عرض المشاركات

هنا يمكنك مشاهدة جميع المشاركات التى كتبها هذا العضو . لاحظ انه يمكنك فقط مشاهدة المشاركات التى كتبها فى الاقسام التى يسمح لك بدخولها فقط .


مواضيع - داود برنو

صفحات: [1]
1
زيارة محافظ نينوى الى الجالية الكلدانية في ولاية مشيغن   
                                                     
بدعوة من المؤسسة الكلدانية في مشيغن،زارا المؤسسة السيد عبدالقادر دخيل محافظ نينوى بتاريخ 27-4-2024
يرافقه مستشار رئيس وزراء العراق لشؤون المسيحيين، وقائم مقام قضاء الحمدانية السيد عصام بهنام،وأقيمت لهم ندوة خاصة من قبل رئيس المؤسسة السيد مارتن منا،حضرها أيضآ القنصل العام لدولة العراق في مشيغن،كما حضرها أكثر من ستونَ مواطنآ عراقيآ من الجالية الكلدانية السريانية الآشورية في مشيغن،بالإضافة الى ممثلين عن الأكراد واليزيديين،وكان المدعون من الأشخاص الذين لهم أهتمام كبير بالشأن العراقي،منهم سياسيين ورجال أعمال ومثقفين..الخ .في البداية تحدث السيد مارتن منا ورحب بالمحافظ والوفدً المرافق له،ثم تطرق في كلمتهِ الى المعاناة التي يعيشها المسيحيون في محافظة نينوى،ولا تزال بعض الكنائس مهدمة منذ زمن ( داعش ) والهجرة مستمرة من البلدات والقرى المسيحية في سهل نينوى..ألخ. ثم تحدث السيد المحافظ عن جملة من الحقائق والوقائع في المحافظة ولاسيما الأضرار والكوارث التي خلفتها ( منظمة داعش الأرهابية ) والتي لا تزال حاضرة في أذهاننا،كما تحدث عن الوضع الأمني المستتب في المحافظة،كذلك التطور الحاصل في البنية التحتية للمحافظة من المعامل والمستشفيات وغيرها،وذكر أيضآ بعض المعلومات حول الواقع القائم في أقضية سنجار ، تلعفر ،تلكيف ،والحمدانية، وفي الختام أكدَ بأنه يسعى لأن تكون إدارة البلدات المسيحية من النواحي والأقضية من قبل أبنائها ،كما أبدى رغبتهُ الشديدة في التعاون مع أبناء الجالية العراقية ودعوتهم لزيارة المحافظة والأستثمار فيها، وصرحَ بأنه سوف يشكل لجنة خاصة في المحافظة لتسهيل مهمة زيارة أبناء الجالية أثناء مرورهم في نقاط التفتيش وتأمين متطلباتهم ..الخ .بعد ذلك أجابَ وبكل رحابة الصدر عن الأسئلة العديدة التي قدمت له،وكانت الأجابات دقيقة وواقعية ومقنعة،ومن الأسئلة المهمة التي لم يستطيع الأجابة عليها، هو السؤال الذي طرحهٌ الخوري عمانوئيل من الكنيسة الشرقية الآشورية،حيث تطرق فيه الى المناهج الدراسية من الأبتدائية وحتى الجامعة ،لم يذكر فيها عن المكونات العراقية الأصيلة مثل المسيحين واليزيديين والصابئة وغيرهم وكأنما نحن لسنا عراقيين،وأن الأجيال الجديدة من الشعب العراقي سوف يشعرون بأننا غرباء في هذا البلد..!! فأجابَ قائلآ إن هذه القضية مرتبطة بسياسة الحكومة الأتحادية مع وزارة التربية،وأختتم الندوة السيد مارتن منا .
داود برنو

 

2
زيارة رئيس وزراء العراق الى الولايات المتحدة الأمريكية.
بتاريخ 18-4-2024 قام رئيس الوزراء العراق السيد محمد شياع السوداني والوفدً المرافق له بزيارة الى ولاية مشيغن ،وكان له برنامج حافل بِلقاء الجالية العراقية في ديترويت،فَعقدَ أول لقاء في مدينة ديربورن مع أبناء الجالية العراقية من العرب والكورد وآخرين، بدعوة من القنصلية العراقية في ولاية مشيغن،ودام اللقاء عدة ساعات،والقيت كلمات من قبل قنصل العراق في ولاية مشيغن،ورجل الدين الشيعي السيد القزويني،ثم تحدث السيد السوداني عن برنامج زيارته الى الولايات المتحدة وعن مستقبل العلاقات بين الدولتين،وأكدَ على دعمهِ للجالية العراقية في ولاية مشيغن،أمرَ بإفتتاح مدرسة عراقية في مدينة ديربورن التي يقطنها أكثر من مائة آلف عراقي من العرب (الشيعة)،وأن تكون تحت إشراف وزارة التربية العراقية،كما تحدثَ عن التقدم الحاصل في الوضع الأمني والخدمي في العراق،بالإضافة الى مشاريع  التنمية السريعة التي يشرف عليها وفي كافة المجالات والقطاعات.
كما أقيم حفل أستقبال للسيد رئيس الوزراء  من قبل أعضاء غرفة التجارة الكلدانية الأمريكية ( chamber of commerce ) التي يرأسها السيد مارتن فؤاد منا،وحضر أيضآ الكثير من الشخصيات الكلدانية تجاوزة عددهم ستمائة شخص (كنت من الحاضرين)،معظمهم رجال أعمال وأكاديميين،وحسب مصادر رسمية التي تصدرها المجلة الأقتصادية في ولاية مشيغن،إن هؤلاء الكلدان تقدر أموالهم بثمانية عشر مليار دولار مستثمرة في المشاريع الأقتصادية والعقارات في الولاية.
كذلك حضر الحفل بعض رجال الدين من الكنيسة الكلدانية والآشورية،وفي مقدمتهم راعي الأبرشية المطران فرنسيس قلابات،والمطران عمانوئيل شليطا راعي أبرشية كاليفورنيا وآخرون.
في تمام الساعة الثامنة والنصف مساءَ تقريبآ وصل موكب رئيس الوزراء الى النادي الكلداني (شانين دوا )(Shenandoah Country Club) وكان في أستقباله رجال الدين المسيحيين، ومسؤولي غرفة التجارة الكلدانية الأمريكية،في البداية قام بزيارة المتحف العراقي في بناية النادي،ثم توجهَ نحو القاعة وأستُقبِلَ من قبل الحاضرين بالتصفيق وبحفاوة بالغة،ثم بدأ برنامج الحفل بكلمة القاها رئيس غرفة التجارة ورئيس المؤسسة الكلدانية في ولاية مشيغن السيد مارتن منا،مرحبآ برئيس الوزراء،وقال إنه لحدثُ عظيم ولأول مرة في عصرنا الحاضر أن يزور رئيس وزراء العراق المؤسسة الكلدانية في ولاية مشيغن،وتحدثَ خلال كلمتهِ عن أملهِ بأن السيد السوداني هو رجل المرحلة القدير المؤهل لإدارتها، وهو الذي سوف يحقق ما نصبوا اليه من الحرية والعدالة والمساواة بين جميع المواطنين في العراق،وأضافَ قائلآ لقد ألتقيت به أكثر من مرة،وهو أفضل رئيس وزراء منذ سقوط النظام والى يومنا هذا،كما طالب في كلمته رئيس الوزراء بتطبيق المادة 125 من الدستور العراقي الدائم التي تضمن حقوق شعبنا المسيحي من (الكلدان،السريان،الآشوريين) في منطقة سهل نينوى، وفي المناطق المتنازع عليها بين حكومة بغداد وأربيل.
بعد ذلك القى راعي الأبرشية المطران فرنسيس قلابات كلمة قَيمةَ رحب فيها بالسيد السوداني أجملَ ترحيب،كما شكره لدوره المشرف في عودة البطريرك ساكو الى مقر عمله في بغداد،وأكدَ في كلمته أن الجالية الكلدانية تعتز بوطنها العراق وهي مخلصة له،وسوف نعمل كل ما بوسعنا لتعزيز العلاقة بين وطننا الأصلي العراق، وبين وطننا الثاني الولايات المتحدة الأمريكية،بعد ذلك تَفضلَ السيد رئيس الوزراء لألقاء كلمتهِ.
في البداية رحب بالحاضرين وشكرهم على حضورهم،وتعهد بأن يواصل عمله بكل جدً وإخلاص في سبيل تحقيق الحرية والعدالة والمساواة بين جميع العراقيين بغض النظر عن أنتمائهم الديني أو القومي أو غير ذلك،وأشادً مطولآ بموقف المسيحيين تاريخيآ في بناء العراق وتطورهِ وأزدهارهِ،وتَعهد بحماية حقوق جميع الأقليات من المسيحيين واليزيديين وغيرهم،ثم تطرق الى برنامج زيارته الى الولايات المتحدة الأمريكية...وقال إننا عملنا لشراكة دائمة مع الولايات المتحدة وفي الكثير من المجالات،ولكن هناك تباين في وجهات النظر من بعض القضايا، ولكن لم تمنعنا من تحقيق هذه الشراكة،وتطرق أيضآ الى القضية الفلسطينية وقال لا يمكن أن يستَتبً الأمن والأستقرار في منطقة الشرق الأوسط من دون أن تَحلً القضية الفلسطينية حلآ عادلآ وشاملآ في إقامة دولتهم المستقلة بموجب القرارات الصادرة من الأمم المتحدة ومجلس الأمن،ونحن موقفنا يختلف مع الولايات المتحدة الأمريكية بالنسبة الى القضية الفلسطينية.
بعد أنتهاء من كلمته بدأت فترة العشاء للحاضرين بمشاركة رئيس الوزراء والوفدً المرافق له،بعدها بقليل إنصرف الجميع.
في الختام.. نأمل من الدولة العميقة في بغداد، أن لا تكون معرقلة للإتفاقيات التي أبرمها رئيس وزراء العراق مع الجانب الأمريكي،لأنه قد تعودنا في العراق بعد سقوط النظام، بأن المسؤولين من رئيس الوزراء وآخرين كانوا يعقدون إتفاقيات تجارية ومشاريع أقتصادية مع دول الجوار ومنهم الأردن والسعودية ..وغيرهم، ثم يأتي رفض تلك الأتفاقيات من قبل جهات مجهولة الهوية ولم يتم التنفيذ لأي من تلك الأتفاقيات،أما إذا حدثَ الآن أيضآ ،فإن النظام في العراق سوف يفقد كامل مصداقيتهِ في المجتمع الدولي.
بالإضافة الى الدولة العميقة التي يجابهها السوداني،هناك تحدي آخر وهو، الفصائل المسلحة الخارجة عن أدارة الدولة،وهي صاحبة القرار في أي أشتباك مع العدو الصهيوني ومتى ما تشاء،وهي أيضآ التي تمتلك الأسلحة المتطورة ومنها الصواريخ والمسيرات،التي هي اقوى من سلاح الجيش العراقي والحشد الشعبي،وهنا نتسائل كيف يمكن للسوداني أن يدير العملية السياسية في هذه الظروف ومع هذه القوى الغير متجانسة فيما بينها،بالإضافة أن العلاقات لا تزال متوترة بين حكومة بغداد وحكومة أقليم كوردستان.في ضوء النقاط التي أستعرضناها يمكن أستنتاج نتيجة واضحة وهي أن السوداني لا بدً وأن ينسق مع أيران لأدارة العملية السياسية المعقدةَ وتداعياتها في العراق.
داود برنو


 

3
لمحات من سيرة حياة مثلث الرحمة مطران ألقوش الأسبق مار عبد الأحد صنا .
أرتأيت أعادة نشر هذه المقالة بمناسبة مرور ثلاثة وستون عامآ على تنصيبه راعي لأبرشية القوش، التي أستحدثت في  عام 1960،ولأهمية دور هذا المطران في المحافظة على القوش وأهاليها.توفي في بداية عام 2007 ولم يملك تكاليف الدفن،ولم تدفع الكنيسة في القوش أجور دفنه،بل تحَملَ البعض من التكاليف عائلة الياس خندي ،ربما أحدآ يقارن بينه وبين بعض من رجال الدين لهذا الزمان ،ولقد تم نشر هذه المقالة في موقع عينكاوا بتاريخ 5-4-2007 .
لقد فوجئت بنبأ وفاة المطران مار عبدالأحد صنا،وتفاجأ معي الكثيرين من أهالي القوش في الخارج،لأنه ما كان أحدآ يتوقع أن تنتهي حياته بهذه السرعة،بالرغم من أنه كان يعاني من بعض المشاكل الصحية خاصة في قدمهِ،لكنها لم تكن تشكل خطورة مباشرة على حياته،لقد كنت أتابع أخباره الصحية من خلال صديقي الأستاذ نجيب عيسى المقيم حاليآ في السويد،لكونه من أكثر المقربين له،وكان دائم الأتصال معه،وعلى أية حال إنها مشيئة الربً لا محالة،وهذا هو طريقنا جميعآ،لكن هناك من يترك فراغآ من الصعب جدآ ملئُه.
لا أدري من أين أبدأ بالكتابة عن هذا المطران الجليل،إنه كان يشكل تراثآ وتاريخآ ورمزآ لقصبة القوش،لقد كان جميع المسؤولين من الحكومات المتعاقبة في كل من الموصل وبغداد يعرفونه بهذا الأسم.إنه مطران القوش الذي التصقتً شخصيته بهذا الأسم وبالعكس،كان الجميع يعرفونه رجلآ شجاعآ صلبآ لم ينحني أمام أحدآ ،مهما كان موقعهُ وعَلا شأنه خلال حقبة زمنية تجاوزت الأربعينَ عامآ،كان دائمآ كان يفتخرُ لكونهُ راعي أبرشية ناحية القوش،هذه البلدة المشهورة التي كانت سابقآ تعتبر روما الثانية للمسيحيين في العراق، والتي يمتدً تاريخها الى أكثر من الفي عام ونيفً،لقد تم أختياره لهذه الأبرشية من قبل مثلث الرحمة البطريرك مار بولص شيخو،إنه حقآ كان يدرك منذ ذلك الحين أن هذا المطران سيكون الراعي الصالح والمناسب للبلدة التي أنجبته،كنا دائمآ نسمع من البطريرك شيخو لدى زيارته لأهلهِ في القوش وفي دير السيدة قائلآ،أنني إخترتُ لكم الأفضل من يدير هذه الأبرشية،لما يتمتع به من صفات تلائم طبيعة أهالي المنطقة،ولكونه ينحدر من قرية أرادن الحبيبة التي تتشابه طبيعة الحياة  فيها مع منطقة القوش.لقد أثبتتً التجارب العديدة وبالأدلة القاطعة صحة أختيار البطريرك شيخو.لقد كان هذا المطران المدافع الأمين لهذه البلدة وأهاليها في جميع الظروف وبأعتراف الجميع دون أستثناء،ولو أن البعض القليل جاء أعترافهم متأخرآ وهذا ما كنا نلمسه من أهالي القوش من خلال الممارسات اليومية،وخاصة بعد أحالتهِ على التقاعد وأصراره على أكمال ما تبقى من حياته في ربوع هذه البلدة التي أحتضنتهُ وأحتضنها أكثر من أربعون عامآ،في الوقت الذي كان بأمكانه العيش الرغيد في أميركا بين أهلهِ وأقربائهِ،وأن يتلقى العلاج بشكل أفضل وتكاليف أقل،لكنهُ أبى إلا أن يقضي حياتهُ في القوش،كما جاء في وصيتهِ التي تؤكدُ بأن يُدفنً في كنيسة هذه البلدة،وهذا دليل آخر على أن المطران فضَلَ هذه القرية على جميع بقاع الدنيا بما فيها قريته( أرادن ) مع أحترامنا الشديد لأهلها الطيبين،وهذا الموقف سوف يتركُ أثرآ بالغآ في نفوس أهالي القوش،وسينعكس بشكل أيجابي تجاههُ رحمهُ الله مما يعزز من عزمهم وتصميمهم الى تخليد هذا المطران.لقد تعرفت على سيرة المطران من خلال المرحوم الأستاذ حبيب شَدًا الذي كان مستشارآ له لفترة تزيد عن عشرينَ عامآ،وتلك الفترة كانت من أصعب الأيام التي أجتازتها القوش بسلام.
لقد كان المرحوم حبيب شَدًا قَدً دون تاريخ القوش منذ تموز عام 1958 وحتى عام 1992 وبدقة متناهية وبشكل نزيه ومحايد،كان للمطران دور رئيسي في حياة هذه البلدة،وكانت معظم الأحداث موثقة بشكل دقيق.لقد إطَلعًتُ على تلك الوثائق كامِلةً،بالرغم من أنه كان قدً سَجلَ ملاحظات على البعض منها بأنها لا تصلح للنشر بل تُحفظ بشكل محكم لأهميتها،مع الأسف الشديد أن الأستاذ حبيب توفي فجأةً في الأردن ولا نعرف لحد الآن ماذا حصل لتلك الوثائق والمذكرات، متأملين أن يتم نشرها في المستقبل القريب،يظهر جليآ من خلال تلك الوثائق كم من المرات تعرضت حياة المطران للخطر،وكم من رسائل التهديد أرسِلتً اليه ولا تزال محفوظة الى الآن.إن كل تلك المخاوف والتهديدات تَحَمَلها من أجل القوش (لم يتركها كغيرهِ من الذين تركوا الأبرشية بعد سقوط النظام )ولم يتَرددً يومآ في إتخاذ أي موقف يَصُبُ في مصلحة البلدة وأهاليها.
إن الظروف التي مَرتً بها القوش كانت قاهرة تَكَبدتً فيها خسائر فادحة بالأرواح والممتلكات،حيث زُجَ المئات من الأهالي في السجون،وقتل أكثر من ثلاثون فردآ من الأهالي خلال الفترة ما بين 1963 حتى 1988 جميعهم كانوا أبرياء لا علاقة لهم بالنزاع الذي كان دئرآ بين الحركة الكوردية من جِهة والحكومة العراقية من جهةِ أخرى،ولو لا القيادة الحكيمة للمطران، لحَصَلَ لهذه البلدة ما حصلَ للقرى المسيحية الأخرى في كوردستان،مثل آرادن ، مانكيش ، كاني ماسي...ألخ وغيرهم حيث هُجِروا الأهالي أما المنازل فتهدمت بقنابل السلطة الحاكمة،ولم تسلمً حتى الكنائس التي سُويتً مع الأرض،وتمت هذه العمليات بأشراف المجرم علي حسن المجيد ومعه الفرسان (الجحوش).
إن إدارة ناحية القوش صَعبً جدآ لما تتميز به عن غيرها من وضع معقد، حيث كانت تتكون الناحية من 63 قرية تقطنها قوميات مختلفة وأديان متعددة،منهم المسيحيين من الكلدان،والآشوريين،ومنهم اليزيديين،وكذلك الأكراد والعرب،ومن الأدلة على ذلك أن الحكومة عندما كانت تريد أن ترفع درجة مدير الناحية الى درجة القائم مقام،كانت ترسلهُ ليعمل مدير ناحية في القوش لأنها كانت تشكل أختبارآ له،ولاحظنا الكثير من الذين عملوا بنجاح في القوش كان لهم وظائف عليا في الدولة،ومنهم سيروان الجاف..الخ،وهكذا أيضآ بالنسبة الى رجال الدين فإن الأدارة لهذه الأبرشية صعب جدآ ولاسيما بسبب موقعها الجغرافي،أن المطران الجليل أثبت جدارته العالية في إدارة هذه الناحية وأقامَ شبكة واسعة من العلاقات الجيدة مع جميع الأطراف في المنطقة، بالرغم من الظروف الأستثنائية التي كانت تسود المنطقة بسبب الحركة الكردية،وهنا أودً الأشارة الى حادثة واحدة كُنتُ مُطَلعً عليها ربما لا يعرفها الكثيرون.
في أواسط عام 1974 كنت ضابط في قوات المغاوير برتبة ملازم أول،أشتركت مع المقدم أرشد زيباري قائد جحفل الفرسان في عملية عسكرية في منطقة عقرة تسمى (شوش وشرمن)وهي قرى تسكنها عشيرة الزيباريين،وبعد أن تم أحتلال سلسلة جبل باكرمان،أمضينا تلك الليلة سويةً في إحدى المغارات،ومن خلال الأحاديث سألني كيف تعرف اللغة الكردية،فقلت له أنا من القوش،فقال أنا في الحقيقة سمعت الكثير عن أهالي القوش،ثم سألني هل تعرف مطران القوش،قلت نعم،فقال بالحقيقة أنا مدين لهذا الرجل الطيب وأريد أن أردً الجميل له وأن أكرمهٌ ببعض الهدايا لاسيما أنني سأذهب الى لندن بعد عدة أيام ولمدة أسبوعين وبودي شراء بعض الهدايا له من بريطانيا ولا أعرف ما يلزمهُ رجل الدين المسيحي،فقلت له ما هي المناسبة،فقال قبل عدة سنوات قمنا بعملية تطهير جبل القوش من (العصاة) وكانت الأوامر الصادرة من مديرية الحركات العسكرية تنصً أيضآ على ملاحقة المطلوبين داخل قصبة القوش،وفجأةً زارني المطران منذ الصباح الباكر ومعه أثنين من الأهالي خارج القرية وسلمني ظرف فيه مبلغ من المال،فقلتُ له ما هذا!! أجابني ..هذه مصاريف الأكل والشرب والسكائر للمقاتلين،ولكن كل ما نطلبه منكم هو عدم الدخول الى القصبة حفاظآ على العوائل،ونعلمُ بوجود مفارز أستخبارات معكم ولديهم أسماء المطلوبين،فقام المطران بترضيتهم حيث كان عدد المقاتلين أكثر من 700 مسلح يضمُ عشائر الزيباريين،والهركية،والسورجية،وأكتفي بهذا القدر من الأيضاح،بعد فترة قمت بزيارة المطران وكان المقدم أرشدً فعلآ قدً قدمَ هدية الى المطران،ومن جهة أخرى لقد كان للمطران علاقة جيدة مع بعض المسؤولين من البيشمه ركة في المنطقة وفي مقدمتهم المسؤول العسكري لقضاء الشيخان وسهل نينوى السيد حسو ميرخان والسيد صالح نرمو وآخرين..كما كان المطران يعمل جاهدآ في مساعدة أهالي القوش من الذين تعرض ربُ العائلة أو أحدً أبنائه الى السجن دون تميز بين هذا وذاك وأحتفظ بأسماء عديدة لا داعي لذكرها.
 كتبنا ملف خاص حول أحداث الأنتفاضة في القوش التي بدأت في آذار عام 1991،لقد أبدعَ المطران في إدارة هذه القصبة أثناء المِحَنً، ومن خلال الظروف الصعبة التي عاشتها وخاصة أثناء الأنتفاضة،لقد كنت مرافقآ له منذ بداية الأحداث حتى نهايتها،ومُطَلعً على جميع تفاصيلها السرية والعلنية،لقد كانت تلك الأيام عصيبة وأجوائها رهيبة،في ذلك اليوم وصَلَتنا معلومات بأن رجال الأنتفاضة يزحفون نحو القوش قادمين من الشيخان،فخَلتً الشوارع والأزقة في القوش من المارة،وكل شئ في البلدة أصبحَ ساكنآ صامتآ،حيث أجتمعت العوائل والعشائر في بيوت محصنة،وهيأة سلاحها للدفاع عن نفسها لعدم وجود خطة عامة للدفاع عن القصبة،لأننا لم نكن نتوقع أن يكتسحوا قضاء الشيخان بهذه السرعة،وكان لأهالي القوش أكثر من 300 قطعة سلاح،بالأضافة الى حوالي مائة قطعة لحزب البعث كانت موزعة على الموظفين وبعض الأهالي،أما مسؤولي الحكومة في القوش تم الحفاظ عليهم لدى الأهالي ومنهم مدير الناحية ومأمور المركز وآخرين...أما الرجل الشجاع عبد يونس ختي تحفظ على مفرزة كاملة من الفرسان الأكراد في دارهِ،بالنسبة الى مسؤولي حزب البعث ومفرزة الأستخبارات بقيادة سفر حسن اليزيدي البالغ عددهم ما يقارب أربعون مقاتلآ قرروا المقاومة،وتحصنوا في بناية مقر فرقة الحزب،لقد حاول المطران معهم التخلي عن هذا القرار وترك الناحية ولكن دون جدوى،كانت المعلومات الواردة عن الأنتفاضة،أن المنتفضين أكتسحوا قضاء الشيخان وأحرقوا ودمروا كل ممتلكات الدولة،وهم في طريقهم بأتجاه ناحية القوش مشيآ على الأقدام،وفي الساعة العاشرة صباحآ جاء الي خادم المطران ألياس وهو مسرعآ يقول إن المطران يُريدكَ حالآ حالآ..،ولا يَبعدً داري عن المطرانية أكثر من مائة متر،ذهبتُ اليه حالآ وقابلت المطران وهو لوحده وفي حالة أرباك شديد يسير بخطوات مسرعة في باحة المطرانية والسيكارة لا تفارق يَدهُ،وقال لقد أرسلتُ أبو قيس (حبيب صادق شَدةَ)قبل ساعتين لكي نعرف القرار النهائي لمسؤولي حزب البعث هل سيقاتلون أم ينسحبون،لأن المعلومات الأخيرة التي وردتنا تقول أن المهاجمين يقدر عددهم بالمئات وبحوزتهم أسلحة متوسطة وثقيلة ولحدً الآن أستاذ حبيب لم يعود،والجميع ذهبوا الى عوائلهم وحتى رجال الدين لم يبقَ هنا أحدآ غيري،لقد كان بحوزتي بندقية كلاشنكوف وناظور عسكري،قلت له هَيا لنصعد الى سطح الكنيسة العالي ونراقب الأحداث من خلال الناظور لحين مجئ أبو قيس،شاهدنا أفواج من قوات الأنتفاضة يجتازون قرية بيبان (التي تبعد حوالي 7 كيلومتر) بأتجاه القوش،وكان المطر يهطل بغزارة مما أثقل كاهل المتقدمين أثناء سيرهم في الأراضي الزراعية،وبعد حوالي نصف ساعة،شاهدنا البعثيين وجماعتهم ينسحبون من مقرهم جنوبآ بمسافة كيلومتر واحد وبدأ الأشتباك بين الطرفين من مسافات بعيدة,ولم تمضي عشرون دقيقة حتى إنسحبوا البعثيين ،وكانت لهم عجلات مهيأة للهروب الى الموصل،بعد ذلك توجهوا المنتفضين نحو القوش وبدأوا بالإقتحام من الشرق والجنوب،طلب مني المطران أن أذهب وأستقبل مسؤولي الأنتفاضة ممثلآ عنه، وقال لولا هذا المطر الغزير لذهبت بنفسي لأستقبالهم،نزلنا من السطح وبقي المطران لوحدهِ بالكنيسة بعد أن أعطاني مظلته الشخصية،ومظلة أخرى أقدمها هدية الى مسؤولي الأنتفاضة لحمايتهم من المطر الغزير ،ولم نعرف من هو المسؤول عن الأنتفاضة،في تلك الأثناء جاءَ الى الكنيسة بعض من أعضاء مجلس الخورنة ومنهم بحو يونس صفار الموجود حاليآ في القوش ويوسف روفا،أمرهم المطران بأن يرافقونني ثم جاءَ أيضآ من محلة سينا الأستاذ يوسف عبو (زرقا) ورحيم كجوجا وعدد من الأشخاص،أرسل المطران رحيم كجوجة الى كل من جرجيس بولا،عوني حبيب أسمروا،كوريال بلو،سعيد موقا،لأهمية دورهم في هذه الظروف، ومن سوء الحظ جميعهم كانوا في الموصل،وإن الطريق بين الموصل والقوش إنقطع كليآ منذ الصباح الباكر،على أيةِ حال ذهبنا نحن الثلاثة لأستقبال قادة الأنتفاضة ونحن بدون سلاح،وعلى مسافة 500 متر شرق القوش ألتقينا مع قائد المجموعة المدعو خالد آغا جمانكي وتقدمت له بصفتي ممثل المطران وهؤلاء معي مساعدي المطران،فرحب بنا وعَرَفَ نفسه هو أيضآ،وأعطيتهُ المظلة،وأعطيتُ الأخرى الى شقيقهُ علي،وأستصحبناهم الى الكنيسة للقاء المطران،وكان عدد من المسلحين معه لحمايتهِ أما الآخرون أنتشروا في القصبة ،لدى وصولنا الكنيسة كان هناك مجموعة من الرجال وهم بالزي الألقوشي التقليدي واقفين أمام الكنيسة لأستقبال قادة الأنتفاضة،يتقدمهم حبيب صادق شَدًه ويوسف عبو (زرقا) ورحيم كجوجا وآخرون لم أتذكر أسمائهم،دخل خالد آغا الكنيسة ومعه حوالي خمسين  مسلحآ، وبعد أن صافحَ المطران بحرارة صرح وقال ،إنني أريد أن أصارحكم لكي لا أخجَلً أمامكم فيما بعد،وأضافَ قائلآ إن جماعة الأنتفاضة التابعين لي هم حوالي 150 مسلحآ أما الباقون والبالغ عددهم أكثر من خمسمائة مسلح لا أعرف من أين جاؤوا ولا أتحمل مسؤوليتهم،لأنهم جاؤوا للنهب والسلب فعليكم أن تتخذوا الأحتياطات اللازمة..ألخ،نادى المطران على حبيب شَدَه وقال له هل سمعتَ ما قالهُ؟أريدً تشكيل فريق خاص من الأهالي لمتابعة هذه المهمة،بعد الحديث الذي أجراهُ خالد آغا مع المطران خرج من الكنيسة وتم إسكانهم في بعض الدور التي تم إخلائها من قبل عناصر البعثيين،وقام حبيب شَدَه بمرافقة خالد آغا حتى الساعة الثامنة مساءَ للتنسيق معه،وبينَ له كيف أن أهالي القوش لا يؤيدون الحكومة والدليل على ذلك،إن الذين أشتبكوا معكم في القتال جنوب البلدة جميعهم من خارج القوش وهذه هي الحقيقة،عادَ أبو قيس الى المطرانية وجلبَ معهُ صورة كبيرة للبارزاني مصطفى وعُلِقَتً في قاعة الضيوف،وتم تقسيم الواجبات بين فريق العمل الذي كان يأخذ توجيهاته من المطران مباشرةً،وبدأ شباب القوش بتأمين الحراسات ليلآ لجميع أهالي القصبة،ولم يسمح لجماعة الأنتفاضة حتى المسير ليلآ في شوارع البلدة وأزقتها حيث كان الجميع مجهزين بالسلاح ويتمتعون بالمعنويات العالية الى هنا ينتهي اليوم الأول من الأنتفاضة.
لقد سيطروا جماعة الأنتفاضة على ناحية القوش مدة 17 يومآ، بعدها بيوم تقدمت فرقة من الجيش الى المنطقة،وكان مقر القيادة في قرية شرفية الآشورية التي تبعد عن القوش 4 كيلومتر الى الجنوب،وفجأةً أنسحبوا جماعات الأنتفاضة وبدأت المدفعية تقصف بعض الأهداف في محيط القوش،كانت الشظايا تصيب بعض الأهالي ومنهم شمعون بلو وعدد من النساء والأطفال،وبقيت القوش محاصرة لمدة أسبوعين،فُقِدتً المواد الغذائية من الأسواق المحلية،وكذلك أصبحنا نعاني من أزمة المياه والخدمات الأخرى كالكهرباء...ألخ.
قَررَ المطران بأن نقوم بعمل ما لأنهاء هذا الحصار الذي أصبح فوق طاقتنا،فقرر تشكيل وفدً برآسته لمقابلة قائد الفرقة في قرية الشرفية،ولكن واجهنا مشكلة أخرى وهي عدم تيسر البانزين للسيارة التي تقلنا،ونحن نناقش هذه المشكلة دخل علينا استاذ كريم يلدكو وتبرع بأن يشارك معنا في الوفدً مع سيارته،وفي اللحظات الأخيرة قبل مغادرتنا،إعترض عدد كبير من الوجهاء على تشكيلة الوفدً،وأقترحوا أن يذهب الخوري هرمز صنا رئيسآ للوفدً بدلآ من المطران خوفآ من مكروه قدً يحصل له لا سامح الله فتكون الكارثة كبيرة،عند ذلك من سيتبنى قضيتنا أمام الحكومة العراقية بعد حصول كل هذه الفوضى التي أدت الى حَرقً دوائر الدولة وسرقة ممتلكاتها والتجاوزات على البعض من الأهالي المؤيدين للنظام...ألخ
لا أحدً يستطيع حماية أهالي القوش من بطش الحكومة والسلطة بعدما أصابها كل هذه الخسائر المادية والمعنوية في غياب المطران.تمت الموافقة على التغير، بان يكون الوفدً برآسة الخوري هرمز وعضوية حبيب شَدًة،داود برنو،كريم يلدكو،جَلسَ حبيب شَدة في الأمام حاملآ بيده علم أبيض كبير يرفرف لإرسال إشارة الى ضابط المدفعية بأن العجلة تحمل المدنيين،لدى وصولنا سألنا عن القائد من رئيس أركان الفرقة العقيد الركن نجم الدين فقال إنه يصلي في باحَة الكنيسة إستغربنا من ذلك،فقال العقيد إن القائد فضلَ ألصلاة في باحة الكنيسة لأن المسلم الحقيقي يجب أن يعتبر الكنيسة من بيوت الله.بعدها التقينا مع القائد وقدم الخوري هرمز نفسه ممثلآ عن المطران،وتم مناقشة الحصار المفروض على القوش .. فقال،(إنني لا أعرف الى متى سيقى هذا الحصار لأن الخطة مركزية،ولكن لدَيَ أجتماع مع قائد الفيلق في سَدً صدام هذه الليلة ربما سأعلَمُ بذلك فيما بعد،ولكن على أية حال إنني أتوقع أن الحصار سيبقى بعض الوقت أي لعدة أيام وليس الأسابيع،وهكذا رجعنا الى القوش بدون أيةِ مشكلة،وتم إعلام المطران والدائرة المحيطة به بنتائج هذه الزيارة،وإنتهت الصعوبات والمشاكل مع قوات الأنتفاضة بسلام وكان للسيد عبد رزوقي دور مهم بذلك،ويعدها هَيأَ المطران فريق آخر ليواجه الحكومة عن ما حصل في القوش من تخريب في مؤسسات الدولة وحرق وإتلاف صور صدام في البلدة...ألخ .
إن كل ما تم سَردُه أعلاهُ لأبين للقارئ الكريم خطورة تلك المرحلة وظروفها الصعبة وكيف قادها وأشرف عليها المطران الشجاع والحكيم مار أبلحد صنا شخصيآ وبمعنويات عالية،إنني لم أتطرق الى الأحداث التي حصلت أثناء سيطرة جماعات الأنتفاضة في القوش،لأنها كثيرة ومؤلمة،خاصة قضية سلاح البعث، وإختفاء مدير الناحية وبعض الموظفين داخل القوش وقضايا أخرى ...
    داود برنو

4
قضية المضايقات المتكررة على أهالي القرى الآشورية في نهلة.
أنني لست غريبآ عن هذه القرى،لقد زرتها في بداية الستينات من القرن الماضي عندما كانت قوة الشهيد هرمز مالك جكو في المنطقة،كما زرتها قبل عدة سنوات والتقيت مع بعض الأخوان في الهيئة التدريسية،وزرت معهم معمل الراشي المشهور في المنطقة الذي يعمل بقوة الماء فقط،لذلك أجِدُ من الضروري أن أعبر عن رأي حول الموضوع.
ان العراق ليس البلد الوحيد في العالم الذي توجد فيه خصوصيات قومية ودينية،وتوجد فيه مذاهب وطوائف ضمن الأديان،ومن الصعب جدآ أن تجدُ بلدآ واحدآ بدون هذه الخصوصيات،كما يوجد هناك في دولة واحدة وضمن الدين الواحد قوميات متعددة، وهكذا هو شأن العالم،وجميع هذه القوميات تتمتع بحقوقها القومية والوطنية الى حدِ ما.أما في العراق اليوم تمارس هذه الخصوصيات بتَعَصُبٌ شديد، ويتم التصرف في أجوائها تاركآ دورهم الوطني والقومي والأنساني،وهذا التعصب في الخصوصيات تمنعهم من أن يتعاملوا مع الحياة ومع وحدة الشعب في أطارها الوطني الصحيح.
نحن كقومية آشورية تضم (الكلدان السريان الآثوريين)،نتصرف من منطلق وطني وأنساني بعيدآ عن التعصب القومي والطائفي،بعكس مما هو لدى الآخرين من مكونات الشعب العراقي وهذا ما نلمسه منهم،ونحن نطالب بحقوقنا القومية المشروعة منذ سقوط النظام أي منذ ما يقارب العشرين عامآ،ولكن لم نجدً هناك آذانآ صاغية لمطالبنا،أنما كنا نسمع من المسؤولين كلام جميل جدآ ووعود شفهية كثيرة ولكن من دون تنفيذ.
أن ما يجري بالقرى الآشورية الواقعة في (دشت نهلة) قضاء عقرة،هو أعتداء سافر على الناس الآمنين،بسبب التعصب القومي والديني،وأن حجج ومبررات هذا الأعتداء الأخير !!!وليس آخرآ،لا يصدقه العقل البشري،وعلى سبيل المثال،يدَعون.. بأن مقاتلي منظمة p.K.K. يحصلون على مواد غذائية وغيرها من أهالي هذه القرى التي لا تملك قوتآ لنفسها،وهذا أتهام باطل لا أحد يصدقه،وبنفس الوقت هو أهانة لهؤلاء الثوار الذين مضى على حركتهم أكثر من أربعين عامآ،ولهم أكثر من مائة ألف شهيد، ينظر اليهم كأنهم عصابة من بضع أشخاص يتسللون الى القرى والأرياف للحصول على قوت يومهم،بينما ينتمي الى هذه المنظمة (p.k.k) ويوآزرها ملايين من الشعب الكوردي المناضل،بما فيهم عشرات من أعضاء مجلس النواب التركي،ولهذه الحركة أموال تقدر بمئات الملايين من الدولار،وهذا بأعتراف عدوهم ..الحكومة التركية،ويملكون أسلحة متطورة حديثة،لاتملكها قوات البيشمه ركة في منطقة قضائَي عقرة وعمادية،ولو فرضنا أن تهريب المواد الغذائية يتم من تلك القرى،فهل من المعقول أن قوات البيشمه ركة ،وقوات الآسايش ،وتنظيمات الحزب في المنطقة، لا يستطيعون تأمين الحماية لعدد من القرى الصغيرة التي لا يتجاوز عدد نفوسها ألفي نسمة ،بالأضافة الى أن جغرافية المنطقة مسطحة بسيطة،لا تتجاوز مساحتها عشرون كيلو متر مربع ،وهذا أهانة للوحدات العسكرية المتواجدة في المنطقة،أنها حقآ كارثة،ولو أننا أردنا أن نصارح أنفسنا ونضع أيدينا على موضع الخلل الجوهري ولا يخفي على أحدٍ ذلك،أقول أن هذه المضايقات محصورة فقط بين أهالي ناحية باكرمان وهذه القرى ،ويبدو أن أهالي باكرمان لهم نفوذ سائد في المنطقة،وينتمون جميعهم الى عشيرة الزيباريين التي يرأسها هوشيار زيباري وأولاد أخيه ومنهم شمال زبير زيباري،ولكن لا أعتقد.. ولا يمكن للسيد هوشيار أن يؤيد أو يدعم هؤلاء المعتدين ولو أنهم من عشيرته،لأنه رجل دولة وأرفع من هذا المستوى،على أية حال أن هدف هذه المضايقات هو تهجير أهالي هذه القرى بشتى الوسائل من المنطقة،لأن هذه القرى غنية بالمياه الوفيرة العذبة،وبالأراضي الزراعية الخصبة ،وهذا هو السبب الرئيسي من هذه المعوقات والتجاوزات المتكررة،وأذا وجِِِدَ حلآ لهذه المشكلة اليوم،حتمآ سيبحثون غدآ عن سبب آخر لمشكلة جديدة،وهذا ما نلاحظه ونلمسه منذ سقوط النظام والى يومنا هذا،أن المشاكل في هذه المنطقة لم تنتهي ولن تنتهي.لأن مدينة باكرمانالواقعة على سفح جبل القريبة جدآ من هذه القرى،تفتقر الى المياه ولأراضي الزراعية الخصبة والمراعي،وهذا هو السبب الرئيسي في خلق هذه المشاكل وغيرها.
أنني واثق بأن القيادة السياسية في الأقليم لا عِلمَ لها بما يحصل من مشاكل في هذه المنطقة،ولا أعتقد يسمحون بذلك،ونطالب ممثلي شعبنا في برلمان أقليم كوردسان وفي الحكومة، بعرض الموضوع أمام رئيس الحكومة السيد مسرور البارزاني،وهو الذي وعدَ وفدآ من أبناء شعبنا لدى لقائه معهم أثناء  زيارته الى واشنطن قبل عدة أسابيع،تعهد لهم  بتحقيق الحق والعدالة بين المتخاصمين في الأقليم دون تميز .وسوف يضع حدآ لهذه التجاوزات المتكررة.
من القضايا التي سيظل الأنسان يعدها قضية مهمة جدآ،جليلةَ القَدرِ رفيعة الشَأنِ في حياتهِ هي قضية الأرض والوطن، ومرجع ذلك أن هذه القضية تؤثر بشكل مباشر على حياة ومصير الأنسان نفسه ،ونلاحظ هذه الأيام الحرب الطاحنة في غزة وسببها أيضآ الخلافات على الأرض والوطن.

داود برنو
18/3/2024

5
لقاء مع رئيس حكومة أقليم كوردستان.
بدعوى من ممثل حكومة أقليم كوردستان في واشنطن،ألتقى وفدً من أبناء شعبنا (الكلداني السرياني الآشوري)،برآسة ألسيد مارتن منا، مع رئيس وزراء الأقليم السيد مسرور البارزاني والوفد المرافق له،وتضمنت المحادثات عدة مواضيع،منها حول كيفية تطبيق المادة 125 من الدستور العراقي الدائم،التي تنص على منح الكلدان والآشوريين الحقوق الأدارية والثقافية في مناطقهم في محافظة نينوى،كذلك تم بحث قرار المحكمة الأتحادية الذي ألغيَ بموجبه نظام (الكوتا) في أنتخابات برلمان أقليم كوردستان،التي هي خمسة مقاعد للمسيحيين وخمسة للتركمان واحد للأرمن،ثم ناقش المجتمعون موضوع التجاوزات على القرى والأراضي العائدة للمسيحيين في الأقليم من قبل بعض المتنفذين الأكراد، وتم مناقشة مواضيع أخرى متفرقة ...ألخ
وتعهد السيد مسرور البارزاني بأتخاذ الأجراءات اللازمة لتحقيق الحق والعدالة بين جميع الموطنين في كوردستان دون تميز ،كما أبدى رغبته في مساعدتنا في تطبيق المادة 125 من الدستور الدائم لدى الحكومة العراقية، وحَلً قضية ( الكوتا ) لصالح شعبنا في الأنتخابات القادمة بصيغة جديدة،والتي ستجري في 10-6-2024 في أقليم كوردستان.
في الحقيقة أن مثل هذه اللقاءات تتكرر في كل سنة ولكن دون جدوى،ربما لأنها تكون مع مسؤولين من الدرجة الثانية، يأتون من الأقليم لزيارة الولايات المتحدة،ويعقدون ندوات ولقاءات عديدة، أما هذه المرة أنها تختلف عن سابقاتها، لأن اللقاء تم مع رئيس السلطة التنفيذية في الأقليم،وله كافة الصلاحيات، ولهذا نعَولً عليه في حَلً جميع المشاكل العالقة بين أبناء شعبنا ،وبعض المتنفذين في حكومة الأقليم. على أية حال، أن هذه التجاوزات قسم كبير منها تم في عهد النظام السابق وتراكمت الى درجة من الصعب جدآ أيجاد حلول آنية لها،ولكن يمكن أيجاد حَلً لها في المستقبل. أن هذا اللقاء جاءَ في ظروف صعبة يمر بها العراق والمنطقة،بسبب الحرب الدائرة في غزة وأنعكاساتها على دول المنطقة،ولاسيما دول التي لها أذرع مسلحة تابعة لأيران،كما أن المشاكل الداخلية بين المركز والأقليم تتفاقم يومآ بعد آخر، وتتطورت الى مرحلة خطيرة،بحيث تم أطلاق صواريخ على أربيل قبل فترة من قبل أيران،أدى الى أستشهاد عدد من الأبرياء،كما أن العلاقات بين الديمقراطي الكوردستاني،والأتحاد الوطني الكوردستاني متوترة بسبب الخلافات والصراعات بينهم، ونحن أصبحنا ضحية لتلك الصراعات التي أدَتً الى الغاء الكوتا لأعضاء البرلمان في الأقليم.
وفي سياق المشهد العام ،أن الفصائل المسلحة الخارجة عن القانون في العراق، يزداد نفوذها يومآ بعد يوم،ويفرضون سلطتهم بالقوة على الدولة والحكومة،ويتمددون في كافة مفاصل الدولة ،وخاصة في التعليم والأقتصاد،وهم يسعون لتطبيق نظام أسلامي وفق شريعة ولاية الفقيه في العراق، كما هو في أيران،ونحن مسيحيين أهل الذمة عندهم، لا مكان لنا في هذا البلد، في ظل نظام الشريعة الأسلامية،وهذه العملية تجري على قدم وساق، وسوف يتحقق هذا الشئ قريبآ، بعد أنسحاب قوات التحالف من العراق، بالنسبة للسنة في المحافظات الغربية،أنهم يطالبون بأقليم سني،يضم المحافظات نينوى،الأنبار،صلاح الدين. وأن العراق سيصبح بلد أسلامي خالٍ من المكونات غير المسلمة،ويطبق فيه الشريعة الأسلامية التي تنسجم مع النظام القائم في أيران،ولم يبقَ العراق كبلد عربي جزء من الأمة العربية، كما كان ذلك في السابق. أما عراق اليوم فلم يبقى منه سوى أقليم كوردستان، وعلينا التعامل معه لكي نضمن بقاء وجودنا فيه، أننا لا بدً أن نعمل مع حكومات الدول التي نعيش فيها،ومع المجتمع الدولي (منظمات الأمم المتحدة) لمعالجة الخطر القائم الذي سيواجهنا قريبآ وقبل فوات ألآوان،ونطالبهم في بذل أقصى الجهود للضغط على الحكومة العراقية من أجل تطبيق المادة 125 من الدستور ،وأستحداث محافظة سهل نينوى لتثبيت كياننا فيه،ونطالب حكومة الأقليم أيضآ بتطبيق المادة 35 من مسودة الدستور المؤقت لأقليم كوردستان.
كما على منظماتنا وأحزابنا ومؤسساتنا الثقافية في الداخل والخارج وغيرها من الشخصيات...ألخ،أنتخاب هيئة أو مجلس أعلى يمثل الجميع ليكون بمثابة مرجعية لنا جميعآ ،ويكون الممثل الشرعي الوحيد لشعبنا في المحافل الدولية وأمام الحكومة العراقية وحكومة أقليم كوردستان.
أن كوردستان الآن هي الملاذ الآمن لكافة المكونات القومية والدينية العراقية، بسبب القيادة التاريخية الحكيمة والشجاعة لزعيم كوردستان السيد مسعود البارزاني وأسرته،ومن مقتضيات الوضع الراهن،التعاون بٍِجدً وأخلاص وفي كافة المجالات مع هذه القيادة الحالية، المخلصة لشعبها ووطنها،لأن أعداء الحرية والديمقراطية في كوردستان من الأسلاميين المتشددين،والقوميين المتعصبين كثيرين جدآ،ولولا هذه القيادة الحكيمة لما بقيَ مسيحي أو يزيدي في كوردستان ،لأن تجربتنا معهم طويلة ومريرة،ولم ننسى تصريح زعيم الأتحاد الوطني الكوردستاني قبل سنوات،الملا بختيار، عندما قال (أن المسيحيين واليزيديين مقيمين في كوردستان)  يعني بأمكانه طردهم متى ما يشاء،كذلك نتذكر دائمآ الهجوم الذي قام به الأسلاميين الأكراد المتشددين عام 2012 على محلات المشروبات المجازة من قبل حكومة الأقليم، والعائدة للمسيحيين واليزيديين في محافظة دهوك ،ومدينة زاخو، بعد خطبة الجمعة التي القاها الأمام في جامع ناحية سميل،ودعا فيها الى حرق محلات الخمور والمساجات في المنطقة،وكل هذه الجرائم أرتكبت وهم خارج الحكم،فماذا سيعملون بنا لو أستلموا الحكم !!،هذا هو الواقع الذي نعيشه،وأخيرآ ،أدعوا السيد مسرور البارزاني بتنفيذ وعدُهُ في تلبية مطالبنا.
   داود برنو

6
دور الضباط المسيحيين في القوات المسلحة العراقية

بقلم : فريق أول ركن متقاعد منذر ميخائيل نعلو.

بعد الله والأنبياء كنا بك في الشدائد نستعين  . أيا جيشآ حَميتَ أرض العراق ولم تستكين .
لك صولات وجولات معروفة للأعداء والمحبين  . نُحَييكٌ بعيد ميلادك الثانية بعد المائة .
ولنا شرف الأنتماء لك ، ونحن بك فخورين  .       كنت للأمة رمزآ لأنك كنت خير معين .
بمناسبة الذكرى الثالثة بعد المائة، عيد تأسيس الجيش العراقي العظيم،المصادف في السادس من كانون الثاني عام 2024 ، أثرت على نفسي أن لا تمر هذه الذكرى دون أن نعطي هذا الجيش بمنتسبيه من الضباط بشكل عام حقهم ، وبشكل خاص الضباط المسيحيون ،وتعريف أسمائهم لأخواننا في العراق والمهجر،فهؤلاء مع جميع ضباط القوات ألمسلحة العراقية يستحقون أن تكتب أسمائهم بحروف بارزة في ذاكرة تاريخ الحضارة العراقية، لقد تأسس الجيش العراقي في 6 كانون الثاني عام 1921،من قبل نخبة من الضباط العراقيين ألذين تم تأهيلهم كضباط في الجيش العثماني في أستانبول - تركيا،أمثال اللواء الركن نوري السعيد،ألذي تقلد منصب أول رئيس أركان للجيش العراقي، كذلك عديلهِ الفريق الركن جعفر العسكري ،الذي شغل منصب أول وزير دفاع في الجيش العراقي ، أخذ الجيش بتوسيع وحداته وتشكيلاته العسكرية،بعد أن شرع بتأسيس المدرسة العسكرية والتي أصبحت لاحقآ بالكلية العسكرية، ورافق ذلك تشكيل ( كلية الأركان ، كلية القيادة ، كلية الحرب ، كلية الدفاع الوطني ).
حيث كانت هذه الأكاديميات ترفدُ الجيش العراقي بالقادة والآمرين الذين تبؤا  مناصب القيادة والأركان ،وبرز منهم العديد من الضباط الأكفاء كقادة في الميدان ،والآخرين برزوا كأساتذة في الكليات والمعاهد العسكرية ...ألا أنه ومع الأسف الشديد لم يَشُر يومآ في وسائل الأعلام المختلفة بأن هناك ضباط لامعين وقامات كبيرة من المكون المسيحي (الكلدان السريان الآشوريين)، معظمهم خريجوا الكليات العسكرية، والأركان ،والقوة الجوية ،والبحرية، وبمختلف صنوف القوات المسلحة، الذين ساهموا مساهمة فعالة في نهضة وتطور الجيش والقوات المسلحة العراقية ،ومنذ بداياته حيث كان لهم دور تاريخي وحضاري في الدفاع عن وطننا العراق العظيم.
لقد وَددَتُ أن أسجل للتاريخ ولأخواني في داخل وخارج العراق، أن يتعرفوا ولو بالأسماء على نخبة من الذين أعرفهم  وليس الكل من ضباطنا المجهولين،الذين ساهموا بكل أخلاص وتفاني في خدمة العراق والقوات المسلحة العراقية طيلة سنين طويلة ،وقد حاولت أن أسلط الضوء على أسماء أكثر ،ألا أنني أشرت على الأسماء التالية بقدر معرفتي بمعظمهم شخصيآ،وأنا على ثقة تامة بأن هناك عدد آخر منهم لم أتطرق لهم ،لعدم حصولي على معلومات دقيقة عنهم، وأيضآ هناك عدد آخر من الضباط ممن خدموا كفنيين وأداريين لا تحضرني أسمائهم ،فعذرآ لهم جميعآ ....
وبهذه المناسبة الوطنية ندعو من الله القدير الرحمة لكل الضباط المتوفين،وشهداء القوات المسلحة العراقية بشكل عام،والذين ستبقى أسمائهم وأعمالهم منبرآ للأجيال القادمة، والصحة والعمر المديد للضباط الأحياء منهم آمين...
أدناه أسماء الضباط المسيحيين في القوات المسلحة العراقية.
التسلسل :  الرتبة        الأسم
1-           عميد            أفرام هندو الجزراوي ( متوفي )
2-        عميد ركن          أنيس وزير              (متوفي)
3-        لواء                  عادل سليمان         (متوفي)
4-     المقدم                 قيصر هرمز             (متوفي)
5-     المقدم                يوخانس مالك خمو     (متوفي)
6-     العقيد                يوسف هرمز                ((متوفي)
7-    المقدم                شليمون ميخائيل           (متوفي)
8-   الرائد                   يوسف منصور جموعة       (متوفي)
9-  الرائد                    الياس عبد الله                 (متوفي)
10-  الرائد                 داود صبري سلمان            (متوفي)
11-  لواء طبيب        فهمي الجزراوي                  (متوفي)
12- لواء طبيب         مظفر حبوش
13- لواء طبيب         جمال حبوش
14- عميد                 يونس شليمون                      (متوفي)
15- عميد طيار           خالد سارة                             (متوفي)
16- لواء                     جليل الجزراوي                      (متوفي)
17- عقيد ركن             غانم سليم
18- عقيد طيار            عصام دويشا
19- عقيد                   داود نعمو سافايا
20- المقدم                 أبراهيم سمرجي
21- المقدم                 أسماعيل هرمز
22- مقدم ركن             يعقوبيوسف تيلا
23- المقدم                 موسى برصوم
24- فريق أول ركن       منذر ميخائيل نعلو
25- لواء ركن طيار        كوركيس هرمز سادة
26- لواء طبيب             صباح ميخائيل يعقوب
27- عميد                     حنا يونان حنا
28- لواء                        يوسف جبرائيل جبري
29- عميد                      سعد وديع سعيد
30- عميد                      أنور بطرس جزراوي
31- لواء ركن                  عدنان أديب رسام
32- عميد                      شوقي كامل رفو
33- لواء                         غازي خضر عزيزة
34- لواء ركن بحري           فاتح عبدالأحد أنطوان
35- لواء ركن                   سالم توما
36- لواء ركن                    موفق شابا رفو
37- العميد                       داود برنو
38- العميد                       أيشا خوشابا القصراني
39- المقدم                       داود سلمان منصور
40- العميد                         لطيف سافايا
41- عميد                           ماهر موسى برصوم
42- عميد                           فؤاد عيسى
43- عقيد طيار                      زهير فرنسيس
44- عقيد                              فوزي داود
45- عقيد                               وليد ناصر يوسف
46- عقيد                                 خالد وديع حبابة
47- عميد طبيب                         سمير أبونا
48- عميد مهندس                       جميل حنا
49- عميد مهندس                       سمير عزيز داود
50- عقيد طبيب                           عدنان سرسم
51- عميد طبيب بيطري                   زهير عبد الحميد جرجيس 
52- عميد طبيب بيطري                     فريد دانيال كساب
53- عقيد طبيب بيطري                       فاضل جرجيس
54- عقيد                                           زكريا سطام
55- عقيد                                          حنا قاشات
56- عقيد                                          توماس بهورا
57- عميد طبيب                                عبد المنعم وديع منصور
58- عميد مهندس                             فاروق طوانا
59- عميد مهندس                              سعدي يوسف قيتي
60- عقيد                                          عبد الوهاب سافايا
61- عميد                                          همام سرسم
61- عقيد بحري                                  عصام جولاغ
62- مقدم طبيب                                أبراهيم يوسف عبيا
63- مقدم                                         فكرت توما عبد الأحد
64-   المقدم                                      موسى الجزراوي     
65- مقدم                                          عبد الكريم الجزراوي
66- الرائد                                          غزوان ناصر يوسف
67- رائد مهندس                                رغد زكريا سطام
68- رائد                                            عصام جميل بقال
69- رائد                                             مهند شمعون
70- لواء طبيب                                   نبيل المختار
71- لواء طبيب                                   نبيل أبراهيم
72- عميد                                           أسعد متي عقراوي
73- عميد                                           يوسف كدادي
74- عميد طبيب                                نجيب يوسف أبونا
75- عميد                                         عبد الجبار عبدولي
76- عميد                                         متي عيسى
77- عميد طبيب                               فريد نيسان
78- عميد طبيب                              قيصر يوسف
79- عميد                                        ساوا عيسى
80- عميد                                       بهنام عبوش
81- عميد                                       سعد وديع منصور
82- عميد مهندس                           بهنام كليدار
83- عميد مهندس                           حكمت ناصر أسكندر
84- عقيد                                        يوسف مالك خوشابا
85- عقيد                                         بولص يوسف خوشابا
86- عقيد                                          بهنام الحسن
87- المقدم                                        هرمز بطرس
88- رائد                                             دنخا خوشابا
89- مقدم                                            جبار الحسيني
90- نقيب طيار                                    كمال داود
91- نقيب طيار                                    باسل فرنسيس رومايا
92- نقيب                                           يوسف منصور قينايا
93- المقدم                                          عزيز عيسى أسمرو
94- نقيب طبيب                                  دريد يوسف جيقا
95- نقيب طيار                                     زهير ربان ( شهيد )
96- نقيب بحري                                    غالي سلمان تلو
97- نقيب                                             مشعل شمعون سفر
98- نقيب                                            صبري بطرس بوتاني
99- نقيب                                            حنا خضر حنا
100- نقيب                                          سليمان بهنام
101- مقدم                                          منير عبودي
102- نقيب                                         فريد بهجت
103- نقيب طيار                                   عمانوئيل شليمون (شهيد)
104- عقيد                                             منصور شليمون (شقيق عمانوئيل)
105- عميد                                             أفرام خضر
106- مقدم                                             حازم مبارك
107- عميد                                              مناضل لويس يوسف نعمة
108- عميد                                              يعقوب كرومي حنا
109- عميد                                              عبد المسيح بباوي
110- مقدم                                              فاضل سعيد جبو
111- لواء ركن                                         صبري موسى أسحاق
112- عميد                                             يونان يوسف قاشا
113- عميد مهندس                                 فرج يوسف قاشا
114- رائد                                                موفق أبراهيم عطاالله
115- مقدم                                             وديع حنا الكاتب
116- نقيب مهندس                                زهير سالم
117- نقيب مهندس                                طارق متوكا
118- نقيب مهندس                                 ساهر سعيد
119- نقيب                                             جرجيس بطرس شمعون (شهيد)
120- رائد                                                 يعقوب لالو جحولا
121- عقيد طبيب                                     حبيب قرياقوس البنا
122- لواء                                                أيليا بطرس شمعون
123- مقدم                                             ميخائيل صليوا دعبول
124- مقدم مهندس                                 ألياس نعمة
125- عميد طبيب                                    صباح ميخائيل قيا
126- عقيد ركن                                        أمجد رحيم صنا
127- عميد                                               همام سرسم
128- النقيب                                           رياض مانوئيل حنا
129- العقيد                                             أنويا شليمون
130- عميد مظلي                                      شليمون بكو
131- عقيد خيال                                        يوسف فؤاد لموزة
132- عميد طيار                                        عمانوئيل عشو
133- عميد                                               أدور بحودة
134- العقيد                                             سلمان نعمي
135- عميد مهندس                                  بارع نافع ساعور
136- عميد                                              عزيز الخوري الياس البعشيقي
137- العقيد                                            فخري صفو النعيمي 
بعد الحديث مع صديقي العزيز الفريق الركن الأول منذر نعلو ( أبو نعمان ) الموجود حاليآ في بغداد، وجدنا من المستحسن أتمامآ للفائدة نعيد نشر القائمة بأسماء الضباط المسيحيين بمناسبة ذكرى تأسيس الجيش العراقي الباسل،وتم أضافة أسماء جديدة للقائمة السابقة لم نكن نعرفها، ولكن تعرفنا عليهم من خلال أقربائهم ،وهناك الكثير من الضباط لا نعرف عنهم شيئآ،ولكن لو قارَنا بين وضع المسيحيين الآن !! ،مع وضعهم في العهود السابقة ....الخ ،النتيجة تشير الى أقصاء وتهجير شعبنا من العراق وفق مخطط دقيق مرسوم له ويجري تنفيذه على مراحل.
                                                                                                                                   
العميد المتقاعد : داود برنو
David Barno

7
زيارة البطريرك مار أيشايا شمعون الى العراق عام 1972.
لقد تنوعت الآراء في تحديد السبب الرئيسي الذي أدى الى هذه الزيارة،فالبعض أعتبرها زيارة رعوية دينية لتفقد أوضاع الكنيسة الآشورية وأبرشياتها في العراق،والبعض الآخر أعتبرها زيارة ذات أبعاد سياسية وقومية،وحصل أنقسام بين من يؤيد هذا الرأي من جانب،ومن يرفضه من الجانب الآخر،وسأكتب الآن حول هذا الموضوع كشاهد، وبقدر ما يتعلق الأمر بي،أي ما أكتبه لم يشمل برنامج الزيارة بأكملهِ وأنما جزءً منهُ،ربما هناك من ينتقدني لأثارة هذه المواضيع،ولكن هناك أيضآ من يدعو الى تسليط الضوء عليها ليكون شعبنا على بينة من حقائق التاريخ ،أنني هنا أسًردُ الحقائق  للتاريخ فقط،وليس غير ذلك، للأستفادة من دروس الماضي وعبرهٌ.
قبل موعد الزيارة كنت في بغداد والتقيت مع الصديق المقدم شليمون بكو وأخبرني بأن البطريرك سيزور العراق قريبآ بدعوة من الحكومة العراقية،وطلب أن أشارك معهم في مراسيم الأستقبال،ولكن أعتذرت لعدم تيسر الوقت،حيث كنت ضابط في فق4،وحدتي العسكرية كانت في سنجار،وعائلتي في ناحية القوش،وكنت آنذاك في دورة تدريبية لمدة ثلاث أشهر في معسكر الغزلاني بالموصل،فقال أذن من الضروري جدآ أن تكون موجود معنا لدى وصولنا الى الموصل.

في تلك الأيام أستدعاني مطران القوش المرحوم مار أبلحد صنا الى المطرانية، عندما دَخَلتٌ غرفة الأستقبال،وجدت حوالي عشرة أشخاص من وجهاء القوش في القاعة،وبدأ المطران يتحدث عن الموضوع وهو ليس كعادته دائمآ،وقال تلقت بلدتنا القوش خمس بطاقات دعوة شرف من رئاسة الكنيسة الشرقية، لحضور مراسيم الأستقبال غدآ لبطريرك الآشوريين مار أيشايا شمعون في الموصل القادم من أميركا،ولكن تبلغنا من قبل مسؤول حزب البارت في المنطقة، بأنه ممنوع مشاركة المسيحين في هذه المناسبة ،ولقد أقيمت عدة سيطرات في الطريق لمنع المواطنين من الذهاب الى الموصل غدآ .
وهنا لا بدً من الأشارة الى النشاط الذي قام به الحزب الديمقراطي الكردستاني في تلك الفترة.المصدر ،
(كتاب الحركة التحررية الكوردية - مواقف وآراء - ص108 المؤلف علي سنجاري عضو المكتب السياسي للحزب الديمقراطي الكوردستاني ،مسؤول فرع الأول للحزب في محافظة دهوك - منطقة بهدينان )
لقد أرسلت قيادة الحزب قوة مسلحة متكونة من ما يقارب ثلاثون مقاتلآ معظمهم من الآشوريين ،بقيادة السيد كوركيس مالك جكو،ومعه مسؤول الفرع الأول لحزب البارت السيد علي سنجاري،قاموا بزيارة جميع القرى والبلدات المسيحية في منطقة الحكم الذاتي، وكذلك منطقة سهل نينوى،بناءً على طلب من المكتب السياسي،لتفقد أحوالهم وحَلً مشاكلهم من التجاوزات عليهم، حسب ما يدعي كوركيس مالك جكو الذي كان يمثل المسيحيين في الحركة الكوردية،وأن جميع شكاوا القرى المسيحية كانت تقدم له،وكان السيد كوركيس مقرب جدآ من الزعيم الكوردي المرحوم مصطفى البارزاني، وأثناء الزيارة تم التحقيق في كافة القضايا، ثم تم توزيع الأسلحة ( غدارة ) على بعض الحزبين منهم ،كما تم مساعدة البعض الآخر ماديآ،وعقدت عدة أجتماعات  وندوات في تلك القرى وبحضور رجال الدين المسيحيين في المنطقة، ولاسيما في منطقة قضاء زاخو،كان يتحدث فيها السيد سنجاري عن (توصيات المغفور له مصطفى البارزاني ،بأن المسيحيين هم أخوة للأكراد وهم شركاء معنا في هذه الأرض منذ مئات السنين،ولا فرق بين الكردي والمسيحي أنهم متساوون في الحقوق والواجبات،ولا نقبل بالأعتداء عليهم مهما كان السبب )،ولكن أنتبهوا بأن هناك من يحاول خلق الفتنة بين المسيحيين والأكراد،وهؤلاء هم جهات معينة في الحكومة العراقية،من خلال دعوة رجل دين من أميركا لخلق الفتنة بيننا،بالرغم من وجود أتفاقية 11 آذار عام 1970 بيننا وبين الحكومة،وكان أيضآ السيد كوركيس مالك جكو يشاركه في الحديث ويطلب من الحاضرين أبداء رأيهم بصراحة، وعرض مشاكلهم دون خوف من أحد.
والآن نعود الى موضوعنا في المطرانية، قرر المطران تلبية الدعوة وحضور هذه المناسبة مهما ترتب عليها من نتائج،بعد مناقشة الموضوع مع الحاضرين،تقرر أن يحضر ثلاث أشخاص فقط لهذه المناسبة،وهم المطران عبد الأحد، والمختار زورا حيدو، وأنا ،المطران يذهب الى الموصل عن طريق الشيخان،والمختار ذهب مع أبنه صاحب لوري قلاب ينقل الحصو والرمل من نهر دجلة  الساعة الرابعة صباحآ ،وأنا أرتديت ألزي العسكري لألتحق بوحدتي في معسكر الغزلاني، ولم يستطيعون منعي من ذلك، وأتفقنا على أن يكون اللقاء الساعة التاسعة صباحآ في المطرانية بالموصل،ومن هناك ذهبنا الى الكنيسة الآشورية في محلة الدواسة،ثم التحقنا بالموكب الذي كان يضم محافظ الموصل ورؤساء الدوائر وبعض أعضاء فرع لحزب البعث ..ألخ.
وسارَ الموكب بأتجاه طريق بغداد الى مسافة قريبة من  الحضر ثم توقف هناك،تأخر موكب البطريرك أكثر من نصف ساعة،أتصل المحافظ مع المسؤول الحكومي الذي يرافق الموكب، يسأله عن سبب التأخير المفاجئ،فقال أن أهالي تكريت وشيوخها قطعوا الطريق وطلبوا من البطريرك زيارة الكنيسة الخضراء في تكريت،وذهب البطريرك الى الكنيسة وصلى فيها ،ثم واصل الموكب طريقه الى الموصل وسارَ الجميع الى كنيسة العذراء مريم في الدواسة.
القي البطريرك خطابه باللغة الآشورية،وتم ترجمته الى العربية،وكان أيضآ بعض روؤساء العشائر الكردية (المستشارين) قد حضروا الى الكنيسة، بالأضافة الى جمع غفير من المؤمنين الآشوريين،وفي المساء حضر البطريرك دعوة عشاء أقامها له السيد رئيس هومي (أبو سركون) من أرادن في داره في محلة الدواسة،وفي تلك الأثناء دار حديث بيني وبين السيد شليمون بكو حول برنامج الزيارة وأبعادها ...ألخ ،وفي اليوم التالي،أبدى البطريرك رغبته الشديدة لزيارة محافظة دهوك ( نوهدرا )والقرى الآشورية التابعة لها ،أتصل محافظ الموصل مع محافظ دهوك هاشم عقراوي وأخبره برغبة البطريرك زيارة المحافظة، ولكن الأخير رفض الطلب، وقال نحن لا نضمن سلامته وأذا جاءَ أنتم تتحملون المسؤولية،ولهذا لم تتم الزيارة.
قبل موعد سفر البطريرك الى أميركا،سافرت الى بغداد للقاء السيد شليمون بكو بصفته سكرتير البطريرك،لمتابعة بعض الأمور التي تحدثنا عنها أثناء لقائنا في الموصل،وفي تلك الأيام حصل اللقاء الأخير بين البطريرك والحكومة،وحضر اللقاء الرئيس أحمد حسن البكر،وصدام حسين،وسعدون غيدان(مسؤول مكتب شؤون الشمال)والسيد وزير الدفاع،من الجانب الآخر حضر البطريرك ومعه المطران زكا عيواص فقط (مطران السريان الأرثذوكس)ليقوم بالترجمة الحرفية بين الطرفين،وحسب ما يقول المطران زكا حول الأجتماع،وأنا قابلته شخصيآ،
< لقد كانت خارطة كبيرة ومجسمة للمنطقة الشمالية معلقة على الحائط في قاعة الأجتماع،وبدأ وزير الدفاع بشرح مفصل عن جغرافية المنطقة والقرى الآشورية الموجودة فيها ...ألخ،وفي النهاية طلبوا من البطريرك أن يساهم مع الآخرين من روؤساء العشائر الكوردية في خلق الأمن والأستقرار في تلك المناطق،والحكومة تقدم له كل الأمكانيات المتاحة ...ألخ،وبعد أستتباب الأمن والأستقرار ،ستمنح الحكومة الحقوق القومية للآشوريين المتمثلة بالأدارة الذاتية في بعض المناطق من محافظة دهوك ومحافظة نينوى -سهل نينوى >،وجرى نقاش طويل حول هذا الموضوع بين الطرفين،وفي النهاية رفض البطريرك طلبهم، وقال أنا لست رئيس عشيرة،أنا رجل دين، رئيس الكنيسة الآشورية في العراق والعالم،وأضاف قائلآ .. سيد الرئيس والأخوة الحاضرين، من خلال تجاربنا المريرة ومآساتنا الطويلة، لم يبقَ لنا ثقة بأحد أي كان ومهما كان،لقد غدروا بنا الأتراك العثمانيين عدة مرات،ثم الفرس الأيرانيين،ثم الأكراد في أيران، وأخيرآ الحكومة العراقية في مذابح سميل التي عشتها وكنت أحدً ضحايا تلك النكبة،كذلك خيانة بريطانيا العظمى لنا ,وتنصلها من الوعود التي قطعتها معنا،وأخيرآ قال،أعطونا حقوقنا وبرعاية دولية، ونحن نبذل قصارا جهدنا في سبيل أيجاد الأمن والأستقرار في المنطقة،فقالوا له كيف.. ؟ هل تحارب البارزاني ..ألخ،قال لماذا تضعون هذا الشرط علينا،يمكن لي أن أتفاهم وأتفق مع البارزاني حول أستتباب الأمن في المنطقة،ثم قال أعطونا الحقوق وأتركونا وشأننا..ألخ ،وأخيرآ لم يتم الأتفاق بينهم وأنتهى الأجتماع،هذا كل ما تتطلب ذكره وبأختصار شديد.
لقد كانت غايتنا من سردً هذه المعلومات لكي نوضح للقارئ الكريم بعض الحقائق،وأن نرفع الأشكال الذي قام في هذا الصدد.
داود برنو





8
الأكراد أخطاؤوا في حساباتهم .

منذ أنتفاضة آذار عام 1991 في كردستان العراق، سيطر الأكراد في البداية من خلال أفواج المستشارين على القوات الحكومية جميعها، وعلى أدارة المدن بالكامل في كل من دهوك،أربيل،سليمانية..ألخ،وبعد عدة أسابيع هاجم الجيش العراقي المنطقة الشمالية وأنسحبت القوات الكردية والأهالي الى الحدود التركية في 3-31-1991،وهٌجِرَ أكثر من مليون كوردي مع عوائلهم الى الأراضي التركية،وعلى أثرً تلك المعانات من الهجمة الشرسة،بادر المجتمع الدولي من خلال منظمات حقوق الأنسان الدولية ووسائل الأعلام العالمية،المطالبة بحماية الشعب الكوردي من الحملات العسكرية التي تشنها الحكومة العراقية الفاشية ضدًه،وقرر مجلس الأمن أصدار قرار رقم 688 في 5 نيسان عام 1991 يحدد فيه منطقة آمنة للأكراد ( Save haven )،ويتعين على الحكومة العراقية عدم تجاوز تلك الحدود التي تسمى شمال خط العرض 36،وأصبحت مدينة أربيل مقر للمكاتب السياسية لأحزاب المعارضة العراقية بعد أن أصبحت شبه مستقلة،بالأضافة الى مكاتبهم في كل من دمشق وطهران،وكان الحزب الديمقراطي الكوردستاني يوفًر الحماية والدعم اللوجستي لتلك الأحزاب والمنظمات حتى سقوط النظام في نيسان عام 2003،وأصبحت تلك الأحزاب مَدًينة للقيادة الكوردية التي وفًرتُ لهم كافة مستلزمات الحياة الحرة الكريمة. تعززت وترسخت تلك العلاقة بينهما بعد سقوط النظام في 2003،وفي مقدمة تلك الأحزاب ( المؤتمر الوطني )بقيادة الدكتور أحمد الجلبي،وحركة الوفاق بقيادة الدكتور أياد علاوي بالأضافة الى الزعماء الأكراد السيد مسعود البارزاني،والسيد جلال الطالباني،وهؤلاء القادة،كانت الحكومة الأمريكية تعتمد عليهم كليآ،كما كان هناك مكاتب أخرى لحزب الدعوة يمثله نوري المالكي،والمجلس الأسلامي الأعلى يمثلهم الدكتور عادل عبد المهدي،بالأضافة الى مكاتب للحزب الشيوعي العراقي،وأحزاب القومين العرب، وحزب البعث المؤيد لسوريا.

بعد سقوط النظام في عام 2003 كان المتوقع من القيادات الكوردية أن تطالب قوات التحالف -بالأستقلال عن العراق،بعد أن كانوا منفصلين عنه لأكثر من عشرة سنوات،كما أن القيادة السياسية العراقية المعتمدة لدى الأمريكان في تلك الفترة كانوا من أقرب الناس الى القيادة الكوردية،وكما ذكرنا آنفآ،هم كل من د.أحمد الجلبي، د .أياد علاوي،والسيد عبد العزيز الحكيم،والسيد بحر العلوم ..ألخ، ولكن ما يثير العجب في هذه القضية أن القيادة الكوردية لم تطالب بالأستقلال أي تقرير المصير ،في الوقت الذي كان لهم علاقات متميزة مع الأدارة الأمريكية ،وبنفس الوقت مع القيادة السياسية العراقية،لأنهم كانوا في تلك الفترة يحققون مكاسب مادية لمجموعة محددة من المسؤولين في القيادة ،من خلال الوظائف التي كانوا يشغلونها في الحكومة المركزية وفق نظام المحاصصة،بالأضافة الى نسبة 17./.التي كانوا يتقاضونها من ميزانية الدولة.

في عام 2006 - 2007 أشتد الصراع الدموي بين السنة والشيعة بعد عملية تفجير ضريح الأمامين في سامراء،وبنفس الوقت تَخلًت حكومة الجعفري من ألتزاماتها في تنفيذ المادة 140 من الدستور، والتي تنتهي مدتها في 12-31-2007،والتي تنص على التطبيع - الأحصاء - الأستفتاء ،لتقرير مصير المناطق المتنازع عليها بين الحكومة المركزية، وحكومة أقليم كوردستان، ومنها كركوك - سنجار - سهل نينوى ...ألخ،وكانت الفرصة سانحة جدآ لأعلان الأستفتاء وتقرير المصير ردآ على عدم تنفيذ المادة 140 من الدستور في وقتها المحدد، ولاسيما بوجود المرحوم الطالباني رئيسآ للجمهورية ،وهوشيار زيباري وزيرآ للخارجية،الفريق بابكر زيباري رئيس أركان الجيش،بالأضافة الى العديد من الوزراء والوكلاء الأكراد في حكومة بغداد،ثم لديهم أكثر من خمسة وخمسين نائبآ كورديآ أعضاء في مجلس النواب الأتحادي،وسادت في تلك الفترة ،حالة من التنمية والأنتعاش الأقتصادي في الأقليم،  وأصبح للأقليم فائض من الأموال،
مع كل هذا لم يطالبوا حتى بنظام كونفدرالي ،لماذا كل هذا الأنتظار؟؟ لا نعرف، وهذا ما لا ندركه!!!،ونحن لسنا ممن يساورهم أي شك في أن القيادة الكوردية مخلصة ومتفانية في سبيل حماية مصالح الشعب الكوردي والدفاع عنها.

في عام 2014 سقطت ثلاث محافظات سنية بيد (داعش ) وكانت الحكومة في بغداد ضعيفة جدآ، تتوسل بالأمريكان لأنقاذها من خطر (داعش )،وكان بأمكان القيادة الكوردية آنذاك أجراء الأستفتاء ثم تقرير المصير،حيث كانت الفرصة موأتية، لأن الحكومة المركزية ( المالكي ) آنذاك توقفت عن تزويد رواتب الموظفين والبيشمه ركة في الأقليم مما تسبب من تداعيات خطيرة التي تترتب على نتائج تلك العملية،كما أن في تلك الفترة لم يكن هناك ألوية الحشد الشعبي قد أكتملت،ولا الفصائل المسلحة المنفلتة التي تستلم أوامرها من طهران ورواتبها من ميزانية الدولة العراقية.
في 25 أيلول 2017 قامت حكومة الأقليم بأجراء الأستفتاء لتقرير مصير الأقليم،وهذا الوقت لم يكن مناسبآ بسبب عوامل عديدة،منها قطع الرواتب عن حكومة الأقليم والتذمر السائد في صفوف الشعب آنذاك،وعدم تأييد الأدارة الأمريكية لأجراء الأستفتاء في هذا الوقت بالذات،كذلك أن الجبهة الداخلية الكوردية غير متماسكة،ولقد شاهدنا كيف تم التعاون بين قيادة الأتحاد الوطني،وقوات حيدر العبادي وقاسم سليماني في السيطرة على مدينة كركوك،ولا تزال كركوك تحت سيطرتهم بسبب أختيار الوقت الغير مناسب لأجراء الأستفتاء.

