف دون التبصر والتعمق  في البحث والمعلومة وقد يتجاهلون نزول الرسالة المحمدية جاءت لتحقيق العدل والمساواة والأخوة الإنسانية لبناء المجتمع القويم وفي سيرة الرسول (ص) خير أسوة ودليل فهم القدوة الإنسانية والرحمة والعدالة والإحسان وملجأ الفقراء والمعوزين وما فكرة الديمقراطية إلا امتداد وتطبيق لهذه الفلسفة والنظرية الربانية المحمدية إذ تطابق العقل والمنطق وبناء سليم للمجتمع الإنساني الحضاري فاحترام الفرد وحريته وعقيدته منهاج لحياته الكريمة والعيش الرغيد وإزالة الفوارق الطبقية والعنصرية والعصبية الجاهلية والناس كأسنان المشط سواسية في الحقوق والواجبات والتكاليف.فالديمقراطية ونهجها هو بناء دولة الدستور والقانون ومرتكزاتها المؤسسات الدستورية والفصل بين السلطات الثلاث والشعب مصدر السلطات، وديننا الحنيف جعل الأمر شورى بين المسلمين فكلنا راع وكلنا مسؤول عن رعيته.
الديمقراطية تؤمن الحرية للفرد وللمجتمع حرية الرأي والتعبير وحرية الصحافة والنشر وحق بناء التنظيمات الحزبية والنقابية والمجتمعات المدنية وديننا يحترم الحريات ويقول متى استعبدتم الناس وقد ولدتهم أمهاتهم أحرارا.
الديمقراطية تحقق العدل والتكافل الاجتماعي والعيش المشترك وحق التملك باعتباره وظيفة اجتماعية وحق العمل والضمان الاجتماعي والصحي وهذه الحقوق والمفاهيم هي موجودة في جميع الشرائع السماوية وبخاصة الإسلام.
الديمقراطية تتبنى الاقتصاد المنتج وهو اقتصاد السوق الحر وتشجيع القطاع الصناعي والزراعي الخاص لنهوض الطبقة الوسطى التي تعتبر عماد الدولة والسياسة والاقتصاد وتحجيم الفوارق الطبقية للمجتمع.الديمقراطية تؤمن بحرية الأديان والتسامح بين الأديان وتحترم ممارستها العقائدية وإبعادها عن المنزلقات السياسية وتحمي مكانتها وقدسيتها (تعالوا إلى كلمة سوء بيننا وبينكم، لكم دينكم ولي دين) الديمقراطية تتبنى حقوق المرأة وآدميتها وإنسانيتها كالتعليم والتعلم والتوظيف والعمل واستقلال ذمتها المالية والملكية وحقوقها السياسية كما كرمها وصان حقوقها الدين الحنيف حين وضع الجنة تحت أقدام الأمهات.فمن كل ما تقدم لم نجد أي تقاطع أو تعارض بين الديمقراطية والدين الحنيف بل متطابقان لخدمة المجتمع وتطويره وبنائه امة واحدة كالبنيان المرصوص علميا وحضاريا لأمنه وأمانه وحريته ومستقبله ومستقبل أجياله.
ختاماً ...
الانتخابات تمثل احد الحلقات المهمة في مسيرة الديمقراطية بالعراق، وأن كانت تسير ببطء إلا أنها بدت رصينة قبالة التجارب الأخرى في الوضع الإقليمي أو حتى الدولي،وعكس صورة التبادل السلمي للسلطة من الحكومات المتعاقبة في البلاد ، ما يعطينا أشارات مهمة أن الوضع السياسي في البلاد بدأ يأخذ طريقة نحو الاستقرار وعلى المكونات السياسية كافة أن تنظر لهذا الأمر بعين الجدية بعيداً عن لغة التسلط والاستحواذ، وان تتماشى مع الوضع الراهن بحنكة وسياسة تماشياً مع الجمهور والذي بدأ يعي جيداً أين هو في دائرة الأرقام .   

91
قراءة في بيان المرجعية الدينية العليا .
محمد حسن الساعدي
لم تدخر جهداً المرجعية الدينية العليا في بيان موقفها من المواقف العامة والخاصة في العراق بعد عام 2003،وعلى الرغم من تاريخها الطويل إلا إننا سنقتصر في سطورنا هذه على الدور المهم الذي مارسته في ظل احتلال للبلاد ، وفوضى وتهديد داخلي وخارجي،فقد استطاعت على الرغم من التهديدات المستمرة للإرهاب أن توحد صفوف العراقيين جميعاً بمختلف انتماءاتهم،وتوجه الرأي العام الداخلي نحو هدف بناء الوطن والدولة معاً،فكانت المكونات العراقية جميعها تثمن هذا الدور وهذا الموقف الذي أستطاع إن يوجه بوصلة العمل السياسي نحو صندوق الانتخابات، وبغض النظر عن السلبيات والنواقص،وما تلاها من عمليات الفساد المنظم، إلا أننا يمكن إن نعتقد إن ما حدث من نقلة مهمة في الديمقراطية كان شي جيد،واهم ما يمكن الخلوص له هو التبادل السلمي للسلطة الذي يعد نادراً في عالمنا العربي والإسلامي .
البيان الأخير للمرجع الأعلى سماحة الأمام السيد السيستاني كان لافتاً في مفرداته،فقد استخدم التشجيع والتحذير والإنذار للموطن العراقي في تأكيده على ضرورة المشاركة الفاعلة في الانتخابات، ومن خلال القراءة للبيان يمكن إن نستخلص مجموعة من الاضاءات أهمها : 
-  المرجعية الدينية شجعت على المشاركة ولكن قرنتها بالواعية المسؤولة(يعني إن تكون على قدر المسؤولية في الانتخاب) .
-  المرجعية وضحت إن رغم الملاحظات إلا إن الانتخابات ما زالت هي الوسيلة الوحيدة للوصول إلى بر الأمان .
-  المرجعية الدينية حذرت الجمهور من تكرار الخطأ السابق، وان يأخذوا الدروس في الانتخابات(صوتك من ذهب)، وركزت على استغلال هذه الفرصة التاريخية في إحداث التغيير المنشود....
-  إبعاد الأيادي الفاسدة، وهو أمر واضح أن أي أيدي فاسدة وسارقة للمال العام ينبغي إبعادها عن المشهد الانتخابي ،وهو أمر يمكن إن ينجح بتكاتف الجهود الواعية في الانتخابات.
-  تحذير من تكرار نفس الاختيار في الانتخابات الماضية ، وهذا ما حصل فعلاً ( بلد منهار، وأموال مسروقة ومهربة للخارج، وسوء إدارة) .
-  طبعاً كررت قرارها بعدم الوقوف مع أي كتلة او شخص وان الأمر متروك للمواطن نفسه في الاختيار وبما يحقق الاختيار الصائب .
-  ركزت في سير المرشحين في دوائرهم ، وهي رسالة واضحة في عدم انتخاب من تلطخت أياديهم بدم الأبرياء ، او من سرق المال العام .
-  أنتخاب الصالح النزيه ...
-  الحريص على سيادة العراق ومنع التدخلات بشأنه الداخلي ( التدخلات الداخلية والخارجية ) .
-  التحذير بعدم اختيار غير الأكفاء او المتورطين بالفساد أو أطرافاً لاتؤمن بثوابت الشعب العراقي الكريم او تعمل خارج أطار الدستور(الأحزاب والتيارات المنفلتة التي تعمل خارج نطاق القانون) .
-  التأكيد على دور المفوضية العليا بالعمل على نزاهة الانتخابات ومنع تدخل المليشيات المنفلتة، وإبعاد العصابات المنظمة عن أي تأثير للانتخابات القادمة وبما يحقق نزاهتها .
يبقى شي مهم أن على العراقيين جميعاً أنتخاب العراق وحده دو غيره، والذهاب إلى صناديق الاقتراع بثقة عالية في انتخابا الكفوء النزيه، والبعيد عن دوائر الفاسدين والقتلة ،وان يسعى جاهداً إلى إزاحة هذه القمامة التي جلبت الخراب والدمار للعراق وشعبه .

92
مؤتمر اربيل ...قول أقبح من فعل
محمد حسن الساعدي
يبدو أن هناك من تعود حياة العبودية للغير ، خصوصاً من يعتقد أن الخارج يمكن له أن يصنع أو يغير تاريخ بلده،وها هم اليوم نفس اللاهثين خلف موائد الذل المدعومة من الغرف الظلمة في واشنطن وتل أبيب، والذين يحاولون لحس أصقاع وفتات ما يجود به(مطبخ أبراهام) والمسموم بالخيانة للقضية الكبرى "القدس"،لذلك سعى شيوخ التبعية والعار إلى طمس انتمائهم حتى أمسوا مطية للأجنبي ضد بلادهم،وادخلوا ثقافة التبعية والعار،وهم بذلك يلوثون تاريخاً طويلاً للجهاد ضد الغاصب المحتل، محاولين بذلك القفز على تاريخ خطته الدماء ضد الاستعمار الصهيوني لفلسطين والقدس.
ما جرى في مؤتمر اربيل رسالة واضحة لمرحلة جديدة يجب على قادة البلاد ان ينتبهوا لها ومواجهتها، كونها تمثل مرحلة فاصلة في تاريخ العراق الحديث ، وتحدد وجود هذا الشعب وثوابته الإسلامية،حيث تدار هذه المؤامرة من قبل المؤسسات في واشنطن ولندن عبر دول الجوار وهي تمثل جس نبض للشارع العراقي ، خصوصاً مع حجم الأزمات التي يعيشها أمام سوء الإدارة في الدولة،لذلك تسعى هذه الدوائر إلى التمهيد لترسيخ فكرة السلام مع العدو الصهيوني عبر شعارات براقة لاتخلو من الخبث والدسيسة،خصوصاً بعد التغريدة التي أطلقها مسعود بارزاني حول إحياء الذكرى الرابعة للاستفتاء على الانفصال، ما يعني أن الصورة أصبحت واضحة في الدور التآمري على العراق.
مهما سعت الدوائر المغلقة سواءً على المستوى الدولي أو الإقليمي من خلال أياديها في الداخل أن تغير جوهر ومبادئ هذا الشعب فلن تستطيع، لان هناك ثلاث أسس يقف عليها شموخ وبطولات هذا للشعب، وهي المرجعية الدينية العليا التي وقفت أروع مواقفها في حماية الشعب من المخططات الخبيثة، وثانيها الحشد الشعبي المغوار الذي كان وسيظل السند الحقيقي للوطن والشعب العراقي،وكما كانت دماء الأمام الحسين (ع) يوم عاشوراء نبراساً للأجيال فان دماء الشهداء وفي مقدمتهم شهداء الحرية (سليماني والمهندس) والتي استطاعت أن تكون نبراساً للإيثار بالروح والنفس من اجل رفعة هذا الوطن وتحقيق آماله.
مؤتمر اربيل كشف زيف وادعاءات الكثيرين الذين ينادون بالوطنية،كما انه كشف حجم التآمر الذي يقاد من داخل العراق، ويحاك ضد إرادة الشعب المستضعف، لذلك ولكل ما تقدم فأن مثل هذه المحاولات لن تثني العراقيين من التمسك بحريتهم والسعي الجاد من اجل المشاركة الفاعلة في انتخابات تشرين والتي ستكون ثورة على كل المؤامرات والمخططات الرامية لتمزيق وحدة العراق وشعبه .     

93
انتخابات تشرين حقيقة أم نكتة؟!
محمد حسن الساعدي
أعتاد الشعب العراقي أن يكن مطية كل حاكم ومتسلط،وأمسى عبداً للشعارات الضالة المضلة التي أفقدته تماسكه وقدرته على التشخيص الصحيح لمستقبله،وتحديد بوصلة مصالحه العليا،بات بات يعيش حياة البؤس والحرمان والتهميش من قبل هواة السياسية والجهلة ومتصنعي الشعارات الكاذبة،دون أي معرفة بالمصلحة العليا للشعب المرتهن، والذي أستطاع أن يبقى صابراً طوال سنين والتي فقد فيها شخصيته الوطنية  وهويته ووجوده،وما إن تنفس الحرية حتى راح يتعبد الأصنام، ويسير خلف ديناصورات سياسية ملكت حقه بالوجود،وسيطرت على حياته مرة ثانية ،وأسرت قراره ومصيره معاً.
ظل الشعب العراقي يعيش حياة الخوف، ولم يشعر يوماً بثقافة الرأي وضرورة إن يكون قراره هو في صنع مصيره،ومع مرور أكثر من 17 عاماً على التغيير إلا انه ما زال يعيش حالة الخوف من القادم،ولا يعلم إن هذا الخوف من صنع نفسه وان المستقبل بيده لا بيد غيره،وظل يعيش حياة الخوف والتبعية للحاكم الظالم مهما كان شكله.
الأحزاب المتنفذة وباسم الدين عرفت نقطة ضعفه ألا وهي الدين والعقيدة، وعملت على إن تتحكم بحياته من خلال هذه النقطة، فاستخدموا العمامة زوراً وكذباً، حتى أمست هناك مقاطعات ووزارات وهيئات ودرجات خاصة يقودها المعمم الفاسد،وخير مثال في ذلك وزارة الكهرباء والصحة والعمل والشؤون الاجتماعية وغيرها تقاد من قبل معممين مهمتهم الوحيدة الإشراف على العقود وعمليات الشراء التي تقوم بها هذه الوزارات والاستحواذ على الكومشنات على إن تستخرج الأسهم حسب الأسبقية والأولى فالأولى والاهم من ذلك تكون النسبة الأكبر للصنم الأكبر وهكذا تتم عمليات السرقة وتهريب الأموال والعمالة ،حتى وصل الحال بعمامة الفساد إن تدخل في مديرية المرور العامة من خلال إدخال شركة سعودية تكون مسؤولة عن عمليات تحويل السيارات وإصدار وتجديد باجات إجازة السوق والسنوية، وبرسوم خيالية تصل  إلى أكثر من 100 مليون دينار يومياً . 
على الرغم من الأمل الكبير في الانتخابات القادمة والتي من المؤمل إن تجرى في العاشر من الشهر القادم،وعلى الرغم من كونها محطة مهمة من محطات التغيير الديمقراطي وتعدد خمس تجارب انتخابية سابقة،إلا إن هذه الآمال تكاد تكون ضعيفة في قدرتها في التغيير، لان المشاهد والمتابع يجد أن خيوط اللعبة السياسية تمسكها نفس الكتل التي سيطرت وسرقت القرار السياسي، مع بدء العد التنازلي لها، يجب أن تستهدف الانتخابات العراقية المقبلة ترسيخ الديمقراطية وليس الطائفية والحزبية والمناطقية وتمكين الأحزاب المتنفذة، فدعاية الانتخابات يجب أن تعتمد على إحداث التغيير، لكن التغيير المنشود والحقيقي لن يأتي من خلال أنتخاب وجوه متكررة ومعروفة ومكشوفة، مع هيمنة الأحزاب التي سيطرت على المشهد والقرار السياسي ، والتي تعيش الفساد والثراء الفاحش وتخدم مصالحها الخاصة، وترسخ السرقة والقتل والخيانة والتدمير وانتشار الأمية والمخدرات والفقر، وتضحك على الشعب بتصريحات رنانة تحت زعم حمايته من الإرهاب.

94
انتخابات تشرين مخاوف وهواجس
محمد حسن الساعدي
بدأ العد التنازلي لدخولنا لأهم وأقوى إنتخابات تجرى في العراق، فالقانون الجديد لم يفسح المجال أمام الكتل السياسية لعبور مرشحيها بسهولة، وإنما قوض ذلك من خلال صعود المرشح بأصواته مهما كانت، وهذا بحد ذاته أصبح احد الأدوات المهمة في التحول الانتخابي, ومنع أي سرقة أو تلاعب بالأصوات..
مع كل الإجراءات المهمة التي قامت بها المفوضية ولازالت, إلا أن هناك مخاوف جديرة بالوقوف عندها، كونها ما زالت تمثل تحدياً أمام الدولة, وهي قائمة وحقيقية ومشروعة، إلا أن هناك هواجس ما زالت مرشحة للظهور, كون هذه الانتخابات تمثل  الحد الفاصل بين ديمقراطية عام 2003 والديمقراطية الجديدة, التي قد تنهي حالة عسكرة المجتمع، وانتشار السلاح بين الناس، وتقويض سلطة العصابات المنظمة والخارجين على القانون، بما يحقق السلم والأمان  في البلاد، بعد أكثر من 17 عام مليئة بالصراعات والاقتتال الطائفي, خلفت الآلاف من الشهداء والجرحى .
هناك بعض المخالفات والتجاوزات, التي يمكن لها أن تؤثر على الحركة الانتخابية في تشرين القادم، ومن الضروري تشخيص هذه الحالات السلبية, بالاستفادة من الانتخابات الماضية ومنع تكرارها, وتحديد الثغرات لغرض إغلاقها في مجمل العملية الانتخابية القادمة، والتي منها "دور المراقب" حيث يمثل الأساس في مراقبة الانتخابات(ظاهراً) ولكن في نفس الوقت يعمل على التثقيف في داخل محطة الاقتراع، إلى جانب أن موظف الانتخابات لا يمكنه منعه, من أي تصرف يقوم به خارج سياق القانون والنظام الانتخابي، إلى جانب الخشية من هذا المراقب لأنه يمثل جهات سياسية, وهذه قد تمتلك سلاحا, ولا يوجد من يحمي الموظف الإنتخابي!
هناك مخاوف جدية من الكتل السياسية, التي شهدت تراجع في أدائها، ما يعني تراجعها جماهيرياً، وخسارة أصواتها التي حصلت عليها في الانتخابات الماضية، سواءً من خلال صناديق الاقتراع, أو من خلال عمليات التزوير المنظمة التي قامت بها، ما يعني أنها ربما تقوم بإعمال تؤثر على مصداقية الانتخابات ويمكن إبطالها، ومثل تلك المخاوف تعتبر جدية في قبالة الإجراءات, التي تقوم بها الحكومة لضمان امن الناخب والمرشح على حد سواء.
من الضروري الاهتمام بأمن الناخب والمرشح, على حد سواء من خلال تكثيف الجهد الأمني والإستحباري, في متابعة ومراقبة سير العملية الانتخابية قبل وخلال وبعد عملية التصويت، وإدامة الزخم في مراقبتها من قبل فرق الأمم المتحدة, والتي من المؤمل أن تكون مهمتها مراقبة العملية, وتقديم المقترحات اللازمة من اجل ضمان انتخابات نزيهة وشفافة، كما ينبغي للجهد الأمني, أن يأخذ طريقه من الآن, في حماية المرشحين ومنع أي أساليب تهديد أو استفزاز, تقوم بها بعض الكتل السياسية, والتي من شانها تؤثر على الصورة الانتخابية، من الضروري جدا تقديم تجربة انتخابية رائدة وفريدة تعكس حالة ديمقراطية, تستعيد بعضا من ثقة الناخب فيها, وتقدم نموذجا جديدا لديمقراطية ما بعد عام 2003.

95
ماذا بعد تشكيل حكومة طالبان ؟!
محمد حسن الساعدي
سعت الادارة الجديدة بقيادة جو بايدن الى التراجع قليلاً، بعد الانفجار المهول الذي سيصيب المنقطة وتحديداً " افغانستان"،حيث عمد الى الانسحاب السريع من هذا البلد الذي دمرته الحروب الاهلية من جانب، والاحتلال الاجنبي من جانب آخر،فما ان دخلت طلائع طالبان حتى بدأت صفحة دموية جديدة في هذا البلد،حتى أنفتحت قريحة المحللين والمتابعين، فمنهم من راى أن ماحدث في أفغانستان لايعدو كونه أتفاق مسبق بين واشنطن وطالبان والبعض الآخر رأى أن الامريكان انفسهم رفعوا أيديهم عن حلفائهم في المنطقة،كونه قد تعاض مع المصالح الامريكية العليا،في حين ان هناك من رأى أن ماجرى تن الحكومة الامريكية لايمكنها الاعتماد او العويل على حكومة أشرف غني الضعيفة في بسط سلطتها على البلاد،وعاجزة عن توحيد الشعب الافغاني ولكن هناك من ذهب اعمق من ذلك بان الولايات المتحدة بانسحابها من كابل فانها تريد ان تمارس ضغطاً على إيران عبر التهديد المستمر لحدودها مع افغانستان والتي تمتد الى حوالي 572 ميلاً ، وذلك عبر نظام متشدد يبقى تهديداً مستمراً لها ويمنع مشاريعها التوسعية في المنطقة.
ربما كل هذه التحليلات تدخل في باب الحقيقة والمنطق الواقعي، ولكن الاهم من ذلك كله هو العدوان اللدودان لواشنطن(الصين-روسيا) ويأتي الانسحاب من أجل إيقاف أو عرقلة التوسع الاقتصادي الصيني السريع في المنطقة والذي تجسد من خلال إحياء طريق الحرير والذي يهدف الى التغلغل الاقتصادي الصيني في المنطقة،ما يمثل تهديداً للنفوذ الامريكي وتحدياً لاقتصادها، ما ينعكس بالسلب على التوازنات في المنطقة، كما ان تأثير حركة طالبان سيركز على وتر المذهبية والعرقية، حيث تعتبر روسيا منطقة آسيا الوسطى ساحتهم وميدانهم الحيوي،ولايسمح لاي تأثير او تهديد للاستقرار فيه .
خرج الامريكان من كابل وتركوا خلفهم الشعب الافغاني بلا مستقبل يُذكر، كما ان حركة طالبان هي الاخرى مهما كانت أساليبها فتبقى غير قادرة على التعاطي مع شعبها والذي ينظر إليهلا بعين الريبة والشك،لذلك سعى قادة الحركة الى طمانة الشعب الافغاني وإرسال وفود الى كافة المذاهب والقوميات في البلاد من أجل طمانتهم ان طالبان لن تتدخل في خصويات الشعب الافغاني، ولكن الحقيقة انهم بداوا بملاحقة مناوئيهم من القيادات السياسية القديمة التي وقفت ضدهم، كما انها بدات بملاحقة من تعاون مع الامريكان،الامر الذي يهدد الوضع الداخلي بالاشتعال .
العالم ينظر بعين الترقب على الاوضاع في أفغانستان ، وعلى الرغم من الزيارات التي قام بها الوفود من حركة طالبان الى دول الجوار للتهدئة والطمانة،الاانها ما زالت تنظر الى الوضع الداخلي بترقب ولنم تثق بطالبان او أي حكومة يمكن ان تنتجها حركة طالبان،لذلك سيبقى الوضع الداخلي الافغاني حديث الساعة وسيبقى باب التحليل مفتوح لاي مستجدات جديدة قد تحول او تغير الواقع على الارض .
 

96
إنتخابات العراق.. تحديات وفرص.
محمد حسن الساعدي
مع بدء العد التنازلي وإقتراب موعد الإنتخابات المبكرة, المقرر إجرائها في العاشر من تشرين القادم, والأحزاب والكتل السياسية تستعد للمشاركة، وسط تكهنات بأنها ستكون حامية الوطيس، وتحمل الكثير من المفاجئات..
باتت هذه الانتخابات تشغل الكثير من الأطراف المحلية والإقليمية والدولية ووسائل الإعلام ، والتي تنظر لها بعين الحذر والترقب.. وكل هذا يجري وسط تخوف الكتل السياسية عموماً من المشاركة فيها.. خصوصاً وأنها ستكون انتخابات فريدة من نوعها، لأنها ستحدد شكل الطبقة السياسية القادمة التي ستحكم البلاد، وهل سيكون هناك تغيير في شكل ونوع تلك الطبقة, ام أنها ستكون عملية تدوير للوجوه التي سيطرت على المشهد السياسي منذ عام 2003 ولحد الآن!
الأحزاب والتيارات في معظمها أعلنت مشاركتها، وان كانت متخوفة ولكنها قررت أن التواجد أفضل من الغياب، في تلك الإنتخابات المبكرة والتي جاءت بعد الاحتجاجات الشعبية التي سادت البلاد, وأسقطت حكومة السيد عبد المهدي أواخر 2019.. وبعدها منحت حكومة السيد الكاظمي الثقة لتثبيت الامن البلاد وصولاً لإجراء الانتخابات المبكرة،وهذا ما جعل الجهور متخوف من الانتخابات القادمة ومدى مصداقيتها في تغيير الوجوه التي عكست الفشل في ادارة الدولة..
هذا التخوف قد ينعكس على نسبة المشاركة, يضاف له حملات تقودها جهات وتيارات سياسية, لدفع الجمهور بعيدا عن المشاركة, فكلما قلت نسبة المشاركة كان لحضور جمهورها الحزبي تأثير أكبر, علما أن الإنتخابات التي سبقتها والتي جرت في 2018 بلغت نسبة المشاركة فيها أقل من 45%..
البرلمان من جهته صادق على, إجراء الانتخابات المبكرة في موعدها المقرر، وشرعت قانونها, الذي قسم العراق الى (83) دائرة انتخابية مختلفة، عكس القوانين السابقة والتي تتيح للمرشح نيل الأصوات بعدة دوائر انتخابية، وهذا بحد ذاته يعطي فسحة اكبر للمرشح, للاقتراب من الجمهور, وان يكون ممثلا حقيقياً عن هذه الدائرة.. الأمر الذي جعل الأحزاب تعيد خططها للمشاركة، وضرورة الاعتماد على مرشح يكون مقبولاً في تلك البيئة الانتخابية، الأمر الذي يجعل المقعد في البرلمان لمن يفوز بأكبر عدد الأصوات في دائرته الانتخابية تحديدا.
قانون الانتخابات الجديد، ربما يضيق فرص الدماء الجديدة المشاركة، وفرصة اكبر للأحزاب الكبيرة المهيمنة على المشهد السياسي ، ولكن ربما تكون هناك فرصة جيدة إذا ما أحسنوا إستثمارها، من خلال تغيير مبادئ اللعبة الانتخابية والاقتراب من الجمهور أكثر، مما يمنحهم فرصة اكبر في الفوز.. فصار ضروريا أفساح المجال أمام هذه الأحزاب الفتية لإبراز نفسها، وتشجيعها على المشاركة بالانتخابات،كما يفترض على الحكومة الاتحادية توفير سبل نجاحها, من خلال توفير الامن الانتخابي للمرشح والناخب على حد سواءً، منعاً لتكرار مشهد التهديد الذي مارسته الجهات المسلحة بحقهم في الانتخابات الماضية .
من وجهة نظر ربما تقبل الصحة والخطأ, يمكن القول أن مشكلة العراق تعود للنظام السياسي وطبيعته، إضافة الى شكل الدستور العراقي الذي حمل صبغة مذهبية وقومية، وقسم البلاد والعباد، ليدخل البلاد في نفق الفوضى السياسية والتقلبات ومبدأ "التوافقية " الذي جمد أي تغيير سياسي, يمكن ان يعتمد عليه مستقبلاً،لذلك تقع مسؤولية كبيرة ومهمة على البرلمان القادم، الا وهي تعديل الدستور وبما ينسجم وطبيعة المرحلة, التي تتطلب الخروج من التوافقية الى مبدأ "الاغلبية والمعارضة" وان تاخذ الاغلبية دورها في الإدارة, امام الدور الرقابي الذي ينبغي ان تقوم المعارضة، وهذا هو سياق طبيعي في بلد عانى من ظلم الحزب الواحد والشمولية المقيتة .
يبقى شي مهم ينبغي على السلطة القضائية الالتفاف إليه, وهو منع تسرب الفساد الى بيع المقاعد البرلمانية والمناصب التنفيذية،وكأن هذه الاحزاب تعمل بمبدأ "القومسيون" الذي يمنح المقعد التشريعي والتنفيذي بالمال،بعيداً عن اي مقياس سياسي يعتمد الكفاءة والنزاهة، حتى وصل الحال أن تكون هناك بورصة لتقييم المقعد التشريعي او التنفيذي..فإن نجحت كل تلك الجهات في إنجاز نسبة عالية من ماهو مطلوب منها, ربما سنشهد بداية لتغيير ينجح في نقل حال البلد إلى شكل أخر كلنا نتمناه, في عملية قد تكون واحدة من الفرص النادرة التي تمككنا من التغلب على التحديات.

97
مع بدء العد التنازلي وإقتراب موعد الإنتخابات المبكرة

محمد حسن الساعدي
مع بدء العد التنازلي وإقتراب موعد الإنتخابات المبكرة, المقرر إجرائها في العاشر من تشرين القادم, والأحزاب والكتل السياسية تستعد للمشاركة، وسط تكهنات بأنها ستكون حامية الوطيس، وتحمل الكثير من المفاجئات..
باتت هذه الانتخابات تشغل الكثير من الأطراف المحلية والإقليمية والدولية ووسائل الإعلام ، والتي تنظر لها بعين الحذر والترقب.. وكل هذا يجري وسط تخوف الكتل السياسية عموماً من المشاركة فيها.. خصوصاً وأنها ستكون انتخابات فريدة من نوعها، لأنها ستحدد شكل الطبقة السياسية القادمة التي ستحكم البلاد، وهل سيكون هناك تغيير في شكل ونوع تلك الطبقة, ام أنها ستكون عملية تدوير للوجوه التي سيطرت على المشهد السياسي منذ عام 2003 ولحد الآن!
الأحزاب والتيارات في معظمها أعلنت مشاركتها، وان كانت متخوفة ولكنها قررت أن التواجد أفضل من الغياب، في تلك الإنتخابات المبكرة والتي جاءت بعد الاحتجاجات الشعبية التي سادت البلاد, وأسقطت حكومة السيد عبد المهدي أواخر 2019.. وبعدها منحت حكومة السيد الكاظمي الثقة لتثبيت الامن البلاد وصولاً لإجراء الانتخابات المبكرة،وهذا ما جعل الجهور متخوف من الانتخابات القادمة ومدى مصداقيتها في تغيير الوجوه التي عكست الفشل في ادارة الدولة..
هذا التخوف قد ينعكس على نسبة المشاركة, يضاف له حملات تقودها جهات وتيارات سياسية, لدفع الجمهور بعيدا عن المشاركة, فكلما قلت نسبة المشاركة كان لحضور جمهورها الحزبي تأثير أكبر, علما أن الإنتخابات التي سبقتها والتي جرت في 2018 بلغت نسبة المشاركة فيها أقل من 45%..
البرلمان من جهته صادق على, إجراء الانتخابات المبكرة في موعدها المقرر، وشرعت قانونها, الذي قسم العراق الى (83) دائرة انتخابية مختلفة، عكس القوانين السابقة والتي تتيح للمرشح نيل الأصوات بعدة دوائر انتخابية، وهذا بحد ذاته يعطي فسحة اكبر للمرشح, للاقتراب من الجمهور, وان يكون ممثلا حقيقياً عن هذه الدائرة.. الأمر الذي جعل الأحزاب تعيد خططها للمشاركة، وضرورة الاعتماد على مرشح يكون مقبولاً في تلك البيئة الانتخابية، الأمر الذي يجعل المقعد في البرلمان لمن يفوز بأكبر عدد الأصوات في دائرته الانتخابية تحديدا.
قانون الانتخابات الجديد، ربما يضيق فرص الدماء الجديدة المشاركة، وفرصة اكبر للأحزاب الكبيرة المهيمنة على المشهد السياسي ، ولكن ربما تكون هناك فرصة جيدة إذا ما أحسنوا إستثمارها، من خلال تغيير مبادئ اللعبة الانتخابية والاقتراب من الجمهور أكثر، مما يمنحهم فرصة اكبر في الفوز.. فصار ضروريا أفساح المجال أمام هذه الأحزاب الفتية لإبراز نفسها، وتشجيعها على المشاركة بالانتخابات،كما يفترض على الحكومة الاتحادية توفير سبل نجاحها, من خلال توفير الامن الانتخابي للمرشح والناخب على حد سواءً، منعاً لتكرار مشهد التهديد الذي مارسته الجهات المسلحة بحقهم في الانتخابات الماضية .
من وجهة نظر ربما تقبل الصحة والخطأ, يمكن القول أن مشكلة العراق تعود للنظام السياسي وطبيعته، إضافة الى شكل الدستور العراقي الذي حمل صبغة مذهبية وقومية، وقسم البلاد والعباد، ليدخل البلاد في نفق الفوضى السياسية والتقلبات ومبدأ “التوافقية ” الذي جمد أي تغيير سياسي, يمكن ان يعتمد عليه مستقبلاً،لذلك تقع مسؤولية كبيرة ومهمة على البرلمان القادم، الا وهي تعديل الدستور وبما ينسجم وطبيعة المرحلة, التي تتطلب الخروج من التوافقية الى مبدأ “الاغلبية والمعارضة” وان تاخذ الاغلبية دورها في الإدارة, امام الدور الرقابي الذي ينبغي ان تقوم المعارضة، وهذا هو سياق طبيعي في بلد عانى من ظلم الحزب الواحد والشمولية المقيتة .
يبقى شي مهم ينبغي على السلطة القضائية الالتفاف إليه, وهو منع تسرب الفساد الى بيع المقاعد البرلمانية والمناصب التنفيذية،وكأن هذه الاحزاب تعمل بمبدأ “القومسيون” الذي يمنح المقعد التشريعي والتنفيذي بالمال،بعيداً عن اي مقياس سياسي يعتمد الكفاءة والنزاهة، حتى وصل الحال أن تكون هناك بورصة لتقييم المقعد التشريعي او التنفيذي..فإن نجحت كل تلك الجهات في إنجاز نسبة عالية من ماهو مطلوب منها, ربما سنشهد بداية لتغيير ينجح في نقل حال البلد إلى شكل أخر كلنا نتمناه, في عملية قد تكون واحدة من الفرص النادرة التي تمككنا من التغلب على التحديات.

98
العراق في ظل الفساد الى اين ؟!!
محمد حسن الساعدي
منذ ثمانية عشر عاماً والشعب العراقي يواجه محن لاحصر لها ،اليوم، نجد أنفسنا في حالة استسلام للواقع المزري، فلا نحن قادرون على مقاومته ، ولانحن مستعدون حتى للاستسلام له ، وتلك محنة كبرى حين يعجز المرء عن فعل شيء، ولا يستطيع أن يقبل بالتعايش مع واقعه .
قبل أكثر من عشر سنوات تقريباً، حين تشكلت حكومة السيد المالكي في العراق تعهد أنه سيضع حداً للإرهاب، وتقتيل للشعب العراقي، وجعل ذلك في  مقدمة أولوياته، وقبلنا بذلك مع إن الخدمات التي تشكل قوام حياتنا، كانت منهارة، وماشيناه في ذلك، وقبلنا تحت ضغط أولياته !
وانقضى العام الأول وزحف نصف العام الثاني، وبدأ الإرهاب يتراجع ببطئ، وفرح الشعب العراقي بذلك ، وتأملنا خيراً في الأيام القادمة  وان الايام القادمة من حكم المالكي، ستتجه نحو تحسين ظروف عيشنا. وانقضت السنة الثانية أيضاً، من دون أن يحصل أي تحسن في مجالي الأعمار والخدمات وفي مطلع السنة الثالثة، وطل علينا رئيس الحكومة السيد الكاظمي ليقول أن سنة الأعمار والبناء قد بدأت وحين تصرمت أيامها ثقيلة لاحظنا أن وباء آخر، غير الإرهاب، جعل من كل خطط الكاظمي للنهوض بالبلد والشعب تذهب من دون فائدة، وإن الأعمار والبناء يحتاجان إلى ثلاثة عوامل كي ينجحا، أول هذه العوامل هو المال. وثانيهما هو الخبرة ووضع الرجل المناسب في المكان المناسب، وثالثهما هو الوقت .
وظل الأعمار حبراً على ورق، أو حديث إعلام من دون أن يتحقق، ولو قدر بسيط منه،إلا أن تلك الحال، حال المال الفائض وقلة الخبرة والزمن المهدور بلا فائدة، قد انتج فساداً مالياً وإدارياً يشبه (زلزال تسونامي) إلى حد كبير . ومع إن الفساد بنوعيه (المالي والاداري) لم يكن وليد هذا الحال المتأخر للعراق وشعبه، إلا انه ، أي الفساد، وجد بيئته المناسبة وحظي برعاية كبار المسؤولين من جهة، وانعدمت الرقابة الشعبية، لأن لا احد يقرأ أو يسمع وسائل الاعلام في طرحها لقضايا الفساد، وحتى إذا ما وجد ذلك الأحد، فأنه لايكترث وكأن الأمر لايعنيه أو يزعجه !
اكثر من ثمانية عشرعاماً انقضت من دون أن يتقدم العراق خطوة واحدة إلى الأمام، وهذا لايعني إن الحكومات المتعاقبة نجحت في التغيير ولكنها متهمة بالفساد بشكل مضطرد،وبناءً على كل ما تقدم  ، أنا على يقين ، بان البلد تتجه نحو الهاوية، ولن توقفها عن لقاء هكذا مصير تصريحات وشعارات مع خصومة السياسيين،فالسيد رئيس الحكومة كما يحلو له وصف حكومته، يكاد يكون منعزلاً عن الواقع،بل إنه لايدري بما يعانيه العراقيون من ضيق العيش،وقد تحولوا في كسب رزقهم من الزراعة والصناعة والتجارة إلى البحث في المزابل،نعم، هكذا وعلى امتداد النهار ترى الآلاف من العراقيين يبحثون في المزابل عن القناني الفارغة أو الأدوات المستهلكة ليبيعونها ثم يأكلوا خبزاً بثمنها !
بلد الثلاثين مليون مواطن، والذي يزيد دخله السنوي على مئة مليار دولار، لايجد أبناءه سبيلاً للعيش غير البحث المضني في القمامة. بينما تجد الكثير من المسؤولين يسرقون المال العام وبه يعمرون بلداناً أخرى !
وأخيراً ، أعتقد انه لا السيد الكاظمي ولاغيره من السياسيين القابضين على السلطة، يملكون رؤية واضحة عما هو مطلوب منهم أو يترتب عليهم ولا اعتقد أيضاً بأن تغييراً جذرياً سيحصل من دون هولاء الساسة، فنحن نسير غير مخيرين إلى مصير لايعلمه إلا الله .

99
الإرهاب والفساد.. وشجاعة الحكومة.
محمد حسن الساعدي
قد نتفق كلنا بداية أن جذور الإرهــاب في العراق ينبغي قلعها تماماً، ولكن ما يعيق تنفيذ هذا الامر, أنه اصبح أداة دولية وتجارة رائجة بيد قوى أقليمية وعالمية..
هذا بالضبط مثلما أريد للعراق أن يكون (سوقا مفتوحة) لهذه التجارة الخبيثة، لما يمتلكه من خيرات وما يتمتع به من موقع جغرافي مهم, في المنطقة التي اصبحت هدفاً من قبل القوى الكبرى, للسيطرة عليها الأمر الذي جعل منه منطقة صراع على النفوذ, وأبعاد إسرائيل عن التوتر مع العرب، وصنع جبهة داخلية فيما بين الاسلاميين انفسهم ( الاسلام المعتدل والمتشدد).
المنطقة التي يتحرك فيها الإرهاب, بطرق وخطط مدروسة ينفذ فيها عمليات نوعية, تخلو تماما من الإنسانية والرحمة في الاستهداف, ولا تنتمي الى الإنسانية حيث القتل العشوائي للأبرياء، وتقطيع أشلاء الناس بدم بارد, وكأن المستهدف من وراء ذلك هو الشعب العراقي، وكل ذلك العمل الخبيث تم تحت أسم (الجهاد) الذي لايمت بأي صلة الى اسلامنا المحمدي بأية صلة..
هذا الكائن المسخ كان يتحرك وفق أجندات, لإعادة المعادلة السابقة والظالمة, ووفقا للمصالح السياسية.. بل تبين لاحقا أن هناك بعضا من ساسة العراق الجدد, وخاصة أولئك الطامحون الى, إبقاء الدولة العراقية ضعيفة ومفككة, أو المهيمنون على المواقع الحكومية الحساسة بطريقة المحاصصة بمعزل عن الكفاءة والمهنية, مع أنهم اليوم الأعلى صوتا والأكثر صراخا, في انتقادهم للفساد الإداري والأداء الحكومي في العراق!
الاختراقات المتكررة للمناطق الرخوة من قبل الإرهاب, خير دليل على وجود حاضنة له داخل ما يسمى (بحكومة الشراكة الوطنية) وتسعى هذه بدورها, لإفشال الوضع برمته أو على الأقل ترسيخ الاعتقاد السائد بأن ما يجري في العراق هو (مشروع فاشل)..     تعرّضت المنطقة الخضراء للعمليات الإرهابية مرات عدة, رغم كثافة القوات الأمنية والطوق الأمني المحيط بالمنطقة, وكذلك الوزارات العراقية.. ناهيك عن الأسواق الشعبية والمناطق الآهلة بالمدنيين العزل, وأخرها ما حصل في الطارمية وكركوك..
من المهم التأكيد على ضرورة ان يأخذ الجانب الامني والإستخباراتي, دوره في ملاحقة فلول الارهاب وحواضنه اينما كانت، فما شاهدناه من انفجارات يعكس التراجع الواضح, للحكومة والأجهزة الامنية من جهة, وقدرة الارهاب على التواجد والضرب النوعي, في اي مكان وأي وقت يختاره.. فمن الشجاعة ان تعترف الحكومة, بعدم قدرتها على مسك زمام الامن والمحافظة على دماء الناس، ومن الشجاعة عندما تعترف الحكومة ورئيسها, بعجزها عن الوقوف أمام مافيات الفساد السياسي, وعصابات الجريمة المنظمة والقتل, وتقول للشعب العراقي نعتذر من لأننا لم نحفظ دماءكم .

100
المنبر الحر / الرقص مع الشياطين
« في: 22:40 07/09/2021  »
الرقص مع الشياطين
محمد حسن الساعدي
تفنن ساستنا الأشاوس وتلاعبوا بمستقبل البلاد والعباد "فأخترعوا" قواعد لكل شي، ولكن لما ينفعهم فقط دون أي منفعة للبلاد والشعب المرتهن، فكتبوا كل شي بما يصب في جيوبهم، ووضعوا الدستور والقوانين كما يروق لهم ووفق أهوائهم.. فسرقوا ونهبوا وقتلوا وكل هذا تحت مظلة القانون.. هذا القانون الذي سخر لهم كل شي، فأصبح السياسي يسلب وينهب ويقتل، وعندما تمتلئ جيوبه، ويريد أن يعتزل السياسة، يحصي ما نهب ويدفع "براءة للذمة" عن عمليات السرقة المنظمة والقتل لكل من كان يخالفهم، أو حتى من يحاول أن  يكشف هذه العمليات.
الانتخابات المبكرة في 10/10 أصبحت واقع حال وعلى الجميع أن يتعامل معها بجدية،فالحديث عن تأجيلها هو احد وسائل التنافس الانتخابي والسياسي من خلال جعل القوى السياسية تعيش حالة الاسترخاء وعدم التحرك باتجاه الناخبين،كما أن الدعوة إلى تأجيلها يدخل في خانة تثبيط الناس ومنعهم من المشاركة بإشاعة الأخبار الكاذبة والسلبية وسيادة الإحباط في المجتمع،وذلك لان انخفاض نسبة المشاركة تخدم العديد من الجهات السياسية،إلى جانب كونها أهم معايير نجاح حكومة الكاظمي،وعدم أقامتها في موعدها المحدد يعني الفشل في أنجاز هذا الهدف المهم من أهداف تشكيل حكومته ألا وهو الانتخابات المبكرة،والاهم من ذلك كله الموقف المرجعي الواضح جداً كان ولا يزال يذهب باتجاه التأكيد على إقامة الانتخابات المبكرة .
الموقف الإقليمي هو الآخر مع إجراء الانتخابات المبكرة وهو ما أوضحته العديد من التصريحات والبيانات الداعمة للانتخابات،وذلك لان من مصلحة الدول الإقليمية التهدئة والاستقرار في المنطقة،وان الانتخابات العراقية احد أهم مداخل التهدئة فيها.
الموقف الأمريكي أعرب عنه الرئيس بايدن في لقائه بالسيد الكاظمي في واشنطن حيث تحدث بصراحة بدعمه المباشر لإجراء انتخابات مبكرة في العراق،لان الموقف الأمريكي أصبح أكثر تشدداً بعد أحداث أفغانستان لان نجاح التجربة العراقية يعني أن أمريكا تريد النجاح للدول التي تدخلت فيها وان فشل التجربة الأفغانية سببه المباشر هو الحكومة الأفغانية نفسها .
الموقف الدولي هو الآخر أكد على ضرورة إجراء الانتخابات في موعدها المقرر،وهو ما أكدت عليه البعثات الدولية الرسمية،حيث أكملت بعثة اليونامي تعاقداتها مع المراقبين وان مدة العقود تنتهي يوم 17/10 غير قابلة للتمديد لان فيها التزامات مالية، لان المجتمع الدولي فيما يمنح الأموال لليونامي أشترط إقامة الانتخابات وان تأجيلها يرغم الأخيرة على إعادة الأموال إلى تلك الدول المانحة .
الوضع السياسي الداخلي ينظر للانتخابات على إنها السبيل الوحيد لمنع أي فوضى يمكن أن تساهم بإضافتها وسلبها أي استحقاق سياسي أو حكومي قادم،وان هذه الانتخابات هي السبيل الوحيد لإعادة تنظيم الأمور والدخول إلى الانتخابات بهدوء عالي في المشهد الانتخابي والسياسي على حد سواء.
المفوضية من جانبها أكدت أنها أنهت الاستعدادات وهي جاهزة لإجراء الانتخابات، وان عدم أجرائها يعني فشل حكومة الكاظمي في الإيفاء بوعودها التي قطعتها للشعب العراقي،لذلك فان هذه المواقف وغيرها أصبحت مصد لأي محاولة من قبل الأحزاب الفاسدة والتي لاتريد للمشهد السياسي أن يتغير أو يتقدم وتحاول بأي وسيلة كانت منع إجرائها لتحافظ على مكانتها وإمبراطوريتها الفاسدة،وأمست حكومة ظل وسيطرة على القرار السياسي والسيادي في البلاد،وتتحكم بمقدرات الشعب العراقي ومستقبلة،لذلك ينبغي العمل وبجدية للاستعداد للانتخابات بكل الإمكانيات المتاحة والممكنة،وذلك من اجل مشهد انتخابي شفاف يطرد فيه الفاسدون وسراق المال العام، ويظهر جيل جديد قادر على النهوض بالبلاد وفق مبدأ"المعارضة" التي تعمل على تقييم وتقويم العمل السياسي،وكل ذلك يأتي من خلال حماية الناخب والمرشح على حد سواء من بطش مافيات القتل،لان الانتخابات القادمة ستكون مفصلية بين الاستقرار والفوضى .

101
قمة بغداد..خطوة على الطريق.
محمد حسن الساعدي
كلنا متفقون في ضرورة عودة العراق، إلى حاضنته الإسلامية والعربية، ويكون محورا للعمل السياسي العربي القادم، ويكون ثيمة إنهاء الصراع في منطقة الشرق الأوسط..
قمة بغداد  مصداق حي لهذه المبادرة، التي أخذتها الحكومة على عاتقها، في دعوة الأشقاء من الدول المجاورة، لحضور قمة جوار العراق، ليكون فاتحة خير في فتح صفحة جديدة، للعلاقة بين العراق وجيرانه ، وطاولة للحوار بين الأشقاء العرب وبحضور إيران وفرنسا.
قمة بغداد تهدف إلى دعم العراق معنوياً، في أثبات استقراره السياسي ونظامه الدستوري، ويأتي ذلك من خلال تغيير الانطباع السائد، أنه صار ساحة لتصفية الحسابات والصراعات، في حين أن بغداد أصبحت مكان لالتقاء المصالح بين هذه الدول..
هذه القمة عكست قدرة الدولة العراقية، على أن يكون لها دور وموقف سياسي من قضايا الأمة الإسلامية أجمع، كما انه عكس قدرة الحكومة العراقية، في استضافة قادة دول الجوار، للحوار وتبادل الرأي بكل ما يدور، من محن ومشاكل تمر بها المنطقة، كما أنها أطلقت رسائل مهمة بأن العراق غادر مرحلة أللاستقرار والتهديد الإرهابي، ويعد اليوم محطة دولية مهمة يجتمع فيها الفرقاء.
أن مؤتمر دول الجوار يأتي مكملاً لتلك الخطوات، التي عملت عليها حكومة الكاظمي منذ عام، بغية تحقيق عودة عراقية آمنة، وأكثر ثباتا وفاعلية نحو الفضاء الدولي وتحديداً الخليجي منها.. كون أغلب مشاكل العراق التي يعاني منها هي بسبب جيرانه، وما حضور دول الجوار وجلوسهم على طاولة واحدة، وفتح حوار صريح، يمهد لإنهاء حالة الصراع، التي كان العراق أكثر المتضررين منها، لذلك كان لابد أن تكون بغداد محطة لالتقاء المصالح، وما يمكن أن يستفيده العراق، من هذا الدور المهم والحيوي، في منطقة تكثر فيها الصراعات،وهي خطوة في طريق طويل، لاستعادة مكانته الطبيعية..
ربما لن يكون للمؤتمر، أي آثار على الوضع السياسي الداخلي، ولن يكون احد أدوات الحل فيه، ولكن يأتي هذا المؤتمر في ظل انتخابات برلمانية، ستجري في العاشر من تشرين القادم، لذلك تحاول حكومة السيد الكاظمي تحقيق اكبر قدر من الانجازات، من أجل تسويق نفسها داخلياً وخارجياً ، والذي يعتبر المؤتمر مدخلا جيدا لهذا التسويق ، وبالمقابل هناك جهات تحاول إفشال هذا المؤتمر إعلامياً.
يعتقد وكما يرى كثير من المنصفين، أن مثل هكذا مؤتمرات، من شانها تصحيح الصورة السوداوية للعراق وتحسينها أمام العالم، لان هذا المؤتمر يمثل العراق كدولة، ولا يمثل أي مسؤول في الدولة.. وأي نجاح له يعتبر نجاح للعراق وشعبه، وأن الخلافات الداخلية ينبغي أن تبقى داخلية، ومهما اختلف السياسيون فان العراق يبقى سقفهم .

102
واشنطن وتجاربها.. بين العراق وأفغانستان .
محمد حسن الساعدي
سعت الإدارة الأمريكية الجديدة بقيادة بايدن، الى التراجع قليلاً في مواقفها من العالم، بالعكس من سياسة ترامب التي إعتمدت إستراتجيتها على افتعال الأزمات في العالم، والتدخل في كل شبر في الكرة الأرضية..
المتابع للمواقف الأمريكية يجد أن بايدن ومنذ الوهلة الأولى ثبت نظرية "أمريكا أولاً" وبعدها الأخرون، لذلك وكأول خطوة قام بها هو الانسحاب من أفغانستان، وتسليمها إلى عدوه اللدود " حركة طالبان"والتي كان لها، تاريخ دموي طويل مع الشعب الأفغاني، وها هي اليوم تتربع على حكمه من جديد، وتتحكم بمصير شعبه..
على الرغم من أن التسليم الرسمي للسلطة لم يتم بعد، المعلن أنه سيكون في الأول من أيلول، إلا أن حركة طالبان كانت أسرع في مسك الأرض، والسيطرة على الحدود،وبدء مطاردة مناوئيها حتى وصل الحال، إلى سحب سلاح حمايات الشخصيات الأفغانية، كالرئيس الأسبق حامد كرزاي ووزير خارجيته عبدالله عبدالله،ما جعل حياة هولاء مهددة بالخطر، ويكونوا تحت بطش طالبان أي وقت يشاءون،وإبقائهم تحت الإقامة الجبرية والمتابعة من قبل عناصر طالبان .
واشنطن التي كانت تمتلك أكثر من 300 ألف جندي أمريكي في أفغانستان، وقدمت الكثير من القتلى في حرب لا تعلم نهايتها مع عصابات التجأت إلى الجبال، وتمارس حرب شوارع مع القوات الأمريكية، وجدت نفسها قد خسرت هذه الحرب، مع كلفة مالية تقدر بـتريليون دولار، فالجيش الأفغاني لم يكن على قدر المسؤولية في حماية شعبه من تهديدات طالبان المتكررة ،وهرب في أول مواجهة مع عصاباته، فيما وجدت واشنطن نفسها قاصرة النظر في بناء جيش أفغاني قوي، وان جهودها قد باءت بالفشل الذريع، فسيطرت طالبان علة الولايات، وبهذه السرعة كان بمثابة صدمة لواشنطن، والتي كانت تتوقع إن هناك جيشاً يمكن أن يحمي الأرض والشعب الأفغاني .
الولايات المتحدة بإدارتها الجديدة حددت هدفها الأساس، واتجهت في صراعها نحو الشمال(الصين-روسيا)حيث وجهت بوصلتها نحو هذين الخصمين،اللذان سبقاها بخطوات نحو طريق الحرير، كما أن واشنطن تسعى إلى فتح جبهة صراع في غرب إيران ، وجعلها تحت تهديد مستمر، ما يجعل طهران قلقة دوما ،وتحت التهديد ما يعرقل ويعطل آمالها في تقدم مشروعها النووي.
التجربة العراقية اختلفت تماماً عن التجربة الأفغانية، فالعراق بلد متعدد الأعراق والطوائف، وتعايشت هذه المكونات بصورة سلمية مع بعضها البعض،وعلى الرغم من المعوقات التي رافقت الحكومات المتعاقبة،وملفات الفساد الكبيرة والخطيرة التي تلاحق الرؤوس الكبيرة في جميع الحكومات التي تشكلت بعد عام 2003،ألا إن هناك خطوات رغم بطئها كانت ثابتة،فالانتخابات البرلمانية أجريت حسب توقيتاتها الدستورية، وتشكلت حكومات عبر التبادل السلمي للسلطة، دون أي معوقات أو مشاكل،وكُتب دستور رغم الثغرات التي رافقت تشكيله إلا أن هناك خطوات مهمة تحققت في هذا الجانب .
أستطاع العراقيون من الوقوف بوجه الإرهاب الداعشي، وحماية وطنهم من التقسيم الطائفي، فهبوا بكافة طوائفهم، ونهضوا للوقوف صفاً واحداً بوجه هذا التهديد ، واستطاعوا من تسجيل أروع ملاحم النصر، على هذه العصابات الإرهابية، وتحرير أرضهم من دنس الدواعش..
ما رافق الاحداث السابقة يجعل الرؤية واضحة، أن الولايات المتحدة غير جادة، في أي شعار ينطلق من بيتها الأبيض، وأن الشعوب هي من تقرر مصيرها، لان واشنطن لم تنظر يوماً إلى الشعوب بقدر نظرتها إلى مصالحها هناك .

103
الانتخابات العراقية بين الإجراء والتأجيل .
محمد حسن الساعدي
تعد الانتخابات من وجه نظر المختصين بالشأن السياسي هي الوسيلة التي بموجبها يختار المواطنون نوابهم وممثليهم في مجلس النواب،وهم الذين يسندون إليهم مهام ممارسة الحكم نيابيا عنهم سواء على المستوى السياسي ( البرلمان) أو على مستوى المرافق المختلفة ( اجتماعية، ثقافية، اقتصادية).لذلك هي الوسيلة التي يعبر عنها المواطن في اختيار ممثليه في عموم مؤسسات الدولة ، بدءً من مجلس النواب ، وانتهاءً بالمجالس المحلية ، وهي تكون حرة مباشرة ،يكون هولاء الممثلين ، نواباً للموطن الذي اختارهم في الدفاع عن حقوقهم ، او المساهمة في سنّ قوانين تخدم مواطنيهم .
لم نكن نشعر ان هناك انتخابات حقيقة أبان حكم النظام السابق ، وما كان يجري ، ما هو الا فعالية حزبية يقوم بها الحزب الحاكم آنذاك ، وتنتهي بنتيجة (٩٩،٩%) فوز كاسح للقائد الضرورة ، وهكذا مرت اربع قرون ، والرئيس يفوز بنعم دون منافس .
بعد ٢٠٠٣ ، حصلت تغييرات مهمة ، وهي ايجابية بكل المقاييس من بناء عملية سياسية ، ومشروع وطني ، وممارسة ديمقراطية لأول مرة في تاريخ العراق الحديث ، وأسست لجنة الدستور وصياغته ، وشُكلت أول حكومة عراقية منتخبة بشكل مباشر من الشعب بعد انتهاء صلاحية الحكومة الانتقالية والمجلس الوطني الذي تشكل أبان حكم بريمر .
الانتخابات وسيلة  لتبلور إرادة الشعب بشكل شفّاف، وليس هدفا بحد ذاته لصالح الأحزاب،والأحزاب هي في خدمة الشعب، وليس الشعب في خدمة الأحزاب، كما نراها في كثير من دولنا العربية الديكتاتورية، التي تتظاهر وتجاهر "بديمقراطيتها"  تحت رعاية ملكها أو أميرها أو  رئيسها.
نحن على أبواب انتخابات ستكون حجر الأساس للنظام السياسي القادم،وفي العاشر من تشرين القادم سيكون للشعب العراقي قولته في التغير،لذا ولتثبيت أركان الديمقراطية، على الحكومة الحالية أن تسعى إلى  الإيفاء بوعودها التي قدمتها للشعب أثناء وهي إجراء انتخابات نزيهة وشفافة هذا ينطبق أيضا على كل المفوضية العليا للانتخابات والتي أعلنت جاهزيتها لإجراء الانتخابات وآخرها الانتهاء من طباعة ورقة الاقتراع .
أن من ضرورات الديمقراطية كذلك الشفافية في تسيير أمور الدولة والحوار الدائم بين الحاكم والمحكوم عن طريق وسائل الإعلام وجملة اتصالات متنوّعة مثل حضور النائب أو الوزير بشكل دوري في دائرته الانتخابية ليعي مشاكل الناس في واقعهم اليومي لتكون قراراته وإجراءاته تمس مصلحة الناس الفعلية.
يجب ان تسود لغة الإقناع في جميع أساليب خطاب المرشح ، ونبتعد من مفاهيم التسقيط ، والتشويش على الناخب ، وبدل أن نسعى إلى تسقيط الخصوم ، لماذا لا يكون هناك برامج إعلامية وتلفزيونية تنافسية بين المرشحين أنفسهم ، وعرض برامجهم الانتخابية ؟!
لماذا لا نؤسس لديمقراطية جديدة في العراق ، يتعلم منها الآخرون ، ثقافة "كلنا المواطن" ونجعل المواطن هو شعارنا الأول ، وننطلق في تنافس شريف في حملتنا القادمة ، لكي نحظى بخدمة هذا الشعب الجريح .
هذه الأدبيات الديمقراطية الجديدة ، تجعلنا فخر قدوة للدول الإقليمية ، والعربية ، وبدل أن نستورد تجارب آخرين ، نسعى أن نصدر تجربتنا الديمقراطية إلى الآخرين ، ونتعلم من الأخطاء السابقة في تثبت عرى الديمقراطية الجديدة في البلاد .

104
مقومات العمل السياسي في العراق
محمد حسن الساعدي
لا يمكن احتساب قيمة أي عمل سياسي إذا كان بعيداً عن القيم والمبادئ وآفاقها الإنسانية، لان السياسي الناجح يمتلك هذه الأدوات لكي يدافع عن مصالح شعبه  ووطنه والنهوض ببلاده ،وإذا فُقدت هذه الأدوات فيا ترى عمن يدافع السياسي وكيف سيدافع وهو لا يمتلك ابسط مقومات العمل السياسي ، فلا قيمة للعمل إذا لم يسانده الخلق والمبدأ ، لان السياسة هي فن الممكن مع الحفاظ على المبدأ ، وان أهم علامات التردي الأخلاقي تبدأ بالنظر إلى المنافسين وكأنهم أعداء وليسوا منافسين في الساحة السياسية ، وهنا برزت ظاهرة التسقيط السياسي الذي استطاع فيها المفلسون من نسج خيوط محاربة منافسيهم عبر الاتهامات الباطلة ومحاولة تشويه صورة المنافسة الشريفة .
القوى السياسية العراقية وجدت أسهل طريق لها هو لغة التخوين والتشويه ، وحيث لا يوجد مايمكن فضحه يتم اللجوء إلى الكذب والافتراء كلاً على الآخر ونسب له فعلاً ، وان البعض يتفنن في وسيلة الكذب بحيث تنطلي على اغلب الناس ناهيك عن انتشار الوسائل التواصلية التي كان لها الأثر الفاعل في النشر وإقناع الآخرين حتى لو كان كذباً وزوراً، ويأتي هذا الاستهداف فقط لأجل النيل منهم سياسياً، وإبعادهم عن جمهورهم وتسقيطهم مجتمعياً خصوصاً ونحن نقترب من استحقاق انتخابي في العاشر من تشرين الأول القادم ، وهي حرب لا تتصف بأي ذرة أخلاق ،خصوصاً مع وجود أقلام فاسدة تقود الحرب الالكترونية السائدة اليوم والتي تعد من أقذر الأساليب ،وأن شراء الذمم أمسى ظاهرة في المجتمع العراقي .
أن استهداف القوى الوطنية منها للآخر، ومحاولة إفراغ البلاد من أي صوت يدعوا إلى العقل والحكمة يستهدف من المفلسين والفاشلين الذين يعتاشون على لغة التسقيط الممنهج ، هي محاولة لإفراغ البلاد من العقول السياسية الناضجة ، واستبدالها بعقول لا تعرف سوى لغة إلغاء الآخر، لهذا فان هذا المنهج لا يمكن الاعتماد عليه في بناء وطن ، او التأسيس لبناء مؤسسات قادرة على النهوض بواقع البلد ، وان لغة الجهل والتخلف والفساد والسرقة ونهب المال العام وأملاك الدولة هي السمة الأبرز في حركتهم السياسية لأنهم كخلايا السرطان تعتاش على ما حولها لتتكاثر وتقتل جسم الإنسان بهدوء .

105
الطارمية نافذة الخطر المفتوحة
محمد حسن الساعدي
يشكلّ موقع قضاء الطارمية خصوصية وأهمية واضحة، فهو جغرافيا عند شمال العاصمة, ويتبع إداريًا لمحافظة بغداد، ويبعد حوالي 50 كم عن جنوب محافظة صلاح الدين، التي كان يتبع لها حتى عام 1997، يحدها نهر دجلة من الجنوب بين بعقوبة والتاجي والضلوعية، أما من الشمال فيحدها قضاء الدجيل، ومن الغرب الرمادي، أما من الشرق فتحدها ناحية الجديدة شرق نهر دجلة.
 تبرز أهمية الطارمية لكونها، تربط بين أربع محافظات عراقية مهمة هي: ديالى والأنبار وبغداد وصلاح الدين، كما تعتبر الطارمية إحدى الأقضية الستة المحيطة بالعاصمة أو ما يُعرف بحزام بغداد..
يتألف قضاء الطارمية من ثلاث نواحٍ هي: المشاهدة والعبايجي ومركز القضاء.. وموقعه شكل سيفا ذو حدين، فهو مثل ممرا مهما للحركة الاقتصادية، بين شمال العراق والعاصمة وما بعدها من المحافظات الأخرى، وفي نفس الوقت منطقة زراعية مهمة, وهو كان ومازال يمثل حاضنة خطيرة ومهمة، للتنظيمات الإرهابية من مختلف الجنسيات.. وبقيت هذه المدينة تحدياً كبيراً للعاصمة, وفي نفس الوقت تُركت للظروف السياسية المعقدة التي تمر بها البلاد بعد عام 2003، ولحساسية المدينة وحتى لا تستغل الظروف طائفياً، لجأت الحكومة ولأكثر من مرة، إلى أسلوب الحوار والتهدئة والمصالحة مع عشائر القضاء، في محاولة للحد من الهجمات الإرهابية، التي كانت تقوم بها المجاميع الإرهابية، ضد القوى الأمنية والجيش العراقي، الذي كان يقوم بواجبه في الحفاظ على أمن القضاء، إلى جانب أن القضاء كان ولفترة طويلة، مكانا لتجمع الإرهابيين، لاستهداف مدينة بغداد بالمفخخات والأحزمة الناسفة ولأكثر من مرة .
الحكومة العراقية ومنذ 2003 استشعرت الخطر القادم من شمال بغداد ، فسعت مكررا لتنفيذ عمليات أستباقية، وذلك من أجل تطهير المدينة من بقايا داعش، ومحاولة تأمين المدينة، والتي تعد من المدن الاقتصادية المهمة، إذ تلقب الطارمية”سلة بغداد الغذائية”؛ وذلك لكثرة مزارعها وأراضيها الخصبة، ولوجود العديد من مزارع الدواجن وتربية الأسماك، بالإضافة إلى تربية المواشي والأغنام، التي تجعل الرعي ثاني أهم الحرف لسكانها بعد الزراعة، كما يوجد فيها مطاحن عديدة لإنتاج الطحين ومقر لشركة “نصر” للصناعات الفولاذية والمعدنية..
ما سبق جعل من الطارمية مدينة مكتفية بذاتها اقتصاديًا، وقادرة على الاستمرار اعتمادًا على، مصادرها الطبيعية وثرواتها الداخلية ، فصار من المهم تأمين القضاء، وتخليص أهله من العصابات الإجرامية، التي أخذت بالانتشار أكثر واكثر، سواءً على مستوى القضاء أو تأمين الطرق، المؤدية إلى مدينة بغداد وديالى والانبار .
يتفق كثير من المحللين أن الحكومة العراقية والقوى الأمنية بكافة تشكيلاتها, إضافة إلى الحشد الشعبي الذي اثبت جدارة، في اختراق وضرب الإرهاب وحاضناته أينما كان وحل, بحاجة ماسة لإعادة انتشار قواته في القضاء، وإجراء مسح كامل لسكانه من خلال قاعدة بيانات للسكان، إضافة إلى إجراء تقسيم افتراضي للقضاء على شكل مربعات، يرافق ما سبق إعداد خطة لتوزيع الكاميرات ونقاط المراقبة, والتي مهمتها متابعة تحركات العصابات الإرهابية والانقضاض عليها بسرعة، في مقابل ذلك العمل الجاد ومن كل تشكيلات السلطة المحلية في القضاء وإدارة البلدية, في تطوير وأعمار القضاء، وتوسيع شوارعها وتطوير بناها التحتية، وتقديم الخدمات الضرورية لسكانه، وبما يحقق الاستقرار، وتفويت الفرصة على هذه العصابات أن تستغل سكان القضاء او تهدد استقراره.. فقد أن الأوان لغلق نافذة الخطر، التي بقيت دوما محل قلق وتهديد للعاصمة، ولسكان القضاء وعشائره المسالمة.

106
مستنقع أفغانستان يتحرك من جديد
محمد حسن الساعدي
الأحداث المتسارعة التي شهدتها أفغانستان، خلال الأيام القليلة الماضية، كانت بالأساس نتاج التحركات ذات النفس الطويل، التي قامت بها حركة طالبان، للسيطرة على المدن تباعاً حتى عادت إلى حكم البلاد بعد أن خاضت نحو 20 عاما، من القتال مع القوات الأجنبية، التي تقودها الولايات المتحدة الأمريكية، والقوات الحكومية المدعومة منها..
هذا البلد الذي احتلته أمريكا، بعد معارك شرسة مع حركة طالبان، لجأت فيها الأخيرة إلى الجبال الأفغانية، وبدأت حرب عصابات مفتوحة مع القوات الأمريكية.. وحكم طالبان لم يستمر كثيرا فواجه صعوبات جنة، منها أن كل حكومات العالم تقريبا، رفضت الاعتراف بنظام حكمه، باستثناء دول محدودة للغاية في مقدمتها باكستان، إلى أن تدخلت الولايات المتحدة عسكريا وأطاحت بالحركة عقب هجمات 11 سبتمبر 2001، بداعي أن الحركة ترعى الإرهاب وتتستر على قيادات تنظيم القاعدة الإرهابي، وفي مقدمتهم زعيم هذا التنظيم السابق أسامة بن لادن.
هذا التحرك الذي قامت به حركة طالبان لم يكن حديثا، أو انه جاء صدفة أو انه يعكس قوة التنظيم في البلاد، بل هو نتاج اجتماعات مكثفة جرت في كابل وقطر، بين الحكومة الأفغانية والحركة، نتج عنها التسليم الهادئ للسلطة في البلاد، وكان يفترض أن يتم ذلك منذ شهر نيسان الجاري بعد مؤتمر قطر، ولكن واشنطن أجلت تسليم السلطة، لحين بدء عمليات الانسحاب من أفغانستان.
الولايات المتحدة من جانبها أرادت من هذا الانسحاب، تهديد المنطقة خصوصاً قطبي الصراع الدولي(روسيا-الصين) كما انه يشير بوضوح إلى نية واشنطن، إعادة التوازن في المنطقة، كما انه يحدد وبوضوح التموضع الأمريكي، خصوصاً مع النفوذ المتزايد لهذين القطبين، الأمر الذي يجعل الوضع في منطقة شرق آسيا مربكاً تماماً..
يضاف لما سبق السعي للتهديد المباشر لجوار أفغانستان ألا وهي إيران.. والتي تعتبرها واشنطن خطراً عليها في المنطقة، لذلك سارعت طهران إلى الجلوس مع حركة طالبان، والتفاوض حول سيطرتها على كابل، وضرورة حماية امن المنطقة، ومنع أي تهديد مستقبلي للاستقرار فيها، وهذا ما يعد أستباقاً للأحداث فيها، والسيطرة على الموقف من خلال جلسات الحوار، التي شهدتها طهران مع الحركة، والتي انتهت باتفاق حماية الشعب الأفغاني وعدم تهديد الأمن والسلم في المنطقة عموماً..
من الواضح أن ما حصل هو حدث كان يتم "طبخه" منذ فترة ليست قليلة، ومعظم الأطراف المستهدفة اتخذت احتياطاتها للحدث وإن أدعت تفاجئها به.. والمستنقع الأفغاني الذي لم يهدأ يوما في عمقه ، لكن سطحه كان يبدوا ساكنا، واليوم كله عاد للفوران، ولا يعلم بوضوح ماذا وكيف ستكون نتائجه وتأثيراته قريبا..

107

الانتخابات العراقية.. بين المنع والامتناع.
محمد حسن الساعدي
ما إن أعلنت المفوضية العليا للانتخابات الانتهاء من الاستعدادات, لإجراء الانتخابات المبكرة في العاشر من تشرين الأول، حتى تبارت الكتل السياسية, لإبراز عضلاتها أمام الجمهور وإستعراض قوتها على الأرض..
هناك من لمح أو صرح بأنه قادر على الفوز العريض, والحصول على أكثر المقاعد في البرلمان القادم، وما إن صدر قانون الإنتخابات الجديد, حتى أنقشعت الغبرة عن التصريح والتلميح, وبان حجم هذه الكتل في الشارع العراقي..وأتضح ذلك من خلال إستبانات أجرتها هذه الكتل, وعرفت من خلالها حجمها الطبيعي في الانتخابات، ما جعلها تتراجع في اندفاعها نحو المشاركة بالانتخابات..
أنعكس ما سبق من خلال تصريحات وبيانات عدم المشاركة، عبر الإعلام تارة أو عبر تقديم طلب للمفوضية، فيما قوبلت هذه الدعوات بالرفض من قبل المفوضية العليا، حيث عدته إجراء لا قيمة له قانونيا.. خصوصاً بعد إعلان أسماء الكتل السياسية المشاركة بالانتخابات القادمة، وأعتبرت أي خروج لها عن الإنتخابات, هو خروجاً غير قانوني ولا يأخذ به .
حالة الإحباط التي سادت الشارع العراقي هي الأخرى, ألقت بظلالها على المشهد الانتخابي، فقد كانت التجارب الإنتخابية جميعها صعبة وغير مقنعة, وطالتها شبهات وتهم التزوير، إلى درجة أدت لعزوف المواطن عن المشاركة في الانتخابات الأخيرة، حتى قيل أنه لم يشارك أكثر من 20٪ من الذين يحق لهم الانتخاب..
على الرغم من إعلان بعض القوى السياسية مقاطعاتها للانتخابات, فإن الاستعدادات جارية على قدم وساق، وغالبية تلك القوى تعتبرها النافذة الوحيدة والمضمونة للمنافسة, وهذا ما تعوّل عليه.. كما أن الحراك التشريني لم يجد وسيلة أفضل لمشاركته في الانتخابات، لذلك حاولوا لملمة أنفسهم, لخوض الانتخابات ومنافسة القوى السياسية المهيمنة, على المشهد والقرار السياسي، لأن مقاطعتها ستعيد القوى القديمة التي صادرت المشهد السياسي, واستحوذت على الامتيازات في المواقع التي حصلت عليها.
تعقيدات المشهد السياسي الحالي, وطبيعة الصراع المتنامي ربما تغذي فرص الذهاب نحو موعد ثالث للانتخابات، بل هناك مساع بعض التسريبات من هنا وهناك بين الحين والآخر ودعوات غير معلنة كموقف رسمي، خارجيا من جهات إقليمية ودولية, وكأنها تسعى لمنع إقامة الإنتخابات..و داخليا من أطراف سياسية وقوى وكيانات حزبية فاعلة تتمنع، للدفع باتجاه ترحيل الانتخابات إلى العام المقبل..
مثل هذه الدعوات ربما لا ترقى لمستوى الفعل, لكنها في الوقت, ذاته إحدى وسائل الضغط باتجاه التأجيل, لذلك لا يسهل التكهن بالمستقبل وتبقى جميع الاحتمالات مفتوحة لأي خيار.. لكن يبقى شي مهم يجب أن يعيه الجميع, وهو أن الانتخابات القادمة تمثل ركن أساسيا ورئيسيا في رسم خارطة المستقبل القادم..
 من يريد أن يكون البلد يخرج من بوتقة الموت السياسي الحالي, فعليه أن يكون عامل محفز للمشاركة في الانتخابات، ومن يسعى لأن يبقى تحت ظل القرار المختطف، فان الأوراق ستحترق جميعها، وسيكون هو أول الخاسرين, وعندها سيكون البلد ومصيره في مهب الريح..

108
قوى الدولة ...من التحديات الى الفرص .
محمد حسن الساعدي
التحولات الاقليمية والدولية تؤثر وتتأثر على الوضع السياسي عموماً على العراق،فالاخير يمثل عمق الشرق الاوسط، والانظار تتجه إليه سواءً من ناحية الاستقرار السياسي،او من ناحية التحولات الداخلية فيه،لذلك فان أي متغير فيه ينعكس بالسلب او الايجاب على الوضع الاقليمي،وأن أي تحولات خطيرة في الوضع الاقليمي هي الاخرى تنعكس تماماً على الوضع العراقي،لذلك من الضروري ربط الاستقرار فيه بما تقدمه الدولة من آليات قانونية تضبط حركة المجتمع وتجعله يسير وفق عقد سياسي واجتماعي فيما بينه وبين الافراد، وبما يحقق الاستقرار والسلم المجتمي في البلاد .
بعد إنتهاء الحرب على داعش برزت على المشهد السياسي قوى أختبات خلف فوهة البندقية، وعمد البعض منهم على فرضه على الواقع السياسي من خلال التلويح به عند اي موقف،ما عدته الدولة تحدياً لها ولسلطتها الدستورية،لذلك فرزت نفسها على انها "الكأس المعلى" في السلطة ولا يمكن لاي قوة اخرى ان تهيمن او تفرض سلطتها عليها،فبدات القوى التي لغتها السلاح تفرض قوتها على الدولة من خلال التلويح بأستخدام السلاح في أي موقف هو من مهام الدولة، كالسيادة وإخراج القوات الاجنبية من البلاد.
أمام قوى الدولة فرصة كبيرة ومهمة في اثبات نيتها من جانب وقدرتها ، والنية هنا تعكس مواقفها من القضايا المصيرية التي تمس الدولة والسيادة، إضافة الى دورها في القضايا ذات البعد السياسي داخلياً ،وموقفها من دعم الدولة فعلياً بعيداً عن الشعارات والخطابات، وان الواقع هو من يحكم الموقف لا الخطاب والتلويح، الى جانب أن يكون لقوى الدولة الموقف الرسمي من أي أعتداء او سرقة لهية الدولة، ويكون ذلك واضحاً لا يقبل التأويل،لذلك من الواجب على قوى الدولة ان تعلن موقفها من اي خرق للسيادة سواءً من حملة السلاح او ممن يقفون بالضد من مواقف الحكومة واجراتها في تطبيق القانون والدستور.
على االرغم من وجود تفاهمات على الارض بين الدولة وبين القوى التي تحسب على حملة السلاح،الا انها تبدو غير ناضجة لدرجة أن تكون خارطة طرية لهيمنة الدولة على البلاد،ومنع قيادتها تحت حكم القوة،لذلك فان الصراع قائم لا محالة بين هاتين الدائرتين ، وذلك لكون المجاميع المسلحة التي تعمل خارج سلطة الدولة والقانون، لها رؤية تتناقض تماماً مع القوى المساندة للحكومة او التي تدعو الى الدولة، فهي تربط مستقبل العراق ومصالحه العليا بأسلوب يعتمد القوة اكثر من استخدام البداوماسية في حل المشكلات..
  نعم ...هناك تحديات جسيمة امام قوى الدولة ،ومصاعب جلية ولكن الفرصة ما زالت كبيرة ومهمة في فرض قوى الدولة لقوتها ونفوذها على الواقع السياسي العراقي، وفرض سلطتها على المشهد السياسي والحكومي القادم وبما يحقق الاستقرار المنشود بعيداً عن لغة القوة والتلويج بالسلاح الذي افقدنا الكثير من المميزات في التأثير الداخلي أو الاقليمي والدولي .

