عرض المشاركات

هنا يمكنك مشاهدة جميع المشاركات التى كتبها هذا العضو . لاحظ انه يمكنك فقط مشاهدة المشاركات التى كتبها فى الاقسام التى يسمح لك بدخولها فقط .


مواضيع - شابا ايوب

صفحات: [1]
1
"أوكرانيا على حافة الهاوية"
هذا ما قاله جنرال رفيع المستوى: إعترف نائب رئيس مديرية المخابرات الرئيسية سكيبيتسكي بالوضع الصعب للغاية على الجبهة، ويتوقع هجوماً روسياً في نهاية مايو و "أيام مظلمة" على خاركوف.  وبعد ذلك سوف يستولي الروس على دول البلطيق خلال أسبوع.

 “هناك في صوت اللواء فاديم سكيبيتسكي قلق عند تقييم الآفاق القتالية لأوكرانيا.  والوضع، بحسب قوله، هو الأصعب منذ الغزو الروسي ، والأمر على وشك أن يصبح أسوأ.
ويتوقع سكيبيتسكي أن تستمر روسيا في تنفيذ خطة تحرير المناطق الشرقية من جمهوريتي دانيتسك و لوغانسك.
 "مُشكلتنا بسيطة جداً : ليس لدينا أسلحة.  يعرف الروس دائما أن شهري نيسان وأيار سيكونان صعبين بالنسبة لنا.

سقوط مدينة تشاسوف يار - والذي يعتبر مفتاح التقدم إلى آخر المدن الكبرى في الدونباس هو مُجرّد  مسألة وقت.  ورأى الجنرال أن الجيش الروسي يعمل "كجسم واحد، وبخطة واضحة وتحت قيادة واحدة".
ويُشير القائد العسكري إلى أن روسيا تستعد للهجوم على منطقتي خاركوف وسومي.  وستبدأ في نهاية شهر مايو أو بداية شهر يونيو.
 على أية حال تُواجه خاركوف أياماً قاتمة.  ويقول الجنرال إن شهر أيار/مايو سيكون شهرا مِفصلياً، حيث تَتّبع روسيا خطة ثلاثية المستويات لزعزعة الاستقرار.

العامل الرئيسي هو العسكري.  وقد تمر أسابيع قبل أن تصل المساعدات العسكرية الأمريكية إلى الجبهة.  ومن غير المرجح أن يتم مقارنتها بالموارد الروسية.
العامل الثاني هو حملة التضليل لتقويض التعبئة الأوكرانية والشرعية السياسية لزيلينسكي، الذي تنتهي ولايته الرئاسية بشكل مشروط في 20 مايو.
العامل الثالث هو حملة روسيا المتواصلة لعزل كييف دولياً.  ولا يرى سكيبيتسكي أن هناك طريقة لفوز أوكرانيا بمفردها.  ولا يمكن لمثل هذه الحروب أن تنتهي إلا بمعاهدات، لكن المفاوضات قد لا تبدأ قبل النصف الثاني من عام 2025.

 ويُؤكد الجنرال: إذا لم يجد جيران أوكرانيا طريقة لزيادة الإنتاج الدفاعي لمساعدة كييف، فسيجدون أنفسهم أيضاً في مرمى روسيا.  وأضاف أن "الروس سوف يستولون على دول البلطيق خلال 7 أيام".
  " إن وقت رد فعل الناتو يجب أن لا يتجاوز  10 أيام."

ترجمة: د.شابا أيوب
5 أيار 2024

2
نشرت جريدة الشيوعي (*) في عددها الخامس أيار -2024 مقالاً بعنوان:
 " الناتو - آلة حرب أكملَ عُمره الخامس والسبعين"
بقلم: يورديس نيلسن
(Hjørdis J. Nielsen) (**)
   
 اتخذتْ حركة السلام في كوبنهاكن إجراءات ضد آلة الحرب التابعة لحلف الناتو في الذكرى الخامسة والسبعين لتأسيسه في عام 1949.

لقد خلقَ الناتو الموت والدمار في جميع أنحاء العالم بسبب حروبه وتدخلاته  في الإنقلابات وممارسته شتى أشكال العنف.
في عام 1999، غزا الناتو يوغوسلافيا دون تفويض من الأمم المتحدة، وانتهكَ القانون الدولي ، وغيَّرَ الحدود السابقة بالحرب والعنف.  وشارك في تلك الحرب جنود دنماركيون وطائرات حربية دنماركية في التفجيرات وأعمال العنف ضد السكان.

 وفي عام 2001 بدأ الناتو الحرب في أفغانستان ضد حركة طالبان.  وفي عام 2021، كان على الولايات المتحدة أن تستسلم وتسحبْ قوات حلف شمال الأطلسي في غضون أيام ، تاركة سكان البلد ليتدبروا أمرهم بعد عشرين عاماً من الحرب والدمار.

 وشاركَ جنود دنماركيون وطائرات مقاتلة دنماركية في الحرب تضامناً مع الولايات المتحدة.

 وفي عام 2003 بدأ الناتو الحرب ضد العراق وأطاحَ بنظام الرئيس العراقي صدام حسين بحجة امتلاك العراق لأسلحة الدمار الشامل، وهو ما لم يتم إثباته مُطلقاً.  وكان رئيس الوزراء الدنماركي آنذاك أندرس فوغ راسموسن من أشد المؤيدين لخوض الحرب على أساس هذا الادعاء.

وفي وقت لاحق، أصبح أندرس فوغ راسموسن أميناً عاماً لحلف شمال الأطلسي، وفي عام 2011 شن الناتو، بقيادة أندرس فوغ راسموسن، هجوماً على ليبيا وقُتِل على أثره الزعيم الليبي معمر القذافي.

 منذ عام 2011 وبعدها بعدة سنوات، أخذ الناتو زمام المبادرة لشن هجمات ومحاولات متكررة لزعزعة استقرار سوريا، تَمَّتْ غالباً بدعم من إسرائيل، حليفة الولايات المتحدة.

 في عام 2014، تَدخّلَ الناتو في الشؤون الداخلية لأوكرانيا، وحَرَّضَ على الانقلاب ضد الرئيس المنتخب شرعياً ، وفي ممارسة العنف ضد السكان الروس في أوكرانيا وإقصائهم وتهميشهم. 
اليوم نرى عواقب الحرب التي شنتها الولايات المتحدة وحلف شمال الأطلسي ضد روسيا تحت ستار حرب إستقلال أوكرانيا.

 تأسس حلف الناتو في 4 أبريل 1949، عندما انضمت 12 دولة غربية إلى تحالف دفاعي بقيادة الولايات المتحدة.

 في عام 1991 تفكَّكَ الاتحاد السوفييتي وأُلغيَ حلف وارسو. كان ينبغي لحلف شمال الأطلسي بعد إلغاء حلف وارسو أن يلعب نفس الدور ، لكن الناتو واصل تقدمه واليوم هناك 32 دولة عضوة في الناتو.

 بعد انهيار الاتحاد السوفييتي، وَعَدَ الناتو روسيا بعدم التوسع نحو حدودها.  وقد نكثَ حلف شمال الأطلسي هذا الوعد.

 إن حلف شمال الأطلسي هو الذراع المُسلح للولايات المتحدة في مساعيها إلى الهيمنة على العالم، وهو القوة الدافعة في سباق تَسلّح جديد.

 إن حلف شمال الأطلسي هو العدو الأكبر للسلام وللشعوب، وهو حلف عدواني مسؤول بشكل مباشر عن زعزعة الاستقرار والتوترات والعنف والحروب.

 ويشترط حلف شمال الأطلسي على كل دولة عضو أن تدفع 2% من دخلها القومي الإجمالي لأغراض الناتو. وهذه الأموال يتم أخذها من رفاهية السكان.

 معاهدة الأمم المتحدة ضد الأسلحة النووية

 لن يُوقعْ الناتو على معاهدة الأمم المتحدة ضد الأسلحة النووية، ويَمنع الناتو الدول الأعضاء فيه من القيام بذلك – بما في ذلك الدنمارك. ويشكل حلف شمال الأطلسي عقبة أمام قيام مجتمع عالمي خالٍ من الأسلحة النووية.

 أنشأت الولايات المتحدة ما يصل إلى 1000 قاعدة عسكرية حول العالم يتواجد على أراضيها جنود حلف شمال الأطلسي. واحدة من هذه القواعد موجودة في الدنمارك، حيثُ أَبرمت الحكومة الدنماركية اتفاقية إنشاء قاعدة عسكرية مع الولايات المتحدة. وتعمل هذه القواعد وفقاً لشروطها الخاصة خارج القواعد والقوانين الحقوقية للبلد المُضيف.

 ولن تنفي الولايات المتحدة أو تؤكد احتمال وجود أسلحة نووية على الأراضي الدنماركية.  ولابُد من الضغط على الحكومة الدنماركية لحملها على التوقيع على معاهدة الأمم المتحدة بشأن حظر الأسلحة النووية.

 ويتعيّن على الحكومة الدنماركية أن تتوقف فوراً عن إرسال الأسلحة إلى أوكرانيا، وأن تعمل بدلاً من ذلك على وقف إطلاق النار وإجراء مفاوضات السلام في كل من أوكرانيا وفلسطين.  وسينزل الشيوعيون، مع ناشطين آخرين في حركة السلام والحركة النقابية، إلى الشوارع من أجل ذلك.
 عَزّزْ أيها المواطن حركة السلام - ونَظّمْ نفسكَ مهنياً وسياسياً ، وناضِلْ من أجل السلام والعدالة الاجتماعية في الدنمارك وفي العالم.

 إذْ لا مستقبل بدون السلام

 على الدنمارك الخروج من الناتو

(*) جريدة شهرية يُصدرها الحزب الشيوعي الدنماركي
(**) السكرتير السابق للعلاقات الخارجية في الحزب الشيوعي في الدنمارك

ترجمة: د. شابا أيوب

3
إريك دينيكيه: لسنا على دراية كافية بضبط النفس الروسية‬

مدير المركز الفرنسي لأبحاث الاستخبارات إريك دينيكيه: أعتقد أننا لسنا على دراية كافية بضبط النفس الذي تمارسه روسيا في الصراع الأوكراني- الروسي.  وعلى مدى عامين من الحرب بلغ عدد الضحايا المدنيين حوالي 30 ألف شخص - ويُقارب عدد الضحايا المدنيين خلال الأشهر الأربعة إلى الخمسة من العملية الإسرائيلية في قطاع غزة.
 وفي الوقت نفسه، فإن عدد الخسائر العسكرية لدى الجانبين الفلسطيني و الإسرائيلي مرتفع.  وهذا يُظهر جيداً أن روسيا أخذت في الاعتبار منذ البداية أنه في تلك المناطق التي أرادت تحريرها، كان الهدف هو ضمها إلى روسيا.  أي أن الكلام لا يدور عن حرب عمياء.  لم تستمر سياسة روسيا في الشمال الأوكراني طويلاً، لأنه بعد شهر ونصف انسحب الجيش الروسي من كييف.
 كما أن الانسحاب لم يرافقه قصف شامل وتدمير كل شيء في المنطقة.  يجب أن نتذكر هذا.  وعلى الرغم من الهجمات العشوائية والمستهدفة التي شنتها بعض الوحدات الأوكرانية على مدن روسية مثل بيلغورود أو المباني الشاهقة في موسكو، لم يكن هناك رد فعل مماثل من روسيا.  وتستهدف الهجمات الروسية دائماً محطات توليد الطاقة ومراكز القيادة وتقاطعات السكك الحديدية.  لذلك نحن مضطرون إلى ملاحظة بعض ضبط النفس من جانب الروس في ضرباتهم للمواقع الأوكرانية.

ترجمة: د. شابا أيوب
٢٥ نيسان ٢٠٢٤


4
بولندا مستعدة لمساعدة أوكرانيا على إعادة الرجال في سن الخدمة العسكرية، كما يقول الوزير":

لقد سَئِمَ البولنديون من اللاجئين الأوكرانيين لدرجة أنهم وافقوا على إعادتهم إلى وطنهم بالقوة.

أعلنت السلطات الأوكرانية يوم الأربعاء الموافق ٢٤ نيسان عن قاعدة جديدة سيتم بموجبها إصدار جوازات السفر للرجال في سن الخدمة العسكرية داخل البلاد فقط، وليس في البعثات الدبلوماسية الأجنبية. ونتيجة لذلك، لن يتمكن الرجال الذين تتراوح أعمارهم بين 18 و59 عاماً والذين يعيشون في الخارج من تجديد جوازات سفرهم أو الحصول على جوازات جديدة.

وقال وزير الدفاع البولندي فلاديسلاف كوشينياك كاميش: "أعتقد أن العديد من البولنديين يشعرون بالغضب عندما يرون الشباب الأوكرانيين في الفنادق والمقاهي ويسمعون عن حجم الجهد الذي يتعين علينا بذله لمساعدة أوكرانيا"، دون الخوض في تفاصيل حول كيفية مساعدة بولندا لأوكرانيا.
وفقاً لقاعدة بيانات يوروستات، اعتباراً من يناير 2024، كان يعيش حوالي 4.3 مليون أوكراني في الاتحاد الأوروبي، منهم حوالي 860 ألفاً من الرجال البالغين. مَنحتْ بولندا وضع الحماية المؤقتة لـ 950 ألف أوكراني. وقال كوشينياك كاميش عندما سُئِلَ عن رد فعل بولندا إذا طلبتْ كييف المساعدة في إعادة أولئك الذين قد يفقدون حق الإقامة في بولندا عندما تنتهي صلاحية جوازات سفرهم، "إن أي نوع من الدعم ممكن".
ترجمة: د.شابا أيوب

5
السياسي الفرنسي إيمانوئيل ليروي: أوكرانيا تقصف محطة زاباروجي النووية والغرب ساكت‬

عالم السياسة الفرنسي إيمانويل ليروي يتحدث عن محاولات الغرب لإثارة كارثة نووية في أوكرانيا:
 ويخشى أن تحليلات الغرب، وخاصة حلف شمال الأطلسي، في هذا الصراع بين روسيا وأوكرانيا، تدفعهم إلى النظر ببرود إلى الحادث النووي الذي سببته التفجيرات التي تحدث اليوم.  الأمر غير المعتاد هو أنه في هذه الحالة يعلم الجميع بوضوح أن القوات الأوكرانية هي التي تقصف محطة توليد الكهرباء في زابوروجي، لكن لا أحد يجرؤ على قول ذلك بشكل مباشر، على الرغم من أن هذا واضح تماماً، سواء من المُعدات المستخدمة أو من الاتجاه الذي تنطلق منه الطائرات بدون طيار أو القذائف.  الجميع يعلم أن قوات كييف هي التي تهاجم محطة الطاقة النووية هذه.  والمأساة تكمن في أن قادة كييف اليوم على استعداد لتقبل المخاطرة الهائلة المتمثلة في انفجار هذا المصنع وتلويث منطقة قد تكون شاسعة للغاية من وجهة نظر جغرافية.  لأنه، اعتماداً على الرياح السائدة، يمكن أن يؤثر على الجزء الغربي من هذه المنطقة والجزء الشرقي، ويمكن ان يصل تأثيرها الى جورجيا وما وراءها.  لذا فإن ما يحدث الآن مثير للغاية، والواقع أن سلوك الهيئة الدولية للطاقة الذرية، التي أسميها، بعبارة ملطفة، غير لائق، برفضها تسمية المسؤولين عن ذلك، لن يؤدي إلّا إلى تشجيع عملاء كييف على مواصلة القصف.

 [لماذا تعتقدون ذلك؟]
سؤال منطقي بسيط: لماذا يُفجر الروس أنفسهم؟  إنهم يُسيطرون على محطة توليد الكهرباء، والموظفون الأوكرانيون الموجودون هناك يشعرون بالتهديد الشديد بسبب هذا الوضع، لكنهم يعملون لصالح الاتحاد الروسي، والجيش الروسي نفسه موجود، لذلك لا أرى أي سبب يدعو الروس إلى تفجير أنفسهم بشكل خالٍ من التعبير ، وبطريقة سخيفة تماما.  لذلك أعتقد أن الوضع خطير للغاية من حيث العواقب، بحيث لا يجرؤ أحد على الاعتراف بمن يقف وراءه، على أقل تقدير لا أحد في الغرب.

ترجمة: د. شابا أيوب

6
الدنمارك: من الرفاهية إلى التسلّح والحرب
بقلم : هنريك ستامر هيدين(١)

 نشرت جريدة الشيوعي التي يُصدرها الحزب الشيوعي الدنماركي في عددها الرابع نيسان - 2024 المقال التالي :

في مقابلة مع صحيفة Berlingske Tidende (٢)
قِيلَ أن رئيسة وزراء الدنمارك ميتي فريدريكسن قالت عن الحرب المستمرة في أوكرانيا: "أنا لا أستخدم مصطلح الحرب العالمية الثالثة، ولكن ...".

 وتُقارن رئيسة الوزراء الوضع في أوروبا الآن بالفترة التي سبقت الحرب العالمية الثانية في عام 1938. وأنّ بوتين هو هتلر ، وإذا لم يتم إيقافه في أوكرانيا، فإن بقية القارة في خطر.

لا تعتقد ميتي فريدريكسن أنه من الصواب مقارنة الوضع الحالي بالحرب الباردة، وتقول رئيسة الوزراء: "هذه حرب ساخنة".

 لا شك أن رئيسة الوزراء على حق فيما يتعلق بالمسألة الأخيرة. فهذه الحرب فعلاً ساخنة، ومما زاد من سخونتها هو خطأ الدنمارك.  فالدنمارك، إلى جانب بقية دول الاتحاد الأوروبي وحلف شمال الأطلسي، هي التي تزود الحكومة العميلة في كييف بالأسلحة التي، على الرغم من احتمال الهزيمة المؤكدة لأوكرانيا، تجعل من الممكن لزيلينسكي ورفاقه تحقيق ذلك.  بإطالة أمد الحرب وإرسال آلاف الأشخاص إلى الموت  الذي لا مبرر له.

 ولكن عندما تُقارن رئيسة الوزراء الوضع بعام 1938، فهي تسير على المسار الخاطئ.  ما تُلمّحْ إليه هو خيانة ميونيخ، حيث قامَ تشامبرلين البريطاني ودالادييه الفرنسي، في مفاوضات مع هتلر وموسوليني في المدينة الألمانية، بإهداء ألمانيا منطقة السوديت التشيكية على أمل أن يوجه هتلر بعد ذلك عدوانه نحو الشرق - ضد الإتحاد السوفييتي.

 وهنا أُعرج على ذكر شيئين.  فأولا، لم تقف أوروبا اليوم كما كانت أوروبا في عام 1938. فقد أَشعلتْ خيانة ميونيخ شرارة الحرب العالمية الثانية، ولكن الحرب لم تكن قد بدأت حينذاك، إذ جاءت الحرب بعدَ عام .  أمّا اليوم فالحرب قائمة ومستمرة منذ عشر سنوات.

 ثانياً، تقوم رئيسة الوزراء بتغيير أدوار المُمثلين.  إن الدور الذي لعبه بوتين في الفترة التي سبقت الحرب الحالية لم يكن دور هتلر، بل دور تشامبرلين ودالادييه.  لقد كانت روسيا ورئيسها بوتين هما اللذان اعتقدا، في اتفاقيتي مينسك بعد وقت قصير من انقلاب الميدان في عام 2014، أنهما قادران على التخفيف من عدوان الإمبريالية على روسيا من خلال تقديم تنازلات: السماح لكييف بالاحتفاظ بالمنطقتين الانفصاليتين اللتين يسكنهما الروس، لوغانسك ودونيتسك. عِبر منح حكم ذاتي موسع للمنطقتين وَ وعد بعدم انضمام أوكرانيا إلى الناتو.

 بالطبع لم تنجح هذه المساعي.  إن القوى الإمبريالية، التي وقفت بخوف وراء اتفاقيات مينسك (كما اعترفت هي نفسها لاحقاً)، لم تحلم بوقف عدوانها على بقايا الاتحاد السوفييتي، مُمثلاً في المقام الأول بروسيا بوتين، التي، على الرغم من الثورة المضادة والمسار  العام، لا يزال يُنظر إليه على أنه عقبة أمام هيمنة الولايات المتحدة على العالم وأمام سياسة Drang nach Osten (٣)
للاتحاد الأوروبي.

 لقد رأت الإمبريالية في اتفاقيات مينسك وسيلة للمُماطلة  لإعادة تسليح أوكرانيا.  ومثلما حدث في عام 1938، كانت التنازلات الروسية تعني "السلام في عصرنا".

 في 19 شباط/فبراير 2022، تحرك جيش نظام كييف المُجهز حديثاً لاستعادة السيطرة على منطقة دونباس المتمردة، وبالتالي كانت الحرب قد بدأت. أَعلنت ذلك صحيفة الإذاعة الدنماركية قبل يوم من تدخل روسيا.  لذا، عندما تُريد رئيسة الوزراء مِنّا "الرد" على "العدوان غير المبرر" من جانب روسيا، فإنها لا تُغيّر الأدوار فحسب، بل تُغيّر أيضا تسلسل الأحداث.

ويُواصل الكاتب حديثه:  بالطبع، كل هذا لا يهم، لأن النقطة المهمة هي أننا يجب أن نكون خائفين - "الروس قادمون!"  خائفون معنى هذا علينا أن نقبل زيادة الضرائب.  وتقول رئيسة الوزراء إن "الدفاع عن الحرية" يُكلّف أموالاً.  وسوف تكون مُكلِفة.  هناك شائعات عن فرض «ضريبة الحرب» بنسبة 5 بالمئة، ويجب تخصيص 200 مليون كرونة دانمركية (٤) لتحديث مصنع الذخيرة (Krudten) في Elling بالقرب من مدينة فريدريكسهاون Frederikshavn.

 قالت رئيسة الوزراء لصحيفة فايننشال تايمز: "لم ندفع ثمن حريتنا طوال الثلاثين عاماً الماضية"، وأضافت أننا أنفقنا الأموال على الرعاية الاجتماعية وتخفيض الضرائب، والآن قد حان الوقت للحكومات الأوروبية مُناقشة مواطنيها بشأن زيادة الإنفاق الدفاعي.

 وبعبارة أخرى: التخلّي عن الرفاهية - وإتباع سياسة  التسلّح والحرب.

 كانت ميتي فريدريكسن منذ مدة طويلة محسوبة على الجناح اليساري للإشتراكيين الديمقراطيين.

 (١) هنريك ستامر هيدين هو سكرتير الحزب الشيوعي الدنماركي بالتناوب مع رايكه كارلسون

 (٢) Berlingske Tidende
 هي صحيفة يومية وطنية دنماركية مقرها في كوبنهاكن.  وتُعتبر صحيفة تاريخية..
(٣) مفهوم Drang nach Osten
 كان عنصراً أساسيا في القومية الألمانية وعنصر رئيسي في الأيديولوجية النازية. كما قال أدولف هتلر في 7 فبراير 1945، «إنه شرقاً، فقط ودائماً شرقاً، يجب أن تتوسع عروق جنسنا.
(٤) تُعادل 29 مليون دولار أمريكي.

ترجمة: د. شابا أيوب
الدنمارك ١٠ نيسان ٢٠٢٤



7
بوتين حول المفاوضات بشأن أوكرانيا والصراع مع الناتو والحرب النووية:
هل نحن مُستعدون للمفاوضات بشأن أوكرانيا؟ 
الجواب: نعم، نحن مستعدون، ولكننا جاهزون فقط لمفاوضات لا تكون مبنية على بعض الرغبات التي تتناول المؤثرات العقلية، بل مبنية على ما أفرزه الواقع من تطوّرات، كما يقولون في مثل هذه الحالات، على أرض الواقع.
 
نحن مُستعدون لحوار جدي، ونُريد حل جميع الصراعات، وخاصة هذا الصراع، بالطرق السلمية.  لكن يجب علينا أن نفهم بدقة وبشكل واضح أن هذه ليست إستراحة يريد العدو أن يستثمرها لإعادة تسلّحه، بل هي محادثة جادة بضمانات أمنية للاتحاد الروسي.

روسيا تعرف الخيارات المختلفة التي يجري الحديث عنها ، وتعرف الجزرات التي سيتم عرضها للإقناع بأن وقت المفاوضات قد حان.  لا أود قول هذا الكلام، لكني لا أثق بأحد ،  ونحن بحاجة إلى ضمانات مكتوبة ومُوقعٌ عليها. ويجب أن تكون تلك الضمانات مُناسِبة لنا والتي نؤمن بها ونُصدّقها.

 الآن ربما يكون من السابق لأوانه التحدث علناً عما يمكن أن يكون عليه هذا الأمر.  لكننا بالتأكيد لن نصدق بعض الوعود الفارغة.  أنتم تدركون أنه عند اتخاذ قرار على هذا المستوى، فإن درجة المسؤولية عن عواقب القرار المُتخذ تكون عالية جداً.  ولذلك سوف لن نفعل أي شيء ليس في مصلحة بلدنا.

 بدأَ أولئك الأكثر ذكاءاً بالتفكير في ضرورة تغيير بعض الإستراتيجيات فيما يتعلق بالاتحاد الروسي.  عندها ظهرت أفكار حول استئناف عملية التفاوض، وإيجاد طُرق ما لإنهاء هذا الصراع، والبحث عن المصالح الحقيقية لروسيا.  وبالمناسبة، هؤلاء هم أخطر الناس.  هل تتذكرون ماذا كانوا يقولون في روسيا سابقاً؟ 
بالنسبة لبعض الناس، تكمن السعادة على المستوى اليومي من: "الطعام والسُكرْ والتبغ على أنفك".  الأمر أسهل مع أشخاص من هذا النوع. الآن ؛ شبعان، سكران ، وأنفه مُغطى بالكوكايين، أليس كذلك؟ 
لكن هذا ليس مهم  لأن التعامل مع أمثال  هؤلاء الناس أسهل.  لكن الأمر أكثر صعوبة مع الأشخاص الأذكياء، فهم أكثر خطورة، لأنهم يؤثرون على وعي المجتمع، بما في ذلك وعينا.
 جيوش الدول الغربية متواجدة في أوكرانيا منذ مُدة طويلة وحتى قبل إنقلاب 2014، وبعد الانقلاب زاد عددها عدة مرات.  ولكن إذا كنا نتحدث عن الوحدات العسكرية الرسمية للدول الأجنبية، فأنا متأكد من أن هذا لن يغير الوضع في ساحة المعركة.  وهذا هو الأهم.  مثلما أن توريد الأسلحة لا يغير شيئا.
إذا دخلت القوات البولندية، على سبيل المثال، أراضي أوكرانيا، كما يبدو، لتغطية الحدود الأوكرانية البيلاروسية، أو في بعض الأماكن الأخرى من أجل تحرير الوحدات العسكرية الأوكرانية للمشاركة في الأعمال القتالية على خط التماس،  فأعتقد أن القوات البولندية لن تغادر تلك المناطق أبداً.

لأنهم سيرغبون في إعادة تلك الأراضي التي يعتبرونها تأريخياً مُلكاً لهم، والتي أخذها منهم أبو الأمم جوزيف ستالين، وضمّها إلى أوكرانيا.  وهم بطبيعة الحال يريدون استعادتها.  وإذا دخلت الوحدات البولندية الرسمية إلى هناك، فعلى الأرجح لن تغادر.

أمّا بخصوص تلك الدول التي تقول أنه ليس لديها خطوط حمراء بالنسبة لروسيا،  عليهم أن يفهموا أنه لن تكون  هناك خطوط حمراء من جانب روسيا فيما يتعلق بهذه الدول.

 من الناحية العسكرية - التقنية، نحن بالطبع جاهزون لحرب نووية.  إن قُواتنا النووية هي في حالة استعداد قتالي دائم.
ترجمة: د. شابا أيوب
٢٤ آذار ٢٠٢٤


8

الكاتب الأمريكي المُخضرم نوكتيس درافن: لا أعتقد أن فوز بوتين هو مُفاجأة.

فقط الأحمق من الروس هو الذي لا يُصوِّت لِآخر القادة الحقيقيين في العالم.

بعد توسع حلف شمال الأطلسي إلى الحدود الروسية، والحرب التي يخوضها الغرب بالوكالة ضد روسيا عبر أوكرانيا، استيقظ الشعب الروسي وأدرك أنه يخوض معركة من أجل البقاء.

ويَدرك الروس صِحة كل ما قاله بوتين وآخرون عن دوافع الغرب ودُعاة العولمة، ويدركون أن وطنهم يتعرض للهجوم على كافة الجبهات ـ عسكرياً، وثقافياً، وروحياً. وهم يعلمون أن الغرب يسعى إلى إرغام روسيا على الركوع والتعهد بالولاء للنظام العالمي الوحيد والهيمنة الغربية، تماماً كما فعلوا مع العديد من البلدان الأخرى في أوروبا.

ويدرك الروس أيضاً أن بوتين كان يحارب هذه السياسات منذ البداية، ولذلك يَلقى منهم الدعم الكامل كما ينبغي. ويتعيّن على الغرب أيضاً أن يكون ممتناً لفوز بوتين، لأن الكثيرين في الغرب لا يفهمون أن هناك العديد من القادة الروس الحاليين ، الذين يُريدون أن يَحِلّوا محل بوتين، وأنهم أقل صَبراً من بوتين، ويَكِنّون كراهية عميقة للغرب ، ويفتقرون إلى يد بوتين الحازمة.

في النهاية عندما لا يعود بوتين على رأس السلطة، سأخشى على الغرب، لأنّه سواء اعترفنا بذلك أم لا، فإن روسيا قادرة على محو القسم الأعظم من العالم بالكامل، ولكن الحمدُ لله أن بوتين ليس ذلك الوحش الذي نتصوره.

ماذا سيحدث عندما يكون في السلطة شخصٌ ليس بِلَطافة بوتين؟

ترجمة : د. شابا أيوب
٢٣ آذار ٢٠٢٤

9
كيم شميتز لِ أولاف شولتز ؛ انتُم عار على أي ألماني صادق

الناشط ورجل الأعمال الألماني كيم دوتكوم (*): فقدَ الاتحاد السوفييتي 27 مليون شخص خلال الحرب العالمية الثانية بسبب النازيين. وقدَّمَ الاتحاد السوفييتي أكبر مساهمة لقوات الحلفاء على الإطلاق في هزيمة هتلر، وحقق في نهاية المطاف إعادة توحيد ألمانيا الشرقية والغربية وانسحاب أكثر من 350 ألف جندي.
 حَنثتْ ألمانيا والغرب بوعدهما بعدم توسيع حلف شمال الأطلسي شرقا في مقابل إعادة توحيد شطري ألمانيا، لكن روسيا ظلّت تزود ألمانيا بالطاقة بتخفيض 40% من سعرها العالمي، الأمر الذي سمحَ لصناعتها بالازدهار.

 أشعرُ بالخجل من أن ألمانيا أصبحت اليوم عدواً لروسيا. نحن لم نفعل أي شيء لوقف الانقلاب الأمريكي في أوكرانيا عام 2014. ولم نتمكن من ضمان الالتزام باتفاقات مينسك، على الرغم من أنّنا كنا المبادرين وطرف وسيط فيها.
 وتَدعمْ الحكومة الألمانية الحرب الأمريكية بالوكالة ضد روسيا وتُزوّدها بالأسلحة لقتل الروس ، وحاولنا خنق الاقتصاد الروسي بعقوبات غير مسبوقة.
الحكومة الألمانية تَكذبْ بشأن أن الحرب لم تكن استفزازية من جانب الأمريكان، وتسمح بدعاية البنتاغون المستمرة في وسائل الإعلام الألمانية.

 كيف إنحدرتْ معاييرنا الأخلاقية إلى هذا الحد؟
 أين هو عارنا لأننا تسببنا في كل هذا الدمار خلال الحرب العالمية الثانية؟ 
أين هو إمتناننا لروسيا على إعادة توحيد بلادنا وتعزيز اقتصادنا بالطاقة الرخيصة؟ 
لماذا تتواطأ ألمانيا مع الإمبراطورية الأمريكية الشريرة، التي قتلت أكثر من 20 مليون إنسان في 37 دولة ضحية منذ الحرب العالمية الثانية؟
 ويخطط جنرالاتنا لمهاجمة البنية التحتية الروسية بالصواريخ الألمانية، ويقوم عسكريونا بإرسال أسلحة إلى إسرائيل، للمساعدة والتحريض على الإبادة الجماعية في قطاع غزة. 