الآن الذين أستلموا القيادة في حكومة بغداد معظمهم من  الجيل الجديد من الشباب الشيعة لا يعرفون عن السيد البارزاني والطالباني اٍلا القليل،ولا تأثير عليهم من قبل قادة المعارضة الذين كانوا في الخارج.
لقد جاءت فرص عديدة للكورد لأعلان الأستقلال، أو الكونفدرالية ،ولكن لم يستثمروها وأختاروا الوقت الغير مناسب لأجراء الأستفتاء مما أدى الى الأحباط في صفوف الشعب الكوردي،كما أن الأجيال الجديدة من القادة الشيعة المشبعين بمذهب ولاية الفقيه،ومبدأ التقية، لا يؤمنون بالفدرالية ولا بالحكم الذاتي،ويطبقون الشريعة الأسلامية كما هي مطبقة في أيران، (نسخة طبق الأصل) . أن القوميات والأقليات في أيران لا حقوق لها وهم مضطهدون،وهذا ما تؤكده منظمات حقوق الأنسان في هيئة الأمم المتحدة.ولهذا نقول أن الأكراد أخطأوا في تقيمهم للوضع السياسي والأمني ،حيث قاموا بترحيل تحقيق أهدافهم في تقرير المصير الى المستقبل المجهول،وجاءَ الأستفتاء عام 2017 متأخرآ.ربما كانوا يراهنون على علاقاتهم الوطيدة مع الجيل الأول من قادة المعارضة وفي مقدمتهم ،د.الجلبي ،د. أياد علاوي، والجادرجي ،والسيد عبد العزيز الحكيم …ألخ ،وهؤلاء لم يبقً منهم أحدًا في السلطة،منهم من توفي في ظروف غامضة،ومنهم من أبعدَ عن الوطن،وفي ظل هذه الأوضاع المضطربة،وسيطرت أيران على مقدرات البلد بالكامل، من خلال الفصائل الولائية المسلحة التابعة لها،فلم أرى هناك مستقبل للأقليم في العراق، ألا أذا تدخلت الولايات المتحدة بشكل مباشر لأنتزاع حقوق الشعب الكوردي من أيران، وهذا من الصعب أن يتم، ألا أذا ضٌربت المصالح الأمريكية في العراق،عندها ستدعم أميركا مطالب الشعب الكوردي لدى الأمم المتحدة ومجلس الأمن في تقرير مصيره في الأستقلال.
داود برنو




9
أضواء على المعارضة العراقية ( الجزء الخامس ).
لقد قدمنا في الحلقات الأربعة السابقة بما فيه الكفاية عن المعارضة العراقية التي كانت تعمل ضدٌ النظام الدكتاتوري ألسابق سابق في العراق،ولكن للأجابة على تساؤلات بعض القراء الكرام عن تنظيم سياسي ( التجمع الآشوري ) نسلط الضوء على نشاط أحد أبناء شعبنا الآشوري السيد نيسان أيشو كاني بلافي،وهو من أهالي قرية (كاني بلافي) الواقعة في منطقة برواري بالا التابعة الى قضاء العمادية.
في أواسط عام 1982 بينما كنت في أيران في منطقة -محافظة الرضائية (أورمية) (مجمع زيوة) لللاجئين الأكراد، القريب من الحدود العراقية ممثلآ عن حزب بيت نهرين الديمقراطي،للقاء بعض الشباب الآشوريين الملتحقين بحزب بيت نهرين آنذاك، وكان عددهم أكثر من ثلاثين مقاتلآ،حيث كنت ضيفآ عند السيد أيو خوشابا ويسمى ( رئيس أيو ) لكونه كان عريف في الجيش العراقي سابقآ،ثم التحق مع البيشمه ركة منذ بداية الحركة الكوردية في بداية الستينات من القرن الماضي ،وكان يُعتَمدٌ عليه من قبل القيادة الكوردية لأخلاصه بالعمل وشجاعته في القتال،وهو من أهالي قرية (دٌهي)التابعة لناحية (بامرني)،كان هو المسؤول الأول عن مخازن المواد الغذائية في (مجمع زيوة) التي توفرها لهم شهريآ منظمات الأمم المتحدة لللاجئين الأكراد ( بنا هاندا )،وكان يزودً شبابنا أيضآ بكل ما يحتاجونه من المواد الغذائية وغيرها،بعد موافقة المرحوم الشهيد أدريس البارزاني الذي كان يلبي طلباتنا حسب الأمكانيات المتيسرة لديهم،وكان يبدي رغبته الشديدة في مساعدتنا دائمآ.
في تلك الأيام التقيت مع نيسان كاني بلافي بناءَ على طلبه في بيت رئيس أيو خوشابا وبحضور عدد من الأشخاص،وعرض علي مشروعه السياسي،وقال لقد شكلت حزب سياسي بأسم (التجمع الآشوري الديمقراطي)،أذا تريدون..ألخ أنا مستعد لألغاء الحزب، وأنضم الى حزبكم ولكن بشروط!!،قلت له نحن لم نطلب منك ذلك،ولكن أذا تريد الأنتماء الى حزبنا كأي عضو آخر فأنه مرحب بك وتكون لك مكانة متميزة عن الآخرين،ثم حسب ما علمت منك ومن بعض الحاضرين، أنك مناضل قديم في صفوف البيشمه ركة وشجاع، ولكنك غير مثقف بسبب ظروف القرية التي عشتَ فيها والتي كانت محرومة من التعليم والخدمات الأخرى،ولكن كيف يمكنك أن تقود حزب سياسي وأنت غير مؤهل،فقال لدي مستشارين يؤدون الواجب المطلوب مني أذا كان سياسيآ أو ثقافيآ،قلت له متى تأسس الحزب،ومن الذي كتب لك النظام الداخلي،بعد الألحاح.. قال  تأسس الحزب قبل عدة أشهر ،وكتب النظام الداخلي أحد الأعضاء في قيادة البارتي،ولكن أمتنع عن ذكر أسمه!!،وقلت له بالرغم من أن طلبك تعجيزي وغير واقعي، ولكن أريد أن أسمع منك ما هي الشروط التي تطالب بها ؟ فقال :موافقة حزبكم على قبولي عضو في القيادة المركزية والمسؤول العسكري الأول في الحزب،وأنت تكون المسؤول السياسي الى جانبي في المنطقة،قلت له المهام السياسية  يقررها المكتب السياسي ونحن هنا نقوم بالتنفيذ،أما المهام العسكرية يقررها من هو في الميدان،بمعنى أنك تريد الغاء دور الحزب في المنطقة لتحل أنت محله، لتقوم بتنفيذ المهمة التي كلفت بها من قبل من كتب لك هذه الأوراق،ثم أنت لست أَكفأ من عندنا وليس لديك تجربة وخبرة مثلنا،وكما أشرتَ الى تاريخك النضالي نحن أيضآ مثلك أن لم نقُلً أكثر منك، لقد عملت مع الحركة الكوردية منذ عهد الشهيد هرمز مالك جكو في بداية الستينات،ثم مع الشهيد طليا شينو وكنت المسؤول السياسي في مقره،ثم عملت في مقر القائد حسو ميرخان دوله مري الذي كان آمر لواء(هيز ) الشيخان عام 1966-1967، ثم بعد تغير النظام عام 1968 بدأت المفاوضات مع الحركة الكوردية، ودخلت الكلية العسكرية ضمن القائمة الكوردية، وخدمت في الجيش العراقي لمدة عشرة سنوات في قوات المغاوير فق4 ل29 حتى عام 1978 وأخيرآ كنت آمر سرية المغاوير في برواري بالا ناحية ( كاني ماصي )،ولا يزال الكثير من أهالي المنطقة يشهدون على ذلك،ثم عملت في جميع القواطع أبتداءََ من فيشخابور -زاخو حتى منطقة حلبجة وبينجوين،أعرف جغرافية المنطقة الشمالية وتاريخها ديمغرافيآ وبدقة،بينما أنت كنت حامل بندقية مع سيد صالح مسؤول لجنة محلية عمادية كما تدعي،كيف تريدني أن أعمل في معيتك!،وكيف تريد من قيادة الحزب أن تقبل بذلك،أن طلبك غير معقول فهو من المستحيل،فأذهب وشأنك الله يوفقك،حزبنا لا أعتقد يصغي لشروطك لأن هناك أختلاف كبير في تفكيرنا ورؤيتنا للمستقبل وبين رؤيتكم،ثم هل الذي كتب لك من الأخوة الأكراد النظام الداخلي يوافق على مشروعك هذا بالأنضمام الى حزب بيت نهرين دون أستشارته!،أعتقد أنه لن يوافق لأن غايته التفرقة وليست الوحدة،وبعد فترة ذهب نيسان مع مفرزة من الحزب الديمقراطي الكردستاني ( حدك ) الى قريته ( كاني بلافي) وبدأ بالتبشير بحزبه وأنضم اليه في البداية عدد من المثقفين،ثم بدأت مشاكله مع أهل القرية،ثم مع أنصار الحزب  الشيوعي،ثم تبين أنه لم يكمل مهمته، وعاد الى عائلته في شيكاغو ولم يبقَ لهذا التجمع أثرآ يذكر،هذا حسب ما سمعته من بعض أهالي المنطقة.
ولكن بعد تلك الحادثة قررت أن أعرف من الذي كتب له من السياسيين النظام الداخلي،هل هو توجيه من قيادة الحزب (حدك ) أم لا علاقة لهم بالموضوع،فأذا كان بتوجيه منهم فهذا يشكل خطورة علينا في توجههم تجاهنا!،بعد عدة أسابيع سافرت  الى طهران ومنها  الى حي العظيمية الذي يسكنه المسؤولون والقادة الأكراد، الذي يبعد ساعة عن العاصمة طهران،والتقيت مع صديقي العزيز القديم رشيد عارف أتروشي،أعرفه منذ عام 1964 عندما كان مسؤول لجنة محلية الموصل، ولكن كان مطاردآ من السلطات الأمنية في الموصل، فجاءَ يقيم في القوش لفترة قصيرة في بيت المرحوم الياس ياقو حنو الذي كان مسؤول منظمة الحزب (حدك) في منطقة ناحية القوش، وكنت في حينها مسؤول أتحاد طلبة كوردستان في ثانوية القوش،وأن السيد عارف هو الذي رشحني لحضور مؤتمر أتحاد طلبة كوردستان في ناحية قرداغ - محافظة السليمانية عام 1964، وهو عضو المكتب السياسي للحزب (حدك)في تلك الفترة، وسألته عن الموضوع،فقال حسب علمي أن نيسان يرتبط بعلاقات شخصية مع أحد الأعضاء في المكتب السياسي ولكن أرجوا أن لا تحرجني وتسأل من هو، ،وأن قيادة الحزب ( حدك) أطلاقآ لا علم لها بذلك،أنه تصرف شخصي غير مسؤول وغير مقصود،وأضاف قائلآ :هناك في كل القوميات والأحزاب تدخلات محلية وأقليمية،ونحن لسنا خارج هذه المعادلة،لأننا نعيش في هذا المحيط الذي يحمل في طياته الكثير من السلبيات،مثل الطائفية ،والعشائرية ،والقومية،هذا كل ما أعرفه عن التجمع الآشوري الديمقراطي.
داود برنو .


David Barno



10
الصديق العزيز الأستاذ شوكت توسا المحترم.
أشكرك جزيل الشكر على أهتمامك بالمقالات التي أكتبها حول المعارضة العراقية،وأجد من الضروري أن أجيب على تساؤلاتك المشروعة والمهمة بالتسلسل وبأختصار شديد.
1-أنتمائي الى حزب بيت نهرين كان في بداية عام 1978 بعد أن قابلت المرحوم الملا مصطفى البارزاني،ونجله المرحوم أدريس البارزاني في مدينة فرجينيا الأمريكية،وبحضور عدد من المسؤولين الأكراد ،وأبرزهم كان السيد محسن دزي،والمرحوم محمد سعيد الدوسكي،وطٌلبَ مني السيد أدريس أن أقوم بأحياء جبهة الشهيد هرمز مالك جكو في كردستان،وأن تكون هذه القوة تابعة لهم كما كان المرحوم كوركيس مالك جكو من قبل ( رئيس لجنة شؤون المسيحيين )،ولكنني رفضت أن نكون جزءَ من الحزب الديمقراطي الكردستاني، ورفضت أن نعمل بأسم الدين،وقلت نحن نعمل بأسم القومية الآشورية،ونبقَ معكم أصدقاء وحلفاء مخلصين، ولكن نكون مستقلين بقرارنا،ثم سألني المرحوم أدريس هل لديك حزب سياسي لكي تنزل بأسمه على الساحة،قلت له كلا، ولكن هناك حزب سياسي آشوري تأسس في شيكاغو عام 1976 يسمى (حزب بيت نهرين الديمقراطي)سوف أنضم اليه قريبآ،وفعلآ بعد أسبوع سافرت الى شيكاغو وأجتمعت مع اللجنة المركزية وتم قبولي عضوآ بالحزب.
2- بالنسبة الى دعم وتمويل أحزاب المعارضة العراقية،لقد كان يوجد في القيادة القومية لحزب البعث السوري،صندوق لدعم حركات التحرر في الوطن العربي،وكان المسؤول عن هذا الصندوق الدكتور عبدالله الأحمر الأمين العام المساعد للرئيس حافظ الأسد،وكان يتم تمويل هذا الصندوق من عدة مصادر وفي مقدمتهم ليبيا-القذافي ،وكذلك يشارك فيه كل من سوريا،اليمن،وبعض الشيوخ، والدول في الخليج،وهذا ما كنا نسمعه من بعض المسؤولين السوريين،وكانت جبهة ( جوقد )التي تضم حزب البعث قيادة قطر العراق،والأتحاد الوطني بقيادة الطالباني،ومجموعة من الأحزاب والحركات العروبية والناصرية ..ألخ ،تحظى بدعم محدود من هذا الصندوق ،أما جبهة ( جود ) والتي كانت تضم الحزبين الرئيسيين ،الحزب الشيوعي العراقي،والحزب الديمقراطي الكردستاني،..ألخ ،لم تتلقَ أي مساعدات مالية من هذا الصندوق.ولكن كان هناك بعض قادة الأحزاب المعارضة، تقابل القذافي وتحصل منه على المساعدات وهم كثيرون.
3- بالنسبة الى الحزب الديمقراطي الكردستاني،لم نتلقَ منه أي دعم عسكري من حيث التسليح،لأن السلاح لم يكن متيسر لديهم في تلك الفترة أي في بداية عام 1982،وكانوا يشترون السلاح بأموالهم ،ولكن كانت علاقاتنا معهم جيدة جدآ ولاسيما مع المرحوم أدريس البارزاني،وكانوا يقدمون المواد الغذائية لعناصرنا المتواجدين في أيران- مجمع زيوة- التابع الى قضاء أشنوة القريب من الحدود العراقية.
4- بالنسبة الى لقائي مع المرحوم سليمان بوكا (أبو عامل )كان في عام 1980 في القامشلي،في بيت عبدالكريم شلال،ومعه السيد رمضان (أبو جينكو) عضو. م .س للحزب الشيوعي السوري،أما المرحوم أبو جوزيف لم التقٍ به ،ولكن  زرت عائلته في دمشق عدة مرات في المناسبات، ومع شباب القوش المقيمين في دمشق ،ومن الباقين منهم على قيد الحياة الصديق الدكتور رمزي توماس.وكان موقفهم السياسي يعبر عن موقف الحزب الشيوعي بشكل عام.
5- بالنسبة الى الحركة الآشورية، كانت علاقتهم مع الحزب الشيوعي جيدة،وكانت مساعدة الحزب الشيوعي لهم معنويآ فقط،وأن سلاحهم كان ملكآ لهم تم شراءه بأموالهم الخاصة،في تلك الفترة ،أي في نهاية عام 1982 لم يكن لأي حزب في كردستان فائض من السلاح ليساعد الآخرين ،السلاح توفر بعد عام 1984، وكان معظمه غنائم من القوات الحكومية وأفواج المستشارين وتجار السلاح، أما موقف الحزب الشيوعي كان جيد جدآ مسالمآ مع الجميع،وكان دائمآ يقول نحن جميعآ نشترك بهدف واحد وهو أسقاط النظام الدكتاتوري في العراق،ولكن نختلف قليلآ بسبل الوصول الى هذا الهدف.
6- بالنسبة الى المرحوم ثابت حبيب العاني عضو م.س للحزب الشيوعي العراقي،كان كلامه أحد العوامل الرئيسية لعدم مشاركة حزبنا في الكفاح المسلح،لأن كلامه كان دقيقآ وموثقآ بحيث قطع الشك باليقين،لقد شاهدنا ماذا كانت النتيجة في عام 1988 بعد عمليات الأنفال.
7- بالنسبة الى دخولي السلك العسكري،تم من خلال القائمة الكردية.
8- بالنسبة الى الضابط عوني القلمجي،لم التقِ به أبدآ، ولكن كان لي صديق مقرب منه ،وهو عبدالله الركابي من أقرباء فؤاد الركابي،كان عضوآ في قيادة حزب البعث عام 1963 التجأ الى مصر بعد 18 تشرين ،انتقل بعدها الى حزب جمال عبد الناصر،وكنت مطلع من خلاله على نشاطات أحزاب الوحدويين والعروبين والتي كانت تقتصر على الأعلام فقط.
بالنسبة الى المرحوم شقيقكم ممتاز ،أول مرة ألتقٍ به في الخارج كان عام 1986،عندما حضرت مؤتمر حزب بيت نهرين الذي عقد في مدينة ( تورلوك - مودستو) بكاليفورنيا، لقد زرته في محل عمله مساءَ،وعندما شاهدني رأيته يخابر ويقول حدث لي ظرف طارئ أريد أن تأتي وتحل محلي،سمعته صاحب الشركة يقول باللغة العربية،هل حصل شئ للعائلة يا ممتاز ،قالَ كلا ولكن جائني صديق من بلدتي القوش لم التقٍ به منذ عشرون عامآ،وبعد ربع ساعة جاءَ صاحب المعرض وتبين لي بأنه مصري،ثم ذهبنا الى المطعم،ومن ثم الى النادي الآشوري ،وحسب ما علمت من المرحوم ممتاز،كان له علاقة وطيدة مع سكرتير حزب بيت نهرين السابق الدكتور سركون داديشو ،وكان يحضر مع عقيلته المناسبات القومية التي يقيمها حزب بيت نهرين،كما علمت من السيد عبد (عبينا) مروكي (موكينا) حيث كان يعيش في بداية الثمانينات ولفترة محدودة في (تورلوك-مودستو) آنذاك ،وحضر أحدى المناسبات السياسية القومية،وقال شاهدت ممتاز توسا يلقي كلمة بالحفل.هذا كل ما أعرفه عن صديقي العزيز المرحوم ممتاز ،أتمنى أن أكون قد أجبت بأختصار على التساؤلات التي ذكرتها،كما آمل أن يجد القارئ الكريم ما ذكرته واضحآ.
داود برنو


11

نحن في حالة أنتظار للآخرين ليقرروا مصيرنا.
هناك الكثير من الأمور تدعو الى التسائل عن الأحداث الجارية في العراق منذ سقوط النظام في عام  2003 والى يومنا هذا، وهي كثيرة جدآ لا تُعدً ولا تحصى،وما يهمنا الآن،هو ما يتعرض له شعبنا المسيحي (الكلداني السرياني الآشوري) من عمليات القتل والخطف والتشريد والأضطهاد بكافة أشكاله...الخ منذ سقوط النظام والى يومنا هذا، ويتم ذلك وفق مخطط أعِدَ له مسبقآ، وهدفه هو تهجير شعبنا من العراق وعلى شكل مراحل،وليس كاليهود العراقيين الذين تم تهجيرهم بسنة واحدة،لأن الظروف أختلفت،ولا مجال هنا لذكر كافة الفواجع الكبيرة التي أدت الى هجرة أفواج من أبناء شعبنا الى الخارج،ونذكر بعض المحطات في هذا المسلسل الأجرامي الذي بدأَ بتفجير عشرات الكنائس في العاصمة بغداد ومدينة الموصل في عام  2004 و, 2006وعلى أثرها بدأت موجات الهجرة تتدفق الى الخارج،ثم تلتها خطف وقتل رئيس أساقفة الموصل ومرافقيه في آذار 2008 مما أدى الى هجرة المسيحيين من مدينة الموصل وضواحيها،ثم تلتها العملية الأرهابية في الهجوم على كنيسة سيدة النجاة في بغداد - الكرادة في تشرين الأول عام 2010  وأدى ذلك الى أفراغ حًي الكرادة بالكامل من أبناء شعبنا،وتم الأستيلاء على الكثير من الدور والمحلات العائدة لهم، والبعض منها تم بيعها مكرهين بأبخس الأسعار،وفي حزيران أحتلت (داعش ) الموصل، وثم بلدات سهل نينوى ،وقامت بتفجير الكنائس والآثار والدور والمنشآت الحكومية في المنطقة ،وراح ضحية هذه الأعمال الأرهابية المئات من أبناء شعبنا بالأضافة الى الخسائر المادية الهائلة.. ،وفي عام 2015 جاؤوا الى منطقة سهل نينوى بميليشيات تحت عنوان ديني ،مسيحية بقيادة ريان الكلداني الذي كان سابقآ يعمل مع مليشيا (جيش المهدي)،في الوقت الذي كان للحركة الآشورية فوج حراسات M.U.P في الحمدانية وتلكيف،وكذلك قوة حراسات الكنائس التابعة للمجلس الشعبي (الكلداني السرياني الآشوري )وكانت بقيادة اللواء عامر شمعون ( أبو الحكم ) من أهل قرقوش والذي أستشهد هو وعائلته في قاعة العرس ، لقد كان الوضع الأمني مستتب في تلك الفترة ،ولكن جاءت ميليشيا أسامة سالم شقيق ريان وبدعم من قيادة الحشد الشعبي ،أزاحت قوات الحركة الآشورية والمجلس من المنطقة وأنيطت المسؤولية الأمنية بها،وتم تهميش دور عناصر الحركة والمجلس في تأمين الأمن والأستقرار لأهالي قضاء الحمدانية وتلكيف. ثم بعدها أخترعوا مشكلة بين البطريرك ساكو ،وريان سالم،وتداعيات تلك المشاكل،تم سحب المرسوم الجمهوري بحق البطريرك من دون أي مسوغ قانوني، وتجريده من الصلاحيات التي تخوله التصرف بأملاك الكنيسة الكلدانية والوقف المسيحي، والآن أرتكبوا جريمة أخرى في عاصمة المسيحيين المتبقية في سهل نينوى قرقوش العزيزة (حريق قاعة الأعراس) راح ضحيتها المئات من الأطفال والنساء بين قتيل ومصاب،وتداعيات هذه العملية ستنعكس على الهجرة الجماعية لأبناء شعبنا من منطقة سهل نينوى،هذه المنطقة التي كنا ولا نزال نعتز بها جميعآ لأنتمائنا لها، لأنها المنطقة الوحيدة الباقية في العراق التي هويتها مسيحية، والتي يتشبث بها المسيحيون لأنها موطن آبائهم  وأجدادهم القدامى.

لقد ذكرت في مقالات سابقة،بأن قرار أخلاء العراق من المسيحيين أُتٌخذَ في أيران منذ بداية الثمانينات من القرن الماضي ،ومن المراجع الدينية العليا،وتم وضع خطة يتم بموجبها التنفيذ تدريجيآ من قبل الأحزاب الأسلامية الشيعية التي لها ميليشيات مسلحة،ولأثبات ذلك ،لقد كانت نفوس المسيحيين في العراق قبل سقوط النظام،أي قبل عشرون عامآ، مليون ونصف تقريبآ ،بينما الآن لم يتجاوز المائتي آلف نسمة،هل يعقل ذلك!! هل هي صدفة!!،أنه تطهير عرقي وأبادة جماعية لمكون عراقي أصيل.
أن الذين يحكمون العراق هم أحزاب أسلامية شيعية موالون لأيران ومطيعين ( لولي الفقيه)لا يؤمنون بالوطن،وأن أيران هي وطنهم الكبير وهي دولة لكل الشيعة في العالم ،وهم يسعون لتطبيق الشريعة الأسلامية في العراق وفي المنطقة وفق المذهب الشيعي،وهذا الهدف سوف يتحقق أن عاجلآ أو آجلآ بدعم وتنسيق مع الجمهورية الأسلامية الأيرانية.

أن الرابطة الوحيدة التي كانت تربطنا مع المكون الشيعي الذي يحكم العراق الآن هي الوطن والمواطنة،والآن تلاشى هذا الوطن وأنتهت شراكتنا معهم، ونختلف معهم في كل شئ ،دينيآ،قوميآ،ثقافيآ،تاريخيآ ..ألخ،كيف يمكن العيش معهم الآن،كل هذا نعرفه ولكن ماذا فعلنا لمواجهة هذه التحديات المصيرية ،لم نفعل شيئآ مع المجتمع الدولي لتأمين الهجرة الجماعية لأنقاذ شعبنا من هذه المآساة والكوارث،ولم نوحد صفوفنا وموقفنا ورؤيتنا نحو المستقبل لمواجهة التحديات التي تواجهنا، لأنتزاع حقوقنا من السلطات الغاشمة في البلاد،لقد خسرنا الكثير من الخيارات بسبب تقاعس أحزابنا ومؤسساتنا القومية والدينية،والآن نحن في حالة لا يحسد عليها،مهمشين لا أحد يسمعنا من الداخل أو من الخارج،لقد كنا نعتمد ونراهن على الآخرين من شركائنا في هذا الوطن لثقتنا المفرطة بهم، من أجل  تطبيق بنود الدستور المادة 125 ، وسنٌ القوانين التي تضمن حقوقنا، وبقينا في الأنتظار منذ عام 2005 والى يومنا هذا، آملين من الآخرين أن يقرروا مصيرنا ولكن تخلوا عنا وتبرأوا منا،وأخيرآ نطلب من أحزابنا ومؤسساتنا القومية ومرجعياتنا الدينية التحرك السريع نحو المجتمع الدولي لوضع حدً لهذه المآساة،ونطالب بأبعاد الميليشيات من بلدات سهل نينوى،وأيجاد حَلٌ لقضية شعبنا في العراق،أما الهجرة الجماعية،أو أستحداث محافظة سهل نينوى يتمتع فيها شعبنا بأدارة ذاتية في البلدات التي يسكنها.
داود برنو



12
أضواء على المعارضة العراقية في سوريا ( الجزء الرابع ).
عرفنا مما سبق تم ذكره في الجزء الثاني والثالث من المقالة،بأن أحزاب المعارضة العراقية في بداية الثمانينات من القرن الماضي،كان بعضها على خلاف شديد مع البعض الآخر ولا سيما قيادة البارزاني،والطالباني،وأودَ الآن أن أقف على أبرز الأسباب التي أدت الى عدم مشاركة حزبنا (حزب بيت نهرين الديمقراطي) بالكفاح المسلح في كوردستان (شمال العراق)وهذا أمرُ جدير بالعناية.
في بداية عام ١٩٨٣ عقدت أحزاب جبهة (جود) المتكونة من الأحزاب الرئيسية الحزب الشيوعي العراقي ( حشع )،والحزب الديمقراطي الكوردستاني (حدك)،والحزب الأشتراكي الكردستاني..ألخ ،في أيران _محافظة أورمية- قرية رازان،القريبة من الحدود العراقية،والتي كان فيها مقر المكتب السياسي ( لحدك )وكنت آنذاك ضيفآ عندهم، وجاءً وفدَ ( حشع )المتكون من سكرتير الحزب عزيز محمد (أبو سعود)،وأعضاء المكتب السياسي كل من آرا خاجادور ،ثابت حبيب العاني (أبو حسان) ، كريم أحمد ،أحمد باني خيلاني،وحضرت مناسبة أستقبالهم من قبل قيادة (حدك)المتمثلة بالسيد مسعود البارزاني،والمرحوم أدريس البارزاني،وسكرتير الحزب علي عبدالله والمستقل المقدم عزيز عقراوي وآخرون .وفي سياق الجلسة بعد أن أنهى حديثه مع قيادة ( حدك )
بدأ أبو سعود يتحدث معي أمام الحاضرين وقال :في نهاية الستينات كنت قادمآ من الأتحاد السوفيتي في طريقي الى بغداد،مكثت في بلدة القوش عدة أيام ،وعلمت دوائر الأمن في الموصل بالخبر ،تم تطويق البلدة وقبل القيام بعملية التحري زودني خالك رفيقنا أبو سفر بهوية شقيقك المعلم ميخائيل وسافرت بها الى بغداد وأحتفظت بها لمدة ستة أشهر،وبقيت أتنقل بها من وكرٍ الى آخر للحزب ،من أجل تعزيز وحدة التنظيم وتماسكه في بغداد،وأنني لم ولن أنسى ذلك.ثم تحث عن موقفهم من حزبنا،وقال أننا نرحب بحزبكم وبكل حزب وطني يسعى لتغير النظام ، وفي المساء تم توزيع الضيوف على غرف البناية ( البناية تعود لمدرسة القرية المهجورة )،وكنت أشغل غرفة السيد فاضل ميراني حيث كان في أجازة لمدة عِدَة أشهر لزيارة عائلته في أميركا ، وكان ضيفي في الغرفة ثابت حبيب العاني.
لقد كان هذا الشخص مدرسة عليا تعلمت منه الكثير وقضيت معه ساعات وأيام عديدة وتناولنا الحديث حول جميع المواضيع السياسية،وكان منفتحآ ومتواضعآ وصريحآ،وسألته عن الكفاح المسلح  في كوردستان ودور الأحزاب  فيه، فشرح لي الأوضاع بكامل تفاصيلها،وطلب مني أن لا أفكر بهذا المشروع أبدآ أنه مشروع فاشل من الأساس،وقال أن جميع الأحزاب مخترقة من قبل المخابرات العراقية وبمستويات عليا بحيث بدأنا نشك نحن في القيادة بعضنا بالبعض الآخر ،وأضاف قائلآ أن جميع تنظيماتنا في بغداد القي القبض عليهم،فمنهم من تعهد بعدم العودة الى الحزب،ومنهم من رفض وأدخل السجن،ومنهم القلة جدآ من أرسل للعمل في صفوف المعارضة لمصلحة النظام ،بعد تلك العمليات عملنا تنظيم خيطي كل أثنين،أيضآ قبض عليهم ،ثم أرسلنا الى بغداد رفيقين ممن كانوا في الأتحاد السوفيتي لأكثر من عشرة سنوات ولا أحد يعرفهم في بغداد، من مقرنا في منطقة ( بشت آشان)  لأعادة التنظيم السري،ولكن لدى وصولهم كراج النهضة في جانب الرصافة،كانت سيارات الأمن في أستقبالهم ،أذا كان حزبنا التاريخي العريق مخترق لهذه الدرجة ،فما بالك من الأحزاب الأخرى، أنها مكشوفة للجميع،نحن تورطنا بالكفاح المسلح، وأنصح كل حزب أن يبتعد عن هذا المشروع،أنه مشروع سياسي فاشل، كبًدَ الحزب عشرات الضحايا معظمهم من أصحاب الشهادات العليا،وتحدث الكثير الكثير لا مجال هنا لذكر تلك الأحداث،ثم تحدث عن العلاقات المتوترة السيئة السائدة بين بعض الأحزاب في الكفاح المسلح ولاسيما بين ( حدك ) والأتحاد الوطني الكوردستاني ( أوك )،وقال أن كردستان مقسمة الى مناطق ومربعات بين الفصائل المسلحة وأن أي نشاط مسلح يجب أن يكون محدد ويجب أن تحصل على موافقة الحزب الذي يسيطر على المنطقة ،وأخيرآ قال أقترح أن  يقتصر نشاطكم على المعارضة السياسية ومن خلال وسائل الأعلام فقط، أنتم حزب قومي صغير ويختلف عن الآخرين قوميآ ودينيآ ثم ليس لديكم أمكانيات لتؤهلكم في فرض سيطرتكم على المنطقة التي تتواجدون ةفيها ،ومن الصعب جدآ أن تحصلوا على دعم أو مساعدة من الدول التي تدعم المعارضة العراقية لأن هذه الدول لا تعترف بقضيتكم ومنهم سوريا،أيران،ليبيا ، أنهم أسوأ من صدام بالنسبة لكم .
وأخيرآ طلب مني أن أذهب معه الى مقر المكتب السياسي في منطقة (بشت آشان) لكي أقوم بتدريب مجموعة من الرفاق الملتحقين الجدد الذين لم يتسنَ لهم الخدمة العسكرية الألزامية في الجيش،ولمدة من أربعة أسابيع الى ستة ،بصفتي ضابط مغاوير وكنت آمر لدورات المغاوير في ل٢٩،والبعض من رفاقهم خدموا في الوحدة العسكرية التي كنت فيها،وأضاف قائلآ لقد خسرنا أربعين شهيدآ خلال ستة وأربعون يومآ بسبب عدم معرفتهم في الشؤون العسكرية والأمنية،وأستعرض تلك المعارك الخاسرة وبأختصار شديد،وقال خسرنا في معركة قرداغ أكثر من عشرون رفيقآ بين شهيد وجريح بينما كانوا رفاقنا يحتفلون بعيد تأسيس حزبنا تم مباغتتهم من قبل الجحوش،كما خسرنا أثنا عشر شهيدآ في معركة الهجوم على ربيئة في منطقة دربندخان،بعد أحتلال الربيئة جاءت طائرة سمتية قصفت الربيئة وقتل كل من فيها، كما خسرنا ستة شهداء أثناء العبور الى كردستان من المثلث الحدودي بين تركيا،سوريا،العراق،بالأضافة الى المتفرقة هنا وهناك،وقال لي بعد أتمام الدورة التدريبية نحن نستطيع أن نساعدكم بما لا يقل عن أربعين قطعة سلاح خفيف لأنه متيسر لدينا كثيرآ،قلت له أنا لامانع لدي أذا وافق (حدك) لأنني ضيف عندهم ،وفي اليوم الثاني ذهبنا الى سكرتير المكتب السياسي (لحدك)السيد علي عبد الله وطلب منه أبو حسان الموافقة لكنه رفض وبشكل قاطع ،وقال أن الطريق مسيطر عليه جماعة عبد الرحمن قاسملوا (الذي كان رئيس الحزب الديمقراطي الكردستاني الأيراني )ونحن في قتال مستمر معهم ،وكاكا داود ضيف عند أدريس البارزاني، أن حياته ستكون معرضة للخطر،ونحن مسؤولين عن حياته، ربما في وقت آخر يمكن أن يتحقق ذلك لأن التوتر بيننا بأتجاه التهدئة،أما أبو حسان قال للسيد علي أن علاقة الحزب الشيوعي مع جماعة قاسملوا جيدة جدآ ونحن مستعدين لتحمل المسؤولية،ولكن دون جدوى وقال يمكن أن تؤجل الى وقت آخر ،بعد يومين سافر أبو حسان ومرافقيه وأخبرني بأنه سيرسل مفرزة بعد أسبوعين مع موافقة جماعة قاسملوا لكي تأتي الينا في بشت آشان. بعد لقائي مع المناضل ثابت حبيب وأطلاعي على الأوضاع في الميدان بكل تفاصيلها وأسرارها ،عرضت الموضوع على قيادة الحزب (حزب بيت نهرين) لكي يكون على بينة من كل ما يجري من الأحداث في المنطقة بشكل عام وكوردستان بشكل خاص بعد أن أجتمعت بين أيدينا صورة شاملة متكاملة عن الموضوع،بعد ذلك قرر الحزب التريث لحين توفر الأمكانيات المناسبة والظروف الملائمة للقيام بالنشاط المسلح،أن الواقع الذي عشناه في الماضي  ونعيشه الآن ثبت لنا جميعآ وبالدليل القاطع وبما لا يقبل الشك، بأن كلام المناضل ثابت حبيب العاني القيادي في الحزب الشيوعي العراقي، كان محقآ وصادقآ ومخلصآ في كلامه وهو السبب الرئيسي في عدم مشاركة حزبنا في الكفاح المسلح ،وأخيرآ أن ما ذكرته في هذا المقال،أنما يأتي ضمن ما توافر لدي من معطيات ومعلومات ولا يمكن ألأدعاء بحالٍ أنها تمثل جميع ما هو متوافر من معلومات بشأن الموضوع .

13
أضواء على المعارضة العراقية في سوريا ( الجزء الثالث )
بعد نشوب الحرب العراقية الإيرانية في عام 1980 تجمعت معظم أحزاب المعارضة العراقية للنظام في سوريا - دمشق،بأستثناء الأحزاب الإسلامية الشيعية التي تجمعت في إيران،وحاولت الحكومة السورية تشكيل جبهة موحدة لتلك الأحزاب ولكن دون جدوى،بسبب الخلافات الشديدة القائمة آنذاك بين الحزب الديموقراطي الكوردستاني ( حدك )والإتحاد الوطني الكوردستاني
( أوك ).
في نهاية عام 1980 وبداية عام 1981 تم تشكيل الجبهة الوطنية والقومية الديموقراطية في العراق ( جوقد )والتي ضمت في صفوفها كل من قيادة قطر العراق لحزب البعث الموالي لسوريا،والإتحاد الوطني الكردستاني( أوك ) ،والحركة الأشتراكية العربية،والقوميين العرب …الخ. بإلاضافة الى الحزب الوطني التركماني يرأسه المحامي عزالدين قوجي،وحزب الشعب
الكوردستاني ( حشك ) يرأسه المهندس سامي عبد الرحمن ،وكانت هذه الجبهة  تتلقى الدعم والمساعدة من القيادة القومية لحزب البعث السوري. وبنفس الفترة تقريباً تم تشكيل الجبهة الوطنية الديمقراطية ( جود ) وكانت تضم الحزب الديموقراطي الكردستاني ،والحزب الشيوعى العراقي،والحزب الأشتراكي الكردستاني ،والحزب الأشتراكي الكوردي ( باسوك ). وفي نهاية 1981 تم تشكيل جبهة( الثورة العراقية) بقيادة اللواء الركن حسن مصطفي النقيب ( أبو فلاح )،وكانت تضم مجموعة من الضباط العراقيين، والحزب الديموقراطي الكوردستاني (حدك) ،والإتحاد الديمقراطي الكوردستاني،وبعض الشخصيات العراقية. بالنسبة الى حزبنا حزب بيت نهرين الديمقراطي منذ بداية عام 1982 قمنا بأجراء لقاءات مع ممثلي الأحزاب الرئسية في المعارضة العراقية في دمشق ولا سيما الذين لهم فصائل مسلحة في كوردستان ،ومنهم الدكتور فؤاد معصوم ثم اللقاء مع المرحوم جلال الطالباني بحضور عقيلته والدكتور فؤاد معصوم ،وكذلك لقائي مع المرحوم أدريس البارزاني وبحضور السادة فاضل ميراني، والدكتور روش شاويس،وكذلك مع الزعيم مسعود البارزاني وبحضور الشيخ عبدالمهيمن شيخ بابو،والسيد آزاد برواري ،ولقائي مع عبد الجبار الكبيسي ( رفيق حازم ) أمين سر قيادة قطر العراق لحزب البعث وبحضور عدد من أعضاء القيادة،كذلك التقيت مع جوهر شاويس ممثل الحزب الشيوعي العراقي في دمشق، وأتصلت مع عزيز محمد سكرتير الحزب الشيوعي العراقي وقال لي علمت من الرفاق بأنك طلبت اللقاء معي لبحث موضوع الكفاح المسلح في كردستان ولكن هذه المسؤولية مناطة بالرفيق أبو عامل ( سليمان يوسف، والرفيق أبو جميل ( توما توماس )كلاهما من القوش وتعرفهم جيدًا ،أذهب الى هناك وإتفق معهم وأنا موافق على أي قرار يتخذونه، ،ثم التقيت مع اللواء حسن النقيب وأبدى أستعداده لمساعدتنا عسكريًا فقط،وصرح بأن لهم خمسة آلاف قطعة سلاح مخصصة للمعارضة العراقية موجودة في مشاجب مديرية المخابرات السورية هدية من الحكومة الليبيه ،وكان موقفه السياسي متضامناً معنا أيضاً،وقال لي لكي نساعدكم لا بد آن يكون حزبكم عضوًا معنا في تشكيل الثورة العراقية ،وجميع تلك اللقاءات كنا نبحث معهم كيفية مشاركة حزبنا بالكفاح المسلح في كوردستان. بعد مناقشة تلك المواضيع مع قيادة حزبنا ،قررنا تقديم طلب الى الثورة العراقية وتم قبول حزبنا عضوًا فيها .
كنت دائماً أزور اللواء حسن النقيب لمعرفة قضية السلاح متى سيوزع ،وكان قد وعدني بتزويدنا بمئتين قطعة سلاح في الوجبة الأولى ،وفي إحدى الزيارات كان موجود عنده السيد آزاد برواري ،وغازي زيباري،وهم أعضاء قياديين يمثلون ( حدك ) في سوريا،وكان شخص آخر جالس معهم ،عندما دخلت الغرفة التي يستقبل فيها أبو فلاح زواره ،وقف الجميع للمصافحة والتعارف (كالعادة) وسأل الشخص الثالث وهو السيد خليل الوزير ( آبو جهاد ) نائب ياسر عرفات ،وقال أبو فلاح (حسن النقيب ) مين هذا الرجل؟ فقال هذا ضابط عراقي من إخواننا الآشوريين أعرفه منذ عام 1970، فقال آبو جهاد هل يوجد آشوريين باقين في العراق لحد الآن ! وأضافة قائلاً ،أنا أعتقد وحسب علمي إنهم موجودين فقط في المتاحف والمكتبات ! قلت له أنت أستاذنا وقدوتنا، ولكن أستغرب كثيراً من حديثك، أنت زعيم سياسي وعسكري وقائد شعبي كيف لا تعرف مكونات ألشعب العراقي وتاريخهم ،نحن أكثر من مليون آشوري لا يزال يعيشون في العراق،بإلاضافة الى الجاليات الآشورية في كل من
لبنان،سوريا،إيران ،فقال كيف تريدني أن أعرف أنتم موجودين في العراق ولم أقرأ أو أسمع عنكم شيئاً في وسائل الأعلام ،هل لكم وسائل الأعلام مثل الجريدة أو التلفزيون تعني بشؤونكم القومية والثقافية لكي أعرف من أنتم ،قلت له حقًا ليس لدينا وسائل إعلام في العراق لأنها ممنوعة ،ولكن أوعدك بأن نؤسس لإصدار جريدة في سوريا قريباً ،وبعد عدة أيام ناقشت الموضوع مع قيادة الحزب ،وقررنا إصدار جريدة شهرية في سوريا ،ولم يمض شهر حتى أصدرنا العدد الأول من( جريدة آشور ) وتم توزيعها على السفارات والمكتبات الأهلية .أدناه بعض الأعداد( لجريدة اشور)،ومحضر من الأجتماع مع المرحوم أدريس البارزاني وبعض الوثائق التي لها علاقة بالموضوع.
بعد فترة علمت بأن بعض أحزاب المعارضة أستلموا السلاح من الحكومة السورية ،وحتى البعض منهم باع نصف حصته والبالغة آلف قطعة من السلاح الخفيف ( كلاشنكوف ) الى عبدالله أوجلان رئيس حزب  p.k.k ،وعندما إستجوب من قبل المخابرات
السورية ،زودهم بالوثائق تؤكد شراء مواد غذائية والملابس وأجهزة الإتصال للبيشمركة . بعد مراجعتي المتكررة الى اللواء حسن ،كان يقول إن القضية تتطلب مزيدًا من الوقت ،وبقيت بالأنتظار .. أكثر من سنتين،وأخيراً أخبرني بالحقيقة ،وقال بالحرف الواحد،،إن اللواء علي دوبا مدير المخابرات قال لي ممنوع تزويد الآشوريين بالسلاح ،إننا مبتلين بحزب الكتائب في لبنان، أنتم تريدون آن تؤسسون لحزب الكتائب آخر في العراق، ولاسيما من الآشوريين ،هؤلاء الناس المعروف عنهم مقاتلون أشداء
ومناطقهم جبلية وعرة،بعد سقوط النظام آو تغييره  كيف يمكننا التخلص منهم فيما بعد،سيشكلون عقبة في طريق الوحدة العربية ،وخاصة بعد آن يكون بحوزتهم أسلحة متطورة وآلاف المقاتلين، ومنطقه جبلية تخدمهم ،ويمكن لجهة إقليمية أو دولة تستغلهم وتستخدمهم ضدنا،وان تجربتنا في لبنان خير شاهد على ذلك. وبعد هذه المواقف السلبية تجاه حزبنا وشعبنا قررنا ان نبق بالمعارضة سياسيًا فقط،بالرغم من أن الحزب الديموقراطي الكوردستان أبدى أستعداده لمساعدتنا بتسليح عدد محدود جدًا من أعضاء حزبنا،ولكن رفضت ،لان الحزب الذي لا يملك عدة مئات من المقاتلين في كوردستان ليحمي نفسه في رقعة جغرافية معينة، فإن مصيره معرض للخطر والزوال، وكانت تجربة صديقي العزيز الشهيد طليا شينو ورفاقه الاثني عشر التي لن أنساها أبدآ الذين أستشهدوا في منطقة دشت نهلة ( كلي دوبري) عام 1969 كيف غدر بهم الفرسان من عشائر منطقة زيبار( الجحوش ) وتم قتلهم جميعًا والتمثيل بجثثهم ، لقد عملت مع المرحوم طليا شينو في عام 1965 بعد آن إستشهد هرمز مالك جكو ،وأستلم المسؤولية من بعده ،وكنت المنسق السياسي بينه وبين مقر قائد البيشمه ركة في قاطع الشيخان ( سهل نينوى ) المرحوم حسو ميرخان دوله مري.

14
أضواء على أحزاب ألمعارضة العراقية في سوريا (الجزء الثاني) .

كانت أحزاب المعارضة العراقية منذ بداية الثمانينات من القرن الماضي، تعقد الأجتماعات والمؤتمرات العديدة في سبيل توحيد صفوفها ولكن دون جدوى،جميع المحاولات باءت بالفشل، والسبب الرئيسي كان لأختلاف في الرؤية بينهم نحو مستقبل العراق الجديد بعد سقوط النظام في بغداد، بالأضافة الى الخلافات التي كانت سائدة آنذاك بين الحزب الديمقراطي الكردستاني، والأتحاد الوطني الكردستاني، وهما من الأحزاب الرئيسية في المعارضة العراقية بالأضافة الى الحزب الشيوعي العراقي، لأنهم كانوا يحاربون النظام السابق من خلال قواتهم المسلحة من البيشمه ركة والأنصار في كردستان.

 وبعد جهود مضنية لتوحيد المعارضة من قبل الحكومة السورية والليبية، تقرر عقد مؤتمر في ليبيا - طرابلس ودعوة أحزاب المعارضة لتوحيد صفوفها في جبهة وطنية عراقية موحدة، وأتخذت الحكومة الليبية على عاتقها تبني هذا المشروع وأنيطت مسؤلية الأشراف على هذا المؤتمر بنائب الرئيس الليبي السيد عبد السلام جلود ونائب أمين سر القيادة القومية لحزب البعث في سوريا السيد عبدالله الأحمر. تم تقديم دعوة من قبل الحكومة الليبية لعشرون حزبآ عراقيآ في بداية عام 1983، وكان حزبنا ( حزب بيت نهرين الديمقراطي الآشوري )المسجل بهذا العنوان لديهم، من ضمن الأحزاب المدعوة لهذا الأجتماع.
 
أثناء تلك الفترة خابرني السيد عبد الجبار الكبيسي الأمين العام لحزب البعث قيادة قطر العراق المعروف ب(رفيق حازم )وقال أن حزبكم مدعو لحضور مؤتمر المعارضة في ليبيا أسوة بأحزاب المعارضة العراقية، وعليك أن تذهب الى السفارة الليبية لأستحصال سمة الدخول ( الفيزا ) وبطاقة السفر وستجد حزبكم مدرج بقائمة المدعوين.

 وفي اليوم التالي أتصلت مع بعض الأصدقاء من المدعوين لهذا الأجتماع وأتفقنا للذهاب سوية الى السفارة، ومنهم عبدالله الركابي وله تنظيم سياسي ناصري، أي من أنصار (جمال عبدالناصر) والضابط العراقي فيصل عبدالكريم الواسطي، وهو من تنظيم الضباط الأحرار بقيادة اللواء الركن حسن مصطفى النقيب.

ذهبنا الى السفارة، وفي غرفة الأستعلامات أعلمنا الموظف بأن نراجع مكتب الملحق الثقافي. أستقبلنا مدير المكتب بحفاوة، ودار حديث سياسي عام بيننا، ثم سلمنا له الجوازات، فوقع على كِلا الجوازين ،ثم مسك الجواز العائد لي بيده وبدأ يقرأ ويقرأ ويسألني، هل هذا أسمك الصحيح ؟!!،
 قلت: له نعم.
 قال: يظهر أنك غير مسلم ،ربما أنت مسيحي أو نصراني،
 قلت: نعم أنا مسيحي والحمدلله،
ثم قال: في الحقيقة أن الأخ معمر (القذافي) ينزعج من المسيحيين ولا يوافق على دخولهم ليبيا، وأنا لا أستطيع تحمل المسؤولية ولاسيما عندما يكون الأمر متعلق بالسيد ألرئيس، لهذه الأسباب أنا أعتذر لعدم منحك سمة الدخول،

شكرته على صراحته، علمآ أن الذين معي هم علمانيون لا علاقة لهم بالدين. فقام عبدالله الركابي وأنتقد القنصل وبشدة.
وقال له: عيب هذه الأسئلة التي مضى عليها أكثر من ألف عام نحن الآن في القرن العشرين وأنت تعيدنا الى الحروب الصليبية. ثم نحن مدعون الى ليبيا لتحقيق جبهة وطنية موحدة، وليس جبهة أسلامية موحدة، ثم أن المسيحيين مكون أصيل في وطننا العراق وهم جزءُ منا.

غادرنا السفارة بدون وداع، ثم ذهبنا الى شقة عبدالله لتناول الغذاء، ولكن المقدم فيصل عبدالكريم قال لي سوف أنقل كل ما حدث الى اللواء حسن النقيب الذي يرتبط بعلاقة جيدة مع القيادة الليبية، ولكنني رفضت ذلك رفضآ قاطعآ.

خابرت السيد جبار الكبيسي ليكون على بينة مما حدث. قال لي أنني أتوقع من القذافي كل شئ، أنه مجنون، تصور قبل فترة أتصل مع أحد الصحفين المعروفين وطلب منه أن يشكل له ثلاثة أحزاب للوطن العربي. الأول يتضمن العروبة والديمقراطية، والثاني يتضمن الأسلام والحرية، والثالث يتضمن الأشتراكية، حسب النظرية الثالثة التي جاء بها القذافي في الكراس (ألأخضر) الذي الفهُ. لكن الصحفي رفض طلبه بالرغم من المغريات المادية التي عرضها له،
 ثم قال على كل حال تفضل عندي بالقيادة لكي أعطيك جواز سفر بأسم آخر بحيث لا يبين أن حامله مسلم أو مسيحي، ولكن رفضت طلبه أيضآ وقلت له اٍن ممثلي أحزاب المعارضة جميعهم يعرفونني بأنني ممثل حزب آشوري، والآشوريون هم مسيحييون ولا يوجد آشوري واحد غير ذلك، ولا أريد أن أسبب لك مشكلة، لأن الجميع يعرفون أن حزبنا له علاقات وطيدة ومتميزة معكم.

 وهكذا أصبحت الأحزاب المدعوة للأجتماع في طرابلس تسعة عشر حزبآ، ومن الجدير بالذكر أن عبد السلام جلود شكل حزبان عراقيان في ليلة واحدة تضاف الى الأحزاب المجتمعة، وأصبح عددها واحد وعشرون حزبآ.

أنعقد الأجتماع في 2/2/1983 ودام خمسة أيام ،وتمخض عن أصدار بيان مشترك يتضمن أتفاقآ لتوحيد صفوفهم في جبهة وطنية عراقية موحدة، ولكن لم ينفذ ولا فقرة واحدة من البيان الختامي، وأصبح حبر على ورق. وبعدها عقدت مؤتمرات أخرى, ولكن لم تنجح ولم تتوحد المعارضة العراقية الى يومنا هذا.

داود برنو



15

أضواء على أحزاب  المعارضة العراقية في سوريا ،في الثمانينات من القرن الماضي.
يمكن ان نكتب حول هذا الموضوع ملفات عديدة،ولكن الآن ما يهمنا  نتطرق فقط الى الأمور التي تتعلق بقضية شعبنا (الكلداني السرياني الآشوري) في العراق،
بدأت أحزاب المعارضة للنظام العراقي تتوافد الى دمشق منذ بداية عام ١٩٧٩،وكان حزب البعث المنشق من بعث العراق موجود منذ بداية السبعينات،وفي تلك الفترة كان مسؤول القيادة القطرية السيد عبد الجبار الكبيسي(رفيق حازم)ومساعده باقر ياسين،وقبله كان العزاوي تم اغتياله من قبل المخابرات العراقية ،وفي عام ١٩٧٥ تأسس الإتحاد الوطني الكردستاني (أوك ) في دمشق بقيادة جلال الطالباني ،والحزب الأشتراكي الكردستانى بقيادة رسول مامند ،والدكتور محمود عثمان،وأحزاب أخرى صغيرة بقيادة علي سنجاري،وعبد الخالق زنكنة ..الخ ،بالإضافة آلى أحزاب عروبية مثل الوحدويين العرب،والناصرين ..الخ،ومن الشخصيات البارزة فيهم ،الدكتور مبدر الويس ،محمد الحبوبي ،وعوني القلمجي ،وعبدالله الركابي ..الخ ،وفي بداية الثمانينات كان الحزب الشيوعى العراقي والمنظمات الماركسية الملحقة به ،أكبر الأحزاب في المعارضة العراقية في سوريا،كان لهم مكتب سياسي في دمشق،وكان لممثلي الأحزاب الكوردية مكاتب سياسية في دمشق،ومنهم مسؤول مكتب الحزب الديمقراطي الكوردستاني(حدك) السيد آزاد برواري ،ومسؤول مكتب (أوك) الدكتور فؤاد معصوم، ومسؤول مكتب حزب الشعب الكردستاني السيد سامي عبد الرحمن ،وكان أيضاً في المعارضة شخصيات عراقية مستقلة، منهم عسكريين  ومدنيين ،وأبرزهم كان اللواء الركن حسن مصطفى النقيب،الذي شكل تجمع من الأحزاب بإسم( الثورة العراقية) وكان حزبنا حزب بيت نهرين الديمقراطي  عضوًا فيها،وكذلك الحزب الديموقراطي الكردستاني وآخرين أعضاء فيها ،كان ( حدك ) بعيدًا عن الساحة السورية حتى بداية الثمانينات بسبب بعض الشخصيات الكردية المعارضة له،والتي كانت تحظى بدعم من الحكومة السورية آنذاك ،ولكن بعد العام ١٩٨٢ تعززت العلاقة بين الحكومة السورية وقيادة ( حدك )المتمثلة بالزعماء مسعود وإدريس البارزاني،وقاموا بزيارة دمشق واللقاء مع القيادة السورية ،ولعدة مرات تلبية لدعوة من القيادة السياسية في دمشق.
أما الأحزاب الإسلامية الشيعية ،كان مكتب  لحزب الدعوة في منطقة السيدة زينب يديره السيد جواد المالكي ،ومكتب لرجل الدين الشيعي السيد عامر الحلو  من أهل الكوفة ،كان ممثلًا للسيد محمد باقر الحكيم الذي كان في إيران رئيسًا للثورة الإسلامية في العراق ،والتي كانت تضم أكثر من عشرة تنظيمات إسلامية شيعية ،وكانت علاقتي الشخصية مع الشيخ عامر الحلو جيدة جدًا ،وكنت أزوره دائماً ،ومن خلاله تمكنت من زيارة إيران لعدة مرات ،
كان هناك بعض الأحزاب للمكونات العراقية ومنهم،حزب الديمقراطي التركماني بقيادة المحامي عزالدين قوجي من أهالي كركوك،وكانت شخصيات من اليزيديين بقيادة السيد قاسم ششو من سنجار،ولا يزال قائد عدة فصائل مسلحة في منطقة جبل سنجار،لقد التقيت به عدة مرات في مدينة القامشلى.
كان لحزب بيت نهرين مكتب في دمشق ،ومقر في القامشلي يضم أكثر من عشرون مقاتلًا ينتظرون تزويدهم بالسلاح للمشاركة بالكفاح المسلح في كردستان،(وكان مشروعنا في الكفاح المسلح لا يقتصر على عشرات المقاتلين فقط ،ولكن جهات عديدة وقفت ضدنا،وسوف نكتب عنها في المستقبل)،لقد كان  للحزب أيضاً مكتب في محافظة الحسكة لجريدة الحزب التي كانت تصدر في دمشق يديره الرفيق أنور آدم .
كانت جميع أحزاب المعارضة العراقية ترتبط بشكلٍ أو بآخر مع المخابرات السورية ( الفرع الخارجي ) الذي كآن يرأسه العقيد الركن عدنان الحمداني.
في عام 1983 أنفجرت سيارة مفخخة في حارة ( حي ) السادات بدمشق ،وأودت بحياة العشرات من المواطنين الأبرياء ،وهدمت العديد من البنايات والأسواق،وبعد الكارثة مباشرة، زارني السيد أبو جعفر وهو ضابط عراقي من أهل الحلة يعمل مع المخابرات  السورية،ويقال أن أسمه صادق الركابي،
ومعروف لدى معظم العراقين في دمشق،أبلغني بأن أحضر الى مديرية المخابرات السورية آلتي يرأسها اللواء الركن علي دوبا،وهو من أقرباء حافظ الأسد،والمعروف عنه بأنه حامي النظام في سوريا،وسألت أبو جعفر عن سبب الأستدعاء،فقال الله وحده يعرف السبب،في اليوم الثاني إستصحبني أبو جعفر بسيارته الى مديرية المخابرات ،ودخلنا الى مدير المكتب العميد الركن ومعه شخص مدني ،فأمر العميد أبو جعفر بأن ينتظر في الأستعلامات ،عندها شعرت بالاطمئنان قليلًا لأنني سأعود الى مكتبي،ثم بدأ العميد يقول: لدي الكثير من الأسئلة لك ،ولكن الوقت محدود،أريد منك الجواب بسرعة لكي لا يداهمنا الوقت،وكانت الأسئلة كثيرة جدًا وفي كافة المجالات ولاسيما الأمنية والسياسية ،وجعلني من خلال بعض الأسئلة كأنني في موقع آلمتهم ،وبعد ساعتين من التحقيق ،نهض من كرسيه الدوار وجلس الى جانبي،ثم أبتسم وقال لنشرب القهوة سوية،وأضاف قائلًا ،أعرف أنني اتعبتك وأزعجتك ولكن هذا واجبي،ثم أصبح لطيفًا جدًا في تعامله معي،وقال نحن نحبكم أنتم الآشوريين ونحترمكم ونثق بكم ،وقال هناك الكثير من الجنود وضباط الصف من الآشوريين يعملون في مواقع أمنية مهمة، ثم قال نعرف إن حزبكم بحاجة ماسة الى دعم ماديًا وسياسيًا  وعسكريًا ونحن مستعدون لتوفير هذا الدعم لكم إذا لبيتم طلبنا،وقاطعته وقلت ما هو المطلوب من عندنا،فقال شاهدتم الأنفجار المدمر الذي أحدثته السيارة المفخخة آلتي أرسلها الينا المجرم سبعاوي إبراهيم  شقيق صدام مدير جهاز المخابرات في العراق،وقررنا الرد عليه بعملية مماثلة ،قررنا تفجير الجسر الحديدي في مدينة الموصل،ونحن كدولة عضو بالأمم المتحدة لا نستطيع القيام بهذه العملية، الا من خلال أحزاب المعارضة العراقية ،نحن نقوم بعملية التفجير،ثم ندعوا وسائل الأعلام للقاء معك في مكتبك وتعلن بأن العملية تم تنفيذها من قبل مفارزكم في الداخل،قلت له لابد آن نناقش هذا الموضوع مع قيادة حزبنا وأنني لست مخولًا بإتخاذ مثل هذه القرارات ،ثم إننا حزب صغير ليس لدينا تلك الإمكانيات وحتى إذا أعلنا ذلك لا أحد يصدق بنا، ثم هذا الجسر سبعون في المائة من الذين يعبرون عليه هم مسيحيون من بلدات سهل نينوى وأنا منهم ،بإلاضافة الى ذلك ،فإن صدام لا مانع لديه من إبادة المسيحيين في المنطقة ،ولقد شاهدنا كيف قتل أكبر مرجعية شيعية في النجف السيد محمد باقر الصدر وشقيقته ،والذي يقلده ملايين من الشيعة العراقيين وغيرهم ،على كل حال نحن لا نرفض طلبكم إذا كان ضمن إمكانياتنا ،نحن نشكركم ومدينين لكم لقبولكم أستضافتنا في بلدكم ،وسوف أعلمكم القرار الذي تتخذه قيادة حزبنا وأنتهى اللقاء،ثم جاء أبو جعفر وعدنا من حيث جئنا.
بعد عدة أيام بلغت أبو جعفر بآن قيادة حزبنا لا توافق على هذه العملية لأنها تستهدف البنية التحتية لمدينة الموصل ،وان الجسر لا يملكه النظام وإنما ملك للدولة العراقية ،وبعد تلك الحادثة تغيرت علاقتنا مع الحكومة السورية ولم نحظى بأية مساعدات منهم ،بينما معظم الأحزاب كانت تستلم مساعدات مالية وأسلحة من ليبيا بواسطة الحكومة السورية.

داود برنو


 


17
.
زيارة الى برلمان إقليم كوردستان. العميد المتقاعد داود برنو

بدعوة من السيدة النائب كلارا عوديش ،والسيدة النائب رابينا عزيز. مشكورين قمت بزيارة الى برلمان الإقليم في أربيل العاصمة يوم الاحد المصادف 2 / 10 / 2022 ،التقيت مع ممثلي شعبنا ( الكلداني السرياني الآشوري ) المسيحي، كل من كلارا عوديش، روبينا عزيز ،النائب روميو هكاري ،النائب جنان جبار ،أما ممثل الحركة الآشورية النائب فريد يعقوب فلقد كان خارج القطر..
ناقشنا موضوع سبل إتخاذ مواقف موحدة إزاءً قضايا شعبنا،وخاصة ما يتعلق بالأنتخابات القادمة في إقليم كردستان ،فالخلاف لايزال قائمًا بين من يذهب في إتجاه حصر إنتخاب ممثلينا بالمسيحيين فقط، ومؤيدوه هم ، المجلس الشعبي المتمثل بالسيدة كلارا عوديش،والحركة الآشورية التي يمثلها السيد فريد يعقوب أما كتلة تحالف الوحدة القومية برئاسة النائب روميو هكاري والتي تضم ، حزب بيت نهرين ، والمجلس القومي الكلداني،المتمثل بالنائب جنان جبار،وتضم الكتلة أيضاً النائب روبيناعزيز ،والتجمع السرياني ،والوزير آنو جوهر وزير المواصلات ، وهؤلاء يطالبون بحق أي مواطن كوردستاني بالمشاركة في أنتخابات ممثلي المكونات،بغض النظر عن دينه وقوميته، إستناداً الى ميثاق حقوق الانسان في الأمم المتحدة ، وكل طرف متمسك بموقفه بقوة وإصرار ، لكن في الحقيقة إن حصر الانتخابات لممثلي شعبنا بالمسيحيين فقط ،يقضي آلى أنتخاب أشخاص يمثلون شعبنا بحق. قادرون على التعبير عن هموم المسيحيين والدفاع عن حقوقهم، بالرغم من علاقات الصداقة والنضال التي تربطني مع البعض من أعضاء البرلمان ولكنني أرى آن الإتجاه الآخر المتذرع بالمواثيق الدولية وحقوق الإنسان ،إنه حق يراد به باطل،فالوضع بالعراق موغل بالفساد والتزوير ،وهذه القوانين والمواثيق سنت للشعوب الواعية ذات الإرادة الحرة المستقلة،والدول الأوربية على سبيل المثال.
يبدو آن هذه الخلافات ستبقى قائمة طالما آن هناك مستفيدين من الأشخاص ،وكذلك من الأحزاب الكبيرة التي تسيطر على الساحة السياسية في الإقليم ، وكذلك أيضاً يمارس هذا الشيء في إنتخابات برلمان بغداد ولعدة دورات مضت.
لكن بخلاف قضية الانتخابات ، نطالب أعضاء البرلمان في إتخاذ مواقف موحدة في القضايا الأخرى التي تهم شعبنا، على سبيل المثال ، إيجاد فرص عمل للخريجين من أبناءً شعبنا، وكذلك قضية التجاوزات المستمرة على آراض وممتلكات شعبنا ،وموضوع الخدمات للقرى والقصبات لأبناء شعبنا في كوردستان.

18
الفرصة الأخيرة للمسيحيين في العراق..


بقلم :داؤد برنو- القوش
قبل عشرة سنوات كتبت في موقع عنكاوا موضوع (الفرصة الأخيرة للأشوريين في العراق )والآن اكتب تحت العنوان أعلاه بسبب ازدياد حجم المخاطر واتساعه , لقد كشر العدوان عن أنيابه بطريقة جلية وواضحة . في حينها اقترحت في مقالات عديدة , تشكيل قوة مسلحة لحماية بلداتنا في سهل نينوى ,وخاطبت عدد من المسؤولين دون جدوى .
قد يكون من الضروري جدا استعراض موجز لسلسة الاعتداءات في المائة سنة الأخيرة كي نلاحظ تصاعد وتيرة الضغط على شعبنا ابتداء من مذابح سيفو (1915) التي راح ضحيتها ثلاثة ملايين من الأرمن والكلدو أشوريين السريان,أعقبها مذابح سميل (آب 1933) التي راح ضحيتها خمسة آلاف شهيد وعشرات الآلاف من المشردين ثم وقعت مذبحة قرية صوريا بدم بارد عام 1969 وكان ضحيتها أكثر من خمسون شهيد ,فضلا عن كل ما أسلفناه الأذى الذي لحق بقرانا وبلداتنا جراء محاولة قمع الثورة الكردية من قبل الحكومات الدكتاتورية الجائرة في بغداد.  أخيرا , بعد (2003) نطل على مفترق طرق مع فوضى (الديمقراطية) وسيطرة الأحزاب الدينية الطائفية , الذي نتج عنه صراعات طائفية امتدت إلى المحيط الإقليمي والدولي ,كان نصيب المكونات الصغيرة الإقصاء والقتل والخطف وأخيرا التهجير.
المشاركة في أي فعالية في هذا الوضع (المحاصصة)هي أشبه بالدخول إلى بركة من المياه الآسنة من الصعب جدا الخروج منها بسلامة ..هذا الوضع حجم دور الأحرار وأطلق العنان للانتهازيين والمغامرين , وفتح لهم الباب على مصراعيه ,الأمر الذي انعكس على الفعاليات المسيحية سلبا ,فمن ارتمى في هذا الحضن أو ذاك , وضاع الهم المشترك للمسيحيين بين الهموم التي ولدتها حالات الانقسام غير المبرر , وقد أوشكنا أن نكون أمام تحدي (أن نكون أو لا نكون ) ونحن على أعتاب تحرير مناطقنا من أيدي تنظيم داعش (الوجه الأبشع للإرهاب الإسلامي ).
التحرير الحقيقي لا يكون ناجزا الا في ظل النظام المدني الديمقراطي المتوافق مع الشرعة الدولية لحقوق الإنسان مع توفر الإرادة السياسية لترجمة هذه الأفكار على ارض الواقع ,وهو أمر بعيد المنال فرغم هول ما وقع على المكونات الصغيرة فأن التهميش سار على قدم وساق .
فيما يخص القوات الأمنية للمكون المسيحي , فلقد قمت بزيارة استطلاعية للبعض منها ,وتقصيت المعلومات الوافية عن الأخرى ,لاحظت إنها تنقسم إلى أربعة تشكيلات ,يأتي في المقدمة منها وحدات حماية سهل نينوى (NPU ) كونها مكلفة بمهام حفظ الأمن في برطلة وقرقوش وكرمليس بالمشاركة مع قوات الشرطة الاتحادية ..الجدير ذكره أنها تعمل بغطاء سياسي للحركة الديمقراطية الأشورية ,ثم قوات (الحراسات)التابعة إلى وزارة الداخلية في الإقليم (الزريفاني)وغطاؤها السياسي المجلس الشعبي ,وثم (قوات حماية سهل نينوى التابعة إلى وزارة البيشمركة ,بغطاء حزب بيث نهرين , وأخيرا قوات (دوخ نوشا) المستقلة ,التابعة لحزب الوطني الآشوري . جميع هذه التشكيلات مجهزة بأسلحة خفيفة لا تناسب حجم وخطورة المعارك في المنطقة فضلا عن الافتقار إلى الأمور اللوجستية  .
هذا ما يتعلق بالوضع الداخلي وهو غير مشجع ولا يمكن التعويل عليه, ويزيد الأمر صعوبة الوضع العراقي العام والإقليمي والتغيرات الدراماتيكية في مواقف الأحزاب والكتل السياسية المختلفة. هذا الواقع يأخذنا للتفكير جديا بحلول أمنية ناجعة , في ظل فقدان الثقة بالحكومة الاتحادية وحكومة الإقليم إلى جانب ما قامت به مجموعات من المواطنين في الجوار من أعمال نهب وسلب واعتداء , لا يزرع الأمل في النفوس إلا وجود حماية دولية تحافظ على ما تبقى من شعبنا في إطار قانوني وأداري (استحداث محافظة ) يحترمه جميع الأطراف العراقية ,الأمر الذي يجمع عليه جميع المكونات في سهل نينوى من الأيزيدية والمسيحيين والشبك .

اقتراحنا نابع من رغبة صميمة عميقة لغرض تجاوز الرعب والمخاوف التي وقعت والخوف من المستقبل المجهول ,لاسيما بعد تحرير الموصل وما قد يحصل من صراعات دامية يدفع فيها المكونات الصغيرة أثمان باهضة .من هنا تكون الحاجة ماسة إلى طمأنة النفوس وإيقاف نزيف الهجرة المستمر والشروع في إحلال سلام حقيقي في المنطقة في ظل الانفتاح والاحترام المتبادل ,وبناء مجتمع متطور ومزدهر .           


19
زيارتنا الى لبنان ...الجزء الثالث

في اليوم الثالث قمنا بزيارة الى مقر قيادة القوات اللبنانية وحسب الموعد المقرر , أستُقبلنا من قبل بعض أعضاء المكتب ,ثم جاءً الينا المستشار السياسي للدكتور سمير جعجع الأستاذ توفيق الهندي ومعه إثنان من رفاقه وقال لنا إن الحكيم (الدكتور سمير جعجع) يرحب بكم ولكن مع الأسف لم يتسنى له الحضور معنا بسبب إنشغاله مع بعض الزائرين ومنهم السفير الألماني وكلفني أن نلتقي معكم لتبادل وجهات النظر وبحث الأمور ذات الإهتمام المشترك,ثم إستعرضنا معه الوضع السياسي في العراق وتداعيات الحرب العراقية الأيرانية وإنعكاساتها على شعبنا الآشوري بشكل خاص والمسيحي بشكل عام, وتطرقنا الى نشاطات أحزاب المعارضة العراقية المتواجدين في سوريا وعلاقة (حزب بيت نهرين) معها وأن الأحزاب الرئيسية في المعارضة كان لها فصائل مسلحة في كردستان تمارس الكفاح المسلح ضدً النظام وبشكل محدود. ثم بدأ الدكتور توفيق حديثه قائلآ (إن رؤيتنا للأوضاع في العراق تختلف عن رؤيتكم ولا بدً أن تعرفوا جيدآ إن الذي يحكم العراق هو حزب البعث بقيادة صدام,وهو أخطر دكتاتوري في المنطقة وتاريخه يشهد على ذلك,إنه شخص مغرور وشرير لا حدود لطموحاته الشخصية,ومن هذا المنطلق إننا نقترح عليكم بعدم تصعيد معارضتكم ضد النظام ولاسيما في مجال الكفاح المسلح,وعليكم الإكتفاء بمعارضة رمزية لأن صدام إذا غضب عليكم يمكن أن يقوم بإرتكاب أعمال وحشية ومجازر دموية بحق المسيحيين قاطبة في العراق, ولا يوجد قوة في هذا العالم مستعدة لأيقافه أو منعه من القيام بذلك,ونحن نحذركم من المراهنة على المجتمع الدولي وأميركا. إننا في لبنان عانينا منهم الكثير, ولنا تجربة مريرة معهم,لا تحركهم سوى مصالحهم المادية أو لتعزيز نفوذهم في المنطقة, أما أنتم فلا مصلحة لهم معكم وخاصة في الوقت الحاضر,لأنكم لا تشكلون طرفآ مهمآ في المعادلة السياسية العراقية. لقد شاهدتم أو سمعتم كيف أن صدام أقدم على قتل العلامة محمد باقر الصدر وأخته( بنت الهدى) والذي يعتبر أكبر مرجعية دينية شيعية في العراق,ويسانده ثلاثمائة مليون مسلم شيعي في العالم, ومع هذا لا أحد إستطاعَ أن يردعه أو يضع حدآ لأعماله الأجرامية بالإضافة الى هذا يشًنُ حربآ ضدً الجارة أيران التي تتزعم المذهب الشيعي في العالم علمآ أن أكثر من نصف سكان العراق هم من الطائفة الشيعية الكريمة.ثم إنتقل في حديثه الى الوضع السياسي والأمني في لبنان والمنطقة,وكيف أن بعض الدول الأقليمية تحارب بعضها البعض على الساحة اللبنانية من خلال بعض الأحزاب اللبنانية والمنظمات الفلسطينية.وهنا أودً الإشارة الى أن أحد الأشخاص من الذين كانوا مع الدكتور توفيق الهندي هو عضو قيادي سابق في الحزب الشيوعي اللبناني من جماعة جورج حاوي لم أتذكر أسمه.سألته عن سبب إنتقاله من حزب يساري الى حزب يميني حزب القوات اللبنانية (كما تصفه أحزاب الحركة الوطنية اللبنانية) فردً عليً قائلآ إن ما يسمى بأحزاب الحركة الوطنية اللبنانية هي مجرد شعارات جوفاء خالية من المضمون,وأن مهامهم تنفيذ لمخططات سوريا وغيرها في لبنان, وسبب التحول الذي حصل عندي جاءً بعد تجربة مريرة مع ما يسمى (الحركة الوطنية اللبنانية التي كان يقودها نبيه بري رئيس حركة أمل الشيعية, والزعيم الدرزي وليد جنبلاط) وكان مرشدها اللواء غازي كنعان قائد الجيش السوري في لبنان,وكان هناك أيضآ أحزاب أخرى في الحركة ومنهم الحزب الشيوعي اللبناني الذي كنت أنتمي اليه. وأذكر لكم حادثة واحدة على سبيل المثال لا الحصر.
لقد كانت معظم مناطق لبنان أثناء الحرب الأهلية مقسمة الى مربعات أمنية وفيها العديد من نقاط التفتيش (الحواجز الأمنية) منها الثابتة والمتحركة, وكان الذين يقومون بهذه المهام هم عناصر يمثلون أحزاب الحركة الوطنية,وكنت أمثل الحزب الشيوعي اللبناني في هذا الواجب,وتم تنسيبي الى إحدى نقاط التفتيش في (منطقة شتورا) وشاهدت حالتين تم إطلاق نار على إثنين من ركاب سيارة الأجرة القادمة من مدينة زحلة الى بيروت دون تحقيق مجرد لكون أسمائهم في الهوية الشخصية مسيحية (جوزيف وميشيل) ولا علاقة لهم مع حزب الكتائب أو القوات أو الأحرار, وتكررت مثل هذه الحوادث مرات عديدة,وعند إعتراضي لدى مسؤول نقطة التفتيش قال لي ,نحن نعمل بموجب التعليمات الصادرة الينا من القيادة,وذهبت الى القيادة وقدمت لهم إعتراضي على ما يقومون به من أعمال إجرامية بحق المواطنين الأبرياء من المسيحيين فلم أجد من يسمعني وأخيرآ تبين لي أنهم يشنون حربآ عنصرية ضدً المسيحيين بشكل عام,إنهم يجلبون المقاتلين المسلمين (المجاهدين) من جميع أنحاء العالم ولا سيما من الدول الأفريقية لمقاتلة مسيحيي لبنان لغرض إرهابهم وتهجيرهم,وهذا ما تدعو اليه بعض مقررات القمة الأسلامية ( إخلاء المنطقة العربية من غير المسلمين) وأضاف قائلآ هناك أدلة عديدة لا مجال لذكرها..كلها تبرهن بأن الحرب الأهلية في لبنان هي حرب دينية عنصرية لا علاقة لها بالتقدمية أو الرجعية كما هم يدعون.
وفي اليوم التالي التقينا مع شخصية سياسية وطنية الأستاذ لويس فارس كان يمثل مؤسسة مسيحية لم أتذكر عنوانها. بعد أن إستعرضنا معه الأوضاع في العراق والحرب العراقية الأيرانية,بدأ يشرح لنا الأوضاع في لبنان والمنطقة والعلاقة بينهما,وفي سياق حديثه ذكر أسم بيير جميل مؤسس حزب الكتائب فقاطعته وقلت: ألله يرحمه ,فردً عليً قائلآ ألله لا يرحمه سألته لماذا أجابَ لأنه جاءَ الينا بنظرية سياسية أثبتت الأحداث بما لا يدع مجالآ للشك ومنذ بدايتها عام ١٩٧٥ فشلها الذريع حيث كانت المادة الثانية من دستور حزب الكتائب تنص على أن (اللبناني هو أخ اللبناني بغض النظر عن دينه وقوميته وطائفته ومنطقته) بينما نحن نقول: إن المسيحي المشرقي هو أخو المسيحي المشرقي الآخر بغض النظر عن قوميته وجنسيته ولأي قطر ينتمي,لأن المسيحيين المشرقيين لهم آلام ومآسي مشتركة في الماضي ولهم آمال مشتركة في الحاضر والمستقبل,لأن لنا مبادئ وقيم مشتركة لا نحيد عنها قيد أنملة,إن ثقافتنا تختلف عن الآخرين من الذين يعيشون معنا في هذا الوطن, كما أن عدونا مشترك لا يفرق بين مسيحي لبناني أو مسيحي سوري أو مسيحي عراقي...الخ وهذا هو برنامج (حزب إخوان المسلمين) الذين إنبثقت منهم جميع المنظمات الأرهابية المنتشرة في العديد من دول العالم ونحن كمسيحيين مستهدفين من قبلهم لأنه وكما يقولون أن الله أمرهم بقتلنا وهذا ما نشاهده اليوم وسوف نشاهده غدآ وفي المستقبل..وفي الختام كثيرة هي العبر التي يجدر بنا أن نستقيها من هذه الأحداث في الوقت الذي نحن مقبلون على أوضاع أشدُ خطورةً وأكثر تعقيدآ من الأوضاع الراهنة.
داود برنو 
 