109
الانتخابات العراقية ومآالاتها .
محمد حسن الساعدي
الايام القليلة القادمة يدخل العراق في الحملة الانتخابية للانتخابات البرلمانية والتي من المزمع اجرائها في 10 من شهر تشربن القادم، حيث تواجه البلاد تحدي كبير في ظل انتشار السلاح خارج سلطة الدولة، ومع كل الاحتمالات التي تهدد اجرائها، ما زالت الحكومة متعهدة بأجارئها في موعدها المقرر، ومع كل الاستعدادات التي تقوم بها حكومة الكاظمي وتهياة كل المستلزمات الضرورية لاجرائها،ومع موافقة مجلس الامن الدولي على طلب الحكومة العراقية بأرسال مراقبين دوليين على مراقبة الانتخابات،الا ان هناك من يحاول عرقلتها ولاسباب متعددة إضافة الى عزوف الجمهورعن المشاركة في ظل دعوات المقاطعة سواءً من ساحات الاحتجاج او بعض القوى التي ترى أن إجرائها سيغير من الخارطة الانتخابية، وربما سيخسرها مقاعد في البرلمان القادم،ما يلغي تأثيرها في المشهد عموماً،كما أن عمليات الاغتيال المنظم الذي تشهده العاصمة بغداد والمحافظات للناشطين والاعلاميين والصحفيين، وعدم ملاحقة المسؤولين عن هذه الاغتيالات يُنذر بمقاطعة كبيرة ستشهدها الانتخابات .
الناخب العراقي بم يعد ينظر الى الانتخابات كونها احد وسائل التغيير الديمقراطي، لان النظام السياسي مبني على أساس (التوافقية) من خلال اتفاق الكتل السياسية على أقتسام السلطة وتوزيع المناصب، بعيداً عن الحجم الانتخابي او مخرجات العملية الانتخابية، ما يجعل أي انتخابات تجري ما هي الا مجرد(ذر الرماد في العيون) بل يعتبرها البعض غطاءً سياسياً وأعلامياً لهم لعكس حالة الفشل وتجعلهم يتشبثوا بالكرسي اكثر فاكثر،ولا يعول الناخبون على التغيير مستقبلاًعبر صناديق الاقتراع في ظل واقع سيطرة الاحزاب والكتل السياسية على الجزء الاكبر من قرار الدولة،إضافة الى امتلاكها للسلاح خارج سلطة القانون،ووفرة المال السياسي الذي يجعلهم ذو قوة ونفوذ وتاثير على مصادر القرار السياسي .
أحتجاجات أكتوبر/تشرين الاول2019 طالبت بإجراء أنتخابات مبكرة بعد ان أرغمت هذه الاحتجاجات السيد عبد المهدي على الاسقالة،قبل إكمال مدته الدستورية،لذلك كانت هناك حاجة ملحة لايجاد أنتخابات مبكرة،ولكن مطالب المحتجين زادت حتى وصلت الى تغيير شكل النظام السياسي بالكامل، وترشيح شخصية مستقلة تحضى برضا الجمهور الساخط وتنفيذ مطالبه المشروعة، وهذا ما سعت إليه حكومة الكاظمي في إجراء انتخابات مبكرة لتهدئة الشارع، وإعادة الثقة للناخب العراقي من خلال توفير مستلزمات العملية الانتخابية من حماية مراكز الاقتراع من حملة السلاح ، إضافة الى حماية الناخب والذين يزيد اعدادهم عن 25 مليون ناخب ،من خطر التهديد او سرقة صوته الانتخابي .
من الضروي جداً خصوصاً مع العزم السياسي الموجود في إجراء الانتخابات في موعدها المقرر، توفير سبل نجاحها من خلال تامين امن الناخب وحماية صوته الانتخابي من السرقة،إضافة الى تثقيف المجتمع العراقي على المشاركة الفاعلة في الانتخابات، وبما يحقق فرصة تاريخية لن تتكرر في تقرير مصيرة القادم،وإيجاد الارضية المناسبة في اختيار ممثليهم من خلال ترشيخ شخصيات تتمتع بالكفاءة والنزاهة،وبالتالي اختيار حكومة قادمة قوية تكون ذات قرار سيادي على البلاد والعباد.
 
 

110
تحديات النظام السياسي في العراق.
محمد حسن الساعدي
يُعد النظام البرلماني من أهم الانظمة الوضعية، وأفضلها لتنظيم شؤون الحكم والسياسية، كونه يعبر عن آمال الشعوب وتطلعاتها، ويعتمد في رؤاه على مبدأ حكم الاغلبية..
بدأ منذ  عام ٢٠٠٥ صعودا عندما تم التصويت على الدستور العراقي الجديد، والانتهاء من أختيار النظام البرلماني، ليكون هو الطريقة والألية الاساسية، في أختيار الحكومة وشكلها، عبر إنتخابات حرة مباشرة، يُختار فيها أعضاء البرلمان، ليقوموا بدورهم باختيار السلطة التنفيذية المركزية، والتي تعبر عن مكونات الشعب..
يتم تشكيل تلك السلطة "الحكومة" من قبل كتلة يحددها القانون بأنها "بالكتلة الاكبر"..
لكن هذا النهج والمبدأ لم يُعمل به، في تشكيل أي حكومة منذ ٢٠٠٥، بل حلت محلها (التوافقية والمحاصصة)وهذا ما أفرز عمليات الفساد الكبرى، التي طالت مؤسسات الدولة كافة،حتى وصل الحال الى أعلى السلطات في البلاد، حتى قيل أن لبعظها امست تدار بالهاتف!
التحدي الاخر الذي واجهه النظام السياسي ككل، هو الارهاب الذي سعى ومنذ اللحظة الاولى، لتشكيل الحكومات، الى إعاقة وضرب أي تقدم وإصلاح في هذا النظام، بل وسعى لأن يكون مشاركا في تحديد شكل النظام، والاليات من خلال أياديه التي هددت العمل والنظام السياسي وأخترقته أكثر من مرة، ما شكل تحديا وعائقا، أمام ديمومة ونجاح هذا النظام، إضافة الى بروز الازمات تلو الازمات، والتي رافقت العملية عبر السنوات الماضية، ناهيك عن مشكلة غياب المعارضة السياسية وإيجاد التوازن السياسي المطلوب..
أكمل المشاكل ضعف مراقبة الاداء الحكومي، فضلاً عن غياب الرقابة البرلمانية على السلطة التنفيذية، الى جانب أن كل هذه الازمات خلقت تجزئة وتفككا في المجتمع طوليا وعرضيا وحولته لمجتمع متناحر ومتنافر،  بدلاً من التعايش السلمي بين مكوناته، بسبب الانقسام الطائفي والعرقي وغياب الوعي لدى الجمهور ،وتعدد الولاءات السياسية والحزبية جعل الأوضاع تبدوا يبدو غير هادئة ولا مستقرة وفي حالة شحن دائم .
التحديات الصعبة التي تواجه النظام السياسي كبيرة، فمنظومة الاحزاب الحاكمة، فشلت في إدارة النظام وقيادة الدولة، كما أنها لم تستطع تغيير رؤيتها في التحول بالنظام السياسي من الديكتاتورية الى الديمقراطية التعددية الحقيقية، او تطبيق بنود الدستور في التحول من الدولة المركزية الى الاتحادية اللامركزية، إضافة الى التوجه نحو الاقتصاد الحر بدلاً من الاقتصاد الموجه، والعمل على تطوير المجتمع العراقي من مضطهد الى عامل ومنتج، ومنسجم مع نفسه ومتعايش سلمياً بين مكوناته.
لا نختلف على أهمية وجود الاحزاب والتيارات، كونها تمثل الحالة الديمقراطية ، ولكن ليس بهذه الكيفية والحجم من كثرة الاحزاب ما يعني كثرة البرامج والخطابات الانتخابية، والتي يضيع فيها الواضح ولا يمكن تمييزها بسهولة، لذلك من الواجب اصلاح النظام الحزبي لاصلاح النظام السياسي وبشكل جوهري، يكسر حالة الجمود والحلقة المفرغة، التي يدور في داخلها النظام السياسي، وبذلك تسهل عملية الاصلاح المؤسسي لهياكل الدولة عموماً وإيجاد حلقات صغيرة تمثل الجمهور، وبذلك تكون هناك صورة مصغرة للنظام السياسي المتطور القابل للحياة.

111
الكهرباء …التبريرات والاسباب والحلول .
محمد حسن الساعدي
واجه العراق منذ عام ١٩٩١ أزمة في الكهرباء عُدت من أكبر الازمات لتي واجهت البلاد،وأعتبرت الاهم والاكثر هماً للمواطن العراقي،كونها تلامس حياته ومصالحه، وطول هذه الازمة لم نجد الحلول الناجعة والكفيلة بحلها طيلة هذه السنوات،وعلى الرغم من أن أزمة الكهرباء لا تحتاج الى حلول ترقيعية، بقدر ما تحتاج الى الحلول  تنهي معاناة المواطن وتقدم له أبسط الخدمات الاوهي الكهرباء، بالمقابل فان وزارة الكهرباء أعلنت مراراً وتكراراً انها لا تعاني من مشكلة أنتاج، لان الانتاج يكفي لسد الحاجة،ولكن المشكلة تكمن في التوزيع والشبكات الناقلة والتي عمرها يمتد الى عشرات السنوات دون صيانة أو أصلاح،ما يعني أن هناك هدراً للطاقة الكهربائية بشكل كبير جداً،الى جانب ملفات الفساد الكبيرة التي شابت عمليات الانتاج او التوزيع وهذا بحد ذاته يعد من المشاكل الرئيسية في هذا الملف الشائك والخطير .
الجهات السياسية التي تولت ملف الكهرباء منذ تشكيل اول حكومة بعد عام ٢٠٠٣ والمستفيدة من هذا التلكوء تحاول إيهام الجمهور وترسيخ فكرة أن أزمة الكهرباء داخلية،وأن المشاكل الحاصلة هي بسبب التدخلات الخارجية في ملف الكهرباء، الامر الذي يثير السخرية من تدخل الدول الاقليمية أو الاجنبية في ملف يعد من اسهل الملفات في أقل دولة في المنطقة عموماً، كون مسألة الكهرباء ليست بالامر الصعب،بل أن هناك ملفات كبيرة ومهمة يمكن ان تكون عامل ضغط على العراق وحكومته،الى جانب أن جميع دول العالم تسعى لان تحصل على استثمارات في أي من القطاعات الاستثمارية لاسيما  قطاع الطاقة ولكن لم يصل هذا الجهد والسعي لدرجة التدخل في تفاصيله ومنع عمليات الانتاج وتحسين الطاقة في البلاد.
أن الازمة الحالية يمكن تلخيصها بأنها أزمة أدارة،أي عدم قدرة أي من الادارة لتي قادت الوزارة بعد عام ٢٠٠٣ على تحسين الانتاج وتطوير عملية التوزيع،إضافة الى عدم وجود خطة مستقبلية لادارة هذا الملف الشائك وتوزيعه بصورة صحيحة يتسق مع حجم الكثافة السكانية المتزايدة في البلاد، الى جانب الضعف وعدم وجود الجرأة في إتخاذ القرارات الحساسة والمصيرية في هذا الملف والتي من شأنها ملاحقة شبكات الفساد في الوزارة،وإدارة هذا الملف بصورة شفافة وواضحة،كما أن قِدم وتهالك شبكات النقل والتوزيع يُعد من أهم وأبرز المشاكل والمعوقات التي تقف عائقاً أمام حل مسألة الكهرباء،والتي من السهولة حلها عبر التعاقد مع شركات عالمية رصينة تستلم هذا الملف الحساس ومعالجته وإيقاف الهدر فيه.
أن بقاء ملف الكهرباء بوضعه الحالي، يعني عدم وجود إرادة حقيقية لحل الازمة ومعالجتها سريعاً، وهذا أن دل فانما يدل على الاهداف والغايات التي تقف وراء إبقاء ملف الكهرباء على حاله دون أي تطور أو تقدم، وعلى الرغم من صرف وزارة الكهرباء لاكثر من ١٧٠ مليار دولار منذ عام ٢٠٠٣ على قطاع الكهرباء،الا ان ثمار هذه المبالغ لم نرى لها اثر على ارض الواقع حتى ولو بالقدر اليسير، والذي يخفف من معاناة المواطن ، لذلك سعت حكومة السيد الكاظمي الى التواصل مع شركة سيمنز الالمانية، وفتحت باب الحوار معها لاستلام ملف الكهرباء،واشترطت أن يكون التعامل مع الحكومة الالمانية مباشرة،لذلك فان من ابرز الحلول الموضوعة في العالم لمثل هكذا مشاكل هو التحول باتجاه الطاقة النظيفة، والتي من مصاديقها الطاقة الشمسية، والتي من مميزاتها توفرها وسهولة أستثمارها،وانخفاض  كلفة أنتاجها ، إضافة الى ميزة الحفاظ على البيئة من التلوث، وفعلاً تم التعاقد على انتاج (٦٠٠٠)ميجاوات كتجربة اولى لتقييم مدى نجاح التجربة للشروع بها مستقبلاً .

112
التوازنات في المنطقة وفرص التهدئة
محمد حسن الساعدي
تعرضت المنطقة لكثير من الاهتزازت والصراعات جعلت منها ساحة للحروب والصراعات لاكثر من مرة حتى تحولت فيها المنطقة الى محاور (محور المقاومة) والذي تتقدمه إيران،فيما تقود الولايات المتحدة محور ىخر يحكم المنطقة، ويسعى الى السيطرة من خلال "سايكس بيكو جديد" ولكن بعد شعور القوى الغربية بعدم قدرتها على الاستمرار في نهج الصدام،ما أضطرها الى التفكير الجديد في الانسحاب من المنطقة تدريجياً،فبدات أول انسحابها من افغانستان وأردفه بالانسحاب من سوريا والعراق وفق تسلسل زمني محدد،إضافة الى شعورها ان الصراع في اليمن غير مجدي لذلك اعترفت ولاول مرة أن الحوثيين يمثلون قوى سياسية فاعلة ومؤثرة على الارض ينبغي الجلوس والحوار معهم وبما يحقق التهدئة في اليمن،لذلم اتجهت المنقطة الاقليمية الى توازنات وتهدئة بين القوى الرئيسية الفاعلة، وتسعى هذه القوى الى إعادة التوازن ليس الآن بل منذ زمن ليس بالقليل،لذلك فان عملية التوازن في المنطقة تجري بفعل القناعة التي وصلت لها القوى المتصارعة بعد خوض خوض العديد من جولات الصراع التي أستنرفتها، ولم تصل الى مبتغاها من خلال هذا الصراع والقتال .
الانسحاب الامريكي ترك فراغاً كبيراً في المنطقة،والذي بالتاكيد سيفتح المجال واسعاً أمام الصراعات،خصوصاً وان عملية الانسحاب جرت دون تنظيم مسبق،إضافة الى عدم توزيع الادوار في المنطقة،لذلك على المستوى الاقليمي فلثد سعت إيران الى فتح الحوار مع واشنطن ورفع العقوبات الامريكية التي انهكتها أقتصادياً، والوصول الى اتفاقات مهمة وكبيرة بخصوص الاتفاق النووي مع واشنطن،بالمقابل أعترفت أمريكا بعد فوز جو بايدن بالدور الايراني في المنطقة،ما يعتبر بداية ومقدمة لتحديد هذا الدور وعدم تركه عائماً مما يصعب تقييده،أما دول الخليج والسعودية تحديداً فانها بدات تبحث عن الهدوء والاستقرار، بعد حجم الازمات التي مرت بها سواءً على المستوى الداخلي وازمة الصراع على الحكم داخل العائلة المالكة، والى ازمة خاشقجي التي أثرت كثيراً على سمعة المملكة وجعلتها في دائرة الشبهة والاتهام،إضافة الى الاستنزاف الكبير الذي تعرضت له في حرب اليمن، وغرقها في هذا المستنقع الكبير ، لذلك ربطت السعودية أي حوار مع إيران بإيقاف الحرب في اليمن والتي انتقلت نيرانها من الاراضي اليمنية الى أطراف السعودية.
الكيان الاسرائيلي من جهته يعيش ازمات عديدة في مقدمتها ازمة تشكيل الحكومة وما لحقها من صراعات داخلية على اثر ملفات الفساد التي تلاحق زحيم حزب الليكود "نتنياهو"، الى جانب الحرب على غزة بعد ان كانت شبه محسومة،وصدمة اطلاق (4000) صاروخ التي ضربت من غزة باتجاه الكيان الصهيوني، على الرغم من القوة العسكرية والصاروخية والقبة الحديدية التي تتميز بها الدفاعات الاسرائيلية، كما ان هذه الازمة كشفت ان عرب 1984 اصبحوا أشد فعلاً من الفلسطينين انفسهم كونهم مواطنون أسرائيليون يحملون الهوية الاسرائيلية ما يعني صعوبة السيطرة عليهم، الى جانب اكتشاف عدد من المصانع العسكرية المتكاملة داخل غزة، الامر الذي يجهل التهديد الصاروخي على تل ابيب وكل اسرائيل قائم وباي لحظة،
أصبح الامر واضحاً ويعمل الجميع على تحقيقه، ولكنه جاء متاخراً بعدج ان دفعت المنطقة ثمناً غالياً من استقرارها، وكان الامكان الذهاب الى خيارات اخرى دون خسائر تذكر،لذلك باتت دول المنطقة الان منهكة ومستنزفة، وتبحث عن نهدئة وأستقرار وبالتالي المنطقة مقبلة على حوارات واستقرار وتهدئة يجب استثمارها نحو البناء والاستقرار .
 
 
 
 
 

113
ماذا بعد الانتخابات ؟!
محمد حسن الساعدي
يقال في الامثال "من أمن العقاب أساء التصرف"
ويقال عندما يسيء الفرد التصرف ويأمن العقاب والملاحقة القانونية،لذلك نجد أن من يسيء الى المجتمع بتصرف او بفعل ولم يحاسبه فقط أمن العقاب.
تناولت وسائل الاعلام أخبار وتقارير أن الانتخابات القادمة ستحدد طبيعة النظام السياسي القادم،حيث تستعد الكتل السياسية لخوض الانتخابات في العاشر من تشرين الاول القادم،وسط ادعاءات هذه الكتل بانها ستحصل على مراتب متقدمة، وحصادها اغلب أصوات الناخبين،فقد صرح عدد من نواب كتلة سائرون أنهم سيحصلون على ١٠٠ مقعد في البرلمان القادم، وأنهم بذلك يكونوا مؤهلين لتسنم منصب رئاسة الوزراء ، وسط الاتهامات المتبادلة بين الكتل نفسها بملفات فساد كبيرة وخطيرة،التي طالت أغلب قيادات التيار ،وآخرها ملف الكهرباء والتهم التي وجهت الى وزير الكهرباء كونه احد وزراء كتلة سائرون ، وكيف تم أستغلال هذه الوزارة في أختلاس الملايين من الدولارات بصفقات أغلبها وهمي،في حين أن الوزارة يقودها من الكواليس عباس الكوفي المقرب من مقتدى الصدر، فيما صرح وزير الكهرباء المستقيل أن المدعو الكوفي هو الوزير الفعلي، ولديه صلاحيات مركزية في نقل وتدوير المدراء العامون بين دوائر الوزارة،ناهيك عن العقود التي لم ترى الكهرباء أي شيء منها، بل هي عبارة عن عقود وهمية يذهب ريعها الى جيوب الفاسدين .
الأنظار تتجه نحو خطوات السيد الكاظمي ومعركته المصيرية ضد الفاسدين وذلك لان الفساد هو المرض والخطر الذي يمثل فكراً منحرفاً وينبغي الوقوف ضده والقضاء عليه ، كما ان معركة الفساد اخطر من معركة الاٍرهاب ، وذلك لان الفاسدين منتشرين بين صفوف المجتمع ويملكون المال والإعلام ويعملون على تشويه الحقائق وتصوير ان الجميع فاسد في خطوة للتغطية على فسادهم ، كما ان الفساد الموجود في المؤسسات العراقية يحظى برعاية رؤوس كبيرة في الدولة العراقية وأمسى العراق يحتل مرتبة متقدمة بين الدول الأكثر فساداً في تقارير منظمة الشفافية الدولية ، لهذا ليس من السهولة اعلان الحرب على الفاسدين بل تعد اصعب من الحرب ضد داعش كوّن شبكة الفاسدين محصنة سياسياً وأمنياً .
 

114
العراق ما بعد الانتخابات!!
محمد حسن الساعدي
يقال في الامثال "من أمن العقاب أساء التصرف"
ويقال عندما يسيء الفرد التصرف ويأمن العقاب والملاحقة القانونية،لذلك نجد أن من يسيء الى المجتمع بتصرف او بفعل ولم يحاسبه فقط أمن العقاب.
تناولت وسائل الاعلام أخبار وتقارير أن الانتخابات القادمة ستحدد طبيعة النظام السياسي القادم،حيث تستعد الكتل السياسية لخوض الانتخابات في العاشر من تشرين الاول القادم،وسط ادعاءات هذه الكتل بانها ستحصل على مراتب متقدمة، وحصادها اغلب أصوات الناخبين،فقد صرح عدد من نواب كتلة سائرون أنهم سيحصلون على ١٠٠ مقعد في البرلمان القادم، وأنهم بذلك يكونوا مؤهلين لتسنم منصب رئاسة الوزراء ، وسط الاتهامات المتبادلة بين الكتل نفسها بملفات فساد كبيرة وخطيرة،التي طالت أغلب قيادات التيار ،وآخرها ملف الكهرباء والتهم التي وجهت الى وزير الكهرباء كونه احد وزراء كتلة سائرون ، وكيف تم أستغلال هذه الوزارة في أختلاس الملايين من الدولارات بصفقات أغلبها وهمي،في حين أن الوزارة يقودها من الكواليس عباس الكوفي المقرب من مقتدى الصدر، فيما صرح وزير الكهرباء المستقيل أن المدعو الكوفي هو الوزير الفعلي، ولديه صلاحيات مركزية في نقل وتدوير المدراء العامون بين دوائر الوزارة،ناهيك عن العقود التي لم ترى الكهرباء أي شيء منها، بل هي عبارة عن عقود وهمية يذهب ريعها الى جيوب الفاسدين .
آفة الفساد ليست بالأمر الجديد ، ولا مفهوم الفساد غريب على قاموس المفاهيم ، لان آفة الفساد حلت على النظام العام وأفسدته ، ووضعت العاملين والنَّاس في دوامة من الصعوبة التعامل معه ، فهناك عدة أوجه للفساد فهناك من هو متورط في الفساد ولا يمكنه الخروج من دائرة الفساد وذلك كونه جزء من شبكة كبيرة ولايمكنه الخروج منها ، ومن جهه اخرى لا يسمح لأي احد الخروج من هذه الشبكة وبعكسه سيعاقب الفاسد ، وهناك من هو مطوق بمنظومة من الفاسدين ، فإما الانخراط بنشاطها او التنحي وغض الطرف عن افعالها ، وهو بحد ذاته مشاركة بالفساد ، بل وأعانة على الفساد ونشره ، كما ان الفساد له انواع متعددة فالسياسي غاياته الشخصية غلبت مشاعرة الوطنية اتجاه بلده ، ووضع مطامعة الذاتية بدل حرصه على تنفيذ مطالب ناخبيه وشعبه لان الفساد معضلة يصعب توصيفها ، وفيها الشخصنة تلعب دوراً في نشرها وإيجاد حد لها ، كما ان للمجتمع دوراً كبيراً ومهماً في الوقوف بوجه الفاسدين ، لان المشكلة الحقيقية تكمن في تغلغل الفساد والفاسدين في كل مرافق الدولة العراقية ، بل يمكن القول ان مجمل الوضع السياسي والاداري اصبح مختوماً بختم الفساد .
الأنظار تتجه نحو خطوات السيد الكاظمي ومعركته المصيرية ضد الفاسدين وذلك لان الفساد هو المرض والخطر الذي يمثل فكراً منحرفاً وينبغي الوقوف ضده والقضاء عليه ، كما ان معركة الفساد اخطر من معركة الاٍرهاب ، وذلك لان الفاسدين منتشرين بين صفوف المجتمع ويملكون المال والإعلام ويعملون على تشويه الحقائق وتصوير ان الجميع فاسد في خطوة للتغطية على فسادهم ، كما ان الفساد الموجود في المؤسسات العراقية يحضى برعاية رؤوس كبيرة في الدولة العراقية وأمسى العراق يحتل مرتبة متقدمة بين الدول الأكثر فساداً في تقارير منظمة الشفافية الدولية ، لهذا ليس من السهولة اعلان الحرب على الفاسدين بل تعد اصعب من الحرب ضد داعش كوّن شبكة الفاسدين محصنة سياسياً وأمنياً .
الحكومات المتعاقبة عكست حالة الفشل التي سادت مفاصلها ، كما انها تعد تجربة فاشلة بكل المقاييس ، من وكلاء او مدراء عاميين او مستشارين ، او هيئات تدار بالوكالة ، وغيرها من مفاصل لاتملك اي مهارة او كفاءة او مهنية ، وعندما نقرأ الخطاب الاعلامي تكشف مدى العجز والالتباس الذي اصاب ويصيب العقلية السياسية العراقية ، كما يكشف عدم ادراك الجمهور في قراءة هذه العقلية السياسية ، وتقييم تجربتها السياسية ، ذات الخطاب الطائفي مما عكس حالة الفشل لديها ، كما أن الطبقية التي كانت سائدة ابان حكم صدام ساهمت في تغذية هذا الفشل كونها تعودت على المكاسب التي استحوذت عليها آنذاك ، مما أدى الى دخول البلاد في آتون الحرب الاهلية وسيادة لغة القتل الطائفي وعزل المكونات الاجتماعية ، وهذا ما حدث في ظل حكومة الاحزاب الاسلامية سواءً السنية او الشيعية على حد سواء ، ناهيك عن سقوط ثلث البلاد بيد داعش والذي كان في ظل ورعاية الاحزاب السنية والشيعية .
أن فشل السياسيين ليش بالشئ الجديد ، ولكن الجديد في الامر هو أصل الفشل ، فالاحزاب الاسلامية لم تبحث أصل فشلها ، واستمرت في فشلها وعدم قدرتها على التعاطي الايجابي مع الواقع المؤلم للبلاد ، كما هو فشل في الفكر السياسي لهذه الاحزاب ، وأقتناعها في التحول من مفهوم المعارضة الى مفهوم الحكم والسلطة ، وما يرافقه من قدرة على الاهتمام وتسيير أمور البلاد والعباد ووفق رؤية مستقبلية عميقة ، كما لا يمكن باي حال من الاحوال عد حكم الإسلاميين بعد سقوط النظام العلماني ، حكماً يمثل التجربة الاسلامية ، لانها ببساطة لا تحمل أهدافا واضحة في بناء الدولة ، وفق منظور الامام علي (ع) ، بل كانت هوامش حكومات كانت تسعى الى السلطة وتعويض ما فاتها من سنوات المعارضة ، وفق نظرية “الغاية تبرر الوسيلة ” ، والتي كانت أهدافاً وغايات فاشلة بكل المقاييس والقوانين الوضعية ، فلم تحمل بطن أجنداتها اي ورقة لهموم شعب او اوجاع وطن عاش بين مطرقة الظلم ، وسندان الفشل التجربة في الحكم .

115
الدولة واللادولة...إختلاف منهج أم أسلوب!
محمد حسن الساعدي
يبدو أن المواجهة بين الدولة والسلاح المنفلت باتت وشيكة..فعلى الرغم من أن لا أحد يتمناها, الا انه وكما يبدوا حاصلة لا محالة..
 بالرغم من حصول تفاهمات بين الحكومة وبين القوى المسلحة، إلا أنها تبدو غير ناضجة ومهددة بالانهيار، لأن القوى المسلحة هي من تسيطر على المشهد السياسي في البلاد، ولا نبالغ إن قلنا أنها ربما باتت تسيطر على القرار السيادي..
ما يلفت الإنتباه أن الإختلاف بين المنهجين صار ينمو يوما بعد أخر.. بين من يحاول دعم القانون والدستور ويريد تقوية الدولة, واخر يريد ان تبقى الدولة ضعيفة ويستقوي عليها.. وهنا لا نتحدث عن شخوص بل نتحدث مناهج, وعن الدولة وأركانها والتي يمثلها الدستور والشعب, الذي يعتبر أقوى سند للدولة..
عند قراءة الواقع السياسي وما تحت قشوره الظاهرية, نجد أنه من الصعوبة إدامة وبقاء التهدئة بين الطرفين، لان كل طرف منهما يريد فرض رؤيته على الآخر, بل وعازمين على تنفيذ رؤيتها على الواقع.. بالمقابل فأن الحكومة " كما يظهر على الأقل" تحاول وبأكثر من طريقة أستعادة سيطرتها على الدولة، وحماية مصالح العراق وشعبه داخلياً وخارجياً، لذلك فانها ومن منطلق سطوتها وسيطرتها, تحاول مراعاة التوازن في إدارة البلاد، ما يعني انها قد تنجح في التمهيد لدولة مدنية ذات قرار مستقل, بعيد عن لغة وسطوة السلاح المفلت .
أم المجاميع المسلحة التي تعمل خارج سلطة الدولة والقانون، فلها رؤية متناقضة تماماً مع القوى التي تدعو الى الدولة، فهي تربط مستقبل العراق ومصالحه العليا من منظورهم وأسلوبهم الثوري.. الذي يعتمد القوة والسلاح لغة لأي تفاهم مع أي سلطة كانت..
من الواضح أن التنازع بين هاتين الرؤئيتين هو صراع فكر ووجود، وليس لأجل الانسجام والتعايش السلمي بينهما، وعلى الرغم من اعلان واشنطن سحب قواتها من العراق، الا ان وتيرة الهجمات على السفارة او القواعد العسكرية ما زالت في تصاعد، والقوات الأمريكية ترد أحيانا بضربات هنا أو هناك, مما يعني أن عملية التناغم بين هاتين الأيدلوجيتين صعب للغاية، وهذا يدفعنا للتساؤل, هف فعلا لو إنسحبت القوات الأمريكية, هل يمكن للمجاميع المسلحة ان نسحب سلاحها الموجه ضد الدولة, وتسلمه لها؟!
هناك حقيقة مهمة يجب أن لانغفل عنها، وهي ان التشكيلات العسكرية التي تعمل تحت إمرة الدولة والقانون, ستبقى سنداً لها وسورا يحمي الوطن, من التهديدات التي تريد الشر بالبلاد، ومنها فصائل الحشد الشعبي التي أثبتت بدمها وتضحياتها, انها حامي وراعي حقيقي للعراق وشعبه.. والحديث عن تضحياتهم يكون بالوقوف إجلالا وإكبارا لهذه التضحيات المهمة, التي إستطاعت أن تحمي البلاد من الارهاب الداعشي وغيره..
من المنطقي القول أن على السلاح المنفلت والذي منه سلاح العشائر, ان يدخل في سلطة الدولة, وان يكون موجهاً للعدو لا للمواطن العراقي.. فإنتشار النزاعات العشائرية وإستخدام أسحلة متنوعة فيها, يعكس هشاشة العقل الجمعي لدى هذه العشائر, والتي ينبغي لها ان تحترم تاريخها النضالي المشرف, ضد الإحتلال والعصابات الإرهابية, وأهمية ودورها الابوي في المجتمع .

116
ثورة العشرين ... تنوع ووحدة هدف .
محمد حسن الساعدي
أشارت الكثير من الدراسات التي تناولت ظروف ثورة العشرين الخالدة للفترة ما بين (1918-1920) والبيانات التي صدرت آنذاك وكذلك الصحف المحلية التي غطت الأحداث وخلصت إلى إن الهدف الرئيس من وراء هذه الثورة ضد الاحتلال الانكليزي كانت هو الاستقلال والحرية، والتخلص من السيطرة البريطانية،وإقامة الدولة العراقية المستقلة،والملفت للنظر في هذه الثورة مشاركة مختلف الطبقات والفئات الاجتماعية خصوصاً العشائر التي كان لها الدور المهم والبارز،إلى جانب علماء الدين ومراجع النجف الاشرف آنذاك،حيث برز لأول مرة في تاريخ العراق وتجلى ذلك من خلال التأثير المباشر على شيوخ العشائر وتوحيد كلمتهم وجمع شملهم حول مطالبهم المشروعة،وبدلاً من الاستجابة لمطالب الشعب العراقي، ومراعاة لهذه المطالب في الحرية والاستقلال والسيادة الوطنية، أصدرت الأمم المتحدة قراراً مجحفاً أثناء انعقاد مؤتمر سان ريمو بتاريخ 25/4/1920 والذي وضع العراق تحت الانتداب البريطاني، حيث كان هذا القرار بمثابة القشة التي قصمت ظهر البعير،وفجرت الثورة في يونيو من نفس العام، وعلى أثرها أصدر الزعيم الديني محمد تقي الشيرازي أحد قادة الثورة البارزين آنذاك نداء أُعتبر بمثابة فتوى دينية وقرار سياسي موجه إلى أبناء الشعب العراقي يدعوه فيه إلى النضال وتأييد المقاومة المتصاعدة ضد المحتلين الانكليز .
العامل الإعلامي كان مهماً في تحريك وتوعية المجتمع آنذاك، والذي كان يعد المرآة العاكسة لواقع المجتمع العراقي الذي يواجه مشكلات سياسية، حيث كانت الصحافة العراقية تمارس دوراً يندد بالهيمنة الاستعمارية البريطانية إلى جانب أن الصحافة العراقية لعبت دوراً مهماً في توجيه الرأي العام العراقي،وبلورة أهداف الحركة الوطنية ومهماتها،فقد تأسس في ذلك الوقت جريدتان هما (الفرات،الاستقلال) والتي لم يستمر العمل والنشر بهما طويلاً بسبب المضايقات التي تعرض لها الكادر الصحفي فيها من قبل سلطات الاحتلال، حيث كانت هاتان الجريدتان شوكة في عيون الاستعمار، ولسان حال الثوار وكانت منبراً لبعض قيادات الثورة، والذين كانوا يسلطون الضوء على معاناة الشعب العراقي، فاضحين نوايا البريطانيين السياسية والاقتصادية في العراق،والعمل على  تعميق الفجوة في داخل المجتمع العراقي والتي كانت تكشف حقيقة نواياهم في تحرير العراق من الاحتلال العثماني،وبين الاحتلال البريطاني .
لقد كانت الثورة العشرينية بمثابة حجر الزاوية التي غيرت مجرى التاريخ العراقي أنها برزت للمشهد ككل الأدوار التي قامت بها كل فئات وطبقات الشعب العراقي، وعلى الرغم من قساوة المستعمر الانكليزي تجاه الشعب العراقي،إلا انه لم يستطع الولوج في حياة العراقيين، فقد كانت غاية الانكليز تحقيق نجاحات اقتصادية سريعة على حساب شعوب المنطقة،والنجاح على أكتاف هذه الشعوب ومنها الشعب العراقي.
لقد كانت ثورة العشرين ذات أبعاد سياسية مهمة إلى جانب كونها تجربة غنية عبرت عن تلاحم الشعب العراقي في مواجهة الاحتلال،واستعداد الجماهير للقتال في سبيل الأهداف التي تسعى لها،كما أنها عكست الأهداف المشتركة التي تجمع أبناء الشعب العراقي في خلاصهم من المحتل الأجنبي ،وأشعرت المجتمع العراقي الإحساس بالكيان الواحد والذي لم يكن واضحاً في فترة الحكم العثماني،حيث تضافرت الجهود جميعها ومن مختلف التوجهات القومية والدينية في هذه الثورة،والنضال من أجل الاستقلال والحرية والسيادة الوطنية،وأزداد هذا الإحساس قوة أكثر فأكثر في الفترة التي أعقبت قيام الدولة العراقية،وأوجدت القدرة والاستعداد لدى الشعب العراقي في خوض النضال من أجل حقوقه المشروعة ، وفي مختلف الأزمنة والميادين .

117
العراق وانتخاباته.. بين الثابت والمتغير .
محمد حسن الساعدي
تاتي الانتخابات العراقية والتي من المؤمل ان تجرى في تشرين الثاني ٢٠٢١، وسط أجواء غاية في السخونة وزحمة الاحداث، التي القت بظلالها الى المشهد السياسي عموماً..
لا نخطيء إن قلنا أن هذه الانتخابات، من أهم الاحداث السياسية أن لم تكن الابرز، كونها تأتي في وضع حساس ومهم جداً، في المشهد السياسي الداخلي الداخلي، خصوصا مع ما يشهده من متغيرات وتذبذبات، جعلته يعيش عدم الاستقرار، فضلاً عن المؤثرات الاقليمية التي بالتأكيد تبقى عنصر مؤثر على المشهد السياسي والتي من شأنها أن تزيد من أهمية الانتخابات وتجعلها حدثا مهما يؤثر بشكل كبير على الوضع الداخلي والاقليمي والدولي كذلك، سيما وان هذه الانتخابات تأتي بعد الاحتجاجات في تشرين ٢٠١٩ ، إذًا كان من المقرر اجراءها في حزيران، وتم تأجيلها الى تشرين من العام الحالي، وما تركته هذه التظاهرات من آثار في نفوس الشعب العراقي .
الانتخابات تأتي في ظل خطوات مهمة قامت بها الحكومة العراقية، والتي من ابرزها تصويت البرلمان على القانون الانتخابي اجديد، وتوزيع المرشحين على الدوائر الانتخابية بشكل فردي، والانتهاء من تعيين مجلس جديد لمفوضية الانتخابات، وحل الاشكاليات التي رافقت تشكيل المحكمة الاتحادية، والاهم من ذلك كله التوافق بين القوى السياسية على حل مجلس النواب، وتحديد تاريخ حله قبيل إجراء الانتخابات في تشرين القادم..
رافق كل ذلك إكتمال للاجراءات الادارية والتنظيمية والفنية، والتوافق السياسي "المعلن" للاستعداد بخوض التجربة السادسة في تاريخ البلاد بعد عام ٢٠٠٣، الى جانب الجهود المهمة التي تقوم بها المفوضية، في تطوير الاجهزة البايومترية واجهزة العد والفرز الالكتروني المتطورة والتي تحد من التزوير والتلاعب، وتحديث سجلات الناخبين، والاتفاق مع كبرى الشركات الالمانية بهذا المجال، بالاضافة الى الاتفاق الذي اجري بين الحكومة العراقية والامم المتحدة، والذي ينص على وجود الامم المتحدة، كمراقب ومتابع للمشهد الانتخابي، وبما يحقق نجاحها بصورة شفافة ونزيهة .
هناك أحداث متوقعة في المشهد الانتخابي، اهمها التغيير المحتمل في شخوص المرشحين، وظهور دماء جديدة، قد تنعكس على المشهد السياسي القادم، وتجعله اكثر هدوءا، وتعمل على تخفيف الاحتقان السياسي في الشارع العراقي، الذي بدا متأثرا بأي خلاف أو أختلاف يظهر بين القوى السياسية،إضافة الى أن الاحتجاجات التي دخلت عامها الثالث، انعكست حركتها على المشهد، ما جعل القوى السياسية تنظر الى القوى التشرينية، كعنصر من المهم مشاركته في العملية السياسية، ومحاولة تخفيف حدة الاحتقان في الشارع الملتهب على خلفية المطالب المشروعة للشعب، مضافاً الى كونه يسوق ممثلاً للمتظاهرين السلميين .
الثابت في هذه الانتخابات، هو بقاء النظام السياسي دون تغيير، وانعكاسه على حياة المواطن العراقي، والذي ينظر بعين الامل لاي تغيير قادم في واقعه الاقتصادي والاجتماعي، لان هذا ما يهمه فعلاً..
فضلاً عن تجسير الثقة بين المواطن والدولة، وبما ينعكس بالايجاب على الشارع عموماً، والتي ما زالت لم تتغير، ولم يشعر المواطن بثقته بالنظام السياسي القائم، وبقاء الوضع الاقليمي الذي ينظر الى العراق كلاً من مصلحته، وهذا ما لم يتغير هو الاخر، ولن يتغير بدون تغير السياسة والمنهج السياسي، والانتقال الى النظام السياسي والدولة بعين الجدية، وإجراء التغييرات التي تتسق مع الدستور، وبما يحقق تغييراً على حياة المواطن..
هذا كله إن حصل ولو في جزء منه، سيدفع الوضع الاقليمي، لأن يتعامل مع  العراق، كدولة مستقلة صاحبة قرار سياسي مستقل .

118
لماذا قوى الدولة واللادولة!

محمد حسن الساعدي
ظهر في الاونة الاخيرة حديث، وفي وسائل الاعلام المختلفة، يتناول مفهومي الدولة واللادولة.. والصراع الدائر بين القوى التي تمثلها..
قد يبدو للوهلة الاولى أن المقصود من هذا التصنيف، هو حصر السلاح بيد الدولة،والذي دعت إليه القوى المؤيدة لمؤسساتها،وضرورة تحكمها وسيطرتها على القرار الامني والسياسي فيها.. وأستخدام قوى اللادولة للسلاح الحكومي وتحت غطاء الدولة والتلويح به، في الصراعات السياسية والتنافس الانتخابي..
لكي لاننساق خلف هذين المفهومين،وما يدور بينهما من صراع لاثبات كلاً لرأيه، ينبغي الوقوف على المقصود الحقيقي من هذين المفهومين.. فعندما نقف على تحليل مفهوم الدولة واللادولة، نجد أن هناك الكثير من الاحزاب، موجودة في جهاز الدولة عموماً، والقلة الذي أكتفى بوجوده رسمياً في الحشد الشعبي، والمقر دستورياً من قبل البرلمان، بوصفه جهازاً امنياً رسمياً تم تشكيله بعد سيطرة العصابات الداعشية على ثلث البلاد، لذلك صار يصعب التمييز بين هذين الطرفين، فاغلب القوى السياسية تمتلك السلاح، ولكن الوقائع على الارض هي من تتحدث عن فرضية الدولة واللادولة، والخطاب والافعال غير المنضبطة للعناصر المسلحة، التابعة لبعض القوى السياسية .
الاحداث تشير وبصورة واضحة الى معالم انقسام بين القوى الامنية، التي تمثل الدولة وبين القوى التي لا تمتثل للدولة وقرارها السياسي،ما يتطلب التركيز على ترسيخ مفهوم الدولة أمام غيرها، و إعادة صياغة مفهوم الشراكة بين مكونات المجتمع العراقي، وقطع الطريق أمام كل من يحاول تقويض مفهوم الدولة،ويعمل على عرقلة وتغييب المؤسسات الحكومية كافة على حساب قوى تعمل خارج اطار الدولة والقانون..
كما يجب أن يصاحب ما سبق السعي الجاد، لتقوية القوات الامنية وتأمين مزيد من السيطرة على الامن المجتمعي، ومنع الفوضى والسلاح المنفلت، والذي بات يهدد  المجتمع والاستقرار والسلم الاهلي، الى جانب تقوية الاجهزة الامنية، بكافة تشكيلاتها واعطائها الصلاحيات المنصوص عليها قانوناً، في حماية المواطن، وان ياخذ القضاء دوره الطبيعي، في ملاحقة المجرمين والمطلوبين للقضاء..
وهذا يتطلب تفعيل دور مؤسسات المجتمع المدني، التي ينبغي لها أن تاخذ الدور الرئيسي والاساسي في تثبيت قواعد الامن والقانون في البلاد .

119
المنبر الحر / في ذكرى الفتوى .
« في: 20:07 22/06/2021  »
في ذكرى الفتوى .
محمد حسن الساعدي
ونحن نعيش أجواء وأيام ذكرى فتوى الجهاد الكفائي والتي اطلقها المرجع الديني الاعلى سماحة السيد علي الحسيني السيستاني، تهديد عصابات داعش ودخولها الى الموصل ووصلوها الى مشارف مدينة بغداد،فاننا نستذكر بفرح تلك الاحداث التي غيرت مجرى الاحداث في البلاد،وجعلته رقماً صعباً في المعادلة الاقليمية والدولية، وعلى الرغم من مرور من مشروع مواجهة خطر التكفير الداعشي، عملت المرجعية الدينية لان تجفف منابع الارهاب وحواضنه السياسية المتعددة والمنتشرة في مؤسسات الدولة كافة، عبر اطلاق حزمة الإصلاحات ومواجهة الفساد، فيما عدت بيانات المرجعية الدينية عبر منبر صلاة الجمعة أن الارهاب والفساد وجهان لعملة واحدة ولا بد من مقاومتهما ومواصلة مشروع الاصلاح، وبناء دولة العدل والمساواة.
لذلك ما ان علا الصوت وصدر الأمر من إحدى أزقة النجف القديمة،حتى تنادت النفوس، وتنافست الأرواح وهرولت الأجساد لتدفع الضرر ، وتمحو الأثر وتكتب التاريخ من جديد أن هناك من يستطيع كتابة التاريخ ويعيد أمجاد الأمة الإسلامية من جديد، على يد أبنائها لطرد غربان الليل وجرذان الحفر، وتكتب بخط عريض أنها " فتوى الجهاد الكفائي" التي رسمت معالم اللحظة التاريخية الجديدة في العراق ، وفتحت للأمة آفاقاً جديدة في رسم مستقبلها، وحررت العقول من تبعية الأشخاص إلى التنافس من أجل الوطن، وطرد الإرهاب الداعشي الذي حاث في الأرض فساداً، واحرق الحرث والنسل ، وهتك الحرمات وهجر الأبرياء وبدون وجه وباسم الدين وهو منهم براء.
إن دخول المرجعية الدينية العليا المتمثلة بسماحة المرجع الديني الأعلى السيد علي الحسيني السيستاني، آثار كثير من التساؤلات حول الهدف من وراء هذا الدخول المباشر على خط السياسة وتحديداً الملف الأمني، إلا أن القارئ المنصف يجد أن هذا الدخول جاء بعد استشعار المرجعية الدينية بالخطر الذي يهدد وحدة العراق أرضاً وشعباً، وإرجاع البلاد إلى المربع الأول ، والى معادلة أخرى ظالمة تحكم العراق بالحديد والنار، لذلك كان لزاماً على المرجعية الدينية أن تقلق وتعلن موقفها في ضرورة التصدي والوقوف بوجه العصابات الإرهابية الداعشية والتي تمكنت من السيطرة على ثلث العراق .
تدّخل السيد السيستاني كان مبنياً على أساس الوضع الخطير والاستثنائي الذي تعيشه البلاد ودخول التحالف "الارهابعثي" على خط المواجهة مع الدولة، وإسقاطها ثلاث محافظات تعد من المحافظات الإستراتيجية المهمة، لما تحتويه من مصادر نفطية ومشاريع تحويلية مهمة، ناهيك عن كونها خطاً اقتصادياً مهماً يربط الشمال بباقي مدن بلدنا الحبيب .
الفتوى لم تحقق أنتصارات عسكرية فحسب،بل كان لها أبعاد مهمة تجاوزت لحظة الانتصار العسكري على داعش، كونها أستطاعت من تغيير التوازنات الداخلية والخارجية،فأصبح ينظر للعراق ليس ككبش فداء للصراعات الاقليمية، بل اثبت ابناءه من القوات الامنية والحشد الشعبي أنهم الاحرص والاقدر على أمنه،كما أنها كانت وما زالت المصدر الرئيسي للمشروع الظلامي في المنطقة ككل وليس داخل البلا. فحسب،وتحول التحدي لهذه القوى الظلامية الى فرصة لاثبات الوجود،وتحول هذا الخلل الامني من تراجع الى تقدم،الى تاسيس قوة نظامية تتحرك تحت مظلة القانون والقائد العام للقوات المسلحة والتي ساهمت الى حد كبير في تقويض الاداة الارهابية في المنطقة والتي كانت وما زالت تستخدم للضغط على العراق وتهديد أمنه ومستقبله،لذلك جاءت فكرة إنشاء وتأسيس قوة عقائدية تؤمن بالنظام الجديد وتدافع عنه تحت مسمى (الحشد الشعبي) والذي أستطاع من تغيير المعادلة على الارض وطرد الارهاب الداعشي ونهاية حقبة سوداوية في مستقبل العراق الحاضر .

120
المعادلة التي غيرتها.. الصواريخ
محمد حسن الساعدي
أصبح من المسلمات أن السياسة لوحدها، لايمكن أن تقدم شيئاً في مسيرة أي خلاف بين الدول، وأن منطق عرض العضلات يجدي نفعاً أكثر.. فهو تجربة وجس نبض للعدو نفسه.
لذلك عمدت الفصائل الفلسطينية الى تغيير المعادلة، من خلال تغيير خيوط اللعبة، وهي تعلم بأنها والشعب الفلسطيني ستكون الضحية في هذه المواجهة، وسواءً واجهت الفصائل الفلسطينية أم لم تواجه فهي مستهدفة من الكيان الصهيوني، والذي يعمد الى حرب الاستنزاف، من أجل تنفيذ مخطط تهويد القدس، وتقويض حركة السلطة الفلسطينية على اراضيها، ومحاصرة الفصائل الفلسطينية وضرب قيادتها..
المقاومة كانت أسرع في تنفيذ خطة(الصواريخ) والتي جاءت مفاجأة بكل المقاييس، وهي تعطي درساً مهماً في التعامل في هذه المواجهة غير المتكافئة .
الكيان الصهيوني يشهد أزمة كبيرة وعميقة، خصوصاً بعد إتفاق الاغلبية على الاطاحة برئيس الكيان الاسرائيلي بنيامين ناتنياهو، وهو ما حصل فبات خارج اللعبة، وهذا الامر فتح الباب للتحذير من فترة اضطراب سياسي، قد تؤثر بشكل كبير على الاستقرار الداخلي للكيان الصهيوني، وسيعمد نتنياهو الى قيادة الليكود بعنوان المعارضة، ودخول رئيس حكومة جديد تشوبه الكثير من الشبهات والغموض..
بالمجمل فان السياسية الاسرائيلية لا تختلف كثيراً عن سابقتها، فالعقلية الاسرائيلية هي نفسها، ولن تتغير تجاه القضايا العربية، والدولة الفلسطينة، والتي تسعى الى توسعة نفوذها واستيطانها على حساب الشعب الفلسطيني المرتهن .
يبدو ومن خلال التقارير الخبرية والتحليلات، أن نتانياهو في طريقه للاندثار السياسي، خصوصاً مع تصاعد المطالب بملاحقته قانونياً على خلفية قضايا شبهات وفساد، واصبح من المسلّم أنه خارج اللعبة السياسية، ومع كل عمليات القتل لتي مارسها ضد الشعب الفلسطيني في محاولة منه لزيادة رصيده الشعبي والانتخابي، الا انها فشلت تماماً، وأمسى نتنياهو يقود المعارضة بدل ان يكون على رأس حكومة جديدة، بعد أكثر من ١٢ عام من سرقته للقرار السياسي في تل ابيب .
السياسات الفاشلة والتوسعية، التي استخدمها نتنياهو عبر ١٢ عام في ادارة الحكومة الاسرائيلية، فأمست اسرائيل عاجزة عن تشكيل حكومة يقودها هو، ويبدو من المستبعد أن يتمكن مرة أخرى من تشكيل حكومة، وربما من المستبعد ان يتمكن نفتالي ويائير من الاستمرار في حكومة التقارب، والتي فشل فيها نتنياهو وغانتس، وبالتالي فأن الاسرائيليين عالقون في عنق الزجاجة ويبدو ان المخرج بات صعباً امامهم.

121
الدولة المدنية بين الدستور ووعي المواطن  .
محمد حسن الساعدي
لازالت فكرة الدولة المدنية في العراق، تشهد الكثير من اللغط والنقاش الواسع، بل تحول النقاش فيها الى جدال حاد بين التيارات المدنية والإسلامية..
فقد عدها الإسلاميون خرقا لمتبنيات المجتمع المسلم، ومحاولة لتغيير أسلوبه وسلوكه، وتشويه عاداته وتقاليده، التي كانت بما يتسق والشرع المقدس..
فيما عدها المدنيون انفسهم، انها محاولة لانهاء دور حكم الاسلاميين، والذين يعتقدون أنهم فشلوا في تغيير الواقع بعد عام 2003، لذلك عمل الفريقان بكل قوتهم من أجل تحقيق طموحاتهم واهدافهم، وعلى الرغم من تاخر هذا المفهوم في العراق، إذ ظهر هذا المفهوم عموما في أدبيات العلوم السياسية، خلال الثلاث عقود الاخيرة سيما بعد ظهور موجة ما سمي بالربيع العربي، لذلك فانه بظهوره أثار الكثير من اللغط والتجاذب، وذلك لانه لم يتم تكيفه مع مجتمعاتنا عامة، وبما يتناسب مع الخصوصية الدينية والثقافية للمجتمع عموماً .
عرّف المختصون الدولة المدنية، بانها أتحاد افراد يعيشون في مجتمع، يخضع لمنظومة من القوانين، مع وجود فضاء يُرسي مبادئ العدالة في اطار عقد اجتماعي، تتوافق فيه إرادات جميع أو اغلب مكونات وقوى المجتمع، وتاتي هذه التسمية كون الانسان بطبعه مدنياً وبالتالي فان القواعد التي تنظم حياته وعلاقاته ستكون مدنية، وهو مفهوم أخذ به أرسطوا وأبن سينا وأبن خلدون ومونتسيكو وغيرهم .
تعمل الدولة المدنية على التمييز بين الحيز العام والخاص، وعدم خلط الدين بالسياسة، ولكن في نفس الوقت تحترم الاديان والمذاهب، مع عدم السماح باستغلال الدين لاغراض شخصية أو سياسية، تحاول استخدام الدين أو الرموز الدينية غطاءً لها، وتؤكد على احترامها لجميع الاديان وحق الانسان في ممارسة طقوسه بحرية كاملة، ودون قيود وهذا ما يحدده الدستور النافذ، وان العلاقة بين المواطن والدولة تعتمد الانتماء والعقلانية واحترام التراث والعادات والتقاليد المتوارثة، وهذا ما نحتاج النقاش فيه للوصول الى المشتركات ونجعلها قواعد مهمة للتفاهم والعمل بها والسير عليها .
أن السر الاساسي في تقييم علاقة المواطن بالدولة، ياتي من خلال المواطنة الحقة، والتي تستوعب كل هذا التنوع الآثني والمذهبي، وان تاخذ دورها في احتواء كل الخلافات على الارض، وتحفيز المشاركة او الممارسة السياسية وتعميق ثقافة التسامح وبكل مجالاته، والنظر الى الآخر بأنه"نظير لك في الخلق" وبما يعزز الثقة بين المواطنين من جانب وبين المواطن والدولة، ما يجعل الوعي الوطني يقف أمام كل الواجهات الطائفية والحزبية الضيقة..
الدولة المدنية يكون فيها النظام السياسي والدستور، اهم الاسس في الاستقرار بالبلاد، ويكون المجتمع فيها مبني على أساس الاخلاق، وياتي ذلك من خلال اعلاء صوت القانون واحترام التنوع بكافة انواعه .
أن من اهم مقومات النجاح والمفتاح الاساسي للمواطن، كي تستقيم علاقته بالدولة، هو العمل وفق مبدأ المواطنة والتي هي الحاضنة للتنوع الثقافي والديني، كما انها ستكون حافز للاداء والافكار الاخرى كي تاخذ المنحى نفسه من خلال تحفيز المشاركة السياسية، وتعميق التسامح بكل أنواعه، وبما يعزز الثقة بين المواطن والدولة، وبذلك سيكون للوعي دوراً مهماً وريادياً في بناء زنهضة الامة بشكل عام من خلال الالتزام بالواجبات الوطنية والمدنية في قبال أي افكار طائفية او حزبية ضيقة .
الدولة المدنية يكون فيها الدستور والنظام مصادر الأمان والاستقرار فيها، والتعاطي الايجابي بين مكونات المجتمع كافة، والتي تكون مبنية على اساس الاحترام المتبادل بين تلك المكونات، ويكون القانون هو الحكم والفيصل بينهم وبما يحقق العدالة والمساواة بين أفراده كافة، لذلك على الدولة أن ترتقي في تعاملها مع المواطن من خلال البحث عن مصادر رقيه وتطوره، من خلال تحسين وضعه المعاشي، ببناء نظام أقتصادي عادل وفاعل يضمن حقوق جميع المكونات، وكل ذلك ياتي من خلال محاربة الافكار الظالة التي تريد الشر بالمجتمع العراقي ومحاربة الجهل والتخلف الممنهج، الذي يريد بالمجتمع ان يكون أسيراً للعادات والتقاليد المستوردة، وتحويله الى مجتمع قاصر لايعرف مستقبله .
 

122
لازالت فكرة الدولة المدنية في العراق، تشهد الكثير من اللغط والنقاش الواسع، بل تحول النقاش فيها الى جدال حاد بين التيارات المدنية والإسلامية..
فقد عدها الإسلاميون خرقا لمتبنيات المجتمع المسلم، ومحاولة لتغيير أسلوبه وسلوكه، وتشويه عاداته وتقاليده، التي كانت بما يتسق والشرع المقدس..
فيما عدها المدنيون انفسهم، انها محاولة لانهاء دور حكم الاسلاميين، والذين يعتقدون أنهم فشلوا في تغيير الواقع بعد عام 2003، لذلك عمل الفريقان بكل قوتهم من أجل تحقيق طموحاتهم واهدافهم، وعلى الرغم من تاخر هذا المفهوم في العراق، إذ ظهر هذا المفهوم عموما في أدبيات العلوم السياسية، خلال الثلاث عقود الاخيرة سيما بعد ظهور موجة ما سمي بالربيع العربي، لذلك فانه بظهوره أثار الكثير من اللغط والتجاذب، وذلك لانه لم يتم تكيفه مع مجتمعاتنا عامة، وبما يتناسب مع الخصوصية الدينية والثقافية للمجتمع عموماً .
عرّف المختصون الدولة المدنية، بانها أتحاد افراد يعيشون في مجتمع، يخضع لمنظومة من القوانين، مع وجود فضاء يُرسي مبادئ العدالة في اطار عقد اجتماعي، تتوافق فيه إرادات جميع أو اغلب مكونات وقوى المجتمع، وتاتي هذه التسمية كون الانسان بطبعه مدنياً وبالتالي فان القواعد التي تنظم حياته وعلاقاته ستكون مدنية، وهو مفهوم أخذ به أرسطوا وأبن سينا وأبن خلدون ومونتسيكو وغيرهم .
تعمل الدولة المدنية على التمييز بين الحيز العام والخاص، وعدم خلط الدين بالسياسة، ولكن في نفس الوقت تحترم الاديان والمذاهب، مع عدم السماح باستغلال الدين لاغراض شخصية أو سياسية، تحاول استخدام الدين أو الرموز الدينية غطاءً لها، وتؤكد على احترامها لجميع الاديان وحق الانسان في ممارسة طقوسه بحرية كاملة، ودون قيود وهذا ما يحدده الدستور النافذ، وان العلاقة بين المواطن والدولة تعتمد الانتماء والعقلانية واحترام التراث والعادات والتقاليد المتوارثة، وهذا ما نحتاج النقاش فيه للوصول الى المشتركات ونجعلها قواعد مهمة للتفاهم والعمل بها والسير عليها .
أن السر الاساسي في تقييم علاقة المواطن بالدولة، ياتي من خلال المواطنة الحقة، والتي تستوعب كل هذا التنوع الآثني والمذهبي، وان تاخذ دورها في احتواء كل الخلافات على الارض، وتحفيز المشاركة او الممارسة السياسية وتعميق ثقافة التسامح وبكل مجالاته، والنظر الى الآخر بأنه"نظير لك في الخلق" وبما يعزز الثقة بين المواطنين من جانب وبين المواطن والدولة، ما يجعل الوعي الوطني يقف أمام كل الواجهات الطائفية والحزبية الضيقة..
الدولة المدنية يكون فيها النظام السياسي والدستور، اهم الاسس في الاستقرار بالبلاد، ويكون المجتمع فيها مبني على أساس الاخلاق، وياتي ذلك من خلال اعلاء صوت القانون واحترام التنوع بكافة انواعه .
أن من اهم مقومات النجاح والمفتاح الاساسي للمواطن، كي تستقيم علاقته بالدولة، هو العمل وفق مبدأ المواطنة والتي هي الحاضنة للتنوع الثقافي والديني، كما انها ستكون حافز للاداء والافكار الاخرى كي تاخذ المنحى نفسه من خلال تحفيز المشاركة السياسية، وتعميق التسامح بكل أنواعه، وبما يعزز الثقة بين المواطن والدولة، وبذلك سيكون للوعي دوراً مهماً وريادياً في بناء زنهضة الامة بشكل عام من خلال الالتزام بالواجبات الوطنية والمدنية في قبال أي افكار طائفية او حزبية ضيقة .
الدولة المدنية يكون فيها الدستور والنظام مصادر الأمان والاستقرار فيها، والتعاطي الايجابي بين مكونات المجتمع كافة، والتي تكون مبنية على اساس الاحترام المتبادل بين تلك المكونات، ويكون القانون هو الحكم والفيصل بينهم وبما يحقق العدالة والمساواة بين أفراده كافة، لذلك على الدولة أن ترتقي في تعاملها مع المواطن من خلال البحث عن مصادر رقيه وتطوره، من خلال تحسين وضعه المعاشي، ببناء نظام أقتصادي عادل وفاعل يضمن حقوق جميع المكونات، وكل ذلك ياتي من خلال محاربة الافكار الظالة التي تريد الشر بالمجتمع العراقي ومحاربة الجهل والتخلف الممنهج، الذي يريد بالمجتمع ان يكون أسيراً للعادات والتقاليد المستوردة، وتحويله الى مجتمع قاصر لايعرف مستقبله .

123
انتخاباتنا بين الخيار والفوضى !!
محمد حسن الساعدي
بدأت كثير من القوى السياسية تسرب، رغباتها المغلفة على شكل "تحليلات وتوقعات" بأن الانتخابات القادمة لن تجرى في موعدها المقرر..
تستند في هذا الرأي لمعطيات مهمة، تفرض نفسها في الواقع السياسي، وتجعله مقيدا في إجزاء اي انتخابات مبكرة.. وعلى الرغم من الاستعدادات المهمة والمبكرة، التي قامت بها حكومة الكاظمي والبرلمان، بداية من إعداد قانون المفوضية، ثم إنتخاب مجلس المفوضين ،  وصولا لإختيار أعضاء المحكمة الاتحادية العليا، وغيرها من الامور الفنية.. إلى جانب طلب الحكومة العراقية رسمياً، من الامم المتحدة التعاون في مجال مراقبة الانتخابات.. بالرغم من كل ما سبق، فهناك من يعتقد ان كل هذه الامور، ليست تأكيدا على ان الانتخابات ستجرى في موعدها المقرر.
هناك معوقات كبيرة وكثيرة في طريق اجراءها، ففي وقت سابق اعلنت القوى المدنية ومنها الحزب الشيوعي، تعليق مشاركتها في الانتخابات القادمة، عازية ذلك الى الفوضى السياسية وانتشار السلاح المنفلت، الى جانب استشراء ظاهرة المال الفاسد، الذي اخذ يغير في الخارطة السياسية في البلاد، ويعجل في دخوله في نفق مظلم لا نهايه له.
اصحاب مقولة ان الانتخابات يجب ان تجري، هم من يعتقدون بضرورة العمل لتأسيس الدولة، وينبغي البدء فعلاً بهذا الاجراء، بعد كثير من التلكوء والفشل والفساد المستشري، الذي ضرب جميع مفاصل الحكومة ومؤسساتها، ونهب ميزانياتها الانفجارية، التي لو صرفت بشكل صحيح وشفاف، لكان العراق في مقدمة الدولة المتطورة بالمنطقة..
الساعون لإجراء "الانتخابات المبكرة"يعتقدون ان هناك فرصة حقيقية لتأسيس الدولة، تقابلهم قوى لا تريد ان تفرض الدولة هيمنتها على مؤسسات الحكومة، وتسعى جاهدة لجعلها أسيرة، بيد القرارات الارتجالية والاجتهادات الحزبية، واجتماعات الغرف المظلمة "للدولة العميقة"
هذا جعلهم في غالبيتهم متخوفين من اجراء هذه الانتخابات، كونها تكشف الحجم لحقيقي لتلك المكونات، وتجعلها عرضة للازاحة من المشهد، الانتخابي والسياسي على حد سواء، وهذا ما شهدناه فعلاً في تراجع بعض المكونات السياسية، في حين تقدم أخرون ولو نسبيا.. لذلك ستلجا القوى التي تسعى، الى بقاء هذا الوضع على ما هو عليه، الى جعله ساكناً حتى نهاية الدورة الانتخابية، وهي بالتاكيد ترغب في الابقاء على مصالحها ونفوذها السياسي .
الوضع القادم وحسب المعطيات والمعلومات المتسربة هنا وهناك، فيه كثير من المشاكل والتعقيدات والتهديدات، خصوصاً مع بروز معلومات استخبارية، تفيد بوجود أجندات خارجية تسعى، لتخريب الوضع الداخلي في العراق ، وان المعركة القادمة ستكون في داخل المكونات "المذهب الواحد" وتحاول إدخال البلاد في صراعات داخلية، يكون المواطن حطبها ونارها المتقدة، ما سيدفع  بالبلاد نحو الهاوية والتقسيم..
تبعا لذلك فالانتخابات ستكون نقطة الانطلاق، نحو إنهاء كل الاجندات والمخططات الرامية الى ضرب العمق العراقي، وجعله يعيش حرب مكونات، والتي تسعى لتعزيز نفوذ القوى، التي لا تريد قيام دولة قوية تنهي دور السلاح المنفلت، وتضرب اصحاب المال السياسي وسارقي خيرات البلاد وقراره السياسي..
لا يمكن التكهن بما سيجري خلال الفترة القادمة، والايام التي تسبق الانتخابات، والتي ستشهد تصاعدا في وتيرة التراشق الاعلامي، والاستهداف للجميع من الجميع.. لذلك يجب على الحكومة العراقية الاستعداد امنياً، والضرب بيد من حديد على كل الخارجين على القانون، وضبط السلاح المنفلت وملاحقة العصابات الاجرامية، التي تهدد امن واستقرار البلاد، وان تكون هناك حملة ملاحقة رؤوس الفساد في البلاد، وتفكيك شبكات السرقة في الحكومة ومؤسساتها، والعمل الجاد من أجل توفير مناخ آمن للناخب العراقي وهو يدلوا بصوته لاختيار مستقبله القادم .

124
مسرحية مستمرة فصولها .
محمد حسن الساعدي
ربما يراهن البعض على أن إجراء الانتخابات المبكرة، والمزمع اجراءها في العاشر من تشرين الاول المقبل، ستكون فرصة مهمة للواقع السياسي برمته ورجالاته، وتمثل الفرصة الاخيرة بل الامل بالتغيير..
ربما هذا لا يعدو أن يكون إلا أماني وأحلام من الصعب تحقيقها، فالمشهد السياسي برمته لا يبشر بخير، فالنظام القائم فاشل وفاسد، وتتحكم به المقدرات السياسية والحزبية ،إضافة لوجود سلطة حكومية لا نخطيء، إن وصفناها بأنها أحيانا تكون كارتونية.. تتبع لقوة وسلطة هذا الحزب او ذاك ، وغارقة بالفساد والفقر والمديونية..
هذا ما أنعكس على الواقع الاقتصادي، مما تسبب بإجراء أقل ما يمكن أن يقال انه، فسح المجال للفاسدين ان يزدادوا فساداً بارتفاع سعر الدولار أمام الدينار العراقي، وهذا دفع لزيادة إنهاك المواطن العراقي، وجعله في دائرة العوز، والتراجع في تغطية احتياجاته الاساسية دائماً.
الانتخابات المبكرة لن تحقق تغير من الواقع بشكل كبير.. فالكتل السياسية والاحزاب عموماً هيمنت على الواقع السياسي، والاحزاب التي قارعت النظام الاستبدادي، وقدمت الكثير من التضحيات للخلاص منه، ها هي اليوم تقع في خطأ كبير وهو سوء الادارة وغياب التخطيط، وتفشي الفساد بين مؤسسات الحكومة، ما يعكس حالة الفشل والتخبط الذي تعاني منه هذه الاحزاب، وعدم قدرتها على التعاطي الايجابي مع متطلبات المجتمع العراقي وتوفير الخدمات، إضافة الى ان هذه الاحزاب فقدت مكانتها ومصداقيتها أمام الجمهور، والذي كان ينتظر ويعول كثيراً عليها، في أتخاذ القرارات الصائبة والتي تلبي طموحات الشعب في العيش بكرامة، وتجعله بلداً مستقلاً غير تابع لاي جهة او بلد، ويعمل وفق قراره السياسي ودستوره .
المعول على الانتخابات القادمة ان تفرز برلماناً مستقلاً ذو سلطة تراعي مصالح العراق ارضاً وشعباً، ويبتعد عن الاجندات الداخلية والخارجية، ويبعد العراق عن الصراعات الخارجية والذي جعلته ساحة حرباً بالنيابة عنها منذ عام ٢٠٠٣ والى يومنا الحاضر، الامر الذي يجعلنا أمام مخاوف حقيقية، من مدى تحقيق هذه الانتخابات لاهدافها في انتاج حكومة وطنية مستقلة، تكون بعيدة عن التاثير الحزبي والفئوي، وتعكس الاغلبية مهما كانت قوميتها او مذهبها، وتكون عراقية بامتياز .
الانتخابات القادمة وبحسب استقراء محللين سياسيين، أنها ستكون مسرحية جديدة لن تغير من واقع الامر الشيء الكثير، فالبلاد تعشعش فيه (الاجندات،الفساد،الصراعات) ومثل هذه المشاكل المعقدة لا يمكن ان تحل بين ليلة وضحاها، ما لم تاتي بنظام سياسي مختلف يستند لعقد جديد، لذلك الانتخابات التشريعية القادمة تواجه تحديات جدية، وربما تحول دون الاهداف التي يسعى إليها الكاظمي في ظل الفساد المستشري، والذي ينخر جسد الدولة العراقية، وربما سيحرم الكتل السياسية من ترتيب أوراقها او عقد صفقات بعد فوز الكتل التي ستتصدر المشهد السياسي، لذلك فهناك أعتقاد لدى الاوساط السياسية وتخوف جدي من خسارة متوقعة في هذه الانتخابات، كما ان من المتوقع أن تكون هناك مشاركة واسعة، خصوصاً من الشباب الذين يسعون، لتحقيق تغيير جذري في النظام السياسي من خلال الانتخابات، والذي قد يؤثر على نتائج الانتخابات ويجعلنا امام خارطة جديدة ونظام جديد..
لهذا كله ومن منطلق بناء واقع سياسي جديد، يلبي طموحات الشعب العراقي ينبغي على الجميع المشاركة الفاعلة في ثورة الاصبع البنفسجي، وحرق الاستبداد والتسلط الاعمى للاحزاب الحاكمة، و التي تسعى من خلال صناديق الاقتراع، لتثبيت وترسيخ جذورها اكثر في البلاد، والسيطرة على مقدرات الشعب العراقي وسرقة مستقبله القادم .

125
عندما تتهجد الصواريخ
محمد حسن الساعدي
مع انطلاق صفارات الانذار والسماء بدت مضيئة، وهي تنير طريق التهجد نحو هدفه، وكأن السماء ترحب بهذا التهجد لتجعله خطوطا عريضة في تاريخ السماء، ونقاط مضيئة في الارض..
تلك الصواريخ التي كانت ممتلئة بالدعاء والتهجد، وهي تتغنى بارواح الشهداء، الذين كانوا حلقات مضيئة في طريق التحرر، فما ان انطلقت تلك الصواريخ حتى هرعت الجرذان، لتجد لها جحراً تختبأ فيه ، حيث وجهت كتائب المقاومة ضربة صاروخية، دقيقة ومركزة الى العمق الاسرائيلي وتحديداً تل ابيب ومطار بن غوريون، وياتي ذلك رداً على استئناف الاحتلال قصف الابراج المدنية، واعترف الاحتلال بوقوع قتلى وجرحى وأضرار كبيرة، جراء دك صواريخ القسام على تل ابيب وبئر السبع والتي جاءت بصواريخ جديدة ومن “العيار الثقيل” حسب وصف الكتائب
حيث اطلقت الاخيرة أكثر من ألف صاروخ، استهدف مدن الاحتلال وصولاً الى الخضيرة شمالاً ، حيث استخدمت فيها صواريخ نوع SH85 إضافة الى صواريخ J90 وJ80وM75 ، فيما استهدفت صواريخ “سجيل” بئر السبع المحتلة ، فيما وجهت المقاومة الفلسطينية، ضربات صاروخية لمطار بن غوريون من نوع ” العطار ” واصابتها بشكل مباشر.. ياتي ذلك في اطار التصعيد الاسرائيلي، في استهدافه لبرج الجوهرة، الذي يضم عدداً من مقرات وكالات الانباء المحلية والدولية .
ان هذا الاستهداف والقصف المركز للكيان الصهيوني، وبهذه الكمية الكبيرة من الصواريخ ، يطلق عدة رسائل اهمها، أن المقاومة الفلسطينية، ليست المقاومة قبل سنوات، وكانت لغتها الحجارة قبالة الدبابة، ولكن اليوم الصواريخ العابرة هي من تتحدث، وهي من تحسم الموقف ، إضافة الى انها كشف عورة الكيان الصهيوني، وضعف قدرته علي التصدي لاي هجوم من قبل المقاومة، الى جانب ذلك كله فان القصف المركز لصواريخ القسام، يفند أكذوبة “اسرائيل القوية” والتي اصبحت اكبر قوة في الشرق الاوسط، بفضل الدعم الامريكي والقوى الغربية، التي جعلت من الكيان الغاصب دولة ذات سيادة، ومهدت للحكام العرب “الخونة ” الطريق امام التطبيع معه، ما يعني ان كل هذه الاساليب في التعاطي مع تل ابيب، اصبح أضحوكة العصر امام قوة الضربات الصاروخية، التي نشرت الرعب والخوف في الشارع الصهيوني.
هذا الدرس البطولي اعطى دعماً معنوياً، للمقاومة الفلسطينية خصوصاً ، وعموم المقاومة في المنطقة، وبين ان منطق السكوت والخنوع، لن يولد سوى الخنوع اكثر وكسر الارادات ، وسرقة الحريات وقتل الشعوب ببطئ ، وهذا ما يعني اسكات اي صوت ينادي بالحرية للشعب الفلسطيني، وعودة ارضه المغتصبة ، لذلك فان الاسلوب الجديد في التعاطي مع الكيان الغاصب، سيعطي مردودات كبيرة ومهمة، على المدى القريب وليس البعيد فقط، بل سيجعل هذا الكيان يعيد حساباته كلها، في التعامل مع المقاومة سواءً في لبنان وفلسطين وسوريا، ويجعل محور المقاومة ككل رقماً صعباً، في الوقوف بوجه المخططات الرامية الى تمزيقه، وابعاده عن جمهوره والذي يجد فيه المتنفس، للخلاص من العبودية الى التحرر .
سوف لن تكون الاخيرة والقادم اكبر واقوى، مما تتصور اسرائيل وكيانها الغاصب، وستسقط كل التكنولوجيا الصهيونية امام عزم واصرار المقاومة، كما ان هناك رداً لم ياتي بعد من المقاومة اللبنانية والتي وعدت بالثأر لكل الشهداء بدءً من شهداء النصر، وصولا لأخر قطرة دم سقطت، من اجل حرية الشعوب وخلاصها من الهيمنة الكارتونية، للكيان الصهيوني الغاصب والذي سيجد نفسه سجيناً، في جحور الاختباء ويفقد قدرته على التصدي لنار وقوة المتهجدين .
 