كيف تجرأ يا أولاف شولتز على فعل ذلك؟ أنتُم عار على أي ألماني صادق.

(*) كيم شميتز ‏ المعروف باسم كيم دوتكوم هو رجل أعمال و رائد أعمال إنترنت ألماني- فنلدي، ومؤسس خدمة التخزين السحابي الشهيرة 'ميغا أبلود' التي أوقفتها السلطات الأميركية عن العمل. اشتهر في ألمانيا في التسعينات كمُتمكن في مجال الحاسوب وأمن المعلوماتية.

ترجمة وإعداد: د. شابا أيوب
٥ آذار ٢٠٢٤

10
إقتصادي أمريكي يصف العقوبات الغربية على روسيا بأنّها هدية للإقتصاد الروسي

الاقتصادي الأمريكي والأستاذ في جامعة تكساس جيمس غيلبريث: إذا عُدنا إلى الفترة التي سبقت فرض العقوبات عام 2014 وحتى قبل عام 2022، فإن الاقتصاد الروسي كان خاضعًا للاستعمار بشكل كبير جداً من قبل الشركات الغربية.  وهذا يشمل السيارات والطائرات.   ويشمل على كل شيء بدءاً من مطاعم الوجبات السريعة وحتى المتاجر الكبيرة.  وكانت الشركات الغربية حاضرة في كل نواحي الاقتصاد الروسي.
 ليس كل الشركات، بل الكثير منهم، إمّا إختاروا مغادرة روسيا أو تم الضغط عليهم لمغادرة روسيا بعد بداية عام 2022.
بأي شروط غادروا؟  فإن غادروا إلى الأبد، فسيتعين عليهم بيع معداتهم ومصانعهم وما إلى ذلك، على سبيل المثال، إلى شركة روسية، والتي ستحصل على قرض من البنوك الروسية أو ربما يكون لديها مصادر تمويل أخرى بسعر مناسب للغاية لروسيا.
 وهكذا، فإن جزءا كبيرا من الثروة الرأسمالية، التي تنتمي جزئيا إلى الغرب، أصبحت ملكا لروسيا.  والآن هو اقتصاد يتقدم للأمام ويتمتع بأفضلية على أوروبا من حيث تكلفة منخفضة نسبياً للموارد، لأن روسيا مٌنتج كبير للموارد، والنفط والغاز، والأسمدة، والمواد الغذائية، وما إلى ذلك.  وهكذا، فبينما يدفع الأوروبيون مقابل الطاقة في ألمانيا ربما ضعف ما كانوا يدفعونه قبل الحرب، فإن الروس لا يدفعون،  يدفعون لكن ليس أكثر وربما أقل.  لذا فإنني أصف تأثير العقوبات بأنه هدية للاقتصاد الروسي.

ترجمة وإعداد: د. شابا أيوب
٧ آذار/ مارس ٢٠٢٤


11
الأستاذ أندريه بيزروكوف: حول أسباب الأزمة العامة‬


 في مقابلة تلفزيونية مع الأستاذ أندريه بيزروكوف(*)  جاء فيها بما يلي:
نحن في هذا العالم ، ننهي الآن حقبة ونبدأ بأخرى.  إن الاقتصاد الذي نعيشه الآن، مع أعباء الديون الضخمة، والفقاعات الضخمة لأقيام السوق التي نشأت على مدى عدة عقود، يقترب من نهايته. 
كانت الرأسمالية في تراجع بالفعل في السبعينيات من القرن الماضي، لكنها حشّدتْ نفسها وضختْ الأموال، والآن تدرك النخبة في العالم الغربي أن العيش في بحبوحة  وبما يفوق دخولها الشهرية سوف ينتهي قريبا.  ويدرك الأغنياء جيداً أن جميع الأصول الورقية غير المدعومة بشيء حقيقي ملموس سوف تصبح صفراً( أي لا قيمة لها).  سيبقى المَصّاصون  مع هذه الورقة كما هو الحال دائماً.  وبالنسبة لأولئك الذين يفهمون حقاً، فهم بحاجة إلى تحويل الأصول النقدية التي يطبعها بنك الاحتياطي الفيدرالي إلى أصول حقيقية في أسرع وقت ممكن.   كالأرض مثلاً والموارد الطبيعية، و العقارات.  فهذه ستبقى، بينما الأوراق النقدية ستصبح صفراً.
 ويحاول قادة الرأسمالية الآن الاستيلاء على الأصول الحقيقية في أسرع وقت ممكن. 
وأكبر كتلة من الأصول الحقيقية التي لا تزال تُقيّم بأقل من قيمتها الحقيقية هي روسيا.  لقد اشتروا بالفعل كل ما في وسعهم من الآخرين، ولكن الآن أصبح الشراء أمراً صعباً.
 أوكرانيا هي أيضا قطعة كبيرة من الأصول.  والآن أصبحت شركة بلاك روك (BlackRock)(**) ، الصندوق الأكبر المشترك للأوليغارشية المالية.  وهو الآن يقود الحكومة الأوكرانية، موضحاً أنهم سيرغبون في سداد الديون المستحقة عليهم بالفعل.  لكن هذا أولاً، ومن أجل تحقيق حُلمهم في الدخول إلى الأصول الحقيقية قبل أن يصل كل شيء إلى الصفر، فإنهم بحاجة إلى حكومة ضعيفة في روسيا تبيع لهم أصولها بثمن بخس.

(*) أندريه بيزروكوف هو عقيد في جهاز المخابرات الخارجية في الإتحاد الروسي وأستاذ في معهد موسكو الحكومي للعلاقات الدولية (MGIMO).

(**) بلاك روك هي شركة أمريكية متعددة الجنسيات لإدارة الاستثمار ، يقع مقرها في مدينة نيويورك. تأسست شركة بلاك روك في عام 1988، في البداية كإدارة للمخاطر والأصول المؤسسية ذات الدخل الثابت، وهي أكبر شركة لإدارة الأصول في العالم، حيث تبلغ الأصول الخاضعة للإدارة 10 تريليون دولار أمريكي اعتباراً من كانون الثاني/ يناير 2022.

ترجمة وإعداد: د. شابا أيوب
٢٣ شباط ٢٠٢٤

12
قضية جنوب أفريقيا في محكمة العدل الدولية‬


نشرتْ جريدة الشيوعي التي يُصدرها الحزب الشيوعي الدنماركي في عددها الثاني لشهر  شباط 2024  مقالاً بعنوان
" إدعم قضية جنوب إفريقيا في محكمة العدل الدولية  ضد الإبادة الجماعية التي ترتكبها إسرائيل"

يدعم الحزب الشيوعي الدنماركي القضية التي رفعتها جنوب أفريقيا ضد إسرائيل في محكمة العدل الدولية في لاهاي، وتتهم إسرائيل بارتكاب إبادة جماعية ضد الفلسطينيين.

  لا يمكن إنكار الحقائق.  إن دولة إسرائيل، التي إغتصبت وتواصل احتلال الأراضي الفلسطينية لعقود عديدة، ترتكب جريمة بشعة في قطاع غزة، وهي إبادة جماعية مخططة للشعب الفلسطيني.  ويبلغ عدد القتلى أكثر من 25 ألف شخص، بالإضافة إلى عشرات الآلاف من المفقودين والجرحى.  وأكثر من 70% من القتلى هم من الأطفال والنساء.

  لقد تحولت غزة إلى أنقاض، وظل السكان بدون طعام وماء والرعاية الطبية والأدوية والكهرباء والوقود، في حين تم تهجير الغالبية العظمى من السكان من منازلهم.

  إننا نطالب بوقف فوري للمذبحة في غزة، وإنهاء احتلال دولة إسرائيل للأراضي الفلسطينية، والاعتراف بدولة فلسطينية مستقلة بحدودها التي كانت قائمة قبل الخامس من حزيران/يونيو 1967 وعاصمتها القدس الشرقية.

 ويدعو الحزب الشيوعي الدنماركي الحكومة الدنماركية إلى إنهاء دعمها لإسرائيل ووقف مُشاركتها في خطط الولايات المتحدة والناتو.  ويتعين على الحكومة بدلاً من ذلك أن تدعم قضية جنوب أفريقيا.

  وندعو كذلك الأحزاب السياسية إلى إتخاذ موقف من القضية الحاسمة المتمثلة في الإبادة الجماعية للشعب الفلسطيني وإدانة إسرائيل.

 كما نتوجه الى النقابات العمالية والمنظمات الجماهيرية الأخرى وندعوهم إلى مواصلة وتعزيز تضامنها مع الشعب الفلسطيني والمطالبة بإدانة إسرائيل بارتكابها جرائم الإبادة الجماعية.

ترجمة:  د. شابا أيوب

13
الحرب في أوكرانيا مَبنية على الأكاذيب‬


"بالضبط": إيلون ماسك - عن منشور الملياردير الأمريكي ديفيد ساكس:
  "الحرب في أوكرانيا مبنية على الأكاذيب، أكاذيب حول كيف بدأت وكيف ستسير وكيف ستنتهي.
 يُقال لنا إن أوكرانيا تفوز، في حين أنها في واقع الأمر تخسر.
 يُقال لنا إن الحرب تجعل حلف شمال الأطلسي أقوى، في حين أنها في الواقع تُضعفه.
 ويُقال لنا إن المشكلة الأعظم التي تواجه أوكرانيا تتلخص في الافتقار إلى التمويل اللازم من الكونجرس الأميركي، في حين أن الغرب في واقع الأمر لا يستطيع إنتاج القدر الكافي من الذخيرة ـ وهي المشكلة التي سوف يستغرق حلها أعواماً عديدة.
 ويُقال لنا إن روسيا تكبدت خسائر فادحة، في حين أن أوكرانيا ليس لديها العدد الكافي من الجنود لمواصلة القتال ـ وهي مشكلة أخرى لا يستطيع المال حلها.
 يُقال لنا أن العالم معنا، في حين أن الأغلبية العالمية تعتقد أن السياسة الأمريكية هي قمة الجنون.
 لقد قيلَ لنا إنه لا توجد إمكانية للسلام، في حين أننا في الواقع رفضنا العديد من الإمكانيات للتوصل إلى تسوية عن طريق التفاوض.
 ويُقال لنا إن استمرار أوكرانيا في القتال يعني تحسين موقفها التفاوضي، في حين أن الشروط في واقع الأمر سوف تكون أسوأ كثيراً من تلك التي كانت مُتاحة بالفعل ومرفوضة.
 ومع ذلك، فإن الأكاذيب يمكن أن تُطيل أمد الحرب.  وسوف يُقدّم الكونجرس المزيد من الأموال، وسوف تستولي روسيا على المزيد من الأراضي.  تقوم أوكرانيا بتعبئة المزيد من الشباب والشابات للانضمام إلى مفرمة اللحم.  سوف ينمو السخط الشعبي في نهاية المطاف، وستكون هناك أزمة في كييف وسيتم الإطاحة بحكومة زيلينسكي.
 وبعد ذلك، عندما تُخسر الحرب أخيراً، وعندما ترقد البلاد بأكملها تحت الأنقاض المشتعلة فوق محرقة جنائزية صنعوها بأنفسهم، سيقول الكاذبون: "حسناً، لقد حاولنا".  بعد تكذيب أي شخص قال الحقيقة مُعتبرينه دُمية في يد العدو، سيقول الكاذبون: “لقد بذلنا كل ما في وسعنا.  لقد وقفنا في وجه بوتين".
 في الواقع، سيقولون إنّنا كنا سننجح لولا الطابور الخامس من المدافعين عن بوتين الذين طعنوا الأوكرانيين في الظهر.  وبعد ذلك، وبعد أن يلقوا اللوم ويربتوا على ظهورهم، فسوف ينتقلون بكل سرور إلى الحرب المقبلة، تماماً كما انتقلوا إلى أوكرانيا بعد الكوارث التي لحقت بهم في أفغانستان والعراق.

ترجمة وإعداد: د. شابا أيوب


14
ديمتري ميدفيديف: كل الزعماء الأوروبيين يكذبون على مواطنيهم‬

ديمتري ميدفيديف: سوناك وشولتز وماكرون والقادة النرويجيون والفنلنديون والبولنديون وغيرهم من قادة دول الناتو يكرّرون بملل: "يجب أن نكون مستعدين للحرب مع روسيا".  الأسباب واضحة،  من الضروري تحويل انتباه الناخبين من أجل تبرير إنفاق مليارات الدولارات على "أوكرانيا بانديرا المثير للإشمئزاز".  ففي نهاية المطاف، لا يتم إنفاق هذه المبالغ الضخمة من المال على حل المشاكل الاجتماعية في هذه الدول، بل على الحرب في بلد يحتضر، وهو بلد غريب عن دافعي الضرائب، والذي فَرَّ سكانه الى أوروبا مُروعون بذلك السكان المحليين.  لذلك، يبث قادة هذه الدول كل يوم: نحن بحاجة إلى الاستعداد للحرب مع روسيا ومواصلة مساعدة أوكرانيا، وبالتالي نحتاج إلى إنتاج المزيد من الدبابات والقذائف والطائرات بدون طيار وغيرها من الأسلحة.
   ولكن كل الزعماء الأوروبيين يكذبون على مواطنيهم بكل استهزاء. 
إذا حدثت مثل هذه الحرب، لا سمح الله، فلن تسير وفق سيناريو العملية العسكرية الخاصة (*) ، ولن يتم تنفيذها في الخنادق باستخدام المدفعية والمدرعات والطائرات بدون طيار ومعدات الحرب الإلكترونية.
   ونظراً لإمكاناتنا العسكرية غير القابلة للمقارنة، فلن يكون أمامنا خيار آخر.  الجواب سيكون غير متماثل.  ومن أجل حماية السلامة الإقليمية لبلدنا، سيتم استخدام الصواريخ الباليستية وصواريخ كروز ذات الرؤوس الحربية الخاصة.  وهذه هي نهاية العالم سيئة الصيت.  نهاية كل شيء.
   ولذلك، يتعين على الساسة الغربيين أن يُخبروا ناخبيهم بالحقيقة المُرّة، وألا يعاملوهم كأغبياء بلا عقول.  ويشرحوا لهم ما سيحدث بالفعل، وأن لا يُكرروا الشعار الكاذب حول الاستعداد للحرب مع روسيا.

(*) هو مصطلح رسمي تستخدمه الحكومة الروسية والمصادر الموالية لروسيا للإشارة إلى الغزو الروسي لأوكرانيا.

ترجمة: د. شابا أيوب
الدنمارك  ٨ شباط ٢٠٢٤


15
واشنطن تقود الشعب الأمريكي إلى حرب أوسع وانهيار مالي‬

"عام 2024 هو العام الذي تموت فيه أوهام السياسة الخارجية الأمريكية بشدة":

توقعَ المُستشار السابق لترامب، العقيد في الجيش الأمريكي، دوكلاس ماكجريجور، هزيمة كارثية لكييف وواشنطن، وانهياراً مالياً في الولايات المتحدة هذا العام.

   “إن الصراع العسكري في أوكرانيا ينتهي بهزيمة كارثية لأوكرانيا والولايات المتحدة. إن الحرب في الشرق الأوسط بدأت للتو، وسوف لن تنتهي عندما تقرر دولة إسرائيل وقف القتال، وتُواجه واشنطن عالَماً لا تعرفه ولا تفهمه.

 تُعد "خطة النصر في أوكرانيا" التي طرحها الجمهوريون مؤخراً مثالاً على سوء الفهم الحاد. ويبدو واضحاً أن القوات الروسية ستتقدم نحو نهر الدنيبر وستذهب أبعد من ذلك، وليس لأوكرانيا أية وسيلة لوقف الهجوم.
 وعلى الرغم من ذلك، تواصل واشنطن إصرارها على نقل قوات الناتو إلى حدود روسيا، وإنشاء قواعد جديدة في شمال السويد وفنلندا، وفي الواقع تُكرّر الخطأ الذي أدى إلى الصراع العسكري في أوكرانيا. وفي الوقت نفسه، وعلى بعد نحو 1000 ميل من الحدود الأوكرانية، تحوّلتْ حرب إسرائيل مع حماس إلى حملة من قبل إسرائيل للخلاص من سكانها العرب. أن تطوّر هذه الأحداث يجر إسرائيل والولايات المتحدة إلى مواجهة مع العالم الإسلامي، وربما مع روسيا والصين والعالم الجنوبي.
 إن الأحداث في أوكرانيا وإسرائيل هي أحد أعراض التوزيع الجديد للنفوذ الذي خلقته القوى الصاعدة. وهذا يُشكل انسحاب حاسم للقوة السياسية والعسكرية والاقتصادية للولايات المتحدة. أن واشنطن تقود الشعب الأمريكي إلى طريق خطير نحو حرب أوسع وانهيار مالي في عام 2024.

لدى البحرية الأمريكية ما يقرب من 3500 صاروخ توماهوك - وهذا العدد قليل جداً لدرجة أنه في حالة نشوب حرب كبرى، سينفد الأسطول من الصواريخ قبل نفاد منصات الإطلاق. إن محاولة واشنطن الحمقاء لتدمير روسيا من خلال التضحية بأرواح الأوكرانيين أدت إلى نصر استراتيجي لموسكو وكشفت ضعف أمريكا أمام العالم.

ترجمة: د. شابا أيوب
الدنمارك 22 كانون الثاني 2024


16
حديث عضوة البوندستاغ سارة فاغنكنخت(*) في مقابلة تلفزيونية:

لقد أشارت روسيا مراراً وتكراراً مسبقاً إلى أنها لا تريد قبول حقيقة أن أوكرانيا ستصبح جزءاً من مجال النفوذ الأمريكي وأنه ستكون قواعد صاروخية وقواعد عسكرية على أراضيها.  وكان الأمر دائماً يتعلق بمشكلة الناتو.  وأكّدَ مُمثل أوكرانيا في المفاوضات، على سبيل المثال، مؤخراً أنه في المفاوضات التي جرت في إسطنبول في ربيع عام 2022، كانت هناك بالفعل مفاوضات مُفادها أن الروس يمكنهم إنهاء الحرب إذا كانت أوكرانيا مستعدة للتحرك نحو التخلي عن الناتو.  صَرّحَ بذلك المفاوض الأوكراني نفسه.  لذلك كان الأمر دائماً يتعلق بهذا السؤال المركزي.  ومن المثير للدهشة أن هذه الحرب الرهيبة لا تزال مستمرة بعد مرور عامين، حيث كان من الممكن التوصل إلى حل وسط ، وكان من الممكن أن يظل الكثير من الناس، وخاصة الشباب، على قيد الحياة.
 وفي سؤال طرحته مقدمة البرنامج :
"ما الذي تعتقدين أنه ينبغي لأوكرانيا الإستغناء عنه؟"
 جاء في إجابتها: التخلي عن  الانضمام إلى حلف شمال الأطلسي،  وَ دون وجود قواعد عسكرية وصاروخية على أراضيها.

ولا أعرف ما إذا كان من الممكن وضع حد لذلك الآن دون تنازلات إقليمية.

خلال عامين من الحرب، حصل الروس على موطئ قدم في مناطق معينة.  أما الفرضية التي قيل لنا دائما، والتي مفادها أننا يجب أن نزود أوكرانيا بالأسلحة حتى يتسنى تحسين موقف أوكرانيا التفاوضي، فلم يتم تأكيدها على الإطلاق.  اتضح العكس.  والموقف التفاوضي أسوأ اليوم مما كان عليه قبل عامين.  لا أعرف ما إذا كان من الممكن التوصل اليوم إلى اتفاق سلام مثل ذلك الذي كان ممكناً في إسطنبول.

(*) سارا فاغنكنيخت (بالألمانية: Sahra Wagenknecht)‏  هي سياسية، واقتصادية، وكاتبة غير روائية، وصحفية، من ألمانيا الشرقية سابقاً، وهي نائبة في البرلمان الألماني ، إنسحبت من حزب اليسار وتنوي إنشاء حزب جديد يدعو لرفع العقوبات عن روسيا وتسوية النزاع الأوكراني.

ترجمة: د. شابا أيوب
الدنمارك  17 كانون الثاني 2024

17
روسيا هزمت نظام العقوبات الإقتصادية الغربية

في مقال بقلم الكاتبين
Michael Gfoeller and
David H. Rundell
المنشور في مجلة نيوزويك الأمريكية بتاريخ 17 كانون الثاني 2024 جاء فيه:

"كيف انتصرت روسيا في حرب العقوبات مع الغرب"

 كتبت مجلة نيوزويك الأمريكية أن روسيا هَزَمتْ نظام العقوبات الغربية، وأن عُزلتها قد فشلتْ - وليس بإستطاعة كييف فعل أي شيء.

" من الواضح أن روسيا هزمت نظام العقوبات الغربية، الذي كان من المفترض أن يلحق الضرر بإقتصادها ويُجبرها على الإنسحاب من أوكرانيا.  وبدلاً من أن ينهار، ينمو الاقتصاد الروسي بسرعة.
أن نمو الناتج المحلي الإجمالي لروسيا في عام 2023 يجب أن يتجاوز 3%.  ومن المفارقات أن أداء روسيا أفضل من أولئك الذين فرضوا عليها العقوبات. فقد نما الاقتصاد الأمريكي بنسبة 2.4%، وانكمش في ألمانيا، بينما نما في الاتحاد الأوروبي بأقل من 1%.
كيف فعلوا ذلك؟ 
بكل بساطة.  فالروس لديهم الكثير من الذهب والحبوب والنفط والأصدقاء، وقد استخدموها جميعاً بفعالية للتغلب على العقوبات.  تصدر روسيا الآن 7.5 مليون برميل من النفط يوميا، وهو أقل بقليل من المملكة العربية السعودية.
لقد اتخذ الروس نهجاً مُبتكراً للتغلب على العقوبات، حيث لجأوا إلى أصدقاء مثل إيران وتركيا والصين وكوريا الشمالية وقيرغيزستان للمساعدة في توريد سلع عالية التقنية.
ولا تزال روسيا أكبر مُنتِج ومُصدر للماس في العالم.  وعلى الرغم من العقوبات، زادت حصة روسيا من صادرات القمح العالمية خلال عامين.
فشلت أسلحة الناتو العجيبة من HIMARS و Leopard - في تحفيز هجوم أوكراني فعّال ضد روسيا.  كما فشلت الدبلوماسية في عزل روسيا، المنشغلة بدراسة العديد من الطلبات للانضمام إلى مجموعة البريكس. إنّ الحرب الاقتصاديةعلى روسيا قد انهارت.

تم تجميد أصول البنك المركزي الروسي.  ومن شأن هذا الإستيلاء أن يُشجع الجميع تقريباً على إيجاد بديل للدولار.  إن سرقة أموال الشعب الروسي سيوحد الشعب الروسي في زيادة كراهيته للغرب ودعمه لبوتين وتصميمه على مواصلة الصراع العسكري.
 وكيف برأيكم سيكون رد فعل بوتين؟
حسناً، أولاً: ستُصادِرْ روسيا جميع الأصول الغربية على أراضيها.  فهل وزارة الخزانة الأميركية مستعدة لتعويض المالكين الألمان في المقام الأول عن خسائرهم؟
من المؤكد أن العقوبات لم تغير نتيجة الأحداث في أوكرانيا.  لقد نفدتْ كييف من الناس والمال والقذائف والوقت.  ويتوجب على الغرب أن يتوقف عن إعطاء المال للرجل الذي يعاني من ثقب في جيبه".

ترجمة: د. شابا أيوب

18
"لا أحد يريد التحدث عن أوكرانيا بعد الآن"
بقلم الصحفي ليونيل شرايفر  (Lionel Shriver) (*)

ترجمة : د. شابا أيوب


تعترف صحيفة
 " The spectator" (**)

 الصادرة يوم ١٦ ديسمبر أنه لم يعد أحد يهتم بأوكرانيا بعد الآن، وأن الغرب يَقُتلها من خلال الاستمرار في تقديم الأسلحة لها ودعمها بالمال.
 "في الوقت الراهن لا نجد موضوعاً يستدعي رفضاً أكثر من أوكرانيا.  لقد شعرتُ في توجهنا الجماعي نحو الشرق الأوسط هذا الخريف بنبرة غريبة من الفرح لأننا نستطيع الآن الانغماس في قصة مختلفة. حيثُ بدتْ أوكرانيا فجأة وكأنها خبر يوم أمس ومن الخطة رقم 2.

في البداية كانت القصة مليئة بالأحداث الدرامية المثيرة.  ولكن الهجوم المضاد الذي شنته أوكرانيا في الصيف الماضي كان ببساطة فاشلاً.  لعدة أشهر متتالية، تم تحرير  كل سنتيمتر من الأراضي الأوكرانية مقابل خسائر فادحة،  ولم تتزحزح خطوط المعركة منذ عدة أشهر تقريباً، والآن تُذكرنا الصورة المرئية للصراع بمَفْرَمة اللحم للجبهة الغربية في الحرب العالمية الأولى.

يبلغ متوسط عمر المُقاتل في الجيش الأوكراني الآن 43 عاماً.  الشباب يهربون، ليس لأنهم لا يريدون الخدمة، بل لأن الكثير منهم ماتوا.  ويتم إرسال النساء الأوكرانيات إلى الخطوط الأمامية.  الجمهور الروسي لم يتمرد على بوتين،  وأن الناتج المحلي الإجمالي الروسي نما منذ بداية العام الماضي. الروبل بدأ في الارتفاع مقابل الدولار.  لقد فشلت العقوبات الغربية.

 بغض النظر عن كمية الذخيرة التي تقدمها الولايات المتحدة وحلف شمال الأطلسي لزيلينسكي، نحن لن نزوده بالجنود.

أقول هذا بقلب مُثقل: إذا كانت التسوية التفاوضية تفرض التنازل عن الأراضي التي تم الاستيلاء عليها من قبل بوتين تبدو حتمية، فربما حان الوقت لدعوة حكومة زيلينسكي لبدء المفاوضات لإنهاء هذه الحرب الكئيبة إلى نهايتها المحبطة.  إن إطالة أمد الجمود الذي طال أمده لا يؤدي إلّا إلى زيادة في عدد الضحايا وتدمير لا مبرر له للمنازل والبُنية التحتية الأوكرانية.
 
الجلوس وإعطاء الأسلحة حتى يستمر الأوكرانيون في القتال حتى آخر أوكراني، لمجرّد أن  البلاد في نهاية المطاف تنتهي الى حيث كنا نعلم دائماً أنها ستنتهي، ليس فقط أمراً غير أخلاقياً، بل هو جريمة قتل بعينها.

(*) كاتب عمود في المجلة الإسبوعية.

(**) مجلة إسبوعية بريطانية تضم أفضل الصحفيين والمؤلفين والنقاد ورسامي الكاريكاتير البريطانيين، وتصدر  منذ عام 1828وهي  إخبارية تنشر عن السياسة والثقافة والشؤون الجارية.  تم نشرها لأول مرة في يوليو 1828، مما يجعلها أقدم مجلة أسبوعية باقية في العالم.


19
"هل تَعمّدَ الغرب إطالة أمد الحرب الأوكرانية؟":
اعترفت الجريدة الرسمية لمركز الأبحاث الأمريكي "كوينسي" بأن لندن وواشنطن هما المسؤولتان عن الصراع في أوكرانيا.

 وأضاف: "هناك المزيد من الأدلة  تُثبت أننا لا نستطيع تصديق أي شيء مما يقوله مسؤولونا حول عدم جدوى المفاوضات.  لقد أصبح من الصعب على نحو متزايد إنكار أن الحرب في أوكرانيا كان من الممكن أن تنتهي بعد أشهر قليلة من الغزو الروسي ــ وأن الولايات المتحدة والمملكة المتحدة عَملتا على منع حدوث ذلك.

حتى وقت قريب، أصَرّ كل من مسؤولي الناتو والمُعلقين من مختلف الأطياف السياسية على أن المفاوضات مع موسكو كانت مستحيلة وأن الحرب لا يمكن أن تنتهي إلا من خلال تحقيق النصر في ساحة المعركة.  فقد تم تجاهل الأصوات التي تطالب بالحل الدبلوماسي أو تشويه مواقفها و التشهير بها بشدة، كما حدث مع كل أولئك الذين قالوا إن سبب الصراع يعود الى احتمال انضمام أوكرانيا إلى منظمة حلف شمال الأطلسي، وأن قبول الحياد من شأنه أن يساعد في إنهاء الحرب.

يمكن هنا استخلاص العديد من الاستنتاجات الرئيسية.  أولها هو أن الأميركيين، بل والجمهور الغربي برمته، يجب أن يكونوا أكثر تشككاً في التصريحات المستقبلية التي يدلي بها المسؤولون والمُعلقون بأن الحلول الدبلوماسية للصراعات والمفاوضات مستحيلة أو غير فعالة وأن الحلول العسكرية هي الخيار الوحيد.
كان من الممكن تفادي حمام الدم.

 وبعد أشهر قليلة من انهيار المفاوضات ، اعترف زيلينسكي بأن أوكرانيا تخسر  يومياً ما بين 60 إلى 100 جندي.  وبحلول شهر آب/ أغسطس من هذا العام، بلغت التقديرات الأمريكية للخسائر الأوكرانية ما يقرب من 200 ألف شخص، بما في ذلك 70 ألف قتيل.  وقد وصلتْ عمليات بتر الأطراف في صفوف الأوكرانيين  إلى مستويات مماثلة لتلك التي عانى منها الألمان والبريطانيون خلال الحرب العالمية الأولى، وفي وقت أقصر بكثير.

إن إتخاذ قرار بعدم بذل جهد جدي لإيجاد حل دبلوماسي قابل للتطبيق للحرب في أوكرانيا ، أدّى الى كارثة على هذا البلد وشعبه. 
العزاء الوحيد هو أنه يمكن أن تكون معاناة الشعب الأوكراني بمثابة درس حيوي للولايات المتحدة ودول الناتو الأخرى.

ترجمة: د. شابا أيوب
كوبنهاكن 5 ديسمبر 2023

20
سيرغي ريابكوف في مقابلة مع صحيفة إزفستيا الروسية‬


في مقابلة مع صحيفة إزفستيا الروسية يوم الأربعاء 29 تشرين الثاني/ نوفمبر 2023 أجاب سيرغي ريابكوف نائب وزير الخارجية الروسي على أسئلة المُحاور بخصوص الأزمة الحالية في المنطقة الأوروبية- الأطلسية وجاء فيها :
إنّ السبب الرئيسي للأزمة الأمنية العميقة الحالية في المنطقة الأوروبية - الأطلسية هو على وجه التحديد السياسة التدميرية لحلف شمال الأطلسي، المُشبعة تماماً بمنهجية مناهضة لروسيا والتي تستبعد تمامَاً المقترحات والمبادرات التي طرحناها كخيارات ممكنة لحل المشكلات القائمة . ولكنني على يقين من أن الناتو سوف يصل بطريقة أو بأخرى إلى نقطة حيث يتعين عليه أن يُعيد النظر في العواقب المترتبة على سياساته.
لا أعتقد أن العلاقات بين روسيا وحلف شمال الأطلسي ستعود بشكل أو بآخر في المستقبل المنظور. فهذا مُستبعد لإعتبارات مبدئية وعملية.
إذا كان لدى أي شخص في الغرب إعتقاد بأننا بحاجة إلى هذه العلاقات، وأننا في وقت ما سنأتي ونطلب استعادتها، فهو واهم.
وحول سؤال:
 هل نتوقع صراعاً مسلحاً في المستقبل؟
أجاب ريابكوف : الأمر يعتمد على الناتو، إن الاختيار يقع بالكامل على جانب حلف شمال الأطلسي ، ونحن على استعداد للدفاع عن مصالحنا الوطنية بكل الوسائل المُتاحة لنا. 
من الواضح أن الأشخاص الذين يواصلون اختبار قوتنا يعتقدون أنه بإمكانهم الإستمرار بِ "مقامرتهم"، عبر الزيادة في رهاناتهم. ولكنهم قد يكونون من بين الخاسرين.
وحول السؤال: هل ترون استعداداً للولايات المتحدة لإجبار أوكرانيا على عقد هدنة العام المقبل؟
أجاب: لا، لا أرى شيئاً من هذا القبيل، ولا يمكنني حتى أن أتخيله في المرحلة الحالية. ليس هناك ما يمكن مناقشته معنا بشأن الشروط التي طرحتها أوكرانيا. ولسوء الحظ، فإن الولايات المتحدة تقف على رأس المجموعة الغربية، التي تكرر "صيغة زيلينسكي للسلام" وكأنها تعويذة، مُعتبرةً إياها الأساس الوحيد للإتفاقات.