David Barno



20

زيارتنا الى لبنان ..دروس وعبر .. الجزء الثاني

بعد زيارتنا الى رئيس حزب الكتائب الدكتور جورج سعادة في بيروت الشرقية ,قمنا في اليوم التالي بزيارة الى رئيس حزب الأحرار السيد داني شمعون وهو أبن رئيس جمهورية لبنان الأسبق المرحوم كميل شمعون. بعد أن إستعرضنا معه الأوضاع السياسية في العراق ,والأسباب التي أدت بنا لإتخاذ موقف معارض للنظام الدكتاتوري في بغداد, إستهل هو أيضآ بشرح طبيعة الأوضاع السائدة في لبنان من الناحية السياسية والأمنية والتدخلات الخارجية فيه.ثم تطرق الى العلاقات الوطيدة التي كانت تسود بين والده والآشوريين بشكل عام ومنظمة الإتحاد الآشوري العالمي بشكل خاص. وإستطردً قائلآ ..إن حزب الأحرار هو الوحيد الذي يضم في صفوفه فصيل آشوري يقاتل جنبآ الى جنب معنا ضدَ أعدائنا,وما أكثرهم في هذه الأيام.ثم تحدث عن علاقته مع صدام التي كانت إمتدادآ لعلاقة والده معه,وهذه العلاقة كانت تقتصر على هواية ممارسة الصيد فقط لا غير ذلك.ثم تطرق الى زيارته الى بغداد قبل فترة لممارسة هواية الصيد وقال [لقد مكثت في بغداد أسبوعآ واحدآ وكنت أذهب للصيد يوميآ جنوب بغداد في غابات المحمودية,وفي اليوم الأول ذهبنا سوية أنا وصدام وآخرين وأخبرني بأنه لا يستطيع المشاركة معنا في الأيام القادمة لكثرة أشغاله,ولكن سيرسل معنا بعض من جماعته من الذين يمارسون هواية الصيد ولهم رغبة بذلك,كما أكدً لي بأنه سيزورني قبل سفري الى لبنان في دار الضيافة المخصص لإقامتي في بغداد - الكرخ] وإستطردَ قائلآ ..[قبل يوم واحد من مغادرتي بغداد زارني عدد من رجال الدين المسيحيين وقالوا لي إن الحكومة العراقية شنتً حملة إعتقالات ضدً بعض الآشوريين بسبب شعورهم القومي فقط,ولم يرتكبوا أية مخالفة أو جريمة ضدً الحكومة أو ضدً الدولة.ويبلغ عددهم أكثر من مائة وخمسون شخصآ,وطلبوا مني أن أساعدهم في الأفراج عنهم وإطلاق سراحهم,وقلت لهم أوعدكم بأنني سأبذل قصارى جهدي في سبيل ذلك,وسألتقي الرئيس صدام قبل سفري,إذهبوا وإطمئنوا وكل شئ سيكون على ما يرام] وفي اليوم التالي زارني صدام في دار الضيافة وبعد تناول كأسآ من المشروب عرضت عليه المشكلة وطلبت منه وبإلحاح إطلاق سراحهم ,فوعدني بذلك فيما إذا لم يتم إدانتهم بجريمة ضدً أمن الدولة. في اليوم التالي أخبرني راعي الكنيسة الآشورية في بغداد وقال بأن ثلاثة من الشباب المعتقلين أعدموا والباقي معظمهم أطلق سراحهم ونشكر جهودك, وأضاف السيد داني قائلآ [إتصلت بصدام لمعرفة سبب إعدام هؤلاء الشباب فقال لي إن إعدامهم تم قبل عدة أيام وليس اليوم وأنا آسف جدآ لما حصل,ولو خابرتني قبل فترة وجيزة لما حصل ذلك بالتأكيد] ثم أكد السيد داني على دوره الرئيسي في إطلاق سراح المعتقلين الآشوريين.وفي نهاية لقائنا أبدى إستعداده لتقديم أية مساعدة ممكنة لنا ولا سيما في مجال الإعلام.
وهنا أودً الإشارة الى موضوع ذات صلة بوالده المرحوم كميل شمعون.
في بداية الثمانينات من القرن الماضي عندما كنت مقيمآ في سوريا - دمشق, إطلعت من خلال الأستاذ آدم هومي وهو سياسي معروف في سوريا وخاصةً في محافظة الحسكة, على مشروع تم الإتفاق عليه بين الرئيس شمعون, والإتحاد الآشوري العالمي, لتوطين الآشوريين المهاجرين من العراق في لبنان من الذين يرغبون بذلك,وفي منطقة ( تل الزعتر ) بالذات ومنحهم الجنسية اللبنانية.علمآ أن هذه المنطقة تعتبر أستراتيجية من الناحية العسكرية للدفاع عن بيروت,وأصبحتً فيما بعد مخيم للاجئين الفلسطينين.ومن خلال زياراتي المتكررة الى لبنان إتصلت ببعض الأشخاص ذوي العلاقة بهذا المشروع لمعرفة الحقيقة وأسباب الفشل, ومنهم المطران روفائيل بيداويذ راعي أبرشية الكلدان في لبنان ,حيث كان مساهمآ في هذا المشروع الى حدً ما وبشكل مباشر,وبعد الحديث معه تبين لي بأن المشروع كانً عظيمآ وناجحآ,وتحدث المطران عن الإستحضارات التي قاموا بها لتأمين مستلزمات نجاحها,وأضافَ المطران قائلآ [لقد ذهبت الى روما لأجمع التبرعات لهذا المشروع,وحصلت على وعود من شركات ومنظمات إنسانية عديدة أبدت إستعدادها لتقديم مائة مليون دولار, وبناء مجمع سكني يضم ألف شقة سكنية وملحقاتها,على شرط أن توافق الحكومة اللبنانية على هذا المشروع,ولكن مع الأسف الشديد لم يكتب له النجاح ولا نعرف أسباب ذلك.! ولكنني أبديت رغبتي الشديدة لمعرفة أسباب فشل هذا المشروع, ثم ساعدني في تأمين لقاء مع ضابط متقاعد من الجيش اللبناني وهو من مؤيدي حزب الأحرار ,وأثناء اللقاء معه قال لي وبإختصار. إن جمال عبدالناصر أرادَ أن يحتل لبنان قبل أن تحتله سوريا من خلال الفلسطينين وأنصاره من العروبين في لبنان, فجاءَ الينا بإتفاقية القاهرة عام١٩٧٠ والتي فرضها على الرئيس اللبناني شارل الحلو أثناء مؤتمر القمة العربي,وتنص الأتفاقية على توطين ٤٠٠٠٠٠أربعمائة ألف فلسطيني في مخيمات جنوب لبنان وحتى ضواحي بيروت, وعندها أعلن الرئيس السابق كميل شمعون ومعه عدد من الضباط ومنهم وزير الدفاع رفضهم القاطع لهذه الأتفاقية وتلك القرارات, لأنها تشكل خطورة بالغة على مستقبل المسيحيين في لبنان, وتخلً في التوازن الديمغرافي القائم بين المسيحيين والمسلمين في هذا البلد. وإنطلاقآ من هذا الوضع الخطير المستجدً على الساحة اللبنانية والعربية, قرر كميل شمعون إيجاد قوات مقاتلة لتجابه المقاتلين الفلسطينين ليحصل توازن في القوى بين المسيحيين والمسلمين فيما إذا لو حصل إقتتال داخلي في هذا البلد.وقال شمعون إن خيارنا الوحيد هو جلب المقاتلين الآشوريين من العراق لما لهم من الشجاعة والخبرة ليكونوا سدًآ منيعآ ضدً تمدد الفلسطينين نحو بيروت والجبل.أما الجانب الآخر من المسلمين وبعض المسيحيين رفضوا هذا المشروع ووقفوا ضدًهُ بشدة.وفي أحد الأيام تم تكليف وزير الدفاع وعدد من الضباط بمهمة داخلية وأسقطت طائرتهم في ظروف غامضة فوق ضواحي بيروت ولقيً حتفهم جميعآ, ولحدً ذلك اليوم لم يكشف عن أسباب سقوط الطائرة ولم يجر تحقيق حول الحادث ,وبعدها تراجع كميل شمعون عن هذا المشروع لأنه إعتبر سقوط الطائرة بمثابة رسالة تهديد له .شارك في هذه المؤامرة قوى خارجية وداخلية وكذلك أحد الرموز البارزين في حزب الكتائب آنذاك.. وفي العدد القادم زيارتنا الى القوات اللبنانية       ..ية
ملاحظة.. أودً الإشارة الى الجزء الأول من المقال الذي ذكرت فيه بأن الزيارة التي قام بها وفدً من أبناء شعبنا الى السيد مسعود البارزاني الشهر الماضي في واشنطن ,كانت فاشلة حسب رأي الشخصي.. في الحقيقة إنني لم أعني بذلك أعضاء الوفدً بالذات. إنهم مشكورين على تلبية الدعوة وتحملهم نفقات السفر والتضحية بوقتهم الثمين, وهذه ليست المرة الأولى ولن تكون الأخيرة . إنني أعتذر لهم إذا ظنوا قدً أسأت البهم, لكنني إنتقدت اللقاء الروتيني المتكرر بشكل عام,وكذلك اللقاءات التي تتم مع المسؤولين في حكومة بغداد معظمها دون جدوى,تستهدف الدعاية لهذا الطرف أو ذاك. إ إذا قمنا بإحصاء عدد اللقاءات التي تمت بين ممثلي شعبنا والمسؤولين في كل من حكومة بغداد وأقليم كردستان منذ سقوط النظام في ٢٠٠٣ والى يومنا هذا فإنها لا تعدً ولا تحصى,وجميع المسؤولين يرددون نفس العبارات الطنانة!! والجمل الجميلة!! التي لا فائدةَ منها. وعلى سبيل المثال جميعهم يقولون [إنكم أصل البلد, وساهمتم في بناء حضارته, وإنكم مخلصين له,وندعوكم للبقاء فيه وعدم الهجرة منه ..الخ] ولكن عند التصويت في البرلمان لتثبيت بعضآ من حقوقنا القومية في الدستور العراقي,فالجميع يقف ضدنا,وإلغاء المادة ٥٠ خمسون من الدستور العراقي خير دليل على ذلك, بالرغم من أن لنا ممثلين في البرلمان ولكنهم مهمشين الى درجة لم يتمكنوا من تقديم أي خدمة أو مكسب لأبناء شعبنا ,وحتى التجاوزات على أملاك المسيحيين في بغداد والموصل والتي هي ضدً القانون والدستور وضدً الشرائع السماوية, لم يتمكنوا من إيقافها أو تعويض أصحابها ومن هذا المنطلق نطالب الحكومة الإتحادية في بغداد وحكومة الأقليم في أربيل أن يكونوا جاديين وصريحين معنا وأن يتعاملوا كشركاء وبمسؤولية مع مؤسساتنا القومية والدينية والثقافية من خلال لجان وهيئات مشتركة بين الطرفين, وليس من خلال أشخاص من هنا وهناك غير منتخبين ولا يمثلون سوى جزء صغير جدآ من مجتمعنا المسيحي (الكلداني السرياني الآشوري )في العراق.   
داود برنو     



21
زيارتنا الى لبنان دروس وعبر

بالنظر لما يدور هذه الأيام على الساحة السياسية حول وحدة تنظيماتنا السياسية والقومية ومؤسساتنا الدينية والثقافية لشعبنا (الكلداني السرياني الآشوري) أكتب هذه الأحداث التي أصبحت من الماضي ,ولكن ربما يمكن الإستفادة منها في الوقت الحاضر.ولا يمكنني أن أتناول جميع أبعاد هذه الزيارة ولكن أكتفي بالإشارة الى بعض المسائل أراها ملحة وجديرة بالإهتمام.
قبل أكثر من ربع قرن أي في عام ١٩٨٦ قمنا بزيارة الى لبنان,والتقينا مع قيادة الفعاليات المسيحية في المنطقة الشرقية من بيروت,وفي مقدمتهم حزب الكتائب ,حزب الأحرار,القوات اللبنانية,الرابطة المسيحية,الرابطة السريانية,رؤساء الكنائس الكلدانية والسريانية والآشورية في بيروت,بالإضافة الى بعض الشخصيات السياسية اللبنانية.واللقاء الأكثر أهمية كان مع الدكتور جورج سعادة رئيس حزب الكتائب اللبناني آنذاك.أما وفًدنا كان يتكون من ممثلي بعض الأحزاب والشخصيات الآشورية في كل من سوريا ولبنان,وأتذكر منهم الأخ جبرائيل مركو من الحزب الديمقراطي الآشوري في سوريا,وتمت الزيارة بجهود مشتركة من قبل بعض الشخصيات الآشورية في لبنان وحزب بيت نهرين الديمقراطي الذي كنت أمثله آنذاك. وتم اللقاء في المكتب الرئيسي لحزب الكتائب وأستُقبلنا بحفاوة من قبل رئيس الحزب. في البداية شرحنا لهم قضيتنا وأفقً معارضتنا للنظام في العراق, ثم ناقشنا سبل التعاون بيننا حول بعض الأمور المشتركة.بدأ الدكتور سعادة يستعرض لنا الأوضاع السياسية والأمنية في لبنان والمنطقة, حيث شرح لنا كيف أن الطرف الآخر في هذا الصراع يحاول إقتلاع المسيحيين من جذورهم في لبنان,بينما يرفع شعارات براقة حول الوطنية والديمقراطية والتقدمية..الخ من هذه المسميات, بينما هم يعملون عكس ذلك,وهدفهم الأول والأخير هو تغير صيغة العيش المشترك وتجريد المسيحيين من السلطات والحقوق الممنوحة لهم في الدستور اللبناني,وطلب من عندنا الإستفادة من تجربتهم الغنية التي كانت في أحيانآ كثيرة يصيبها الإحباط والفشل وفي بعض الأحيان تحقق النجاح,وإستطردَ قائلآ إن الوضع في العراق سوف لن يستمر هكذا لكونه دولة غنية بالنفط,ولكي لا تتفاجأو بالأحداث ,عليكم الحيطة والحذر وإتخاذ ما يلزم لتأمين حقوقكم المشروعة ومستقبلكم في هذا البلد العظيم,الذي كان موطنآ لأجدادكم منذ فجر التاريخ.لأن المؤامرة كبيرة وخطيرة وتشترك فيها عدة دول أقليمية ومجاورة تستهدف جميع المسيحيين في هذا الشرق دون إستثناء.وركز أيضآ على تحقيق وحدة المسيحيين المشرقين وتكاتفهم في العراق دون تمييز بسبب القومية أو الطائفة أو الكنيسة التي ينتمون اليها.لأن العدو لا يفرق بينكم,جميعكم مستهدفون دون إستثناء لأحد, وأضاف قائلآ لقد عانينا من ظروف صعبة جدآ ولا سيما عندما حصل إقتتال داخلي بيننا,وأصبح المجتمع الدولي يقاطعنا وخاصة أمريكا والدول الأوربية,ولم يبق لنا في هذا العالم سوى الفاتيكان,وحتى الفاتيكان أبلغونا بأن وقتهم لم يتسع لإستقبال وتوديع هذا العدد من الوفود القادمة اليهم من لبنان لطلب مساعدتهم الدبلوماسة واللوجستية,وكل وفًد كان يقدم رؤيته للأوضاع في لبنان يختلف عن الآخر,لا بل في بعض الأحيان ينتقد الآخر,ويتهمهُ بشتى الإتهامات.ومن تلك الوفود (الكتائب-الأحرار-القوات اللبنانية-الرابطة المارونية-البطريركية-الأكليروس-حراس الأرز-الجبهة المسيحية بالإضافة الى الشخصيات اللبنانية الرسمية وغيرها... وقالوا لنا عليكم أن تأتوا الينا بوفَد واحد ,وبخطاب موحد لكي نستطيع أن نساعدكم.أما نحن البعض منا حاولنا ذلك, ولكن دون جدوى لم نتمكن لا من توحيد الوفدَ ولا من توحيد الخطاب. بسبب التدخل الخارجي الدولي والأقليمي في شؤوننا الداخلية,منهم بشكل مباشر ومنهم بشكل غير مباشر.وأضاف قائلآ..إن المسيحيين المشرقين لهم آلام مشتركة من الماضي ولهم آمال مشتركة في المستقبل, ولنا مصلحة مشتركة في الوقت الحاضر,لأن عدونا واحد ومعروف للجميع, وهو مدجج بالمال والسلاح,ويمكنه شراء الذمم والمرتزقة من جميع أنحاء العالم,وشاهدنا الكثير منهم أثناء الأحداث في  لبنان ومن جنسيات مختلفة,وعندما كان يتم أسًرٌ البعض منهم أثناء المعارك من قبل شبابنا ,كانوا يقولون لنا إنهم يقاتلون جهادآ في سبيل الله,وهذا واجب مفروض عليهم ومشروع حسب الشريعة الإسلامية. ثم تطرق الى حادثة عندما كان وزيرآ في الحكومة اللبنانية ويرأس الوفدَ اللبناني لأجراء مباحثات مع الوفدً المصري في القاهرة قائلآ هذه الإجتماعات كانت دورية وسنوية لتطوير التعاون بين البلدين في بعض المجالات وتستغرق عدة أيام. ترأس الجلسة الأولى الوزير المصري ويظهر أنه من جماعة الأخوان المسلمين,وقال لنا إن الجلسة نفتتحها بآية من القرآن الكريم,فقلت له إن الجلسة الثانية التي سوف أترأسها نفتتحها بآية من الأنجيل المقدس ,فإعترض وإحتج وإشتدَ غضبهُ..ثمُ تركنا القاعة متوجهين الى الفندق للعودة الى لبنان في اليوم التالي,ثم جرت محاولات عديدة معنا من قبل مسؤولين مصريين ولبنانين لتغير قرارنا والعودة الى القاعة ولكن دون جدوى, لقد كان قرارنا حازمآ وحاسمآ, الى أن تدخل الرئيس المصري في اليوم التالي,حيث تم الإتفاق على عدم ذكر أية آية أو نصوص دينية في جلسات الإجتماع. ثم تحدث الينا الدكتور سعادة عن أمور كثيرة داخلية لا مجال هنا لذكرها,ولكن أكدً لنا وبإصرار بأن الوحدة الداخلية هي نصف النجاح, وأن عدونا لم يحاربنا بشكل مباشر في الوقت الحاضر, ولكنه وجدَ في صفوفنا أشخاصآ وجماعات إستطاعَ بفائض من أمواله الطائلة أن يجندهم ليحاربونا بالنيابة عنه, وهم معروفون, وهذه أخطر مرحلة واجهتنا وعانينا منها وكبدتنا مئات ومئات القتلى والجرحى ومن خيرة شبابنا. أحذروا الفتنة الداخلية إنها أسهل وسيلة وأنجح طريقة للعدو لتنفيذ مخططاته الإجرامية ضدكم.وكما هو معلوم من السهل جدآ الهدم ولكن من الصعب جدآ البناء. وفي لقاء آخر مع رئيس حزب الأحرار السيد داني كميل شمعون..في العدد القادم .
وهنا أودً الإشارة الى الزيارة التي قام بها وفدً من ممثلي منظماتنا السياسية في أميركا الى رئيس أقليم كردستان السيد مسعود البارزاني في واشنطن قبل عدة أسابيع. لقد كانت الزيارة فاشلة بكل المقاييس لأن الخطاب غير موحد,والوفدً لم يشمل جميع المنظمات وألأحزاب وفي مقدمتهم حركة ٠ زوعا . مع تقديري الشديد لأصدقائنا أعضاء الوفدً.
داود  برنو

22
لولا القوات الكوردية في سهل نينوى.. لوقعت الكارثة

لعلنا لسنا وحدنا الذين نقول هذا القول, فقد سبقنا اليه مجموعة من الكتاب والسياسين ,إذً خلُصَ هؤلاء جميعهم الى نفس القناعة بما حصل في بغديدة (قرقوش), وعلى الرغم من ثقتنا التامة في صحة ما أبديناه منذ البداية, بأن القوات الكوردية سوف تدافع عن المنطقة بشكل مستميت, ولن تترك المسيحيين لوحدهم في سهل نينوى عرضة لغزوات ( داعش) وغيرها من المنظمات الأرهابية.
لقد إتضح لنا من مصادر عديدة ومن خلال إتصالنا المباشرمع أصدقاؤنا بما جرى في المنطقة خلال تلك الأيام العصيبة,وهناك دلائل كثيرة تحتشد لتدل على صحة ما ذهبنا اليه,وهذا يثبت إثباتآ كاملآ بطلان قول البعض بأن القوات الكوردية المسماة ( الزيريفاني) كانت السبب في تخويف وترويع الأهالي في بغديدا مما سبب هجرتهم الى كردستان المنطقة الآمنة, في الوقت الذي لم يكن لهؤلاء أي دور في تلك الأحداث, لا قبلها ولا بعدها,والآن نسمع تصريحات من نفس الجهات تطالب بسحب قوات (البيشمه ركة ) من المنطقة, وهذا تصريح خطير جدآ نطلب تفسيرآ له ,لأن الذي يطلق مثل هذا التصريح, إما له علاقة  وطيدة مع ( داعش ) ليضمن سلامة المنطقة ,أو له قوة خارقة يستطيع من خلالها مجابهة داعش والوقوف بوجهها ضدً مخططاتها الدنيئة في المنطقة,وعسى أن نعرف الحقيقة ما هي قريبآ, وعلى كل حال لا نستغرب من تلك الأقوال والتصريحات لأننا قدً تعودنا عليها سابقآ .
إن هذه المنظمة ( داعش ) لا يقتصر هدفها على قتل المسيحين, وإنما وجدتً بالأساس لمحاربة الشيعة في العراق وفي العالم,بينما لم تبدو لحد الآن اي نشاط معادي لأسرائيل ومصالح الدول الغربية إلا ما ندر, وهذا عكس ما تدعيه. إن الذين يدعمون هذه المنظمة بالمال والسلاح والرجال والأمور اللوجستية, يريدون العودة الى التاريخ القديم أي قبل حوالي ألف وأربعمائة سنة,عندما كانت الغزوات والحروب قائمة بين الدولة الأموية في الشام, بقيادة الخليفة معاوية بن أبي سفيان, والدولة العباسية في العراق , وهذا هو الباعث الرئيسي الذي أدى الى خلق هذه المنظمة الأرهابية ,وهناك أيضآ بواعث عديدة التي برزت بعد سقوط النظام في العراق في 2003 ولا مجال هنا لشرحها مفصلآ. ولكن( دولة الخلافة الإسلامية) لا بدً أن تظهر هكذا يدعون جميع الأحزاب الأسلامية السنية المتطرفة, لتكون سدآ منيعآ في مجابهة التمدد الشيعي داخل الدول العربية . إن الدول الداعمة لهذا التنظيم والراعية له, تقوم بإدارة هذا الصراع القائم بين( السنة- والشيعة) كيفما تشاء, وفق مصالحها وبالتنسيق مع جهات دولية معنية بهذا الأمر . أما ردً الفعل لدى الشيعة, لقد جاءً سريعآ وقاسيآ كما شاهدناه, حيث أن آية الله العظمى السيد علي السيستاني الذي يعتبر أعلى مرجع ديني للشيعة في العراق ,أصدر فتوى بمقاتلة هؤلاء الأرهابين ( داعش ) دون هوادة ,لأنه يدرك جيدآ إنهم يستهدفون الشيعة قبل كل شئ, وهذا هو الواقع القائم الذي نعيشه  حاليآ في العراق.
من أجل أن يتضح لنا هذا الموضوع ,ومن أجل أن يزول اللبسً الذي نشأ في هذا الصدد, وليس من قبيل المبالغة أن أقول بأن هناك رجال من الذين يعملون ليل نهار لخدمة مصلحة شعبنا في العراق,وهم على إتصال مباشر ودائم مع بعض الدوائر في الإدارة الأمريكية,يبذلون جهود مضنية من مالهم ووقتهم في سبيل قضية شعبنا في العراق,وكان لهم دورآ بارزآ في الأحداث الأخيرة التي إنفجرت فجأةً في منطقة بغديدة  (قرقوش ),إنهم كالجندي المجهول. .وسيبقون كذلك. 
وأخيرآ لم يعدً حديثنا عن ظاهرة ( داعش ) كاملآ إذا لم نتصدً للسؤال الواقعي الصعب , ما الذي ينبغي علينا عمله ونحن نواجه هذه الظاهرة في عقر دارنا (سهل نينوى) , لعل أبرز ما ينبغي علينا عمله أولآ: توحيد الصفوف والرؤية الشاملة نحو مستقبل أفضل, من خلال تشكيل قوة مسلحة من جميع أبناء المنطقة, بدعم وموافقة حكومة المركز والأقليم , والعمل يدآ بيدً مع إخواننا الأكراد الذين تربطنا معهم روابط تاريخية وجغرافية منذُ مئات السنين ولنا معهم مصالح مشتركة ومصير مشترك.
داود برنو - عميد متقاعد

23
      الدعوة مجددا لتشكيل قوة مسلحة لحماية الاقليات ضرورة ملحة في الوقت الراهن

داؤد برنو/عميد متقاعد
في خضم التطورات الامنية والسياسية في المشهد العراقي وبالاخص سقوط مدينة الموصل وبعض اطراف محافظة نينوى بيد التنظيمات المسلحة وفي مقدمتها تنظيم داعش الارهابي فضلا عن سيطرة الاخير على مدن عراقية اخرى ما أحدث صدمة موجعة وتغيير في واقع الحياة وأضاف هموما جديدة للعراقيين أذ أنزلقت الاوضاع الى حد في غاية الخطورة والتعقيد وربما لن يتمتع بلدنا بالامن والاستقرار لسنوات طويلة طالما ان الخلافات بين فرقاء العملية السياسية واحزابها تزداد باضطراد مستمر وتاخذ طابع العداء فيما بينهم.
سقوط الموصل بيد داعش كان ضربة قاصمة للتعايش السلمي والتلون المجتمعي في هذه المدينة العريقة وبات خطرا يهدد تواجد الشعوب غير المسلمة وفي مقدمتهم المسيحيون والايزديون والشبك ليس في الموصل وحدها بل يهدد ايضا القصبات والاقضية في سهل نينوى وسكانها ومناطقها التاريخية التي لن تكون بمنأئ عن خطر العصابات الارهابية المتاخمة حاليا لحدود هذه المناطق وما حدث في مدينة قره قوش دليل على ذلك.
لطالما دعوت منذ سنوات مضت عبر سلسلة مقالات نشرتها في موقعي عينكاوا وتلسقف بضرورة تشكيل قوة مسلحة خاصة لحماية المسيحيين في مناطق تواجدهم بالعراق من خلال مطالبة الجهات الحكومية المسؤولة سواء في الحكومتين المركزية واقليم كردستان واعلنت في حينها تبني هذا المشروع وان اكون اول الملتحقين في صفوف هذه القوة كوني ضابط متقاعد من قوات المغاوير الفرقة الرابعة ، كما أن الفكرة لاقت التأييد بعد طرحها ومناقشتها بجوانبها مع عدد من الزملاء العسكريين الذين أبدوا رغبتهم للأنخراط بهذه القوة أن تم تشكيلها وفق اطار قانوني.
الدعوات المتكررة بأت بالفشل ولم يكن لها صدى في الفعاليات والاوساط المسيحية وتجاهلها ممثلي شعبنا المسيحي في برلماني المركز والاقليم بالرغم من أنني أستعرضت الأوضاع الجارية آنذاك في العراق بشكل دقيق وخاصة في بغداد التي عشت أحداثها منذ سقوط النظام، وبينت مدى خطورتها على مستقبل شعبنا وفق  المعطيات والحقائق كوني عملت مع القوات العراقية وقوات التحالف في بغداد منذ نيسان عام 2003 حتى نهاية عام 2009 وخلال عملي مع بعض الأشخاص العراقيين من ذوي الشأن والقرار، أتطلعت على بعض الخطط والمشاريع السياسية التي يتم العمل بموجبها لصناعة مستقبل العراق الجديد،وتبين لي بأن قضية العراق معقدة جدآ وتزدادُ تعقيدآ عندما تتدخل دول الجوار وكل منها تعمل من أجل تحقيق مصالحها ومخططاتها في هذا البلد بالإضافة الى الإدارة الأمريكية الجديدة التي لاتهتم بشؤون المنطقة ولا يهمها سوى مصالحها الخاصة.
تشكيل القوة المسلحة المطالب بها يجب أن يكون بأشراف الحكومة المركزية وبموافقة وتأييد حكومة أقليم كردستان وبرعاية المجتمع الدولي , أو من قبل الإدارة الأمريكية بموجب الإتفاقية الأمنية (سوفا) المبرمة بين العراق وأمريكا في 18 تشرين الثاني 2008، وتتحمل هذه القوة حماية الأقليات القومية والدينية في حال  تعرضها لاعتداءات إرهابية في ظل اتساع الفوضى والانفلات الامني وفشل السلطات الحكومية بتوفير الامن وسيادة االقانون مما سيكفل الاقلية المسيحية على وجه التحديد خسائر في الأرواح والممتلكات أكثر من غيرهم، بالأضافة الى تهجيرهم من البلد بشكل جماعي دون عودة.
أن الانباء المتسارعة من محافظة نينوى تنذر بخطورة الوضع الجاري والارهاب بدأ بمجاميع صغيرة وبمرور الوقت أنتظمت هذه المجاميع وأزدادت اعدادها وامكانيتها القتالية وصارت تفرض سطوتها في المناطق التي تسيطر عليها وخوفنا من عودة مسلسل قتل المسيحيين بشكل منظم وبدعوات تكفيرية تطلقها قوى الظلام المتشددة وبالاخص (داعش).
إن الحديث عن أستقرار شعبنا المسيحي الاعزل في العراق لن يتم عبر الوعود التي يقدمها السياسيون والبرلمانيون، أو أعضاء الحكومة بل يتوجب علينا معنيين ومهتمين بهذا الشأن التحرك بأتجاه تحمل المسؤولية ومطالبة الحكومة العراقية الجديدة بمنحنا فرصة حماية شعبنا من خلال تشكيل قوة مسلحة مدربة ومؤهلة تدافع عن المواطنين وممتلكاتهم وتقف سدا مانعا بوجه الأرهابيين لو حاولوا استهداف أبناء شعبنا في مناطقهم ويمكن أن ينضم اليها عناصر من الأقليات الأخرى كالايزيديين والشبك في منطقة سهل نينوى.
ان الصراع المسلح بين الحكومة العراقية من جهة والجماعات المسلحة من جهة اخرى يتفاقم بشكل كبير مما دفع الحكومة الى تسليح العشائر في محافظات الانبار وديالى وصلاح الدين وتطوع مئات الاف من أبناء محافظات الوسط والجنوب بعد فتوى المرجعية الدينية العليا الشيعية بأعلان الجهاد دفاعا عن خطر داعش والتنظيمات الاخرى وتم تجهيزهم بالمستلزمات الضرورية للدفاع عن اهلهم ومناطقهم ولم يبق في هذا البلد مكون اجتماعي او فئة بدون دعم مسلح سوى مكون شعبنا المسيحي (الكلداني الآشوري السرياني).
من هذا المنطلق لا بد أن نتحدث بصراحة بشأن ما يجري في المنطقة ويجب مواجهة الأوضاع الخطيرة والتحرك بشجاعة دون الاعتماد على غيرنا في تامين حماية شعبنا وهي مسؤوليتنا بالدرجة الأولى ونطالب الحكومتين في بغداد والاقليم بتوفير اللازم للقيام بهذا الواجب الوطني كما تملي عليهم مسؤوليتهم تجاه الشعب العراقي كافة خاصة بعد أن بدأت المجاميع الإرهابية باستهداف مناطقنا في سهل نينوى.
وختاما نطالب نوابنا المسيحيين الجدد ومسؤولي منظماتنا السياسية بتشكيل لجنة طوارئ مشتركة لإنقاذ شعبنا المسيحي من خطورة الاوضاع السائدة في  الوطن.




24
داؤد برنو يكشف عن حقائق جديدة بشأن أحداث سميل


بغداد _ حاوره : بسام ككا

أماط السياسي المستقل داؤد برنو اللثام عن حقائق ومعلومات جديدة عن أحداث (سميل) وما أحاط بها من غموض وتباين في السرد التاريخي لأسبابها وتداعياتها وأنعكاساتها.
وخرج برنو العميد المتقاعد في الجيش العراقي عن صمته ليفصح عن معطيات مهمة تتعلق بتلك الحقبة وبمستقبل الوجود المسيحي في العراق ومحاولات اضعافه ، حيث طالب بوقف هجرة المسيحيين الجماعية والمستمرة والعمل على حمايتهم من خلال خطوات جادة من قبل الحكومة العراقية بالاعتماد على شخصيات وطنية مؤثرة تحظى بقبول واسع في الاوساط المسيحية.

نص الحوار

*ماهي خلفية احداث سميل التي جرت ضد الاشوريين؟
 - في السابع من آب من كل عام نتذكر المآسي التي حدثت في مدينة سميل عام 1933 ومارافقتها من اعمال إجرامية بشعـة وتداعياتها على أبناء شعبنا المسيحي في المنطقة ،  ولابد هنا من الاشارة الى تلك الاحداث والظروف المحيطة بها وكيفية الاستفـادة من تلك الـدروس والعبر، ويجب ان لا نكتفي بقراءة القصائد الشعرية الحزينة ونترك القضية برمتها غـائبة عـن عقـول ومشاعـر اولادنا واحفادنا لا يعرفون عنها شيئاً سوى البكاء على الاطلال، وعلينا ان نشرح لهم وبالتفاصيل تلك الاحداث المؤلمة أسبابها ونتائجها والخسائر التي تكبدها شعبنا وتأثيرها على مستقبلنا ومصيرنا في هذا الـوطن.
 
وبخصوص قضيتنا القومية والوطنية في احـداث سميل فأن الضحايا الـذين إستشهدوا في تلك الاحداث كانوا يطالبون بحقوقهم القومية والوطنية والانسانية ولم يكونوا متمردين ولا أنفصاليين كما كانت تدعي الحكومة العراقية.
 
 ونحـن كمسيحيين في هـذا الشـرق تعرضنا الى إبادة جمـاعية لمرات عديدة في عهـد الإمبراطورية العثمانية لامجال هنا لذكرها لاسيما التي حدثت في القرنين التاسع عشر والعشرين واصبح تكرار هذه الاحداث والجرائم بحـق المكون المسيحي حالة طبيعيـة، وفي عهـد كل سلطان جديد يصل الى سدة الحكم في الدولة العثمانية كان يصدر فرمان (امر بالإبادة الجماعية) ضد المسيحيين ولكن الكتاب والمؤرخين لم ينصفوا شعبنا عند تدوينهم تـلك الاحـداث، وعلى سبيل المثال لا الحصر لقـد قمت بزيارة الى تركيا عدة مرات خلال عامي 1980 و 1982 ومكثت عدة ايام في دير مـاركبرئيل ومدينـة مـديات ودير الزعفران الذي يبعد عـن ماردين اقـل مـن(5 كيلومتر).
 
* وماذا فعلت في دير ماركبرئيل ؟
 - أجريت مقابلـة مـع رئيس الـدير وبعض الـرهبان الذين كان يتجاوز عمرهم (80 عاماً) وكانوا قـد عاشوا مآسي الحرب العالمية الاولى بتفاصيلها وسألت رئيس الدير الأنبأ ابراهيم عن مذابح الأرمن فقال لي "قبل كـل شئ أريـد ان أعلمـك بأنني أكره الكتّاب والصحفيين لأنهم لا يكتبون الحقيقة" مضيفا إن "عـدد ضحايا المسيحيين في عام 1915 بلـغ حـوالي مـليوني ونصف شخص وكـان عــدد شهــداء السريان والاخرين حوالي المليون شخص, بينمـا الارمـن كـانـوا ما يقرب عن 1,5 مليون شهيدا ولكـن الـكتاب والمـؤرخين لم يكتبوا هـذه الحقيقـة بينما كان تركيزهم على الأرمن فقط وتركوا السريان والمسيحيين الاخرين".
 
رئيس الدير اخبرني ان "الفرمان كان قـد صدر ضد الأرمن فقط ولكـن الذين نفـذّوا هذا القرار لم يفرقـوا بين المسيحيين من هـو ارمني أو غير ذلك حيث أبادوا سكان مئات القرى والبلدات السريانية في طور عابدين عن بِكرة ابيها" مستدركا بالقول  "لقد فقدتُ خمسة من اخواني وعوائلهم في طور عابدين وكان عمري لايتجاوز(16 عاما) حيث كنتُ راهباً في الـدير ومختبئً مع الـرهبان في احـد دهاليز الدير".
 
* وماذا بخصوص الاشوريين هل اطلعت على تفاصيل ماجرى لهم واسباب ذلك؟
 
- نعم ففي سنة 1980 عدتُ الى سوريا ومكثتُ في مدينـة القامشلي بمحافظة الحَسَكـة عـدة اسابيع وخلالها التقيت مع مختار الحي الاثوري في القامشلي السيد يوحنا وكان كبيرا في السن وهـو احـد المقاتلين الـذين كانـوا مع آغـا بطـرس في بداية العشرينات مـن القـرن الماضي وسألته عـن اهـم الأحداث التي عاشها فـي تلك الفتـرة وتطرق الى الكثير مـن القضايا ولكن أهـمها كان اللقاء الـذي حصل بين الملك فيصل الاول والبطريرك مار أيشاي شمعـون في منطقـة (سَـرْعَمادِية) شمال العراق وحسب قـولهُ كان هـذا في عام 1926 لانه لـم يعرف التاريخ بدقـة حيث أبلغني "بينما كنا في منطقـة سَرْ عَمادِية حطت طائرة هيلوكوبتر بالقرب منا ونزل منها جلالـة الملك فيصل الاول وعـدد من المستشارين والحماية وأستقبلـهُ البطريرك مار شمعـون ، ثم دخلـوا حالاً الى الخيمة المخصصة لهم ، فيما كان في الوقت ذاته رؤسـاء العشـائر الاشورية الخمسة وابرزهم (مالك ياقـو، مالك خـوشابا، مالك برخـو) يجتمعون في خيمة اخرى ويسود بينهم جو من الشكوك والريبة حول هذا اللقاء منتظرين القـرار الصادر مـن أجتماع البطريرك والملك فيصل".
 
المختار الذي كان شاهـد عيـان أوضح "لقـد نادى الملك البطريرك وقال له : ياسيـد مار شمعـون أنني قادم من الحجاز وانت جئت من حكـاري في تركيا وكلانا لسنا من هذا البلـد المسمى(العراق) ولقد شاء القـدر ان نحكـم هـذا الـوطن انا وانت ونتعـاون فيما بيننا فأنا أحكم من الموصل الى البصرة وانت (اي البطريرك) تحكم من اطراف مدينة الموصل وحتى الحدود التركية المحاذية الى منطقـة(حكاري) المسماة بالمثلث الاشوري وأتفــق الاثنان على هذا المشروع وقـال البطريرك للملك  سأعرض "هـذا المقترح على القـادة رؤساء العشائر فاذا تم الاتفاق عليه سنزورك في بغداد للتوقيع على هذه الاتفاقية, فغادر الملك منطقة سَـرْعَمادِيـة والارتياح يغلبه".
 
وهل انتهى الامر بين الملك والبطريرك على هذا الوداع ام كان هناك ردود افعال ؟
 - بالطبع لا ...شاهد العيان بين لي أن "البطـريرك اجتمع بعد سفر الملك فيصل مـع رؤسـاء العشــائر الاشورية لأطلاعهـم على مـاجرى وبعـد فترة قصيرة قدمت طـائرة هيلوكوبتر الى منطقـة سَـرْ عَمـادِيـة حاملة الكولونيل الانكليزي الذي أجتمـع مـع رؤساء القبائل الاشورية بغياب البطريرك وكشفوا له ما جاء في أجتماع الملك والبطريرك وبعد اطلاعـهِ على هذا الاتفاق اشتدّ غضبـه ُوقال الكولونيل لهم "كيف تقبلون بهذا الاتفاق المذل أنتم امة عظيمة ومقاتلين اشدّاء وبلاد مابين النهرين (ميسوبوتاميا) هي موطن اجدادكم وان السـلاح الذي بحوزتكـم تستطيعـون به احتـلال العراق كله ونحن هنـا سند لكم فكيف تقبلون بشخص لا تعرفونه حافي القدمين راعي الجمل قادما من الحجاز في الصحراء العربية ولا يمُـد بأية صلة لهذا الوطن ان يحكمكـم؟ وكيف توافقـون بأن يتلقّى البطريرك الاوامر والتعليمات والإرشادات من هذا الرجل الغريب هذا البطريرك المعظم الـذي ينتسب لعائلـة يمتد تاريخها مئات السنين فـي عمق التاريـخ " مشيرا الى ان" الضابط الانكليزي قال لهم بأمكانكم المطالبة باستقلال المنطقة التي تسيطرون عليها(المثلث الاشوري) ونحن سندعمكم داخل العراق في اطار منظمة الامم المتحدة التي كانت تسمى انذاك(عصبة الامم) وكـان مقرَها في مدينة سان فرنسيسكو في ولاية كاليفورنيا ــ امريكا".
 
*اذن الدور البريطاني كان حاضرا لكن هل اقتصر على حث زعماء العشائر على المطالبة بالاستقلال وماذا كان موقفهم ؟
 - تفيد المعلومات الموثوقة أنه بعد اجتماع القادة الاشوريين مع الكولونيل قرروا الاجتماع مع البطريرك وأجبروه على الغاء الاتفاق مع الملك فيصل الاول بالرغم من عـدم رغبته بذلك وفرضوا عليه الخطة التي عرضها عليهم الكولـونيل الانكليزي، وبعد مدة سافر البطريرك واثنان من معاونيه الى بغداد ومنها الى بريطانيا ثم الى سـان فـرنسيسكو لتقديم طلب الى عصبة الامم لمنح المنطقة الشماليـة (المثلث الاشوري) حكماً ذاتياً مستقلاً يرتبط مع بغـداد بصيغة شكلية معينة في اطار الامم المتحدة.
 
وعند سفر البطريرك الى بغداد لم يخبر الملك ولم يتصل به او يزورهُ كالعادة الجارية بينهم, حيث كان البطريرك يحل ضيفا على الديوان الملكي حينما يزور بغداد ولما سمع الملك بوجـود البطريرك في بغـداد ولعـدة ايام دون أن يتصل به غضب غضباً شديداً وعندما سأل مستشـاريه عن سبب وجـود البطريرك في بغـداد قالوا له أنه يتهئ للسفر الى سان فرنسيسكـو من أجل تقديم شكـوى الى عصبـة الامم ضدك وعندها قرر الملك مقاطعة البطريرك وقطـع الاتصال معه بينما حضر البطريرك اجتماع عصبة الامم وعرض عليهم القضية الاشـورية بكل المستمسكات المتيسرة لديـه.
 

*وكيف كان  رد عصبة الأمم على البطريرك بشان المطالبة بالاستقلال؟
 
- اللافت في الامر ان قرار عُصبة الامم جاء لصالح الملك فيصل ووحدة العراق وقالوا له بحسب المعلومات الموثوقة إن" هذا البلد لا يمكن ان يُحكم من قبل رئيسين فعليك العودة الى العراق وتتفاهم وتتعاون مع الملك والاكتفاء بحقوق ادارية لشعبك في الوقت الحاضر" وهنا عاد البطريرك الى الوطن بعد ان أخفق في تبني هذا المشروع الانكليزي الفاشل ولدى وصوله الى بغداد طلب مقابلة الملك فيصل الاول لكن الاخير لم يوافق على ذلك مخاطباً اياه عبر احد مستشاريه "انك رجل دين فقط لاشأن لك بالسياسة فعليك البقاء في الكنيسة ونحن لا نتعامل مع رجال الدين في السياسة ان كان مسيحياً او مسلما" ،  فعاد البطريرك ادراجه الى المنطقة الشمالية وكان منزعجا من رؤساء العشائر الاشورية بسبب المشروع الفاشل الذي فرضوه عليه والذي ادى الى تعقيد الامور وخلاف مع جلالة الملك وبهذا خلق الكولونيل الانكليزي عداء بين الملك والبطريرك علما ان البعض من هؤلاء الرؤساء كانوا غير راضين للسلطة الزمنية المطلقة التي كان يتمتع بها البطريرك مار شمعون على الشعب الاشوري في العراق وفي مقدمتهم رئيس عشيرة الباز الجنرال آغا بطرس البازي."
 
* هل بحوزتك ادلة اخرى حول موقف الانكليز المعادي للاشوريين؟
 - في عام 1982 قمت بزيارة الى بريطانيا بدعوة من صديقي الدكتور هرمز ابونا ومكثت لدى السيد اندراوس ماما وهو من عائلة اثورية معروفة وكان موظف في بلدية لندن آنذاك ومن خلالهُ التقيت مع بعض الطلبة الدارسين هناك وقال لي احدهم  "عثرتُ في المكتبة البريطانية على رسائل متبادلة بين المندوب السامي البريطاني في العراق وحكومة جلالة الملكة المعظمة وكانت جميعها قبل استقلال العراق الذي تحقق في عام 1932 وتضمنت احدى الرسائل نصا موجه من المندوب السامي البريطاني في الموصل الى حكومة جلالة الملكة المعظمة يفيد بأنه" في الأونة الاخيرة يطالب القادة الاشوريين وبالحاح شديد تنفيذ الوعود التي قطعها معهم كبار ضباط الجيش الانكليزي في العراق, ويطالبون فيها حقوقهم بمنحهم الحكم الذاتي في منطقة شمال العراق وبالتحديد في ولاية الموصل ولكن الملك عبد العزيز ملك الحجاز يرفض بشكل قاطع اعطاء الاشوريين ادارة ذاتية في شمال العراق, ويهدد بايقاف تصدير النفط الى بريطانيا العظمى فأرجو امركم بذلك " فكان رد حكومة بريطانيا العظمى يتضمن "من حكومة جلالة الملكة الى المندوب السامي البريطاني في الموصل .....انك خير من يعرف اين هي مصلحة بريطانيا العظمى مع الاشوريين او مع ملك الحجاز, انك على ارض الواقع وفي تماس دائم معهم، ورد المندوب السامي البريطاني قائلاً: ان مصلحة بريطانيا العظمى هي مع نفط الحجاز ومع الملك عبد العزيز آل سعود وليست مع الاشوريين " وهكذا بدأ الانكليز بالتخطيط ضد المكون الاشوري في العراق.
 
* هذه التفاصيل كانت في فترة قبل الاستقلال كيف كان عليه الوضع بعد نيل العراق الاستقلال ؟
- في تلك الفترة كان الشعب العراقي من خلال تنظيماته السياسية يطالب وبشدة بالاستقلال من الاستعمار البريطاني المحتل للعراق وفي عام 1932 أنتصرت ارادة الشعب واصبح العراق دولة مستقلة وعضو في المنظمة الدولية(عُصبة الامم) وحسب المعلومات المتيسرة عن تلك الحقبة الزمنية كانت الحكومة العراقية الجديدة ضعيفة جدا كما حدث للحكومة العراقية عند خروج القوات الامريكية من العراق نهاية عام 2011 ، وأراد الانكليز املاء شروطهم على الحكومة العراقية لعقد اتفاقيات اقتصادية وثقافية طويلة الامد ، كما حصل الان مع الحكومة الامريكية في الاتفاقية الاستراتيجية طويلة الامد وكأن التاريخ يعيد نفسه مع الامريكان ، لقد خطط الانكليز للوصول الى اهدافهم بأقل الخسائر فزرعوا بذور الفتنة بين الاشوريين والحكومة العراقية فقاموا بتحريض القبائل الاثورية ضد الجيش العراقي وبنفس الوقت كانوا يحرضون حكومة الموصل ضد الاثوريين بأعتبارهم متمردين على الحكومة لحيازتهم على الاسلحة والاحتفاظ بها, ثم استخدم الانكليز سياسة فرّق تَسُد بين القبائل الاشورية من جهة وبين الاشوريين والحكومة من جهة أخرى .
* هل نجحت السياسة البريطانية في تحقيق ما ارادت من اثارة الخلاف بين الاشوريين والملك ؟
 - أستمر هذا الشحن السياسي والطائفي الى ان وجد الانكليز في غياب الملك فيصل الاول عن العراق وذهابه الى سويسرا للعلاج فرصة ذهبية لهم لأقناع الامير غازي ولي العهد انذاك وتشجيعه  بضرب حركة التمرد التي يقوم بها الاشوريون في منطقة سميل وحسب تقدير الحكومة العراقية ان الاشوريين يمثلون حركة عصيان ضد الدولة ولم يمتثلوا لأوامر الحكومة واراد الانكليز ان يبرهنوا للحكومة العراقية الجديدة بعد الاستقلال انهم بحاجة ماسة لهم في الوقت الحاضر لأخماد حركة التمرد الاشوري في لواء الموصل وحركة التمرد الكردي في منطقة السليمانية وحركة العصيان الايزيدي في منطقة جبل سنجار الممتدة الى الحدود السورية وكان القنصل البريطاني دائماً يوحي للحكومة العراقية بأن الدولة معرضة للتفكك وانفصال اجزاء منها في حالة الغاء دور الانكليز في تشكيل وادارة الحكومة العراقية الجديدة في الوقت الذي لم يكمل فيه تدريب وتسليح الجيش العراقي بالاسلحة الثقيلة والمعدات والتجهيزات اللوجستية ليكون مؤهلاً لقمع حركات التحرر للمكونات العراقية المختلفة بالاضافة الى مطالبة الحكومة التركية بولاية الموصل وأعتبارها جزء من اراضيها لاسيما بعد اكتشاف النفط في منطقة عين زالة التي تقع على مسافة 70 كيلومتر شمال غربي مدينة الموصل ،كما انها قريبة من نهر دجلة وفي الضفة المقابلة كانت القرى الاشورية والارمنية التابعة لقضاء سميل وهكذا كان دور الانكليز في خلق مناخ يتسم بالعداء والكراهية بين الحكومة العراقية والقادة الاشوريين الى ان أنفجر الوضع في سميل وحلّت الكارثة في يوم 7/8/1933 بعد تجريد القوات الاشورية من سلاحها بواسطة الوعود الكاذبة التي قطعها لهم المسؤولون في الحكومة العراقية انذاك بعدما التعرض اليهم وفي مقدمتهم رئيس الوزراء بكر صدقي ومدير شرطة الموصل اسماعيل عباوي وحجي رمضان واخرين.
 
*ماذا جرى بعد الكارثة؟
- بعد المجازر التي أرتكبها الجيش العراقي في سميل ضد الشعب الاشوري الاعزل تم إبادة العوائل بكاملها من أطفال ونساء وشيوخ وأعقبها قيام بعض العشائر العربية والكردية والايزيدية بالهجوم والاعتداء على ما تبقى من ناجيين من أهالي الضحايا ، وتشتتت القبائل الاشورية فالتحق مالك خوشابا وعشيرتهُ مع الحكومة بناءً على بعض الوعود وخصص له منزل في مدينة الموصل وبعض الحراسات بينما عبر مالك ياقو وعشيرته الى سوريا بعد قتالٍ شديد مع الجيش العراقي على نهر دجلة كبد الطرفان خسائر فادحة وتم إسكان عشيرة مالك ياقو ومن معهم من العشائر الاخرى على نهر الخابور من قبل الفرنسيين لان سوريا كانت تحت سلطة الانتداب الفرنسي وتوزعوا على حوالي ثلاثين قرية وكان مسكن مالك ياقو وعائلته في قرية تل تمر ثم استحدثت ناحية لهم في نفس القرية.
 
*بأعتبارك مهتما بهذا الشأن هل واصلت متابعة ماجرى للاشوريين والحقائق المغيبة حول الاحداث؟.
- نعم  لقد زرت المنطقة في عام 1979 وانا فخور في هذا المجال لانني التقيت مع العديد من القادة الاشوريين ومنهم من عملت معهم وعلى سبيل المثال القائد البطل هرمز مالك جكو وابن عمه طليا شينو وكنت على علاقة جيدة مع المرحوم كوركيس مالك جكو واعتقد بأنني الوحيد الذي منحني بعضا من مذكراته لدى زيارتي له في شيكاغو قبل وفاته بعدة اشهر وحسب قوله انه لم يسلم مذكراته لاحد لانه لم يجد احداً تعنيه تلك الاحداث والمعلومات وخاصة من الذين في امريكا وخارج الوطن.
فالمعلومات المتيسرة من مجازر سميل كثيرة جداً ولكن غير موثقة والبعض منها غير دقيقة، وان تركيز المثقفين في احياء هذه الذكرى ولمدة ثمانين عاما يقتصر على القاء القصائد الشعرية والادبية في جو يسودهُ الحزن والبكاء بين الحاضرين وهذا اسلوب الاتكاليين فلم نجد تظاهرة او مسيرة لشعبنا المسيحي داخل العراق اوخارجهُ تُطالب الحكومة العراقية الاعتراف بتلك المذابح التي استهدفت شعبنا الاشوري فقتل الآلاف بلا شفقة ولا رحمة واحرق ودُفن المئات تحت التراب ولم يُستثنى منهم شيخاً او طفلاً او أمراة  وحدث هذا بتوجيه ورعاية من القادة الانكليز في الموصل.
 
*اذن كان لك دور فاعل في الفعاليات الخاصة بالمسيحيين ؟
- كنت عضواً في لجنة أستقبال البطريرك مارشمعون في عام 1971 مع المقدم شليمون بكو وكنت مع المدعوين وحضرت حفل استقبال مالك ياقو في بغداد وأبنه ملك زيا في الموصل في فندق الادارة المحلية وكنت على اطلاع تام لأسباب الزيارة ومضمونها وخاصة اللقاء الذي تم بين البطريرك مار شمعون ورئيس الجمهورية احمد حسن البكر بحضور صدام حسين وسعدون غيدان وزير الدفاع ومطران السريان الارثدوكس زكا عواص.
وعندما جاء البطريرك مار شمعون الى العراق عام 1971 واستقبلنا موكبه القادم من بغداد الى الموصل في مفرق مدينة الحضر التاريخية على بعد حوالي(75 كيلومتر) جنوب مدينة الموصل كان من ضمن المستقبلين محافظ الموصل وبعض اعضاء فرع حزب البعث وشخصيات عديدة ورجال الدين المسيحيين وعندما وصل الى الكنيسة الشرقية الاشورية في محلة الدواسة في الموصل شاهدنا الكثير من المسيحيين الاشوريين يقبّلون السجادة الحمراء التي سار عليها البطريرك اثناء دخولهِ الكنيسة وكان البعض من رؤساء الاجهزة الامنية في محافظة الموصل يسألون عن سبب تقبيل بعض الاهالي السجادة الحمراء فقلنا لهم ان هؤلاء يعتبرون هذا الرجل هو المرجعية الدينية والدنيوية وهو القائد الرمز لهم ويضعونه في موضع القداسة, ثم سأل احدهم هل ينفذون اوامرهُ؟ فقلنا له نعم وبدون تردد, فقال حقاً ان هذا الرجل يشكل خطورة على الدولة في حالة الاختلاف معهُ وكان يوجه اسألته لي بشكل مباشر لأنني كنتُ بملابس عسكرية ضابط برتبة ملازم وكنت حامل اشارة على الكتف تشير على انني عضو في لجنة الاستقبال ضمن اللجنة المشكلة من قبل المقدم شليمون بكو الذي كان دورهُ آنذاك بمثابة سكرتير البطريرك للشؤون السياسية.
 
* بالعودة الى ماجرى للاشوريين يبدو انك ترى ان البريطانيين لهم يد في احداث سميل ؟
- الانكليز كانوا السبب الرئيسي في احداث سميل حسب اعتقادي فهم شتتوا الشعب الاشوري فمنهم في الموصل وسوريا وشمال العراق وظلوا يلاحقونه سياسياً, فبدوأ بوضع خطة بعد مجازر سميل لتهجير القادة الاشوريين وفي مقدمتهم البطريرك مار شمعون ومرافقيهِ وأسقطت عنهم الجنسية العراقية وتم نفيه الى قبرص ثم فتحوا باب الهجرة الى بريطانيا للقادة الاشوريين وأولادهم واحفادهم لكي يمتصوا العناصر القيادية من هذه الامة العريقة وهذا الشعب المظلوم  وهذا الاسلوب استخدمه ايضا الامريكان مع الثورة الكردية ففتحوا امامهم باب اللجوء الى امريكا بعد انهيار الحركة الكردية في اذار 1975 بسبب التآمر الدولي راح ضحيته الشعب الكردي. ولكن الزعيم مصطفى البرزاني ادرك مبكراً خطورة هذه الخطة وتذكر ماحلّ بالارمن والاشوريين وشعوب اخرى قد اندثرت وانصهرت في اوربا وامريكا فاستفاد من تلك التجارب ومنع منعاً باتاً منح اي نوع من اللجوء السياسي والانساني للقادة الاكراد بشكل خاص والشعب الكردي بشكل عام واعطيت حصة الاكراد البالغ عددها الاف ( الفيز) سمة الدخول للاجئين المسيحيين من منطقة كردستان بعد ان يتم تزويدهم بكتاب رسمي من قبل ممثل الحركة الكردية في واشنطن السيد محمد سعيد دوسكي, وهذا ادى الى تفريغ المنطقة الشمالية من المسيحيين وعلى سبيل المثال: لقد كانت قرية ارادن التابعة لناحية سرسنك تضم( 400) عائلة تقريباً في اواسط السبعينات من القرن الماضي بينما الان يوجد فيها حوالي(75) عائلة فقط ومعظمهم من كبار السن بينما يوجد في امريكا اكثر من الف عائلة من قرية ارادن فقط وهكذا بالنسبة الى بقية القرى المسيحية وهناك من يقول ان هذه(الفيز) كانت السبب في الهجرة،"كلا ان هذه الفيز منحت للعوائل العالقة في لبنان واليونان وان هجرة المسيحيين كانت مستمرة ولكن هذه الفيز ساعدت على سرعة الوصول الى امريكا.
واكرر هنا واقول ان السبب الرئيسي لتلك الاحداث هو رغبة الانكليز في التخلص من هذا المكون الاشوري لكي لايتم ادانتهم في المستقبل حيث لايزالون يشعرون بالذنب الى يومنا هذا وانهم استفادوا واستخدموا القدرات القتالية لهذا المكون الاشوري مقابل وعود كاذبة قطعوها مع قادة العشائر الاشورية وان دور الحكومة كان ثانوياً وكذلك دور العشائر في المنطقة حيث كانوا المنفذين لهذا المخطط الانكليزي، وهناك حادثة قرية (صوريا) المسيحية تشبه الى حدٍ ما قضية سميل ففي بداية عام 1969 حدث انفجار عبوة ناسفة على سيارة عسكرية بالقرب من قرية صوريا ادت الى مقتل ثلاثة جنود واصابة أخر فقام على أثر ذلك الملازم الاول عبد الكريم جحيش بجمع اهالي القرية في ساحة بالقرب منها وفتح نيران اسلحته عليهم وقتل جميعهم بمن فيهم خوري الكنيسة وبلغ عدد الشهداء في هذه الحادثة اكثر من سبعين شهيداً بالاضافة الى عدد من الجرحى وبعد حصول هذه الكارثة كان الجميع يُحملون المسؤولية على هذا الضابط الجحيشي بينما الاوامر صدرت لهُ من العقيد الركن راضي لفتة الراوي آمر لواء(23) من الفرقة الرابعة في الموصل ولحد هذا اليوم لم يُحاسَب احداً على تلك الجريمة, ان معالجة هذا الحادث بهذه الطريقة الشنيعة يتنافى مع المبادئ العسكرية والسياقات المعمول بها في الجيش العراقي, لكن الضحايا لم يكن هناك من يدافع عنهم في ذلك الوقت.
 
*لكن هل معنى ذلك ان هجرة المسيحيين اقتصرت على مخططات البريطانيين فقط  ام هناك عوامل اخرى؟
 - دخلت عوامل اخرى فكان هناك  سبب رئيسي اخر للهجرة يتعلق بسياسة البعث الشوفينية ضد الاقليات غير العربية وغير المسلمة وكان البرزاني بحكمته وعبقريته استطاع الحفاظ على القادة الاكراد داخل كردستان او في الدول المجاورة لانه يدرك جيداً مدى اهمية القائد الرمز في تحرير الشعوب وهكذا فان دور القائد والقيادة هو الاساس في حركات التحرر الوطنية والقومية، ولولا دور الزعيم البرزاني واولادهُ لكان الوضع في كردستان على غير ذلك.
وهكذا فإن دور الانكليز في احداث سميل لايقل عن دور العقيد راضي لفتة في مذبحة صوريا المسيحية حيث قاموا بالاعداد لهذا المخطط والتنسيق مع رجال الحكومة وتحريض رؤساء العشائر في المنطقة للانقضاض على الشعب الاشوري وابادته حتى لاتقوم له قائمة, علماً ان علاقة الانكليز مع رؤساء العشائر كانت جيدة للغاية ولاسيما مع الشيخ عجيل الياور شيخ عشيرة شمر في مدينة الموصل الذي كان لهُ قوات خاصة تسمى جيش(الشمّر) الذي تم دمجهُ مع الجيش العراقي فيما بعد.
ومن هنا فان النظام السياسي في بريطانيا وامريكا هو نظام ديموقراطي فيدرالي لامثيل له في العالم لما يوفره للمواطن من الحرية والمساواة دون تميز لأحد بعيداً عن التفرقة باشكالها العنصرية لكن السياسة المتبعة لهذين البلدين في تعاملهم مع الدول والشعوب هي سياسة استعمارية خبيثة تعتمد على مبدأ فرّق ـ تسد والسياسة البراغماتية النفعية في التعامل، ويتميزون في اطلاق الوعود ونقضها بعد حين والتخلي عن التزاماتهم وتغيير مواقفهم باستمرار وهذا ما لاحظناه ولمسناه لدى سقوط النظام في العراق في 2003 على يد الامريكان حيث جاء الحاكم المدني اليهودي الامريكي لويس بول بريمر وفسخ الدولة العراقية التي كان عمرها اكثر من ثمانين عاماً والغاها من الوجود وقسم شعبها الى مِلل وخلق صراع دموي بينهم لانهاية له ابداً وحلَّ مؤسسات البنية التحتية للدولة العراقية ومنها: الجيش، الشرطة، الاجهزة الامنية، الاعلام و....الخ. وجعل العراق خارج المنظومة العسكرية العربية لمحاربة اسرائيل، واصبح العراق دولة مفككة بثلاث رؤوس(شيعي ـ سني ـ كردي) وتم تهميش كافة المكونات الاخرى من الشعب العراقي وفي مقدمتهم المكون المسيحي بكافة تسمياتهم الكلدان والسريان والاشوريين.

* اذا انت تحمل الولايات المتحدة ايضا مسؤولية ما جرى من احداث للمسيحيين بعد سقوط نظام صدام حسين ؟
- بالتاكيد فلو اراد السيد بول بريمر أعطاء شعبنا بعض الحقوق اسوةً بالاخرين لكان من السهل عليه ذلك  ولاسيما في استحداث محافظة في سهل نينوى لكان قد جنب شعبنا كل تلك الخسائر البشرية والمادية في الوقت الذي كان شعبنا يتجاوز عددهُ المليون نسمة ،فسياسة امريكا الحالية هي امتداد لسياسة بريطانيا العظمى سابقاً وهكذا فإن الشعوب الصغيرة تذهبُ ضحية لسياسة الدول العظمى وشاهدنا كيف ان الثورة الكردية انهارت في العام 1975 بسبب عقد اتفاقية بين صدام حسين وشاه ايران برعاية وزير الخارجية الامريكي الاسبق هنري كيسنجر في الجزائر.
 
فليس سراً ان نقول ان سياسة بريطانيا وامريكا هي ضد السلام والاستقرار في منطقة الشرق الاوسط هم الذين يخلقون بؤر التوتر في العالم ويقومون بتغذيتها بكل مالديهم من القدرات والامكانيات والوسائل لخدمة مصالحهم الاستراتيجية ولقد شاهدنا الحرب العراقية - الايرانية والعديد من صفقات الاسلحة التي تم بيعها لكل من العراق وايران لادامة زخم القتال بين الطرفين وكلفت تلك الحرب اكثر من 400 مليار دولار تحملتها دول الخليج مع العراق وراح ضحيتها اكثر من مليونين جندي بين قتيل وجريح للطرفين وانتهت الحرب لاغالب ولامغلوب فيها لان امريكا والاتحاد السوفيتي آنذاك حافظوا على التوازن بين الدولتين حتى في الخسائر وبعد استنزاف الطرفين مادياً قررت الدول العظمى ايقاف الحرب بدون أتفاق صلح بين الدولتين.

*على ذكر الولايات المتحدة ، هل من مواقف امريكية تجاه قضية الاشوريين؟
- في بداية الثمانينات من القرن الماضي جمعني لقاء مع السيد أفرام الريس رئيس الاتحاد الاشوري العالمي أنذاك وقال لي" في مطلع العقد السابع طلب البطريرك مار ايشاي شمعون مقابلة الرئيس الامريكي نيكسون لطرح القضية الاشورية ، الا أن الاخير رفض ذلك ولم تسنح الفرصة للبطريرك بمقابلته، وبعد وساطة من قبل السيناتور جان نمرود ذو الاصول الاثورية استطاع مار شمعون لقاء نائب الرئيس الامريكي جيرالد فورد وقال له البطريرك " أن شعوب العالم استطاعت ان تبني أوطانها بأستثناء شعبنا الاشوري ما يزال منذ أندلاع الحرب العالمية الاولى والى يوم هذا يتنقل من مكان الى أخر باحثا عن ملاذ أمن ووطن يستقر فيه لكن دون جدوى .
فكان رد نائب الرئيس له " أن القضية الاشورية وبعد دراسة لها يتبين انها قضية معقدة وشائكة ولا يمكن ان نجد لها حلا في هذه الحقبة الزمنية ، الا في حالة نشوب حرب جديدة في منطقة الشرق الاوسط وعندها ستسقط أتفاقية سايكيس بيكو لعام 1917 ويتم تقسيم جديد لجغرافية المنطقة وقيام دول حديثة ربما في حينها سنجد حلا مناسبا لقضيتكم وهذا بحسب قول السيد أفرام.
 
* بعدما جرى للمسيحيين ومستقبل وجودهم في العراق هل هناك قدرة للتحرك من اجل استعادة ما فقد من حقوق في المرحلة الماضية ؟
- بالنسبة الى قضيتنا فان المساحة السياسية التي نتحرك عليها الان للحصول على حقوقنا القومية المشروعة في هذا البلد تتقلص يوماً بعد اخر بسبب الهجرة المستمرة لابناء شعبنا وخاصة في منطقة سهل نينوى بينما المكونات الاخرى القاطنة في المنطقة من الشبك والايزيدين والعرب تتمدد وتعزز مواقعها في هذا السهل وتزداد الخلافات والمشاكل بيننا وان الوقت ليس بصالحنا وشاهدنا قبل عدة اسابيع كيف تجرأ اعضاء في مجلس النواب العراقي من المكون الأيزيدي كل من فيان دخيل وشريف سليمان في محاولة الاستحواذ على موقع رئيس الوقف المسيحي الذي يشغله موظف مسيحي منذ تأسيس هذه الدائرة والى الان وهذا دليل على ان المشاكل بيننا ستتفاقم طالما ان ثقافة الاخر تتنافى مع ثقافتنا وانني اتوقع ان تزداد هذه المشاكل اثناء انتخاب مجالس البلديات ورؤساء الادارة المحلية مثل القائم مقام ومدير الناحية.
 
*كيف يمكن الخروج من هذا المأزق؟

- لتجنب هذه المشاكل نطالب الحكومة العراقية والجهات المعنية باستحداث بلديات ونواحي في قرى الايزيدية والشبك وإلا سيقضون على وجودنا السياسي وكمكوّن متميز في هذه المنطقة التي تسمى سهل نينوى الممتدة من جبل القوش شمالاً وحتى جنوب قرقوش ولكي لا تتكرر احداث سميل وصوريا علينا اتخاذ الاحتياطات اللازمة لذلك.
 
*ختاما ماهي الوسائل التي يمكن للشعب المسيحي ان يعتمدها من اجل ابقاء ذكرى مجزرة سميل او الفضائع التي حصلت بعدها خالدة للأجيال الجديدة؟

- أرى ان على المثقفين والسياسيين المهتمين بهذه المناسبة التأريخية البدء بانشاء متاحف وتماثيل وافلام تعبر عن تلك الاحداث ولو بشكل تقريبي وتأسيس موقع خاص يختص بتلك الاحداث وأقامة مكتبة خاصة تضم كافة الوثائق والكراسات واشرطة الفيديو في ارشيفها ليطّلع عليها العالم وخاصة ابناء شعبنا واقامة رمز مشتعل يمثل تلك الضحايا ويتم زيارة هذا الرمز باستمرار وبمناسبات قومية وعرضه في وسائل الاعلام كافة المحلية والدولية ودعوة الوفود الاجنبية لزيارة هذا الرمز وشرح لهم قضيتنا والاسباب والضروف التي ادت الى تلك الاحداث وما ترتب عليها من تَبعات.
 فاليهود تعرضوا للإبادة الجماعية في الحرب العالمية الثانية في المانيا وتسمى تلك الاحداث بـ (المحرقة) ويتم سنويا اثناء هذه المناسبـة عرض فيلم في القنوات الفضائية مدته ست ساعات يروي تلك الاحداث بتفاصيلها وتداعياتها على الشعب اليهودي وهناك مواقع خاصة مزودة بوثائق وصور تبين تلك المجازر ولا يمكن لأي يهـودي في العـالم مهما كان عمره ان ينسى تلك المآسي التي حلت بهم, ولحد الان المانيا تدفع مليارات الدولارات تعويضا لأهالي الضحايا وسيستمرون بدفع التعويضات والى أمد بعيد حسب الاتفـاقيات المعقودة لاسيما ان المانيا إعترفت بتلك الحقائق.



[/center]

25
في ضوء المؤتمر السابع لحزب بيث نهرين الديمقراطي

بمزيد من الفخر والاعتزاز نقدم تهانينا القلبية الى القيادة الجديدة لحزب بيث نهرين الديمقراطي بمناسبة انتهاء أعمال مؤتمرهم حقق نجاحاً مهماً في الكثير من المجالات، محققا حضوراً متميزاً في هذه الظروف الصعبة، وتجلى ذلك في قراراته وبرنامجه الواضح الشامل وفي عدد المندوبين الذين حضروا من داخل العراق وخارجه. الذين شاركوا بكفاءة عالية في جو من الحرية والديمقراطية التي سادت نشاطات المؤتمر. كما إن النزاهة والشفافية ونكران الذات مورست بشكل جيد في كافة أعمال اللجان ولاسيما في عملية الانتخابات التي تمت في اليوم الأخير من المؤتمر، حيث تم اختيار اعضاء اللجنة المركزية الجديدة، وكان حدثاً بارزاً في صعود عدد من السيدات والشباب لأول مرة الى اللجنة المركزية. وهذا دليل على التطور الحاصل في بنية الحزب وتركيبته لصالح الشباب والاناث، إنهم يشكلون عنصراً جديداً في القيادة، وهذا ما يعزز المشاركة الديمقراطية داخل الحزب. كما أن برناج الحزب ومقرراته كانت بمستوى طموحات وتطلعات أبناء شعبنا (الكلداني السرياني الاشوري) ولاسيما في هذه المرحلة بالذات التي يشتد فيها الصراع بين مشروع سياسي مركزي يتبناه التحالف الوطني بزعامة السيد نوري المالكي، ومشروع اخر يعارضه بزعامة تكتل القائمة العراقية والكردستانية والتيار الصدري.
يقول الشخصية القومية والاعلامي البارز المرحوم جميل روفائيل:                           (أن تسمية هذا الحزب هي أفضل عنوان لتنظيم سياسي قومي يضم كافة أبناء شعبنا من الكلدان السريان الاشوريين أن مبادئه أقرب الى افكاري من أي تنظيم سياسي أخر، وإذا سألوني أن التزم بتنظيم سياسي سوف لن أختار غير حزب بيث نهرين الديمقراطي).
في نهاية عام 1981 بينما كنت مقيماً في دمشق، قمت بزيارة قداسة البطريرك مار زكا عيواص رئيس الكنيسة السريانية الارثذوكسية في العالم، وسألني عن سبب وجودي في الشام، فقلت له أنني ممثل لحزب بيث نهرين الديمقراطي، فأبتسم وقال لي: (هذا الأسم عظيم جداً ويعنينا جميعاً وكل مسيحي في العراق، وسوريا، وقسم من ايران الشرقية وجنوب تركيا، يشعر أنه ينتمي الى هذه الرقعة الجغرافية التاريخية التي كانت تسمى ببلاد مابين النهرين بغض النظر عن مذهبه أو طائفته، إن هذه البلاد كانت موطن أباءنا وأجدادنا منذ العصور القديمة وكل من يسكن في هذه المنطقة من المسيحين فهو من أصول أشورية بالرغم من التسميات التي تطلق على كنائسنا وطوائفنا، إنه الاسم الوحيد الذي يجمعنا ويوحدنا جميعاً ولكن نحن نعتز بتسمياتنا وطوائفنا الكلداني السرياني الاشوري ولن نتخلى عنها أبداً، وأيضاً نعمل على ان لاتكون هذه التسميات حجر عثرة في طريقنا في سبيل وحدة شعبنا، كما نأمل أن يكون التنظيم السياسي الذي أختار له هذا الاسم الشامل وعاءاً يحتضن كافة المنظمات السياسية والثقافية لشعبنا المسيحي بكافة تسمياته).
والان بعد ثلاثين عاماً يشمخ هذا الاسم (بيث نهرين) في سماء الساحة السياسية العراقية ليجمع الجميع وخاصة بعد الانتخابات الجديدة وفي ظل قيادة المناضل الاستاذ روميو حكاري الذي اثبت جدارته في قيادة هذا الحزب طوال الفترة المنصرمة من خلال الانجازات والمكاسب التي حققها، نامل ان تعمل القيادة الجديدة بروح الفريق الواحد من أجل تحقيق اهداف شعبنا المتمثلة في منحه الادارة الذاتية في المناطق التي يسكنها بكردستان، واستحداث محافظة في سهل نينوى مع مختلف القوميات والطوائف التي تتعايش معها. وفي حالة عدم تحقيق هذين الهدفين وحسب رأيي الشخصي فأن مستقبل شعبنا سيكون الهجرة الجماعية الى خارج الوطن لاسامح الله. ولكن لنا الأمل الكبير في القيادات السياسية العراقية ان تحافظ على هذا المكون الصغير لشعبنا وتمنح له حقوقه القومية المشروعة في وطننا العراق الحبيب.

داؤد برنو/ القوش
13/6/2012

26
ذكرى الرابعة والتسعون لتأسيس الجمعية القومية الآشورية في شيكاغو  

        إن فكرة تأسيس هذه الجمعية تبلورت في نيويورك عندما قدم اليها المهجرون من أوطانهم خلال الحرب العالمية الأولى, إلا أن حلمهم تحقق في شيكاغو, لأن الأغلبية من أبناء قوميتنا الآشورية رحلوا الى مدينة شيكاغوفي تلك الفترة .  
  تأسست هذه الجمعية في أوائل تشرين الأول  من عام 1917 أثناء الحرب العالمية الأولى, التي راح ضحيتها أكثر من عشرة ملايين شهيد, من قبل الآب الفاضل القس يوئيل وردا والأستاذ بيرا بنيامين, أثناء هجرة الآشوريين من أوطانهم في تركيا وإيران, وبعد أن تجمع هؤلاء المهاجرين في شيكاغو في تلك الفترة. ومن الجدير بالذكر أن الأب يوئيل وردا والأستاذ بيرا بنيامين كانا لهما دورآ    بارزآ في تلك الأحداث بالنسبة الى القضية الآشورية , وحضرا مؤتمر الصلح في (باريس- قصر فرساي) عام 1919 الى جانب الحلفاء ممثلين عن القومية الآشورية, وعملا جاهدين في هذا المؤتمر من أجل حقوقنا القومية وإعلاء شأن القضية الآشورية, ولكن تبين فيما بعد كما يعلم القاصي والداني  بأن الأنكليزكانوا ضد تلك التطلعات والأهداف مما أدى الى إحباطها وفشلها.
      منذ أن تأسست هذه الجمعية لم يتوقف نشاطها الثقافي والإجتماعي أبدآ, حيث كان أعضاؤها  يقومون بتأمين الكفالات والمأوى للقادمين الجدد, وكذلك يقومون  بتدريس لغة (الأم )الآشورية للأجيال الصاعدة من أبناء قوميتنا , بجانب اللغة الأنكليزية . بالإضافة الى نشاطهم الثقافي حيث  كانوا ينشرون الوعي القومي الوطني بين أبناء قوميتنا, وعلى سبيل المثال البرنامج الإذاعي الذي كان أول إذاعة آشورية في أميركا  تبث باللغة الآشورية من شيكاغو ومنذ عام 1965 ولغاية اليوم . لقد كان لهذه الجمعية إعلام مقروء من خلال (مجلته زهريرا) وكذلك المهرجانات السنوية التي كان يقيمونها من أجل الحفاظ على تراثنا وتاريخنا ولغتنا  وتعزيز الروابط القومية والوطنية  بين المهجر والوطن.
  
      وبهذه المناسبة السعيدة على على قلوب أعضائها  أقامت هذه الجمعية  حفلة ساهرة يوم السبت المنصرم في  8- 10- 2011  أحيتها الفنانة المتألقة جوليانا جندو.وفي بداية الحفلة رحب رئيس الجمعية  السيد وليم بادل بالحاضرين وتمنى لهم أن تكون كل أيامهم أعيادآ, وبعدها  كان عريف الحفل الإعلامي الآشوري المعروف جنسون سركيس وبتعليقاته المشوقة  أضفى جوآ من المرح والسرور في نفوس الحاضرين , وبعدها طُلبَ من السيد عمانوئيل أيشو لإلقاء كلمة بهذه المناسبة, رحب بالحضور الكريم وتكلم بإختصار شديد عن فكرة تأسيس الجمعية وعن بعض من منجزاتها , وبعدها طلبَ من السيدة الفاضلة  (سارا نوي بنجامين) التي تعتبر إحدى الركائز الأساسية  لهذه الجمعية ,لأنها  رافقت مسيرتها  منذ بداية العشرينات من القرن الماضي مع ذويها عندما كانت طفلة صغيرة وبقيت الى يومنا هذا, ولها نشاط  متميز وفاعل ومؤثر, وهي الآن رئيسة الجمعية النسائية الآشورية في شيكاغو,وتساهم في برنامج الجمعية الإذاعي الأسبوعي من كل يوم سبت من الساعة 11 صباحآ وحتى الثانية عشر ظهرآ مع عمانوئيل أيشو وجنسون سركيس , وقبل أن نختم كلماتنا هذه يسرنا أن نقدم لها تهانينا القلبية بمناسبة عيد ميلادها التاسع والثمانون الذي سيصادف يوم 18- 10- 2011. وحسب النظام المتبع في هذه الجمعية, يتم تكريم الأعضاء المتميزين بهذه المناسبة السنوية, حيث تم إختيار العضو المتميز السيد جان خوري ليكون رجل هذه السنة, لعطائه وخدمته في سبيل إعلاء شأن هذه الجمعية , وكذلك أنتخبت السيدة سيرا نوي بينجامين لتكون إمرأة هذه السنة  لإخلاصها وتفانيها من أجل رفع أسم هذه الجمعية ,. ثم تخلل الحفل سحبة (رافل تكت) وتم توزيع الجوائز الثمينة على الفائزين. حضر الحفل جمع غفير من أبناء قوميتنا في شيكاغو .                    
عمانوئيل أيشو    في  10 - 10- 2011  شيكاغو


27
حول زيارة وفدً من قادة شعبنا الى أميركا

       بدعوة من إتحاد الجمعيات الآشورية في أميركا (فيدريشن) وصل الى شيكاغو نهاية شهر آب قادمين من الوطن كل من السيد شمزدين كيوركيس رئيس المجلس الشعبي (الكلداني السرياني الآشوري) والسيد عمانوئيل خوشابا الأمين العام لحزب الوطني الآشوري , وكذلك وصل الى ديترويت في بداية شهر أيلول كل من السيد أنور هداية رئيس حركة السريان المستقل , والسيد ضياء بطرس سكرتير المجلس القومي الكلداني لحضور المؤتمر السنوي الذي تقيمه منظمة (الفيدريشن) من كل عام, وأقيم هذا المهرجان في (ولاية نيفادا) إستمر لعدة أيام, حضره أكثر من ألفي شخص, البعض منهم جاءَ من الدول الأوربية وأستراليا,وتخللها العديد من الفعاليات والنشاطات الثقافية والإجتماعية والسياسية ,وأقيمت عدة ندوات سياسية تحدث فيها أعضاء الوفد بصراحة تامة ,وتم إستعراض ومناقشة الأوضاع السياسية والأمنية والأقتصادية لشعبنا في العراق والمخاطر التي يواجهها الآن,وأصبح الجميع على بينة من جميع الأمور والتساؤلات التي تتعلق بقضية شعبنا بشكل واقعي وموضوعي . 
   
     ثم إنتقل الوفدً الى ولاية كاليفورنيا وأقيمت ندوات ولقاءات سياسية هناك في عدة مدن ومنها ( مدينة ترلوك- مودستو , سان هوزيه ,سان أنجلوس, سانتياغو.. الخ) كما أقام الوفدً ندوة سياسية في مدينة شيكاغو , ومدينة ديترويت حضرها جمع غفير من النخب السياسية ومن الذين لهم إهتمامات وطنية وقومية من مختلف فئات الشعب العراقي , ويا للأسف الشديد لا يزال البعض من أبناء شعبنا هنا في (ولاية مشيكن) يقفون ضدً أهداف وتطلعات الأكثرية الساحقة من جماهير شعبنا (الكلداني السرياني الآشوري) في الوطن, ويحاولون عبثآ خلق حالة من التشتت والتشرذم في صفوف شعبنا من خلال مواقفهم الأنعزالية المتزمتة والبعيدة كل البعد عن الواقع الذي يعيشه شعبنا في العراق .   

        إنهم ضدً مشروع إستحداث محافظة في منطقة سهل نينوى للمكونات القومية الساكنة فيها, لماذا؟؟ لا نعرف!! ولم نسمع منهم جوابآ مقنعآ ينسجم مع الواقع المستجد على الساحة الجيوسياسية في المنطقة, ولم يقدموا بديلآ لمشروع المحافظة , وحسب ما يقولون أنهم يعملون بجدً وإخلاص وتفاني إنطلاقآ من ديترويت لتحقيق الديمقراطية في كافة أنحاء العراق من زاخو الى البصرة!! ومن ثم سوف يطالبون بحقوقنا الوطنية والقومية!!وهم يعرفون جيدآ بأن الفئات والمجموعات الحاكمة في العراق لا يوجد فيهم ديمقراطي واحد, ولا هم يؤمنون بالنظام الديمقراطي الصحيح,وإذا ظهر سياسي أو نائب في البرلمان العراقي يطالب بالديمقراطية والعدالة فإن مصيره معروف للجميع حيث يتم تصفيته بطرق مختلفة كما أغتيل المناضل الأستاذ هادي مهدي في بغداد - الكرادة, وأن زميله النائب صباح الساعدي الذي إنتقد رئيس الوزراء السيد المالكي مؤخرآ تلقى عدة تهديدات بقتله من جهات معروفة في الحكومة  وهذا ما صرح به علنآ حيث قال إن مصيري سيكون مثل مصير الشهيد هادي مهدي.   

إن رؤيتنا لمشروعهم هذا إنه مجرد شعارات فارغة  وأمنيات غير قابلة للتحقيق, وإن الفارق الزمني بيننا وبينهم كبير جدآ.ومن السهل عليهم طرح الشعار السياسي الذي يؤمنون به, ولكن العبرة بالتنفيذ وعلى سبيل المثال:                                                                                                                                                                                                                                                                                            في بداية الستينات من القرن الماضي رفع الحزب الشيوعي العراقي شعار(الديمقراطية للعراق والحكم الذاتي للشعب الكردي) ولكن ماذا تحقق من هذا الشعار, لقد تحقق للشعب الكردي بجهود المجتمع الدولي كل أهدافهم ومنها الحكم الذاتي , والفيدرالية , وهم الآن على وشك تقرير مصيرهم,   بينما الديمقراطية التي كانوا ينادون بها منذ  خمسين عامآ لا تزال حلمآ لم يتحقق منها شيئآ, ولا يحدونا الأمل بأن هذه الحكومة تستطيع أن توفر الديمقراطية للشعب العراقي,لأنها تستند على المحاصصة الطائفية التوافقية المقيتة,بالإضافة الى ذلك تدخل دول الجوار في الشأن الداخلي العراقي أدى الى إذكاء حدة الصراعات العرقية والطائفية بين الكتل السياسية,كماإن هذه الحكومة هي من إنتاج المعارضة العراقية للنظام السابق, التي كانت منقسمة ومشتتة على مدى عقدين من الزمن وأكثر, في كل من سوريا وأيران , وأتمنى على هؤلاء القلة من السياسيين في ديترويت المعارضين لمشروعنا القومي, أن يراجعوا تاريخ أحزاب المعارضة العراقية منذ عام 1978- وحتى مؤتمر لندن في  2002 والصراعات السياسية التي كانت تعصف بينهم, سيجدون كيف كانوا يتهمون بعضهم بعضآ بالخيانة في جلساتهم وأدبياتهم وفي بعض الأحيان يتقاتلون فيما بينهم قتالآ عنيفآ,وإن هذه القيادة السياسية الحالية الحاكمة في العراق هي إمتداد لتلك المعارضة, ومما زاد في الطين بلة الخلاف القائم الآن بين الكتل السياسية حول مستقبل الإتفاقية الأمنية بين العراق وأميركا التي أوشكت على نهايتها, والتدخل السافر لبعض دول الجوار في الشأن الداخلي العراقي وإزدياد نفوذهم في دوائر صنع القرار للحكومة الحالية.   
 
      بالرغم من أن موقفهم المعارض هذا لا يقدم ولا يؤخر وليس له أي تأثير على سير العملية السياسية في العراق, وسوف لن يكون بوسع أحدِ أيآ كان من خارج الوطن أن يعرقل مسيرة شعبنا, لأن القرار الأستراتيجي الذي يتعلق بمستقبل ومصير شعبنا كان وسيبقى منوط بمن هم في الميدان وعلى أرض الواقع, وهذا ما أكد عليه أحد أعضاء الوفدً, ولكن نحن نريد توحيد الصفوف والمواقف بين جميع منظماتنا السياسية والثقافية  والأجتماعية  داخل الوطن وخارجه من القضايا الرئيسية التي تهم كافة أبناء شعبنا المسيحي  في العراق وبكافة تسمياتهم القومية .   