126
صراع الهوية ومرتكزات المواطنة.
محمد حسن الساعدي
لايمكن فهم وقراءة التحديات التي تواجه العراق الان، ما لم ننظر بواقعية الى خلفيات هذه التحديات، سواءً سياسياً أو أمنياً خصوصاً بعد الاحداث الطائفية التي وقعت بعد عام ٢٠٠٣، لتصبح السلاح المدمر الذي استغل بابشع صورة من قبل القوى السياسية بمختلف مسمياتها..
يضاف لما سبق السياسيات الكارثية، التي ولدت احتقانا خطيرا في الشارع العراقي..  فقد دمرت الاحداث التي تلت سقوط نظام البعث، نتيجة تلك السياسات الدولة العراقية والمجتمع.. وكان ثمن ذلك ضحايا قدر عددهم خلال الاعوام (٢٠٠٣-٢٠١٤) بما تجاوز ١٥٠ الف شخص، وفي عام ٢٠٠٩ قدرت دراسة أجراها الكونغرس الامريكي ان عدد اللاجئين العراقيين، قد بلغ مليوني لاجئ، وأن عدد الذين نزحوا داخلياً قد تجاوز ٢،٧ مليون نازح..
ادت الاطاحة بالنظام السابق في عام ٢٠٠٣ الى تدمير، ما تبقى من دولة متداعية ومجتمع إنتشرت فيه العصابات المنفلتة الاجرامية، إضافة الى انتشار السلاح المنفلت بيد العشائر والعصابات، وبعد سقوط النظام لم يحصل فراغ أمني فحسب، بل حصلت فجوة ايدولوجية وسياسية كبيرة ايضاً، فنشبت على اثرهما صراعات ومعارك على مختلف المجالات، لترسم بذلك معالم النظام السياسي الجديد وطبيعة الهوية الوطنية العراقية ومصالحها.
لقد اعتبر النظام السياسي بعد عام ٢٠٠٣ وكانه الخلاص للشعب العراقي، وسقوط الدكتاتورية البغيضة، ونهاية حقبة من القمع والتهميش للمكونات الاساسية للشعب، مما ادى الى حصول شروخ بين هذه المكونات، وبعد اندلاع الأحداث الطائفية، التي اودت بحياة اكثر من ٣٥ الف شخص في عام ٢٠٠٦، حيث أشارت التقارير الى اكثر من ١٠٠٠ ضحية في اليوم، واجبر اكثر من ٣٦٥ الف مدني لمغادرة منازلهم، فشهدت احياء بغداد المختلطة، تغييرات سكانية كبيرة نتيجة هذا النزوح القصري .
يرى كثير من المحللين السياسيين ان ليس من مصلحة الساسة، الاختباء خلف الهوية الطائفية على المدى الطويل، بل الاجدر بهم ان يحملوا هويه وطنهم، وشعارهم المستقبلي وهم يخوضون غمار الانتخابات " هموم الوطن " بدل ان ينحازوا لتلك الطائفة او القومية، وضرورة تفادي الخطاب الطائفي وهذا بالتأكيد، سيقوي أسس الثقة بين المكونات المجتمعية عموماً والسياسية خصوصاً، ويجعل المشهد الانتخابي القادم اكثر رصانة وقوة ونزاهة، وهذا سيخلق أرضية لتسهيل اختيار وانتخاب الرئاسات الثلاث كمحطة، في سلسلة خطوات العملية الديمقراطية ويجعلها شفافة، قبالة اي مخططات تحاول زعزعة الاستقرار السياسي والامني في البلاد .
هناك حاجة لتأسيس ثقافة جديدة لمعالجة، إهتزاز الهوية الوطنية التي تباينت مفاهيمها بشكل واسع في المجتمع، من خلال تحقيق وترسيخ مفهوم المواطنة، والتي تتمثل بحصول جميع المكونات وبشكل متساوي على حقوقها المنصوص عليها دستورياً، وهناك كثير من الحلول التي تفرض نفسها في الوقت الحاضر، من خلال تطبيق مفهوم المركزية المرنة، فلازال العراق يعاني من ازمة سلطة، وطغيان السلطات الاخرى وتقاطعها، فتحتاج المركزية هنا للتصدي، وتفرض نفسها على القانون والدولة، حيث ازهرت هذه السلطات "الثانوية والصغيرة" عندما كانت الدولة ضعيفة، وأمست قوة تضاهي قوة الدولة، بل وصوتها اعلى من صوت القانون أحيانا، وتتحكم في مؤسسات الدولة حسب حاجتها وإنتفاعها ومصالحها .

127
نهاية الشيعة في العراق!
محمد حسن الساعدي
تذكر لنا بعض الروايات المسندة عن اهل بيت العصمة (عليهم وألهم السلام) ان العراق سيكون بلد الهرج والمرج، وسيكون محل الفتن والملاحم والصراعات الداخلية، وتؤكد لنا  ان هناك جماعة تظهر تحرف الدين وتقود الفاسقين وتقتل النفس المحترمة بغير حق، وتستبيح المحضورات، وتقاتل العلماء وتكون سيفا، سليلا على العلماء واهل الفضل والعلم، وستكون هي من تقف امام حركة الإمام المنقذ (عج)..
هذه الروايات على اختلاف مسانديها فانها ستكون في آخر الزمان، وسيقودها فتى طائش لايعرف من الدين شي، يقود الهمج والجهلة الى استباحة دماء العلماء والابرياء، بل استباحة البلاد والعباد وجعلهم أسرى بيديه دون وازع ديني او اخلاقي، وهذا ما يجعلنا نتساءل عن الكيفية التي سيظهر بها ، وكيف سيكون شكل العراق في آخر الزمان!
المتابع يجد ان وبعد احداث التسعينات من القرن المنصرم، ظهرت فرق شيعية منحرفة ادعت ولاءها للمذهب، وأنها الحريصة اشد الحرص عليه، وادعت انها الاقدر على قيادة الامة الاسلامية والتشيع تحديداً، بل وسعت الى فرض الامر الواقع على الشيعة في العراق، من خلال فكرها وفتاويها، التي لم تكن يوماً تدعوا الى وحدة الصف، بل تعمل لتمزيقه، فأظهرت تسميات متعددة في الحوزة العلمية بالنجف الاشرف ، وبدات تدعي انها صاحبة اليد الطولى في المرجعية الدينية العليا، في حين ان الجميع واهل المعرفة والخبرة، يعرفون جيدًا ان المرجعية الدينية، منصب الهي لخواص عباده ، فهو يحتاج الى توفيق منه ( عزوجل ) ومباركة الامام المعصوم، والذي ستكون هي بمقام الوكيل عنه، في الدفاع عن بيضة الاسلام وحماية الدين والمذهب، وخدمة المجتمع المسلم بما يحقق الوحدة بين جميع افراده بغض النظر عن الدين او القومية، لان المرجعية الدينية لا تنظر الى فكر الشخص وقوميته، بقدر ما تنظر الى انتماءه للوطن .
العراق سيكون ساحة الفتن والصراعات الفكرية المنحرفة، التي ظهرت بعد التسعينات، وهي ما تزال تعمل بفكر وبمنهج "فرق تسد" ووفق أليات "العب لو اخرب الملعب" وتسعى جاهدة الى السيطرة على حياة الناس بالقوة، دون النظر الى مصالح الشعب العراقي وحمايتها، ورعايتها بما يحقق السلام والسلم الاهلي، وأن هذه الفرق الضالة والتي ظهرت بمسميات متعددة، تلعب على عدة مسميات من أجل كسب الجمهور وشراء تعاطفه، خصوصا اذا ما علمنا ان الشعب العراقي يتميز بالطيبة، والثقة المفرطة والتي تصل الى حد السذاجة، امام الاختيار الصائب لنواب الشعب وممثليهم، لذلك تركز على اللعب على هذا الوتر، و تسعى الى كسب صوته، من خلال التلاعب بمقدراته وجعله في خوفاً دائم من القادم ، وانهم الاقدر على حماية مصالحه..
في نفس الوقت تسعى بكل قوتها، من اجل بسط نفوذها في الدولة العراقية، وتتمدد لتكوين دولة عميقة، على غرار الدولة العميقة التي تشكلت بعد عام ٢٠٠٣.. والجمهور لا يعلم ما يخبئ له المستقبل، امام كتل واحزاب لعبت على حياة الناس، وتلاعبت بمصيرهم، وما المجزرة التي ارتكبت بحق المرضى في مستشفى ابن الخطيب، الا تعبير صادق عن مدى رخص ثمن المواطن العراقي، الذي ينتظر العلاج ليعيش لا يذهب للعلاج ليحترق، او يموت بالاهمال والقتل العمل.. ناهيك عن عمليات التلاعب بادوية المرضى، والاجهزة الطبية والتي هي الاخرى، تسيطر عليها عصابات ومافيات القتل والمتاجرة بارواح الناس وصحتهم .
ان تحققت تهديدات هذه المجاميع، وتحكمت في نتائج الانتخابات القادمة فان البلد سيكون في فوهة بركان الاحتراق، وسنرى الناس تقتل في الشوارع، ويفقد الامان من الناس بحيث لا يأمن الفرد على نفسه واسرته وبيته، وستتححقق كل الروايات التي تؤكد، ان الامان سيفقد في بلد القتل والاغتيال ، وسنرى ان الروايات ستصح في ان العراق، وسيعيش ظلام الجهل والتخلف وسيطرة آلة القتل، الى جانب نشر الضلالة والافكار المنحرفة والتي ستكون المحرك للجهلة الذين يعتاشون على مثل هذه الافكار والمجموعات..
القارئ المنصف يرى وباعتدال، ان هناك جبهتين تتحركان في الساحة العراقية، ساحة العلم والبناء ننشر الوعي وبث روح الوحدة بين مكونات الشعب العراقي بكافة اطيافه، والمتمثلة بالمرجعية الدينية العليا ومن يتبعها ويتمسك بتوجيهاتها ، وساحة الجهل والقتل والإدعاء للمجتمع انهم اهل الصلاح والاصلاح ، وانهم الاقدر على حماية المجتمع وصيانه حقوقه ، وهنا لابد للمواطن ان يعي جيدا انه مسؤو شرعيا وقانونيا عن اختياره، في الاصلح والاقدر على مصالحه ومستقبله، وان يكون معيار النزاهة هو المعيار الوحيدة في اي اختيار مستقبلي قادم.
يبقى الباب مفتوحاً للمتغيرات على الساحة العراقية، وان بلادنا مفتوحة على كل الاحتمالات،لان الواقع يتحدث بصراحة عن زمن اخير، يكون الفاسد فيه هو سيد الموقف وأن الحق يعيش غريباً لا ناصر له .. وعندها فقط يمكن القول أن التشيع الحقيقي قد بدأت نهايته..

128
مجالس المحافظات...نظرة قانونية .
محمد حسن الساعدي
لقد أثير الكثير من اللغط والتساؤلات حول قرار مجلس النواب عام 2019 والقاضي بتجميد عمل مجالس المحافظات عموماً،ويأتي هذا الأجراء بعد الاحتجاجات العارمة التي اجتاحت البلاد وطالبت بإلغاء مجالس المحافظات،وعلى أثرها تباينت وجهات النظر حول هذا القرار بين مؤيد للأجراء الحكومي وبين معارض،ولاسيما أن هذه المجالس نص عليها الدستور العراقي النافذ صراحةً،لان الدستور العراقي نص صراحة على أن النظام في العراق نظام لامركزي إداري، وان النظام الاتحادي في البلاد يتكون من عاصمة وإقليم وحكم لا مركزي في المحافظات عموماً،حيث نصت المادة(122) من الدستور على منح المحافظات التي لم تنتظم بإقليم كافة الصلاحيات الإدارية والمالية لإدارة شؤون المحافظة ووفق مبدأ اللامركزية الإدارية، وينظم ذلك بقانون في انتخابات مجلس المحافظة وبما يتسق مع الدستور،لذلك فان السلطات المحلية أو تحديد صلاحياتها،لابد أن يكون ضمن النص الدستوري،وان حل هذه المجالس يتم بناءً على طلب ثلث الأعضاء ووفق أحكام قانون المحافظات غير المنتظمة بإقليم رقم(21) لسنة 2008 ويتم ذلك كله في حالة مخالفة المجلس لقوانين وشروط العضوية في المجلس،كما أن لمجلس النواب حل المجالس بالأغلبية المطلقة بعدد أعضائه ومن خلال طلب يقدمه المحافظ أو طلب ثلث أعضاء مجلس المحافظة .
 
برزت في الآونة الأخيرة على المشهد السياسي مطالبات بتفعيل دور مجالس المحافظات،خصوصاً بعد أعداد رئاسة الجمهورية مشروع قانون لمجالس،على أن تجرى الانتخابات بالتزامن مع انتخابات مجلس النواب العراقي والتي من المزمع إجراؤها في تشرين الأول المقبل،على أن يُشرع قانون بتقليل عدد أعضاء مجالس المحافظات،وان لا تكون ساحة للصراعات والخلافات السياسية والتي عطلت المشاريع التنموية في المحافظات كافة،كما ينبغي أن يصار إلى تحديد مهام المجلس المحلي بدقة،كونه شُرع بوصفه مجلس خدمي يعمل على تقديم الخدمات للمجتمع عموماً، فضلاً عن مهامه الدستورية في تشريع القوانين في المحافظة .
وأخيراً لابد من إيجاد آليات دستورية توضح أداء مجالس المحافظات، وأما تقليص عدد أعضاءها فهو أمر مهم لما تشكله من عبء مالي مدمر على الدولة، حيث تحولت من دورها الخدمي إلى ساحة صراع سياسي، على أن يقر قانون يتيح انتخاب المحافظ بالاقتراع المباشر وبدون أي تأثير حزبي أو سياسي وبما يضمن صعود من يختاره الجمهور دون غيره، وتفعيل دور الرقابة المالية والإدارية ورقابة الشعب على مصالحه من خلال أعضاء مجلس النواب للمحافظة بتشكيل لجان رقابية تمارس مهمتها الرقابية لكل محافظة، وإعادة النظر في قانون المحافظات والانتخابات، عبر الدوائر المتعددة، والقوائم المفتوحة وبما يتيح مشاركة الكفاءات والخبرات في خدمة المحافظة، وإنهاء دور الأحزاب السياسية التي كانت أداة تخريب وسرقة للمال العام ونهب خيرات المحافظات.
 

129

أبن الخطيب تكشف زيف الإصلاح ؟!!
محمد حسن الساعدي
حالة الهرج والمرج التي تعيشها الدولة العراقية،والضياع التي تسير فيه الحكومة والتي بدت غير قادرة على معاجلة ابسط الملفات والتي بمساس بالمواطن العراقي ،فالملف الاقتصادي وزيادة سعر شراء الدولار انعكس سلباً على حياة المواطن المعتاش على رزق راتبه الشهري ، وإذا به يفقد نصف راتبه بسبب غلاء الأسعار من جهة وضياع راتبه بسبب ارتفاع الشعر، وانخفاض قيمته في السوق، وهذا ما انعكس فعلاً على الشارع العراقي عموماً،فأمسى المواطن العراقي لا يمكنه أن يتعايش مع رفع الأسعار المتصاعد والذي بدأ يضرب قوت المواطن اليومي من خضروات والعذر حاضر "الدولار"، وهو أمر يدخل في دائرة الفساد الذي بدأ يكسر شوكة الدولة ويسرق هيبتها،إذ بدا واضحاً أن الفاسدين صوتهم أعلى من صوت الدولة،وان ورائهم قوى تحميهم وتدفع عنهم أي مسالة قانونية محتملة،لذلك نجد أن عصابات الجريمة تفننت في قتل الناس وسرقتهم، وتحت طائلة القوى السياسية أو السلام المنفلت والذي يبدو أن من يتحكم بمصير وحياة المواطنين العزل .
ما حدث في مستشفى أبن الخطيب هو الآخر يعكس حالة الفساد التي وصلت لها المؤسسات الصحية ففي أي بلد يحترم مواطنيه وتحدث مثل هذه الكارثة التي راح ضحيتها أكثر من 55 شهيداً أغلبهم من مرضى كورونا،وأن مثل هذه الجرائم الإنسانية ينبغي تطويقها بلجان تحقيقيه تعلن النتائج وتحاسب المقصر، لايتم من خلالها تصفية الحسابات السياسية بين القوى السياسية والتي هي المشاركة في كل ملفات الفساد وجزء منه، والمراد من ذلك كله هو شحن الشارع أكثر مما هو محتقن وينتظر الفرصة للانقضاض على ما تبقى من ركام الدولة،فما حصل في مستشفى ابن الخطيب نحتاج فيه إلى وقفة ضمير والنظر إلى حياة المواطن العراقي بعين المسؤولية،وعلى القانون أن ينتصر لكرامته التي تنتهك يومياً بالاغتيال أو لغة السلاح التي أمست هي اللغة السائدة، وكل ذلك يدخل في خانة المزايدات السياسية لتحقيق مصالح سياسية على حساب المواطن .
على الحكومة العراقية تحمل مسؤوليتها أمام ما يجري يومياً من قتل للإنسان ،والوقوف لتأمل ما يحدث من سرقة لحياة الأبرياء تحت طائلة السلاح المنفلت وبحماية حكومية وأحزاب السلطة الذين تعكزوا على حرمان المواطن من اجل المكسب السياسي ، وتحت شعارات ويافطات الإصلاح والتي عكست كذبهم وزيفهم أمام المطالب المشروعة للمواطن العراقي في العيش بكرامة ، لان حادثة مستشفى أبن الخطيب تستدعي تقديم المقصرون إلى المحاكمة وفي مقدمتهم وزير الصحة ،وهذا ما يمكن إجراؤه كأبسط إجراء تتخذه حكومة تحترم شعبها وكرامته،وإلا ما أكثر اليافطات المعزية التي تعلق على جدران المستشفى أو على جدران البيوت وهي تعزي بفقدان أعزتهم في هذه الجريمة بحق الأبرياء المرضى، وسوف لن تنتهي هذه الحلقات الخطرة من حياة المواطن تحت ظل فوهة البندقية والأحزاب الفاسدة .   
     

130
من هو رئيسنا القادم ؟!
محمد حسن الساعدي
تشير الأخبار الواردة من الغرف المغلقة، أن هناك حركة تقوم بها الأحزاب الكردية ، حيث تشير التقارير أن الرئيس القادم، سيكون من الحزب الديمقراطي الكردستاني ،كما أن هناك تغييرات مؤكدة في التحالفات السياسية القادمة، للدخول في الانتخابات..
"التسريبات" تؤكد أن هناك احتمالا كبيرا، لتبادل المواقع والأدوار بين (البارتي والبكتي) وتباعا لذلك وبحسب الأخبار سيكون الرئيس العراقي القادم (نجيرفان بارزاني) الرئيس الحالي للإقليم.. وهذا ما يعكس المتغيرات الكبيرة والمهمة، في مشهد التحالفات والتي قد تتغير إلى خارطة جديدة..
إذا ما علمنا أن هذه المتغيرات هي الأخرى ستطال القوى الشيعية والسنية على حد سواء، فمن المرجح أن يكون هناك متغيرات في المشهد الشيعي، والذي يشهد خلافات كبيرة، قد تعصف بكتل لها نفوذ (كالفتح).. حيث تشير الأخبار إلى حصول خلافات حادة، بين العامري والاسدي ما ينذر بانسحاب الأخير من التحالف، كما يبدو من خلال قراءة المشهد ان الحكمة، سيكون لاعبا أساسياً ومهما في المشهد القادم، من خلال تفاهمات مهمة يجريها مع العبادي والحلبوسي وقوى كردية، من خلال تشكيل تحالف عابر، يمثل القوى السياسية الشيعية والسنية والكردية، وربما تلتحق به بعض القوى الصغيرة ، الأمر الذي يجعلنا أمام متغيرات مهمة تؤثر على المشهد السياسي برمته .
اللافت في رئيسنا القادم أن صحت هذه الاحتمالات، وعلى الرغم من إتقانه اللغات الأخرى، إلا انه لايجيد اللغة العربية والتي تعتبر اللغة الأم في العراق.. إلى جانب عدم إدراكه وإلمامه بواقع المكونات الاجتماعية والجغرافية العراقية، إضافة إلى التركيبة الديمغرافية للشعب العراقي ، خصوصا، وان السيد بارزاني غائب عن المشهد السياسي العراقي ، حيث عاش بعيدا عن العراق منذ عام ١٩٧٥، وعاش فترة شبابه وأكمل دراسته خارج العراق..
من المنطقي التساؤل عن قدرته كمرشح، لإدارة هذه الخلافات بروح شفافة، بعيدا عن التعنت والاصطفافات القومية، التي أبعدت الأكراد عموما عن المشهد العراقي والمشاركة في القرار السياسي، ومنها القرارات غير المدروسة التي يطلقها، الكرد والتي تجعلهم في موقف الإحراج، كما حصل من استفتاء، رفضته القوى السياسية العراقية، إضافة إلى الرفض الإقليمي والدولي .
السيد نجيرفان يمتلك علاقة طويلة ومتشعبة مع دول الغرب ، تجعل منه تحت دائرة الضوء والتشكيك، وتضعه كصيد سهل أمام منتقديه، والذين يتهمونه بعلاقته وارتباطاته الدولية،ما يؤشر عند اغلب القوى السياسية أن مجيئه ربما سيؤشر لتنفيذه لأجندات خارجية، تسبب الفرقة وتؤثر على المشهد السياسي والذي بات أمام مفترق طرق، وفي خطر انهيار كبير إذا لم تحكم خيوطه، أو ترمم أركانه..
من جهة أخرى يرى مناصروه أن المرشح، يمثل الطاقات الشابة المتجددة، إلى جانب امتلاكه الثقافة اللازمة، والتي تؤهله لقيادة البلاد، وتأصيل الأواصر واللحمة الوطنية بين جميع المكونات، بما يحقق الوحدة الوطنية في ظل عراق واحد وموحد.. ولكن في كل هذه الاحتمالات يبقى الخيار لصناديق الاقتراع، والتي هي من ستحدد شكل الحكومة القادمة ، كما أنها ستكون حجر أساس لنظام سياسي جديدة، أنهى حقبة فاشلة في تاريخ الحكم السياسي في البلاد .

131
كلمة السر في المأزق العراقي
محمد حسن الساعدي
يبدو إن جرس انطلاق التحالفات السياسية قد بدا فعلا في العراق، ويأتي ذلك قبيل الانتخابات، المزمع إجراؤها في تشرين القادم من هذا العام، حيث أكملت حكومة السيد الكاظمي استعدادها لخوض الانتخابات التشريعية المقبلة..
هذا ما يبدو من خلال التصريحات المتباينة بين الكتل السياسية، فهناك من يشجع على إجراءها في موعدها المقرر، في حين هناك من فضل السكوت، وإيجاد الذرائع لتأجيلها إلى السنة القادمة، أو حتى لغاية الانتهاء من الدورة الانتخابية الحالية، ولكن بشكل عام ومن خلال القراءة التحليلية للأحداث، فعلى الرغم من جميع الاستعدادت، التي أجرتها الحكومة، إلا أن إمكانية تأجيلها تبدو وكأنها أرجح من إجراؤها في موعدها، خصوصاً وانه ومن خلال متابعة تصريحات الكتل، التي توحي بعدم وجود إرادة حقيقة لإجرائها..
ما سبق قد يعود لأن هناك كتلا سياسية، سيطرت على المشهد السياسي عموماً، ولا يمكنها التنازل بسهولة عن مكاسبها، التي حصلت عليها في الانتخابات الأخيرة، والتي شابها كثير من علامات الاستفهام. من جان أخر فالحكومة قد نفذت، ما عليها من التزامات تجاه الانتخابات، بدأ من قانون للانتخابات وتوزيع العراق بشكل دوائر انتخابية، إلى تشكيل مفوضية جديدة، تأخذ على عاتقها محاولة، إجراء انتخابات شفافة ونزيهة بعيداً عن التسلط السياسي والحزبي، وصولا لإكمال قانون المحكمة الاتحادية، والتي هي من سيقوم بالمصادقة على نتائجها.. وبالتالي فالكرة صارت في ملعب الكتل السياسية، لتبين جديتها بإجراء انتخابات مبكرة، شفافة ونزيهة وبرعاية أممية.
المأزق العراقي مرتبط في جوهره بأزمة النظام السياسي نفسه، وليس الانتخابات أو شكل الحكومة القادمة، لان هذه المنظومة أُثقلت، بمجموعة من المشاكل المتراكمة منذ ٢٠٠٣ والتي يمكننا ان نلخصها بقضيتين، " الفساد " و" انعدام الثقة " بين الكتل السياسية عموماً..
النظام السياسي قائم على معادلات وتوازنات، قومية ومذهبية وعلى محاصصات في المناصب التنفيذية، الأمر الذي خلق وشجع على ازدياد التموضع الطائفي لدى الجميع، وفقدت بذلك الثقة بينهم، مما خلف فشلاً طوال ثمانية عشر عاماً، وتراجعا في الملفات السياسية والاقتصادية والتنموية للبلاد، وعلى الرغم من الأطروحات السياسية والشعارات الوطنية، وعلى مختلف الاتجاهات إلا أن الكتل السياسية عموماً، عندما تدخل الانتخابات تخرج من عباءة التموضع السياسي لتدخل في خندق المذهبية.
بالمقابل نجد الجمهور هو الآخر، ذهب إلى هذا الاتجاه، واخذ يتموضع في داخله، بغض النظر عن كفاءة ونزاهة هذا النائب أو ذاك، وهو أمر كرسه النظام السياسي والانتخابي، فبدلاً من سعي الأحزاب لتنفيذ برامج بناء الثقة بينها وبين المواطن، وتوسيع العمل في المشتركات مع باقي الكتل السياسية، لجأت لتعميق الخلاف، ظنا منها إنها يمكن لها ان تستفيد شيئا من التموضع المذهبي، وهو ما سيكرس الهوية المذهبية على حساب الوطنية، وبالتالي فان السنوات الماضية لم تشهد نجاحا في بناء الثقة، وانتقال الإنسان من ثوب الطائفة، إلى ثوب الوطن ورعاية الدولة، ومن مربع المحاصصة بكل أنواعها ومسمياتها، إلى مربع الكفاءة والنزاهة والخبرة، لان من مصلحة البعض بقاء البلاد هكذا، لأنها تعتاش على الأزمات في سياستها وأيدلوجيتها.
هذا الأمر جعل العملية السياسية تبقى ساكنة كالبحيرة الراكدة، وأبقى الجمهور في هذا التموضع، خائفين من أي تقدم أو اختيار ينقذهم، من حالة الضياع والاستقرار، لشرعنة بقاء بعض الساسة، وكأنهم ستار أمان لمواطنيهم ما اضعف الدولة، وجعلها عرضة للسقوط عند هبوب اي رياح أقوى منها..
أزمة الثقة انتقلت إلى المواطن العراقي، والذي أصابه الإحباط من المنظومة السياسية، وطبقتها الحاكمة المتحكمة بالمشهد السياسي، وتملكها اليأس من إمكانية حصول، إي تغيير يمكن أن يقدم شيئا للنظام والعملية السياسية، وظلت البنى التشريعية مؤسسات هشة، وأدوات بيد النفوذ والمحاصصة المذهبية والقومية..
أزمة العراق ليست أزمة اختيار وتشكيل، لحكومة وطنية  تكنوقراط أو انتخابات مبكرة، لأنه وفي كل الأحوال فإن اللاعبين الكبار سيبقون أنفسهم، ووفق شروط اللعبة نفسها ويمسكون بخيوطها، ويعيدون إنتاج أنفسهم مع كل استحقاق حكومي، ومع كل انتخابات جديدة.. لذلك تكمن كلمة السر، في إيجاد نظام سياسي جديد، لايبقى على أسس مذهبية وقومية، بل يحمل شعار الوطنية بغض النظر عن إي انتماء، ومنظومة حكم فاعلة، على أساس مؤسساتي شفاف ونزيه، مع حفظ حقوق المكونات جميعها، وكل ذلك ضمن نظام متكامل، فإذا لم يتم ذلك فان أزمة الثقة والفساد باقيتان وستؤديان إلى مزيد، من الانهيار في البناء الكلي للنظام السياسي في البلاد .

132

الهوية الوطنية مفتاح الوطن
محمد حسن الساعدي
ثمة علاقة قوية بين الاعمدة الثلاث(الوطن،المواطن،المواطنة) وبدونهم لن يكون هناك شكل واضح للبنية الاساسية للمجتمع عموماً، فهناك أرتباط وتواصل بين هذه المفاهيم الثلاث، وايقاع واضح لضبط هذه العلاقة ويحركها باتجاه بناء اسس المجتمع عموماً، ويضع الركائز الاساسية له..
بناء أي وطن يحتاج الى عنصرين مهمين هما(الانتماء والولاء) فالانتماء يعني المواطنة، وياتي هذا من الانتماء بالمواقف الوطنية التي يشعر بها ويسمى بها وطنياً، ومشاركة همومه ويحمي حقوقه، ويكون له واجبات تجاهه، وبالتالي يشعر الانسان بالانتماء لهذا الوطن، فينبع عنده الولاء له ويدافع عن حقوقه، وضمان استقراره وامنه ووجوده.
العراق جزء لا يتجزأ من الامة العربية والاسلامية، ويستمد وجوده من حضارته الممتدة لالاف السنين، إضافة الى الخلفية الدينية والعشائرية، التي غرزت في ابناءه حب الوطن والانتماء له، وهذا ما تجسد فعلاً في الادوار الوطنية التي لعبتها القيادات العلمائية والعشائرية، في التصدي والوقوف بوجه اي اعتداء على العراق وشعبه..
إستمد الشعب العراقي وجوده وقوته، من الارض التي عاشت عليها مختلف الانتماءات والقوميات والمذاهب، على المحبة والوئام والانسجام بين جميع هذه المكونات، ويمارسون من خلاله معتقداتهم ويشعرون بالولاء للوطن الام من خلال إحساسهم العالي بالانتماء له، ومهما كثرت سهام الغدر وحاولت حكومات الظلم والطغيان تخريب العلاقة، والتي ابتدأ محاولاتها النظام الصدامي، الذي اوجد شرخاً كبيراً بين مكوناته، فبدا بعملية كبيرة اسماها(التهجير) للاكراد الفيلية ، الى جانب تهجير باقي المكونات من الكورد والشيعة وغيرهم، ممن لم يسلم من بطش النظام الصدامي، وممن اختلف معه بالكلمة او الرأي، فترك المواطن وطنه وأقتلع الانتماء منه، فقطع الولاء فتركوا بلا وطن وبلا موطن ليعيشوا غرباء..
بعد أحداث عام ٢٠٠٣ برزت تساؤلات، عن مفهوم المواطنة ودرجة الولاء والانتماء للوطن، وعندما نستمع للحديث الوطني لكثير من الخطابات السياسية والدينية او خطابات للساسة في الوضع الاقليمي، يتجلى فيها مفهوم الوطن والمواطنة، وبالتالي يعكس الهوية الوطنية للمواطن اين ما كان، فلماذا لايتحدث المواطن او السياسي في العراق عن هذا الانتماء؟!
ولماذا دائماً ما يتهم بانه بلا ولاء لوطنه أو أن ولاءه للغير ؟!
هنا لابد أن يكون التاريخ حاضراً حتى يتم الرد على هذه التساؤلات ...
منذ تأسيس الدولة العراقية وحتى ما سبقها كانت مكونات الشعب العراقي جميعاً، تلعب دوران بارزاً في تاريخ العراق، من الوقوف بوجه الاحتلال الانكليزي ومشاركة الشعائر العربية الاصلية التي وقفت يداً بيد بوجه المحتل ،لتعلن رفضها لوجوده على الارض العراقية وتحقق ذلك بخروج الانكليز ، وما تلاها من ثورات غيرت مجرى التاريخ العراقي بشكل عام..
ما سبق يبين أن المشكلة ليست بالانتماء، لانه كان وما زال وسيظل موجوداً، ولكن الحكام الظلمة الذين حكموا العراق، حالوا بين الوطن والهوية الوطنية للمواطن، فبغضوا المواطن العراقي بفكرة الوطن، لان ثمنها كان زنازين الاعتقال والتهجير والقتل على الهوية، وعدوا الوطن ثقافة من ثقافات البعثيين الذين اوجدوا هذا المفهوم، ليكون لهم شعاراً كذباً وزوراً، وصار هوية لهم، ومن يختلف معهم بالكلمة يعد عميلاً للخارج، او أنه لاينتمي للوطن( خائن)، وتتالت الاحداث وقست على الشعب العراقي، مثلما قست ماكينة البعث المجرم الذي قطع أي خيط، يقود المواطن نحو هويته الوطنية وانتماءه الطبيعي لوطنه .
ان من اهم المصاديق في الهوية الوطنية هي التي، قدمها مرجع الشيعة السيد السيستاني في لقاءه البابا، عندما تحدث بلسان كل العراقيين، ومدح هذا الشعب بكل انتماءاته، وتحدث عن حقوق كل مكوناته بلاء استثناء، لذلك على الشعب العراقي ان يحمل الهوية الوطنية ، لان الحقوق لن تستوفى الا بتلك الهوية الجامعة والتي نشترك فيها كلنا، لان المكونات ستحظى بالاستقرار والامان يوم يكون الوطن موحداً، ونمنع من يريد تحويل هذه المكونات الى اقليات، من خلال ربطهم بمشاريع اقليمية ومذهبية، كما جرى في بعض الدول، والتي اضرت كثيراً بمشاريعهم ومصالحهم، وبالتالي عرقلت انتمائهم الوطني، وهم بذلك دفعوا ثمناً باهظاً من مصدر قرارهم ونفوذهم في العراق .

133

الانتخابات وتحديات المرحلة القادمة .
محمد حسن الساعدي
منذ تولي حكومة السيد الكاظمي في نيسان الماضي ، بعد سقوط حكومة السيد عبد المهدي على اثر التظاهرات العارمة التي اجتاحت المدن العراقية خصوصاً الجنوبية منها ، والبلاد تعيش حالة من الفوران الدائم ،ولا تهدأ تظاهرة إلا واندلعت أخرى، لتعكس حالة التدهور الذي يعيشه البلاد في ظل التخبط الواضح للسياسية الحكومية تجاه المشاكل التي يعاني منها البلاد، لذلك تصاعدت الدعوات في إجراء انتخابات مبكرة وذلك من اجل حلحلة التوقف الذي تواجهه العملية السياسية ككل،فتولى السيد الكاظمي هذه المهلة على أن تتم وفق توقيتات زمنية ثابتة، والاستعداد وتقديم كافة مقدمات هذه الانتخابات من تشكيل للمحكمة الاتحادية وقانون المفوضية ، إلى تشكيل المفوضية العليا للانتخابات وغيرها من مقدمات لاجراءها .
تواجه الانتخابات التشريعية في العراق تحديات جدية، يمكن لها أن تحول دون إجراء استحقاقات نزيه يطمح إليها الجميع في ظل واقع الفساد الذي ينخر مؤسسات الدولة،كما أن السلاح المنفلت هو الآخر يعد التهديد الأبرز لإجراء أي عملية انتخابية نزيهة،وعلى الرغم من تشريع مجلس النواب قانون الانتخابات، لكن ما زال الجدل دائرا حول بعض فقراته؛ تنقسم الآراء بشأن الوقت الأنسب لإجراء الانتخابات المبكرة، حيث ترى حكومة الكاظمي أنها ممكنة في مطلع أكتوبر/تشرين الأول 2021، في حين تؤكد أطراف سياسية -من بينها كتلة "سائرون" وتحالف "القوى الوطنية" برئاسة رئيس البرلمان محمد الحلبوسي- أن مطلع نيسان/أبريل من العام المقبل هو الموعد الأفضل، أما ممثلة الأمم المتحدة في العراق هينيس بلاسخارت فقد اقترحت أن تجرى الانتخابات في يونيو/حزيران المقبل.
الكتل السياسية ليس من مصلحتها إجراء انتخابات مبكرة، خصوصاً وإنها أخذت استحقاقها كاملاً سواءً في حكومة السيد الكاظمي أو من خلال البرلمان بعدد المقاعد،لذلك تلجأ إلى المناورة وعرقلة إجراءها في الموعد المحدد،كما أن قدرة الحكمة على إتمام متطلبات الانتخابات المبكرة لا تتوقف على السلطة التنفيذية وحسب، بل على السلطات جميعها، وهناك أكثر من معوّق سياسية أمام أجراءها ومع ذلك فإن الحكومة مُلزمة بتوفير الدعم اللوجستي لمفوضية الانتخابات، وما يرتبط بالخطة الأمنية الخاصة بيوم الاقتراع إلى جانب الدعم ألأممي والذي سيكون حاضراً في عملية المتابعة والإشراف .
إن قراءة الواقع السياسي بكل تفاصيله وتعقيداته يجعلنا نقف أمام ثلاث سيناريوهات:
1) تجري انتخابات مبكرة عام 2021 سواء في بدايتها أو وسطها أو نهايتها ولكن هذا الاحتمال ضعيف، وهي ممكنة في الجانب النظري ولكن لها صعوباتها في الجانب العملي .
2) عدم إجراءها في موعدها المحدد في تشرين من العام الحالي، ويصار إلى إجراءها في موعدها المنصوص عليه دستورياً،ما يعطي المبررات لتذليل كل العقبات التي تقف عائقاً أمام إجراءها .
3) أن تؤجل الانتخابات الدورية إلى عام أو أكثر؛ لوجود التحديات التي تواجه الانتخابات المبكرة، وهذا الأمر مستبعد تماماً بسبب الظروف السياسية الصعبة التي يمر بها البلاد، الوصول إلى حالة الانسداد السياسي .
في ظل تلك المشاكل والتخبط في القرارات السيادية التي تهم أمن ومصلحة المواطن، لايمكن التكهن بالقادم، خصوصاً وأن البلاد تنتقل من أزمة إلى أخرى، حتى صارت سلسلة أزمات متشابكة لايمكن حلها، ويتحمل السياسيون الجزء الأكبر من المسؤولية عما وصل إليه البلد من وضع خطير، ناهيك عن سكوت الشعب العراقي عن المطالبة بحقوقه لأن الإرادة يمتلكها الشعب وحده وليس غيره.
ينبغي على الشعب العراقي أن يقول كلمته الفصل تجاه السياسيين،عموماً، والسعي الجاد من أجل تشكيل حكومة وطنية نابعة من صميم الشعب نفسه وغير خاضعة للأهواء والميول السياسية لتعيد للبلاد سمعتها ومكانتها بين الأمم .

134

التحالف العابر وآفاق الحل.
محمد حسن الساعدي
مع اقتراب العراق من الانتخابات المبكرة، والتي يتوقع أن تكون مفصلية، فهي سترسم خارطة وملامح العراق الجديد، وربما تنجح في الانتقال به الى مرحلة تنجح في وضعه على سكة الاستقرار والهدوء..
كما لهذه الانتخابات من مدخلات متعددة، فبالتاكيد سيكون لها مخرجات، او استشراف يتوقع ان يصاحبها.. فهناك قوى ستنتهي الى الاضمحلال في، قبالها ستكون هناك قوى صاعدة تتصدر المشهد السياسي برمته.. وعلى الرغم من التراجع الي سيصيب هذه القوى السياسية، بسبب الصراعات السياسية والاستهداف المبرمج لها، الا انها ستحظى بفرصة تاريخية إذا ما احسنت استثمارها وبالشكل الصحيح.. على الرغم من جميع هذه المتغيرات البينية، التي ستصاحب عملية الاقتراع، الا ان هناك سؤالاً مهما يطرح نفسه؛ في حال أجريت الانتخابات بموعدها المحدد، وانتهت هذه الفعالية الانتخابية من دون ان تحمل معها التغيير المنشود، كما يتوقع بعض المحللون المتشائمون، وربما لن تنجح في إزالة الاحتقان واستعادة ثقة المواطن بنظامه السياسي الديمقراطي، فكيف سيكون موقف القوى السياسية، المتصدرة للمشهد السياسي عموماً حاليا؟
واهم من يظن أن الحل الامثل لهكذا ازمة، هو بتفكيك النظام السياسي او تغييره.. فهذا امراً يصعب تطبيقه، مع كل هذه التعقيدات من حيث المكونات السياسية والمذاهب والقوميات، والتي تريد ان تجد نفسها ومكانتها في هذا النظام، وربمايكون من الاسلم التوجه نحو تشكيل تحالف عابر للمكونات، يأخذ على عاتقه حمل الهوية الوطنية لا المذهبية القومية.. ويمثل الجميع ويكون قادراً على ردم الهوة بين الجمهور والنظام السياسي، ويمكن أن يكون النواة الأولى لتشكيل مثل هذه التحالفات، والتي بالتاكيد ستكون قادرة على تغيير معالم التحالفات القادمة، وعلى اساس فكرة الحكم والمعارضة..
من خلال تحالف قوى سياسية عابرة للمكونات والمذاهب، وتشكيل تحالف يتبنى الحكومة وحقائبها، ويبتعد عن توزيع المناصب على اساس المكوناتية ، بل يعتمد الكفاءة والنزاهة، بعيداً عن الضغوط الحزبية والفئوية، التي تمارسها تلك الكتل من اجل مصالح وعقود( كومشنات) وأموال طائلة مهربة الى الخارج ،أو استهدافها في شراء الذمم في اي انتخابات تجري لاحقا..
أن التحالف العابر سيكون مثابة للقوى السياسية من جميع المكونات، فهو نقطة التقاء لجميع هذه القوى، ضمن مشروع متفق عليه، وحتى المختلفة مع النظام السياسي، ربما ستجد هذا التحالف فرصة للتعبير عن نفسها وارادتها، خصوصاً مع انبثاق قوى جديدة من داخل حراك تشرين، والذي يراقب الجميع مدى قدرته على التمثيل السياسي في المرحلة القادمة..
من شأن هذا التحالف ان يكون حافزاً، لتشكيل تحالفات اخرى بنفس الهيأة والتشكيل، بحيث يكون التنافس بين هذين التحالفين، شريفاً وبما يحقق مطلب الجمهور ككل بغض النظر عن هويته القومية أو المذهبية، والذي بالتاكيد سيحظى بتاثير أكبر في البرلمان، من حيث قدرته الحصول على الاغلبية البرلمانية، والتي ستؤهله لتشكيل الحكومة القادمة، ويكون مرتاحاً في اختيار رئيس الحكومة أو فرض رئيس الجمهورية ورئيس البرلمان، ويمتلك القدرة لإحداث تغيير كبير على النظام السياسي، وإجراء التعديلات المناسبة على الدستور، وبما يحقق طموح ومتطلبات الشعب العراقي، وفي المقابل فأن الجمهور سيجد نفسه مرتاحاً جداً في اختياره، بعيداً عن التأثير الحزبي أو القومي أو حتى المذهبي، في اختيار ممثليه في البرلمان القادم.
أن هذا المشروع إذا ما كتب له النجاح،فانه سيكون إنجازا سياسياً كبيراً في صلب المبادئ العامة، والتي يتفق عليها جميع العراقيون ،وأهمها المواطنة بين جميع مكونات الشعب العراقي، والسعي الجاد من أجل تشكيل حكومة قوية قادرة على إنهاء تفرد الاحزاب، والسعي الجاد من أجل تقديم الخدمات، الى جانب كونه سيكون نواة الحل لاكبر المشاكل وأعقدها..
إن هذا التحالف سينهي معادلة المكانة السياسية و النفوذ، الذي تتمتع بها بعض  القوى السياسية، ويجعلها بعيداً عن مرمى المساءلة القانونية في ملاحقة قضايا الفساد الاداري والمالي، وتكون تحت طائلة الملاحقة دون وجود حصانة سياسية لهذه الكتلة او تلك، والسعي الجاد من أجل حل المشاكل والتحديات،بحلول ناجعة وليست حلولاً ترقيعية، لذلك فان مثل هذا الحل يمثل إجراء عملية جراحية ستكون حلاً للموت السريري الذي تعاني منه العملية السياسية والنظام السياسي ككل.
على الجميع الاعداد والاستعداد، واستثمار هذا الوقت والفرصة من أجل تهيأة البلاد لحل نهائي وناجع، ويكون التنافس فيه لخدمة العراق وشعبه على اساس المواطنة، و المشروع السياسي الجديد والذي بالتأكيد سيكون وطنياً بامتياز .

135
الوطنية والمواطنة في الفكر السياسي الشيعي .
محمد حسن الساعدي
لقد عانى الشيعة في عموم العالم كثيراً بسبب الانتماء المذهبي تارة ،والولاء تارة أخرى، فالحكام دائماً ما يتهمون هذه الفرقة الإسلامية بالانتماء لغير الوطن والولاء،فمنهم من يرى الشيعة أنهم غير مؤهلين ليكونوا مسلمين ، ومنهم من يكفرهم ويقتلهم ويعمل على تهجيرهم، وهذا كله بسبب الانتماء، إلى جانب الاتهامات المباشرة أنهم عملاء للدول الأخرى وتحديداً إيران ، حيث يتهمها العالم العربي والغربي بأنهم يعملون على تصدير الثورة والمذهب إلى العالم، وهذا الأمر بحد ذاته يعد اتهاماً يحتاج إلى دليل، لان إيران كدولة حجمها بحجم قارة لا تحتاج إلى تصدير فكرها أو عقائدها إلى العالم،خصوصاً وإذا علمنا أنهم شعباً حديث العهد بالانتماء للتشيع، ولكنهم في نفس الوقت كانوا شعباً موحداً عبروا كل المفاهيم الطائفية والعقائدية .
لقد شكلت الهوية الوطنية والمواطنة عنواناً مهماً في الفكر السياسي الشيعي، كونها كانت مدخل لكثير من الأزمات متعددة الأسباب والمصادر، لذلك يبقى صعوبة تفكيك المفهومين نظراً إلى تداخلهما وتمايزهما في الوقت نفسه، وعلى الرغم من أنَّ الوطنية والمواطنة أصلهما اللغوي واحد من "الوطن"، ولكنهما يختلفان من حيث الاصطلاح، فالوطنية مفهوم ذو مضمون عاطفيّ يرتبط بوجود الناس في وطنهم وبمشاعر الحبّ والإخلاص والانتماء إلى الأرض والجماعة (الوطن)، إلى جانب الاستعداد للتضحية من أجله، والمواطنة مفهوم ذو مضمون قانوني يرتبط بمفاهيم الجنسية والمسؤولية والالتزام بقوانين الدولة، ويُقاس بمدى الالتزام بالواجبات والحقوق القانونية.
الشيعة في العراق الذين يمثلون الأغلبية فيه، واجهوا نفس التهم وهي الانتماء للغير وضعف الولاء الوطني، وعلى الرغم من قوة الضربات التي وجهت إلى التشيع في العراق ، إلا انه ظل صامداً أمام هذه القسوة من حكام الجور والطغيان الذين تسلطوا على رقاب العراقيين لأكثر من ثلاثة عقود،وبعد السقوط أعلنوا بكل صراحة رفض وجود الأجنبي على أراضيهم،وصدرت بذلك عشرات من الفتاوى من المرجعية الدينية العليا في النجف الأشرف والتي تحرم التعامل مع الجيش الأمريكي ، بل أي وجود أجنبي ويجب تحديد جدول زمني لمغادرة هذه القوات الأراضي العراقي ، وظلت تقاوم بالكلمة والتصريح لكثير من المواقف في البلاد،وآخرها فتوى الجهاد الكفائي والتي تجاوزت فيها المرجعية الدينية العليا كل المفاهيم العقائدية ليعلو صوت الوطن ويكون هو المحرك لكل الطاقات بغض النظر عن الانتماء لإعلان تحرير الأرض والعرض من المجاميع الإرهابية "داعش" وغيرها التي عبثت بأمن المواطن في الانبار وصلاح الدين والموصل وديالى، حتى تحرير كامل المدن على يد القوات الأمنية ورجال الحشد الشعبي والذين كانوا أبناء الوطن من الجنوب والوسط .
لقد عبر الشيعة في العراق عن انتمائهم وولائهم المطلق لوطنهم في الكثير من المواقف،لا بالشعارات والأحاديث الجانبية، بل من خلال التضحيات الكبيرة في دفاعهم الأكبر عن وطنهم ضد تنظيمات داعش، كما أنهم قدموا نموذج رائع في عكس الوحدة الوطنية في الكثير من المواقف السلبية ،فبلوا نظرية الاستدعاء لهم بتقديمهم نموذج رائع في المواطنة الصحيحة، وسلوك أبوي تجاه باقي المكونات والقوميات ، لذلك الناظر من فوق يجد ان العراق سيعيش قريباً بألوانه المتعددة مزدهراً يدفع ويدافع عن أرضه ووطنه مهما كانت التضحيات .

136

الوطنية المواطنة في الفكر السياسي الشيعي
محمد حسن الساعدي
عانى الشيعة في العالم كثيراً، بسبب الانتماء المذهبي تارة وقضية الولاء تارة أخرى.. فحكام أوطانهم دائماً ما يتهمونهم بالولاء لغير الوطن، ناهيك عن أن أخرين يرون الشيعة غير مؤهلين ليكونوا مسلمين ، ويكفرهم ويقتلهم ويعمل على تهجيرهم، وهذا كله بسبب الانتماء..
إلى جانب ما سبق فهناك الاتهامات المباشرة لهم، أنهم عملاء للدول الأخرى وتحديداً إيران، حيث يتهمها كثيرون في العالم العربي والغربي، بأنهم يعملون على تصدير الثورة والمذهب إلى العالم، وهذا الأمر بحد ذاته يعد اتهاماً يحتاج إلى دليل..
إيران كدولة حجمها بحجم قارة، ولا تحتاج إلى تصدير فكرها أو عقائدها إلى العالم، خصوصاً وإذا علمنا أنهم كشعب حديثوا العهد بالانتماء للتشيع، ولكنهم في نفس الوقت كانوا شعباً موحداً عبروا كل المفاهيم الطائفية والعقائدية.. لكنه على أي حال كان شعارا سياسيا، طرحه زعيم الثورة الإسلامية الراحل السيد الخميني.   
لقد شكلت الهوية الوطنية والمواطنة، عنواناً مهماً في الفكر السياسي الشيعي، كونها مدخل لكثير من الأزمات متعددة الأسباب والمصادر، لذلك يبقى صعوبا تفكيك المفهومين، نظراً لتداخلهما وتمايزهما في الوقت نفسه، وعلى الرغم من أنَّ الوطنية والمواطنة أصلهما اللغوي واحد من "الوطن" لكنهما يختلفان من حيث الاصطلاح، فالوطنية مفهوم ذو مضمون عاطفيّ، يرتبط بوجود الناس في وطنهم وبمشاعر الحبّ والإخلاص والانتماء إلى الأرض والجماعة (الوطن)، إلى جانب الاستعداد للتضحية من أجله..
أم المواطنة فهو مفهوم ذو مضمون قانوني، يرتبط بمفاهيم الجنسية والمسؤولية والالتزام بقوانين الدولة، ويُقاس بمدى الالتزام بالواجبات والحقوق القانونية.
الشيعة في العراق الذين يمثلون الأغلبية فيه، واجهوا نفس التهم وهي الانتماء للغير وضعف الولاء الوطني، وعلى الرغم من قوة الضربات التي وجهت للتشيع في العراق، إلا انه ظل صامداً أمام هذه القسوة من حكام الجور والطغيان، الذين تسلطوا على رقاب العراقيين، لأكثر من ثلاثة عقود، وبعد السقوط أعلنوا بكل صراحة رفض وجود الأجنبي على أراضيهم، وصدرت بذلك عشرات من الفتاوى، من المرجعية الدينية العليا في النجف الاشرف، والتي تحرم التعامل مع الجيش الأمريكي إلا للضرورات، بل أي وجود أجنبي ويجب تحديد جدول زمني لمغادرة هذه القوات الأراضي العراقي، وظلت تقاوم بالكلمة والتصريح لكثير من المواقف في البلاد..
أخر مواقف المرجعية كان فتوى الجهاد الكفائي، والتي تجاوزت فيها المرجعية الدينية العليا، كل المفاهيم العقائدية ليعلو صوت الوطن، ويكون هو المحرك لكل الطاقات بغض النظر عن الانتماء، لإعلان تحرير الأرض والعرض من المجاميع الإرهابية "داعش" وغيرها التي عبثت بأمن المواطن، في الانبار وصلاح الدين والموصل وديالى، حتى تحرير كامل المدن على يد القوات الأمنية ورجال الحشد الشعبي، والذين كانوا أبناء الوطن من الجنوب والوسط.
لقد عبر الشيعة في العراق عن انتمائهم وولائهم المطلق، لوطنهم في كثير من المواقف، لا بالشعارات والأحاديث الفارغة، بل من خلال التضحيات الكبيرة في دفاعهم الأكبر، عن وطنهم ضد تنظيمات داعش، كما أنهم قدموا نموذجا رائعا في عكس الوحدة الوطنية في الكثير من المواقف السلبية، واثبتوا مواطنتهم بتقديمهم، نموذج رائع في المواطنة الصحيحة، وسلوك أبوي تجاه باقي المكونات والقوميات..
الناظر بصورة شاملة سيجد ان العراق، سيعيش قريباً بألوانه المتعددة مزدهراً  يدفع ويدافع، عن أرضه ووطنه مهما كانت التضحيات.. رغم أن ثمن ذلك كان باهضاً .

137

الكتلة العابرة ...حل أم خدعة؟!
محمد حسن الساعدي
تميّز العراق كبلد مستقل منذ بدايات تأسيسه انه بلد مكونات، وهذه الميزة جعلت منه بلداً متنوعاً، في فكره وثقافته وديانته وعروقه العقائدية..
تبعا لذلك عاشت هذه الأديان والقوميات متكاتفة ومنسجمة، وعلى الرغم من الظلم الذي وقع على الشعب العراقي بعد سيطرة البعث الفاشي، على مقدرات الشعب العراقي،وتحكمه بمصير وحياة أبناءه،إلا أنه ظل محافظاً على هذا الانسجام،فلم نشهد حدوث أي صراعات قومية أو مذهبية مجتمعية.. ولكن النظام البعثي سعى إلى ضرب هذه المكونات،لمحوها وإنهاء تواجدها على الأرض العراقية،لذلك سعى إلى تهجير الكرد الفيلية،وإشعال حرب مع الأكراد أنتجت عمليات الأنفال وكارثة حلبجة المؤلمة، وفي نهاية الأمر إعلان حربه على الأغلبية الشيعية في البلاد..
اتخذ النظام الصدامي أساليب متعددة في ذلك،فمنها عمليات القتل والاغتيال والإعدامات للرموز الوطنية، في خطوات عدتها منظمات دولية حرب إبادة جماعية على مكونات الشعب العراقي،حتى مجيء أحداث احتلال العراق عام2003 والتي غيرت مجرى التاريخ تماماً،فبرزت ظاهرة التنوع للمكونات لتكون الأداة الرئيسية في تشكيل مجلس الحكم،وما تلاه من حكومات متعاقبة،وفي خضم كل مايدور في البلاد من منعطف خطير، ظهرما سمي بـ(الإصلاح) وتعالت الأصوات التي نادت بالتغيير،وما خلفته التظاهرات من انقسامات حادة في المشهد السياسي عموماً،تعالت الأصوات المنادية بإيجاد تغيير حقيقي في عموم المشهد،فتوالت الأصوات المنادية بهذا التغيير، على أن يكون تغييراً بنيوياً في هيكلة الدولة عموماً، تبدأ بعبور كل أشكال الانتماء القومي والمذهبي، لتشكيل كتلة تمثل العمق الوطني لا المذهبي أو القومي لتكون عابرة لكل هذه المسميات،فكان رئيس ائتلاف عراقيون السيد عمار الحكيم أول من أطلق هذا المصطلح وبدأ فعلاً بإعلان كتلة أسماها "عراقيون" لتكون نواة لهذا التوجه.. وتوالت بعد ذلك الأصوات المنادية، لتشكيل هذا التكتل لتكون انطلاقة أولى، نحو التغيير المنشود لبناء دولة المواطنة الحقيقية.
الكتلة العابرة جاءت بعد توسع رقعة الخلاف السياسي،وتأثير ذلك الخلاف على الشارع،حتى أضحت فلسفة الثأر حاضرة في خطاب الكتل السياسية،لذلك تأتي هذه الدعوات من اجل إعادة رسم خارطة سياسية جديدة للبلاد، تأخذ على عاتقها هذا التنوع وهذا الخلاف،وربما تعد منفذاً مهماً لإنقاذ الوضع السياسي عموماً،بعد وصولها إلى انهيار كامل في البنى التحتية السياسية، وذهاب البلاد إلى المجهول،الأمر الذي يستدعي وقفة جادة وحريصة على مستقبل البلاد والعباد..
عملية تشكيل الكتلة العابرة، ما هي إلا واقع أستند عليه الداعون لها أو من يروّج لها،وعلى الجميع تقبل فكرة أن الأغلبية ينبغي لها أن تتجاوز المذهبية والقومية إلى فضاء الوطن،وتجاوز مرحلة التخندقات والأيدلوجيات الفكرية التي أعطت ذريعة للفساد والفاسدين أن يكونوا أداة لهذا المكون أو ذاك،وهذا ما شهدناه فعلاً من حماية الفاسدين وتشكيل مكاتب اقتصادية كبرى، من اجل احتكار للعقود والصفقات التجارية لهذه الكتلة أو تلك .
يرى كثير من المحللين السياسيين أن"الكتلة العابرة" أصبحت حقيقة ينبغي على الجميع التعاطي معها بإيجابية،وجعلها نقطة الانطلاق لأحداث التغيير المنشود على مجمل العملية السياسية،ناهيك عن كونها تعطي زخماً للجميع في الانطلاق لتكوين هذه الكتلة، على أن تكون منافسة في تشكيل أي حكومة قادمة، أو السير نحو بناء كتلتين قويتين يكونان متنافستين في الحصول على رئاسة الوزراء،وبمنافسة شريفة بعيداً عن لغة التخوين والفساد،أو شراء الذمم الأمر الذي يجعل الأوضاع السياسية تسير نحو التسوية والحلحلة،كما انه سيحدث ثورة تغيير فكري لدى الجمهور ليعيد حساباته كلها في اختيار الأصلح كممثل في البرلمان للمثلي البرلمان القادم،وأن هذا التوجه سيكون أكثر وعياً وادراكاً بان الكتلة الوطنية العبارة للطائفية والآثنية هي من تستطيع تشييد بناء نظاماً سياسياً عادلاً يكون قادراً على بناء وطن حر.
ربما عندما يصدق ساستنا النية، ويتداركوا اخطائهم، فعندها ستكون تلك الكتلة خطوة باتجاه تصحيح العمل السياسي، وما يتلوه من معالجة للمشاكل التي نعاني منها، وعندها ربما سيصدق الشعب انها ليست خدعة جديدة..

138
طابع كردستان...توظيف ودلالات .
محمد حسن الساعدي
لم يتخلى الأكراد يوماً عن أحلام تأسيس دويلة لهم، وحتى لو كان هذا إقليما يعمل على تقسيم العراق، ويؤثر على دول الجوار،فأنهم يسعون بكل جهد لأجل هذا الحلم، وسعى القادة الأكراد لأكثر من مرة للانفصال،وما الاستفتاء الأخير الذي أجراه رئيس الإقليم في حينها مسعود البارزاني والذي جوبه بالرفض من القوى السياسية في العراق،إلى جانب الرفض الإقليمي والدولي لمثل هكذا إجراء غير دستوري..
هذا الإستفتاء والذي أثر كثيراً على العلاقة مع المركز،ومع كل هذه المحاولات التي يقوم بها الكرد،إلا أنهم ما زالوا يحاولون اقتطاع هذا الجزء المهم من البلاد، لتكوين إمبراطورية لهم تنافس الدولة العراقية الموحدة،وتعمل لتعزيز قوتها بالسيطرة على منابع النفط وتصديره إضافة إلى السيطرة على المنافذ الحدودية،وعلى الرغم من فشل كل المحاولات لتحقيق ذلك الحلم إلا أن الأكراد بدأوا بالتوظيف وتهيئة المجتمع فكريا للتقسيم، من خلال إصدار طوابع بريدية بمناسبة زيارة البابا إلى العراق، والتي زار فيها إقليم كردستان،ورسخت هذه الطوابع مفهوم الانفصال، عندما تم رسم خارطة الإقليم وهي تضم أجزاء من إيران وتركيا والعراق،والذي جوبه باستنكار ورفض من الحكومة العراقية ودول الجوار .
أهداف كثيرة تقف خلف هذا الفعل أهمها السعي لترسيخ مفهوم الدولة الكردية،ومحاولة تصدير هذا المفهوم إلى دول الجوار،وإيهام الرأي العام أن أكراد إيران وتركيا وسوريا لهم نفس الهدف في انفصالهم عن بلدانهم،وتأسيس دولة مجاورة لهذه الدول الثلاث، والسيطرة على منابع النفط فيها، إلى جانب التحكم بالمنافذ الحدودية فيها،وهذا ما تم فعلاً حيث تم استغلال زيارة البابا لتصدير هذا المفهوم،وعده ورقة ضغط على الحكومة العراقية ، لتحقيق مكاسب مالية خارج حدود الدستور والقانون، وهذا ما لمسناه من خلال الخطوات التي اتخذتها حكومة الإقليم تجاه الحكومة المركزية،وطريقة تعاطيها مع القضايا والملفات المشتركة والتي تحتاج فيه إلى قرار الحكومة المركزية وليس اجتهادات شخصية من قبل ساسة الإقليم،كما أن الاميركان لعبوا على هذا الوتر جيداً واعتبروه ورقة ضغط على الحكومة العراقية وبحسب مصالحها في البلاد.
أن عملية إصدار الطابع وبهذه الطريقة المستفزة على المستوى المحلي والإقليمي، هي محاولة لتسويق فكرة الدولة الكردية،وإطلاق رسالة للعالم اجمع أن دولتهم المزعومة حدودها خارج العراق،وعلى الجميع التعامل مع هذه الواقع..
حكومة الإقليم استغلت الأجواء المأساوية، التي تعرضت لها الأقليات في الموصل من تهجير خصوصاً المسيحيين،وعملت على استغلال من المهجرين المسيحيين لإقناع البابا أن كردستان كانت المكان الأكثر أمناً لهم،لذلك عملت حكومة كردستان على إيصال رسالة للحكومة العراقية أن الزيارة البابوية قد باركت هذه الطموحات في تشكيل إقليم مستقل،وما إصدار الطابع إلا لتثبيت الخريطة الفعلية للإقليم.
أن ضعف الحكومة المركزية في بغداد، هو من أعطى المسوغ لحكومة الإقليم أن تمارس هكذا ضغوط، وتعطي انطباع أن إقليم كردستان بات يعيش مستقلاً عن البلد الأم، في حين أن الواقع يتحدث عكس ذلك، فالإقليم يتحكم بصادرات النفط ويعمل دون دستور أو قانون على تهريب النفط إلى الخارج، إضافة إلى سيطرته على المعابر الحدودية سواءً مع إيران أو تركيا أو سوريا، حيث تقدر قيمة الموارد المالية من هذه النوافذ بمليارات الدولارات شهرياً، وهذا ما تؤكده اللجنة المالية في مجلس النواب، لذلك على المعنيين في الدولة العراقية من حكومة ومجلس النواب ضرورة فرض هيبة الدولة، وإنهاء الاجتهادات الشخصية سواءً للإقليم أو حتى من خلال تفعيل بنود الدستور العراقي والتي تحكم العلاقة بين الإقليم والمركز وبما يحقق ضمان حقوق الشعب العراقي ككل .

139
من رأفت الهجان إلى أم هارون ...خنوع وخضوع .
محمد حسن الساعدي
مراراً حاولت المخابرات الإسرائيلية أن تبيض وجهها ولكنها فشلت في كل المحاولات، بل وسعت لأكثر من ذلك بأن تكون في مصافي الدول المتقدمة في الصناعة ولكنها لم تنجح، وعوضت خيبتها في هذا باستغلال حكومات الخنوع والخضوع..
عملت المؤسسات الصهيونية لاستغلال الإعلام، لتبرير عمليات التطبيع التي تقوم بها دول الخليج، وأهمها الإمارات والبحرين والسعودية، وبعض الدول العربية من خلال محاولة توجيه الرأي العام، وتسويق فكرة أن الخلاف العربي الصهيوني ما هو إلا خلاف تاريخي ديني بين الأديان، وليس قضية سلب ونهب لحقوق وسلب، لأرض الشعب  الفلسطيني ولحقه في العيش بكرامة..
تباعا لذلك حرصت إسرائيل على أن يكون، الخطاب الصهيوني بشكل ووجه عربي، وسعت لاستغلال ذلك بغية وصوله إلى العقل والنفس للشعوب العربية بغية التأثير عليها..
بدوره فإن الإعلام العربي قدم خدمات كبيرة للغاية، للمشروع الصهيوني وهدفه الأكبر في أقامة كيان إسرائيل الكبرى، حيث شكّل حجر الأساس في الإستراتيجية الصهيونية منذ قيام الحركة الصهيونية على يد الصحفي اليهودي"تيودور هرتزل" الذي أستطاع من عقد المؤتمر الأول عام 1897 في مدينة بال بسويسرا .
لقد عملت المؤسسات اليهودية بمساعدة بعض المؤسسات الإعلامية العربية، على تسويق مواقف الحكومة الإسرائيلية خصوصاً بعد التطبيع، بعدة أساليب ومنها تسويق الأفكار عبر البرامج التلفزيونية أو عبر الدراما الهادفة، فكلنا شهدنا أو شاهدنا منذ 30 عاماً كيف نجح مسلسل "رأفت الهجان" في تعزيز قوة العرب أمام الهجمة الإسرائيلية، وبان ضعف الأجهزة المخابراتية الإسرائيلية، ولكن بالمقابل ظهر أخيرا مسلسل "أم هارون" المنتج خليجيا ليعكس صورة الخلاف بين المسلمين واليهود، على أنه خلاف عقيدة ودين فحسب، في محاولة لإيهام المجتمع العربي والإسلامي بذلك، ولكن بصورة درامية تستهدف الرأي العام العربي والإسلامي..
كذلك من السهل إثبات استطاعة الفكر الصهيوني من التسلل إلى الحكومات الغربية، وتغلغلها في المنظمات ومراكز القوى، ووجود الإعلام المتصهين للأسف والذي تموله دول عربية خليجية، وفي عدد كبير من القنوات والصحف الكبرى المؤثرة .
الغرب وبمساعدة المؤسسات الإسرائيلية عمل على تنفيذ التطبيع تباعاً، وهو احد أهم الأساليب الممهدة لتنفيذ المخطط الإسرائيلي في صهينة العالم العربي اجمع، وإتباع خطوات خبيثة لضرب القوى العربية والإسلامية من الداخل، وإبراز الضعف الداخلي لحكوماتها، ما يعطي حافزاً لدى القوى السياسية في الهرولة نحو التطبيع، الأمر الذي لمسناه في محاولة ضرب الدولة العراقية من الداخل من خلال السعي وبقوة، لتشويه صورة المرجعية الدينية العليا وإسقاطها أمام الجمهور، وزرع الفرقة بين مكونات المجتمع العراقي، وفعلاً هذا ما تصوروا أنه قد نجح..
تفاجئ الكيان الصهيوني بالإرادة القوية للشعب العراقي من خلال التفافه خلف مرجعيته، عندما أصدرت فتوى الجهاد الكفائي، ضد عصابات داعش الإرهابية وطردهم خارج البلاد، الأمر الذي أزعج المؤسسات الصهيونية والغربية على حد سواء، ومع كل هذا تبقى هذه المؤسسات تتحين الفرص من أجل ضرب الإسلام وتشويه صورته أمام المسلمين خصوصاً والعالم عموماً، وتصويره على انه دين إرهاب ويصدر القتل والدمار للعالم، في حين أن داعش وما قبلها من تنظيمات إرهابية هي التي كانت من مخرجات المخابرات الإسرائيلية وتربت في أحضان الصهيونية العالمية والغرب وباعترافات بعض قادتهم..
على المؤسسات الإعلامية العراقية أن تكون على حذر في طريقة التعاطي مع الأهداف الخبيثة للإعلام المتصهين، والذي يسعى بكل جهده من اجل إيجاد شرخ بالمجتمع عموماً..

140
من الفاتيكان إلى النجف ..رسالة سلام
محمد حسن الساعدي
تعد الرحلة التاريخية التي يقوم بها البابا فرنسيس, هي الأولى له خارج الفاتيكان منذ تفشي وباء كورونا، كما أنها تعد الأولى إلى العراق مطلقا..وعلى الرغم من كل التخوف والحديث بان الرحلة ربما ستلغى بسبب مخاطر الرحلة ، وتفشي الوباء، إضافة إلى الأحداث الأمنية المتفرقة في البلاد، وإصابة السفير البابوي إلى العراق "ميتجا ليسكوفار" بفيروس كورونا،وهو من الشخصيات المهمة والمحورية في التحضير للزيارة ،لكن ذلك غالبا لن يمنع البابا من إلغائها،مع الإصرار على إبقاء البرنامج قائماً، والسفر عبر طائرة الخطوط الجوية العراقية..
من أهم الأسباب التي دعت البابا فرنسيس لزيارة العراق, ربما يكون هو تحقيق حلم البابوية لزيارة أرض السواد ومهد الأنبياء ومسقط رأس النبي إبراهيم عليه وعلى نبينا أفضل الصلوات، والتي كانت مقررة منذ العام 2000، ولكن الرحلة ألغيت بسبب القوانين الدولية التي منعت الزيارة، لأن البلد كان يعيش تحت ظل حكم ديكتاتوري.. إضافة إلى الرسائل من المعارضين العراقيين للنظام البعثي في الخارج والتي منعت الزيارة، لكنها هذه المرة جاءت الزيارة لتعيد للبابوية تلك الأحلام القديمة في زيارة العراق مرة أخرى.
الزيارة تأتي في إطار الدعم المعنوي للطوائف المسيحية في العراق, من كلدان وآشوريين وسريان وغيرهم،حيث يعد المسيحيون من أقدم الطوائف في العراق ، وعانوا من الاضطهاد لفترات طويلة، مما أدى لهجرتهم، والتي بلغت ذروتها مع دخول داعش إلى المدينة الموصل.. هذه الزيارة لها أبعاداً سياسية أيضا, من خلال محاولتها ترسيخ وتثبيت دور لهم في بلدهم، وتدفع بإتجاه ان يمارسوا دورهم في النسيج الاجتماعي العراقي, لا كمواطنين درجة ثانية أو وافدين, بل كونهم مواطنين من الدرجة الأولى كبقية العراقيين وجزء من هذا البلد المتعدد.
الزيارة تأتي في إطار الأهمية التي تحملها هذه الأرض, حيث تعد بلاد ما بين النهرين المهد الأول للعلوم ومهد أولى المعتقدات الدينية والرسالية، وفيها نزل للأنبياء والأوصياء،وهي ارض كل الديانات المسيحية واليهودية إضافة إلى إنها كانت مهد الإسلام وقاعدة الحكم الإسلامي..
إضافة لما سبق فالزيارة تمثل تحولاً في النظرة الخارجية للعراق كبلد مستقر, وان المرجعية الدينية في النجف الأشرف تمثل ثقلاً كبيراً عند المسلمين عموماً، والشيعة خصوصاً, وما قدمته مرجعيتهم لكل الطوائف والقوميات والمذاهب من  إهتمام ورعاية خاصة من قبل المرجعية الدينية في النجف الأشرف،وهذا ما حملته رسالة الإمام السيستاني إلى المسيحيين في العراق بقوله "أنتم جزء منا ونحن جزء منكم" ..
زيارة رأس الكنسية المسيحية رسالة مهمة للعالم, أن العراق أمسى بلداً مستقر وأمن لمسيحي العراق، وهناك ضرورة لدعمهم معنوياً، وحثهم للبقاء في بلادهم ، كما أنها جاءت لتقديم الشكر للمرجعية الدينية العليا وتثمين لدورهم الكبير في حماية الأقليات والأديان في البلاد بعد الفتوى التاريخية " فتوى الجهاد الكفائي" والتي أوقفت تمدد داعش في البلاد، لذلك فإن لها أهمية تكمن في التقارب المهم بين الأديان والمذاهب, وإطلاق رسالة للجميع أن العراق تعافى وبدأ بالنهوض التنموي والسياسي والاقتصادي .

141
الطارمية ..خاصرة بغداد الرخوة
محمد حسن الساعدي
شكلّ قضاء الطارمية والذي يقع شمال العاصمة, ويتبع إداريًا لمحافظة بغداد، وتبعد حوالي 50م عن جنوب محافظة صلاح الدين التي كانت تتبع لها سابقًا حتى عام 1997، يحدها نهر دجلة من الجنوب التاجي بين بعقوبة والتاجي والضلوعية، أما من الشمال فيحدها قضاء الدجيل، ومن الغرب الرمادي، أما من الشرق فتحدها ناحية الجديدة شرق نهر دجلة.                                   تعود أهمية الطارمية لكونها تربط بين أربع محافظات عراقية رئيسية وهي: ديالى والأنبار وبغداد وصلاح الدين، كما تعتبر الطارمية إحدى الأقضية الستة المحيطة بالعاصمة أو ما يُعرف بحزام بغداد، ويتألف قضاء الطارمية من ثلاث نواحٍ هي:  المشاهدة والعبايجي ومركز القضاء..                                                  موقعها شكل سيفا ذو حدين، فهي أنها تمثل ممرا مهما للحركة الاقتصادية بين شمال العراق والعاصمة وما بعدها من المحافظات الأخرى، وفي نفس الوقت منطقة زراعية مهمة, وهي كانت ومازالت تمثل حاضنة خطيرة ومهمة للتنظيمات الإرهابية من مختلف الجنسيات.. فقد مثلت هذه المدينة تحدياً كبيراً للعاصمة, وفي نفس الوقت تُركت للظروف السياسية المعقدة التي تمر بها البلاد بعد عام 2003، ولحساسية المدينة وحتى لاتستغل الظروف طائفياً، لجأت الحكومة ولأكثر من مرة إلى أسلوب الحوار والتهدئة والمصالحة مع عشائر القضاء في محاولة للحد من الهجمات الإرهابية التي كانت تقوم بها المجاميع الإرهابية ضد القوى الأمنية والجيش العراقي الذي كان يقوم بواجبه في الحفاظ على امن القضاء، إلى جانب أن القضاء كان مكان تجمع الإرهابيين لاستهداف مدينة بغداد بالمفخخات والأحزمة الناسفة ولأكثر من مرة . 
الحكومة العراقية ومنذ 2003 استشعرت الخطر القادم من شمال بغداد ، فسعت مؤخرا لتنفيذ عمليات أستباقية انطلقت قبل عدة أيام ، وذلك من أجل تطهير المدينة من بقايا داعش، ومحاولة تامين المدينة والتي تعد من المدن الاقتصادية المهمة إذ تلقب الطارمية”سلة بغداد الغذائية”؛ وذلك لكثرة مزارعها وأراضيها الخصبة ولوجود العديد من مزارع الدواجن وتربية الأسماك، بالإضافة إلى تربية المواشي والأغنام التي تجعل الرعي ثاني أهم الحرف لسكانها بعد الزراعة، كما يوجد فيها مطاحن عديدة لإنتاج الطحين ومقر لشركة “نصر” للصناعات الفولاذية والمعدنية,  وهذا جعل من الطارمية مدينة مكتفية بذاتها اقتصاديًا وقادرة على الاستمرار اعتمادًا على مصادرها الطبيعية وثرواتها الداخلية ، فصار من المهم تأمين القضاء وتخليص أهله من العصابات الإجرامية التي أخذت بالانتشار أكثر واكثرسواءً على مستوى القضاء أو تأمين الطرق المؤدية إلى مدينة بغداد وديالى والانبار .
تيفق كثير من المحللون أن الحكومة العراقية والقوى الأمنية بكافة تشكيلاتها, إضافة إلى الحشد الشعبي الذي اثبت جدارة في اختراق وضرب الإرهاب وحاضناته أينما كان وحل, بحاجة ماسة لإعادة انتشار قواته في القضاء وإجراء مسح كامل لسكانه من خلال قاعدة بيانات للسكان، إضافة إلى إجراء تقسيم افتراضي للقضاء على شكل مربعات.                                                 يرافق ما سبق إعداد خطة لتوزيع  الكاميرات ونقاط المراقبة, والتي مهمتها متابعة تحركات العصابات الإرهابية والانقضاض عليها بأسرع وقت ممكن، في مقابل ذلك العمل الجاد ومن كل تشكيلات السلطة المحلية في القضاء وإدارة البلدية, في تطوير وأعمار القضاء وتوسيع شوارعها وتطوير بناها التحتية وتقديم الخدمات الضرورية لسكانه،وبما يحقق الاستقرار،وتفويت الفرصة على هذه العصابات أن تستغل سكان القضاء او تهدد استقراره .

