عرض المشاركات

هنا يمكنك مشاهدة جميع المشاركات التى كتبها هذا العضو . لاحظ انه يمكنك فقط مشاهدة المشاركات التى كتبها فى الاقسام التى يسمح لك بدخولها فقط .


الرسائل - الأب مازن حازم إسطيفان

صفحات: [1]
1
المنبر الحر / الإنسان والرحيل!
« في: 00:31 19/11/2007  »
الإنسان والرحيل!


أصبح الرحيل في زمننا أمرًا معروفًا كلمةً ومعنى، إثر الأحداث التي تعتري البلاد، ولكلٍّ منا تفسيره الشخصي لذلك. فهنالك من رَحَلَ، هنالك من رُحِّلَ، هنالك من يريد ولا يقوى الرحيل وهنالك من لا يريد الرحيل. إذ جميع الأصناف يدورون حول محور كلمة (الرحيل)، فالسؤال هو: من هو على صواب: الذي رحل أم الذي لم يرحل؟ أكتب هذا المقال بعد لقاءي بالعديد من جاليتنا العراقية المسيحيّة. فلنبدأ بدراسة الموضوع أفضل من تصنيف الناس في مضمار الخطأ والصواب. فليس لنا أبلغ خبرة من خبرة أبينا إبراهيم الذي انطلق من أرضنا؛ كي نتعلّم معرفة الرسالة والهدف منها.
   تأتي الغاية من المصدر (الله الخالق)، الذي يُطلق الدعوة. وقال الرب لأبرام: "انطلق من أرضِكَ وعَشيرتِكَ وبيتِ أبيكَ، إلى الأرض التي أُريكَ. وأنا أجعلُكَ أمّةً كبيرة وأباركُكَ وأعظم آسمَكَ، وتكون بركة. وأُبارك مباركيك، وأُلعنُ لاعنيكَ ويتباركُ بِكَ جميعُ عشائِرِ الأرض" (تك12: 1ـ4)  فينطلق المدعو إبراهيم (أنا، أنتَ/ أنتِ) حيث لا يعرف "إلى الأرض التي أريك". إذ لا يُحرّك المدعو غير الإيمان الأبلغ من الثقة بغية تحقيق بلوغ الرسالة إلى الهدف الذي يشاءه الداعي (الله الأب). ومن هنا ينبثق منّا سيلٌ من التساؤلات، متجنبين السؤال الأول والأخير (لماذا أنا؟). فلنبدأ بالتساؤلات: (إلى أين يا رب؟ إلى من ؟ أًلآن أم لم يحن الوقت بعد؟ ما الذي تريده مني؟ وما الذي تريده أن أكون؟ متى سأصل؟ واسأل بدورك أنتَ/ أنتِ، فكل واحدٍ منّا مدعو إلى رسالةٍ!). فالذي رحل يستطيع أن يعبِّر ما شعره إبراهيم (الوحدة، الضياع، الغربة) رغم وجود الناس، الأماكن التي لم يسبق لك رؤيتها والناس اللّذين لا تربطك بهم صلة. فما السبيل إذًا إلى شق الطريق وتواصل المسير؟ الجواب: "أنـا" يقول الرب الإله. إذ حيث الله والإيمان الذي يهبه لي، زارعًا إياه في أرض جسدي، له أن يتجسّد قولاً وعملاً. فيبدأ الشعور بالسكينة العميقة حيث الشعور بالأُبوّة، الإهتمام والرعاية الخاصّة من لدن الله تجاهك أنت. وهنا وصلنا إلى الأرض الحقيقيّة التي هي: أن تعيش في الله الأب مع معاشرتك أناسًا لم يسبق لك رؤيتهم يتكلمون غير لغتك؛ يختلفون عنك كل الإختلاف. فبالروح الإنسانيّة الموهَبَة من الخالق التي تصل بك إلى مرحلةٍ أُخرى، والتي قلبت جميع المقاييس (الغريب أصبح قريبًا، المجهول معروفًا والضلال تواجدًا) كل هذه الأمور تتجسّد بعيش وثوق الصلة مع المصدر (الله الخالق: أبو ربنا يسوع المسيح : أبتي!). وهنا فبقدر ما أعمل على إنعكاس إنسانيتي بقدر ما أوثِق الوحدة وعَكسِ صورة الخالق. أوَ ليست هذه رسالة الرب يسوع الذي رفع صلاته لله الأب قائلاً: "يا أبتِ القدّوس. اِحفظهم باسمك الذي وهبته لي، ليكونوا واحدًا كما نحن واحد" (يو17: 11)، فما جعلني الله عليه هي إرادته، ودعوته هي التي تأتني من غيري (من يرسله الله في طريق حياتي) فأتبارك بنعمتِهِ، فرسالتي هي أن:"يتبارك بك جميع عشائر الأرض" أي أن أكون أداة نقل البركة، لجميـع عشائر الأرض، من ضمنهم عشائر أرضي.
 وهنا فليبارك كل واحدٍ منّا الآخر، وذكر بعضنا البعض قولاً وفعلا. فالوعد ثابتٌ وإنْ اختلف المكان.



الأب مازن حازم إسطيفان
مرسلية بيت لحم/ سويسرا ـ فريبورغ

صفحات: [1]