        إن البعض من أعضاء الوفدً عادوا الى الوطن بتاريخ 26- 9- 2011  وهم أكثر عزمآ وتصميمآ لمواصلة كفاحهم البطولي بوجه تيارات الكفر والفساد التي تجتاح العراق, ومن أجل إنتزاع حقوقنا القومية المشروعة بالرغم من الأخطار المحدقة بهم والمعوقات التي تواجههم من جهات إرهابية عديدة ومختلفة,وكذلك من بعض العناصر في الحكومة والبرلمان,بسبب المسؤولية المنوطة بأعناقهم والمتجسدة بمشروع إستحداث محافظة في منطقة سهل نينوى لجميع المكونات القومية والدينية في المنطقة, والتي يعترض عليها وبشدة الأخوين محافظ الموصل أثيل النجيفي وشقيقه رئيس البرلمان أسامة النجيفي, وهم يدعمون المشاريع الأستيطانية المشبوهة التي تؤدي الى تغيير ديمُغرافية المنطقة وتدفع أبناء شعبنا للهجرة خارج الوطن من خلال الممارسات التي تقوم بها بعض الدوائر الحكومية في محافظة نينوى ,ولكن قادة شعبنا في (تجمع تنظيماتنا السياسية الكلدانية السريانية الآشورية) يدركون ذلك جيدآ ويعملون ليلآ ونهارآ بشتى الطرق والوسائل ومهما كلف ذلك من أجل  التصدي لهذه المشاريع وإفشالها أو تجميدها.                                                                                                                                                                                                                                        قبل شهر تقريبآ تم تجميد مشروع إستيطاني لبناء 3000 ثلاثة آلاف وحدة سكنية للغرباء في أراضِ قضاء الحمدانية (قرقوش) كما تم إلغاء مشروع إستيطاني آخر قبل عدة أشهر لبناء 2000 ألفين وحدة سكنية في أراضِ ناحية برطلة, ولكن الأعداء كثيرون, والمشاريع لن تتوقف, وهم لم ولن يتوقفوا لحظة واحدة في إقامة مشاريع سكنية وثقافية تستهدف وجودنا القومي في هذا الوطن, بينما البعض من أبناء شعبنا من السياسيين ولاسيما في ولاية مشيكان منهمكين في الجدال البيزنطي (هل الملائكة ذكور أم إناث) العقيم الذي لا جدوى منه حول التسمية القومية وتداعياتها على مصير شعبنا في وطننا العراق الحبيب. 
داود برنو    29- 9- 2011 مشيكان- ديترويت .

28
بكر صدقي , إسماعيل عباوي ...  

 كثيرآ ما كان يتناهى الى مسامعنا منذ الصغر حكايات عن أحداث دامية دارت وقائعها المؤلمة على أبناء شعبنا المسيحي من (الكلدان السريان الآشوريين) على فترات زمنية مختلفة,بدءآ بالمذابح المروعة التي شملت أبناء القوش سنة 1832 وأوقعت بصفوفهم مئات القتلى الى جانب عمليات السبي والنهب كجزء من حصيلة حملة دموية قادها محمد باشا الراوندوزي الملقب (بميري كور).  

وعلى ذات السياق ما نهج عليه أمير بوتان (بدر خان) الذي حمل على منطقة تخوما في حكاري وترك فيها ركامات من جماجم أهلها الآشوريين في سنة 1846 وتعاقبت مثل هذه الفصول على شكل مسلسل إبادة عنصرية لما عصفت الأحداث في بلدة سميل التي نكبت في سنة 1933 بالآلاف من أبنائها رجالآ ونساءا.. صبيانآ وصبايا وحتى الأطفال جميعهم قضوا قتلآ وذبحآ على يد قطعات من الجيش العراقي بقيادة المجرمين الفريق بكر صدقي رئيس أركان الجيش والضابط اسماعيل عباوي مدير شرطة الموصل الذي إجتاح البلدة برفقة فرقة مدرعة لتقوم بمجزرة بتلك القرية الأبية التي كان قد نزح اليها آلاف الآشوريين هربآ من فتك قطعات الجيش في قراهم الواقعة ما بين دهوك- ديريبون- عمادية.

ومسلسل المذابح بحق المسيحيين العراقيين الذي نحن بصدده, يقودنا الى التذكير بما حصل على يد الضابط المجرم عبد الكريم جحيش الذي عمل الإبادة الجماعية في قرية صوريا في 16- 9- 1969 والتذكير دائمآ بدون أية مواربة بتهجير مسيحيي الموصل بالقتل والسلب والنهب والتشريد وبوضع النهار وأمام مرأى ومسمع المسؤولين,وما أشبه اليوم بالبوارح. حيث تم إسدال الستار على كل هذه الجرائم.
بدر خان وميركور وبكر صدقي وإسماعيل عباوي وكريم جحيش والمجرمون الرابضون وراء عباءة الحكومة العراقية بعد كل الذي فعلوه بالمسيحيين الموصليين,هذه الأسماء التي لا تليق بها إلا مزبلة التاريخ, لاشك أنها ستبقى رموزآ للتعصب القومي والديني وللجريمة المنظمة.
إن شعبنا المسيحي بتسمياته كافة (الكلدان السريان الآشوريين) قد تعودً على مواجهة حملات القمع والأضطهاد والتشريد والإبادة الجماعية خلال تاريخه العريق في وادي الرافدين, وتم التعامل مع جميع هذه الأحداث بالتعتيم الكامل في جميع العهود التي مرت في العراق وكذلك على نطاق الدول العربية أجمع, ولم نقرأ كتابآ واحدآ لأي مؤرخ عراقي, يوثق النازلات الكبرى التي ألمت بهذا الشعب الرافدي الأصيل منذ عهد شابور الثاني (ذو الأكتاف) في الثلث الأول من القرن الرابع الميلادي والى مذبحة صوريا في عام 1969 .
ونحن أبناء لهذا المكون العراقي الأصيل المهدد بأمنه وبمفردات حياته ومستقبله في الظروف العصيبة التي يمر فيها العراق منذ سقوط النظام السابق, لا ننسى الأعمال الوحشية التي أرتكبت عبر التاريخ والى هذا اليوم بحق شعبنا, ولاسيما إختطاف وقتل المطران فرج رحو رئيس أساقفة الموصل ومعه العديد من الكهنة الأفاضل, وكذلك مجزرة كنيسة سيدة النجاة في بغداد- الكرادة, التي راحَ ضحيتها العشرات من المصلين داخل الهيكل, وأرتكبت تلك الجريمة بأسم (دولة العراق الإسلامية) وهي تابعة لمنظمة القاعدة الإرهابية!!.  
ولهذا نتوسم في قيام محافظة سهل نينوى التي ستضم سكان هذا السهل ضرورة قصوى ومطلبآ ملحآ لدرء الأخطار عن مستقبل جميع المكونات القومية المستضعفة في هذا السهل التي يتربص بها رواد التعصب الأعمى.
وهنا أودً تذكير رئيس البرلمان العراقي السيد أسامة النجيفي ألا يتسرع ويتخذ موقفآ سلبيآ تجاه هذا المطلب, كما وردً في بعض تصريحاته وكأنه ضد تطلعات شعبنا في قيام مشروع المحافظة.

إن هذه المسألة تحتل المرتبة الأولى من بين القضايا التي نطالب بها الحكومة بمعالجتها,لأنها تتعلق بمستقبلنا ومصيرنا, ولا يمكن التراجع عنها, إنه التزام مطلق تجاه شعبنا,وإن تحديد مدى تعاوننا مع هذه الحكومة أو غيرها سيتقرر في ضوء موقفها من مشروع المحافظة,ولابدً من معالجة هذه المسألة بصورة مبدئية وسياسية وفي إطارها الصحيح,وإذا تحقق ذلك سيكون هذا أكبر إنتصار للحكومة والبرلمان,وفي مقدمتهم السيد النجيفي والسيد المالكي,وستكون إسماؤهما في لوحة الشرف مع القادة العراقيين الوطنيين المتميزين المخلصين لهذا الوطن والشعب,كما أن ألمكونات العراقية الصغيرة في هذا البلد ستتمتع بحقوقها القومية المشروعة الى حدِ ما ولأول مرة منذ قيام الدولة العراقية في عام 1920 .
إن ما يجري في العراق له علاقة مباشرة مع الأحداث الجارية في المنطقة,وعلى المسؤولين قراءتها بشكلها الصحيح والشامل.لقد حان الوقت للشعوب المقهورة أن تتمتع بحقوقها الوطنية والقومية كاملة وإن زمن تركيا (العصملية) قد إنتهى والى الأبدً,وعهد الأنظمة الدكتاتورية التي جاءت من بعدها, فشلت فشلآ ذريعآ في تأمين الحياة الحرة الكريمة لشعوبها,كما أن مسألة الحرية وحقوق الإنسان وحقوق الأقليات في هذا العصر أصبحت في متناول الشعوب, بدعم وتأييد المجتمع الدولي,لا أحداً يستطيع الوقوف أمامها. إنها كالتيار الجارف ,ربما هناك من يتسبب في تأخيرها لبعض الوقت,ولكن لايستطيع مصادرتها والتحكم بها. إنه من البديهي بأن كل مرحلة من مراحل النضال تنطوي على عناصر تعمل بالإتجاه المعاكس والمضاد لتوجهاتنا وتستغل الأخطاء والثغرات الموجودة في صفوفنا,ولكن ثقتنا عالية بقادتنا, وهناك من صمم ونذر نفسه من أجل حقوقنا للنضال بكل الوسائل المشروعة, متمسكين بكل وضوح بالخط الوطني الديمقراطي والوحدة الوطنية العراقية. بينما نلاحظ لدى أطراف معينة والتي أشار اليها السيد النجيفي قبل عدة أشهر في تصريحه بواشنطن بأن "هناك محاولات ترمي الى تفتيت الوحدة الوطنية من خلال تهميش الآخرين وإثارة أوضاع إستثنائية في المنطقة وإدامتها وتكريس لأوضاع طائفية معادية للتطور التقدمي والديمقراطي في البلاد, مما يؤدي الى تشكيل إقليم سني... ثم الأنفصال"!!.
إن تصريح السيد أسامة النجيفي بأن حدود محافظة نينوى هو خط أحمرلا يمكن لأحدِ التلاعب بها!!
إنه موقف مناقض لمضمون تصريحه في واشنطن,ويتعارض مع مبادئ الدستور العراقي, ثم يقول " أن نسبة المسيحيين في سهل نينوى لا تتجاوز 25% "!! ولكن حتى لو كانت هذه النسبة 5% فإنه من صميم مصلحتهم أن يكونوا ضمن محافظة جديدة مرتبطة بالمركز, تديرها المكونات الشقيقة الأخرى من إخواننا الشبك واليزيديين والعرب والأكراد, الذين عشنا معهم مئات السنين جنبآ الى جنب في السراء والضراء, وعانينا جميعآ من الظلم والتعسف والإهمال  الذي مارسته السلطات المحلية في الموصل ضدنا منذ بداية الحركة التحررية الكردية في عام 1961 والى يومنا هذا.
إن الكثيرين يتصورون بأن حقيقة زيارة السيد النجيفي المتكررة لتركيا تأتي من منطلق الأعجاب بالنموذج الإسلامي للحكومة التركية, ربما ينطلق من إعتقاد ديني, يريد من خلالها أن يتعامل مع المسيحيين من هذا المنطلق, وهذا يشكل خطرآ جسيمآ على مستقبل العلاقة بين المسيحيين العراقيين من جهة, والمسلمين من العرب السنة من جهة أخرى,كما إنه يشكل عاملآ في هدم هذه العلاقة التي تمتد جذورها عميقة  عبر التاريخ  ولمئات السنين.  

وإنطلاقآ من حرصنا الشديد على العلاقة التاريخية الجيدة التي كانت تربط بين قسم كبير من أبناء شعبنا مع أهالي الموصل الطيبين بشكل عام, وعائلة النجيفي بشكل خاص, نطالبكم سيدي رئيس البرلمان بإعادة النظر في موقفكم هذا وإتخاذ موقف ينسجم مع تطلعات الشعب العراقي في منطقة سهل نينوى, ولا نريد أن يحسب عليكم هذا الموقف نقطة سلبية في إدائكم السياسي, وإن موقفكم هذا قد يسئ الى سمعتكم وتاريخها ومستقبلها وأنتم بغنى عن هذا كله.
إنني متفائل بتحقيق مشروع إستحداث محافظة سهل نينوى ولأسباب عديدة , منها ظروف العراق والمنطقة والمرحلة التي نمر بها ومتطلباتها,كما أن شعبنا أكثر توحدآ من أي وقت مضى ,وهو الآن أكثر قدرة على تأدية المهمات  ومواجهة المخاطر من أي مرحلة سابقة في تاريخه, وأن زمن رواد الجرائم والمجازر من الذين وردت سجلاتهم في المذابح الدموية التي مررنا على ذكرها في السردً أعلاه قد ولى الى غير رجعة .  
وأن نظرتنا للمكونات الأخرى من الشعب العراقي قاطبة, هي الأخوة الوطنية الصادقة والدائمة في وطن واحد والى الأبد غيرقابلة للإنفصام والتجزئة.  
داود برنو        في 1- 9- 2011   مشيكان.

29
إنسحاب القوات الأمريكية وتداعياتها على شعبنا

إن جميع الدلائل تشير بأن الأوضاع السياسية والأمنية والأقتصادية في العراق تسير نحو الأسوأ ولأسباب عديدة,في مقدمتها ,الصراع المتفاقم القائم بين الكتلة العراقية بزعامة الدكتور أياد علاوي, وكتلة دولة القانون بزعامة رئيس الوزراء السيد نوري المالكي,وهما يحملان آيدولوجيتين متناقضتين وعلى الرغم من الكراهية التي يتبادلانها يحتاج كل واحد منهما للآخر.

كذلك أن الإتفاقية الأمنية بين العراق وأميركا أوشكت على نهايتها, ولكن الأمريكان يحاولون تمديدها, لإستكمال تأهيل الجيش وقوات الأمن العراقية بالشكل المطلوب, أو ربما لأهداف أخرى تتعلق بمصالح أميركا في المنطقة. بينما بعض الكتل السياسية ترفض ذلك بشكل قاطع وفي مقدمتهم, التيار الصدري وبعض المرجعيات الدينية من كلا الطرفين.وفي هذه الحالة سيشتد الصراع بين الكتل والتيارات السياسية فيما بينها لتقاطع المصالح وإختلاف الرؤية حول هذه الإتفاقية, ومما يزيد الطين بلة, فإن بعض الدول الأقليمية تتدخل بشكل أو بآخر في تحريض بعض القادة السياسيين ورجال الدين العراقيين لرفض بقاء القوات الأمريكية في العراق مهما كانت الأسباب والمبررات.

وحسب رؤيتي الشخصية الى أحد الإحتمالين, الأول : من المرجح تمديد الإتفاقية الأمنية وبقاء القوات الأمريكية الى ما بعد الإنتخابات البرلمانية  القادمة في العراق على أقل تقدير, مع تحديد عدد القوات وصنوفهم ومهامهم والمناطق التي يعملون فيها, ومن مصلحة العراق الموافقة على تمديد الإتفاقية لكي لا نقع في الفراغ الأمني, ولكي لا تعود الفوضى الى الوضع الداخلي مرةً ثانية, أتمنى أن لا أكون مخطئآ.
أما الأحتمال الثاني فيمكن أن يتحقق إذا تبنته المرجعية الدينية العليا في النجف الأشرف المتمثلة بالسيد السيستاني وبدعم من إيران وبعض شيوخ الخليج الذين يضمرون كل الحقد والكراهية لشعب العراق, ويسعون بشتى الطرق والوسائل لإضعافه وتشتيته وتقسيمه,وهم يشتركون مع العدو الأسرائيلي بنفس الهدف, كما إشتركت إيران بشكل غير مباشر مع أميركا في الإطاحة بنظام صدام في العراق, ونظام ملا عمر في أفغانستان وتحققت مصلحة الطرفين المتناقضين في هذه الحالة.

إن الأوضاع الحالية في العراق مضطربة ولا تزال غير مستقرة سياسيآ وأمنيآ,كما أن القوات المسلحة العراقية بكافة صنوفها وإختصاصاتها غير جاهزة لملء الفراغ الأمني الذي ستتركه القوات الأمريكية بعد الإنسحاب, وهذا بشهادة  وزيري الدفاع والداخلية السابقين ورئيس أركان الجيش العراقي الحالي الفريق أول الركن بابكر زيباري, بالإضافة الى رئيس الجمهورية السيد الطالباني وآخرين, وهؤلاء هم ذوي العلاقة والإختصاص بهذا الموضوع, وعلى عاتقهم تقع مسؤولية توفيرالأمن والإستقرار في البلاد.
بتاريخ 28- 7 – 2011  مساءً شاهدت برنامج على قناة الفيحاء وفيه السيدة ناهدة .. عضو مجلس النواب العراقي عن القائمة العراقية تقول " على الشعب العراقي عدم الإعتماد على الحكومة الحالية أو مجلس النواب في توفير الأمن والإستقرار لهم, وعليهم الإعتماد على أنفسهم ". نستنتج من هذا أن الوضع في العراق قد دخل في مرحلة جديدة من النفوذ الخارجي.
 
في حالة إنسحاب القوات الأمريكية, هناك مخاوف وخشية من تفجير الأوضاع كما حصل في عام  2006 – 2007  وعودة الأقتتال الطائفي بين الميليشيات بهدف السيطرة على المواقع والمنافع التي يحصلون عليها من الدولة ومن الشعب, وإن الأطراف المتصارعة جميعها متكافئة الى حَدِ ما وتمتلك من الأسلحة والأموال والأمور اللوجستية ما فيه الكفاية لإستمرار هذا الصراع,  بالإضافة الى هذا فإن الدول الأقليمية المجاورة هي التي تؤجج هذا الصراع وتعطيه الدعم والتمويل والشرعية.

أما شعبنا الكلداني السرياني الآشوري المسالم يشعر بقلق بالغ, وتنتابه هواجس مرعبة من خلال الواقع القائم وفي خضم هذه الظروف التي يمر بها عراقنا, إن شعبنا بدون سلاح, وبدون ميليشيات, وبدون قوة الحماية يمكن الإعتماد عليها,وكون الحكومة ضعيفة ومخترقة وليس لها أي خطة طوارئ لحماية المسيحيين العزل في حالة إنفلات الأمن وإنتشار الفوضى في البلاد, ولاسيما في بغداد والموصل والبصرة.ومن خلال تجربتنا المريرة مع الحكومات السابقة والحالية جميعهم كانوا يتعاملون مع نتائج الأحداث المؤلمة كردً فعل وليس مع أسبابها وظروفها وجذورها  لتجنب وقوع تلك الحوادث المفجعة التي أدت الى قتل وتهجير أكثر من نصف من أبناء شعبنا خارج الوطن, وأصبح التفكير شائعآ بأن الحكومة غير قادرة لتأمين الحماية لشعبنا أثناء الأزمات.
 
نناشد ممثلي شعبنا في البرلمان العراقي جميعهم بمن فيهم نوابنا الخمسة في أقليم كردستان أن يركزوا على المزيد من إهتماماتهم للبحث مع المسؤولين في الحكومة العراقية عن الخطط والوسائل والآلية الضرورية لحماية شعبنا في الظروف الطارئة والإستثنائية لما قد ينجم عنه إنسحاب القوات الأمريكية, والفراغ الأمني الذي ستتركه تلك القوات, ولخلق الأمل في نفوس أبناء شعبنا, كي لا تثبط معنوياتهم وعزائمهم,إنهم الأمل الوحيد الذي يرنو اليه شعبنا ويعقدون عليهم آمالهم لأنهم الجهة الشرعية الوحيدة التي يحق لها المطالبة بحقوقنا,وهذا ما أكده السيد أسامة النجيفي لدى لقائه مع أبناء شعبنا في ولاية مشيكان. ومن مهامهم الرئيسية توفير الأمن والأستقرار لشعبنا إسوةُ بالمكونات القومية الأخرى من الشعب العراقي,وعليهم أن لاينتظروا من الآخرين أن يقرروا مصيرنا,هذه هي مسؤوليتهم ومن صميم واجباتهم, كما أن الحكومة لحد الآن وبعد مضي ثمانِ سنوات ليس لها رؤية واضحة تجاه شعبنا, ولم يقوموا بأي عمل إيجابي ذي قيمة تجاه قضيتنا وحقوقنا القومية المشروعة في وطننا العراق الحبيب.
إن الإنسحاب الأمريكي سيزيد من حجم التحديات التي تواجهنا, ويشكل تهديدآ خطيرآ ومباشرآ للمكونات القومية الصغيرة في هذا البلد الذي تنتشر فيه التوترات والخصومات العرقية والطائفية, ولكن لا بُدً من الصمود والتصدي لها مهما بلغت التضحيات, وأن المهمة صعبة ومعقدة وشاقة ينبغي أن تكون بمستوى الخطر الذي يواجهنا, ويجب أن تستمر جهودنا حتى تحقيق أهدافنا.
داود برنو     مشيكان -  30- 7- 2011


30
تقسيم العراق هل هو واقع أم خيال ؟

تشهد الساحة السيلسية العراقية في هذه الفترة, الكثير من الجدالات والنقاشات الصاخبة  بسبب التصريحات التي أدلى بها السيد أسامة النجيفي في واشنطن بتاريخ 21- 6- 2011 حول " تشكيل أقليم خاص للسنة في مناطقهم, بسبب الإحباط والتهميش الذي يعانون منه في ظل الحكومة الحالية .. ويمكن أن يفكروا أيضآ بالإنفصال إذا ما لم  تعالج هذه الحالة وبالسرعة المناسبة  ".
وحسب المعلومات المتيسرة لدينا أن السيد النجيفي لم يكن الجهة الأولى والوحيدة التي إعتمدت هذا المنطق, في تحديد مستقبل العراق ومصيره. وهناك أطراف دولية خططت وعملت لمشروع تقسيم العراق منذ أواسط القرن الماضي, لأعتبارات تخدم مصالح دولية وأقليمية, بسبب تاريخه العريق  وموقعه   الجغرافي وإمكانياته البشرية وثرواته الطبيعية , وأشير هنا الى بعض الدلائل  والوقائع التي لها علاقة بهذا الموضوع بشكل مباشر وغير مباشر.                                                                                                                                                                                         1  -   في بداية الثمانينات من القرن الماضي كانت سوريا الدولة الحاضنة والداعمة للمعارضة العراقية بكافة أحزابها ومنظماتها السياسية, وكان ممثلو تلك التنظيمات يترددون أحيانآ على دائرة (أمن الفرع الخارجي) في دمشق لغرض تسهيل إجراء بعض المعاملات لمنتسبيهم والتي تتعلق بالسفر والإقامة ..الخ , وفي تلك اللقاءات كانت تحصل نقاشات حول مسائل عديدة, وأتذكر في أحد الأيام أخبرنا رئيس الدائرة العقيد الركن عدنان الحمداني وقال " إخوان عراقيين هل تعرفون قبل عدة أشهر تم الكُشفَ عن بعض الوثائق السرية للحلف الأطلسي التي مضى عليها أكثر من 25 سنة, وتمكنا من الحصول على نسخة منها, تنص على مخطط لتقسيم العراق الى ثلاث دول لكل من الأكراد , والسنة , والشيعة , فما رأيكم بذلك ؟؟" فردً عليه  مسؤول المنظمة الماركسية العراقي سعيد جواد قائلآ " سيدي العقيد: نحن لم نفاجئ بهذا الأمر وهذا هو الهدف الأستراتيجي لأسرائيل, وكل من يقرأ مذكرات ( ديفيد بن كوريون) مؤسس الدولة اليهودية عام 1948 سيتأكد من ذلك, لأنه منذ ذلك الحين كان يوصي قادته بالعمل على تقسيم دول الأعداء المحيطة بالكيان الصهيوني وفي مقدمتهم العراق. 
    2-   في عام 1981 قام رئيس وزراء أسرائيل (مناحيم بيكن ) بزيارة الى بريطانيا, وتم التوقيع على صفقة سلاح متطور لتجهيز الجيش الأسرائيلي بها, وأثناء المؤتمر الصحفي الذي عقده في لندن  سأله أحد الصحفيين قائلآ " لمن هذا السلاح يا سيد الرئيس!! في الوقت الذي أبرمت إتفاقية ( كامب ديفيد) مع مصر, وإتفاقية السلام مع الأردن , وسوريا مشغولة بالحرب الأهلية في لبنان, والمنظمات الفلسطينية تقاتل بعضها البعض في طرابلس والمخيمات ولاسيما بين منظمة فتح بقيادة ياسر عرفات من جهة والفصائل الفلسطينية بقيادة أحمد جبريل والمنشق من فتح العقيد أبو موسى وآخرين من جهة أخرى ؟    فردً عليه مناحيم بيكن قائلآ " إن هناك دولة عربية ليس لدينا معاهدة سلام معها وتشكل خطورة على أمن أسرائيل ومستقبلها وهي دولة  العراق, وأن تاريخنا وتوراتنا تذكرنا بما لا يدع مجالآ للشك بأن هذا الشعب قبل أكثر من 2500 سنة إرتكب أكبر جريمة شنعاء بحق شعبنا اليهودي عندما سباهم مرتين من أسرائيل الى بلاد ما بين النهرين ..
فرد عليه الصحفي قائلآ : إن الذين سبوا اليهود في العصور القديمة  كانوا من  الآشوريين والكلدان البابليين, وهؤلاء لم يبقَ منهم ما يدعو للقلق فلماذا كل هذه المخاوف, بالإضافة الى أنكم ليس لديكم حدود تجاور العراق!! 
فأجاب بيكن قائلآ : إن الشعب في بابل وآشور الآن  هو من العنصر نفسه عدواني, ونفس الدماء تسير في عروقهم, ولكن فقط الديانة عندهم تغيرت بسبب الفتوحات الإسلامية, وإن تاريخنا ينبئنا بأن نكون حذرين من هذا الشعب  .   
ولا ننسى بوجود إتفاقية إستراتيجية بين أميركا وإسرائيل,بموجبها تلتزم الإدارة الأمريكية أي كانت في تأمين الحماية والدفاع عن دولة اسرئيل ضد أعدائها في المنطقة ,ولقد شاهدنا الرئيس الراحل أنور السادات عندما وقع على إتفاقية إيقاف إطلاق النار في حرب تشرين عام 1973 قائلآ ( لقد حاربت خمسة أيام إسرائيل وفي اليوم السادس دخلنا في حرب مع أميركا) بسبب الدعم المادي واللوجستي  الذي كانت تقدمه لأسرائيل.     
3-   في عام 1996 أطلق السناتور (جو بايدن )  مبادرته المشهورة حول مستقبل العراق والمنطقة وقسم العراق الى ثلاث أقاليم , سني , شيعي , كوردي , وموثق بالخرائط والصور, وتجاهل باقي القوميات والطوائف ومنهم شعبنا (الكلداني السرياني الآشوري) في تلك الفترة لم يثر هذا الخبر إهتمام العراقيين بمن فيهم الحكومة العراقية , ولم تتطرق اليه وسائل الإعلام المحلية والأقليمية بما يناسب خطورة هذه الفكرة, بإستثناء تركيا التي تحفظت عليه بسبب القضية الكردية,وأصبح مشروعآ وضع أمام الإدارة الأمريكية يمكن العودة اليه متى ما تشاء  .
4-    وفي عام 2007 طرح مشروع تقسيم العراق أمام مجلس الشيوخ الأمريكي وتم التصويت عليه فكانت النتيجة  76 سناتور أيدً هذا المقترح و 24 سناتور رفضه ويعني هذا أن المشروع تم الموافقة عليه وأصبح قانونآ, ولكن غير ملزم للتنفيذ في الوقت الحاضر .
5-   لو عدنا الى الوراء قليلآ وإستعرضنا ما قام به الحاكم المدني  بول بريمر عام 2003 سنجد أن القرارات التي إتخذها جميعها كانت تصب في مصلحة التفرقة والتقسيم لهذا البلد, وشاهدنا كيف وزع السلطة بكافة أشكالها على المكونات الثلاث فقط, وهم الشيعة والأكراد والسنة, وفق نظام المحاصصة الطائفية التوافقية ,وأن الصراع بين هذه المكونات القومية والطائفية الرئيسية يزداد شدةً يومآ بعد يوم , بالإضافة الى ذلك قام هو الآخر بتهميش القوميات والطوائف الدينية  الأخرى في العراق وفي مقدمتهم المسيحيين بكافة تسمياتهم القومية. 
6-   إن النظام الطائفي الذي أسسه بول بريمر في العراق أدى بالنتيجة الى ترسيخ هذا الأنقسام وتمزيق نسيج المجتمع الوطني العراقي, ولاسيما بعد أحداث سامراء عام 2006 وإنعكس هذا على ديمغرافية المناطق في بغداد وبعض المحافظات, وشاهدنا كيف أن الميليشيات المسلحة الشيعية سيطرت على جانب الرصافة بالكامل بإستثناء منطقة الأعظمية والفضل , بينما الميليشيات السنية سيطرت على معظم جانب الكرخ من بغداد بإستثناء مدينتي الحرية والشعلة .
7-   أما الأقليم الكردي في منطقة كوردستان فهو مؤهل  ومهيأ الآن لكل الإحتمالات, ومن حقه تقرير مصيره متى ما يشعر بأن حكومة الشراكة في بغداد تشكل خطرآ على نظامهم وأمنهم في الأقليم الذي  تأسس منذ عام 1991 بقرار دولي وبدعم مباشر من أميركا وبريطانيا وحظيً بتأييد المجتمع الدولي.
8-   إذن فإن العراق في الواقع على الأرض هو مقسم أو في طريقه الى التقسيم قبل أن يصرح به السيد النجيفي رئيس مجلس النواب العراقي وهذا يأتي في سياق التغيير الحاصل في المنطقة وإنسجامآ مع مواد الدستور العراقي الجديد , وهذه هي الحقيقة ولا يمكن إنكارها أو تجاهلها وعلينا البحث عن صيغة مناسبة لإدارة هذا الصراع  وأيجاد حَلً لهذه الحالة المأساوية ولقد أثبت نظام الأقاليم في بعض الدول الأوربية جدارته في توفير العدالة والحرية للشعب, وهو أفضل الحلول في الوقت الحاضر للشعب العراقي قاطبة , لأنه على الأقل  يوفر الخدمات  وفرص العمل للمواطنين ويقلل من العمليات الإرهابية ويقضي على الفساد والمفسدين . 
        داود برنو    مشيكان  10- 7- 2011 .     

31
رسالة مفتوحة الى (المنظمة الآثورية) في سوريا 

لا أحد يستطيع أن ينكر بأن النظام البعثي في سوريا هو نظام دكتاتوري فردي منذ أن سَيطر الرئيس الراحل حافظ الأسد على مقاليد الحكم في عام 1970 من خلال الحركة التصحيحية (كما يسميها) التي قام بها لتصحيح مسار الحزب والنظام.. والى يومنا هذا. لا أحد يستطيع أن ينكر أيضآ تورط قيادة النظام السوري في التصفية الجسدية للزعامات المسيحية المعارضة له في لبنان من خلال حزب الله وعملائه, وتحويل  لبنان من دولة ديمقراطية الى دولة ميليشيات إرهابية, ولاسيما في عهد نائب رئيس الجمهورية السابق عبد الحليم خدام عندما كان المسؤول الأول عن الملف اللبناني بالكامل ولمدة عقدين من الزمن,والآن هو أحد أركان المعارضة السورية ومن التيار العروبي المتعصب.

الكثير منا نحن العراقيين كنا لاجئين سياسيين في سوريا لسنوات طويلة أي منذ أواخر عام 1079 وحتى سقوط النظام في العام 2003 ,فالبعض تزوج وإستقر في دمشق, والبعض الآخر حصل على لجوء إنساني في أميركا والدول الأوربية,ولكن خلال مدة بقائنا في سوريا رأينا أوجه الشبه بين نظامي  البعث في سوريا والعراق. ولكن هناك فرق شاسع بين صدام حسين وحافظ الأسد. فالأول كان يعتمد في حكمه, على المواطنين المخلصين له شخصيآ دون أي إعتبار للدين أو القومية أو الطائفة أو المؤهلات, بينما الآخر كان يعتمد على أبناء الطائفة العلوية بالذات, ولكن بصيغ وأساليب ذكية جدآ, حيث حافظ من خلالها على التوازن بين المكونات السياسية من خلال (الجبهة الوطنية التقدمية) في توزيع الحقائب الوزارية والمواقع القيادية في الحكومة والحزب والبرلمان, بينما الملف الأمني بقي مسيطرآ عليه بالكامل, وأنيطت مسؤولية هذا الملف بأبناء طائفته المقربين منه, وأتذكر عندما كنت لآجئآ سياسيآ في سوريا في أواسط الثمانينات من القرن الماضي, كيف تم تعيين قادة الأجهزة الأمنية في المخابرات, والإستخبارات, والأمن القومي, حيث كان جميعهم من الطائفة العلوية , وهم اللواء علي دوبا, واللواء علي أصلان, واللواء علي حيدر, وسميت تلك الحكومة بحكومة العلالي,بالإضافة الى شقيقه اللواء رفعت الأسد الذي كان قائدآ لسرايا الدفاع في دمشق والذي وجه ضربة قاضية لحركة العصيان التي قام بها جماعة إخوان المسلمين في مدينة حماة عام 1982 والتي راح ضحيتها المئات منهم. 
إن النظام في سوريا يرتكز على قاعدة عريضة من الوحدات الخاصة في الجيش والقوات المسلحة  ومن الأجهزة الأمنية والسياسية والإعلامية, وهؤلاء جميعهم مستفيدين من النظام ومستعدين للدفاع عنه حتى الرمق الأخير.
إن مسألة المعارضة, والمعارض في هذه الدول المستبدة  ذات الأنظمة الشمولية. تختلف كثيرآ عن المعارضة في الدول ذات الأنظمة الديمقراطية مثل تركيا ولبنان والدول الأوربية...الخ                وإن مصير الحكام في الأنظمة الدكتاتورية مرهون بسلامة تلك الكيانات, وهم مجبرين للدفاع عنها بشكل مستميت, ومستعدين لقمع أية معارضة مهما كانت مطالبها عادلة, بإستخدام شتى الطرق والوسائل والأساليب, ولا يهمها ماذا تكون النتائج وتداعياتها على المواطنين, والأهم عندهم هو بقاؤهم على هرم السلطة في بلدانهم,وليس من السهل إزاحتهم أو الإطاحة بهم . ونشاهد يوميآ كيف يقتل المواطن الليبي برصاص معمر القذافي وأولاده, ولقد شاهدنا كيف تم تغيير النظام في كل من أفغانستان والعراق ولولا قوات التحالف بقيادة أميركا, لبقي صدام وأولاده في الحكم عشرات السنين وكذلك مُلا عمر في إفغانستان, وإنطلاقآ من هذا الواقع فإن تغيير الأنظمة الدكتاتورية في الوقت الحاضر, أصبح مهمة المجتمع الدولي ولاسيما أعضاء مجلس الأمن في الأمم المتحدة ,أما القوى الشعبية يقتصر دورها على التظاهر والعصيان المدني.
أما بالنسبة الى سوريا فإن موقف المجتمع الدولي لا يزال مترددآ تجاه النظام, وخاصة الموقف الأمريكي الذي يدعو الى عدم إستخدام القوة لتغيير النظام , وكذلك الموقف الصيني والروسي الذان   يرفضان بشكل قاطع التدخل في الشأن الداخلي لسوريا.
والآن أعود الى عنوان المقالة, وأقول لأعزائنا في (المنظمة الآثورية) في سوريا. إننا نحترم نضالكم وتاريخكم المشرف وقراركم الحكيم, ولكن كم كنت أتمنى لو إطلعتم على تجربة المعارضة العراقية ودور المسيحيين فيها ونتائجها المرعبة, قبل إتخاذكم قرار المشاركة بتلك المظاهرة وبهذا العدد الكبير من أعضاء القيادة, كما لاتنسوا إنكم التنظيم السياسي المسيحي الوحيد المعارض للنظام, وإنكم لا تمثلون سوى شريحة صغيرة من المجتمع المسيحي في سوريا البالغ تعداده ما يقارب ثلاثة ملايين نسمة, بالإضافة الى هذا كله فهناك أكثر من ربع مليون مسيحي عراقي لاجئ في سوريا معظمهم من اللذين قطعت بهم السبل, فاقدين الأمل في الهجرة الى بلدِ آخر.  إنني أعتقد بأن إندفاعكم هذا ليس في محله الصحيح وكان من الأفضل لكم مشاركة رمزية فقط  بتلك المظاهرة وليس بهذا الزخم الكبير, لأن موقف المسيحيين بشكل عام في سوريا ليس مع إسقاط النظام وليس من مصلحتهم ذلك, وإنما مع القيام بإصلاحات في بنية النظام وتوفير الحرية للمواطنين.
إن تجربتنا في العراق مع المعارضة ومع قوات الأحتلال مريرة جدآ ودامية بشكل مرعب, ولم يكن لنا يومآ ما أن نتخيل هذه الأوضاع السيئة التي نعيشها الآن,لقد خسرنا كل شيء في هذا البلد, وأستبيحت أرواحنا وأعراضنا وأموالنا وأصبحنا غرباء في وطننا,وكم مرة سمعنا من مسؤولين سياسيين وفي الحكومة بأن شعبنا (الكلداني السرياني الآشوري) هو جالية مسيحية في العراق,وسياسي بارز من الإتحاد الوطني صرح بأن المسيحيين هم مقيمون  في كردستان,وآخر من التيار الأسلامي الوهابي يطالب بتطبيق الشريعة الإسلامية على العراقيين جميعآ, وهناك قادة سياسيين آخرين يطالبون بتطبيق نظام (ولاية الفقيه) كما هو في إيران,هذه العناصر المتطرفة إكتشفناها.بعد  سقوط النظام, وفجأة أصبحوا قادة سياسيين بارعين!!,بينما خلال فترة المعارضة لم نسمع منهم سوى كلمات الأخوة والمودة والتآخي والشراكة الوطنية ووو..الخ. لقد كان لقوى اليسار دورآ قياديآ وبارزآ في المعارضة العراقية منذ عام 1979 وحتى 2003  ولكن بقدرة قادر (الشيطان الأكبر) إختفى الحزب الشيوعي العريق ومن معه من الشارع العراقي ومن مؤسسات الدولة!!؟؟ وكذلك المسيحيين مع كافة الأقليات, ولم يبق على الساحة السياسية العراقية سوى التيارات الإسلامية السنية منها والشيعية, ولم نعرف هل كان مخططآ لها أم جاءت عن طريق الصدفة ؟؟
 
فهل تحقق هدف المعارضة العراقية التي ناضلت ربع قرن من الزمن ضد نظام صدام حسين من أجل إقامة نظام ديمقراطي ثقدمي تسوده العدالة والمساواة والأستقرار وفرص العيش الكريم بعد تغيير النظام!!!؟؟؟ 
هل تحقق هدف المعارضة المصرية من الأقباط الذين شاركوا في تظاهرت (ميدان التحرير) بعد تغيير النظام في مصر!!؟؟ سوى حرق الكنائس وقتل المؤمنين فيها.
إنه يخطأ كل من يعتقد بأن البديل عن النظام السوري  سيكون أفضل منه أو حتى مثله, لأن المعطيات الموجودة على الساحة السياسية السورية تشير الى أن التيار الأسلامي المتشدد بقيادة المرشد الأعلى لإخوان المسلمين  الإمام علي صدر الدين البيانوني. هو المحرك الرئسي لهذه المظاهرات بدعم وتأييد من  حركة إخوان المسلمين (الوهابيين) المنتشرة بقوة  في دول الخليج ومصر والمملكة السعودية, فحذاري أيها الأخوة الأعزاء من عدم إتخاذ الدروس والعبر من التجارب التي يمر بها عراقنا الحبيب.
 مرة أخرى نؤكد من خلال ما تقدم على أن يكون موقف المسيحيين في سوريا ضمن الأنتفاضة ومظاهرات الإحتجاج متوازنآ وبعيدآ عن الإندفاعات العفوية المسيرة من قبل الآخرين لخدمة مصالحهم الخاصة التي قد تشكل وبالآ عليهم في كلتا الحالتين,أي في حالة سقوط النظام أوبقائه.
المسيحيون بشكل عام لايشكلون قوة مؤثرة في الأحداث الجارية في سوريا,ولهذا يكون دورهم كالسائرين مع الركب فقط لأن القوى المنتفضة في الشارع السوري ليست متجانسة لا سياسيآ ولا طائفيآ, وشاهدنا قبل عدة أيام ما حدث أثناء مؤتمر المعارضة السورية في مدينة أنطاليا التركية, الأمر الذي يعكس رؤية مشوهة عن مستقبل المسيحيين في سوريا عند سقوط النظام,وليس بالضرورة أن يكون وضعهم أفضل مما هم عليه الآن, كما أنه لا يمكن التكهن بطبيعة الأصطفافات السياسية وقواها الموكول لها إقامة النظام البديل ومؤسساته الدستورية وذلك لفرط تعدد القوى المنتفضة وتباين أجنداتها السياسية.
داود برنو    مشيكان في   3-6 - 2011



32
ذكرى 96  لمذابح الأرمن في تركيا

تمر علينا هذه الأيام الذكرى السادسة والتسعين للأحداث الدامية وحملات  الإبادة الجماعية البشعة التي إرتكبها العثمانيون الفاشست في24  نيسان من عام 1915  بحق الأمة الأرمنية وخاصة في الولايات الواقعة في الجنوب الشرقي لتركيا الحالية , حيث راح ضحيتها ما يقارب مليوني نسمة,حسب المصادر المتعددة والموثوقة وإعتمادآ على الحقائق التاريخية المألوفة , فكان مليون ونصف المليون ضحايا من الأرمن,والنصف الآخر من الأمة (الكلدانية السريانية الآشورية) لأن الذين كانوا ينفذون فرمانات (أوامر) السلطان  لايسألون ولا يفرقون بين المسيحيين من هو أرمني أو سرياني ..ألخ كلهم يحملون الصليب, وبالرغم من سياسة الصمت التي يتبعها النظام الحالي  في تركيا حول تللك الأحداث البشعة التي يندى لها الجبين ولاسيما في مجال الإعلام, إلا أنه لا يستطيع تزييف الحقائق, ودأبت الحكومات التركية المتعاقبة على التقليل من شأن تلك الأحداث, حيث تدعي بان عدد الضحايا يقدر ما بين 300 ألف الى 500 ألف نسمة من الأرمن فقدوا حياتهم بسبب الفوضى السائدة في البلاد آنذاك, ولا يمكن إعطاء القضية أي تفسير آخر, ولم يشرً بيان الحكومة التركية الحالية على أن عمليات الإبادة والتطهير العرقي جاءت بموجب مرسوم رئاسي (فرمان) صدر من قبل السلطان أمير المؤمنين رئيس الدولة التركية آنذاك وإستنادآ الى قرارات مؤتمر سلافيك  لحزب (الإتحاد والترقي) التركي عام 1912 عشية الحرب العالمية الأولى وتنص تلك القرارات على مشروع إبادة الشعب الأرمني وإلغائه من الوجود وتصفيته جسديآ بشكل مجازر جماعية,علمآ أن القومية الأرمنية تعرضت للإضطهاد عبر تاريخها الطويل الذي تمتدُ جذوره الى مئات السنين,فمثلآ في عهد السلطان عبد الحميد بدأت المجازر في أيلول عام 1895 وإستمرت سنة كاملة موقعة 400 ألف قتيل و200 ألف نازح نحو دول البلقان,كما لم تذكر السلطات التركية المجازر الجماعية التي أرتكبت ضد المسيحيين غير الأرمن من الكلدان والآشوريين والسريان وخاصة مذابح ( سيفو) بينما تعترف منظمات حقوق الإنسان الدولية بحدوث تلك المجازر وتدينها بشدة, ويشهد التاريخ العثماني المدون والموثق  في المكتبات والمتاحف العالمية خلال القرون الأربعة الماضية التي حكم فيها المنطقة حيث تنص على أن العثمانيون إرتكبوا مجازر جماعية مرعبة بحق الإنسانية ضد المسيحيين العزل بكافة قومياتهم ومذاهبهم بشكل لايتصوره العقل البشري, ومن الضحايا أيضآ اليونانيين والقبارصة والبلغاريين والصربيين وغيرهم من المكونات البشرية الأخرى في دول الإتحاد السوفييتي السابق. وفي عام 1983 قمت بزيارة الى كل من بلغاريا واليونان وقبرص مع أحد الأصدقاء وسمعنا من بعض الأشخاص في هذه الدول,الكثير الكثير عن الجرائم البشعة التي إرتكبها الأتراك في بلادهم أثناء الحرب العالمية الأولى وما قبلها ولاسيما ضد القبارصة اليونانيين, وبقيت تلك المعلومات راسخة في ذهني لشدة قساوتها وفظاعتها.
وهنا أعود بالذاكرة الى أيلول من عام 1986 حيث قمت بزيارة الى تركيا وتفقدت المنطقة التي كان يعيش فيها شعبنا (الكلداني السرياني الآشوري) ولاسيما في منطقة ماردين , نصيبيين, كزنخ,  وجوله مرك.التقيت فيها مع العديد من كبار السنً الذين عاشوا تلك الأحداث وأجريت معهم مقابلات حية معززة بالصور, تم نشر تلك المقابلات مع بعض الصور في بداية عام 1987 , في (مجلة الثقافة) العدد الثاني والثالث التي كانت تصدرها الجمعية الثقافية آنذاك في ديترويت.
أثناء تلك الزيارة قابلت الكثير ومنهم أحد الرهبان في (دير الزعفران) الذي يعود تاريخ بنائه  الى نهاية القرن الرابع الميلادي, ويبعد عن محافظة ماردين عدة كيلومترات, وهذا الراهب, عاصر تلك الحقبة الزمنية في شبابه حيث كان يبلغ من العمر آنذاك 89 عامآ,وسألته عما شاهده من تلك الأحداث فقال :
( لقد فقدت إخواني الخمسة وعوائلهم بالكامل , وبعد سنة من الفرمان سيء الصيت (التطهير العرقي) ذهبت لزيارة قريتنا القريبة من قضاء مديات للتأكد من الفاجعة التي أصابت أهلي,ثم علمت من بعض الأقرباء في مدينة مديات بأن قريتنا قد أبيدت عن بكرة أبيها ولا داعي لزيارتها, وعدت الى الدير مذهولآ لما سمعته عن تلك المجازر البشعة من سفك للدماء وقتل الأطفال وإغتصاب النساء...الخ).                                                                                                                                مكثت في مدينة ماردين عدة أيام, بعدها ذهبت لزيارة دير (مار كبرئيل) الذي يبعد عن مدينة مديات السريانية حوالي عشرون كيلومترآ والتقيت فيه مع مطران السريان الأورثدكس والرهبان, ثم عدت الى مديات ثانية التي تبعد عن ماردين حوالي خمسين كيلومتر ومكثت فيها عدة أيام. التقيت فيها أيضآ مع بعض الرجال من السريان وكذلك من الطائفة اليزيدية وتناول الحديث بيننا تلك الأحداث وتداعياتها على منطقتهم, فأصبح هذا الأمر أكثر وضوحآ وقناعة بالنسبة لي مع كل مقابلة أجريتها مع الأهالي الذين عاشوا تلك الأحداث وكانوا شهود عيان لها.
خلال فترة بقائي بمدينة ماردين قمت بزيارة الكنائس الأربعة ومن ضمنهما  كنيسة الأرمن المقفلة التي شهدت تلك المجازر والأحداث الدامية,حيث دخلت الكنيسة بصحبة خوري كنيسة السريان لأن العائلة التي تعيش داخل الكنيسة لم تغادرها منذ أحداث 1915 ولم يُفتح باب الكنيسة لأحد مهما كان بإستثناء خوري كنيسة السريان,وقد تركوا فتحة صغيرة في الباب لغرض تزويدهم بالمواد الغذائية, أما الماء فيحصلون عليه من بئر في باحة الكنيسة,وهم يعتقدون بأن المذابح لا تزال مستمرة ويبلغ عدد أفراد تلك العائلة حوالي عشرة أشخاص, ومنهم أطفال ونساء ولا يتكلمون سوى اللغة  الأرمنية وهم في حالة يرثى لها وكأنهم لا زالو مرعوبين.
وردآ على حملة الإبادة الجماعية التي تعرض لها الشعب الأرمني, قامت النخب السياسية الأرمنية بتنظيم ذاتها وتشكيل أربعة أحزاب رئيسية وهي :
1-   حزب الطاشناق: ( أو الجبهة الثورية الأرمنية ) ويطالب بمناطق أرمنية في تركيا كمقدمة للإستقلال.
2-   حزب الهنشاق: هدفه تحرير أرمينية التركية وخلق دولة مستقلة .
3-   الجيش الأرمني السري: ( أسالا ) وهو يضم مجموعات يسارية متطرفة,قام بتوجيه ضربات موجعة للدبلوماسيين الأتراك في الثمانينات من القرن الماضي.
4-   حزب الرامغافار:يضم كبار البرجوازيين والمثقفين والليبراليين الأرمن.  إن نشاط هذه الأحزاب محدود للغاية, وركزت إهتمامها على شَدً أواصر الجاليات الأرمنية في بلاد الإغتراب ومنعها من الذوبان في المجتمعات التي تعيش بداخلها, وأقامت مجتمعآ قائمآ في ذاته في كل دولة أو مدينة له خصائصه ومميزاته ومؤسساته الخاصة.                           هكذا بقيت القضية الأرمنية, قضية مؤجلة يحملها أتباعها بألم شديد,دون القدرة على طرح بديل سياسي مقنع يتجاوب مع معطيات المرحلة السياسية وظروف التاريخ الحديث .                                                                 بقدر ما يتعلق الأمر بقضية شعبنا (الكلداني السرياني الآشوري) أنقل هنا حديث صديقنا المرحوم محمد سعيد دوسكي الذي كان مستشار الزعيم الكردي المرحوم مصطفى البارزاني وممثل الحركة الكردية في واشنطن.                                                                                                 يقول ( حضرت لقاءً تم بين الزعيم مصطفى البارزاني والبطريرك الأرمني في ولاية  فيرجينيا ودار حديث طويل ومتشعب بينهم, وكان حديثهم يتركز على الأسباب التي أدت الى فشل حركاتهم السياسية في تحقيق أهدافها وتقييم تلك النتائج وتداعياتها على شعوبهم, وسأل البارزاني البطريرك عن أهم الأسباب التي أدت الى إجهاض القضية الأرمنية داخليآ وخارجيآ حسب إعتقاده.                                                                                                   فردً عليه البطريرك قائلآ : إن الهجرة الجماعية لشعبنا من تركيا هي التي أدت الى تدمير القضية الأرمنية ,ولولا تلك الهجرة لكان الأرمن الآن يتمتعون بحكم ذاتي في ست ولايات جنوب شرق تركيا, وأضاف قائلآ : لقد حضر البطريرك الذي سبقني إجتماع عصبة الأمم في مدينة سان فرنسيسكو الأمريكية في بداية العشرينات من القرن الماضي وقرر المجتمعون منح الأرمن في تركيا الحكم الذاتي في الولايات الستة التي يشكلون فيها الأكثرية الساحقة, وحمل البطريرك هذا القرار معه الى تركيا وسلمه الى الرئيس كمال مصطفى أتاتورك ورحب به الرئيس وأصدر مرسومآ رئاسيآ " فرمان " الى حكام الولايات الستة التي كان يقطنها الأرمن لتسليم الإدارة اليهم خلال فترة محدودة, ولكن عندما ذهب البطريرك والوفد المرافق له الى تلك الولايات لم يجد العدد الكافي من الأرمن لأستلام الإدارة, فعندما سأل الحاضرين من الأرمن عن الشعب الأرمني, أجابوا إنهم هاجروا الى الدول المجاورة.                                                                                                          في البداية ذهب البطريرك الى إيران مع الوفد المرافق له, حيث كان قد هاجر الى إيران في تلك الفترة  من" 1915 – 1924 " أكثر من ربع مليون أرمني وطلب البطريرك منهم العودة الى أماكنهم السابقة, ولكن دون جدوى فلم يُلبِ طلبه أحدآ, وكذلك بالنسبة للذين هاجروا الى لبنان , سوريا ,العراق,  قبرص,والدول الأوربية. وهكذا خسر الأرمن قضيتهم من خلال الهجرة الجماعية والتي كانت نتيجة حملات الإبادة الجماعية التي قام بها العثمانيون في تركيا ضدهم ,ولولا تلك الهجرة لكان وضع الأرمن يختلف عما هو عليه الآن. ويضيف السيد دوسكي قائلآ: بعد الأنتهاء من هذا اللقاء أمرني الزعيم البارزاني مباشرة  بعدم تزويد أي كردي بوثيقة الى دوائر الهجرة الأمريكية لغرض السفر اليها,والتي تثبت علاقته بالحركة الكردية , وبموجب التفاهم الحاصل بين وزير خارجية أميركا آنذاك هنري كيسنجر, والزعيم مصطفى البارزاني  بحيث" يمنح للأكراد 750 سمة دخول ( فيزا ) الى أميركا في سنة 1976 ويتضاعف هذا العدد في السنة التي تليها وهكذا وفق متوالية عددية,ولكن عدد كبير من هذه (الفيز) أعطيت للمسيحيين الذين كانوا من أهالي المنطقة الشمالية بناءً على طلبهم ومن الذين إنقطعت بهم السبل وكانوا يعانون من أوضاع معاشية سيئة للغاية,  ومنهم من كانوا لاجئين في اليونان ولبنان وتركيا.
          إن الحالة الأرمنية تشبه الى حَدِ كبير قضية شعبنا (الكلداني السرياني الآشوري) في العراق الآن, وإن أفواج الهجرة المتزايدة لشعبنا قد تؤدي الى نفس النتيجة المؤسفة التي يعاني منها الأرمن الآن, وربما أفدح من ذلك لأن الأرمن, لايزال لهم كيانهم القومي الخاص بهم, ودولتهم الحرة المستقلة في أرمينيا, أما نحن إذا خسرنا وطننا فلا وطن لنا غيره, وإن شعبنا في الخارج يختلف عن الأرمن بكثير من الخصائص والمميزات, وإنه معرض للإندماج والذوبان بسهولة  وبسرعة في المجتمعات الكبيرة التي يعيش معها أو في داخلها, والواقع الذي نعيشه الآن   في أميركا وأوربا خير شاهد على ذلك.                                                                                   إن القوميات الصغيرة والطوائف الدينية في الشرق الأوسط, جميعها عانت وتعاني من التشريد والأضطهاد القومي والديني لعدم قدرتها العسكرية لحماية نفسها من القوميات والأديان الكبيرة,وأن المجتمع الدولي بقيادة بريطانيا آنذاك كان متخاذلآ ولم يحرك ساكنآ, لا بل كان في بعض الأحيان يغذي تلك النعرات الطائفية والعنصرية الى أبعد الحدود, وهو الذي كان يتبع سياسة "فرق تسدً " المعروفة  في المنطقة.
نستخلص من تجربة الأرمن في تركيا, بأن الطورانيين في الباب العالي إستخدموا العنف الشديد ضدهم بكل أشكاله وألوانه, وبشتى الطرق والوسائل, لإنهاء وجودهم وقلع جذورهم من الأراضي التركية العثمانية, وهذا لم يتم إلا من خلال تهجيرهم خارج البلاد , بينما شعبنا ( الكلداني السرياني الآشوري ) يُستخدمً ضده أعداءه المعروفين  أساليب وتكتيكات جديدة ومتطورة لتحقيق نفس الهدف, وهو تسهيل عملية الهجرة  لهم بالطرق السلمية والدبلوماسية ,  ونشاهد الآن وبشكل علني كيف يتم تغير ديمغرافية المنطقة في محافظة نينوى لتحقيق أهداف سياسية!!؟؟.
داود  برنو   مشيكان -  4- 5 – 2011








33
ذكرى الإنتفاضة في القوش عام 1991 (الجزء الثاني)
 
       قبل أسبوع تقريبآ كتبت حول أحداث الإنتفاضة الشعبية التي إندلعت في آذار عام 1991  وتداعياتها على الأهالي في ناحية القوش .وبعد عدة أيام إتصل معي عدد من الأصدقاء وطلبوا مني المزيد من الكتابة حول هذا الموضوع ليكون الجميع من أهالي القوش وغيرهم على بينة مما حدث في تلك الأيام العصيبة. وقلت لهم لا أستطيع الكتابة حول كل ما جرى من الأحداث في تلك الفترة, لأن معظم الذين شاهدوا الأحداث أو شاركوا فيها, قد وافتهم المنية.  ولكن بعد الإلحاح, إرتأيت أن أكتب حول بعض المقاطع من أحداث الإنتفاضة التي شاركت بها وليس كل الأحداث.وهناك آخرون مثلي قد ساهموا بشكل أو بآخر في تلك الأحداث, ولكن سوف أتطرق الى حالتين ذات أهمية في تلك الظروف الصعبة فقط, وعلى سبيل المثال :
   1-  بعد أن تركتً قوات الإنتفاضة القوش فجأة,ظلت المدينة محاصرة من قبل قوات الجيش العراقي لعدة أيام, ثم تقدمت وحدات منه واحتلت جبل القوش وأطراف أخرى من المدينة, وتم تبليغ المطران بأن محافظ نينوى والمسؤولين في مدينة الموصل سيزورون القوش في أية لحظة للإطلاع على الأضرار التي أصابت دوائر الدولة في مركز الناحية.وبدأ المطران إستعداده لإستقبالهم وتوفير المناخ الملائم لهم, وتأمين كافة المستلزمات الضرورية لجعل موقف أهالي القوش من الإنتفاضة سليم وعند حسن ظنهم .وفي تلك الأيام كان دائمآ يتواجد في باحة المطرانية (القونغ) أكثر من عشرين رجلآ, وفي غرفة الأستقبال مع المطران حوالي عشرة أشخاص .
وفي أحد الأيام دخل المحافظ وحاشيته فجأة باحة (القونغ) وكان يرافقه عدد من أعضاء فرع الموصل لحزب البعث وأعضاء في شعبة تلكيف وشيخان وفرقة القوش,وكذلك مدراء أمن لكل من الموصل , تلكيف , شيخان , القوش.بالإضافة الى عدد آخر لا أحد يعرف هويتهم وهم ليسوا من موظفي المحافظة. كان يرافقهم أيضآ السيد صموئيل عيسى ومعه عضو فرقة لا أتذكر اسمه وكلاهما من أهالي تللسقف.
       وفي تلك الأثناء كان في باحة المطرانية مجموعة كبيرة من أهالي القوش.خرج المطران من غرفته وتصافح معهم ثم دخلوا غرفة الإستقبال الكبيرة .وحسب الخطة التي وضعها المطران سابقآ, دخل الغرفة كل من : حبيب شدأ, يوسف عبو(زرقا), رحيم كجوجا ,دكتور بهنام متي جهوري, وكاتب هذه السطور.وحسب المهام التي كلفنا بها,لقد جلس رحيم كجوجا قرب الباب لمنع أي شخص دخول الغرفة أو الإقتراب من الباب .وجلس حبيب شدا بالقرب من المحافظ,والكتور بهنام بجانب أعضاء فرع الحزب كما جلس زرقا (أبو عبد)الى جانب ضابط أمن القوش وتلكيف,ثم جلست أنا الى جانب صموئيل عيسى ومدير أمن الموصل.والهدف من هذا التوزيع كان للإيضاح وإزالة أي غموض قد يحصل في حديث المطران لهؤلاء الضيوف.
بدأ المحافظ بتقديم شكره الى المطران وأهالي القوش لقيامهم بالمحافظة على حياة مدير ناحية القوش وعناصر أخرى تابعة للحكومة,وقال" لقد سمعنا عن أهالي القوش وشهامتهم وكيف حافظوا على حياة مفتش التربية أثناء ثورة الشواف عام 1959  المرحوم محسن توحلا في القوش,وهو من أهل مدينة الموصل." وبهذه المناسبة (أذكر هنا للحقيقة والتاريخ بأن المعلم المرحوم ياقو إسحق شكوانا كان له الدور الرئيسي في المحافظة على حياة محسن توحلا). ثم طلب المحافظ من المطران أن يعطيه نبذة موجزة عن الأحداث خلال الفترة التي غاب فيها الطاقم الإداري للحكومة عن القوش وما رافقها من الأحداث وتداعياتهاعلى المنطقة.
      بدأ المطران يسرد بعض الأحداث التي كان لأهالي القوش دورُ إيجابي فيها وتجنب ذكر السلبيات, ولكن مدير أمن الموصل قاطعه وقال له :"ترى سيدنا نحن نعرف كل شيء بالتفاصيل وبدقة متناهية, حتى نعرف ماذا يوجد خلف الصورة المعلقة أمامنا والتي تجمعك مع السيد الرئيس صدام " ونهض من مكانه وإقترب من الحائط ومسك الصورة وأدار وجهها فوجد صورة المرحوم مصطفى البارزاني ملصقة بالجانب الآخر"فإستغرب الجميع وضحك المحافظ وسأل المطران "لمن هذه الفكرة"وقبل أن يرد عليه المطران أجابه عضو شعبة تلكيف قائلآ "أستاذ هذه شغلة حبيب شدا",وبعدها سأل المحافظ مدير أمن الموصل إذا كان لديه تعليق أو مداخلة لما جاءَ في حديث المطران, فبدأ يتحدث عن المواقف السلبية التي قام بها البعض من أهالي القوش, وعرض عدة مستندات بأسماء الأشخاص الذين تعاونوا مع الأنتفاضة وتم تسميتهم بالأسم, وكذلك الذين قاموا بسرقة ممتلكات الدولة أو شاركوا بتخريب دوائر الدولة وقام بتسميتهم أيضآ,ثم إستمر بالحديث عن السلبيات حتى إنزعج المطران وقاطعه وقال له: "هل أن المجموعات المسلحة غير المتجانسة التي دخلت القوش جاءت للسياحة؟ فماذا تتوقع منهم أن يعملوا؟ وكيف يمكن لنا أن نوقف هذا التيار الجارف الذي إكتسح المنطقة بأسرها"!!؟
ثم تدًخلَ المحافظ وقال: "سيدنا نحن لسنا بصدد الخسائر المادية التي كبدتها الحكومة في القوش.إننا نقدر عاليآ الظروف التي عشتموها خلال الأسابيع الثلاثة الماضية,ولكن نطلب منك أن تبلغ أهالي القوش من خلال الكنيسة بإعادة المواد المسروقة الى دوائر الدولة أو أن يتم تسليمها الى مقر فرقة الحزب في القوش.وسوف أبلغ الجهات الأمنية بعدم ملاحقة هؤلاء المغرر بهم. أما الأسلحة المفقودة ستناط مسؤوليتها بضابط أمن القوش للتحقيق والمتابعة لغرض إعادتها الى مركز شرطة القوش.
بينما كان الحديث يدور حول عدد الأسلحة التي إستولى عليها قوات الإنتفاضة من الأهالي وعددها لم يتجاوز أصابع اليد,تدخل السيد صموئيل عيسى وقال للمحافظ: "سيدي نحن في تللسقف قاتلنا بشراسة جماعة الإنتفاضة ولم يتمكنوا من دخول تللسقف أو الأستيلاء على قطعة سلاح واحدة من عندنا, بينما القوشية لم يستطيعوا الحفاظ على سلاحهم". فإنتفض حبيب شدا بوجهه وقال له بلغة (السورث) "إسكت لولا نحن الذين قمنا بالتنسيق مع القيادة لكان (تمر كوجر) قد أخذ حتى نسائكم "تمر رمضان كوجر الذي هو محافظ دهوك حاليآ كان مسؤولآ عن تحرير القرى والقصبات في سهل نينوى آنذاك." وهذه قضية أخرى لا أريد الخوض في تفاصيلها. وبعد المشادة الكلامية بين الأثنين بلغة السورث, تدخل المحافظ وقال :"نريد واحد منكم يترجمنا" فرد عليه دكتور بهنام قائلآ: "أستاذ هم أصدقاء, ولكن بيناتهم دائمآ حساسيات واحد ينتقد الثاني". وبعد إنتهاء الإجتماع مباشرة خرجنا الى باحة المطرانية وتم مصالحتهم من قبل رفاق الحزب في شعبة تلكيف ,ثم تم توديع الضيوف الى سياراتهم وبحفاوة بالغة.
دام الإجتماع أكثر من ساعتين,وتم فيه التطرق الى قضايا عديدة, ولكن كل ما دار فيه أصبح في طي الكتمان. وبقيت صورة المرحوم البارزاني ملصقة في الجانب الآخر لصورة صدام حسين ومعلقة في غرفة الإستقبال للمطرانية متوخيآ عودة رجال الإنتفاضة ثانية.
.
    2- وفي موقف آخر أود تسليط الضوء على صفحة أخرى من الإنتفاضة, ولكن في هذه الحالة, يوجد من شاركنا في هذه المهمة وهو لا يزال يعيش في القوش.
منذ بدء الإنتفاضة, ضُربَ حصارشديد على القوش من الجانبين, الحكومة من جهة, وقوات الإنتفاضة من جهة أخرى. وإستمر هذا الحصار بعد إنسحاب قوات الإنتفاضة من القوش.وخلال تلك الفترة  فُقدتً معظم المواد الغذائية الأساسية من الأسواق, بالإضافة الى الوقود ومشتقاتها.وفي تلك الأيام  توفي إثنان من أهالي القوش في بغداد وآخر في تلكيف وهو المرحوم منصور إسحاق ربان وعند محاولة نقل الجنازة الى القوش, فكانت نقاط التفتيش(سيطرة) للجيش في كل من تلكيف وتللسقف تمنع مرور المركبات والأشخاص بإتجاه القوش. وبنفس الوقت توفي في القوش رجل مسًن وإمرأة وهي المرحومة كترينا كتو والدة المرحوم الياس ياقو حنو وقدمَ أقرباؤهم من بغداد للمشاركة في مراسيم الدفن والجنازة, ولكن مُنعِوا من قبل سيطرة الجيش في تللسقف .
     في تلك الأيام, كان عدد من وجهاء القوش يجتمعون مع المطران بإستمرار ويناقشون موضوع الحصار لإيجاد حل ومخرج لهذه المشكلة التي تفاقمت الى درجة من الصعب جدآ تحملها, وأنً الضغوط كانت تتصاعد على المطران من قبل الأهالي للبحث عن صيغة خلاص من تلك الأوضاع الصعبة,وقرر المجتمعون إرسال وفد الى قائد الفرقة الرابعة الذي كان يتواجد في قرية شرفية والتي تبعد مسافة 5 كم جنوب ناحية القوش,وتم هناك أختيار أعضاء الوفد لمرافقة المطران, وهم كل من حبيب شدا وداود برنو.
    في تلك الأثناء, دخل على المطران عدد من الوجهاء, يتقدمهم المرحوم حميد ياقو حكيم,وقام المطران بعرض عليهم الخطة التي ينوي تنفيذها.فإعترض عليها أبو موفق وبشدة, وقال للمطران "إننا نشاهد يوميآ مدفعية الجيش تقصف الجبل وأطراف القوش وكأن هؤلاء المواطنين لا قيمة لهم عندهم". وقبل يومين سقطت قنبلة في محلة قاشا بالقرب من بيت هرمز صفار وأصابت الشظايا شمعون يوسف بلو وإمرأة وطفل,ولو كان هناك آخرون من الأهالي في المنطقة خارج دورهم آنذاك لأصابتهم تلك الشظايا جميعآ. إن وحدة المدفعية التي عسكرت بالقرب من قرية شرفية,لا تبالي بأحد.  فإذا ضربت سيارتك أثناء الذهاب (لاسامح الله) وفارقت الحياة من هو البديل القادر على إكمال المسيرة؟ حتمآ لا يوجد أحد مثلك للقيام بهذه المهام, وإنك خير العارفين بأن الأخطار التي تحدق بنا من الحكومة, هي أكثر بمائة مرة من قوات الإنتفاضة.وإنك تعرف جيدآ كم من الأعداء في المنطقة يتربصون بألقوش. وإنت الوحيد الذي يرتبط  بعلاقات وطيدة مع كبار مسؤولي الحكومة في الموصل وبغداد. لذا نرجو منك أن تبقى في المطرانية  وينوب عنك خوري هرمز صنا للقيام بهذا الواجب", ثم رد المطران قائلآ : "أنا شخصيآ أعرف ذلك جيدآ ورأيك صائب جدآ ولم أشك به أبدآ ولكن, " ثم بدأ يمزح قائلآ " خوفي من عندكم أنتم القوشية فأنا أفعل ذلك لكي لا يتهمني أحدُ منكم بالتخاذل",وبدأ الجميع يبتسم ,ثم تم الإتفاق على الصيغة التي إقترحها هؤلاء الوجهاء .
بدأ المطران يتصل بالأشخاص الذين لديهم واسطة النقل لتأمين ذهابنا الى قرية شرفية ولكن دون جدوى. فالجميع من الحاضرين قالوا ليس لدينا وقود (البنزين) ولا أعرف مدى كانت صحة إدعائهم ثم أرسل المطران الى أحد المقربين له وهو المسؤول عن سيارة المطران السيد (نجيب عيسى هيلوا) وسأله عن الوقود أفادَ بأن مستودع السيارة فارغ تقريبآ.وبينما كنا في هذا الحديث, دخل السيد كريم يوسف يلدكو, وبعد حديث قصير مع المطران,  سمعته يقول, أنا والسيارة في خدمتكم, ولدي من الوقود ما يكفي لهذه المهمة, وإنتهت مشكلة السيارة.
خرجنا من المطرانية وذهبنا الى السيارة وطلب أبو قيس من الخوري هرمز الجلوس في المقعد الأمامي فرفض.ركبنا السيارة وجلس حبيب شدا في المقعد الأمامي وبيده علم أبيض كبير الحجم يرفرف فوقنا وجلست خلفه, وكان  الخوري هرمز بجانبي خلف مقعد السائق.إنطلق بنا أستاذ كريم بإتجاه قرية شرفية, حيث كانت المدفعية ترمي بشكل متقطع على سفوح جبل القوش وأطراف المدينة,وكان حبيب شدا يمزح مع القس هرمز ويقول: "إذا أصابنا المدفع سيقضي علينا جميعآ, ولكن أبونا هرمز سوف لن يخسر شيء لأنه ليس لديه عائلة وأن مكانه محجوز في الجنة, بينما نحن نخسر العائلة ومكاننا في الجهنم", وردً عليه الخوري قائلآ "إن الله هو الذي وهب الحياة للبشر وهو الذي يأخذها ولا أحد في الدنيا يستطيع أن يغير في هذا الشأن وهذه هي الحقيقة".
قبل أن نصل قرية شرفية, توقفنا عند حاجز للجيش وسألنا الجنود عن قائد الفرقة أجابوا إنه في باحة الكنيسة. دخلنا الكنيسة فوجدنا رئيس أركان الفرقة العقيد الركن نجم الدين محمود موجود في الحديقة وسألناه عن قائد الفرقة فقال:" إنه يصلي بجوار الهيكل وسيعود بعد قليل, فعليكم الإنتظار"وبينما كان الإخوان يتحدثون فيما بينهم حول توقعاتهم عن موقف القائد , إنفردتُ قليلآ مع العقيد وأخبرته بأنني كنت ضابط مغاوير في قوات الفرقة الرابعة, فشعر بالإرتياح وقال لي "لقد سمعت بقضيتك"ثم سألته "هل يجوز أن يصلي القائد في باحة الكنيسة؟ أجاب "نعم نحن في الإسلام نعتبر كل المعابد لليهود والنصارى والإسلام هي بيوت الله".
    في تلك الأثناء جاء القائد وتصافحنا معه وتحدث في البداية الخوري هرمز ونقل اليه تحيات المطران وأهالي القوش, ثم بدأ أبو قيس يشرح له الوضع المتردي في البلدة ومن كافة النواحي, لاسيما حالات الوفاة الطبيعية التي تحصل في بغداد,وكيف تم حصر أكثر من جنازة في تللسقف وهي منقولة من تلكيف وبغداد الى القوش وإعادتها من حيث جلبت.ثم طلب منه الإستعجال بفتح طريق القوش ورفع الحصار عنها,وسأله له متى سيكون ذلك؟

فردً عليه القائد قائلآ "لا أحد يعرف ذلك, هذه مسؤولية وصلاحية قائد الفيلق وهو حاليآ بمنتجع سياحي مع عائلته في سَد الموصل(صدام سابقآ) ولكن سأجتمع معه في هذه الليلة وأستلم منه الأوامر الجديدة, وسوف أضعه بالصورة الحقيقية للأوضاع الصعبة التي تعانون منها في القوش,ولكن أعتقد بأن الفرج سيكون قريبآ قد لايتجاوز الأسبوع".
ثم غادرنا الكنيسة متجهين الى القوش وصوت رمي المدفعية لم ينقطع, وعدنا الى المطرانية ( القونغ)  وكان المطران وبعض الأهالي في إنتظارنا,وشرح لهم الخوري هرمز ما جرى في هذا اللقاء مع قائد الفرقة الرابعة.
     هكذا كانت الأمور تسير في القوش أثناء الإنتفاضة وبعدها,لكنني لم أتطرق الى هذه الأحداث خلال عشرين سنة الماضية, لأنني كنت معتمدآ على المرحوم حبيب شدا, حيث كان  قد سجلها في يومياته وبكل تفاصيلها الدقيقة وقال لي سوف أجمعها في كراس وأطبع منها ألف نسخة, لتسجل حقبة زمنية من تاريخ القوش تضاف الى تاريخها الطويل والملىء بالأحداث الدامية .ولكن بعد لقائي مع قيس إبن المرحوم حبيب شدا وسألته عن مسودة الكتاب,أجاب بأن ذلك الكراس الحاوي لتلك المعلومات وما سبقها منذ ثورة تموز عام 1958 والى ذلك اليوم كان قد فقد,وسألت والدته أيضآ فقالت إن جميع تلك المعلومات وغيرها فُقِدتً ولا نعرف كيف حصل ذلك,عندها تألمت كثيرآ,لأن تلك المعلومات كانت دقيقة وذات مصداقية عالية وتم مراجعتها من قبلنا وبحضور المطران,لأن الذاكرة مهما تكن سليمة لا يمكن الأعتماد عليها مائة بالمائة, ولكن مع شديد الأسف لفقدان تلك الوثائق,ومع شديد الحزن والألم لفقدان هؤلاء الرجال الذين كان لي الشرف في المشاركة معهم في هذا الواجب المقدس لحماية بلدتنا وحبيبتنا القوش وأهلها الكرام.
نأمل من شباب القوش الجيل الصاعد أن يقرأ تاريخ هذه الأحداث وما قبلها ولاسيما في حقبة الستينات من القرن الماضي ليستفد منها في المستقل لأنه عماد هذه الأمة.
داود برنو     مشيكان في 26- 3- 2011

34
ذكرى الأنتفاضة في القوش عام 1991

في البداية لا بُدً من الإشارة الى أن الإنتفاضة في العراق إندلعت بشكل عفوي لم يكن مخططآ لها من قبل,ولم يكن للمعارضة في الخارج دور فيها,حيث كانت جميع قوى المعارضة العراقية تواصل عقدً إجتماعاتها في بيروت عندما سمعوا من وسائل الإعلام الأجنبية بأن الإنتفاضة ضدً النظام بدأت في المحافظات الجنوبية, ثم إمتدت الى المحافظات الشمالية في كوردستان,وجاءت الإنتفاضة بعد الهزيمة التي أصابت الجيش العراقي في الكويت من قبل قوات التحالف الدولية, وفي تلك الفترة القى الرئيس الأمريكي جورج بوش الأب خطابآ طلبَ فيه من الشعب العراقي القيام بالإنتفاضة ضد نظام صدام الدكتاتوري, حيث كان لهذا الخطاب تأثير مباشر على إندلاع الإنتفاضة في جنوب العراق وشماله,بالأضافة الى ذلك كانت الظروف مهيأة للإنتفاضة ولكن كانت بحاجة الى شرارة  لتنفجر, وكان الحراك السياسي في تلك الفترة بإتجاه تغيير النظام,وبدأ حاجز الخوف يتلاشى أمام المواطنين المنتفضين, حيث تم تحرير محافظات الجنوب والسيطرة عليها من قبل قوات الإنتفاضة الشعبية.
في تلك الفترة كنا نحن أهالي القوش نترقب ونتابع الأوضاع المحيطة بنا عن كثب من خلال زيارتنا الى دارالمطرانية (قونغ) لنسمع من مثلث الرحمة المطران عبد الأحد صنا (مطران أبرشية القوش) الأخبار المستجدة في المنطقة ولا سيما في محافظة دهوك,حيث كان له إتصال مباشر مع رجال الدين في المنطقة و منهم مطران دهوك مثلث الرحمة حنا قلو بالإضافة الى مصادر شعبية متفرقة من هنا وهناك.
في تلك الأيام وقبل إندلاع الإنتفاضة في الشمال أرسل صدام حسين إبنه قصي الى مدينة دهوك وإجتمع مع كبير المستشارين الأكراد وهو السيد إبراهيم علي الحاج ملو رئيس عشيرة المزوري, وطلب منه القيام  بقمع الإنتفاضة الشعبية إذا حصلت في المنطقة, حيث كان قد جلب معه مبالغ طائلة من الأموال والأسلحة الحديثة, وقال له بالحرف الواحد ( تصرف هنا في محافظة دهوك كما تشاء كأنك (صدام حسين ),ولكن السيد إبراهيم(أبو مأمون) رفضَ طلبه وقال له إن الإنتفاضة إذا إنفجرت في كردستان لا يوجد قوة في المنطقة مهما كانت تستطيع إيقافها أو التأثير عليها,وبعدها خابت آماله وذهب قصي وحاشيته الى مبنى المحافظة ثم الى المصرف وحمل معه جميع الأموال والأرصدة والمستندات وبعض الملفات وقفل راجعآ من حيث أتى بعد فشل مهمته في دهوك.
بعد عدة أيام أعلن السيد إبراهيم علي الحاج ملوعن بدء الإنتفاضة في منطقة بهدينان يعاونه النقيب طارق المزوري وآخرين, بعد أن أعَدً لها إعدادآ محكمآ بالتنسيق مع بعض المستشارين في محافظة أربيل والسليمانية وإستنادآ الى خطاب الرئيس الأمريكي جورج بوش الأب بعد التأكد من صدقيته .

منذ اليوم الأول للإنتفاضة بدأت المعسكرات والربايا في محافظة دهوك تتساقط الواحدة تلو الأخرى أمام زحف القوات الشعبية ,ثم إتجهت تلك القوات نحو الأقضية والنواحي في سهل نينوى. حيث
وصلت جحافل المنتفضين الى قضاء الشيخان (عين سفني) بقيادة المستشار السابق السيد علي كوخي ومن هناك إنطلقت في الصباح الباكر قوة يقدر عددها بمائة وخمسون مقاتلآ بقيادة محمد خالد آغا الجمانكي, إتجهت نحو ناحية القوش التي تبعد غربآعن الشيخان مسافة 25 كم تقريبآ , سيرآعلى الأقدام لتحريرها من قوات النظام البعثي الصدامي, تتقدمهم ثلاث عجلات مسلحة مجهزة برشاشات متوسطة, وبدأوا يكتسحون القرى اليزيدية الواحدة تلو الأخرى منتشرين على مساحة واسعة من الأراضي الزراعية. وكانت الأخبار تتناقل الى دارالمطرانية في كل ساعة ومن مصادر متعددة,وبدأت الإشاعات المغرضة تنتشر بين الأهالي ومنها , أن القادمين معظمهم من السراق وقطاع الطرق هدفهم هو  إنتهاك الحرمات ونهب وسلب  الدور والسيارات والأسلحة.
أما موظفو الحكومة في القوش فهم: الشرطة المحلية , عناصر الأمن , الرفاق الحزبين, مفرزة الأستخبارات التي كان يرأسها سفر حسن كجل,جميعهم قرروا في البداية المقاومة من داخل القصبة  ولكن بعد مفاوضات شاقة بينهم وبين المطران من خلال ممثله حبيب صادق شدا (أبو قيس) تم إبعادهم عن البلدة في الصباح الباكر, وعسكروا في نقطة المفرق (السيطرة) التي تقع جنوب القوش بمسافة ثلاث كيلومترات.
أما أهالي ألقوش لم يكن لهم خطة معدة لمواجهة مثل هذه الحالة, ولم يكن أحد يتوقع أن تأتي قوات الأنتفاضة الكردية بهذا الزخم الكبير الى البلدة دون سابق إنذار,في الوقت الذي يعرفون جيدآ إن أهالي القوش معظمهم ضدً الأنظمة الدكتاتورية المتعاقبة في بغداد منذ عام 1963 والى ذلك اليوم, وإن موقفهم من الحركة الكردية كان دائمآ مؤآزرآ وداعمآ لها, وإن جميع مكونات الشعب العراقي في المنطقة جندوا لفرسان لمقاتلة الحركة الكردية, بإستثناء أهالي القوش الذين بقوا أوفياء مخلصين  للحركة الكردية وقيادتها التاريخية المتمثلة بالمغفور له مصطفى البارزاني وأولاده , ولا يمكن أن يكون أية مقاومة في القوش من قبل الأهالي ضد الإنتفاضة أبدآ ولم يسمحوا لها بذلك.