142
الحكيم يبدأ من السليمانية !!
محمد حسن الساعدي
الخطاب الذي جاء بذكرى شهادة السيد محمد باقر الحكيم في الأول من رجب والذي جرى في مدينة السليمانية أطلق رسائل عديدة أهمها أن الحكيم بدأ بوضع حجر الأساس لكتلته العابرة والتي صرح عنها من قبل، والتي تمثل حلاً صعباً لمشاكل العراق المستعصية،والتي جعلته بلداً مرهلاً مليئاً بالأزمات والمشاكل،إلى جانب كونها تمثل أحد الحلول المهمة في تشكيل أي حكومة قادمة،كما أكد الحكيم في خطابه على العراق لايمكن له أن ينهض ويبنى إلا من خلال أبناءه الشجعان والمخلصين وبجميع مكوناتهم،فالأمة التي تنهض بأبنائها الخلص وتحارب المفسدين امة تريد نهضتها وحريتها ورقيها،وتثبيت أسس العدالة الاجتماعية في مجتمعها .
الحكيم في خطابة الذي كان لافتاً وملفتاً اهتم كثيراً بالمكونات جميعها، فكانت الانطلاقة الأولى من الأكراد،حيث أكد في خطابه أن الأكراد والتركمان والايزيدين جميعاً مروا بنفس الظروف والألم الذي مر به إخوتهم الشيعة والسنة على حد سواء،من محطات مؤلمة وقاسية في تاريخ بلدهم،لذلك كان لزاماً عدم الركون إلى الماضي الأليم وتجاوز أي تراكم فيه وعبور آلامه وآثاره التي أثرت في تصرفات سياسيه ومستقبل أجياله،ويأتي ذلك من خلال التعاون المشترك بين مكوناته،والسعي إلى إيجاد المشتركات فيما بين هذه المكونات للخروج بلوحة متنوعة ولكنها تحمل الاسم ذاته ألا وهو العراق الموحد .
الحكيم في خطابه اوجد لنفسه حلاً لجميع المشاكل العراق،وتبنى دوراً رئيسياً في هذا الحل، ومن خلال اغلب آراء المحللين نجد أن الحكيم الشاب يتميز بعمق علاقته مع الجميع، وبغض النظر عمن يعتبرها مثلبة، إلا أنها أوجدت الحلول لكثير من المشاكل والأزمات التي ما زالت تثقل كاهل البلاد وتعيق نموه الاقتصادي والتنموي،لذلك اعتقد وكما يرى الكثير من المحللين أن هذا الخطاب الوحدوي سيجعل المواقف تتوقف عنده،وأن على الكتل السياسية ينبغي لها أن تعيد التفكير ملياً بوضعها السياسي في البلاد، وان تغير من سياستها تجاه البلاد والعباد من منطق المصلحة العليا وليس الفئوية الضيقة التي خربت البلاد وجعلته ملكاً صرفاً لهذه الأحزاب،لذلك ينبغي على الجميع استثمار هذه الفرصة وهذا الخطاب من اجل أثبات وجودها ونواياها ، وإلا إنها ستجد نفسها أمام مصير النفي من شعبها والذي بدأ ينتظر الفرصة لانهاءها من وجوده .
 

143

العقد الجديد.. بين البنيان القانوني والنظرية السياسية.
محمد حسن الساعدي
تكمن أهمية العقد السياسي والاجتماعي، في النظرة الموضوعية للنخب السياسية والذين ينظرون لهذا العقد، ومدى إمكانية تنفيذه، وفعاليته ونجاحه في أن يكون نظاما فاعلا، لإدارة الحياة العامة للمجتمع والأمة عموما والسياسية خصوصا..
سبق ان تم محاولة تطبيقه في أوربا وبعدة محاولات لتنتج هذه النماذج المطبقة في دول أوروبا.. أما في مجتمعاتنا العربية المعاصرة، فأن تأثير هذا المفهوم يجب أن ينتقل إلى المستوى الشعبي، لخلق ثقافة سياسية شعبية جديدة، لان الواقع العربي أو على المستوى المجتمع العراقي وبعد سقوط الطاغية، ونشوء نظام سياسي جديد لايحتاج إلى عقد اجتماعي، بقدر احتياجه إلى نظام سياسي جديد تضمن فيه حرية الفرد في المجتمع، وعلى غرار العقد الذي جرى في الولايات المتحدة، والذي تم من خلاله إنهاء حالة الرق في القرن التاسع عشر، وكذلك العقد السياسي الذي جرى في جنوب أفريقيا نهاية القرن الماضي،والذي جرى بموجبه إنهاء حقبة الابارتية،لان الغرض لم يكن غرضاً سلبياً يتمثل في طغيان القوى السياسية، بل كان إيجابياً هدفه التأسيس لسيادة الشعب ومشاركتهم الحكم .
أن نظرية العقد السياسي الذي أطلقه بعض القادة السياسيين في العراق، وفي مقدمتهم السيد عمار الحكيم تقوم على أساس ضرورة إيجاد عقد اجتماعي جديد، لان عقد 2003 لم يكن قادراً على إدارة الدولة، لذلك من الضرورة إيجاد عقد جديد يتناسب مع المتغيرات وطبيعة المرحلة، مؤكدا الحاجة إلى عقد سياسي جديد يعيد أنتاج النظام السياسي في العراق وينهي حالة الجمود والإحباط، ويتناسب مع تطلعات الجيل الجديد الواعي والمثقف والخالي من عقد الماضي وترسباته، ويعيد تنظيم العلاقة بين الدولة والجمهور .
العقد الاجتماعي ينهي حالة الهيمنة التي تمارسها القوى السياسية، التي سيطرت على القرار السياسي وسرقت فعله السيادي, فأمسى لهذه القوى السيادة على كامل القرار في البلاد, ويأتي ذلك من خلال إجراء عقد سياسي ثنائي، بين القوى السياسية والشعب يتمثل في ضرورة إن يأخذ الشعب العراقي دوره، في إجراء التغير المسؤول للنظام السياسي، وعلى أسس متبانى عليها وبما يحقق انفتاح هذا النظام على الجميع دون استثناء..
العقد الإجتماعي هو المنظم الوحيد للمجتمع، من اجل تطوير العلاقات الاجتماعية بين الأفراد، وبالتالي تحقيق الحماية المطلوبة لهولاء الأفراد, لان الدولة هي المسؤولة عن الأمن والاستقرار لهولاء الأفراد وتنظيم المجتمع , إلى جانب إن الدولة عبارة عن عقد اختياري، يقوم به الناس من اجل تشكيل نظام سياسي، يخلصهم من حالة الهيمنة والتبعية إلى حالة الاستقرار الاجتماعي وحرية العيش والاختيار في بناء الدولة المستقرة, من خلال سيادة الشعب واختيار ممثلين عنهم يقومون بتشريع قوانين شفافة وسلسة، بعيدا عن الأجندات السياسة, وتأصيل  مفهوم الأغلبية لأنها تمثل العقل عند اختلاف المصالح، فعند اختلاف الآراء يتم الاحتكام للأغلبية .
يدعو الفيلسوف الفرنسي جان جاك روسو(1712-1778)إلى إن النظام السياسي ينبغي إن يبنى على العقد الاجتماعي، وضرورة تنازل وتخلي الأفراد عن حرياتهم وحقوقهم لصالح الإرادة العامة، وكذلك دعا  إلى النظام السياسي الذي يبنى على أن يكون هناك عقد اجتماعي، وضرورة تنازل وتخلي الأفراد عن حرياتهم وحقوقهم لصالح الإرادة العامة، ويرى أن هذا التنازل عن الحقوق بالاتحاد والوحدة، أي كلما تنازلت أكثر قويت الجماعة أكثر، لان الدولة هي مخارج الإرادة العامة، ولايمكن للدولة أن تكون متسلطة عند توظيفها للسلطة، وتسعى الإرادة العامة في الغالب إلى تحقيق المصلحة العامة..
هذا ما يجعل روسو ينادي بحرية الفرد وبالتالي تصبح للإرادة العامة خاصيتان : تكون فوق الجميع وتكون ممثلة للجميع , فلقد كان للعقد الاجتماعي والسياسي عبر التاريخ مجموعة من التطورات الملموسة تصب في مصلحة المجتمع، وتجعله متماسكا أكثر على مستوى العلاقة بين الدولة والمواطن، لذلك يأتي العقد السياسي ليحكم العلاقة بين الدولة والمجتمع, ويتيح للدولة إن تشرك المجتمع معها, كما أنها تفسح المجال لهذا المجتمع إن يكون له دورا في اتخاذ القرار السياسي , كأحد المنافذ المهمة في تثبيت سيادة القرار السياسي وبالتالي السيادي , وتقوية الفرد داخل الدولة .

144
المنبر الحر / خطاب تجاوز العقد !!
« في: 22:10 14/02/2021  »
خطاب تجاوز العقد !!
محمد حسن الساعدي
تميز خطاب رئيس تحالف عراقيون السيد عمار الحكيم والدي القاه بمناسبة الذكرى السنوية لاستشهاد السيد محمد باقر الحكيم والتي اقيمت في ساحة الخلاني ببغداد ، بانه تجاوز ليس فقط للمكونات بل تعداها للطائفية بادق تفاصيلها، فهنا يفند الحكيم الاقاويل التي تحدثت عن الاتهامات بانه ينبغي على القادة الشيعة وتحديدا الحكيم ان يدافع عن مكونه وطائفته، وان لا تتعدى للدفاع عن الشعب العراقي عموماً وقضايا الوطن كافة، وان مثل هذا الاتهام استهداف لفكر الحكيم تجاه القضية العراقية ، لذلك كانت رسالته واضحة في الرد على هذه الاقاويل ، حينما اكد على اننا نفخر باننا من اتباع اهل البيت (عليهم السلام) ونتشرف بذلك ولكننا نعتقد اننا ايضاً بان هويتنا الشيعية لا تصان وحقوقنا كمواطنين لا تستوفى الا بهويتنا الوطنية العراقية الجامعة وهذا حال جميع المكونات في البلاد .
الحكيم في خطابة اتسق تماما مع الرؤية والخطاب النوعي الذي رفعه السيد محمد باقر الحكيم سواءً عندما كان في المهجر او حتى عند دخوله الى ارض الوطن، فشهيد المحراب وضع (قضية وطن) نصب عينيه وعمل بجد من اجل ترسيخ مفهوم الوطن على الطائفية والقومية، لذلك كان ناجحاً في حركته السياسية،وجعلته مقبولاً عند الجميع من القيادات السنية او الكردية، او حتى علاقته مع الوضع الاقليمي والدولي، الامر الي جعل رسالته تبدو سريعة المقبولية عند الجميع على حد سواء، ووافقه في هذا الموقف الوطني الكثير من العلماء والقيادات السياسية التي نادت بالوطن وتجاوزت في خطابها حديث المذهب او الطائفة، فهذا الشيخ عبد العزيز البدري الذي نادى بالوطن فلحق بركب الشهداء ليكون واحداً من شهداء العراق الذين دافعوا ونادوا بمظلومية الشعب العراقي عموماً،الى جانب السيد. مهدي الحكيم الذي فقد حياته بسبب حبه لوطنه ومناداته بحقوقهم المشروعة في العيش الكريم ورفع المظلومية عنه امام الطخمة البعثية الفاسدة آنذاك حتى لاقى ربه مضرجاً بدمه وهو ينادي بصوت وطنه دون مذهب او قومية ، وغيرهم من الشهداء سواءً من آل الحكيم او غيرهم من بقية القوميات او المكونات الذين كان وطنهم اعلى صوتاً من مذهبهم وقوميتهم .
الحكيم الذي حتى في احياء مناسبة يوم الشهيد العراقي في الاول من رجب من كل عام يجد العراقيل والمزايدات والاتهامات والاباطيل والازدواجية في المواقف، حتى وصل الحال الى التهديد السياسي والنزول الى الشارع من قبل منافسيه وخصمائه، الامر الذي يجعل البلاد تقع ضحية طمع هولاء ومحاولة وضع البلاد في محك مع الحرب الداخلية والتي أن وقعت لا سامح الله،ستكون (شيعية-شيعية) وستكون بغداد والمحافظات الجنوبية ساحة هذا الصراع،لان الجهل والطمع والتسلط عندما يسود هذه الاجواء، ويعتري التخلف فهم الاحزاب في تحملها المسؤولية تجاه وطن، فانها لن تدخر جهداً في حرق ما تبقى من وجود،خصوصاً وأننا أمام اجراء أنتخابات من المزمع اجرائها في تشرين الاول من العام الحالي،والتي يبدو انها ستكون شرسة جداً، وربما تنذر بوقوع مواجهات مسلحة خلالها او ما بعدها،لان التصريحات المتخلفة للبعض تضع الشارع العراقي في حالة تأهب لساعة الصفر في هذه المواجهةالمحتملة،لذلك جاء خطاب الحكيم وان كان مقبولاً وطنياً ويمكن ان يشق طريقه امام بناء الوطن بعيداً عن المذهبية، الا ان المعوقات كبيرة وخطيرة لعل هذه الخطابات والنداءات تجد طريقها نحو اسس سليمة لوطن مستقل اسمه العراق .

145
الجعيدة..الحقيقة التي نتعاما عنها..!
محمد حسن الساعدي
يحكى أن هناك عصابة كانت تسرق وتنهب في أموال الناس وحلالهم، وكان هناك “موجه” يقود هذه العصابات بالخفاء، التي فتكت بالناس وسرقة حلالهم وأموالهم، وكان هذا الموجه يقود عمليات السرقة والنهب من بعيد، والأدوات هي من تسرق وتنهب، لذلك سمي هذا الموجه الخفي بـ”الجعيدة”..
مفوضية النزاهة أعلنت في وقت سابق، عن ملفات سرقة واختلاس وسطو على المال العام، ورفض كشف الذمم المالية للمسؤوليين وهدر للمال العام بمليارات الدولارات.. ومع كل الادعاء باسترداد قسم من هذه الأموال، إلا أن أحد نواب اللجنة القانونية في البرلمان، أعلن في أحدى الفضائيات أن ما تم استرداده لا يساوي واحد بالألف مما تمت سرقته وتهريبه إلى الخارج، ومع كل هذا الحديث عن هذه الملفات الخطيرة والكبيرة، ولكننا لم نسمع او نرى حتى الآن القبض على رأس من رؤوس الفساد الكبيرة، وإيداعه السجن حتى يشكل حالة ردع للآخرين.. ولا حتى محاولة حقيقية لاسترجاع الأموال الكبيرة المهربة إلى الخارج، وهذا يجعل بقاء الفساد كما هو أمرا عاديا، بسبب عدم مواجهته بقوة من خلال القانون أو سواه من الإجراءات الفعالة.
الكتل السياسية من جهتها تسعى وبكل قوة للبقاء في السلطة، والسيطرة على مقدرات الشعب العراقي، والعمل على أن تبقى الامتيازات بيديها، وتحاول بإصرار على ضرب مصالح الشعب العراقي.. فالحديث عن فساد الأحزاب المسيطرة في العراق يثير الحزن والشجون، وكان لهذه الطبقة السياسية فرصة تاريخية ليجعلوا العراق من البلدان المتقدمة، بفعل الموازنات الضخمة التي تلاعبت بها هذه الطبقة وملئت بها البنوك والمصارف الأهلية والإقليمية والدولية.. فماذا حصل؟
النتيجة سوء في الإدارة وفتح للباب على مصراعيه للفساد، فأتاح ذلك لهذه الطبقة باللعب بمصير الشعب العراقي ونهب خيراته، فتبخرت كل الأحلام وتحولت لأوهام، لينخر الفساد في جسد مؤسسات الدولة، حتى أصبح العراق في صدارة الدول الفاسدة عالميا.
كل ذلك جعل الأحزاب السلطوية تفقد الكثير من بريقها، بسبب عدم قدرتها على حلّ المشكلات والأزمات وتهديدها المستمر لاستقرار الدولة، ما جعل معظم العراقيين يعيشون حالة اليأس من هذه الأحزاب الفاشلة والتي عمل بعظها على الاستفادة من الحراك الشعبي، من خلال الصعود على أكتاف هذا الحراك، لذلك هي الآن تعمل على ترقيع صورتها أمام العراقيين، فنجد أن كثيرا من هذه الحركات الشعبية مدعومة أو موجهة من بعض أحزاب السلطة المتنفذة، والتي استطاعت أن تكون “جعيدة” لأي حكومة أو وزير او مسؤول فاسد.. وإن لم نتخذ مرقفا من هذه الجهات التي تتلاعب بمصيرنا من خلف الستار، فنحن كمن يريد حجب الشمس بغربال.

146
قيود كسرتها السماء !!
محمد حسن الساعدي
لابد لنا ونحن نتحدث عن امة من الأمم أن نتذكر رموز هذه الأمم ، والمؤثرين في مسيرتها سواءً في الجانب السياسي أو الديني، لان قيمة أي امة تعتمد على هذه الرموز،لذلك عمدت الأمم الحرة إلى إحياء واستذكار عظمائها واستذكار مواقفهم البطولية التي سطروا فيها مراحل ويوميات تاريخ الأمم، وهنا لابد من تساؤل : هل الشهيد زاهد في الحياة يائس منها ؟ هل يضحي بحياته لأنها تعيسة أو مملة ؟ هل هو انتحار ؟
كلا لان الشهداء أكثر حباً للحياة وفهمهم لها ، ولكن ثمة فرق كبير بين الأحياء والشهداء، فنحن نحب الحياة حتى نبخل بها، وذلك للأسف تصور وفهم ضعيف وينم عن قصور في البصيرة وخوَّر عزيمة، ولكن بالمقابل فأن الشهيد يحب الحياة لا لأجلها بل لأجل أن يعيش فيها كريماً عزيزاً في غير هوان أو ذل ، لذلك فقد بلغ الشهيد قمم الفضائل ، وعلى الرغم من مرور الأيام إلا أن منزلة الشهيد تزداد رفعة ومكانة في المجتمع عموماً، وحتى أمست الشوارع تزدهر بصور الإبطال المضحين والشهداء المؤثرين على أنفسهم أمام حق كبير ألا وهو الوطن .
اتسمت حياة شهيد المحراب السيد محمد باقر الحكيم بهذه السمات والصفات حتى أصبح ركناً مهماً من أركان التضحية والتحرر في سبيل القضية العراقية الأم،لأنه أصبح درساً كبيراً في الإيثار ،وهو يعلم وقت قربانه ليقمها إلى نحر الشهادة، يقيناً منه بان دمائه ستكون النهر الذي يسقي الحرية المستباحة طيلة أربعة عقود من الظلم الفاحش والتسلط الأعمى الذي رقد على حياة العراقيين عموماً، ولكن رغم كل هذه المقدمة لا زلنا بأمس الحاجة إلى أناس مخلصين أحبوا وطنهم فأحبهم واحتضنهم ليكونوا بين ذرات ترابه درساً وعبق للأحرار في كل مكان وزمان ، لذلك عملية المواجهة مع شهيد المحراب وشهادته لم تكن شريفة،بل كانت من أيادي قذرة وبأسلوب قذر، لأنهم عجزوا عن مواجهة الحق وأن الأبطال والعظماء لايمكن مواجهتهم ومنازلتهم، وظل ذلك الصوت الهادر يدوي في صحت أمير المؤمنين (ع) راجزاً كل ملاحم القوة والشجاعة والصبر للشعب العراقي الذي كان السند الحقيقي رغم المحن لمرجعيته الدينية وقيادته السياسية آنذاك ، لذلك أستشعر شهيد المحراب ذلك من خلال الاستقبال الكبير الذي قوبل به أثناء دخوله البلاد بعد غربة دامت لأكثر من ثلاثون عاماً يدافع فيها عن حقوق شعبه أمام العالم أجمع ، وعلى الرغم من أن المنية كانت أسرع بشهيد المحراب ولكن بقي ذلك الصوت والفكر الأساس المحرك لأي عملية سياسية جاءت بعد عام 2003 .

147
بايدن يدخل البيت الأبيض !!
محمد حسن الساعدي
تابع العالم اجمع نتائج الانتخابات الأميركية،وما أن أعلنت حتى أثير الجدل بين محتفل بفوز بايدن وبين من أعلن الحداد على خسارة دونالد ترامب،وعلى الرغم من أن السياسة الأميركية لاتتغير بتغير الشخوص، إلا أن الهاجس الأكبر لدى العالم اجمع هو ما سيعمد إليه بايدن بشان القضايا الجوهرية وأهمها الشرق الأوسط،والحرب في سوريا واليمن وملف العراق ، ويبقى الملف الأعقد هو العلاقة مع طهران، ويبقى التخوف الأكبر هو توجهات بايدن إزاء الأطراف الموالية لإيران، وما أن كانت فترته ستركز على عقد تفاهمات مع طهران على حساب المصالح العراقية ، الأمر الذي ربما سيعطي قوة وزخم أكبر للفصائل المسلحة في العراق .
الشي اللافت هي التهنئة التي قدمها رئيس أئتلاف دولة القانون السيد نوري المالكي، والتي أعطت انطباعاً بأن القوى الموالية لإيران بدت مرتاحة في وصول بايدن إلى البيت الأبيض، الأمر الذي يبين حجم المخاوف التي كانت لتلك الأطراف في احتمالية بقاء ترامب في الحكم،والذي خسر الانتخابات بسبب فقدانه لرؤية واضحة بشان الشرق الأوسط إلى جانب الوقوف بوجه خط المقاومة فيها، إلا أن جو بايدن تميز عن سابقه بمعرفته للوضع العراقي منذ عقود طويلة، فضلاً عن كونه يرتبط بعلاقات جيدة مع بعض القيادات العراقية، في حين أن تلك الميزة لم تكن متوفرة لدى ترامب الذي ينظر كره واشمئزاز، والذي يرى أن أكبر خطأ أرتكبه الاميركان هو غزو العراق ، ومحاولة تحويل العراق إلى ساحة صراع معلنة بين واشنطن وطهران ، حيث تؤكد الأخبار أن هذا الأمر ربما يتغير مع غدارة بايدن التي تنظر إلى الساحة العراقية ساحة تهدئة ، على الرغم من الخطط التي حملتها حقيبة بايدن في كون العراق ينبغي أن يكون مقسماً على أساس طائفي وقومي، إلا أن بايدن ينظر إلى العراق على أساس وجوده كدولة وليس منطقة للتصعيد ضد طهران ، والذي ربما يعيدنا لفرضية وجود أتفاق نووي جديد بين واشنطن وطهران،وصياغة أتفاق شامل بخصوص المشروع النووي الإيراني.
التوقعات وحسب ما يؤكد بعض المراقبين إن المؤشرات جميعها تشير إلى عكس ذلك تماماً،إذ أن حماس بعض القيادات السياسية العراقية في وصول بايدن إلى البيت الأبيض تمثل ربيعاً جديداً للعراق عموماً، من خلال نهاية الضغط على طهران ، وإتباع سياسة أكثر انفتاحاً وحسم الكثير من الملفات السياسية العالقة في المنطقة ، ويأتي ذلك من خلال رغبة بايدن في العودة إلى الاتفاق النووي مع طهران ، ما يعني التخلي عن استراتجييه الضغط الأقصى الذي تبناه ترامب على طهران سابقاً، واتخاذ سياسة أكثر انفتاحاً وفق سياسة اليد المفتوحة تجاه إيران والتي اتبعها أوباما من قبل ، لذلك لن يكون في سلم أولويات الإدارة الجديدة  لجو بايدن، بل سيعمد إلى إنهاء هذا الملف، والذهاب نحول حل المشاكل الداخلية العالقة وأهمها المشاكل الاقتصادية والصحية التي عانى منها الأميركيون ، لذلك يرى المحللون أن حدة التوترات في المنطقة عموماً يتخف تدريجياً، وسيكون هناك حلحلة لكثير من القضايا العالقة وفق إستراتيجية ستكون على حساب المصالح الوطنية، ولكن في نفس الوقت تبقى المخاوف لدى العراقيين من أن يكون وصول بايدن إلى السلطة ممهداً لتنفيذ ما يطلق عليه "مشروع بايدن للتقسيم" والذي طرحه عام 2006 حيث تحدث فيه عن أنشاء أقاليم على غرار إقليم كردستان كحل لحالة الاقتتال الطائفي الذي ساد البلاد سابقاً،ويكمن الحل في حل الأزمة العراقية بتطبيق رئيس الوزراء لتعهداته في إقرار القانون وتدعيم الدولة ومحاربة القوى الموازية لها سواءً في وجود بايدن أن غيره من ساسة البيت الأبيض، وأن يصار إلى ان يكون القرار عراقياً بامتياز بعيداً عن أي تأثير خارجي.

148
شهدائنا.. نداء إلى السماء
محمد حسن الساعدي
أن من أعظم الأعمال واجلها عند الخالق هو الجهاد في سبيله.. ولأجل الحق والقضايا الإنسانية الكبرى، ودفاعا المقدسات والحرمات الدينية والإنسانية والدفاع عنها.. ويكون العمل أعظم إن ختم بالشهادة في سبيله..
هذه المواقف تمثل القمة في العطاء من أجل الدين والوطن ومن أجل القضايا والمبادئ والقيم التي يؤمن بها ويعمل من اجلها، ولأنه يمثل السمو في الأخلاق والقدوة الحسنة في الصفات، فالحديث عن الشهيد ذو شجون وطويل، وأننا إذ نحاكي الشهادة فإننا نتكلم عن وعي في الفكر ويقين في الانتماء، وبصيرة في رؤية الأمور يعبر عن شعور عميق بالمسؤولية الدينية والوطنية، والمسؤولية الكبرى في تحديد المصير، والحضور في الساحة والفاعلية في التأثير على المشهد عموماً..
الشهادة الحقيقية ليست وليدة صدفة كأن يسقط الشهيد صريعاً بغير اختيار أو أرادة، إنما هي اختيار أكيد وممنهج على حياة مبنية على فلسفة ويقين ورؤية محددة للأمور.. فالشهيد قبل أن يقدم نفسه للشهادة هو مشروع متكامل، يتحرك نحو مصرعه بمثابرة وحيوية وقوة وفاعلية، ويحمل معه راية حياته الأخرى ، فيسير بإرادة كاملة وبتنظيم دقيق وبخطى ثابتة لا تزحزحه الإغراءات ولا التهديدات، لذلك تكتب له الشهادة، مع كل هذه الظروف والمعطيات التي نادى بها .
الشهادة لا تأتي إلا في بيئة ومناخ الصراع بين الحق والباطل، والخير والشر وبين الفضيلة والرذيلة ، ومرتبة الشهيد لايمكنها أن تقبل إلا أن تكون في صف قوى الخير والعدل والفضيلة والحرية، وتأتي الشهادة حينما تسعى قوى الباطل والشر والظلم والتخلف لغلق الطريق أمام قوى الحق والخير، ومحاربة العقيدة الصالحة والقيم الروحية والمعنوية والمادية، وتهدر كرامة الإنسان وتسلب حقوقه الطبيعية في الحياة، لذلك تعد دليلاً على مدى إيمان الشهيد بعدالة قضيته التي أستشهد من أجلها وعلى قيمتها الكبرى وأهميتها العظمى لديه.. وهي إدانة لقوى الباطل والظلم والرذيلة والظلام والاستبداد ، وشاهد إدانة لقوى الباطل والاستكبار والانحراف أمام محكمة العدل الإلهي والتاريخ .
تتجلى صور الشهداء بأروع معانيها في دفاعهم وتقديم أرواحهم فداءً للوطن، وهم بذلك يعبدون الطريق أمام الأحرار في كل زمان ومكان ، لذلك كان وما زال شهدائنا من قادة كبار قدموا دمائهم من اجل خلاص شعبهم من الطغمة البعثية التي كانت جاثمة على صدر العراق وشعبه المستضعف، ودمائهم هي التي دفعت كابوس داعش، فصارت شعاراً ومناراً لكل الأجيال وفي كل الأزمنة.
التكريم الحقيقي للشهداء لايكون إلا من خلال السير على نهجهم في رفض قوى الظلام والاستبداد والرذيلة والتخلف والوقوف بوجه الظالمين ، وعدم الرضوخ لإرادة الشيطان الأكبر، ويأتي ذلك من خلال بث روح التضحية والفداء والمحافظة على تراث الشهداء وتخليد ذكراهم سنوياً، والمعاني والقيم والمبادئ التي ضحوا من اجلها وإحيائها والعيش بحرية وكرامة .

149
إنتخاباتنا.. بين السلاح المنفلت والمال السياسي.
محمد حسن الساعدي
المتابع للمشهد السياسي العراقي سيرى أن القوى السياسية بدأت تعد العدة لخوض معترك الانتخابات القادمة مبكراً، ولديها طموحات في الظفر بما يمكنها من مقاعد البرلمان القادم..
كل منها بدأ يصرح بحسب هواه فمنهم من ادعى انه سيحصل على مئة من مقاعد البرلمان والآخر إدعى بأنه سيفوز  بخمسين مقعداً، وهو أمر شهدناه في اغلب الانتخابات الماضية، والاستعراضات السياسية أصبحت واضحة، ومثل هذه التصريحات والغاية منها صارت مكشوفة، وبدأ جس نبض الشارع وبما يحقق الأهداف السياسية لذلك الحزب أو هذا..
السبب وراء هذه التصارع من أجل كسب الأصوات، هو أن الكتل السياسية عموماً صار لها الخبرة الكافية في كيفية تسلم المناصب وطريقة الكسب، والأساليب المخفية التي توصل لهذا الهدف، كما أنها باتت تمتلك القوة والنفوذ الذي تؤهلها للظفر بالأصوات والفوز أمام المنافسين الآخرين، إلى جانب الإمكانات التي تمتلكها تلك الكتل السياسية ولا يمتلكها غيرهم..
هناك من يرى أنه وبالرغم من الاستعدادات التي تقوم بها الدولة، لإجراء الانتخابات في حزيران المقبل، إلا أن المشهد سيبقى على حاله وبنفس الخلل، خصوصاً مع إستبعاد إحتمال تشكل أو وجود المعارضة السياسية في البرلمان، وسيادة التوافق السياسي، فلا تغير يمكن توقع أن يؤثر على المشهد الانتخابي القادم .
الحل الأمثل للخروج من هذه الأزمة التي يحكم فيها الفائزون تحت قبة البرلمان، يتمثل بضرورة وجود معارضة حقيقية تراقب السلطة التنفيذية وتعدل وتقوّم، وتعمل على مراقبة الأداء الحكومي والتنفيذي، والتصدي لكل ملفات الفساد التي تشوب عمل السلطة التنفيذية، ومحاسبة الفاسدين وتفعيل دور القضاء الحازم في معاقبتهم وإعادة الأموال المسروقة والمهربة إلى الخارج..
يمكن أن يتم ذلك من خلال زج دماء جديدة في البرلمان القادم والعملية السياسية برمتها، والسعي الجاد لإيجاد وجوه جديدة، يمكن لها أن ترسم الخارطة القادمة للمشهد السياسي، وهذا هو عمل الأحزاب ومسؤوليتها للنهوض بواقع العملية السياسية وإبعاد الوجوه القديمة التي سببت الفشل والحرج لهم، بدلاً من الالتفاف على الناخب بمسميات وشعارات جديدة، وإتاحة الفرصة لمشاركة الأحزاب الجديدة في الانتخابات القادمة، وبشكل حقيقي وليس شكليا، وبما يحقق تغييراً في المشهد السياسي والانتخابي عموماً.
التزام الحكومة بإجراء الانتخابات المبكرة في موعدها المقرر، وتوفير كافة الوسائل والسبل لإنجاحها، وتوفير الغطاء السياسي والأمني لها، مع وجود الضمانات الدولية لعملية الرقابة على مجمل العملية الانتخابية، سيعكس نجاح الحكومة الحالية في أداء واجباتها ومهامها الدستورية، بل ويمثل تحقيقا للهدف الأوحد لوجودها وهو إجراء انتخابات مبكرة تكون بمراقبة الجهد الدولي لها..
إن عملية إقرار قانون الانتخابات يعد خطوة مهمة بإتجاه الإعداد للإنتخابات القادمة، والأهم من ذلك كله، هو التفات الكتل والقوائم الانتخابية، بأنها ينبغي أن يجمعها خدمة المواطن والابتعاد عن المصالح الحزبية والسياسية، والتي كانت السبب الرئيسي والمباشر في تراجع الوضع السياسي، والتهديد بإنهياره أكثر من مرة.
يضاف لما سبق ضرورة إيجاد مناخ أمن من خلال إبعاد الشارع عن الاحتقان وإبعاد السلاح عنه، وأن يسود القانون أمام لغة "السلام المنفلت" والذي أضحى ظاهرة غير صحيحة يسيطر فيها المسلحين على الشارع .
هذه الخطوات المهمة أن جرى تحقيقها، وأجريت انتخابات شفافة ونزيهة، يسودها الأمن الانتخابي، فعندها فقط يمكن أن نجد برلمانا جديدا قائما على أساس المهنية، ويختلف تماماً عن سابقاته، خصوصاً إن نجحت الدعوات لتشكيل قوائم عابرة للمذهبية والقومية، وتعتمد الوطنية أساساً لتحالفها، ونبذ التوافق المصلحي، والسير وفق مبدأ الأغلبية والبرنامج الانتخابي الواضح والشفاف، وإبتعدنا عن تقاسم السلطة بين الحكومة والمعارضة وان تكون مصلحة الوطن والمواطن فوق كل اعتبار..
إن تحقق ما سبق ولو بجزئه الأكبر فذلك بحد ذاته انتصار حقيقي، للديمقراطية وتطلعات المواطن العراقي في تحقيق أمنه ومصالحه العليا.

150


الشهداء.. القدوة التي نحتاجها
محمد حسن الساعدي
رغم مرور الأيام إلا إن التاريخ يضعنا في حضرة صور العظماء، ويذكرنا بمواقفهم التي غيرت مجرى الأحداث في كل زمان ومكان، فأصبح هولاء درساً كبيراً في التضحية والإيثار، وبدأنا نستشعر ضرورة وجودهم في كل لحظة من لحظات بلدنا في ظل الظروف المعقدة التي يمر بها.. أشد ما يؤلمنا أن المواجهة معهم لم تكن شريفة، ولم تحمل أي ضمير أو إنسانية، بل حملت جبناً وعاراً يلاحق عدوهم على مدى التاريخ.. عدو فشل في الوقوف بوجههم والنيل منهم، أنهم قادة الانتصارات في العراق، الذين غيروا مجرى الأحداث في ساحات المواجهة، مع المخططات الخبيثة الرامية لتمزيق وحدة العراق ارضاً وشعباً .
الشهيدان العظيمان قدما نفسيهما من أجل تحرير البلاد من عصابات داعش الارهابية، وإنهاء المخطط الخطير الرامي لتغيير خارطة المنطقة عموماً والعراق خصوصاً، بذلا جهداً كبيراً من أجل تحرير البلاد، وكانا حريصان أشد الحرص على أن يكون العراق آمناً ومستقراً ومحرراً من براثن عصابات الارهاب بكل انواعه..
إن شهادتهما تمثل بداية مرحلة جديدة في تاريخ الشرق الأوسط، فدماء هولاء القادة الشهداء صنعت تاريخ العراق من جديد ونفضت الغبار عنه، لأنهم سطروا ملاحم تلو الملاحم في سبيل تحرير العراق والدفاع عن وحدة أراضيه، في الوقت الذي تخلى كل العالم عنه في حربه ضد داعش، ولكن لدور هولاء القادة وهذه الدماء التي كانت تقاتل وتدافع تحت غطاء فتوى المرجعية الدنية العليا ( الجهاد الكفائي) والذي أستطاع فيها الحشد الشعبي، والقوات الأمنية البطلة والجيش العراقي الباسل من صد عصابات داعش وإبادتها وطردها.
عندما نستذكر هولاء الشهداء فإننا نستذكر تلك المواقف المشرفة التي سطرها الأبطال، وهم يدافعون عن المبدأ والهدف الأسمى ضد الاستكبار العالمي، لذلك فإننا باستذكارهم نستذكر التضحيات البطولية التي سطرها هولاء، وان تضحياتهم تعطينا دافعاً قوياً لنقتدي بهم في الوقوف بوجه المخططات التي تريد الشر بوطننا وشعبنا .

151
إنتخاباتنا.. بين السلام المنفلت والمال السياسي.
محمد حسن الساعدي
المتابع للمشهد السياسي العراقي سيرى أن القوى السياسية بدأت تعد العدة لخوض معترك الانتخابات القادمة مبكراً، ولديها طموحات في الظفر بما يمكنها من مقاعد البرلمان القادم..
كل منها بدأ يصرح بحسب هواه فمنهم من ادعى انه سيحصل على مئة من مقاعد البرلمان والآخر إدعى بأنه سيفوز  بخمسين مقعداً، وهو أمر شهدناه في اغلب الانتخابات الماضية، والاستعراضات السياسية أصبحت واضحة، ومثل هذه التصريحات والغاية منها صارت مكشوفة، وبدأ جس نبض الشارع وبما يحقق الأهداف السياسية لذلك الحزب أو هذا..
السبب وراء هذه التصارع من أجل كسب الأصوات، هو أن الكتل السياسية عموماً صار لها الخبرة الكافية في كيفية تسلم المناصب وطريقة الكسب، والأساليب المخفية التي توصل لهذا الهدف، كما أنها باتت تمتلك القوة والنفوذ الذي تؤهلها للظفر بالأصوات والفوز أمام المنافسين الآخرين، إلى جانب الإمكانات التي تمتلكها تلك الكتل السياسية ولا يمتلكها غيرهم..
هناك من يرى أنه وبالرغم من الاستعدادات التي تقوم بها الدولة، لإجراء الانتخابات في حزيران المقبل، إلا أن المشهد سيبقى على حاله وبنفس الخلل، خصوصاً مع إستبعاد إحتمال تشكل أو وجود المعارضة السياسية في البرلمان، وسيادة التوافق السياسي، فلا تغير يمكن توقع أن يؤثر على المشهد الانتخابي القادم .
الحل الأمثل للخروج من هذه الأزمة التي يحكم فيها الفائزون تحت قبة البرلمان، يتمثل بضرورة وجود معارضة حقيقية تراقب السلطة التنفيذية وتعدل وتقوّم، وتعمل على مراقبة الأداء الحكومي والتنفيذي، والتصدي لكل ملفات الفساد التي تشوب عمل السلطة التنفيذية، ومحاسبة الفاسدين وتفعيل دور القضاء الحازم في معاقبتهم وإعادة الأموال المسروقة والمهربة إلى الخارج..
يمكن أن يتم ذلك من خلال زج دماء جديدة في البرلمان القادم والعملية السياسية برمتها، والسعي الجاد لإيجاد وجوه جديدة، يمكن لها أن ترسم الخارطة القادمة للمشهد السياسي، وهذا هو عمل الأحزاب ومسؤوليتها للنهوض بواقع العملية السياسية وإبعاد الوجوه القديمة التي سببت الفشل والحرج لهم، بدلاً من الالتفاف على الناخب بمسميات وشعارات جديدة، وإتاحة الفرصة لمشاركة الأحزاب الجديدة في الانتخابات القادمة، وبشكل حقيقي وليس شكليا، وبما يحقق تغييراً في المشهد السياسي والانتخابي عموماً.
التزام الحكومة بإجراء الانتخابات المبكرة في موعدها المقرر، وتوفير كافة الوسائل والسبل لإنجاحها، وتوفير الغطاء السياسي والأمني لها، مع وجود الضمانات الدولية لعملية الرقابة على مجمل العملية الانتخابية، سيعكس نجاح الحكومة الحالية في أداء واجباتها ومهامها الدستورية، بل ويمثل تحقيقا للهدف الأوحد لوجودها وهو إجراء انتخابات مبكرة تكون بمراقبة الجهد الدولي لها..
إن عملية إقرار قانون الانتخابات يعد خطوة مهمة بإتجاه الإعداد للإنتخابات القادمة، والأهم من ذلك كله، هو التفات الكتل والقوائم الانتخابية، بأنها ينبغي أن يجمعها خدمة المواطن والابتعاد عن المصالح الحزبية والسياسية، والتي كانت السبب الرئيسي والمباشر في تراجع الوضع السياسي، والتهديد بإنهياره أكثر من مرة.
يضاف لما سبق ضرورة إيجاد مناخ أمن من خلال إبعاد الشارع عن الاحتقان وإبعاد السلاح عنه، وأن يسود القانون أمام لغة "السلام المنفلت" والذي أضحى ظاهرة غير صحيحة يسيطر فيها المسلحين على الشارع .
هذه الخطوات المهمة أن جرى تحقيقها، وأجريت انتخابات شفافة ونزيهة، يسودها الأمن الانتخابي، فعندها فقط يمكن أن نجد برلمانا جديدا قائما على أساس المهنية، ويختلف تماماً عن سابقاته، خصوصاً إن نجحت الدعوات لتشكيل قوائم عابرة للمذهبية والقومية، وتعتمد الوطنية أساساً لتحالفها، ونبذ التوافق المصلحي، والسير وفق مبدأ الأغلبية والبرنامج الانتخابي الواضح والشفاف، وإبتعدنا عن تقاسم السلطة بين الحكومة والمعارضة وان تكون مصلحة الوطن والمواطن فوق كل اعتبار..
إن تحقق ما سبق ولو بجزئه الأكبر فذلك بحد ذاته انتصار حقيقي، للديمقراطية وتطلعات المواطن العراقي في تحقيق أمنه ومصالحه العليا.

152
متى يعي الأكراد إنهم عراقيون ؟!
محمد حسن الساعدي
كثيرة هي الأزمات التي عصفت بالعلاقة بين إقليم كردستان والحكومة الاتحادية.. فمنذ عام 2003 والإخوة الكرد رفعوا راية القومية، وباعوا الوطن بأبخس الإثمان، وتجاوزوا حد الانتماء له وتمترسوا خلف ساتر القومية التي شعروا بسببها يوماً أنهم مظلومون..
حالهم حال الشيعة الذين عاشوا تحت مطرقة الجلاد، بسبب انتمائهم العقائدي، لكن ومنذ عام 1991 والأكراد يعيشون حالة الاكتفاء الذاتي، تحت سيطرة الدولة المركزية، وهنا لا ندافع عن حاكم ظالم بطش بشعبه ومزق أواصرهم الاجتماعية،بل أننا هنا نتحدث عن مظلومية الشعب الكردي الذي عانى الويلات تحت ظل حكومات ظالمة متعاقبة، جعلته ينكفئ على نفسه ويتقوقع خلف مفهوم القومية ويجد الجميع عدواً له، بل ينظر إلى الحقوق بعين الغنيمة لا بعين الحقوق..
هذا دفع بعد عام 2003 أن لا تكون الحكومات الكردية المتعاقبة على وئام مع الحكومة الاتحادية في بغداد،  بظل أزمة منهجية وقانونية أكثر من كونها سياسية كما يحاول البعض إظهارها.. كما أن إقليم كردستان لم يكن يتعامل مع بغداد على كونه جزء من كيان الدولة العراقية، وبإعتباره حالة فيدرالية، بل تعامل مع بغداد على انه دولة مستقلة ويتعامل كدولة داخل الدولة .
إقليم كردستان بات متماسكاً بموقعه ويعتقد انه حالة كونفدرالية، ومتمسك بكل الصلاحيات المترتبة على هذا، كما أنه يرفض الاعتراف أمام الحكومة الاتحادية انه حالة دولة بما فيها المنافذ الحدودية والنفط والمطارات وغيرها، والمتابع يرى أن أي وفد يأتي إلى بغداد للحوار يصطدم بالدولة وبالقوانين الحكومية النافذة والدستور الذي حكم العلاقة بين الإقليم والدولة الاتحادية، ويعود خالي الوفاض دون أي تقدم في العلاقة أو تحقيق أي من الأهداف التي يسعى إليها الأخوة الأكراد.
كل ذلك وغيره كان نتيجة ما مر البلاد بعد 2003 والانهيار الذي أصاب الدولة العراقية عموماً، ويجعلها ضعيفة أمام أطماع الكرد، أمام قوة واستقلالية الأكراد والعلاقات مع الدول الإقليمية والدولية، وما يملك من دعم دولي واستقرار امني وسياسي داخلي، ونضوج القوى السياسية في الإقليم، تجعل من الإقليم ينظر بعين واحدة إلى دولة ضعيفة منهارة تعيش على الأزمات السياسية، وسط قوى سياسية فاسدة وطبقة حاكمة سرقت خيارات البلاد ونهبت أمواله إلى الخارج،وجعلته أمام ضربات الإرهاب صيداً سهلاً، ومحلاً للنزاع الطائفي والقومي..
هذا اتاح للكرد وفي أي نقاش أو حوار مع بغداد لأن يتحدثوا من موقع قوة، في حين فان باقي مناطق العراق تعاني الإهمال ومشاكل اقتصادية كبيرة، وانهيار عالي في البنى التحتية إلى جانب انتشار الفقر وبنسب عالية، وعلاقة متوترة مع القوات الأمريكية وافتقاد تلك المناطق إلى الدعم الدولي وفقدانها الاستقرار الداخلي، وبالتالي عدم الاستقرار السياسي والاقتصادي .
النظرة الإقليمية للكرد كانت تراهم بعين المظلومية وإنها شريكة في الوطن الواحد، ولكن بعد الاستفتاء الذي اجري مؤخراً في كردستان والدعوة إلى الانفصال اختلفت النظرة جذرياً، وان القوى السياسية الكردية تريد تقسيم البلاد والسيطرة على موارد الإقليم، وإنها سبب في إثارة النزاعات والصراعات الداخلية في الإقليم، وقد تسببت بحروب داخلية وصراعات اجتماعية يخلفها التقسيم، لذلك اختلفت النظرة الخارجية تجاه مطالب الأكراد، وعدوها عبوراً على قوانين الدولة ودستورها، لذلك نظروا إلى سياسي الإقليم بعين التخوف.
بعد الاحتجاجات الشعبية داخل إقليم كردستان، أصبحت الصورة أكثر وضوحاً، وبعد حرق المؤسسات الحكومية في الإقليم،وتحرك الشباب الكردي بالتكسير، أصبحت الحكومة الكردية تنظر بعين أخرى تجاه هذه الاحتجاجات، وأصبحت أكثر وعياً تجاه المطالب المشروعة للشعب الكردي، وان هذه لاينبغي غض النظر عنها، والتعامل معها بصورة واقعية بعيدة عن التخبط بالمواقف، والنظر إلى مصلحة الإقليم وشعبه، وعدم اتخاذ مواقف متشنجة من المركز، والسعي الجاد من أجل الجلوس إلى طاولة الحوار والوصول إلى حلول مشتركة لكثير من المشاكل الموروثة، التي خلفت الاحتقان والأزمات بين الإقليم والحكومة الاتحادية.

من المهم أن يحاول الإخوة الكرد فهم أن محاولاتهم الانسلاخ من هويتهم الوطنية، سيجعلهم يصطدمون بالفراغ.. لان الواقع رفضهم مثلما الوضع الإقليمي والدولي رفض خططهم الانفصالية، وسيجدون أنفسهم أمام قوة الدولة العراقية ومؤسساتها الدستورية، وأي محاولة منهم لتضييع فرصة إنعاش الواقع المعاشي لأهلنا في الإقليم فان سيجدون أنفسهم لوحدهم، أمام المشاكل الداخلية الكبيرة والخطيرة والتي تمس حياة المواطن الكرديـ خصوصاً وأن هناك بعض الأحزاب الكردية ترفض منطق الاستئثار بالنفط والمعابر الحدودية، وترى ضرورة أن تكون الدولة هي الحاكمة في هذا الموقف ، وان تسود لغة القانون بدل لغة العنجهية للبعض في الإقليم والتي لم يربح منها إلا السياسيون الأكراد وفي مقدمتهم المتربحون على حساب المواطن الكردي .

153
متى يعي الأكراد إنهم عراقيون ؟!

محمد حسن الساعدي

كثيرة هي الأزمات التي عصفت بالعلاقة بين إقليم كردستان والحكومة الاتحادية.. فمنذ عام 2003 والإخوة الكرد رفعوا راية القومية، وباعوا الوطن بأبخس الإثمان، وتجاوزوا حد الانتماء له وتمترسوا خلف ساتر القومية التي شعروا بسببها يوماً أنهم مظلومون..

حالهم حال الشيعة الذين عاشوا تحت مطرقة الجلاد، بسبب انتمائهم العقائدي، لكن ومنذ عام 1991 والأكراد يعيشون حالة الاكتفاء الذاتي، تحت سيطرة الدولة المركزية، وهنا لا ندافع عن حاكم ظالم بطش بشعبه ومزق أواصرهم الاجتماعية،بل أننا هنا نتحدث عن مظلومية الشعب الكردي الذي عانى الويلات تحت ظل حكومات ظالمة متعاقبة، جعلته ينكفئ على نفسه ويتقوقع خلف مفهوم القومية ويجد الجميع عدواً له، بل ينظر إلى الحقوق بعين الغنيمة لا بعين الحقوق..

هذا دفع بعد عام 2003 أن لا تكون الحكومات الكردية المتعاقبة على وئام مع الحكومة الاتحادية في بغداد،  بظل أزمة منهجية وقانونية أكثر من كونها سياسية كما يحاول البعض إظهارها.. كما أن إقليم كردستان لم يكن يتعامل مع بغداد على كونه جزء من كيان الدولة العراقية، وبإعتباره حالة فيدرالية، بل تعامل مع بغداد على انه دولة مستقلة ويتعامل كدولة داخل الدولة .

إقليم كردستان بات متماسكاً بموقعه ويعتقد انه حالة كونفدرالية، ومتمسك بكل الصلاحيات المترتبة على هذا، كما أنه يرفض الاعتراف أمام الحكومة الاتحادية انه حالة دولة بما فيها المنافذ الحدودية والنفط والمطارات وغيرها، والمتابع يرى أن أي وفد يأتي إلى بغداد للحوار يصطدم بالدولة وبالقوانين الحكومية النافذة والدستور الذي حكم العلاقة بين الإقليم والدولة الاتحادية، ويعود خالي الوفاض دون أي تقدم في العلاقة أو تحقيق أي من الأهداف التي يسعى إليها الأخوة الأكراد.

كل ذلك وغيره كان نتيجة ما مر البلاد بعد 2003 والانهيار الذي أصاب الدولة العراقية عموماً، ويجعلها ضعيفة أمام أطماع الكرد، أمام قوة واستقلالية الأكراد والعلاقات مع الدول الإقليمية والدولية، وما يملك من دعم دولي واستقرار امني وسياسي داخلي، ونضوج القوى السياسية في الإقليم، تجعل من الإقليم ينظر بعين واحدة إلى دولة ضعيفة منهارة تعيش على الأزمات السياسية، وسط قوى سياسية فاسدة وطبقة حاكمة سرقت خيارات البلاد ونهبت أمواله إلى الخارج،وجعلته أمام ضربات الإرهاب صيداً سهلاً، ومحلاً للنزاع الطائفي والقومي..

هذا اتاح للكرد وفي أي نقاش أو حوار مع بغداد لأن يتحدثوا من موقع قوة، في حين فان باقي مناطق العراق تعاني الإهمال ومشاكل اقتصادية كبيرة، وانهيار عالي في البنى التحتية إلى جانب انتشار الفقر وبنسب عالية، وعلاقة متوترة مع القوات الأمريكية وافتقاد تلك المناطق إلى الدعم الدولي وفقدانها الاستقرار الداخلي، وبالتالي عدم الاستقرار السياسي والاقتصادي .

النظرة الإقليمية للكرد كانت تراهم بعين المظلومية وإنها شريكة في الوطن الواحد، ولكن بعد الاستفتاء الذي اجري مؤخراً في كردستان والدعوة إلى الانفصال اختلفت النظرة جذرياً، وان القوى السياسية الكردية تريد تقسيم البلاد والسيطرة على موارد الإقليم، وإنها سبب في إثارة النزاعات والصراعات الداخلية في الإقليم، وقد تسببت بحروب داخلية وصراعات اجتماعية يخلفها التقسيم، لذلك اختلفت النظرة الخارجية تجاه مطالب الأكراد، وعدوها عبوراً على قوانين الدولة ودستورها، لذلك نظروا إلى سياسي الإقليم بعين التخوف.

بعد الاحتجاجات الشعبية داخل إقليم كردستان، أصبحت الصورة أكثر وضوحاً، وبعد حرق المؤسسات الحكومية في الإقليم،وتحرك الشباب الكردي بالتكسير، أصبحت الحكومة الكردية تنظر بعين أخرى تجاه هذه الاحتجاجات، وأصبحت أكثر وعياً تجاه المطالب المشروعة للشعب الكردي، وان هذه لاينبغي غض النظر عنها، والتعامل معها بصورة واقعية بعيدة عن التخبط بالمواقف، والنظر إلى مصلحة الإقليم وشعبه، وعدم اتخاذ مواقف متشنجة من المركز، والسعي الجاد من أجل الجلوس إلى طاولة الحوار والوصول إلى حلول مشتركة لكثير من المشاكل الموروثة، التي خلفت الاحتقان والأزمات بين الإقليم والحكومة الاتحادية.

من المهم أن يحاول الإخوة الكرد فهم أن محاولاتهم الانسلاخ من هويتهم الوطنية، سيجعلهم يصطدمون بالفراغ.. لان الواقع رفضهم مثلما الوضع الإقليمي والدولي رفض خططهم الانفصالية، وسيجدون أنفسهم أمام قوة الدولة العراقية ومؤسساتها الدستورية، وأي محاولة منهم لتضييع فرصة إنعاش الواقع المعاشي لأهلنا في الإقليم فان سيجدون أنفسهم لوحدهم، أمام المشاكل الداخلية الكبيرة والخطيرة والتي تمس حياة المواطن الكرديـ خصوصاً وأن هناك بعض الأحزاب الكردية ترفض منطق الاستئثار بالنفط والمعابر الحدودية، وترى ضرورة أن تكون الدولة هي الحاكمة في هذا الموقف ، وان تسود لغة القانون بدل لغة العنجهية للبعض في الإقليم والتي لم يربح منها إلا السياسيون الأكراد وفي مقدمتهم المتربحون على حساب المواطن الكردي .



154

الانتخابات المبكرة...رؤى وأفكار .
محمد حسن الساعدي
تعد الانتخابات المبكرة شكلاً من أشكال الحل والاستجابة للمطالب التي دعا إليها المتظاهرون،والتي انطلقت منذ تشرين الماضي،حيث أعلن رئيس مجلس الوزراء يوم السادس من حزيران القادم موعداً لإجراء الانتخابات المبكرة،إذ أعلنت المفوضية العليا المستقلة للانتخابات استعدادها لإجرائها في الوقت المحدد ووفقاً للشروط التي طرحتها من أجل إجراء انتخابات حرة وشفافة،وفي المقابل هناك من يعتقد صعوبة إجرائها في الوقت المحدد وذلك بسبب بعض التعقيدات ، منها حل البرلمان وفق المادة 64 من الدستور والتي تنص على تولي رئيس الجمهورية مقاليد الحكم في البلاد ، وهذا ما ترفضه الكتلة الأكبر في البرلمان (الشيعة) ، الأمر الذي يجعلنا أمام عراقيل جديدة ربما تأخر أجرائها في موعدها وتأجيلها إلى نهاية السنة أو مع نهاية الدورة البرلمانية الحالية .
هناك من يرى أن الانتخابات القادمة ما هي إلا محاولة لرمي الكرة في ملعب القوى السياسية ،لان هناك أمور فنية معقدة إلى جانب الوضع السياسي الذي يعد أكثر تعقيداً،كونه متشابك ومترابط بعضه بالبعض الآخر،ولا يمكن إصلاح جزء وترك الجزء الآخر، بالإضافة إلى أن المفوضية نفسها تعد جهازاً مسيساً وفاسد وتشوبه الكثير من ملفات الفساد التي بالتأكيد سيكون لها الأثر السلبي على نتائج الانتخابات القادمة ، إلى جانب سيادة لغة السلاح على المشهد السياسي والاجتماعي للبلاد فان الانتخابات ستكون محاطة بقوة هذا السلاح وتتأثر بها النتائج ، لذلك لايمكن توقع صعود أي شخصية نزيهة لأنه عندما يتحكم الدولار بمسار العمل السياسي والانتخابي فان المسار الانتخابي سيتغير وفق هذه التوجهات والمتغيرات .
الخطوة التي أقدم عليها السيد رئيس الوزراء خطوة ذكية ومهمة، وهي إلقاء الكرة في ملعب القوى السياسية ومجلس النواب ، وتسهم في تحويل الضغط المسلط على الحكومة إلى تنافس بين الأطراف نفسها، ويكون التنافس فيما بين هذه القوى نفسها ومنافسيها،وهنا لابد من تساؤل منطقي :ماذا لو لم تكن الانتخابات القادمة تتطابق مع المعايير الدولية والتي أكدت المرجعية الدينية العليا على ضرورة أن تجرى تحت إشراف الأمم المتحدة ، ما يجعلنا أمام صعوبات جديدة ، خصوصاً وان هناك بعض الكتل السياسية بدأت بالترويج لها ، والاستعداد للمشاركة في الانتخابات وإنها ستحصل على ضعف ما حصلت عليه ، وهو أمر غاية في التعقيد ، يشوبه الكثير من التساؤلات عن المغزى من وراء مثل هكذا تصريحات مبكرة .
هناك ضبابية في إمكانية إجراء الانتخابات في الموعد الذي حدده رئيس مجلس الوزراء، لان هناك إجراءات فنية وقانونية تتطلبها العملية الانتخابية وان تهيئتها ترتبط بمجلس النواب وليس مجلس الوزراء ، كما أن استكمال قانون الانتخابات و المحكمة الاتحادية العليا يعد من المتطلبات الضرورية لإجراء الانتخابات، وان عدم حسمهما سيؤثر على موعد إجراء الانتخابات.
الانتخابات المبكرة المزمع إجرائها تختلف من حيث طبيعتها والظروف المحيطة بها عن الانتخابات السابقة كونها أتت بعد استقالة الحكومة وموجة غير مسبوقة من الاحتجاجات التي سادت البلاد مؤخراً ، وان طرح موعد لإجراء الانتخابات في العراق من قبل رئيس مجلس الوزراء خلق تحولا في طبيعة النقاش السياسي نحو مسالة الانتخابات والاستعداد لها مما يساعد على تهدئة الاحتقان السياسي في البلاد بعد موجة الاحتجاجات والتي غيرت الخارطة السياسية عموماً .

155
الحكيم بين التوازن والمحاور .
محمد حسن الساعدي
دائماً ما يعاب على السياسي ميله بشكل ما لنظام المحاور.. ودائماً ما يتهم بأنه ليس مستقلاً في رأيه وموقفه سواءً كان أسلامياً أو غيره..
هذا الاتهام ليس المراد به النقد لأجل الإصلاح أو تعديل المسار، بل يدخل في خانة الإسقاط والتسقيط، وما انفك المخالفون يتحينون الفرص من أجل ضرب من يختلف سياسيا معهم في عرضه وسمعته، وهذا أخسئ اختلاف يمكن أن يصل إليه السياسي، بل هو انحطاط أخلاقي يصل إليه حين يشعر بالإفلاس وعدم الوصول إلى درجة الرقي في الفكر والثقافة السياسية،الأمر الذي جعل أي خلاف في الرأي أو الفهم السياسي يصل إلى درجة التقاطع ويتحول إلى صراع نفوذ ينعكس إلى الشارع في اغلبه .
لا مجال في انتهاء هذا الصراع بين  التوازن والمحاور، فمحور الشر لايمكن له أن يتحول يوماً إلى خير مطلقاً، ولم نسمع يوماً أن الشيطان تحول إلى ملك ، فصراع المحاور قائم في ساحة العراق ولايمكن لأي من المحاور الاستسلام أو التراجع خلف الساتر ، فالكل يدعي الوطنية، وأنه الاحرص على سمعة البلاد والحفاظ على وحدتها،في حين أنت الأرض بيعت والأرض سرقت وعلى ورقة بيضاء بين هذه المحاو..
التاريخ لاينسى ولن ينسى، وكل ذلك يجري تحت أنظار المجتمع الإقليمي والدولي والذي يعتبر المستفيد من هذا الصراع، لأنه يمتلك خيوط تلك المحاور بل ويتحكم بها في الغالب، وان أهمية العراق تكمن في موقعه الجغرافي والاستراتيجي، إلى جانب كونه أهم ساحة للصراع في الشرق الأوسط خصوصاً والعالم عموماً، وسوف لن يكون خارج حسابات احد هذين المحورين .
الحكيم الشاب وجد نفسه أمام هذين الخيارين.. فهو بين الدخول في احد هذين المحورين، والتي لم تكن سوى مطرقة تضرب العراق أرضاً وشعباً.. لذلك المراقب المنصف يجد أن الصراع بين هذه المحاور يحاول توسعة رقعة حركته، خصوصاً وأن الصراع تحول إلى صراع بالوكالة، ويدور حسب مصالحه وغاياته وأهدافه لذلك تعمد قوى الصراع والمحاور إلى تنويع هذا الصراع.. هناك محاور كانت تقف بجانب العراق بحربه ضد الإرهاب، فيما عمدت محاور أخرى إلى قتل الشعب العراقي عبر مشاريع الذبح والمفخخات والتي تمارسه العديد من مسميات الإرهاب وأشكاله، والتي أفضت أن يكون العراق ساحة لهذه المحاور .
الحكيم اختار أن يحاول اتخاذ موقف الوسط بين هذه المحاور ، وعلى الرغم من الضريبة القاسية التي يدفعها في ظل هذا الخيار، وهذا الأمر تعدى حتى في داخل تياره ، حيث عمد على ترسيخ هذه الوسطية بين الأجيال في تياره ، حيث الجميع يعلم الصراع الدائر بين الأجيال ، والذي كان السبب في خروج الحكيم من عباءة المجلس الأعلى.. فهو بين جيلين..
جيل يريد أن يبقى الحكيم يعمل على نظرية المحور الواحد ، في حين يرى هو أن الوسطية تخلق التوازن بين أقطاب الصراع ، إضافة إلى محاولة تهدئته.. لذلك فان درجة ميله إلى هذا المحور أو ذاك رهين بقدرته على التعاطي الايجابي مع هذين المحورين، وقدرته على اللعب بكرة المحاور بمهارة وذكاء عالي .

156
المنبر الحر / مفاجئة الصدمة
« في: 20:32 26/11/2020  »
مفاجئة الصدمة .
محمد حسن الساعدي
تتحدث التقارير الواردة من واشنطن أن ترامب بدأ تحركات وصفت بالجنونية لتوجيه ضربة ضد إيران، والبعض الآخر نحو سوريا وهناك من يتحدث عن فوضى خلاقة ستكون داخلياً في الولايات المتحدة الأمريكية أو ممارسة عمليات الاغتيال فيها،ويبدو ومن خلال الأخبار أن الخلافات بدأت مع البنتاغون حيث اعتبر الرئيس ترامب أن تأخير الانسحاب من الشرق الأوسط خسرّه الكثير من الأصوات في الانتخابات التي أجريت مؤخراً في أمريكا، ولكن الشيء المفاجئ أن زيارة بومبيو للمنطقة ليس هدفها التحرك لضرب إيران أو سوريا بل تسريع عملية الانسحاب منها .
الكيان الصهيوني من جهته اتخذ وضع الدفاع تحسباً لأي موقف مفاجئ على الجبهة اللبنانية وتحديداً حزب الله ، وتحسباً لأي تقدم لمحور المقاومة، أما على الجبهة العراقية فان الولايات المتحدة ستبدأ انسحاباً سريعاً منه، والذي سيكون له اثر الايجابي لاستقرار العراق والمنطقة عموماً،كما سيكون عامل مهم من عوامل التهدئة بين طهران وواشنطن، ولكن في نفس الوقت ربما ستكون المنطقة مهيأة لدخول لاعب جديد وهادئ (روسيا) والتي بدأت مبكراً للتخطيط لأي تحرك أمريكي لإعادة انتشار قواتها في المنطقة،إلى جانب تركيا التي تسعى هي الأخرى لوضع حجر الأساس لها في سوريا أو العراق، وإيجاد توازن في المنطقة عموماً .
الولايات المتحدة بقيادة ترامب ستعمد إلى الانسحاب السريع من أفغانستان والعراق وسوريا حيث بدأت طلائع الانسحاب من سوريا عبر آلياتها، ومثل هذا التحرك يأتي في سياق هذه الانتخابات والغرض منها هو تحريك المياه الراكدة وتغيير موازين القوى في المنطقة وقد يصل زج دول المنطقة بحروب ومواجهات مباشرة وغير مباشرة والغاية منها هو السعي إلى استنزاف المنطقة وقدراتها عموماً .
الولايات المتحدة لم تعد تهتم كثيراً بمنطقة الشرق الأوسط بقدر اهتمامها بالعدو الأول ألا وهو الصين الشعبية التي برزت لتكون نداً شرساً لواشنطن ووضع العراقيل أمام مسيرة الصين الاقتصادية وتقدمها السريع والمخيف،ومحاول توريطها في لعبة التنافس بالشرق الأوسط لحماية مصالحها، وخاصة إمدادات النفط والغاز، وتحويل المنطقة إلى منطقة صراع وتنافس بين القوى فيها،لذلك سيكون الصراع القادم ليس عسكرياً بل هو صراع نفوذ اقتصادي وفرض الأمر الواقع على العالم .

157

العراق في فكر بايدن .
محمد حسن الساعدي
على الرغم من التغيير الديمقراطي الذي شهدته الولايات المتحدة الأمريكية ، والتغيير في رؤسائها كل أربع سنوات ، إلا أن السياسية الأمريكية تجاه العالم والشرق الأوسط لم تتغير، فالعراق الذي يعد جزء من منطقة الشرق الأوسط عانى كثيراً من هذه السياسات الطائشة لواشنطن،فمنذ تولي(رونالد ريغن) 1980-1988 ونحن نعيش جو الحروب والصراعات،حيث حرب الثمان سنوات مع إيران ، والتي أحرقت الحرث والنسل ، وراح ضحيتها أكثر من مليون ونصف إنسان من الدولتين الجارتين ، فالإدارة الأمريكية في حركتها كالإخطبوط ، وما أن تدخل العالم في أزمة وتخرج من هذه الأزمة حتى تصنع أزمة جديدة ، وما جاء بعدها من تولي جورج بوش الأب 1988-1992 ونحن نسير في نفس السكة ، حيث عمدت أدارته على تدمير العراق وقدراته العسكرية والاقتصادية من قتل جنوده ، وإدخال البلاد في صراع سياسي وتنفيذ خطة التقسيم إلى جزئين ( خطوط العرض) ، وبعد مجيء باراك اوباما للفترة من 2008-2016 والذي عمد إلى تدمير ما تبقى من بناءها ومقدراتها، وإدخال البلاد في حرب أهلية طاحنة ، والذي طور الحرب الأهلية ليتم تقسيم البلاد وتهجير ملايين وقتل مئات الآلاف على يد عصابات داعش الإرهابية ، وعندما جاءت فترة حكم دونالد ترامب 2016-2020 سعى بجهده إلى إشعال فتيل الأزمات السياسية تلو الأزمات ، فمن التظاهرات المؤدلجة إلى التهديد بإسقاط العملية السياسية لأكثر من مرة .
أن عملية الانتقال الديمقراطي للسلطة في الولايات المتحدة لن يكون ذات تأثيرات جوهرية على مجمل السياسة الأمريكية،وعلى الرغم من كون المنطقة عموماً تنظر بعين الخوف من القادم من البيت الأبيض إلا أن الواقع علينا قراءته بصورة واقعية وهو أن البيت الأبيض يمتلك المسطرة لكل القضايا والملفات في العالم ،وان الشرق الأوسط وملفاته تبدو مستقرة ولا تغيير فيها على المدى البعيد، وإذا وصل بايدن إلى السلطة وهذا ما حصل فعلاً في الانتخابات الأخيرة ، فان سلوك الإدارة الأمريكية تجاه الملف السوري لم يتغير إذا علمنا أن بايدن كان من أنصار هيلاري كلينتون في الانتخابات الرئاسية الماضية، الأمر الذي يضعنا أمام واقع وهو أن الإدارة الأمريكية لن تغير من سياستها في القضايا التي تعتبرها هي إستراتيجية وأهمها امن إسرائيل ، إلى جانب السيطرة على منابع النفط في العالم ، وهو الأمر الذي ينبغي على العالم العربي قراءته بصورة واقعية ، إلى جانب قضايا الخنوع والخضوع التي تمارسها حكومات الدول العربية ، وسياسة الانبطاح للإدارة الأمريكية عموماً. 

158
الانتخابات القادمة.. بين الأمل والخوف

محمد حسن الساعدي

يبدو أن هناك عزما لدى الحكومة العراقية وبعض القوى السياسية للإسراع بإجراء انتخابات مبكرة في البلاد، حيث أكمل مجلس النواب إقرار قانون الانتخابات، وصادقت رئاسة الجمهورية على القانون..

يرى محللون أن الانتخابات القادمة ستخلص البلاد من أزماتها السياسية أو ربما وضعته بأزمة دائمة، في حين يرى فريق آخر أن الأمل القادم بالتغيير في الانتخابات ربما ليس سوى وهم..

لاشك ان الانتخابات القادمة يمكن لها ان تحدث تحسناً في الوضع السياسي العام للبلاد، وربما تكون هذه الانتخابات بداية جيدة وجديدة ترفع فيها عن الشعب العراقي بعض هموم الفقر والعوز، وتؤدي إلى تغيير الخارطة السياسية وتكسر سطوة الأحزاب المتنفذة والماسكة للقرار السياسي في البلاد، ويمكن لها ان تنجح كما وعد السيد رئيس الوزراء فيما لو اعدّ لها اعداداً جيداً، وتوفرت بيئة صالحة تضمن اجراءها دون تزوير او تلاعب، وعلى الرغم من كل هذه الاستعدادات التي تقوم بها حكومة الكاظمي لإجراء الانتخابات والتعهدات بإجراء انتخابات نزيهة، الا أن الواقع السياسي لا يبشر بخير.. على الاقل لحد الان.

أن من اهم الاسباب الموجبة لعدم قدرة الحكومة على إجراء الانتخابات في موعدها المقرر في حزيران القادم، هو سياسة الكاظمي الناعمة والقائمة على مسك العصا من المنتصف وسياسته الهادئة مع بعض الاطراف التي تخرق القانون، وتعمد الى إجهاض أي محاولة لإجراء هذه الانتخابات.. والامر الآخر أنه سيبقى وحيداً في معركة السيطرة مع الاحزاب النافذة في الدولة، ما يجعل هذه المحاولات قاصرة، فلا يمكن لأي قوة داخلية أو خارجية الوقوف معه في هذا الصراع الدائر الآن، الى جانب طبيعة النظام السياسي القائم على أساس الأثنية والعرقية والطائفية والمحاصصة السياسية .

في ظل تلك المشاكل والتخبط في القرارات السيادية التي تهم أمن ومصلحة المواطن، لايمكن التكهن بالقادم، خصوصاً وأن البلاد تنتقل من أزمة الى اخرى، حتى صارت سلسلة أزمات متشابكة لايمكن حلها، ويتحمل السياسيون الجزء الاكبر من المسؤولية عما وصل اليه البلد من وضع خطير، ناهيك عن سكوت الشعب العراقي عن المطالبة بحقوقه لأن الارادة يمتلكها الشعب وحده وليس غيره.

ينبغي على الشعب العراقي أن يقول كلمته الفصل تجاه السياسيين،عموماً، والسعي الجاد من أجل تشكيل حكومة وطنية نابعة من صميم الشعب نفسه وغير خاضعة للأهواء والميول السياسية لتعيد للبلاد سمعتها ومكانتها بين الامة .


159
المنبر الحر / تحت ظل الكاتيوشا.
« في: 19:09 29/10/2020  »
تحت ظل الكاتيوشا.
محمد حسن الساعدي
منذ عام 2003 والعراق لم يهدأ ويستقر، إذ لم تظهر أي  معالم للاستقرار السياسي أو الأمني أو حتى الاقتصادي،وعلى الرغم  من التحولات السياسية وتغيير لخمس حكومات حكمت البلاد، إلا أنها لم تكن على قدر طموح الشعب العراقي.                                                                                                لم تستطع هذه الحكومات عمل أي تغير للمشهد السياسي أو الأداء الحكومي، ولم تقدم أي حل جذري للمشاكل العالقة ومن أهمها قضية حصر السلاح بيد الدولة، لان  الأمر سبب كثيرا من الخلافات  داخل المؤسسة التشريعية وسبب الحرج للدولة عموماً والحكومة خصوصاً، والتي ينبغي أن تكون  الحامية والراعية للشعب  والحافظة لحقوقه وأمنه, لذلك لا يمكن المحافظة على استقرار البلاد إلا عن طريق الحلول السياسية وتوحيد القوى لأجل مصلحة البلاد العليا، لان الإجماع الوطني هو القاسم المشترك الذي يهيئ كل القدرات الوطنية, لأداء وانجاز مسؤولياتها الوطنية والتاريخية في إخراج البلاد من عنق الزجاجة ومن أزماتها الموروثة والمتراكمة.

بالتأكيد ليس من مصلحة العالم أو الوضع الإقليمي أن يذهب العراق إلى الفوضى المدمرة, التي لاتخدم وحدة البلاد وأمنها واستقرارها بل وتلقي بأعبائها الثقيلة على المنطقة وعلى المحيط، خاصة أنها توفر نوافذ لتسرب الإرهاب والأعمال الإرهابية لعناصر وداعمي وممولي الإرهاب في المنطقة ، فينبغي التأكيد على ضرورة تعزيز الشراكة الوطنية والتي من شانها تعزيز الثقة وبناء المصالحة الوطنية, التي ستكون أساسا لبناء دولة قوية وضمان تثبيت النظام والقانون، واستعادة هيبة الدولة ومكانة المؤسسة العسكرية والأمنية .

مهما سعت بعض القوى السياسية لفرض رأيها بقوة السلاح على الوضع السياسي لكنها ستفشل عاجلا أو أجلا, وسيصبح مشروع بناء الدولة هو المسار الذي سيفرض نفسه على الجميع.. يضاف لذلك ضرورة أبعاد البلاد عن أي توتر، وتفويت الفرصة على العدو الذي يتربص بالعراق وشعبه..               