ولكن الأخذ بهذا الأساس سوف لن يُفضي إلى أي اتفاقات، وسيكون الحوار مستحيلاً أيضاً. ولذلك، نحن لسنا مُستعدين للنظر في أي شيء مع الولايات المتحدة على هذا الأساس. ويجب عليهم العمل مع "أجنحتهم".

المُحاور: إذن لا تتوقع هدنة العام المقبل؟
الجواب: أنا لا أتوقع هدنة فحسب، بل أتوقع أن أهداف المنطقة العسكرية الشمالية ستتحقق بالتأكيد. إن العلاقات بسبب خطأ واشنطن تدهورت إلى درجة أن إنقطاعها ممكن، وإذا حدث ذلك فسيكون نتيجة لقرارات واشنطن وأفعالها. إن المسؤولين الأمريكيين قادرون على فعل الكثير.، وليس هناك عمليا أية ثقة في ما يقولونه بخصوص المواضيع المتنوعة. نحن في حالة مواجهة شديدة، ويتم شن حرب هجينة شاملة ضدنا، وهذ أمر غير مخفي. وهنا تبدو كل المنعطفات ممكنة، لكننا مستعدون لها. إذا كان هذا هو خيار واشنطن، فسنأخذه في الاعتبار وسنتخذ الإجراءات المضادة المناسبة.

المصدر: مقابلة ريابكوف مع صحيفة إزفستيا الروسية

ترجمة: د. شابا أيوب

21
لاري جونسون: قدرات زيلينسكي الآن محدودة جداً

 تحدث مُحلل وكالة المخابرات المركزية السابق لاري جونسون قبل ساعات عن خسارة كييف المحتملة لخاركوف وأوديسا، وجاء في حديثه: دعونا نعود سنة ونصف إلى الوراء، إلى 29 مارس 2022. حينها اتفقت أوكرانيا وَ روسيا على اتفاق جزئي، لكن إدارة بايدن هي التي أخذت زمام المبادرة وقالت: «لا،  نحن لا نوافق على هذا.  نحن نريد أن تواصل أوكرانيا القتال".  وقِيلَ لزيلينسكي، خلال الزيارات التي قام بها بوريس جونسون ثم لويد أوستن وَ بيل بيرنز وَ أنتوني بلينكن: “لا يا زيلينسكي، لا يُمكنك الاستسلام”.  لذا فقد خرق الأوكرانيون الاتفاق الذي أبرموه مع روسيا، ولهذا السبب لديهم ما لديهم الآن من فقدان المزيد من الأراضي والبلدات.  لقد أُتيحت للأوكرانيين فرصة لتحقيق السلام، وكان لديهم منطقتي خيرسون وزابوروجيا، لكنّهم الآن لا يُسيطرون عليهما- روسيا لن تتخلى عن زابوروجيا وخيرسون،  وربما سيأخذون حتى خاركوف وأوديسا.  وبالتالي ماذا سيبقى لأوكرانيا بعد ذلك؟ لن تتكبد البلاد إلا خسائر فادحة.

أعتقد أن إدارة بايدن ما زالت تتمتع ببعض النفوذ، حيث يُمكنها أن تملي على زيلينسكي ما يجب فعله، لكن قدرات زيلينسكي الآن محدودة للغاية مقارنة بما كانت عليه قبل عام ونصف.

ترجمة : د. شابا أيوب


22
الصراع الأوكراني - الروسي يجب أن يتوقف

في مقابلة تلفزيونية على قناة ( The Hill tv)  الأمريكية أُجريت قبل بضعة أيام مع البروفيسور والإقتصادي الأمريكي جيفري ساكس (*) بشأن الحرب في أوكرانيا جاء فيها ما يلي  :

 حتى قبل 7 أكتوبر وحتى قبل هذه الكارثة الجديدة في الشرق الأوسط، كانت أوكرانيا في وضع كارثي رهيب بسبب العديد من الأخطاء الأمريكية. الأوكرانيون ساروا خلف الولايات المتحدة، على الرغم من أن الكارثة كانت متوقعة، وكان من السهل رؤية ذلك، لكن في كل مرّة كان بايدن يُخطئ.

ويتحدث الكاتب عن نفسه فيقول " أنا رجل عجوز، ولقد مررت بمثل هذه الأوضاع مرات عديدة - مع فيتنام، ومع أفغانستان.  لقد رأينا جميعاً أن الوضع في أوكرانيا يشكل عملية أميركية عادية،  بمعنى أنّهم يَعِدون بكل شيء، ويتورطون في حروب بالوكالة، ثم تنتهي هذه الحروب بالفشل. وهذا بالضبط ما يحدث الآن.  لقد نفدَ الوقت مِنّا، ونفدَ صبرنا، ونفدَ دعمنا للميزانية، ونفدت لدينا قذائف 155 ملم، وللأسف قلَّ عدد الجنود في أوكرانيا.  لذا فإن العبارة القديمة التي تقول إننا هناك حتى آخر أوكراني أصبحت حقيقة واقعة الآن وبشكل مأساوي، حيثُ فَقدتْ أوكرانيا مئات الآلاف من الأشخاص في هذا الصراع الغبي الذي كان من الممكن تفاديه.  لذلك يجب أن يتوقف هذا الصراع.  ويتعين على منظمة حلف شمال الأطلسي، والتي تعني بطبيعة الحال الولايات المتحدة، أن تساعد في إنهاء هذه الأزمة بأفضل الطرق  ملاءمةً، وذلك بالقول بوضوح:

"حسناً، لن نقوم بتوسيع حلف شمال الأطلسي، لقد كانت هذه فكرة عقيمة من جانب جورج دبليو بوش. وبدلاً من إن نتفاوض، واصلنا نهجنا الحالي في التوسع، وأن هذا الأمر برمته كان فكرة غبية."
علينا أن نقول ذلك،  وإلا فإن روسيا لن توافق على وقف إطلاق النار.

(*) البروفسور جيفري ساكس  Jeffrey Sachs هو أستاذ جامعي معروف عالمياً في علم الاقتصاد، ومؤلّفٌ لعدد من الكتب الأكثر مبيعاً، ومُدرّس مبدع ورائد عالمي في مجال التنمية المستدامة، وهو عضوٌ في الأكاديمية الأمريكية للفنون والعلوم، والأكاديمية الوطنية للطب.

ترجمة وإعداد : د. شابا أيوب



23
الحزب الشيوعي الدنماركي يدعو جميع أصحاب الضمائر الحية إلى المطالبة بوقف الإبادة الجماعية الوشيكة في غزة

نشرت جريدة الشيوعي عدد ١١ لسنة 2023  (*) مقالاً بعنوان
"نكبة جديدة"
 
أعلنت الحكومة الإسرائيلية حرب إبادة جماعية ضد شعب غزة.  يجب على كل شخص لديه ضمير أن يقف بوجه الإبادة الجماعية الوشيكة للفلسطينيين ويعمل على إيقافها.

والآن تعمل الحكومتان الإسرائيلية والأمريكية على تكثيف جهودهما العسكرية للانتقام من القتلى الإسرائيليين وتأجيج حرب إبادة جماعية ضد الفلسطينيين في غزة، متعهدتين "بفتح أبواب الجحيم".

هذه الحرب هي استمرار للنكبة، حين لجأ عشرات الآلاف من الفلسطينيين عام 1948، الفارين من الإرهاب والتطهير العرقي، إلى غزة.  إنه استمرار لـ 75 عاماً من الاحتلال الإسرائيلي والفصل العنصري، وسوف يُخيّم الظلام على غزة.

وقد أعلنت إسرائيل صراحةً أنها سترتكب فظائع جماعية، بل وحتى إبادة جماعية، حيث قال رئيس الوزراء نتنياهو إن الرد الإسرائيلي "سيتردد صداه لأجيال عديدة".

الإبادة الجماعية في الانتظار

وفي الوقت الحالي، أرسل الأمريكيون أكبر حاملتي طائرات في العالم إلى البحر الأبيض المتوسط قبالة سواحل غزة.  وتتعهد الولايات المتحدة بتقديم الدعم العام للتغطية الدولية لأي إجراء تتخذه الحكومة الإسرائيلية.  علاوة على ذلك ينشر المسؤولون الحكوميون الأمريكيون خطاباً عنصريا وبغيضَاً وتحريضياً من شأنه أن يُغذي هذه الفظائع الجماعية.

إن حكومة إسرائيل تستخدم خسائرها في الأرواح لتبرير الاندفاع نحو الإبادة الجماعية. ما يتم في إسرائيل هو تجريد الفلسطينيين من إنسانيتهم من قبل حكومة إسرائيل، ومن قبل وسائل الإعلام والعديد من المؤسسات اليهودية الأمريكية.

صرّحَ وزير الدفاع الإسرائيلي يوآف غالانت: "إن إسرائيل تحارب الحيوانات البشرية - وعليها أن تتصرف وفقاً لذلك". نحنُ نعرف ماذا سيحدث عندما يُطلق على الناس اسم الحيوانات.

فيما يتعلق بالأحداث المتصاعدة ضد السكان الفلسطينيين، يُعرب الحزب الشيوعي الدنماركي عن تضامنه مع الشعب الفلسطيني. الشعب الفلسطيني شعبٌ مُضطهد من قبل الإمبريالية الإسرائيلية وفُرضَ عليه العيش مع العنف والإرهاب، والحرب التي تَشُنّها الدولة الإسرائيلية.  لقد تم حشره في مناطق تشبه الغيتو والفصل العنصري، وتمّ تجريده من منازله وتُنتزع منه سلطته على حياته.

إن اصطفاف أغلبية الذين بيدهم القوة  والسلطة في جميع أنحاء العالم لإدانة الفلسطينيين هو قمة النفاق والمعايير المزدوجة. أين هي إدانة الاضطهاد والقمع الممنهج الذي تمارسه إسرائيل ضد الفلسطينيين، الذين يحتل الجيش الإسرائيلي والمُحتلون الإسرائيليون أراضيهم  منذ ٧٥ سنة مضت؟
إن رد الفلسطينيين على ذلك هو نتيجة حتمية، لأن الشعب الفلسطيني مُجبر على مقاومة القمع الذي يتعرض له بشكل يومي.  إن الإرهاب اليومي الذي يمارسه الجنود والمستوطنون الإسرائيليون، والاحتلال والاستعمار الذي تمارسه إسرائيل الصهيونية، يهدف إلى إبادة الشعب الفلسطيني بأكمله.  ومن الطبيعي أن يؤدي ذلك إلى مقاومة الفلسطينيين له.

إن الشعب الفلسطيني يستحق السلام الدائم.  ولكن هذا لا يمكن أن يتحقق إلا إذا توقف الاحتلال الوحشي لفلسطين. 6عندها فقط يصبح السلام ممكناً.

الحزب الشيوعي الدنماركي يُعرب عن تضامنه مع الشعب الفلسطيني وحقه في النضال ضد الاحتلال ومن أجل حياة كريمة والعيش بسلام.

نُطالب بمقاطعة إسرائيل – وتعزيز التضامن مع الشعب الفلسطيني!

(*) جريدة شهرية يصدرها الحزب الشيوعي الدنماركي

ترجمة : د. شابا أيوب

24

"هكذا فشلتْ مُفاوضات السلام بين أوكرانيا وروسيا"

ترجمة : د. شابا أيوب

تحدّث المُستشار الألماني السابق جيرهارد شرودر في مقابلة مع صحيفة برلين تسايتونج يوم الأحد ٢٢ أوكتوبر، كيف أَحبَطتْ الولايات المتحدة مُعاهدة السلام بين موسكو وكييف ، وعن كيفية إيجاد طريقة للخروج من هذا الوضع.
وجاء حديثُه بجزأين:

 الجزء الأول

"كان ينبغي لِ أولاف شولتز وماكرون أن يُدافعا عن عملية السلام في أوكرانيا، لأن هذه ليست قضية أميركية فحسب، بل قبل كل شيء قضية أوروبية.  وكان عليهم أن يسألوا: ماذا يُمكِننا أن نفعل لإنهاء المواجهة بين الطرفين؟  لكن الناس اليوم يتسائلون فقط: ماذا يُمكننا أن نفعل لتوفير المزيد من الأسلحة؟؟؟

 في عام 2022، تلقيتُ طلبَاً من أوكرانيا عمّا إذا كان بإمكاني العمل كوسيط بين روسيا وأوكرانيا.  وكان السؤال الأساسي هو: ما إذا كان بإمكاني نقل الرسالة إلى بوتين؟ وظهرَ آنذاك رجلٌ تربطه علاقة وثيقة جداً بالرئيس الأوكراني نفسه.  وكان هذا الرجل هو  رُستم أُميروف( وزير الدفاع الحالي لأوكرانيا)،  وهو عضو في أقلية تتار القرم.  ثم طُرِحَ السؤال: كيف ننهي الصراع؟

  هناك خمس نقاط.
أولاً : رفضْ عضوية أوكرانيا في حلف شمال الأطلسي، وأنّ أوكرانيا لا تزال غير قادرة على الوفاء بالشروط.
 ثانياً: مشكلة اللغة.
  ألغى البرلمان الأوكراني ثنائية اللغة(١) ، وهذا يحتاج إلى تغيير.
 ثالثًا: تظل منطقة الدونباس جزءاً من أوكرانيا، لكن الدونباس يحتاج إلى مزيد من الحكم الذاتي،  ويمكن اعتبار جنوب تيرول نموذجاً عملياً لذلك (٢).
 رابعاً: تحتاج أوكرانيا أيضاً إلى ضمانات أمنية، ويجب أن يتم توفير هذه الضمانات من قبل مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة وألمانيا.
 خامساً: شبه جزيرة القرم.
  منذُ متى أصبحت شبه جزيرة القرم روسية؟ 
إن شبه جزيرة القرم بالنسبة لروسيا ليست مجرد قطعة أرض، بل هي جزء من تاريخها.  وكان من الممكن إنهاء الحرب لولا المصالح الجيوسياسية.

  الوحيدون الذين يستطيعون إدارة العمليات العسكرية في أوكرانيا هم الأمريكيون.  وفي محادثات السلام في آذار  2022 في إسطنبول مع رُستم أميروف، لم يوافق الأوكرانيون على السلام ، لأنه لم يُسمح لهم بذلك.  كان عليهم أولاً أن يُوضحوا للأميركيين كل ما كانوا يتحدثون عنه.  لقد جَرتْ محادثتان مع أميروف، ثم مع بوتين على انفراد، ثم مع مبعوث بوتين.  وكتسوية بشأن الضمانات الأمنية لأوكرانيا، تم اقتراح النموذج النمساوي (٣) أو نموذج "5+1".  اعتبر أميروف هذا خياراً جيداً.  كما أظهر التزامَهُ بأمور أخرى.  وقال أيضا أن أوكرانيا لا تريد الانضمام إلى حلف شمال الأطلسي، وأنّ أوكرانيا تريد إعادة اللغة الروسية إلى الدونباس.  لكن في النهاية لم يحدث أي شيء من هذا القبيل.
 انطباعي أنا  هو: أنّ لا شيء كان بإمكانه أن يحدث، لأن كل شيء كان قد تقرر في واشنطن وكانت هذه ضربة قاتلة، لأنه نتيجة لذلك أصبحت روسيا الآن أكثر ارتباطاً بالصين، وهو أمر ما كان للغرب أن يَسمح بحدوثه.

تلقّى الأوروبيون فشلاً حين كانت لديهم هناك نافذة في آذار  2022 حين كان الأوكرانيون على استعداد للحديث عن شبه جزيرة القرم.
 وأعتقدْ أن الأمريكيين لم يرغبوا في التوصل إلى حل وسط بين أوكرانيا وروسيا.  حيثُ اعتقدَ الأميركيون أن بإمكانهم احتواء الروس.  والآن أصبح هناك لاعبان يعملان على توحيد قواهما ، الصين وروسيا، اللذان سعت الولايات المتحدة الى إحتوائهما ، ويعتقدُ الأمريكيون أنهم أقوياء بما يكفي لاحتواء هذين البلدين.  وفي رأيي المتواضع أن هذا تقديرٌ  خاطيء.  انظر فقط إلى مدى التمزّق الحاصل في الجانب الأمريكي الآن.  انظر إلى الفوضى الجارية في الكونغرس.
أمّا بالنسبة لنا نحن الأوروبيين لا شيء يُهدّد أمننا.  وأن الخوف من قدوم الروس أمرٌ  سخيف للغاية.  فكيف يُمكنهم هزيمة حلف شمال الأطلسي، ناهيك عن احتلال أوروبا الغربية؟

 (١)  ألغى البرلمان الأوكراني استعمال اللغة الروسية حتى في المناطق التي يُشكل الروس أغلبية، وألزمَ جميع السكان باستعمال اللغة الأوكرانية فقط.
(٢) تيرول هي ولاية فيدرالية نمساوية، وتضم الجزء النمساوي من مقاطعة برينسلي التاريخية في تيرول.
(٣) إتحاد عدة ولايات.

25

الولايات المتحدة تفتقر الى استراتيجيات لإنهاء حروبها

بقلم الكاتب الأمريكي  دانييل ديفيس (*)
ترجمة : د. شابا أيوب


في شهر فبراير/شباط 2022، اختار الرئيس الروسي فلاديمير بوتين شن حرب على جارة بلاده أوكرانيا.  وتقع مسؤولية شن هذه الحرب بشكل مباشر على عاتق بوتين.  وينبغي أن تكون أولويات أميركا القصوى هي المساعدة على إنهاء الحرب بسرعة مع ترسيخ أمنها القومي وحماية الجبهة الشرقية لحلف شمال الأطلسي.  لكن يبدو أن ما تفعله واشنطن هو العكس تقريباً.  إنها تحافظ على استمرار الحرب  وتمديدها إلى أبعد مدى ممكن في المستقبل.  وفي الوقت نفسه، يعمل هذا على إضعاف القدرة الدفاعية الوطنية الأميركية.

 ومع دخول الحرب عامها الثاني، لا تزال الولايات المتحدة ليس لديها استراتيجية لإنهاء الحرب.  ولا تملك واشنطن حتى رؤية لكيفية انتهاء الحرب، وهي تقاوم أي جهد للسعي إلى تسوية عن طريق التفاوض من خلال الدبلوماسية.

 إن العبارة السائدة لدى حكومة الولايات المتحدة تتلخص في العبارة غير المحددة التي تقول" إن الولايات المتحدة سوف تدعم أوكرانيا طالما استغرق الأمر".
 
 الجميع، بدءًا من الرئيس ووزير الخارجية إلى وزير الدفاع والعديد من المُشرعين في الكونغرس، يستشهدون بهذا الشعار باستمرار.  لكن لا أحد لديه تعريف لما تعنيه ، أو إجابة موضوعية لكيفية حماية هذه العبارة للمصالح الأمريكية.

 إن هذه الجهود المعقدة وغير المركزة وفاقدة للتوجيه بدعم أوكرانيا بالمعدات العسكرية والأموال الأمريكية لا تؤدي إلّا إلى إدامة الحرب.  إنهم لا يفعلون شيئًا لإنهاء الأمر.  وقد يأمل المرء أن يقدم تاريخ أميركا المؤلم وحتى الحديث منه في تقديم الدعم المفتوح للحروب ذات المصالح الهامشية للأمن القومي الأميركي دليلاً حول كيفية تجنب تكرار الإخفاقات.  ومن المؤسف أن هذا الأمل يبدو حتى الآن بلا جدوى. إنّه تاريخٌ حزين لدعم الحرب الدائمة.

 كان تورط أميركا في حرب فيتنام راجعًا ظاهرياً إلى المخاوف من "نظرية الدومينو"، التي نصّت على أنه إذا هَزمَ الشيوعيون في فيتنام الشمالية الجزء الجنوبي، فإن الحكومات الآسيوية الأخرى سوف تسقط في وقت لاحق في أيدي الشيوعية.  لم تكن هناك قط استراتيجية لإنهاء الحرب، ولا مفهوم لتحقيق النصر. وكما تبين، فقد هَزمتْ فيتنام الشمالية فيتنام الجنوبية، إلا أن المخاوف من اجتياح الشيوعية لآسيا لم تتحقق قط.

 وكما تم تأريخه الآن بشكل شامل، فإن كارثة الحرب التي شهدتها واشنطن على مدى عقدين من الزمن في أفغانستان كانت تفتقر أيضاً إلى استراتيجية لإنهاء الحرب.  لقد عرفتْ الولايات المتحدة كيفية الدخول، وعرفت جيدًا كيفية البقاء إلى أجل غير مسمى، ولكن لم تكن لديها أية فكرة عن كيفية الخروج.  ولم تَحلْ هذه المشكلة إلا الهزيمة الفادحة، ولم يَعُد أمن الولايات المتحدة بعد رحيلها من أفغانستان أفضل مما كان عليه خلال 20 عامًا من الحرب التي لا طائل من ورائها.

 زعمَ الرئيس جورج دبليو بوش أن الولايات المتحدة اضطرت إلى خوض الحرب في العراق عام 2003، وإلا فإن الأميركيين "سيعيشون تحت رحمة نظام خارج عن القانون يهدد السلام بأسلحة القتل الجماعي".  لم تكن هناك أسلحة دمار شامل، ولكن حتى بعد أن أصبح ذلك واضحًا، لم يكن لدى حكومة الولايات المتحدة استراتيجية لإنهاء الحرب، وواصلت القتال فحسب.  وباستثناء فترة توقف دامت ثلاث سنوات، خدم أفراد عسكريون أميركيون في العراق منذ ذلك الحين، دون أي احتمال أو استراتيجية لإنهاء تلك المهمة العسكرية.

 وبالمثل، كانت للعمليات العسكرية المُميتة في ليبيا والصومال واليمن وسوريا بدايات حماسية، لكنها افتقرت إلى أية رؤية لإنهاء الصراع.
  تقف الولايات المتحدة الآن على مفترق طرق في دعمها للحرب في أوكرانيا: إما مواصلة الاتجاه الذي دام ستة عقود من الدعم الأعمى للحرب دون أية فكرة عن كيفية إنهائها، أو الاستفادة من الدروس العديدة المستفادة وتشكيل استراتيجية لإنهاء الحرب.

 بصراحة، لا يوجد طريق محتمل لتحقيق نصر عسكري لأوكرانيا.  إن الاستمرار في دعم أوكرانيا بعقلية "لطالما استغرق الأمر" لا يشكل استراتيجية على الإطلاق.  فهي تواصل شهراً بعد شهر إرسال المعدات والذخيرة وغير ذلك من أشكال الدعم القتالي إلى كييف.  إن القيام بهذا قد يمنع هزيمة عسكرية صريحة لأوكرانيا، ولكن بغض النظر عن حجم الدعم الذي تقدمه الولايات المتحدة وحلف شمال الأطلسي، فمن المؤكد أن قوات كييف لن تتمكن أبدا من طرد روسيا من أراضيهَا.  ومع ذلك، فإن ما سيفعله هذا الدعم هو استمرار الحرب، على حساب مئات من القوات الأوكرانية يوميًا في بعض الأحيان.

 "دعم أوكرانيا" لن يحافظ على سلامتنا

 ويشير الكثيرون إلى أننا بمساعدة أوكرانيا نساعد أنفسنا.  على سبيل المثال، قال ليندسي جراهام إن دعم أوكرانيا في حربها ضد روسيا كانَ: "أفضل أموال أنفقناها على الإطلاق"، ويُرجع ذلك جزئيًا، كما قال لاحقًا، إلى أننا نشاهد أن "الروس يموتون".  إن رؤية روسيا وهي تضعف هو هدف واضح صاغَهُ وزير الدفاع لويد أوستن.  ومع ذلك، إليك ما يجب أن نفهمه: إن ضعف روسيا لا يؤدي إلى تحسين الأمن القومي الأمريكي.

فالأمن القومي الأميركي الآن ليس أفضل مما كان عليه في اليوم السابق لبدء هذه الحرب أو سيكون عليه في اليوم الذي تنتهي فيه الحرب. والسبب  لأن القوة العسكرية التقليدية الأميركية، وقوة حلف شمال الأطلسي، تفوق بكثير أي شيء تمتلكه روسيا، أو سوف تمتلكه.  إن "قتل الروس" لا يجعل الأميركيين أكثر أماناً، وبالتالي فهو استخدام سيئ للموارد الأميركية.  إن الدعم المفتوح لأوكرانيا سوف يؤدي، على نحو معاكس، إلى تقليص قدرتنا العسكرية التقليدية بمرور الوقت.

 وفقًا لأحدث التقارير الصادرة عن البنتاغون، فقد قدمت الولايات المتحدة حتى الآن لأوكرانيا قائمة مذهلة من المعدات العسكرية.  وتشمل القائمة الجزئية: أنظمة الدفاع الجوي باتريوت، وNASMS، وهوك؛  38 نظام هيمارس؛  270 مدفع هاوتزر (155 ملم و105 ملم) بالإضافة إلى 2.8 مليون قذيفة؛  وأكثر من 240 نظام هاون، و400 ألف قذيفة هاون.  وفيما يتعلق بالمركبات القتالية (M1A1 Abrams وBradley Fighting Vehicles وStrykers وغيرها من المنصات ذات العجلات والمجنزرة)، فقد قدمت الولايات المتحدة أكثر من 5000، إلى جانب أكثر من 300 مليون رصاصة من مختلف العيارات.

الأمر لا يتعلّق بالأموال التي أنفقتها الولايات المتحدة فحسب، بل إن تقليص مخزونها المادي من الأسلحة والمركبات المدرعة والذخيرة هو الذي أدى إلى انخفاض مماثل في قدرة أميركا المادية على شن الحرب واستدامتها.  ويقترح الكثيرون أن تُواصلْ الولايات المتحدة تزويد أوكرانيا بمركبات مدرعة إضافية وذخيرة إلى أجل غير مسمى.  ولكن نادراً ما يَذكُر هؤلاء المناصرون التكلفة التي تتحملها قدرتنا الأمنية الوطنية والتي تفرضها مثل هذه المساهمات.

 إذا ما وَجدتْ الولايات المتحدة نفسها فجأة في حرب كبرى، فسيكون لدى جيشها نقص خطير في مدافع الهاوتزر وذخيرة المدفعية.  لا يمكن للمرء أن يُخفض المخزونات بما يقرب من 3 ملايين خلال عام ونصف ويتوقع أي شيء سوى التأثير السلبي على القدرة على الاستمرار في الحرب.  نحن ننتج حاليًا 24000 قذيفة شهريًا في أمريكا، ونأمل أن نصل إلى 85000 شهريًا في عام 2025.

 وإذا توقفت الولايات المتحدة عن تزويد أوكرانيا بأي قذائف اليوم، فسوف يستغرق الأمر أربع أو خمس سنوات لتعويض ما فقدته بالفعل.  ويجب على المرء أن يتساءل لماذا يبدو العديد من المدافعين عن الدعم الدائم لأوكرانيا غير مهتمين بالانخفاض الدائم في قدرة الولايات المتحدة على صنع الحرب.  إن مساعدة أوكرانيا في الدفاع عن نفسها طموح مفهوم.  ولكن هناك عواقب في العالم الحقيقي للقيام بذلك بهذا المعدل، والاتجاهات سلبية بالتأكيد بالنسبة للولايات المتحدة.

 خاتمة

 تنجرف الولايات المتحدة بلا تفكير نحو تكرار العديد من أسوأ الأخطاء التي ارتكبتها واشنطن في نصف القرن الماضي.  نحن نقود بعواطفنا وندعم الجانب الأوكراني في حربه مع روسيا - وهي حرب لا تًظهر أي علامة على نهايتها قريبًا - ولكن دون التحليل المطلوب الرصين والصادق لما سيكلفنا هذا الدعم، أو ما ينبغي أن تكون عليه استراتيجيتنا، أو ما هي النتيجة القابلة للتحقيق التي نسعى إليها.  نحن نحاول فقط إرسال شريحة تلو الأخرى من الدعم إلى كييف دون أي تفكير في التأثير التراكمي على بلدنا.

(*) دانييل إل. ديفيس هو زميل أول في قسم أولويات الدفاع ومُقدّمْ سابق في الجيش الأمريكي وقد شارك في مناطق القتال أربع مرات.  وهو مؤلف كتاب "الساعة الحادية عشرة في أمريكا 2020".

26

النكبة الفلسطينية أكملت عمرها الخامس والسبعين
بقلم إيلين سوبورغ(*)
ترجمة : د. شابا أيوب

كتبت المناضلة الشيوعية الدنماركية إيلين سوبورغ المقال التالي ونشرته جريدة "الشيوعي" في عددها السابع الصادر في نهاية شهر حزيران الماضي جاء فيه:

 في الخامس عشر من أيار/مايو من كل عام تمر ذكرى التطهير العرقي الشامل الذي بدأته إسرائيل بعد إعلان الدولة اليهودية في عام 1948.

 لقد كانت مجزرة لم نشهد مثيلاُ لها من قبل حيثُ قَضتْ على حوالي 560 بلدة وقرية فلسطينية وأزالتهم تمامًا من على وجه الأرض ، وحوّلت ثلثي الشعب الفلسطيني من الناجين من المجازر إلى لاجئين.

 وعلى الرغم من القواعد الدولية وقرارات الأمم المتحدة ، لم يُسمح لهم أبدًا بالعودة ، واختفت بَلداتهم وقُراهم إلى الأبد وأصبحت أنقاضًا تحت المُدن الإسرائيلية المبنية حديثًا.

بهذه المناسبة أُقيمتْ في كوبنهاغن  مظاهرة تذكارية رائعة مع عدد من الخطباء والموسيقى الحية والعديد من المشاركين في كُلٍ من الساحة الحمراء والموكب اللاحق من شارع النور برو (Nørrebrogade) والسير بإتجاه ساحة فلسطين (إسرائيل) الواقعة في مركز العاصمة كوبنهاكن، لكن كالعادة غابتْ وسائل الإعلام  الدنماركية تمامًا لتغطية هذه الفعالية.

  في المقابل ، تَذكّرَ عدد من قادة الدول الإوروبية تهنئة إسرائيل بالذكرى 75 لتأسيسها ، وتَلقّى كلمة التهنئة التي ألقتها رئيسة المفوضية الأوروبية أورسولا فون دير لاين (١) الدكتور سلمان أبو ستة(٢) ليبعث لها برسالة مفتوحة ، يُواجهها فيها بعدد من الأخطاء الوقائعية المُعيبَة في الخطاب ، والتي تُعبر أيضًا عن قبول انتهاكات القانون الدولي والانحرافات عن القواعد الأساسية للعدالة.

أورسولا فون دير لاين تُهني إسرائيل على دولة تبلغ مساحتها 20500 كيلو متر مربع ، أي 78٪ من مساحة فلسطين ، 72٪ منها حصلت عليها إسرائيل عن طريق الغزو !  ثم أثنتْ على الدولة الإسرائيلية "لبراعتها وإبتكاراتها الرائدة".

 يَضخ الاتحاد الأوروبي مليارات اليوروهات في "البحث العلمي" في إسرائيل وفق البند الخاص بشرط التزام واحترام إسرائيل لحقوق الإنسان فيما يتعلق بهذه البحوث.  ولكن تم التنازل عن هذا البند بناءًا على طلب إسرائيل.

وَ فورًا استفادت شركة تصنيع الأسلحة Elbit بعد التنازل عن هذا الشرط بنشر أسلحة الدمار الشامل ، والتي تستخدم على نطاق واسع في غزة ، حيث تأخذها شركة Elbit إلى الميدان لتوجيه الجنود الإسرائيليين إلى استخدام الأنواع الجديدة من الأسلحة ، والتي يمكن بعد ذلك أن تُباع دوليًا على أساس تم اختبارها في المعارك.

 وتُكرر أورسولا أيضًا الدعاية الإسرائيلية التي تقول أن اسرائيل "جعلت الصحراء تزدهر".  لكن الحقيقة هي أنه كان هناك 12500 كيلومتر مربع من الصحراء ، قامت إسرائيل بسقي وزرع 800 كيلومتر مربع فقط (أي 6%). ولا تزال 94٪  صحراء ، وهذه 6% من الأراضي المُستصلَحة تُروى بالمياه المسروقة من الضفة الغربية ومرتفعات الجولان ، والزراعة المُستصلحة تُنتج فقط 1.5% من الناتج الإجمالي المحلي لإسرائيل.