كانت الساعة تقترب من الثانية عشر ظهرآ حينما بدأت المجاميع المسلحة تظهر في قرية بيبان التي تبعد حوالي سبعة كيلومتر شرق ناحية القوش,ووصلت المعلومات الى المطران بأن المسلحين الذين سوف يزحفون بإتجاه القوش يبلغ عددهم أكثر من خمسمائة مقاتل وهم منتشرون على مساحة واسعة من الأراضي الزراعية ومتخذين من تشكيلهم القتالي هذا وضع الهجوم, ويقومون بتطويق المدينة من الشرق والجنوب الشرقي.
بدأت الشكوك تساور المطران والذين حوله في مقر المطرانية,وبدأ أيضآ الخوف والذعر يدب في صفوف بعض الأهالي وخاصة من الذين كانوا ضيوفآ قادمين من بغداد والمحافظات الأخرى وعددهم يقدر بالآلاف,لأنهم لم يسبق لهم أن تعرضوا لمثل هذه الأحوال الصعبة والشاذة كما تعودً عليها أهالي القوش,أضف الى ذلك أن الذين كانوا متعاونين مع الحكومة أو متهمين بذلك وعددهم لم يتجاوز عدد أصابع اليد الواحدة,منهم من غادر البلدة ومنهم من إختفى فيها,أما مدير ناحية القوش  ومفوض الشرطة لم يتسنً لهما المغادرة  فتم إخفائهم لدى بعض الأهالي في حي (مارقرداغ ) لدى عائلة الجلبي بالتنسيق مع حبيب شدا مستشار المطران,كذلك كان عدد من الفرسان الأكراد لم تسنح لهم الفرصة أيضآ بالمغادرة فقام بحمايتهم عدد من الأهالي بالإضافة الى السيد عبد يونس ختي .

في تلك الأثناء دخل غرفة المطران فجأة أحد السواق من القرى المجاورة وأخبره بأن الحالة خطيرة جدآ وأن القادمون يستهدفون النهب والسلب وكل شئ عندهم مباح, وعليكم إتخاذ ما يلزم لمواجهة هذة المشكلة للمحافظة على حياة المواطنين الأبرياء,وعندما سمعَ الحاضرين هذا الكلام تفرق الجميع وذهب كل الى عائلته ليهيأ سلاحه ويدافع عن نفسه وعائلته,وبقي المطران لوحده مع حارسه المخلص السيد الياس خندي.
إقتربت الساعة الواحدة بعد الظهر ولايزال المطر يهطل بغزارة شديدة, وبينما كنت كغيري من الأهالي أقوم بتأمين مستلزمات الدفاع عن العائلة والمحلة التي أسكنها بالتعاون مع الجيران,شاهدت حارس المطران وهو يهرولُ نحونا ودخل علينا في البيت وهو مرتبك جدآ قائلآ إن سيدنا (المطران) يريد حضورك حالآ الآن, غادرت البيت فورآ بعد أن تركت قطعتي سلاح لأبني وزوجتي وحملت معي سلاحي الشخصي وناظور عسكري متسترآ عليهم تحت المعطف,كما حملت معي مظلة للوقاية من المطر الغزير,وفي طريقنا الى المطرانية التي تبعد عن داري حوالي مائة متر قال لي الياس: إن المطران بحالة عصبية غريبة لم أجده فيها من قبل أبدآ,وبدأت أفكر ماذا يريد المطران مني, في الوقت الذي لديه العديد من المستشارين والوكلاء وعلى رأسهم السيد حبيب صادق شدة (أبو قيس).
بالرغم من أن الحالة التي كنا فيها, كانت رهيبة جدآ, بسبب مسؤوليتنا المقدسة عن النساء والأطفال الذين قد يتعرضون الى إنتهاكات ربما تؤدي الى حرق الأخضر واليابس داخال القصبة , إلا أنني واجهته بشكل طبيعي وبأعصاب باردة لكون المطران بحالة نفسية مضطربة ومعنوياته محبطة.

 دخلت دارالمطرانية (القونغ) وهي ليست كعادتها خالية من الناس والضيوف, وشاهدت المطران وهو يسير بخطوات سريعة ذهابآ وأيابآ تحت الطارمة أمام غرفته  الخاصة,وهو يدخن بشكل غير طبيعي, وتقدمت نحوه منحنيآ لأقبل يده, فدفعني الى الخلف وقال لي  ليس الوقت مناسب لهذه العاداة والتقاليد إن الوقت يداهمنا وعلينا الآن أن نعمل بأقصى سرعة لإنقاذ عشرة آلاف نسمة في هذه المدينة اليوم, وقلت له تفضل سيدنا أنا في خدمتك وتحت أمركَ, فقال وبصوت عالِ" أسألك هل هذه القوش هي نفسها التي أنجبت الرجال الشجعان ( الياس شلي, ميخا زراكا , سليمان كتو وغيرهم)؟ هل ترى أحد في هذه البناية؟ قبل ساعة من الآن كانوا هنا العشرات, لقد تفرق الجميع وتركوني لوحدي,أين هي الشجاعة والشهامة والرجولة التي يتميزون بها أهالي القوش؟ إنني لا أصدق!!! لا أصدق ماذا يجري من حولنا." قلت له سيدنا أرجو منك أن تثق بكلامي وتعتمد عليه وسوف أقول لك الحقيقة كما أفهمها وأؤمن بها. 
1-   إن القوش هي نفسها التي لم تتغير ولن تتغير ونحن نعتز بمن ذكرت ولكن سنكون أفضل منهم بعونه تعالى.   فقاطعني وقال كيف؟ هل لك أن تعطيني دليلآ على ذلك ؟
قلت له: سيدنا قبل أن أشرح لك الوضع العام في المنطقة هل لك أن تخبرني أين هم وكلاء الكنيسة وخاصة أبو قيس؟
فقال: إنهم ذهبوا للإطمئنان على عوائلهم والتأكد بأنهم في مأمن عند أقربائهم, وعلى الفور سوف يعودوا سريعآ حسب ما وعدوا به, ولكن لحد الآن لم أرً أحدآ منهم, أما حبيب شدًا فقد أخذ إبنه سدير الى بيت شقيقته على أمل أن يعود حالآ ولكن لا علم لي ماذا حصل له, لقد تأخر كثيرآعسى أن لا يكون قد أصابه مكروه.
ثم بدأت أشرح له الوضع السياسي والميداني في المنطقة, وقمت بتبسيط الحالة القائمة أمامه وبشكل يطمئن ليقوم بدوره كراعِ للأبرشية وكمرجعية لنا لمعالجة هذه الأزمة الراهنة.ثم ناقشت معه سريعآ بعض الأسئلة التي تطرح نفسها: من هي هذه القوة المتقدمة؟ وما هومهامها وهدفها؟ فإذا كانوا إرهابيين وقطاع الطرق علينا معالجة الموقف بقسوة شديدة,وبموجب متطلبات الظروف المستجدة ودرجة خطورتها, ثم يصدر المطران إرشاداته بالدفاع المستميت عن القصبة وأهاليها والقتل بدون رحمة ولا شفقة لكل من تسول له نفسه الدخول الى القصبة والإعتداء على الأهالي الآمنيين,وأضاف المطران قائلآ إن الأحداث الدموية المأساوية التي ضربت قريتي (أرادن) قبل ثلاثين عامآ لم أنساها أبدآ وسوف لن أسمح بتكرارها في القوش مهما كلفني ذلك.
أما الأحتمال الآخر: فإذا كانوا المسلحين الذين يجتاحون المنطقة هم حقآ سياسيين وجزء من الإنتفاضة الرئيسية التي إندلعت شرارتها من مدينة دهوك, فقلت له إطمئن سيدنا لديً شخصيآ علاقات جيدة  مع جميع المسؤولين في المعارضة العراقية لأنني عملت معهم سنوات عديدة في سوريا وإيران,ولقد إلتقيت مع قادتهم جميعآ ولعدة مرات,وفي مقدمتهم السيد مسعود البارزاني , جلال الطالباني , السيد باقر الحكيم, اللواء الركن حسن مصطفى النقيب , عزيز محمد , جبار الكبيسي , دكتور محمود عثمان , علي جاسم سنجاري .. وآخرين جميعهم يتمتعون بسمعة جيدة وأخلاق عالية  ويكنون كل الأحترام والتقدير للمسيحيين بشكل عام ولرجال الدين بشكل خاص.
عندما سمع المطران هذه المعلومة إطمئن كثيرآ وعادَ الى وضعه الطبيعي,ثم طلبت منه الإنتقال الى كنيسة مار كوركيس المجاورة لدار المطرانية لإدارة الأزمة , فقال لي لماذا لا نبقى في مقر المطرانية, فما هو المخزى من ذلك, قلتُ له لأن المتقدمين الينا هم من الأكراد وحسب معرفتي بهم إن الكنيسة يعتبرونها بيت الله, ولها وقعُ مؤثر في نفوسهم. وفعلآ قام المطران وأخذ عكازته بيده ثم طلب من مرافقه بجلب كمية من الشاي والقهوة والسيكائر الى الكنيسة, وذهبنا سوية اليها وجلس في الغرفة لوحده, ثم أمرني بأن أصعد فوق سطح الكنيسة لأراقب المنطقة وأنقل له المشهد المستجد على الأرض من خلال الناظور الذي أحمله معي ليكون على بينة مما يجري حولنا من الأحداث.
خلال الدقائق التي تابعت الأحداث من فوق سطح الكنيسة العالي, شاهدت الأشتباك المسلح الذي حصل بين المنتفضين وقوات النظام في مفرق القوش ولمدة ربع ساعة تقريبآ, أدى الى إصابة إثنان من عناصر مفرزة  الأستخبارات (جماعة سفر حسن كجل) حسب المعلومات التي وردتنا فيما بعد, مباشرة لاذوا بالفرار بإتجاه قرية شرفية ومنها الى تلكيف.
أما القسم الأكبر من قوات الإنتفاضة شاهدتهم كانوا في إستراحة قصيرة قرب محيط دير السيدة, ثم نزلت بسرعة من السطح وأخبرت المطران بكل ما حصل,وفي تلك الأثناء كان قد تجمع في الكنيسة أعضاء الخورنة ومنهم السيد حبيب صادق شدة ويوسف روفا , وعبد الأحد يونس صفار الذي لا يزال يعيش في القوش الآن,وكذلك حضر الى الكنيسة بعض الرجال من محلة سينا ومنهم الأستاذ زرقا عبو (أبو عبد) والمختار رحيم كجوجا وآخرين لم أتذكر أسمائهم, ثم ناقشنا الوضع الأمني مجتمعآ وقرر المطران إرسال وفدً لإستقبال قادة الأنتفاضة وأوكلت هذه المهمة لي لمعرفتي بالقادة السياسيين للمعارضة العراقية,ورافقني كل من وكلاء الكنيسة يوسف روفا وعبد الأحد صفار, وحملنا معنا عددآ إضافيآ من المظلات لإعطائها الى قادة هذه المجموعات المسلحة لحمايتهم من المطر الشديد.
غادرنا الكنيسة نحن الثلاث متجهين الى مدخل القوش بالقرب من مركز للشرطة الواقع على طريق دير السيدة, وفي الطريق بالقرب من بيت المرحوم عبد الأحد جرجيس بتو,التحقت بنا  مجموعة من شباب القوش لا أتذكر أسمائهم كانو بحدود 10- 15 شخص وهم في حالة هيجان شديد مهيئين للقتال في أية لحظة, وإقترب أحدهم مني وقال: نحن رهن إشارتكم, فقلت لهم إرجعوا رجاءً من حيث أتيتم لأن الوضع عسير جدآ وغامض ولانعرف منهم هؤلاء القادمين ربما يفتحون النيران علينا أرجوكم مرة ثانية أن تعودوا الى بيوتكم سالمين, إن القضية غير مؤمنة,فإبتسم أحدهم وقال لي عمي إن مجموعات أخرى خلفنا فلا تحاول أن تقلل من شأننا وعزيمتنا لأننا مصممون للمضي قدمآ في مخططنا مهما كلفنا الأمر, وبعدها تركونا وبدأوا يسيرون بسرعة حتى وصلوا قبلنا الى قادة الإنتفاضة,ثم وصلنا نحن بعدهم وتصافحنا مع المسؤولين وكان قائد الحملة محمد خالد آغا جمانكي,وقلت له إن المطران أوفدنا لإستقبالكم وهو ينتظركم في الكنيسة, فرحبَ بنا وشكره وبدأنا نسير جنبآ الى جنب عائدين الى الكنيسة,وفي الطريق سألته عن جدوى إستصحاب كل هذه القوات الى ناحية القوش,فقال بالحقيقة إن جماعتي لا يتجاوز عددهم مائة وخمسون مسلحآ ولكن في الطريق التحقوا معنا أكثر من ثلاثمائة مسلح لا أعرف من أين أتوا ولا أعرف ما هو هدفهم وليس بإمكاني السيطرة عليهم أتمنى أن لا يخلقوا لكم مشاكل, وفي تلك الأثناء كانت سيارة الأسعاف في طريقها من المستوصف الى حي ( مارقرداغ) فأوقفها المدعو علي آغا جمانكي شقيق خالد آغا وإستولى عليها هو وجماعته, وأخذ مبلغ أربع عشر ألف دينار وبعض الأدوية من السيارة,ولكن شباب القوش هجموا عليهم  وإشتبكوا معهم بالأيادي قرب دار المرحوم عبد بتي صفار, فأخبرت خالد آغا حالآ ونحن على مقربة منهم, فقال لي إطمئن, ثم حلف اليمين وقال إنني سوف أعيدهها الى أصحابها بعد وقت قصير, ولا أريد من الآن أن أصطدم مع أخي وجماعته لأنهم قليلي الحياء لا يخجلون, وطلب مني أن أذهب وأبعد الشباب عنهم لأنهم أحاطوا بالسيارة ولم يسمحو لهم بالحركة, فبعثت اليهم الأخوان يوسف روفا وعبد الأحد صفار لفض النزاع بينهم.
ثم واصلنا المسير الى الكنيسة وكان المطران وجمع غفير من الرجال بإنتظارنا, وتصافح خالد آغا مع المطران بحرارة وكذلك مع السيد حبيب صادق شدًا وتبين أن لهم معرفة سابقة . وصرح خالد آغا قائلآ : سيدي المطران لقد كلفت من قبل قيادة الإنتفاضة بمهمة تطهير منطقة ناحية القوش من أعوان النظام الدكتاتوري, منطلقآ من قضاء الشيخان بإتجاه القوش, بقوة مسلحة لا تتجاوز مائة وخمسين رجلآ سيرآعلى الأقدام, وفي الطريق إلتحقَ معنا مجموعات مسلحة يقدر تعدادها بأكثر من ثلاثمائة رجل لا نعرفهم ولا نعرف ما هو هدفهم,وأعتقد أنهم جاؤا من المجمعات السكنية الواقعة على طريق شيخان – عقرة, أرجو أخذ الحيطة والحذر منهم,وإنني لا أتحمل أية مسؤولية تجاههم وإنشاءالله سوف نتعاون  وأكون عند حسن ظنكم.وشكر المطران خالد آغا لصراحته وحرسه الشديد على تجنب أية مشكلة داخل بلدة القوش. وشكل المطران في نفس الوقت لجنة برآسة السيد حبيب شدًا لإدامة الأتصال والتنسيق مع المجموعات المسلحة السائبة والمنفلتة داخل القوش التي لم تكن تابعة الى قوة خالد آغا جمانكي. والى هنا أكتفي بهذا القدر من المعلومات التي تختزنها ذاكرتي. وفي مناسبة أخرى سنكمل حديثنا عن أيام الأنتفاضة في القوش إن شاءالله .
داود برنو         في- 19- 3- 2011  مشيكان .


 



35
ذكرى مرور ثلاث سنوات على إستشهاد رئيس أساقفة الموصل


     إذا راجعنا التاريخ الذي ليس ببعيد سنرى أن المطران بولص فرج رحو لم يكن الشهيد الأول ولن يكون الأخير من شهداء الكناشس (الكلدانية السريانية الآشورية) منذ العهد العثماني وما قبله أي منذ زمن ملك الفرس شاهبور الثاني والى يومنا هذا, فإن قافلة الشهداء لهذه الكنائس مستمرة لم تتوقف ولن تتوقف أبدآ, وكان أكثرها دموية في تركيا العثمانية أثناء الحرب العالمية الأولى, حيث أرتكبتً خلالها وبالتحديد في عام 1915  مذابح الإبادة الجماعية ضدً الأرمن بشكل خاص والمسيحيين بشكل عام, وبلغ مجموع الضحايا أكثر من مليون ونصف المليون مواطن مسيحي حسب المصادر الدولية المعتمدة, معظمهم كانوا من الطائفة الأرمنية, وعلى إمتداد تلك الأحداث إستشهد أيضآ في تلك الفترة عدد من المطارنة ورجال الدين للكنيسة الكلدانية في ولاية ( سعرت) بتركيا,وكذلك رئيس أساقفة الكنيسة الكلدانية في ايران المطران توما أودو .
     كذلك في عام 1916 إستشهد رئيس الكنيسة الآثورية في العالم البطريرك مار بنيامين مار شمعون في (إيران – ولاية أورمية) ومعه العديد من مرافقيه وحراسه وأدت تلك الفاجعة الى نكسة في تاريخ شعبنا الآشوري.
     وفي نفس الفترة تعرض (دير شيخ متي ) التابع لكنيسة السريان الأرثذوكس, الواقع على سفح جبل مقلوب في محافظة نينوى الى عدة غزوات قتل خلالها العشرات من الرهبان على يَدً عصابات إجرامية وإستولوا على الغنائم وأحرقوا الدير وكل ما يحتويه من الكتب والهدايا الثمينة والآثار القديمة.
    وفي 31- 10- 2010 لم تسلم كنيسة السريان الكاثوليك في بغداد- الكرادة مع كهنتها والمصلين فيها من هجمات الإرهابيين والتي راحَ ضحيتها أكثر من خمسين قتيلآ ومئة وعشرين جريحآ, قامَ بتنفيذ هذه الجريمة البشعة مجموعة تطلق على نفسها (دولة العراق الإسلامية) ولا نعرف مدى صحة هذا الإدعاء, لأن الكثير من الأعمال الإجرامية أرتكبت بحق المواطنين الأبرياء من قبل جهات معينة معروفة, ولكن تحت شعارات وأسماء وهمية لا وجودَ لها, وأن الأحداث الجارية في مصر أثبتت صحة هذه الأفعال الشنيعة من خلال حادث تفجير كنيسة القديسَينً حيث تبين من خلال الوثائق التي أعلن عنها والتي هي بحوزة النظام الجديد بأن وزير داخلية النظام السابق اللواء (حبيب العدلي) كان وراءَ تلك العملية الأرهابية, بينما أعلنت الحكومة المصرية آنذاك بأن الجهة التي قامت بهذه العملية الإرهبية هي (دولة العراق الإسلامية) التي لا وجودَ لها في مصر إطلاقآ.
وإنطلاقآ من معطيات الساحة العراقية ثبت لدينا وبالدليل القاطع بأن المتطرفين الإرهابيين إن سيان كانت دولة أو نظام أو عصابة, فإنهم لايفرقون بين الكنائس والمذاهب,وإن المسيحيين المشرقين جميعهم بكافة إنتماءاتهم القومية والمذهبية إنهم أهداف مشروعة لهم فلا بُدً من قتلهم وترويعهم بشتى الطرق والوسائل حتى يتبعوهم أو يهاجروا من المنطقة, هذا حسب تفسيرهم  وإعتقادهم الديني وفكرهم الجهادي.
    إنني أطلب من الجميع أن يتذكر تلك الفاجعة وما قبلها التي إستشهد فيها الأب رغيد كني والشمامسة الثلاثة معه والتي حدثت أيضآ في مدينة الموصل الحدباء ولحد الآن لا أحد يعرف من الذي إرتكب تلك الجريمة,ثم جاءت بعدها العملية الأرهابية الكبرى التي مضى عليها ثلاث سنوات عندما أختطف المطران مثلث الرحمة بولص فرج رحو وقتل مرافقوه الثلاثة في تلك الأثناء أي بتاريخ 29- 2- 2008 رغم مطالبة شخصيات مهمة رسمية وشعبية,داخل العراق وخارجه وخاصة في الدول الأوربية  وغيرهم  وفي مقدمتهم قداسة بابا الفاتيكان يناشدون الخاطفين بالإفراج عن رئيس أساقفة الموصل ولكن جميع تلك الجهود باءت بالفشل الذريع, وفي 14- 3- 2008 عثر على جثة المطران مرمية على الرصيف في أحد ألأحياء السكنية في مدينة الموصل وعليها آثار التعذيب الوحشي الذي يعكس وحشية وهمجية هؤلاء الخاطفين.
    بعد عدة أسابيع أعلنت جماعة مجهولة تطلق على نفسها (دولة العراق الإسلامية) التابعة الى (منظمة القاعدة) الإرهابية عن مسؤوليتها  لهذه العملية الإجرامية .
    أما الحكومة المحلية في محافظة نينوى والتي كان للأكراد أكثرية الأعضاء في مجلس المحافظة, لم تحرك ساكنآ ولم يصدر عنها شئ ذو أهمية تذكر حول مرتكبي هذه الجريمة ودوافعهم ومَنً وراؤهم,ولكن إكتفى المسؤولون في هذه الحكومة في التعبير عن أسفها وإستنكارها الشديد لهذا الحادث , وبعد عدة أسابيع بدأت الأطراف السياسية المتصارعة في الموصل من العرب والأكراد تتهم بعضها البعض بعلاقتها بتدبير هذه العملية أو الوقوف من ورائها.
      إننا الآن لسنا بصدد إتهام هذه الجهة أو تلك,ولا نريد أن تُسًتغلً هذه القضية من قبل طرف سياسي ضد طرف آخر, وكل ما نطلبه من الحكومة العراقية هو الإعلان عن حقيقة هذه القضيية بتفاصيلها الدقيقة وعدم إهمالها وتركها في طي الكتمان, لأن شعبنا لايزال يعتبرها من الأولويات التي يعمل من أجلها والتي لا بد من حسمها وإنهاء هذا الجدال الدائر حولها منذ ثلاث سنوات, ولكي يغلق هذا الملف كغيره من الملفات العالقة التي أضحى العديد منها مكشوفآ رغم التستر على أحداثه.
 ولكن من خلال متابعتنا لهذه القضية منذ ثلاث سنوات ومن خلال مصادر عديدة ومختلفة, تبين لنا أن الذين إرتكبوا هذه الجريمة هم معتقلون الآن لدى السلطات الحكومية,وهم عصابة إجرامية لا علاقة لها بالسياسة, وجُلً هدفهم كان الحصول على مبلغ أكبر من المال لتنفيذ مخططاتهم الإجرامية ولقد علمنا من بعض المصادر الكنسية وبصورة غير رسمية بأن الخاطفين طالبوا بفدية مقدارها مليون دولار ولكن الشهيد المطران فرج رحو كان قد ذكر في وصيته بعدم دفع الفدية للخاطفين مهما كان ثمنها, ولحد الآن لم تعلن رئاسة الكنيسة الكلدانية ماذا دار في المفاوضات غير المباشرة بين ممثلي الكنيسة الكلدانية  وعصابة الخاطفين.
      طوبى للمطران الشجاع الذي تقبل الشهادة دفاعآ عن مبادئ الدين والأنسانية وقوفآ بوجه القتلة المجرمين الذين شرطوا عليه الأبتزاز أو الموت, وذلك بطلب مبالغ كبيرة من فدية مالية تدفعها لهم الكنيسة لقاء إخلاء سبيله.
    لقد ضرب الشهيد أنصع مواقف التشبث بقيادته الأيمانية والوطنية في آنِ واحد, وتحدى الموت بدلآ من أية مساومة رخيصة وهو المعروف عنه في الأوساط الأجتماعية بوضوح مواقفه الوطنية ودفاعه عن الإخلاص للعراق أرضآ وشعبآ بكافة مكوناته دون تمييز,إنه حقآ سيبقى رمزآ وشمعةًَ ينير درب المناضلين من أبناء شعبنا (الكلداني السرياني الآشوري) للمضي قدمآ في طريق النضال لتحقيق أهدافنا القومية المشروعة في وطننا العراق العزيز.
داود برنو   في 11- 3- 2011  مشيكان .

 


36
التغير في مصر ليس من مصلحة الأقباط

إن المشهد السياسي المستجد في مصر يظهر لنا جليآ بأن المظاهرات التي خرجت الى ميدان التحرير في القاهرة كان مخططآ لها مسبقآ بالتنسيق من قبلً جهات داخلية وخارجية ومنذ عدة أشهر,لقد  شارك فيها وبقوة التيار الأسلامي المتشدد المنتشر في أنحاء مصر وفي المنطقة العربية, على أثر نتائج الإنتخابات البرلمانية السابقة, والتي شابها التزوير وحرمت فيها جماعة الأخوان من الحصول على مقاعد برلمانية تستحقها, وأدت تلك النتائج الى تداعيات عديدة ومنها هذه الأنتفاضة العارمة, حيث كان لجماعة إخوان المسلمين دورآ رئيسيآ فيها بالرغم من أنهم لم يظهروا للعالم في وسائل الإعلام المرئية دورهم البارز والمؤثر في حشدً كل هذه التظاهرات في كل من القاهرة والأسكندرية وأماكن أخرى متعددة من البلاد, إنهم يقولون شيئآ وفي الممارسة يعملون شيئآ آخر, وهذا ما نلمسه في الواقع وعلى الأرض, بسبب وجود مخاوف حقيقية  داخلية وخارجية من تصاعد نفوذ جماعة إخوان المسلمين في البرلمان وفي الحكومة المصرية المقبلة,لأنهم رفعوا شعارات عديدة وخطيرة جدآ ومنها ( الإسلام هو الحل- الإسلام دين ودولة - جيش محمد سيعود ) ومنهم من كان ينادي بقيام (دولة الخلافة الأسلامية) وهناك الكثير من الأمور الأخرى التي تدعو الى التساؤل, بالأضافة الى الأرهاب الفكري الذي تنشره مؤسسات الفتاوى التابعة لجماعة الإخوان المسلمين الذين يكفرون الأقباط ويقتلون السواح الأوربيين بموجب الفتاوى التي يصدرها قادة هذا الحزب, وهي مصابنا اليوم في إرجاعنا الى القرون الوسطى, كما أن هناك الكثير من التناقض في هذه الفتاوي والمرجعيات التي تصدر عنها وخاصة بين الشيخ القرضاوي المتطرف,ومنافسه شيخ الأزهر المرحوم السيد الطنطاوي المعتدل, ولم يتسع لنا المجال للإشارة اليها في هذا المقال. أما أحزاب المعارضة المصرية فقد كان دورها محدودآ جدآ بسبب إمكانياتها المادية الشحيحة,بالإضافة الى ذلك لم يتيسر لديها وسائل الأعلام ولا سيما القنوات الفضائية, كما هو الحال لجماعة الإخوان المسلمين,ومن أحزاب المعارضة حزب الوفد , وحزب الغدً , والجمعية الوطنية للسيد البرادعي, وحركة (كفاية) وغيرها, كما شاهدنا أيضآ  خلال الأسابيع الماضية بأن وسائل الإعلام الأيرانية ومن خلال قناة العالم الفضائية وقناة المنار التابعة لحزب الله اللبناني, تأييدها ودعمها المطلق للمتظاهرين ولاسيما جماعة إخوان المسلمين , وفي الجانب الآخر شاهدنا أيضآ من خلال قناة الجزيرة القطرية كيف أن بعض دول الخليج وفي مقدمتهم إمارة قطر التي تدين بالمذهب الوهابي المتطرف والتي تحتضن الشيخ المنقرض (يوسف القرضاوي) وهو زميل ورفيق الدرب للأرهابي في منظمة القاعدة أيمن الظواهري, وهناك أشكال متعددة من الأرهابيين فمنهم بالخطابات ومنهم بالعنف والعبوات,وأن إمارة قطر تقدم كل أنواع الدعم والتأييد لجماعة إخوان المسلمين في مصر, لمواصلة الأحتجاجات والتظاهرات حتى إسقاط النظام المصري بكامله, وعندها تعم الأضطرابات والفوضى ويتحقق هدفهم, كما حصل ذلك في العراق الذي حَلً محله النظام الإسلامي الطائفي المتطرف, وقد مضى عليه ثمان سنوات تقريبآ ولا يزال النظام غير مستقر بسب المحاصصة الطائفية, ويفتقر النظام الى تأمين العديد من الخدمات الأساسية الضرورية للمواطنين, وهذا ما سيؤدي ذلك في مصر الى فوضى عارمة في صفوف الشعب البالغ تعداده أكثر من ثمانين مليون نسمة, وحينها يسيطر الإسلاميون على زمام الأمور بشتى الطرق والوسائل الكثيرة المتاحة لهم, بسبب الدعم المادي واللوجستي والإعلامي اللامحدود الذي يصلهم من جمهورية أيران الإسلامية من خلال مئات الأنفاق التي تربط قطاع غزة الفلسطيني بمدينة رفح المصرية , وكذلك الدعم الذي يأتي لهم من دولة قطر وبعض أمراء الخليج من الوهابيين وما أكثرهم في هذه الأيام,ولكن قيادة الجيش المصري الباسل الذي يستحوذ على زمام الأمور الآن, سيخيب آمالهم ويقف بالمرصاد ضدهم وضدً مرجعياتهم ومشاريعهم ونأمل أن يكون الجيش بمثابة صمام الأمان للحفاظ على الأمن والإستقرار في البلاد, وهو الجهة
الوحيدة المؤهلة لقيادة البلاد خلال الفترة الأنتقالية الحالية التي تمتد ستة أشهر. ومن الجدير بالذكر أن الرئيس الأمريكي حسين أوباما يسعى جاهدآ من أجل تغيير الأنظمة الدكتاتورية في الشرق الأوسط بأنظمة إسلامية معتدلة شبيهة بالنظام القائم في تركيا, وربما يجهل أو يتجاهل بأن نظام (أوردغان – كول) يسير بخطوات حثيثة وفعالة بإتجاه تطبيق الشريعة الإسلامية في تركيا, ولقد لاحظنا خلال السنوات الأربع الماضية كيف تم تغيير بعض مواد الدستور التركي لصالح الأسلاميين في تركيا,ومنها تقليص سلطات العسكر, وتغييركبار القضاة وحكام الولايات ورؤساء الجامعات وغيرها,وهذا الشئ إذا حصل في مصر سيؤدي الى كارثة حقيقية على مستقبل أقباط مصر وسوف يجعلهم مواطنين من الدرجة الرابعة أو الخامسة وأكثر بؤسآ وشقاءَ مما كانوا عليه في ظل النظام السابق الذي قاده الرئيس السابق حسني مبارك لمدة ثلاثة عقود,وأي تطبيق للشريعة الأسلامية يعني ذلك هو إلغاء للآخر, ولا يوجد مساواة بين المواطنين في ظل أحكام الشريعة الأسلامية, وخير دليل على ذلك هو النظام الأيراني والسعودي على حدِ سواء بالرغم من الإختلاف في المذهب الديني.
إن الأصولية الأسلامية السنية والشيعية تشكل خطرآ على الأقليات المسيحية في الشرق الأوسط ولا سيما أقباط مصر,لأن منبع ومصدر الأسلام الراديكالي يأتي من (حزب) أوما يسمى جماعة إخوان المسلمين في مصر, التي أسسها الإمام حسن البنا عام 1928  ولقد إنبثقت من هذه الجماعة العديد من الأحزاب السياسية المتطرفة والمنظمات الأرهابية المنتشرة في جميع أنحاء العالم وفي مقدمتهم منظمة حماس الفلسطينية في غزة,ودولة العراق الإسلامية, ومنظمة القاعدة الأرهابية  التي أسسها أسامة بن لادن في الثمانينيات من القرن الماضي والتي تستهدف الإطاحة بالنظم القائمة الآن للوصول الى السلطة وإقامة (دولة الخلافة الأسلامية) كما تحقق ذلك في إفغانستان قبل الأحتلال الأمريكي لها عام 2002  والآن يحاولون تحقيقه في مصر.                                                                                                                 على الأقباط العمل بكل جهد ممكن  جنبآ الى جنب مع إخوانهم في الأحزاب الوطنية والمنظمات السياسية العلمانية المصرية لمواجهة التيار الأسلامي المتطرف الذي يكتسح الشارع المصري الآن بدعم من جهات مشبوهة خارج مصر, وعليهم أيضآ إعادة النظر في الأفكار والمفاهيم وحتى الثوابت الوطنية السائدة لديهم لكي يكونوا بمستوى مسؤوليتهم الخطيرة في هذه المرحلة والتي تتحكم في حياتهم ومستقبلهم ومصيرهم في وطنهم الأصلي مصر الفراعنة.
داود برنو         في   14- 2- 2011  مشيكان.








37
التحولات التي طرأت على الساحة السياسية العراقية

كل من يراقب المشهد السياسي العراقي منذ تشكيل الوزارة الجديدة والى يومنا هذا, يستنتج بأن الأوضاع السياسية والأمنية تتدهور يومآ بعد يوم من سيء الى أسوأ, وأن الأعمال الأرهابية خلال هذا الشهر كبدت الشعب العراقي مئات القتلى والجرحى وخاصة زوار العتبات المقدسة في كربلاء, والسبب الرئيسي هو عدم مراعاة الأستحقاق الأنتخابي بالشكل الصحيح, لأن الملف الأمني والسياسي مرتبطان ويتفاعلان مع بعضهما البعض كتوأمين وأي خلل يصيبهما ينعكس على الوضع القائم سياسيآ وأمنيآ,وشاهدنا كيف أن السلطة التنفيذية إنتقلت الى السيد المالكي بطريقة تخالف نتائج الأنتخابات التي جرت في 7- 3- 2010  وفُرضَ أمر واقع على القائمة الفائزة, وتم إبعادها عن موقع رئاسة الوزراء, ثم تبين فيما بعد أن الذين بيدهم زمام الأمورلا يؤمنون بتحول السلطة سلميآ الى الطرف الآخر وأخيرآ تم الأحتفاظ بها لفترة ثانية, وأصبح كل شئ في هذا البلد مبني على المحاصصة الطائفية التوافقية السياسية داخليآ وأقليميآ, كما هو الوضع القائم في لبنان حاليآ,وهو أسوأ نظام في المنطقة حيث أثبت فشله الذريع منذ قيامه والى يومنا هذا. ومن العجيب الغريب أن نرى نائب الرئيس الأمريكي (جو بايدن) يأتي الى العراق ليهنئ السيد المالكي بالنجاح الساحق الذي حققه في تشكيل الحكومة الحالية, بالرغم من أنها لم تكتمل بعد,وبعد أسبوع أيضآ جاءَ وفد آخر من أعضاء الكونكرس الأمريكي ليهنئ المالكي بهذا النجاح المنقطع النظير, ولا نعرف فما هو معيار الفشل والنجاح لدى الإدارة الأمريكية في هذا التقييم!!؟؟ أما عن التحولات الجارية في العراق, فهناك عناصر جديدة دخلت على الساحة السياسية العراقية وكان أبرزها عودة السيد مقتدى الصدر وحاشيته من أيران بعد أن أمضى فيها ما يقارب أربع سنوات, درس خلالها في ( مدينة قٌم) نظرية ولاية الفقيه ومستلزمات  تطبيقها في العراق,بالإضافة الى أن المجموعات التابعة لجيش المهدي كانت تتدرب خلال هذه الفترة على الشؤون العسكرية والأمنية وغير ذلك,بالرغم من أن الرئيس الأيراني أحمدي نجاد يقول في خطابه أمام طلاب الفقه بتاريخ 7-5- 2008  أن " الأمام المهدي يدير العالم أجمع ونحن نرى يده المدبرة في شؤون البلاد كافة" !!
في الجانب الآخر نلاحظ رئيس مجلس محافظة بغداد, العضو القيادي في حزب الدعوة (تنظيم المالكي) يبدأ بتطبيق الشريعة الأسلامية مبكرآ وبشكل ملفت للنظر, حيث شكل مفارز ميليشياوية عديدة يطلق عليها تسمية (فرق النهي عن المنكر) إنها تصول وتجول في شوارع بغداد دون رقيب أو حسيب, وقامت بغلق النوادي الليلية والإعتداء على أعضائها وفي مقدمتهم نادي الأدباء, وجمعية آشور بانيبال في بغداد- الكرادة,بالإضافة الى قيامهم بغلق كافة محلات بيع المشروبات الروحية وبشكل تعسفي لا مثيل له في بغداد وباقي المحافظات, بإستثناء أقليم كردستان الذي يتمتع فيه المواطن العراقي بكامل حريته الشخصية, كما أن النوادي الليلية للأدباء وغيرهم منتشرة في كافة محافظات الأقليم, بالإضافة الى محلات بيع المشروبات الروحية .
أما العنصر الثاني:هو إنتشار جهاز كاتم الصوت في بغداد الذي يتم تركيبه على المسدس أوالبندقية مما يسهل إرتكاب أية جريمة وأغتيال أي شخص مهما كان شأنه طالما أنك تستطيع رؤيته والتقرب منه بشكل يتيح لك إصابته, وهذا النوع من الجهاز متطور جدآ وبشكل مدهش, وهومن إنتاج الصناعات العسكرية الأيرانية المتطورة التي تصنع أيضآ العبوات اللاصقة شديدة الأنفجار والأحزمة الناسفة. قبل عدة أيام إتصلت مع أحد الأصدقاء في بغداد وأخبرني بأن عمليات القتل بكاتم الصوت أصبحت منتشرة في كافة مناطق بغداد, وخاصة في الأحياء التي يسكنها المسيحيون وأضاف قائلآ لم يمضِ يوم واحد دون إختفاء عدد من الأشخاص بسلاح كاتم الصوت ,بالرغم من أن الأعلام الموجَه للحكومة يقضي بالتعتيم على مثل هذه المظاهر ويمنع الإعلان عنها خوفآ من الرأي العام العالمي.
العنصر الثالث: وهو دخول شركات أمنية أيرانية الى العراق كما هو الحال مع (شركة بلاك واتر الأمريكية) وبشكل رسمي وفق عقود أبرمتها الجهات الأمنية في الحكومة العراقية مع الجهات الأمنية في أيران مما يُمكنً هذه الشركات من إنجاز أية مهمة وتنفيذ أي مخطط قد يصعب على الحكومة الأيرانية تنفيذه في العراق,  وهذا ما يهدد كيان الدولة العراقية ومؤسساتها الأمنية والأقتصادية والثقافية والبنية التحتية التي ترتكزعليها الدولة,لأن الشركات الأمنية تمتلك إمكانيات هائلة من تكنولوجيا متطورة جدآ, ومن منظومة الأتصالات اللاسلكية والآليات المصفحة الحديثة والأسلحة الفتاكة وشبكة واسعة من المواصلات والعملاء بالإضافة الى حرية العمل وفي كافة المواقع المهمة, وهذا ما يعيق عمل الأجهزة الأمنية العراقية ويسبب لها مشاكل وعراقيل هي في غنى عنها.
أما التغيير الذي حصل في الشأن الداخلي على الساحة السياسية لمنظماتنا القومية لدى إجتماعهم في عينكاوا بتاريخ 26- 11- 2010 , إنه حقآ خطوة أيجابية في الطريق الصحيح,وإن شعبنا إستبشر خيرآ بهذه الخطوة التي طالَ إنتظارها وإعتبرها مكسبآ عظيمآ ولا بد من المضي قدمآ بهذا الأتجاه لإكمال المسيرة النضالية التي بدأوها هذه التنظيمات في سبيل حماية شعبنا وتحقيق أهدافنا وحقوقنا القومية   المشروعة في وطننا العراق العزيز.
إن المشهد السياسي الجديد يظهر لنا جليآ بأن معظم الأحزاب والمنظمات السياسية العراقية إقتنصت فرصتها في الوقت المناسب, وحققت الكثير من أهدافها وطموحاتها من خلال مشاركتها بالحكومة والبرلمان بشكل ينسجم مع تطلعاتهم السياسية, وإن إقتناص الفرص هو فَنً يتطلب مهارة خاصة وقدرات واضحة وجرأة كبيرة, فإن إستثمارها في عملية سياسية هو تجسيد الى سعة الإدراك والرؤية الصحيحة لتلك التنظيمات.
أما منظماتنا السياسية فقد ضيعت فرصآ عديدة ومهمة منذ مؤتمر المعارضة العراقية في لندن عام 2002 والى نهاية عام 2010 بسبب خلافاتهم الشخصية والحزبية الضيقة والتي كبدتنا خسائر فادحة. والآن لا تزال هناك فرص متاحة أمامنا, لنفتح صفحة جديدة من التعاون والتوافق والتنسيق بين منظماتنا السياسية والقومية ومؤسساتنا الكنسية من أجل رؤية موحدة وصيغة عمل مشتركة بين الجميع, ولأول مرة أشعر بالقناعة ولدي إحساس بأن هؤلاء القادة من أبناء شعبنا الذين إجتمعوا في عينكاوا وبغداد لهم الشعور بالمسؤولية الملقاة على عاتقهم,  ويتمتعون بمؤهلات عالية تمكنهم من قيادة مسيرة شعبنا الى بَرً الأمان لتحقيق الهدف المنشود, والمتجسد في إستحداث (محافظة في سهل نينوى) لأبناء المنطقة والذي يضم كثافة سكانية عالية من أبناء شعبنا الكلداني السرياني الآشوري إنها فرصة تاريخية قد لا تتكرر فلا بد من إقتناصها, وأن الظروف المحلية والدولية ربما تساعد على تحقيق ذلك الهدف أو أفضل منه.
كذلك هناك تحول سياسي على الساحة الأمريكية في ولاية مشيكن, حيث إجتمعت المنظمات السياسية والقومية والثقافية والأجتماعية لشعبنا (الكلداني السرياني الآشوري) بدعوة من (المنبر الكلداني) وقررت بالإجماع دعم وتأييد القرارات والبرامج التي توصلت اليها أحزابنا ومنظماتنا السياسية داخل العراق في إجتماعها المنعقد في مدينة عينكاوا بتاريخ 26- 11- 2010  وكذلك في بغداد الذي إنعقد في مقر قيادة الحركة الآشورية  وبشكل مطلق, كما تم وضع خطة عمل للتنسيق مع القيادة السياسية الموحدة  لشعبنا داخل الوطن, وعلى ضوء ذلك سوف يتم القيام بنشاطات سياسية وإعلامية داخل الساحة الأمريكية,كما نعلم جيدآ بأن هناك تحديات كثيرة تواجهنا ولكن المهمة يجب أن تستمر حتى تحقيق الهدف.   
داود برنو         في  23- 1- 2011   مشيكان .



38
ملاحظات حول المقابلة التي أجرتها قناة الجزيرة مع النائب يونادم كنا ونوزاد بولص
   
 
قبل أن أبدأ بالموضوع فلا بدً لي أن  أشير هنا الى قناة الجزيرة, بأنها لم تكن موفقة في أختيارها للسيد نوزاد بولص في هذه الحلقة, لأنه لايمثل كتلة سياسية متباينة مع الآخر,كما أن رأيه وموقفه, كادا يتطابق الى حدِ كبير مع رأي وموقف النائب السيد يونادم كنا, ولا أريد الخوض في التفاصيل, ولكن من يريد التأكد من ذلك, عليه مراجعة المقابلة التي أجريت بتاريخ 23- 12- 2010 مع قناة الجزيرة, ليكون على بينة مما جرى أثناء تلك الحلقة. وكان من المفروض بالقسم السياسي في قناة الجزيرة,بالنظر للإمكانيات الهائلة المتيسرة لديهم, أن يكون لهم معلومات دقيقة وشاملة عن المكون المسيحي في العراق, وعن وضعهم السياسي والأمني وتداعياته على شعبنا في الوقت الحاضر, ولكن مع الأسف الشديد إنهم ربماغير مهتمين بذلك.
من المعروف لجميع المعنيين والمهتمين بالشأن السياسي العراقي أنً لدى شعبنا (الكلداني السرياني الآشوري) مشروعان سياسيان, الأول هو مشروع الحكم الذاتي الذي يشمل منطقة سهل نينوى والذي يتبناه ويطالب به كل من (المجلس الشعبي)  وحزب بيت نهرين الديمقراطي والحزب الوطني الآشوري والمنبر الكلداني وبعض المنظمات والمؤسسات الثقافية والأجتماعية الأخرى,بالإضافة الى معظم رجال الدين المتنورين والمهتمين بالشأن السياسي العراقي.الذين يشعرون بمسؤوليتهم تجاه شعبهم أمام الله وأمامً التاريخ,وفي مقدمتهم مطران السريان الأرثذوكس في بريطانيا (  توما داود  ) الذي أنحني أمامه إكرامآ وإجلالآ , لما أبداه من نشاط سياسي متميز قولآ وفعلآ, ردآ على الجريمة الشنيعة التي إرتكبها المتطرفون الإسلاميون في كنيسة سيدة النجاة في بغداد بتاريخ 31- 10- 2010  التي راح ضحيتها عشرات الأبرياء من أبناء شعبنا,  وتبين فيما بعد إنها جاءت في سياق مخطط إجرامي كبير, تتبناه علنآ منظمة القاعدة الإرهابية والمجموعات المرتبطة بها , وسرآ يقف وراءَه بعض دول الجوار, تستهدف تهجير المسيحيين من العراق ومن منطقة الشرق. 
أما المشروع الثاني الذي تتبناه الحركة الآشورية (زوعا) وبعض المنظمات والجمعيات الثقافية والإجتماعية وكذلك بعض من رجال الدين من الكنيسة الكلدانية, يطالب بتطبيق المادة 125 من الدستور العراقي التي تنص على ضمان الحقوق الإدارية والثقافية والدينية للأقليات القومية والطوائف الدينية بكافة تسمياتهم, في المناطق التي يشكلون فيها الأكثرية.  ( علمآإن الشعوب المضطهدة الآن تطالب بتقرير المصير بينما هم لايزالون يطالبون بالحقوق الثقافية والإدارية !؟؟).
لقد كان من المفروض بقناة الجزيرة أن تأتي بشخص يمثل الأحزاب التي تتبنى مشروع الحكم الذاتي, ليقابل النائب السيد كنا الذي يمثل مشروع المادة 125 من الدستور, فما الفائدة من إجراء مقابلة مع شخصين يمثلان نفس الرأي تقريبآ من حيث الموقف السياسي من مشروع الحكم الذاتي.
إنني كمواطن مسيحي من حقي أن أناقش أي نائب مسيحي في البرلمان, لأنه يمثل كل المسيحيين. ومن هذا المنطلق, أنتقد ما صرح به السيد كنا بصفته نائب فقط , وليس مسؤول لتنظيم سياسي أو قائد للحركة الآشورية, رغم أني أحترم وبشدة نضالات الحركة الآشورية ومناضليها وشهداءها.
1-   سأل محمد كريشان من قناة الجزيرة وهو مدير الحلقة. النائب السيد كنا عن سبب هجرة المسيحيين من العراق, وهل هناك مُخطط دولي لتهجيرهم, أم ماذا.؟  فأجاب السيد النائب : "إن هجرة المسيحيين لم تكن بسبب الإرهاب فقط وإنما بسبب فرص العيش, والثقافة المستحدثة, والدلالين والسماسرة بياعي البيوت, وعصابات اللصوص, ولقد تم إلقاء القبض على ثلاثين منهم في بغداد وعشرين في الموصل..إنتهى" ولم يعترف بوجود مخطط  إرهابي للتهجير.إن مداخلتي هنا هي تبيان بأن هناك ترهيب خاص للمسيحيين وفق مخطط له إمتداداته وأهدافه في إفراغ العراق من المسيحيين,وأنا واثق بأن جواب النائب فيه تحفظ, وما تطرق اليه ليس كل الحقيقة,وإن جوابه هذا ترى هل هو نابع من قناعته الشخصية كنائب مسيحي مضى عليه أكثر من سبع سنوات في البرلمان ومجلس الحكم؟ أم هو ترضية للآخرين..؟ فإذا  كان موقفه هذا ترضية وإنسجامآ مع التشكيلة الجديدة للوزارة وفق المحاصصة الطائفية التوافقية , فهذا شأنه لا إعتراضَ عليه, لان الكثير من المواقف تملى على البعض من النواب ضد إرادتهم وقناعتهم. أما إذا كان  تصريحه هذا نابعآ عن فهمه وإدراكه وقناعته لما يجري في العراق بشكل عام والمسيحيين بشكل خاص, فإنها حقآ لا تتماشى مع مهمته في تمثيل المسيحيين, وبنفس الوقت يخالف بتصريحاته الحقيقة البينة التي يؤمن بها معظم المسيحيين وحتى المجتمع الدولي. فهل يوجد عاقل يصدق بأن نصف مليون مواطن مسيحي هُجًرَ من العراق من قبل عدد من  الدلالين وبياعي البيوت والسماسرة !؟؟ ونحن نعيش  في دولة  يبلغ تعداد القوات الأمنية المسلحة فيها اكثر من مليون عنصر !؟ فإذا طالعنا وسائل الإعلام العراقية والأجنبية حول هذا الموضوع وخاصة بعد مجزرة كنيسة سيدة النجاة في بغداد, سنجد إن معظم الكتاب والمسؤولين الرسمين في الكثير من دول العالم ولاسيما الدول الأوربية, يناشدون الحكومة العراقية ودول الجوار لإيقاف المخطط  الإرهابي الدولي الإقليمي الذي يستهدف تهجير المسيحيين من العراق,وفي مقدمة هؤلاء كان قداسة البابا من حاضرة الفاتيكان,والمستشارة الألمانية السيدة ميركل,والرئيس الفرنسي السيد ساركوزي, وممثلا الحكومة البريطانية والإيطالية والأمريكية والكندية وعشرات المسؤولين الآخرين بالإضافة الى منظمات حقوق الأنسان في الأمم المتحدة,والمفوضية العليا للاجئين..الخ, جميعهم مقتنعون بوجود هذا المخطط الإرهابي الدولي الذي تتبناه منظمة القاعدة الإرهابية وأتباعها بدعم وتأييد من دول الجوار.
2-   في سياق المقابلة أيضآ يقول النائب السيد كنا, بأن نسبة المهاجرين من المسيحيين العراقيين لا تتجاوز الخمسة بالمئة و95% هم من غير المسيحيين.                                               لا أعرف كيف حدد هذه النسبة وما هو مصدرها, في الوقت الذي تقول المفوضية العليا للاجئين التابعة للأمم المتحدة بأن عدد المسيحيين العراقيين المسجلين لدينا تبلغ نسبتهم (17- 20 %),وهناك الكثيرون من المسيحيين لم  يسجلوا لدى الأمم المتحدة بسبب إمكانياتهم المادية واللوجستية.
3-   يقول السيد النائب إنه متفائل جدآبتشكيل الوزارة الجديدة وإنها ستنجح بالتأكيد في تحقيق برنامجها الذي يتضمن توفير الأمن والأستقرار والخدمات والمصالحة السياسية الوطنية.                                                                                                     بينما رئيس الوزراء السيد نوري المالكي نفسه, صرح بأنه غير راضي على التشكيلة الوزارية الجديدة وإنها ليست بمستوى الطموح, كونها جاءت كسابقاتها مبنية على المحاصصة الطائفية التوافقية.
4-   يقول السيد النائب: إن دولة العراق الإسلامية تنصلت من مسؤوليتها عن أحداث كنيسة سيدة النجاة في بغداد.                                                                                                           بينما نشاهد على القناة العراقية الحكومية عناصر متهمة ومعتقلة من (دولة العراق الأسلامية) شاركوا لوجستيآ بالعملية الإرهابية,وإعترفوا بذلك علنآ أمام العالم ومنهم أمير الجماعة وإثنان من مرافقيه, ولم نسمع غير ذلك من مصادر أخرى.
5-   يقول السيد النائب إن مشروع الحكم الذاتي كان, سابقآ تتبناه جهة معينة! أما الآن ليس كذلك.وتجاهل الأجتماع الذي عقد في عينكاوا بتاريخ 26- 10- 2010 والذي ضمً جميع الفصائل السياسية لأبناء شعبنا ومنهم حركة زوعا ."كأنما يقول إن تلك الجهة غيرت موقفها, أو هُمشتً" بينما لايزال نائبان في البرلمان العراقي وثلاثة نواب في البرلمان الكردستاني يتبنون هذا المشروع بعزم وإصرار وايمان وهم من (المجلس الشعبي), بالإضافة الى الأحزاب والمنظمات السياسية الأخرى التي تؤيد هذا المشروع وتعمل في إطار المجلس الشعبي (الكلداني السرياني الآشوري).
6-   يتشبث السيد النائب بالمادة 125 من الدستورالعراقي ويلتصق بها منذ البداية,ويبرر معظم مواقفه السياسية بالإستناد الى هذه المادة, ولكن مضى على الدستور والنظام أكثر من خمس سنوات, فهل تحقق شيئآ من هذه المادة ولو  1%  على الأقل؟؟ إنني أقول كلا, لم يتحقق شئ يذكر, وإنها كغيرها من المواد التي تتعلق بحقوق الأقليات والطوائف في هذا البلد,إنها حبرُ على الورق منذ عام 1963 والى يومنا هذا .
7-   يقول السيد النائب بأن تصريح السيد جلال الطالباني بخصوص إستحداث محافظة للمسيحيين, ليس مقترحه الشخصي وإنما جاءَ ردآ على سؤال ُطرحَ عليه من قبل صحفي. ولكن لم يذكر لنا  السيد كنا من هو هذا الصحفي, وما هي صيغة السؤال ومضمونه, في الوقت الذي قلل كثيرآ من أهمية هذا التصريح وشككَ في شرعيته القانونية بزعم أنه لايستند على مواد الدستور العراقي.                                                                                                  بينما المقابلة كانت مع وكالة فرانس بريس الفرنسية في باريس ونشرتها جريدة الشرق الأوسط, والمبادرة كانت من السيد الطالباني نفسه ,وفي 4-1-11  أكد عليها الناطق الرسمي بإسم الحكومة العراقية الوزير علي الدباغ وقال بالنص (إن توجه الحكومة الحالية ليس مع مقترح السيد الرئيس الطالباني بتشكيل محافظة للمسيحيين), كذلك السيد عادل عبد المهدي نائب رئيس الجمهورية أكدً في حديثه سابقآ بأن مشروع المحافظة هو مقترح رئيس الجمهورية السيد جلال الطالباني, يحترم ويمكن طرحه ومناقشته من قبل الحكومة الجديدة.                                                                                                   وفي الختام أرجو من النائب السيد يونادم يوسف كنا, أن يتخذ مواقفآ سياسية ذات أفق أستراتيجي بمستوى قضيتنا القومية العادلة, مبنية على الحقائق والوقائع التي نعيشها,وأن يعبرعن تمثيله  كنائب لجميع المسيحيين وليس لحزب معين كما هو الحال الآن , وأتمنى أيضآ أن يكون دقيقآ وشفافآ في تصريحاته ومواقفه.ولا بدَ أن يعرف جيدآ بأن لم يبقً لشعبنا أملآ إلاً ما يعقده على المجتمع الدولي والأمم المتحدة وليس غيرها في حل مشكلته المعقدة.                                                                                             إنني لا أحبذ الإنتقاد لأي شخصِ مهما كان, ولكن عندما يتعلق الأمر بقضية شعبنا الرئيسية ولاسيما في هذه الظروف الصعبة التي تتكالب عليه جميع المنظمات الأرهابية وبعض القوى السياسية من داخل العراق وخارجه, لتنفيذ مخطط إرهابي دولي خطير جدآ  يستهدفً إبادة وتهجير كافة المسيحيين من الشرق الأوسط وإنهاء وجودهم والى الأبد في هذه المنطقة.لابد من التدخل في سبيل إثبات المواقف والرؤى السليمة في البحث عن منافذ إنقاذ هذا الشعب المٌلاحق في أرضه ووطنه وإيجاد أيةِ حلول ناجعة من قبل المسؤولين في تحمل هذه المسؤولية التاريخية. لقد شاهدنا قبل عدة أيام الأنفجار الذي هزَ (كنيسة القديسين في مصر- الأسكندرية) والذي راحَ ضحيته أكثر من مائة مسيحي قبطي بين قتيل وجريح,وتبنتً منظمات إسلامية متشددة مسؤوليتها عن هذا الأنفجار. فمن الواجب علينا جميعآ كمواطنين في هذا البلد , أن نبدِ رأينا بكل ما يفيد ويعزز مصلحة شعبنا وقضيته  القومية وحقوقه المشروعة في وطننا العراق العزيز. لأن هذه المرحلة حتمآ  ستقرر مصير شعبنا المسيحي في هذا البلد شئنا أو أبينا, إما الهجرة الجماعية الى الخارج أو إيجاد منطقة آمنة بغض النظر عن تسميتها. وهذه هي المقابلة الثانية التي أنتقد فيها السيد كنا إنطلاقآ من الحرص الشديد على توحيد الخطاب القومي لشعبنا (الكلداني السرياني الآشوري) حيث كانت المقابلة الأولى مع قناة العربية بتاريخ 18- 11- 2006  ويمكن الإطلاع على المقال الذي كتبته وتم نشره بهذا الخصوص على موقع عينكاوا بتاريخ 17- 12- 2006 وعلى الرابط أدناه.           داود برنو   في  6- 1- 2011 .

                             
   
http://www.ankawa.com/forum/index.php/topic,68630.0.html


     
 

39
إن لم نطالب بالمحافظة الآن فما هو البديل؟؟

كثيرةُ هي القوميات والأقليات العرقية والدينية المظطهدة في العالم التي تسعى لنيل حقوقها القومية المشروعة في الأوطان التي تسكنها, ولكن من دون جدوى بسبب الصراعات العرقية القائمة بينها, والقليل منها حقق أهدافه وطموحاته الى حَدِ ما,والبعض الآخر لا يزال يرزح تحت نير العبودية والتسلط والأستبداد والمظالم التي تعاني منها بسبب الأنظمة الدكتاتورية الفاسدة التي تتحكم بمصير تلك الشعوب, وتشكل هذه الصراعات تهديدآ خطيرآ ومتناميآ للأمن الوطني والأقليمي,وأن الصراع العرقي أصبح ظاهرة عالمية منتشرة في عالمنا المعاصر, وغالبآ ما يتحول الى العنف والوحشية, وهذا ما حصل في يوغوسلافيا سابقآ والعراق لاحقآ وفي ظل النظام الدكتاتوري السابق. إن الهويات القومية والطائفية في كل المجتمعات ذات الطبيعة التعددية لها شخصية متحولة تتغير مع الوقت نتيجة للتفاعلات داخل الجماعة الواحدة أو بين الجماعات,وتفقد بعض الجماعات هويتها عبر عملية تآكل طويلة المدى لأن أفرادها أصبحوا مهمشين أو تم إستيعابهم من قبل جماعات أخرى بطرق وأساليب مختلفة وعادة ما تكون من خلال ممارسة العنف ضدها. إن المكونات القومية العراقية لكل منها لها خصوصيتها الثقافية والتاريخية وتقاليدها التي تتحكم بصيغة وطبيعة العلاقات التي تربط بينها وبين المكونات الأخرى من الشعب العراقي, وإن عدم التوازن في الوضع السياسي بين هذه المكونات يؤدي الى عدم الأستقرار الأمني وهذا ما نعاني منه منذ أكثر من سبع سنوات, أما الآن في العراق فإن الصراعات فيه لها أوجه متعددة ومعقدة منها عرقية , طائفية , مذهبية ,عشائرية.                                  لقد إشتد هذا الصراع في ظل النظام القائم الذي يرتكز في إدارته على المحاصصة الطائفية التوافقية وهذا ما ينعكس بشكل سئ على الوضع الأمني والأقتصادي في البلاد,وإن العمليات الأرهابية التي تستهدف أبناء شعبنا (الكلداني السرياني الآشوري) تأتي في سياقات العملية السياسية القائمة في البلاد ومن الصعب جدآ القضاء عليها أو التقليل من شأنها طالما أن النظام القائم منقسم الى كتل سياسية متباينة لا يستطيع توفير الأمن والإستقرار للمواطنين أبدآ, لاسيما  للأقليات القومية والدينية المستبعده من السلطة التنفيذية والأجهزة الأمنية,بينما الحكومات الوطنية التي تنبذ المحاصصة التوافقية وتعتمد على دستور البلاد الذي يساوي بين جميع المواطنين في الحقوق والواجبات, تكون دائمآ أكثرإنفتاحآ وتلاؤمآ وتكيفآ مع مصالح الأقليات للأصلاحات والتسويات السياسية التي تقوم بها ومنها المشاركة بالسلطة التنفيذية والأجهزة الأمنية وتوفير الأمن والخدمات ودعم التنمية الأقتصادية في مناطقهم , بالرغم من إنني لا أشك في الجهود المخلصة التي يبذلها رئيس الوزراء السيد نوري المالكي في هذا السبيل,ولكن من دون جدوى, وهو الذي صرح قبل عدة أيام بأنه غير راضى عن التشكيلة الوزارية الحالية لأنها ليست بمستوى الطموح بسبب نظام المحاصصة.                                                                                                   إن الأرهابين في العراق لهم حرية الحركة يستطيعون من خلالها القيام بعمليات أخرى ضد شعبنا متى وأينما شاؤا وبمستوى العملية الأرهابية التي إستهدفت (كنيسة سيدة النجاة في بغداد- الكرادة) بتاريخ 31- 10- 2010 , لأن المنظومة الأمنية  في معظم المدن العراقية وخاصة بغداد والموصل مخترقة وفيها الكثير من الثغرات والمطبات من الصعب جدآ معالجتها الآن,لأنها تخضع للمحاصصة الطائفية,إنها تتطلب وقتآ طويلآ وجهدآ مكثفآ, وهذا ما صرح به المسؤولون في وزارة الداخلية ومنهم (اللواء أحمد أبو رغيف مدير الشؤون في الوزارة)وعزا هذه الحالة نتيجة الدمج الذي حصل بالتوافق للميليشيات التابعة لأحزاب السلطة في الأجهزة الأمنية والقوات المسلحة منذ عام 2005 .  .
إن شعبنا المسيحي تَحَملَ الكثير من المعاناة خلال السنوات السبعَ الماضية ولا أعتقد أنه يستطيع التحمل والصمود أكثر مما تحملً,لأن أمامه الآن خيارات عديدة لاسيما في هذه الفترة بالذات, إنها أقل كلفة من بقائه في وطنه في هذا الظرف الصعب, والدليل على ذلك ما نشاهده في وسائل الأعلام من الهجرة الجماعية الى خارج الوطن وبمساعدة منظمات إنسانية وأطراف دولية, والتي تفاقمت في هذه الفترة الأخيرة بعد أحداث مذبحة كنيسة سيدة النجاة في الكرادة, وإذا إستمرت هذه الحالة لسنة واحدة وبهذا المعدل, فإنه من العبث المطالبة بالحقوق القومية المشروعة لشعبنا لأنه سوف لن يبقى هناك شعبُ لكي يتمتع بتلك الحقوق, بالإضافة الى التمدد الديمغرافي غير طبيعي وغير قانوني للمكونات العرقية في (سهل نينوى) الذي يسير قدمآ وفق برنامج خطط له مسبقآ, وبهذا الشكل السريع لأبتلاع الأراضي التي تملكها الدولة في هذه المنطقة وهذا يشكل مصدرآ جديدآ لمزيد من المظالم ضد شعبنا.
أما الذين يراهنون على خطابات وتصريحات هذا المسؤول أو ذاك,أو هذه المرجعية أو تلك, فإنهم واهمون في رؤيتهم وتصوراتهم لمستقبل شعبنا في هذا الوطن مع إحترامي الشديد لآرائهم, إننا تعودنا عليها وشبعنا منها لأنها مكررة ولا أثرً لها في الواقع القائم,أقولها بصراحة نتيجة تجربتنا المريرة معهم خلال الفترة الماضية, وهذه هي فلسفتهم في الحياة وفي إدارة الصراع, لتعزيز مواقعهم داخل  النظام القائم, إنهم يقولون شيئ ويعملون شيئآ آخر ضده وعلى سبيل المثال :
قبل أسبوعين تقريبآ صرح السيد صدر الدين القوبنجي وهو(ممثل مرجعية آية الله على السيستاني وخطيب الجمعة في جامع الإمام علي في النجف) يطالب بتطبيق الشريعة الأسلامية بحذافيرها على جميع المواطنين دون إستثناء وفي كافة أنحاء العراق, وجاءَ خطابه هذا تأييدآ ودعمآ للقرار الذي أصدره (كامل الزيدي رئيس مجلس محافظة بغداد) والذي بموجبه تم غلق كافة المحلات للمشروبات الروحية  بالإضافة الى نادي الأدباء في بغداد, وهذا ما يؤدي الى تجويع آلاف العوائل غير المسلمة في العراق التي تعتمد في رزقها على القطاع السياحي, بينما السيد السيستاني صرح قبل أسبوع أمام البعض من زواره الذين كان من ضمنهم أحد المسؤولين من أبناء شعبنا قائلآ, "أطالب الحكومة بحماية المسيحيين وضمان حقوقهم وفي ممارسة شعائرهم الدينية" فنلاحظ أن التصريح الذي أدلى به السيد السيستاني يناقض تمامآ ما صرح به ممثله خطيب الجمعة السيد صدر الدين القوبنجي.      وكذلك بالنسبة الى السيد مقتدى الصدر حيث صرح بعد أحداث كنيسة سيدة النجاة بتأمين الحماية للمسيحيين وعدم التعرض لهم, بينما شاهدنا عشرات العوائل المسيحية غادرت بغداد من حي الأمين والمشتل والبلديات تحت تهديد (جيش المهدي, والممهدون, وعصائب اهل الحق) التابعة له, وإذا ذهبنا أبعد من هذا ليكون القارئ على بينة أكثر نذكر مثالآ آخر:  قبل أسبوعين صرح الرئيس الأيراني السيد أحمد نجاتي لدى لقائه في طهران مع رئيس وزراء لبنان السيد سعد رفيق الحريري بأن قضية قرار المحكمة الدولية  بخصوص مقتل والده رفيق الحريري هو شأن داخلي لبناني لا علاقة لأيران به!! بينما البارحة صرح آية الله خامنئي(وهو أعلى مرجعية دينية في أيران) بأن قرار المحكمة الدولية بخصوص المتهمين من (حزب  الله) بقتل رفيق الحريري هو باطلآ وملغيآ قبل صدوره لكي لا تكون هناك فتنة في  لبنان,وهذا لم يكن مدهشآ بالنسبة لنا, ويظهر جليآ من هذا التناقض في المواقف السياسية بين المرجعية وأتباعها, بأن العملية هي بمثابة توزيع أدوار فيما بينهم ولكن الهدف هو نفسه, وهناك أمثلة عديدة لا مجال لذكرها.
من هذا المنطلق أناشد قادة أحزابنا ومنظماتنا السياسية التكاتف وبذل كل الجهود في سبيل مطالبة الحكومة العراقية الجديدة للبدء بتنفيذ مشروع إستحداث محافظة للمسيحيين والمكونات الأخرى في سهل نينوى بالسرعة الممكنة وقبل فوات الأوان, لأن الأنتظار والمماطلة ليست بصالح قضيتنا,وإن الوقت هو العامل الحاسم في مشروعنا هذا, وأي تأخير قد يؤدي الى تهميش وإهمال مبادرة السيد الرئيس جلال الطالباني, وخسارتنا لهذه الفرصة التاريخية التي لا يمكن تعويضها أبدآ,إنها تشكل كارثة لنا  وسيكون لها إنعكاسات وتداعيات خطيرة على شعبنا ومستقبله في هذا البلد, كما نطالب أيضآ القيادة الكوردية بتفعيل المادة 35 من دستور أقليم كردستان التي تنص على منح الحقوق للمسيحيين في كردستان بما فيها الحكم الذاتي ,لقد آن الأوان للتوصل الى حَلً مقبول لقضية شعبنا .
داود برنو        23- 12- 2010

40
إعلان تقرير المصير للأكراد جاءَ في الوقت المناسب

                                                     
لا أحد يستغرب من الأقتراح الذي قدمه السيد مسعود البارزاني رئيس الحزب الديمقراطي الكردستاني (حدك) الى المؤتمر الثالث عشر للحزب, حول مشروع تقرير المصير للشعب الكردي في كردستان العراق, ومن يقرأ دستور هذا الحزب وأدبياته منذ تأسيسه في عام 1946  والى يومنا هذا, سيجد أنه قدً حدد أهدافه المرحلية والإستراتيجية منذ ذلك الحين مبتدأ بالحقوق الثقافية والأدارية, الحكم الذاتي, الفيدرالية ,ثم تقرير المصير.كل هذا تحقق منذ سنوات عديدة بإستثناء الهدف الأخير الذي نحن بصدده.والآن يتجه مطلب هذا الحزب نحو هذا الهدف الذي تم إدراجه في دستوره منذ زمن بعيد, ويأتي هذا التطور المتميز في هذه المرحلة بالذات نتيجة نضالات الشعب الكردي  وتضحياته الجسيمة وسياسة قيادته الحكيمة في التعاون والتنسيق مع المجتمع الدولي المتمثل بالأمم المتحدة ومجلس الأمن. لكي يكون القارئ الكريم على بينة من هذه المسألة, فلا بدً من تسليط الضوء بإختصار شديد وبشكل مبسط على تاريخ الحزب والحركة القومية الكردية معآ, وما تعرضت اليه من إنتكاسات, وما حققته من المكتسبات خلال خمسين سنة الماضية.
بعد ثورة 14تموز-1958 عادَ  رئيس حزب الديمقراطي الكردستاني, الزعيم الكردي مصطفى البارزاني من منفاه في الأتحاد السوفييتي الى بغداد, بطلب من الحكومة العراقية, بعد أن أمضى ما يقارب أربعة عشر عامآ ومعه المئات من قواته, معظمهم كانوا من عشيرة البارزاني.                                                                                                           تم تعديل الدستور العراقي بإضافة مادة تتضمن ( أن العراق وطن يشترك فيه العرب والأكراد).                                                                                             في أيلول عام 1961 إستأنف الحزب نشاطه المسلح في كردستان بعد أن رفض الرئيس العراقي الزعيم عبدالكريم قاسم مطالب الأكراد التي تقدم بها الزعيم الكردي مصطفى  البارزاني .                                                                                             في أيار من عام 1966 جرت مفاوضات بين القيادة الكردية بزعامة البارزاني مصطفى مع الحكومة العراقية تمخضت عن إصدار بيان 29 حزيران الذي يمنح الأكراد الحقوق الثقافية والأدارية في المنطقة الشمالية التي يقطنها الأغلبية الساحقة من الشعب الكردي.                                               في عام 1970 جاءَ (بيان 11 آذار) الذي بموجبه توقف القتال بين الطرفين, وشارك عدد من أعضاء قيادة الحزب الديمقراطي الكردستاني (حدك ) في حكومة عبد الرحمن عارف, وتم تسليمهم ثلاث وزارات, ومنح الشعب الكردي حكمآ ذاتيآ في كردستان العراق على أن يطبق بعد مرور مدة أربع سنوات حسب الآلية المتفق عليها, وتحقق هذا الإنتصار العظيم بعد مفاوضات شاقة وعسيرة بين قيادة الثورة الكردية والحكومة العراقية برعاية طرف ثالث.                                                                                                               في آذار من عام 1974 أستؤنف القتال بين الطرفين بعد أن تخلت الحكومة العراقية عن التزاماتها بالأتفاقية الموقعة بينهما, وقامت بهجوم كاسح على المنطقة الشمالية ولمدة سنة كاملة, ولكن لم تتمكن من زعزعة مواقع قوات البيشمركة من الأماكن الحيوية التي كانت تسيطر عليها.                                                                                                                       في شباط عام 1975 عُقِدَتً إتفاقية الجزائر المشؤومة بين شاه أيران وصدام حسين برعاية الرئيس الجزائري بوميدين ومباركة هنري كيسنجر وزير الخارجية الأمريكي آنذاك, وتم بموجبها إيقاف جميع أنواع الدعم العسكري واللوجستي للحركة الكردية من قبل الحكومة الإيرانية مقابل تخلي العراق عن بعض حقوقه في شط العرب لإيران الشاه, وإنهارت الحركة الكردية لفترة محدودة.                                                  في عام 1976 إستأنفت الأحزاب الكردية نشاطها السياسي والعسكري وهي (الحزب الديمقراطي الكردستاني..القيادة المؤقتة – والأتحاد الوطني الكردستاني_ والحزب الأشتراكي الكردستاني) في منطقة كردستان العراق, وإنضم اليهم في المعارضة الحزب الشيوعي العراقي في نهاية عام 1979.                                                                في عام ( 1987- 1988) حدثت عملية الإبادة الجماعية في قضاء حلبجة  وتلتها عمليات الأنفال في المنطقة الشمالية التي أدت الى إنهاء النشاط العسكري للحركة الكردية مرة ثانية.
في آذار من عام 1991 بعد قيام النظام العراقي بغزو الكويت, إنتفض الشعب الكردي تضامنآ مع إنتفاضة الجنوب وحرر منطقة كردستان بالكامل من القوات الحكومية, وبعد عدة أسابيع قامت قوات الجيش العراقي بهجوم عنيف على المنطقة الشمالية مما أدى الى هجرة أكثر من مليوني مواطن كردي الى تركيا معظمهم كانوا من النساء والأطفال,وتكبد الشعب الكردي الكثير من الخسائر في الأرواح والممتلكات, ثم تدًخلَ المجتمع الدولي وصدر قرار من مجلس الأمن ينص على تحديد منطقة آمنة للشعب الكردي في شمال العراق يمنع بموجبه قوات الحكومة العراقية من تجاوزها.
 منذ أواسط عام 1991 بدأ الشعب الكردي ينعم بالأمن والإستقرار في المنطقة الشمالية  وشرع بممارسة حقوقه القومية المشروعة في كردستان,حيث جرت إنتخابات عامة لإختيار أعضاء مجلس النواب الكردستاني, ثم تم تشكيل الحكومة بالتوافق بين الحزب الديمقراطي الكردستاني والإتحاد الوطني الكردستاني, وقرر مجلس النواب تطبيق النظام الفيدرالي في كردستان العراق.                                                                          في عام 1996 حصل قتال بين الحزبين الرئيسين (حدك ) و (أوك ) وتسبب في إراقة الدماء بين الطرفين,وبعد سنتين تقريبآ تم الأتفاق والمصالحة بينهما برعاية طرف ثالث.                               منذ سقوط النظام العراقي في نيسان 2003 والى يومنا هذا تشهد الساحة السياسية الكردية إنسجامآ وتوافقآ بين أحزابها ومنظماتها وتعمل كفريق موحد في إطار الجبهة الكردستانية الموحدة, ولها دور بارز ومؤثر في المعادلة السياسية العراقية.
في عام 2003 ساهمت قوات البيشمركة وبشكل فعال في إسقاط النظام الدكتاتوري في بغداد, وكان بإمكان حكومة الأقليم  إعلان الإستقلال التام منذ ذلك الحين, ولكن الظروف الدولية والإقليمية لم تكن تساعد على ذلك, بالإضافة الى الرغبة الشديدة للقادة الأكراد في البقاء ضمن دولة العراق الإتحادي الفيدرالي الموحد,كما أن حكومة الأقليم ومؤسساتها لم تكن مؤهلة بالمستوى المطلوب لتشكل كيان دولة مستقلة,ولكن خلال السنوات السبعة الماضية, تمكن الشعب الكردي وبكل جدارة من بناء البنية التحتية وترسيخها وتعزيزها بشكل متطور جدآ وفي كافة المجالات,لاسيما الإقتصادية والثقافية والعسكرية,بالإضافة الى العلاقات الدبلوماسية الواسعة مع أهم الدول في العالم.وتضم العاصمة أربيل الآن عشرات القنصليات والمكاتب التجارية والثقافية لدول العالم المتحضر, وأصبح الإقليم مهيأ الآن أكثر من أي وقت مضى لكي يعلن تقرير المصير لشعب كردستان, أو استقلال أقليم كردستان, وهو أكثر إستحقاقآ وتأهيلآ من دولة كوسوفو التي أعلنت الإستقلال عن يوغوسلافيا قبل سنتين تقريبآ, وكذلك دولة جنوب السودان قريبآ جدآ .
إنني كمواطن عراقي أضم صوتي وتأييدي الى مبادرة الرئيس البارزاني,وهذا هو إستحقاقهم التاريخي والنضالي وينسجم مع الظروف الدولية والإقليمية المحيطة بالعراق, كما أناشد شعبنا (الكلداني السرياني الآشوري ) للأقتداء بنضال الشعب الكردي الشقيق وأستخراج الدروس والعبر من تجربتهم الغنية التي تعرضت الى نكسات وفواجع مؤلمة, ومن خلالها حققت أنتصارات عظيمة ومشرفة.
إن القيادات الكردية أثبتت على أرض الواقع بأنها بمستوى المسؤولية ولها الكفاءة والمقدرة على إدارة دولة حديثة وقيادة شعب حي يطمح ليكون في مصاف الشعوب المتحضرة في العالم.
أما قضية شعبنا (الكلداني السرياني الآشوري) إنها مرتبطة بقضية الشعب الكردي تاريخيآ وجغرافيآ ومصيريآ ويتطلب من أحزابنا ومنظماتنا السياسية أن تقف الى جانب مصلحة شعبنا وقضيتنا القومية العادلة أينما كانت, بحيث تنسجم مع التطورات التي ستحصل في العراق والمنطقة دون أيةِ أعتبارات أخرى.ربما ثمة من يتهمني بأنني منحاز الى المشروع الكوردي ضد المشروع الوطني العراقي, نعم إن الإنسان دائمآ بطبعه ينحاز الى جانب الحق لامحالة, وإن ما يجري الآن في بغداد وبعض المحافظات الجنوبية يبرهن وبالأدلة القاطعة بأن المواطن العراقي غير المسلم لا مكانة له في دولة العراق الحالية.
لقد شاهدنا كيف أن مجالس المحافظات والتي يسيطر عليها حزب الدعوة الإسلامي الشيعي تبدي توجهآ دينيآ متطرفآ في تطبيق الشريعة الإسلامية تدريجيآ وبموجب نظام ولاية الفقيه الذي يطبق مبدأ (التقية ) في تعامله مع الآخرين كما هو سائد في أيران, ودولة حزب الله في جنوب لبنان (إنهم يقتلون القتيل ويسيرون في جنازته) وهذا ما شاهدناه أيضآ من قائد عمليات بغداد اللواء قاسم عطا أثناء حادثة كنيسة سيدة النجاة في بغداد- الكرادة بتاريخ 31- 10- 2010 التي نتذكرها بألم بالغ, والتي راحَ ضحيتها العشرات من المصلين الأبرياء داخل الكنيسة ,إنه المسؤول المباشرعن الدماء التي سفكت في تلك الجريمة البشعة.
إن الوزارة العراقية الجديدة لا نتفائل بها, وسوف لن تكون أفضل من سابقاتها,إنها مركبة على نظام المحاصصة التوافقية بين الكتل السياسية الرئيسية,  وإن هذا النظام أثبت فشله الذريع طيلة السنوات السبع الماضية, لكونه لم يوفر الأمن والأستقرار في البلد كما أنه لم يقدم أي خدمات للمواطنين...الخ.
أما إذا تباطأ الأكراد في تحقيق مشروعهم القومي في تقرير المصير , فإنهم يضيعون الفرصة التاريخية المناسبة والملائمة لتحقيق هدفهم المشروع, ومن الصعب جدآ أن تتاح لهم فرصة أخرى في المستقبل,لأنه كلما ترسخ النفوذ الإيراني في الحكومة العراقية كلما يصبح هدف الأكراد بعيد المنال, وهذه بديهية تستند الى الحقائق والوقائع التاريخية والمعطيات القائمة على الأرض في الوقت الحاضر, ولا يمكن تجاهلها أبدآ, وعلى سبيل المثال لا الحصر:
في نهاية عام 1982 بينما كنت في طهران قمت بزيارة الى مؤسسة الصدر وقابلت السيد محمد باقر الحكيم بصفتي ممثل لحزب بيت نهرين الديمقراطي وبحضور السيد محمود الهاشمي والشيخ أبو علي وهو من أهل تلعفر وآخرين وتطرقنا في حديثنا الى قضايا عديدة لا مجال لذكرها في هذا المقال, وأذكر هنا فقط ما يتعلق الأمر بالقضية القومية, حيث صرح السيد قائلآ: (إننا سنحكم العراق في المستقبل القريب من خلال الدعم الأيراني لنا ونطبق فيه الشريعة الإسلامية على ضوء النظام الإيراني بموجب ولاية الفقيه. وفي ظل هذا النظام لا مكان للقومية ولا حقوق قومية لأي أمة مهما كانت."ثم سألته وماذا عن الأكراد؟ "فقال "في النظام الإسلامي لايوجد حكم ذاتي ولا فيدرالية والتاريخ الإسلامي يشهد ويبرهن على ذلك, ونحن لا مانع لدينا إذا أنتُخبَ مسعود البارزاني رئيسآ للجمهورية العراقية طالما هو مسلم ويطبق الشريعة الأسلامية, ولقد شاهدنا رئيس الجمهورية الإسلامية في أيران أبو الحسن بني صدر وهو تركماني من مدينة تبريز وليس فارسيآ" وأضاف قائلآ "إننا رجال دين لا نكذب عليكم هذا هو ديننا وهذه هي شريعتنا وكل ما موجود بهذه الشريعة يطبق بحذافيره" وقبل أن أغادر مكتبه طلب مني أن أنقل رسالة شفهية الى الأخوين أدريس ومسعود البارزاني الموجودين في قرية راجان محافظة أورمية التي كان يوجد فيها مقر المكتب السياسي للحزب الديمقراطي الكردستاني, وتضمنت تلك الرسالة دعوة السيد الحكيم قيادة (حدك) للإعتراف  (بالمجلس الأعلى للثورة الإسلامية في العراق) المشكل حديثآ برعاية الحكومة الأيرانية من الأحزاب والمنظمات السياسية الدينية الشيعية العراقية والذي كان يرأسه آنذاك السيد محمود الهاشمي وهو إيراني عمل فيما بعد مستشارآ لرئيس الجمهورية السيد رفسنجاني.وبعد أسبوع سافرت الى قرية راجان وقابلت الأخوين أدريس ومسعود البارزاني وبحضور السيد على عبد لله سكرتير الحزب ومحمد سعيد دوسكي عضو اللجنة المركزية وكان قادمآ من أميركا وآخرين,ولدى عودتي الى طهران حملت رسالة شفهية جوابية من السيد مسعود البارزاني الى السيد محمد باقر الحكيم.وفي تلك الفترة, لم تكن العلاقات بين الطرفين على ما يرام, وكان السيد محمد باقر الحكيم يقول دائمآ في حديثه, إنه يمثل ويعبر عن رأي أحزاب ومنظمات المجلس الأعلى للثورة الأسلامية قاطبة وهم الذين يحكمون العراق حاليآ.
نأمل من الإخوة الكورد تقرير مصيرهم قبل فوات الأوان, لأن مستقبل النظام في العراق سيكون نظام إسلامي شئنا أو أبينا  وهذا يتناقض كليآ مع النظام السائد في الأقليم, وإذا إستبدً هذا النظام وهيمن على العراق, سيخلق للأكراد مشاكل كبيرة ومعقدة هم في غِنى عنها, ومن الصعب جدآ تحقيق أهدافهم وتطلعاتهم في ظل نظام يطبق  الشريعة الإسلامية في البلاد وفق النهج الأيراني وهذا هو الواقع الذي نعيشه ولا مفرً منه.
داود برنو     -  15- 12- 2010