وعلى الرغم من الإجراءات التي تتخذها الحكومة في ضرورة حصر السلاح بيدها، إلا أن هذه المحاولات لم تستطع أن تفعل شيئاً لحد الان أمام هذه السطوة وفرض الأمر الواقع على الدولة وهذا ما لا يمكن أن يقبله المجتمع وهو مرفوض من ناحية القوانين والأعراف الدولية .

ينبغي أن يكون خروج القوات الأمريكية والأجنبية عموماً من العراق هو يوم حصر السلاح بيد الدولة وللأبد، وعدم إعطاء ذريعة للأجنبي أن يكون له نفوذ في بلادنا، وفرض هيمنته على القرار السياسي فيه، الأمر الذي يجعلنا أمام مسؤولية تاريخية وخطيرة في أبعاد بلادنا وشعبنا عن أي خطر ، والحفاظ على اللحمة الوطنية بين أبناءه، واللجوء إلى الحوار في أي خلافاً أو اختلاف بين القوى السياسية عموماً ، وان يكون الحوار والكلمة أقوى من الكاتوشيا.                                                                                                            يجب ان نصل يوما لان نقتنع جميعا,كشعب وساسة, اننا لا يمكننا أن نعيش أو نبني دولة, إلا تحت ظل القانون العادل.. وان "الكاتيوشا" هي سلاح العاجز  ومن لا يمكنه العيش تحت في النور.



160

الفضائيات بين حقيقة التبعية ووهم الاستقلالية .
محمد حسن الساعدي
أن الواقع الذي جسد حقيقة ان الاعلام الحر هو السلطة الرابعة يمكن ان يتحقق في الدولة التي تعيش الديمقراطية بأفضل صورها وعلى الرغم من أن تلك الحكومات ظلت تراقب وتتابع اعلامها طيلة فترة حكمها، الا انها وجدت ان هناك من هذه الوسائل الاعلامية يتحول الى ناطق باسم الحكومة لذلك فان بعض الانظمة الاستبدادية حولت الاعلام من خادم للشعب الى مروج للدولة مما حوّل هذه الوسائل الى وسائل الدرجة الاولى وأغدقت عليها الامتيازات والاموال لتبعدها عن الرأي العام والذي يعبر عن تطلعات المجتمع عموماً،ما جعل الحكومات تكون حذرة في تعاملها من الاعلام الحر، ومارست وسائل الاعلام الحيطة والحذر في أي خبر يتناول الحكومة او ربما يلحق الضرر بهذه الحكومة، فلقد ابتلي العراق بعد عام  2003 بالعديد من الوسائل الاعلامية سواءً المقروءة أو المسموعة وحتى الدعائية التي استهدفت التضليل في وسائلها الاعلامية، وهذا التضليل هو الرئة التي تتنفس منها الانظمة الحاكمة في توجيه الرأي العام نحو رؤاها ومتبنياتها .
ما حدث في العراق طيلة حكم النظام البعثي ومصادرة لحقوق الانسان، وما أرتكبه هذا النظام من جرائم لم نرى أي دور للأعلام عموماً سواءً العربي او الغربي في الكشف عن هذه الجرائم الفضيعة التي ارتكبت بحق الشعب العراقي ولم يجره أي وسيلة من وسائل هذا الاعلام على نشر تلك الحقائق التي قدم فيه الشعب العراقي التضحيات تلة التضحيات لأجل حريته وخلاصه، لذلك عمدت هذه الوسائل الى غلق منافذها الاعلامية بوجه رموز العراق الذين وقفوا بوجه الديكتاتورية وقدموا التضحيات من أجل  خلاص الشعب العراقي من هذه الزمرة الخبيثة، وبعد عام 2003 ما زالت عملية التضليل الاعلامي قائمة وليس المواطن العراقي البسيط هو من يدفع الثمن فحسب، بل هناك شخصيات سياسية وإسلامية كانت هي الاخرى خاضعة للتضليل الاعلامي وعمدت هذه الوسائل الى تشويه الصورة الحقيقية لها، وتوحيد الرأي العام على استعدائها، الامر الذي جعل بعض من وسائل الاعلام تمارس لغة(التسقيط السياسي) لغايات سياسية وحزبية ، الغرض منها هو تسقيط الخصوم وليس المنافسة الشريفة المبنية على أساس تقديم البرامج والمشاريع للجمهور لكسب ثقته في أي انتخابات تجري .
أن عملية التضليل الاعلامي سلاح خطير قد مارسته السلطات المستبدة وعلى مر العصور للخداع والسيطرة على الشعوب وممارسة التسقيط لأي جهة تختلف مع سياستها ونظامها، فهو سلاح خطير وخبيث، وهو أقوى من أي سلاح يستخدم في الحروب لان سلاح التضليل الاعلامي يعتمد على الشائعات الكاذبة والتزييف، وسهامه  وأضراره تتواصل وتستمر مع الاجيال ويستخدم اوسخ الوسائل من أجل تلميع صورة من يريد او يعمل على تشويه صورة الذي يختلف أو يعارض منهج الحكومات او السياسات التي تتبعها الحكومات المستبدة.

161
الانتخابات..نظرة موضوعية لتجربة أربع عقود .
محمد حسن الساعدي
منذ سقوط النظام البائد عام 2003 والعملية السياسية في البلاد تراوح مكانها، فلم نجد تقدماً ملموساً في خارطة العملية السياسية،ولم نلمس تغييراً للمشهد ككل ،بل سعت الكتل السياسية عموماً إلى تجذير وجودها في السلطة وعمدت حتى إلى تغيير أي قانون انتخابي ليتلاءم مع وجودها،مما أطغى طابع التسلط الحزبي على عموم الدولة العراقية، وأمسى تأثير الأحزاب أكثر وضوحاً من سلطة الدولة، ونجد الأحزاب تمارس تسلطاً وسيطرة على مفاصل الدولة ككل،بل سعت هذه الأحزاب إلى السيطرة على القرار السياسي للبلاد، وعلى الرغم من تعدد هذه القوانين الانتخابية إلا أن الكتل أخذت تتلاعب بالقانون من جهة أو التلاعب وتزوير الانتخابات نفسها .
الانتخابات العراقية من المؤمل أجراؤها في آيار المقبل وتحظى باهتمام واسع من قبل المراقبين والمتابعين للشأن السياسي العراقي، كونها تمثل حلاً آنياً للمشاكل التي يمر بها العراق، والخروج من أزمته الراهنة، فيما يرى آخرون أنها ستضع العراق في أزمة جديدة، ولكن في نفس الوقت فان الانتخابات يمكن لها أن تحدث تغييراً وتحسناً في الوضع العام للبلاد، وربما ترفع عن كاهل الشعب العراقي بغض من المشاكل المرتبطة بالتراجع السياسي في البلاد، ناهيك عن كون هذه الانتخابات تكسر بعضاً من سطوة القوى والأحزاب المتنفذة والتي سيطرت على مقدرات الدولة واستلبت القرار السياسي فيه، ومع كل هذه الآمال في تغيير الواقع السياسي للبلاد، إلا أن السيد الكاظمي تقف أمام جهوده في إجراء انتخابات مبكرة عقبات يمكن تلخيصها ، بالمواجهة الغير متكافئة بين رئيس الوزراء والأحزاب السياسية في البلاد، كونها لا تريد التفريط بمكانتها التي حصلت عليها سابقاً، بعد الوعي الذي وصل إلى الجمهور في أن الطبقة السياسية فاسدة ولايمكن الوثوق بها، ويجب أزالتها نهائياً من المشهد السياسي، وإذا ما أراد المواجهة مع هذه الأحزاب فسيجد نفسه لوحده في هذه المواجهة، الأمر الذي يجعل فرص نجاح مثل هكذا انتخابات ضئيل جداً، وذلك لان القرار السياسي بدا غائباً، إلى جانب طبيعة النظام السياسي القائم على المحاصصة الطائفية والقومية،ونفاد سلطة الأحزاب على القرار السياسي،فأصبح العراق ينتقل من أزمة إلى أخرى، حتى أمسى بلد الأزمات والمشاكل، وتوالت المشاكل تلو المشاكل حتى أصبح من الصعب أيجاد الحلول لها ، لذلك فان الانتخابات القادمة تعد حجر زاوية لبداية الخلاص للعراق من أزماته السياسية، أو ربما بقاءه في أزمة دائمة لايمكن حلها، وذلك لان القادم لايتحمل مزيداً من الأزمات أو المشاكل وربما ينذر بإنهاء العملية السياسية برمتها .

162
التظاهرات بين الفوضى والاستحقاق .

محمد حسن الساعدي
يوماً بعد يوم ينكشف الغطاء عن المؤامرات التي تحاك بالظلام وتدار في الغرف المظلمة والهدف هو ضرب الاستقرار السياسي والامني والذي جاء بدماء الشهداء من قواتنا الامنية البطلة وحشدنا المقدس، وهو يقدم الاضاحي تلو الاضاحي فداءً للدين والوطن وها نحن نشاهد يومياً هذه المخططات الخبيثة الهادفة الى أحداث هرج ومرج في بلادنا، واليوم تنتقل بعد نفادها في جنوب العراق لتصل الى مدننا المقدسة وهي تعمل على ضرب الاستقرار الامني في هذه المحافظات .
الاحداث الاخيرة التي حصلت في كربلاء كشفت أن هناك أيادي خبيثة تعمل على زعزعة الامن في هذه المحافظة الآمنة المستقرة والتي تعكس انسجام وحب ومودة ومحبي أهل البيت(عليهم السلام) في كل مكان من الكرة الارضية، لذلك حاولت هذه الايادي ضرب هذا الاستقرار من خلال استغلال زيارة الامام الحسين في أربعينيته ( عليه السلام) واحداث فوضى في هذه المناسبة المهمة والعزيزة على قلوب المؤمنين بل وأيهام الرأي العام أن القوات الامنية تقمع المتظاهرين والزوار، ولكن الجميع يعلم حجم التهديد الذي تمارسه هذه المجاميع المنفلتة، والتي سعت وتسعى الى ضرب الاستقرار في عموم البلاد .
ان المشهد السياسي العراقي مفتوح امام كل الاحتمالات وقد بدأت بعضها تلوح في الافق ولكن الاكثر وضوحاً هو ان المتظاهرين لن يستجيبوا لدعوات الحكومة لان مطالبهم اكبر من قدرة الحكومة والطبقة السياسية على تلبيتها، والمرحلة التالية لعدم الاستجابة تكمن في الفوضى ودخول اجندات خارجية او ما يسمى بالطرف الثالث والرابع على الخط والبدء بحرق مؤسسات الدولة وسرقة ممتلكاتها وبالتالي ربما الذهاب الى حرب اهلية طاحنة تأكل الاخضر واليابس وقد تستمر هذه الفوضى لأشهر.
الدور المهم والذي ينبغي ان تمارسه العشائر بالتعاون مع القوات الامنية في حفظ أمن المحافظات وتفويت الفرصة على المتصيدين بالماء العكر من حفظ المحافظة، والسيطرة على الشباب المنفلت ومنع الانزلاق الى حرب اهلية في الجنوب يكون حطبها أهل الجنوب أنفسهم كما ينبغي على الحكومات المحلية ان تعمل جاهدة وكلاً حسب حاجاته على توفير الخدمات وبأسرع وقت ممكن بالإضافة الى تسريع عملية الاصلاح الاقتصادية في تلك المحافظات وبما يحقق التقدم الاقتصادي فيها والشي الاهم من ذلك هو الحفاظ على التضحيات الكبيرة التي قدمها أهل الجنوب في الحفاظ على وحدة العراق أرضاً وشعباً .

163
السيادة العراقية ومدخلات العقد السياسي الجديد .

محمد حسن الساعدي

يتفق أستاذة الدستور على أن مصطلح الدولة ينبغي توفر فيه ثلاث مرتكزات مهمة وهي : الشعب . الأرض . النظام السياسي ، ولكن وجود هذه العناصر الثلاث لوحدها لايكفي لقيام الدولة المستقلة، لذلك فقد شدد فقهاء السياسة على ضرورة وجود عنصر مهم في اكتمال صورة الدولة . فالسيادة تمثل أحد الأركان التي تبنى عليها نظرية الدولة في الفكر السياسي والقانوني، كما تعد من المبادئ الأساسية التي تقوّم بنيان وصرح القانون الدولي، والعلاقات الدولية المعاصرة، فالسيادة مفهوم قانوني- سياسي يتعلق بالدولة باعتبارها تشكل احد أهم خصائصها وشروطها الأساسية،كما أنها تعد من المحددات السياسية والقانونية للدولة .  والسيادة بإيجاز أكثر هي امتلاك الشعب لكامل أرادته في القرارات الداخلية والعلاقات الخارجية، والاتفاقات المستقبلية داخل إطار إقليمه الجغرافي او خارجه وذلك وفق معطيات نظامه السياسي، فتكون السيادة هي المفهوم الأبرز للقرار الإداري للشعب على أرضه وسمائه ومياهه حاضراً أو مستقبلاً، لذلك ومن خلال ما تقدم فان أي خلل يصيب العناصر الثلاثة( الشعب- الإقليم- النظام ) فانه يؤثر تأثيراً بالغاً على السيادة باعتبارها المخرج لتماسك ووحدة العناصر الأخرى . السيادة الوطنية هي من أهم الموضوعات السياسية والمحورية في الدراسات السياسية والقانونية، وما زال موضوعها يحظى بأهمية بارزة برغم التطورات الكبيرة والجوهرية التي طالت هذا المفهوم، غير ان هذه الأركان والركائز فقدت الكثير من سطوتها وهيبتها في ظل التطورات الكبيرة والهائلة التي عرفها العالم، خاصة بعد الحرب بالباردة وتحديداً بعد بروز ظاهرة الإرهاب في العالم. العراق يعد من الدول التي عانت من نقص في هذا المفهوم ، نتيجة ما تعرض له البلد من هيمنة أمريكية على مقدراته جعلته يعيش السطوة على قوة قراره من البيت الأبيض ، والذي ما زال يحاول الوصول على الاكتفاء الذاتي في قراره السياسي ، ولكن مع كل المحاولات التي قام أو يقوم بها الساسة في العراق وجهود في إعادة السيادة العراقية ، إلا أنها دائماً ترتطم بمفهوم آخر ألا وهو التهديد الأمني والذي تستخدمه القوى الغربية كسلاح ضد العراق عند المطالبة بأي سيادة على أرضه ومقدراته، لذلك يبقى على القوى السياسية الوقوف وقفة جادة مع هذا الملف الحساس والخطير ، والجلوس مع الفريق الخصم(الأمريكان) وتحديد ظروف تواجده على الأرض العراقية ومددها الزمنية ، وبما يحقق الاستقلالية في القرار السياسي للبلاد ، إلى جانب إيجاد الأرضية المناسبة في العلاقات الخارجية مع الدول الإقليمية والدولية وبما يحقق قرار سيادي للحكومة العراقية أينما كانت .


164

العشائرية.. سلاح ذو حدين
محمد حسن الساعدي
بعيداً عن المسميات الاجتماعية والألقاب, ومع الاحترام لكل هذه المسميات لعشائرنا الكريمة في العراق كافة والمحافظات الجنوبية خاصة.. كان لقبائلنا العراقية الدور البارز في الوقوف بوجه الاستعمار البريطاني، أو حضورهم المشرف بوجه داعش الإرهابي وتلبيتهم لنداء المرجعية الدينية العليا في فتوى الجهاد الكفائي، وهم محل تقدير واعتزاز لكل أبناء المجتمع العراقي بكافة مكوناته وأطيافه..
لا يمكن لأحد أن ينكر ما لهذه العشائر من الدور البارز والمهم في جميع الأحداث، الوطنية التي تحتاج فيها إلى وحدة الرأي والموقف.
ما يدور في المحافظات الجنوبية من إثارة للشغب، هو محاولة لحرقها وجعلها ساحة حرب وصراع لا تنتهي, والغاية إبقاء الوضع على ما هو عليه وعرقلة التحضيرات، لانتخابات مبكرة لكي تحافظ بعض الكتل الفاشلة والتي حصلت على هذه الأصوات، بالتزوير على مكاسبها في السلطة, أو تصوير أن هذا الجيل السياسي وخصوصاً القيادات الشيعية غير قادرة على قيادة الدولة وأدارتها.
كان الأولى بعشائرنا الكريمة أن تقف مع الدولة والقانون، لمطاردة مرتزقة السفارة الأمريكية الذين يسعون إلى حرق الجنوب وجعله ساحة حرب للصراعات والاقتتال داخل المذهب الواحد.. وهذا الأمر  سيثير عدة أسئلة عن المغزى أو الهدف الذي من وراءه تم استهداف جنوب العراق تحديداً, وجعله بهذه الصورة البائسة والمزرية!
كان ينتظر من هذه العشائر أن تكون السد المنيع، ضد هذه المخططات الخبيثة والرامية لتمزيق وحدة المجتمع, وضرب العادات والتقاليد الأصيلة والمواقف الوطنية لعشائرنا الكريمة، ويرتجى منها أن تبقى على عهدها مع مرجعيتها العليا، في الوقوف بوجه أي مخطط يرمي إلى ضرب الوحدة الوطنية للبلاد, وحماية الأرض والمجتمع، وأن يتجسد هذا الشعار على الأرض من خلال مساندة القوى الأمنية لاستتباب الأمن وحماية المحافظات والوقوف بوجه أي مخطط يرمي لحرق الجنوب .
الوضع الأمني خصوصاً في جنوب العراق لا يتحمل مثل هذه الخروقات, وما يحصل في الناصرية لا يشير لسعي لإستقرار , خصوصاً وإن غلمان السفارة يحاولون زعزعة الاستقرار في هذه المحافظة أو غيرها من مدن الجنوب.
فوق كل ما سبق كان كثير من العراقيين  كان ينتظر من عشائرنا الكريمة النظر بعينين ثاقبتين، لمثل هذه الأهداف والمخططات والتي يراد بها زجها، في صراع مع القانون والأجهزة الأمنية وما جرى خلال اليومين الماضيين من دخول لقوات مكافحة الإرهاب كان ينبغي أن يعزز بالتعاون وإلقاء القبض على المطلوبين، وعدم السماح بتحويل خلاف شخصي بين فرد مشبوه وآخرين، ويتعلق بقضية تحرش كما نقلت مصادر، وليس كما تصوره وسائل الإعلام الصفراء، بأنه تم اختطافه من قبل عشيرة العساكر..
كلنا ينتظر من عشائرنا الكريمة أن تكون سد ومصداً، عن كل المخططات الرامية لحرق البلاد، وتشويه الصورة البيضاوية للمجتمع العراقي وعكس صورة التلاحم بين أبناءه .

165
نظام اللصوص أم لصوص النظام!
محمد حسن الساعدي
لم يشهد التاريخ العراقي الحديث طريقة للسرقة المباشرة وفي وضح النهار، كما حصل معنا هذه السنوات.. فالباحث يسمع أن السرقات التي تمت خلال عهد نظام صدام وتهريب أمواله إلى الخارج بلغت حوالي خمسين مليار دولار كما تنقل دوائر مقربة من الجهات المعنية بإستعادتها، وعلى طول فترة حكم الطاغية لم تتعدى هذا المبلغ..
على الرغم من حجم الهدر في المال العام في زمن الطاغية، إلا أننا اليوم نتحدث عن مبالغ لايمكن عدها أو جردها، فبحسب دائرة الرقابة المالية والتقارير الغربية فان عديد المبالغ المهربة عام 2003 قد تبلغ 455 مليار دولار،توزعت بين دول الشرق الأوسط وبعض الدول العربية والمصارف الغربية، ناهيك عن الأملاك المشتراة والأموال العينية..
يعتبر البنك المركزي العراقي من أهم بوابات الاختلاس والسرقة، ومن خلال مزاد العملة، حيث تتم عملية التزوير للمشاريع وعمليات الشراء للعملة لمشاريع وصفقات وهمية وبأوراق مزورة، وتنسيق عالي جداً بين أصحاب المصارف الأهلية والمتنفذين في البنك المركزي ومن ثم تحويلها إلى الخارج.. علماً إنها مبالغ لمشاريع لاوجود لها على أرض الواقع، ومن ثم تهريبها من خلال البوابة الثانية ألا وهي مطار بغداد الدولي.. الذي يعد أهم بوابات التهريب، إذ تسيطر عليه مافيات كبيرة وعصابات للفساد والسرقة وتحت غطاء ونفوذ سياسي وكأنه نظام سياسي للصوص..
ملف تهريب الأموال من الملفات الكبيرة جداً والشائكة والتي لايمكن لأي حكومة أن تفتح هذا الملف بسهولة، لأن غالبية الجهات مشتركة في هذا الملف والذي يسيطر عليه سياسيون كبار..
عملية غسل وتهريب الأموال إلى خارج البلاد معقدة وتبدأ من خلال مزاد بيع العملة عبر الفواتير المزورة، خصوصاً وأن المصارف الأهلية التي تأخذ أموالاً من مزاد بيع العملة، لها الحق والصلاحية في الاستيراد مما يسمح باستيراد مواد غير رسمية وقانونية، وهذا هدفه غسيل الأموال وتهريبها خارج البلاد لذلك فان المشكلة- العقدة تكمن في هذه الحلقة.
غياب الرقابة المالية عن هكذا ملفات خطيرة هو من أهم الأسباب التي أدت إلى تفشي ظاهرة تهريب الأموال ، إضافة إلى الغطاء السياسي الذي يحمي هذه العصابات المالية التي تفننت في طريقة تهريب المال العام إلى الخارج..
غسيل الأموال جريمة عصرية يحاربها المجتمع الدولي، بكل مكوناته وطبقاته، واتفقت معظم الدول على مكافحة هذه الظاهرة نتيجة للآثار السلبية التي تتركها، على الإقتصاد وحركة المال.. لذلك عمدت لوضع التشريعات والقوانين التي تحرم هذه العمليات، ولكنها قد تكون قاصرة فتؤثر على عمليات التحقيق وتعوقها وخصوصا في الدول النامية وابتي تعاني من مشاكل بنيوية كالعراق، والذي يتطلب منه سن القوانين والتشريعات، التي تعاقب بأقصى العقوبات بالسجن والغرامة والمصادرة لمرتكبي تلك الجرائم.. والتعاون والتنسيق بين مؤسساته المالية والمصرفية، والتشريعية والأجهزة الأمنية وكذلك تنسيق وإجراء الاتفاقات الدولية، لضمان التعاون الدولي والإقليمي.
الحلول كثيرة وممكنة، لكن أهمها فرض ضريبة كمركية تقديرية مرتفعة على الرسوم والبضائع المنوي استيرادها إلى البلد، والمراد تحويل الأموال إلى الخارج لغرض شرائها عن طريق شركات الاستيراد والتصدير، وكذلك التأمين على المبالغ المراد تحويلها، والتأكد من دخول البضائع إلى البلد وكذلك فرض التعرفة الكمركية المسبقة، قبل ورود البضاعة وإعادة الفرق بالضرائب والتامين والرسوم المفروضة إلى التاجر عند ورود البضاعة إلى البلد، وذلك لمنع حالات تهريب الأموال وغسلها عن طريق الاستيراد الصوري.. ناهيك عن تطوير قوانين سرية الحسابات المصرفية، وتدريب العاملين في المصارف والمؤسسات المالية وغيرها، على الأساليب الحديثة لكشف محاولات غسيل الأموال والإبلاغ عنها، وزيادة التعاون الدولي والمساعدة القانونية في التحقيقات والملاحقات القانونية المتعلقة بغسيل الأموال، وتسليم وملاحقة المطلوبين في قضايا غسيل الأموال عن طريق الشرطة الجنائية الدولية (الانتربول ) وكذلك عقد الاتفاقيات الأمنية مع الدول وخاصة الإقليمية ودول المنطقة.
وضع نظامنا الحالي يشبه لعبة وضعها اللصوص لتحميهم، أو أنه نظام متهريء وفاشل مليء بثغرات يعتاش عليها اللصوص.. ويجب تغييره.

166
الكاظمي في دولة كردستان !!
محمد حسن الساعدي
المتلقي وبصورة لا إرادية عندما يشاهد زيارة السيد رئيس وزراء جمهورية العراق إلى إقليم كردستان , والذي لحد هذه اللحظة وحسب الخرائط والبروتوكولات الدولية يعد جزء من الدولة العراقية الأم ولكن طريقة التعاطي والاستقبال وطريقة وضع الإعلام توحي للمشاهد انك في بلداً آخر غير بلدك , وتتعامل مع أناس ليسو عراقيون ربما يحملون الجنسية العراقية , ومع كل هذه الأساليب في التعامل مع الدولة ومؤسساتها الرسمية يصر الأخوة الأكراد أن يعاملوا الدولة بالتعالي والتغاضي عن فسادهم والذي اخذ يزكم الأنوف .
السيد رئيس الوزراء وصل إلى إقليم كردستان على رأس وفد رفيع ضم عدد من وزراء حكومته ( الخارجية , الدفاع , النفط , الاتصالات , الهجرة والمهجرين ) إلى جانب حضور رئيس أركان الجيش ونائب قائد العمليات المشتركة , وكالعادة فأن الإقليم استقبل رئيس العراق استقبالاً رسمياً نداً لند , وعندما تنظر إلى الطريقة التي تم فيها الاستقبال لرئيس وزراء العراق ووفده يقابل رئيس دولة مستقلة , وهذا الأمر ليس بالجديد فإقليم كردستان ومنذ عام 2003 وسقوط الطاغية وهو يتعامل ( الرأس بالرأس ) مع حكومة بغداد , الأمر الذي يوحي للمتابع أن الإقليم مصمم في خطواته المستقبلية ولن يتنازل عن مخططه الانفصالي .
الزيارة لم تأتي بالشيء الجديد , كونها تأتي في سياق تنفيذ مافي ذمة الدولة للإقليم دون معالجة القضايا العالقة والتي من أهمها المنافذ الحدودية والتي تعتبر المورد الثاني للدولة بعد النفط , بل وحسب الأخبار الواردة فأن هذه الزيارة جاءت لتسديد استحقاقات قيمة مزارعي الإقليم والبالغة 557 مليار دينار عن إثمان الحنطة والتي جرى تهريبها من سوريا وتركيا والتي دخلت الى سايلوات الإقليم في الأعوام 2014 ـ 2015 ـ 2016  وهو أمر يبدو غريباً فالمحافظات العراقية والتي أغنت سايلوات الحكومة بالحنطة ولحد الآن لم تستلم حقوقها من المحاصيل , فلماذا التعامل بازدواجية مع الملفات الاقتصادية ولماذا هذا التعامل مع إقليم لم يلتزم يوماً بواجباته تجاه الحكومة الاتحادية والتي منذ سقوط النظام المباد وتشكيل أول حكومة والأكراد أعضاء مشاركون فيها بدأً من السيد رئيس الجمهورية والذي لا نعلم هل هو كردي أم عراقي , أم هل هو رئيس جمهورية العراق أم بغداد فقط ؟!
نعم ربما نتفق أن للأكراد خصوصية , ويجب أو ينبغي احترامها , كونهم تعرضوا للظلم والقمع في حكم الطاغية , ولكن في نفس الوقت أبشع ما تعرض له هم الشيعة في جنوب العراق وكيف سحقت محافظاتهم وقتلوا بقبور جماعية ودفنوا أحياء , وهذا يبقى شاهد على ظلم حكام السوء والظلم فلماذا هذا التعامل مع جزء من أبناء العراق في حين يتم التغاضي عن الجزء الأخر , فالمظلومية شلت الجنوب كذلك وينبغي أن يكون هنالك إحقاق لهذه الحقوق , إضافة إلى ميزانية ( دولة كردستان ) هي أصلاً من نفط البصرة , في حين أن دولة كردستان لم ولن تقدم فلساً إلى حزينة الدولة العراقية , و طيلة 17 عاماً لم نسمع أن طاغية كردستان سلم الدولة من النفط أو المعابر الحدودية دولاراً واحداً , لذلك المسؤولية لا تقع على حكومة دولة كردستان بل تقع على الدولة العراقية بأن تنصف شعبها عبر توزيع خيراته مناصفة مع الجميع , وليس فئة دون أخرى , وليعيش الجميع وفق ما يراه مناسباً له , كما نتمنى على نواب الشيعة الأشاوس ( الوطنيين كلش ) أن يفعلوا إقليم الجنوب والذهاب الى بناء هذا الإقليم بما يحقق الإنصاف مع الجميع دون استثناء .

167

الكاظمي بين مطرقة الغرب وسندان الأحزاب
منذ تولي السيد مصطفى الكاظمي لرئاسة الوزراء في نيسان الماضي بعد عملية عسيرة نتجت تشكيله للحكومة والتي طال انتظارها بعد استقالة حكومة السيد عادل عبد المهدي مطلع شهر كانون الأول من العام الماضي ،والتي وضع الجمهور الآمال عليهــا في تغييـــر الواقــــع الاجتماعي والاقتصادي والسياسي للبلاد، وتجد الحـــلول الناجعة للمشاكل التي يمــر بها البلد، وتبدأ مرحلة تدشين لمرحلة جديدة في الاستقرار السياسي ،والبدء بعمليات أصلاحية فعلية في جميع أركان الدولة وتنقية الأجواء بين المكونات كافة ،إلى جانب إيجاد الأرضية المناسبة للتهدئة في المنطقة عموما"، خصوصا" مع حالة الصراع السائدة والتي ألهبتها وجعلتها مشتعلة دائما"، فمع وجود الصراع في سوريا واليمن وتمسك القوات الأمريكية بقواعدها في العراق، يبقى الوضع متوترا وغير مستقر، وتصاعد الخطاب المتوتر بين واشنطن وطهران مما جعل الأوضاع تسير بالتصاعد في التوتر ،لذلك تنهض أمام حكومة السيد الكاظمي تحديات كبيرة وأهمها السيادة الوطنية ، فما تزال المواجهة المتصاعدة بشكل دوري بين الولايات المتحدة وإيران والتي تشكل التحدي الرئيسي للكاظمي ،وان لا يكون العراق ساحة حرب للصراع القادم بين هذه القوى، لذلك يسعى رئيس الوزراء إلى إبعاد العراق عن أي تماس في صراع قادم ،على أن يكون للعراق دورا رئيسي في إي عملية تهدئة قادمة ،لذلك يسعى إلى إيجاد المشتركات وتهدئة التوتر سواء في داخل العراق ومنع أي تماس مع القوات الأمريكية التي تغير أي هجمات صاروخية على قواعدها وسفارتها في العراق تهديدا" مباشرا" لها.
التحديات التي تواجه السيد الكاظمي خصوصا بعد زيارته لواشنطن والتي كانت ناجحة بشكل كبير بالنسبة له، ولكنها في الوقت ذاته مثلت خيبة وتأمراً على بعض قوى الحشد الشعبي، والتي اعتبرتها اصطفاف ضدها وضد مشروعها المناهض للولايات المتحدة ، والتي تحاول بشتى الطرق إنهاء أي دور للحشد في العراق، ليكون ذات أرضية سهلة لأي تنظيم إرهابي قادم ، إلى جانب تهيئة الأرضية المناسبة لأي صراع مذهبي أو قومي فيه ، لذلك فأن واشنطن تعتبر الحشد الشعبي ومن قبله المرجعية الدينية أهم العقبات أمامه ، لذلك عملت على تهيئة جيوشها الالكترونية من خلال إبعاد الجمهور عن هذه المرجعية وتسفيه دورها ومكانتها بين المجتمع،إلى جانب إيجاد الذرائع المناسبة للهجوم على القوى الحشدية، وإيجاد التهم ضدها من خلال الذرائع والإشاعات التي تنال منه،وتعتبره مشروع إيراني في العراق .
أن التطورات المقبلة ستعتمد الى حد كبير على مدى طموحات السيد الكاظمي، خصوصاً وانه يمتلك حساً أمنياً قادراً على التعاطي مع الأحزاب،وذو خبرة وثقافة سياسية ومقبولية تؤهله بأن يقود المرحلة الانتقالية القادمة، ويهيأ البلاد لانتخابات له دور فيها،لذلك فأنه يعد نفسه ليكون ذو دور سياسي مستقل للمساهمة الجدية في إخراج العملية السياسية برمتها، أو البلاد من بوتقة التخندق الطائفي،وإنقاذها من أزمات خطيرة يمكن لها أن تدمر ما تبقى منه،لذلك ربما سيعمد السيد الكاظمي إلى تعزيز قوته وتشكيل تكتل سياسي تكون التظاهرات القاعدة له،ويدور في رحاه، وليكون هو بيضة القبان للمرحلة القادمة،بعيداً عن تأثير القوى السياسية برمتها، الأمر الذي يجعل مشاريعه ناضجة خصوصاً مع علاقاته المتميزة مع واشنطن وطهران على حد سواء،كما سيكون خلف جمهوره من ساحات التظاهر التي ستكون هي ساحة حربه الانتخابية القادمة .

168
حكم العوائل ... عائق أمام الكاظمي !!
رصدت المواقع الإخبارية ظاهرة تفشت في الحياة السياسية إلا وهي الأسر الحاكمة في البلاد , وأكدت التقارير الخبرية التي نشرتها بعض الصحف الخليجية إن هذه الأسر بات تأثيرها واقعاً على اغلب الواقع السياسي للبلاد , و أنها بدى تأثيرها جلياً من خلال الغاء قرار او تغيير خريطة سياسية معنية , بل تعدى اكثر من ذلك التدخل في اغلب المؤسسات الأمنية و الغاء الكثير من القدرات الأمنية المهمة , حتى وصل الحال الى إن القرار السياسي انحصر تماماً في عوائل محددة ممثلة بشخوصها الرأسية , دون الاخذ بالاعتبار راي الحزب او ممثليهم في مجلس النواب ما جعل الاوضاع السياسية باتت بحكم المحكوم بأيدي هؤلاء .
صحيفة العربي الجديد القطرية راقبت هذا المشهد حيث أكدت إن هنالك عوائل وأسر تحتكر عمل الحزب او تكتلها السياسي بشخص رئيسها او اعضاء أسرته , حيث تصدر السيد المالكي قائمة ابرز الاسر الحاكمة من خلال صهريه ياسر صخيل المالكي و ابو رحاب المالكي ونجل السيد المالكي احمد , حيث ومنذ تصدي السيد المالكي لرئاسة الوزراء لدورتين وهو يسعى الى توسيع نفوذه في كافة مؤسسات الدولة وسعى جدياً الى بناء دولة عميقة حكمت وامسكت الدولة العراقية لحد الان , حيث ما زال اللواء 56 يحكم المنطقة الخضراء وهو تابع مباشرةً الى السيد المالكي ويتلقى أوامره المباشرة منه , اضافة الى عائلة الكربولي والتي تضم جمال ومحمد والذان حكما السيطرة على اغلب العقود في الكهرباء وعلى المنطقة الغربية تحديداً ومواردها الاقتصادية , اضافة الى أسرة النجيفي المتمثلة بأسامة واخيه اثيل والتي تسعى الى تصدر المشهد السياسي في نينوى وكذلك اسرة علاوي المتمثلة بأبناء عمه موزعين بين بيروت وبغداد كما إن أسرة العلاق هي الاخرى استأثرت بالمناصب الحساسة في البنك المركزي وامانة مجلس الوزراء , اضافة الى أسر المطلك والعامري والفياض وغيرها من الأسر التي سيطرت على مؤسسات الدولة وحكمت قرارها بيدها .
إن فرض ارادات هذه الأسر والعوائل والشخوص على الحياة السياسية عموماً او المؤسسات الحكومية كالبرلمان ومجلس الوزراء ورئاسة الجمهورية تأثرت تأثيرً مباشر عليها وبشكل يفوق تأثير الاحزاب التي تنتمي اليها , وان هذه الظاهرة أمست واضحة للعيان ومنذ بداية العملية السياسية في البلاد فهناك اكثر من 12 شخصية مؤثرة على القرار السياسي , وهي ما تزال تحكم ومتحكمة بالقرار السيادي , كونها جائت نتاج المحاصصة السياسية والحزبية التي جعلت البلاد عبارة عن كانتونات سياسية تتحرك وفق مصالحها القومية والمذهبية بعيداً عن اي مصلحة وطنية , الى جانب إن وجود هذه العوائل السياسية في مفاصل الدولة يعيق تقدم الديمقراطية فيها ولا يتناسب معها في ضل هذه الهيمنة على القرار السياسي , لذلك ينبغي على حكومة السيد الكاظمي إن تسعى جاهدة الى تكسير هذه البنائات وتحرير الدولة من سيطرة حكم العوائل والأسر وحكمها حكماً مؤسساتيأ ودستورياً . 

169
الدولة بين الحوار والعقد
محمد حسن الساعدي
اي حركة إصلاحية للدولة تعتمد على مجموعة عوامل، من أهمها ان لا تكون فردية بل يجب أن تستمزج رأي وتطلعات المجتمع في نتائجها الايجابية، بجانب مشاركة السلطة وأصحاب القرار.. وستصبح هذه الحركة حبيسة الورق ما لم تكن خارطة طريق تشق طريقها نحو التطبيق العملي..
هذا سيعني وجود مفهوم عقدي بين السلطة والمجتمع، لتقريب الأفكار ورفع الحواجز وترسيخ القواسم المشتركة ، وإلا فان حركة الإصلاح والتجديد ستولد ميتة وتلفظ انفاسها الاخيرة عندما تفقد قنوات وجودها الطبيعية ألا وهو الحوار المبني على اساس الثقة بين المجتمع والسلطة، وتفاهمات سواءً بين المجتمع نفسه او بين القوى السياسية التي لها تاثير في الشارع العراقي .
التجربة السياسية بعد عام ٢٠٠٣ اثبتت عدم قدرتها على التعاطي الايجابي بينها وبين الجمهور ، وبدأت تجربتها بالابتعاد عن احلام وطموح الجمهور الذي بنى امالا كبيرة على الطبقة السياسية ، ومن خلال التجارب المتتالية ثبت عدم قدرة هذا النظام على تقديم صورة طيبة في الحكم والادارة ، وذلك لأن الدولة بيد الاحزاب  امست الدولة أسيرة لإراداتها ، وشاع مفهوم صراع ارادة الدولة ورغبتها في الخروج من بوتقة الاحزاب..
بذلك بات الوضع معطلا تماماً ، الى جانب ان جوهر الازمة في اي مجتمع هو انفراط العقد بين المجتمع والحكومة وبالتالي تولد الصدام بينهما وانعدام الثقة بين الطرفين الامر الذي ولد حالة من عدم المقبولية بهذه الطبقة السياسية التي حكمت بعد عام ٢٠٠٣ .
ما جرى من عقد اجتماعي في عام ٢٠٠٣ لم يعد قادرا على ايجاد التفاهمات في طريقة التعاطي مع المشاكل التي تعصف بالبلاد ، وكذلك القدرة على ادارتها بطريقة الحوارات المبنية على اساس الثقة بين اطراف العقد ، لذلك تحتاج الدولة الى عقد جديد يتناسب وطبيعة المتغيرات على الارض ، وطبيعة المرحلة التي تحتاج الى ايجاد ارضية جديدة للتفاهم ، كما ان هذا العقد والذي على ضوئه كتب الدستور لم يعد مفيداً ومجدياً ، لذلك نحن الان بامس الحاجة الى عقد جديد واعادة النظر في صيغة وصورة النظام السياسي القائم قبل ان ينهار .

170
العراق ساحة المشاريع والأجندات !!
محمد حسن الساعدي
تبرز في ساحة الأحداث العراقية اليوم مشاريع سياسية وأجندات متصارعة،من أجل الفوز بتصدر المشهد السياسي الملتهب بسبب أمية رموز بعض تلك المشاريع حتى في ثقافة الارتباط المشبوه لبعض الكتل السياسية في إعادة العراق ومشروعه الفتي إلى المربع الأول ، فهناك المشروع الأمريكي الذي جاء بالأمريكان إلى العراق ،من أجل تحويله إلى محطة انطلاق لبرنامج تقسيمي يوصل إلى شرق أوسط أميركي بقيادة الكيان الصهيوني، وهذا المشروع فشل فشلاً بيّناً.
والمشروع الإقليمي (الطائفي)، وهذا المشروع هو الذي يمثل تهديداً بكل خطوطه الحمراء للعراق ارضا وشعباً، كونه أُسس على رؤىً سياسية قاعدتها الأفكار الدينية الطائفية وزرع الفتنة بين مكوناته التي تدق أطنابها في مخيلات البسطاء والسذج من الناس ، لتنفيذ أجندتهم في السيطرة على مقدرات الشعب العراقي وتهديد لحمته الوطنية ارضاً وشعباً .
فبعد كل تلك التحديات المعلنة وما خفي منها، علينا أن ندرك حجم التحدي أمام القوى الوطنية والإسلامية، التي تسعى إلى النهوض بمسؤولياتها في التصدي لتلك المخططات التي تضمر للعراق الشر، والتي مازالت هذه القوى والكتل السياسية غير متفاهمة على الساحة العراقية دون أن تراعي مسألة أن الزمن يمر مرور البرق وأن حجم التآمر كبير جدا.
اليوم المطلوب من الأحزاب والحركات السياسية الوطنية والإسلامية أن تقدم المزيد من التنازلات لبعضها البعض، وتنحدر إلى مستوى المسؤولية التاريخية، من أجل انبثاق مشروع وطني، له ثقل مقلق في الساحة العراقية والإقليمية ، ويكون رقما صعبا في المعادلة العربية القائمة حالياً ، اليوم أصبح العراق بالرغم من الاختلاف الحاصل ، إلا انه يمثل تجربة رائدة وغنية في العمل السياسي في ظل الربيع العربي والذي شهدناه مؤخرا في المنطقة العربية ، إن هذه التصورات والقراءات قد تشكل مساحة جديدة أمام تحرك المشروع الوطني في العراق، لكننا نعود فنقول إن المشروع الوطني ما زال رسماً على الورق ويحتاج إلى واقعا ملموسا تلهم من الكتل السياسية الدروس والمواعظ  لكي يستطيع أن ينهض بهذه المهام ويرسم مستقبل واضح المعالم للشعب العراقي .

171
الديمقراطية سلاح ذو حدين !!
محمد حسن الساعدي
إن فكرة الديمقراطية في وقتنا الحاضر تغزو العالم عبر مساحات واسعة من النشاطات الإعلامية والثقافية سواء على مستوى الندوات أو المحاضرات أو اللقاءات المرئية أو صفحات الجرائد وغيرها، أو عبر الحملات العسكرية لغزو البلدان العربية والإسلامية لنشر (الديمقراطية) في هذه البلاد وقمع الأنظمة (الديكتاتورية) ولا شك أن في هذه الفكرة بريقاً قوياً خاصة بالنسبة للشعوب التي تعاني من القهر والاستبداد، وقد حول هذا البريق فكرة (الديمقراطية) من بُعد فكري ونظري لترتيب السياسة في المجتمع إلى ممارسات عملية تتعلق بحريات أساسية منها حرية التعبير والتنقل والتنظيم وغيرها.
اليوم ونحن نعيش في خضم الصراع بين حكام الظلم والاستبداد وبين الشعوب المظلومة والمغلوبة وهي تريد أبسط الأشياء أن تعيش حياة الكرامة والعزة في أوطانها ، فكل من يخرج سلمياً وهو يريد من سلطان زمانه أن يلبي حاجاته فهو يعد خارجاً على القانون وكل ذلك يحدث بأسم الديمقراطية الحديثة فهناك نظرة ومفهوم خاطئ يتداوله بعض شراع المجتمع كون الديمقراطية تتناقض والفكر الإسلامي والديني الحنيف دون التبصر والتعمق  في البحث والمعلومة وقد يتجاهلون نزول الرسالة المحمدية جاءت لتحقيق العدل والمساواة والأخوة الإنسانية لبناء المجتمع القويم وفي سيرة الرسول (ص) وآل بيته المنتجبين وصحابته الميامين كأبي ذر (رض) خير أسوة ودليل فهم القدوة الإنسانية والرحمة والعدالة والإحسان وملجأ الفقراء والمعوزين وما فكرة الديمقراطية إلا امتداد وتطبيق لهذه الفلسفة والنظرية الربانية المحمدية إذ تطابق العقل والمنطق وبناء سليم للمجتمع الإنساني الحضاري فاحترام الفرد وحريته وعقيدته منهاج لحياته الكريمة والعيش الرغيد وإزالة الفوارق الطبقية والعنصرية والعصبية الجاهلية والناس كأسنان المشط سواسية في الحقوق والواجبات والتكاليف.فالديمقراطية ونهجها هو بناء دولة الدستور والقانون ومرتكزاتها المؤسسات الدستورية والفصل بين السلطات الثلاث والشعب مصدر السلطات، وديننا الحنيف جعل الأمر شورى بين المسلمين فكلنا راع وكلنا مسؤول عن رعيته.وكذلك الديمقراطية تؤمن الحرية للفرد وللمجتمع حرية الرأي والتعبير وحرية الصحافة والنشر وحق بناء التنظيمات الحزبية والنقابية والمجتمعات المدنية وديننا يحترم الحريات ويقول متى استعبدتم الناس وقد ولدتهم أمهاتهم أحرارا.الديمقراطية تحقق العدل والتكافل الاجتماعي والعيش المشترك وحق التملك باعتباره وظيفة اجتماعية وحق العمل والضمان الاجتماعي والصحي وهذه الحقوق والمفاهيم هي موجودة في جميع الشرائع السماوية وبخاصة الإسلام.الديمقراطية تتبنى الاقتصاد المنتج وهو اقتصاد السوق الحر وتشجيع القطاع الصناعي والزراعي الخاص لنهوض الطبقة الوسطى التي تعتبر عماد الدولة والسياسة والاقتصاد وتحجيم الفوارق الطبقية للمجتمع.الديمقراطية تؤمن بحرية الأديان والتسامح بين الأديان وتحترم ممارستها العقائدية وإبعادها عن المنزلقات السياسية وتحمي مكانتها وقدسيتها (تعالوا إلى كلمة سوء بيننا وبينكم، لكم دينكم ولي دين) الديمقراطية تتبنى حقوق المرأة وآدميتها وإنسانيتها كالتعليم والتعلم والتوظيف والعمل واستقلال ذمتها المالية والملكية وحقوقها السياسية كما كرمها وصان حقوقها الدين الحنيف حين وضع الجنة تحت أقدام الأمهات.فمن كل ما تقدم لم نجد أي تقاطع أو تعارض بين الديمقراطية والدين الحنيف بل متطابقان لخدمة المجتمع وتطويره وبنائه امة واحدة كالبنيان المرصوص علميا وحضاريا لأمنه وأمانه وحريته ومستقبله ومستقبل أجياله.

172
الحكيم في منطقة الشد
محمد حسن الساعدي
رغم طول فترة عمله السياسي والذي بدأه بعد وفاة والده السيد عبد العزيز الحكيم وتسنمه رئاسة المجلس الاعلى، وما تلاها من احداث ثم إنفصاله عنه وتشكيله لتيار الحكمة الوطني والسيد عمار الحكيم يعمل بجهد لأيجاد مكان له في منطقة التصدي.. مع كل الشد والجذب في المواقف السياسية والعواصف التي ضربت العملية السياسية أكثر من مرة..
رغم أن الحكيم لم يفارق منطقة التصدي، لكنه بات يدافع أكثر مما يهجم في عملية التصدي للقرار السياسي.. فرغم أن الغالبية متفقة على أنه جدير بالقيادة لكنهم معارضون تماماً لتوليه أي مهمة قيادية، رغم اتفاقهم تماماً على قدرته كشخص وربما ليس كتيار على أيجاد وضع مريح للقرار السياسي في البلاد، لكنهم يختلفون بكل تفاصيل الإختلاف في إتاحة الفرصة له ليبرز كقائد لأي مرحلة كانت..
تسلم رئاسة التحالف الوطني في فترة ما، يحاول مأسسته، لكن القضية تعثرت ولم ويستمر لأسباب، أهمها ما ذكرناه من تخوف القيادات السياسية "كما يسمون أنفسهم"  ربما لأنهم لا يثقون ببقائهم كقيادات متحكمة بالوضع السياسي.. وكانت رئاسة التحالف بوجود زعماء كالعبادي والصدر وهي قيادات ترى في نفسها أنها الاقدر لقيادة المرحلة، وربما تزعم الشيعة ككل..
هذا ما شهدناه في الصدر وكيف انسحب سريعاً من التحالف لأنه لم يكن قادراً على التعاطي الايجابي مع القيادة الجديدة للتحالف، او ربما أدرك أن الحكيم سيسحب بساط الشارع والزعامة من تحت رجليه.. كم أن منهم من يحاول ركوب موجة أي نجاح  والقفز من المركب والتخلي عن المسوؤلية عند الفشل والتراجع..
لذلك ورغم المحاولات التي يقوم بها الحكيم، لإحداث تغيير للوضع السياسي الا ان كل هذه المحاولات لم تلقى النجاح، وباتت كل المبادرات التي يطلقها الحكيم حجر عثرة في نجاحه كتيار فتي يحاول الدخول في العمل السياسي من جديد، ووسيلة لمهاجمته والتنكيل به وبتياره بشتى الحجج ومن أقرب الحلفاء.
الحكيم وجد نفسه في منطقة الضغط بقلب حلبة الصراع السياسي، لأنه إختار وضع المنتصف، الذي يشهد عمليات ومراحل الصراع بكل تجاذباتها، وهي منطقة تشبه قطب المغناطيس فهي دائماً منطقة الجذب لكل الاطراف، ولكنها في نفس الوقت هي في نفسها غير مستقرة، فمرة نراها تتحرك في هذا الاتجاه وأخرى بذاك رغم أنها ربما ترتكز على ثوابت تنطلق منها في أي تحرك..
هذا الوضع يجعل هذا القطب دائم الحركة ولا يستقر، معرضا للصدمات وبحسب التوترات في ساحة الصراع، رغم أن هذا أكسبه حرية التحرك بين تلك الاقطاب رغم بقاءه عرضة للضغط الدائم الذي يمارس من بقية الاطراف، وهو مضطر لتحمله لامختار.
الواقع المزري في البلاد لا يتحمل أكثر مما هو واقع، ويبدوا أن القوى السياسية مهما تصارعت، فإنها تتجذر أكثر عمقا في الدولة، وبدأت تعتمد في حركتها على أذرعها المسلحة، في أثبات وجودها أمام ضعف واضح للحكومة بإثبات جدارتها في حفظ الأمن وترسيخه.. ولا يبدوا أمام هذا كله أي ضوء في نهاية هذا النفق المظلم الذي دخلت العملية السياسية برمتها فيه.
هناك حاجة لوقفة جادة وإعلان موقف وطني من أي طرف يجد في نفسه القدرة على قيادة الوضع الراهن، والترفع عن دخول هذا المعترك الذي أمسى مستنقعا للأوبئة والأمراض والبقايا التي امست راحتها تزكم الانوف.. لكن السؤال الاهم يتعلق بما إذا كان الأخرون سيسمحون له بذلك!

173
أقلام سوداء تكتب التاريخ !!
محمد حسن الساعدي
يقال في الأمثال قديماً " عقول الرجال تحت أقلامها"،فالقلم وأن كان جماداً لايؤثر سلباً أو إيجابا في نفسه،إلا إن المحرك له هو من يجعله سلباً أو ايجاباً، وهو لسان حال الكاتب، لأنه من يجعله يحيي الأمة أو يمحق تاريخها، فعلى الرغم من حجم الدمار الذي خلفته الأقلام السوداء في كتابة تاريخ الشعوب، والتي كانت وما زالت هذه الأقلام رديفاً للحاكم الظالم وتحاول أن تغطي على الأدوار المفجعة التي كانت تمارسها الأنظمة القمعية على طول التاريخ، وفد لمسنا الأقلام الفاسدة في عهد النظام البعثي كيف حاولت ما زالت تحاول إن تزور التاريخ وتغير مجرياته بسبب أهدافها وغاياتها، فأصحاب الأقلام السوداء الباطلة او الظالمة يقلبون الحقائق ويحيلون من نضال الشعوب وعملها من أجل التحرر من العبودية أرهاباً واجراماً، وان من يقف ضد حكام الجور سيكون تحت مرمى سهام هذه الأقلام الفاسدة .
بين الحينة والأخرى يخرج علينا قلم من هذه الأقلام ليروي لنا قصص ألف ليلة وليلة، ويروي لنا حكايات الأربعين حرامي ، فمن قلم غالب الشاهبندر إلى سلين الحسني الذي يزوقون أقلامهم بأكاذيب تلوث تاريخ المرجعية الدينية والعليا ورجالها ، وهو ما يكشف ضيق رؤيتهم للأدوار المهمة التي قام بها المرجعية الدينية ورجالها عبر التاريخ ، في محاولة  لتحريف مراحل التاريخ وحرق سطوره بحسب مايريده هو او من يوجهه ، وآخرهم حميد عبدالله الذي ينشر في موقعه على اليوتيوب أكاذيب تحاول تشويه دور المرجعية الدينية في عهد الأمام محسن الحكيم إن هناك اتصالات بين سفيرها السيد مهدي الحكيم ورجال النظام البعثي ، في محاولة ظاهراً أنها سرد للتاريخ ولكن في العمق ما هو إلا تشويه للحقائق في طريق تعامل مرجعية الأمام الحكيم مع نظام البعث ، في حين تكشف لنا الوقائع إن السيد مهدي الحكيم كان مطارداً من قبل نظام صدام ، وقد حُكم عليه بالإعدام، وقد اغتيل السيد الشهيد مهدي الحكيم وهو سفيراً للأمام الحكيم أثناء زيارته للسودان في حادثة اشتركت فيها المخابرات الصدامية بالتعاون مع بعض العملاء في السودان .
أن محاولة تشويه تاريخ هذه الشخصيات الدينية والسياسية لايمكنه الا إن يزيد القلم الأسود اسوداداً ، والفاسد فساداً، لأنها تكشف حقيقة التآمر على الدور المهم الذي لعبته هذه الشخصيات على الساحة الدينية والسياسية العراقية، والدور الإقليمي والدولي في كشف مظلومية الشعب العراقي آنذاك ، لذلك مهما كشف هذه الأقلام عن سواد حبرها فان لن تجد لها بعد وال هذه الغمة عن وطننا وشعبنا مكاناً في صفحات عراقنا الجديد والمشرق، وان مكانها سيكون مع الأقلام الفاسدة التي حاولت النيل من مصيبة يوم عاشوراء وملف شتم الأمام علي(ع) على،  المنابر وسيكون مكانها اللائق صفحات الذل والخنوع والفشل، وهذا نتاج طبيعي لوقوفهم مع الظلمة ضد قادة الإسلام والتحرر من العبودية والظلم .         
 

174
العالم بين القرار والمدار والنفوذ !!
محمد حسن الساعدي
لعبت القوى العظمى في العالم دوراً كبيراً في توجيهه، فأمسى هذا العالم يسير وفق نظرية المحاور،وانقسم العالم في حينها إلى محور الولايات المتحدة ومن يتبعها والمحور الصيني ، إلى جانب بقاء الجانب الروسي والذي يسعى إلى تثبيت أركان نفوذه مرة ثانية بعد انهيار الاتحاد السوفيتي ، لذلك سعت الولايات المتحدة بكل طاقاتها أن تكون القطب الأوحد في قيادة العالم، ولكن دخول الصين كلاعب شرس أربك المشهد ، وجعل واشنطن في موقف حرج أمام هذا التحدي في طريقة تعاطيها مع هذا اللاعب الجديد ، لذلك لجأت الولايات المتحدة إلى التفاهم مع الصين عبر الجلوس إلى طاولة الحوار، وعلى الرغم من العلاقات الاقتصادية بين البلدين ،إلا أن الطرفين مارسوا الشغب بينهما ، فلجأ الطرفان إلى أسلوب المواجهة الغير المباشرة عبر الصراع الاقتصادي ، والتي أثرت بالمجمل على الوضع الاقتصادي في العالم اجمع .
العالم انقسم في نفسه بين من يدور في محور القرار ، والمتمثل بواشنطن والصين ، واللذان يمتلكان سلطة القرار في العالم ، وهما يسيطران على الاقتصادي العالمي بشكل خاص ، لذلك يعمد هذان المتنافسان إلى محاولة كسر العظم الواحد للآخر، عبر أثارة الاختلافات في الدول التي يسيطر عليها دول القرار ، وهذا ما شهدناه في بعض مناطق الشرق الأوسط ، حيث تحاول واشنطن السيطرة على منابع البترول فيه .
روسيا وبقية الدول وان كانت من الدول صاحبة القرار ، إلا أنها لم تدخل في محور القرار ، بل تدور مع مصالحها ، وكيفما كانت وأينما كانت ، وتبقى موسكو ومعها الدول الأخرى كباكستان والهند وألمانيا وغيرها من الدول الأوربية تسعى إلى تثبيت نفسها مع محور القرار ولكن يبقى الوضع القائم في العالم هم المتحكم والمسيطر على المشهد بصورة عامة .
تبقى دول العالم عموماً صاحبة النفوذ ، سواءً في الشرق الأوسط أو غيرها ، ومثالنا في ذلك إيران ، والتي ما زالت لاعباً مؤثراً في المنطقة عموماً ، ومهما ازدادت حجم الضغوط التي تمارسها الولايات المتحدة على إيران فان طهران ما زالت قادرة على الوقوف بوجه هذه الضغوط ، وممارسة دورها في المنطقة ، وإحداث توازن فيها ، وأمّا فما يتعلق بمدى قدرة العقوبات على طهران وإحداث تحوّلًا كبيرًا في السلوك السياسي الإيراني، وأن العقوبات الأمريكية لن تكون قادرة على زعزعة النظام السياسي الإيراني وإسقاطه ، لأن النظام يتكئ على مؤسسات عميقة ومتكاتفة، جعلته يحتفظ بالسلطة مدة طويلة، ولا تزال قادرة على الاستمرار على المدى البعيد ، وأن العقوبات الاقتصادية التي تمارسها الدول الغربية على طهران لن تؤدي إلى انحسار التأثير الإيراني في الملفات الإقليمية الساخنة، كالملفين السوري واليمني والعراقي ، لأنّ ذلك يحتاج إلى إعادة بناء العلاقات والتحالفات في المنطقة بشكل عام، وفي النطاق الجغرافي الشرق أوسطي بشكل خاص من اجل أيجاد التوازن المطلوب فيها .

175
شبكة الإعلام بلا عراقي ؟!!
محمد حسن الساعدي
منذ تأسست شبكة الإعلام في العراق ، ولم تكن يوماً تحمل شراع المهنية ، فمنذ تسلمها حزب الدعوة وتحولت الشبكة إلى مقر لهم ، ونشر فكرهم وتوجيه الرأي العام لهم ، وقوبل الكاتب الذي يختلف بالتوجه بالطرد ، وأمست مجيرة لهذا الحزب ، ولم تكتفي بهذا الأمر بل تعتده إلى منع ونشر أي فكر يختلف مع توجهاتهم ، بل والترويج لأي شخصية علمائية وسياسية ومهما كان دورها في العراق ، والتي كان لها الأثر الكبير والمهم على الساحة العراقية، بل حتى تعدى إلى محاولة تهميش دور المرجعية الدينية العليا سواءً قبل نظام صدام أو ما بعده ، ومحاولة التغاضي عن دور مراجع الدين الكبار والذين كان لهم دوراً كبيراً وبارزاً في حفظ كيان الأمة الإسلامية ووحدة العراق ارضاً وشعباً .
الإعلام ما هو إلا عين تراقب الحدث أينما كان وأينما حل لتقرأه وتعكسه على القارئ أو المشاهد ، لتكون هي العين التي ترى الأحداث ، فبفضل وسائل الاتصال المتنوعة، أصبح الناس أفرادا وجماعات يعرفون بعضهم بعضا على نحو أوسع وأدق، وهذا ما قاد إلى تقليل الفوارق والفجوات الواسعة في التفكير والسلوك بين الفرقاء، في الدين او المعتقد أو الآراء السياسية وسواها، لذا فإن الإعلام كما يذهب بعض المعنيين، هو وسيلة عرض الحقائق ،، وهو وسيلة ترويج للفكر أو الرأي، ويتدخل الإعلام في مختلف أنواع الصراعات، لاسيما بين الدول، لكنْ ثمة صراع دائم وقائم، بين الفرد الموجود، وبين السلطة التي تضع الدستور خلف ظهرها، فلهذا يمارس الإعلام دوراً في إدارة هذا الصراع، ويمارس وسيلة ضغط على الحكومات المستبدة ، والنظام البعثي القمعي وأنظمته القمعية، سخر الإعلامَ لخدمة هواه وبما يتلاءم وفكره وتوجهاته، فقد كان الإعلام ومؤسساته على مدار عهد النظام البائد إعلامًا يهدف إلى شخصنة العراق في صدام، والأصل في المؤسسة الإعلامية أنها ملك للأمة، فلا يجوز أن تستخدم أموال الشعب في صناعة جهاز يكذب عليهم.
فضائيه العراقية وتشكيلاتها مثال حي على ما نقول ، فهي تمارس شكلا من أشكال البوق الحزبي وتعكس حالة من يسيطر على أدارتها ، مع العلم أن هناك هيئه أمناء مشكله من الجميع ، ومن أهل الخبرة والاختصاص ، ورغم ذلك فهي موجهه كلياً نحو تلميع  الكتل السياسية المتنفذة على السلطة وشخصوها في العراق ، مع تهميش كامل لكل خبر أو تقرير لسياسي أو كتله ربما تختلف أو تعارض سياسة الحاكم .
أن أي تقاطع بين الديمقراطية والإعلام ، فإن تجربتنا ستقع في فخ الإعلام الحكومي الموجّه، وتبدأ بوادر تسييس وسائل الاتصال ودمجها بصوت الحكومة، بخطوات قد لا تجلب الانتباه من الجمهور ، وقد لا تثير لغطا، أو ردود أفعال قوية، كونها ليست ذات تأثير قوي، أو واضح في الساحة السياسية وغيرها، (ودائما تبدأ الحرائق الكبيرة بشرارة صغيرة كما يُقال)، فالخطوة الصغيرة في هذا الاتجاه، ستنمو وتتكاثر، لتصبح منهجا يُعمل به، بغض النظر عن مساؤه .
أعتقد من الضروري على الحكومة أن لا تخطئ فيجعلون من الإعلام تابعا ومهمشا وضعيفا، لأن ضعف الإعلام وتهميشه، وسحبه إلى ساحة الصوت الحزبي ، هو مؤشر على سيطرة هذه الأحزاب على السلطات الأخرى، وهذا ما يشكل فشلا ذريعا لتجربة العراق الديمقراطية الحديثة، بل يشكل رجوعا إلى المربع الأول، حيث الدكتاتورية، والشمولية، والنهج الأحادي الذي يسيطر على الحياة برمتها، ولهذا أيضا لاينبغي للحكومة أن تتخذ أسلوب المراقبة والمتابعة لتقف على سلبياتها وأخطائها وتحاول معالجه هذه الأخطاء ، وان تكون حياديه في التعامل مع الإعلام، ولا يصح استخدام المنهج الانغلاقي والمصادرة وما شابه، إلا في حدود القانون وبما نص عليه الدستور العراقي، الذي كفل الحريات جميعها ومنها حرية الصحافة ، وان تكون للأعلام حرية التعبير عن الواقع السياسي بصديقه عاليه بعيداً عن التأثيرات الحزبية أو التأثير الحكومي ، والذي أصبح واضحا وملموساً ، لأننا نسيء إلى تجربتنا الفتية ، وهذا ما لا يجب أن يسمح به الشعب العراقي ، وذلك بتعاون الجميع من أجل بناء الدولة الدستورية التي نحلم بها ونسعى إلى تحقيقها .
 
 

176
شبكة الإعلام بلا عراقي
محمد حسن الساعدي
منذ تأسست شبكة الإعلام في العراق ، ولم تكن يوماً تحمل شراع المهنية ، فمنذ تسلمها حزب الدعوة وتحولت الشبكة إلى مقر لهم ، ونشر فكرهم وتوجيه الرأي العام لهم ، وقوبل الكاتب الذي يختلف بالتوجه بالطرد ، وأمست مجيرة لهذا الحزب ، ولم تكتفي بهذا الأمر بل تعتده إلى منع ونشر أي فكر يختلف مع توجهاتهم ، بل والترويج لأي شخصية علمائية وسياسية ومهما كان دورها في العراق ، والتي كان لها الأثر الكبير والمهم على الساحة العراقية، بل حتى تعدى إلى محاولة تهميش دور المرجعية الدينية العليا سواءً قبل نظام صدام أو ما بعده ، ومحاولة التغاضي عن دور مراجع الدين الكبار والذين كان لهم دوراً كبيراً وبارزاً في حفظ كيان الأمة الإسلامية ووحدة العراق ارضاً وشعباً .
الإعلام ما هو إلا عين تراقب الحدث أينما كان وأينما حل لتقرأه وتعكسه على القارئ أو المشاهد ، لتكون هي العين التي ترى الأحداث ، فبفضل وسائل الاتصال المتنوعة، أصبح الناس أفرادا وجماعات يعرفون بعضهم بعضا على نحو أوسع وأدق، وهذا ما قاد إلى تقليل الفوارق والفجوات الواسعة في التفكير والسلوك بين الفرقاء، في الدين او المعتقد أو الآراء السياسية وسواها، لذا فإن الإعلام كما يذهب بعض المعنيين، هو وسيلة عرض الحقائق ،، وهو وسيلة ترويج للفكر أو الرأي، ويتدخل الإعلام في مختلف أنواع الصراعات، لاسيما بين الدول، لكنْ ثمة صراع دائم وقائم، بين الفرد الموجود، وبين السلطة التي تضع الدستور خلف ظهرها، فلهذا يمارس الإعلام دوراً في إدارة هذا الصراع، ويمارس وسيلة ضغط على الحكومات المستبدة ، والنظام البعثي القمعي وأنظمته القمعية، سخر الإعلامَ لخدمة هواه وبما يتلاءم وفكره وتوجهاته، فقد كان الإعلام ومؤسساته على مدار عهد النظام البائد إعلامًا يهدف إلى شخصنة العراق في صدام، والأصل في المؤسسة الإعلامية أنها ملك للأمة، فلا يجوز أن تستخدم أموال الشعب في صناعة جهاز يكذب عليهم.
فضائيه العراقية وتشكيلاتها مثال حي على ما نقول ، فهي تمارس شكلا من أشكال البوق الحزبي وتعكس حالة من يسيطر على أدارتها ، مع العلم أن هناك هيئه أمناء مشكله من الجميع ، ومن أهل الخبرة والاختصاص ، ورغم ذلك فهي موجهه كلياً نحو تلميع  الكتل السياسية المتنفذة على السلطة وشخصوها في العراق ، مع تهميش كامل لكل خبر أو تقرير لسياسي أو كتله ربما تختلف أو تعارض سياسة الحاكم .
أن أي تقاطع بين الديمقراطية والإعلام ، فإن تجربتنا ستقع في فخ الإعلام الحكومي الموجّه، وتبدأ بوادر تسييس وسائل الاتصال ودمجها بصوت الحكومة، بخطوات قد لا تجلب الانتباه من الجمهور ، وقد لا تثير لغطا، أو ردود أفعال قوية، كونها ليست ذات تأثير قوي، أو واضح في الساحة السياسية وغيرها، (ودائما تبدأ الحرائق الكبيرة بشرارة صغيرة كما يُقال)، فالخطوة الصغيرة في هذا الاتجاه، ستنمو وتتكاثر، لتصبح منهجا يُعمل به، بغض النظر عن مساؤه .
أعتقد من الضروري على الحكومة أن لا تخطئ فيجعلون من الإعلام تابعا ومهمشا وضعيفا، لأن ضعف الإعلام وتهميشه، وسحبه إلى ساحة الصوت الحزبي ، هو مؤشر على سيطرة هذه الأحزاب على السلطات الأخرى، وهذا ما يشكل فشلا ذريعا لتجربة العراق الديمقراطية الحديثة، بل يشكل رجوعا إلى المربع الأول، حيث الدكتاتورية، والشمولية، والنهج الأحادي الذي يسيطر على الحياة برمتها، ولهذا أيضا لاينبغي للحكومة أن تتخذ أسلوب المراقبة والمتابعة لتقف على سلبياتها وأخطائها وتحاول معالجه هذه الأخطاء ، وان تكون حياديه في التعامل مع الإعلام، ولا يصح استخدام المنهج الانغلاقي والمصادرة وما شابه، إلا في حدود القانون وبما نص عليه الدستور العراقي، الذي كفل الحريات جميعها ومنها حرية الصحافة ، وان تكون للأعلام حرية التعبير عن الواقع السياسي بصديقه عاليه بعيداً عن التأثيرات الحزبية أو التأثير الحكومي ، والذي أصبح واضحا وملموساً ، لأننا نسيء إلى تجربتنا الفتية ، وهذا ما لا يجب أن يسمح به الشعب العراقي ، وذلك بتعاون الجميع من أجل بناء الدولة الدستورية التي نحلم بها ونسعى إلى تحقيقها .

177
الفساد يحطم الدولة !!
محمد حسن الساعدي
على الرغم من العقبات الكبيرة التي وقفت بوجه حكومة السيد عبد المهدي ، والتي بدأت ضعيفة في تعاطيها مع واقع العراق المتذبذب،إلا أن القائمة التي كشف عنها السيد عبد المهدي وعرضها على مجلس النواب بعد تشكيله لحكومته يمكن اعتبارها مرجع مهم في ملف الفساد، وعلى الرغم من الوعود التي أطلقها السيد عبد المهدي بمحاربة الفاسدين وتشكيل مجلس أعلى لهذا الملف،وعلى الرغم من جهوده في تطويق الفساد،ومحاولة إيقاف سرقة المال العام إلا أن كل الجهود باتت بالفشل،وهو نفس السبب الذي سيجعل رئيس الوزراء الحالي السيد مصطفة الكاظمي من فتح هذا الملف الشائك والخطير، وذلك لكونه يتعلق بكبار المسؤولين في الدولة العراقية ،إلى جانب أن هولاء الفاسدين لديهم من يحميهم في الداخل والخارج، ما يعكس حالة الفلتان في السيطرة على الموارد المالية للدولة، فالمنافذ الحدودية هي اليوم من أهم الموارد المالية والمسيطر عليها من قبل الأحزاب المتنفذة بالدولة، إذ لايمكن لأي قوة أن تسيطر على هذا المنفذ أو ذاك، وهناك مافيات وعصابات تسيطر على المنافذ وبصورة غير شرعية .
حركة الفساد هذه أوصلت البلاد إلى حافة الإفلاس،فأمست الدولة عاجزة تماماً من تسديد رواتب الموظفين والمتقاعدين،فهي بذلك تجاوزت العجز في أموال الاستثمار والخدمات، وظلت البلاد تقبع تحت ظل نقص الخدمات بكافة أنواعها، أمام انخفاض أسعار النفط والتهريب المبرمج له من بل أحزاب متنفذة،له الآثار السلبية على الاقتصاد العراقي ، ناهيك عن عملية الاستهداف المباشر لأي نهضة للاقتصاد العراقي من قبيل الزراعة وتشجيع المزارعين في توفير المحاصيل الزراعية الرئيسية للبلاد،إلى جانب عدم قدرة الحكومة على إعادة المصانع الكبيرة والتي لها الأثر البالغ في النهوض الاقتصادي وتشغيل الأيادي العاملة العاطلة،ماجعل أي مورد اقتصادي يمكن أن يساعد الدخل تراه ممسوكاً من دوائر الفساد الكبرى،لذلك ليس من السهولة معالجة ملفات الفساد وسوف يزداد الوضع سوءاً خصوصاً مع بقاء أسعار النفط بهذا المستوى .
هناك مسؤولية وطنية ودينية تقع على عاتق النزيهين في الكشف عن ملفات الفساد الخطيرة التي ضربت مؤسسات الدولة كافة، كما هي نفس المسؤولية تقع على الإعلام في الكشف عن هذه الملفات وكبار الفاسدين ومن يحميهم ويدافع عنهم،وإرجاع الأموال المهربة إلى الخارج،وتفعيل دور النزاهة والقضاء في الكشف عن ملفات الفساد الخطيرة وبصورة جدية،لان الفساد أذا أستمر بالتمدد بهذه الطريقة المخيفة فلن تكون هناك دولة لها أسس،ولن يكون هناك أمان ولا انتخابات قادمة يمكن التعويل عليها في بناء أسس ديمقراطية جديدة .

178
مخلب النمر وأفلام هوليود !!
محمد حسن الساعدي
يبدو أن السيد أردوغان تعوّد أسلوب الاستفزاز للآخرين ، وتعود لغة الضجيج التي يستخدمها ، وهي لغة أقل ما يقال عنها انها لغة الضعفاء ، فهو يعلم جيداً أن العراق ليس ذلك الجار الضعيف الذي يتحمل الضربات الواحدة تلو الأخرى ، فالخروقات والتصرف الأهوج الذي تقوم به حكومته والهجمات التي يقوم بها الجيش العثماني ما هو إلا محاولة لفرض قوته الكارتونية من خلال تدخله في العراق وسوريا وليبيا ، فهو يظهر بين الحين والآخر باختلاف الوجوه ، فبدل أن يهتم رئيس الوزراء التركي ، بمشاكل دولته ، وحملات الاغتيال التي شهدتها تركيا عبر عقود من الزمن ، وبدل أن يهتم بإصلاح الوضع الاقتصادي لتركيا ، واستخدام الإرهاب في قمع معارضيه ، يحاول تصدير مشاكله إلى الخارج عبر خرقه لحدود العراق ، ففي الوقت الذي يصّدر لنا السيد أردوغان الإرهابيين القادمين عبر مطاراته ومن مختلف بقاع الأرض إلى العراق .
يبدو أن تركيا دخلت مرحلة جديدة في تاريخها المعاصر وباتت على مفترق طرق خصوصاً بعد التدهور الأوضاع الداخلية وتراجع شعبية حزب العدالة وتبدد أحلام أردوغان في بناء الحكم الرئاسي والتفرد بحكم البلاد، وتعويض الخسارة في الموقف الإقليمي والدولي الرافض لسياسية أتاتورك التسلطية ، فإما حالة استقرار بمعادلات وديناميات جديدة وإما الدخول في مواجهة إقليمية محتملة مع القاهر الروسي الذي لديه النية في تأديب الأتراك وتعليمهم فن السياسية، وسيكون المحدد الأبرز للمشهد التركي هو مدى تحلي أردوغان بروح المسؤولية والحكمة في إدارة هذه المرحلة الجديدة، خصوصا في ظل إشارات أولية بتأثر الاقتصاد التركي بالنتائج المفاجئة، وتخوف المواطن التركي من عودة شبح الانسداد السياسي والأزمات الاقتصادية التي كانت تعاني منها تركيا طيلة الفترة الماضية ، والتي يحاول فيه أردوغان سد هذه المشاكل من خلال تلفيق التهم وإثارة المشاكل وتصديرها إلى الخارج ، وبدل ان تحل المشاكل مع حزب العمال على طاولة الحوار وفي تركيا ، يلجأ أردوغان إلى حل مشاكله عبر خرق الحدود العراقية والهجوم على القرى العراقية في الشمال ، وهو أسلوب لا يحترم فيه الأخير سيادة العراق شعبه ، إلى جانب أن هناك مواثيق دولية يجب على الأتراك التقيد بها في حسن الجوار وعدم انتهاك هذه الدول ، كما أن على العراق اللجوء إلى المجتمع الدولي لإدانة هذا الاعتداء ومنع تكراره ، والى جامعة الدول العربية والتي بالفعل إدانة هذا الانتهاك ووصفته بالعمل البربري لعصابة اردوغان ، كما ينبغي على العراق اللجوء إلى المواجهة والوقوف بوجه هذا الاعتداء على حرمة الأراضي العراقية ، وإيقاف أي تعاون اقتصادي بين العراق وتركيا ، والذي من شانه ان يكون رادعاً امام مثل هذه التصرفات الطائشة مستقبلاً .     
 