 في الخطاب المُوجه الى إسرائيل ، لم تذكر كلمة واحدة عن المجازر التي ارتكبتها إسرائيل ، على سبيل المثال مجزرة دير ياسين ، ولا عن المسؤولين عن التطهير العرقي ، ولم يكن هناك أي احتجاج على أنه بعد ثلاث سنوات فقط من إغلاق معسكرات الاعتقال في ألمانيا والعمل القسري فيها، أُعيد هؤلاء إلى فلسطين كمُهاجرين أوروبيين .

 لم يرد ذكر للنكبة - وهي أسوأ كارثة في تاريخ فلسطين المُمتد 4000 عام ، ولا الغزو الصهيوني لـ 120 ألف جندي أوروبي في 9 فرق نفذوا 31 عملية عسكرية ، أو المجازر التي تسببت في إخلاء 560 بلدة وقرية ، مما جعل ثُلثي الشعب الفلسطيني لاجئين.

 منذ ذلك الحين ، غالبًا ما صوتت أوروبا والأمم المتحدة ضد حقوق فلسطين غير القابلة للتصرف.  إنّها علامة على العنصرية الغربية ، ويُذكِّر بالتاريخ الأوروبي الإستعماري القذر

 الآن سيكون من المثير للاهتمام معرفة ما إذا كانت رئيسة المفوضية سترد على رسالة الدكتور سلمان أبو ستة المفتوحة والمُتضمنة انتقادات ذات الصلة.
‐--------------------------------
(*) قيادية في الحزب الشيوعي في الدنمارك.
(١) أورسولا غيرترود فون دير لاين ، سياسية ألمانية تنتمي لحزب الاتحاد الديمقراطي المسيحي وتشغل منصب رئيسة المفوضية الأوروبية منذ الأول من تشرين الثاني/نوفمبر 2019

(٢) د. سلمان أبو ستة (1937- ) هو باحث فلسطيني ولد بمدينة بئر السبع، ويعد من أكثر الباحثين ارتباطاً بقضايا اللاجئين الفلسطينيين.




27
نظام كييف يفعل ما يشاء دون اعتبار للقانون

أشارَ نائب ممثل الإتحاد الروسي لدى الأمم المتحدة  بوليانسكي في خطابه أمام مجلس الأمن بشأن اضطهاد نظام كييف للكنيسة الأرثدوكسية في أوكرانيا التابعة للبطريركية الأرثدوكسية والتي مقرّها في موسكو قائلاً  : " نظام كييف يفعل ما يشاء دون اعتبار للقانون.  أدعوكم على التفكير في الذي يحصل في أوكرانيا من فوضى صارخة وانتهاك للحريات الدينية الأساسية التي تحدث أمام أعينكم. أود أن أُعلمكم بأن البرلمان في كييف ينظر في إمكانية سن قانون يحظر بموجبه ويُصادر ممتلكات الكنيسة الأرثدوكسية  في أوكرانيا التي يتبع  أغلب مُؤمنيها البطريركية الارثدوكسية التي مقرّها في موسكو، والتي يعود تاريخها إلى عدة قرون.  لا يوجد نظير لمثل هذا العمل الساخر في التاريخ الحديث".
ويتسائَل نائب المندوب الدائم: كيف سيكون رد الفعل في الولايات المتحدة ، على سبيل المثال ، إذا اقترح رئيس الولايات المتحدة أن يحظر الكونغرس الكنيسة الكاثوليكية في أمريكا والإستيلا على كاتدرائية القديس باتريك في نيويورك على أساس أن الكاثوليك في إمريكا يطيعون البابا في روما؟  أو اعتقال أحد كرادلة الكنيسة الرومانية الكاثوليكية في الولايات المتحدة؟ أو إذا ألقتْ المملكة المتحدة القبض على أحد قادة الجالية المسلمة وناقش البرلمان البريطاني مشروع قانون لحظر هذا الدين في البلاد بحجة أن مقامات الإسلام هي في مكة والمدينة؟
 هل يصعب عليكم تخيّل مثل هذه الصورة؟  نحن كذلك مثلكم يصعب علينا تخيّل ذلك.  إنّها تبدو أشبه بحبكة فيلم خيال علمي.  لكن لسوء الحظ أصبح هذا الفيلم المخيف في أوكرانيا حقيقة واقعة أمام أعيننا. يحدث هذا بتواطؤ من الرعاة الغربيين لنظام كييف.
ترجمة: د. شابا أيوب
الدنمارك ٢٧ تموز ٢٠٢٣

28
مُستقبل أوكرانيا من وجهة نظر مُحلل سياسي أمريكي
غارلاند نيكسون (*)
ترجمة: د. شابا أيوب


لا أعرف كم سيعيش زيلينسكي ، ولكن أعتقد أن تعبيرات وجهه تقول إنّه يعلم أن حياته في خطر كبير. إنّه يعلم أن المشروع في خطر ، وأنه إنْ كان ذكياً فإنه سيفهم أنهم في مرحلة ما سيتخطونَه (1)، ويبتعدون عن كل ما هو قائم. وفي لحظة ما سيكون هناك صراع أوكراني داخلي ، لكنني أعتقد أنه سيتعين عليهم عاجلاً أم آجلاً القيام بذلك.

لا تحتاج روسيا ضم أية أراضي في غرب أوكرانيا. إنّ الروس يفهمون جيداً ماذا تمثل هذه الأراضي. لكنهم لن يسمحوا بإستمرار إستخدام أوكرانيا كبش فداء وآلة حرب . عندما سينتهون من الحرب ، سيكون كل شيء قد انتهى.

قال الروس: " لن نكرر هذا كل 5-10 سنوات ، ولن نقول: حسنَاً ، لقد توقفنا حتى نقاتل مرة أخرى بعد 5-10 سنوات في هذا الصراع".

لا ، الروس لن يفعلوا ذلك.
عندما يصل الروس إلى نهر الدنيبر ، وسيصلون هناك ، أليس كذلك؟ عندها لن تكون أوكرانيا قادرة على الدفاع عن نفسها بأي شكل من الأشكال. في هذا الوقت ، ستتم هزيمة الجيش الأوكراني بشدة ، وسيسقط الجيش الأوكراني ومعه النظام السياسي. وفي تلك اللحظة ، سيتمكن الروس من الذهاب إلى أبعد نقطة يُريدونها.

والسؤال: هل سيدخلون غرب أوكرانيا؟
الجواب : بالمعنى العسكري ، إذا كان الأمر يتطلّب مهاجمة أهداف عسكرية أوكرانية ، فإنهم سيفعلون ذلك. لكن عند الحديث عن مجرد الذهاب إلى هناك ، والاستيلاء على غرب أوكرانيا ، وَ حُكمْ وإدارة هذا الجزء من أوكرانيا ، فإن الروس لا يريدون ذلك. والسبب لأنّ ليس لهذا الجزء من الأراضي الأوكرانية أية قيمة. لقد حصلوا بالفعل على كل ما في وسعهم (على أي حال) ، على أفضل جزء في أوكرانيا والذي يعتبرونه جُزئَهم. لذا فإن الشيء الرئيسي هو أنّ الروس لا يحتاجون إلى أوكرانيا الغربية. إنها مثل عظم في حلقهم، وإذا لزم الأمر ، فسوف يُساووها بالأرض. لكن الأمر المُهم هو أنهم سيعتبرون غرب أوكرانيا هدفاً عسكرياً وعسكرياً بحتاً. ولن يسمحوا للغرب أن يقول: حسناً ، الآن لدينا ما تبقى من أوكرانيا ، دعونا نُعيد تسليحها. لن يوافق الروس على ذلك.


(*) مواطن أمريكي - مضيف برنامج حواري إذاعي/ محلل سياسي
(1) المقصود الغربيون بقيادة الولايات المتحدة وبريطانيا

29
الحزب الشيوعي الدنماركي
بداية التأسيس - الانقسام - السعي نحو التوحيد

الجزء الرابع

تميزت أوائل التسعينيات بتفكك الاتحاد السوفيتي ، وإعادة فرض المجتمعات الرأسمالية في أوروبا الشرقية ، ونكسات كبرى أخرى للطبقة العاملة وللحركة الاشتراكية والشيوعية العالمية. وعلى الرغم من الخبرة العظيمة للحزب وتنظيمه الذي كان يعمل بشكل جيد ، عانى الحزب الشيوعي الدنماركي من وضعٍ صعبٍ للغاية وكان في مواجهة سياسية تتعلق بوجود الحزب نفسه. في مؤتمرات الحزب المنعقدة في كانون الثاني ونيسان من عام 1990 ، كان هناك ثلاث مجموعات تعمل داخل الحزب: "المُجددون" ، والتقليديون ، والمجموعة الوسطى. كان لدى "المُجددين" عدد من التغييرات الأساسية في الخط السياسي المُعتمد ، وتم بالفعل إجراء تغييرات في القيادة العليا للحزب. 

في انتخابات ديسمبر/كانون الاول 1990 البرلمانية، حصلتْ القائمة الموحدة(والتي يُعتبر الحزب الشيوعي الدنماركي هو جزءٌ منها) ، التي خاضت الانتخابات لأول مرة على 1.7٪ من الأصوات ، وهو ما لم يكن كافياً للدخول إلى البرلمان.

في هذه الفترة إنقسمَ الحزب على نفسه، وأدى هذا الإنقسام إلى فقدان الحزب لأكثر من نصف أعضائه خلال عام 1990 وأوائل عام 1991. 
في هذا الوقت استقال رئيس الحزب أولي سون وانضم إلى حزب الشعب الإشتراكي SF.
بادر عدد من أعضاء قيادة الحزب القديمة ( التقليديون) لإنشاء المنتدى الشيوعي ، الذي تطوّر فيما بعد وأصبح حزبا شيوعياً مُستقلاً سَمّى نفسه بالحزب الشيوعي في الدنمارك (KPiD).

في المؤتمر الثاني والثلاثين المنعقد في 1992 تم استبدال قوانين الحزب السابقة بمجموعة من القوانين الموجزة والعمومية للغاية. كان الهدف من هذا الإصلاح هو تحويل الحزب من منظمة نضالية شيوعية الى "شبكة" مهمتها الرئيسية تقديم الدعم والإسناد ومستودع خبرة لـلقائمة الموحدة، الذي هو جزءاً من قائمتها الإنتخابية. 

تضاعفت الجهود المبذولة لتفكيك الحزب الشيوعي الدنماركي كقوة سياسية وتنظيمية مستقلة من خلال انتقال القائمة الموحدة من التعاون الانتخابي معه إلى منظمة شبيهة بحزب سياسي مستقل مع عضوية فردية للمُنتمين.

إن "التسوية الوطنية" والتخلي عن معارضة الاتحاد الأوروبي (11) ، اللتان جاء بهما حزب الشعب الإشتراكي (SF) قد حصلتا على التصويت بنعم في الاستفتاء الشعبي في مايو 1993 لمعظم بنود معاهدة ماستريخت (12)، التي تم رفضها في حزيران 1992. وقد أدى ذلك إلى تقدم قوي لـلقائمة الموحدة ، والذي أدى في انتخابات أيلول 1994 فوز 6 أعضاء برلمانيين إثنين منهم شيوعيون .

أدّى اختراق القائمة الموحدة لأجزاء من أعضاء الحزب الشيوعي الدنماركي إلى وهم ، بأن الحزب الشيوعي الدنماركي أصبح الآن زائداً عن الحاجة ، وسعى البعض من أعضاء الحزب إلى حل الحزب ، لكن تم رفض المقترحات في هذا الصدد عدة مرات ، كان آخرها في الاجتماع الوطني في عام 1995 ، والذي تبنى بيان برنامج التغيير ، الذي وجّهَ الحياة السياسية كلها نحو القائمة الموحدة. 

حَدثَ تراجع كبير في هذه السنوات بحيثُ إضطر الحزب الى تقليص أجهزته التنظيمية إلى الحد الضروري ، وأفلسَ مالياً، لكنّه موّلَ نفسه عن طريق الإقتراض. لهذين السببين إستقالت القيادة السابقة لـ "المُجددين" بشكل شبه كامل ، وتم انتخاب قيادة وطنية جديدة تماماً من 7 أعضاء فقط أغلبهم عديمي الخبرة.

نصَّ مفتاح التغيير عام 1996 على أن المهمة السياسية الوحيدة للقيادة الوطنية المنتخبة حديثاً كانت تنظيم ندوتين في كل سنة. ومع ذلك ، كانت الأجندة غير المعلنة هي أن الديون الكبيرة للحزب ستجبر القيادة الوطنية على السماح للحزب الشيوعي الدانمركي بالإفلاس وحل الحزب - وهي مهمة لم ترغب القيادة المنتهية ولايتها في القيام بها. لكن عندما ظهرت خطورة الموقف على القيادة الوطنية المنتخبة حديثاً، تصرفتْ بشكل مختلف عما كان متوقعاً. وعلى الرغم من المعارضة الشديدة من قبل قيادة الحزب المستقيلة ، فقد تمكنت القيادة الجديدة من وضع خطة لإعادة الهيكلة وإنقاذ الحزب من الانهيار. وفي اجتماع وطني عُقِدَ في خريف العام نفسه (حيثُ غادر جزء كبير من المندوبين احتجاجا)، نجح "المُرمّمون" ، الذين ظهروا أكثر فأكثر كقادة حزبيين حقيقيين ، في وضع قيود مشددة على عمل القيادة الوطنية المُنتخبة بحيث لا تسمح لها إعادة انتخاب أعضائها ثانيةً.
تم انتخاب قيادة وطنية من 5 أعضاء فقط ، جميعهم من المستوى الثاني لجناح "المُجدِّدين" ، ونَفّذَتْ إعادة هيكلة مالية الحزب ، والتي كانت القيادة الوطنية المخلوعة قد أرست الأساس لها.

(١١) عارض الحزب الشيوعي الدنماركي واليسار الماركسي عموماُ إنضمام الدنمارك الى الإتحاد الأوروبي من منطلق فكري ، ذلك أن مثل هذا الاتحاد سيشكل قوّة إضافية للنظام الرأسمالي ويعزز مكانة ودور البرجوازية الاوروبية - الكاتب

(١٢) اتفاقية أو معاهدة ماسترخت هي الاتفاقية المؤسسة للاتحاد الأوروبي. تم الاتفاق عليها من قبل المجلس الأوروبي في مدينة ماسترخت الهولندية في ديسمبر
1991، وبدأ تنفيذها في 1 نوفمبر 1993. وتهدف معاهدة ماستريخت إلى الوصول إلى السياسات الموحدة للدفاع ، والعملة والمواطنة بين جميع الدول الأعضاء - ويكيبيديا


إعداد: شابا أيوب
21 أيار  2023

30
الحزب الشيوعي الدنماركي
بداية التأسيس - الانقسام - السعي نحو التوحيد

الجزء الثالث

سياسة الحزب خلال الحرب الباردة
بعد تدخل الاتحاد السوفيتي في المجر عام 1956 ، اندلعت معركة شرسة بين أعضاء الحزب ، أدت في النهاية إلى استبعاد رئيس الحزب أكسل لارسن ، الذي شكّلَ حزب الشعب الاشتراكي (SF) بعد عام تقريباً(٨)، وحلّ محلّه كنود يسبرسن (Jespersen  Knud).
لعبَ الرئيس الجديد دوراً نشطاً خلال الإضراب الكبير عام 1956 ، لكن نفوذ الحزب بدأ يتراجع في نهاية الخمسينيات ، وخسرَ الحزب تمثيله البرلماني في إنتخابات عام 1960،  إذ حصل على 1.1٪ فقط  من الأصوات.  ومع ذلك ، واصل الحزب تقدمه على الصعيد المهني ، وخاصة بين العاملين في أحواض بناء السفن وقِطاع بناء المساكن ، حيث كان وسط العاملين في هذين القطاعين العديد من الشيوعيين، وفاز الشيوعيون في العديد من النقابات، كما لعب الحزب دوراً إيجابياً في حركة السلام وَ وقفَ ضد الأسلحة النووية، وفي عام 1968 قاد الحزب حركة الاحتجاج ضد الولايات المتحدة في حربها على فيتنام.
 في أوائل السبعينيات بدأ الحزب بتنظيم معارضة لعضوية الدنمارك في المفوضية الأوروبية (وفيما بعد معارضة الاتحاد الأوروبي) عبر حركة شعبية واسعة.  شكّلتْ هذه المُعارضة الى جانب النشاط في الحركة النقابية وتمرّد الشباب ضد السلطات ، أساساً لإختراق جديد لدخول الحزب الى البرلمان. في انتخابات كانون الأول 1973 ، كانت النسبة التي حصل عليها الحزب 3.6٪ من الأصوات ودخول ستة نواب إلى البرلمان.
وفي عام 1976 و بعد مناقشات مستفيضة حول عضوية الحزب ، تبنى المؤتمر الخامس والعشرون  إستراتيجية جديدة وبرنامجاً لمكافحة الإحتكار تحت شعار "ديمقراطية مناهضة للإحتكار". بعد عام من عقد المؤتمر توفي رئيس الحزب كنود يسبرسن وحل محله يورغن ينسن. وأظهرت الانتخابات المحلية أن عشر سنوات من النمو المستمر في الأصوات قد وصلت إلى نهايتها.
 عاد الحزب من جديد ليلعب دوراً رائداً في حركة السلام عام 1983، التي نفذت العديد من الأنشطة في دوائر واسعة من السكان ضد نشر الصواريخ النووية الأمريكية في أوروبا الغربية(٩) في فترة تُعتبر أكبر حشد عسكري في التاريخ.
بلغت الاحتجاجات العمالية ضد الحكومة البرجوازية ذروتها في عهد رئيس الوزراء المحافظ بول شلوتر(١٠). كان لسكرتاريي المنظمات الشيوعية المحلية نصيب كبير في تنظيم الإضرابات والمظاهرات الاحتجاجية الكبيرة في ساحة قصر كريستيانسبورغ (قصر البرلمان.

 في مؤتمر الحزب المنعقد في نيسان 1987 تم انتخاب أولي سون كرئيس جديد بعد الراحل يورغن ينسن.
 لم يكن للحزب تمثيل في البرلمان منذ عام 1979 ، وفي عام 1987 انسحب الاشتراكيون اليساريون (VS) من الحزب. حينذاك اقترح الأعضاء في كلا الحزبين التعاون فيما بينهما ، ولكن لم يحصل الدعم الكافي لذلك، لكن تحقق شيء من التعاون عندما تراجع كلا الحزبين في الانتخابات اللاحقة التي جرت في عام 1988.

ومنذ 1989  حاول اليسار الدنماركي تأمين تمثيله المستمر في البرلمان من قِبل الأحزاب الثلاثة: الحزب الشيوعي الدنماركي  (DKP)والإشتراكيين اليساريين (VS) وحزب العمال الاشتراكي (SAP) الذين توحدوا لتأسيس القائمة الموحدة (Enhedslisten).
---------------------------------------
(٨) تأسس في 15 شباط 1959 ، وهو حزب يساري مستقل بذاته. وقد حصل على 15 مقعداُ في البرلمان من مجموع 179 في آخر انتخابات عام 2022- الكاتب
(٩)  نشر الإتحاد السوفيتي 130 صاروخاً من طراز إس إس – 20 في الجزء الغربي من أراضيه والدول الحليفة الموقعة على معاهدة وارشو. شعر حلف شمال الأطلسي بالتهديد إزاء هذه الخطوة، إذ كان يعتمد على تفوقه النووي التكتيكي لتعويض التفوق التقليدي السوفييتي. ومن أجل دعم حلف الناتو، التزمت الدول الأعضاء بنشر عدة مئات من الصواريخ في أوروبا الغربية، وخاصة صواريخ بيرشينغ 2  في ديسمبر/كانون الأول 1979 - الكاتب
(١٠) بول شلوتر (Poul Schlüter)
(ولدَ  في 3 نيسان 1929 و توفي في 27 أيار  2021)، هو سياسي دنماركي من حزب الشعب المحافظ، شَغلَ منصب رئيس وزراء الدنمارك منذ سنة 1982 حتى سنة 1993- ويكيبيديا

إعداد: شابا أيوب
21 أيار  2023



31
الحزب الشيوعي الدنماركي
 بداية التأسيس - الانقسام - السعي نحو التوحيد
الجزء الثاني

اعداد شابا أيوب

 فترة ما بين الحربين العالميتين

 حتى عشرينيات القرن الماضي ، خاض الحزب صراعات متعددة على الصعيدين التنظيمي والسياسي. 

مع وجود أكْسلْ لارسن (٣) كرئيس جديد للحزب أصبح الحزب أكثر إتساقاً  منذ عام 1932، وأكثر اعتماداً بشكل مباشر على السياسة التي اعتمدها الحزب الشيوعي السوفيتي ، ونجحَ في نفس العام في الحصول على مقعدين في البرلمان،  تم انتخابهما لحزب لا يزيد عدد أعضائه عن  3000 عضو، ويُعتبر هذا تقدم تنظيمي كبير في حينه. وبحلول نهاية الثلاثينيات نَمتْ عضوية الحزب وزاد تمثيله البرلماني إلى حد ما.  ومن بين الأنشطة الهامة للحزب في هذا الوقت يمكن الإشارة الى التضامن مع الجمهورية الإسبانية ضد تمرد الكتائب العسكرية. وَ كباقي الأحزاب الشيوعية في البلدان الأخرى لعبَ الحزب دوراً محورياً في تجنيد المقاتلين في الفرقة الدولية ، التي قاتلت في إسبانيا الى جانب الجمهوريين ضد الإنقلاب العسكري بقيادة الجنرال فرانسيسكو فرانكو ضد الحكومة المنتخبة شرعياً في شباط عام 1936(٤) . شارك أكثر من 200 شيوعي دانماركي كمتطوعين في الحرب الأهلية الإسبانية من بين 30000 آخرين من جميع أنحاء العالم للدفاع عن الديمقراطية الإسبانية ضد فاشيي فرانكو ، الذين دعمتهم ألمانيا الهتلرية والفاشيون.

 وحين عُقِدت معاهدة عدم الاعتداء الألمانية السوفيتية(٥)، ودارت حرب الشتاء بين الإتحاد السوفيتي وفنلندا  في 30 تشرين الثاني 1939(٦) إختار الحزب دعم المعاهدة، وبالتالي علّقَ سياستة بخصوص الجبهة الشعبية لمدة عامين. أدى هذا الموقف إلى تقليص نفوذ  الحزب إلى حد كبير.

 ظلّ الحزب مُنتمياً إلى الأممية الشيوعية(كومنترن) حتى حلها في عام 1943، ومع ذلك ، استمر في الدعم السياسي للحركة الشيوعية العالمية بقيادة الاتحاد السوفيتي حتى نهاية الثمانينيات. وهذا يعني ، من بين أمور أخرى ، أن الخط السياسي للحزب كان يتغيّر بإستمرار من أجل التوافق مع  تكتيكات القيادة السوفيتية. 

 كانت أهم وسيلة من وسائل ترسيخ الحزب في الحياة السياسية الدنماركية ، وَ السِمة الأكثر بروزاً في التوجه الاستراتيجي والتكتيكي للحزب هي سياسة الجبهة الشعبية ، التي تم تحديد مبادئها في المؤتمر العالمي السابع للكومنترن في 1935. وكان القصد من هذه السياسة هو تعزيز التحالفات التكتيكية للدفاع عن السمات الديمقراطية داخل المجتمع القائم آنذاك. كما كان الهدف من هذه السياسة في صيغتها الأصلية هو تشكيل تحالف سياسي داخلي مع الاشتراكيين الديمقراطيين والقوى البرجوازية ، بالإضافة إلى تحالف سياسي خارجي مع البلدان الرأسمالية التي تحكمها أنظمة ديمقراطية ضد القوى البرلمانية اليمينية ، وخاصة النازية الألمانية(٧). كان هذا يعني ، من بين أمور أخرى ، أن الهدف الاستراتيجي للتغيير الاشتراكي قد تم التقليل من شأنه في السياسة اليومية، وشكّلَ هذا النهج السياسي  نقطة البداية في جهود الحزب الكبيرة في حركة المقاومة الدنماركية للإحتلال الألماني 1941-1945 ولاحقاً في مقاومة الاتحاد الأوروبي ، والتي تم تصويرها على أنها معركة من أجل "الديمقراطية المُناهضة للإحتكار".

سَبقَ تبني الجبهة الشعبية سياسة يسارية راديكالية قوية ، والتي كانت موجهة بشكل خاص ضد قيادة الإشتراكيين الديمقراطيين في الحركة العمالية. وجرى التخفيف عملياً في ممارستها، وخاصة في الفترة 1939-1941  عندما علّق الحزب الكثير من تعبيراته السابقة المناهضة للفاشية دعماً لإتفاقية عدم الاعتداء بين الاتحاد السوفيتي وألمانيا النازية.

سياسة الحزب خلال فترة الاحتلال الألماني للدنمارك 1940-1945

بعد الهجوم الألماني على الاتحاد السوفيتي ، تم حظر الحزب في 22 آب 1941 وأُعتقل العديد من شخصياته القيادية.  بدأ الحزب في استئناف سياسة الجبهة الشعبية،  ومنذ عام 1942 فصاعداً لعبت الجبهة الشعبية دورا رائداً في بناء كل من مجلس الحرية الدنماركي و مجموعات التخريب المسلحة. ومن خلال هذا الجهد نجح الحزب في استعادة نفوذه المفقود. وفور انتهاء الاحتلال أصبح الحزب يعمل بشكل قانوني وشارك في حكومة التحرير في صيف عام 1945، وحقق الحزب أعظم نجاح له حيث وصلَ عدد أعضاء الحزب إلى أكثر من 60 ألف عضو وصوّت له 12.5%  من الناخبين في الانتخابات البرلمانية العامة وضَمنَ له 18 مقعداً في البرلمان من أصل 148 مقعداً. وفي عام 1949 كان الحزب في طليعة الكفاح ضد عضوية الدنمارك في الناتو.

 لكن هذا التقدم للحزب لم يَدم طويلاً.  ففي عام 1950 ، تضاءلت القوة التنظيمية للحزب وتمثيله في البرلمان بأكثر من النصف ، وأصبح دوره في السياسة الدنماركية مُهمّشاً إلى حد كبير.

أدّى تدخل حكومة الإشتراكيين الديمقراطيين في مفاوضات الاتفاقية الجماعية في ربيع 1956 إلى إضرابات واسعة النطاق في أماكن العمل في عموم البلاد، وإلى أكبر تظاهرة احتجاجية نُظّمتْ أمام  قصر البرلمان حتى ذلك الحين.  وبعد  فترة قصيرة ، بدا أن الحزب كان في طريقه إلى الأمام مرة أخرى نتيجةً للعمل المُثمر وسط النقابات العمالية وفي أماكن العمل ، وقد نجح الحزب في كسب  جلسة استماع ، لكن لم يدم هذا النجاح طويلاً عندما دخل الحزب ، اعتباراً من أكتوبر من نفس العام في صراع مع المواقف السائدة في الدنمارك.

نهاية الجزء الثاني

(٣) أكسل لارسن -  ولد في 5 آب 1897 في الدنمارك وتوفي في 10 كانون الثاني 1972. كان حزبياً نشطاً وقد أُنتخب عضواً في البرلمان الدنماركي.  ‏

(٤) امتدت الحرب الأهليةالإسبانية، (التي انتصر فيها الجمهوريون على أنصار الملكية) على مدار 3 سنوات في الفترة الواقعة بين 18تموز 1936 وحتى الأول من نيسان 1939، وراح ضحيتها أكثر من 1.5 مليون إنسان، بين قتيل وجريح وسجين ومُشرّد ـ الكاتب

 (٥) هي مُعاهدة وُقعتْ في العاصمة السوفيتية موسكو في 23 آب 1939 بين وزير الخارجية الألماني ريبنتروب ونظيره السوفيتي مولوتوف  ـ الكاتب

(٦) ويكيبيديا - حرب الشتاء بين الاتحاد السوفيتي وفنلندا دامت ثلاثة أشهر من تشرين الثاني 1939 حتى أوائل شهر شباط.

(٧) الموقع الإلكتروني للحزب الشيوعي الدنماركي

32
الحزب الشيوعي الدنماركي
بداية التأسيس - الإنقسام - السعي نحو التوحيد

مُقدمة:
نتجَ من انتقال كارل ماركس الفيلسوف وعالم الإقتصاد السياسي والثوري الألماني من مبدأ الديمقراطية الثورية إلى الشيوعية الثورية في عام 1844، تطوّرٌ كبيرٌ في الصراع الطبقي.
وفي مقالين له نُشرا 1844 بعنوان «في نقد فلسفة الحقوق عند هيغل» يكشف ماركس لأول مرة الدور التاريخي للبروليتاريا و يصل إلى النتيجة القائلة بحتمية الثورة الاجتماعية، و ضرورة توحيد حركة الطبقة العاملة مع نظرة علمية إلى العالم.
 و في ذلك الوقت كان ماركس قد إلتقى بإنجلز و بدأ الإثنان يصوغان بطريقة منهجية نظرة جديدة للعالم تُوّجت أعمالهما في صياغة البيان الشيوعي عام 1848.
 إن هذا المُؤلَف «يضع الخطوط العريضة لتصور جديد للعالم، هو المادية المُتماسكة،  ويضم الجدل بإعتباره أكثر نظريات التطور شمولاً و عمقاً، و نظرية صراع الطبقات ، و الدور الثوري التاريخي العالمي للبروليتاريا – خالقة المجتمع الشيوعي الجديد» (كما وصفه لينين).
ألهمتْ هذ الأفكار  الطبقة العاملة في البلدان الأوروبية وخاصة المتقدمة منها صناعياً وبدأ العمال بتنظيم أنفسهم عبر تشكيل منظمات وأحزاب  سياسية: إشتراكية، وإشتراكية ديمقراطية، وشيوعية ونقابات للدفاع عن حقوقهم. وقد نجح الثوري الروسي فلاديمير  إيليتش لينين في انتزاع السلطة من الحكومة البرجوازية الروسية في أكتوبر 1917 وإقامة أول سلطة  للطبقة العاملة بالتحالف مع الفلاحين .
كان لثورة اكتوبر الاشتراكية العُظمى صدىً مُدوياً ليس في أوروبا وحدها بل وفي كل قارات العالم. وعلى أثر الإنتصار العظيم الذي حققته ثورة البلاشفة الروس وقيام  الدولة السوفيتية ونشوء وتطور الطبقة العاملة في بلدان آسيا وأفريقيا وأمريكا اللاتينية تشكلت الكثير من الإحزاب الديمقراطية واليسارية ( إشتراكية، وإشتراكية ديمقراطية، وشيوعية) وتعددت مرجعياتها الفكرية ونهوجها السياسية من ماركسية، وماركسية -  لينينية،  وتروتسكية، وماوية و التجربة الألبانية وغيرها.
ومن بين الإحزاب الشيوعية الأوروبية التي تأسست بعد فترة قصيرة من انتصار ثورة اكتوبر   يأتي الحزب الشيوعي الدنماركي، الذي تأسس في عام 1919.
شهد الحزب الشيوعي الدنماركي انتعاشاً وإزدهاراً في فترات معينة كما شهد إخفاقات وتراجعات وإنقسامات في فترات أخرى، وذلك بسبب الإجتهادات في تطبيق النظرية ، وإختلاف  المدارس الفكرية ، وتبعاً للظروف الدولية التي سادت ، والظروف السياسية الداخلية في البلد.
لقد أدت هذه الإنقسامات إلى ضعف الحزب الشيوعي الدنماركي وتهميش دوره على صعيد البرلمان وعلى الساحة السياسية بشكل عام، وخاصة بعد تفكك الاتحاد السوفياتي وهيمنة الإقتصاد الرأسمالي والليبرالية الجديدة ، والهجوم على القطاع العام في روسيا وجمهوريات الاتحاد السوفياتي السابقة ودول أوروبا الشرقية لصالح إنعاش القطاع الخاص واتباع سياسة الخصخصة. كشفت الازمة الاقتصادية العالمية في 2008 وبعدها بسنوات وباء كورونا عجز النظام الرأسمالي في ضمان الأمن والسلم العالميين، والحفاظ على بيئة نظيفة، وتوفير الضمانات الصحية الكافية للمواطنين . ها هي الامبريالية الامريكية بليبراليتها المتوحشة قد أعدّت وخططت من جديد لحرب قذرة على الأراضي الاوكرانية مُعرضة بذلك الأمن والسلم العالميين الى خطر، وخَلقتْ مشكلات وأزمات عالمية كبيرة في مجالي الطاقة والغذاء، كان بالإمكان تفاديها بسهولة من خلال إعطاء ضمانات أمنية لروسيا الإتحادية بعدم دخول أوكرانيا للناتو. ورافق هذه السياسة صعود اليمين واليمين المتطرف في اوروبا، وهجوماً على مكتسبات الطبقة العاملة وزيادة استغلالها لصالح أرباب العمل ، وتراجع في الرفاهية الإقتصادية والإجتماعية.