41
التدويل – هو الحل الناجع والضامن
   
منذ سنوات عديدة ونحن نطالب قادة تنظيماتنا السياسية بأن تكون بمستوى المسؤولية وفوق كل الخلافات والتجاذبات بحيث تعمل كفريق في إطار مشروع موحد يصنع القرار السياسي ويمتاز بالعقلانية والواقعية, ويكون بمستوى الأحداث الدامية في العراق والمنطقة, لنتمكن من الصمود أمام التحديات الخطيرة التي تواجهنا, ونسعى أيضآ لتحقيق أهدافنا وطموحاتنا القومية المشروعة في هذا الوطن أسوة بالمكونات القومية والطائفية العراقية الأخرى.                                                      في 26- 11- 2010 إجتمع قادة تنظيماتنا السياسية في (عينكاوا) وناقشوا الوضع السياسي والأمني وخطورته على الشعب العراقي عامةً وشعبنا المسيحي خاصة, وما آلت اليه الأوضاع  بعد أحداث كنيسة (سيدة النجاة) في بغداد وتداعياتها على أبناء شعبنا, كما تحقق إجتماع آخر بعد عدة أيام من الأجتماع الأول تناول فيه المجتمعون مبادرة السيد جلال الطالباني حول مشروع إستحداث محافظة للمسيحيين في سهل نينوى,ووافق عليه معظم الحاضرين وسوف يقدم هذا ألمشروع الى الجهات المعنية لطرحه في مجلس النواب العراقي لأتخاذ القرار اللازم بشأنه,ولكي تكتمل الصورة حول هذا المشروع لا بدً من وضعه في إطاره الأوسع ونسلط الضوء على الجوانب المتعددة فيه بكل دقة وشفافية لكي لا تثير جدلآ في الأوساط السياسية العراقية, ويتهمنا البعض من المشككين بأهدافنا بشتى التهم التي نحن براءُ منها.
إن كل من يتابع أحداث العراق منذ بداية سقوط النظام في نيسان 2003 والى يومنا هذا, يجدً أن القضية العراقية هي شأن دولي ولا عُلاقة بها من قبل القوى السياسية في داخل العراق إلا بشكل بسيط وغير مباشر,والدليل على ذلك إن قرار الإطاحة بصدام حسين كان قرارآ أمريكيآ ولم يكن للمعارضة العراقية أية دور فيه, وبعد سقوط النظام مباشرة أعلنت قوات التحالف بأن العراق أصبح تحت الأحتلال بموجب قرار الأمم المتحدة,ثم جاءَ الحاكم المدني الجنرال الأمريكي (جًو كارينج) لمدة أربعين يومآ وكان إداؤه ضعيفآ, فجاءَ بعده (بول بريمر) بصلاحيات مطلقة, وشكل مجلس الحكم حسب رغبته, ثم شكل الوزارة برآسة الدكتور أياد علاوي حسب مزاجه وكما أراد أن تكون,ثم بدأت دول الجوار تتدخل في الشأن العراقي الى جانب قوات التحالف,فأدخلت أيران فيلق بدر الى العراق بمعزل عن السلاح بالإتفاق مع الأمريكان وفق صفقة سياسية, وكذلك شكلت أيران جيش المهدي بعلم قوات التحالف,وأستمرت أيران بزرع عشرات المنظمات  الأرهابية المدججة بالسلاح والمال تحت مسميات مختلفة وبشكل سري دون معرفة قوات التحالف. من الجانب الآخر كانت سوريا تشكل محطة تجمع الأرهابين من البعثين والمجاهدين !! وغيرهم  ومن جميع الدول العربية والأسلامية وكانت تدعم جميع  المنظمات الأرهابية أيآ كانت ومهما كانت, طالما إنها تقاتل قوات الأحتلال وتقدم لها كل الدعم العسكري واللوجستي وترسلهم الى العراق بأعداد هائلة, ولقد القي القبض على المئات منهم وشاهدناهم على القنوات التلفزيونية يعترفون علنآ بالدور الذي تقوم به سوريا والمعسكرات التي أقامتها لتدريب هؤلاء المجاهدين!! الأرهابين, وهكذا بقية دول الجوار كانت تتدخل بشكل أو بآخر في الشأن العراقي,أما القوى السياسية العراقية في الداخل كانت مهمشة ودورها ضعيف للغاية,حيث كان موقفها السياسي  يتناغم دائمآ مع أجندة دول الجوار, وشاهدنا مواقف هذه الدول ولاسيما أيران وتدخلها السافر في الكثير من القرارات المهمة التي إتخذتها الحكومة والبرلمان, ومنها سَنً الدستور العراقي وعملية الأنتخابات العراقية الأولى التي جرت في 2005 والثانية في 7-3-2010 والآن في تشكيل الوزارة الحالية ..الخ.ولا تزال الساحة العراقية مفتوحة أمامهم وتشهد صراعات طائفية ومذهبية وقومية تغذيها منظمات ودول أقليمية وأجنبية,وتمتلك هذه الدول التأثير المباشر على الأوضاع السياسية وعلى القرارات التي تتخذها الحكومة ومجلس النواب العراقي.
إن العراق شئنا أم أبينا سائر في طريق التقسيم الى فدراليات وكونفدراليات ودويلات إن عاجلآ أو آجلآ, بموجب المعطيات الموجودة على الساحة السياسية, وهذا هو الواقع الأليم القائم الآن جغرافيآ وثقافيآ وطائفيآ, فنرى الأسلام السياسي قدً سيطر على الشارع بالكامل وعلى معظم مؤسسات الدولة إن كان سنيآ أو شيعيآ,وأن العراق لم يعُدً يتسع لغير المسلم أبدآ, وهذا التوجه والفرز القومي والطائفي موجود منذ سقوط النظام في 2003  وبمباركة قوات التحالف, ولكن متى سيتحقق ذلك؟ لا نعرف, إنه خاضع لحسابات أقليمية  ومرهون بالوضع الدولي.                                                              ومن هذا المنطلق فإن قضيتنا القومية يجب أن تطرح في المحافل الدولية ليس كمسيحيين فقط وإنما (كقومية كلدانية سريانية آشورية) نحن نعيش في هذا البلد قبل أن نكون مسيحيين, وقبل غيرنا من القوميات الأخرى وهذا ما تشهده المتاحف والمكتبات والآثار التي لا تزال قائمة الى يومنا هذا,فمن حقنا أن نكون شركاء في هذا الوطن ونضمن المساواة مع الآخرين من القوميات والطوائف الأخرى,وهذه الشراكة يجب أن تتم وتتجسد من خلال الممارسة الفعلية على الأرض وفي كافة الميادين,ولا نرضى أن تكون من خلال الخطابات والتصريحات أو تقتصر عاى الورق,كما نحن نناشد المجتمع الدولي وفي هذا الوقت بالذات ليثبت شراكتنا وحقوقنا في هذا الوطن  طالما أن العراق لا يزال يرزح تحت طائلة البند السابع للأمم المتحدة,وهذا لا يعني إننا نقلل من أهمية دور الحكومة العراقية والبرلمان في الموافقة على تحقيق مشروع إستحداث محافظة لشعبنا (الكلداني السرياني الآشوري) في سهل نينوى ومعه المكونات الأخرى الساكنة في المنطقة,إننا نكن لهم كل الأحترام والتقدير,ولكن هناك قضايا تتطلب موافقه دولية ولاسيما بعض دول الجوار,وكذلك إعتمادنا أيضآ على قادة الكتل السياسية العراقية, مع تأكيدنا على وجود ضمانات عملية من المجتمع الدولي.لذا نطالب منظماتنا السياسية ورؤساء الكنائس ومؤسساتنا الأجتماعية أينما كانوا بأن ترفع صوتها عاليآ وتطالب المنظمات الدولية والمجتمع الدولي بالتدخل السريع لإيجاد صيغة إنسانية تنقذنا من المآساة التي نحن فيها, وتحفظ لنا كرامتنا وحقوقنا القومية المشروعة في وطننا العراق العزيز, ولأنهاء مسلسل التفجيرات والقتل على الهوية التي يتعرض لها شعبنا في هذا البلد منذ أكثر من سبع سنوات ونيف,وهذا هو الخيار الوحيد الذي بقي لدينا,أما إذا لم يتحقق هذا المشروع لسبب ما, فعند ذلك لم يبق أمامنا سوى الهجرة الجماعية للحفاظ على ما تبقى من أبناء شعبنا, ونكون قدً أصبحنا أول الضحايا للمشروع الأمريكي الأسرائيلي في المنطقة.
داود برنو          7- 12- 2010

42
تحية الى الرئيس جلال الطلباني
 
بتاريخ 17-11- 2010 صرح السيد رئيس الجمهورية العراقية جلال الطالباني في مقابلة صحفية لدى وجوده في فرنسا, بأنه لا مانع لديه من أستحداث محافظة خاصة بالمسيحيين في المناطق التي يشكلون فيها الأكثرية. حسب أعتقادي جاء هذا التصريح ردًآ على العملية الأرهابية التي إستهدفت المصلين في كنيسة (سيدة النجاة) في بغداد – الكرادة, التي راح ضحيتها العشرات من القتلى والجرحى,والتي كان لها صدىً واسعآ وقويآ في الأوساط الشعبية والحكومية داخل العراق وخارجه,وكذلك جاءَ هذا التصريح  لأمتصاص غضب الشعب وأمتعاظ المسيحيين في المنطقة وفي العالم أجمع,ولاسيما في الدول الأوربية وأميركا. لقد شاهدنا في وسائل الأعلام الأجنبية الكثير من المسؤولين في هذه الدول, يستنكرون هذه العملية الجبانة ويدينون القائمين بها, ومنهم على وجًه التحديد وزيرة الخارجية الأمريكية, التي وجهت إنتقادات لاذعة الى المسؤولين عن الأمن في بغداد, كما أن الأعلام في الخارج سبب إرباكآ وإحراجآ للحكومة العراقية وأصبحت موضع الشك في قدرتها على المضي قدمآ في إدارة البلاد,لأن مصير القوميات والأقليات والطوائف غير المسلمة في هذا البلد أصبحت الآن معرضة لخطر الأبادة الجماعية أكثر من أي وقت مضى, بسبب تعرضها لكوارث وفواجع متعددة من دون أن يضع المسؤولين في الدولة حلآ أو حدآ لها,ولا يمكن أن يستمر الوضع هكذا الى ما لا نهاية.                                                                                                       أما الآن وقد إنتقل الصراع في المنطقة الى مرحلة جديدة ومتقدمة بعد أن أعلنت منظمة القاعدة الأرهابية (نفير عام) من خلال إحدى المنظمات التابعة لها وهي (دولة العراق الأسلامية) وأعلنوا بأن المسيحيين في الشرق الأوسط  أصبحوا أهدافآ مشروعة لها وخاصة مسيحيي العراق, وأن الحكومة العراقية بإمكانياتها وقدراتها الحالية وطريقة معالجتها لهذه الأحداث لا تستطيع الوقوف أمامها, وإنهاعاجزة عن مكافحتها ولا يمكن لها أن توفر الأمن والأستقرار لشعبنا المسيحي في العراق أبدآ, وأن الأحداث اليومية الجارية الآن في كل من  الموصل وبغداد تبرهن على صحة ذلك,لأن إمكانياتها ومؤهلاتها الأستخباراتية ليست بالمستوى المطلوب لمجابهة الأرهاب المتعدد الجنسيات الذي يجتاح المنطقة, والذي تتبناه دول الجوار الشقيقة والصديقة!!(حسب الوثائق السرية التي تم نشرها في موقع ويكليكس الألكتروني), وخاصة عندما يكون الفريق المسؤول عن أمن البلد غير متجانس, بالأضافة الى  عدم وجود الثقة بينهما,فلا تزال هناك المواقع الأمنية الرئيسية توزع في إطار نظام المحاصصة الفاشل الذي تسوده الثغرات الأمنية , وعدم تحمل المسؤولية من قبل الأطراف المشاركة بالعملية السياسية,وقد شاهدنا أثناء عملية الهجوم على كنيسة (سيدة النجاة) في 31-10-2010 وزير الداخلية العراقي السيد جواد البولاني يصرح بأن عملية الأنقاذ تخللها تقصير كبير في إداء الواجب, وإنه غير مسؤول عنها لأن مسؤولية الأمن في بغداد مناطة بقائد عمليات بغداد اللواء قاسم عطا وهو تابع لحزب الدعوة,في الوقت الذي نعرف جيدآ بأن مسؤولية الأمن بشكل مباشر في مثل هذه الأحداث تقع على عاتق وزير الداخلية وفي كافة بلدان العالم المتحضر, بينما في العراق يتقاسمون المربعات السكنية والمناطق الساخنة بين الفرقاء ولاسيما في بغداد, ومن هذا المنطلق فلا بدً للحكومة العراقية أن تجدً حلآ  سريعآ وحاسمآ لقضية المسيحيين العراقيين الذين أصبحوا في هذا الوقت عبئآ عليها وقبل حدوث فواجع وكوارث أخرى, ولكي لا تلام الحكومة أكثر فأكثر من قبل المجتمع الدولي. فمن جهة لا تستطيع تأمين سلامتهم ولا يمكن تركهم لقمة سائغة للوحوش الجبانة المتدفقين الينا من دول الجوار الشقيقة!! ومن جهة أخرى لا تستطيع أيضآ تحمل موقف المجتمع الدولي الضاغط على الحكومة العراقية لمسؤوليتها المباشرة عن هذه الأحداث, فجاءت مبادرة السيد الطالباني كخطوة أولى في الأتجاه  الصحيح وفي الوقت المناسب,ويمكن لهذه المبادرة إذا ما تم ترجمتها على أرض الواقع فإنها تؤدي الى حلً قضية شعبنا ومن خلالها يمكن توفير الأمن والأستقرار للمسيحيين في هذا البلد بغض النظرعن تسمياتهم القومية أو الطائفية. 
      إننا نثمن مبادرة السيد الطالباني ونتفاءل بجهوده, ونكن له كل الأحترام والتقدير في موقفه الجرئ والعادل من قضيتنا,ولا ننسى مواقف الأستاذ مسعود البارزاني في أيواء أبناء شعبنا المشردين والمهجرين من بغداد والموصل في أقليم كوردستان وتقديم لهم المساعدات والخدمات.                         كما نطالب الجميع في الحكومة وشركاء العملية السياسية بأن يستجيبوا لنداء السيد الطالباني بتفعيل هذه المبادرة على الأرض وفق الأطر الدستورية والقانونية,ونأمل أن يحذو حذوه الجميع ولا سيما رئيس الوزراء ورئيس مجلس النواب لأنهاء هذه المعاناة التي طالت كثيرآ, وأن يتم تبني هذا المشروع بالرغم من أنه لا يجسد  طموحاتنا القومية, إلا أنه يعتبر بمثابة القاعدة الأساسية للسير قدمآ في طريق تحقيق مشروع الحكم الذاتي الذي يطالب به شعبنا (الكلداني السرياني الآشوري) ويعمل من أجله منذ سنين طوال.
إن أستحداث محافظة لأبناء شعبنا في سهل نينوى يعطي لنا الشعور بالأمن والأستقرار ويبعث الأمل والطمأنينة  في النفوس, ويعزز الثقة بين الأطراف المتعايشة في المنطقة ,إنه الحل الأنسب لقضيتنا وفي هذه الظروف العصيبة.
إن هذا المشروع بحاجة الى جهود متخصصين من الخبراء والسياسين والمبدعين للتعامل مع الأحداث المستجدة في المنطقة بمجمل تفاصيلها, ولجعل تنفيذ هذا المشروع أمرآ ممكنآ وسهلآ, كما أنه بحاجة الى برامج عمل ترمي الى وضع الحلول الممكنة والمتاحة لتجاوز كل العقبات التي ستصادفنا في تنفيذ هذا المشروع, كما نطالب الحكومة الحالية بأن تبدأ من الآن بإتخاذ الخطوات اللازمة في هذا الأتجاه, وأن يكون هناك شفافية ووضوح في الرؤية وإرادة سياسية صلبة وآليات عمل مدروسة للتغيير الأداري المطلوب في المنطقة  لكي لا نقع في مطبات عشوائية ومشاكل لا يحمدُ عقباها بسبب التغيير الديمغرافي الحاصل في المنطقة بعد سقوط النظام السابق.
وهنا يبرز دور أحزابنا ومنظماتنا السياسية إن كانوا صادقين في رغبتهم بالعمل المشترك, لقد سمعنا منهم أصواتآ عديدة تدعو لذلك, فآن الأوان لوضع حدً ونهاية لهذا التقوقع والأنغلاق والأنقسام الذي يعانون منه, ويجب أن يعلموا بأن أحزابهم ومنظماتهم السياسية هي الوسيلة لتحقيق الهدف المنشود وليست هي الهدف بذاته,فعليهم تحمل مسؤوليتهم القومية والوطنية بالكامل, والبدء بأجراء حوار حول توحيد الرؤية والخطاب القومي لتبني هذا المشروع الذي نحن الآن بأمس الحاجة اليه, ويشكل الأساس الحقيقي لضمان حقوقنا القومية المشروعة في بلدنا العراق العزيز الذي ليس لنا بديلآ عنه أو مشابهآ له.
      إننا كقومية متميزة ومتآخية مع العرب والأكراد بحاجة الى الحوار والتواصل الدائم معهم لكي نكشف لهم حقيقة رؤيتنا للمستقبل وتصوراتنا ومواقفنا تجاههم بكل وضوح وشفافية, ونطالبهم بذلك أيضآ,لكي نتفهم مواقفهم ولكي نتجنب أي مشكلة أو ألتباس قد يقع بيننا لا سمح الله.
ومرة أخرى نشكر السيد الرئيس جلال الطالباني لموقفه المنسجم مع طموحات شعبنا وآماله, لقد عرفناه في الماضي كقائد سياسي محنك عندما كان في المعارضة العراقية حيث كان يظهر لنا بأنه من أشدً السياسين في تأييد وإحترام حقوق العراقين من القوميات والأقليات والطوائف المختلفة, ولقد قابلته في عام 1982 في شقته المتواضعة بدمشق عندما كنت ممثلآ لحزب بيت نهرين الديمقراطي في سوريا,وبحثنا العلاقات الأخوية بين الأكراد والآشوريين, وبحضور الدكتور فؤاد معصوم ممثل الأتحاد الوطني الكردستاني في سوريا, ثم قابلته في بداية عام 1989 في دار الدكتور أسعد باني خيلاني بمدينة (آناربر) في ولاية مشيكان الأمريكية, وبحضور عدد من المسؤولين ومنهم السيد فريدون والدكتور سفنديار شكري بالأضافة الى الدكتور أسعد خيلاني وغيرهم,وفي سياق حديثه صرح أمام الجميع وعلى الملأ بأن (الآشوريين شركاء معنا في كردستان ونحن لسنا قبلهم في المنطقة ..الخ),أما بعد سقوط النظام في بغداد,فلم نسمع منه أو من غيره شيئآ من هذا القبيل, وإن جميع السياسين الذين كنا معهم في المعارضة العراقية نتذكر مواقفهم السابقة جيدآ وخاصة الذين إستلموا المناصب في الحكومات المتعاقبة منذ سقوط النظام والى يومنا هذا, وجدناهم الآن غير ذلك!!ومنهم السيد مام جلال, حيث كنا خارج أهتماماته في السنوات الأربعة الماضية, ربما لأسباب قدً نجهلها,أما الآن فإن مبادرته بإستحداث محافظة للمسيحيين نأمل أن تكون نابعة من شعوره بالمسؤولية التاريخية تجاه مكون عراقي أصيل, إنها حقآ تستحق كل الأحترام والتقدير من قبل جميع أبناء شعبنا في داخل العراق وخارجه,ونأمل أن يتحقق هذا المشروع بأسرع ما يمكن,كما يقول الحديث الشريف (خيرُ البرِ عاجله),لأن كثافة الهجرة لأبناء شعبنا وبهذا الزخم الهائل قدً يؤدي الى فشل هذا المشروع إذا إستغرق تنفيذه وقتآ طويلآ, لأن الأوضاع الأمنية السائدة في البلد وما يتعرض له شعبنا من أعمال بربرية إرهابية يدفعه الى الهجرة الجماعية نحو الخارج,لذا فإن هذا المشروع لا يتحمل المراوغة والمماطلة فلا بدً من البدء في التنفيذ بأسرع وقت ممكن لأن الوقت قد يداهمنا,كما يقول المثل الشعبي (الوقت كالسيف إن لم تقطعه قطعكَ)
نرجو من المسؤولين أن يتفهموا هذه الحقيقة وهذه الحالة, بأن نجاح هذا المشروع مرهون بالمدة الزمنية المحددة له, وبإيقاف عمليات الهجرة الجماعية خارج الوطن من خلال توفير الأمن وفرص العمل للمواطنين للمسيحيين إسوة بالآخرين وبعكسه سنخسر وطننا والى الأبد عراقنا الحبيب.
داود برنو    22- 11- 2010 .

43
رسالة - الى الرئيس جلال الطالباني المحترم
 
في البداية نودً أن نذكرً القارئ الكريم على ما يجري في الساحة السياسية العراقية منذ شهور عديدة من مشاورات ولقاءات  ومفاوضات وأحداث دامية وتدخلات أقليمية ودولية لتشكيل الحكومة الجديدة جميعها وصلت الى الطريق المسدود, الى أن جاءت مبادرة السيد مسعود البارزاني رئيس أقليم كوردستان, وتوجَت هذه المبادرة بنجاح الى حَدٍ ما,ولكن لا تزال المشاكل تعيق تقدم العملية السياسية وتعرًض أمن البلد والمواطن الى الخطر,وأي إنتكاسة أخرى تتعرض لها العملية السياسية في ظل غياب سلطة القانون, سوف تنعكس تداعياتها الأمنية على الشعب العراقي ولاسيما على المكونات القومية والدينية الصغيرة التي لا تجد من يدافع عنها, ولا تمتلك من الوسائل للدفاع عن نفسها, وليس لها سلطة أو نفوذ داخل الحكومة القائمة والتي تسمى حكومة الشراكة الوطنية!! أو المشاركة,على أية حال إننا نطالب رئيس الجمهورية السيد مام جلال أن يمارس دوره الحقيقي بصفته المسؤول الأول عن حماية الدستور وتطبيقه, بالأضافة الى مسؤولياته الأخرى. بالرغم من إننا نعرف جيدآ ونشعر أيضآ بإنعدام المساواة بين المواطنين في العراق وفي كافة العهود, ولكن في هذا العهد أصبحت التفرقة العنصرية لا تطاق,وتبين لنا بأن حقوق المواطن في  هذا البلد مرتبطة بهويته القومية والدينية,وهذا ما يتعارض مع الديمقراطية وحقوق الأنسان حسب المواثيق الدولية,وإن الدولة لا تبخل في أيجاد السبل الكفيلة لضمان حقوق المواطن, لكن الأحزاب المشاركة في السلطة تستغل ذلك لخدمة مصالحها الحزبية الضيقة. أما  السيد الطالباني كرئيس دولة لم  يقمً بواجباته بالشكل المطلوب بصورة جدًية وكما يجب. لقد شاهدناه أثناء المذبحة التي أرتكبت ضدً أبناء شعبنا المسيحي في كنيسة سيدة النجاة في بغداد بتاريخ 31- 10- 2010  والتي راحَ ضحيتها أكثر من مائة وأربعون شخصآ بين قتيل وجريح, معظمهم من النساء والأطفال ونجده لم يحرك ساكنآ,لقد كان موقفه كباقي رؤساء الدول الأجنبية يقتصر على الإدانة والإستنكار فقط, وهذا ما لم نكن نتوقعه منه أبدآ,في الوقت الذي يبدي حرصه الشديد على رفض التوقيع على حكم الأعدام بحق المجرمين أي كان ومهما كانت جريمته ومنهم صدام حسين, أيمانآ منه بحق الأنسان في الحياة والكرامة !!.             إن تاريخ العراق القديم يذكرنا بمحطات مآساوية عديدة, تعرض فيها شعبنا المسيحي الى مذابح جماعية وخاصة في عام 1916 خلال الحرب العالمية الأولى وقبلها على يَدً العثمانيين الأتراك,وبعدها مجزرة سميل عام 1933 على يَدً عصابة بكر صدقي رئيس الوزراء العراق, وتلتها مذبحة صوريا عام 1969 على يَدً المجرم الملازم الأول عبد الكريم جحيش والعقيد الركن راضي لفتة آمر لواء 23, ولا يسعنا أن نتحدث عن جميع المظالم التي ترتكب ضدً شعبنا, وسوف يسجل التاريخ مذبحة كنيسة سيدة النجاة  في عهد الرئيس الطالباني محطة مأساوية جديدة في عصرنا هذا تضاف الى المحطات السابقة, وهذا ما لم نكن نتمناه للسيد الرئيس, لأنه ستبقى هذه الجريمة الشنعاء نقطة سوداء في تاريخ العراق المعاصر وتاريخ قادته, بسبب نوعيتها وفضاعتها وأستهدافها لمكون من الشعب العراقي المسالم والمتميز وهم المسيحيون في داخل الكنيسة. وهنا أود الإشارة الى الرئيس العراقي الأسبق عبد السلام عارف الذي حكم العراق من  (1963- 1966) للمقارنة بين موقف الرئيسين حول قضية مشابهة لها صلة برجال الدين المسيحيين بالرغم من إختلاف الظروف والحقبة الزمنية بينهما.
في أواسط عام 1963 أعتقل رئيس دير السيدة (الكائن في ناحية القوش) الراهب روفائيل شوريس وهو من أهالي قصبة تللسقف وحكم عليه بالأعدام شنقآ بسبب دعمه المطلق للحركة الكردية,حيث قبض على إثنين من البيشمركة الآشوريين أثناء عبورهم الشارع العام الممتد بين جسر آلوكة ومدينة دهوك, وهم ينقلون رسائل  من الراهب روفائيل شوريس (رئيس الأديرة) الى مقر البارزاني الملا مصطفى في كلالة, وحكم عليهما فورآ بالإعدام شنقآ, حيث نفذ الحكم خلال ثلاثة أيام, وفي نفس المكان الذي قبض عليهم,وظلت جثثهما معلقة لمدة يومين في ذلك المكان,أما رئيس الدير تعطل تنفيذ حكم الأعدام بحقه لمدة  سنتين تقريبآ بسبب تدًخل رؤساء الكنيسة الكلدانية وغيرهم, ولكن جميع تلك المحاولات باءت بالفشل, وفي أواسط عام 1965 تم تبليغ أقرباء الراهب بأن حكم الأعدام سينفذ به قريبآ جدآ خلال عدة أيام وبأمكانكم زيارته غدآ لتوديعه وأستلام وصيته, وبعد ثلاثة أيام وصل الى قصبة تللسقف في الصباح الباكر الفصيل العسكري المكلف بتنفيذ عملية الأعدام وبدأ ينصب أعمدة المشنقة على مكان مرتفع بالقرب من الكنيسة وذهبنا من القوش الى تللسقف لمشاهدة عملية الأعدام لرئيس الدير,ولقد كنا في أواخر عام 1963  قد شاهدنا عملية تنفيذ الإعدام شنقآ بالمرحوم حميد الياس ياقو حنو في القوش أمام كنيسة مار قرداغ بنفس الطريقة وبسبب القضية الكردية أيضآ .
لقد خرجوا أهالي تللسقف من بيوتهم مكرهين لمشاهدة عملية الأعدام لأبن بلدتهم كما حصل في بلدة القوش, وبعد الإنتظار لساعات طويلة ننتظر قدوم الحاكم ليتلى قرار المحكمة, ولكن فوجئنا بقرار ينص على تخفيف العقوبة من الأعدام الى  عشرين عامآ بناءً على أمرً صادر من رئيس الجمهورية العراقية المشيرعبد السلام عارف,ولا أحد يعلم كيف حصل ذلك,وبعد عدة أشهر صدر قرار آخر بتخفيف العقوبة الى خمس سنوات,ومن ثم مباشرة أطلق سراحه في أواخر عام 1965  وأصبح تحت الأقامة الجبرية في بطريركية الكلدان في بغداد منطقة البتاوين.                                        في تلك الفترة كانت لي علاقات مع الحزب الديمقراطي الكردستاني,وأخبرني أحد الرفاق من تنظيمات الحزب في بغداد, بأن السيد صالح اليوسفي يرغب في زيارة القس روفائيل ويطلب منك تأمين هذه الزيارة لكونك أحد أقرباء البطريرك,وقمت بزيارة القس في غرفته وعرضت عليه ما تفضل به الأستاذ اليوسفي,فقال لي بلغ تحياتنا له وأن الزيارة لي ممنوعة بتاتآ, لأنني لازلت تحت المراقبة الشديدة من قبل عناصر الأمن وأنتظر جوازي لكي أسافر خارج العراق حالآ,وفي اليوم التالي ذهبت لمقابلة الأستاذ صالح اليوسفي في أحد المطاعم بالكرادة وأبلغته رسالة القس فتأسف كثيرآ , ثم أعطاني ساعة ثمينة جدآ هدية له وسأل عن كيفية إطلاق سراحه,وبعد عدة أيام قمت بزيارة الى القس ثانية وسلمته الهدية, وسألته عن كيفية إطلاق سراحه لكي أنقل هذه المعلومة الى الأستاذ اليوسفي,فقال لقد بُذِلت جهود كثيرة في سبيل إطلاق سراحي, ولكن دون جدوى,وفي الساعات الأخيرة من حياتي, تمكن الزعيم المتقاعد أفرام هندو (الذي كان يعمل مع المرحوم عبد الكريم قاسم في لواء 19 قبل ثورة تموز 1958), من مقابلة رئيس الجمهورية عبد السلام عارف الجميلي بسبب علاقته الشخصية معه, وأخبره بأن تاريخ العراق المعاصر ومنذ تأسيس الدولة العراقية في عام 1921  والى يومنا هذا لم يشهدً العراق حالة إعدام رجل دين مسيحي أبدآ, وإن هذه الحادثة ستبقى نقطة سوداء في تاريخ عائلتك وعشيرتك (الجميلات) مدى الدهر, أرجو أن لا تضع نفسك  وعشيرتك في الموقع المدان, لأن التاريخ لا يرحم وسوف يحاسبك, أرجو أن لا تضيع هذه الفرصة لكي يسجل التارخ لك ولعهدك صفحة بيضاء في تاريخ العلاقات الأخوية بين المسلمين والمسيحيين في هذا الوطن, وفي نفس الوقت إستخدم الرئيس صلاحياته وأصدر أوامره بتخفيف العقوبة من الأعدام الى عشرون عامآ, وبعد فترة وجيزة أفرجَ عنه على شرط أن يغادر البلاد حالآ.
نطالب الرئيس الطالباني أن يقتدي بهذا الرجل الذي إمتنع عن تنفيذ عقوبة الأعدام بحق رجل دين مسيحي واحد فقط, خوفآ على سمعته وسمعة عشيرته وإحترامآ لتاريخه, بالرغم من إدانة الراهب بالأدلة الثبوتية من قبل المحكمة الكبرى في الموصل. أما في عهدك يا سيدي الرئيس, فإن المسيحيين الأبرياء العزل يقتلون بالجملة والمفرد, وفي كل مكان ولاسيما في بغداد والموصل, وأن مذبحة كنيسة سيدة النجاة والأحداث التي أحاطت بهذه  الجريمة ستبقى منارة خالدة في تاريخنا المعاصر وفي ضمائرنا ووجداننا,كما بقيت عملية حلبجة الإجرامية خالدة في تاريخ العراق بشكل عام ,وتاريخ الشعب الكردي بشكل خاص.
لنا الأمل من الحكومة الجديدة بقيادة رئيس الجمهورية أن تأخذ على عاتقها مسؤولية توفير الأمن والأستقرار للمواطنين جميعآ وخاصة المسيحيين منهم, بسبب أستهدافهم من قبل المنظمات الأرهابية المتشددة, الزاحفة الينا من خارج الحدود وبالتحديد من السعودية ودول الخليج,ونطالب أيضآ هذه الدول إتخاذ الأجراءات اللازمة بحق بعض رجال الدين المتطرفين الذين يصدرون فتاوى الجهاد, ويقومون بشحن وتعبئة هؤلاء الشباب وتوجيههم لأرتكاب عمليات أرهابية ضد المواطنين الأبرياء في وطننا العراق الحبيب.                                                                                                       داود برنو -  ضابط متقاعد   17-11-2010 .   

44
الى متى يستمر إستهداف المسيحيين في العراق؟
       
  إن كل من يقرأ أو يسمع عن هذه الجريمة الشنعاء التي أستهدفت المصلين في كنيسة سيدة النجاة بمنطقة الكرادة الشرقية في بغداد يوم الأحد المصادف 31- 10- 2010                                                                     يصيبه الخوف والهلع, بسبب الغموض الذي أحاطَ بها لحدً الآن, لأنها  تختلف نوعيآ عن الآلية  التي يعمل بها الأرهابيون في العراق حسب معلوماتنا وخبرتنا بهم,وإنها تثير علامات إستفهام في أسلوبها وتوقيتها, كما أنهم دائمآ يقومون بعمليات أرهابية لها نمط خاص بهم يمكن تشخيصها, وعلى سبيل المثال لا الحصر :                                                                                           1- إنهم يركزون على تقليل الخسائر في صفوفهم أثناء العمليات الأرهابية,ولم يعلنوا عن هويتهم أثناء العملية مباشرة, ولكن في هذه العملية الأمر يختلف تمامآ. لقد كان بأمكانهم تكبيد المصلين أكبر عدد من الخسائر بالأرواح من خلال حزام ناسف يحمله أنتحاري واحد فقط ويفجره بين المصلين ,أو يستخدم سيارة  مفخخة واحدة قَدً يضعها أمام الكنيسة, فلماذا زجوا بكل هذا العدد من الأرهابين البالغ  عددهم ثمانية أشخاص,  وهم يُعَرضًون حياتهم  للخطر بهذه الطريقة العشوائية والنتيجة تكون واحدة,ولهذا أشُكً بأن هذه العملية ليست من تخطيط (دولة العراق الأسلامية) كما يدعون, والتي هي إمتداد لمنظمة القاعدة الأرهابية,ومن المحتمل  أن يكون هناك جهات أخرى مشاركة بها أو قدمت تسهيلات لوجستية لها لأنها تستهدف ترويع المسيحيين وحملهم على الهجرة من وطنهم,وليست هذه هي العملية الأرهابية الأولى ضدً المسيحيين ولن تكون الأخيرة,بسبب المعطيات الموجودة على الأرض ونتيجة المحاصصة البغيضة بين الأطراف السياسية,وأن  النظام القائم في بغداد عاجز كليآ عن تأمين الحماية للمسيحيين وكنائسهم وممتلكاتهم.
2-   يقولون إن العصابة التي إقتحمت الكنيسة وأحتجزت المصلين كرهائن وعددهم أكثر من مائتي مسيحيً من الرجال والنساء والأطفال ورجال الدين, هم عناصر من (دولة العراق الإسلامية) وكانوا مجهزين بأحزمة ناسفة وأسلحة خفيفة حسب ما ذكر المصدر الرسمي,وإنهم يطالبون الحكومة العراقية بإطلاق سراح عناصر من منظمة القاعدة الأرهابية معتقلين في سجون العراق ومصر وهذا الطلب غير واقعي وتعجيزي, لأنه غير قابل للتنفيذ أبدآ ويعرفون ذلك جيدآ ,وهم ليسوا بهذه الدرجة من الغباء يطالبون بشئ يستحيل تنفيذه.
3-   يقولون إن العصابة قامت بالسطو على سوق المال في الكرادة ولكن فشلت, وأن عناصر الأمن والشرطة المحلية بالأضافة الى قوة النجدة التي إلتحقت بهم!! عقبتً العصابة, ولكن لا نعرف كيف أفلتت من قبضة كل هذه القوات الحكومية, في الوقت الذي لا تتجاوز مساحة المربع الذي جرت فيها الأحداث كيلومتر مربع واحد.
4-   إن الأغلبية الساحقة من أهالي منطقة الكرادة الشرقية في الوقت الحاضر, هم من الطائفة الشيعية الكريمة, وأن عناصر من جيش المهدي والمجلس الأعلى (فيلق بدر) وحزب الدعوة يسيطرون بشكل أو بآخر على منطقة الكرادة بالكامل من دون منافس, من خلال أجهزتهم الأمنية أو الحكومية ,بالإضافة الى أن منطقة الكرادة قريبة من مجمع الرئاسي في الجادرية الذي يسكنه الرئيس جلال الطالباني وكذلك القادة الآخرون, ومنهم نائب الرئيس العراقي السيد عادل عبد المهدي والحكيم وغيرهم,وإن دوريات الشرطة والجيش منتشرة في هذه المنطقة  بكثرة, ويمكن للمواطن أن يلاحظ تحركاتهم في كل مكان ,ومن الصعب جدآ لابل من المستحيل أن تأتي عصابة من خارج المنطقة وتقوم بعملية أرهابية بهذا الحجم وهذه النوعية وتستغرق عدة ساعات, في الوقت الذي لا يبعد مكتب السيد الطالباني والمالكي عن الكنيسة الضحية أكثر من عشرة أميال, ولم تستغرق سيارة النجدة للوصول اليها أكثر من عشرون دقيقة .
5-    لا نستطيع أن نفهم كيف يمكن لسيارة غريبة عن المنطقة ذات الدفع الرباعي, في داخلها ثمانية أرهابين أو سبعة مدججين بالسلاح والأحزمة الناسفة ودرع الحماية الشخصي, الذي لا يتوفر إلا لدى القوات الأمريكية والقوات العراقية, أن تدخل منطقة الكرادة الشرقية  وتجتاز كل هذه النقاط ( السيطرات) المنتشرة على الطرق العامة, ودوريات الشرطة الثابتة في المناطق الحيوية مثل الجسور والبنوك ودوائر الدولة الرسمية,بالإضافة الى الدوريات المتحركة التي نشاهدها يوميآ تصول وتجول في الكرادة, من دون أن يعترضها أحدً .
6-   إن هذه العملية مشبوهة ولها طابع سياسي, ولا يمكن لأحد أن يصدقها من خلال المعلومات المعلنة عنها من قبل الجهات الحكومية  الرسمية, فلا بدً من وجود شئ مخفي في دوافعها وأهدافها ومصدرها, ربما هناك مخطط كبير من وراء هذه العملية وله أمتدادات أقليمية ودولية, كما تشهده الآن الساحة اللبنانية, ونشاهد كيف أن (حزب الله) يوجه تهديداته الى المسيحيين اللبنانيين من دون أي مبرر,بالرغم من أنه متهم بقضية أغتيال رفيق الحريري وآخرون من السياسين اللبنانين,إن أضطهاد المسيحيين في مصر, ولبنان, والعراق تشكل حلقات متصلة مع بعضها البعض وقدً تكون هذه المرحلة بداية النهاية للمسيحيين في العراق وفي الشرق الأوسط,كما نأمل أن لا نكون ضحية لصراعات الكتل السياسية العراقية أو الجهات الأقليمية والدولية.
7-   يجب أن يتحمل رئيس الوزراء نوري المالكي مسؤولية هذه العملية الأرهابية والخسائر الناتجة عنها,إنها أبشع جريمة أرتكبت بحق المسيحيين  منذ سقوط النظام في 9-4-2003 والى يومنا هذا, ونأمل أن لا نسمع كالعادة من المسؤولين في الحكومة العراقية عبارات التنديد والأستنكار لهذه العملية الأجرامية وهم لم يحركوا ساكنآ,لأنهم يستخفون بعقول الناس وقدرتهم على فهم الحقائق,كما نحن نتهمهم بالتقصير والأهمال, لأنهم لم يكن لهم خطة أمنية لتجنب وقوع مثل هذه الجرائم ضدً أبناء شعبنا المسالم, لا في الماضي ولا في الحاضر,في الوقت الذي كنا نسمع منهم دائمآ وبعد كل جريمة ترتكب ضدً أبناء شعبنا, تصريحات من المسؤولين بأن لهم جهاز أمن لحماية الكنائس في بغداد ولاسيما أيام الآحاد من كل أسبوع, بناءً على توجيهات المالكي رئيس الوزراء , والآن نريد أن نعرف لماذا حصل كل هذا التقصير في الأيداء أثناء معالجة الموقف ,فكيف تنظرون الينا, هل نحن مازلنا جالية مسيحية في بغداد,أم مقيميين في هذا البلد؟والى متى نبقى بهذه الحالة المأساوية, ألا يكفي أكثر من سبع سنوات من المحن والأحنً ونحن نعيش هذه المعاناة , لقد حان الوقت للأصلاح السياسي في هذا البلد, ومنح شعبنا (الكلداني السرياني الآشوري ) حقوقه القومية المشروعة والمتجسدة في الحكم الذاتي لشعبنا في مناطق سكناه التاريخية وبالذات في منطقة سهل نينوى,ليتحمل شعبنا مسؤوليته الكاملة في حماية أبنائه والدفاع عن مصالحهم وكيانهم, وهذا هو الحَلً الوحيد والمتبقي لأنقاذ شعبنا من الحالة المآساوية التي يعيشها,ولقد أثبتت تجارب السنين السبعَ العجاف, بأن المكونات العراقية أصبحت تبتعد بعضها عن البعض الآخر أكثر فأكثر كلما مَرً الزمن, بسبب عوامل عديدة لا مجال لذكرها, وفي مقدمتها ثقافة التطرف والكراهية والأموال القذرة التي تتدفق الينا من دول الجوار , هذا هو الواقع الذي نعيشه لا بُدً أن نعترف به, ولا أحد يستطيع إنكاره أو تغيره,وإن كل شئ في هذا البلد يسير وفق خطة محًكمة ومتزامنة مع الأحداث الأقليمية والدولية التي تستهدف تمزيق هذا الوطن وتهجير شعبه الآمن,  وأن الوثائق السرية التي نشرها (موقع ويكليكس) حول الجرائم والفضائح للمسؤولين العراقيين هي خير دليل على ذلك.
      داود برنو     2- 11- 2010 .
 


45
أيضاح الى السيد مايكل سيبي
 
بينما كنا في حفل أقامه الأتحاد الديمقراطي العراقي في مشيكن بمناسبة المرحوم المناضل توما توماس سألني الزميل أنطوان صنا (أبو عمار) ممثل المجلس الشعبي في ولاية مشيكن, وقال لي هل قرأت المقال الذي كتبه مايكل سيبي عنك قبل يومين؟ قلت له كلا, لأنني مشغول ولم يتسنَ لي الوقت الكافي لمتابعة ما يُكتب في المواقع الألكترونية إلا نادرآ ,فقال من الضروري أن تقرأه وتردً عليه, فقلت له لقد تعودنا على مثل هذه الأنتقادات من كُتابً المهجر الذين يفتقر معظمهم الى المعلومات الصحيحة والدقيقة حول الأوضاع القائمة في العراق وفي المنطقة,وجميعهم أو معظمهم تركوا الوطن منذ زمن بعيد والى الأبدً, من دون العودة اليه, بإستثناء القلة من الكُتابً الذين يقومون بزيارات خاطفة الى قراهم الواقعة في أقليم كردستان العراق,بالإضافة الى هذا إن كل شخص هو حُرً في أن يعبر عن رأيه وموقفه السياسي من الآخر ومن القضايا القومية والوطنية ذات الأهتمام المشترك ,ولكن أتمنى أن يكون ما كتبه ضمن الأعراف والأصول الأدبية وبعيدة عن التشهير والتجريح,لأن البعض القليل من المهمشين في مجتمعنا يستغل حرية النشر التي توفرها لهم هذه المواقع لغايات وأهداف شخصية,والبعض الآخر أصبحت هوايتهم الكتابة بسبب الفراغ الهائل والممل الذي يزعجهم ويسبب لهم مشاكل  عائلية وأمراضآ نفسية, لأن معظمهم عاطلين عن العمل,وأن الدول الأجنبية التي يعيشون فيها تؤمن لهم كل مستلزمات الحياة الحرة الكريمة وبمستوى جيد جدآ من المعيشة والسكن والتأمين الصحي وغيرها, ولم يبق لهم أية مسؤولية عائلية سوى الأهتمام بالجانب الثقافي الذاتي ولاسيما في إعداد وكتابة المقالات هنا وهناك, كما يقول الفيلسوف اليوناني أرسطو(أشبع..وتفلسفً). بالرغم من أن البعض من هذه المقالات والكتابات لا تخلو من فائدة في المجال الثقافي  والأجتماعي,على كل حال إنني لا أحبذ الردً على الكُتابً الذين يقيمون في دول المهجر أيً كان, وكما ذكرت سابقآ إن معظمهم قدً ترك الوطن منذ الغزو العراقي للكويت أي قبل ما يقارب العشرون عامآ,وأصبحوا بعيدين كل البعد عَمًا يجري داخل العراق ومحيطه الأقليمي,وإن معلوماتهم تقتصر على ماتبثه وسائل الأعلام المختلفة من أخبار وتحليلات,ولهذا السبب فإن السجال معهم لا يؤدي الى أي فائدة,وكم كنت أتمنى أن أقرأ إنتقادآحتى لو كان لاذعآ من كاتب أو شخص سياسي يعيش داخل العراق, عندها سأردً عليه بالكامل وأكون له من الشاكرين, بغض النظر عن رأيه وموقفه السياسي, لأن عناصر التفاهم  المشتركة بيننا تكون أكثر واقعية وموضوعيةَ ومتيسرة,وإنني هنا لا أقلل مما كتبه السيد مايكل سيبي لأنه عمل في العراق بعد سقوط النظام ولو لفترة محدودة ,ولكن لا بُدً وأن أصبح لديه إطلاع على بعض الجوانب ألمهمة في الوضع السياسي المستجد في  بغداد .
     لقد قرأت المقال الذي تم نشره في موقع عينكاوا بعنوان: (كيف تقبل أن ننجرف الى المجهول يا داود برنو وأنت القوشي). إنه عبارة عن وجهة نظر عبر عنها السيد مايكل من منطلق تحليلي لا يستند الى الحقيقة في واقعها وجوهرها,ولا على الثوابت التي أؤمن بها وأعمل من أجلها, لأنه غير مطلع على دقائق الأمور وتفاصيلها وتداعياتها وأن الكثير منها لايمكن مناقشتها بهذه الطريقة وبشكل علني, ولكن هو حُرً في التعبيرعن رأيه وموقفه السياسي.    ما يهمني في هذا المقال هو ما جاءَ في الخاتمة يقول فيها : (إننا لم نعدً نفهمك حاول أن تثبت على رأي واحد,وقرار واحد,وأسترتيجية واحدة,كي يمكننا أن نمشي وراءك وعلى خطاك وعندئذ لم ننجرف الى المجهول.)
    1- في البداية أشكرك على هذا الأنتقاد أو التنبيه,وكذلك على متابعتك للمقالات التي أنشرها في المواقع الألكترونية وفي مقدمتهم موقع عينكاوا مشكورآ,إنني في الحقيقة لم أحتفظ بالمقالات التي كتبتها والتي تم نشرها,  وليس لديً أرشيف بذلك حتى أبرهن لك مدى صحة موقفي السياسي الثابت الذي لايتزعزع,وإن المقالات التي أشرت اليها لها علاقة مباشرة بالأوضاع السائدة في تلك الفترة , وإنك تعرف جيدآ بأنني كنت أعمل في العراق منذ 29-3-2003 الى منتصف العام الماضي وفي مواقع مختلفة,وخلال هذه الفترة إكتسبت الكثير من الخبرات والمعلومات وفي كافة المجالات,  وربما كنتَ تتذكر عندما التقينا قبل ثلاث سنوات تقريبآ لبضع ساعات في أحد المطارات الصغيرة قرب مطار بغداد الدولي. إن ما كتبتهُ من مقالات كان مجرد رؤيتي الشخصية لمستقبل شعبنا ومصيره في العراق من خلال تجربتي الذاتية, في خضم الأحداث الدامية التي سادت معظم أنحاء البلاد بعد سقوط النظام الدكتاتوري, وكان موقفي هذا نابع من منطلق الحرص الشديد على قضيتنا القومية العادلة وحقوقنا المشروعة في وطننا العراق العزيز. كما ساهمت تلك المقالات في تبيان بعض الحقيقة وجعل القراء على بينة مما يجري في هذا البلد وما سيألو اليه في المستقبل . كما إنني لم أدًع يومآ ما بأنني كاتب أو صحفي,وإذا عثرت على أخطاء إملائية أو نحوية فيما أكتبه فإنني أعتذر مسبقآ لك وللقراء الكرام. إن الغاية من المقالة ليس صياغة الجمل الجميلة  والمنمقة, وإنما المغزى الحقيقي هو فيما يفهمه القارئ من المقالة,بالرغم من أنني واثق بأن المسؤولين من المعنيين في الحكومة العراقية أو قوات التحالف, لم يقرأوا كتاباتنا ولم يسمعوا نداءآتنا ولم يرغبُ أحدَ بذلك, إن جميعهم وبدون إستثناءغيرَ مهتمين بحقوقنا القومية المشروعة,وغير مبالين إن هاجرنا أو بقينا في هذا البلد, ولولا إهتمامهم بالإعلام الخارجي لنقلً صورة جميلة عن النظام لكانت أوضاعنا أكثر مأساويةً,وهناك أمثلة ومواقف عديدة لا مجال لذكرها.
إن موقفي السياسي من القضايا الرئيسية وخاصة التي تتعلق بمستقبل ومصير شعبنا في العراق, ثابتة لم تتغير, ولا يمكن أن تتغير مهما تغيرً المكان والزمان, كما إنني متمسك بها وبأصرار شديد, وبدونها لا يمكن لنا البقاء والصمود في هذا البلد مهما كانت المعطيات,أي من دون أن نتمتع بحقوقنا القومية المشروعة أسوة بالمكونات القومية الأخرى,ولقد شاهدنا كيف ألغيت المادة ( 50 )من الدستور العراقي وبشكل مجحفً من قبل أعضاء مجلس النواب وبالإجماع تقريبآ,والتي كانت الى حد ما تعزز من قدراتنا السياسية في هذا البلد,وهذا  ما كنا لم نتوقعه من أصدقائنا وجعلنا نؤمن بأن جميع الخيارات أمامنا قَدً أغلقت.
لقد بدأت بكتابة المقالات السياسية منذ بداية عام 2006 بعد أن شعرت بخطورة الأوضاع السياسية والأمنية في بغداد وما آلت اليه من تفجيرات للكنائس ودور العبادة وغيرها من العمليات الأرهابية  التي طالت ً المسيحيين بشكل خاص والعراقيين بشكل عام, لقد ذكرت منذ ذلك الحين وفي مقالات عديدة مدى الأهتمام الكبير الذي توليه حكومة طهران في الوضع السياسي داخل العراق ومدى تأثيره على مستقبل النظام في العراق ولا زلتُ أؤكدُ على ذلك.
لقد أثبتت الأحداث والوقائع صحة ما ذهبت اليه بأن النظام الأيراني يشكل مركز ثقل في المعادلة السياسية العراقية, لا بل في القضية اللبنانية والقضية الفلسطينية أيضآ, بالإضافة الى نشاطه  المتزايد في منطقة الشرق الأوسط وعلى كافة الأصعدة ولاسيما مشروعه النووي, إذن فلا بُدً لنا من التعامل معه بشكل من الأشكال شئنا أو أبينا, إنطلاقآ من هذه المعادلة السياسية القائمة في العراق, وفي هذه الأيام نشاهد في وسائل الأعلام المختلفة المسؤولين العراقيين ينتقدون موقف أيران لتدخلها السافر والمباشر في تشكيل الحكومة العراقية الجديدة, بعد الأنتخابات التي مضى عليها  أكثر من سبعة أشهر, وفي مقدمة هؤلاء المسؤوليين وزير الخارجية العراقي السيد هشيار زيباري,حيث صرح قبل أسبوع أو أكثر من خلال القناة العربية بأن تدخل النظام الأيراني في الشأن الداخلي العراقي أصبح يقلقنا جميعآ, ويعرقل مسيرة تشكيل الحكومة العراقية الجديدة...ألخ    إنني معارض وبشدة للموقف الأيراني تجاه العراق,ولكن هذا هو قدرنا فلا بدً لنا من التعامل معه, لأنه مرتبط بعوامل ثابتة لا أحدَ يستطيع أن يلغي التاريخ والجغرافية التي تربط العراق بأيران,بالإضافة الى المذهب الشيعي الذي يدين فيه الأغلبية من الشعب العراقي,ومعظمهم يقلدًون المراجع الدينية الأيرانية, كما أن معظم المسؤولين في الحكومة العراقية الحالية كانوا لاجئين في أيران ولمدة قد تزيد عن ربع قرن, ولهذه الأسباب وغيرها ذكرت سابقآ بأننا لابُدً أن نجدً طريقة للتعامل مع القيادة الأيرانية المؤثرة في الشأن العراقي والتي لها دور بارز في مجمل أوضاع الشرق الأوسط ولا أحدً يستطيع تجنبها أو تجاهلها أو إنكارها.
1-      2-  أما بالنسبة الى الأكراد فإن الواقع المستجد في المعادلة السياسية العراقية يتحتم علينا  أيضآ أيجاد صيغة للتعامل معهم بموضوعية وواقعية,وخاصة مع حكومة أقليم كردستان, التي أعترفت دستوريآ بحقوقنا القومية المشروعة, إن مصلحة شعبنا تتطلب أن يكون لنا معهم أفضل العلاقات السياسية,لأنهم يشكلون الخيار الوحيد الذي من خلالهم يمكننا المحافظة على كياننا القومي (الكلداني السرياني الآشوري) وخاصة في منطقة سهل نينوى.
2-      3-  بالنسبة الى حكومتنا الفيدرالية في بغداد إنني أكنُ لها كل الأحترام والتقدير,بالرغم من   أيداءها الفاشل في معظم مهامها ومنها الأمنية والخدمية وغيرها,ولكن السبب الرئيسي في فشلها هو التدخل الخارجي في الشؤون الداخلية للدولة العراقية بشكل عام وخاصة دول الجوار وفي مقدمتهم أيران, لأن لها تأثير مباشر وغير مباشر على كافة المفاصل المهمة في الحكومة العراقية,ولهذا فلا بُدً لنا من أن نكسب ودًهمً  ورضاهم وتأييدهم لكي نحافظ على شعبنا ونؤمن له الحماية من غضب الأشرار وأعتداءاتهم المتكررة على شعبنا والتي لا حدود لها.                                                   4-  أما بالنسبة الى أبو ناجي والفاتيكان,إنني من أشدً المعارضين للتدخل الخارجي في الشأن الداخلي العراقي وخاصة إذا أتخذ الطابع الديني,ولقد أثبتت أحداث السنين الماضية في كل من لبنان والعراق,فشلً هذه النظرية وإنعكاسها سلبآ على شعبنا ومصيره في هذه المنطقة,كما أن الغرب المسيحي عاجزً كليآ عن تأمين الحماية لمسيحيي الشرق, لأسباب عديدة تتقاطع مع مصالحهم الأقتصادية والأستراتيجية,وأي رهان على الدول الأوربية وأميركا فهو رهانُ خاسرُ لا محالة,ويسبب لنا مشاكل أضافية نحن بغنى عنها,وهذا ما يجعلنا أن نكون أكثر إصرارآ وتمسكآ بحل مشاكلنا السياسية مع الحكومة والبرلمان العراقي,من خلال شركائنا في هذا الوطن!! وإن لم يعترفُ بنا كشركاء لهم,فمنهم من يعتبرنا جالية مسيحية , وآخر يعتبرنا مشركين ومن أهل الذمة, ومنهم من المسؤولين الكبار أيضآ!! يعتبرنا مقيميين (مغتربين) في هذا الوطن,وهذا هو مفهومهم وقناعتهم ولكن لنا الأمل بوجود نخب سياسية مثقفة في هذا البلد تعترف بحقوق شعبنا وتعمل من أجل تأمين حقوق كافة الأقليات والقوميات في هذاالوطن العزيز.                                                             5-  أما بخصوص دعوتي لتشكيل قوة مسلحة من أبناء شعبنا,لقد كانت الغاية منها للمساعدة في تثبيت الأمن والأستقرار في منطقة سهل نينوى, وجاءت نتيجة شعوري بالمسؤولية تجاه شعبنا, لكوني أمتلك خبرة وتجربة في الشؤون العسكرية, بالإضافة الى معرفتي الدقيقة في ديمغرافية سهل نينوى وتداعياتها السياسية والأمنية التي تجبر الآخرين للتحرك نحو الهدف وأتخاذ الحيطة والحذر لحماية شعبنا من أي فوضى قدً تحصل في المنطقة. لقد بدأت الأتصال بجهات عديدة منذ نهاية عام 2005 لتشكيل تلك القوة المسلحة وبشكل رسمي ولكن دون جدوى, ولو تحقق ذلك لَمًا إستشهد المطران فرج رحو ورفاقه الكهنة والشمامسة وطابور من المؤمنين الذين قتلوا وهُجًروا من مدينة الموصل الحدباء. كما إنني لازلت الآن أطالب بتشكيل تلك القوة لمجابهة الأخطار  والتحديات التي أمامنا, وإن القوات العراقية لاتزال غير مؤهلة لتأمين الحماية الكاملة للمنطقة ولا سيما إذا حصلت أشتباكات بين الأطراف المتنازعة في منطقة سهل نينوى لاسامح الله.                                              كما إنني أعرب عن أستعدادي التام للإلتحاق بهذه القوة حالَ الموافقة الرسمية على تشكيلها,  وهنا لابدً من الأشادة بموقف حكومة أقليم كردستان لتبنيها تشكيل قوة مسلحة ( مجهزة بأسلحة خفيفة) من الحراسات لحماية الأقضية والنواحي في سهل نينوى, بالرغم من أنها غير مؤهلة للقتال بالشكل المطلوب. وأخيرآ أقول للسيد مايكل سيبي إن رايك وتصورك تجاه موقفي السياسي غير متكامل وتنقصه الرؤية الشاملة لما جرى ويجري في العراق من أمور وقضايا بعضها معلن والبعض الآخر والمهم غير معلن,وإن المعيار الصحيح  الذي تعتمد عليه في تقييمك لا يتماشى مع حقيقة الوضع القائم الآن في العراق,لأن المنطق السياسي في معظم الأنظمة الديمقراطية في العالم تستند الى مبادئ وبرامج واقعية وموضوعية تستهدف تحقيق مصالح شعوبها,أما في العراق فالأمر مختلف تمامآ وأن البرامج السياسية لدينا والتي خطط لها الحاكم المدني بول بريمر تعتمد على المنطق الطائفي والقومي والعشائري وعلى العلاقات الشخصية أيضآ وتعمل بالدرجة الأولى من أجل تحقيق المصالح الشخصية للأفراد والجماعات والمناطق,إنهم يقولون شئ, وفي الممارسة يعملون شئ آخر,وهذا ما نلمسه في واقع الأمر. إن ما حصل في هذا البلد لم يكن بإرادة العراقيين ولا بموافقتهم, ولن يكون كذلك في المستقبل,لأن دول الجوار الشقيقة والصديقة!!  يفرضون إملاءاتهم على المسؤولين في الحكومة والبرلمان, وأصبح مستقبل العراق مرهون لدى هذه الدول ولاسيما جمهورية أيران الأسلامية. أما بالنسبة الى بلدتنا القوش الحبيبة إنني أفتخر بها ولكنني أفتخر أكثر لكوني عراقي من بلاد مابين النهرين وطن الآباء والأجداد, أرجوا أن تكون هذه الكلمة كافية وشافية.
 
 داود برنو    16- 10- 2010 
 

   

 

46
زيارة البطريرك مار دنخا الرابع الى أيران وأبعادها السياسية

بتاريخ 10- 9- 2010 قام البطريرك مار دنخا الرابع رئيس الكنيسة الآشورية الشرقية والوفدً المرافق له بزيارة الى أيران لرسامة أسقف جديد للأبرشية الآشورية في طهران,وتأتي هذه الزيارة في ظروف صعبة تمر بها المنطقة  بشكل عام  وأيران والعراق بشكل خاص, نتيجة للأوضاع غير المستقرة في كلا البلدين الجارين,وعلى الرغم من ذلك لقد حظيت هذه الزيارة بإهتمام كبير لدى القيادة الأيرانية لما لها من مدلولات سياسية تعزز الشعور الوطني والقومي لدى أبناء شعبنا الآشوري في كل من  أيران والعراق, بسبب العلاقات الأستراتيجية التي تربط العراق بأيران تاريخيآ وجغرافيآ وفي ميادين عديدة ولاسيما في هذه المرحلة بالذات,       
  ولا أحد يستطيع أن يتجاهل الدور الأيراني المتزايد في العراق منذ سقوط النظام الدكتاتوري عام 2003 والى يومنا هذا, وتأثيره المباشر على القيادة السياسية في العراق, وهذا هو الواقع الذي نعيشه لا مفرً منه,حيث أن النفوذ الأيراني متغلغل في كافة مفاصل الدولة العراقية بشكل مباشر أو غير مباشر, وإن تأثيره واضح للعيان في العديد من المواقف والقرارات السياسية والأقتصادية المهمة التي تتخذها الحكومة العراقية الحالية,بالإضافة الى بعض الدول الأقليمية التي لها أيضآ تأثير محدود على بعض القادة السياسين العراقيين,ولكن التأثير الأيراني له ما يبرره من العوامل التاريخية والجغرافية والمذهبية التي تربط الشعب الأيراني بالشعب العراقي, ولا سيما المرجعيات الدينية المتواجدة في كلا البلدين, ولا يمكن لأية جهة مهما كانت أن تؤثر بشكل ما على جوهر هذه العلاقة,ولقد حاولت قوات التحالف مرات عديدة التأثير على عمق العلاقة بين النظام الأيراني والقيادة السياسية في العراق, ولكن دون جدوى.أما نحن هنا لسنا ضد هذه العلاقة الوثيقة بين الطرفين طالما كانت نزيهة ومبنية على الأحترام المتبادل وبعيدة عن الأملاءات في المواقف والقرارات, وأن توظف لخدمة المصالح الوطنية العليا لكلا البلدين والشعبين الجارين.
قبل أكثر من ثلاث سنوات كتبت مقالآ نشر في موقع عينكاوا بعنوان (من يطالب بحقوق المسيحين عليه الذهاب الى أيران) حيث كنت في ذلك الوقت أعمل في بغداد وبتماس مباشر مع بعض المسؤولين في القيادة السياسية العراقية, وأدركت جيدآ منذ ذلك الحين مدى التأثير المباشر للنفوذ الأيراني على الحكومة العراقية, وعلى الكثير من القادة السياسيين العراقيين, وكان بإمكان القادة الأيرانيين في الكثير من الأحيان أن يفرضوا رأيهم وقراراتهم الى حدً كبيرعلى الحكومة العراقية طالما أن تلك القرارات  لم تتعارض مع مصلحة القوات الأمريكية العاملة في العراق,وكان بإمكان القيادة الأيرانية أيضآ التدخل لمنع أضطهاد المسيحيين في العراق وقتلهم وتهجيرهم وخاصة في المناطق الشيعية, ولكن مع شديد الأسف لم يكن لدينا مرجعية دينية أو قيادة سياسية  موحدة تأخذ على عاتقها هذه المسؤولية,وأن القيادة الأيرانية تفضًل التعامل مع المرجعيات الدينية لأنها لا تؤمن بالقوميات وحقوقها المشروعة, بالرغم من وجود قوميات عديدة في أيران لها لغتها وثقافتها ومنطقتها ومنها على سبيل المثال القومية الفارسية, التركمانية, الكردية, العربية,البلوش...الخ ,وأن النظام الأيراني يطبق الشريعة الأسلامية وفق منهج ولاية الفقيه على جميع المواطنين دون تفرقة أو تمييز,ولقد شاهدنا أول رئيس أيراني بعد نجاح ثورة الإمام الخميني عام 1979 كان السيد أبو الحسن بني صدر وهو من القومية التركمانية ويعيش الآن في بريطانيا.   ومن هذا المنطلق فإن زيارة أبينا البطريرك مار دنخا الرابع الى أيران في هذه الظروف ومقابلته لرئيس الجمهورية الأسلامية الأيرانية السيد محمود أحمد نجاة لمدة أربعين دقيقة تُعَدُ إنجازآ عظيمآ لشعبنا المسيحي في كل من أيران والعراق,وحسب المعلومات التي توصلنا اليها فإن قداسته وضع الرئيس الأيراني والقادة الأيرانيين الذين التقى بهم في الصورة الحقيقية لما يعانيه المسيحيون في العراق,وإن المشروع الأيراني الجديد في العراق لا بُدً وأن يأخذ بنظر الأعتبار حقوق هؤلاء المسيحيين المسالمين المظلومين وبكافة تسمياتهم القومية, لأن ثورة الإمام الخميني جاءت لنصرة  الشعوب المظلومة والمسحوقة في جميع أنحاء العالم بغض النظر عن دينهم وقوميتهم, ولنا أمل كبير بأن تلاميذ الأمام  الراحل آية الله العظمى الخميني الذين في سدة الحكم الآن سوف يسلكون نهجه ويعملون على تحقيق أهدافه.    إن المبادرة التي قام بها أبينا البطريرك أعطت زخمآ هائلآ وأملآ كبيرآ لأبناء شعبنا في كل من  العراق وأيران لمواصلة جهودهم الحثيثة في البقاء على أرضهم داخل الوطن  .                         ان قداسة البطريرك غنيُ عن التعريف  ومعروف بمواقفه التاريخية الثابتة والجريئة التي لاتتغير ولا تتزعزع مهما تغيرت الظروف,إنه حقآ رئيسآ للكنيسة الشرقية الآشورية في العالم, وبنفس الوقت إنه قائد الأمة ومحطً آمالها,يتعاطى مع الواقع بكل عقلانية وشفافية, لقد التقيناه في عام 1983 وكانت مواقفه نفسها التي عبر عنها قبل شهر تقريبآ أثناء أستقباله لوفدً من المجلس الشعبي(الكلداني السرياني الآشوري) في ولاية مشيكن, والتي يمتزج فيها الفكر القومي  والأيمان المسيحي والأخلاق الروحية العالية تجاه قضيتنا القومية العادلة وحقوقنا المشروعة في وطننا العراق العزيز.            إننا نهيب برؤساء الكنائس الآخرين بأن تحذو حذوه وأن يتخذوا خطوات مماثلة  بأتجاه الوحدة القومية الشاملة لشعبنا وكنيستنا, وأن تتخًذ نفس الموقف السياسي الذي إتخذه قداسته والذي يعزز مطالبتنا بالحكم الذاتي لشعبنا (الكلداني السرياني الآشوري) في المناطق التاريخية التي يسكنها داخل وطننا العراق العزيز.
داود برنو  -   17- 9- 2010

47
تعقيب.. على تعقيب السيد مرقس اسكندر المحترم.

لقد قرأت التعليق الذي نشرته في موقع عينكاوا بتاريخ 13- 8- 2010 حول المقال الذي كتبته بتاريخ 12- 8- 2010  وتم نشره في موقع عينكاوا أيضآ بعنوان (ينتقدون الأتحاد الكلداني للتغطية على عيوبهم) ولقد ذكرًتَ في تعليقكَ هذا بأنني أحاول (طمس الهوية الكلدانية, وأكيل بمكيالين,وإني من عَبدَةً آشور). وهذا ما إفتهمتهُ من تعليقك , ولكن إنني لستُ كما تفضلت أو كما تتصور, ولست مع هؤلاء الذين يتصفون بهذه الصفات أبدآ ,ولكن لكي تكون على بينة من ذلك فلا بدً لي أن أوضح لك مايلي:
     1-   في البداية أعتذر لك عن تأخير الردً, لعدم معرفتي بكم سابقآ ولكن بعد الأستفسار علمت عنك الكثير وإنني أحترم رأيك ورأي القراء الأعزاء الشرفاء, ولك كل الحق في أن تكتب ما تشاء للتعبير عن الهواجس التي تقلق بالك في هذا المجال, وهذا دليل إخلاصك وحرسك الشديد على الهوية الكلدانية بكل ماتعنيه هذه الكلمة من معاني وأبعاد تاريخية وثقافية,ولكن اعتقد إنك لم تقرأ المقال  الذي كتبتهُ بتمعن كافِ لكي تعرف الغاية  الحقيقية منه,لأن المقال لم يكن الهدف منه طمس الهوية الكلدانية أبدآ لابَلً العكس هو الصحيح, لأنني أشرتُ فيه الى العديد من نشاطات ومنجزات (الأتحاد الكلداني) الذي يجسدً الهوية الكلدانية الحقيقية لأنه يضم كافة المنظمات والجمعيات والخورنات الكلدانية في ولاية مشغن, وهوالذي يمثل الكلدان شرعآ في أميركا, ولا يمكن لأحدً مهما كان موقعه أو  مركزه أن يقلل من شأن الهوية الكلدانية وأهميتها التاريخية والثقافية ولاسيما داخل العراق وخارجه,وأنا شخصيآ لي الشرف أن أكون كلدانيآ القوشيآ ولا أنكر ذلك, ولكن الذي يؤسفني أن أقول إن هؤلاء البعض من الذين كانوا في الماضي القريب يستهزؤون بإسم الكلدان وكانوا يدعون تارة بالعروبة وتارة أخرى بالأممية, أما الآن يدعون بالكلدانية, وينصبون نفسهم حماة الأمة الكلدانية وكأنما الناس فقدوا ذاكرتهم, وأذكر لك مثلآ واحدآ فقط.                                                             في عام 1983 قمت بزيارة الى القرى الكلدانية في جنوب شرق تركيا منطقة سلوبي, ومنها قرية هربولي وهسانة..الخ, وكذلك منطقة مديات ومحافظة ماردين وجولمرك, وأعددًتُ ملف شامل حول (أحوال الكلدان في تركيا) ونشرت منه ثلاث حلقات في مجلة الجمعية الثقافية لنادي الأسرة الكلداني في ديترويت,وهؤلاء الأشخاص نفسهم كانوا ينتقدونني آنذاك حتى إضطَرتُ على عدم إكمال بقية الحلقات, وكانوا يعتبرونه نوعآ من التخلف والعنصرية, وبالمناسبة قبل أسبوعين وعن طريق الصدفة التقيت مع الكاتب والمؤرخ الأستاذ سالم عيسى تُولا وأثناء الحديث معه طلب مني أن أكمل هذا الملف لأنه يحتفظ لحدً الآن بثلاث أعداد من المجلة التي نشِرَتً فيها هذه الحلقات, ويرغب في معرفة مضمون الملف بالكامل ووعدته بذلك, ويمكن لأي شخص التأكد من ذلك, وبإمكانه أيضآ الحصول على نسخ من أعداد المجلة لأنها متيسرة لدى الكثيرين من أعضاء نادي الأسرة الكلداني.      إنني أتحدى هؤلاء البعض من الذين يدعون الآن بحرصهم الشديد على الكلدان أن يأتوا لنا بموقف سياسي أيجابي واحد صدَرَ منهم عن الكلدان في السبعينيات والثمانينيات من القرن الماضي, أو قدموا خدمة  بسيطة لهم, أو نشروا في أدبياتهم المتنوعة موضوعآ واحدآ يتعلق بالكلدان أو يبدي إهتمامآ بهم!!.                                                                                                                        إن المقال الذي كتبته كان ردآ على المقال الذي كتبهُ أحدً القراء وبأسمِِ مستعار تَهجمَ فيه وبشكل عشوائي على الأتحاد الكلداني في مشيكن وعلى بعض الأطراف السياسية المعروفة من  أبناء شعبنا,ولقد بينت للقاريء الكريم الحقيقة وما آلت اليه تلك النشاطات التي قامَ بها الأتحاد الكلداني,وما حققه من  المكاسب والأنجازات لمصلحة أبناء شعبنا (الكلداني السرياني الآشوري) في أميركا وفي العراق خاصة,وكان آخرها القرار التاريخي الذي أصدره الكونكرس الأمريكي بتاريخ 12- 8- 2010 المرقم 322 حول حماية الأقليات الدينية والعرقية في العراق, حيث كان (للأتحاد الكلداني ومنظمة كاسكا في ولاية مشيغن) دورآ رئيسيآ في إصدار هذا القرار, فهل ما قمت به يستحق الأنتقاد أيها الصديق العزيز!!
        2- إن موقفي السياسي والشخصي من التاريخ ورموزه أيآ كان (كلداني سرياني آشوري) ثابت لا يتزعزع  وليس لدي أكثر من مكيال واحد, ولم تذكر لي على سبيل المثال, موقف سياسي واحد أبديته يتناقض مع موقف آخر تبنيته ,ولم أعرف أين هو المكيال الثاني,إنني أكنً لهذه التسميات وتاريخهم ورموزهم جميعآ كل الأحترام والتقدير, وأستخلص منهم الكثير من الدروس والعبرً, ولكن.. هذا التاريخ الجامدً الذي يسبب لنا المشاكل في الوقت الحاضر, ويشكل عقبة في طريقنا لتحقيق وحدتنا القومية المنشودة التي نحن الآن في أمسً الحاجة اليها وأن الوضع المستحكم في العراق وتداعياته يفرض علينا أن نتجنب مثل هذه المشاكل,في الوقت الذي نرى ملامح النزاع الطائفي والقومي واضحة المعالم في العراق, وكل طرف يشكك بنوايا الطرف الآخر. إنني أقول لك يجب أن ندع جانبآ هذه الخلافات ومسبباتها لكي نتمكن من السير قدمآ نحو تحقيق الوحدة القومية لشعبنا,وبدون هذه الوحدة لا يمكن لنا الصمود ومواجهة التحديات في هذا البلد, ولا يمكن لهذا الأرث التاريخي أن يتحكم بموقفي السياسي إزاءَ الأحداث الجارية على الساحة العراقية,وخاصة التطورات الأخيرة التي تستهدف تهجير المسيحيين بكافة تسمياتهم وإنهاء وجودهم من هذا البلد وفق مخطط واضح تتبناه بعض التيارات السياسية الدينية المتشددة بدعم من الدول الأقليمية,كما إنني إنسان واقعي وموضوعي ومؤمن بأننا شعب واحد وأمة واحدة ولكن بتسميات مختلفة, وأن المواقف السياسية دائمآ تبنى على أساس المصالح الحيوية والمادية للشعوب وليس غير ذلك,  وأن الحقوق القومية المشروعة لأي مكون عرقي أو ديني في العراق الحالي! لايمكن أن تمنح له على أساس الإصالة التاريخية له في هذا البلد. وإن وقائع   التاريخ تؤكد لنا بأن الحقوق لا تؤخذ إلا من خلال نضالات الشعوب وتضحياتها,وحتى قوات التحالف عندما دخلت العراق لم تبدي أي إهتمام في تاريخ العراق وحضارته, ومكوناته البشرية الأصلية, ولم تحسب لهم أي حساب في المعادلة السياسية والأمنية.
      3- لقد ذكرت عني ما أنا بريء منه كبراءة الذئب من دم ِ أبن يعقوب فقلت  (إنك مَجدتُ عابدي آشور) إن تقيمكَ هذا غير دقيق, وإنني لم أذكر إلا الحقائق والوقائع ومن خلال تجربتي وخبرتي الطويلة في هذا الشأن  وبما يتعلق الأمر بالتنظيمات القومية السياسية التي ذكرتها كل من المجلس الشعبي والحركة الآشورية الذَينً يمثلون شعبنا وبجدارة, في برلمان الأتحاد الفيدرالي العراقي, وبرلمان أقليم كردستان, وحسب الأستحقاق الأنتخابي, وهذا هو أمر واقع لا مفر منه , ونحن نؤيده وندعمه ,ولكن حسب أعتقادي لا يستحق التمجيد سوى الله سبحانه وتعالى.
داود برنو        25- 8- 2010 .