179
المنبر الحر / سبايكر ...محنة وطن !!
« في: 20:29 16/06/2020  »
سبايكر ...محنة وطن !!
محمد حسن الساعدي
كثيرة هي الحروب التي قرءنا عنها أو سمعنا بها ، إذ أن هناك أدبيات في تلك المعركة ، وحتى لوكانت المعركة من اجل العقيدة فان هناك ضوابط وأخلاقيات يجب أن تسود في ساحة المعركة ، بحيث تجعلها معركة فرسان وليس جرذان ، ولكننا لم نشاهد او نسمع سقوط هذا العدد الهائل الذي وقع في قاعدة سبايكر، والذي قيل أن عدد الضحايا تجاوز ألف وسبعمائة ضحية ، ويبدو من خلال روايات الناجين أكثر بكثير من هذا العدد ، وذلك لوقوع مجازر أخرى لطلبة آخرين في مكان أخر ، فبعضهم دفنوا أحياء في تكريت ، والبعض الآخر ألقوا في نهر دجلة ، وما جريمتهم سوى أنهم طلبة في قاعدة سبايكر الجوية ، وينتمون لمدن الجنوب التي كانت تحت وقع سوط الجلاد لأربعين عاماً، وما تنفس العراق ، حتى عاد أهله لتنفسوا من رئته ، ولكن غربان الليل لم يحلوا لها أن يرتاح أهل العراق بوطنهم الجديد ، بعد سنين الظلام في نفق الرعب والخوف والقتل والتهجير الذي نفذته العصابات البعثية في حكمها للعراق .
سبايكر جريمة العصر ، ويتحمل تبعاتها بالدرجة الأساس الحكومة آنذاك ، والقائد العام للقوات المسلحة بصفته الخاصة ، باعتباره أعلى سلطة تدير وتشرف على الأجهزة الأمنية، ويفترض بها أن تكون شخصية قوية قادرة على إدارة الملف الأمني بصورة صحيحة، وتتحمل المسؤولية التاريخية في حفظ امن المواطن العراقي ، فكيف بطلبة القاعدة العسكرية في سبايكر ، وهو قيد الدراسة حتى يصبحوا قادرين على خدمة بلدهم ، إضافة ينبغي أن تكون هذه القيادة مؤهلة لقيادة القوات المسلحة ، ذات باع طويل في هذا الملف ، وذو خبرة وباع طويل في هذا المجال .
هذه المذبحة التي حصلت في العراق، ولم تحصل في أي بلد آخر، عكست الواقع المزري الذي يعيشه العراق وشعبه، فما حصل في هذه المجزرة يذكرنا تماماً بما فعله البعث الكافر وصدام المجرم بالشعب العراقي إبان انتفاضة ١٩٩١، حيث امتلئت المدن بالمقابر الجماعية، والذبح وقطع الرؤوس، والألسن، والأذان، وغيرها من أبشع الممارسات البعثية ضد الشعب الأعزل .
جريمة سبايكر حملت حقدا طائفيا واضحا، فصارت شعاراً للخسة والجبن من جانب، وعكست إهمالا واضحا من الحكومة، والتي تعمدت غض النظر عن هذه الجريمة النكراء،والبحث عن الجناة أين كانوا وأينما كانوا ؟!!
هذا الجريمة كان يفترض بها أن تأخذ بعدا إقليمياً ودولياً فأين ممثل العراق في جامعة الدول العربية، وأين ممثل العراق في الأمم المتحدة أليس من المفترض أن يكون لهم صوت في المحفل الدولي والمطالبة بالإدانة الدولية لهذا العمل الجبان، ومطالبة المجتمع الدولي بمساعدة العراق في حربه ضد الإرهاب البعثداعشي ،كما أنها رسالة مفتوحة إلى جميع سياسي العصر، احترموا من انتخبكم، وأوصلكم إلى ما عليه أنتم اليوم، قدروا معاناة شعباً هدته الحرمان والعوز، شعبا يريد أن يعيش لعله يجد الأمن والأمان، فهل أنتم منه أو أنكم ستكونون مصدر بلاءهم هذا ما تنتظره الأيام لهذا الشعب الجريح ؟

180
الاتفاق العراقي الأمريكي ..انسحاب إلى الوراء !!
محمد حسن الساعدي
تواترت الأخبار عن بدء المباحثات الرسمية بين الولايات المتحدة الأمريكية والعراق على خلفية المطالبة العراقية بانسحاب القوات الأمريكية من البلاد ومع الاحتفال الرسمي بإنزال العلم الأمريكي بمناسبة انسحاب قوات الغزو الأمريكي للعراق وتسليم كافة المسؤوليات إلى السلطات العراقية بعد قرابة تسعة أعوام من الاحتلال بدأ المحللون العسكريون والسياسيون الأمريكيون عملية تقييم لتلك المغامرة العسكرية في بلاد الرافدين التي خسرت خلالها الولايات المتحدة ٤٤٧٤ قتيلا و٣٣ ألف جريح حسب الأرقام الرسمية وأنفقت حوالي تريليون دولار.
وهنا لابد من تساؤل هل حققت أي أهداف أم كانت عملية خاسرة ، خصوصاً وان اليوم الأخبار الواردة تؤكد بعودة الجنود الاميركان إلى العراق تحت غطاء ما يسمى الاتفاقية الإستراتيجية بين العراق وبين الولايات المتحدة الأمريكية ، ومع إتمام الأميركيون انسحابهم من العراق بعد تسع أعوام من التواجد العسكري،عانى خلالها العراق اختلالا كبيرا في بنية مؤسساته السياسية والاقتصادية والثقافية والصحية والأمنية والخدمية، واثر كثيرا على مستقبل العراق السياسي في المجالين الإقليمي والدولي، فعلاقات الدول العربية وخصوصا دول مجلس التعاون الخليجي مع العراق ينتابها بعض الفتور، من الممكن أن يصل حد التوتر، كما أن العلاقة مع تركيا ستحكمها تطورات الوضع الاقتصادي بين البلدين وملف مياه دجلة والفرات وسد اليسو المثير للجدل والعلاقات مع الدول الأخرى المجاورة والأوضاع في سورية ، ومحليا فان المستقبل السياسي العراقي بعد هذا الاتفاق يشوبه التصارع بين القوى السياسية على السلطة والغنائم والمناصب، وظلت هذه المؤسسات السياسية تعتمد على مصالح حزبية ضيقة ، خصوصاً وان هناك من يعتقد بأهمية وجود قوات دولية على الأرض العراقية،وأستغلالها طائفياً ،الأمر الذي تفسره على انه تهديد للمكونات العراقية الأخرى ، في حين أن تواجد مثل هذه القوات هو الذي يهدد وحدة الأرض العراقية ويهدد مستقبلها .
الأمر المهم الذي ينبغي للعراق حكومة وبرلمانا هو الوقوف بجدية مع هذا الملف الخطير ، وضرورة أن يكون هناك وفداً مهنياً عالياً في رؤيته للمصالح العليا للوطن والشعب ، ولكن الواقع يتحدث أن الوفد لم يعتمد المهنية بل اعتمد التناظر أكثر من الكفاءة ، حيث يرأس الوفد العراقي السيد عبد الكريم هاشم مصطفى وهو سفير العراق في روسيا والصين ، إذ أشارت الأخبار ان الجلسة الأولى كانت رسالة حتمية للرأي العام ، وهي تعد جلسة مباحثة ، وهو يمهد لحوارات أكثر هدوءاً بين واشنطن وأطراف الصراع ( إيران – السعودية) ، كما أن مهم لأمن الشرق الأوسط خصوصاً والعالم بشكل عام ، فأن أي استقرار للعراق فهو بداية استقرار للمنطقة .     

181
ورقة حطمت دولة وهم !!
محمد حسن الساعدي
المرجعية الدينية لدى اتباع اهل البيت (ع) موقع مهم ومتميز في نفوسهم، بل في نفوس المسلمين عامة، اذ كانت الخلف والأداة التي تعصم المومنين من الوقوع في الخطأ والانحراف، ومسيرتها الطويلة في الاجتهاد واستنباط الأحكام الشرعية حتى الوصول الى الإحاطة الواسعة والتي يعبر عنها بالاعلمية، ناهيك عن السيرة النقية من زهد وورع وعدالة وتقوى، لذا يعتقد اتباع اهل البيت (ع) ان المرجع الديني هو حلقة الوصل بين الامام المعصوم والمؤمنين، كما ان مهام المرجع الديني الاعلى للطائفة لا يمكن ان تقف عند الاجتهاد والإفتاء والتدريس، والعبادات والمعاملات وغيرها من المسائل الابتلائيه، بل يتعدى ذلك الى الرعاية والاهتمام بمصالح المجتمع عموماً، والدفاع عن حقوقهم، واتخاذ المواقف الحاسمة عند الضرورة تجاه القضايا المهمة والمصيرية. من هنا برزت القيادة والكفاءة والحكمة في ادارة المرجعية الدينية والتصدي للقضايا المصيرية، والتي تمس البلاد ومصالح الشعب العليا، وعلى طول التاريخ كانت فتوى واحدة قادرة على ان تلغي اتفاقية التبغ التي أبرمتها الحكومة آنذاك، وغيرها من فتاوى استطاعت من الوقوف بوجه الأفكار الضالة المنحرفة، الامر الذي جعل الماسكين بزمام الحكم والسلطة يخافون مثل هذه المواقف، فالقرارات والبيانات المصيرية والتي قضت على الكثير من المخططات الهادفة الى التغيير في الخارطة السياسية للبلاد، ورغم عمليات الترغيب والترهيب التي مورست ضد المرجعية الدينية، الا انها ظلت متمسكة ومتماسكة بقوة موقفها، الامر الذي جعل محاولة استمالتها او تحييدها أمراً صعباً للغاية، واستعصى على اصحاب السلطة من تسخيرها خدمة لمصالحهم الحزبية والفئوية الضيقة. المرجعية الدينية وبعد احداث ٢٠٠٣ وتعرض العراق هجمات التكفير الداعشي، انبرت لإصدار فتوى الجهاد الكفائي وايقاف زحف هذه العصابات التي كانت تهدد العاصمة بغداد، كما جاءت لردع ذيول الارهاب التكفيري الجديد في المنطقة، بعد احتلالهم محافظة الموصل والانبار وصلاح الدين،حيث تقدمت المرجعية الدينية بأبنائها ورجالات الحوزة وابناء الحشد الشعبي كافة للتصدي الشجاع لهذه الزمرة و مساندة القوى الامنية في هذا المضمار، مشددين على وحدة العراق وسيادة أرضه وحفظ العتبات المقدسة من كل خطر غاشم. وبعد عام من مشروع مواجهة خطر التكفير الداعشي، ارتأت المرجعية الدينية ان تجفف منابع الارهاب وحواضنه السياسية المتعددة والمنتشرة في موسسات الدولة كافة عبر اطلاق حزمة الإصلاحات ومواجهة الفساد، فيما عدت بيانات المرجعية الدينية عبر منبر صلاة الجمعة أن الارهاب والفساد وجهان لعملة واحدة ولا بد من مقاومتهما ومواصلة مشروع الاصلاح، وبناء دولة العدل والمساواة.
لذلك فما ان علا الصوت وصدر الأمر من أحدى أزقة النجف القديمة،حتى تنادت النفوس، وتنافسن الأرواح وهرولت الأجساد لتدفع الضرر ، وتمحو الأثر وتكتب التاريخ من جديد أن هناك من يستطيع كتابة التاريخ ويعيد أمجاد الأمة الإسلامية من جديد، على يد أبنائها لطرد غربان الليل وجرذان الحفر، وتكتب بخط عريض أنها " فتوى الجهاد الكفائي" التي رسمت معالم اللحظة التاريخية الجديدة في العراق ، وفتحت للأمة آفاقاً جديدة في رسم مستقبلها،وحررت العقول من تبعية الأشخاص إلى التنافس من أجل الوطن، وطرد الإرهاب الداعشي الذي حاث في الأرض فساداً، واحرق الحرث والنسل ، وهتك الحرمات وهجر الأبرياء وبدون وجه وباسم الدين وهو منهم براء .
أن دخول المرجعية الدينية العليا المتمثلة بسماحة المرجع الديني الأعلى السيد علي الحسيني السيستاني آثار الكثير من التساؤلات حول الهدف من وراء هذا الدخول المباشر على خط السياسة وتحديداً الملف الأمني، إلا أن القارئ المنصف يجد أن هذا الدخول جاء بعد استشعار المرجعية الدينية بالخطر الذي يهدد وحدة العراق أرضاً وشعباً، وإرجاع البلاد إلى المربع الأول ، والى معادلة أخرى ظالمة تحكم العراق بالحديد والنار،لذلك كان لزاماً على المرجعية الدينية أن تقلق وتعلن موقفها في ضرورة التصدي والوقوف بوجه العصابات الإرهابية الداعشية والتي تمكنت من السيطرة على ثلث العراق .
تدّخل السيد السيستاني كان مبنياً على أساس الوضع الخطير والاستثنائي الذي تعيشه البلاد ودخول التحالف "الارهابعثي" على خط المواجهة مع الدولة، وإسقاطها ثلاث محافظات تعد من المحافظات الإستراتيجية المهمة، لما تحتويه من مصادر نفطية ومشاريع تحويلية مهمة، ناهيك عن كونها خطاً اقتصادياً مهماً يربط الشمال بباقي مدن بلدنا الحبيب .
كما أن الفتوى الأخيرة التي أطلقها سماحة السيد السيستاني في وجوب الجهاد الكفائي ضد الإرهاب الأسود كانت صفارة الإنذار وإعلان التغيير، فكانت بحق الصخرة التي تكسرت عليها أحلام الدواعش في الوصول إلى بغداد، أو السيطرة على المراقد المقدسة في سامراء وغيرها ،وكانت صافرة الإنذار في التغيير ، وكانت الصخرة التي تكسرت عليها أحلام بعض سياسي الصدفة في تخريب البلاد وإشعال نار الحرب الطائفية التي أوجدت شرخاً في البناء الإنساني للشعب العراقي .
بالرغم من محاولات بعض الساسة إبعاد المرجعية الدينية عن الساحة السياسية وتفردها بصنع القرار فيه ، وبناء ديكتاتورية لحزب الدعوة من جديد ، الا أن كل هذه المحاولات فشلت كل المؤامرات في إبعاد المرجعية عن محبيها وأنصارها ، وتكسرت على صبر وقوة هذه المرجعية التي عمرها ١٠٠٠ عام من التضحيات والسند الإلهي ، لذلك على جميع السياسيين أن يعوا جيدا حجم وهيبة المرجعية الدينية ومكانتها بين جمهورها والشعب العراقي عموماً ، وان يأخذوا هذه التحذيرات على محمل الجد ، لان الوضع خطير وينذر بكارثة أمنية ما لم يتم استدراكه ، والحيلولة دون انهيار العملية السياسية .
بيان المرجعية الدينية الأخير كان واضحاً ، إما أن تتغيروا أو تُغيروا ، فكان هو الآخر جرس الإنذار في إعلان مرحلة التغيير ، وإطلاق رسالة ان التغيير يمكن أن يأتي من المرجعية الدينية في اي وقت ، ولكنها تريد للسياسيين ان يكونوا على قدر عالي من المسؤولية الوطنية تجاه شعبهم ، الذي وضع ثقته بهم بان يحملوا همومه ويسعوا الى حل مشاكله التي بدأت تكبر شيئا فشيئا ولا من حلول .
المرجعية الدينية هي الصمام الحقيقي لوحدة الشعب العراقي ، وهي المصد الحقيقي في منع تحقيق أهداف وأجندات البعض في تمزيق وحدة العراق وشعبه ، ويثبت للجميع أن أمام الشيعة ليس للشيعة ،بل هو للمسلمين جميعاً خصوصاً العراقيين منهم ،وان السيستاني ليس للشيعة فقط فهو أبو العراقيين وخادمهم. 

182
المنبر الحر / سد اليسو من جديد !!
« في: 22:50 07/06/2020  »
سد اليسو من جديد !!
محمد حسن الساعدي
عادت أزمة بناء السد العظيم في منبع نهر دجلة تطفو على السطح , إذ قامت الموارد المائية التركية بتشغيل أول توربين في سد اليسو ما يعني أن هناك حيفاً كبيراً سيقع على العراق وتحديداً نهر دجلة , والذي يعد مورد الأساسي للمياه في البلاد , إذ لم يفلح العراق منذ 2003 من عقد الاتفاقيات الخاصة بحصة العراق من نهر دجلة والفرات و وضع حلول نهائية لهذه الأزمة المتكررة التي باتت ورقة ضغط بيد الأتراك من اجل تحقيق مكاسب سياسية واقتصادية من خلال التحكم بشكل مطلق بتدفق مياه نهري دجلة والفرات ويبدو أن اردوغان اختار العراق ليعلن عدائه له حيث اختار هذا التوقيت مع انشغال العالم بأزمة فيروس كورونا للإعلان عن بداية تشغيل سد اليسو المثير للجدل جنوب شرق تركيا , بسبب تأثيراته السلبية على إمدادات نهر دجلة , بالمقابل طالما طالبت الحكومة العراقية مراراً من نظيرتها التركية مراعاة حصة العراق المائية وعدم ملئ خزان سد اليسو من موارده المائية لغرض إنتاج الكهرباء وإنعاش منطقة الأناضول التركية , في حين واصلت حكومة اردوغان بناء السد واكتفى الأخير بإرسال مبعوث لتهدئة المخاوف العراقية ربحاً للوقت لاستكمال المشروع الذي يهدف بالدرجة الأساس لتعزيز مصالح تركيا دون مراعاة لمصالح العراق .
أن مثل هذه المشاريع التي تؤثر بالسلب على الوضع المائي لبلد يعيش على وارداته النفطية , حيث كان يأمل أن يعمل على إنعاش الجانب الزراعي وتوفير الاكتفاء الذاتي للمحاصيل الزراعية المختلفة , إذ تؤكد المعلومات الرقمية ان ما يقارب من نسبة 74% من مياه العراق تأتي من خارج العراق وتحديداً من تركيا وإيران وسوريا وحوالي 26% من داخل العراق معظمها يقع في إقليم كوردستان وان نهر الفرات تناقصت إيراداته المائية إلى الثلث بسبب التخزين الذي وصل أوجه في تركيا وسوريا إذ من المتوقع أن يجف نهر الفرات بحلول عام 2035 وهذه المشكلة امتدت إلى نهر دجلة كذلك بسبب السدود والتي أهمها سد اليسو والذي تصل طاقته الخزنية إلى 10.4 مليار مكعب , بمعنى ان هذا السد يبتلع نصف تصريف نهر دجلة في الربيع , مما يسبب خللاً واضحاً في عملية التخزين داخل البلاد , خصوصاً وان العراق ليس مستعداً حاليا لمواجهة هذه الأزمة الكبيرة مع استمرار الأساليب البدائية في عمليات الري والهدر الكبير في المياه المخصصة للاستخدامات المنزلية وكارثة التجاوزات على الحصص المائية .
ان الوضع المائي للبلاد لا يتحمل مزيداً من التغاضي وان على الحكومة العراقية البدء فوراً بأعداد برنامج متكامل بالتعاون مع منظمة الأمم المتحدة لمعالجة هذا الملف الخطير والذي يهدد البلاد اقتصادياً , ووضع الخطط الكفيلة بحماية حصة المياه من نهري دجلة والفرات , والجلوس إلى طاولة الحوار مع الأتراك من اجل وضع خطط مدروسة لحماية حصة العراق من مياهه في نهريه ووضع العلاقات الاقتصادية بين البلدين حجر أساس لأي اتفاق قادم , إلى جانب ضرورة توسيع المشاريع الخزنية وإقامة عدد من السدود على نهر الفرات خصوصاً في المنطقة الغربية من اجل الحفاظ على كمية المياه الداخلة للبلاد وإقامة عدد من المشاريع الخزنية كالبحيرات الاصطناعية وبما يحقق الاكتفاء الذاتي للمياه في البلاد .

183
الحلبوسي .. ومخيم الانبار الفلسطيني
محمد حسن الساعدي
ليس حلماً بل هو واقعاً , وليس قصة نرويها للتسلية بل هي حكاية تروي أحداث حقيقية أبطالها ساسة البلاد الذين سعوا ويسعون إلى ان يبيعوا البلد بـ ابخس الإثمان , والغاية إرباك عمل أي متصدي للعمل السياسي في الحكومة , والعمل وفق مبدأ ( لو احكم لو أخرب الحكم ) وهذا ما وجدناه على مر الأيام بعد عام 2003 , وكيف عمل على تدمير أي بناء واقف على الأرض , إلى جانب وجود حكام ( ملطلطين ) جعلهم صيداً سهلاً لمثل هذه الأفاعي السامة , لأنهم لم يراعوا هذا الشعب في توفير متطلباته في العيش الكريم , بل عاملو بكل جد من اجل مصالحهم الفئوية والحزبية حتى أمست الشوارع والفلل في لندن وباريس تسمى باسم ساسة العراق الجدد وكأننا كنا ندعو ان نحيا تحت ضل حكم يولد من رحم معاناة الشعب العراقي , ولكن لم نرى سوى الخراب وتوزيع البلاد مقاطعات بين السياسيين الفلتة , فالحكام لم يقدموا خيراً لبلدهم والساسة السنة عملوا على تحصين أنفسهم خلف متاريس الطائفية وأمسوا مطية لكل المخططات والمؤامرات الساعية لتمزيق العراق ارضاً وشعباً , فيما عكف الأخوة الأكراد على تحصين إقليمهم القومي واستخدموا القومية كذباً درعاً لحماية مصالحهم , حتى أمسى الساسة الكرد اكبر من ظلم في التاريخ .
السيد الحلبوسي وعبر مخطط خطير إلى جعل الانبار إقليم الفلسطينيين عبر استقبال اللاجئين من الأراضي المحتلة من خلال اتفاقيات جرت في عمان مع وسطاء من إسرائيل , وهذا الأمر ليس الآن بل هو مخطط يمتد إلى عام 2013 , وتم تفعيله مجدداً أثناء الزيارة السرية التي قام بها السيد الحلبوسي إلى الإمارات العربية المتحدة ولقاءه بمسؤولين إماراتيين وإسرائيليين من اجل تفعيل إقامة إقليم الانبار وبدعم مباشر من الإمارات وإسرائيل .
لن يكون هناك أي رد فعل من الداخل سوى الجمهور والذي يبدو انه الوحيد الذي حمل هذا الهم فمن عصابات القاعدة إلى الزرقاوي وآخرها وليس أخيرها عصابات داعش وقوافل الشهداء الواحدة تلو الأخرى تسير نحو منحر الشهادة في الدفاع عن الوطن , وتسهيل أروع ملاحم التضحية والفداء , لذلك ستبقى سلسلة التأمر على الوطن مستمرة ويبقى الساسة نيام في بحر لجي متلاطم بالمصالح وترك البلاد بيد المخططات والأجندات الخارجية , وهنا لا بد من طرح التساؤل المنطقي : متى سيعي الجميع حجم هذا المخطط وضرورة تفعيل دور مجلس النواب في مسائلة السيد الحلبوسي عن هذا الملف وضرورة تفعيل دور القضاء وإلقاء القبض على كل من تسول له نفسه بيع العراق وتحويله إلى محمية له ولحزبه ولعشيرته , ليبقى العراق حرأ عزيزاً

184
الهبوط الكبير والغير مسبوق أسعار النفط العالمي والذي وصل الى أقل من  20 دولار للبرميل اثر تأثيرا مخيفاً على الدول التي تعتمد اعتماداً كلياً على واردات النفط ، وبالتالي اثر بصورة سلبية على موازنة البلاد العامة ، حيث العراق من الدول التي تأثرت كثيراً ، وبالتالي تأخر المصادقة على موازنة البلاد ، رغم ان هذا الانخفاض المفتعل كان ومازال خاضعاً لصراع القوى الكبيرة ، ومحاولة تركيع روسيا وإيران من جانب ، ومعاقبة الدول المنتجة للنفط من جانب آخر.
الولايات المتحدة سعت من وراء هذا الانخفاض الحاد في الأسعار الى حصر تأثير (روسيا وإيران ) في مجمل الصراع الدائر في المنطقة ، ومعاقبة وإركاع هذه الدول على مواقفها المعادية للسياسة الامريكية ، خصوصاً في الأزمة الاوكرانية والسورية والعراق .
الأمريكان بدوا أولى خطوات هذا الانخفاض في تجميد عمل منظمة الاوبك ، وإيقاف اي مساعي للمنظمة في ايجاد التوازن في الأسعار العالمية للنفط ، مع المساعي لإبقاء الانتاج نفسه مما ولد تضخماً كبيراً في انتاج النفط المصدر وبالتالي انخفاض أسعاره بالشكل الذي نراه اليوم ، ولولا خطوات بعض الدول الاعضاء في الأوبك وسعيها في التخفيض لكنا اليوم نعيش أزمة حقيقة .
السعودية من جهتها كان طرفاً فعالا في الأزمة من خلال المحافظة على الانتاج دون تخفيضه ، وبالتالي التأثير على الانتاج الروسي والايراني بل عموم الانتاج العالمي للنفط في الاسواق ، وإجبار هاتين الدولتين على ايجاد التنازلات لمجمل الصراع الدائر في المنطقة والشرق الأوس، ومع هذا التراجع المخيف في أسعار النفط ، فان منظمة اوبك مطالبة بخفض الانتاج .
ان ما يجري اليوم هو عقاباً جماعياً تمارسه الولايات المتحدة ضد خصومها ، من اجل تضعيف الدور (الروسي الإيراني ) في المنطقة ، ومعاقبة الدول الخليجية على تحكمها بمصادر الطاقة والتي تعتبرها الدول الغربية مصدر قوتها وبقاءها ، لهذا تسعى الى خلق الصراعات والنزاعات من اجل السيطرة على حقول النفط العالمية ، والتحكم بأسعار النفط ، ومنع تأثير اي دور للدول المنتجة على مصالح القوى الكبرى فيها .
لهذا يمكن القول ان أسعار النفط خاضعة للمتغيرات التي تحيط بالسوق العالمية وهو ليس بالأمر السهل ، وذلك لتأثر هذه المتغيرات بالعوامل السياسية والاقتصادية ، ومنها ما يتصل بالصراعات الدولية بين القوى الكبرى والمشاكل الداخلية التي تعاني منها اغلب دول الشرق الأوسط ، لهذا سيبقى سلاح التحكم بأسعار النفط رهينة هذه المتغيرات والقدرة على تلبية الطلب العالمي للنفط .

185
المنبر الحر / الكاظمي في محنة !!
« في: 22:30 14/05/2020  »
الكاظمي في محنة !!
محمد حسن الساعدي
بعد التصويت على كابينة السيد الكاظمي يوم الأربعاء الماضي فأن السيد رئيس الوزراء تنتظره مهام كبيرة وخطيرة في نفس الوقت , وهنا لا نتحدث عن المشاكل الاعتيادية في البلاد , بقدر ما سنراه من إشكالات في العلاقة بين الكتل السياسية وبين الدولة , فالسيد الكاظمي يعرف الأحزاب والتيارات السياسية عموماً إذ كان يشغل منصب مدير جهاز المخابرات لأكثر من سبع سنوات ما أكسبه الخبرة الكافية في معرفة حركة هذه الكتل والتيارات , وكيفية التعامل معها لذلك فأن اكبر واعقد من سابقته فالمهمة ستكون أصعب من عدم المعرفة بهذه الأحزاب والتيارات وكيفية التعامل معها , إلى جانب المسألة الأهم هو نفوذ تلك الأحزاب وسطوتها على كيان الدولة وعلى مفاصل مؤسسات الحكومة ما جعلها هي من تحرك الدولة بدل الحكومة بمؤسساتها وأجهزتها الإدارية .
ان المهمة ليست بالمستحيلة ولكنها صعبة لرئيس وزراء لاينتمي لكتلة ما , ما يجعله سهل الاصطياد وهذا ما وقع فيه السيد عبد المهدي عندما أسقطته الكتل السياسية بسهولة وليست التظاهرات من أجبرته على الاستقالة بل كان سقوطه سياسياً و بامتياز , لذلك فأن هذه المرة سيكون السقوط مروعاً لان السيد الكاظمي لن يكون قادراً على استيعاب مثل هذا الصراع السياسي المحتدم إلى جانب الملفات والقضايا السياسية التي حكمت الوضع السياسي وجعلته مهدداً بالانهيار لأكثر من مرة ومنها ملفات الفساد التي تطال كبار رجال الدولة والأحزاب والتيارات وإعادة الأموال المهربة إلى الخارج وتفعيل ملف محاربة الفساد في مجلس النواب ودوائر هيئة النزاهة والرقابة المالية والتي من شأنها تحجيم الفساد وملاحقة الفاسدين وتفعيل دور القضاء في محاسبتهم .
الشيء المهم هو العلاقة مع الأكراد والتي لم تكن يوماً هادئة , فالكرد يعملون وفق مبدأ ( مصلحتي أولا) فأموال النفط المباع من الإقليم تذهب إلى جيوب كبار الساسة الأكراد وشيوخهم في حين الدولة الاتحادية ملزمة بدفع رواتب الموظفين والبيشمركة وهذا أمر لم يتفق عليه أي من الحكومات المتعاقبة على الحكم بعد عام 2003 وبقى هذا الملف مفتوحاً على جميع الاحتمالات , وبالرغم من كثرة الزيارات التي يقوم بها الوفد الكردي إلا أنها لم تكن كافية للوقوف على المشاكل والخلافات الكبيرة والكثيرة بين الإقليم والمركز لذلك فأن السيد الكاظمي أمامه مهمة أخرى هي نجاحه في تنظيم العلاقة بين الإقليم والمركز , إذا ما علمنا أن إجراء انتخابات مبكرة شيء غير مؤكد مع وجود كل هذه المشاكل من هبوط أسعار النفط وانتشار وباء كورونا إلى جانب الأزمات السياسية التي تمر بها البلاد وجعلته غير قادر على خوض تجربة انتخابية جديدة .
يبقى أمام السيد الكاظمي مهمة كبرى هي ضبط العلاقة بين الولايات المتحدة من جهة وبين الحشد الشعبي من جهة أخرى , ومحاولة إيجاد التهدئة في التصعيد الأخير الذي جاء على خلفية استهداف أبو مهدي المهندس ورفاقه ما جعل وتيرة التصعيد تتزايد بينهما , ويضع الحكومة في حرج كبير من ضبط هذا التصعيد دون استهداف لأي جهة كانت والسعي من اجل إيجاد التوازن في المنطقة في ضل الصراع الأمريكي الإيراني , وبما ينعكس أمنياً في الداخل ويحقق هيبة الدولة وفرض القانون على الجميع , وان تكون الكلمة الفصل للقانون دون غيره , وإيجاد الحلول الناجعة للملف الاقتصادي من خلال تفعيل ملف الأعمار في المحافظات كافة خصوصاً التي عانت كثيراً من الإهمال , وتوفير فرص العمل للعاطلين وإيجاد التهدئة المناسبة للشارع الملتهب .

186
الدراما العراقية بين الارتجال والأجندة
محمد حسن الساعدي
نعيش هذه الأيام معركة شرسة وفي كافة الاتجاهات ، حيث تستخدم فيها من الخارج شتى أنواع الأسلحة وأقواها، ألا وهو الإعلام الموجه.
هذا الصنف يهدف لبث السموم ونشر التفرقة وتشويه الصورة الحقيقية للواقع العراقي عبر وسائل الإعلام المرئية، من خلال تصوير المسلسلات الهابطة لتزييف واقع المجتمع العراقي ،خصوصاً في الجنوب،وصبغه بالجهل والتخلف..
يحاول هكذا إعلام ان يظهر المرأة وكأنها لاقيمة لها في هذا المجتمع ، في محاولة لتحقيرها وتصغيرها وتوجيه الرأي العام عبر هذه المسلسلات ، وهذا كله يدخل ضمن الاستهداف المباشر لواقع المجتمع العراقي.
هذا المجتمع الذي يتميز بالتماسك، ويحمل أروع معاني الإيثار والتضحية والكرم والسماحة ، و اثبت  في أكثر من مناسبة هذه المعاني الكبيرة ، وكيف كان متماسكاً في المحن ،وما شهدناه من حالة التماسك تجاه العصابات الداعشية خير دليل ، وكيف أستطاع العراقيون بمختلف شرائحهم من التصدي بكل بسالة لهذا الإرهاب الكافر .
لقد استهدف الأعلام الموجه المجتمع العراقي،لأنه يعلم جيداً أن الأخير لجأ إلى وسائل الإعلام كالتلفاز ووسائل التواصل الاجتماعي ، لأنه وجد ما يعوض حرمانه من تلك المعرفة طيلة عقود من السجن في زنزانة الموت خلال حكم البعث، إلى جانب أن المتتبع لواقع هذا الإعلام يجده يحارب كل ماهو جاد ، ومفيد لصالح تنوع هائل في البرامج،وان عملية التمويه التي مارستها تلك الفضائيات الغاية منها خلق صورة سوداوية عن المجتمع، كما انه ساهم كثيراً في خداع الجمهور، والترويج للأكاذيب المضللة ، وهذا ما يتضح عبر هذه المسلسلات بل عموم البرامج التي تنتجها تلك الفضائيات .
أن غياب الوعي والشفافية في  الإعلام المهني يزيد من مخاطر الإعلام الموجه، عبر الأجندات الخارجية والتي توظف كل الإمكانيات التي من شانها تحقير المجتمع العراقي ، وتسخيف عاداته وتقاليده، إلى جانب كوننا اليوم في مأزق حقيقي لأننا لا ندرك تماماً حجم المخاطر في هذا الإعلام.
يرى كثير من منظري وساسة الحرب أن "الإعلام نصف المعركة "  لذلك على الجمهور ان يثق كثيراً بهذا الإعلام ، وبهذه الفضائيات المدسوسة والتي قامت مدعومة بالمال الخليجي من اجل ضرب وتمزيق الأواصر الاجتماعية في المجتمع العراقي عموماً .
من الضروري جداً أن يكون هناك قانون يجرم مثل هذه الفضائيات ، وحسب الأخبار أن اللجنة الثقافية البرلمانية عاكفة على تشريع قانون ينظم ويحكم الإعلام والمؤسسات الإعلامية ، ويجرم كل من يحاول تصدير أجندته وأفكاره الفاسدة إلى المجتمع العراقي ، كما ينبغي على وزارة الاتصالات أن تتخذ الإجراءات القانونية بحق هذه القنوات الفضائية والتي تحاول أن تسيء إلى المجتمع العراقي عبر هذه المسلسلات الهابطة ، وتجريم مموليها ، وملاحقة القائمين على العمل ومحاسبته قانونياً ، والسعي الجاد من اجل تبني الإعلام العراقي بث روح المحبة بين المجتمع ، وذلك عبر إنتاج البرامج والمسلسلات الهادفة والتي من شانها توضيح ما يمر الشعب العراقي من استهداف مبرمج .

187
العراق بين المقبول والمرغوب !!
محمد حسن الساعدي
تلاطمت أمواج السياسة بين مقبول ومرغوب , فما أن أعلن رئيس الوزراء السيد عادل عبد المهدي عن استقالته حتى دخل العراق في نفق مظلم لا نهاية له , وكلما أردنا الاقتراب من الضوء نتفاجئ بنفق أخر يتحتم علينا السير فيه للوصول , فالجميع متفق أن لا نهاية لهذا النفق وينبغي للبلاد تبقى تدور في رحى الصراعات , ويبدو أن هناك أيادي خفية تعمل على هذا الأمر من خلال محاولة إبقاء الملف السياسي شائكاً عبر الصراعات والنزاعات بين القوى السياسية , و لولا ان هذه القوى السياسية ليس من مصلحتها ضياع البلاد وسقوطها مرة ثانية بيد معادلة ظالمة جديدة , لقلنا أنهم من يعمل على وضع العصا في عجلة التقدم في العملية السياسية والتي شابها الكثير من علامات الاستفهام في كيفية التعاطي مع كل هذا الوضع السياسي المتأزم , فالخلافات أضرت كثيراً في عجلة التقدم في كافة المجالات وأضحى العراق حكومة بلا دولة وسياسيين بلا مفهوم للسياسة , لأنهم عمدوا على صنع مفاهيم سياسية على مقاييسهم وسعوا إلى إعادة ضبط القوانين وبما يخدم مصالحهم الفئوية والحزبية والشخصية , فساهموا في إشاعة مفهوم التخندق والطائفية والقومية والعنصرية والمناطقية , وأمسى العراق ليس موحداً , فالجنوب الشيعي يعيش أسوء حالاته والغرب السني يراهن على القادم , بينما الشمال الكردي مستقل لاينظر إلا أمامه وما تحت يده .
لقد تعاطت الكتل السياسية عموماً بشكل سلبي مع المرشح عدنان الزرفي , فلم تمهله حتى اخذ الموافقات من القوى السياسية عموماً , إذ ما أن أعلن الرئيس برهم صالح ترشيح الزرفي لرئاسة الوزراء حتى تنادت هذه الكتل فيما بينها لإعلان موقفها الرافض له , وعلى الرغم من موقف بعض الكتل السياسية المؤيد لتولي السيد الزرفي لذلك إلا انه لم يستطع تكملة المشوار نحو كرسي الرئاسة , الأمر الذي اعتبرته بعض الكتل السياسية خروج عن السياق العام للترشيح والسير قدماً نحو التكليف , ولكن ما حصل مع السيد الكاظمي يبدو لافتاً جداً، إذ إن الحضور الملفت لقادة الكتل السياسية واجتماعهم في لحظة التكليف يعطي شعورا بالانفراج السياسي بعد عملية الشد والجذب التي سادت سابقاً .
اعتقد وكما يرى الكثير من المحللين ان عملية التصويت على كابينة السيد الكاظمي تسير بهدوء وعلى الرغم من العراقيل وتشبث الكتل السياسية بحصصها من الوزارات إلا أن القارئ يجد ان هناك تصميماً لدى الجميع على التصويت عليها في مجلس النواب , والانتهاء من صفحة تشكيل الكابينة الحكومية , والسير قدماً نحو حل المشاكل التي تعصف بالبلاد , خصوصاً مع التحرك المشبوه لعصابات داعش الإرهابية في بعض مناطق البلاد , إلى جانب الوقوف بصورة جادة في ملف العلاقات مع الولايات المتحدة الأمريكية وتطبيق الاتفاقية الأمنية بين الجانبين , وغيرها من ملفات مهمة أثرت على الوضع العام في البلاد لذلك سيكون لزاماً على الكتل السياسية التوافق والإسراع على تشكيل هذه الكابينة وبما يحقق التهدئة والاستقرار في المنطقة .

188
طهران وواشنطن ... التهدئة في المواقف !!
محمد حسن الساعدي
منذ بدء عمليات الدب الروسي في الشرق الأوسط وتحديدا منطقة العراق وسوريا ، لمواجهة تمدد داعش وسيطرتها على ثلاثة ارباع سوريا مع حلفائها من العصابات الإرهابية ، وسقوط ثلث العراق بيد عصابات داعش ، فمنذ بدء الهجوم الروسي وإيران خفت صوتها وقوتها ووجودها في المنطقة ،  الامر الذي يثير عدة تساؤلات ، هل هو بداية لصراع اكبر من حجم ايران ام ان التوازنات الإقليمية تحتم تقليص حجم اللاعبين في المنطقة ، خصوصاً وان ايران بدت طرف قوي في هذا الصراع ودخولها ساحة المباشرة بصورة فعلية وواضحة ، من قيادات ميدانية تقاتل في سوريا والعراق ضد الاٍرهاب الداعشي ، الامر الذي يجعل الباب مفتوحاً امام الكثير من التساؤلات ؟!!
اندفعت السعودية نحو اليمن لتعيد تشكيل جبهتها وتوجيه قوتها بعد خسارتها المعركة في سوريا ، فكانت اليمن ساحة كسر للنفوذ الإيراني في المنطقة عموما واليمن تحديداً ، مما جعل ساحة المواجهة تكبر واوراق الضغط تتعدد على القوى المتصارعة ، الامر الذي جعل الأوراق تختلط مرة ثانية دون وجود قوى تبادر لإعادة ترتيبها ، فجاء التدخل الروسي ليحسم الامر وبصورة مفاجئة جعلت كل القوى المتصارعة تعيد حسابتها ، وتسعى لترتيب اوراقها ، فتحركت السعودية الى لملمة جراحها في اليمن وفتح باب الحوار مع جماعة انصار الله 'الحوثي' وبدات الامم المتحدة ترسم خارطة طريق لجلوس الفرقاء دون حضور رموز الفتنة فيها وتخلي السعودية عن حلفيها منصور هادي ، وانسحاب   القوة العربية التي كانت السعودية تراهن على تتغير المعادلة على الارض في اليمن ، فكانت المفاجاة بالضربات الموجعة التي تلقتها من الحوثيين والدخول الى  أراضي السعودية الحدودية . مؤتمر قطر والذي عقد بحضور القيادات السنية العراقية ورموزها ، كان محاولة في ترتيب الأوراق السنية ومحاولة الخروج بموقف موحد سواء على مستوى المرجعية الدينية السنية او المرجعية السياسية ، ولكن رغم ذلك لم يقدم هذا الملتقى او اللجنة التحضيرية وما سبقها من اجتماع عمان اي وضوح في هذا السياق ، ولكن حصل اتفاق كلي سواء في داخل الجبهة السنية او على المستوى الإقليمي او الدولي بعدم مشاركة متطوعي الحشد الشعبي في عمليات تحرير الأنبار ، الامر الذي اعتبره قيادات الحشد انه تآمر ومحاولة لتقسيم البلاد على أسس طائفية ، دون الأخذ بنظر الاعتبار وحدة الهدف في قتال داعش وطرده من الاراضي العراقية ، وما تلاها من ملتقى المحافظات الست والذي كان صفارة الإنطاق للبدء بتنفيذ خطة التقسيم خصوصاً مع اعلان محافظات ستة تمثل مدن متنازع عليها على حد زعمهم وتوجههم ، لهذا جاء التدخل التركي في هذا السياق وكجزء من المخطط وضرورة مشاركة الأتراك والعرب في تحرير الأنبار والموصل كورقة ضغط على الحكومة وابعاد اي دور للحشد الشعبي في تحرير هذه المدن ، ليكون غطاءً سياسياً لهروب من يملك عصا الهرب من الدواعش ، او عزل المدن السنية عن السيطرة الحكومية وسقوطها بيد دواعش السياسة من السنة وتكون الموصل مركز دولتهم الاسلامية الجديدة . ما يدور فعلاً في المنطقة هو إيجاد توازن قوى في المنطقة الشرق اوسطية والتي تميز فيها الصراع بالمذهبية ، ووقودها هذه الأفكار الضالة التي تعكس الدين الاسلامي الذي صممه الغرب ونفذه المتاسلمين الجدد ' الفكر الوهابي المنحرف ' ، حيث يتم هذا التوازن من خلال عناصر الضغط المذهبي كنفوذ ايران في المنطقة عموماً وقواتها المتواجدة على الارض السورية والعراقية وكذلك ابعاد المتطوعين من الحشد من اي مواجهة محتملة مستقبلا مع داعش ، وفعلا تم ذلك معركة الرمادي ، وبالرغم ان الحشد كان له الدور الريادي في عمليات القضم ومسك الارض الا ان الايادي والنوايا الخبيثة تحاول أبعاد اي دور وطني وعسكري لتحرير الارض العراقية من سلطة داعش ،  وإذا جمعنا المعطيات على الارض فإننا نتوصل الى نتيجة مفادها ان صراع القوى على الارض هو صراع مذهبي بامتياز ويصب ويركز على نفوذ التشيع وقواه السياسية في المنطقة ، وكسر اي تمدد لهذه القوى سواء في جبهة ايران او العراق على المستوى الإقليمي وهذا ما ظهر جلياً بعد التدخل الروسي من جهة ، والأمريكي الذي يحاول تهوين العمليات واثارة الشبهات في سوريا والعراق ووضوح خارطة الصراع والتي باتت بين قطبيها ( أميركا - روسيا) ومحاولة الطرفين تبني مواقف الأطراف التي يؤمنون بها في المنطقة وحسب مصالحهم فيها ، ليبقى اللاعب الإيراني الأهدأ والأكثر توازناً في لعبة الوجود السياسي في المنطقة .

189
صراع في زمن الكورونا !
محمد حسن الساعدي
لم يمنع حجم الموت الذي خلفه وباء الكورونا السياسيين من ممارسة دورهم في الصراع من أجل المناصب , فـعلى الرغم من زيادة إعداد المصابين في العراق ، ألا أن الصراع بدا حامياً من أجل السيطرة على ا لمشهد السياسي عموماً،فكلاً يريد أ يدلوا بدلوه، ويسعى أن يكون عاملاً مؤثراً في المشهد السياسي، دون الاهتمام بتأثير هذا المرض عليهم أو الخوف منه ، ولا أي مانع من الموت إزاء هذا الوباء الفتاك الذي كنا نتمنى أن تصيب أحد كبار الأصنام التي عبدت بعد 2003، والتي أضحت متجذرة أكثر فأكثر ، فمن مشاريع ضخمة خارج البلاد إلى الأموال المهربة في مصارف الدول ، والى المولات والفلل التي انتشرت خارج العراق وداخله،وما أن تسأل عن أي مشروع يبنى هنا او هناك ،إلا وتكتشف أنه لأحد كبار المسؤولين او الأحزاب السياسية في البلاد .
تنتظر السيد رئيس الوزراء المكلف مهمة شاقة،كونه ينبغي أن يحظى بأصوات الكتل السياسية في جلسة التصويت على منح الثقة للتشكيلة الوزارية التي سيقدمها، وذلك على خلفية تلك الصراعات التي حصلت أثناء تكليف السيد علاوي والزرفي، إلى جانب تقديم الضمانات للقوى السياسية بالحفاظ على مصالحها،فضلاً عن منحها حصصاً في التشكيلة الحكومية ، أو ما تصفه تلك القوى باستحقاقها الانتخابي ، وأول جرعة دعم حصل عليها السيد الكاظمي هي بعد اتفاق القوى السياسية على تخويله أختيار كابينته الحكومية، بعد الاجتماع الأخير الذي عقد في منزل العامري،ويبدو من خلال الأخبار أن ملف الحصص الوزارية سيكون ملفاً حاضراً في جميع النقاشات،حتى لو كانت في الظاهر تخويل الكاظمي لتشكيل حكومته .
السيد الكاظمي أعلن أن حكومته ستكون خادمة للشعب وتعمل على حصر السلاح بيد الدولة،ما يعطي أنطباعاً ويطلق رسالة لبعض القوى الحشدية التي تعمل خارج قانون الدولة العراقية، ما يعني اعتبار ذلك إدخال البلاد في دهليز صراع سياسي وطائفي ، لذلك ربما هناك يتكون عقبات حقيقية أمام الكاظمي في التصويت عل حقيبته الوزارية ، إذا ما علمنا أن الأخير أشترط على الكتل السياسية حرية اختيار وزرائها ، والإعلان مسبقاً عن استعداد القوى السياسية لتمرير الحكومة الجديدة عبر البرلمان دون معرقلات ،وعلى الرغم من التوافق اللافت للقوى السياسية حول الكاظمي إلا أن الطريق إلى رئاسة الوزراء يبدو وعراً ، حيث حظي من قبله محمد توفيق علاوي بهذا الدعم والتوافق ولكنه لم يستطع تمرير حكومته في البرلمان ، وسرعان ما تفكك هذا التوافق، حيث تمكنت الكتل السياسية من دعمه في حين أن علاوي اتهم الكتل السياسية بأنهم سبب الفشل بسبب تمسكهم بحصصهم من الوزارات، لذلك لايمكننا التنبؤ بنجاح مهمة السيد الكاظمي في تشكيل حكومته ، وسيبقى الصراع محتدماً إلى حين تمريرها في مجلس النواب ، وهذا الأمر يحتاج إلى كتلة قوية قادرة إلى إنجاح تمريرها دون عقبات ، والذي سيعيد قوة الكتلة الأكبر مهما كانت .
 

190
المنبر الحر / صراع النفوذ
« في: 21:02 16/04/2020  »
صراع النفوذ
محمد حسن الساعدي 
ثلاث مرات في غضون ثلاثة أشهر والرئيس العراقي يكلف شخصية جديدة لرئاسة الحكومة العراقية والتي طال انتظارها منذ استقالة حكومة عبد المهدي مطلع كانون الأول الماضي , فبعد اعتذار محمد توفيق علاوي وعدنان الزرفي بسبب الخلاف بين الكتل السياسية وعدم قدرتها على الوصول إلى تفاهم يسهل عملية التشكيل , اختار صالح رئيس جهاز المخابرات السيد مصطفى الكاظمي لتشكيل الحكومة الجديدة , على أن تكون جاهزة أمام مجلس النواب خلال 30 يوم وهي المدة الدستورية لذلك , حيث شهدت الـ 5 أشهر الماضية صراع محتدم بين القوى السياسية أشبه ما يكون بصراع النفوذ , حيث شهدت الفترة الماضية اتهامات متبادلة بين الأطراف السياسية على خلفية دعم أو ترشيح هذا المرشح أو ذاك .
الموقف السياسي لبعض القوى متذبذب بين قبول ورفض وبين اتهامات مباشرة للسيد الكاظمي , ويرى البعض أن الأخير سيمرر في جلسة مجلس النواب خصوصاً وان هناك عدد مريح من النواب في تمريره , ويرى البعض الآخر أن الكاظمي خير من يحفظ ويحكم التوازن في العلاقة ما بين واشنطن وطهران ومنع حصول أي مواجهة محتملة على الساحة العراقية , حيث ترى بعض القوى السياسية أن الكاظمي ليس شخصية جديدة على طاولة السياسة العراقية فقد كان اسمه مطروحاً منذ استقالة حكومة عادل عبد المهدي في كانون الأول الماضي , وحتى قبل ذلك كبديل للعبادي عام 2018 , ولكن أسباب عدة حالت دون نيله التوافق المطلوب , لاسيما أن هناك من يصفه بأنه رجل الولايات المتحدة الأمريكية في العراق .
أمام السيد الكاظمي عقبات كبيرة , خصوصاً في ضل الصراع السياسي المحتدم , وتبقى قدرة الأخير على إقناع باقي الكتل السياسية بالتصويت على حكومته , خصوصاً وان القوى الحشدية لديها تحفظ على شخص الكاظمي , على خلفية اتهامات سابقة طالت شخصه , ولكن يبقى في العموم قدرته على التعاطي الايجابي مع القوى السياسية ودرجة إقناعها , إلى جانب معالجة الملفات الأخرى المهمة , وأهمها الملف الاقتصادي وملف العلاقات الخارجية , والقوات الأمريكية في البلاد والتي تحتاج إلى توافق سياسي بين القوى السياسية عموماً , وهذا ما ستكشفه الأيام القادمة

191
المنبر الحر / شمته بسامير
« في: 22:05 12/04/2020  »
شمته بسامير
محمد حسن الساعدي
الحضور اللافت في حفل تكليف السيد مصطفى الكاظمي بتشكيل الحكومة بعد اعتذار السيد الزرفي ولّد شعوراً بالارتياح لدى الجمهور والقوى السياسية عموماً ، وعكس رسالة واضحة عن الانفراج بعد حالة الانكسار والتجاذب الذي أصاب العملية السياسية والعرقلة التي وقفت أمام تشكيل الحكومة، إلى جانب كونه يعكس حالة التوافق الظاهر التي وصلت له القوى السياسية الشيعية والوصول إلى تفاهم في أختيار مرشح لرئاسة الحكومة القادمة، بعد استقالة حكومة عبد المهدي على خلفية التظاهرات التي خرجت في بغداد وعدد من المحافظات المطالبة بتوفير الخدمات وسبل العيش الكريم للمواطن العراقي، لان ما حصل خلال الخمس أشهر الماضية كشف ضعف البناء السياسي، وهشاشة قواعده،بل يكشف عمق الخلافات بين القوى السياسية خصوصاً الشيعية منها، والتي لم تستطع طيلة الفترة الماضية من مسك عصا السلطة من المنتصف،والانتقال من حالة الركود إلى حالة التحرك السريع في اختيار الحكومة المؤقتة سريعاً .
أن التوافق الذي وصلت إليه الكتل السياسية في أختيار وترشيح السيد الكاظمي يكشف حالة  الخطر التي استشعرتها القوى الشيعية،وان أي تأخير في تشكيل الحكومة يهدد أغلبيتها السياسية في عدم قدرتها على تشكيل أي حكومة، وفقدان أغلبيتها،وهو أمر تعمل عليه باقي الكتل السياسية لتفنيد حالة الأغلبية الشيعية والتي من حقها أختيار مرشح رئاسة الوزراء، خصوصاً وأن مشكلة الأغلبية هذه تكمن في غياب القيادة التي تؤمن بشروع الدولة وانحسار فكرها في الحكومة، ويبدو أن القوى السياسية على الرغم من هيمنتها على مقاليد السلطة بعد 2003 ، إلا أن تفكيرها وسلوكها السياسي لم يتخلص من عقدة التفكير كأقلية مضطهدة وضرورة التعاطي مع الدولة بمنطق المعارضة، فلم تخرج من عقدة المعارضة والتعاطي مع الدولة الحديثة المبنية على أسس ديمقراطية وهنا ، وهنا تكمن المفارقة، إذ ظل تفكيرهم مأزوم بدائرة مغلقة يعبر عن تفكير مأزوم يتلخص بفكرة التهديد بإنهاء الوضع السياسي القائم، وضرب العملية السياسية باجمعها .
السيد الكاظمي من البداية وهو مثار جدل بين القوى السياسية،وقد طُرح أسمه سابقاً عدة مرات بعد يومين من استقالة حكومة السيد عبد المهدي،لذلك أمامه طريق طويل وعقبات كثيرة داخلية منها وخارجية، وأهمها القدرة على فرض التوازن الإقليمي وإعادة بلورة سياسة مسك العصا من المنتصف في العلاقات الخارجية،خصوصاً وأن آمال إجراء انتخابات مبكرة باتت ضعيفة،وذلك لأسباب فنية إلى جانب ظهور وباء كورونا والذي ربما سيستمر إلى فترة أطول مع زيادة حالات الإصابة بهذا الوباء ، ومعالجة الأزمة الاقتصادية ، وفرض هيبة الدولة ، وفيما يخص الملف الخارجي ،فمهمة الكاظمي هي حماية العراق والنأي به من أي حرباً يكون ساحتها، بين واشنطن وإيران، لذلك على رئيس الوزراء المكلف تشكيل الحكومة بأسرع وقت ممكن، والعمل وفق إستراتيجية واضحة من أجل إيجاد عراق متوازن في المنطقة،لذلك فهو أمام توافق صعب، وعليه العمل داخل هذه الدائرة الضيقة بما يحقق التوازن،لان القادم ليس سهلاً، خصوصاً بعد تصريحات وزير الخارجية الأمريكي، والتي هدد فيها العراق بعقوبات قاسية ، أقسى من تلك المفروضة على إيران في حال، بقاء المعادلة في العراق بنفس السياق المعمول به، لذلك فان الوقت لايتحمل أكثر من ذلك للخروج من عنق الزجاجة .   

192
المنبر الحر / انقلاب في بغداد !!
« في: 21:02 06/04/2020  »
انقلاب في بغداد !!
محمد حسن الساعدي
تعلم الدوائر الرسمية الأمريكية والاسرائيلية  والغربية عموما نقاط الضعف في العراق وبدات تلعب على هذا الوضع والإشاعات والأخبار اهم نقطة يراهن عليها الأمريكان بصراعهم في العراق فما أن تسمع أن هناك مناورات في الخليج أو إحدى المحيطات حتى يكون يتصاعد التحليل السياسي في العراق متحدثين عن انقلاب عسكري كما أن أي تصريح لسياسي أمريكي أو عربي مخبول حتى يتسارع العراق إلى التصريح أو التلميح أو إلى اشتعال المواقع والقنوات الإعلامية في الحديث عن أنقلاب عسكري محتمل ، وأن العملية السياسية والحكومة ستسقط قريبا ،وأن حكم الشيعة في البلاد بدأت نهايته وساعته ، لذلك بدا الغرب عموماً بتحركات مستمرة ‏وذلك من أجل أرباك المشهد عموما وتأزيم الأجواء وإيجاد بيئة مربكة أو غير قادرة على التفكير سوى بنهايتها وسقوطها الوشيك، ويبقى الوضع السياسي عموما تحت حرب نفسية لا تنتهي وما أن تنتهي الازمه حتى تبدأ أزمة جديدة ، وإبقاء الوضع عموماً في دائرة مغلقة .
‏العراقيين عموما سواءً السياسيون منهم او الجمهور لا يعلمون حجم الثروة التي يمتلكوها او القوة التي يتمتعون بها فالمرجعية الدينية العليا التي تمثل الامتداد القدير للأمام المعصوم والمسدد من قبل الله عز وجل إلى جانب الجنود الأوفياء من الحشد الشعبي والذي اثبت اكثر من مره الموقف الوطني والشرعي في الدفاع عن الأرض ضد الغريب ، لذلك فلا يمكن لأي قوة على الأرض ان تهدد هذا الوجود او تنقلب عليه او تنال من وجوده ، وقد حاولت الجماعات الارهابية ذلك ، فمنذ عام ٢٠٠٣ وعصابات القاعدة ومن بعدها التوحيد والجهاد ، امتداداً الى داعش ، وآلاف الانتحاريين النيل من عزيمة وهمة المخلصين من هذا الشعب ولكن كل محاولتها باءت بالفشل .
أن فكرة الانقلاب على العملية السياسية أو على الأغلبية الشيعية ومحاولة تغيير المعادلة في العراق لا توجد سوى في مخيلة الضعفاء أو ممن لا يعجبهم الوضع والمعادلة القائمة وهم يعلمون جيداً إن هذه الفكرة انتهت تماماً من عقلية الأمريكان لأنهم يعلمون جيداً قوة وموقف المرجعية الدينية العليا والحشد الشعبي والذي يمثل القوة الشعبية التي تستهدف إي غربان تحاول النيل من العراق وشعبه , ولكن فكرة الانقلاب تنعكس من خلال تشتتنا وتفرقنا وتمزقنا إذ يفترض إن نكون عراقيون بالولاء دون الانتماء المذهبي والقومي , وان يكون شعارنا الذي نحمله ( هم الوطن ) , وان يكون جل اهتمامنا صولة على الفاسدين الذين خربو البلاد وسرقوا خيراته , وتوحيد الجهود كافة من اجل إن يكون هناك خطاب إعلامي ضد المؤامرات الخبيثة التي تريد الشر بالعراق وأهله , لذلك فأن الولايات المتحدة لن تحتاج إلى الدبابات والطائرات لغزو العراق مرة أخرى ولكنها ستعمل على تفريقنا لتسود ومن خلال وسائلها وأساليبها في المنطقة والعراق خصوصاً .

193
سليماني مرة ثانية !!
محمد حسن الساعدي
الزيارة التي يقوم بها قائد الحرس الثوري الإيراني إسماعيل قاني التي وصفت بالسرية , أتسمت بالسياسية أكثر من كونها أمنية , حيث أكدت الأخبار أن الجنرال قاني التقى خلال زيارته إلى بغداد برئيس قائمة الفتح هادي العامري ورئيس قائمة دولة القانون نوري المالكي إضافة إلى رئيس تيار الحكمة السيد عمار الحكيم , وربما سيلتقي في وقت لاحق اليوم الأربعاء في مقتدى الصدر في مدينة النجف الاشرف حيث تؤكد التقارير أن الجنرال قاني سعيه خلال الزيارة واللقاء بالرباعي الشيعي إلى حثهم على ضرورة الانتهاء من اختيار بديل عن المرشح لرئاسة الوزراء عدنان الزرفي , حيث أكد خلال الزيارة على أن خيار اختيار المرشح لرئاسة الوزراء هو من صلاحيات البيت الشيعي , وان طهران لن تتدخل في خيار تختاره القوى السياسية عموماً والشيعية خصوصاً وفي نفس السياق أكد قاني رفض طهران أي رئيس وزراء يضمر العداء لها , ويميل في سياسته نحو واشنطن .
الزيارة التي حملت دلالات وأهداف مهمة أطلقها الجنرال قاني , حيث أرسل ايحائات مهمة للقيادة العراقية ولجميع الكتل والمكونات السياسية في البلاد من خلال :ـ
1ـ إن الجمهورية الإسلامية ما زالت بذات الموقف من العراق , وان رحيل سليماني أعطاها زخماً أضافياً  في الإصرار على تحقيق النجاح في الملف العراقي والذي ما زال بعهدة الحرس الثوري الإيراني وبقيادة الجنرال إسماعيل قاني .
2ـ التغيير في سياسة إيران تجاه العراق حيث تؤكد القيادة الإيرانية ضرورة أن توكل للعراقيين أنفسهم مهمة اختيار مرشحهم لرئاسة الوزراء دون تدخل القوى الإقليمية والدولية .
3ـ إعلان طهران رفضها لأي مرشح يكون مواليا للإدارة الأمريكية وبشكل قاطع ,وينبغي ان يخضع المرشح للمعايير التي وضعتها المرجعية الدينية العليا في النجف الاشرف في كونه غير جدلي , وان يكون هناك توافق سياسي من الجميع عليه
4ـ طهران تجد في اختيار الزرفي كمرشح لرئاسة الوزراء التفاف على التوافق السياسي أو المعايير التي وضعتها المرجعية الدينية , إلى جانب رفضها لمحاولات الأخير من الضغط على حلفائها لتسهيل مهمة تشكيل الحكومة كونه فاقداً للغطاء الشيعي .
5ـ سعى الجنرال قاني من خلال لقائه الرباعية إلى ضرورة حسم إيجاد البديل وبالسرعة الممكنة , وتقديمه لتشكيل الحكومة المقبلة .
الأيام المقبلة تحمل انفراج سريع في اختيار المرشح الغير جدلي , وتعيد تنظيم وتنسيق المواقف السياسية في الجبهة الشيعية والتي أصابها الكثير من الاهتزازات والتشرذم خلال الفترة الماضية , حيث أن هذه الزيارة تؤكد أن ساس العراقيين غير قادرين على تنظيم صفوفهم ومواقفهم السياسية وان الطائر الإيراني عاد ليمارس دوره في توحيد المشهد السياسي في العراق وفق النظرية السليمانية

194
قريباً كورونا ... في ذمة الله !!
محمد حسن الساعدي
منذ عشرات السنين والأمة الإسلامية وعراقنا خصوصاً ، وهما يدوران في عجلة الاستغلال لكل القدرات وبأنواعها، والاستهداف مفتوح دوماً،فما أن تنتهي أزمة ونتنفس الصعداء حتى نُضرب بأزمة أخرى تكون هي من ندور في رحاها، كل هذا ليبقى يسود الثالوث (الجهل –الفقر- المرض) وعندما ندرس ونقرأ تاريخ الدول والشعوب العربية والإسلامية نجد أن مصدر الطاقة في الكون هو هذه المنطقة،فيقبع تحتها مليارات من براميل النفط الخام إلى جانب المعادن الأخرى المهمة، إلى جانب الكتلة البشرية الكبيرة والتي يتم استغلالها أسوء استغلال في الحروب والاقتتال الطائفي والقومي، فما نفتك نداوي جراحنا حتى نقع في أزمة أخرى تكون أقسى من قبلها، وهكذا دواليك ندور بين رحى التبعية والاستغلال لتعطي صورة واضحة وجلية عن سوء واقعنا وحالنا وجهلنا وتخلفنا وعدم قدرتنا على محاكاة الواقع والتصدي للمشاريع الاستعمارية والتي تهدف بصورتها الجلية إلى تمزيق أمتنا وتشتيت أمرنا، ولا يوجد أي بوادر لانفراج أو أمل قريب.
ان الأمم المتطورة والحضارات تعتمد المعرفة في بنيانها وأسسها وهو ما يخدم الأمم ويحقق النجاح لها , في العلوم المعرفية هي أدوات يستخدمها علماءها من اجل معالجة مشاكلها وتسهيل مهمة هؤلاء العلماء وبما يخدم الأمة ويستهدف رقيها , بعيداً عن أي أغراض مبطنة ودنيئة , لذلك فأن ظهور فايروس كورونا في أواخر عام 2019 وانتشاره كالنار في الهشيم , حيث قلب في عدة شهور العالم رأسا على عقب في الدول التي تعد نفسها متقدمة وقفت عاجزة أمامه , فلم يفهم العالم كيف حصل هذا ولماذا فهذا الفيروس ليس الوحيد الذي ضرب البشرية فقبله ظهرت العديد من الأوبئة والأمراض ولكن هذا الوباء الفتاك احدث تغيير كبير في الكون وبالتالي فأن عالم ما بعد كورونا مختلف عما قبله .
صحيح ان العالم اليوم يحشد الجمهور كافة من اجل الوقوف ضد هذا الوباء ولكنه سينتهي قريباً وسيكون اسماً في سجل التاريخ وتعود الدول المتصارعة للتنافس على القوة وتتصارع من اجل البقاء , وتعمل ليل نهار في قتل الناس ولكن في نفس الوقت فأن قصص الحروب الجرثومية لن تنتهي وستحاول مرة اخرى في ضرب العالم , لتنتهي قصة وتبدأ اخرى ويسجلها التاريخ ضد مجهول .

195
الإسلاميون والحكم ... العراق أنموذجاً
محمد حسن الساعدي
في البدء لا بد لنا التفريق بين الإسلام والإسلاميين , فألاسلام هو دين الله الكامل حيث يؤكد في كتابه العزيز      ( اليوم أكملت لكم دينكم , وأتممت عليكم نعمتي ,ورضيت لكم الاسلام دينا ) الذي بعثه بيد خاتم رسله النبي الكريم محمد (ص) ومدى الالتزام به , وهو امر يختلف من فرد الى اخر , ومن مجتمع إلى أخر فلذلك يمكن ان يمتد هذا التفريق بين الإسلام والأحزاب الإسلامية التي هي عبارة عن آليات تستلهم الإسلام بنوره , كذلك لا بد إن يمتد هذا التفريق إلى التجربة الإسلامية والدولة والحكم في العراق , وهنا لا بد من طرح التساؤل المنطقي هل ان الأحزاب الإسلامية يمكن ان تجري على الحكم في البلاد ؟!!
الأحزاب الإسلامية عموماً والتي كانت معارضة لحكم شمولي لم تكن ذات دراية بالتنوع (القومي ـ المذهبي ـ الفكري ) فضلاً عن التعدد البيئي الذي يحصل عادةً فيما بين هذه التنوعات , إلى جانب التنوع العشائري , حيث تلعب العشيرة دوراً أساسيا في هذا البلد ولها قوة تنظيم وتأثير تتغلب في بعض الأحيان على تأثيرات الانتماء المذهبي والحزبي , لذلك فأن هذا التنوع يشكل احد التحديات المهمة وخاصة في ضل التحول الديمقراطي المفاجئ وغير المتقن .
التحديات التي واجهت التجربة الإسلامية هي القدرة على التعاطي مع كل هذا التنوع في أطار انتقال سريع من حكم الاستبداد والديكتاتورية إلى أجواء الديمقراطية المنفتحة وكان لكل طرف في هذه اللوحة المتنوعة أجندته الخاصة والتي هي تختلف عن الأخر اختلاف واضحاً , ولهذا الاختلاف والتباين أثاره وأدواته وبسبب الإرث الأسود من القمع والتهجير الى الانفراج والديمقراطية وبشكل غير مسبوق فأن هذه الاحزاب كانت تعتاش على طموحات الشارع كيف ما كانت وكيف ما اتفقت , فلم نعثر على خطاب وطني جامع او على مطالب عملية مقبولة بل عثرنا على خطاب مأزوم ومطالب غير معقولة ومزايدات بتهم غير مقبولة , كما ان الجو الديمقراطي أتاح الفرصة للتعدد في المؤسسات والنظريات والافكار ذات الطابع السياسي , فشكل هذا التعدد مشهداً غريباً وتدافعاً غير منضبط وغنائم مقيتة , كما ان كثرة الاحزاب السياسية ووجود الفضاء الديمقراطي الواسع من جهة ثانية , وتصارع الفرقاء وتغانم المكونات من جهة ثالثة نتج هذا التداخل الكثيف والمعقد المشهد عموماً .
الاسلام السياسي الشيعي أتقن بخلق خصوم له , تحت عنوان المذهبية والقومية , واستطاعو بضعف رؤيتهم من كس صورة سوداوية في الحكم , في ما كان الاسلام السياسي السني اكثر عنفاً , والاكثر عداوة للعملية السياسية في العراق بكافة اشكاله لاعتقادهم الراسخ انهم الاقدر على قيادة العراق وهو حق مكتسب لهم من مئات السنين , الى جانب الحركات الكردية ذات الميولة الانفصالية العميقة , والتي جاءت على خلفية شعورهم القومي المتنامي , لذلك فأن الإسلام السياسي بجناحيه السني والشيعي قد فشل في قيادة المرحلة الانتقالية في البلاد , واغرق العراق في بحر من الانقسام والاقتتال المذهبيين لاسيما بعد سيطرة داعش على البلاد واليوم مع تفاقم الميول الكردية للانفصال وزيادة خطر الاحتراب ( العربي ـ الكردي ) والذي بدأ يظهر مع كل أزمة لتشكيل حكومة جديدة في العراق .

196
محمد بن سلمان شرطي المنطقة القادم .

محمد حسن الساعدي
نجل ملك السعودية ورجل كل شيء ، فهو جندي البيت الابيض الاول منذ أشهر طويلة مضت ، وهو احد اثنين الذي تعتمد الولايات المتحدة عليهم في تغيير هندسة الخارطة الجيوسياسية في المنطقة ، أذ يعتقد الأمريكان ان محمد بن راشد حاكم امارة دبي ونائب رئيس الوزراء ووزير الدفاع ، وهو من الذين يمتلكون علاقات قوية مع المخابرات الاميركية ، ويعدان من رجال الأمريكان القادمين في المستقبل .  يمتلك بن سلمان علاقات قوية ووطيدة جداً مع البنتاغون وملحقاته الاخرى ، فضلاً عن كلامه المسموع جداً لدى والده الملك سلمان ، وفعلاً هو من يدير البلاد وكل شيء بسبب سوء حلة سلمان الصحية ، كما انه قضى الفترة الخيرة من حياته في الولايات المتحدة ، أذ كان شبه مقيم فيها ، ويعد ويستعد لمثل هذه اللحظة بأن يكون عراب التغيير القادم في الشرق الاوسط . الرجل يحمل مشروع لإعادة ترتيب الأوراق في المملكة ، ضمن ما يعرف ببرنامج الاصلاح ( السعودية 2030) والذي يتعلق بإخراج السعودية من الاقتصاد الريعي ( النفطي ) فضلاً عن الاصلاحات الاجتماعية والتي يتوقع أن تحدث خلال الفترة القادمة ، إذ كونه يمثل الجيل الشبابي الصاعد ، والذي يعتمد عليه الغرب في تبني الاصلاحات الجدية في المملكة .  تنصيب محمد بن سلمان ولي العهد بدلاً من ابن عمه محمد بن نايف تأتي على أثر العلاقات القوية والوطيدة التي يمتلكها الأخير مع قطر والتي كانت سبباً في ابعاده من السلطة ، ويرتبط ارتباطات وثيقة مع امير قطر تميم ، كما بن نايف يعتقد ان العمق الاستراتيجي يجب ان يكون مع دول الخليج تحديداً ، وخصوصاً قطر وليس مع مصر او السودان او جيبوتي ، ناهيك عن الخلافات الحادة بين ابن نايف وبين محمد بن زايد ، فضلا ً عن الصراع على السلطة ، والذي دخل حيز التنفيذ بعد وفاة عبدالله بن عبد العزيز ، والذي يُعتقد أن الاوضاع في السعودية تسير نحو التصعيد بعد تنصيب محمد بن سلمان ولياً للعهد ، إذ ان هذا القرار سيفتح الباب على مصراعيه للصراعات الكبيرة والتي تنذر بمشاكل في داخل المملكة ، تنتهي الى بتقسيم مملكة النفط على اساس العوائل والامراء .  أعتقد وكما يراه أغلب المحللين أن دعم أحد الأميرين للوصول إلى العرش سيعتمد على الإدارة الأمريكية التي ستتولى زمام الأمور ، فالمعيار الوحيد الذي يحكم السياسة الأمريكية الخارجية هو مصلحة الولايات المتحدة فقط ، ويتضح هنا أن كِلا الأميرين يمشي جنبًا إلى جنب مع المصالح الأمريكية ، خصوصاً وأن بن نايف يعد من رجال الولايات المتحدة في مكافحة الارهاب إذ يعد من اهل الخبرة في العالم في هذا المجال ، وبناءً على هذا سيكون اختيار أحدهما مبنيًا على أسلوب الإدارة الأمريكية وقناعاتها في البيت الأبيض. ففي حالة رأت الإدارة الأمريكية أن تقتصر على استخدام القوة المسلحة والبطش الأمني لمواجهة الإرهاب والأخطار التي تهدد الولايات المتحدة فإنه دور بن نايف الذي يجيده. وعلى العكس إذا ما رأت مواجهة المخاطر بحرب فكرية تجفف منابع تلك الأفكار وزرع أفكار مضادة له كالتعايش، وعلمنة المجتمع، وإغلاق المؤسسات التي تنشر الأفكار الجهادية، وتغيير الخطاب الديني، دون بطشة أمنية قوية تشكل حاضنة للأفكار الجهادية؛ فسيقع الاختيار على محمد بن سلمان لما يتمثله من تلك الأفكار ، ولكن في كلا الاحتمالين فان محمد بن سلمان يعد رجل CIA على مدى المنظور القريب في المنطقة .

197
الزرفي يطيح برئيس الجمهورية
محمد حسن الساعدي
الخطوة التي أقدم عليها رئيس الجمهورية برهم صالح كانت بمثابة خطوةً استفزازية خصوصاً لقوى المعارضة للمحورالامريكي الخليجي وذلك بعد ترشيحه لشخصية جدلية كثر عليها التساؤل وعلامات الاستفهام , خصوصاً وان صالح يعلم جيداً أن المرشح يمثل الكتلة الأكبر ولا يمكن تمريره إلا من خلال مصادقة الكتل الشيعية على ذلك , ما يعني الوقوف بوجه القوى الشيعية عموماً , ويعطي انطباعاً ان وراء هذا الاختيار انسجاماً ورغبةً مع أهداف واشنطن والتي تدفع باتجاه هذا الاختيار , حيث تؤكد الأخبار الواردة ان الولايات المتحدة تسعى لإبقاء قواتها في العراق , وهذا ما يأتي منسجما تماماً مع تطلعات الزرفي في سعيه من اجل إبقاء هذه القوات على الأرض العراقية وهذا ما ترفضه قوى محور المعارضة التي تمتلك القاعدة الجماهيرية والشعبية الرافضة لهذا التواجد , والذي سوف يمنع تمريره في داخل قبة البرلمان خصوصاً وان الشعب العراقي يعلم علم اليقين ان الزرفي موظف في البيت الأبيض .
ان عملية تمرير الزرفي داخل البرلمان سوف تفشل , وبقاءه كمرشح مضيعة للوقت خصوصاً بعد تراجع الحكيم عن دعمه وسائرون التي هي الأخرى أبدت تحفظاً وصمتاً تجاهه , ما يعطي انطباعاً ان القوى التي أعطت الضوء الأخضر لترشيح الزرفي لرئاسة الوزراء قد تراجعت عن هذا الترشيح , وتركت المرشح وحيداً دون غطاء سياسي يذكر , لذلك فأن القوى السنية هي الأخرى سوف لن تأيده لعدم تأييده من الكتلة الأكبر إلى جانب الأكراد الذين ينتظرون ويترقبون هذا الصراع , وان عملية إسقاطه ما هي إلا مسألة وقت , خصوصاً بعد رفض رئيس المحكمة الاتحادية العليا قرار المحكمة الاتحادية المؤيد لرئيس الجمهورية في ترشيح الزرفي لرئاسة الوزراء , لذلك فأن رئيس الجمهورية هو الآخر وجد نفسه محرجا أمام هذا الخيار , ربما يتسبب بإنهاء وجوده كرئيس للجمهورية بعد موقفه من الكتلة الأكبر , ومحاولة وضع حجر الأساس لكسر هذه المعادلة في اختيار رئاسة الوزراء للكتلة الأكبر .
الجانب الأمريكي أبدا ارتياحه لهذا الترشيح , من خلال تصريحات وزير الخارجية الأمريكي والذي رحب بهذا الاختيار وقدم الدعم الكبير للولايات المتحدة للمرشح في تسهيل مهمته القادمة , ولكن هذا الدعم لن يشفع للزرفي كما لم يشفع للعبادي من قبل عندما فضل مهاجمة إيران لكسب ود واشنطن ما رفضته قوى المعارضة للمحور الأمريكي والذي أدى الرفض تجديد ولايته لرئاسة الوزراء , ولكن ما جرى فعلاً في هذا الترشيح هو اتساع الهوة بين كتلة البناء وبرهم صالح والذي هو الآخر دخل دائرة الاختلاف وأصبح شخصية جدلية وغير مرغوب به سياسياً , اذا ما علمنا حجم الخلافات داخل الحزب الوطني الكردستاني او الخلاف مع الحزب الديمقراطي الكردستاني , والذي يتمنى خطف هذا المنصب لذلك ربما ستسعى القوى الكردية إلى الإطاحة به سريعاً وهذا ما نراه ربما قريباً في ضل المتغيرات السريعة للمشهد السياسي عموماً .