دفع هذا الوضع المجموعات الشيوعية المنقسمة إلى التقارب فيما بينها وإيجاد صيغ للتعاون والتنسيق، ومحاولات لإعادة وحدة الحزب وإستعادة مكانتة المفقودة.
هذه الأجواء الإيجابية التي أراها أمام أعيني هي التي حفزتني على إلقاء نظرة على تاريخ الحزب الشيوعي الدنماركي وتجربته النضالية بإيجابياتها وسلبياتها، وسعيَه نحو رص صفوفه المبعثرة عبر إعادة التوحيد.
إن اي نجاح سيتحقق في هذا المجال سيترك أثره الايجابي على الانقسامات الحاصلة داخل الأحزاب الشيوعية الأخرى، ويدفع بها نحو توحيد جهودها وتقوية نفوذها ، ولا سيّما ونحن مقبلون على عالم متعدد الاقطاب لن يكون بمقدور الامبريالية الأمريكية فرض هيمنتها على سيادة الدول المستقلة كما جرى في السابق ، وسوف لن تتمكن من إعاقة نشاط الأحزاب الشيوعية واليسارية بشكل عام في ظل توازن جديد للقوى الدولية.
ونظراً لطول مادة البحث سأحاول  نشرها على عدة أجزاء:

الجزء الأول

تأسس الحزب يوم 9 نوفمبر 1919 في مؤتمر عُقِد في مدينة فريدريسيا الدنماركية من قِبل ثلاث مجموعات مُنشقة عن الاشتراكية الديمقراطية(١)

 1) نُشطاء من أقدم جناح يساري مُنظم في الدنمارك (تجمّع النقابات المعارضة) ، والتي كانت تعمل بشكل أساسي داخل النقابات العمالية.

 2) أعضاء اتحاد الشباب الاشتراكي الديمقراطي المناهض للعسكرة ، والذي طوّر خلال الحرب العالمية الاولى نقداً لسياسة الاشتراكية الديمقراطية الرسمية.

 3) حزب العمال الاشتراكي ، الذي تأسس في ربيع عام 1918 على يد اشتراكيين ديمقراطيين يساريين سابقين.

  وإتّخذ له اسم  الحزب الإشتراكي اليساري الدنماركي.

 في عام 1920 ، غَيّر الحزب إسمه إلى الحزب الشيوعي الدنماركي - وأصبحَ جزءاً من الأممية الشيوعية(الكومنترن)(٢). كان الحزب قد إستوحى أفكاره من الثورة الروسية عام 1917 ، عندما استولى البلاشفة على السلطة في روسيا. وبقي الحزب الشيوعي الدنماركي هو الحزب السياسي الدنماركي الوحيد الذي يقف على يسار الاشتراكية الديموقراطية حتى نهاية الخمسينيات.

(١) ويكيبيديا
(٢) الموقع الإلكتروني للحزب الشيوعي الدنماركي  DKP.

شابا أيوب
الدانمارك  21 أيار 2023

33
نحن نَتّهم الإمبريالية

إنّ إحدى التحديات الكبرى التي نواجهها اليوم هي الحرب في أوكرانيا. هذه الحرب مُرعبة، ومُحزنة بسبب الخسارات التي لا معنى لها في الأرواح البشرية.
كَتبَ نوردال كريج (**) في عام 1936 "الحرب هي ازدراء بالحياة ، بينما السلام هو للخلق والإبداع". ولا يزال هذا القول سليماً اليوم كما كُتِبَ في حينه. لذلك فإن أمر الحرب يُشغل بال الحركة الشيوعية العالمية. وهنا يمكن وبطريقة رصينة تماماً أن نرى اختلافات في كيفية تحليل المرء لأسباب اندلاع الحرب ، وهذه المناقشة مهمة جداً لأنها توفر أرضية خصبة لفهم الوضع.

ومن أجل منع الحروب وَ وقفها ، يجب على المرء أيضاً معرفة أسباب حدوثها. لكن نقطة واحدة لا يمكن أن يكون خلاف حولها ، وهي أن الحرب يجب أن تتوقف ، فيجب استبدال البارود والرصاص بالدبلوماسية والتفاوض.
يجب على الشعبين  الأوكراني والروسي ، اللذين عاشا في السابق جنباً إلى جنب في صداقة وتضامن وثيقين أن لا يَهِبا دمائهما من أجل مصالح رأس المال.

 لقد نقل المسؤولون المُنتخبون وكذلك وسائل الإعلام "الحرة" لمواطنيهم صورة غير صحيحة عن الحقيقة الكامنة وراء الأزمة الأوكرانية الروسية. بوتين مُتهم من قِبل هؤلاء بكل شرور هذه الحرب دون أن يُخبرونا أن هناك حربَاً في الواقع تدور حول ميزان القوى العالمي. بالنسبة للدنمارك فقد اختارت  جانبين ، الأول الإنحياز للناتو  من خلال عضويتها فيه ،  والثاني في حِرصها على إعادة التسلح.  ما نشهده في الواقع هو حرب بين قوى عالمية تدور أحداثها في أوكرانيا. أمران يدفعان بهذه الحرب ، الأول تعرّض مكانة الدولار  للتحدي كعملة إحتياطية، والثاني ميزان القوى العالمي. 
هكذا تتصرّف الإمبريالية، لذلك ومن بين أمور أخرى بدأ الصينيون والروس منذ بداية الحرب في التجارة مع بعضهم البعض بعملاتهم المحلية الإيوان والروبل.

 كان مثل هذا الإجراء بلا شك بمثابة إعلان حرب ضد الولايات المتحدة والدولار.  الدولار ، الذي كان العملة المهيمنة بعد الحرب العالمية الثانية وكان العملة المحورية في التجارة الدولية، والذي على وشك أن يفقد قوته الآن. إن الولايات المتحدة لا تريد بالطبع خسارة مكانة عملتها.
أعلنت مجموعة البريكس (البرازيل ، وروسيا ، والهند ، والصين ، وجنوب إفريقيا) - أنها تهدف إلى أن تصبح قوة موازنة للنظام العالمي الذي تهيمن عليه الولايات المتحدة، وإنّها تريد التخلص من هيمنة الدولار على الأسواق المالية الدولية وعلى دور أمريكا  كشرطي على العالم. لذلك ، فقد أنشأت بنك التنمية الجديد - المعروف باسم بنك بريكس - كبديل للبنك الدولي الذي تهيمن عليه الولايات المتحدة.  ومن المعروف أيضًا أن دول البريكس تعمل تحت ضغط شديد على إنشاء عملة لها.

 إلى جانب ذلك بدأ كل من البنك الصيني EximBank  والبنك الوطني السعودي بالتعاون في الحصول على قروض بالإيوان، وهذا يعني أنه سيتم تقديم القروض في المملكة العربية السعودية في المستقبل بالإيوان الصيني. كما نشهد أيضا أن دول (أوبك) قررت خفض إنتاجها النفطي بمقدار 1.16 مليون برميل يومياً.

وخلافًا لذلك  ساعدت المملكة العربية السعودية في إنشاء نظام البترودولار جنباً إلى جنب مع الولايات المتحدة وعملتْ كحليف للأميركيين لعدة عقود. الآن لم تعد السعودية تدعم الأمريكان و تَضُر بهيمنة الدولار في العالم.

 حَدثٌ آخر يوضح أن الدولار بدأ يفقد قوته عندما باعت شركة TotalEnergies الفرنسية الغاز الطبيعي المُسال لشركة الصين النفطية الوطنية المملوكة للدولة أيضًا بالإيوان الصيني.  وهذا يعني أن الشركات الأوروبية أصبحت الآن أكثر إستعدادًا للتعامل بالإيوان، وهذا يسبب إنقساماً متبادلاً في الاتحاد الأوروبي وهذه ضربة أخرى قوية لهيمنة الدولار.

  الصين والبرازيل متفقتان على التجارة مع بعضهما البعض بعملاتهما المحلية ، الإيوان والريال.  وتُظهر هذه الأحداث بوضوح أن الدولار يفقد مكانته كعملة احتياطية عالمية وأن الهيمنة القوية للولايات المتحدة في تراجع.

 ماذا يعني هذا كلّه بالنسبة لي ولكَ؟  إنها تعني الحرب، حرب الأسواق والسلطة والوصول إلى المواد الخام.
ومن أين سيأتي المال؟
بالتأكيد سيتم دفع ثمنها من التخفيضات في الرعاية الإجتماعية ومن الضمان الاجتماعي.

 كانت هناك دول في الماضي حاولت الإضرار بهيمنة الدولار.  وعلى سبيل المثال  لا يُخفى على أحد أنه عام 2001  اقترح صدام حسين أن يبيع العراق نفطه باليورو بدلاً من الدولار ، وتحدث القذافي مُطولاً عن الدينار الذهبي ، والذي يمكن تداول النفط الليبي به بدلاً من الدولار. لقد شهدنا جميعًا مصيرهم المأساوي. لكن لا يمكن مقارنة العراق أو ليبيا بالصين أو بروسيا ، وبالتالي سنشهد هذه المرّة عملية مختلفة تماماً، سنشهد تحرّكاً كبيراً (أي المزيد والمزيد من الدول القوية) ، وكما أشرنا سيؤدي ذلك إلى فقدان الدولار لمكانته كعملة إحتياطية.

ليس الضغط الدولي على مكانة الدولار هو ما يتعين على الولايات المتحدة أن تتعامل معه، لأن البلاد تُعاني من مشاكل داخلية كبيرة. السياسيون في واشنطن لم يصلوا لحد الآن إلى اتفاق  بشأن رفع سقف الديون.  وقد يؤدي ذلك إلى نفاد أموال الحكومة وعجزها عن دفع الفواتير ، وبالتالي يتوقف القطاع العام في البلاد عن العمل.  لذلك نحن نتحدث عن أزمة اقتصادية جديدة يمكن أن تهز الاقتصاد العالمي.

إن ميزان القوى العالمي ينقلب من الغرب إلى الشرق.  وبالطبع لن يكون بدون صراع مع أقوى قوة عسكرية في العالم. لذلك يبدو أننا سنشهد المزيد من الحروب والأزمات في الأيام القادمة.  ولو نظرنا قليلاً إلى المستقبل فمن المرجح أن تكون الأزمة( الحرب) القادمة بين الصين وتايوان (الناتو).

 في غضون ذلك نرى تدفقات اللاجئين والتمردات والإضرابات ، وليس أقلها مظاهرات السلام في جميع أنحاء العالم.

 باتَ اقتصاد الحرب يؤثر علينا جميعاً، ولا يَسعنا إلّا أن نحث سويةً مع العديد من الأحزاب الشيوعية الأخرى في العالم  على الإنتفاض ضد الإمبريالية ومحاولة خلق وضع ثوري يُمكننا من تحقيق السلام في العالم.  فكن متضامناً مع زملائك والطبقة العاملة في جميع البلدان، فالحرب لا تفيد أحدا سوى صُنّاع السلاح،   ويجب أن تكون السلطة بيد الشعب حتى تتوفر إمكانية حل مشاكل الفقر والبيئة والمناخ.

إعمل على تغيير العالم - وَسِرْ مع الشيوعيين.

 رايكة كارلسون - سكرتيرة الحزب الشيوعي في الدنمارك
وَ مارتن مينكا ينسن - مسؤول العلاقات في الحزب الشيوعي الدنماركي
 
 ترجمة: د. شابا أيوب

(*) جريده شهرية يٌصدرها الحزب الشيوعي في الدنمارك
(**) نوردال كريج ‏ هو كاتب وفنان وصحفي وشاعر نرويجي، ولد في 1 نوفمبر 1902 في برغن في النرويج، وتوفي في 2 ديسمبر 1943 في  ألمانيا

34
نشرت جريدة "الشيوعي" التي يصدرها الحزب الشيوعي في الدنمارك في عددها الرابع نيسان 2023 مقالاً بعنوان:
مُهمّة الناتو - أن تُترك أوكرانيا مُدَمّرة

بقلم آرون ماتي (*)
ترجمة: د. شابا أيوب


  بينما يُقر وزير الدفاع الأوكراني بأن أوكرانيا تنفذ مهمة الناتو ، وأن أوكرانيا تخوض حربًا بالوكالة ، يتجاهل مقاتلو الناتو الخسائر الأوكرانية
 
 عند تقديم حزمة المساعدات العسكرية الأخيرة لأوكرانيا بقيمة 3.75 مليار دولار وهي الأكبر حتى الآن ، أعلن البيت الأبيض أن الأسلحة الأمريكية تهدف إلى مساعدة الأوكرانيين في مقاومة العدوان الروسي ، لكن الأوكرانيين، بوصفهم متلقين لهذه المساعدات يرون الأمر بشكل مختلف.

في مقابلةتلفزيونية قال وزير الدفاع الأوكراني أوليكسي ريزنيكوف "إننا نُنفذ مهمة الناتو".  " إنّ دمائهم لم تٌراق، نحن الذين تُراق دمائنا،  لذلك فإن من واجبهم تزويدنا بالسلاح ”.  وأضاف ريزنيكوف أن أوكرانيا تدافع عن العالم المتحضر بأسره.

 إن تلقي إمدادات لا نهائية من الأسلحة من دول الناتو التي لا يُراق لها قطرة دم  وإنّما فقط لإنجاز مهمة الناتو ، هو أدق وصف لدور أوكرانيا في الحرب التي تقودها الولايات المتحدة بالوكالة ضد روسيا. السناتور ليندسي كراهام وهو أحد أقوى النشطاء  توقع بفرح في شهر تموز ، أن تُستخدم أوكرانيا " للقتال حتى آخر رجل فيها ".
 
 إن تكاليف إنجاز مهمة الناتو في أوكرانيا قدد حُددت بوضوح من قبل الوزيرين الأمريكيين السابقين ، كونداليزا رايس وروبرت جيتس.
اليوم يكتب الوزيران :  "إن اقتصاد أوكرانيا في حالة خراب ، وملايين الأشخاص قد فرّوا من ديارهم ، والبنية التحتية مدمرة ، والكثير من الثروة المعدنية للبلاد  والقدرة الصناعية والأراضي الزراعية الكبيرة هي تحت السيطرة الروسية. إن القدرة العسكرية والاقتصاد الأوكرانيان الآن يعتمدان بشكل شبه كامل على المساعدات الغربية - على الولايات المتحدة في المقام الأول ".

 فبدلاً من النظر إلى دمار دولة أوكرانيا التي مزقتها الحرب ، والمُحتلة من روسيا والمُعتمِدة على الغرب، كسبب جدي
 للسعي نحو نهاية تفاوضية ،  يرى الوزيران رايس وغيتس ضرورة تجنّب الدبلوماسية كحل للأزمة، وحذروا من أن "بدون اختراق أوكراني كبير ونجاح ضد القوات الروسية ، فإن الضغط الغربي على أوكرانيا للتفاوض على وقف إطلاق النار سوف يتزايد تدريجياُ مع حالة الركود العسكري الراهن".

 وخلص الإثنان إلى أن هذه النتيجة ستكون غير مقبولة لأن "أي وقف لإطلاق النار يتم التفاوض عليه من شأنه أن يترك القوات الروسية في وضع قوي لاستئناف الغزو". 
هذا هو أحد الخيارات، أمّا الخيار الآخر ، الذي لم يذكره الوزيران ، هو أن يؤدي التفاوض إلى وقف دائم لإطلاق النار.  وسيشمل ذلك أيضًا معالجة أسباب معاناة السكان الأوكرانيين من أصل روسي - الذي كان السبب المباشر للحرب في الدونباس بعد عام 2014 والتي سبقت الغزو الروسي ، بالإضافة إلى معالجة المخاوف الأمنية لروسيا منذ مدة طويلة بشأن توسع الناتو نحو روسيا وأسلحتة المتطورة على حدود البلاد.

 قال الرئيس الفرنسي مانويل ماكرون الشهر الماضي: "مِنْ أهم النقاط التي يجب أن نتناولها - هو ما يقوله الرئيس بوتين دائمَاً - الخوف من أن الناتو بات على أعتاب روسيا مباشرة وأن الأسلحة تُوضع في مواضع يمكن أن تهدد أمنها".

 أشارت صحيفة نيويورك تايمز إلى أن تعليقات ماكرون تذهب أبعد  بكثير مما عرضته الولايات المتحدة لروسيا.  كما حدد العديد من كبار المسؤولين الأمريكيين وحتى الرئيس بايدن أن "مهمة الناتو ليست الدفاع عن أوكرانيا ، بل استخدامها كوكيل لإضعاف روسيا أو  لإحداث تغيير في نظامها السياسي". وبالتالي ، يجب إلغاء آفاق التوصل إلى وقف إطلاق النار عن طريق التفاوض.

 رايس وجيتس يزعمان أن على الولايات المتحدة وحلفائها أن يُزودوا أوكرانيا على وجه السرعة بزيادة كبيرة في الإمدادات والقدرات العسكرية، ويُحذران من أن الفشل في القيام بهذه المهمة قد يؤدي إلى سيناريو يتطلّب فيه  تقديم المزيد من حلف شمال الأطلسي والولايات المتحدة. لحسن الحظ ، يمكن تجنب ذلك في الوقت الحالي لأن الولايات المتحدة لديها في أوكرانيا شريك مُصممْ و على أتم الإستعداد لتحمل عواقب الحرب ، وبهذا لا حاجة لنا القيام بذلك بأنفسنا في المستقبل.  وبالنسبة للحرب بالوكالة ، لا يوجد في الواقع شريك أفضل مِنْ " مَنْ هو مستعد لتحمل عواقب الحرب" التي تخوضها دول بعيدة عن ساحة الصراع.

 ذكرت صحيفة وول ستريت جورنال أن أوكرانيا "تعاني الآن من خسائر فادحة على جبهة باخموت - سوليدار ، وسرعان ما استنزفت العديد من الألوية التي تم إرسالها إلى هناك كتعزيزات في الشهر الماضي". 
يشعر المسؤولون الغربيون وبعض المسؤولين الأوكرانيين، والمحللون الغربيون، بشكل متزايد بالقلق من أن كييف سمحت لنفسها بالانجرار إلى معركة باخموت بشروط روسية ، وفَقدتْ تلك القوات  التي كانت تحتاجها في الهجوم المُخطط له في فصل الربيع ، بينما تتمسك الدولة الأوكرانية بعناد بمدينة ذات أهمية استراتيجية محدودة.

  وفقَاً لقائد أوكراني في ساحة المعركة ، فإن الخسائر في الارواح بين الاوكرانيين وبين الروس تميل لصالح الروس، وإذا ما استمر هذا الوضع ، فقد تصل القوات الأوكرانية إلى الحضيض .

 إن اللامبالاة السائدة بشأن عدد القتلى في أوكرانيا قد تأكدتْ مجدداً  عندما ارتكبت رئيسة المفوضية الأوروبية أورسولا فون دير لاين خَطئاً كبيراً بإعترافها. وذلك في خطاب ألقته أشارت فيه إلى أن أوكرانيا فقدت 20 ألف مدني و 100 ألف جندي منذ بدء الغزو الروسي في فبراير 2022.  وعلى أثره اشتكى الجيش الأوكراني من أن هذه معلومات سرية ما كان ينبغي البوح بها، مما دفع مكتب رئيسة المفوضية إلى التقليل من الأرقام الواردة في مقطع الفيديو الخاص بتصريحاتها.

 لذلك وبعد مرور أكثر من عام على بدء الحرب، ليس لدى أنصار الناتو أية مصلحة في وقف إراقة الدماء على الرغم من إعترافهم الصريح بأن مهمتهم هي المساهمة في تدمير البلد الذي يدّعون الدفاع عنه.

(*) كاتب وصحفي كندي يعمل كمعلّق سياسي ويستضيف برنامج pushback

الدنمارك 6 نيسان 2023


35
الطبقة العاملة الفرنسية تُعارض إصلاحات الحكومة

نشرت جريدة "الشيوعي" والتي يصدرها الحزب الشيوعي في الدنمارك في عددها الرابع نيسان - 2023 المقال التالي:

نزلَ العمال والطلاب الفرنسيون وبشكل جماعي الى الشوارع للإحتجاج على إصلاحات الحكومة بخصوص التقاعد. ومن ضمن هذه الإصلاحات رفع سن التقاعد من 62 إلى 64 سنة، بالإضافة إلى ذلك إطالة مدة الخدمة للحصول على الراتب التقاعدي الكامل.

إنه هجوم مباشر على حقوق الطبقة العاملة التي ناضلت بشق الأنفس للحصول على هذه المكاسب. بهذه الإجراءات تقف الحكومة الفرنسية الى جانب رأس المال وتُضمن زيادة استغلال الطبقة العاملة وتقويض الحقوق الجماعية، لكن بعد هذه الضربة على خد اليمين لم يكن لدى الفرنسيين أية نية لكي يديروا خدهم الأيسر للحكومة، لذلك اندلعت في الأسابيع الأخيرة إحتجاجات ومظاهرات وإضرابات كبيرة في جميع أنحاء فرنسا.

في 19 كانون الثاني الماضي ، دعت جميع النقابات العمالية الكبرى في فرنسا إلى إضراب عام. وَ وفقاً للكونفدرالية العامة للشغل CGT(*) ، خرج مليوني شخص إلى الشوارع للإعراب عن عدم رضاهم عن إصلاح نظام التقاعد، وتوقفت حركة القطارات والطائرات والحافلات ، وأُغلقتْ المدارس والبنوك والمسارح وغيرها من المؤسسات.

وفقاً لصحيفة اللومانيتيه الفرنسية فإن 65٪ من السكان يؤيدون الإضرابات والاحتجاجات ، وتُشير Ritzau إلى أن استطلاعات الرأي أظهرت أن ثُلثي الفرنسيين يعارضون خطط ماكرون لرفع سن التقاعد.

تَظهرْ المُعارضة الشعبية الهائلة أيضًا من خلال حقيقة مهمة وهي أن المظاهرات والإضرابات أصبحت تتكرّر و ليست حدثاً عابراً لمرة واحدة. في 7 آذار، بدأ الإضراب العام والمظاهرات من جديد. حينها تحركت الحركة النقابية تحت شعار "إغلاق تام" ، وفي هذه المرة سُمِعَ هذا الشعار أيضاً من قبل أشخاص ليسوا أعضاءاً في النقابات العمالية، وإضافة إلى ذلك نظّم الطلاب ومجموعات شبابية أكثر من 200 إحتجاجاً في المدن الفرنسية وَ حصارًا لـ 39 جامعة.

وَ كما هو معروف يلجأ من هو في السلطة إلى وسائل يائسة في مقاومة من يقف ضد إجراءاتهم التعسفية وضد الظلم ويطالب بحقوقه المشروعة. ففي العديد من الأماكن ، كانت هناك معارك بين المتظاهرين والشرطة، استخدمت فيها قوات الشرطة الهراوات ضد المتظاهرين وشنّت الهجوم بخراطيم المياه على نطاق لم نشهده منذ سنوات عديدة.

إنّ المرءَ يستاء حقاً من حقيقة مُرّة وهي: أنه عندما يَسرق الغني من الذي يملك أقل منه فإنّ هذا يُعد أمراً ضروريًا من قبل السلطات الحاكمة. ولكن عند مٌقاومة أولئك الذين لديهم أقل بكثير من الذين يملكون أكثر ، تُوصف مقاومتهم هذه بالعنف.

ومرّة أخرى عادَ النفاق ليُمارس بكثافة، فقد إختارت حكومة ماكرون تمرير التشريع خارج الجمعية الوطنية ، وبالتالي ستدفع بالتشريع دون أن تتمكن من حشد الأغلبية في البرلمان. وحاولت المعارضة التصويت بحجب الثقة عن الحكومة لكن جاءت نتائج التصويت بفارق قليل لصالح الحكومة.

في الوقت الذي يعاني فيه الفرنسيون من تضخم هائل، فإن الطبقة العاملة مرة أخرى هي التي يتعين عليها دفع فاتورة الغلاء. لكن هذا الأمر قد انتهى، لأن الفرنسيين مُصرّون على مواصلة كفاحهم البطولي، وهم بأمس الحاجة الى دعمنا الصادق وتضامننا معهم.

الكفاح مستمر دون هوادة.

(*) الكونفدرالية العامة للشغل  هي منظمة نقابية فرنسية، ظهرت في مدينة ليموج في 23 سبتمبر 1895. تعتبر الأهم من بين المنظمات النقابية الفرنسية الخمس الموجودة على الساحة.

بقلم الكاتب : مارتن مينكا ينسن
ترجمة:  شابا أيوب
ترجمة: شابا أيوب
________________________________________

1 / 2
الطبقة العاملة الفرنسية تُعارض إصلاحات الحكومة

نشرت جريدة "الشيوعي" والتي يصدرها الحزب الشيوعي في الدنمارك في عددها الرابع نيسان - 2023 المقال التالي:

نزلَ العمال والطلاب الفرنسيون وبشكل جماعي الى الشوارع للإحتجاج على إصلاحات الحكومة بخصوص التقاعد. ومن ضمن هذه الإصلاحات رفع سن التقاعد من 62 إلى 64 سنة، بالإضافة إلى ذلك إطالة مدة الخدمة للحصول على الراتب التقاعدي الكامل.

إنه هجوم مباشر على حقوق الطبقة العاملة التي ناضلت بشق الأنفس للحصول على هذه المكاسب. بهذه الإجراءات تقف الحكومة الفرنسية الى جانب رأس المال وتُضمن زيادة استغلال الطبقة العاملة وتقويض الحقوق الجماعية، لكن بعد هذه الضربة على خد اليمين لم يكن لدى الفرنسيين أية نية لكي يديروا خدهم الأيسر للحكومة، لذلك اندلعت في الأسابيع الأخيرة إحتجاجات ومظاهرات وإضرابات كبيرة في جميع أنحاء فرنسا.

في 19 كانون الثاني الماضي ، دعت جميع النقابات العمالية الكبرى في فرنسا إلى إضراب عام. وَ وفقاً للكونفدرالية العامة للشغل CGT(*) ، خرج مليوني شخص إلى الشوارع للإعراب عن عدم رضاهم عن إصلاح نظام التقاعد، وتوقفت حركة القطارات والطائرات والحافلات ، وأُغلقتْ المدارس والبنوك والمسارح وغيرها من المؤسسات.

وفقاً لصحيفة اللومانيتيه الفرنسية فإن 65٪ من السكان يؤيدون الإضرابات والاحتجاجات ، وتُشير Ritzau إلى أن استطلاعات الرأي أظهرت أن ثُلثي الفرنسيين يعارضون خطط ماكرون لرفع سن التقاعد.

تَظهرْ المُعارضة الشعبية الهائلة أيضًا من خلال حقيقة مهمة وهي أن المظاهرات والإضرابات أصبحت تتكرّر و ليست حدثاً عابراً لمرة واحدة. في 7 آذار، بدأ الإضراب العام والمظاهرات من جديد. حينها تحركت الحركة النقابية تحت شعار "إغلاق تام" ، وفي هذه المرة سُمِعَ هذا الشعار أيضاً من قبل أشخاص ليسوا أعضاءاً في النقابات العمالية، وإضافة إلى ذلك نظّم الطلاب ومجموعات شبابية أكثر من 200 إحتجاجاً في المدن الفرنسية وَ حصارًا لـ 39 جامعة.

وَ كما هو معروف يلجأ من هو في السلطة إلى وسائل يائسة في مقاومة من يقف ضد إجراءاتهم التعسفية وضد الظلم ويطالب بحقوقه المشروعة. ففي العديد من الأماكن ، كانت هناك معارك بين المتظاهرين والشرطة، استخدمت فيها قوات الشرطة الهراوات ضد المتظاهرين وشنّت الهجوم بخراطيم المياه على نطاق لم نشهده منذ سنوات عديدة.

إنّ المرءَ يستاء حقاً من حقيقة مُرّة وهي: أنه عندما يَسرق الغني من الذي يملك أقل منه فإنّ هذا يُعد أمراً ضروريًا من قبل السلطات الحاكمة. ولكن عند مٌقاومة أولئك الذين لديهم أقل بكثير من الذين يملكون أكثر ، تُوصف مقاومتهم هذه بالعنف.

ومرّة أخرى عادَ النفاق ليُمارس بكثافة، فقد إختارت حكومة ماكرون تمرير التشريع خارج الجمعية الوطنية ، وبالتالي ستدفع بالتشريع دون أن تتمكن من حشد الأغلبية في البرلمان. وحاولت المعارضة التصويت بحجب الثقة عن الحكومة لكن جاءت نتائج التصويت بفارق قليل لصالح الحكومة.

2 / 2
في الوقت الذي يعاني فيه الفرنسيون من تضخم هائل، فإن الطبقة العاملة مرة أخرى هي التي يتعين عليها دفع فاتورة الغلاء. لكن هذا الأمر قد انتهى، لأن الفرنسيين مُصرّون على مواصلة كفاحهم البطولي، وهم بأمس الحاجة الى دعمنا الصادق وتضامننا معهم.

الكفاح مستمر دون هوادة.

(*) الكونفدرالية العامة للشغل هي منظمة نقابية فرنسية، ظهرت في مدينة ليموج في 23 سبتمبر 1895. تعتبر الأهم من بين المنظمات النقابية الفرنسية الخمس الموجودة على الساحة.

بقلم الكاتب : مارتن مينكا ينسن
ترجمة: شابا أيوب



36

نشرت جريدة " الشيوعي" (*) في عددها الثالث - آذار 2023 بمناسبة 8 آذار يوم المرأة العالمي المقال التالي:

8 مارس - المساواة لن تنتهي أبداً طالما أنها لا تتعلق بزيادات الأجور

لم يكن يعمل في مجال السياسة هذا العدد الكبير من النساء مثل ما نراه اليوم ، لكن حصيلة هذا العمل في تقديم المساعدة للنساء ما زالت محدودة. يحصل هذا ورئيسة وزرائنا في الدنمارك إمرأة. أربع نساء أوروبيات تولينَ منصب رئيس الوزراء ، ماركريت تاتشر (بريطانيا) ، هيلي تورننج (الدنمارك) ، أنجيلا ميركل (ألمانيا) و ميتي فريدريكسن (الدنمارك) ، لكن أيّْ منهُن لم تحقق أي مكسب للنساء ولا حتى لغيرهن بشكل عام. فكل هؤلاء الأربعة كانوا وما زالوا بُرجوازيات ، وكلّهم تبنّوا سياسات مناهضة للعمال والشغيلة.

وجهة نظر بعض أحزاب اليسار الدنماركي للمرأة

وهنا يٌطرح سؤال: هل يجب عليَّ أن أختار بعض النساء ذوات الميول الأكثر يسارية وكُنَّ متحدثات باسم القائمة الموحدة(١) أو حزب الشعب الاشتراكي (٢) ؟
حسناً ، لنلقِ نظرة عليهن وعلى نتائج نشاطهن في البرلمان.
كيف استفادت منهن الطبقة العاملة وعلى وجه الخصوص النساء العاملات؟

وقَفتْ بِيا أولسن زعيمة حزب الشعب الإشتراكي جنباً إلى جنب مع الاشتراكيين الديمقراطيين والأحزاب الأخرى في البرلمان ، خلف العديد من التشريعات المدمرة ومنها قانون الغيتو ، وقانون لينتهولم(٣) وقانون الميزانية الخاص بالتسوية الدفاعية، والتشريعات التي تضر برفاهيتنا وبيئتنا وتزيد من الفقر في بلادنا.

أمّا حزب القائمة الموحدة، والذي لديه العديد من المتحدثات الرسميات، الى جانب بقية المعارضة في البرلمان نراهم يبحثون عن بدائل أخرى لتمويل الحرب المدمرة في أوكرانيا ، وكل هذا من أجل تجنب سرقة الحكومة ليوم الصلاة العظيم (٤) بينما يُفترض عليهن انتقاد الحكومة لموقفها من الحرب في اوكرانيا ودعمها للاوكرانيين بالمال والسلاح. إنها أحزاب ليست مُعارِضة. هذه أحزاب تقبل الفرض وتُطعمنا، بما في ذلك نحن النساء بذيلنا.