48
ينتقدون (الأتحاد الكلداني) للتغطية على عيوبهم

     قبل عدة أيام قرأت مقالة بعنوان (أزدواجية وانتقائية في التعامل مع المنظمات الكلدانية ) منشورة بتاريخ 28-7-2010 موقعة بإسم (مازن جميل) ينتقدُ فيها مؤسسة الأتحاد الكلداني في  ولاية مشيكن,حاولت أن أعرف من هو الكاتب, لكن تبين لي أنه لا أحد يعرفه, وأعتقد أن هذا الأسم مستعار لأنه غير معروف, ولم يعلن عن الجهة التي ينتمي اليها أو يمثلها,ولكن القاريء الكريم المتابع لا بُدً وأن يعرف جيدآ مصدر هذه المقالات من سياقاتها وأسلوبها وصياغتها وأهدافها, التي تتخذ دائمآ طابع المحاضرة في إبداء النصح والأرشاد للآخرين, وهم الذين كانوا يملأون عقول الناس بالمُثل الطوباوية,بينما يستهدفون بث التفرقة والكراهية بين الجميع,وأنني شخصيآ لم أكن معني بها كثيرآ لأنني لست عضوآ في الأتحاد الكلداني, وهذا هو شأنهم الداخلي ولم يطلب أحدآ مني الردً عليها,ولكن من حقي أن أردً بقدر مايتعلق الأمر بورود أسمي في هذه المقالة, لغرض الأيضاح وتبيان الحقيقة للقراء الكرام.
     حسب مفهومنا للأتحاد الكلداني الذي أسسه الأب سرهد جمو في بداية الثمانينات والذي كان يضم الخورنات الكنسية والنوادي الأجتماعية والجمعيات الثقافية,كان الهدف منه المحافظة على لغتنا وتراثنا,وقوميتنا وكنيستنا الكلدانية (الشرقية الكاثوليكية),وكذلك تعزيز مكانة جاليتنا في المجتمع الأمريكي,وتقوية الأواصر مع أبناء شعبنا في الوطن الواحد, والعمل من أجلهم في شتى المجالات في سبيل تحقيق حياة حرة كريمة تحفظ حقوقهم وكرامتهم في وطننا العراق العزيز, وهذا ما نوه عنه كاتب المقال أيضآ.
والآن نستعرض بعض النقاط المهمة التي وردت في تلك المقالة.
    1 - يقول السيد مازن (إن قيادة الأتحاد الكلداني المتمثلة بهؤلاء الأعضاء الذين لم يتجاوز عددهم خمسة أشخاص, مستحوذين على هذه المنظمة بشكل غير شرعي,كما أنهم يقومون بنشاطات غير شرعية وغير قانونية مخالفة لدستور الأتحاد ونظامه الداخلي)..ولم نعرف هل هي وجهة نظر له؟ أم  أنه يستند الى حقائق وأدلة ؟ لأنه لم يشرً الى مادة أو نصً في الدستور أو النظام الداخلي للأتحاد الكلداني يتناقض ونشاطاتهم,ولكي نجعل القاريء على بينة من الأمرنذكر على سبيل المثال أحد النشاطات الذي قام به الأتحاد الكلداني والذي شاركنا نحن معهم فيه تلبية لدعوتهم لنا مشكورين.
قبل عدة أسابيع أقامَ الأتحاد الكلداني مأدبة عشاء لدعم حملة أنتخابية لأحد المرشحين من ولاية مشيكن الى منصب حاكم الولاية, وحضر المأدبة عضو الكونكرس  فرنك وًلفً  قادمآ من واشنطن ودعيً الى هذه المناسبة بعضُ من رجال الأعمال الكلدان وممثلين عن المجلس الشعبي (الكلداني السرياني الآشوري ) والحركة الآشورية (زوعا) وكان مجموع الحاضرين لا يتجاوز العشرون شخصآ وهذا هو النظام المتبع, وهذه هي آلية العمل في مثل هذه المناسبات ومنذ وقت طويل,وخلال العشاء تم عرض ومناقشة القضايا التي تهم أبناء شعبنا في العراق وفي دول المهجر وبالأخص قضية اللاجئين العراقيين,وكذلك تم التطرق الى أصحاب الأعمال التجارية وأهتماماتهم من أبناء جاليتنا في ولاية مشيكن,ووعدَ عضو الكونكرس السيد فرنك وًلف.. القادم من واشنطن بنقل مطالب الأتحاد الكلداني الى المراجع العليا ومتابعتها لدى الأدارة الأمريكية بواشنطن.
إن هذا النشاط الذي قام به الأتحاد الكلداني كان من صميم مهامه وواجباته, لأنه عملَ على تعزيز العلاقة مع المسؤلين في الأدارة الأمريكية لخدمة الجالية الكلدانية في مشيكن,وكذلك لمصلحة أبناء شعبنا داخل الوطن وفي دول الجوار,ولا أدري ما هو الضير فيما قامَ به الأتحاد .
     2- يقول السيد مازن إن المسؤولين في قيادة الأتحاد الكلداني إرتموا في أحضان الآشوريين,من خلال علاقتهم مع المجلس الشعبي والحركة الآشورية.
إنني أسأل السيد مازن وجماعته,لماذا يصرون على أن (المجلس الشعبي وحركة زوعا) هما من التنظيمات الآشورية بينما يعلم الجميع أن معظم الأعضاء المنتمين الى هذين التنظيمين هم من الكلدان,ولاسيما في ولاية مشيغن,ثم عمنً الذي يمثل المسيحيين بكافة تسمياتهم شرعآ وقانونآ في العراق وفي أقليم كردستان ؟إن الممثلين الحقيقين لشعبنا بكافة تسمياته القومية والمذهبية هم
المجلس الشعبي,والحركة الآشورية وبجدارة وإستحقاق ,لأنهم فازوا بالمقاعد( الكوتا) الخمسة المخصصة للمسيحيين في برلمان الحكومة الأتحادية في بغداد,وكذلك المقاعد الخمسة في برلمان أقليم كردستان أثناء الأنتخابات التي حصلت في العراق بتاريخ 7-3- 2010 وقبلها التي حصلت في أقليم كردستان,ولهم وزراء في كلا الحكومتين,ولهم أيضآ قواعد سياسية وتنظيمية واسعة داخل العراق وخارجه, فكيف تريد من قيادة الأتحاد الكلداني عدم التعامل مع هذين التنظيمين السياسيين؟ ومن قال غيركم أن هذين التنظيمين ليسوا كلدانآ؟ وكأنما الآشورية الآن أصبحت تهمة لدى البعض من السياسين الكلدان الذين نعرف جيدآ تاريخهم وخلفياتهم,حيث كانوا الى وقت قريب يعتبرون المناداة بالقومية هو نوع من الشوفينية والتخلف,أما الآن لا أعرف ماذا يريدون؟ في الوقت الذي فيه عدد النواب الكلدان لدى هذين التنظيمين (المجلس الشعبي ومنظمة زوعا) أكثر من الآشوريين لأنهم لا يفرقون بين أبناء الشعب الواحد, ولأن جميعهم ينتمون الى أمة واحدة وديمغرافية واحدة, ولهم مستقبل ومصير واحد, ولا يمكن لطرف منهم أن يستغني عن الطرف الآخر أو أن يكون بديلآ عنه.
       3- لقد ثبتَ من خلال الخبرة والتجارب السابقة لدى المسؤولين الكلدان في ولاية مشيكن, عندما كانت وفود الجالية الكلدانية تذهب لمراجعة المسؤولين في الأدارة الأمريكية بواشنطن, وفي بداية أي حديث معهم, إذا كان في وزارة الخارجية أو الكونكرس, يقولون لهم,لقد جاءَ قبلكم الآشوريين  وقدموا لنا نفس المطالب, فلماذا لا توحدوا صفوفكم ومطالبكم وتأتون بوفدً واحد لكي نستطيع أن نساعدكم لأن عددكم محدود,ثم يسألونهم عمن تمثلون في العراق؟ ومن هو ممثلكم ؟.. فإذا تخلى الأتحاد عن هذين التنظيمين السياسيين فماذا يقول لهؤلاء المسؤولين؟,هل يستطيع أن يقول نحن نمثل حزب سياسي قديم,أو مؤسسة قومية عريقة, ولكن ليس لدينا أي ممثل في الحكومة العراقية أو في برلمان بغداد أو أقليم كردستان فماذا يتوقع منهم الجواب؟.
       4- لقد ذُكر أسم سيادة المطران الجليل مارإبراهيم إبراهيم الجزيل الأحترام في تلك المقالة (البائسة) لعدة مرات وعن تعمد, وهو حقُ يراد به باطلآ,وأعتقد أن سيادته له الأطلاع التام على ما يجري داخل الأتحاد الكلداني, وهو الذي عين السيد مايكل جورج رئيسآ للأتحاد, ثم عين السيد ظافر نونا من بعده, وإن المسؤولية المباشرة عن الأتحاد لا تزال مناطة به حاليآ,ولو كان حقآ يحترمون قرار راعي الأبرشية لكان الأجدر بهم أن يقدموا طلبآ لسيادته لإجراء التغير اللازم في قيادة الأتحاد مع بيان الأسباب الموجبة لذلك,بدلآ من إصدار مثل هذه البيانات التي تحرض على التفرقة والكراهية وبأسماء وهمية ضدً خيرة أبناء جاليتنا من العاملين بإخلاص وتفاني لخدمة هذه الجالية الكريمة.            لقد قام الأتحاد الكلداني خلال نشاطه في أقل من شهر بثلاث مناسبات مهمة جدآ, إثنتان منهما كانتا لدعم المرشحين الى  منصب حاكم الولاية والكونكرس الأمريكي,والمناسبة الثالثة كانت ندوة عقدها السيد جوزيف كساب  عضو قيادة الأتحاد بتاريخ 21-7- 2010 في ديترويت حول الهجرة والمهجرين من أبناء شعبنا داخل العراق وفي دول الجوار, والآن يطلع علينا شخص فجأة وبإسم مستعار لا نعرف أصله وفصله ينتقد هذه النخبة وهؤلاء الرجال الذين لهم شعور ونشاط قومي في ماضًيهم وحاضرهم,ونحن نفتخر بهم لما لهم من الرغبة الشديدة في العمل من أجل خدمة أبناء شعبنا أينما كانوا ولاسيما في العراق,ولقد أعلنها السيد جوزيف كساب أثناء الندوة, وأشار فيها بالتفصيل الى الجهود الجبارة التي يبذلها الأتحاد الكلداني في سبيل المهاجرين والمهجرين من أبناء الشعب العراقي وبالأخص المسيحيين منهم وبمختلف تسمياته .
وفي الختام أكتفي بهذا القدر من الأيضاح, لأنني أعتقد جازمآ بأن مثل هذه المقالات (البائسة) لا يمكن أن تؤثر في الجالية الكلدانية الكريمة لما لها من وعي سياسي وشعور  وإحساس وطني وقومي عالي المستوى,كما أن خبرتهم  وذاكرتهم تختزن الكثير من الأعمال والمواقف المشينة لهؤلاء ضدً القومات والأديان داخل العراق وفي الخارج  .
داود برنو  - 12 - 8- 2010
 

   


49
مشروع أمريكي لحماية الأقليات في العراق !!!

      إزداد الحديث في الآونة الأخيرة حول مشروع أمريكي جديد في العراق يستهدف حماية الأقليات  القومية والدينية,أو(الكيانات القومية) الأقل عددآ من القوميات الكبيرة مثل العرب والأكراد,ومن ضمن هذه الأقليات المسيحيين بكافة تسمياتهم من (الكلدان السريان الآشوريين),ويأتي هذا المشروع بعد مضي سبع سنوات على أحتلال العراق من قبل قوات التحالف الدولية, وهم الذين كانوا على بينة لما أصابَ هذه الأقليات القومية من الدمار والمآسي خلال السنوات السبعة الماضية ولم يحركوا ساكنآ,في الوقت الذي كان من واجبهم وبأمكانهم أن يعملوا شيئآ ما لهذه الأقليات بالرغم من أنهم كانوا السبب الرئيسي في تدميرها وتهجيرها ولاسيما المسيحيين منهم , ولكن أسمحوا لي أن أستعرض بأختصار شديد جدآ الوضع قبل الأحتلال وما بعده خلال السنوات السبعة   الماضية.
     إستنادآ الى التصريحات الصادرة من المسؤولين في الأدارة الأمريكية السابقة ومنهم وزيرة الخارجية السيدة (كوندليزا رايز) التي صرحت وفي مناسبات عديدة تقول, إننا إرتكبنا مئات الأخطاء في العراق, أما وزير الدفاع السيد (رامسفيلد) يقول إن مصادر المعلومات التي كانت تعمل معنا من العراقيين وفي مقدمتهم الدكتور أحمد الجلبي زودونا بمعلومات غير دقيقة وغير صحيحة وهذه الأسباب أدت الى  الأخفاق وارتكاب الكثيرمن تلك الأخطاء, ولا نعرف مدى صحة هذه الأدعاءات ومصداقيتها,بالأضافة الى هذا أن أحد المستشارين في البيت الأبيض إستقالَ من منصبه إحتجاجآ على السياسة الخاطئة التي كانت تطبق في العراق,  ولكن تبين لدى الرأي العام العالمي وبشكل قاطع لا يقبل الشك, أن قوات الأحتلال لم يكن لديهم  خطة متكاملة لما هو بعد الأحتلال,حيث عمت  الأضطرابات والفوضى جميع مناحي الحياة في البلاد ولاسيما في العاصمة بغداد.                            بعد سقوط النظام في 9-4 – 2003  تم تعين الجنرال الأمريكي (جو كارنر) حاكمآ عسكريآ في العراق لمدة أقل من شهرين, وفي تلك الفترة بدأ الوضع الأمني يتدهور سريعآ نحو الأسوأ ,ثم عين بديلآ عنه السيد (بول بريمر) السياسي المخضرم حاكمآ مدنيآ على العراق يتمتع بصلاحيات مطلقة, وكان بأمكانه أن يعمل كل ما بوسعه آنذاك لدعم وحماية حقوق الأقليات الدينية والقومية, ولكن لم يعمل شيئآ لهم, لا بل قَسًم البلاد والعباد الى قوميات و طوائف ومناطق, واول ما قام به هو تفكيك كيان الدولة العراقية والغائها من معادلة الصراع العربي الأسرائيلي لفترة لا تقل عن عقدين من الزمن,ثم حلً وزارات الدفاع والداخلية والأعلام .. والمؤسسات الملحقة بهما,وبعدها مباشرة سمح لقوات( فيلق بدر) بدخول العراق بدون سلاح, وأتخذت لها مواقع ومكاتب في معظم أنحاء البلاد وخاصة في بغداد,وبدأت تمارس  السلطة التنفيذية وأصبحت بديلآ عن جهاز الأمن والشرطة العراقية. ولزيادة المعلومات:
( يتألف فيلق بدر من خمس فرق قتال مجهزة بأسلحة خفيفة, وفرقة أسناد مجهزة بأسلحة ثقيلة,تأسس هذا الفيلق في أيران في بداية الثمانينات من القرن الماضي وتدرب لمدة أكثر من عشرون عامآ في  أيران بأشراف ضباط من الحرس الثوري الأيراني, وكان خلال هذه الفترة يقوم بعمليات جهادية ضد النظام الدكتاتوري في العراق,وخاصة في منطقة الأهوار جنوب العراق,وبعد دخوله العراق أصبح ميليشيا شبه رسمية لأن قادته كانوا مشاركين في سلطة مجلس الحكم التي شكلها السيد بول بريمر وبشكل  رئيسي وفعال .
      في نهاية تموز من عام 2003 قام السيد مقتدى الصدرأيضآ بتشكيل ميليشيا جيش المهدي في معظم المحافظات, وبشكل مكثف في كل من النجف وكربلاء ومدينة الصدر في بغداد,وكان السيد بريمر ومعه قادة قوات التحالف على علم تام بذلك ولم يصدر منهم أي أعتراض على ذلك,وأنخرط في هذا الجيش الآف من الشباب الشيعة المؤمنين بالجهاد ضدً المحتل,ولكن تسلل اليه المئات من المجرمين ومن أعوان النظام السابق وآخرين, وأتخذت هذه الميليشيا لها مكاتب أيضآ في معظم أنحاء البلاد وخاصة في بغداد والمدن المقدسة,وأصبحت تزاول مهامها كسلطة  شبه رسمية جنبآ الى جنب مكاتب( فيلق بدر) وقوات الشرطة العراقية الهشة المستحدثة حديثآ والتي تم قبول أفرادها  في سلك الشرطة المحلية دون قيد أو شرط, ومعظمهم كانوا (لملوم) من الشارع ومن أصحاب السوابق .           بعد الغاء مؤسسات الجيش والشرطة من قبل الحاكم المدني السيد( بريمر), أصبحت الحدود العراقية مفتوحة على مصراعيها ومباحة أمام المنظمات الأرهابية والعصابات وعملاء المخابرات الدولية المتعددة والمختلفة,  ومعظم تلك المنظمات كانت تأخذ الرموز الدينية عنوانآ لها,والباقي منها كانت تحمل شعارات وطنية  وسياسية مظللة, وجاءت هذه التشكيلات الجهادية والأنتحارية والأجرامية   والمخابراتية  جميعها
                                            من دول الجوار الشقيقة والصديقة وبتسميات مختلفة وجذابة, لقد دخل العراق عشرات اللآلاف من الأرهابين وفي مقدمتهم عناصر من جنسيات مختلفة يعملون مع منظمة القاعدة بقيادة أسامة بن لادن, وأصبح هذا الوطن ساحة الصراع الرئيسي بين هذه الميليشيات والمنظمات الأرهابية من جهة, ومن الجهة الأخرى, كانت قوات التحالف والبعض من المشاركين في الحكومة العراقية الجديدة المنبثقة من مجلس الحكم الذي شكله بول بريمر, وسادت فوضى عارمة في البلاد,وكل مجموعة كانت تحاول السيطرة على منطقة معينة في البلد لتمارس سلطتها السياسية أو الدينية وتطبق شريعتها على المواطنين الذين يختلفون عنهم في الدين والقومية والثقافة,  ولقد شاهدنا مناطق عديدة من بغداد وخاصة منطقة الدورة كيف أن  عناصرمن منظمة القاعدة قتلت, وخطفت, وأغتصبت, وأستولت على أملاك المئات من العوائل المسيحية والصابئة, وفرضت قيودآ وشروطآ على بقائهم في المنطقة,وكل هذا حدث, وكان السيد بول بريمر والأدارة الأمريكية على علم تام وبينة من كل ذلك,ولم يحاول أبدآ أن يضع خطة لحماية هذه الأقليات أو يسمح لها بتشكيل قوة مسلحة للدفاع عن نفسها.                                                                                          في بداية عام 2004 بدأت حملة تفجير الكنائس وقتُلَ وخطف رجال الدين المسيحيين في كل من بغداد والموصل وشهدَ العالم كله تلك المعانات المآسي وحدث هذا كله أيضآ في عهد السيد بريمر وأمام أنظاره ولم نسمع منه كلمة أستنكار واحدة لتلك الجرائم التي أرتكبت ضدً المسيحيين الآمنيين الذين ليس لديهم ميليشيات ولا يوجد أحدآ مسؤول عن حمايتهم, في الوقت الذي كان من واجب قوات الأحتلال (بموجب أتفاقية جنيفً لعام 1949) حماية المواطنين العزل ولاسيما الأقليات الذين لا يملكون السلاح ولا يسمح لهم بتشكيل قوة مسلحة لحماية أرواحهم وممتلكاتهم أسوة بالآخرين, ومن تلك المكونات المسيحيين واليزيديين والصابئة والشبك والتركمان, وأستمرت هذه الحالة وتلك المعاناة منذٌ ذلك الحين والى يومنا هذا, أي أكثر من سبع سنوات والمسؤولون الأميركان على إطلاع تام بكل التفاصيل الدقيقة  العلنية والسرية الخاصة بتلك الأحداث والخسائر بالأرواح والممتلكات التي تكبدناها, والتي روعت أبناء شعبنا في كل أنحاء العراق. وبعد هذا كله نفاجأ بمسؤول أمريكي يقول لنا إننا نعمل في سبيل مشروع لحماية الأقليات في العراق!! وانني شخصيآ أتعجب  وأشكٌ بذلك,بالأضافة الى أن هذا المشروع يأتي متأخرآ جدآ وعملية تنفيذه على الأرض صعبة للغاية في الوقت الحاضر,فلو كان يهمهم وضع الأقليات وسلامتهم ولهم رغبة في ذلك, لكان الأجدى بهم تبني هذا المشروع بعد سقوط النظام مباشرة, عندها كان شعبنا بكامل عدده وامكانياته وتأثيره داخل المجتمع العراقي,وكانت الساحة السياسية تتقبل وتستوعب مثل هذا المشروع آنذاك, أما الآن بعد التدخل المباشر وغير المباشر من قبل الدول الأقليمية في شؤون العراق الداخلية, لقد تغيرت كل المعادلات السياسية والديمغراغرافية في المنطقة, وليس من السهل إقناع المسؤولين العراقيين الذين في الأمس القريب لم يوافقوا حتى على المادة 50 من الدستور العراقي التي تمنح لشعبنا جزءً بسيطآ من الحقوق القومية المشروعة,  فكيف بهم أن يوافقوا  الآن على هذا المشروع الكبير الذي يمنح الأقليات الكثير من الحقوق القومية, السياسية والأدارية المشروعة في المناطق التي تقطنها هذه الأقليات,إنه شئ غير ممكن. 
إن ما أصاب شعبنا (الكلداني السرياني الأشوري) في العراق لم يكن محض صدفة ولم يأت فجأة  وأنما كان مخططآ له بالتأكيد, لأنه ليس من المعقول بأن الأدارة الأمريكية تٌقدمً على إحتلال بلد مثل العراق ولم تضع في حسابها قضية الأقليات القومية والدينية في البلاد,في الوقت الذي كان من واجب الأحتلال حمايتهم والدفاع عنهم من شرً الأرهابين والمتطرفين الأسلاميين بكافة مذاهبهم.                    إن عملية الأحتلال وتداعياتها أدت الى هجرة وتهجير أكثر من نصف مليون مسيحي من العراق أمام أنظار العالم  كله وبالذات الأدارة الأمريكية,  وأن ما تبقى في العراق من أبناء شعبنا لم يتجاوز عددهم نصف مليون نسمة, معظمهم من الطبقة المسحوقة التي لا تتيسر لديها الأمكانيات المادية والثقافية لمغادرة البلاد بالأضافة الى أن نزيف الهجرة مستمر بالتدفق نحو الخارج وفق مخطط دولي,وعمليات التغيير الديمغرافي في المنطقة تسير على قدم وساق من قبل المكونات الأثنية المجاورة لشعبنا في منطقة سهل نينوى, والتي تستهدف تقليص رقعة الأرض التي نمتلكها والتي ورثناها عن أجدادننا منذ آلاف السنين.
     إن الخريطة السياسية لمستقبل العراق الجديد والتي وضعها نائب الرئيس الأمريكي(جو بايدن) في عام 1996 عندما كان مسؤول لجنة العلاقات الخارجية في الكونكرس الأمريكي, لم يكن فيها شئ يتعلق بحقوق الأقليات القومية والدينية العراقية,وأتمنى أن تترسخ في الأذهان بأن الذين يخططون لمستقبل السياسة الأمريكية في العراق لا يوجد في قاموسهم الدين ولم يعيروا أية أهمية له وكل شئ مبني على المصالح المادية.. لقد قسًم السيد (جو بايدن) العراق الى ثلاث أقاليم ,أقليم كردستان في الشمال, أقليم الوسط السني , أقليم الجنوب الشيعي,وتحقق هذا كله تقريبآ على أرض الواقع,وعندما يكتمل هذا المشروع من خلال الدستور وفي ظروف يتحكم بها أمر الواقع, فعندها تتجه الأقاليم الثلاثة نحو الكونفدرالية أو الأستقلال الذاتي, بموجب نتائج الأستفتاء الذي تقرها قرارات هيئة الأمم المتحدة, وعندها ينقسم العراق ويصبح ثلاث دول لا مكان فيه للأقليات القومية والدينية ككيان سياسي أو أداري يستطيع الصمود والمحافظة على موقعه بين هذه الكيانات الكبيرة والتي لها  كثافة سكانية عالية, وإمتدادات أقليمية ودولية ولاسيما في هذه الظروف الصعبة التي تعصف بالمنطقة.                   وأستنادآ الى الأحداث والظروف التي مرت بنا خلال السنوات السبعة الماضية والمعطيات الموجودة على أرض الواقع الآن فإن المشروع الأمريكي لا جدوى منه, إنه عبارة عن مسَكنً لجراحاتنا وآلامنا المستمرة,ولقد حاول مسؤولون عن هذا المشروع في الأدارة الأمريكية الحالية مرتين أن يجتمعوا مع الجالية العراقية في مشيكن للأستماع الي آراءهم ومشاكلهم ولكن الأجتماع في كلا الحالتين لم يستمر أكثر من عشرة دقائق حيث أن العديد من الأرامل والثكالى الذين فقدوا أولادهم وأزواجهم كانوا يتهجمون على هؤلاء المسؤولين مما كان يجبرهم على ترك القاعة مذعورين,وكنت أحد الحاضرين في الأجتماع الأخير الذي تم قبل شهر تقريبآ,ومن هذا المنطلق نحن بحاجة الى مشروع عقلاني, وأن المشروع الحقيقي الذي يمكن أن يتحقق  لحماية شعبنا هوً: العمل يدآ بيد مع القيادة الكردية بزعامة السيد مسعود البارزاني وهذا أيضآ لن يحقق جميع طموحاتنا القومية المشروعة, ولكن هو الأفضل ما يمكن تحقيقه, وهو أكثر واقعية وأكثر قبولآ لدى الجميع في الوقت الحاضر.
داود برنو     -27 -7- 2010 .   

 

50

تشكيل قوة مسلحة هي الضمان الوحيد لحماية شعبنا من الأرهاب

     قبل ثلاث سنوات تقريبآ كتبت ثلاث مقالات نُشرتً في مواقع عينكاوا وتللسقف مشكورين،  في الفترة الواقعة من 29- يونيو- 2007 حتى 25-نوفنبر2007 طالبنا فيها الجهات الحكومية المسؤولة بتشكيل قوة مسلحة خاصة لحماية المسيحيين في العراق،طرحت هذه الفكرة بعد مناقشتها من كافة الجوانب مع عدد كبير من زملائي العسكريين من الذين أبدوا رغبتهم للإنخراط بهذه القوة حالً تشكيلها،على أن يتبنى هذا المشروع بشكل رسمي من قبل ممثلي شعبنا في مجلس النواب العراقي وبشكل شرعي وقانوني،بالتعاون مع ممثلينا في برلمان أقليم كردستان،وقررت أن أكون أول من يلتحق بهذه القوة بصفتي ضابط متقاعد من قوات المغاويرالفرقة الرابعة ، ولكن مع الأسف الشديد  جميع تلك المحاولات باءت بالفشل ولم تلق أذانآ صاغية، لا من قبل حكومة بغداد،ولا من حكومة أقليم كوردستان،بالأضافة الى أن ممثلينا في برلمان الأقليم، وبرلمان بغداد، تجاهلوا كل تلك ألنداءات ربما البعض منهم لم يستوعبها في حينها، والبعض الآخر تبين أنهم يرفضون أي مشروع يطرح من خارج تنظيمهم السياسي،بالرغم من أنني أستعرضت الأوضاع القائمة آنذاك في العراق بشكل مفصل ودقيق، وخاصة في بغداد التي شَهدتً أحداثها منذ سقوط النظام، وبينت مدى خطورتها  على مستقبل شعبنا، مستندآ على الأدلة والبراهين والحقائق  والمعطيات القائمة على أرض الواقع،وذكرت لهم بأنني أعمل مع قوات التحالف في بغداد منذ 1-4-2003  ومن خلال عملي مع بعض الأشخاص العراقيين من ذوي الشأن والقرار، أتطلع على بعض الخطط والمشاريع السياسية التي يتم العمل بموجبها لصياغة مستقبل العراق الجديد،وتبين لي بأن قضية العراق معقدة جدآ وتزدادُ تعقيدآ عندما تتدخل دول الجوار(الشقيقة والصديقة)!! وكل منها تعمل من أجل تحقيق مصالحها ومخططاتها في هذا البلد.                                                                                                                     إن هدف قوات التحالف لم يقتصرعلى إسقاط نظام صدام، أوالسيطرة على المفاعل النووي العراقي إن وجدَ،وإنما القضية هي أبعدً من ذلك بكثير،وكنت أسمع من المسؤولين العراقيين المخلصين لهذا البلد بعد ألأحداث الدامية في عام 2006، وهم يعبرون عن غضبهم وأستيائهم الشديد لما أصاب  المواطنين المسيحيين الأبرياء وكنائسهم في بغداد، وما ستألوا اليه أوضاعهم في المستقبل، في ظل التيارات الدينية المتشددة الزاحفة الينا من دول الجوار كما ذكرت أعلاه، ومنذ ذلك الحين كانوا يقولونَ دائمآ بإن الأقليات القومية والدينية ستتعرض الى عمليات إرهابية شنيعة، ويكون لها تداعياتها على مستقبلهم في هذا البلد، وأن الحكومات المتعاقبة في بغداد ستبقىَ مشلولة لفترة من الزمن قد تزيد على عشر سنوات، وأن حالة الفوضى السائدة قد تكلف المسيحيين خسائر فادحة بالأرواح والممتلكات أكثر من غيرهم، بالأضافة الى تهجيرهم من هذا البلد بشكل جماعي وبلا عودة.
     كلنا يعرف مصدر هذا الأرهاب وأسبابه وكيف كانوا مجاميع صغيرة مبعثرة،وبمرور الأيام إنتظمت مجاميعهم وبدأوا الهجوم،حيث كان أول هجوم أنتحاري قامَ به الأرهابيون،كان على مبنى الأمم المتحدة في أواسط عام 2003 في بغداد فندق القناة ،وراح ضحيته العشرات من القتلى والجرحى وأبرزهم كان ممثل الأمين العام للأمم المتحدة السيد( ديملو)،وبعد الأنفجار مباشرة بنصف ساعة تقريبآ ذهبت مع قوات التحالف الى مكان الحادث ومكثنا عدة أيام في ذلك المجمع،حيث شاهدنا حجم الكارثة وأبعادها،ولم تمض فترة طويلة حتى أستهدفَ موكب آية الله العظمى محمد باقر الحكيم بسيارات مفخخة في النجف الأشرف راح ضحيته العشرات من القتلى والجرحى وفي مقدمتهم الشهيد محمد باقر الحكيم،وهكذا تطور الأرهاب في حجمه ونوعيته وبدأ الهجوم على المواكب الحسينية والجوامع والكنائس،وبدأت السيارات المفخخة والعبوات الناسفة تنتشر في كل مكان،والموت المخبأ على الأرصفة والشوارع والطرقات بالأضافة الى قذائف الهاون التي كانت تسقط ليلَ نهار بشكل عشوائي  على المحلات والدور السكنية والمحلات العامة ،وتحول البلاد الى ممر لتجارة المخدرات وشيوع الجريمة،وساحة لتصفية الحسابات السياسية والمذهبية والعشائرية،وتَكونَ واقع جديد في العراق تسوده الفوضى العارمة والأنحطاط البغيض.
     إن مسلسل قتل المسيحيين في الموصل وأطرافها يجري بشكل منظم ومبرمج،وأن طبقة واسعة من المجتمع في الموصل تغلغلت فيه سلوكيات العنف والأستهانة بأرواح وحقوق الآخرين ولاسيما الذين يختلفون عنهم في الدين. إن الأعمال الأرهابية تستند الى دعوات تكفيرية أطلقتها بعض التيارات الدينية المتشددة وفي مقدمتها منظمة القاعدة الأرهابية في الموصل،إن المدينة تشهد الآن تزايد في العمليات الأرهابية ونوعيتها،وأن قوى الظلام تشكل الآن سلطة أقوى من سلطة الحكومة في بعض المناطق من المدينة.
    إن الحديث عن مستقبل شعبنا الكلداني السرياني الآشوري في العراق،لايمكن أن يكون عبر الوعود التي يقدمها السياسيون، أو أعضاء الحكومة الحالية، من خلال أحاديثهم وتصريحاتهم الجميلة المنمقة المكررة،والتي تقتصر على إستنكار وإدانة العمليات الأجرامية التي يرتكبها الأرهابيون ضد أبناء شعبنا الأعزل ،وإنما بأستقراء الواقع الذي يعيشه شعبنا ولاسيما في الموصل وبغداد، حيث أن الأمن والأستقرار لايزال مفقودآ الى حدً ما في الكثير من المناطق التي يسكنها أبناء شعبنا ، وهناك مشاكل عديدة نعاني منها ولاسيما قضية الأملاك المتجاوز عليها من قبل بعض المسؤولين في الحكومة أو في الميليشيات،ولا يوجد أي بادرة حلً لكل هذه المشاكل وغيرها لحدً الآن..
    إن مستقبل شعبنا لايمكن لأي سياسي أو مطلع أن يستطلع معالمه في هذه الظروف التي تشهدً الكثير من الضبابية والغموض، ولاسيما في هذه الفترة التي تسبق تشكيل الحكومة العراقية الجديدة،ولكن الأصطفافات السياسية تشير الى أن الحكومة الجديدة سوف لن تختلف كثيرآ عن السابقة،وليس لهم من موقف جديد حول موضوع حقوق الأقليات القومية في هذا الوطن، ولا يوجد أي مؤشر أو ضمان لحصول اي تحسن في الوضع الأمني.
     إن تجربتنا المريرة خلال السنوات السبعة الماضية مع الحكومات السابقة، تؤكد لنا بشكل قاطع لايقبل الشك، إن الحكومات جميعها كانت عاجزة عن توفير الأمن والأستقرار للمسيحيين بشكل عام  لأسباب عديدة،وفي مقدمتها نظام المحاصصة التوافقي الذي كان سائدآ خلال فترة ألحكومات السابقة،وإن الحكومة القادمة أيضآ يجعلها هذا النظام غير مؤهلة  وقادرة على ضبط الأمن وتطبيق القانون بشكل عادل ونزيه، ومن هذا المنطلق نطالب الحكومة العراقية الجديدة بإعطائنا الفرصة لمرة واحدة فقط، لتحمل مسؤولية حماية شعبنا من خلال تشكيل قوة مسلحة مدربة ومؤهلة لمقاتلة الأرهابيين الذين يستهدفون أبناء شعبنا، ويمكن أن ينضم اليها عناصر من الأقليات الأخرى في منطقة سهل نينوى،مثل أخواننا الشبك،واليزيديين،والصابئة وغيرهم،ونحن سنكون عند حسن ظنكم في تعزيز الوحدة الوطنية بين جميع أبناء الشعب العراقي الباسل.
داود برنو
20-5- 2010   
         



51
ماذا بعد الأنتخابات ؟؟

    لاشكَ أن عملية الأنتخابات التشريعية التي جرت بتاريخ 7/3/2010  تشكل إحدى المحطات الرئيسية في تاريخ الشعب العراقي,وهي من أهم العوامل البارزة في بناء أسُسً النظام الديمقراطي في هذا البلد,وتعتبر أيضآ من أهم العناصر التي تساهم في بناء الثقة بين المنتخب (النائب) والمواطنين. لا أحد يستطيع أن يدعي أنه يمثل جهة سياسية معينة طالما أنه لم يتقرر ذلك من خلال هذه الأنتخابات النزيهة الى حَدً ما, حسب رأي المراقبين الأجانب وفي طليعتهم ممثل الأمم المتحدة ,بالأضافة الى كونها جرتً وفق نظام القائمة المفتوحة التي طالب بها آية الله العظمى السيد علي السيستاني, وهذا ما يساعد لأختيار  الشخص المناسب في المكان المناسب, وليس كسابقاتها التي جرت في العام 2005 وفق نظام القائمة المغلقة,حيث  تخللها الكثير من الأخطاء والتجاوزات ,ونأمل أن تجري الأنتخابات التشريعية القادمة في العام  2014 في ظروف يسودها الأمن والأستقرار, وأن تكون نسبة  المشاركة فيها كبيرة جدآ.                   إن النشاط السياسي الذي أبداهُ أبناء شعبنا الكلداني السرياني الآشوري في مشاركتهم بالأنتخابات,لابُدً وأن يلفت النظر للأطراف السياسية المعنية في المنطقة, ولاسيما داخل العراق,إنها خطوة جبارة في الأتجاه الصحيح, جاءت نتيجة شعورهم بالمسؤولية تجاه وطنهم وشعبهم, بالرغم من أن الكثيرين من المسيحيين صوتوا لقوائم ليست من ضمن قوائم ( الكوتا ) المخصصة لشعبنا حسب الدستور العراقي, ومن تلك القوائم, القائمة العراقية,وقائمة أتحاد الشعب, وهؤلاء هم أحرار في آرائهم وفي من يختارونه ليمثلهم في المجلس, أما المقاعد الخمسة المخصصة للمسيحيين وحسب نظام (الكوتا) المنصوص عليه في الدستور, لقد فازت بها قائمة الرافدين بثلاث مقاعد, وقائمة المجلس الشعبي بمقعدين,ونحن الآن بحاجة الى وحدة هاتين القائمتين ليشكلوا كتلة سياسية متجانسة داخل البرلمان, ليتمكنوا من تأدية مهامهم بشكل أفضل, ولكن منذ أن تم الأعلان عن النتائج النهائية للأنتخابات, نسمع ونقرأ الكثير من التصريحات والمقالات من المسؤولين في كلا القائمتين وغيرهم من المستقلين يعبرون فيها عن رغبتهم الشديدة لأيجاد صيغة تعاون مشترك بين القائمتين الفائزتين,ولكن هذه الدعوات غير كافية لأنها تقتصر على الشعارات والتمنيات, ولم نلمس منها أي تحرك جادً بهذا الأتجاه من كلا الطرفين,والشئ المهم الذي يؤخذ بنظر الأعتبار هو ما يجب أن نراهُ واقعآ ملموسآ على الأرض ومن خلال الأفعال وليس الأقوال.
   إن الخلافات القائمة بين القائمتين ألمنوه عنهما ستستمر ما دامت العوامل المسببة لهذه الخلافات قائمة  ومؤثرة في مجتمعنا لحد الآن,وأنها تتعلق بخطابهم السياسي المختلف, ورؤيتهم لمستقبل شعبنا,بالأضافة الى موقفهم من مسألة  مشروع الحكم الذاتي الذي تتبناه وتطالب به وتسعى لتحقيقه  قائمة المجلس الشعبي, بينما قائمة الرافدين لا تؤمن بهذا الهدف الأستراتيجي لا بل تستهزئ به وتعتبره مسخرة وجعجعة في الفراغ حسب تصريحات بعض المسؤلين في قائمة الرافدين لدى لقاءاتهم مع المغتربين من أبناء شعبنا.
    إن شعبنا الكلداني السرياني الآشوري لايزال يدفع الثمنً باهضآ بسبب الأنقسام الحاصل بين قادتنا,ولنا هواجس من خطورة المرحلة القادمة وتداعياتها على شعبنا,ومع كل هذا فإنه من الضروري جدآ أجراء الحوار بين القائمتين لغرض التوصل الى أتفاق بينهما حول طرح برنامج سياسي محَددً, يلبي حاجات وتطلعات وطموحات شعبنا لهذه المرحلة, ويضمن لنا الأمن والأستقرار في هذا الوطن,وأعتقد بأن معظم الأطراف السياسية تؤيد هذا الحوار وتشجعهُ في سبيل تقريب وجهات النظر بين الطرفين,وأيجاد الصيغ الديمقراطية الملائمة للتعاون المشترك بين الحركة الآشورية من جهة,والمجلس الشعبي من جهة أخرى, كما نطالب الأحزاب والتنظيمات السياسية التي خرجت من خيمة المجلس الشعبي قبل الأنتخابات أن تعيد النظر بموقفها السياسي وتواصل العمل في أطار المجلس الشعبي,لأن الأسباب والمبررات التي أدت الى أبتعادهم عن المجلس الشعبي قبل الأنتخابات قد تلاشت الآن, وبدأت مرحلة جديدة تتطلب توحيد الخطاب السياسي القومي, لتشمل كافة تنظيماتنا السياسية ومنظماتنا الأجتماعية والمهنية,بالأضافة الى هذا, فإن الأحزاب المشاركة في قائمة عشتار وهم كل من (حزب بيت نهرين الديمقراطي , حزب الوطني الآشوري , والمنبر الكلداني) يشتركون مع المجلس الشعبي في  المبادئ والأهداف الرئيسية, وفي مقدمتها موقفهم من الوحدة القومية, ومشروع الحكم الذاتي لشعبنا في مناطقه التاريخية في سهل نينوى.
    إنه َمنً الضروري جدآ أن يستأنفوا العمل السياسي مع المجلس الشعبي,وفي هذا الوقت بالذات, بالرغم من أن قائمة (عشتار) لم تحصل على أي مقعد في البرلمان,ولكن لايعني هذا أنهم فقدوا رصيدهم في المجتمع الكلداني السرياني الآشوري, أو فقد المجتمع ثقته بهم, أو أن برنامجهم السياسي لا يلبي حاجات وتطلعات شعبنا, وهذا غير صحيح, إنما هم يحظون بأحترام وتقدير كبير من لدن أبناء شعبنا قاطبة.
إن هذه النتائج كنا نتوقعها,لأن الجميع يعرف جيدآ إن قائمة (عشتار) لم يكن لها أية أمكانيات مادية أو أعلامية,ولم يتيسر لها الحصول على أي مصدر مالي لتمويل حملتهم الدعائية أسوة بالقوائم الأخرى,ولقد شاهدنا الأمكانيات التي كانت متيسرة لدى قائمتي المجلس الشعبي, والرافدين, ولاسيما القنوات الفضائية لكل منهما, (عشتار وآشور) ومن المؤكد بأن وسائل الأعلام لها دور مؤثر وفعال ورئيسي في حسم نتائج الأنتخابات  وهذا ليس في العراق فحسب وإنما في كافة بلدان العالم.
    إن شعبنا مجروح ومشتت ولا يستطيع أن يعبر عن رأيه وموقفه في خضم هذه الفوضى السائدة في هذا البلد, ويجب أن يكون من أولوياتنا الآن هو توحيد الصفوف بالرغم من وجود خلافات وأختلافات في الرؤية والهدف بين البعض من تنظيماتنا السياسية,ولكن الظروف التي تواجهنا الآن يتحتم علينا تجاوز هذه الخلافات مهما كانت ولاسيما في هذه المرحلة بالذات,إنها من أهم المراحل التي يمر بها العراق.                 إن الأنتخابات التي جرتً لم, ولن تكن هدفنا, وإنما هي إحدى الوسائل المهمة لتحقيق أهدافنا وطموحاتنا الوطنية والقومية المشروعة في وطننا, كما نطالب المجلس الشعبي أن يمسك بزمام المبادرة, ويدعو كافة التنظيمات السياسية لشعبنا الكلداني السرياني الآشوري  لطاولةً الحوار المفتوح, وطرح مشروع سياسي جديد يلبي حاجات وتطلعات الجميع وفق برنامج عمل مشترك لفترة السنوات الأربعة القادمة, يستند على مبادئ وأسس وشروط وآلية عمل لمواجهة التحديات الصعبة التي قد تواجهنا في المرحلة القادمة.
   إن الوضع القائم الآن في العراق لا يدعو الى التفاؤل, بسبب الصراع الدائر بين القوائم الرئيسية على منصب رئيس الوزراء,وإن الصلاحيات المناطًة بهذا المنصب وحسب الدستور العراقي الجديد تجعل النظام الديمقراطي القائم في هذا البلد مشلولآ,ولقد شاهدنا عددآ من المسؤولين الكبار وخاصة في القوات المسلحة يصرحون علنآ بأنهم وزراء بدون صلاحيات, وعلى سبيل المثال لا الحصر وزير الداخلية السيد جواد بولاني, والفريق بابكر زيباري رئيس أركان الجيش وغيرهما.
   إن المعطيات القائمة على الأرض تشير على مدى خطورة المخططات التي تحاول جهات أجنبية وأقليمية تنفيذها في وطننا بطرق وأساليب مختلفة وملتوية,وشاهدنا قبل عدة أيام الأنتخابات التي أجراها التيار الصدري لأختيار مرشحه لرآسة الوزراء والجميع يعرف كيف تم الأعداد لهذه العملية في إحدى الدول المجاورة,إن العملية بمجملها كانت تستهدف الضغط على القوائم الرئيسية الفائزة بالأنتخابات وفرض عليها أمر واقع, وإننا نخشى من الهيمنة لحزب سياسي على مقاليد الحكم, بسبب ثقافته  التي تختلف عن ثقافة السواد الأعظم من مكونات الشعب العراقي, كما لايؤمنون بأنتقال السلطة سلميآ الى الكتل السياسية الفائزة بالأنتخابات,ويبدو أنهم يمهدون لممارسة النظام الشمولي في العراق كما هو سائد الآن في أيران, بالرغم من أن هذا النظام عجز عن تحقيق مكاسب وأنجازات داخلية, تؤَمن حياة حرة كريمة لشعبه, وبشهادة شركائهم في السلطة زعماء تيار حركة الأصلاح في أيران, ومن هذه المعطيات وغيرها, فإننا نطالب قادتنا أن يكونوا على أستعداد تام للتعامل مع المستجدات داخل العراق وفي المنطقة. 
داود برنو
10/4/2010 .

52
أحتفالات نوروز في أميركا
           
       يحتفل الشعب الكوردي في 21 /آذار من كل عام في العراق بمناسبة (نوروز) العيد القومي للأمة الكوردية ,وكذلك الجاليات الكوردية في الخارج تحتفل بهذا اليوم أيضآ, ولاسيما في أميركا وكندا, حيث تقيم آلاف العوائل الكوردية في هذين البلدين منذ سنوات طويلة,وعادةً تقام أحتفالات في مدن عديدة بهذه المناسبة من كل سنة, وخاصة في الولايات المتحدة الأمريكية, لوجود أكبر جالية كوردية عراقية خارج كوردستان,ويقدر عددهم أكثر من خمسين ألف نسمة, معظمهم في ولاية تَنسًي مدينة (ناشفيل),وكذلك في الولايات التالية, تكساس, كاليفورنيا, فرجينيا, مشيغن, ويتخلل الأحتفال بهذه المناسبة خطابات سياسية ونشاطات فنية تقدم فيها باقة من الأناشيد والأغاني الكوردية الجميلة, ويشارك في هذه الأحتفالات الى جانب الشعب الكوردي,أبناء شعبنا الكلداني السرياني الآشوري دائمآ ومنذ عشرات السنين,وخاصة الذين ينحدرون من أهالي القرى والقصبات والمدن الواقعة في كوردستان العراق, وممن هم أصدقاء وحلفاء للشعب الكوردي الشقيق. 
       قبل عدةً أيام حضرنا الأحتفال الذي أقيمَ في مدينة (لآنسيينغ) في ولاية مشيغن وحضره جمعُ غفير من الأكراد,قادمين من المدن المجاورة ومنها, مدينة ديترويت, سَكًناو, آناربر, ومناطق أخرى متعددة, حضَر هذا الأحتفال أيضآ ممثلو المنظمات السياسية العراقية المتواجدة في مدينة ديترويت الكبرى والشخصيات الكردية, ونذكر منهم الذين تم التعرف عليهم, وفي مقدمتهم وزير الداخلية العراقي الأسبق السيد أحمد كاظم,ورئيس جمعية حقوق الأنسان العراقية في أميركا السيد حميد مراد بوتاني ومعه السيد عبد فرنسي والسيدة ماجدة سامي زنكلو,وكذلك رئيس لجنة المجلس  الشعبي (الكلداني السرياني الآشوري) في مشيكن الأستاذ أنطوان صنا, وممثل الأتحاد الديمقراطي العراقي في أميركا السيد نبيل رومايا,ومسؤول منظمة الحزب الديمقراطي الكردستاني في ولاية مشيغن السيد أوميد سوراني,ومن الشخصيات الكردية أيضآ الدكتور أسعد خيلاني, والفريق إبراهيم أحمد بيداوي,والسيد محمد هورامي(أبو آزاد), وكان هناك أيضآ ممثلون عن تنظيمات سياسية أخرى لم يتسنً لنا التعرف عليهم مع الأسف الشديد.
      إن عيد النوروز له معانً وأبعاد سياسية عظيمة,ثورية ونبيلة, يرمز هذا العيد الى العمل البطولي الذي قامَ به البطل المقدام  (كاوا الحداد),حيث قام بقتل الطاغية حاكم المدينة المدعو (ضحاك) ثم تسلق قُمةً الجبل وأشعل النيران فيها أيذانآ بفجر يوم جديد, ودعًا فيه الأهالي الذين غادروا المدينة خوفآ من ظلم وبطش الطاغوت, العودة الى مساكنهم وبدأ الأهالي أيضآ بأشعال النيران على قمم الجبال الشامخة, ثم عادوا الى منازلهم وعمً الفرح والسرور والبهجة في جميع أنحاء المدينة, وبدأت حياة جديدة تسودها الطمأنينة والسلام والحرية بعد أن تخلصوا من الحاكم الظالم, وبهذا العمل العظيم الذي قام به البطل الشجاع (كاوا الحداد) في إنقاذ أهالي المدينة من ظلم وتعسف الطاغية (ضحاك) وضع حدآ بين عهد الظلام للطاغية,وعهد النور والحرية الذي فجره الثائر كاوا الحداد.
     إن الشعب الكوردي يحتفل بهذه المناسبة العظيمة سنويآ, وأصبح تقليدآ ثابتآ يمارس في يوم  21 / آذار من كل عام, منذ ذلك التاريخ والى يومنا هذا,أي منذ أكثر من 2700 سنة تقريبآ,ويعتبر نوروز العيد القومي للشعب الكردي قاطبة, ويعتبر أيضآ يوم 21/ آذار هو بداية السنة الكوردية الجديدة,وفي هذا الوقت بالذات تتفتح الورود والأزهار في كوردستان إيذانآ في بدءً فصل الربيع في وطننا العراق, وخاصة في المنطقة الشمالية التي تضم في جبالها الشاهقة وسفوحها الواسعة الكثير من المعالم السياحية والمناظر الطبيعية الجميلة الخلابة التي تتدفق منها شلالات المياه العذبة,وتتمتع بمناخ جميل ورائع بالإضافة الى الأمن والأستقرار السائد في المنطقة,أما حركة العمران الجارية في كردستان فحدث ولاحرج.
     إننا نهنئ الشعب الكوردي الشقيق بهذه المناسبة القومية العظيمة, ونأمل أن يصبح نوروز عيدآ لجميع العراقين بكافة قومياتهم وأديانهم, ومنطلقآ للتعايش والتآخي بين الجميع في هذا البلد العظيم, بَلدً الحضارات ,ونأمل أن تكون المهمة الأولى والملحة للحكومة المنتخبة القادمة, هي توفير الأمن والأستقرار لجميع المواطنين وفي كافة أنحاء العراق,ولاسيما في مدينة الموصل, التي لايزال شعبنا (الكلداني السرياني الآشوري) يتعرض فيها الى شتى أنواع الأضطهاد والتشريد والقتل المستمر من قبل عصابات التكفير الأنتحارية التي تحمل الفكر الظلامي المتعصب والمتدفق الينا على شكل فتاوى من شيوخ السعودية ودول الخليج,ولقد ثبت ذلك بالأدلة القاطعة من خلال الأعترافات والتحقيقات الجارية مع المتهمين بهذه الجرائم.
 نلاحظ في هذه الأيام العصيبة ونحن ننتظر نتائج الأنتخابات النهائية, وكل فريق سياسي يحاول أن يطرح تصوره وطموحه حول القضايا المختلف عليها,ولم تتمكن هذه الأئتلافات السياسية من أيجاد صيغة مشتركة لبرنامج سياسي موحد للعمل الوطني يتمحور حوله المجتمع العراقي بكافة أطيافه,ويتغذى من الفكر والثقافة العراقية الوطنية,وليس من الثقافة العنصرية الأحادية التي ترفض الآخر,وهذا ما نلمسه من تصريحات بعض المسؤولين في الكتل السياسية العراقية التي لم تحقق ما كانت تصبو اليه من نجاحات في نتائج الأنتخابات التشريعية والتي لاتزال قيد المراجعة وغير مقبولة من بعض الكتل السياسية لحد الآن.
وأخيرآ نأمل أن يعود( نوروز) في السنة القادمة بالخير والسعادة والسلام على المواطنين العراقيين جميعآ, وأن يسود العراق  الأمن والأستقرار وتقديم الخدمات للمواطنين بشكل أفضل من أجل بناء عراق حُرً مستقل ديمقراطي فدرالي تعددي موحد.
  داود برنو
27/3/2010   

53
الأنتخابات البرلمانية ..وأحداث الموصل
   
منذ سقوط النظام الدكتاتوري في 9/4/2003 إجتاح العراق موجة من التطرف الديني المُسَيسً والمتدفق الينا من دول الجوار الشقيقة والصديقة, وبشكل منظم ومن كلا المذهبين السني والشيعي على حَدً سواء, وأكتسحت أوساط شعبية كثيرة ولاسيما في المناطق الفقيرة والمتخلفة من وسط وجنوب العراق, ولم توجد قوةُ تستطيع إخمادها أو أيقافها أو التخفيف من حدتها منذ ذلك الحين والى يومنا هذا,بالأضافة الى الصراع المسلح الدائر بين المنظمات الأرهابية بقيادة (منظمة القاعدة) من جهة, وقوات التحالف الأمريكية من جهة أخرى,إن هذه المنظمات الأرهابية تدعو علنآ الى إقامة دولة الخلافة الأسلامية في العراق,وما شابه ذلك أيضآ لدى المتطرفين من المذهب الشيعي يدعون الى إقامة نظام ولاية الفقيه كما هو النظام القائم حاليآ في أيران الأسلامية ,وهؤلاء ليس همهم سوى تكفير الآخرين من الذين يختلفون عنهم في الدين أو المذهب, ويروجون لثقافة الكراهية والتحريض على القتل والعدوان ضدً الآخرين,ونحن المسيحيون بكافة تسمياتنا من (الكلدان السريان الآشوريين) كنا وسنكون مستهدفين ومن الضحايا الأوائل لهؤلاء المتشددين الذين قدً تسللوا الى بعض المراكز الحساسة في أجهزة الدولة العراقية ومنذ ستً سنوات وأكثر,لهم القدرة والسلطة اللاشرعية في بعض المناطق داخل المدن التي يقطنها أبناء شعبنا ولاسيما في مدينة بغداد والموصل والبصرة, بالرغم من أن الحكومة قامت بإقصاء الكثير منهم ومن الذين كانوا يعملون في الأجهزة الأمنية ولا تزال تلاحقهم ولكن دون جدوى,إنهم منتشرون في الكثير من مفاصل الدولة المهمة, إن شعبنا لا يملك أية خيارات أخرى أوأمكانيات لكي يستطيع الدفاع والتحدي والصمود أمام هذا الزخم الهائل من الأحداث الدامية التي يتعرض لها شعبنا الآمنً في هذا البلد, وفي ظل هذا الغزو الثقافي والأرهاب الفكري الذي تنشره مؤسسات الفتاوىُ في الدول المجاورة للعراق, إنها لاتزال تبذل كل ما بوسعها من الجهود والطاقات من خلال الوسائل والأساليب المختلفة في سبيل أرجاع المجتمع العراقي الى أيام القرون الوسطى, لأنهم يحملون فكرآ متحجرآ لا يقبل بالآخر, ولهم شهوة عارمة للسيطرة على الآخر من خلال التصفية الجسدية التي يقومون بها ضد كل من يخالفهم, ويحتكرون كل شئ لهم ولا يؤمنون بالتعددية أبدآ وهذا هو مصابنا اليوم.
إن العمليات الأرهابية التي تنفذً يوميآ ضدً أبناء شعبنا في مدينة الموصل, وفي هذه الفترة المهمة بالذات حيث تصادف فيها الأنتخابات البرلمانية, هي جزء من مخطط كبير يشمل المنطقة بأكملها,حيث تم الأعداد له من قبل بعض الدوائر السياسية الدينية المتشددة في دول الجوار, يستهدف إخلاء المنطقة من المسيحيين, وخاصة العراق, بسبب الظروف الأستثنائية التي يمر بها هذا البلد, والتي تسمح لهم بتنفيذ جزء من هذا المخطط بالتعاون مع عملائهم من المتشددين داخل العراق بشكل أسهل وأسرع وبأقلً ألتكاليف, ونحن دائمآ نسمع ونقرأ في وسائل الأعلام المحلية والدولية المختلفة, ومنذ سنين عديدة عن هذا المخطط الذي تبنتهُ منظمة المؤتمر الأسلامي وبدعم مطلق من بعض الرؤساء العرب وفي مقدمتهم الرئيس الليبي معمر القذافي ,  وكانت بدايته في أواسط الثمانينات من القرن الماضي.
أن الأرهابين بدأوا بتصعيد حملتهم هذه وبشتى الوسائل والأساليب ضدً أبناء شعبنا في مدينة الموصل الحدباء حاليآ, بسبب أنشغال السلطات الحكومية في كل من الموصل وبغداد بقضية الأنتخابات البرلمانية والتي ستجرى في 7/3/ 2010 بالإضافة الى أن جميع وسائل الأعلام العراقية في هذه الفترة تركز جهودها على قضية الأنتخابات وتداعياتها على الشعب العراقي وعلى المنطقة بأكملها, وإن هذه الأنتخابات لاتزال تشكل مصدر قلق للجدال والخلاف السائد  بين الكتل السياسية العراقية بسبب الأصطفافات والتحالفات والتغيرات الجديدة التي طرأت على الخريطة السياسية العراقية نتيجة لنظام المحاصصة التوافقي المقيت السائد في هذا البلد بين الكتل السياسية الرئيسية منذ أكثر من ستً سنوات والى يومنا هذا.
أن الذي يراقب الساحة السياسية العراقية وما تمثله تلك القوائم الأنتخابية من أحزاب ومنظمات وشخصيات وطنية, يصيب بحيرة والم لما تضمنته بعض تلك القوائم من أطراف سياسية متباينة ومتناقضة في توجهاتها وأهدافها ولكنها ترفع شعارات وطنية جميلة وجذابة, وبرامج مثالية وخيالية لا يمكن تطبيقها حتى في الدول الأوربية المتطورة,بالأضافة الى هذا فإن معظم الأطراف السياسية الحالية هي نفسها التي شاركت في الأنتخابات السابقة من عام 2005  ورفعت نفس الشعارات والبرامج تقريبآ, ولكن يجب أن نسأل ما الذي حققته هذه الأحزاب من تلك البرامج والشعارات خلال فترةً السنوات الأربعة الماضية ؟؟ وهذا ينطبق أيضآ على ممثلي شعبنا في مجلس النواب السابق,إنهم فشلوا في تمثيلنا(مع الأسف وأقولها بمرارة) ولم يحققوا أية نسبة من النجاح لا بل أن وجودهم في البرلمان كان خسارة لنا مما أدى الى الأضرار بمصالح شعبنا ومستقبل أمتنا, وعلى سبيل المثال لا الحصر, إنهم لم يبذلوا جهدآ يذكر في سبيل تطبيق المادة 50 من الدستور العراقي الفيدرالي الأتحادي, والتي أدتً الى الغَاء أستحقاقنا النيابي في مجالس المحافظات التي يقطنها شعبنا (الكلداني السرياني الآشوري) وعندما طالبنا أصدقائنا والمتعاطفين مع قضيتنا (وما أكثرهم) من بعض الأعضاء في مجلس النواب ليتبنى مناقشة موضوع المادة 50  في جلسة مجلس النواب القادمة, فقالوا لنا إنها مهمة ممثليكم في ألبرلمان وليست مهمتنا ولولا وجود ممثل لكم في البرلمان لكانت هذه من ضمن مهامنا وواجبنا الوطني والأنساني, وكان بإستطاعتنا طرح القضية بكل قوة وعزم وأصرار ومناقشتها والدفاع المستميت عنها بموجب ما ينص عليه الدستور والقانون في ظل النظام الديمقراطي الحالي ,ولكن كل المسؤولية الآن تقع على عاتق ممثلكم في البرلمان,ومن هذا المنطلق نطلب من أبناء شعبنا جميعآ المشاركة الفعالة بالأنتخابات القادمة, وتقييم دور ممثلينا في البرلمان السابق, من خلال نشاطهم السياسي ومواقفهم تجاه القضايا الرئيسية لشعبنا, قبل الشروع بالتصويت على القائمة وعلى أسم المرشح الذي تختارونه لكي لا نخطأ ثانية, وأرجو أن لا يشك أحدُ بأنني ضد أي من الأحزاب أو القوائم المشاركة بالإنتخابات الحالية, وإذا فشل ممثل الحزب أي كان في دورة برلمانية مُعينة, هذا لا يعني أبدآ فشل الحزب نفسه أو القائمة التي ينتمي اليها أو يتبناها هذا الحزب, ويمكنه أيضآ من ترشيح وجوه جديدة في الأنتخابات القادمة, على شرط أن تتوفر فيهم  المؤهلات المطلوبة للقيام بهذا الواجب المقدس ولتهدئة مخاوف أبناء شعبنا من المستقبل المجهول الذي ينتظرنا,ولكن يؤسفني أن أقول, هذه هي الحقيقة وهذا هو الواقع الذي عشناه خلال السنوات الأربعة الماضية مع ممثلينا في مجلس النواب السابق,وكما يقول المثل الشعبي العراقي (إسأل المجرب ولا تسأل الحكيم) إنه من المعيب جدآ أن نعيد أنتخاب أشخاص فشلوا بأيداء دورهم, وفي القيام بواجباتهم تجاه قضايا شعبهم وأمتهم داخل مجلس النواب العراقي الفيدرالي الأتحادي الموحد من دون وجود أي مبرر لتخاذلهم بهذه المسؤولية.
إن نجاحنا في الأنتخابات القادمة قد يعطي فرصة جديدة لتنفيذ بعض المطالب التي لم يتم تلبيتها في المرحلة السابقة,وهذا مرهون بأختيار ألأشخاص الذين يتفهمون مصلحة شعبنا, ويعملون بكل جدً وإخلاص في سبيلها, من أجل تحقيق طموحاتنا  في الحكم الذاتي داخل المناطق التي يقطنها شعبنا منذ مئات السنين,كما يجب أن ننظر الى الشخص من خلال تاريخه وسيرته الذاتية, وليس فقط من خلال خطابه السياسي الذي تعودنا عليه سابقآ. 
داود برنو



54
المشاركة بالإنتخابات البرلمانية هي مسؤولية الجميع 
                           
                               
تواصل الأحزاب والمنظمات والتجمعات السياسية العراقية حملتها الأنتخابية في هذه الأيام لأنتخاب أعضاء مجلس البرلمان الجديد,وتتخذ هذه الحملات أشكالآ وأساليب مختلفة ومتنوعة, تختلف كثيرآ عن سابقاتها, ولاسيما الأنتخابات التي تمت في نهاية عام 2005  والتي كان هدفها تكريس ألمحاصصة ألطائفية والعنصرية في البلاد,وقد شاهدنا كيف تم تراصف ألأحزاب الشيعية في جبهة الأئتلاف الموحد,وكذلك معظم الأحزاب السنية تراصفت في جبهة التوافق,والأحزاب الكردية في الجبهة الكردستانية, وكان التيار الديني يهيمن على معظم الأوساط الشعبية والسياسية في الساحة العراقية آنذاك, وخاصة المحافظات الجنوبية من البلاد, وأصبح نظام المحاصصة الطائفية سائدآ في هذا البلد والى يومنا هذا, والذي فشلَ فشلآ ذريعآ في إدارة شؤون الدولة العراقية في الداخل والخارج , وكذلك فشل في توفير الأمن والأستقرار للشعب العراقي خلال السنوات الأربعَ الماضية,ولكن لم نغفل أو نتجاهل دور العوامل الخارجية التي ساهمت بشكل رئيسي في تدهور الأوضاع الأمنية في هذا البلد  وأدتً الى ما آلت اليه الآن,وأن الأكثرية الساحقة من المسؤولين المشاركين في السلطة الآن يعترفون علنآ بأن الحكومة فشلت في تنفيذ برنامجها السياسي والأقتصادي والأمني, بسبب نظام المحاصصة الطائفية الجائر والمتخلف, الذي فرضه الحاكم المدني في العراق السيد ( بول بريمر) عندما كان العراق تحت الأحتلال الأمريكي,ولا يمكن أن نحَمًل مسؤولية هذا الفشل على الحكومة الحالية لوحدها, وإنما هناك أطراف سياسية عديدة تشترك في هذه المسؤولية .
أما شعبنا الكلداني السرياني الآشوري  كان في تلك الفترة يعاني من محاولات التهميش والألغاء من المعادلة السياسية الجديدة القائمة في العراق آنذاك, من قبل قوات التحالف أولآ, ومن ثم من قبل  القيادة السياسية العراقية الجديدة,ومهما كان موقف الآخرين تجاهنا فإن موقف شعبنا ثابتُ لا يتغير وبقي صامدآ مخلصآ لهذا الوطن, وسيبقى كذلك مهما كان موقف الحكومات المتعاقبة في بغداد ,ولدى أجراء الأنتخابات البرلمانية السابقة في نهاية عام 2005 كان شعبنا محبط الآمال وفي حالة يرثى لها,فلم يشترك بالأنتخابات إلا بنسبة ضئيلة جدآ, ولم يحصل بموجب الأستحقاق الأنتخابي على أي مقعد في البرلمان,لعدم حصول أيً من المرشحين على العدد الكافي من الأصوات والبالغة خمسون ألف صوت,وأخيرآ تم أعطاء مقعد واحد لأحد أبناء شعبنا وهو السيد يونادم كنا من المقاعد الأضافية (الأحتياط) بموجب نظام مفوضية الأنتخابات,أما المقعد الآخر فازَ به السيد عبد الأحد أفرام من خلال ترشيحه ضمن القائمة الكردستانية.
أما عن الأنتخابات القادمة والتي ستجرى في 7/3/2010 فأن المقاعد المخصصة لشعبنا هي خمسة مقاعد بالرغم من أنها أقل من أستحقاقنا المشروع حسب نفوسنا البالغ أكثر من نصف مليون نسمة (هذا هو ما تبقى من أبناء شعبنا الناطقين بالسريانية في العراق, وبكافة تسمياتهم) حسب تقديرات المسؤولين في هذا المجال,ولكن المقاعد الخمسة أذا توحدت في موقفها وفي نشاطها السياسي يمكن أن تشكل كتلة قوية داخل البرلمان العراقي, وبأمكانها العمل الكثير لمصلحة شعبنا وحقوقه القومية المشروعة في هذا البلد,والآن ينبغي علينا الأختيار الصحيح للقائمة التي تمثلنا حقآ, وللأشخاص الذين يؤمنون بقضيتنا وألذين هم مؤهلين لهذا المنصب وبكفاءة عالية جدآ, ولهم القدرة والشجاعة والنزاهة لأشغال هذه المواقع القيادية في مجتمعنا, وأن يعملوا بكل أخلاص وتفانً من أجل حقنا المشروع في الحكم الذااتي لشعبنا الكلداني السرياني الآشوري في وطننا العراق الفيدرالي الأتحادي الموحد.
لقد كانت تجربتنا قاسية ومريرة جدآ مع نوابنا السابقين الذين لم يحضروا ألكثير من جلسات المجلس المهمة,وإذا حضروا لم يتكلموا, وإذا تكلموا فلم يكُن ذلك إلا بعد فوات الآوان ومن دونَ فائدة تذكر,  ولقد شاهدنا ذلك عندما تم إقصاء المادة 50 من الدستور العراقي المتعلقة بعدد اُعضاء شعبنا في مجلس المحافظات, حيث كانت فضيحة معيبة ومشينة بحق ممثلي شعبنا في البرلمان العراقي, الذين  لم يحركوا ساكنآ ولم يؤدوا واجبهم بالشكل الصحيح والمطلوب,بينما نرى بعض ممثلي المكونات القومية والدينية الأخرى في البرلمان, كيف يدافعون بقوة عن مصالح الجماهير التي إنتخبتهم, وكيف يتمسكون وبأصرار بحقوقهم السياسية ومكتسباتهم الوطنية والقومية والإقتصادية وغيرها,ونحن نكن لهم كل الأحترام والتقدير بالرغم من تحفظاتنا على بعض مواقفهم السياسية.
إنني أدعو أبناء شعبنا جميعآ, داخل ألوطن وخارجه, الى المشاركة الفعالة في هذه الإنتخابات لأهميتها القصوى وإنها الفيصل في تقرير مستقبل ومصير شعبنا في المرحلة الراهنة,أما إذا لم يكن ممثلينا في البرلمان موحدين ومؤهلين وبالمستوى المطلوب لهذه المسؤولية الحساسة والخطيرة, فعندها سنتعرض الى فاجعة أخرى لا أحد يستطيع أن يقدر مدى خطورتها والعواقب الوخيمة الناتجة عنها, وتداعياتها على أبناء شعبنا داخل الوطن, كما أصابتنا الفاجعة لدى الغاء المادة 50 من الدستور العراقي في الفترة الماضية, التي كانوا فيها ممثلينا كل من السادة يونادم يوسف كنا,وأبلحد أفرام غير منسجمين وغير متفقين مع بعضهم على موقف سياسي موحد, وهذا ما إنعكس سلبآ على شعبنا وخاصة قضية الهجرة المستمرة التي لم تنقطع أبدآ, بسبب التخوف الذي يهيمن على أبناء شعبنا من المستقبل المجهول,ولكن يحدونا الأمل في إزالة تلك المخاوف وأيقاف نزيف الهجرة كليآ, عندما يَقرً البرلمان الجديد في بغداد حقنا المشروع في التمتع بالحكم الذاتي في المناطق التاريخية التي يسكنها شعبنا ومنذ آلاف السنين,وعندها يمكن أن نطمئن ونُطمئنً الآخرين على مستقبلنا ومصيرنا في هذا البلد, وسنكون أكثر أخلاصآ وتفانيآ في سبيل هذا الوطن العزيز,وأكثر أندفاعآ لحماية هذه الأرض ألآمنة التي حافظت على تاريخنا وحضارتنا وتراثنا في هذا الوطن الذي عاشوا فيه آباؤنا وأجدادنا,وأملنا كبير في أبناء شعبنا بأنهم سوف ينتخبون القوائم والأشخاص ألذين يؤمنون بمشروع (الحكم الذاتي) لشعبنا ويعملون من أجله ومستعدين للتضحية في سبيله. 
إن أحداث العالم في عصرنا هذا تذكرنا بالكثير من المآسي والويلات للأقليات القومية والدينية التي تعرضت للإبادة الجماعية ومنها, الأقلية المسلمة في  كوسوفو التي كانت جزء من يوغسلافيا, والأقلية الأثنية في دارفور بالسودان,وعمليات الأنفال ضد الشعب الكردي في العراق وغيرها, وكذلك المعاهد العلمية للبحوث المنتشرة في معظم بلدان العالم المتقدمة, تؤكد لنا بأن المكونات البشرية الأقلية التي تعيش مع المكونات الكبيرة والعديدة داخل الوطن الواحد من هذا العالم, لا يمكن أن تعيش بأمن وأستقرار وأن تحافظ على تراثها وثقافتها وحقوقها المشروعة الوطنية والقومية إلا في ظل تمتعها بالحكم الذاتي في إطار الدولة الفيدرالية الأتحادية,وهذا هو حق مشروع لها ومن واجبها الأحتفاظ به والدفاع عنه,ولاسيما في دولة مثل العراق الذي يطبق فيه نظام المحاصصة الدينية والطائفية والأثنية المقيتة, أو يمكن أن تعيش هذه الأقلية في ظل نظام علماني يتم فيه فصل الدين عن الدولة كما هو الحال في الدول الأوربية وأميركا,ولكن هذا النظام سابق لأوانه, وبعيد جدآ عن الواقع القائم الذي نعيشه ألآن في العراق الجديد.
لقد إطلعت على بعض المقالات ألمنشورة في وسائل الأعلام تعود الى عراقين معظمهم من أبناء شعبنا, ولهم مواقف سياسية مختلفة, ينتقدون فيها مشروع الحكم الذاتي لشعبنا الذي أقره دستور أقليم كردستان, ومن دونَ أن يأتوا لنا بالبديل المعقول الذي يتلائَمً مع الوضع القائم في البلاد, وإنني على ثقة تامة بأن هؤلاء جميعهم يعيشون خارج الوطن منذ أكثر من ربع قرن, ولم تطأ قدمهم أرض العراق أبدآ, ومعظمهم إستقى معلوماته من المواقع الأعلامية الحرة, إنها غير دقيقة وبعيدة عن الواقع القائم في البلاد , إنهم يجهلون الأوضاع المستجدة في العراق, وخاصة بعد سقوط النظام الدكتاتوري في بغداد,إنهم لا يعرفون التغيير الكبير الذي طرأ على طبيعة المكونات القومية والدينية والطائفية في البلاد, والدور التخريبي لدول الجوار وتأثيره على الساحة السياسية العراقية , وكيف إنعكس هذا الدور على المواطن العراقي في تفكيره وشعوره  وإحساسه بالآخرين, وخاصة الذين يختلفون عنه في الدين والقومية والمذهب,إن ثقافة الكراهية كانت سائدة في العراق منذ بداية الحملة الأيمانية التي أطلقها (نظام صدام) في أواسط التسعينات من القرن الماضي,وتعززت هذه الحالة بعد سقوط النظام في 9/4/2003 بسبب نظام المحاصصة الطائفية الذي سادَ في جميع مفاصل الدولة العراقية منذ ذلك الحين والى يومنا هذا,ولكن نأمل أن يزول هذا النظام المقيت بعد الأنتخابات القادمة مباشرة.
وأخيرآ إنني أدعو أبناء شعبنا الكرام الى المشاركة الكاملة والفعالة في هذه الأنتخابات, وأختيار القوائم والأشخاص الذين يشكلون فريق عمل متجانس فكريآ وعقائديآ يعملون بكل جدً وإخلاص وتفان في سبيل قضية شعبنا وحقوقه القومية المشروعة في الحكم الذاتي وفي أطار جمهورية العراق الفيدرالي الأتحادي الموحد.
داود برنو

55
الزعيم البارزاني يلتقي أبناء شعبنا في واشنطن
     
       يتهيأ ممثلو مؤسساتنا القومية ومنظماتنا السياسية لزيارة واشنطن لغرض أللقاء مع رئيس أقليم كردستان العراق الأستاذ مسعود البارزاني والوفًد المرافق له, الذي يقوم بزيارة الى واشنطن بدعوة من الرئيس الأمريكي السيد أوباما ونائبه السيد جو بايدن,وكعادتهم في كل مرة حيث كانوا يقومون بزيارة  الزعماء الأكراد لدى وجودهم في واشنطن, كلما سنحت لهم الفرصة بذلك,وكانت الزيارة عادةَ تقتصر على البعض من مسؤولي المنظمات السياسية والتجارية لأبناء شعبنا (الكلداني السرياني الآشوري) في كل من مدينة ديترويت وشيكاغو وفي بعض الأحيان من كاليفورنيا أيضآ, كان الهدف من هذه اللقاءأت هو تعزيز العُلاقات الأخوية التاريخية والمصالح المشتركة بين الطرفين,أما هذه المرة فإنَ الوفًدً أخَذ بعدآ آخر, وشمل معظم ممثلي المنظمات السياسية لشعبنا بالإضافة الى البعض من رجال الدين للكنيسة الكلدانية في أميركا.
     لقد كانت الوفود السابقة دائمآ متفقة الى حَدً ما في رؤيتها للقضايا التي كانت تبحث مع القيادة الكردية بالرغم من وجود ألتسمية المركبة التي كان يرفضها البعض من أعضاء الوفد, وقد كان دائمآ موقف كُل من الأستاذ مسعود البارزاني والسيد نيجيرفان البارزاني أيجابيآ وشفافآ للغاية,ولم يترددوا أبدآ في تقديم العون والمساعدة لأبناء شعبنا المسيحي بشكل عام في كوردستان وفي كافة المجالات والميادين,بالإضافة الى ذلك لقد كان موقف السيد البارزاني دائمآ ينسجم مع طموحاتنا وتطلعاتنا القومية وتجسدَ ذلك في إقرار الحكم الذاتي لشعبنا في دستور أقليم كوردستان, وفي كل لقاءاته مع أبناء شعبنا كان   يدعونا جميعآ الى التكاتف ورصً الصفوف والأتفاق على الموقف السياسي والتسمية القومية الموحدة قبل فوات الأوان,أما اليوم فإن الزيارة تختلف عن سابقاتها لوجود الأختلاف في الرؤية وفي الموقف السياسي لبعض الأعضاء المشاركين في هذا الوفد, منطلقين من خلفياتهم السياسية والتاريخية والمذهبية, وهم الذين كانوا الى وقت قريب يتنكرون لقضيتنا القومية وحقوقنا المشروعة في العراق, وإنطلاقآ من حرصنا الشديد لإنجاح مهمة هذا الوفد ندعو جميع الأعضاء المشاركين فيه الى توحيد موقفهم السياسي والأتفاق على المواضيع ذات الأولوية والأهمية القصوى وذات الصلة بقضيتنا القومية, لطرحها أمام السيد البارزاني, ولكي نبرهن له بأن ألمنظمات السياسية لشعبنا( الكلداني السرياني الآشوري) في أميركا متفقين وموحدين في الرؤية والهدف, بعكس أحزابنا ومنظماتنا السياسية داخل العراق,ولكي لا يبقَ أنطباعه علينا كما هو عليه الآن,بسبب الخلافات الشخصية والحزبية السائدة بين بعض المسؤولين في قيادة أحزابنا ومنظماتنا السياسية داخل الوطن, والتي أشتدت مؤخرآ بسبب الأنتخابات البرلمانية القادمة التي ستصادف في 7/3/2010 .
     إن القيادة الكردية تَعرفُ جيدآ وبشكل دقيق ماذا يجري داخل صفوف شعبنا, وما هي المواقف السياسية لأحزابنا ومنظماتنا القومية, ومدى التعامل معها والأعتماد عليها,إنها حقآ مخيبة للآمال. إن السيد البارزاني سئمَ من كثرة الوفود التي تزورهُ من أبناء شعبنا في داخل الوطن وخارجه,وكل واحد منهم يدعي بأنه الأفضل, وإنه الممثل الحقيقي والشرعي لشعبنا,  أما الآخرون فهم غير ذلك!! وإذا بقينا بهذه الحالة المزرية, أعتقد بأن السيد البارزاني سوف لن يستقبل وفودنا في المستقبل القريب,في الوقت الذي نعتبره المرجعية الأولى والوحيدة لشعبنا ألمسيحي في كردستان, وهو فعًلآ كذلك, وهنا على سبيل المثال,أودً أن أذكر التجربة اللبنانية خلال فترة الثمانينات من القرن الماضي  والتي تشبه الى حَدً ما الحالة التي نعيشها الآن وبإختصار شديد:
      في عام 1987 قمنا بزيارة الى لبنان عن طريق البحر, بوَفدً يضم معظم ممثلي الأحزاب والمنظمات السياسية الآشورية آنذاك,وكان الوفد يتألف من أربع تنظيمات سياسية وبعض الشخصيات الآشورية اللبنانية,ومن أبرز تلك التنظيمات كان (حزب بيت نهرين الديمقراطي),(والحزب الآشوري الديمقراطي). ..الخ, وأتذكر من الشخصيات البارزة في وفدنا هذا, كان السيد جبرائيل مركو الذي هو حاليآ مسؤول مكتب المجلس الشعبي الكلداني السرياني الآشوري في السويد,وكان الهدف الرئيسي من الزيارة هو تأسيس مكتب أعلامي في بيروت لشرح قضيتنا القومية في العراق أمام دول العالم ولا سيما أمام الشعوب وحركات التحرر العربية,والهدف الثاني كان للإطلاع على حقيقة الأحداث التي تجري في لبنان,ومن خلال الزيارة التي دامت أكثر من أسبوعين ألتقينا خلالها مع جميع القيادات ألسياسية اللبنانية المسيحية,وكان أهمهم وأبرزهم الدكتور جورج سعادة رئيس حزب الكتائب آنذاك, وفي سياق الحديث معه صرح قائلآ (نحن المسيحيون في لبنان خسرنا الكثير الكثير من شبابنا ليس بسبب ضعفنا,أو تفوق عدونا, وإنما بسبب التشرذم الذي حصل في صفوفنا,وأنقسمت مؤسساتنا السياسية والعسكرية,وتطورت خلافاتنا الى مرحلة الأقتتال الداخلي وتَكبدنا خسائر فادحة وفي كافة الميادين,وكلنا نتحمل مسؤولية ذلك ثم أضاف قائلآ, لقد تخلى عنا العالم كله وحتى فرنسا التي نعتبرها مرجعيتنا العليا, ولم يبًقَ لنا غير روما وأخيرآ حتى روما تخَلتً عنا وقالو لنا بالحرف الواحد إننا لسنا على إستعداد لإستقبال وفودكم,وليس لدينا الوقت الكافي للإستماع الى هذا العدد  ألكبير من الوفود لتلبية طلباتهم,وكل وفدً يأتينا, يدعي بأنه يعمل لمصلحة لبنان العليا, أما الآخرون يعملون لمصلحتهم الشخصية ومصلحة تنظيماتهم السياسية فقط ,ولا نعرف مدى صحة هذه المعلومات, أما إذا أردتم المحافظة على علاقتكم معنا, فعليكم أن تأتوا الينا بوفدً واحد وبمطالب موحدة, يتفق عليها الجميع, وان تكون لمصلحة الجميع,وإلا سوف لن تجدون أُذنآ صاغية لمطالبكم, وهكذا فرض علينا الحوار والمصالحة الى حدً ما,وبدأنا بتشكيل وفدً موحَدً يضم في صفوفه كل من ممثلي عن حزب الكتائب , الأحرار , ألقوات اللبنانية , حراس الأرز , الرابطة المارونية , والأكليروس , وبكركي , والشخصيات المستقلة ...ألخ,وهكذا بدأت روما تستقبل وفدنا الموحدً وتقدم له المساعدات الأنسانية فقط ,وبدأ كل شئ يتغير نحو الأفضل, وتوجَ بعدئذ بأتفاق الطائف ).
وهكذا نحن ألسوراي من( الكلدان السريان الآشوريين) نمر بنفس الحالة تقريبآ, وإن العالم كله قد تخلى عنا منذ بداية الحرب العالمية الأولى والى يومنا هذا,
ولا يزال يتجاهل قضيتنا, ولاسيما بريطانيا وأميركا, وشاهدنا ذلك لدى أحتلالهم للعراق في 9/4/2003 ,ولم يبقً لنا في هذا العالم كلهُ سوى القيادة البارزانية التي تعتبر بالنسبة لنا روما الثانية,وهذا هو رأي الشخصي وأنا على قناعة ويقين من ذلك, ربما هناك من يختلف معي في هذا الرأي,ولكن الأيام القادمة ستبرهن على حقيقة الأمر إن عاجلآ أو آجلآ.
      إنني لا أريد الإطالة كثيرآ في هذا الموضوع,وإن الغرض منه واضح جدآ, وكل ما نطلبه ونؤكد عليه هو أن يكون لنا وفًدآ واحدآ, ومطلبآ واحدآ وقيادة مشتركة وموحدًة,خالية من العناصر الأنتهازية والوصولية والمتطرفة,وأن يتفقً الجميع ولو على الحدً الأدنى حول المواضيع ألمطروحة وسقفها ألزمني مع السيد البارزاني والوفدً المرافق له, لكي يتفهم مشاكلنا ونلقى منه أذنآ صاغية وعندها سيتم التعامل معنا كمكون قومي يعيش جنبآ الى جنب مع أشقاءنا الأكراد في كردستان العراق منذ مئات السنين, والذين نشترك معهم بالتاريخ والجغرافية, وفي الآلام والآمال,كما أن شعبنا يشكل القومية الثانية في كردستان بعد إخواننا الكُوردً, أما إذا بقينا علي هذه الحالة من التشتت والإنقسام فإننا سنلقي نفس المصير الذي أوًدى بحياة آلاف الضحايا من اللبنانيين بسبب خلافاتهم الشخصية والحزبية,ولا تزال تداعيات تلك الحرب قائمة وماثلة أمامنا وستبقى طالما إن اللبنانيين المسيحيين لم يوحدوا صفوقهم الى ألآن.
     ومن هذا المنطلق لا بُدً من أن يتم الإتفاق بين منظماتنا السياسية ومؤسساتنا القومية وليس أمامنا خيارُ آخر,إننا محصورين بين نار المتشددين ومنهم دولة العراق الإسلامية , ونيران العروبين المتعصبين الشوفينيين ولاسيما في هذه الظروف الصعبة التي يمر بها وطننا وفي ظل العمليات الأرهابية المتطورة والخارقة لخطط أمن بغداد,بالإضافة الى العمليات  الإرهابية التي طالت أبناء شعبنا في محافظة نينوى,إن الوقت قد أدركنا وليس لنا مجال آخر للإنتظار, فعلى الجميع التعامل  بصدق وإخلاص وشفافية مع الآخر, والكَفً عن محاولات التكتيك والمناورة ضدً بعضنا البعض,والإبتعاد عن الخطابات ألعاطفية التي تُظللً الناس البسطاء من أبناء شعبنا ولاسيما في هذه الفترة بالذات, التي تسبق الإنتخابات البرلمانيةالعراقية   ولكن يحدونا الأمل بأن شعبنا سيقول كلمته النهائية وسيختار ممثليه الحقيقين الجديرين لقيادة هذه الأمة نحو غَدً أفضلً   ومستقبل زاهر, في تحقيق أهدافنا القومية المشروعة في الحكم الذاتي لشعبنا في المناطق التاريخية التي يعيش فيها, والتي يسكنها منذ مئات السنين, وهذا سوف لن يتحقق إلا بتأييد ودعم القيادة التاريخية للشعب في كردستان, المتمثلة بالمناضل الكبير الأستاذ مسعود البارزاني , والسيد نيجيرفان البارزاني.   
 