198
الزرفي خيار السفارة
محمد حسن الساعدي
منذ متى ؟!!
جاءت الرياح بما لا تشتهي السفن ...
هذه الرائعة من روائع المتنبي والتي يتحدث فيها من أن هناك أحداث تأتي لا يتوقعها الجميع , وربما التوقع يأتي ضربا وتأديباً للجميع أو ربما يأتي لتغيير الواقع , وهذا فعلاً ما حدث في اختيار مرشح الكتلة الأكبر ( الشيعة ) للمحافظ السابق ومرشح الحاكم المدني بول بريمر عام 2003 ليكون محافظاً للنجف الاشرف والذي جيء به لأحداث نقلة نوعية في محافظة النجف وتطويرها بما يتلاءم ومكانة المدينة المقدسة , وهذا فعلاً ما حصل فبفضله تم التضييق على طلبة العلوم الدينية أبان حكم القائد الضرورة بحجة الإقامة وحملة الاعتقالات التي حدثت لطلبة العلوم أنذلك , إلى جانب كونه يحمل الجنسية الأمريكية , كما لا ننسى إن له الفضل في تغيير معالم مدينة أمير المؤمنين فكثرت فيها المقاهي ولعب القمار , إلى غيرها من نشاطات مخالفة للقيم والعادات في المدينة المقدسة , وكل هذا يجري بجوار مرقد أمير المؤمنين علي عليه السلام و وجود مقام المرجعية الدينية العليا والحوزة العلمية المباركة وعندما نأتي لتاريخ المرشح نجده فيه الكثير من المحطات اللافتة , وعندما نقارن بين المطالب المشروعة للجمهور والمتظاهرين وبين مواصفاته فلا اعتقد انه يمكن إن يمرر وسيقف عقبة إمام المتظاهرين وليس الكتل السياسية فحسب , فالمرشح كان محافظاً للنجف الاشرف ومجرب من داخل العملية السياسية فهو وكيل الاستخبارات العامة ومن ثم محافظاً ومن ثم أصبح نائباً في البرلمان , ويحمل لون التحزب فقد كان ضمن تشكيلات حزب الدعوة ويتزعم كتلة سياسية ( الوفاء ) إلى جانب كونه جزءاً من المنظومة السياسية الفاسدة التي حكمت البلاد منذ عام 2003 , والشيء المهم انه مرشح جدلي حيث لم يأتي حسب السياقات الوطنية وإجماع وطني بل جاء من خلال اختيار فردي لرئيس الجمهورية برهم صالح .
الشارع العراقي الذي خرج في أكتوبر منذ العام الماضي وان المجرب لا يجرب , وضرورة إن يخضع المرشح لشروط المرجعية الدينية العليا والتي أكدت إن لا يكون جدلياً , وذهبت من اجل هذه المطالب العشرات من الضحايا والآلاف من الجرحى فكيف بنا اليوم وماذا نقول لهذه الدماء التي ضحت من اجل الإصلاح والتغيير .
إن عملية الاختيار لمرشح السفارة الأمريكية شابها الكثير من الشبهات والتساؤلات , لأنها جاءت في ظروف وانعطافات صعبة تمر بها البلاد , خصوصاً مع الفراغ الدستوري بعد استقالة حكومة عبد المهدي إلى جانب انتشار فايروس كورونا وعدم وجود موازنة رسمية للدولة ما يجعل الأوضاع تسير نحو نفق مظلم لا يمكن الخروج منه , وعلى الرغم من إلية اختيار الزرفي واختياره لرئاسة الحكومة القادمة والتي باركها البيت الأبيض على لسان وزير خارجيته الأمر الذي كان متوقعاً تماماً , ولكن يبقى في نفس الوقت يبقى على الكتل السياسية التي تعتقد أنها جاءت لحماية وصيانة العراق وشعبه وان تكون على قدر المسؤولية في اختيار الأصلح وفق إرادة عراقية بعيداً عن فرض الأجندات الخارجية والتي باتت واضحة بعد خروج ألاعب الرئيسي من اللعبة السياسية في البلاد 

199
المنبر الحر / الحرب قادمة ؟!!
« في: 20:02 13/03/2020  »
الحرب قادمة ؟!!
محمد حسن الساعدي
عملت الولايات المتحدة منذ سنين على حكم العالم من خلال السيطرة على الاقتصاد العالمي ككل، وكانت تسعى أن تكون هي صاحبة الفضل الأول في جميع دول العالم،لذلك فهي تحاول اصطناع حرب جديدة من اجل أجبار الصين على الجلوس معها على طاولة الحوار من أجل شراكتها في السيطرة على العالم، ولكن الأخيرة ترفض ذلك، لأنها وبخطواته المدروسة وخلال العقد القادم سيجعل منها القطب الأوحد في قيادة العالم، والسيطرة على اقتصاديات الدول،خصوصاً وان الولايات المتحدة بدأت تنظر إلى الحاجة الفعلية إلى نظام جديد للسيطرة على العالم غير الذي كان مرسوماً في عام 1948، لذلك بدأت تسعى إلى إيجاد الذرائع من اجل الاحتكاك بالصين لإجبارها على الجلوس معها على طاولة واحدة من اجل رسم معالم سيطرة القطبين على العالم .
ما يدور من صراع اقتصادي بين الولايات المتحدة والصين هو بالأساس صراع أسس إستراتيجية ، فبدلاً من تنافس مجمعات التسلح العسكري في عقود سابقة على منح دولها السبق والأفضلية في صدارة التنافس العالمي، انتقلت قيادة السباق إلى شركات التكنولوجيا وعملاقة المعلوماتية والاتصالات مثل "هواوي" الصينية، و"جوجل" و"آبل" الأمريكيتان، وانتقلت مسارح العمليات من الصحارى والبحار والمحيطات وغرف العمليات القتالية إلى أسواق المال والمصارف،وعلى الرغم أن الخبراء والباحثين وكبار الاقتصاديين والساسة يترقبون أي اتفاق أو تفاهم صيني ـ أمريكي حول الخلافات التجارية، فإن فهم بيئة الصراع بشكل دقيق يشير إلى أنه من المستبعد فعلياً أن يثمر أي تفاهم أو توافق تجاري بين القطبين التنافس الشرس القائم بينهما، لأن وتيرة التفوق الاقتصادي الصيني تفوق بمراحل نظيرتها الأمريكية، وبالتالي من البديهي أن تعود أسباب وعوامل الصراع في المجال الاقتصادي بأسرع مما يتوقع الجميع لأن الولايات المتحدة لن تقف مكتوفة الأيدي أمام هيمنة البضائع والسلع والصينية وسيطرتها على الأسواق الأمريكية، لأن هذا الأمر لا يعني فقط تعمق الاختلال في ميزان التبادل التجاري، ولكنه يعني أيضاً ارتفاع معدلات البطالة بين الأمريكيين واتجاه مزيد من الشركات الأمريكية للتصنيع في الصين والاستيراد منها.
أن الأمر اللافت في هذا الصراع أن الولايات المتحدة التي تضع الصين في خانة المنافس والخصم الاستراتيجي منذ أكثر من ثلاثة عقود، قد رفعت مستوى التهديد الصيني في الفترة الأخيرة، حيث كان لافتاً خطاب نائب الرئيس الأمريكي في أكتوبر الماضي حين قال إن الصين اختارت طريق "العدوان الاقتصادي" عوضا عن "الشراكة"، أضف إلى ذلك أن طموحات الصين الإستراتيجية باتت أكثر وضوحاً في السنوات الأخيرة، كما أن أحد جوانب هذا الصراع أنه يمثل منافسة شرسة بين نظامين اقتصاديين مختلفين، أحدهما (الاقتصاد الأمريكي) قائم على السوق الحرة وقواعد الرأسمالية، والآخر (الاقتصاد الصيني) اقتصاد ذا خلفية اشتراكية يدار بآليات مركزية وتتحكم فيه الدولة ولكنه اثبت قدرة هائلة على النمو الاقتصادي اعتماداً على قطاع المعلوماتية والتكنولوجيا، وبالتالي فإن انتصار أي من النموذجين سيؤثر بالتبعية في السياسات الاقتصادية بدول العالم المختلفة ، الحرب التجارية بين البلدين ربما تتفاقم، ولكنها في جميع الأحوال لن تنتهي لأن الاقتصاد بات ساحة الصراع الإستراتيجية الرئيسية بينهما ، وبالتالي فإن العالم مقبل على موجات مد وجزر لهذا الصراع، الذي لن تقتصر تبعاته على الاقتصاد الصيني والأمريكي، بل ستطال العالم أجمع، حيث سيدفع الجميع فاتورة كبيرة للتنافس القطبي مثلما دفع الجميع سابقاً تكلفة الحرب الباردة بين القطبين الأمريكي والسوفيتي ، وان الحرب الاقتصادية قادمة لا محال ، وبمختلف الأسلحة التقليدية .

200
النهوض...إرادة وإدارة .
محمد حسن الساعدي
مرت دولة البرازيل في الثمانينات بأزمة اقتصادية طاحنة، فذهبت إلى صندوق النقد الدولي معتقدة انه الحل لأزماتها الاقتصادية، وحينما قامت بتنفيذ تعليمات البنك المركزي وشروطه المجحفة،مما أدى إلى تسريح ملايين العمال وخفض أجور باقي العاملين وإلغاء الدعم !! ما تسبب بانهيار الاقتصاد البرازيلي ووصل الأمر إلى تدخل دول أخرى في السياسات الداخلية للبرازيل، وفرض البنك الدولي على الدولة أن تضيف إلى دستورها مجموعة من المواد تسببت في اشتعال الأوضاع السياسية الداخلية .. وعلى الرغم من استجابة البرازيل لكل الشروط، تفاقمت الأزمة أكثر فأكثر، وأصبح 1% فقط من البرازيليين يحصلون على نصف الدخل القومي،ووصل ملايين المواطنين تحت خط الفقر، الأمر الذي دفع قادة البرازيل إلى الاقتراض من الصندوق مرة أخرى بواقع 5 مليارات دولار معتقدين انه الطريق للخروج من الأزمة،فتدهورت الأمور أكثر ، وأصبحت البرازيل الدولة الأكثر فساداً وطرد للمهاجرين، والأكبر في معدل الجريمة وتعاطي المخدرات والديون في العالم ، وانهارت العملة ووصل الدولار إلى " ألف كروزيرو" حتى جاء عام 2003 وانتخب البرازيليين رئيسهم "لولا داسلينا" المولود من عائلة فقيرة ذاقت ويلات الجوع والظلم والاعتقال،حيث كان يعمل ماسح أحذية، وعندما وصل إلى الحكم خاف الكل منه، واعتقد رجال الأعمال بان سوف يأخذ أموالهم،واعتقد الشعب البرازيلي أن لافائدة تذكر ، ولكنه لم يفعل ذلك بل قال مقولته الشهيرة " لم ينجح أبداً صندوق النقد الدولي إلا في تدمير البلدان " ووضع ثقله في أربعة أمور(الصناعة.التعدين. الزراعة.التعليم) وعمل على رفع المستوى المعاشي للمواطن البرازيلي من خلال الضرائب على الجميع، ولكن بتسهيلات مالية كبيرة ، الأمر الذي جعل البرازيل تستعيد عافيتها في غضون 8 سنوات ، وبعد انتهاء حكم دسيلنا عام 2011 طالب الشعب بان يستمر ويعدل الدستور ولكنه رفض بشدة وقال كلمته الشهيرة " البرازيل ستنجب مليون ديسلنا... ولكنها تملك دستوراً واحداً" والآن البرازيل تدشن أول غواصة نووية / حيث تعد في المرتبة السادسة في إنتاج الغواصات . أن النهوض بالتخلف ليس بالأمر المستحيل، بل هي إرادة وإدارة واللافت أن هذا الانقلاب الايجابي يحدث خلال 8 سنوات من حكم حاكم عرف ماذا يريد وماذا يفعل ، وهذا ماعملته الهند في التسعينات، وتركيا والبرازيل في عام 2003 ، وهذا ما تعمله الآن أثيوبيا وراوندا، وهذا ما تسعى له كل دولة تريد النهوض ببلدها وشعبها نحو الخير والرفاهية، وهذا ما نشهده في الكثير من البلدان العربية التي شهدت طفرة نوعية كبيرة في اقتصادها لأنها تمتلك الإرادة في تحقيق هذا الانجاز إلى جانب الإدارة الناجحة في عملية التغيير والإصلاح المنشودة، حيث سعت هذه الدول إلى أن يكون من أولى أولوياتها هو تحسين دخل الفرد وبما يحقق الاكتفاء الذاتي له .  العراق بلد الخيرات والثروات البشرية الهائلة ، والذي يمتلك خامس احتياطي في العالم من الإنتاج النفطي، وهو يعيش بين ثنايا نهرين عظيمين هما دجلة والفرات، إلى جانب تاريخه الذي يتصف بأرض السواد،وحضارته الممتدة في بطون التاريخ أمسى بلداً لايمتلك أي مقومات العيش الكريمة، وبات مصدراً للخطر يهدد جيرانه، ومرتع للإرهاب والجريمة والفساد وسرقة المال العام، وأصبح المنصب يباع في الأزقة والشوارع،ومن أراد منصباً في الدولة العراقية فليذهب إلى مكتب السيد الفلاني ليحصل على مايريد لقاء اتفاقات وقومسيونات ومصالح مشتركة بينها، الأمر الذي جعل الدولة تنهار تماماً أمام هذه العصابات وتجار الكراسي الذين خربوا البلاد وأفسدوا العباد، حتى أمسى الشعب العراقي يصنع الأصنام ليعبدها دون عبادة الوطن والأرض، وأصبحت السياسة أكذوبة والعوبة لدى مراهقي السياسة وأطفال الأزقة، دون النظر إلى بناء دولة اقتصادية قوية تمتلك كل هذه المؤهلات في أن تكون لاعب أساسي في المعادلة الإقليمية أو الدولية، وهي رأس الحربة في أي موقف عربي أو إسلامي إلى جانب امتلاكها للقدرة البشرية الهائلة فالشعب العراقي شعباً شبابي يمتلك القدرة على العمل وتطوير بلده ، لان عملية النهوض بالبلاد يحتاج إلى أرادة وعزم وإدارة ناجحة في النهوض بالبلاد ..

201
الى أين تتجه البوصلة ؟!
محمد حسن الساعدي
على الرغم من المساعي الحثيثة التي قام ويقوم بها رئيس الوزراء المكلف في لملمة حكومته، الا انها لاقت الكثير من العثرات في طريق تشكيلها ، خصوصاً وان السيد علاوي لم يكن مطلعاً تماماً الى الخارطة الحقيقية للكتل السياسية في العراق ، ما جعله يتفاجأ بحجم هذه العراقيل ، ومع كل التحذيرات التي قدمها رئيس الوزراء المنتهية ولايته السيد عبد المهدي في حجم العراقيل التي ستعترض تشكيل حكومته الا ان علاوي كان واثقاً من تشكيل الكابينة والسير بها نحو قبة البرلمان ، وعلى الرغم من الحركة السريعة والحثيثة التي قام بها لأقناع الكتل بالمشاركة في الحكومة ، والتصوير للرأي العام انها ستكون مستقلة الا ان الحقيقة على الارض غير هذا كله .
أول العراقيل كانت عند الكرد ، فهم كعادتهم يتحينون الفرص في الوقوف بأي موقف او رأي يتعارض مع مصالحهم ، وهم يعلنون ذلك وليس بالأمر المفاجئ ، فأعلنوا عدم القبول بهذه الحكومة ، وذلك بسبب عدم وجود لون لهم فيها ، وتصريح بارزاني الاخير يعطي الانطباع الحقيقي للموقف ، خصوصاً أن هناك معركة داخلية بين الحزبين المخضرمين (الجمهوري –الديمقراطي) في كردستان ، ومحاولة الجمهوري أخذ الفرصة والمبادرة على حساب الديمقراطي وتجلى ذلك من خلال رئيس الجمهورية السيد برهم صالح ، والاتفاق غير المعلن مع مقتدى الصدر في تمرير هذه الحكومة باي ثمناً كان ، ما انعكس بالفعل على الموقف عموماً في رفض حكومة علاوي ، والوقوف بوجه محاولات تشكيلها كأمر واقع .
الموقف السني ليس بالأفضل من الكرد ، فالسنة العرب  عموماً رافضين حكومة علاوي ، وعلى الاقل قبل فترة كانوا النصف رافضين لها ، ولكن الان يبدو ان الرفض جاء عموماً ، خصوصاً مع تصريح الخنجر ، والذي جاء متضامناً مع موقف الكرد في ضرورة ان يكون هناك لون في هذه الحكومة ، الى جانب دخول لاعب مؤثر على الساحة السنية الا وهو الحلبوسي الذي يبدو انه مجهز بالعدة والعدد من اجل أخذ زمام المبادرة ليكون قائداً للوضع السني عموماً في البلاد ، وإذا ما علمنا ان هناك نوايا خارجية تحاول ان يكون السنة حاضرين في صنع أي قرار يخص رئاسة الوزراء ، والدخول في منتصف قرار الاغلبية والمتمثلة بالمكون الشيعي والذي يعتبر الكتلة الاكبر من حيث العدد في البرلمان .
الوضع الشيعي يبدو بائساً جداً، خصوصاً بعد الانتخابات البرلمانية والمشبوهة التي جاءت مؤخراً ، ليلعب اللاعب الرئيسي على الجميع ، ويأخذ زمام المبادرة وبالقوة ، ليسير نحو السيطرة على المشهد برمته ، وهذا ما تجلى من خلال دفع علاوي سراً نحو رئاسة الوزراء ، ولكن في العلن الوقوف مع المتظاهرين والدفاع عنهم وعن مطالبهم ، وهذا ما كشفه الجمهور ولكن متاخراً في كون هذا اللاعب بات مسيطراً على القرار والموقف ، ويبقى الشيعة يقفون موقف المتفرج ، في أتخاذ أي قرار بهذا الجانب ، الى جانب التشرذم الواضح في داخل هذه الكتل السياسية ، والذي انعكس بالسلب على الواقع السياسي ، ما جعل هذا الواقع مفتوح على التأثيرات الخارجية ،سواءً من الوضع الاقليمي او الدولي ، وجعل الارضية منبسطة لأي تغيير محتمل .
يبقى شي اخير ...
الواقع السياسي العراقي لايتحمل أي تغييرات ، لان الارضية هشة جداً ، والوضع الشيعي غير متماسك ، والارهاب بدأ يتحين الفرص ويهدد ، ويرصد التحركان لنقض بسرعة ، وبدأت حرباً اخرى هي "حرب الفايروسات" ما جعل الموقف صعباً ، وينبغي اتخاذ الموقف الصحيح والحاسم ، وعلى الرغم من كل المحاولات في تحريك عجلة الاصلاح الا ان شعار الاصلاح بات جسراً للفاسدين ، والذين يرفعونه عالياً ويسرقون تحت رايته ، كما ليس من المتوقع ان يكون هناك أي تغيير سواءً الآن او في حكومة محمد توفيق علاوي ، لذلك يبقى على الجميع تحمل مسؤولياتهم في البحث فعلاً عن شخصية مستقلة تكون ممراً سهلاً لأي توافق إقليمي ودولي قادم في العراق ، لان البوصلة بدأت بالانحراف نحو إعادة مسلسل 2003 ، وهذا ما لا يدركه الجميع .

202
حكومة علاوي ...وتحديات المرحلة ؟!!
محمد حسن الساعدي
منذ بدأت اللحظات الأولى لتشكيل حكومة السيد علاوي وهي تواجه التحديات تلو التحديات،خصوصاً من الكتل السياسية والتي تسعى بكافة الوسائل من اجل ضمان حصتها من حكومته، وفي نفس الوقت يبدو أن وسائل الأعلام أنها تركت الأمر له لاختيار كابينته الوزارية،ولكن في نفس الوقت تمارس الضغوط عليه من أجل الحصول على مكانها في حكومته،مايجعل الأمر يبدو مقلقاً للوضع السياسي برمته،وفي نفس الوقت تحاول هذه الكتل السياسية إلقاء أي فشل للحكومة القادمة عليها دون تحمل أي سيئة إزاءها،ما يمثل تلاعباً بمصير العملية السياسية برمتها،إلى جانب الأوضاع السياسية التي هي الأخرى تعاني من الانزلاق والتوتر بين الحينة والأخرى،وباتت تعاني السقوط الوشيك في أكثر من مناسبة ، إلى جانب الانغلاقات المتكررة التي أصابت العملية السياسية وأدخلتها في نفق مظلم، ما يدعو إلى القلق من مديات نجاحها في المستقبل . أهم العقبات التي تواجه حكومة السيد علاوي هو الوضع الدولي الذي جعل العراق محور سطوته في المنطقة ، ونظرته إلى العراق كبلد لم يتمكن من بسط سطوته وسيطرته على دولته وسيادته، وبات في مهب الريح لأكثر من محنة وموقف ، وبات ساحة صراع وحرب للقوى الإقليمية والدولية والتي باتت هي الأخرى على شفا حرباً واسعة تكون ساحتها العراق ، ووقودها الشعب العراقي والذي هو الآخر بات رهين المعادلات السياسية ، وتجاذب التيارات السياسية، إلى جانب عدم امتلاكها لخارطة مشاريع الإصلاح والتغيير ، إلى جانب عدم امتلاكها تصوراً كافياً وواضحاً لمعاناة الشعب ، والتي تعد الدعامة الأساسية لكل ديمقراطية، والسعي الجاد من اجل التأسيس لثقافة جديدة تستوعب كل مقومات المجتمع والدولة، والذهاب نحو تقوية النخبة باعتبارها الحجر الأساس لأي عملية بناء وإصلاح سياسي قادم،وما عدا ذلك فهو ليس سوى ترقيعات للأوضاع، وتكريس للتجارب السابقة المريرة والفاشلة، وتجاوز حالة الانقسام ، وتنظيم حالة الخلاف السائدة نحو انتخابات نزيهة يكون للكفاءات دور فيها وللمخلصين مكان لهم في المرحلة القادمة .

203
الجسد قربان الشهادة ؟!
محمد حسن الساعدي
أن مفهوم الشهادة من المفاهيم الإسلامية التي أكدت عليها الكتب السماوية ، فهي تعني الحضور، والشهود، والقتل في سبيل الله. وقد وردت كلمة الشهادة في المصطلح القرآني بمعنى القتل في سبيل الله: {وَلاَ تَقُولُوا لِمَنْ يُقْتَلُ فِي سَبِيلِ اللَّهِ أَمْوَاتٌ بَلْ أَحْيَاءٌ وَلَكِنْ لاَ تَشْعُرُونَ}(البقرة/154)، وجاء في آية أخرى: {إِنَّ اللَّهَ اشْتَرَى مِنْ الْمُؤْمِنِينَ أَنفُسَهُمْ وَأَمْوَالَهُمْ بِأَنَّ لَهُمْ الْجَنَّةَ يُقَاتِلُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَيَقْتُلُونَ وَيُقْتَلُونَ…}(التوبة/111).
فهذا الفداء والتضحية بالنفس في سبيل الله والدين، غاية فلاح المؤمن. ومن يضحي بنفسه في سبيل الدين ينال الفوز والخلود في الآخرة، وتكون شهادته مثالا وأسوة يحتذي بها الآخرون. كانت سمية أمُّ عمار أول شهيدة في الإسلام قُتلت برمح أبي جهل تحت طائلة التعذيب. واستشهد من بعدها مسلمون آخرون منهم من قتل تحت التعذيب ومنهم من قتل أثناء المعارك ضد المشركين، ومنهم من قتل دفاعا عن الحق عند مواجهة حكام الجور، وكانوا بأجمعهم أسوة يقتدي بهم الأحرار على مدى الأيام.
أما سبب تسمية مثل هذه الميتة بالشهادة فقد قيل: "لأن ملائكة الرحمة تشهده فهو شهيد بمعنى مشهود؛ وقيل: لأن الله وملائكته شهود له في الجنة؛ وقيل: لأنه ممن يشهد يوم القيامة مع النبي صلى الله عليه وآله على الأمم الخالية؛ وقيل لأنه لم يمت كأنه شاهد أي حاضر(مجمع البحرين، كلمة "شهد")، استنادا إلى الآية الشريفة: {..أَحْيَاءٌ عِنْدَ رَبِّهِمْ يُرْزَقُونَ}(آل عمران/169).
أن لفيض الشهادة قيمة كبيرة حتى أن أولياء الدين طالما يسألون ربّهم أن يجعلها من نصيبهم. ونحن كثيرا ما نسأل الله في أدعيتنا أن يكتب لنا الشهادة. وقد وردت روايات كثيرة في فضل الشهادة ومكانة الشهيد. فقد قال رسول الله صلى الله عليه وآله: "فوق ذي كل بِرّ بِرّ حتى يقتل الرجل في سبيل الله، فإذا قتل في سبيل الله، فليس فوقه بِرّ" (بحار الأنوار 97: 10).
وجاء في الأحاديث أن الشهادة أفضل الموت، وقطرة دم الشهيد من أفضل القطرات، والشهادة تمحو الذنوب، والشهيد في أمان من سؤال القبر، وضغطة القبر، وهو في الجنّة مع الحور العين، وللشهيد حق الشفاعة، والشهداء أول من يدخلون الجنة، والجميع يغبط الشهيد على مكانته (راجع الروايات المتعلقة بالشهادة وفضيلة الشهداء في المصادر التالية: بحار الأنوار 97، وسائل الشيعة 11، ميزان الحكمة 5، كنز المال 4).
اعتبر الشيخ المفيد الشهادة مقاما رفيعا، ومن يصبر ويقاوم في سبيل الله حتى يراق دمه يصبح يوم القيامة من أمناء الله ذوي المرتبة السامية (أوائل المقالات للشيخ المفيد: 114). ومن جملة خصائص الشهيد النظر إلى وجه الله؛ وهذا ما ينفي البعد القذر من وجوده ويرتفع به إلى مرحلة الخلود والقداسة في ظل الشهادة.
الشهادة في مدرسة الوحي مطلوبة ومحبوبة، وقُضى جميع الأئمة بين قتيل أو مسموم، وكان موتهم الشهادة. ومع أن نفوس الأئمة وأولياء الله وعبادة المخلصين عزيزة، لكن دين الله أعز وأغلى. وعلى هذا يجب التضحية بالنفس في سبيل الله، ليسود الحق وهذا هو "سبيل الله".
توافرت ظروف في عهد سيد الشهداء جعلت من غير الممكن إيقاظ الأمة إلا بالتضحية والشهادة. ولم يكن من اليسير أن تنمو شجرة الدين إلا بدماء أعز الناس. وهذا ما جعل الإمام وأصحابه الشهداء يواجهون السيوف والرماح بوعي واندفاع لكي يبقى الإسلام بموتهم الدامي طريا يانعا. وظلت هذه السنة قائمة على مدى التاريخ، وأصبحت الشهادة درسا كبيرا وخالدا لكل الأجيال والعصور.
ومن يتمكن بلوغ هذه المرتبة بحيث يقطع جميع العلائق الدنيوية، تدفعه محبة الحياة الخالدة إلى اختيار الشهادة. ومن البديهي أن اجتياز هذه الموانع والوصول إلى مرحلة التحرر من جميع القيود الدنيوية يتطلب درجة عالية من الإيمان. ولهذا السبب

204
الجسد قربان الشهادة ؟!
محمد حسن الساعدي
أن مفهوم الشهادة من المفاهيم الإسلامية التي أكدت عليها الكتب السماوية ، فهي تعني الحضور، والشهود، والقتل في سبيل الله. وقد وردت كلمة الشهادة في المصطلح القرآني بمعنى القتل في سبيل الله: {وَلاَ تَقُولُوا لِمَنْ يُقْتَلُ فِي سَبِيلِ اللَّهِ أَمْوَاتٌ بَلْ أَحْيَاءٌ وَلَكِنْ لاَ تَشْعُرُونَ}(البقرة/154)، وجاء في آية أخرى: {إِنَّ اللَّهَ اشْتَرَى مِنْ الْمُؤْمِنِينَ أَنفُسَهُمْ وَأَمْوَالَهُمْ بِأَنَّ لَهُمْ الْجَنَّةَ يُقَاتِلُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَيَقْتُلُونَ وَيُقْتَلُونَ…}(التوبة/111).
فهذا الفداء والتضحية بالنفس في سبيل الله والدين، غاية فلاح المؤمن. ومن يضحي بنفسه في سبيل الدين ينال الفوز والخلود في الآخرة، وتكون شهادته مثالا وأسوة يحتذي بها الآخرون. كانت سمية أمُّ عمار أول شهيدة في الإسلام قُتلت برمح أبي جهل تحت طائلة التعذيب. واستشهد من بعدها مسلمون آخرون منهم من قتل تحت التعذيب ومنهم من قتل أثناء المعارك ضد المشركين، ومنهم من قتل دفاعا عن الحق عند مواجهة حكام الجور، وكانوا بأجمعهم أسوة يقتدي بهم الأحرار على مدى الأيام.
أما سبب تسمية مثل هذه الميتة بالشهادة فقد قيل: "لأن ملائكة الرحمة تشهده فهو شهيد بمعنى مشهود؛ وقيل: لأن الله وملائكته شهود له في الجنة؛ وقيل: لأنه ممن يشهد يوم القيامة مع النبي صلى الله عليه وآله على الأمم الخالية؛ وقيل لأنه لم يمت كأنه شاهد أي حاضر(مجمع البحرين، كلمة "شهد")، استنادا إلى الآية الشريفة: {..أَحْيَاءٌ عِنْدَ رَبِّهِمْ يُرْزَقُونَ}(آل عمران/169).
أن لفيض الشهادة قيمة كبيرة حتى أن أولياء الدين طالما يسألون ربّهم أن يجعلها من نصيبهم. ونحن كثيرا ما نسأل الله في أدعيتنا أن يكتب لنا الشهادة. وقد وردت روايات كثيرة في فضل الشهادة ومكانة الشهيد. فقد قال رسول الله صلى الله عليه وآله: "فوق ذي كل بِرّ بِرّ حتى يقتل الرجل في سبيل الله، فإذا قتل في سبيل الله، فليس فوقه بِرّ" (بحار الأنوار 97: 10).
وجاء في الأحاديث أن الشهادة أفضل الموت، وقطرة دم الشهيد من أفضل القطرات، والشهادة تمحو الذنوب، والشهيد في أمان من سؤال القبر، وضغطة القبر، وهو في الجنّة مع الحور العين، وللشهيد حق الشفاعة، والشهداء أول من يدخلون الجنة، والجميع يغبط الشهيد على مكانته (راجع الروايات المتعلقة بالشهادة وفضيلة الشهداء في المصادر التالية: بحار الأنوار 97، وسائل الشيعة 11، ميزان الحكمة 5، كنز المال 4).
اعتبر الشيخ المفيد الشهادة مقاما رفيعا، ومن يصبر ويقاوم في سبيل الله حتى يراق دمه يصبح يوم القيامة من أمناء الله ذوي المرتبة السامية (أوائل المقالات للشيخ المفيد: 114). ومن جملة خصائص الشهيد النظر إلى وجه الله؛ وهذا ما ينفي البعد القذر من وجوده ويرتفع به إلى مرحلة الخلود والقداسة في ظل الشهادة.
الشهادة في مدرسة الوحي مطلوبة ومحبوبة، وقُضى جميع الأئمة بين قتيل أو مسموم، وكان موتهم الشهادة. ومع أن نفوس الأئمة وأولياء الله وعبادة المخلصين عزيزة، لكن دين الله أعز وأغلى. وعلى هذا يجب التضحية بالنفس في سبيل الله، ليسود الحق وهذا هو "سبيل الله".
توافرت ظروف في عهد سيد الشهداء جعلت من غير الممكن إيقاظ الأمة إلا بالتضحية والشهادة. ولم يكن من اليسير أن تنمو شجرة الدين إلا بدماء أعز الناس. وهذا ما جعل الإمام وأصحابه الشهداء يواجهون السيوف والرماح بوعي واندفاع لكي يبقى الإسلام بموتهم الدامي طريا يانعا. وظلت هذه السنة قائمة على مدى التاريخ، وأصبحت الشهادة درسا كبيرا وخالدا لكل الأجيال والعصور.
ومن يتمكن بلوغ هذه المرتبة بحيث يقطع جميع العلائق الدنيوية، تدفعه محبة الحياة الخالدة إلى اختيار الشهادة. ومن البديهي أن اجتياز هذه الموانع والوصول إلى مرحلة التحرر من جميع القيود الدنيوية يتطلب درجة عالية من الإيمان. ولهذا السبب

205
شهيد يتحدث عن شهادته ؟!!
محمد حسن الساعدي
لقد حضي الشهيد بالتكريم والتبجيل لما خصه به الله من مكانة حميدة ، وعرفان له لما قدمت يداه من تضحيات جسام فهو الذي لبى وضحى بالروح والجسد دفاعا عن الوطن والحرية والشرف صادقا عهده ولم يبدل تبديلا ، كما ان الاحتفاء يأتي انطلاقا من قناعة بأن مقام الشهيد في أعلى مقامات التبجيل والتذكير والأيام الوطنية والعالمية التي تعود شعبنا أن يحتفل بها على المستوى الرسمي والشعبي ونظرا لأن مكانة الشهيد معززة عند الله وعند البشر لأنه هو الوقود الذي أشعل لهيب الحرية وهو المصباح الذي أنار درب السيادة والاستقلال وبالنظر إلى أن الشهيد يبقى في كل الأزمان المتعاقبة رمزا للحرية والكرامة التي ينعم بها الشعب حاضرا ومستقبلا وبالنظر إلى أن الشعب العراقي قدم قوافل الشهداء الأبرار قربانا إلى مذبح الحرية من هنا فأن الهدف والغاية المقصودة من وراء اعتبار يوما وطنيا للشهيد إنما هو من أجل ترسيخ قيمة الشهيد وعظمة تضحياته في مقدمة هذا الشعب من أجل الحرية .
الاحتفال بذكريات العظماء وفاء, و أي وفاء .. لأنهم وفوا بما عاهدوا عليه الله و الشعب و النفس, و حققوا أمانيهم بخاتمة الاستشهاد.. فالذكرى لا تقام من أجلهم كأشخاص, و لا من أجل الذكرى, بل تقام, لأن حياتهم جزء من تاريخ هذا الوطن العظيم, فتذكرهم و إقامة الذكريات لهم تذكير للأجيال على مدى العصور, بما قدمه أجدادهم و آباؤهم من تضحيات غالية, كي يتحرر الوطن, و يسعد أبناؤه, و ينعموا بالحرية فوق أرضهم..
إن وراء كل عظيم من عظمائنا قصة, و بطولة, و أمجاد تعتز بها أجيال الغد, و تتباهى بسجلها الذهبي الثري بالرجال و الأبطال, و قد كان لنا هذا السجل في ماضينا, و لكن أيادي المستعمر عاثت فيه حرقا و فسادا, و أيدناه نحن بصمتنا, و تجاهلنا... و ها هو جيل ما بعد الاستقلال يقارن بين سجلات الشعوب الأخرى و سجلنا, فيرى هذا هزيلا جدا ... و لولا ثورة التحرير لكان تاريخ رجالنا و سجل حياتهم أهزل سجل في الوجود.
كانت حصة علماء الشيعة كبيرة ، وكانت تصفية المراجع الكبار أبتداءً من الأمام الخوئي والشهيدين الصدرين،إلى باقي العلماء وتدميره وحاربته للمدن المقدسة في البلاد إلى نيله من آل الحكيم حيث أستشهد أكثر من 19عالماً وفقيهاً من أسرة واحدة وفي مقدمتهم السيد مهدي الحكيم والذي كان سفيراً لمرجعية والده الإمام محسن الحكيم (قدس)، وغيرهم من علماء وفقهاء ومفكرين كان لهم الفضل في حماية المجتمع من التفكك والانهيار، كما عمد النظام السابق على استهداف الحوزة العلمية في الندف الاشرف من خلال زرع عملاءه وجواسيسه في داخل بيوتات ومكاتب المراجع ومدارس الحوزة العلمية بما يحقق أهدافه وغاياته الخبيثة في إسكات صوت الحق وإنهاء دور أي صوت يختلف مع صوت الديكتاتورية والتسلط والظلم.   
لقد مارست الأنظمة القمعية أبشع أنواع الظلم والقمع ضد أبناء الشعب العراقي،فعمدت إلى سحق وجوده،م وتمزيق أواصره ،بل أكثر من ذلك أوجدت الفرقة بين مذاهبه وقومياته وبما يضمن سيادته على الجميع وفق مبدأ"فرق تسد" وأول ما أستهدف هذا النظام القمعي هم العلماء والمراجع والمفكرين في كل المذهبين ( السني والشيعي) على حد سواء، فمن استهداف الشيخ عبد العزيز البدري إلى بقية العلماء السنة الذين سحقتهم ماكينة البعث الدموية والتي تسلطت على رقاب الشعب العراقي لأكثر من أربع عقود، وكان يهدف من هذا الاستهداف لعلماء الدين إفراغ الأمة الإسلامية من علماءها وفقهاءها ومفكريها لتسود الظلمة بلاد الرافدين، ويعيش العشب العراقي في نفق مظلم يسوده الظلم والجهل والتخلف، إلى جانب تحقيق أهدافه في إنهاء أي وجود للعلم والعلماء .

206

الـــى اين يمضي العراق ؟!
محمد حسن الساعدي
يشهد العراق فوضى أمنية وسياسية ، وحرباً عالمية كبرى تقودها القوى الإقليمية والدولية والتي حصدت وتحصد عشرات الأرواح يومياً ولدوافع طائفية وسياسية ، وصراع الاجندات التي لم تخلف سوى الأزمات لتعيش البلاد في طاحونة الاحتقان والاقتتال اليومي ، والذي يأتي بالاتساق مع الأهداف الامريكية السرية منها او المعلنة وهي تقسيم العراق وتركه يلاقي مصيره المجهول .
سعى الأمريكان ومنذ زمن طويل الى إعداد خارطة جديدة للشرق الأوسط والتي جزء من هذه الخريطة هو العراق ، حيث تمت عملية التهيئة والاعداد من خلال الغزو الذي قادته الولايات المتحدة ضد العراق بذريعة تحقيق الديمقراطية وتخليص الشعب العراقي من الديكتاتورية التي حكمت لأربع قرون بالحديد والنار ، بيد ان النظام البعثي كان احد اسباب هذا الغزو حيث سهّل ومهّد لغزو العراق وتسليمه أرضاً محترقة ، لا يملك اي مقومات الدولة .
بعد سقوط النظام سعت القوى الغربية وفي مقدمتها الولايات المتحدة الى تنفيذ مخطط سايكس بيكو جديد على الوطن العربي من خلال ثورة وهمية أسموها فيما بعد "الربيع العربي" في محاولة منهم في مقل المعركة الى ارض المسلمين لتكون بين "الاسلام والمسلمين " وغيرها من الدول العربية محاولة في ايجاد صراعات داخلية تدخل البلاد في نفق مظلم ونهاية مجهولة ، وبالفعل تغيّرت المعادلة وتحولت المعركة الى ارض المسلمين انفسهم وهي الخطوة الاولى نحو تغيير خارطة المنطقة العربية الى "الشرق الأوسط الجديد " .
العراق الذي هو جزء مهم من المنظومة العربية ، وحلقة وصل ضمن معادلة التوازن الإقليمي والدولي كونه يمثل بوابة الشرق الأوسط ومدخل الوطن العربي الشرقي لهذا يتوجب على المخطط الاستراتيجي عند وضعه خطة تقسيم العراق ضرورة قراءة الوضع العراقي قراءة موضوعية وبمعزل عن تركه منطقة رخوة تؤدي الى انفلات أمني خطير ينعكس بالسلب على مجمل الوضع الامني العربي وبالتالي تهديد مصالح القوى الغربية والأمريكية بالخصوص في المنطقة .
الشيء المهم ان اي محاولة لتقسيم العراق ستؤثر على الحركة الديمغرافية للمنطقة برمتها من خلق فوضى أمنية وذات ابعاد عرقية وطائفية قد تصل مدياتها ابعد ما يمكن تصوره ، كما ان يتجه الى غالبية البلدان العربية والتي ترتبط مع الولايات المتحدة بمصالح استراتيجية حيوية ، الامر الذي يؤدي الى فوضى شاملة لا يمكن توقفها او ايقافها ، والذي يجعل عموم المنطقة ساحة حرب مفتوحة مع الجميع وبين الجميع ووقودها أمريكي الصنع .
كما ان العراق بلد نفطي واحد مصادر الطاقة في العالم ، لهذا ليس من الممكن للغرب الا ان يكون أرضاً صلبة مستقرة سياسياً وعسكرياً واقتصادياً ، كما يجب ان يكون دولة قوية موحدة لان اي مخطط لتجزئته سيكون كارثة على مجمل الوضع في المنطقة ، خصوصاً ان الشعب العراقي منقسم ومتنوع الطوائف والإثنيات ، مع وجود الترابط في العلاقات الاجتماعية بين مختلف المكونات لهذا من الصعب تفكيكه او تقسيمه ، كما ان الشعب العراقي يتميز بكونه شعباً يحمل حساً عاطفي عندما يشعر انه مهدد فان ردة فعله ستكون مفاجأة للخصوم وتكون شرسة ، ولايمكن تحديد مدى وقوفها او توقفها .
لهذا مهما تحاول القوى الغربية او الدوائر المغلقة في الولايات المتحدة فرض الامر الواقع على الشعب العراقي فانه ليس من الممكن ذلك ، لذلك تسعى هذه القوى الى تنفيذ الخطة (ب) وهي تغذية الانقسامات والصراعات السياسية وتغذية النعرات الطائفية بين المكونات خصوصاً ( الشيعية -السنية) واشعالها وجعلها مستعرة دائماً ، بل جعل الامر فيه شرخ لا يمكن إهماله او نسيانه وما خلفت حقداً وشرخاً لايمكن بسهولة نسيانه خصوصاً وان مرتكبي هذه المجازر هم أشخاص معلومين ولم يكونوا طارئين او قادمين من خارج البلاد ، وبالتالي دفع المجتمع العراقي نحو التخندق الطائفي والعراقي الذي بات يهدد الشعب العراقي وجوداً ومستقبلاً .

207
الإقليم السني في سطور صفقة القرن ؟!!


محمد حسن الساعدي
مايجري من احداث في المنطقة العربية عموماً مرتبط ارتباطاً وثيق بصفقة القرن التي دعها اليها الرئيس الامريكي ( دونالد ترامب ) حيث اخر ما تم الكشف عنه في داخل هذه الصفقة المشبوهة هو اقليم غرب العراق والذي يعد تمهيداً لأسكان اللاجئين الفلسطينيين بعد اقامته , حيث سيقوم على اقامة هذا الاقليم في غرب العراق وعلى ثلاث محافظات ( الانبار , صلاح الدين , الموصل ) حيث تؤكد التقارير في المواقع الاخبارية العالمية ان احد بنود صفقة القرن انتقلت الى العراق , وبات هذا البلد يواجه خطر التقسيم بعد ما كان دولة قوية تتمتع بالاستقلال .
خطوات هذا التقسيم بدأت في العراق , حيث دعت السعودية الى اجتماع لرجال الاعمال وسياسيين سنة عراقيين في السفارة السعودية بعمان , وكان يقود الاجتماع الوزير السابق ثامر السبهان والذي يعد رجل مهمات محمد بن سلمان الخاصة , حيث تضمن هذا الاجتماع الدفع بأتجاه اقامة اقليم سني وتقديم كافة انواع الدعم لأقامته ويتمتع بحكم ذاتي , كما هو الحال عليه في اقليم كردستان , حيث ان قيام مثل هكذا اقليم يحتاج الى ايادي عاملة كبيرة وهذا ما سيوفره اللاجئون الفلسطينيون , وهذا ما يتناسب مع مخططات ترامب التوسعية في المنطقة وتنفيذ خارطة الطريق التي باتت تعرف بأسم صفقة القرن وتهدف بالاساس الى تخليص اسرائيل من مشكلة الاجئين الفلسطينيين , ولكن هذا الامر لم يرق للاردنيين في استخدام السفارة السعودية في عمان كمحطة لقاء لتقسيم العراق مما اضطر السلطات الاردنية ابلاغ العراق بهذا الاجتماع , الامر الذي اثار حفيظة العراق مما اضطره الى مفاتحة السعودية وانعكس ذلك من خلال اللقاء الذي جرى مع ولي العهد السعودي ورئيس الوزراء عادل عبد المهدي , وعندما تمت مواجهة بن سلمان بهذا الاجتماع انكر كعادته واعرب عن استغرابه بمثل هذا الكلام بقوله انه كلام فارغ , ومع ذلك استمرت الاجتماعات حيث عقد هذه المرة اجتماع اكبر في عمان وحضره ممثلون عن الولايات المتحدة واسرائيل اذ قدم هذا الاجتماع دعماً كاملاً للحلبوسي رئيس البرلمان العراقي في جهوده ضد الحكومة لأضعافها , الى جانب خطواته في اقامة الاقليم السني والذي هو الاخر تم تسريبه الى الحكومة العراقية , والتي ارسلت بدورها مبعوثاً امنياً الى السعودية , حيث تشير التقارير ان هذا الاجتماع ساده التوتر والمواجهة مع الجانب السعودي , لذلك كانت السعودية جادة في موقفها الداعم لأقامة الاقليم السني وتنفيذ خطوات صفقة القرن والتي جزء منها العراق , واستمرت الاجتماعات التحضيرية حيث عقد الاجتماع هذه المرة في دبي وكان الحلبوسي حاضراً بجانب عدد من اعضاء البرلمان السنة وحضور مدير فضائية الشرقية سعد البزاز الذي يمتلك الدعم المالي لأسقاط العملية السياسية في العراق اعلامياً , الى ذلك يستمر مسلسل المؤامرات على العراق وشعبه وتقسيم واضعاف وانهاء وتفكيك المجتمع العراقي بما يحقق الاهداف التي اتحد عليها ( أمريكا ـ إسرائيل ) وكل هذا يدخل في مصلحة قوة وتوسيع النفوذ اليهودي في المنطقة عموماً .
ختاماً ...
هذه المخططات وغيرها من مؤامرات لا يمكن لها ان تتحرك اكثر من ذلك لان العراق يمتلك منظومة دعم كبيرة وهائلة فهناك المرجعية الدينية العليا والتي تمسك بالعراق ارضاً وشعباً وتمتلك الوعي الكامل للوقوف بوجه المؤامرات الخبيثة ضد البلاد , الى جانب وجود المنظومة العسكرية واهمها الحشد الشعبي الذي يعد صمام الامان للعراق وشعبه , لذلك ستسقط هذه المؤامرات ويبقى صوت العراق عالياً موحداً .

208
المنبر الحر / السيادة في الصدارة
« في: 20:20 03/02/2020  »
السيادة في الصدارة
محمد حسن الساعدي
سعت المرجعية منذ عام 2003 الى اعادة توجيه العملية السياسية وفق ما يحقق رغبات الشعب العراقي في اختيار شكل النظام السياسي واختيار ممثليهم في مجلس النواب العراقي , وتشكيل حكومة وطنية تمثل كل اطياف الشعب العراقي , وتحقق ذلك فعلاً واصبح هناك تمثيل حتى للاقليات في البلاد , وسعت المرجعية الدينية بكل ما تملك من مكانة في المجتمع العراقي في ترسيخ مبدأ المواطنة وسيادة التعايش السلمي بين جميع المكونات, وتحقيق العدالة والمساوات التي حرم منها الشعب العراقي طيلة 40 عام مضى من حكم النظام المستبد والذي دمر البنى الاساسية للشعب العراقي وسحق روابطه الاجتماعية , وزرع التفرقة بين ابناءه وسيادة الحكم الواحد والديكتاتورية التي جعلت من العراق ساحة حرب الى يومنا هذا .
الخطاب الاسبوعي للمرجعية الدينية العليا والذي يلقى من خلال منبر الجمعة يعكس الرؤية الحقيقية لها ويمثل خارطة الطريق وحل المشاكل في البلاد وان هذه الرسائل تمثل نبض الشارع وصوته في المطالبة بالحقوق , لهذا يعد صوتها العاكس لهموم ومعاناة المجتمع العراقي ومطالبه المشروعة بالعيش الكريم في وطنهم وتحقيق التعهدات التي اقرتها الحكومات المتعاقبة على نفسها في تحقيقها لابناء المجتمع , ولو كان فعلاً صدى صوت المرجعية يصل ويسمع من هذه الحكومات لكنا اليوم اسرع الدول في التقدم والرقي والازدهار , ولكنا اليوم نعيش حياة الاستقرار السياسي والاقتصادي والاجتماعي , ولكن المصالح الحزبية والفئوية كانت المسيطرة والمتسلطة فأمسى الفساد كالاخطبوط الذي يمتلك اذرع في كل مفاصل الدولة ومؤسساتها ويعتاش على الفاسدين ويدمر ماتبقى من اركان مؤسسات الدولة .
يبقى شيء اخير ستبقى المرجعية الدينية صوت الشعب العراقي , وستكون السند الحقيقي له في المطالبة بحقوقه , وما التظاهرات السلمية الا احد مظاهر هذا الدعم حيث وقفت بكل ثقلها مع هذه التظاهرات السلمية التي طالبت بالقصاص من الفاسدين في مؤسسات الدولة ومحاربة الفساد اين ما كان وكيف ما كان الى جانب تأكيدها وتركيزها على ان القرار ينبغي ان يكون عراقياً بأمتياز , لا يتأثر بالضغوط الإقليمية والدولية , وان يصار الى بناء دولة المؤسسات وفق الية مهنية وشفافة عبر اختيار حكومة تكون راضية ومرضية عند الجمهور ( غير جدلية ) لتلبي مطالب الشعب العراقي وتسعى جاهدة الى استرداد سيادته , دون تدخل او تأثير على القرارات السيادية والمصيرية للبلاد .

209
الإعلام الموجه وقيادة العقل الجمعي !!
محمد حسن الساعدي
مارس الاعلام قديماً دوراً بارزاً ومهماً في الكثير من الاحداث التي مرت على البشرية , وعلى مدى قرون من الحضارات نشاهد كيف ان الاعلام استطاع من قلب الموازين على الارض , واسقط الكثير من الحكام فهو وسيلة لتوجيه الرأي العام نحو الهدف ولكن بأسلوب نزيه وشريف , وليس بأسلوب شراء الذمم وتوجيه العقلية المجتمعية وفق هذه الأجندات في حين يسقط الكثيرين من السذج او ممن لا يملكون بوصلة مطالبهم في عقر هذا الإعلام ويبدأ هنا التوجيه كلاً حسب قناعاته التي استنتجها من هذه الحادثة او تلك لتبدأ مرحلة ثانية هي مرحلة التأويلات والتفسيرات ليكتمل الحدث ذو اللحظة بفيلم لا نهاية له , وحسب كل مشاهد يضع الإحداث التي يريدها لهذا الحدث , وهنا لا بد من الاشارة الى ان الاعلام في عراق مابعد 2003 اصبح يسير وفق الاهواء الحزبية والشخصية والعائلية , فـاصبحت الفضائيات ملكاً لشخوص وتمارس الترويج لهذه الشخوص بعيداً عن المهنية والحيادية في الطرح , خصوصاً وان الاعلام يعد السند الحقيقي للدولة ويسعى جاهداً لارساء دعائمها لا لهدم اسسها وبناءها .
اللقطات والاثارات التي تعمد اليها بعض الفضائيات في ان تكون رائدة السبق في اخبر تروج له ,وهو مدفوع الثمن بأمتياز حيث تعمد هذه الفضائيات المأجورة الى تأليف القصص والمسرحيات وتوجيه الراي العام في محاولة لاستهداف الامن المجتمعي للدولة , وضرب الوضع السياسي القائم , وبغض النظر عن الفساد الذي انتشر سريعاً في مؤسسات الدولة ليس فقط الاحزاب هي مسؤولة عنه فالشعب شريكاً اساسياً في هذا العمل , والا من هو الفاسد اليس احد افراد هذا المجتمع سواء على مستوى مدير او مسؤول او موظف , ومن يتحدث عن الفساد عليه ان يتأكد اولاً من عدم مشاركته فيه وعلى القائمين على وساءل الاعلام ان يختارو طريقان لا ثالث لهما اما طريق الوطن والولاء والانتماء له , او طريق الاجندات واللوبيات الخارجية اينما كانت ومهما كانت فهذه الوسائل الخبيثة قد اشاعت الفوضى وروجت للتخريب بل هي احد اسباب تدهور الوضع الامني في البلاد , وما الحرق والقتل الذي نشاهده يومياً هو احد اهداف وسائل هذا الاستهداف , فالشرقية التي ليس لها هدف سوى اسقاط العملية السياسية وانهاء الوضع القائم والذي راح ضحيته عشرات الالاف من الشهداء في المقابر الجماعية واحواض التيزاب الى جانب عمليات التهجير الذي مارسها النظام البعثي ضد ابناء بلده .
اخيراً ...
سيكون النصر للعراق وحده وسيكون الموقف للوطن والكلمة له دون سواء , وكل الاجندات ستسقط وهذه ابواق النشاز لن تجد سوى الفشل الذريع لكل مسرحياتها وبرامجها الخيالية والتي امست سمجة وبذيئة وغير مقبولة من العقلاء الذين يرفضون مثل هذه الاساليب الخبيثة في عكس التظاهرات , وهم بذلك يريدون احراق البلاد والعباد في مخطط خبيث للنيل من التجربة الفتية في الحكم وهنا لابد من ملاحظة مهمة اننا لانبرر للفاسدين ولا للفساد بل نشد على يد المتظاهرين السلميين الذين يريدون حياة حرة كريمة وبلداً مزدهراً وهي مطالب حقيقية ومشروعة ولكن ما يؤلم حقاً هو الدس في داخل تلك التظاهرات والاهداف الخبيثة التي تريد حرق البلاد وان يكون هذا الشعب حطبها , وتمزيق روابطه وشاهدنا كيف ان المخطط يستهدف المدن الجنوبية والوسطى للبلاد في هدف منع اي تطور او ازدهار لتلك المحافظات , لذلك على الجميع ان يعي خطورة هذا المخطط وان يكونو على قدر عالي في تحمل المسؤولية في الوقوف في وجه هذا المخطط الخبيث واعلان رفضهم لوجود القوات الاجنبية في البلاد , والذي سيكون بالتأكيد احد اسباب الاستقرار في البلاد .

210
المنبر الحر / وادي الأفاعي
« في: 21:12 22/01/2020  »
وادي الأفاعي
محمد حسن الساعدي
يعد وادي حوران من اكبر واخطر الاودية في العراق , اذ يعد من اهم المناطق التي تهدد محيطها , حيث يقع الوادي غرب محافظة نينوى وتبلغ مساحته 4000 كيلو متر مربع ومحاذياً للحدود الفاصلة بين العراق والسعودية , حيث يحيط هذا الوادي مجموعة من الوديان ويتراروح ارتفاعها حوالي 250 متر , كما يحوي مجموعة من الواحات اهمها (الحسينيات) والتي تقع في الجهة الشرقية للوادي الى جانب وجود 3 سدود هي (الرطبة , خوران , الحسينيات ) الى جانب احتواء هذا الوادي على 18 قرية حيث ان معدل السكان في كل قرية يتراوح بين (300ـ400) عائلة معظمهم من عوائل داعش الهاربة من ساحة العمليات في سوريا والموصل , وهذا الوادي يشبه الى حد كبير قاعدة عين الاسد في الانبار حيث تؤكد التقارير ان الاعداد المتوقعة للمسلحين هناك حوالي 7 الف مقاتل مع القيادات حيث يضمهم اكثر من الف كرفان الى جانب احتواء الوادي على مهبط طائرات ومستشفى عسكري لمعالجة جرحى داعش , ومحطات وقود على شكل خزانات كبيرة عملاقة اذ يمنع طيران الطائرات فوق هذا الوادي والذي يحاول ان يعبر اجواء هذا الوادي يلقى نفس مصير الفريق محمد الكروي قائد الفرقة السابعة في الجيش العراق والذي حاول دخول الوادي وتم استهدافه من قبل الطائرات الامريكية التي تحمي الوادي وتمنع اي طيران فوق الوادي .
يمثل هذا الوادي نقطة الارتكاز لعصابات داعش في المنطقة عموماً حيث يشرف هذا الوادي على اغلب مناطق البلاد جنوباً وشمالاً فهو يطل على محافظات النجف وكربلاء وشمالاً صلاح الدين والموصل , الى جانب تحكم هذه العصابات بالصحراء الغربية وطرق السير بين سوريا والعراق , مايعطي زخماً في التهديد المستمر للمدن المحررة من جانب او عموم مدن البلاد من جانب اخر كما ان دور القوات الامريكية في السيطرة على سماء هذه المنطقة وتحكمها بهذه المناطق التي تتكثف فيها حركة الارهابيين وتهديد للقوات الامنية اذا حاولت الدخول لهذه المناطق لهذا بقيت مناطق وادي حوران مصدر قلق وتهديد لأمن البلاد عموماً ,وتشير التقارير الامنية الى ان هناك محاولات كثيرة لتحرير هذا الوادي ولكنها باءت بالفشل , وان من يدخل هذا الوادي مصيره الموت اما بسبب وعورة وتعقيد زوايا هذا الوادي , او من خلال استهداف القوات الامريكية لكل من يحاول الدخول لهذا الوادي .
لا يمكن حل الملف الامني ما لم يتم وضع الحلول الإستراتيجية لهذا الموقع الخطر على امن البلاد ككل , والوقوف بوجه المخططات الامريكية الدامية بجعل هذا الوادي كقاعدة عين الاسد في الانبار والتي امست مرتكزا للقرى المحتلة في البلاد , حيث تعد من اكبر القواعد في الشرق الاوسط والمنطقة كما تتمتع به من إمكانيات لوجستية  و.......... ................ تهدد امن البلاد عموماً لهذا لايمكن بأي صورة كانت ........ على نجاح الملف الأمني ما لم يحسم ملف هذا الوادي والسيطرة عليه , وجعله قاعدة للقوات الامنية في تلك المنطقة , واخذ المبادرة من القوات الامريكية , والسيطرة على اجوائنا ومنع اي نشاط معادي , الى جانب القبض على الإرهابيين ومحاسبتهم على جرائمهم التي ارتكبوها واخذ القصاص العادل منهم , والسعي الجاد من قبل الحكومة العراقي في تدريب القوات ألأمنية وبشكل يعزز وجودهم في جميع مدن البلاد ، دون أي مساعدة من القوات الأجنبية . 

211
المنبر الحر / صناعة الأوغاد ؟!
« في: 18:30 17/01/2020  »
صناعة الأوغاد ؟!
محمد حسن الساعدي
قروناً عديدة والمنظمات السرية اليهودية تحوك المؤامرات لتفرض سلطتها على العالم , وكلما سيطرت هذه المنظمات على بقعة ما ازداد جشعها ورغباتها في التوسع أكثر فأكثر , حتى بات هدفها الأكبر هو السيطرة على العالم كله , وعلى الرغم من كونهم أقليات ألا أنهم أصبحوا صناع القرار في العالم أجمع , واحتموا في مدينة الجرذان (نيويورك) وسميت بهذا الاسم ليس لكثرة القوارض فيها بل لكونها تعج بالمنظمات السرية اليهودية والتي تعرف (بالنخبة) ويختبئون خلف الأبواب المغلقة يحيكون المؤامرات ضد المجتمعات , وجاء الدور على العراق ولكن لا يعرف الجميع ماهية التخطيط والمؤامرة ضد العراق أرضاً وشعباً ولا تفاصيل الاستهداف المخيف ، ولكن ما يمكننا التأكد منه أن هذه المنظمات تسعى جاهدة أن يكون العراق علامة تجارية مسجلة في تل أبيب لجميع أنشطتهم سواءً من خلال الغرب أو من خلال مرتزقتها الذين انتشروا وبشكل مخيف في جميع مدن العراق , واستطاعوا من بث التفرقة والخوف لدى الجمهور والذي بلع البعض منه الطعم واجهة لهذا المخطط المخيف.
قلب بغداد حيث يتوسطها بناء ذات (16) طابق وفي موقع استراتيجي ، إذ ومنذ 1983 والبناء مازال شاخصاً حيث شيد بعنوان (المطعم التركي) وكمركز للتسوق , وصار بعدها فرعاً للنخبة الاولمبية في العهد السابق , حيث استخدم كمقر لتعذيب المخالفين للمجرم عدي ابن رئيس النظام السابق والذي استخدم فيه اشد وأقسى أنواع التعذيب ضد من يختلف معهم في الرأي , حيث كان يحكم العراق بالحديد والنار من قبل صدام وأبناءه وعصابته , التي أجرمت بحق شعبها سواء بالتعذيب أو من خلال المقابر الجماعية أو من خلال إدخال البلاد في آتون الحروب , فمن حرب ثمان سنوات مع إيران إلى اجتياح الكويت والى حرب 1990 , ومن ثم الغزو الأمريكي على العراق عام 2003 والذي كان احد أسبابه هو النظام ألبعثي الذي أراد إن يسلم العراق تراباً .
المطعم التركي أو مايسمى "جبل احد" أصبح من بعد إيقونة العراق للمتظاهرين او شعار التظاهرات التي خرجت في تشرين الماضي , حيث أعلن فيها المتظاهرون السلميون وقوفهم ضد الفساد , ومطالبتهم تشكيل حكومة نابعة من معاناة الشعب العراقي , وتكون غير متحزبة , حيث أمسى هذا الفندق الذي يطل على اكبر ساحات التظاهرات (التحرير) قاعدة للتظاهر ، بعد أن كان مهجوراً ومنسياً لسنوات عدة , فكيف أصبح مؤهلا للسكن والاعتصام بين ليلة وضحاها , وأصبح شعارا ومقراً للمتظاهرين وهنا يأتي دور الأموال التي تصنع المعجزات وإلا تهيأ هذا البناء الشاهق المتعدد الطوابق وأصبح جاهزاً للسكن والإقامة و ماهي مصادر الأموال التي صرفت عليه وجعلته يتحمل الإعداد كلها من المتظاهرين .
تحت شعار (( الشعب يريد إسقاط النظام )) انطلقت عصابات إجرامية اغلب عناصرها مطلوبة للعدالة فمنهم من هو هارب إلى خارج البلاد , ومنهم من هو مطلوب وفق المادة (4) إرهاب , والذين سعوا للدخول بين المتظاهرين والتغلغل فيما بينهم وهم معروفون بانتمائهم وولائهم وكيفية أدارة المجاميع الموجودة في ساحة التحرير , حيث استغلوا الفوضى والفراغ الأمني وبدأ تنفيذ مخططاتهم الإجرامية حيث استعد قادة هذه المجاميع في بناية المطعم التركي والذين بدأو من خلال توجيه بوصلة المواجهات , واتخذ كل واحد منهم طابق خاص به , ووضعوا ضوابط خاصة بكل طابق للدخول والخروج , وكل طابق يتبنى عمل متخصص به بالدعم اللوجستي والصيانة،إلا هذه طوابق هذه القيادات التي تقود هذه المجاميع حيث سيطرت على الطوابق (4ـ6ـ9) وأمسى هذا المطعم مكشوف وواضح المعالم في سيطرة أكثر المافيات فساداً وقتلاً في بغداد وتمول دولياً من الخارج ، ويبقى السؤال مطروحاً للتحليل عن المدى الذي يتحرك به هولاء ، والى متى يبقى المطعم التركي رمزاً للطرف الثالث ؟!!

212
المنبر الحر / وكر الضباع
« في: 22:55 13/01/2020  »
وكر الضباع
محمد حسن الساعدي
بينما يقف الشارع العراقي مطالباً بحقوقه ،وتخرج الجماهير مناديةً بحقها بالعيش الحر ، تستعد قوى المخابرات والاجهزة المتربصة بالعراق بحياكة المؤامرات والتآمر عليه ، وتنفيذ مخططات كانت نائمة في أدراج مكاتبها لسنوات طويلة ،حيث انطلقت تظاهرات تشرين 2019 ، ونزلت الناس الى الشارع وتبادل بينهما العنف وسقط الابرياء من الجانبين ومنهم الابرياء العزل المطالبين بحقوقهم المشروعة وبينهم من يحمل شعار التآمر مقابل حفنة من الدولارات ، فأيادي الشر تتربص والمؤامرة تحاك والعملاء ينفذون، والهدف هو تحريف التظاهرات، ودفع البلاد نحو الفوضى واجتمع الاعداء نحو هذا المخطط، فالتخطيط إسرائيلي والرعاية امريكية والاموال خليجية ، على ان يكون التنفيذ بأيدي محلية ، والاهداف عديدة فمنها الانقلاب العسكري ، والدفع نحو حرباً اهلية واقتتال داخلي ، ولكن هذه المؤامرات جميعها سقطت امام صخرة صلدة اسمها ( الحشد الشعبي) والذي كان له الدور الكبير والمهم في أسقاط أسطورة "داعش"في البلاد ، لذلك كان لزاماً التركيز على ضرورة تكسير هذه الصخرة ، من خلال استهدافه ، وحرق مقراته واغتيال قياداته ، وأقناع المتظاهرين أن الحشد من يقتلكم " الطرف الثالث" في حين ان التصريحات الرسمية لرئيس الوزراء السيد عادل عبد المهدي أشار وبصورة واضحة ان هذا الطرف هم السفارة الامريكية ، حيث تواجد قناصين متمرسين متواجدين اعلى السفارة مهمتهم أسقاط اكبر عدد من المتظاهرين وإلصاق التهمة بالحشد الشعبي وفصائله ، ما يعني أيجاد مواجهة داخلية بين القوى الامنية والحشد من جهة وبين المتظاهرين من جهة اخرى ، وان الحشد الشعبي هو من يستهدف المتظاهرين وانه جزء من المؤامرة ضد التظاهرات .
لقد سعت المخابرات الغربية على أيجاد الثغرة بين المجتمع العراقي وبين الحشد الشعبي ، لذلك بدأ السعي نحو احراق مقراته واغتيال قياداته، ودفع الفصائل المسلحة نحو الرد من أجل إيقاع أكبر عدد من الضحايا بين صفوف المتظاهرين وإيهام الرأي العام بأن الحشد الشعبي قامع للشعب ، وهو من يقتل الابرياء العزل في ساحات التظاهرات ويتم فيما بعد تجريمه دولياً لتثبت كل أقوال القوى الغربية واهمها "إسرائيل وامريكا" .
قبل فترة ليست بالقصيرة تم تجنيد جماعات مسلحة لتقوم بهذه المهمة وكانت محافظة ميسان في مقدمة هذه الاهداف حيث تم تجنيد أشخاص بمواصفات خاصة واهمها الاستعداد النفسي للقتل وأبتدء المشروع فعلاً في محافظة ميسان ومنها الى باقي محافظات الجنوب والوسط ، وانهاءها في بغدد " ساحة التحرير" للتحرك نحو إسقاط مقر الحكومة في المنطقة الخضراء ، والسيطرة على المؤسسات التشريعية والتنفيذية هناك .
خطوات المخطط بعضها قد سقط وانتهى ، والبعض الاخر يتم تنفيذه على مراحل عبر مجندين دربتهم السافرة الامريكية وفق دروات معدة سلفاً ومنذ سنوات ، من اجل توجيه الرأي العام ان التظاهرات سلمية وتعبر عن واقع المجتمع العراقي ، وان الاصوات هذه ، هي الاصوات الحقيقية للشعب العراقي ، في حين ان أغلب المتظاهرين السلميين قد انسحبوا لانهم استشعروا الخطر الواقع والشبهات الكبيرة والخطيرة في هذه التظاهرات ، الى جانب خطاب المرجعية الدينية العليا الذي كان واضحاً ورسم خارطة الطريق للمستقبل في البلاد ، ومنع الكثير من المخططات الخبيثة الرامية لإحداث فوضى في البلاد ، وإسقاط العملية السياسية فيه ، لذلك سيبقى هذا المخطط قائماً ما دامت سفارة الولايات المتحدة تعمل بخططها هذي ، وتجد من باع وطنه من اجل حفنة من الدولارات لتنفيذ هذا المخطط ، وعلى الجميع وخصوصاً القوى السياسية أن تكون على قدر المسؤولية الوطنية في الحفاظ على أمن البلاد وسيادته ، وان تقف بوجه المخططات الرامية لتمزيقه وتقسيمه عبر توحيد رؤاها من اجل اختيار حكومة وطنية تكون قادرة على النهوض بمتطلبات الشعب العراقي وتنفيذ مطالبه المشروعة .

213
المنبر الحر / ماذا بعد سليماني ؟!
« في: 23:31 10/01/2020  »
ماذا بعد سليماني ؟!
محمد حسن الساعدي
العملية التي قامت بها الولايات المتحدة الأمريكية في العراق باغتيال الفريق قاسم سليماني قطعت الشك باليقين أن العلاقات بين طرفي الصراع ( أمريكا ـ إيران ) ومراحل المفاوضات بينهما قد وصلت إلى طريق مسدود وانتقلت إلى مرحلة المواجهة , فقد فتح اغتيال أبو مهدي المهندس ورفاقه مرحلة جديدة من مراحل المواجهة , ولكن هذه المرة أشعلتها واشنطن باستهدافها للمهندس وسليماني في مطار بغداد , وعلى الرغم من كل الاحتياطات الأمنية التي كان يتخذها سليماني في حركته , حيث كان يقوم بمهام تفاوضية ودخل ضمن محاولة (الامن والسياسة) التي ارتبطت بمواثيق دولية وضعها الجانبين طوال 16 عاماً ولكنها سقطت وانتهت فجر يوم الجمعة في بغداد , إلى جانب إن هذه العملية أعادت خلط الأوراق الأمريكية في المنطقة عموماً وفي العراق خصوصاً , وان ارتفاع مستوى المواجهة بين الطرفين ادخل العراق في بركة النار وسط دخول البلاد أصلا في نفق ووصول الأوضاع فيه إلى حالة انسداد شاملة , وان اغتيال سليماني سيزيد من تصعيد المشهد خصوصا انه يرتبط ارتباطاً مباشراً بالتعاطي الأمريكي مع العراق فمنذ استقالة عبد المهدي من الحكومة والقوى السياسية فشلت في التوافق على رئيس وزراء جديد مقنع للشارع العراقي , ويحظى بشروط المرجعية الدينية على الرغم من التصريحات الإعلامية لبعض القوى السياسية من ادعائها أنها تشكل الكتلة الأكبر ومن حقها تسمية رئيس الوزراء .
بات الطرف السياسي الذي يسيطر على السلطة في بغداد في مواجهة مباشرة مع الولايات المتحدة الأمريكية خصوصاً ظهور بعض قيادات الحشد في مقدمة المتظاهرين امام السفارة الامريكية قبل ايام , ما تعقد المشهد واحتمال التوصل الى اي تسوية سياسية مع هذه القوى المسلحة في المدى القريب والمتوسط ما دعى واشنطن وضع العامري والخزعلي في مقدمة اهدافها القادمة , ما ينذر بحالة من الفوضى السياسية يلحقها تبعات امنية ستصيب البلاد وما سبقها من خطوات قام بها الجيش الامريكي بإرسال وحدات النخبة لقوات المارينز الى بغداد والتهديد بالرد المباشر مما يجعل فرص انسحاب القوات الامريكية يبدو ضعيفاً .
ان انتقال الحوار مابين واشنطن وطهران الى مستوى المفاوضات بالنار سينعكس بالسلب على العراق , واعادت عملية اغتيال سليماني وابومهدي المهندس خلط الأوراق الامريكية في العراق وعلى المستويات كافة , خصوصا على المستوى العسكري مايضع الامور في مواجهة مواقف محرجة خصوصا مع المواقف السياسية السابقة بين الحشد الشعبي وواشنطن لهذا فالعراق اليوم اصبح في مواجهة متوقعة مع الولايات المتحدة وعلى كافة الصعد ، إذا علمنا إن السيد عبد المهدي قد وقف بوجه رغبات أمريكا في التحكم بمصير العراق أرضا وشعباً و موارده الطبيعية , بل حتى في اختيار مستقبله , لذلك اصبح لزاماً على القوى السياسية جميعاً إن تقف  بصورة جدية لإعلان موقفها الرسمي والإسراع باختيار حكومة تمثل الشعب العراقي وتقف لتهدئة الشارع الملتهب وتوفير الخدمات وبما يحقق النمو والازدهار إلى جانب منع التدخلات الأجنبية كافة بالشأن العراقي على إن يكون العراق سيد نفسه , وهو من يختار مستقبله وعلى يد أبناءه

214
التظاهرات بين الأهداف والاستهداف ؟!!
محمد حسن الساعدي
لا شك إن الشعوب التي تعاني العوز والحرمان ونقص الخدمات تعبر عن حاجتها ورفضها للظلم من خلال التظاهرات ، والتي هي بالتأكيد وسيلة من وسائل الأنظمة الديمقراطية كما أنها الوسيلة القانونية في المطالبة بالحقوق ، لهذا نجد أن اغلب الحكومات المتسلطة سقطت أمام مطالب الجمهور ، والأمثلة كثيرة في هذا المجال فهذه الثورة المصرية التي كانت سبباً في سقوط الديكتاتورية ، ومن بعدها إسقاط الحكم الاخواني وفي نفس العام .
التظاهرات حق ومطلب شرعي ، كما انه حق طبيعي ودستوري للشعوب في التعبير عن مطالبها وحقوقها ، ولكنه في نفس الوقت يحتاج إلى تقنين وتنظيم وتشريع يحفظها ويحفظ مساراتها ، مع ضرورة الاعتناء والوقوف على المطالب المشروعة للمتظاهرين مع التأكيد على ضرورة الحذر من المندسين وأصحاب الأجندات المشبوهة التي تتحرك في إطارها.
مع استمرار التظاهرات والتي دخلت أسبوعها السابع شهدت تغيير في بعض جوانبها ، ودخول أطراف ذات أجندات مشبوهة ، وهي مدعومة من قوى داخلية وإقليمية ودولية ، وذلك من اجل تحريف مسارها وأهدافها ، من احل غايات وتصفية حسابات مع العملية السياسية القائمة ، أو مع القوى السياسية ، حتى وصل الحال النيل من الرموز الدينية والسياسية ، خصوصا المرجعية الدينية والتي رُفعت شعار ضدها واستخدمت فيها أقبح أساليب التسقيط والاتهام ، ووفق خطط مدروسة تحاول تحريف الجمهور عن المرجعية الدينية والمشروع الوطني ، والذي كان نتاج دماء الالآف من الضحايا والشهداء من المقابر الجماعية ، والعوائل المشردة والأرامل والأيتام .
الشعارات التي رفعها البعض والمطالبة بتغيير النظام السياسي لا يمكن عدها مطالب مقبولة أو معقولة ، وذلك لان الدستور الذي صوت عليه أكثر من ١١ مليون عراقي ليكون هو الوثيقة الوطنية التي تحفظ الحقوق ، لا يمكن إنكاره أو تعطيله ، الأمر الذي يعد خطوة في بناء البنية السياسية الصحيحة ، كما إن نفس هذه الأحزاب والتيارات المنادية بتغيير النظام لم تفلح بإقناع الجمهور بالتصويت لها ، فكيف تستطيع إقناع الجمهور من تغيير النظام السياسي باجمعه ، ثم أن الأمر المهم هو هل تملك هذه القوى الكثافة العددية والتمثيل الدستوري في الحديث بالنيابة عن الجمهور ، ناهيك عن كونه مخالفة واضحة للمسار الديمقراطي والذي صوت عليه الملايين وكان نتاج لانتخابات رسمت خارطة العمل السياسي الوطني .
اعتقد أن محاربة الفساد والمفسدين هو مطلب الجمهور وهو حق جماهيري عام ، لايمكن إنكاره في ظل الفساد المشتري والذي اخذ ينخر جسد الدولة العراقية ، لهذا الأولى هو توجيه المتظاهرين نحو الحرب السلمية على الفساد ، والكشف عن ملفات المسؤولين المفسدين ومهما كانوا او من يقف وراءهم ، كما أن من الضروري أن تكون هناك رؤية واضحة لإجراء عملية الإصلاحات التي تقوم بها الحكومة ، لان أي عملية إصلاح لا يمكن أن تكون ناجحة ما لم ترافقها خطة إستراتيجية محكمة ومدروسة ، إذ لا يمكن التصور أن هناك عملية إصلاح حقيقة تقوم على خلفية ردود الأفعال والاستعجال في اتخاذ القرارات المصيرية .
أن إي عملية إصلاح لا يمكن أن تتم بالتفرد بالقرارات ، لان مصير البلد لا يمكن حصره بأهواء وقرارات السيد العبادي أو حزبه ، بل هي قرارات مصيرية تهم المواطن العراقي ، لهذا يجب أن يخضع أي قرار سياسي لشاور القوى الوطنية والتي تكونت من رحم الجمهور ، كما يجب أن يكون هناك استثمار للعقول الوطنية الناضجة ، واستثمار الأيادي النظيفة التي كانت سبباً في تأسيس المشروع للوطني ، من خلال توحيد المواقف والرؤى والجهود ليكون أي قرار سياسي يحضى بغطاء وطني وشرعي ، وبالتالي الوصول إلى مشتركات تحقق مطالب المتظاهرين ، وحفظ أركان العملية السياسية في البلاد .