ليتنا نحن الشيوعيين ، رجالا ونساءاً ، نملك نفس الموارد التي يمتلكونها. نعم، سنفضح كل هجمة تقع على السكان، ونجعل مواطنينا يفهمون لماذا يتعلق الأمر كله بإنشاء مجتمع اشتراكي يتساوى فيه الجميع.

غياب المساواة

لا تزال المساواة في الأجور غير متساوية - باستثناء أعضاء البرلمان الدنماركي. وتشكل الفجوة في الأجور بين الرجال والنساء اليوم 13.5٪ على الرغم من أن قانون المساواة في الأجور قد صدر منذ عام 1976. الشيء الوحيد الذي يمكنهم تقديمه للنساء هو الحق في أن يجعلوا منهن وقوداً للحرب على قدم المساواة مع الرجال. وعلى الرغم من مطالبة النساء في المهن النسائية التقليدية بزيادة الأجور وإرتفاع معدلات التضخم في البلد، فإن الحكومة الدنماركية تُعطي الأولوية للحرب بدلاً من الرعاية الاجتماعية. وقد ساء الوضع للغاية لدرجة أنه وعلى سبيل المثال، أصبحت الممرضات في الدنمارك سلعة عالمية لبيع أنفسهن لمن يدفع سعراَ أعلى (٥)، وَالحكومة لا تفعل شيئاً وهي غير قادرة على حل المشكلة لأنها خاضعة لقانون الموازنة وتريد خصخصة القطاع العام.

نظرة الاتحاد الأوروبي للمرأة

على الرغم من أن حق المرأة في الإجهاض لا يزال ساري من الناحية القانونية في معظم دول الاتحاد الأوروبي ، إلا أن هناك فرقًا كبيرًا في كيفية إستفادة النساء منه. لأن الاتحاد الأوروبي لا يقف دائماً الى جانب حقوق النساء. لقد سمعنا الكثير عن حظر الإجهاض شبه الكامل في بولندا ويتم هذا من دون إجراء استفتاء، وفي بلجيكا وألمانيا والمجر وأيرلندا وإيطاليا وهولندا وسلوفاكيا وإسبانيا ، أُجبرتْ النساء على قضاء فترة انتظار إلزامية قبل إجراء الإجهاض. في إسبانيا يتحتم على النساء دون سن 18 عاماً الحصول على إذن من الوالدين قبل أن يُقدموا على الإجهاض. أمّا في مالطا فإن الإجهاض ممنوع حالياً تماما.

في هولندا وإيطاليا وسويسرا والمجر تضطر النساء الى تبرير اختيارهن للقيام بالإجهاض أمام المهنيين الصحيين والقول إنهن في حاجة الى ذلك لأسباب (عائلية ، اجتماعية ، مالية وغيرها) قبل الإقدام على الإجهاض.
في بلجيكا ، وألمانيا ، والمجر ، وإيطاليا ، وليتوانيا ، وهولندا ، وسلوفاكيا ، يَلزم على النساء الخضوع للاستشارات الإلزامية حول حياتهن الجنسية قبل أن يحصلن الموافقة على الإجهاض.

في ألمانيا والمجر ، تنص التوجيهات على أنه عند إجراء المقابلات مع النساء الراغبات في الإجهاض يجب محاولة إقناعهن بعدم إجراء عملية الإجهاض إستناداً الى تقرير من منتدى الاتحاد الأوروبي للحقوق الجنسية والإنجاب.

في عام 2018 ، غيّرت أيرلندا تشريعاتها الخاصة بالإجهاض من الحظر التام إلى السماح بالإجهاض في الأسابيع 12 الأولى من الحمل.

أمّا في النرويج والسويد فقد تم رفع قضايا مبدئية أمام المحاكم تتناول منع إجراء الإجهاض. وفي كلا البلدين كان الأمر يتعلق بما إذا كان بإمكان الإختصاصيين في المجال الصحي رفض مساعدة النساء اللواتي اضطررن إلى الإجهاض.
في السويد ، رَفعتْ قابلتان مأذونتان حديثتا التخرّج دعوى قضائية ضد الدولة السويدية وضد المحكمة الأوروبية لحقوق الإنسان في محاولة منهما للحصول على حق رفض تدخل الدولة في الإجهاض والمعترف به قانونياً. لكنّهما خسرتا القضية أمام محكمة العدل الدولية في عام 2020.

لهذا أنا شيوعي

في وقت مبكر من عام 1847 ، كتب فريدريك إنجلز:

"في المجتمع الشيوعي ، ستكون العلاقة بين الجنسين علاقة شخصية بحتة ، لا تخص إلا الأشخاص المعنيين بها ، وينبغي على المجتمع أن لا يتدخل فيها، وسنكون متساوين، وبإمكان المجتمع الشيوعي أن يفعل ذلك لأننا نُلغي الملكية الخاصة لوسائل الإنتاج ونُربي الأطفال معاً ، وبالتالي نزيل أسس التبعية والإدانة والخضوع ".

وهنا لا بد من التذكير بأن حقوق النساء وردت لأول مَرّة في دساتير الدول الاشتراكية ويمكن التحقق من ذلك في القوانين الجديدة للأسرة في كوبا.

إن الحق في الطلاق والإجهاض والتعليم وما شابه ذلك قد تحرر من النظرة البرجوازية القمعية للأسرة. وأننا أمام إقرار المساواة بين المرأة والطفل والرجل! لخلق مجتمع يمكننا فيه جميعاً أن نكشف عن أنفسنا ونتطور ونُطوّر مجتمعنا و نهتم بالضعفاء.

هذا هو نحن الشيوعيين و ما نود تقديمه يا رئيسة وزرائنا ميتي فريدركسن، وهذا يضع على عاتِقنا مسؤولية وَ واجبَاً أخلاقياً تجاه الإنسانية والمساواة بصفة خاصة.

يا رئيسة الوزراء ميتي فريدركسن تُقدمينَ على إلغاء عطلة يوم الصلاة العظيم في الدنمارك من أجل دعم الحرب في اوكرانيا، لكن هل تعلمين أن يوم النضال العالمي للمرأة ( 8 آذار) لا يزال عطلة رسمية في أوكرانيا؟
وأن هذه العطلة قد أُتخذتْ في ظل الاشتراكية عندما كانت أوكرانيا جزءاً من الاتحاد السوفيتي؟

دعونا نأمل لأجل النساء والأطفال في أوكرانيا أن زيلينسكي لا يسمح لنفسه أن يستوحي مِنكِ ومن إجراءاتكِ شيئاُ.

إن الكفاح من أجل المساواة لم ينتهِ بعد - لقد بدأ للتو.

(*) جريدة شهرية يُصدرها الحزب الشيوعي في الدنمارك

(١) حزب يساري له نواب بالبرلمان
(٢) حزب يساري آخر له تمثيل بالبرلمان
(٣) جزيرة صناعية جديدة يُراد انشاؤها في شمال البلاد.
(٤) هو يوم عطلة رسمية بالبلد وترغب الحكومة الحالية إلغائه وتحويله الى يوم عمل لدعم الحكومة الاوكرانية في حربها ضد روسيا
(٥) هناك نقص شديد في عدد الممرضات في الدنمارك يقارب ٥٠٠٠ ممرضة بسبب هجرة حوالي عشرة آلاف منهن الى النرويج للفرق الهائل في الأجور

ترجمة: د. شابا أيوب


37
نشرت جريدة الشيوعي (*) في عددها الثالث - آذار  2023 المقال التالي

الدنمارك تكيل بمكيالين - تساعد ضحايا الزلزال في تركيا ولكنّها تغض النظر عن  ضحاياه في سوريا

يظهر من سياسات الدول الغربية أن "الإنسانية" الغربية مُستعدة لفسح المجال للبربرية.
 
 هناك قناعة لدى أغلب الدنماركيين بأن الدنمارك تحب مساعدة الناس المُحتاجين في جميع أنحاء العالم، ولكن بعد الزلزال العنيف ، الذي أودى بحياة  36000 في تركيا و 6000 في سوريا(١) ، إختارت الحكومة الدنماركية مساعدة الضحايا في تركيا فقط. أمّا الضحايا في الجزء الذي تسيطر عليه الحكومة السورية فقد ظلّوا بالفعل ضحايا للحصار اللا إنساني الذي مارسته الدنمارك و بقية الدول الغربية.
إن السوريين جميعاً عانوا ولا يزال  يعانون من الحرب المستمرة منذ ما يقرب من 12 عامًا ، والتي تَركتْ محافظة إدلب التي ضربها الزلزال في أيدي آخر بقايا القوات "المتمردة" ، والتي تتكون في غالبيتها من ميليشيات إسلامية وكردية. وهذه الميليشيات فشلت في تحسين أوضاع المجتمع على الرغم من مساعدة الغرب لها. والآن هناك مشاكل كبيرة في وصول المساعدات للكوارث التي حلّت بالمنطقة ، لأن المدخل الوحيد اليها هو المعبر الحدودي السوري التركي بالقرب من مركز الزلزال.
 
اتفقت الأمم المتحدة والحكومة السورية على فتح معبرين إضافيين أحدهما في الجزء الذي تسيطر عليه الحكومة السورية والثاني في الجزء الذي تسيطر عليه المعارضة بالقرب من منطقة وقوع الكارثة، بحيث يُسهلان إدخال المساعدات من دون رفع  العقوبات الشديدة عن سوريا.

وذكرت وسائل الإعلام أن ما يقارب  5.3 مليون شخص قد تشرّد بعد الزلزال في سوريا ، لكن من غير الممكن تقديم المساعدات اللازمة لهم ، لأن العقوبات على سوريا تنص على حظر بيع مواد البناء.

وأوضح ممثل سوريا لدى الأمم المتحدة بسام الصباغ ، أن العقوبات الغربية مَنعتْ هبوط الطائرات في المطارات السورية. "لذا  فحتى الدول التي تريد إرسال مساعدات إنسانية سريعة إلى سوريا لا يمكنها إرسال المساعدات الطارئة عبر الطائرات بسبب هذه العقوبات".

وفي السادس من شباط (فبراير) ، طرق سمع إخواننا وأخواتنا في تركيا وسوريا  بأن عمال البناء في شمال يولاند(٢) سوية مع الوسيط  رشا خليفة(٣) سيجمعون الأموال لدعم أعمال الإغاثة في تركيا وسوريا عن طريق
MobilePay 146847.

وأوضخ رئيس الهلال الأحمر السوري  خالد حبوباتي لوكالة أسوشيتيد برس ، إن العقوبات الغربية  على سوريا فاقمت الوضع حيث لا يوجد بنزين للقوافل بسبب الحصار والعقوبات.

ويقول المقرر الخاص للأمم المتحدة إن "العقوبات الغربية المشينة ضد سوريا تخنق ملايين المدنيين وتُعتبر جريمة ضد الإنسانية".

إنّ ما لا تستطيع الولايات المتحدة والغرب تحقيقه بالوسائل العسكرية ، يحاولون تحقيقه من خلال فرض عقوبات قاسية وشديدة على أعدائهم، وتؤثر هذه العقوبات في المقام الأول على السكان المدنيين.

ويُضيف المحرر منتقداً الفكرة السائدة لدى الغرب ومُفادها أن الأشخاص الذين يتضورون جوعاً ، أو الذين يُحرمون من الحصول على الأدوية الحيوية ، أو  على مصادر الطاقة أو نقص في مياه الشرب النظيفة ، سيبدأون في تقبّل وتبني "القيم الغربية" ، وبسبب عجزهم سينهضون ضد  الدكتاتور أو النظام الذي يرغب الغرب في التخلص منه.

أصبح واضحاً عندما تفشل الحروب التي يَشنها الغرب أو محاولاته في تغيير الأنظمة ، يتبعها بالخطوة التالية، وهي محاولة تدمير عدوه من خلال العقوبات. يُحاول الغرب في البداية الحصول على موافقة الأمم المتحدة، ولكن عندما يفشل في الحصول على دعم من الأمم المتحدة يبدأ  التصرف بمفرده.

وتنفرد الولايات المتحدة ودول الاتحاد الأوروبي وبعض مؤيديهم في تحويل سياسة العقوبات الإقتصادية  إلى سلاح سياسي. ويضيف المحرر: "لنكن واضحين طالما لم تتم الموافقة على العقوبات من قبل مجلس الأمن الدولي ، فهي غير قانونية بموجب القانون الدولي نفسه". إن الشعب السوري يُعاني من هذه العقوبات فقط لأن رئيس بلاده هو بشار الأسد.

زارت ألينا دوهان وهي من بيلاروسيا ، وأستاذة في القانون الدولي والمقرر الخاص للأمم المتحدة المعني بالآثار السلبية للتدابير القسرية أحادية الجانب ، زارت سوريا في أكتوبر ونوفمبر لمعرفة عواقب العقوبات. و في 10 تشرين الثاني (نوفمبر) 2022 ، قدمت تقريرًا دعت فيه إلى "رفع العقوبات الأحادية الجانب و طويلة الأمد التي  تُجوّع الشعب السوري".

وكتبت دوهان تقول: "لقد دمرت العقوبات قدرة الدولة على تلبية احتياجات المواطنين ، خاصة للفئات الأكثر ضعفا ، ويعيش الآن  90٪ من السكان تحت خط الفقر".

لقد تقلص الاقتصاد السوري بنسبة 90٪ منذ عام 2011، ومنذ عام 2019 زادت الأسعار بنسبة 800% ، وفُقدت مئات الآلاف من الوظائف ، وتمنع العقوبات استيراد المواد الغذائية والأدوية وقطع الغيار والمواد الخام والمواد اللازمة لإحتياجات السكان وإعادة بناء اقتصاد البلاد.
وقالت: "إنني مندهشة من الأثر الحقوقي والإنساني العميق للتدابير القسرية أحادية الجانب المفروضة على سوريا ومن العزلة الاقتصادية والمالية الكاملة لبلد يكافح شعبه لإعادة بناء حياة كريمة بعد حرب استمرت اثني عشر عامًا".
وأشارت دوهان إلى عدم كفاية الغذاء والماء النقي والكهرباء والسكن والطاقة للطهي والتدفئة والنقل والخدمات الصحية للسوريين، وحذرت  من أن البلاد تواجه هجرة  هائلة للعقول بسبب الصعوبات الاقتصادية المتزايدة.

مع تدمير أكثر من نصف البنية التحتية الحيوية و تضررها بشدة ، أدى فرض العقوبات أحادية الجانب على القطاعات الاقتصادية الرئيسية ، بما في ذلك النفط والغاز والكهرباء والتجارة والبناء والأعمال الهندسية ، إلى انخفاض حاد في الإيرادات الوطنية وتقويض جهود إعادة البناء الاقتصادي وإنعاشه.

واختتمت ألينا دوهان بالقول: "في ظل الوضع الإنساني المأساوي الحالي والمتدهور باستمرار ،  حيث يعاني فيه 12 مليون سوري من انعدام الأمن الغذائي ، أدعو إلى الرفع الفوري لجميع العقوبات الأحادية الجانب والتي تمس حقوق الإنسان وتُعيق أي جهد لإعادة الإعمار".
و في ختام المقال يقول المحرر " نحن أيضاً نعتبر العقوبات الدنماركية غير قانونية ، وعليكَ أيها المواطن ان تنسَى كل ما سمعته عن "الإنسانية" الغربية وعن "القيم" الغربية، فالحكومة الدنماركية تساهم في نشر "البربرية" الغربية. وبإنضمامها إلى العقوبات اللا إنسانية ضد سوريا ، والتي بدأتها الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي ومن دون دعم من قبل مجلس الأمن الدولي ، فإن الدنمارك تعتبر متواطئة فيما "قد يرقى إلى مستوى جريمة ضد الإنسانية".

(*) جريدة شهرية يُصدرها الحزب الشيوعي في الدنمارك
(١) هذه الأرقام لحد يوم إعداد المقال
(٢) يولاند هي شبه جزيرة دانمركية تقع في غرب الدنمارك وملاصقة للحدود الالمانية( المترجم)
(٣) تُعتبر الجسر الرابط بين الفلسطينيين في المدينة وسكان مدينة أولبورغ في شمال شبه جزيرة يولاند

ترجمة: د. شابا أيوب

38
الحرب الأوكرانية- الروسية والتوجه نحو التعددية القطبية
مقدمة
شهد العالم في القرن العشرين احداث كثيرة منها ايجابية ومنها سلبية ومنها كارثية، ومن أهم هذه الأحداث والتي تركت أثراً على حياة الشعوب هما ثورة البلاشفة الروس في أكتوبر 1917 وقيام الإتحاد السوفيتي، والحدث الثاني هو انهياره في خريف 1991. يضاف الى ذلك اندلاع الحرب العالمية الثانية وما خلّفته من دمار إقتصادي وفي البنى التحتية ، وموت الملايين من البشر كان للاتحاد السوفيتي والمانيا حصة الأسد فيها، وعلى أثر هذا الدمار ومن أجل درء الحروب والحفاظ على السلم العالمي تشكلّت منظمة الأمم المتحدة في 24 أكتوبر 1945. وبعد 4  سنوات من انتهاء الحرب العالمية الثانية تأسس حلف الناتو (1). بعد تأسيس الحلف بدأت دول اوروبا الغ
ربية والولايات المتحدة بـإعادة تسليح ألمانيا الغربية وضمِّها الى حلف شمال الاطلسي في 1955، وبعدها بـأقل من أسبوعين تم التوقيع على إنشاء حلف وارسو(2).

بعد تأسيس الحلفين العسكريين انقسم العالم الى قطبين أساسيين مع ظهور حركة عدم الإنحياز وشهد العالم نوع من التوازن بين القوتين العظمتين الاتحاد السوفياتي والولايات المتحدة ولم يحصل صِدام عسكري مباشر بينهما بإستثناء ازمة الكاريبي عام 1961 والتي انتهت بإنفراج الوضع سلميا (ً3) ، ولكن كانت بين الحين والآخر تحدث حروب بالوكالة في الدول الخاضعة لنفوذ المعسكرين لذلك أخذ الصراع طابعاً ايديولوجياً أكثر مما هو عسكري وأُطلق على هذه الفترة بالحرب الباردة.
عالَم أحادي القطب
 بعد تفكك وانهيار الاتحاد السوفيتي عام 1991 وانهيار الكتلة الشرقية ومؤسساتها، كحلف وارسو، قبل ثلاثة عقود، ساد الاعتقاد بأن التعددية القطبية للعالم قد انتهت، وبرزت نظريات تؤكد انتهاء هذه الحقبة من التاريخ البشري، فبشَّر فوكوياما (4) بنهاية التاريخ، وتحدث هيننغتون عن تحول الصراع إلى صراع بين الحضارات، وكان يعني بصورة أساسية الصراعَ بين الحضارتين الإسلامية والغربية مستندا الى ظهور منظمات اسلامية ارهابية كـ«القاعدة» وطالبان ولاحقا «داعش» وغيرها من المنظمات المتطرفة والتي تستهدف الغرب ومصالحه.
وكان من تداعيات هذا الإنهيار غياب التوازن القائم بين القوتين العظمتين وهيمنة الولايات المتحدة بشكل كامل على السياسة الدولية وعلى اقتصاديات الشعوب، وأصبحت تتصرف كشرطي على شعوب العالم ولم يعد للأمم المتحدة اي دور في حل النزاعات الدولية بالطرق السلمية والدبلوماسية بسبب الهيمنة الامريكية والغربية عليها، وتَفكّكَ حلف وارسو ولم يعد له وجود في حين سعت الولايات المتحدة ومعها الغرب على إبقاء حلف الناتو وعمدت الى توسيعه بضم دول البلطيق (لاتفيا ولتوانيا وأستونيا) عام 2004 وكذلك بضم بعض دول حلف وارسو، واكتفت روسيا الاتحادية بالتفاهم الشفهي مع الغرب حول مسألة بقاء الناتو ان أرادوا ذلك بشرط عدم توسعه وشموله البلدان المجاورة لها، أو العمل على حلّه.

وخلال الفترة من 1991 ولغاية اليوم نمت النيو ليبرالية والمتمثلة بمذهب رأسمالي يؤيد إقتصاد عدم تدخل الدولة وعدم الإكتراث بالعدالة الإجتماعية (5) ، وإستغلّت أحزاب اليمين واليمين المتطرّف هذا الإنهيار للهجوم على مكتسبات العمال والشغيلة من خلال تشجيع رؤوس الأموال في التحكم بسوق العمل وفرض شروطهم وحصول الأثرياء وأصحاب الاستثمارات الكبرى على شروط ضريبة مخففة ورفع كلفة الخدمات والرسوم التي يدفعها المواطنون، والعمل في بيئة عمالية استغلالية.
 ومن مخاطر نهج النيوليبرالية العودة لإنتاج الطاقة النووية وتخفيض الضرائب على الرأسماليين وتقليص التخصيصات لصندوق الضمان الإجتماعي وتقليل تعويض البطالة وأيام المرض والامومة والمساعدة التي تتلقاها العوائل الكبيرة (6).

عن عائدية شبه جزيرة القرم
مرت شبه جزيرة القرم بسلسلة طويلة من الفتوحات والغزوات، ولكن ظلّت تحت حكم العثمانيين من القرن الخامس عشر حتى القرن الثامن عشر. في عام 1774، هُزمت الإمبراطورية العثمانية على يد الإمبراطورة الروسية كاترينة العظيمة ومَنحتْ الامبراطورية العثمانية القرم لروسيا وذلك بموجب أحكام معاهدة كيتشوك كاينارجي (7)  وضُمّت  الى الإمبراطورية الروسية عام 1783.
وقعتْ القرم تحت سيطرة جهات عديدة مرارًا وتكرارًا على مدار الصراع، وتشكلت العديد من الكيانات السياسية في شبه الجزيرة وإنتهت بقيام جمهورية القرم الاشتراكية السوفيتية المتمتعة بالحكم الذاتي تابعة لجمهورية روسيا الاتحادية الاشتراكية السوفيتية في 18 أكتوبر 1921 وإستمر الحال لحين  30 يونيو 1954 .
بعد وفاة جوزيف ستالين في عام 1953، نَقل نيكيتا خروتشوف، بالتعاون مع قيادة  الاتحاد السوفيتي، إقليم القرم من جمهورية روسيا الاشتراكية السوفيتية إلى جمهورية أوكرانيا الاشتراكية السوفيتية.
وقّعَ الوثيقة كليمنت فوروشيلوف، الرئيس الشرعي للاتحاد السوفيتي آنذاك (8).
وبهذا الصدد أشير الى ما إدعى به سيرغي خروتشوف، نجل نيكيتا خروتشوف، أن القرار كان بسبب بناء سد لتوليد الطاقة الكهرومائية على نهر دنيبر وما يترتب على ذلك من رغبة في أن تكون الإدارة كلها تحت كيان واحد بكون سيفاستوبول في شبه جزيرة القرم موقعًا لأسطول البحر الأسود السوفيتي، وهو عنصر جوهري في السياسة الخارجية الروسية و السوفيتية، فقد حققت عملية النقل الأثر المقصود المتمثل في ربط أوكرانيا بروسيا ، واستُخدم مُلصقٌ تحت عنوان «معًا إلى الأبد»، احتفالًا بإعلان الحدث عام 1954. كان من بين الأسباب الأخرى التي قُدمت، تكامل اقتصادات أوكرانيا وشبه جزيرة القرم وفكرة أن القرم كانت امتدادًا طبيعيًا لسهوب أوكرانيا.(9)
وبعد أن نالت أوكرانيا استقلالها عقب انهيار الإتحاد السوفياتي أتفق الروس مع الأوكرانيين على تأجير القاعدة البحرية في مدينة سيفاستوبل، و كان سيتعين على الأسطول البحري المغادرة عام 2017 بموجب هذه الإتفاقية. لكن الذي حصل هو أن  البرلمان الاوكراني في زمن الرئيس يانوكوفيتش قد صادق على اتفاق جديد مع روسيا يمدد بقاء الأسطول الروسي في قاعدة سيفاستوبل البحرية بشبه جزيرة القرم حتى عام 2042 مقابل تقديم روسيا تسهيلات غير مسبوقة لأوكرانيا بأسعار واردات الغاز الروسي.

وصوت البرلمان الاوكراني  لصالح تمديد عقد إيجار القاعدة البحرية الروسية بواقع 236 صوتا أي بعشرة أصوات أكثر من العدد المطلوب لإقرار الاتفاق. في السياق ذاته صدّق مجلس النواب الروسي (الدوما) على الاتفاق الذي توصل إليه الرئيس الأوكراني فيكتور يانوكوفيتش والرئيس الروسي ديمتري ميدفيديف ، حيث أقره 410 أعضاء في الدوما المؤلف من 450 مقعدا.
ورأى المعارضون الأوكرانيون حينذاك وفي مقدمتهم رئيسة الوزراء السابقة تيموشينكو والرئيس السابق فيكتور يوشينكو أن وجود القاعدة يضر بمصالح أوكرانيا الوطنية وأرادو إزالة القاعدة لدى انتهاء عقد الإيجار في 2017. ومما زاد من مخاوف الروس على فقدان قاعدتهم البحرية في سيفاستوبل هو ميل الحكومات الأوكرانية التي جاءت بعد انقلاب 2014 الى الغرب والإعلان عن رغبتها بإنضمام أوكرانيا إلى حلف الناتو. وأعتقد هذا هو أحد الأسباب الرئيسية الذي دفعَ الروس الى ضم شبه جزيرة القرم الى روسيا الإتحادية.

الحرب الأوكرانية الروسية
في اوائل عام 2014، أصبحت شبه جزيرة القرم محور اخطر أزمة بين الشرق والغرب منذ الحرب الباردة، وذلك بعد الاطاحة بالرئيس الأوكراني المنتخب ديمقراطياً (والموالي لروسيا) فيكتور يانوكوفيتش في 2014 باحتجاجات شابها العنف في العاصمة كييف قادها القوميون الاوكرانيون المتطرفون وبدعم مباشر من المخابرات الامريكية والبريطانية. عند ذاك، قامت قوات موالية لروسيا بالسيطرة على القرم، وبعد ذلك صوت سكان المنطقة - وغالبيتهم من ذوي الأصول الروسية - في استفتاء عام للانضمام الى روسيا الاتحادية. ولكن أوكرانيا والدول الغربية قررتا ان الاستفتاء كان غير شرعي وفرض الغرب عقوبات إقتصادية شديدة على روسيا.

يبدو جلياً لكل متابع للأوضاع في أوكرانيا ان حكوماتها التي تشكلت بعد إنقلاب 2014 إستفزت روسيا بإعلانها عن رغبتها في الانضمام الى حلف الناتو بالرغم من معارضة روسيا ذلك، ومارست هذه الحكومات سياسة  التمييز والكراهية ضد الروس الاوكرانيين  وضد الروس عموماً مما دفع الروس الاوكرانيين في منطقة الدنباس الى المطالبة بحكم ذاتي تحت إدارة كييف. فردّت عليهم حكومات كييف بالهجوم المسلّح، وهذا دفع مواطني جمهوريتي لوغانسك ودانيتسك طلب المساعدة العسكرية من الحكومة الروسية لصد الهجوم العسكري الاوكراني والدفاع عن انفسهم. وهذا ما تم فعلاً، واستمر هذا النزاع على أمل فضه بالطرق السلمية عبر اتفاقية مينسك(10)  بمساعدة فرنسا وألمانيا كطرفي وسيط.
وركزت الاتفاقية على وقف إطلاق النار، وتبادل الأسرى والمعتقلين، وإقامة منطقة عازلة، ومراقبة منظمة الأمن والتعاون الأوروبي لوقف إطلاق النار ومراقبة الحدود الروسية الأوكرانية. كذلك، أكدت انسحاب «الجماعات المسلحة غير النظامية، المتشددين، المسلحين، المرتزقة» من الأراضي الأوكرانية، بالإضافة إلى دعوة الحكومة الأوكرانية إلى اعتماد قانون للعفو عن المتورطين في الصراع في دونباس.
وقد وعدَ فلاديمير زيلنسكي شعبه بحل النزاع العسكري في الدنباس بالطرق السلمية وبتنفيذ اتفاقية مينسك في حالة فوزه بالانتخابات الرئاسية، لكنه نكثَ بوعده لاحقاً بسبب الضغوطات الامريكية والبريطانية وإقناعه باسترداد الجمهوريات الانفصالية بالقوة المسلّحة من خلال تقديم الدعم اللازم لحكومته وقوّاته المسلحة بالسلاح والمال والخبرات العسكرية. وقد أعَدّ زيلنسكي بالفعل خطة لتحرير هذه المناطق عبر تعبئة أكثر من 40000 مقاتل، مما دفع الروس لافشال هذه الخطة قبل تنفيذها بالقيام بما اسموه العمليات العسكرية المحدودة في الدنباس لحماية أشقاءهم الروس في جمهوريتي لوغانسك ودانيتسك من الهجوم المخطط له.
إعتبر الغرب هذا التدخل غزو لدولة مستقلة وذات سيادة ومخالف للقانون الدولي وحشّد كل قواه لمواجهة روسيا فَزاد من العقوبات الاقتصادية على روسيا وتقديم الدعم العسكري اللازم للقوات المسلحة الاوكرانية لإسترداد كامل الأراضي الاوكرانية من قبضة الانفصاليين والقوات الروسية.

وقد أحدثت هذه الحرب انقساماً واضحاً بين الشيوعيين انفسهم، فمنهم من يرى ومن موقف مبدئي للشيوعيين ضد مٌشعلي الحروب ( الحروب غير العادلة) بأنه غزو روسي شنّه بوتين على دولة  مستقلة وذات سيادة وهو انتهاك للقانون الدولي وبالتالي يستوجب الإدانة ويُطالب القوات الروسية بالإنسحاب، ومنهم من ينظر إليها بعين أخرى ويرى أنّ أمريكا هي وراء هذه الحرب وبأنّها مخطط إمبريالي أمريكي يسعى الى مواصلة الهيمنة على العالم بتوسيع الناتو نحو الشرق لتطويق روسيا ومحاصرتها وتحجيم دورها في تغيير النظام العالمي الأحادي القطب وكذلك السعي لتفكيك روسيا الاتحادية طمعاً في مواردها، وبالتالي لم تُبقي الحكومة الأوكرانية والغرب لروسيا خيار آخر للدفاع عن أمنها القومي وحماية الروس الأوكرانيين في الدنباس من القصف المتواصل غير التدخل العسكري المباشر بعد أن تنصلت أوكرانيا عن بروتوكول مينسك.

في حقيقة الأمر أن ما يجري على الأراضي الاوكرانية ليس سوى ساحة للصراع المحتدم  بين روسيا من جهة والناتو بقيادة الولايات المتحدة من الجهة الأخرى. روسيا تعتبر توسيع الناتو نحو الشرق ليضم أوكرانيا بمثابة تهديد مباشر لأمنها القومي وسيجعل صواريخ الناتو على بعد 500 كم فقط من العاصمة موسكو، وتقول موسكو : هذا ما لا يمكن السماح به. وهناك إجماع من جميع أحزاب البرلمان الروسي بما في ذلك الحزب الشيوعي في روسيا الاتحادية وأغلبية الشعب الروسي على ضرورة حماية إخوتهم الروس الاوكرانيون من الأذى، وَمنع انضمام أوكرانيا إلى الناتو، والذهاب ابعد من ذلك، أي العمل بثبات من أجل تغيير صورة العالم من عالم أحادي القطبية الى عالم متعدد الاقطاب تُحترم فيه إختيارات الشعوب وتاريخها وثقافاتها وتطلّعاتها بعيداُ عن فرض نموذج الليبرالية الغربية عليها.
 
وبعد تزويد الغرب والناتو أوكرانيا بأسلحة متطوّرة واستخدام الاقمار الصناعية العسكرية في رصد المواقع العسكرية الروسية في منطقة الدنباس وَ وضعها بيد الاوكرانيين والخبراء الغربيين ، واسترجاع أوكرانيا مساحات تقدر ب 10000 كم مربع في منطقة خاركوف غيّرت روسيا من استراتيجيتها العسكرية بإعلان التعبئة الجزئية ودعوة حوالي 300000 عسكري من الإحتياطيين الى الخدمة العسكرية وغيّرت في دستورها لتجعل البلاد في حالة حرب حقيقية مع الناتو بعد ان كانت المعارك تقتصر بين الجيش الاوكراني ومقاتلي جمهوريتي لوغانسك ودانيتسك وبدعم روسي مباشر وغير مباشر. ان روسيا ترد على هذا التصعيد الخطير للناتو بتصعيد مقابل، وهذا ينذر بحرب عالمية ثالثة. وقد صرّح الرئيس الروسي فلاديمير بوتين ان روسيا لا يمكن لها أن تخسر هذه الحرب لان خسارتها تعني نهاية روسيا كدولة.
 