215
من هي النخبة السياسية الجديدة التي ستقود البلاد ؟!!
محمد حسن الساعدي
الدول الأوربية والغربية هي نتاج حالة الصراع والتصارع سواءً كان القومي او الطبقي ، ففي الحرب العالمية الاولى والثانية والتي كانت من اسوء الحروب التي مرت على البشرية كونها حطمت البنى الاساسية للمجتمع آنذاك ، وحولت الشعوب الى شتات ، ورغم ذلك ولدت في هذه الحروب وما بعدها نخبة سياسية كانت نتاج هذا الصراع لتقود الدول التي تحطمت بفعل هذه الصراعات ، وتحولت هذه الدول الى دول متقدمة ومتطورة في كافة المجالات ، فهذه اليابان وكوريا الشمالية والجنوبية ، وغيرها من دول كانت نتاج للحروب تحولت فيما بعد لتكون من الدول المتقدمة وأصبحت في مصافي دول العالم ، وتتحكم في مصالح الكثير من دول العالم الثالث .
الحالة السياسية في العراق بعد السقوط كانت نتاج حكم استبدادي حكم البلاد لأربع عقود بالحديد والنار ، ومثلت اسوء حقبة مرت على تاريخ العراق الحديث ، وعلى الرغم من حالة التخلف السياسي التي سادت آنذاك اذ اقتصر العمل السياسي والحزبي على فئة معينة ومكون معين ، حيث عملوا على اعداد نخب سياسية تكون هي الرديف لقيادة البلاد بعد هلاك الطاغية صدام .
الأوضاع السياسية بعد السقوط مرت بأوضاع حرجة جدا ، وكانت قاب قوسين او اقرب من الانهيار ، الى جانب الحقب التي توالت على حكم البلاد هي الاخرى مثلت بحق تَخَلَّف العقلية السياسية الجديدة ، لأنها تأسست على اساس الاستعداء والكراهية للشريك قبل المخالف ، وتربت على هذا المفهوم مجموعات سياسية سجلت ولاءها لأحزابها دون الوطن ، مما أنتج وضع سياسي متخلف ومتراجع ، وحالة من الصراعات الداخلية والانقسامات والتشرذم ، دون اي معالجات لإصلاح المنظومة السياسية الفتية .
يمكن توصيف الوضع السياسي العراقي بانه في اسوء حالاته بل لم يمر البلاد بمثل هكذا حقبة ، خصوصاً بعد الأوضاع الامنية الخطيرة من تغلغل الارهاب الداعشي ، الى التظاهرات التي تغيرت أهدافها وشعارها من المطالب المشروعة الى النيل من المشروع الوطني والرموز الدينية والوطنية الامر الذي يعد مؤشر خطير على استهداف العملية السياسية برمتها .
الوضع الشيعي ما زال مربكاً ، ولا توجد هناك روية واضحة للإصلاح ، فالكتل السياسية الشيعية في جهة و إصلاحات الحكومة وعبد المهدي قبل استقالته في جهة اخرى ، الى جانب الصراع الحزبي في داخله ، فجبهة تحاول أضعاف هذه الإصلاحات ومهاجمتها ، وجهة تحاول تقنينها وبما يحقق المصلحة العامة دون استهداف لأي جهة دون الاخرى .
اعتقد ان حالة المخاض التي تمر بها العملية السياسية والمشروع الوطني والتي ربما توصف بالخطيرة ، الا انها يمكن ان تلد لنا جيل جديد من النخبة السياسية تكون قادرة على النهوض بالعمل السياسي ، وهي نتاج هذا الصراع والاقتتال الداخلي بين المكونات السياسية ،وولادة وضعاً سياسياً جديد، وما الانتصارات المتحققة على الارض اليوم الا دليل لهذا التغير في حالة الصراع ، والتقدم في الجبهات سواء في صلاح الدين او الانبار والذي ينذر بحسم المعركة سريعاً وقريباً ، كما ان الحالة المعنوية التي تتمع بها القوات الامنية شكلت دفاعاً قويا نحو تحقيق النصر على الدواعش ، واذا ما تحقق النصر على المستوى الامني فسيكون دافعاً للنهوض بالواقع الاقتصادي ودخول كبار الشركات العالمية والاستثمار في مختلف المجالات وبما يحقق التنمية والازدهار في مختلف القطاعات ، وهذا بحد ذاته دافعاً لاستتباب الوضع السياسي وهدوءه ، ومحاربة الفاسدين والمفسدين ، وبما يحقق التقدم والنجاح .
ان تحقق هذه الإنجازات سيكون شرارة لولادة نخبة سياسية جديدة ، تحمل فكرا سياسياً ، وتحمل روية عملية قادرة على تغيير الواقع السياسي، تملك مشروعاً ناضجاً ، تقلب فيه الطاولة على المنتفعين والانتهازيين ، والذين أوصلوا البلاد الى حافة الهاوية ، والسعي الى النهوض بالبلاد وبما يحقق الامن والرفاهية للعراق وشعبه ، ويعود ليمارس دوره الريادي على المستوى الإقليمي والدولي ، ودوره المؤثر في الوضع العربي والإسلامي والذي سيكون قريبا بأذن الله .

216
من يتحمل فشل حكومة عبد المهدي ؟!
محمد حسن الساعدي
جاءت حكومة عبد المهدي على ركام وفشل حكومتي متعاقبتين في عمر العملية السياسية بعد أحداث 2003 , ولقد تمثلت في الفشل السياسي وبناء الدولة قبل السادس من حزيران 2014 ( أي مرحلة ما قبل داعش ) وعلى الرغم من انتصار القوات الأمنية والحشد الشعبي على هذا التنظيم إلا أن حكومة العبادي لم ينظر لها على إنها ستكون المنقذة لواقع العراق البائس , وعلى الرغم من مرور عام على الانتخابات العراقية إلا أن بوادر الفشل وعجز الحكومة بدأت تظهر للعيان مع مرور الوقت , وعلى الرغم من الوعود التي قدمتها حكومة السيد عادل عبد المهدي على نفسها وعلى الشعب بتشكيل حكومة مهنية مستقلة إلا أنها كانت رازحة تحت سطوة الأحزاب والتيارات السياسية التي سيطرت وتحكمت بالمشهد السياسي عموماً , وانطلاقاً من هذا فأن هناك من يتساءل عن فرضية فشل حكومة عبد المهدي في تحقيق برنامجها الحكومي وانتشال الدولة العراقية من قاع الفشل السياسي والاقتصادي فمن يتحمل هذا الفشل :ـ أم يقع الفشل على الكتل السياسية عموماً عندما تجاوزت القواعد الدستورية في ترشيح رئيس وزراء توافقي من خارج العملية الانتخابية , أو نحمله للوضع الإقليمي والدولي المؤثر على الوضع السياسي عموماً .
بغض النظر عن المؤاخذات الكثيرة على البرنامج الحكومي أو على طريقة اختيار الوزراء , إلا أن هناك من يعتقد بأن مسؤولية الفشل مسؤولية مشتركة تتحملها كل الأطراف أعلاه , لان الفشل في عملية اختيار الحكومة تقع على عاتق هذه القوى السياسية , لاسيما من الناحية القانونية والسياسية , لان الفشل هنا فشل سياسي مشروع وبرنامج وضعته الحكومة والتي اختارها لتنفيذ برنامجه الحكومي , لذلك فأن الفشل لايمكن أن يقع على عاتق شخص بعينه بقدر ماهو مسؤولية كتل سياسية ساعدت في اختياره ومحاصرته بتأثيرها السياسي , كما أن بوادر فشل حكومة السيد عادل عبد المهدي بدأت تظهر في أداءها وأدارتها السياسية , من خلال العجز في طريقة التعاطي مع المشاكل  التي يمر بها البلاد , وتحقيق تقدم ملموس على المستوى الخدمي , لاسيما على صعيد الخدمات الصحية والبلدية والتعليمية والاتصالات إلى جانب فشلها في الملف الأهم وهو مكافحة الفساد وكشف الفاسدين والمتلاعبين بالمال العام سواء كان على مستوى القيادات السياسية أو الأحزاب أو التيارات السياسية , لاسيما مع حجم الفساد الكبير والمستشري في جسد الدولة العراقية , وملفات الفساد الكبيرة والخطيرة التي يتحدث عنها الرأي العام كملفات العقود وأهمها عقود التسليح والبطاقة التموينية والاستثمار وأمانة بغداد وغيرها من ملفات الفساد
أن فشل حكومة السيد عبد المهدي لايمكن أن تعني فشلاً شخصياً بقدر ماهي فشل في بنية العملية السياسية برمتها , لاسيما أن انتخابات أيار كانت المشاركة فيها متدنية جداً , وان استمرار الفشل الحكومي في توفير الخدمات , مع استمرار حالة عدم الاستقرار السياسي وبقاء الوضع على ماهو عليه من الناحية الخدمية وغياب الوعي السياسي واستشراء الفساد وغياب الحياة الكريمة للمواطن العراقي , كل ذلك سيؤدي إلى ارتفاع الصوت الغاضب العراقي الناقم على العملية السياسية والأداء السياسي للأحزاب والقوى السياسية , وهذا من شأنه أن يزيد من احتمالية فشل العملية السياسية والنظام السياسي القائم , وعليه إن فشل حكومة عبد المهدي واستقالتها سيدفع ثمنها الجميع وستكون الأثمان غالية وباهظة جداً , لذلك على القوى السياسية الشيعية أن تعي ذلك تماماً وان تعمل جاهدة أن لاتضيع هذه الفرصة في إنقاذ البلاد من الخراب والمندسين في التظاهرات العراقية , وان يسعى الجميع إلى تبني لغة التهدئة والحوار وتفويت الفرصة على الأجندات الخارجية أن تنال من العراق وشعبه .

217
بهمة ابن الزبير ... الكوفة تنهض من جديد
محمد حسن الساعدي
يتحدث لنا التاريخ عن الدور الخبيث الذي يمارسه عبدالله بن الزبير وإخوته في ضرب الإسلام حيث مارس المكر والخداع وطعمها في السياسة في تعامله مع أهل البيت (ع)وأتباعهم من جهة وكيف تعامل مع آل أبي سفيان فكان يمارس الألاعيب والخداع مرة مع هؤلاء ومرة مع هؤلاء , فمرة يكون آل أبي سفيان هم السادة والقادة وعندما تتهدد مصالحه يلجأ لرفع مظلومية أهل البيت (ع) كشعاراً له , إلى جانب ممارسة اسم الإسلام كشعار يرفعه ظاهراً وأما في العمق فهو يتسم بالفسق والانحلال والانحراف وسرقة المال العام إلى جانب ممارسته التضليل للمسلمين أبان تلك الحقبة وكأنه هو الراعي لبيت الله الحرام وهو المحامي والراعي لمصالح المسلمين فيها .
سياسيون رفعوا اسم الدين شعاراً لهم , والعمامة عنوان لهم وهم بذالك يمارسون الخداع والكذب على البسطاء والسذج , فنرى البعض ممن رفع اسم الإصلاح شعاراً له وهو يده تنغمس في مشاركة الفاسدين فسادهم أو اللاهثين خلف المناصب والمغانم , فهم لايدخرون جهداً في كسب أي منصب هنا أو هناك من درجات خاصة فيمارس الكذب والخداع على الجمهور وعملوا على أن يصبغوا عملهم الباطن بشعارهم الظاهر دون أي مسوغ شرعي أو عذر قانوني والهدف هو السلطة والنفوذ على حساب المبادئ وحفظ كيان المجتمع وصون حقوقه المشروعة في العيش الكريم حتى أمست اسم الاسلاموية عاراً واسم الإسلاميين مشبوهاً وكل هذا تتحمله هذه النخبة من الفاسدين .
نعم ... هناك مشكلة يتحملها الشعب العراقي في صناعته لرموز وأصنام هي بؤرة للفساد وصناعة للفاسدين وان هذا الشعب يتحمل مسؤولية اختيار هؤلاء وان تسلط هؤلاء السياسيين مرة بعد أخرى ماهو إلا إحدى نتائج هذا الاختيار , إلى جانب تبجح الكثير من النواب والسياسيين واستهزائهم بهذا الشعب بأنهم يتحملون مسؤولية اختيارنا , ولسنا مسؤوليين عن تحسين أوضاعهم المعيشية أو الاقتصادية أو تحسين الخدمات , ويبدو من خلال هذا الكلام تخليهم عن مسؤوليتهم الشرعية والقانونية في الإيفاء بوعودهم التي قطعوها للجمهور أو على الأقل لناخبيهم الذين صوتوا لهم , وإلا ما فائدة  انتخاب من يهتم بمصالحه الشخصية ومصالح حزبه وتياره دون النظر إلى مصالح الناس الذين انتخبوه , وخير مثال على هذا المثال مدينة الصدر وما وصل حالها من سوء الخدمة والإهمال .
مهما تمادى الباطل أهله فأن الحق سيكون منتصراً عالياً ولو بعد حين , وان المظلوم سيكون منتصراً في النهاية وان عمليات التزوير والاحتيال والضحك على ذقون الناس لن يمر بسهولة فلا بد من الحقيقة يوماً ان تنكشف ويعرف الناس من كان يلعب بجراحهم وألأمهم , وان الفجر قريب مهما ساد الظلام وان الكوفة مهما افسدوا سياسيوها فأنها يوماً ستنتفض لتقض مضاجع الفساد والفاسدين وان ابن الزبير لن ينفعه تلاعبه بآلام العوام والضحك على السذج , ويوماً ما سيكون مصيره كمصير من قبله الذين حكموا باسم الدين ظلماً وزوراً .   

218
حكومة عبد المهدي في مهب الريح .
محمد حسن الساعدي
التصريحات الأخيرة التي أدلى بها بعض النواب ان عملية "رفع الثقة عن حكومة عبد المهدي " باتت في حكم المنتهية ، وسط تكهنات بان هناك ضغوطاً تمارس على الأخير لغرض تقديم استقالته على خلفية التظاهرات التي اندلعت خلال الأسبوعين الماضيين والتي راح ضحيتها 108 من الأبرياء العزل إلى جانب المئات من الجرحى بين صفوف المتظاهرين والقوى الأمنية،والتي قابلتها حملة من الاعتقالات الواسعة ضد المتظاهرين والناشطين المدنيين ، الأمر الذي سبب حالة من الإرباك السياسي وتهديدات بإسقاط حكومة عبد المهدي ، وعلى الرغم من حزمة الإصلاحات التي أطلقها عبد المهدي،إلا أن يوم 25 بات انعطافة تاريخية في حكم العراق، وتغيير معادلته السياسية القائمة ،مايجعلنا أمام العديد من الخيارات والاحتمالات الصعبة ، حيث عدها عدد من المراقبين بان تظاهرات يوم الجمعة القادم ستمثل حجر زاوية في خارطة طريق الحكم في البلاد،خصوصاً بعد التقرير الفارغ من أي محتوى في من هي الجهة التي قامت باستهداف المتظاهرين وبصورة مباشرة ، حيث كشف هذا التقرير عن مدى الاستخفاف بدماء الناس، وطريقة تعاطي الحكومة مع الشعب العراقي في تحقيق مطالبه المشروعة وتحقيق رغباته .
التظاهرات المزمع انطلاقها يوم الجمعة سيكون شعارها "إسقاط الحكومة" والدعوة إلى إجراء انتخابات مبكرة في البلاد، وغيرها من مطالبات سابقة تدعو إلى توفير فرص العمل للعاطلين،وتحسين الخدمات والمستوى المعاشي للفرد العراقي،كما أن المظاهرات التي شهدها العراق مؤخرا احتجاجا على سوء الخدمات وتفشي الفساد والتي غاب عنها بشكل واضح أي تمثيل للأحزاب والتيارات يعتقد الكثيرون أن الشارع العراقي لن يعود كما كان قبل هذه الأحداث.
 
خصوصا وان هذه الاحتجاجات قد أسفرت عن قتل أكثر من 108 أشخاص وإصابة أكثر من ستة آلاف آخرين، بينهم عناصر من الأمن.
أن الأسباب التي جعلت هذه المظاهرات مختلفة في نتائجها هو تميزها بأن غالبية المشاركين فيها من فئة الشباب وأنها غير مؤدلجة، وليست لها قيادة معلنة،كما أنها تركزت في المحافظات الوسطى والجنوبية ، حيث تعتبر حاضنة للأحزاب السياسية المسيطرة على الحكم منذ عام 2003،وذلك بسبب تكرار الخيبات والخذلان التي تعرض لها الشعب العراقي من الحكومات المتعاقبة على حكمه والتي أدت إلى الإحباط في الشارع العراقي ، وهو ما دفع المسؤولين للاعتقاد بعدم إمكانية حدوث احتجاجات بهذا الحجم وهذا الوعي، حيث أزال الشباب هذه النظرية وأسقطوها.
أن سعة الفجوة بين الشعب وحكوماته المتعاقبة جعلت الأمور تسير نحو الانهيار،وأمام أخطاء الحكومة فإن هذا الجيل يعتبر نفسه "فاقداً لحقوقه الحقيقية"، وهو ما تسبب بحالة الانهيار في الشارع وتحولها إلى انتفاضة شعبية ضد الحاكم، وهنا تقف الحكومة أمام جيل يمتلك ذهنية مغايرة تماما لجيل نشأ في سنوات النظام السابق، فجيل الشباب الحالي لا يعاني من الشعور بـ"المظلومية "فحسب بل سرقة خيراته وثرواته،ولعل الشعار الذي استخدمه ويستخدمه المتظاهرون "باسم الدين باكونا (سرقونا) الحرامية"، ، خير دليل على فقدان الثقة بالأحزاب السياسية والتي استخدمت الدين كغطاء لها في الحكم .

219
شعب يتظاهر لحكومة أختارها ؟!
محمد حسن الساعدي
في الشعوب والبلدان المتقدمة يكون دور الشعب اختيار ممثليه في أي مجلس نواب وينتهي دوره عن هذا الحد،وعندما تكون الحكومة في دور المقصر،تتخذ الاجراءات القانونية والدستورية بحق الفاسد والمفسد،وهذا أمر بديهي لا يحتاج الى تشريع او وضع آليات له،وكل ما تحتاجه الحكومة في هذا الاتجاه هو تطبيق الدستور بحق المفسدين او يلجأ المقصر أو الفاسد الى تقديم استقالة من المنصب تلافياً لأي حرج أو ملاحقة قانونية ،لذلك نجد أن السياسي في الدول الاوربية يحافظ على سيرته السياسية بالخروج خالي الوفاض من بوتقة السياسة .
في عراقنا الجديد لا نجد شيء أو أولويات لمفهوم السياسة أو محترفيها وما موجود فعلاً هو ممارسة الحكم والادارة ،وهو امر لا ينجح مع مفهوم قيادة الدولة أو تطبيق مفهوم القيادة ، فنجد أم مفهوم القيادي ينطبق على الهاوي والمتسيس لذلك نجد أن أي شخص يصعد لقيادة الدولة يصطدم بصخرة " القدرة على القيادة" وهذا ما شاهدناه في الحكومات المتعاقبة على حكم البلاد بعد عام2003 وما موجود فعلاً هو هاوي أو ممارس للسياسة وفق أجندة حزبية مقيدة بمفاهيم حزبية ضيقة،لم تنهض أو تتجاوز هذه العقدة الى فضاء الوطن ،بل بقيت مقيدة بجزيئاتها ومفاهيمها ، وهذا ما جعل الدولة ميتة .
الشعب المسكين مشارك بصورة فعلية بصناعة هؤلاء المتسيسين،وهذا ما نجده فعلاً في صناعة أصنام السياسة فهي موجودة كحجر ولكنها تمتلك الروح ،وأن أي ألهام من هذه الاصنام ينعكس على الشارع من قبل اتباع هذا الصنم أو ذاك،وهذا ما قصدناه بعنواننا لهذا المقال بأن الشعب عليه أن لا يحمل نفسه اكثر من طاقتها، كون هذه الحكومات هي من نتاج هذا الشعب،وأن الصناديق الانتخابية والتي أغلبها مملوء بالأصوات المأجورة والمقيدة بأحكام الصنم وأوامره ونواهيه وما الانتخابات المتعاقبة الا لعبة أو مرآة عاكسة لهذه الاصنام السياسية التي تعاقبت على حكم البلاد، وظلت تقود خلف الابواب .
ثم لماذا خرج الشعب العراقي للتظاهر، هل من أجل حماية وطنه من التدخلات الخارجية، ام من أجل الوقوف مع مطالب مرجعيته الدينية العليا ، والتي طالبت وتطالب بالحقوق المشروعة للجمهور ام أن خروج هذه التظاهرات كان لأغراض شخصية،أو تدعمه بعض الجهات المشبوهة من أجل تنفيذ أجنداتها بضرب العملية السياسية برمتها،وأسقاط كل ما هو موجود من بناء بنيوي للحكومة، وإيقاع الفتنة بين أبناء البلد الواحد، او هي محاولة لتسقيط الرموز الدينية واهمها " المرجعية الدينية العليا " التي يقف لها القاصي والداني في حنكتها وقدرتها على ضبط الشارع العراقي وحماية حقوقه المشروعة .
على الشعب العراقي أن لايعوّل كثيراً على تظاهراته،وأن يلجأ الى ممثليه ونوابه الذين أختارهم سابقاً وتخلّوا عنه، وذهبوا الى مصالحهم الشخصية ومصالح احزابهم والتي ملئت البلاد وعبرت الى المصالح الاقتصادية في الدول الاقليمية ودول الخارج ، حيث غصت البنوك والمصارف بأموال الشعب العراقي والتي تقدر بحوالي 70 مليار دولار تعود لسياسيين معروفين وقادة لكتل معروفة وما المولات وقاعات الروليت الا احد النماذج الحية على فساد هذه الاصنام ، وموت أتباعهم وسيرهم خلف هذه الاصنام كالأموات وسط الظلام .
يبقى شيء أخير ...
على السيد رئيس الوزراء أن يخرج من بوتقة الاحزاب، وان لا يستمع الى أيقونة هذه الاحزاب وان يكفر بالأصنام ليخرج الى عبادة شعبه واللجوء الى صفوفهم عبر تنفيذ المطالب المشروعة والتي تتناسب مع القانون والدستور وهذا الامر ليس بالشيء الصعب الى جانب إيجاد الاستثمارات السريعة، وتشغيل الشباب كافة في جميع المحافظات ،واللجوء الى تهدئة الشارع من خلال إجراءات سريعة تحمي بها البلاد من مكر المندسين والمتصيدين وراكبي موجة التظاهرات، لان من يولد من رحم شعبه يخرج وهو محصن بهم ، وأما من يلجأ الى الاصنام فلا يستحق الا السقوط الاكيد .
 
             

220
بعد استقالة وزير الصحة ..الفساد يبقى ويتمدد!
محمد حسن الساعدي
جاءت الرسالة التي بعث بها وزير الصحة العراقي الدكتور العلوان بعد معاناته وبحسب ادعاءه طيلة فترة وزارته، والتي أعلن فيها استقالته بشكل رسمي, في خطوة مفاجأة ومدوية بوجه غول الفساد في العراق.                        يرى محللون أن الاستقالة يمكن أن نجد فيها بعدين, أولهما أن الوزير يري التبجح ويريد الخروج بحجة , وهذا الإحتمال مستبعد, وثانيهما  أنه فعلا تعرض لإبتزاز مافيات الفساد, وأنه فعلا وصل لطريق مسدود وأرغم على الاستقالة..                                                                                                                   هذا ما يضعنا أمام معضلة كبيرة وخطيرة في نفس الوقت، وذلك إذا كان منصب كبير ومهم وهو الرأس في السلم الوظيفي للدولة العراقية ولايمكن له إيقاف مافيات الفساد ومحاربة الفاسدين،فمن الذي يمكنه هذا؟! .. خصوصاً وإذا علمنا ان السيد رئيس الوزراء عادل عبد المهدي وكما يبدو , هو  الحلقة الاضعف  من حلقات السلطة،كونها لم تأتي بقوة القانون والدستور،بل جاء تحت وطأة الاحزاب التي تسلطت على الدولة ومقدراتها ، وتمكنت من السيطرة على حركة حكومة عبد المهدي،وتقويض أي إجراء من شانه أيقاف عجلة الفساد ومحاربة الفاسدين .   
خطوة السيد الوزير لم تكن مستغربة أمام الكتل الكبيرة من رجال الفساد الذين تمكنوا من نهب موارد البلاد وتهريبها الى الخارج إذ تقدر الاموال المهربة بحوالي 75 مليار دولار وأغلبها بحسابات وهمية ولأشخاص لا يمكن الوصول اليهم لارتباطهم بأحزاب وكتل كبيرة في الدولة العراقية, الى جانب ذلك فان الدولة المهرب اليها الاموال لا يمكنها تسليم تلك الاموال الى السلطات العراقية كونها تعد راس مال يحرك المصارف والبنوك لديها.                                                                                        إلى جانب تغاضي المؤسسات الرقابية عن الوثائق الدامغة التي تثبت تورط السياسيون في مافيات الفساد وعصابات السرقة للمال العام ، واستغلال الوظيفة للأغراض الشخصية، وحتى عندما،وحتى عندما تصل هذه الوثائق الى الدوائر الرقابية المعنية يتم التغافل عنها بحجة عدم وجود الدليل.. وعندما تقدم لهم الادلة يتم تجاهلها كذلك, بسبب سيطرة تلك الاحزاب والشخوص النافذين في الدولة، وسيطرتهم على الملف المالي والاقتصادي لجميع الوزارات وتحكمهم بالعقود ولجان الشراء فيها .
ما حصل من استقالة السيد وزير الصحة هو نتاج طبيعي لعملية بيع الوزارات التي سادت في حكومة السيد عبد المهدي،خصوصاً وان الجميع يعلم, أن وزارة الصحة من حصة "سائرون" ومتاكدون ان الوزير لايملك شيئاً وان المتصرف الحقيقي هو رئيس الكتلة " الام" وهو من يتحكم بمقدرات الوزارة وتحريك مدراءها العامون!                                                           السؤال المطروح الآن هو  عن قدرة الوزير الجديد على أنقاذ الوزارة من اخطبوط الفساد الذي تمكن من نشر أذرعه في دوائر الوزارة كافة ، حتى وصل الحال الى مكتب الوزير نفسه، وهذا الشيء ليس مستغرباً امام سيطرة الاحزاب النافذة على الدولة نفسها فكيف بوزارة تعد من أفشل الوزارات وأكثرها تراجعاً في الدولة, وأكثرا تلاصقا بحياة المواطن, مع حجم الفساد الكبير الذي ضرب الدولة العراقية وجعلها في مقدمة الدول الفاسدة في العالم؟!                                                                                                السيد رئيس الوزراء الذي لم يتمكن من حماية وزير الصحة من شبكة الفساد في وزارته،هل سيكون قادراً على محاربة حيتان الفساد والقضاء عليهم، وهل هي رسالة للأحزاب السياسية أن استقالة الوزير ما هي الا لعبة يقوم بها رئيس الحكومة للضغط على الكتل السياسية من اجل رفع يدها عن حكومته ؟

221
من يهرب نفط العراق ؟!
محمد حسن الساعدي
تناقلت قبل فترة وسائل الإعلام إعلان السلطات الإيرانية عن احتجازها ناقلة نفط عراقية تحمل 700 ألف لتر من الوقود المهرب إلى الخارج ، وعلى الرغم من نفي وزارة النفط العراقية عبر الناطق الرسمي بأسم الوزارة والذي أكد أن الناقلة لاتعود إلى ملاكاتها، وأن أي تصدير للنفط لا يتم ألا عن طريق الآليات المعلنة دولياً،إلا أن حقيقة الأمر تكشف عن مدى تورط الأحزاب المتنفذة في البلاد،والتي باتت مسيطرة على الموانئ والأرصفة حتى بات لكل حزب رصيف معد للتهريب أو استقبال البضائع أو التجارة الخاصة به دون رقابة تذكر ، وان عمليات التهريب للنفط أو البضائع الأخرى تتم عبر وسطاء إلى الأسواق العالمية،وأن مثل هذه الظاهرة الخطيرة باتت تشكّل تهديد لاقتصاد البلاد وسرقة خيراته،كما أن مثل هذه الظاهرة تعيدنا إلى ملف سرقة النفط الذي كان سائداً في المنافذ الجنوبية والشمالية دون أي رقابة وعلى حدٍ سواء، حيث سيطرت الأحزاب على الموانئ وعلى مرئي ومسمع من الحكومة العراقية ، والتي باتت عاجزة عن الوقوف بوجه مافيات التهريب التي تعمل بغطاء رسمي .
سرقة النفط اليوم تأخذ أشكالا مختلفة. احدها هو خلط النفط المسروق في مع النفط المشروع وتصدير شحنة النفط الخام العادية مع النفط الإضافي الذي يتم تحصيل ثمنه بشكل منفصل، أما الشكل الآخر فهو ينطوي على ملء قوارب أو شاحنات بنفط مسروق يتم تسليمه بعد ذلك إلى صهاريج في الخليج وفي عام 2006، كشفت وزارة النفط عن وجود 166 قاربا بدائيا في الأنهار في البصرة تنتظر الإبحار للقاء قوارب أكبر في الخليج ، أما الثالث فهو ملء الشاحنات الناقلة بالنفط غير المشروع وقيادتها إلى الدول المجاورة مثل إيران وسوريا وتركيا.
الاستفادة من خطوط الأنابيب هو شكل آخر شائع من أشكال السرقة. حيث يتم ثقب خط الأنابيب ، ثم يتم سحب الزيت الخام إلى شاحنات أو سفن. في أواخر عام 2007 كان هناك ما يقدر ب 25 ثقب في خط أنابيب الشمال إلى تركيا. بعض قوات الأمن التي كان منوط بها حماية هذه الخطوط تواطأت في هذه الأنشطة أو كانوا هم أنفسهم الجناة. وفي عام 2004، ووجد تحقيق أجرته وزارة النفط في عام 2009 أن بعض منتسبي القوات الأمنية الكردية تشارك في سرقة النفط من الخط الناقل إلى تركيا، وظل معظم هذا النفط الخام داخل العراق ، إلى جانب العصابات والتي كان لديها محطات تكرير متنقلة، في حين كان يتم بيع بعضه لتزويد مصانع الوقود ومحطات الطاقة.
هناك أحزاب وجهات متنفذة ضالعة بتهريب نفط البصرة خارج العراق،وأن العملية التي تحولت إلى ظاهرة وخطر كبيرين يهددان ثروة البلاد ومستقبلها،كما أن ليست هناك جهة واحدة تعمل بمفردها على تهريب النفط، إنما جهات عدة تنسق أعمالها فيما بينها، والقصة ليست جديدة، لكن المقلق أنها بدأت تتحول من مجرد حالة إلى ظاهرة واسعة الانتشار تقف خلفها أحزاب وعصابات ومسؤولون متنفذون،وأن الأمر بحاجة إلى تضافر جميع الجهود لمكافحة هذه الآفة التي تهدد ثروة البلاد وتذهب إلى جيوب الجشعين بدلاً عن ذهابها إلى جيوب الفقراء سواءً في البصرة وغيرها، كما أن عملية المكافحة يجب أن تتم على مستوى عالٍ من التنسيق بين الجهات الأمنية والقضاء، كذلك يجب أن يساهم المواطن بالقضاء عليها عبر تقديم البلاغات عن حالات التهريب والمهربين،على أن تكون المسؤولية للجميع في ملاحقة المهربين وعودة خيرات البلاد إلى الشعب العراقي .

222
الإسلاميون وقاعات الروليت ؟!
محمد حسن الساعدي
لقد لعبت التيارات الإسلامية دوراً مهماً في حياة الشعوب ومما لاشك فيه أن التيار الإسلامي من أقدم المدارس السياسية والمذاهب الإيديولوجية في منطقتنا وفي الحديث عن الإسلاميين والحكم، فإننا لابد أن نتذكر التعاليم والمبادئ الإسلامية العظيمة التي أكد عليه الإسلام الحنيف ووضع له القواعد والأسس في قيادة الدولة، فالحاكم الإسلامي ليس كغيره من الحكام، بمعنى لابد أنه يكون مقيَّدا بتلك التعاليم كونه ينضوي تحت عنوانها وجوهرها، وبخلاف ذلك فإن صلته بالإسلام ستكون شكلية وسطحية ويمكن أن يطلق عليها علاقة غير جوهرية، لأن أي تضاد بين فعل الحاكم الإسلامي وبين التعاليم الإسلامية سيسحب منه الغطاء الشرعي الذي يستمده من انتمائه للإسلام وتبنيه لتعاليمه ومبادئه.
ولقد عانت المجتمعات الإسلامية كثيرا من الازدواجية بين الادّعاء والتطبيق من الحاكم أو ما يسمى بالإسلامي ، ليس فيما يخص الإسلاميين فحسب، بل معظم الحكومات وقادتها حتى العلمانية أو غيرها، إذ غالبا ما كانت تدّعي أن مجيئها هو من اجل حرية الإنسان ولكنها عندما تباشر عملها القيادي السياسي على الأرض سرعان ما تتحول إلى حكومة مصلحيه ذات نوازع فردية شريرة تتجاوز على حقوق المجتمع وتقوده وفقا لما يحقق مصالحها ورغباتها.
فالتأريخ القريب والبعيد يشيران في كثير من المحطات إلى التجارب المريرة التي مرت بها المجتمعات الإسلامية في علاقاتها مع حكوماتها التي تعاقبت عليها، ولعل هذا الأمر ليس وليد العهد، حيث تعقّدت العلاقة بين الحاكم والمحكوم في المجتمعات الإسلامية منذ أن غادر القادة الإسلاميون العظماء عالمنا، حيث بدأت سلسلة من التراجعات الخطيرة في المجال السياسي وصل فيها الحال إلى أسوأ ما يمكن أن يصل إليه الإنسان، فمع توافر جميع العناصر المطلوبة لبناء المجتمع المتطور كالثروات والقدرات البشرية وما شابه لكننا نشهد تراجعا مؤسفا وربما مخيفا في العلاقة بين الحاكم والمحكوم في مجتمعاتنا الإسلامية.
لذا ليس من المناسب للحاكم الإسلامي أن يدّعي الإسلام والتزامه بتعاليمه الإنسانية الراقية ما لم يتمكن من تحقيق جوهر هذه التعاليم للمجتمع، وفي حالة عجز مثل هذه الحاكم عن القيام بدوره وفقا لادّعائه، فلابد أن يكون ثمة خلل في دينه وتدينه والتزامه، فمن غير المعقول أن يكون الحاكم الإسلامي المؤمن حقيقة بالإسلام عرضة لإغراء السلطة وامتيازاتها فينسى واجباته الرسمية والشرعية تجاه المجتمع ويهتم بذاته ومعيته ومصالحه التي غالبا ما تأخذ من حصة وحقوق الغالبية من الناس الذين يقودهم ويدير شؤونهم باسم الإسلام.
وكما يقول المثل فإن (حبل الكذب قصير) وأن تأثير الادّعاء أقصر، لأنه سرعان ما تنكشف الحقائق والوقائع لغالبية الناس فيرون ويعرفون كل ما قام ويقوم به قادتهم من أجلهم وهل أدّوا واجباتهم بما يفرضه عليهم دينهم أم العكس، وما حصل من تبني الإسلاميين ورعايتهم لمرتع الفساد في بغداد وبعض المحافظات ألا دليل على تدني هولاء وتغطيتهم بأسم الاسلاموية على أفعال اقل ما يقال عنها أنها سرقة إسقاط مقصود للدين ؟.
كما أن تعاليم الإسلام في مجال الحكم واضحة وضوح الشمس حتى أنها لا تحتاج تفسيرا لأضعف الناس وعيا وتفكيرا، فحكم الإسلام قائم على احترام كرامة الإنسان وكفالة حريته في التعبير والقول والتفكير والعمل ما لم يضر ذلك بمصالح الغير، كما تؤكد تعاليم الإسلام على ضرورة الإيثار والتضحية ونكران الذات وتقديم مصلحة الغالبية على الأقلية مع حفظ جميع الحقوق لجميع الأفراد في المجتمع.

223

المعارضة بين دور المحاسب وضبط المكاسب ؟!
محمد حسن الساعدي
يعتبر مفهوم المعارضة من اهم المفاهيم السياسية في الدولة والتي هي مجموعة قوى وأحزاب تمارس العمل السياسي المرخص قانوناً ودستورياً كجماعات سياسية منظمة تعارض سياسة الحكومة وتنتقد سياستها الخاطئة من خلال دورها الرقابي لأداء الحكومة وكذلك تهدف الى الوصول للسلطة عبر التداول السلمي لها وفقاً للقانون، لهذا تعد المعارضة جزء أساسي وشرعي من النظام السياسي الديمقراطي ، وعلى الرغم من تباين أشكال النظم السياسية والحزبية بتباين التجارب واختلاف المجتمعات، فإن أغلب الباحثين يتفقون حول ضرورة وجود معارضة سياسية ضمن النسق أو النظام السياسي المعاصر أياً كانت طبيعته. أكثر من هذا نلحظ اتفاقاً بينهم «أي الباحثون» تجسدها الإشارة إلى أن الأغلبية الحاكمة والأقلية المعارضة هما وجهان متلازمان لعملة واحدة متداولة كثيراً في السوق الحزبية في البلاد الديمقراطية. أو كما يقول «د. نعمان الخطيب»، هما قطبان أحدهما موجب والآخر سالب، لازمان لدفع تيار التقدم والرخاء والاستقرار لكل عناصر الدولة.
المعارضة بحد ذاتها وتشكيلها في العراق سيجعل العملية السياسية تتوضح أكثر بلونها ومفهومها حيث انها ستكون واضحة اللون وتنتقل من المنطقة الرمادية الى البيضاء أو السوداء،مايجعل كل الخيوط المختفية تظهر للعيان إلى جانب أن وجود هذه المعارضة أحرج القوى السياسية التي تمتلك يداً في الحكومة تندد وتشجب وتخرج بتظاهرات والتي كشفت عن عمق التعامل بلونين مع الواقع السياسي الراهن، والذي مثل حالة التغيير في الموقف السياسي .
المعارضة في الدول الديمقراطية الناضجة والواعية تقوم بدور فاعل في المؤسسات السياسية والحزبية،أدواراً مكملة لبناء ونهضة الوطن حتى وأن اختلفت الرؤية ووجهات النظر الايدلوجية السياسية،وتقوم بدور هندسي فاعل يتناغم مع الصورة الوطنية البناءة،على ان تكون وطنية لا معارضة مربكة ومعطلة للمشهد السياسي عموماً وتحمل اجندات خارجية ،وبمعنى آخر تكون مكملة ومتممة لأداء السلطة وتسعى لوضع المعالجات لأي داء يصيب ويطرأ على مؤسسات الحكومة وادائها في جميع المناحي السياسية والاقتصادية والاجتماعية ،من خلال النقد البناء وطرح البدائل وعبر القنوات القانونية والدستورية ،ومد الجسور بينها وبين الحكومة والتي ينبغي أن تكون مفتوحة دائماً فلا يمكن أن تكون الحكومة في وادٍ والمعارضة في وادٍ آخر بل كل شطر يكمل الآخر وبما يحقق التكامل في الأداء السياسي للدولة .
أعتقد من الضروري اتاحة الفرصة لأي نفس معارض يتبع السياقات السياسية والقانونية والدستورية السماح له برفع صوته بالنقد ، وتحديد الخطأ والوقوف على مكامن السلبيات،وتكريس مفهوم التعددية السياسية وتفعيل العمل الجماهيري الناقد،وأتاحة الفرصة للأحزاب والتيارات الوطنية للعب دور اكبر وأكثر جدية في العملية السياسية .

224
الحكومة والمعارضة..ديمقراطية الرسائل .
محمد حسن الساعدي
تواصلت وسائل الإعلام والتواصل الاجتماعي على حد سواء نقل رسالة السيد عبد المهدي إلى رئيس جبهة المعارضة السيد عمار الحكيم والتي تم تسريبها،والتي جاء فيها نقد للمعارضة وطريقة تفاعلها مع الوضع الراهن عبر التظاهرات والنزول إلى الشارع،كما شاب هذه الرسالة شي من الانفعال والحدة في الطرح،إلى جانب كونها لم تقدم أي حلول للوضع الراهن سوى لغة "سوف" والتي لم تقدم سوى الخراب والدمار للبلاد والعباد،الأمر الذي جعل الوضع يصل إلى حافة الانهيار،خصوصاً في ظل الصراع المحتدم بين إيران والولايات المتحدة والذي سيدخل العراق في قلب الصراع،ويجعله ساحة حرب بين الطرفين،كل هذه الأسباب وغيرها من أسباب تجعل من الأمور باتت أكثر تعقيداً،ولا ضوء في نهاية النفق،وان الحلول الموجودة ليست سوى حبر على ورق،مع ازدياد سيطرة الأحزاب والكتل السياسية على المشهد السياسي والفصائل المسلحة التي أمست اللاعب الحاكم في الشارع العراقي .
الرسالة التي بعثها السيد عادل عبد المهدي بصفته رئيس مجلس الوزراء إلى الحكيم ، والتي سربت بقصد قبل يوم من التظاهرة التي خرج فيها أنصار الأخير في محافظات البلاد كافة لم تكن واضحة بالعموم،بل شابها بعض التشكيك في النوايا،وحملت بعض عبارات التخوين،كذلك إلى جانب بعض العبارات المتشنجة التي عكست الوضع المرتبك الذي ساد أغلب أسطر الرسالة، وفي نفس الوقت سفهّت مفهوم المعارضة الذي كان ينظر له السيد عبد المهدي عندما كان أحد أبرز رجالات المجلس الأعلى عندما كان الحكيم رئيساً له،وظل ينظر لهذا المفهوم لعقود مضت،وما المشاركة في معارضة النظام الصدامي إلا احد الأمثلة على تبني عبد المهدي لهذا المبدأ،حيث شارك في الكثير من الفعاليات خارج البلاد ضد النظام البائد وتعريته وفضح دوره في قتل وتشريد أبناء بلده، والذي كان يفترض بالسيد عبد المهدي أن يؤمن بان الديمقراطية لا يمكنها أن تقوم إلا على ذراع واحد، بل تقوم على ذراعي الحكومة والمعارضة، وهو أمر بديهي في الحكومات والدول النامية في أقل تقدير . 
رسالة الحكيم جواباً على الرسالة التي بعث بها السيد عبد المهدي كانت أكثر دقة ووضوحاً، وحملت إجابات لأغلب الأسئلة والاستفهامات التي طرحها عبد المهدي في رسالته،إلى جانب أن رسالة الحكيم وقفت عند الصغيرة قبل الكبيرة،فكانت واضحة وجلية وأجابت عن اغلب الأسئلة التي طرحت،إضافة إلى أنها كانت شفافة لا انفعال فيها كما تميزت رسالة عبد المهدي،والاهم من ذلك كله فان رسالة الحكيم التي حملت 8 صفحات كانت خارطة للطريق الذي اختاره في ترسيخ مفهوم المعارضة البناءة والتي ولدت من رحم الدولة ، وتعكس المفاهيم الحقيقية للديمقراطية ومفهوم إدارة الدولة ومحاربة الفساد وتقييم الحكومة في تقديم الخدمات للمواطن،إلى جانب كونها مرآة الشعب في الوقوف على مكامن الخلل في إدارة الدولة وتوجيه الحكومة نحو الإدارة الناجحة .

225

جسر الطابقين يتمدد ؟!
محمد حسن الساعدي
أسس هذا الجسر على أساس بناء طابقين في آن واحد ، ويحمل فوق مقترباته طريقين واحداً فوق الآخر ،وبانسيابية عالية في السير، دون وجود ازدحام فالجانب الأيمن يمثل خط الذهاب والآخر خط الآياب،وكلاً يعمل وفق مهمته المرسومة له دون التأثير على خط سير الآخر أو التأثير على سير العجلات أو محاولة أيجاد الازدحام .
العملية السياسية أو أي عمل برلماني مبني على ركنين هامين هما المعارضة والموالاة، وكلا الخطين والاتجاهين يعملان من أجل ترسيخ الديمقراطية في البلاد ، وتعزيز العمل السياسي فيه ، إلى جانب إيجاد وسائل التواصل السياسي فيما بينها وبين السلطة التنفيذية وبما يعزز سلطتها ، ويقوي مبدأ المتابعة عليها ، إلى جانب أيجاد الرقابة اللازمة على مؤسسات الدولة كافة ومحاسبة المقصر ، وإيجاد الذرائع القانونية والرسمية لرفع عن الحكومة وإسقاطها .
أن المعارضة التي تبدأ من جنس النظام السياسي تختلف عن المعارضة ضد النظام، فالمعارضات التي تكون ضد النظام لها أساليبها والتي تبدأ ناعمة وتذهب إلى الخشنة وتتحول إلى المسلحة، تبدأ من سرية ثم تتحول علنية ثم تذهب إلى الخارج كونها لا تتحملها الأنظمة الدكتاتورية، أما المعارضة في الأنظمة الديمقراطية فهي من النوع الثاني هي من جنس النظام بل هي مرآة الحكومة،وهي مرآة الدولة كي ترى نفسها في المعارضة النقية التي تعكس ما تراه، لذلك المعارضة من جنس النظام هي معارضة هادفة بناءة دستورية سلمية لا تعارض فقط من أن تكون معارضة.
المعارضة تكمن في دول الديمقراطية الليبرالية القائمة على أساس العدالة والمساواة والحريات السياسية من  دون تمييز على أساس العرق أو الجنسية أو الدين أو الطائفة وغيرها بين المواطنين، وتبقى مشكلة المعارضة معقدة عندما يكون عدد الأحزاب الممثلة لها كثير، وحيث يكون بينها تباعد فكري وأيديولوجي يصعب عليها تحقيق التحالف في وحدة الموقف والرأي الموحد، إذ لا يمكن لها أن تكون قوة ضاغطة على القوة السياسية صاحبة سلطة الحكم أو مواجهتها على أرض الواقع الميداني عما ترتكبه من ممارسات خاطئة أو هفوات سياسية واقتصادية مضرة بمصلحة البلد،وبعد قراءة الواقع السياسي والاجتماعي العراقي، هل تستطيع تلك القوى المتعددة والمختلفة في أفكارها وتقاليدها وبرامجها الفكرية والتنظيمية أن  تشكل معارضة فاعلة وضاغطة في داخل البرلمان أو الجمعيات الوطنية وضاغطة على مستوى رأي وقناعة الناخبين بالمنطق والحجة والموقف البنّاء والواضح والمخلص والنزيه من كل غرض؟
يبقى الجسر ذو الطابقين في تنشيط حركة السير على الرغم من الاختلاف في السير ، وتبقى لوحاته توجه العجلات نحو الطرق الآخرة ، ولكن هذا الجسر هل سيتمدد ليكون جسراً لكل الأطياف والألوان ، وليكون معبراً عن كل المواقف السياسية التي تختلف مع الحكومة في الشكل أو المضمون ، هذا ما سنتركه للأيام المقبلة لتتحدث عنه .

226
المعارضة بدأت في العراق
محمد حسن الساعدي
تعبّر المعارضة في الدول الديمقراطية عن مجموعة من الفئات أو الجماعات التي لها أهداف سياسية واضحة وتمتلك الأسس والإطار القانوني لها ،وكذلك قدرتها على إعلان موقفها وان كان معاكس أو مغاير لوجهات نظر السلطة التنفيذية ، ويأتي هذا الإعلان من خلال الفعاليات السياسية والاجتماعية ،وتتشكل المعارضة عادة من حزب واحد أو مجموعة أحزاب أو أشخاص ،وتعد مظهر من مظاهر الحكم ،و جزء مهم من أجزاء الديمقراطية الحقيقية للدولة ،كما تعد داعم وبديل لأي نظام سياسي وتعطي حافزاً مهماً لعمليه التداول السلمي للسلطة ،وداعما لأي تحول في السلطة التنفيذية كونه مراقباً ومتابعاً و محاسباً في أي أداة لهذه السلطة،الأمر الذي يجعلها أمام مسؤوليات كبيره ومهمة في ترسيخ أسس الدولة المتحضرة .
الحاجة إلى المعارضة في إطار العملية السياسية،تنطلق من عده أهداف و متبنيات ،وتأتي في مقدمة هذه الأهداف هو النظام الديمقراطي ،إذ من أهم أسس استقرار إي نظام ديمقراطي وجود معارضة وطنية فاعلة وبناءة ،تراقب وتتابع أداء الحكومة وتجد التوازن السياسي اللازم في المنظومة الحكومية ،إلى جانب كونها تعبر عن السياسات التي ترفض القرارات أو المواقف الكلية أو الجزئية للحكومة،والتي تتعارض بالمجمل مع القانون أو الدستور ،كما أنها تعد من لوازم وضرورات إصلاح النظام السياسي ،حيث وبعد مرور أكثر من 16 عاما من التجربة الديمقراطية الفتيه،ومخاضات العملية السياسية فان النظام السياسي القائم بحاجه إلى عمليات مراجعه وتقييم وتقويم أساسية وفعالة  وتقديم البدائل والإصلاحات  الضرورية لضمان استمرايته وفعاليته .
الحكيم انطلق في الانحياز إلى المعارضة كونها احد الحلول الناجعة في تشكيل وتأسيس المعارضة الدستورية ،لما تمتلكه من مناهج وسياسات جاهزة ،لحل مختلف المشاكل والأزمات والتحديات ،كما كونها جاءت بسبب غياب المشاركة في صنع القرار ،وتوزيع الأدوار التي كانت نتاج التوافقات السياسية غير الواضحة ،وتحالفات غير متماسكة في المشهد السياسي ،والشيء الأهم في هذا المشهد هو الضعف والتلكوء الواضحين في الأداء الحكومي ،وإيجاد المخرجات الموضوعية لهذا الأداء ،وبما يحقق التكامل المنشود بين الحكومة والمعارضة .
الحكيم يدعو في معارضته إلى تفعيل النظام السياسي، و استكمال عناصر المشهد الديمقراطي ،من خلال إيجاد التعديلات المناسبة للدستور،وتنظيم حركه الكتل السياسية وتعديل النظام الانتخابي،إلى جانب استكمال التشريعات الأساسية،وتحقيق الشفافية في عمل الحكومة ،ورفع المستوى الرقابي والتشريعي في مجلس النواب ،ولكن الشيء المهم هو الوصول إلى تحقيق الأغلبية البرلمانية ،والقادرة على التغيير والإصلاح وإيجاد الرؤيا الحقيقية للحكومة والعمل السياسي ،من خلال فرز المناهج والمهام ،وتحميل القوى السياسية الموالية للحكومة والمؤيدة لها مسؤوليتها في أداره الدولة والبلاد ورعاية مصالح المجتمع .

227
برتقال ديالى في صيفها اللاهب .
محمد حسن الساعدي
تميزت هذه المدينة والتي تحدها خمس محافظات إلى جانب امتلاكها حدوداً طويلة مع إيران ما تعد حلقة وصل مهمة بين الشمال والوسط ، كما تعتبر هذه المحافظة من المحافظات المهمة في الإنتاج الزراعي من ناحية الحمضيات أو من ناحية إنتاجها للقمح حيث تعتبر من الأراضي الخصبة في الإنتاج ومن النوعيات المتميزة في البلاد ، كما تعتبر هذه المدينة ذات مليون ونصف نسمة تتميز بتنوعها القومي والمذهبي ، وما تميزت به هذه المدينة هو التعايش الاجتماعي بين مكوناتها، والتزاوج بين عوائلها حتى أصبحت مكوناتها متماسكة من حيث العمق القبلي أو حتى من حيث العلاقات الاجتماعية فيما بينهم ما جعل هذه المدينة تعيس أجواء هذا التعايش طيلة سنين مضت .
بعد أحداث عام 2003 وما رافقها من دخول الجماعات الإرهابية ابتداءً من القاعدة مروراً بعصابات التوحيد والجهاد وانتهاء داعش حيث استهدفت هذا التنوع والتماسك ، وضربت عمق هذا الوجود العشائري والقبلي ، وأحدثت فيه شرخاً ، حيث عملت العصابات الإرهابية إلى أسلوبين (التهجير والقتل ) حيث عمدت هذه الجماعات الإرهابية إلى القيام بعمليات إرهابية استهدفت السنة والشيعة على حد سواءً، إلى جانب الاستهداف الممنهج الذي قامت به بعض الجماعات المحسوبة على الكرد ، لتهجير العرب عموماً ( الشيعة والسنة) من هذه مناطق تواجدهم وعمقهم التاريخي للتأثير على وجودهم الديمغرافي مما يؤثر بالسلب على قاعدة وجودهم وتأثيرهم في أي انتخابات قادمة ، إلى جانب سعي الأطراف السياسية والتي كانت تعمل مع الإرهاب ليلاً وفي السياسية نهاراً إلى ضرب العلاقات والروابط الاجتماعية بين جميع المكونات ، وأحداث شرخاً فيها وفق قاعدة خبيثة (فرق تسد) .
ديالى الخير ما زالت تعاني من صراع عملاقة السياسة ، وشذاذ الفساد والقتل ، وما زالت تعاني من حيتان الفساد التي تعمد إلى ضرب صميم المحافظة وقتل وجودها وخيرها ، من خلال العمل على زحزحة أمنها ، وإيجاد الفرقة بين أبنائها ومكوناتها بما يحقق الأجندات الخارجية التي تعمل على ضرب المحافظة من الداخل عبر إدامة الشحن الطائفي والمذهبي والمستفيد من كل هذا هم من يريد أن تعيش هذه المحافظة في بحيرة من الدماء .
ديالى البرتقال ستبقى متماسكة أمام الأجندات ، وأمام أي مخطط يراد به ضرب المكونات فيها ، ولكن في الوقت المسؤولية كبيرة على عشائرها ومثقفيها وشخصياتها في العمل على نبذ الخلاف والاختلاف وعدم السماح لمصاصي الدماء من السياسيين في اللعب على وتر الطائفية من جديد ، وإيقاف أي مخطط خبيث يراد به تخريب أمنها واستقرارها ، كما على الحكومة السعي الجاد والحثيث من اجل أقامة المشاريع الإستراتيجية المهمة فيها ، وإعادة أعمار ما دمره الإرهاب الداعشي ، وتفعيل القوانين التي تحمي حقوق أبناء المدينة ، وإعادة شجرة البرتقال إلى عهدها لتكون فخراً للأجيال على مر الزمان

228
المنبر الحر / حرف النون ؟!
« في: 17:40 24/06/2019  »
حرف النون ؟!
محمد حسن الساعدي
هو حرفاً حاضراً في كل المواقف، فهو المشاركون والغائبون والحاضرون والمؤيدون والمساندون والرافضون والمستأثرون ، وكلها تدخل في خانة النون ، وكلهم متفقون على شعار"خدمة المواطن" ومحاربة الفساد وملاحقة الفاسدين، وبسبب حالة التعددية الحزبية التي سببت حالة من الفوضى في الدولة ، حيث لم ينظر لهذه التعددية على أنها أسلوب لتوسيع المشاركة في الحكم ، وممارسة السلطة في إطار الدولة وترسيخ مبدأ الديمقراطية،لذلك فان المعارضة هدف ومسعى نبيل ،والتي تستخدم في مسعاها الكلمة والقلم ،وكل الوسائل الشرعية ومنها النقد وتشخيص الخطأ،وتمارس دور هام في الرقابة على أداء الحكومة ، وهي تساهم في عملية الانضباط السلوكي لرجال السلطة التنفيذية،وعندما لم تجد المعارضة أي خطوة نحو التغيير تسعى بالأساليب القانونية والدستورية لتغيير السلبي وأزالته .
أن الدول الديمقراطية المعاصرة مدركة تماماً لدور المعارضة حيث تسهم في تنفيس الاحتقانات،كما أن وجودها وأداؤها لدورها يحول دون تسلط الحاكم لهذا نلاحظ أن الدكتاتورين يزدادون غطرسة كلما غاب رأي الناس أو اعتراضهم،كذلك هناك أسباب قد تدفع المعارضة السياسية إلى الابتعاد عن أخلاقيات العمل السياسي المعارض،إلى جانب أن النخب والكتل السياسية لم تقبل بالمنافسة السياسية ،وتعد طعناً في شرعيتها وفي دورها السياسي،لذلك تلجأ المعارضة السياسية إلى إيقاف حركة الحكومة عندما نشعر أنها انحرفت عن مسارها،وهنا ليس تخريباً أو تسقيطاً بقدر ما هو تعديل لمسارها،وإعادة إلى حركتها الطبيعية وتنوعيها بما يعزز دورها الخدمي للمواطن،الأمر الذي يجعل الدولة بجناحين هما الدولة والمعارضة وكلاً يعزز دور الآخر ويقويه ما يمنح الدولة قوة وسلطة ويعطيها مناعة ضد أي تخلخل في نظامها أو خلل في مؤسساتها الدستورية،كما يمنع الفساد ويقف عائقاً أمام المفسدين .
لا احد ينفي حقيقة عدم وجود معارضة حقيقية في الوسط السياسي إلى جانب وجود قناعة بعدم نضج التجربة الديمقراطية وذلك بسبب طغيان مبدأ التوافق السياسي ، والذي لم يسمح بأي صوت معارض،وعملها بشكل صحيح على مدى الستة عشر الماضية لذلك تلجأ بعض الأطراف إلى إيجاد أسس حقيقية لهذه المعارضة من خلال إعلانها جهة معارضة في البرلمان ضد الحكومة وليس ضد النظام السياسي والدولة لذلك فأن عدم وجود معارضة داخل البرلمان لا يعني عدم وجودها في الوسط السياسي وتكون صوتاً قوياً أمام السياسات الخاطئة للسلطة التنفيذية في البلاد

229
عبد المهدي بين الإقالة والاستقالة ؟!
محمد حسن الساعدي
تداولت وسائل الإعلام خبر تلويح رئيس الوزراء عادل عبد المهدي بالاستقالة في حال عدم الانتهاء من التصويت على ما تبقى من كابينته الوزارية ،ودائماً ما يلجأ الأخير إلى التلويح بها عندما يشعر بأنه وسط مأزق،ولا مجال للخروج إلا بهذه الوسيلة ، ما عده البعض أسلوب ضعف وليس قوة في مواجهة المشاكل والتحديات التي تواجه العملية السياسية،ومع تسلم رئيس الحكومة مهامه يتبادر إلى الأذهان ما يرد طوال الفترة الماضية من التلويح بالاستقالة وقت شاء،خصوصاً وأن ما يجري على الساحة السياسية والحراك السياسي الذي يمر بحالة تخندق نتيجة التدافع والتسابق والتسقيط المتبادل في ظل الصراعات الداخلية والتجاذبات والتداعيات الإقليمية للمنطقة،والتي تؤثر بشكل مباشر على المشهد العراقي،خصوصاً مع التشظي الواضح في الكتل السياسية والاختلاف في الرؤى،وهو المأزق الذي يحاصر عبد المهدي ويجعله مقيداً في اختيار قراراته .
عبد المهدي قدم وعوداً للكتل السياسية وللجمهور أن تكون كابينته الوزارية بعيدة عن المحاصصة،وتعتمد التكنوقراط في الاختيار الأمر الذي كان حافزاً في استخدام الوسائل الالكترونية في الاختيار،والذي تجاوز فيه عدد المتقدمين أكثر من 30 ألف متقدم،والذي لم يرشح أي من هولاء لأي منصب حكومي،ولكن يبقى هذا الأمر على الورق دون أي خطوات في الاختيار ، وتم تشكيل الحكومة على أساس المحاصصة الطائفية والقومية،ولحد الآن لم يصادق على أربع وزارات نتيجة لهذه الخلافات والصراعات، وما شهدناه من صراع على حقيبتي الداخلية والدفاع،إلا دليلاً على ذلك ،وهذا يؤكد أن سيناريو الضغط على فرض الإرادات والتهديدات ،كما هو الحال في السابق ما يجعل عجلة الفساد تدور بوتيرة أسرع،وتجعل الفاسدين أكثر سطوة ونفوذاً، وهذا ما جعل الأمور تسير نحو التعقيد والإرباك،وهذا ما يؤثر على الواقع السياسي والأمني في البلاد .
تركة ثقيلة جداً على حكومة عبد المهدي ولكن كيف سيتعامل معها؟ اعتقد أن سوف يحاول إصلاح جزء معين من المشاكل التي يعاني منها العراق، بينما سوف يتجاهل المشاكل الأخرى لخشيتهِ ترك السلطة أو التصادم مع الأحزاب، وبالتالي فأن الحلول القادمة ستكون نصفية وليست كلية والمعالجات جزئية . أن عبد المهدي يمتلك الفرصة من خلال خلفيته السياسية المتعددة والتي قد تكون له نوعاً من الانفتاح السياسي؛ ولكن في الحقيقة أن الحاكم الحقيقي في العراق هي الأحزاب السياسية التي خلقت هذه التركات، وهناك سلطة تحكم العراق حالياً وهي من أوصلت البلاد إلى ماهو عليه الآن وهي من كلفت السيد عادل عبد المهدي بمهام رئيس الوزراء،لهذا فان فرصة الاستقالة مغلقة تماماً ، ولكن في المقابل فان فرص الإقالة مفتوحة وبأساليب متعددة .

230
من المستفيد من إشعال الحرب بين أمريكا وإيران؟!
محمد حسن الساعدي
تناقلت وسائل الإعلام حديثاً لرئيس تحالف الإصلاح السيد عمار الحكيم عن وجود طرف ثالث يريد الحرب أن تشتعل بين الطرفين ، وأكد الأخير في لقاءات جمعته مع مسؤوليين أميريكان أن بلاده لن تخوض حرباً بالنيابة عن احد ، وسيكون للعراق موقفاً من هذا الصراع الذي بدأت ملامح تصاعده مع دخول البوارج الأمريكية إلى المنطقة ، وسحب الكوادر والموظفين من السفارة الأمريكية في بغداد ، الأمر الذي ربما يكون إعلان مواجهة بين الطرفين ستبدأ في العراق،وان إسرائيل لعبت دوراً محورياً في هذا التصعيد ، ولكنها في نفس الوقت ترغب أن يكون محصوراً على الأرض العراقية ،وان لا يتسع ليشمل عموم المنطقة العربية ، وذلك تفادياً لاقتراب نار الصراع إلى حدود الصهاينة، حيث تؤكد التقارير أن الاستخبارات الإسرائيلية عقدت اجتماعات مهمة مع الاميركان في دفعهم للصدام مع طهران ، الأمر الذي دفع الإدارة الأمريكية إلى اتخاذ إجراءات سريعة في الشرق الأوسط وإرسال سفن حربية إلى الخليج ما استدعى طهران إلى اتخاذ إجراءات مشابهة ونشر صواريخ باتريوت باتجاه تل أبيب، وتحريك قطعها الحربية باتجاه مضيق هرمز والتهديد بغلقه أمام الملاحة الدولية ، حيث يعتبر المضيق المتنفس الوحيد لنفط دول الخليج وتجارتها الاقتصادية مع العالم .
إسرائيل والمملكة العربية السعودية، وهما أهم حلفاء الإدارة الأمريكية في المنطقة، تقفان موقف المرحب بالخطوة في دخول البارجة الأمريكية وتأجيج الموقف ، إلا أن شركاء الإدارة الأمريكية في أوروبا يشعرون بعدم الارتياح إزاء ما ستؤول إليه الأمور، فقد اتخذت كل من إسبانيا وألمانيا وهولندا خطوات من شأنها وقف أي أنشطة عسكرية في منطقة الشرق الأوسط مشاركة مع الأمريكيين، نظرا لتصاعد التوترات في المنطقة، وهذا ليس الوقت المناسب لتجربة كيف سيكون النزاع بين الولايات المتحدة وإيران، أضف على ذلك أن مقارنة هذا النزاع بغزو العراق عام 2003 لن يكون مفيدا،لان الظروف ليست كالسابقة ، والنظام البعثي ليس كالقيادة في طهران ، ولا الظروف كسابقتها أبان غزو صدام للكويت ، ودخول واشنطن على خط المواجهة ، إذ أن إيران تعتبر مثالا مختلفا عما كان عليه الوضع في العراق إبان حكم البعث ، ففكرة شن غزو شامل على إيران لن يكون ضمن الخيارات المطروحة، بل قد ينشأ صراع عسكري جوا وبحرا تختلف طريقة إيران في التعامل معه، مما قد يشعل المنطقة بأسرها.
الحكيم في حديثة إلى الاميركان عبر عن موقف العراق الرسمي ، في ضرورة إبعاد البلاد عن أي مواجهة أو حرب بالوكالة ، ويمكن أن تكون بغداد طاولة الحوار لا ساحة حرب ، وجلوس الفرقاء إلى الحوار ، والخروج بتفاهمات من شانها التهدئة بالمنطقة ، وتفويت الفرصة على العدو الصهيوني الذي يتحين الفرص لإشعال المنطقة من جديد،   لذلك فأن أي تصعيد أمريكي يأتي من خلال سياسة العصا الغليظة يستهدف إجبار النظام الإيراني على الدخول في حوار مع الولايات المتحدة ولكن إدارة ترامب تريد هذا الحوار على طريقتها ووفق شروطها الاثني عشر التي أعلنها مايك بومبيو من قبل وتشمل الملفات الثلاثة وهى وقف برنامج إيران النووي وبرنامجها الصاروخي الباليستي ودعمها الإرهاب, وليس الحوار على طريقة أوباما, الذي ركز على إبرام اتفاق نووي والتغاضي عن الملفات الأخرى ، ولطن وكما يرى بعض المحللون أن خيار المواجهة العسكرية الشاملة مستبعد إلا إذا أدت سياسة حافة الهاوية الإيرانية إلى الصدام مع الولايات المتحدة عبر إغلاق مضيق هرمز، أو استهداف القواعد والمصالح الأمريكية في المنطقة .

231

العلاق لم يعلق جيداً ؟!!
محمد حسن الساعدي
عندما تريد أقناع جمهور ، فما عليك سوى ان تختار جيداً مفاهيمك وعباراتك ن وهذا الامر معمول به في كل الوسائل الاعلامية ، إذ ان الخطاب الاعلامي لابد أن ترافقه المصداقية في الطرح ، مع مساندة المصاديق الاخرى كالأرقام والتقارير  والمستندات والتي تدعم القول والطرح ، وحقيقة ما جاء به السيد العلاق من تصريح حول غرق 7 مليارات دينار في مياه الامطار لا يعبر سوى عن مدى الاستخفاف بعقول الناس ، والتغطية على فضائح اكبر واوسع ، وأن مثل هذا التصريح تعودنا عليه أبان حكم نظام البعث ، حيث كان يغطي عللا سلوكه الاجرامي وفساده بأفعال وتصريحات لم تكن تنطلي على العوام من الناس ، فكيف اليوم مع انتشار الوسائل الالكترونية من الانترنت والتواصل الاجتماعي الذي بعد القريب ، ويضع العالم كله بين يديك .
السيد العلاق لم يكن مهنياً في طرحه لموضوع غاية في الاهمية ، كون الملف يخص " قاصة العراق " المالية الا وهو البنك المركزي العراقي ، والذي يعد من أهم المؤسسات المالية في الدولة ، كما أن طريقة طرح الموضوع لم تكن بالمهنية فكان يفضل أن يتم السكوت عن الموضوع حاله كحال الكثير من الملفات المالية الخطيرة التي ما زالت في ادرجة المسؤولين ، ويعلم الجميع من الخبراء الاقتصاديين والمال ان العملة العراقية لا يمكنها أن تتأثر بالظروف البيئية ، لأنها طبعت بمواصفات عالمية دقيقة ، الى جانب ان بناية البنك المركزي لم تتعرض طيلة عمرها الى مثل هذا "الاختراق المائي " ، لان أي خلل في هندسة البناء ، فهو يمثل فشل للشركة التي قامت ببناء مبنى البنك المركزي ، ذات المواصفات العالمية ، وهذا الامر متفق عليه تماماً أن البناية لم تتعرض طيلة العقود الماضية لفشل في البنى التحتية ، وان وجد فهو يمثل فشل في الصيانة وفساد في كيفية التعاطي مع مثل هكذا حالة خطيرة تتعلق بأجواء حفظ الاموال ، الامر الذي عرض تصريحات السيد العلاق للتشكيك ، وجعلت وسائل التواصل الاجتماعي تعج بالتعليقات ، والاستهزاء بهذه التصريحات عبر منشورات السخرية ، أمام تصريحات تخالف الحقيقة ، وتجانب التلاعب بعقول الجمهور بما يتلاءم ونهم الفساد المتبع ، والذي أخذ ينخر مؤسسات الدولة كافة .
حكومة السيد عبد المهدي تتحمل مسؤولية كبيرة بهذا الاتجاه ، بتشكيل لجنة لتقصي الحقائق ، وتفعيل دور هيئة النزاهة لمعرفة الاسباب التي وقفت وراء هذه السرقة العلنية وفي وضح النهار ، والكشف عن الجناة ومحاسبتهم ، وتهيأة الاجواء البيئية لحفظ الاموال وعدم هدرها ، وضمان عدم تكرار مثل هكذا حالات أصبحت ظاهرة في بلاد كثر فيها الفاسدون ، الذين حكموا البلاد والعباد تحت طائلة القانون

232
رئيس الحكومة القادم ... مرشح محاور أم تسوية ؟!!
محمد حسن الساعدي
مع احتدام الصراع بين القوى السياسية حول نتائج الانتخابات ، وما شابها من اتهامات وجهت إلى العملية الانتخابية برمتها ، من تلاعب بأصوات الناخبين ، وتزوير نتائجها ، تصاعدت حدة الأصوات الداعية إلى مرشح منصب رئيس الوزراء القادم ، حيث تبنت بعض الكتل السياسية " المرشح المستقل " ، وذهبت بعض الكتل السياسية إلى مرشح التسوية ، كون الكتل الفائزة لم تحقق أرقاماً كبيرة ، إلى جانب عدم قدرة هذه الكتل على تقديم مرشحها لمنصب رئاسة الوزراء ، لان الأخير لا يتعلق بعدد مقاعد الكتلة الفائزة فحسب ، بل القدرة على أقناع الكتل السياسية الأخرى وتشكيل كتلة كبيرة تتبنى عرض مرشح رئاسة الوزراء القادم ، الأمر الذي يجعل مسألة اختيار رئيس الوزراء تدخل في دائرة التعقيد ، فالسيد العبادي يسعى إلى تجديد ولايته من خلال التحالف مع من يؤيد هذا المسعى ،الأمر الذي يجعل مسألة اختيار رئيس الوزراء تدخل دائرة التعقيد ، إذا ما قرأنا واقع الكتل السياسية ، فالسيد العبادي يذهب إلى أن أي تحالف مع أي كتلة منوط بتوليه للولاية الثانية ، الأمر الذي يرفضه أغلب الكتل في داخل التحالف الشيعي ، وعدته أمراً يعود إلى تحقيق الأغلبية السياسية .
ربما من المبكر التنبوء بالاسم الذي سيتولى رئاسة الوزراء في البلاد ، وربما كل طرف يعتبر مرشحه مناسب بناءً على طموحاته وأمانيه ، أو ربما قرآته للواقع السياسي في البلاد ، ولكن الشيء المتيقن هو أن عدد المقاعد لايحسم المرشح ، بمعنى أن قائمة سائرون مثلاً لا يمكنها ان تبني أن رئاسة الوزراء من حصتها ، او ربما يكون هو الأقل مقاعد هو من يكون مرشحه الأوفر حظاً من بقية المرشحين ، الأمر الذي يجعل كل الاحتمالات مفتوحة ، لهذا بدأت مشاورات الكتل والأحزاب الفائزة بهدف تشكيل أئتلاف يسمي رئيس الوزراء القادم ، وربما ستلجأ بعض القوائم الفائزة إلى الضغط على رئيس الوزراء لتعويضها بوزارة هنا أو وزارة هناك ، وهذا ما يزيد المشهد تعقيداً ، إلى جانب الخلافات الحادة بين بعض القوائم كقائمة سائرون ودولة القانون ، لهذا سيكون هناك مرشح تسوية لمحاولة سد الشاغر الذي سيكون في حالة انقضاء الفترة الدستورية ، كما أن التأثير الإقليمي له الأثر البالغ في تسريع اختيار رئيس الوزراء ، وحسم الائتلافات استعداداً لعرض مرشح رئاسة الوزراء على مجلس النواب القادم . 
في الوقت الراهن، يبدو أن الكثير من قواعد اللعبة الديمقراطية تتمحور حول ما إذا كان جميعهم أو تحالف من اثنين منهم سوف يكون قادراً على تشكيل مثل هذا التحالف ، وفي الوقت نفسه، تقوم أحزاب سياسية أخرى بالمناورة ، وتتطلع إلى حلف مع واحد من الأحزاب الشيعية الرئيسة ، يحاول تيار الحكمة بزعامة عمار الحكيم تقديم نفسه كحل وسط معتدل بين هذه الكتل ، وربما سيلجأ الشيعة المتخوفين من الاقتتال الداخلي بينهم ، إلى الالتفاف حو هذا الخيار ، ورغم من مرور شهرين على الانتخابات إلا أن الوقت مازال مبكراً ، لذلك فإن الأزمة المحتملة تدور حول مدى قبول الكتل السياسية بمرشح التسوية من عدمه .   
 

صفحات: [1]