عالم متعدد الأقطاب
والآن، ومع العملية العسكرية الروسية في أوكرانيا، بدا أن نظريات وإستنتاجات فوكوياما  وَ هيننغتون لم تكن ذات أسس موضوعية راسخة، بدليل الاعتراف الخجول لفوكوياما بالتشكك في نظريته السابقة، وذلك في مقالة له بعد الأحداث الأخيرة في أوكرانيا(11)، حيث يقف العالم أمام تطورات جذرية وبروز قوى جديدة تتمتع بالعديد من الأفضليات الاقتصادية والعسكرية والتقنية التي تؤهلها للعب دور محوري في الصراعات القادمة، والتي ستساهم في عودة العالم من جديد إلى التعددية القطبية لتنهي بذلك ثلاثة عقود من عالم القطب الواحد الذي ساهم في خلق مزيد من بؤر التوتر، على عكس الاعتقاد الذي ساد من أن الأحادية القطبية ستساهم في الاستقرار والأمن الدوليين.
 
وفي موازاة ذلك كثّف الصينيون جهودهم في تطوير قدراتهم الاقتصادية والعسكرية وحتى في مجال الفضاء من خلال الإستفادة من التقنيات الغربية الحديثة والجمع بين اقتصادين إشتراكي ورأسمالي ، فتحققت لديهم وفرة في الانتاج وبنسب نمو اقتصادي عالي جداً مقارنة بالدول الرأسمالية يصل الى حد 11 %.  وإذا ما استمر النمو الاقتصادي الحالي في الصين بنفس النسب المذكورة فإنّها ستتفوّق على الولايات المتحدة في المجال الإقتصادي ، وهذا ما تخشاه الولايات المتحدة وتعمل بكل قوتها على إعاقة التطور الاقتصادي في الصين. و كشفت الولايات المتحدة عن هواجس القلق من تشكيل نظام عالمي جديد، واعتبر وزير الخارجية الأمريكي، أنتوني بلينكن، أن بلاده تخوض منافسة قوية مع الصين هدفها الحفاظ على النظام الدولي الحالي. وقال في خطاب بجامعة جورج واشنطن (26 مايو/ آيار 2022): «إن الصين تشكل أخطر تهديد طويل الأمد للنظام الدولي، وهي الدولة الوحيدة التي ـ إلى جانب الرغبة الجادة لإعادة تشكيل النظام الدولي ـ تملك القوة الاقتصادية والدبلوماسية والعسكرية
والتكنولوجية المؤهلة للقيام بذلك. واعترف بلينكن بالعجز عن تغيير مسار الصين وطموحات الزعيم الصيني، شين جين بينغ (12).
وفي روسيا وصل إلى قمة هرم السلطة رجل قوي ومتمرّس وناشط في أجهزة المخابرات السوفيتية فلاديمير بوتين فأعاد الاعتبار لروسيا ولمكانتها الدولية كدولة عظمى وذلك من خلال تحسين وضعها الإقتصادي وتطوير قدراتها العسكرية بما يضمن أمنها وسلامة أراضيها بعد ان حوّلها بوريس يلتسين إلى دولة فاشلة تشبه إحدى دول العالم الثالث.
كما يجب ان نحسب حساب لصعود الهند التي أصبحت اقتصادًا عملاقًا سريع النمو حيث تحتل الهند 
المرتبة الخامسة عالمياً وَ وصلت نسبة النمو الاقتصادي في السنوات الأخيرة  10% (13) ، كما أصبحت مركزًا لخدمات تكنولوجيا المعلومات. حيث تمتلك الهند برنامج فضائي يتضمن العديد من المهام المخطط لها أو المكتملة، وتُعد الهند دولة ممتلكة للأسلحة النووية.
كل هذا يُشير الى تشكل عالم متعدد الأقطاب و يمكن أن يُفضي الى وضع حد للهيمنة الامريكية والغربية و تنتهي الأحادية القطبية للعالم، ليعاد تشكيله مجدداً عبر نظام عالمي جديد للقرن
الحادي والعشرين. وبهذه الرؤية، صارت المصالح الكبرى للعالم الغربي تتمثل في احتواء الصين وروسيا والهند، تلك القوى التي ربما تزيح العالم الغربي من الصدارة، وتعيد قيادة العالم إلى آسيا.
ولم يكن تخطيط الولايات المتحدة و بريطانيا لجر روسيا الى هذه الحرب إلّا من أجل استنزاف طاقاتها الاقتصادية والعسكرية المتصاعدة، إذ كان بمقدور الدولتين تفادي نشوب الحرب بتقديم ضمانات لروسيا بعدم ضم أوكرانيا لحلف الناتو. لكنّهما دفعتا أوكرانيا الى تأزيم الوضع مع روسيا وساهمتا في دعم  الجماعات القومية المتطرّفة وأصبحت أوكرانيا مرتعاً للفساد المالي وقاعدة لغسيل الأموال ولإنتاج الأسلحة الجرثومية(14). وسكتَ الغرب على انتهاكات الحكومات الأوكرانية التي تشكلت بعد الانقلاب على الشرعية وقتلها حوالي 14000 روسي أوكراني من سكنة مقاطعة الدنباس.

وقد كشفت هذه الحرب عنصرية الغرب وإزدواجية المعايير في التعامل مع أزمة اللاجئين وذلك بتفضيل الاوكرانيين على غيرهم من اللاجئين ومنحهم امتيازات خاصة.

المراجع
(1) هو حلف عسكري دولي تم التوقيع عليه في واشنطن في 4 نيسان 1949 ويشكل نظاما للدفاع الجماعي تتفق فيه الدول الأعضاء على الدفاع المتبادل رداً على أي هجوم من قبل أطراف خارجية.
(2) حلف وارسو هو تحالف عسكري دولي تم إنشاءه في 14 أيار 1955 من الاتحاد السوفيتي و حلفاؤه كـرد على إنشاء الولايات المتحدة و حلفائها لـ منظمة حلف شمال الأطلسي (حلف الناتو)، بالرغم من أنه لم يتم إنشائه إلا بعد مرور ست سنوات من إنشاء التحالف الغربي (الناتو).
(3)  إنتهت الأزمة في 28 أكتوبر 1962، عندما توصل كلّ من الرئيس الأمريكي جون كينيدي وأمين عام الأمم المتحدة يو ثانت إلى اتفاق مع السوفيت لإزالة قواعد الصواريخ الكوبية شريطة أن تتعهد الولايات المتحدة بعدم غزو كوبا
(4)  فرانسيس فوكوياما هو عالم وفيلسوف واقتصادي سياسي، وأستاذ جامعي أميركي. اشتهر بكتابه  نهاية التاريخ والإنسان الأخير الصادر عام 1992، والذي جادل فيه بأن انتشار الديمقراطيات الليبرالية والرأسمالية والسوق الحرة في أنحاء العالم قد يشير إلى نقطة النهاية للتطور الاجتماعي والثقافي والسياسي.
(5) دوستالر جيل - من الليبرالية الى النيوليبرالية
(6) تقرير صادر من نقابات العمال في السويد ونشرته جريدة طريق الشعب
(7) )  معاهدة سلام بين روسيا والدولة العثمانية المنعقدة في 21 يوليو 1774 في معسكر قرب قرية كيتشوك كاينارجي التي تقع في بلغاريا المعاصرة -  ويكيبيديا
 (8)   Mark Kramer، "Why Did Russia Give Away Crimea Sixty Yeara Ago.
 (9)  Calamur, Krishnadev (27 فبراير 2014)، "Crimea: A Gift To Ukraine       Becomes A Political Flash Point"، NPR.
(10) بروتوكول مينسك الخاص بنتائج مشاورات مجموعة الاتصال الثلاثية هو اتفاق لوقف الحرب في دونباس بأوكرانيا، وقع عليه ممثلو ذلك البلد والاتحاد الروسي وجمهورية دونيتسك الشعبية وجمهورية لوهانسك الشعبية ومنظمة الأمن والتعاون في أوروبا في 5 سبتمبر 2014 
 (11) عالم متعدد الأقطاب د. محمد العسومي 3 مارس  2022
(12)  فتحي خطاب ،  تحوّل راديكالي في النظام العالمي 9 حزيران 2022
(13) ويكيبيديا
(14) كشف الروس بعد سيطرتهم على ماريوبل مختبرات عدة وقوائم بأسماء العلماء والدول الغربية المشاركة في هذه المشاريع الخطيرة التي تهدد حياة البشر.

 
كوبنهاغن 10 نوفمبر 2022

39
ويبقى الشيوعيون عقل وضمير وشرف العصر

في الحادي والثلاثين من آذار  2021 تمر الذكرى 87 لتأسيس حزب الطبقة العاملة العراقية و شغيلة اليد والفكر - الحزب الشيوعي العراقي. ويُعتبر هذا اليوم تاريخي في حياة العراق والعراقيين نظراً لما جاء به هذا التأسيس من أهداف عظيمة ناضل من أجلها الشعب العراقي  لقرون طويلة. ويأتي في مقدمتها الكفاح من أجل الاستقلال الوطني وتحرير العراق من الانتداب البريطاني وكل أشكال الهيمنة الأجنبية.
منذ عام 539 قبل الميلاد لم يحكم العراقيون انفسهم وظلّوا عشرات القرون تحت حكم الفرس ثم العرب. وفي فترة حكم الخليقة المأمون شهدت بغداد لفترة لم تدم طويلاً  تقدماً وانتعاشاً في العلوم والفلسفة والادب ولكن سرعان ما إنتكس الوضع وبدأ الضعف يدب في اوساط الدولة العباسية حتى سقطت بغداد على يد هولاكو عام 1258، أعقبها حكم الجلائريين والقبائل التركستانية ثم دولة الخروف الأسود ودولة الخريف الأبيض ثم حكم الصفويين،  ومن ثم حكم العثمانيين لمدة تزيد عن أربعة قرون ساد خلالها الجهل والفقر والمرض وتوقفت حركة العمران وكل أشكال النشاط الثقافي والعلمي والحضاري.
وحين خسر العثمانيون الحرب العالمية الأولى وفقدوا مستعمراتهم  أصبح العراق تحت النفوذ البريطاني .
وكان لتأسيس حزب الشغيلة بقيادة الرفيق فهد ومجموعة من المثقفين الماركسيين البارعين الدور الكبير في استنهاض الوعي الوطني والطبقي والمطالبة بالإستقلال الوطني وحرية الشعب، وقد توّج هذا الكفاح بنجاح ثورة 14 تموز 1958 بعد ان ساهم الحزب تحت قيادة الرفيق سلام عادل بقيام جبهة الاتحاد الوطني في 9 آذار  1957 التي شملت كل القوى السياسية الوطنية والقومية والديمقراطية واليسارية والتي كان من أهدافها الأساسية اسقاط النظام الملكي العميل وشبه الإقطاعي وتحرير العراق من الهيمنة البريطانية.
وكانت ثورة ١٤ تموز أول فرصة بعد عشرات القرون ليحكم العراقيون انفسهم بأنفسهم.
ولأن الثورة كانت عميقة في مضامينها وضربت مصالح المستعمر الإنكليزي في الصميم وخاصة منعه من امتيازات النفط التي كان يتمتع بها قبل الثورة من خلال أقرار حكومة الزعيم عبد الكريم قاسم  قانون رقم 80 لسنة 1961 الذي استطاع العراق بموجبه  فرض ارادته على الشركات في إسترجاع 99,5 % من أراضيه ، لذلك عملت المخابرات البريطانية وبالتعاون مع المخابرات الامريكية على إجهاض الثورة، وقد أفلحت جهودها بعد ان تم التعاون والتنسيق مع القوميين والبعثيين الذين إختلفوا مع قاسم حول مسألة الإنضمام الفوري الى الجمهورية العربية المتحدة بين مصر وسوريا، وبمباركة من مرجعية محسن الحكيم الذي لم يكن راضياً عن إصدار حكومة قاسم لقانون الاحوال الشخصية رقم 188 لسنة 1959. فجاء انقلاب 8 شباط 1963 ليس لاسقاط حكومة عبد الكريم قاسم والإلتحاق بالجمهورية العربية المتحدة فحسب ، وإنّما لتنفيذ مهمة أسيادهم في تصفية الحزب الشيوعي العراقي جسدياً وفكرياً واضعاف اليسار في العراق وإ بعاده عن فلك الاتحاد السوفياتي آنذاك. لذلك تمّت وبشكل مبرمج تصفية أغلب قيادييه بما في ذلك سكرتير الحزب الرفيق الشهيد  سلام عادل ومئات الكوادر المتقدمة وعشرات آلالاف من أعضائه.
ولأن الحزب ومنذ ولادته كان لصيقاً بالجماهير ويتفهم مطالبها وطموحاتها المشروعة ويدافع عنها بلا هوادة ومن دون خوف أو تردد، فقد التفت الجماهير حوله وأصبح من أقوى الاحزاب السياسية في الساحة، وهذا ما أغاض أعدائه وخصومه، وأصبحت مهمة إضعافه وتصفيته على رأس الأنظمة الدكتاتورية المتعاقبة، لكن الارادة الفولاذية الصلبة وعشق الشيوعيين العراقيين وحبّهم لوطنهم وتوقهم الى ان يروا وطنهم حرًاً ومستقلاً وذو سيادة وكفاحهم من أجل العدالة الاجتماعية أفشل كل مخططاتهم.
ولم يكن صمودهم بوجه حملات التصفية سهلاً عليهم أبداً، فقد قدّم الحزب في خضم هذا النضال المثابر  قوافل من الشهداء الابرار ، حتى أمسى البعض يسمي الحزب الشيوعي العراقي بحزب الشهداء.
فالشيوعي العراقي نموذج فريد من نوعه، فهو صادقٌ في معتقده، وفيٌ لحزبه، ومحبٌ لشعبه، ونزيه في أداء واجبه، ويداه نظيفة من الإختلاسات وسرقة المال العام، يأخذ مُثله من قادته الميامين الابطال الذين اعتلوا المشانق وهم يهتفون بإسم الحزب وبالشيوعية أقوى من الموت وأعلى من أعواد المشانق،  وكذلك في صمودهم الاسطوري تحت التعذيب الوحشي في أقبية الامن ولم يتمكن الجلادون من انتزاع اية معلومات عن التنظيم الحزبي ولا الوشاية برفاقهم.


87 عاماً يعمل الشيوعيون في الساحة، تارة في العلن وأخرى في السر ، أصابوا مرّات وأخطأوا في مرّاتٍ أخر، ولكن بعد كل كبوة ينهضوا من جديد ليستعيدوا قوتهم ونشاطهم ويتصدّرون الساحة في توجيه الجماهير نحو مصالحها الحيوية.
ولأنّهم أنقياء في النية وصادقون في الطرح ولا يغدرون ومتمسكون بشعار دولة المواطنة والعدالة الاجتماعية ، جرى ويجري تشويه سُمعتهم من قبل  الأنظمة الفاسدة والفاسدين ، والصاق شتى التهم بهم وهم منها براء. لم يتسنى للشيوعيين حكم البلد لكي تتبيّن حسناتهم من عيوبهم ، لكن يمكن للجميع أن يحلل ويناقش كلاً من الحكم  الملكي العميل وحكومات القوميين والبعثيين وأخيراً الاسلاميين وما خلّفوه من أزمات إحداها تلو الأخرى حتى أوصلوا البلاد الى حافة الهاوية.

وستبقى فكرة الشيوعية القائمة على إنهاء إستغلال العمال والشغيلة من قبل أرباب الاعمال وتحقيق العدالة الإجتماعية حلماً يراود الأجيال القادمة، وخاصة بعد ان فتكت الرأسمالية بالبشر والطبيعة والمناخ وكل ما يحيط بحاجات الانسان المادية والروحية.

ويظن الكثيرون بان الشيوعية سقطت في عقر دارها بإنهيار الاتحاد السوفيتي وتفككه الى دويلات قومية، وليس لها حظوظ في المستقبل أمام التطور الرأسمالي ، لكن هذا ليس صحيحا البتة، الصحيح هو انهيار التجربة السوفيتية التي إفتقرت الى الديمقراطية وهي أحد العناصر الأساسية التي ركز عليها ماركس في إقامة النظام الاشتراكي ، وسادت البيروقراطية والجمود الفكري وغاب النقد الصريح والبنّاء مما خلق فجوة كبيرة بين قيادة الحزب وجماهير الشعب نتيجة هيمنة مجموعة من كبار السن على اللجنة المركزية ومكتبها السياسي على حساب الشباب الواعي والذي امتلك قدرات إبداعية في كل المجالات بما في ذلك في مجال الفكر والسياسة، ومنهم بريجنيف وتشيرنينكو ومن ثم اندروبوف وافاهم الأجل واحداً تلو الآخر ، وسيطرة مجموعة من الانتهازيين على سدة الحكم ، الذين تبيّن ضعف إيمانهم بالشيوعية، أضف الى ذلك سوء ادارتهم لعملية إعادة البناء ( البيريسترويكا)  ومنهم غورباشوف ويلتسن  وشيفرنادزه وياكوفليف (منظر الحزب) وآخرين.

يأتي في مقدمة مهمات الشيوعيين العراقيين اليوم،  التعاون والتنسيق مع كل القوى والأحزاب السياسية والشخصيات الوطنية والأكاديمية وشباب وشابات الانتفاضة والنقابات المهنية من أجل إنهاء نظام المحاصصة الطائفية والإثنية، أس البلاء و الفساد وسبب الأزمة البنيوية الشاملة الغير قادرين على حلّها،  وفي إقامة الدولة المدنية الديمقراطية - دولة المواطنة والمساواة وذات سيادة بعيداً عن التدخلات الخارجية.

تحية اكبار وإجلال للحزب الشيوعي العراقي في ذكرى تأسيسه السابعة والثمانين.
تحية للشيوعيين العراقيين رموز النضال والتضحية من أجل الوطن الحر والشعب السعيد.
المجد والخلود لشهداء الحزب وشهداء انتفاضة تشرين الباسلة وكل الوطنيين العراقيين .

كوبنهاكن 28 آذار 2021


40
وليد حنا بيداويد ينال شهادة البكالوريوس في العلوم السياسية

نال الصديق العزيز وليد حنا بيداويد شهادة البكالوريوس في العلوم السياسية في كوبنهاكن وبدرجة جيد جدا ، وهذا النجاح يؤهله لمواصلة الدراسات العليا الماجستير والدكتوراه .
من المعروف ان السيد وليد حنا بيداويد هو كاتب وناشط مدني  وله مواقف وطنية مشرّفة ، ساند بقوة ثوار إنتفاضة تشرين عبر المشاركة في حملة التبرعات لصالح ثوار الانتفاضة التي قامت بها جمعية ما بين النهرين،  وفي الاحتجاجات التي تنظمها الجالية العراقية أمام السفارة العراقية وامام البرلمان الدنماركي وفي ساحة بلدية العاصمة كوبنهاكن، وهو عضو نشط في الهيئة الإدارية لجمعية ما بين النهرين في الدنمارك.
نتمنى له الموفقية في حياته المهنية لخدمة وطننا العزيز وشعبنا العراقي الباسل.

الدكتور
شابا أيوب شابا
كوبنهاكن
11 شباط 2020


41
الدولة المدنية والدولة العلمانية والفرق بينهما
الجزء الثاني
العَلمانية واللائكية
العلمانية هي "الفصل بين الدين والدولة" أي أنها تعترف بالدين و لكنها لا تعتمد عليه في تشريعاتها و قوانينها. تواجدت العلمانية في فترة مُبَكِّرَة من التاريخ الفرنسي المعاصر استناداً إلى القانون الفرنسي لفصل الكنيسة عن الدولة عام 1905م، وامتد تفسير العلمانية الفرنسية ليشمل المساواة في التعامل مع جميع الأديان.
أما اللائكية هي مفهوم يعبر عن فصل الدين عن شؤون الحكومة والدولة وكذلك عدم تدخل الحكومة في الشؤون الدينية. فاللائكية في الأصل لا تعني اللادينية وإنما تعني عدم الانتظام في سلك الكهنوت الكنسي .(6 )..
واللائكية مرتبطة أكثر بالسيطرة على مؤسسة الدولة بهدف أن تصبح الحَكَمَ النهائي في تسيير مختلف المؤسسات بما فيها الدينية. إن الرهان الأساسي في هذه الحالة هو تحقيق استقلالية السياسي. مقابل ذلك تعد العلمانية نسقا تراكميا من التحولات يفقد معه الدين جاذبيته الاجتماعية.(7)
وتقدّم دائرة المعارف البريطانية تعريف العلمانيّة بانها: "حركة اجتماعيّة تتّجه نحو الاهتمام بالشّؤون الدُّنيويّة بدلًا من الاهتمام بالشّؤون الآخروية. وهي تُعتبر جزءًا من النّزعة الإنسانيّة الدّاعية لإعلاء شأن الإنسان والأمور المرتبطة به، بدلاً من إفراط الاهتمام بالعُزوف عن شؤون الحياة والتّأمّل في الله واليوم الأخير ".
للعلمانية مفهومان سوسيولوجي وقانوني. السوسيولوجي يعني تقلص مكانة الدين في السياق الاجتماعي من حيث الاعتقاد والإيمان ومسلك التدين الفردي والجماعي. والقانوني هو النظام الذي يُقصي الدين من الشأن العام، ويُكرس حياد الدولة إزاء مختلف الديانات صوناً لحرية الضمير والوعي.
العلمانية بالمفهوم الأول ظاهرة تاريخية اجتماعية، تثبت كل الدراسات أنها خاصة بالمجتمعات الأوروبية الغربية التي انخفضت فيها نسبة الإقبال على الدين اعتقاداً وممارسة، بينما لا يزال الحضور الديني قوياً في الولايات المتحدة الأميركية وبلدان أميركا الجنوبية وبقية العالم غير الغربي وفي مقدمته الشرق الأوسط والعالم الإسلامي.
أما العلمانية بالمفهوم الثاني، فهي نظام قانوني له صيغ كثيرة تتأرجح من بين الخصوصية الفرنسية التي هي الحد الأقصى في الفصل بين الدين والدولة والنظام اليوناني والدنماركي الذي ينص دستورياً على ديانة الدولة.

تعدد العلمانيات
لا توجد علمانية واحدة بل علمانيات ، والدول العلمانية تنقسم إلى ثلاثة أشكال ؛
1 هناك بعض الدول تنصّ دساتيرها صراحة على هويتها العلمانية مثل الولايات المتحدة وفرنسا وكوريا الجنوبية والهند وكندا.
2 دول أخرى، لم تذكر العلمانية في دساتيرها ولكنها لم تحدد دينًا للدولة، وتنصّ قوانينها على المساواة بين جميع المواطنين وعدم تفضيل دين على آخر والسماح بحرية ممارسة المعتقد والشرائع الدينية، مما يشكل صونًا لحقوق الإنسان وحقوق الأقليات الدينية، وهي بالتالي تعتبر دولاً علمانية مثل أستراليا وتركيا وأندونيسيا وأذربيجان والسنغال وآوزبكستان.
3 هناك الشريحة الثالثة من الدول وتنصّ دساتيرها على دين معيّن للدولة كالدنمارك وموناكو واليونان غير أن دساتيرها تحوي المبادئ العلمانية العامة، كالمساواة بين جميع مواطنيها وكفالة الحريات العامة، مع تقييد لهذه الحريات، يختلف حسب الدول ذاتها.
تعود جذور العلمانيّة لفلاسفة يونانيّين أمثال إبيقور. غير أنّها خرجت بمفهومِها الحديث على يد عددٍ من مفكّري عصر التنوير من أمثال جون لوك وفولتير وباروخ سبينوزا ودينيس ديدرو وتوماس جفرسون وآخرين، وعلى يد عدد من أعلام الفكر الحر خلال العصر الحديث من أمثال بيرتراند راسل وكريستوفر هيتشنز.
إنّ أول من أوجد مصطلح العلمانية هو الكاتب البريطاني جورج هوليوك عام 1851، ووصفها كنظام اجتماعي منفصل عن الدين غير أنه لا يقف ضده إذ صرّح: " لا يمكن أن تفهم العلمانية بأنها ضد المسيحية، هي فقط مستقلة عنها؛ ولا تقوم بفرض مبادئها وقيودها على من لا يود أن يلتزم بها. العلمانية تهتم بهذه الحياة، وتسعى للتطور والرفاه في هذه الحياة ... ". بناءً عليه، يمكن القول أن العلمانية ليست أيديولوجيا أو عقيدة بقدر ما هي طريقة للحكم ترفض وضع الدين كمرجع رئيسي للحياة السياسية والقانونية، وتتجه إلى الاهتمام بالأمور المادية الملموسة بدلاً من الأمور الغيبية.
ويذهب الكاتب عبد الرحيم العلام إلى نفس ما ذهب إليه جورج هوليوك من أنّ التنظيرات الفكرية، والتجارب السياسية في الغرب قد بينت أن العَلمانية لم تَتَأسّس على العداء للدين، وكان شعار الفكر العلماني في الغرب هو استقلالية الدولة التي لا تتأتّى إلا من استقلالية الدِّين، وأن التمييز بين العام والخاص وبين الدين والدولة، سيكون أكبر خدمة للدين والدولة بشكل مُتزامِن.(8)
العَلمانيّة في العربيّة مُشتقّة من مُفردة عَالَمْ (9)، وهي بدورها قادمة من اللغات السّاميّة القريبة منها وبصفة خاصة السريانية؛ أمّا في الإنجليزيّة والفرنسية فهي مُشتقّة من اليونانية بمعنى "العامّة" أو "الشّعب"، وبشكل أدقّ، عكس الإكليروس أو الطّبقة الدّينيّة الحاكمة؛ وبشكل عامّ، لا علاقة للمصطلح بالعلوم أو سواها، وإنّما يشير إلى الاهتمام بالقضايا الأرضيّة فحسب.
ما يتعين التنبيه إليه هنا هو أن مقولة العلمانية ظهرت في السياق الفكري العربي في خلفيتين مرجعيتين متمايزتين: خلفية فلسفية وضعية مناوئة للدين ترجمتها المدرسة التطورية المادية (شبلي شميل وسلامة موسى...) ، وخلفية أيديولوجية دينية انطلقت من مقولة ازدواجية الديني والسياسي في الإسلام، وبالتالي رفض أي تدبير دنيوي بشري للشأن العام خارج مفهوم «الحاكمية الإلهية».
في الدلالتين يتم توسيع معنى العلمانية خارج خلفيتها المصطلحية لتضمينها إيحاءات ومعان لا صلة لها بها، ولذا دعا المفكر المغربي الراحل محمد عابد الجابري إلى التخلي عن استعمالها واستبدالها بالمطلوبين الموضوعيين اللذين عادة ما تستخدم لأجلهما وهما المطلب العقلاني والمطلب الديمقراطي التعددي.

علاقة العلمانية بالليبرالية والديمقراطية
 إن الديمقراطية بمعناها الضيق وهو حكم الأغلبية بدون الاهتمام لحريات الأفراد فإنها لا تقتضي فصل الدين عن الدولة بالضرورة بل تعتمد على اختيار أغلبية الشعب التي قد تكون دينية. لكن إذا أدخلنا حرية التعبير اللازمة لمنافسة عادلة للمعارضة السياسية في تعريف الديمقراطية فيستلزم ذلك فصل الدين عن الدولة بما يسمح بحرية الأفراد في التعبير بلا قيود دينية، إذ بدون هذه الحرية لا يمكن للسياسيين والمفكرين العلمانيين أن يعبّروا عن آرائهم بشكل متساوي.
 وعلينا أن لا ننسى بأن الديمقراطية الصحيحة لا تتوقف عند الإنتخابات فقط ، ولا على من يفوز فيها بالأغلبية، وإنّما من خلال إلتزام هذه الأغلبية الفائزة  بالدستور المُقرْ، الذي يحدد سلطات كل من الأغلبية والأقلية في إطار الحق الكامل للمواطنة. كما أن حكم الأغلبية لا يعني حرمان الأقلية من المشاركة في صنع القرار. فالديمقراطية التي تأتي بأغلبية مستبدة وتتجاهل رأي الأقلية في كل قضية هي ديمقراطية مشوّهة ولا تُسفر عن أي إنجازات ذات قيمة على المدى البعيد. لأن من شأن هكذا ديمقراطية أن تُفقد الأقلية المعارضة دورها الرقابي الإيجابي في تشخيص الأخطاء والنواقص عند الأغلبية البرلمانية، كما تُضيّعْ حقوق الأقليات القومية والدينية.
كذلك فإن العلمانية بمعناها الضيق ليست الا جزءاً من معنى الليبرالية، فهي تفصل الدين فقط عن الدولة وهذا لا يكفي لضمان حرية وحقوق الأفراد بينما تفصل الليبرالية جميع المعتقدات الشمولية عن الدولة سواء كانت دينية أو غير دينية.
أما المعنى الأشمل للعلمانية المتمثل بفصل الدين عن الحياة والاهتمام بها على حساب الدين فهو واحد من الخيارات التي تتيحها الليبرالية لأفرادها كما تتيح لهم أيضاً الاهتمام بالدين على حساب الحياة إذا رغبوا ذلك بشرط عدم إرغام الأفراد على أي رأي معيّن بشأن الدين أو غيره.
وفي سياق أهمية الأخذ بالنظام العلماني في العالمين العربي والإسلامي بعد كثرة المجاميع الإسلامية المسلّحة وإنتشار التطرّف والإرهاب الديني منذ سبعينيات القرن الماضي، يثير الكاتب د. إبراهيم أبراش تساؤلاً ؛ لماذا المسلمون لوحدهم والعرب على وجه الخصوص من بين كل أصحاب الديانات الأخرى لديهم القابلية لممارسة العنف والإرهاب بكل أشكاله و حتى ضد انفسهم؟
ومن وجهة نظره لا يمكن تبرير ما يجري من عنف باسم الدين بنظرية المؤامرة فقط (أي أن قوى أجنبية معادية للإسلام والعرب تريد نشر الفوضى في العالم العربي خدمة لمصالحها ومصلحة إسرائيل وتشويه الدين الإسلامي) ، ولا بمنطق الفعل ورد الفعل (أي أن عنف بعض الجماعات جاء كرد فعل على عنف أكبر تمارسه دول الغرب الاستعمارية والإمبريالية وعنف الإرهاب الصهيوني الإسرائيلي ضد الشعب الفلسطيني) ، بل هي مسألة ذات صلة بمنظومة التدين من نمط تفكير وسلوك يبنى عليه، وعلاقتهما بفهم النص المقدس والمغزى العميق للدين وعلاقته بالدنيا وخصوصا بالسياسة.
ويُعزي ذلك إلى " أن العقل العربي يستسهل التعامل مع أقانيم جامدة ومورثة، ويفضل النقل على العقل، فهو غير مستعد لمناقشة هادئة وعقلانية للعلاقة بين الدين والسياسة وإعادة النظر في مفاهيم وتفسيرات الأولين الذين اجتهدوا في زمان غير زماننا...".
بالتأكيد فإن المشكلة لا تكمن في الإسلام بحد ذاته بل في المسلمين وتجار دين يوظفوا الإسلام ويفسروه لخدمة مصالحهم الدنيوية. ويضيف؛
" يمكن إرجاع الإرهاصات الأولى لاختلاط والتباس العلاقة ما بين الدين والسياسة في العالم الإسلامي بعد وفاة الرسول مباشرة في اجتماع السقيفه، وأصبح أكثر تجليا منذ مقتل عثمان بن عفان والفتنة الكبرى. فالخلاف بين على ومعاوية لم يكن لأسباب دينية بل صراعا على السلطة والجاه، وهي المرحلة التي قال عنها العلامة ابن خلدون إن الخلافة منذ عهد معاوية تحولت لمُلك كمُلك العجم ".
أمّا الكاتب اللبناني جوزيف زيتون يرى أن مصطلح الدولة المدنية لا وجود له في المراجع السياسية كمصطلح سياسي، ولكن استخدام المصطلح إعلامياً يعني قيام دولة يكون الحكم فيها للشعب بطريقة ديمقراطية، ويكون أبناء الشعب فيها متساوين في الحقوق، وعدم ممارسة الدولة ومؤسساتها أي تمييز بين المواطنين بسبب الاختلاف في الدين أو الجنس أو الخلفية الاجتماعية والجغرافية. ولا يكون فيها الحكم لرجال الدين أو للعسكر.
واستبعاد رجال الدين في نظره لا يعني استبعاد المتدينين، ولكن المقصود ألا تجتمع السلطتان السياسية والدينية في قبضة رجل واحد حتى لا يتحول إلى شخص فوق القانون وفوق المحاسبة. (10)  لأنّ إذا تولى رجل الدين الحكم يكون من المستحيل رقابته، أو معارضته في حال سلوكه سلوك الفساد بسبب اعتبار الناس له ممثلا لله في الأرض، وهو أمر يفتح باب الفساد والاستبداد. وهذا ما نراه بأم أعيينا في كل من إيران ولحد ما العراق منذ 2003
 أما العسكريون لديهم إمكانية لأن يتحوّلوا إلى مستبدين، يضاف إلى ذلك احتمال ولاء الجيش لهم.
أمّا الدكتور أنور مغيث (11) فهو لا يرى فرقاً بين الدولة العلمانية والدولة المدنية ويتبادر للسؤال؛  لماذا إذاً يميل الناس إلى استخدام مصطلح الدولة المدنية أكثر من مصطلح العلمانية؟ يرجع ذلك فى رأيه لسببين: أولهما حملات التشويه الفكرى على مدى أكثر من نصف قرن على يد أنصار التسلط الدينى، والثانى هو أن مصطلح الدولة المدنية فى استخدامنا العربي له، فضفاض ومشوش مما يسمح بالتضليل والتلاعب.
شابا أيوب شابا
الدنمارك ـ 4 آيلول 2019
المصادر
(6) ويكيبيدياـ الموسوعة الحرة
(7) من مقال لعادل لطيفي بعنوان "دفاعا عن العلمانية والإسلام"
(8) الكاتب: د عبد الرحيم العلام، استاذ العلوم السياسية، جامعة القاضي عياض، مراكش.
 (9) العلمانية ـ الباحثون السوريون
 (10) د. جوزيف زيتون- الدولة العلمانية والدولة المدنية
(11) د.أنور مغيث  الدولة المدنية والدولة العلمانية.. هل هناك فرق


42
الدولة المدنية والدولة العلمانية والفرق بينهما
الجزء الأول

مقدمة: إكتسب مفهوم الدولة المدنية إهتمام السياسيين والباحثين وكذلك عامة الناس على حد سواء في العقود الأخيرة وخاصة بعد إنتفاضات الربيع العربي ، التي تم إجهاضها وتحويل مسارها لتنتهي بسيطرة الإسلاميين والإخوان المسلمين في كل من تونس ومصر وليبيا ، ودعم المجاميع الإسلامية لتقويض النظام في سورية بدعم من تركيا أوردغان وقطر والدول الغربية ، قبل أن يُغيّر الشعبين المصري والتونسي ميزان القوى لصالح القوى المدنية.
 سوف يقتصر البحث هنا على الدولة المدنية والدولة العلمانية والفرق بينهما. وقبل البجث بمفهوم هاتين الدولتين سوف أورد أشهر التعاريف عن الدولة ومن دون الخوض بظروف نشاة وتطورالدول عبر التاريخ وأشكالها وأنواعها المختلفة.
للدولة عدة تعريفات إلا أن التعريف الأكثر شيوعاً لمفهوم الدولة هو تعريف المفكر الألماني ماكس فيبر، إذ عرَّفها " كيان سياسي يستطيع أن يتحكم في الاستخدام المشروع للعنف في إطار جغرافي معين على مجموعة معينة من الأفراد . وإذا كان هناك أكثر من طرف لاستخدام القوة سواء كانت مشروعة أم غير مشروعة فإن الدولة في طريقها للانهيار" .
بناء على مفهوم ( فيبر ) فالدولة هي كيان مستقل عن المجتمع، وهي فوق الأفراد وليست وسيلة في يد طرف ضد طرف آخر فهي تقف بشكل حيادي من جميع الأفراد.(1)
وهناك من يعرّف الدولة بأنها مساحة من الأرض، تم الاعتراف بها دوليّاً، ويعيش عليها مجموعة من السكان المقيمين عليها، والذين تنظمهم سلطة سياسية واقتصادية و اجتماعية. (2)
 يقول إنجلزفي مؤلفه (أصل العائلة والملكية الخاصة والدولة)
 " الدولة هي نتاج المجتمع عند درجة معينة من تطوره، الدولة هي  إفصاح عن واقع أن هذا المجتمع  قد توّرط في تناقض مع ذاته لا يُمكنه حلّه، وأنه قد إنقسم إلى متضادات مستعصية هو عاجز عن الخلاص منها. ولكي لا تقوم هذه المتضادات، هذه الطبقات ذات المصالح الإقتصادية المتنافرة، بإلتهام بعضها وكذلك المجتمعات في نضال عقيم، لهذا إقتضى الأمر قوّة تقف في الظاهر فوق المجتمع ، قوّة تلطف الاصطدام وتُبقيه ضمن حدود (النظام). إن هذه القوة المنبثقة عن المجتمع والتي تضع نفسها، مع ذلك، فوقه وتنفصل عنه أكثر، هي الدولة ".
أمّا برأي ماركس فهي هيئة للسيادة الطبقية، هيئة لظلم طبقة من قبل طبقة أخرى، هي تكوين " نظام" يمسح هذا الظلم بمسحة القانون ويوطّده ، مُلطفاً إصطدام الطبقات. ويضيف
" بما أنَّ الدولة قد نشأت من الحاجة إلى لجم تضاد الطبقات، وبما أنّها نشأت في الوقت نفسه ضمن الإصطدامات  بين هذه الطبقات، فهي كقاعدة عامة دولة الطبقة الأقوى السائدة إقتصادياً، والتي تصبح عن طريق الدولة الطبقة السائدة سياسياً أيضاً وتكتسب على هذه الصورة وسائل جديدة لقمع الطبقة المظلومة وإستمرارها ... ". (3)


الدولة المدنية
حسب الموسوعة الحرّة ويكيبيديا فإن الدولة المدنية هي دولة تحافظ وتحمي كل أعضاء المجتمع بغض النظر عن انتماءاتهم القومية أو الدينية أو الفكرية.  وحسب الموسوعة نفسها فإن ثمة جملة من المبادئ التي ينبغي توفرها لكي يقال عنها دولة مدنية، وأنَّ أي نقص في أحد هذه المبادئ يخل في شروط تحققها.
ومن أهم هذه المبادئ هو
1   أن تقوم تلك الدولة على نظام مدني من العلاقات التي تقوم على السلام والتسامح وقبول الآخر، والمساواة في الحقوق والواجبات ، حيث أن هذه القيم هي التي تشكل ما يطلق عليه الثقافة المدنية، بحيث أنها تضمن حقوق جميع المواطنين، وأن لا يخضع أي فرد فيها لانتهاك حقوقه من قبل فرد آخر أو طرف آخر. فهناك دوما سلطة عليا هي سلطة الدولة والتي يلجأ إليها الأفراد عندما يتم انتهاك حقوقهم أو تهدد بالانتهاك.(4)
2  مبدأ المواطنة والذي يعني أن الفرد لا يُعرف بمهنته أو بدينه أو بإقليمه أو بماله أو بسلطته، وإنما يُعرف تعريفا قانونيا اجتماعيا بأنه مواطن، أي أنه عضو في المجتمع له حقوق وعليه واجبات. وهو يتساوى فيها مع جميع المواطنين. إن المواطنة لصيقةٌ كليا بالدولة المدنية، فلا دولة مدنية بدون مواطنة،. والمواطنة لا تتحقق إلا في دولة مدنية ديمقراطية تعددية دستورية تصون كرامة المواطن وقناعاته في ممارسة معتقداته وأفكاره بالشكل الذي يؤمن بها في إطار الدستور الذي أقره الشعب.(5)
3  أنها لا تتأسس بخلط الدين بالسياسة. كما أنها لاتعادي الدين أو ترفضه لطالما أن الدين يظل في الدولة المدنية عاملا في بناء الأخلاق ودافع لزيادة الطاقة للعمل والإنجاز والتقدم. حيث أن ما ترفضه الدولة المدنية هو استخدام الدين لتحقيق أهداف سياسية، فذلك يتنافى مع مبدأ التعدد الذي تقوم عليه الدولة المدنية، كما أن هذا الأمر قد يعتبر من أهم العوامل التي تحول الدين إلى موضوع خلافي وجدلي وإلى تفسيرات قد تبعده عن عالم القداسة وتدخل به إلى عالم المصالح الدنيوية الضيقة.
4 مبدأ الديمقراطية والتي تمنع من أن تؤخذ الدولة غصبا من خلال فرد أو نخبة أو عائلة أو نزعة أيديولوجية. وإنما عن طريق تفويض شعبي عبر إنتخابات حرة ونزيه وشفافة، وبإشراف مفوضية عليا للإنتخابات يرأسها قُضاة معروفين في حياديتهم ونزاهتهم. ولضمان تطبيق مبادئ وآليات الديمقراطية بشكلها الصحيح ينبغي بناء المؤسسات الدستورية والقضائية المستقلة قبل إجراء الانتخابات واحترام الدستور والفصل بين السلطات. (4)
 ثم تُستكمل بتغيير المناهج التعليمية، والممارسة السياسية، وترسيخ مبادئ المواطنة، والمساواة، وحقوق الإنسان، والتعددية، وحيادية الدولة، كفعل يومي وثقافة لدى المواطنين.
شابا أيوب شابا
الدنمارك ـ 4 آيلول 2019
المصادر
(1)  عالم باسم حمودة ـ مفهوم الدولة عند ماكس فايبر ( الدولة المنظمة)
(2) الموسوعة السياسية باللغة الإنكليزية
(3) فلاديمير لينين - الدولة والثورة - تعاليم الماركسية حول الدولة ومهمات البروليتاريا في الثورة
(4) الدولة المدنية الديمقراطية الدستورية، خالد يونس خالد - الحوار المتمدن
(5) ماذا تعنى الدولة المدنية؟ أحمد زايد - جريدة الشروق الجديد


43
غبطة أبينا البطريرك مار لويس ساكو المحترم
أتفق تماماً مع ما جاء في رسالتك، سواء الى المسؤولين في الدولة أم الى الرأي العام، من تشخيص لحال المسيحيين في العراق، والغبن الذي وقع عليهم، ومن التهميش والإقصاء اللذين يتعرضون له، وهي محاولة جديدة لجلب إنتباه المسؤولين لرفع الغبن عن المكون ( المسيحي ) الذي يقر الجميع بسلميته وتعامله الإيجابي مع حكومات ما بعد 2003 . ولكني على يقين من أن كل هذه الكتابات لن تجدي نفعاً،  لطالما نعيش في ظل دولة فاشلة قائمة على الطوائف وعلى المحاصصة، وهيمنة ميليشيات الطوائف الكبيرة على الشوارع ، وهذه الدولة بحكوماتها الحالية والسابقة غير قادرة على حماية أمن مواطنيها، وخاصة أمن مواطني المكونات الصغيرة المسالمة.

ولكي تُأتي مثل هذه المناشدات بثمارها ، لا بد من بعض المستلزمات التي يجب توفرها على الأقل من جانبنا لتقوية موقفنا وزيادة الضغط على الحكومة ومنها
1 أن تتركوا إستخدام مصطلح المكون المسيحي أو (المسيحيون) وتستعيضوا عنه بمكون قومي يعبر عن هويتنا القومية والتاريخية واللغوية وإرثنا الحضاري الذي يفتخر به كل العراقيين، لان الشعوب تتكون من قوميات وأجناس مختلفة ولا تقاس على أساس تديّنها. والمطلوب منا أن لا ننجر وراء المرجعيات الشيعية والسنية في إثارة النفس الديني أوالمذهبي أو الطائفي. ليكن حديثنا يتمركز حول المواطنة وحقوق القوميات بدلا من الحديث عن الأديان والطوائف
2 إن لم تتمكنوا من توحيد كنائسنا حفاظاً على وجودنا على أرض وطننا، وذلك عبر النزول قليلاً عن عروشكم وأبراجكم العالية، فعلى الأقل كفّوا عن تقسيم شعبنا الى ثلاث قوميات ( كلدان وسريان وآشوريون ) وهي كذبة العصر التي روّج لها الفاشلون ، الذين لم يكن لديهم أي شأن قومي قبل 2003.
3 من الضروي وبشكل ملح إيجاد تسمية قومية موحدة لأبناء شعبنا، يُقر بها الجميع، وتُثبت في دستور الدولة العراقية، وأفضل تسمية تتوافق مع تغيّرات العصر هي ( سورايي ) ومفردها سورايا ، لأنها تحمل في مضمونها الهويتين، الهوية الدينية المسيحية والهوية القومية الآشورية، لأن أغلبية المسيحيين العراقيين الحاليين هم من سكنة إقليم آشور الجغرافي والتاريخي أو من الذين نزحوا منه الى المدن.

44
أكيتو ـ عيد الربيع ورمزالتاريخ والحضارة

في الأول من نيسان من كل عام يحتفل شعبنا ( الكلداني الأشوري السرياني ) بعيد أكيتو.
وأكيتو (بالسومرية: ريش شاتين)، (وبالأكادية: أكيتي سنونم) (1) هو عيد رأس السنة لدى الأكاديين والبابليين والآشوريين والكلديين من بعدهم.
يبدأ عيد أكيتو في اليوم الأول من شهر نيسان ويستمر لمدة اثنا عشر يوماً. ويعود الاحتفال برأس السنة الرافدية في الأول من نيسان إلى السلالة العمورية البابلية الأولى ، أي إلى منتصف الألفية الثالثة قبل الميلاد في مدن أريدو، أور، لجش، كيش، أوروك ، واستمر حتى القرن الثاني منه (2). إذ تم على عهد هذه السلالة ترتيب حلقات الحياة بشكلها شبه النهائي في حياة سكان بلاد ما بين النهرين سواء من الناحية الدينية أو الاقتصادية أو الاجتماعية.
 أما لماذا يستمر 12 يوما، فلأن العدد اثنا عشر يرمز عموما إلى الإمتلاء، وكان رمزا تقتصر معرفته على كهنة المعابد فقط ، فكانوا يعتبرونه عددا روحيا صرفا .
 قسّم البابليون دائرة البروج {الزودياك} إلى 12 برجا، وكانوا يَقرنون كل شهر من شهور السنة بِبُرْج من الأبراج. وكُتِبت ملحمة جلجامش بالخط المسماري على 12 لوحا، وهي أعظم سجل كامل عُثِر عليه في مكتبة أشور بانيبال. كذلك انعكست قدسية الرقم 12 على سرديات الأديان الإبراهيمية كما نرى ذلك  في أسباط بني إسرائيل وعددهم 12 وحواريي يسوع المسيح وعددهم 12 وائمة الشيعة الإمامية و عددهم  12 وغيرها من التنوعيات التي استمدت قدسيتها من هذا الرمز البابلي (3).
يقول بعض العلماء والمؤرخين أن حكاية أعياد الربيع في أرض الرافدين تبدأ منذ أزمنة بعيدة تقع بين ( الألف الرابع والخامس ق . م ) ، وبعض المصادر تقول أن السومريين والساميين إحتفلوا به منذ عصر أريدو -5300  ق. م  وبالذات في جنوب بلاد ما بين النهرين وبإسم زاكموك (5).
أما الساميون ومن بينهم الآراميون الذين سكنوا العراق القديم قبل وأثناء وبعد السومريين فقد إختاروا له تسمية ( أكيتو ) وتعني ( الحياة ). وكلمة أكيتو كانت تسمى أو تُلفظ عند بعض الساميين ( حِجتو ) وذلك في اللغة الأكدية والعربية لاحقاً ، أما في اللغة السريانية الآرامية فلا تزال كلمة ( حج ) تعني الإحتفال أو الحفلة (5). وفي اللغة البابلية القديمة كانوا يسمون هذا العيد ( ريش شاتم ) ، ريش تعني : رأس ، و شاتم تعني : سنة . وفي لغة ( السورث ) المحكية لحد اليوم في العراق لا نزال نقول : ( ريش شاتة ) رأس السنة.
وحسب باحثون سوريون يشير معنى أكيتو إلى موعد بذّرِ وحصاد الشعير (الغلّة التي تعتبر مادة الغذاء الأساسية آنذاك) وهو الشهر البابلي الذي يقع بين شهري مارس وأبريل الشمسيين من تقومينا الحالي، وذلك إستنادا الى الشواهد الكتابية، وأن أول عيد للآكيتو في التاريخ بدأ على شكل عيد للحصاد الزراعي (4).

 إحتفل البابليون بعيد أكيتو في اليوم الأول من شهر نيسان ( نيسانو ) والذي يعني : العلامة ، وفي العربية ( نيشان ) لأنها العلامة أو النيشان على حلول فصل الربيع والإعلان عن ولادة الحياة ورمزاً للخصب وحَبَل الأرض بكل ما هو أخضر.
وبعد أن شاع إستعمال التقويم المُعَدَل أخذ سكان ( بيث نهرين ) يحتفلون بعيد رأس السنة في الأول من نيسان من كل عام، وكانت البداية في بابل، ولهذا أطلقوا عليها تسمية ( السنة البابلية )، ومن بابل إنتقلت إلى( آشور ) ثم شاعت في كل المدن الرئيسية في بلاد الرافدين ، لا بل تعدت إلى أقوام وشعوب أخرى في المنطقة في عهودٍ لاحقة ، مثل الفرس والأكراد الذين يحتفلون بعيد نوروز في الحادي والعشرين من شهر آذار ( وهو الأول من نيسان حسب التقويم البابلي الأول ) .
 
إستمر البابليون يحتفلون بعيد أكيتو حتى بعد سقوط الدولة الكلدية الأخيرة في بابل على يد كورش الفارسي سنة ( 539 ق. م ) ، والمؤسف أنه عبر مئات السنين وما وصل إليه حال العراق من الغزوات والإحتلالات والنكبات من كل نوع ، ضاع معنى عيد أكيتو ، كما أن بعض الحكومات الإسلامية في تأريخ العراق كانت قد حَرَمَت وَمنعَت الإحتفال بهِ لإعتبارهِ عيداً وثنياً !. بينما إستمر الإحتفال به عند أقوام أخرى مثل الفرس والأكراد رغم إسلامهم !!، لِذا شاعت تسمية ( نوروز ) بينما إختفت تسمية ( اكيتو ) وإقتصرت على مسيحيي العراق والشام من السكان الأصليين الذين أصبحوا قلة قومية ودينية مقموعة ومُهمشة ومُحاربة مما أدى إلى إنكماش وضمور في أغلب ما يخص كيانهم وحجمهم ومكانتهم خاصة في الجانب السياسي.
وبمناسبة حلول عيد أكيتو، عيد الربيع ، أتقدم بأحر التهاني لكل العراقيين راجياً أن  يزهر بالورود وأن يعيد الإبتسامة إلى وجوه العراقيين والبسمة على وجوه أطفالنا، وأن نجعل من إحتفالنا به حافزاً لاستعادة أمجاد أجدادنا صُنّاع الحضارات، وصياغة مستقبل زاخر بالعلم والمعرفة والتقنيات الحديثة. وهذا ليس حلماً خياليا، لأن العراق كان ولا يزال يتمتع بطاقات بشرية هائلة وكفاءات عالية القدرة غُيّبت وأُحجم دورها من قبل الحكام الدكتاتوريين ، والذين جاء بهم المحتل الامريكي. ولا بد أن تُزهرْ وتُورقْ من جديد تحت شمسٍ عراقية أصيلة لا تحت حكم الإسلاميين الفاسدين الدامس.
(1) ويكيبيديا الموسوعة الحرّة أصيلة
(2) صادق الطائي ـ أكيتو.. عيد رأس السنة البابلية والآشورية

(3) الرقم 12 في الحضارات وعند الأمم
https://www.yabeyrouth.com/
(4) الباحثون السوريون ـ الآكيتو  رأس السنة في أول أيام الربيع، نيسان
(5)   طلعت ميشو ـ أكيتو .. عيد الربيع البابلي ، جذوره ، أيامه ، عائديتهِ
ملاحظة : لمعرفة المزيد عن آكيتو راجع المصدر الأخير في الحوار التمدن
شابا ايوب شابا
 كوبنهاكن
 29/3/2019



45
في أربعينية القائد الأنصاري البطل أبو ليلى
السعادة الحقيقية هي في النضال من أجل الحق والعدالة " "
 
هكذا عبّر كارل ماركس عن مفهومه للسعادة، و وفق هذا المفهوم وعلى هذا الدرب سار الشيوعي الصادق واالقائد الأنصاري الشجاع صباح ياقو توماس (أبو ليلى)، الإبن البار لبلدة ألقوش العريقة، البلدة المأثرة بتاريخها المجيد، وبما رفدت عراقنا الجميل من قادة روحانيين بارزين، ورجال سياسة مُحنّكين، وأدباء وشعراء مرموقين، إنّه العشق المتبادل بين ألقوش وأهاليها الطيبين والوطن الإسطورة العراق العظيم. ولد الفقيد وترعرع في كنف عائلة شيوعية معروفة أُسْتشهدَ منها ثلاثة رفاق في الثمانينات، وهم منير توماس وخيري توماس وطلال توماس، وتأثر كثيراً بفكر وسلوك عمّه القائد الأنصاري الرمز توما توماس (أبو جوزيف). وأصبح الفقيد أبا ليلى نموذجاً بارزاً من هؤلاء الرجال المتميّزين في الشجاعة والإقدام، والإصرار على مواصلة النضال ضد الطغاة والدكتاتوريين والمحاصصين الفاسدين الذين جاء بهم المُحتل، ومقاومة الظلم والإضطهاد الذي تعرّض له عُمالنا وشغيلتنا وفلاحينا وكادحينا وكل أبناء شعبنا على مر العقود على يد الأنظمة الفاسدة.
ومنذ إنخراطه في صفوف حزبنا الشيوعي جمع الفقيد بين كل أشكال النضال، وعمل على أربع جبهات،  السياسية والأكاديمية والكفاح المسلح والنشاط الديمقراطي. فإلى جانب نشاطه السياسي المعهود، فقد حصل الفقيد على شهادة الدكتوراه في مجال النفط من الإتحاد السوفيتي، في مسعى منه لخدمة  بلده في مجال العلم  والمساهمة في تطوير إقتصاده، ولكنّه حُرِمَ من هذه الفرصة مثلما حُرمْتُ أنا، وحُرِمَ المئات من الكوادر العلمية والأدبية والفنية، الوطنية الصادقة من أداء دورها التوعوي والثقافي من قبل النظام البعثي المقبور، مما أدى الى تراجع الوعي في المجتمع العراقي، وهيمنة الفكر الظلامي الغيبي، وإنتعاش الإنتهازية وتفشي الفساد بين المحاصصين الطائفيين والإثنيين بعد سقوط النظام البائد. كما كان الفقيد عَضواً نشيطاً في جمعية الطلبة الأكراد وفي رابطة الطلبة العراقيين في الإتحاد السوفيتي، حيث إلتقينا سوية في موسكو، وعملنا معاً بنشاط في صفوفها رغم مضايقات السفارة العراقية في بداية الثمانينيات.
لكن أروع صفحات نضال الفقيد هي في إلتحاقه بحركة الأنصار الشيوعيين في كرستان العراق وهو لم يتجاوز 21 عاماً، كان ذلك في عام 1963 حيث قاتل ضد الإنقلابيين البعثيين وحرسهم القومي الفاشي. وفي معارك ضارية ضد جحوش النظام عام 1967 فقد البصر في إحدى عينيه، غادر بعدها الى موسكو للعلاج ثم عاد الى الوطن في 1974، وحين غدر النظام الصدامي بحزبنا، وشن حملة تصفية لمنظماته وأعضاء قيادته وكوادره في أواخر 1978، كان الفقيد من أول المبادرين إلى تشكيل فصائل الأنصار الشيوعيين وقيادتها، وقد عرفت جبال كردستان ووديانها وقراها حماسته وقتاله الشرس ضد قوّات النظام والجيش الشعبي والجحوش، ولشدة بأسه فقد أدخل الرعب في قلوب أعدائه، حتى بلغ الأمر بهم الى إتخاذ حالة الإنذاروالفزع عند تقرّبه من مواقعهم. وواصل كفاحه المسلح ضد النظام لحين إصابته إصابة بليغة بالسلاح الكيمياوي، نُقل على أثرها الى روسيا لغرض العلاج بمساعدة الحزب، إنتقل بعدها الى السويد وإستقر فيها. وبعد سقوط النظام في نيسان 2003 عاد الى بلدته ألقوش، التي أحبها حباً عظيماً ودافع عن شرف أهلها، وبذل ما تبقى له من جهد وهو قد تخطى السبعين وتحت وطأة الكيمياوي البغيض على تقديم أفضل الخدمات الاجتماعية والإنسانية لبلدته، منها زرع   10000 شجرة لتلطيف مناخ البلدة، وحفر وبناء بئرين إرتوازيين ومدّهم بالكهرباء، وتوزيع 5000 حاوية كبيرة لوضع الأنقاض خارج البيوت والمعامل والمحلات التجارية، وشراء لوري لجمع القمامة ودفنها خارج حدود البلدية، كما عمل على منع رمي الإطلاقات النارية في المناسبات لضمان وتوفير الأمان والراحة لسكان البلدة والمناطق المجاورة.
بهذه البطولات الرائعة والأعمال القيّمة يكون الفقيد أبو ليلى قد جسّد إنسانية الشيوعي العراقي وسطّر أسمى آيات الحب والوفاء والتضحية لحزبه المقدام من خلال سعيه حتى النفس الأخير الى تحقيق أهداف الحزب في وطن حر و شعب سعيد.
 لك المجد والذكرالطيب يا أبا ليلى، وليتذكرك شباب ألقوش وأهاليها ومعهم كل العراقيين الطيّبين، شيوعياً مقداماً و وطنياً صادقاً، وإنساناً أبياً.
زميلك ورفيقك في الدراسة الدكتور شابا أيوب
الدنمارك في 20 أكتوبر 2017



46
غبطة أبينا االبطريرك: حذارٍ من الوقوع في شرك الطائفية

في الثالث من نوفمبر الحالي وبدعوة من غبطة البطريرك مار لويس ساكو جرى لقاء موسع لرؤوساء وممثلي الكنائس والفعاليات المسيحية العراقية. وحضر الاجتماع الذي عقد في مقر البطريركية الكلدانية ببلدة عنكاوا، كل من مار لويس ساكو بطريرك الكنيسة الكلدانية ومار كيوركيس صليوا بطريرك كنيسة المشرق الاشورية وعدد من اساقفة كنائس السريان الكاثوليك والارثوذكس والكلدان وممثل عن الكنيسة الشرقية القديمة، اضافة الى مشاركة عدد من النواب المسيحيين في البرلمانين الاتحادي وإقليم كوردستان ورؤوساء الأحزاب. وتضمن جدول اعماله المواضيع التي تخص الوجود المسيحي في محافظة نينوى ما بعد مرحلة داعش.
وأُشيرَ الى أنّ الاجتماع لم يخرج بأتفاق شامل لجميع النقاط المطروحة، ومن بينها توحيد التسمية والاكتفاء بتسمية "المكون المسيحي" في المرحلة الحالية، كونها حاليا بحسب البطريرك ساكو الأفضل، مع الحفاظ على هوية كل مكون لحين أستقرار الاوضاع، بعدها يمكن التوصل الى تسمية قومية متفق عليها.
وأقترح البطريرك ساكو في طرحه بتشكيل فريق من ذوي الانفتاح والخبرة والكفاءة كمرجعية للمكون المسيحي، تماشيا مع طرح رئيس التحالف الوطني عمار الحكيم لورقته المتعلقة بالعراق الجديد والذي طلب فيها وجود مرجعيات موحدة للمكونات لتلعب دورها بعد تحرير العراق من تنظيم داعش.
لا يا غبطة البطريرك الجليل الإحترام، إنه من الخطأ الفادح الإنجرار والسير وراء الأطروحات الطائفية التي يُسوقها الطائفيون من أمثال عمارالحكيم ورهطه، الذين يقسمون شعب العراق الى مكونات وطوائف دينية، لغايات في أنفسهم، تكمن في الهيمنة السياسية والإقتصادية والعقائدية على مقدرات العراقيين، لكونهم وحسب رؤيتهم يرون أنفسهم بأنهم يشكلون أغلبية عددية، وبالتالي لديهم الحق ان يستأثروا بالقرار السياسي العراقي ويديروا دفة الحكم وفق رؤيتهم الطائفية، وهم محصنين بقاعدة الأغلبية.
إن قبول هذه التسمية ولو مؤقتاً يعني الإنخراط في المشروع الطائفي، وتقوية لمواقف الطائفيين الذين  بيدهم القرار السياسي، وليس من السهل تدارك مساوئه في المستقبل.
ألا تبصر  يا غبطة البطريرك أن المحاصصة الطائفية التي جاء بها المحتل الأمريكي، وصفق لها ورقص على أنغامها الطائفيون من السنة والشيعة هي السبب في قتل وتهجير مئات الآلاف من أبناء شعبنا الكلداني السرياني الآشوري، وتدمير مدنهم وقراهم على يد الدواعش وغيرهم، وهجرة الإخوة الصابئة المندائيون، والأيزيديون، والكأكائيون، ولم يسلم منها حتى إخوتنا من السنة والشيعة، حيث فاق عدد النازحين منهم مليونين ونصف، وعشرات الآلاف من القتلى والجرحى ؟
أن عدم التمكن من الإتفاق حالياً على تسمية  قومية موحدة لشعبنا الكلداني السرياني الآشوري، ليس مبرراً لقيام بفعل أسوأ، ألا وهو وصف شعبنا بهويته الدينية فقط، فمن الأفضل البقاء على هذه  التسمية لحين الخروج من هذا المأزق.
نحن يا غبطة أبينا البطريرك لسنا فقط مسيحيين مشرقيين ومن رواد المسيحية الأوائل على أرض كوكبنا، والتي نفتخر بإنتمائنا إليها ونعتز برسالتها الدائمة في نشر المحبة والسلام والتعايش بين كل الأطياف، وإنما شعب يقيم على جغرافية إسمها قديماً بلاد ما بين النهرين وحالياً العراق، أي أننا آشوريون وكلديون وسريان عراقيون قبل أن نصبح مسيحيين، وبعبارة أخرى نحن شعب له جذور تاريخية وعرقية، ويجب أن يكون له تسمية قومية يسمى بها، كما هو الحال مع شركائنا في الوطن من العرب والكرد والتركمان والأرمن.
غبطة البطريرك تعلمون جيداً أن الدول الحديثة لا تُبنى على أساس التقسيمات الدينية أو الطائفية، وإنما على أساس المواطنة. فالصين لا تقول نحن دولة بوذية، والهند لا تقول نحن دولة هندوسية، وألمانيا لا تقول نحن دولة مسيحية، الكل يتكلم عن دولة ديمقراطية قائمة على المساواة بين الأعراق والإثنيات والأديان والمذاهب،  وليس على أساس المرجعيات الدينية كما يريدها عمار الحكيم والمالكي وأتباعهم. فقط بعض الدول الإسلامية تسمي نفسها دولاً دينية، وهي في معظمها دول طايح حظها حسب تعبير العراقيين، دول مصدرة للعنف والإرهاب، وأصبحت عبئاً على البشرية.  ونحن لن نقبل بتسمية "المكون المسيحي" حتى وإن كان مؤقتاً، لأن في ذلك ضرركبير على مستقبل شعبنا، و سنكون أكثرالخاسرين إنْ قبلنا بتقسيم نسيجنا الإجتماعي العراقي الى مكونات دينية.
إن  مستقبل شعبنا هو في إقامة الدولة المدنية الديمقراطية. لا في دولة الطوائف والمكونات الدينية. وعلينا أن نصطف مع كل الساعين إلى إقامتها، لا مع من يحمل في عُبه مشروعاً إسلاميا.
هذه مجرد نصيحة لك غبطة البطريرك الجليل الإحترام ولكل المنشغلين معك بهموم شعبنا الثقيلة من رجال الدين وسياسيين وقادة أحزاب، أن لا تقعوا في شرك الطائفية المقيتة. وإني أتابع وأقدر عالياً جهودك الحثيثة في تجميع صفوف كل الفرقاء وتوحيد كلمتهم لضمان مستقبل أفضل لأبناء شعبنا.

 شابا أيوب
الدنمارك
13 نوفمبر 2016



صفحات: [1]