داود برنو
       
     


56
                                         لماذا هذا الغضب يا أستاذ سليمان

قبل عدة أيام إطلعت على مقال للسيد سليمان يوسف بعنوان (الآشوريون والإنتحار القومي) المنشور في موقع أيلاف بتاريخ 19/1/2010 .تفاجأةٌ حقآ, وأستغربت مما جاءَ في مضمونه من معلومات وإتهامات تفتقر الى المنطق السليم والواقع القائم, وبدون أي دلائل مقنعًةَ تشير الى ضلوع هذه الأطراف السياسية بالتقصير, أو بالخيانة لقضيتهم القومية,وإنني سوف لن أتطرق الى التفاصيل الدقيقة لما جاءَ في هذا الخطاب السياسي من كلمات وجُمَلً يؤسف لها, وأكتفي بالإشارة اليه بإختصار شديد,والهدف من الرَدً على هذا الموضوع وغيره من المواضيع, ليس الأنتقاد أوالتقليل من شأن الكاتب,وإنما يأتي من منطلق الشعور بالمسؤولية, ومن الحرص الشديد على إظهار الحقائق أمام القُراء الكرام ولاسيما من أبناء شعبنا الكلداني السرياني الآشوري.

لَمً أكن أتوقع يومآ ما أن أقرأ مقال بهذه الصيغة,وهذا المضمون الحساس كتبه شخص مثقف وسياسي قديم,وحسب معلوماتي المتواضعة,عمل السيد سليمان سابقآ في قيادة المنظمة الآثورية ولسنين طويلة,ومشهود له بالإخلاص والتفاني في سبيل قضية شعبنا, ولكن الموقف السياسي الجديد الذي إتخذه مؤخرآ في هذا المقال, يشير لنا بأنه ربما كان في حالة غَضَبً وإنفعال شديد في تلك الأثناء, أو  لم يتروى بالمعلومات الكافية والصحيحةَ وإنما إعتمدَ على مصدر واحد من المعلومات,وهذا المصدر معروف موقفه السياسي مسبقآ, لأنه يختلف مع الجميع في الوسيلة والهدف لتحقيق أهدافنا القومية المشروعة ,كما إنني لا أستطيع أن أفهم ما هو هدفه من نشر هذه المقالة ولمصلحة من,ولاسيما في هذا الوقت بالذات,الذي يتعرض فيه أبناء شعبنا الكلداني السرياني الآشوري في مدينة الموصل الى حملة جديدة من القتل والتشريد والترهيب, وهي رسالة واضحة من الإرهابين لمنع أبناء شعبنا من المشاركة في الأنتخابات القادمة لإختيار أعضاء مجلس النواب العراقي الفيدرالي الأتحادي. ولكي نسلط بعض الضوء على ما جاءَ في هذه المقالة وعلى سبيل المثال.
يُعزي الكاتب أنَ سبب الإنقسام الحاصل في صفوف شعبنا الى أصدقائنا وشركائنا الأكراد في المنطقة,وخاصة الحزب الديمقراطي الكردستاني ويتهمهُ بأنه يعمل على تفتيت وحدة شعبنا ويحاول تهميش حقوقنا القومية المشروعة بالإلتفاف عليها. ويتهم أيضآ المجلس الشعبي بأنه صنيعة كردية لتحقيق مآربهم السياسية.
كذلك يتهم المنظمة الآثورية بأنها تعمل على تصفية قضية شعبنا,لأنها لم تذكر في بيانها كلمة بيت نهرين وإنما ذكرت كلمة كردستان مرات عديدة !! وهناك أمور أخرى لا نريد أن ندخل في تفاصيلها في الوقت الحاضر.
إن طرحه المثالي والطوباوي هذا, ليس له مثيل ولا شبيه على أرض الواقع القائم في العراق,ولايوجد مثقف سياسي الآن يؤمن بهذه النظريات والغيبيات,لأنها لم ولن تقنع أحدآ بعد, مهما كان ساذجآ,وما قيمة الكلمات الجميلة والخطابات الثورية التي هي أقرب الى الخيال مما هي الى الواقع, والتي تبقَ مجرد شعارات فارغة من مضامينها, وتمنيات وأحلام الربيع, وكلها ليست إلا حبرُ على ورقً,لأنها غير منطقية وغير قابلة للتطبيق على أرض الواقع أبدآ.
إنه لَمنَ المحزن جدآ أن يقوم كاتب سياسي معروف بتخوين قادة شعبنا أولآ,وثم أصدقائنا في الأحزاب الكردية الذين تربطنا معهم أواصرً التاريخ والجغرافية والنضال المشترك والمصير المشترك, وكذلك بالنسبة الى المسؤولين المناضلين في المنظمة الآثورية الذين نكن لهم كل الأحترام والتقدير,وكان لنا الشرف الكبير في اللقاء معهم في ربوع الوطن والأستفادة من خبراتهم الطويلة في العمل السياسي داخل البلدان التي يعملون فيها,
وكذلك يتهم المجلس الشعبي الذي يشكل أكبر مؤَسسة قومية سياسية , ويعتبر المرجعية الوحيدة لأبناء شعبنا وخاصة في كردستان, ويضم في صفوفه العديد من التنظيمات السياسية والأجتماعية والشخصيات الوطنية والقومية, بالأضافة الى العلاقات الثنائية التي تربطه مع بعض  الأحزاب والمنظمات السياسية التي تشترك معه في  الرؤية والهدف لمستقبل شعبنا في العراق الفيدرالي الأتحادي المُوحًد. كل هذه الأطراف تم تخوينهم ولم أعرف من الذي بقي على الساحة السياسية, وإذا كان هناك من تنظيم سياسي لأبناء شعبنا خارج  دائرة  التخوين هذه, فمن هو وما الذي قدمه لشعبنا خلال السنوات الستً الماضية, وما هي نشاطاته السياسية وإنجازاته القومية, وما هو المشروع السياسي الذي يتبناه لمستقبل هذه الأُمة؟ ولكن أستحلفك بالله هل تعرف المجلس الشعبي جيدآ,وهل شاهدت أو قرأت عن نشاطاته,وهل سبق لك أن قمت بزيارة ميدانية الى الوطن(بيت نهرين) ولاسيما منطقة سهل نينوى, لتتعرف على الإنجازات التي حققها هذا المجلس بفترة قصيرة جدآ, والمكتسبات والخدمات التي قدمها ولا يزال يقدمها لأبناء شعبنا في كردستان العراق (شمال الوطن) وخاصة في منطقة سهل نينوى , ومنها القرى والمباني والكنائس التي شيدها لأهل المنطقة, وكذلك المولدات الكهربائية الضخمة التي تجهز أهالي المنطقة بالطاقة الكهربائية, وبأجور زهيدة جدآ,بالأضافة الى تسليح عدة آلاف من أبناء شعبنا وهم يعملون في الحراسات داخل الأقضية والنواحي في سهل نينوى لحماية شعبنا من الأرهابيين,وهناك  أيضآ عدة آلاف من أبناء شعبنا ومن ضمنهم المهجرين,يستلمون الرواتب الشهرية من لجنة شؤون المسيحيين التابعة للمجلس الشعبي...الخ.
أن شعبنا بكافة مؤسساته السياسية والأجتماعية والدينية يقيمون عاليآ ما قام به المجلس الشعبي,وما يقوم به الآن حول مسألة  تثبيت حقنا بالحكم الذاتي في دستور أقليم كردستان العراق, وتفعيل هذا القرار وترجمته على أرض الواقع. ولكن يبدو لي أن الأستاذ سليمان لم يَطلعً بشكل دقيق على ما يجري داخل الوطن,وخاصة في منطقة سهل نينوى, ربما لكونه يعيش خارج البلاد, ولم يتسنى له زيارة الوطن للتأكد من صحة المعلومات التي وردت في مقاله,وانني أوعدكَ يا أخي العزيز بأن هناك جنود مجهولون من خيرة أبناء شعبنا يعملون ليل نهار وبإصرار شديد, بدون كَلَلً أو مَلًل أو ضجيج, من أجل قضيتنا القومية المشروعة وبشتى السُبلً والوسائل,وأرجو منك أن لا تقلق ولا تيأسً, وأن تطمئن لأن القومية الآشورية سوف لن تنتحر, ولن تنسحب من المعادلة السياسية في المنطقة ولاسيما على الساحة العراقية, طالما أن الشعب العراقي في كردستان العراق أو كما تسميه( شمال العراق, أو بلاد آشور..) يعيش في ظل القيادة التاريخية الحكيمة للزعيم الكوردي الأستاذ مسعود البارزاني, كما أن لشعبنا قيادة مُخلصًة ونزيه’ وشجاعة تعمل جنبآ الى جنب مع القيادة الكردية, وتقود هذا الشعب بنجاح من مرحلة الى أخرى نحو أهدافه القومية المشروعة في الحكم الذاتي, وترتكز في نضالها على أسُسً ومبادئ وأطار عمل تلتزم بها وتعمل بموجبها في ظل قيادة جماعية منتخبة.
قيل أن السياسة هي فن الممكن, وأن أكثر ما يستطيعه السياسي هو رفع سقف الممكن لتحقيق أهدافه,أما المثقف فأفقهٌ المطامح وما ينبغي للواقع أن يكون, وعليه يجب أن يتكامل السياسي والمثقف في رؤية واحدة, وتجربة واحدة, لمعرفة دقيقة في القضايا والأمور المطروحة على الساحة السياسية العراقية بشكل خاص, والمنطقة بشكل عام,ونأمل من السيد سليمان يوسف أن يراجع موقفه السياسي,وأن تكون كتاباته في المستقبل حول هذا الموضوع الحساس والمعقد  تعتمدً على منطق الحُجًة القانونية, والسند التاريخي, والمعلومات الدقيقة التي تدعمها الوثائق والأدلة الحيًة, قبل أن يطلق الأتهامات جزافآ, وقبل هذا وذاك فإن طريقة التحليل والأستنتاج للمعلومات التي بحوزته كانت تفتقر الى النوايا الحسنة , والرؤية الصحيحة والتفكير السليم المستنير في ظل الظروف الأستثنائية المستجدة القائمة في وطننا بيت النهرين العراق الحبيب.
  
 داود برنو          
 

      

57
زيارة الى الوطن تجعل المرءً على بيًنةََ من الحقائق والأحداث
 
تلبية لدعوة من اللجنة التحضيرية للمؤتمر الشعبي الكلداني السرياني الآشوري, قمت بزيارة الى الوطن مع العديد من الوفود والمندوبين لحضور المؤتمر الثاني الذي أنعقد في أربيل عاصمة كردستان العراق بتاريخ 3/12/2009 ,شاركت في بعض من نشاطاته المختلفة, في بداية المؤتمر تم أستعراض الإنجازات  والنشاطات التي قام بها المجلس الشعبي خلال الفترة المنصرمة,وتم أيضآ الوقوف أمام النقاط الأيجابية والسلبية التي رافقت مسيرة المجلس خلال السنتين الأخيرتين,كما نوقشت خلال المؤتمر المواضيع المطروحة من قبل الحاضرين, الذين تجاوز عددهم ألف وثلاثمائة شخص,وهم قادمين من مختلف أنحاء العراق,بالإضافة الى الوفود العديدة القادمة من خارج الوطن,وفي اليوم الأخير تم إتخاذ القرارات والتوصيات بشأن التقرير السياسي الذي قدمه رئيس اللجنة بعد المناقشة المستفيضة لمضمونه.
كذلك تم تحديد الأستراتيجية العامة لعمل المجلس في المرحلة القادمة, والمتجسدة في كيفية تطبيق مشروع الحكم الذاتي ضمن العراق الفيدرالي الأتحادي, هذا الهدف الذي طال إنتظاره والذي يطالب به شعبنا منذ سنين عديدة,وكما نصًَ عليه دستور أقليم كردستان حاليآ, كما أكد الحاضرون على السعي الجاد لتحقيق وحدة الخطاب السياسي بين جميع التنظيمات السياسية لأبناء شعبنا,وإن هذه المهمة يجب أن تكون من مسؤولية الجميع دون إستثناء,وأن أي تأخير أو عدم تحقيق هذا المطلب يبدو لنا بأن أهدافنا ستكون بعيدة المنال, طالما أن القوى السياسية الرئيسية لأبناء شعبنا مختلفة في مواقفها السياسية تجاه القضايا الرئيسية التي تهم مستقبل شعبنا في هذا البلد ,لقد شاهدنا وتابعنا الأحداث الدامية التي حصلت في ناحية برطلة بين الشبك من المذهب الشيعي من جهة,وأبناء شعبنا من جهة أخرى, أثناء مناسبة عيد الميلاد المجيد,ومناسبة عاشوراء المقدسة لدى إخواننا من الشبك الشيعة,ولولا الجهود المخلصة التي بذلها بعض المسؤولين من أهالي المنطقة, وفي مقدمتهم أعضاء المجلس الشعبي, لكانت الأمور قد تفاقمت أكثر مما كانت عليه, وكان من الصعب السيطرة عليها والتحكم بنتائجها المؤلمة,وهذا الحدث كُنا نتوقعه بسبب تزامن المناسبتين الدينيتين في وقت واحد,وكذلك الشحن الطائفي الذي كان يسود بين أهالي المنطقة, نتيجة التكوين العقلي والنفسي والبيئة التي نشأوا فيها, ولاسيما خلال السنوات العشرة الماضية, التي أسسها النظام السابق من خلال الحملة الأيمانية التي بدأها في التسعينات من القرن الماضي  مما جعلهم يعملون وبأستمرار على ترويج ثقافة الحقد والكراهية,وعدم قبول الآخر,وعدم التسامح مع الآخر ,بالإضافة الى التغيرات التي طرأت مؤخرآ على ديمغرافية المنطقة وإنتزعت من خلالها مساحات شاسعة من أراضي تعود ملكيتها لأبناء شعبنا, وأُعطيت الى أهالي القرى المجاورة من الشبك,ولم تأتي هذه العملية أعتباطآ وإنما نفذت وفق مخطط أُعدً له مسبقآ من خارج المنطقة,  ولغايات وأهداف سياسية وطائفية معروفة للجميع, وكل هذه العوامل وغيرها تراكمت وجعلت الوضع قابل للإنفجار وخارج عن السيطرة, وظلت الأوضاع في حالة توتر وتصعيد دائم, مما أدى الى حصول أشتباك مسلح بين الطرفين, تسبب في إصابة عدة أشخاص من الجانبين, ومما زاد في الطين بلا تدخل جهات خارجية وطائفية في هذا النزاع مما عزز في إذكاء نارالفتنة بين الطرفين,هذا من جهة, ومن جهة أخرى فإن واقع شعبنا هو في حالة يرثى لها, تسوده الأنقسامات والتشتت, ويشكل الآن عدة كتل سياسية مختلفة في توجهاتها وأهدافها, ولا يمكن أن نقلل من شأنهما أبدآ وأي كان,ونحترم رأيهما أيضآ, ولكن حسب أعتقادي فأن أبرزهم هو المجلس الشعبي الكلداني السرياني الآشوري الذي يضم في إطاره عدة تنظيمات سياسية وأجتماعية, يشتركون معه في وحدة الموقف السياسي ووحدة الهدف الأستراتيجي المتمثل بالحكم الذاتي لشعبنا ضمن العراق الفيدرالي الأتحادي الموحد,وهم من الذين يؤمنون وبشكل قاطع بأن شعبنا لا يمكن أن يعيش في ظل هذه الأوضاع المضطربة بأمن وأستقرار ورفاهية, إلا من خلال ممارسة حقه في الحكم الذاتي وفي المناطق التاريخية التي يعيش فيها,وهم يعملون بكل إخلاص وتفاني وإصرار في سبيل تحقيق هذا الهدف, بشَتًى الطرق ومهما كلفهم ذلك من التضحيات.
أما الكتلة الثانية وهي التي لا تقل شأنآ عن الأولى, فهم تجمع من عدة إتجاهات سياسية مختلفة فيما بينها الى حَدَ ما, ولكنها تشترك في هدف أستراتيجي واحد, وهو إنهم ضد حقوق الشعب الكردي وتطلعاته القومية والوطنية المشروعة,وأبرز هذه التنظيمات الحركة الآشورية,ولاسيما بعد أن تلقت من تلك الجهات السياسية الدعم المادي والفني لقناة آشور الفضائية التي تملكها الحركة,بالإضافة الى هذا فإن الحركة الآشورية تختلف مع المجلس الشعبي في توجهاتها السياسية من خلال رؤيتها لمستقبل شعبنا ومستقبل المنطقة, وبالذات منطقة سهل نينوى, التي يدور حولها الصراع والتنافس من قبل الجميع,وهم أيضآ لا يؤمنون بمشروع الحكم الذاتي لشعبنا في إطار جمهورية العراق الفيدرالية الأتحادية,ويعتبرونه شعار غير واقعي وغير منطقي,وأن النضال من أجله هو مضًيعَةُ للوقت, وإنما يطالبون فقط بالحقوق الثقافية والأدارية لشعبنا في الوقت الحاضر. 
هناك أيضآ كتلة ثالثة تضم أحزاب وتنظيمات سياسية تعمل في أطار لجنة التنسيق العمل القومي لشعبنا ومن أبرزهم حزب بيت نهرين الديمقراطي,والحزب الوطني الآشوري ..وان مواقفهم السياسية قريبة الى حَدً ما من مواقف المجلس الشعبي ولاسيما في مسألة الحكم الذاتي لشعبنا, حيث أنهم يشتركون مع المجلس الشعبي في هذا الهدف الأستراتيجي بالأضافة الى مواقف  سياسية متعددة. وهناك أيضآ عدة منظمات سياسية كلدانية كانت تعمل في أطار هيئة تنسيق ولكنها أنقسمت الى كتلتين وهي الآن في حالة لا يُحسًد عليها.
 إن الجميع يعرف جيدآ بأن الصراع الآن قائم بين الأكراد من جهة,وبعض الأطراف العربية والتركمانية من جهة أخرى ومنذ عدة سنوات, حول مدينة كركوك وكيفية تطبيق الماد 140 من الدستور العراقي الجديد,ولدى تطبيق هذه المادة ستَتحًدد من خلالها عائدية المناطق المختلف عليها, وتضم هذه المادة في طياتها أيضآ منطقة سهل نينوى, التي يقطنها معظم أبناء شعبنا من الكلدان السريان الآشوريين,بالإضافة الى الآخرين من إخواننا اليزيديين والشبك والأكراد والعرب.                        أما بالنسبة الى القضايا الأدارية كيف تسير الأمور في أقضية ونواحي سهل نينوى, فإن العلاقات المتردية بين الكتل السياسية لأبناء شعبنا قد إنعكست سلبآ على تلك الإدارات, وهي في حالة يرثى لها ومخيبة للآمال, فإن التفاهم والتنسيق والأنسجام بين الجهات المعنية في إدارة هذه المدن والقصبات مفقود للغاية,لا بل في بعض الأحيان يأخذ طابع العداء فيما بينهم,ولا نريد أن ندخل بالتفاصيل والأرقام,ولديً الكثير من الأدلة والبراهين على ذلك, من خلال زيارتنا ولقاؤنا مع بعض المسؤولين في تلك المدن, هذا هو الواقع القائم في المنطقة وبإختصار شديد, وهذا ما شاهدناه ولمسناه من خلال زيارتنا للوطن,وخاصة في منطقة سهل نينوى وفي هذا الوقت بالذات , على أمل أن تتغير الأوضاع نحو الأفضل في المستقبل القريب, أي بعد الأنتخابات القادمة لأعضاء مجلس النواب العراقي الأتحادي في بداية آذار القادم.
إننا الآن نشعر بالقلق الكبير بسبب العلاقات السائدة بين الكتل السياسية لأبناء شعبنا وخاصة بين المجلس الشعبي من جهة والحركة الآشورية من جهة أخرى,إن هذه العلاقة قد تسبب ضررآ بالغآ بمستقبل شعبنا, وإذا ظلت هكذا فأن التاريخ ربما سوف يعيد نفسه, وعلى سبيل المثال, لقد سمعنا من شهود عيان أثناء مذابح سميل التي حدثت في آب من عام 1933 كيف إنقسم الآشوريين الى قسمين قبل نشوب المعارك, القسم الأول التحق الى جانب حكومة بغداد بقيادة ملك خوشابا نتيجة إغراءه بوعود كاذبة,والقسم الآخر بقيادة ملك ياقو أبن ملك إسماعيل الذي رفض شروط رئيس  الحكومة آنذاك المجرم بكر صدقي في نزع سلاحهم, فقامت الحكومة بقيادة حملة شرسة ومباغتة ضده,شارك فيها الجيش والشرطة وعشائر المنطقة الموالين لها, ونشب قتال ضاري بينهم ولأيام عديدة أدى الى تكبيد قوات ملك ياقو خسائر فادحة بالأرواح والممتلكات, مما إضطره الى الإنسحاب مع قواته وعبور نهر دجلة ليلآ بأتجاه سوريا ومعه مئات العوائل العزل وتحت رحمة نيران المدفعية والرشاشات المتوسطة التي أمطرتهم بالرصاص,وأستشهد منهم الكثيرون والباقي تم إسكانهم في القرى على ضفاف نهر الخابور في منطقة الجزيرة (محافظة حسكة) من قبل الفرنسيين الذين كانوا يستعمرون سوريا آنذاك, ولا يزالونَ يعيشونَ هُناك لحدً الآن.   
إننا الآن مقدًمين على مرحلة خطيرة وحاسمة في تاريخنا المعاصر, بعد المتغيرات التي حصلت على الساحة السياسية العراقية,وكانت ذات طابع هام جدآ يمكن أن تؤدي الى فشل العملية السياسية في العراق, وان نتائج الإنتخابات القادمة تشكل المفصل ألذي يقرر مصير الوطن,ومصير الشعب بكافة قومياته وأديانه,ولا أحدً يستطيع أن يتكهن أو يعرف ما الذي سيحدث أو يمكنه أن يحدث بعد التطورات الأخيرة التي حصلت بين القوى السياسية المشاركة في الأنتخابات القادمة,والتي سوف تجري في 7/3/2010 بسبب التدخلات الأقليمية والدولية في الشؤون الداخلية لهذا ألبلدً   .
إن الوضع السياسي داخل الوطن في تدهور مستمر,والوضع الأمني في تراجع أيضآ, ولاسيما في منطقة سهل نينوى الذي يقطنه أبناء شعبنا الذين يتعرضون للإعتداء اليومي وبأشكال مختلفة, وفي طليعتهم طلاب وطالبات جامعة الموصل,إن الأعمال الإرهابية قدً تطال جميع فئات الشعب العراقي,ولكن الجميع يملكون الكثير من وسائل الدفاع عن نفسهم ولاسيما المال والسلاح بإستثناء أبناء شعبنا العزل,في الوقت الذي لا تزال المجموعات الأرهابية تستهدف شعبنا ومؤسساته القومية وخاصة الكنائس والمدارس,وأن  الفتاوي الدينية لاتزال تَتدفقً الينا من السعودية ودول الخليج,والتي تحلل هدر دم كل من يختلف عنهم في الدين أو المذهب.
. أما نحن الآن, لم يَعدً أمامنا مزيدآ من الوقت,ولسنا مضطرين للإنتظار أكثر فأكثر,وإن الظروف السياسية والأمنية لم  ولن تسمح لنا أن نبقى بهذه الحالة المزرية وعلينا تحمل المسؤولية القومية والوطنية,وعلى الجميع إعادة النظر في مواقفهم وإجراء مراجعة شاملة لإستيعاب ظروف وخطورة المرحلة القادمة, والتركيز على جوهر القضايا وليس على التفاصيل, وأن يبادر الجميع كل من موقعه, لبدء حوار سياسي وعلى  مستوى عال من المسؤولية للوصول الى الحدً الأدنى من الأتفاق بين جميع المعنين بقضية شعبنا,بحيث يتناسب هذا الحوار مع خطورة المرحلة التي نعيشها,والتي تشكل تهديدآ خطيرآ لمستقبلنا ووجودنا التاريخي والقومي في هذا الوطن الذي لا بديل لنا عنه,والذي يشكل بالنسبة لنا كل شئ في الحياة,ولَوًلاهُ لكانت الحياة ناقصة وغير مجدية مهما كانت طبيعتها ومكانتها, وأينما ذهبنا وهاجرنا في بقاع العالم الواسعة,سيبقى شعورنا وإحساسنا وضميرنا بالوطن قبل كل شئ , وما فائدة العالم كله دون هذا الوطن ,العراق الديمقراطي الفيدرالي الأتحادي.
   
داود برنو

58
اضواء على المؤتمر الثاني للمجلس الشعبي الكلداني السرياني الآشوري (سوريا)

ان الصراع العرقي والمذهبي في العراق يشكل تهديدا خطيرا ومتنامياً ومنتشراً في معظم انحاء العراق، وله جوانب عديدة صعبة ومعقدة ، وغالبا ما يتحول هذا الصراع الى العنف والوحشية ، ويتجاوز هذا العنف في الكثير من الاحيان الحدود الوطنية ويصبح الصراع الداخلي مشتبكاً مع قضايا اقليمية ، وعندها يصبح اكثر اهمية وخطورة ، اما ما يرتكب الان من اعتداءات وانتهاكات ضد ابناء شعبنا من اعمال ارهابية ومظالم لها دلالات سياسية عميقة تستهدف بالدرجة الاولى الى تهجير ابناء  شعبنا من هذا البلد واحلال الغرباء محله ، وان التمييز العنصري والثقافي والاقتصادي المتعمد الذي تمارسه بعض الجماعات والاحزاب المهيمنة على السلطة في بغداد ضد ابناء شعبنا يؤكد لنا بان المستقبل الذي ينتظرنا مجهول وخطير جداً ، ولا امل لنا باستتباب الامن والاستقرار في هذا الوطن ، طالما ان الاوضاع تتجه نحو الاسوأ وباتجاه الهاوية، ولا سيما في هذه الفترة بالذات التي تسبق الانتخابات البرلمانية للحكومة الاتحادية في بغداد . وهذه الحالة تعكس فشل هذه الحكومة في السيطرة على الاوضاع المضطربة في الكثير من المناطق ومنها بغداد – ديالى – صلاح الدين واما الفشل الذريع كان في تطبيق المادة 140 من الدستور العراقي الاتحادي الدائم .
ولكن يحدونا الامل في تغير هذه الاوضاع نحو الافضل من خلال نتائج الانتخابات القادمة التي ستجري في 27 شباط من العام القادم 2010 والتي يتطلب منا الاعداد الجيد لها وتوفير كافة المستلزمات لنجاحها وهنا لابد ان نشير الى انعقاد المؤتمر الثاني للمجلس الشعبي الكلداني السرياني الآشوري وفي هذه المرحلة الدقيقة والخطيرة يشكل محطة بارزة في تاريخ شعبنا ، ويكتسب اهمية اكثر بسبب الانتخابات القادمة للبرلمان الاتحادي وتشكيل حكومة جديدة في بغداد .
كما ان هذا المجلس اثبت خلال السنتين الماضيتين انه الجهة السياسية الاكثر تاهيلاً وقدرة واخلاصا في قيادة شعبنا وتمثيله على افضل وجه ممكن على مستوى المبادئ وعلى مستوى الممارسة ، وهو الذي يستند الى فكر واضح ونضال مستمر دون لف ودوران كما لدى البعض .. وما اكثرهم, كما انه جعل المؤسسات والمكاتب والعاملين فيها على درجة عالية من الفعالية والاستمرارية والنزاهة ، وبرهن على ذلك من خلال الخدمات والمشاريع العمرانية التي انشاها واشرف عليها وقدمها مجاناً  الى ابناء شعبنا دون مقابل، وهو الذي عمل جاهداً ولا يزال يعمل من اجل تعزيز التضامن بين تنظيماتنا السياسية والاجتماعية وبذل جهودا مضنية لتحقيق ذلك دائما, ولكن مع شديد الاسف ان البعض من تنظيماتنا السياسية لا يزال يعمل للمصالح الحزبية الضيقة او للمصالح الفردية ، ويفضلها على المصلحة العامة لشعبنا وامتنا،
ان المجلس الشعبي مستمر في العمل السياسي الدؤوب في سبيل تعزيز مواقعه في الاوساط الشعبية من خلال التفاف جماهير شعبنا حوله، وبلا ادنى شك ان هذا يتم بايحاء وتوجيه ودعم من قبل الاستاذ رابي سركيس آغاجان الذي اصبح حقيقة لا يمكن تجاهلها انه رمزاً قومياً وقائداً فذاً لشعبنا الكلداني السرياني الآشوري, وكما هو معروف ان النخب السياسية في الحركات القومية دائما تقوم بتوظيف رموزها العرقية البارزة لقيادة مسيرة النضال السياسي لتحقيق الاهداف وتعظيم المكاسب السياسية التي حصلوا عليها من خلال النشاطات والتكتيكات والاستراتيجيات التي ينتهجها القائد لتحقيق المصالح العليا لشعبه ، ولقد اثبت وبجدارة عالية السيد رابي سركيس آغاجان من خلال مسيرته الذاتية واعماله العظيمة والتي استفاد منها اكثر من خمسين الف عائلة من ابناء شعبنا المنتشرين في القرى والقصبات من سهل نينوى ومناطق اخرى من اقليم كوردستان العراق انه خير من يقود شعبنا ويدافع عن حقوقه القومية المشروعة في وطننا، لقد شهدنا تاريخ الحركات التحررية القومية في عالمنا المعاصر وفي مقدمتهم الحركة التحررية الكوردية كيف كان المغفور له الزعيم الخالد مصطفى البارزاني قائدا ورمزا لها ولا احد يستطيع ان ينكر او يشك بذلك، وان كل ما حصل عليه الان الشعب الكوردي من حقوق ومكاسب قومية ووطنية كان نتيجة وثمرة نضال وجهود وتضحيات البارزاني ونجله الشهيد ادريس البارزاني الذي امضى كل حياته في النضال وفي سبيل نيل حقوقهم القومية المشروعة في العراق ، والان يواصل قيادة المسيرة ذاتها خليفته الاستاذ مسعود البارزاني ويعاونه الاستاذ نيجرفاني البارزاني انهم القدوة والرمز للشعب الكوردي, وان الاستاذ سركيس آغاجان نشأ في نفس البيئة واقتدى بهم واستفاد من تجاربهم واصبح الان الرمز والقائد التاريخي وبكل جدارة وبدون منافس لشعبنا الكلداني السرياني الآشوري ، وهو الذي نعقد عليه الامال في تحرير شعبنا ونيل حقوقه القومية المشروعة ، وقد ترسخ هذا المفهوم اكثر عندنا بعد حضورنا المؤتمر الثاني للمجلس الشعبي في اربيل بتاريخ  3 ـ 4 كانون الاول 2009 واطلعنا على جميع الحقائق برمتها ، وشاهدنا الانجازات والمكاسب التي حققها هذا الرمز وهذا القائد بعد قيامنا بجولة سياحية في قرى وقصبات سهل نينوى وفي اقليم كوردستان ايضا ، والتي تم انشاؤها من قبله ، والدور الذي قام به في اعادة الاف الدونمات الزراعية الى اصحابها الشرعيين من ابناء شعبنا ولا سيما في منطقة الحمدانية (بخديدا) ودير مار متي والتي كان قد استولى عليها بصورة غير شرعية من قبل بعض العرب والشبك والاكراد، ودفع مئات الملايين من الدولارات لتعويض هؤلاء المتجاوزين على اراضي واملاك تعود ملكيتها لابناء شعبنا بعد ان تم ابعادهم عن المنطقة وتجنب شرهم ،ولكن مع الاسف الشديد لا تزال بعض الجهات في سلطة محافظة نينوى تتخذ قرارات سياسية مجحفة للاستيلاء على اراضي تعود ملكيتها لابناء شعبنا في سهل نينوى، ولايقاف هذا الغزو الديمغرافي القادم الينا من هؤلاء المتشددين والمتطرفين والطائفيين من قبل بعض اعضاء في مجلس محافظة نينوى، فلابد لنا ان نبذل قصارى جهودنا للمشاركة في الانتخابات القادمة لاختيار رجال شجعان ومؤهلين لتمثيل شعبنا في مجلس النواب العراقي القادم في بغداد ، ولا بد ايضا من ان نتخذ العبرة من السنين الاربعة الماضية التي عانينا الكثير منها بسبب تهميش دورنا في العملية السياسية وغياب دور ممثلي شعبنا في مجلس النواب العراقي. ناهيك عن انعدام نشاطهم وضعف دورهم في العملية السياسية، بالاضافة الى المماراسات التي اتبعوها والتي كانت نابعة من المصالح الحزبية الضيقة وهذا ما أكدته ايضا السيدة زكية حقي عضو مجلس النواب العراقي في احدى لقاءاتها مع ابناء شعبنا في امريكا.
ان حضورنا للمؤتمر الشعبي الثاني الذي انعقد في اربيل جسد الحقيقة التي كنا نؤمن بها من خلال مشاهدتنا لكل الانجازات والمكاسب العظيمة التي حققها المجلس الشعبي خلال دورته الاولى، ونأمل من المجلس الشعبي القادم ان يجسد ما ورد في التقرير السياسي الذي اقره المؤتمرون في سبيل تطبيق مشروع الحكم الذاتي لشعبنا الكلداني السرياني الاشوري في المناطق التي يشكل شعبنا الاغلبية فيها.
                                                                                                    داود برنو             

59
المؤتمر لشعبي الثاني يشكل محطة بارزة في تاريخ شعبنا


لقد تأسس المجلس الشعبي الكلداني السرياني الآشوري بعد مخاض عسير,وترقب شديد لما آلت اليه أوضاع شعبنا من تدهور مريع في أوضاعه الأمنية والأقتصادية داخل المدن العراقية منذ سقوط النظام الدكتاتوري بتاريخ 9/4/2009 ولاسيما في المدن الرئيسية  ومنها, بغداد, والموصل, والبصرة, ورافق هذا التدهور, التفكك الحاصل في الجبهة الداخلية للتنظيمات السياسية والإجتماعية لشعبنا في الداخل والخارج, ولقد كان من أبرز صوره, فشل أحزابنا السياسية وفي مقدمتهم ممثلي شعبنا في مجلس البرلمان العراقي, في تعبئة وقيادة شعبنا لتحقيق أدنى تطلعاته في الأمن والإستقرار والعيش الكريم, ونشير هنا على سبيل المثال الى حالة إضافية واحدةُ فقط. قبل فترة وجيزة التقيت مع سيدة من أبناء شعبنا الكلداني السرياني الآشوري وهي صاحبة أعمال تجارية في ولاية مشيكن في أميركا, وترتبط بعلاقات ودية مع السيدة زكية حقي عضو البرلمان العراقي, وقالت لي, لقد سألت السيدة زكية حقي عن الموقف المخزي لإعضاء البرلمان العراقي تجاه المسيحين بشكل عام, فردت عليً السيدة زكية قائلة (إن ممثلكم في البرلمان هم مستمعين ليس إلا, لا يحركون ساكنآ, وإذا تكلموا عن شئ فيكون ذلك بعد فوات الأوان, وأضافت قائلة, إنني تكلمت في حينها مع ممثلكم لتقديم مشروع بخصوص المادة 50 من الدستور العراقي وفي الوقت المناسب, ولكن دون جدوى من ذلك, وإن المشكلة هي في مُمثلكمً وليست في أعضاء البرلمان).
وإنطلاقآ من تلك القناعة الأساسية بفشل هذه التنظيمات في القيام بأيداء واجبها تجاه شعبنا وبالشكل المطلوب, بدأت هذه النخبة من المثقفين والسياسين بالعمل الجاد والدؤوب خلال تلك الفترة من الزمن, تشق طريقها لإيجاد مخرج لإنقاذ شعبنا من الأوضاع المزرية التي كان يعاني منها, وتم فعلآ تشكيل تنظيم سياسي جديد بإسم المجلس الشعبي الكلداني السرياني الآشوري قادر على تلبية حاجات ومتطلبات المرحلة الراهنة والتحديات التي تواجهنا فيها, ولكنه لم يكن هذا المجلس ولن يكون بديلآ عن أحزابنا وتنظيماتنا السياسية, كما أنه يحمل في طياته مفهوم تنظيم سياسي أكثر شمولآ وسعةَ, يتجاوز به البحث عن مجرد حزب أو تنظيم سياسي على غرار ما موجود الآن على الساحة السياسية والقومية لشعبنا في العراق من أحزاب وحركات ومنظمات, كما يظهر لنا جليآ بأن المجلس لم ولن يوصد بابه أمام أحد, وإنما كانت أبوابه مشرعة أمام الجميع من السياسين والمثقفين والمستقلين وغيرهم من الذين يشاركونه في نفس الهموم والأهداف, كما أنه مستمر في لقاءاته السياسية والإجتماعية مع الكثيرين من أهل الدراية والخبرة وذوي الأهتمام المشترك بالقضايا القومية والدارسين لعلم السياسة والنظم السياسية.
لقد شرع المجلس في تلمس ملامح أُطًرَ المشاركة الجماهيرية وبفعالية عالية في مؤسساته المختلفة من خلال نتائج المؤتمر الأول الذي إنعقدَ في بداية عام 2007  وإنبثقت عنه العديد من لجان المتابعة التي أشرفت على تنفيذ توصيات المؤتمر, والتي عملت بكل جدً وإخلاص وتفاني في سبيل دعم وتعزيز مسيرة شعبنا النضالية وفق الأُطًر السياسية وفي كافة المجالات الضرورية.  وفي تاريخ 3/12/2009  سوف ينعقد في مدينة عينكاوا بأربيل عاصمة أقليم كوردستان, المؤتمر الثاني للمجلس الشعبي الذي يتضمن برنامجه الكثير من المهام الوطنية والقومية, التي يتطلب مناقشتها وأقرارها ومن ثم أنجازها في أطار سقف زمني محدد, وبالتعاون مع حكومة أقليم كوردستان, ومن أهم تلك المهام والقضايا الملحة هي, مشروع الحكم الذاتي, تثبيت هذه الحقوق في دستور الأتحاد العراقي الفدرالي, تحقيق الوحدة السياسية والقومية لشعبنا في إطار  التسمية الموحدة, معالجة نزيف الهجرة الى خارج العراق والذي ينخر في كياننا, وأصبح من أخطر القضايا والمشاكل التي يتطلب إيجاد حَلً لها وبالسرعة اللازمة, بالإضافة الى قضايا ثانوية تتعلق بتوفير الأمن للمواطنين, والعمل من أجل أقامة مشاريع التنمية الإقتصادية في المنطقة التي يقطنها شعبنا والتي حُرمتً منها منذ عشرات السنين. وحسب المعلومات المتيسرة لدينا من مصادر مختلفة, سيشارك في هذا المؤتمر ممثلين ومندوبين عن قطاعات واسعة ومختلفة من أبناء شعبنا الكلداني السرياني الآشوري من داخل الوطن ومن خارج العراق أيضآ, وهم يشكلون نُخبً مختلفة من المفكرين والسياسيين ومسؤولين في المنظمات السياسية والأجتماعية والثقافية, لبحث أنجع السبل لتحقيق أهدافنا القومية المشروعة في وطننا العراق.
إن قيمة المؤتمر ليست فقط بعدد الحاضرين والمؤهلات التي يتمتعون بها, وإنما القيمة الأكبر تتمثل في أنجازاته ألمختلفة وفي كافة الميادين, وفي كونه أيضآ أبآ لتجربة ديمقراطية شعبية فريدة من نوعها في تاريخ شعبنا المعاصر والتي جسدها ورسخها وأشرف عليها الأستاذ رابي سركيس آغاجان, وهو الذي إمتزجت فيه عناصر الفكر السياسي والقومي والأخلاق الروحية حتى أصبحت شخصيته مثلآ يحتذى بها .
إن هذه المؤتمرات تُحققً هدف التمثيل والإشراك الأوسع للجماهير ومن كافة الطبقات والأتجاهات السياسية والأجتماعية ولاسيما المستقلين, وصار من الجائز بشأنها الحديث عنها, بوصفها تجربة لها ملامحها وأبعادها ودلالاتها, ومن حقها كذلك وضعها في الحسبان وفي المقدمة حين البحث عن النظام السياسي المناسب لمستقبل شعبنا في العراق, إن هذه المؤتمرات تتمسك بالمبادئ وتلتزم بالقيم الأخلاقية والروحية, وتستلهم التراث وتحقق الإصالة ولا تتخلف عن المعاصرة أبدآ.
لقد كانت هذه المؤتمرات ثمرة الجهود الكبيرة التي بذلها أعضاء قيادة المجلس الشعبي ومؤازريه والإمكانيات غير المحدودة التي تم توفيرها لهم من خلال الجهود التي بذلها معهم رابي سركيس آغاجان في دعم وتعزيز المسيرة النضالية لهذا المجلس والتي توجت بأنعقاد هذه المؤتمرات ونتائجها البالغة الأهمية والتي مثلت المداخل الحقيقية لحل القضايا والمشكلات التي كان ولايزال يعاني منها شعبنا في هذا البلد, الذي تتكالب عليه قوى الظلام والأرهاب السياسي والديني المنتشر في العراق والذي يُصَدر إلينا من دول الجوار الصديقة والشقيقة.
داود برنو   

60
مستلزمات المعركة الإنتخابية القادمة في العراق

تكاثرت إجتماعات مجلس النواب العراقي في الأيام القليلة الماضية حول قضية الإنتخابات النيابية المقبلة التي ستُجرًى بتاريخ 16-01- 2010 وتبين أن جميع تلك الإجتماعات كانت دون جدوى, ولحد الآن لم يتمكن هؤلاء النواب من إتخاذ قرار توافقي يتيح للشعب العراقي إجراء الإنتخابات النيابية بموعدها المقرر, وبالصيغة التي يطالب بها معظم أبناء الشعب العراقي, ولاسيما المرجعيات الدينية الإسلامية, وذلك بسبب الخلافات القائمة بين الكتل السياسية الرئيسية المشاركة في العملية السياسية. ولكن لايزال هناك بصيص من الأمل للتوصل الى إتفاق تفاهم حول قانون الإنتخابات الجديد, وستكون هذه الإنتخابات بمثابة أخطر معركة سياسية يخوضها الشعب العراقي في تاريخه المعاصر, لأنها ستقرر مصير العراق في مصطرع الإتجاهات الدولية والأقليمية المتصارعة على مسرح الوجود في هذا البلد, ولن يكون الأمر مقصورآ على ذلك وحسب بل هو أوسع نطاقآ وأعمق تأثيرآ, لأن العراق سينشطر الى جبهتين رئيسيتين وأكثر, ولكل منهما رأي, وموقف, وممارسة يختلف عن الآخر, في السياسة الداخلية والخارجية وبشكل كبير جدآ.
فجبهةً, تقول بأن مصلحة العراق ومصلحته القصوى من كل وجًه إنما هي رهن تعاونه مع الغرب الديمقراطي, ورهن الإفادة قدر المستطاع من كل مساعدة إقتصادية وعسكرية يقدمها له الغرب في إطار السيادة والإستقلال التي يتمتع بها العراق دون التدخل في شؤونه الداخلية, وهذه الفئة هي الواعية والمثقفة وتشكل الأكثرية الساحقة من الشعب العراقي,ومنهم على سبيل المثال,الجبهة الوطنية العراقية, وجبهة دولة القانون, والحزب الشيوعي العراقي وآخرين.
أما الجبهة الأخرى, فتعتقد بأن العراق لايستطيع سبيلآ الى المحافظة على أمنه وإستقلاله في هذه المرحلة بالذات إلا إذا إعتصم بحبل الجارة إيران الإسلامية الوفية, لأن العراق في الوقت الحاضر لايملك المقومات الأساسية والضرورية لكيانه كدولة يستطيع الدفاع عن حدوده ضدً أطماع الدول الأجنبية والأقليمية,ولقد صرح بذلك الرئيس الأيراني أحمد نجاة قبل سنتين تقريبآ,عندما قال نحن مستعدون لملئ الفراغ الأمني بعد إنسحاب القوات الأمريكية من العراق, وفي نفس السياق نلاحظ أن الحكومة الأيرانية تواصل السعي الحثيث الى التغلغل في الأوساط السياسية العراقية وفي المؤسسة العسكرية والإقتصادية, ومحاولة بسط نفوذها عليها بألف وسيلة وحيلة, وتحت ألف تسمية وشعار ديني وطائفي وإنساني, وقد وصلت فعلآ بهذه الأساليب الملتوية والمتلونة الى التسرب حيث شاءت وفي كافة الميادين,حتى لقد جرفت في تيارها أيضآ بعض الرموز العربية من رؤساء العشائر السنية, وإن العراق لن يسلم في معركة الإنتخابات القادمة من التدخل الأيراني المغلف والسافر في شؤونه الداخلية وكما حصل في الإنتخابات السابقة التي جرت في عام 2005 .
إن الدول المجاورة وبعض الدول الغربية تهتم في كثير من القلق لعملية الإنتخابات القادمة في العراق, ولأنها ستؤدي الى نتائج حاسمة لإحدى الجبهتين والتي ستنقشع عن كفة راجحة, إما كفة المعسكر الغربي وبها الضمانة لمصلحة العراق ومستقبله من كل وجه.
أو كفة المعسكر الأيراني والذي يشكل الخطر الراهن والدائم على الصميم من مقومات العراق الكيانية على حدً ما نرى عند من تسربت اليهم آيدولوجية إيران الإسلامية المتجسدة في نظام ولاية الفقيه كما هو حاصل الآن لدى دولة حزب الله في الجنوب اللبناني.
ولإنقاذ العراق من محنته في هذه الإنتخابات, نناشد الناخبين والناخبات من أبناء الشعب العراقي جميعآ ونؤكد لهم أن إنتخاب النائب الصالح لأَمرُ في غاية الأهمية, وعليهم أن يقترعوا بوعي تام وحرية وضمير حَيً, لأن مصلحة البلاد وخير أبنائها الحق منوطان بنواب صالحين, ومن ثم فرغبة منا في تنوير الأذهان, وتوطيدآ لإرادات الخير تجاه فوضى الآراء والمناهج والمشاريع السياسية المشبوهة, نحذركم من الجهات ذوي التعاليم والنزعات  العنصرية والطائفية,ومن القوائم التي فيها أحزاب وتيارات سياسية تدعو الى التفرقة بين أبناء الوطن الواحد, والتي لا تحترم سيادة العراق وأستقلاله, وتبدي تجاهلآ لكيانه القانوني والطبيعي في المنطقة, فعلى الناخبين والناخبات أن يتقيدوا بهذه المبادئ الوطنية, وعلى المرشحين أيضآ أن يتعهدوا كتابة بالمحافظة على المصالح العليا للوطن والشعب العراقي كافة دون أي تميز, ولنا الأمل بأن الجميع سيحافظون على العهد, فيظل العراق موطن الحق والحرية والعدل والمساواة.
وليعلم الجميع أنه يرتكب خطأَ أدبيآ ذاك الذي ينتخب عن سابق معرفة, وقبول أشخاصآ لايقدمون الضمانات الكافية في حياتهم الفردية والإجتماعية, بالنظر الى الأحوال الخطيرة والملابسات المعقدة التي ستصحب المعركة الإنتخابية, إنها خيانةُ وجناية في جانب الضمير والشعب وكيان الوطن, أن ينخدع الناخبون بالوعود البراقة بدون أن يستجلوا حقيقة المرشح على أضواء ماضيه بالنظر الى خدماته في جانب الشعب والوطن,وبالنظر الى مستواه الخلقي في حياته الفردية والإجتماعية, أَفيكون من الحكمة والمنطق أن نعيد الكًرًة في إنتخاب من خبرناهم مرةً وأكثر وما وجدناهم إلاً هزالآ وأهل نَهًم, وهل يكون من الكرامة والخير أن نندفع في غير وعي كالفراش على النار, وراء من يلوحون لنا بالرغيف والدولار, لإفساد ضمائرنا وقتل النبل ومكارم الأخلاق في صدورنا, فأمثال هؤلاء المرشحين الذين يتقدمون للنيابة ولا سلاح لهم سوى المال, ولا وزن في مقاييس أنفسهم للضمير والخُلقً والثقافة ما داموا يملكون المال, ولا شأن للشعب في نظرهم ولا كرامة ولا قيم ما دام الشعب في إعتقادهم يباع ويشترى باليسير من المال,فأمثال هؤلاء الأدعياء يجب على الناخبين أن ينتبذوهم كالنواة التي لا خير منها ولا فيها.
إن العبرة في المعركة الإنتخابية ليست على الإطلاق بأن تملأ المقاعد في قاعة البرلمان بأشخاص معينين تنقصهم الخبرة والمؤهلات كما حصل عليه  في  الإنتخابات السابقة, إنما العبرة كل العبرة بأن يمثل الشعب أُناسُ يكونون أرقى من الشعب علمآً وأخلاقآ ورجولة, أُناس ثقاة, بوسعهم أن يدركوا أنً النيابة رسالة سامية, وإنها تضحية وجهاد في سبيل الوطن والشعب والمُثلً العليا, وأن يحسًون بشعور مرهف بما يلقي على أعناقهم من المسؤوليات الجسام, أُناس إذا رفعهم الشعب يفقهون معنى الرفعة فلا يهتكون حرمتها بتحويلها الى صلفً وزهوً وإستبداد, أُناس لهم من الضمير وازع, ومن الخلق الكريم شفيع, ومن الرصانة هالة جدً ونضوج وأمانة, وهكذا إذا ما تحرر الشعب من ربقة الأسياد, وحطم عنه نير التزلم, ووطئ بأخمص قدميه المغريات المسًفة, وأقبل على الإنتخاب حُرآ طليقآ من كل تأثير, سواء كان التأثير من الخارج أم من غرائز النفس, فإنهٌ إذ ذاك يحسن الأختيار, ومتى ما أحسن الأختيار بوعي وحرية َضَمَن للبلاد مجلسآ يقوم منها في مقام العقل والشعور والقلب, فيجري في شرايينها دم العافية والسعادة.
داود برنو
 

61
المجلس لشعبي هل هو حزب سياسي أم مؤسسة قومية


مما لاشك فيه أن معظم الأحزاب السياسية الرئيسية التي نشأة في العراق,كان لها أسبابها ومبرراتها, واستوعبت ظروفها ومعاناتها بشكل تام, وأستوعبت كذلك آمالها وطموحاتها, ثم وضعتها في برامج وأساليب نضالية, وكانت تقودها في مسيرة الكفاح نحو تحقيق أهدافها المنشودة, ومن خلال هذه المعاناة وهذا الإدراك تم تأسيس تلك التنظيمات الحزبية مستندة الى الأُسس والمبادئ والنظريات السياسية التي تربط بين الفكر والنضال العملي بعلاقة جدلية لا يمكن الفصل بينهما أبدآ, وعلى سبيل المثال نذكر بعض الأحزاب التي كان لها دور رئيسي في تاريخ الحركة السياسية العراقية ومنها.
الحزب الشيوعي العراقي الذي تأسس في عام 1934 لضرورة وطنية وطبقية,وكان له نظرية سياسية تستند الى الفكر الماركسي اللينيني,وشعاره كان (وطن حَرً وشعب سعيد) وفي بداية تأسيسه كان العراق يرزح تحت نير الإستعمار البريطاني في ظل نظام دكتاتوري إقطاعي سائد في جميع أنحاء البلاد.
حزب البعث, تأسس في سوريا عام 1947 وإمتد الى العراق والأقطار العربية الأُخرى, وكانت سوريا آنذاك تحت الإحتلال الفرنسي الذي أقدم على إقتطاع لواء الأسكندرونة من سوريا وإعطائه الى تركيا في عام 1934 وتعزز نشاط هذا الحزب بعد نكبة فلسطين في عام 1948 ولهذا الحزب نظرية وشعار (أُمة عربية واحدة ذات رسالة خالدة)(وحدة- حرية- أشتراكية).
الحزب الديمقراطي الكردستاني, تأسس عام 1946 لضرورة وطنية وقومية, ونتيجة القمع الدموي الذي كان يتعرض له الشعب الكوردي في العراق من الحكومات المتعاقبة في بغداد, وحرمانه من أبسط حقوقه القومية المشروعة في كردستان, وكان لهذا الحزب أهداف قومية مشروعة,وشعارات وطنية تقدمية, ومنها ( الديمقراطية للعراق والحكم الذاتي الحقيقي لكردستان العراق). 
كذلك ظهرت أحزاب الإسلام السياسي السنية والشيعية,ومن أهمها كان حزب إخوان المسلمين,الذي تأسس في العشرينات من القرن الماضي في مصر, ردآ على سقوط نظام الخلافة الإسلامية في تركيا, وإنتشر هذا الحزب في معظم الدول العربية والإسلامية ومنها العراق,وكانت أهدافه تطبيق الشريعة الإسلامية, وإستعادة نظام الخلافة الإسلامية الذي كان سائدآ في عهد الدولة العثمانية في تركيا قبل سقوطها في عام 1918 على يدً الأنكليز وحلفائهم.
حزب الدعوة الإسلامي الشيعي, تأسس في الخمسينات من القرن الماضي في مدينة النجف, بمبادرة من رجال الدين الأفاضل, ومن أهم الأسباب التي أدت الى تأسيس هذا التنظيم, هو الإضطهاد الذي كان يعاني منه أبناء الشيعة في العراق, من الحكومات الطائفية المتعاقبة على حكم البلاد في بغداد, وكان هدفه أيضآ هو تطبيق الشريعة الإسلامية في العراق وعلى النمط الشيعي وفق نظام ولاية الفقيه.
وهناك أيضآ أحزاب وحركات سياسية عديدة لامجال هنا لذكرها, إنبثقت بإرادة جماهيرية مخلصة, بعضها لايزال يعمل على الساحة العراقية, والبعض الآخر منها تلاشت وإختفت عن الساحة السياسية, بسبب عوامل عديدة ولاسيما الظروف الصعبة والقاسية التي مرت بها في مجابهة الأجهزة القمعية للحكومات السابقة في العراق, وجميع هذه الأحزاب كان لها كيان سياسي ومعنوي, ولها دستورها الخاص ونظامها الداخلي, ومنهاجها العملي, ولها أيضآ وسائل الإعلام التابعة لها, وكل حسب إمكانياته المادية والثقافية, وكان لها تنظيم سري للغاية على شكل الهرم, يبدأ من القواعد ويتسلسل حتى القيادة, وعلى شكل حلقات وخلايا ومنظمات ولجان وفروع (أو مناطق) ولجنة مركزية, ومكتب سياسي وكونفرانس ومؤتمر الذي هو أعلى سلطة في الحزب, وجميع الأعضاء في هذه التنظيمات ملزمون بتنفيذ القرارات الصادرة لهم من القيادة, وملزمون أيضآ بدفع بدل الإشتراك الشهري كل حسب إمكانياته المادية, كما أن جميع الأعضاء في كل من هذه الأحزاب لهم مواقف موحدة الى حدً ما تجاه جميع القضايا المطروحة على الساحة السياسية في العراق وفي المنطقة,وهناك آلية عمل هذه الأحزاب, حيث ترفع التقارير والمعلومات من القاعدة الى القيادة وحسب سلسلة المراجع,وبالعكس تصدر الأوامر والتعليمات من القيادة الى القواعد وحسب سلسلة المراجع أيضآ.
هذه هي خصائص ومميزات الأحزاب السياسية المهمة العاملة على الساحة السياسية العراقية في الماضي والحاضر,وجميعها كانت وليدة معاناتهم من قهر المستعمر وتسلط أعوانه, وحرمانهم من أبسط مقومات الحياة المعاشية, ومن خلال هذه الأسباب جعلت أبناء الشعب العراقي تتقبل أفكارهم وتُؤمن بها وتعمل في سبيلها.
أما المجلس الشعبي الكلداني السرياني الآشوري فإن الدوافع والأسباب التي أدت الى الإعلان عنه في بداية عام 2007 كانت حسب إعتقادي تنطلق من الأوضاع السيئة التي كان يعاني منها شعبنا في الداخل, الى جانب الهجمة البربرية التي طالت أبناء شعبنا أيضآ في كل من الموصل وبغداد والبصرة, ولكن إذا أردنا المقارنة بين هذه الأحزاب من جهة, وبين المجلس الشعبي من جهة أخرى,فنلاحظ بأن الفرق بينهما شاسع جدآ, ولا تنطبق هذه الخصائص والمواصفات على المجلس الشعبي, وأن صيغة العمل في هذا المجلس تختلف كثيرآ عن صيغة العمل في هذه التنظيمات الحزبية  وتأخذ شكلآ آخر.
إن المجلس الشعبي الذي إنبثق من مؤتمر حضره 1200 شخص في بداية عام 2007 فإن الكثير منهم كانوا قد عملوا سابقآ في تنظيمات سياسية, ولايزال البعض منهم يعملون في الأحزاب والمنظمات السياسية لشعبنا الكلداني السرياني الآشوري ولهم توجهات مختلفة ومتباينة, فمنهم من له روافد ماركسية, ومنهم من يحمل أفكار برجوازية, ومنهم من يعمل في إطار التيار القومي المعتدل لشعبنا, وهناك أيضآ متشددين, ومستقلين وغيرهم,ولايمكن لهؤلاء أن يندمجوا أو ينصهروا في بوتقة الحزب الواحد, ولكن جميعهم يشتركون في هدف واحد وهو تحقيق مشروع الحكم الذاتي لشعبنا الكلداني السرياني الآشوري في سهل نينوى وفي هذه المرحلة بالذات.
إن المجلس الشعبي هو تجمع سياسي أكبر من أي حزب, ومن أية حركة سياسية, وإن نتائج الإنتخابات في أقليم كردستان برهنت على ذلك, ويمكن أن يشكل هذا المجلس مؤسسة قومية تكون بمثابة المرجعية العليا لشعبنا, وتضم في صفوفها الأحزاب والمنظمات السياسية, والثقافية والإجتماعية ورجال الدين الأفاضل, ورجال أعمال والمستقلين وأصحاب الكفاءات وغيرهم, كما يمكن أن يكون لهذا المجلس مركز للأبحاث العلمية, يعني  بالشؤون  التراثية والمعلوماتية وآفاق المستقبل.
نأمل من هذا المجلس في مؤتمره الثاني, أن يتخذ قرارات ذات أهمية بالغة في صالح شعبنا وأًمتنا, ويتم ترجمتها على الأرض فعلآ ولاسيما في هذه المرحلة بالذات, التي يحاول فيها البعض تغير ديمغرافية المنطقة التي تشكل هدفنا الأستراتيجي, وأن تكون جميع القرارات المتخذة في هذا المؤتمر تصب في تدعيم مشروعنا القومي الذي نصً عليه دستور أقليم كردستان, وفي سبيل تطبيق الحكم الذاتي لشعبنا الكلداني السرياني الآشوري في منطقة سهل نينوى .
داود برنو

62
قراءة في الواقع السياسي المستجد لمنطقة سهل نينوى.
     
 
ليس مفاجأةُ لنا عندما قَرًر أعضاء مجلس محافظة نينوى (من قائمة الحدباء) في الشهر الماضي,الأستيلاء على أراضي شاسعة في قضاء الحمدانية (قرقوش) والتي تعود ملكيتها الى أهالي مدينة قرقوش, وهم من أبناء شعبنا الكلداني السرياني الأشوري,بطرق وأساليب مختلفة وملتوية يضفي عليها الطابع القانوني, وحسب إدعائهم.
ولم تكن لنا مفاجأةُ أيضآ عندما أقَرً مجلس محافظة نينوى(قائمة الحدباء) بناء بضع جوامع وحسينيات في النواحي والأقضية التي يسكنها أبناء شعبنا منذ قرون وقرون عديدة, في منطقة سهل نينوى,ومنها قرقوش-  كرمليس- وبرطلة في الوقت الحاضر,ولكن هناك أيضآ قصبات ونواحي أخرى لأبناء شعبنا قد يطالها هذا القرار وسيأتي دورها لاحقآ,ويتم هذا وفق مخطط مدروس, وبالإتفاق مع بعض المتشددين من المسؤولين في دوائر الوقف السني والشيعي في مدينة الموصل.
وليس مستغربآ الآن عندما نشاهد حملة عشواء لشراء الدور والأراضي في مدينة تلكيف التاريخية من قبل الغرباء وبأسعار مغرية وملفته للنظر,ولا نعرف مصدر تدفق هذه الأموال الى هؤلاء الناس لأستملاك الدور والأراضي في المنطقة, وبهذا الشكل المباغت,بالإضافة الى هذا كله, هناك جهة اُخرى تقوم بدور آخر مكمل لهذا السيناريو وبالتنسيق مع الجهات المذكورة أعلاه,
وهي مجاميع إرهابية تقوم بأعمال القتل والخطف والتهديد المستمر لأبناء شعبنا في منطقة سهل نينوى, مستهدفة إخلاء المنطقة من سكانها الأصلين وتهجيرهم الى خارج الوطن. كل هذا يجري وفق مخطط مُعدً له سلفآ, ويتم تنفيذه على شكل حلقات ومراحل, تبدأ من أقصى الجنوب لسهل نينوى والمتمثل في قضاء الحمدانية(قرقوش), وينتهي في أقصى الشمال لسهل نينوى والمتمثل بناحية القوش,ولم تأتي هذه الأعمال والأحداث عفويآ, أو بشكل أعتباطي, أو عن طريق الصدفة, إنما كان مخططآ ومنظمآ لها مسبقآ,ويتم تنفيذها وفقآ لبرامج سياسية وإدارية تستهدف إفشال مشروع الحكم الذاتي لشعبنا ألذي تم إقراره في دستور أقليم كردستان من قبل الأشقاء الكُرًد, والذي يطالب شعبنا الآن بتفعيله في هذه المرحلة بالذات, لكي يسبق قيام المتطرفين من بعض ألأعضاء في مجلس محافظة نينوى بتنفيذ مخططاتهم العنصرية والشوفينية في تغير ديمغرافية سهل نينوى, وجعل العرب والشبك الأكثرية الساحقة فيه, قبل موعد إجراء الإحصاء ألسكاني للمنطقة, والذي يعتمد عليه في تحديد مستقبل ومصير المنطقة, ولاسيما بعد إجراء الإستفتاء العام لأهلها, بإشراف ورعاية الأمم المتحدة,وبموجب المادة 140 من الدستور العراقي, وحسب المصادر المعنية بهذا الأمر, سيتم وضع أهل المنطقة أمام خيارين لا ثالث لهما, إما الإنضمام الى أقليم كردستان, أو البقاء مع بغداد المركز, وفي ظل إدارة مجلس محافظة نينوى الحالي, ونتيجةً لهذا الإستفتاء, سيتم حسم القضية برمتها  لصالح الأكثرية السائدة في المنطقة.
إن هذا المخطط ليس سرآ وإنما ينادون به علنآ في مجلس محافظة نينوى, وعلينا أخذ الحيطة والحذر من هذه المؤامرة الدنيئة التي تستهدف شعبنا وحقوقه القومية المشروعة في أرضه التاريخية من هذا الوطن, وعلى القادة السياسين من أبناء هذه الأمة الإبداع والتفنن في إدارة هذا الصراع الطويل والشاق, الذي أصبحنا فيه محاصرون من التيارات الإسلامية المتشددة من جهة,ومن التيار القومي العروبي الشوفيني من جهة أخرى, وأن هذا الصراع يشكل مرحلة رئيسية في تاريخ ومستقبل شعبنا,بسبب الأوضاع الإستثنائية والمتفاقمة في المناطق المتنازع عليها بين العرب والأكراد,وخاصة في كركوك ومحافظة نينوى,ونحن نشكل جزأًَ مهمآ من هذا الصراع, ومهما تكن نتائجها ستنعكس على قضية شعبنا سلبآ أو أيجابآ, لأن مناطقنا تقع على خطوط التماس بين القوميتين الرئيسيتين العربية والكردية, كما لابُدً من حسم الخلافات والإختلافات بين الفصائل السياسية لأبناء شعبنا, ويجب مراجعة وإعادة النظر في مواقفهم السياسية السابقة وتحديد آلية العمل الموحدة لهم جميعآ,أما إذا تعذر ذلك فعليهم ترحيلها الى وقت آخر وفي ظل ظروف أكثر مناسبة لحلها,وإلا سنكون ضحية هذا الصراع العربي الكوردي في هذه المنطقة,كما أشار اليه قبل أسبوعين الجنرال الأمريكي في بغداد,حيث أبدى قلقه ومخاوفه من إندلاع أعمال العنف بشكل مفاجئ بين الٌكًرًد من جهة, والعرب والتركمان من جهة أخرى. 
إن مشاريع عديدة تنفذ في منطقة الشرق الأوسط خطط لها منذ عشرات السنين,ومنها التعريب, وأسلمة المجتمع والمنطقة, فبالنسبة الى التعريب لقد شاهدنا أثناء إجراء عملية الإجصاء في العراق عامي 1977 و 1987 كيف فَرضَ علينا نظام البعث وبالقوة تسجيل أسمائنا في إستمارة الإحصاء بأننا عرب, ومن يرفض ذلك كان مصيره إما السجن أو فقدانه لوظيفته.
أما مشروع أسلمة المجتمع والمنطقة ليس حديثآ وإنما يمتد تاريخه أيضآ الى السبعينات من القرن الماضي وتبنت هذا المشروع منظمة المؤتمر الإسلامي, التي يشترك فيها جميع الدول الإسلامية والبالغ عددها أكثر من خمسين دولة, وإتخذت قراراتها في مؤتمر جدة بالسعودية, ومؤتمرالخرطوم في السودان,ومن جملة ما تنص عليه تلك القرارات هو إخلاء منطقة الشرق الأوسط من الأقليات غير المسلمة  وبإستخدام شتى الطرق والوسائل لتنفيذ هذا الغرض ,وهناك أمثلة عديدة,وعلى سبيل المثال لا الحصر أذكر واحدآ منها.
في عام 1985 خلال فترة إقامتي في سوريا سافرت من دمشق الى حلب مع بعض الأصدقاء السياسين في المعارضة العراقية لحضور مهرجان ثقافي في جامعة حلب,وكان من بين المجموعة مسؤول سوري رفيع المستوى في الحزب الحاكم,ولدى وصولنا القلعة التي تقع على مشارف مدينة حلب, ظهر أمامنا في مقدمة المدينة منظر غريب لثلاث كنائس مجاورة, يتوسطها جامع كبير جدآ, ذو منارة عالية, تلفها سلسلة من أجهزة كهربائية لمكبرات الصوت, ولفت نظرنا هذا المنظر الغريب,فسأل أحد الإخوان العراقيين المسؤول السوري عن هذا المنظر الشاذ والغير طبيعي,وأكد له بأن البناء لا يزال حديث العهد ولم يكن من مخلفات الأمبراطورية العثمانية , كيف تفسر هذه الظاهرة.
فرَدً عليه قائلآ,إنه حقآ منظرآ مؤلمآ يعكس الكثير من المعاني والدلالات التي نحن بغنى عنها, ولا سيما في هذه المرحلة من عهد الرئيس الأسد,الذي يكن كل الإحترام والتقدير لجميع الأديان والمذاهب في هذا البلد,ولكن القصة كانت كما يلي.
قبل عدة سنوات قام َوفدً سعودي يتألف من عدة وزراء بزيارة رسمية الى قلعة حلب الأثرية,يرافقهم وفًد سوري رسمي يتألف من وزير الأوقاف ومسؤولين عن مديرية الآثار العامة, ولدى وصولهم مشارف مدينة حلب شاهدوا الكنائس الثلاث في مقدمة المدينة, وفجأة إشتد غضبهم, فسأل الوزير السعودي زميله السوري قائلآ هل نحن ذاهبون الى مدينة حلب العربية الإسلامية أم نحن في زيارة خاصة الى الفاتيكان, فإندهش الوزير السوري من سؤاله هذا وقال له, نحن ذاهبون الى قلعة حلب العربية السورية,ثم شرح له الموضوع بوضوح وتأني قائلآ, إن المنطقة التي تشاهدونها أمامكم  يسكنها مواطنون مسيحيون ومن مذاهب مختلفة, وهم من سكنة هذه المنطقة منذ قرون عديدة,ولا يوجد فيها مسلم واحد ..
فرَدً عليه الوزير السعودي قائلآ," إن هذا لايعنيني, ولكنني أطلب من حكومتكم المؤقرة   القيام ببناء جامع كبير جدآ في وسط هذه الكنائس وعلى نفقة الحكومة ألسعودية, ومهما يكلف ذلك من الأموال والمعدات المتطورة, وعلى مساحة تزيد على مساحة الكنائس الثلاث مجتمعآ, ومنارةُ يزيد إرتفاعها عدة أمتار على صلبان الكنائس, بالإضافة الى الحدائق وساحات لوقوف السيارات..الخ" وفعلآ تم بنًاء هذا الجامع بناءً على طلب من الحكومة السعودية,وجاءت هذه الخطوة منسجمة مع مقررات منظمة المؤتمر الإسلامي المنعقد في جدة بالسعودية , والآخر في الخرطوم بالسودان.
إن النظام السعودي لا يخفي حقده وكراهيته على المواطنين من غير المسلمين في هذه المنطقة, ويعمل كل ما في وسعه للإضرار بهم والإنتقام منهم, ودوره لا يقل خطورة عن دور النظام الأيراني, وتدخلاتهما في الشأن العراقي, وكليهما يعملان من أجل تحقيق أهدافهم الآنية والأستراتيجية التي تؤدي الى إضعاف هذا البلد والإستحواذ على ثرواته الطبيعية والبشرية ولاسيما في ظل حكومة ضعيفة في بغداد,ومجلس النواب منقسم على نفسه في مواقفه تجاه القضايا الوطنية والقومية في هذا البلد, لذا يجب إستيعاب هذه الحالة الإستثنائية في سلطة الطوائف القائمة في بغداد, وتوازناتها ومشاريعها وهيمنتها على الوضع العام في العراق,إنهم يستخدمون شعارات براقة ولكن يستهدفون غير ذلك,إنهم يوظفون الإسلام السياسي لغايات معينة,ويمارسون شتى أنواع الإضطهاد ضد شعبنا والشعوب الأخرى ولاسيما إقتصاديآ حيث لم يتم إنشاء أي مشروع إقتصادي يلبي حاجة المواطنين في منطقة سهل نينوى منذ سقوط النظام في 9/4/2003 والى يومنا هذا,وهذا يعتبر أيضآ أحًد أنواع الإرهاب الإقتصادي ضد أهالي منطقة سهل نينوى جميعآ.
ومن خلال هذه القراءة البسيطة والمختصرة للوضع القائم في ألمنطقة,ندعو شعبنا للتصدي بإيمان وعزم وبإرادة قوية لتلك المخططات الإقليمية, وعدم الإستسلام أمام الأوضاع المستجدة في المنطقة, نتيجة هذه السياسات التي تستهدف تهميش دورنا وإلغائنا من المعادلة السياسية للقوى الفاعلة والمؤثرة في الوضع الراهن في هذا الوطن, ولكي نواكب المرحلة الجديدة في هذا البلد بكل تعرجاتها وتعقيداتها, ولكن قبل هذا وذاك, فلا بُدً من تحقيق الوفاق الداخلي لمنظمات ومؤسسات شعبنا ألسياسية والثقافية والدينية في إطار المجلس الشعبي الكلداني السرياني الآشوري, وفي ظل قيادته الحكيمة والشجاعة, وعندها سنحقق أهدافنا القومية المشروعة في الحكم الذاتي لشعبنا, وفي منطقة سهل نينوى بالذات,وحتى إذا لن يتحقق في هذه المرحلة وهذا الجيل, علينا نقل هذه الشعلة بأمانة الى الجيل القادم, وأن نٌبًق القضية القومية في حالة إذكاء مستمر,ولكن عار علينا جميعآ إن لن نحقق أهدافنا في هذه المرحلة التي نعيشها, بالرغم من الصعوبات والمعوقات العديدة والشائكة التي تعترض طريقنا.
داود برنو     

63
من أولويات المؤتمر الشعبي الثاني تشكيل قوة مسلحة لحماية شعبنا

مما لا شك فيه أن القضايا التي سيناقشها المؤتمر الشعبي الثاني,لها أهمية كبيرة جدآ في مستقبل شعبنا وأستقراره في العراق,إنها حقآ بمستوى خطورة المرحلة والظروف التي نمر بها الآن,ولا سيما قضية مطالبة حكومة بغداد الأعتراف الكامل بحقوقنا القومية المشروعة,وأن الأعتراف كما يعرف هو أسلوب أجرائي يؤخذ معه الموقف الواقعي على أنه يستحق هذا الحق ويستلزم إتخاذ الأجراءات اللازمة والكفيلة لتأمين هذا الحق من خلال الدستور والقوانين المرعية في هذا البلد الذي هو وطننا وليس لنا بديلآ عنه .
أما  ألقضية الثانية وهي, الأتفاق بين الفصائل السياسية لشعبنا والعاملة على الساحة العراقية. إن شعبنا الكلداني السرياني الآشوري لا خيار له إلا السعي الجاد والدؤوب في سبيل تحقيق الوحدة القومية,وتوحيد الموقف السياسي والخطاب السياسي بين جميع فصائله السياسية ومؤسساته الثقافية والأجتماعية والدينية,كما لابُدً من وضع نهاية للخلافات القائمة بين هذه الأطراف من خلال هذا المؤتمر بالذات,لأن الوقت لا يتحمل الإنتظار أكثر من ذلك, كما أنه من الضروري جدآ, أن ينبثق عن هذا المؤتمر القيادة والمرجعية  الشرعية المنتخبة وأعتبارها الممثل الشرعي والوحيد لشعبنا في الداخل والخارج وأمام المحافل الدولية والمحلية,إنها مسؤولية الجميع للعمل الجاد بكل حرص وإخلاص لتحقيق الهدف المنشود في الوحدة,وتعزيز الثقة وترسيخ الأخوة بين جميع أطرافها التي تشترك في وحدة المصالح والمصير والهدف.
أما القضية الثالثة وهي, تطبيق نظام الحكم الذاتي لشعبنا وكما هو منصوص عليه في دستور أقليم كردستان.
إن الحكم الذاتي بالمعنى ألحديث هو مسألة تتراوح بين منح قدر محدود من الحكم المحلي والبلدي يختص بصلاحيات حكومية واسعة في حدود المنطقة,ضمن أرتباط فدرالي أو أتحادي يؤمن للشعوب حقآ مكفولآ لها حسب القانون الدولي لتحديد مصيرها السياسي من غير خضوع لسيطرة أية دولة أو قوة خارجية وبالأكراه,وقد صيغ هذا القانون في ميثاق الأمم المتحدة وفق مبادئ القانون الدولي لسنة 1970 وهناك مناطق لشعوب عديدة في العالم تتمتع بالحكم الذاتي,ولكن هذه النماذج تختلف من دولة الى أخرى,فمنها من يتمتع بحكم ذاتي حقيقي ذات صلاحيات واسعة كما هو الحال في الولايات المتحدة, وفي بعض الأقاليم الهندية وغيرها, بينما هناك حكم ذاتي يمنح الحدً الأدنى من الصلاحيات وهذا ما كان يطبق في العراق في عهد النظام السابق لحزب البعث,حيث كانت الحكومة المركزية في بغداد قد منحت الشعب الكردي الشقيق قدرآ محدودآ من الحكم الذاتي وكما كان يحًلو لها وفي أي وقت بعينه,ومارست عليه عملية الألتفاف حتى أفرغته من محتواه,وهذا لا يُعدً حكم ذااتي حقيقي,لأن مضمونه كان مرهون بمشيئة القيادة في بغداد,وحافل بالتناقض في جوهره,ولا ينسجم مع الألتزامات التي فرضها القانون الدولي,وتتعارض أيضآ مع طموحات ورغبات ومشاعر أهل المنطقة,وعليه فلا بُدً من الأتفاق على جملة أمور ومنها الفترة الزمنية المحددة في إطار المشروع الذي يؤدي الى إنشاء سلطة الحكم الذاتي كاملة للسكان القاطنين في المنطقة, وبالنسبة لنا المسماة سهل نينوى,والذي يعيش فيه الأكثرية الساحقة من أبناء شعبنا الكلداني السرياني الآشوري, ويوجد فيه أيضآ  تجمعات سكانية من العرب والشبك وغيرهم ,وترجمة هذا الأتفاق على الأرض التي تضم هؤلاء السكان الذين هم من قوميات وأديان ومذاهب مختلفة, ويجب أن تقدم الأمم المتحدة الضمانات الضرورية لنجاح هذا المشروع ولتعزيز المحافظة عليه, ليمارس هذا الشعب حقوقه القومية المشروعة في هذه المنطقة المحددة له,ولا نريد عبارات إنشائية خالية من المعنى الفعلي على الأرض تأتي من هنا وهناك متجاهلة رغبات سكان المنطقة,وهذا ما لايمكن قبوله منطقيآ ولا سياسيآ أو قانونيآ.
إن الحكم الذاتي يتم تنفيذه بموجب أتفاقات تلتزم بها الأطراف المعنية داخليآ وبإشراف الأمم المتحدة, وإن هناك التزامات لا بدً لهذه الأطراف أن تؤديها بشكل صحيح وكامل, ويجب أن لا تكون موضع لا مبالاة لأيً من هذه الأطراف المشاركة بصياغة وأصدار هذه القرارات وعليها إحترامها والتقيد بها.
أما القضية التي أقترح مناقشتها في هذا المؤتمر- وحسب أعتقادي إنها مكملة للقضايا الثلاث التي ذكرناها آنفآ ولا تقل أهميةً عنها,لا بل ربما أهمها,وتشكل المحور الرئيسي لها- وهي تشكيل قوة مسلحة لا يقل تعدادها عن خمسة آلاف مقاتل في المرحلة الراهنة,وتتألف من أبناء المنطقة, لتقوم بمهامها الأمنية على الأرض,ولتواكب تلك الإجراءات والعمليات التي تتعلق بتنفيذ مشروع الحكم الذاتي وتداعياته على الأرض, وتسهل أمرالمحافظة عليها وصيانتها من أعداء هذا الوطن والشعب, وما أكثرهم في هذا الوقت بالذات.
إن تجربتنا خلال السنين الستة الماضية,أثبتت بشكل قاطع, بأن شعبنا ومؤسساته الدينية والقومية مستهدفة من قبل مجاميع أرهابية مختلفة في توجهاتها الفكرية المتشددة, ولكن متفقة في هدفها , وهو إرهاب وتهجير شعبنا من وطنه الأصلي تنفيذآ لمخططات ومشاريع عنصرية وطائفية لدول معروفة في المنطقة, وليس بوسع أيً كان من الآن فصاعدآ أن يوهم شعبنا بعكس ذلك,إن هذه المعاناة هي حقيقة راسخة نعيشها يوميآ ولا يوجد أي نهاية لها في الأُفق المنظور,ولا أحدٌ من مكونات الشعب العراقي يبدي لنا إهتمامآ فعليآ بشعبنا وحقوقه القومية المشروعة بإستثناء أشقائنا الأكراد الذين نكن لهم كل الأحترام والتقدير.
إننا نعيش في مجتمع تسود الفوضى في الكثير من أوساطه,ومتسلح بجميع أنواع الأسلحة والمتفجرات وله القدرة في المحافظة على هذه الحالة المضطربة في البلاد لسنوات طويلة, بسبب الدعم الخارجي لهم من الدول المجاورة, وهذا يشكل مصدر قلق دائم للجميع ولا سيما للذين هم بدون سلاح ولا يملكون الدعم الخارجي, وكما هو الحال لدى أبناء شعبنا الكلداني السرياني الآشوري.
إننا نأمل من هذا المؤتمر أن يناقش هذه القضية من كافة جوانبها, ويتخذ القرار اللازم بشأنها, لتشكيل هذه القوة بأسرع ما ممكن, وتعزيز دورها المتميز والفاعل على الأرض في تأمين الحماية الكاملة لشعبنا في هذا الوطن, والدفاع عن الحقوق المكتسبة  في المرحلة القادمة والمتمثلة في تحقيق الحكم الذاتي لشعبنا والمكونات الأخرى المشاركة معه في منطقة سهل نينوى.
-      داود برنو- ضابط متقاعد       

64
قرقوش – والشبك .. وأزمة الأراضي
لقد قرأت الكثير من المقالات حول خطة مجلس محافظة نينوى للأستيلاء على أراضي شاسعة لبناء وحدات سكنية, تتألف من أربع ألآف قطعة سكنية مع ملحقاتها من المدارس والمراكز الصحية والحدائق العامة والشوارع وغيرها, تعود ملكيتها الى أهالي مدينة قرقوش من المسيحين في قضاء الحمدانية التابع الى محافظة نينوى,وسيتم توزيع هذه الأراضي الى المواطنين من طائقة الشبك, وهم من المسلمين الشيعة. وتقع هذه الأراضي على خطوط التماس مع مدينة قرقوش التي يعد سكانها من الكلدان السريان آشوريين ,هدف هذه العملية هو تغير ديمغرافية المنطقة التي يسكنها الآن عشرات اللآلاف من المواطنين المسيحيين ومنذ مئات السنين,وهذا ما يتناقض مع نصوص الدستور العراقي الحالي حسب المادة 23 – فقرة ب , بالأضافة الى أنه مخالف لكل القيم والتقاليد والأعراف السائدة في هذا البلد, وفي هذه المنطقة بالذات,ولم تشهد المنطقة مثل هذه التجاوزات من قبل أبدآ,وأن معظم القرى والقصبات في منطقة سهل نينوى محافظة على خصوصيتها الدينية والقومية والثقافية حتى الآن, بالرغم من محاولات نظام البعث السابق في تعريب المنطقة بأجمعها ولكن دون جدوى,والآن نحن في ظل النظام الديمقراطي الحالي, يحاولون تنفيذ مخططات النظام السابق في عملية التعريب التي كان يمارسها النظام في الكثير من المناطق ولاسيما في كركوك,ولكن هؤلاء الديمقراطين الجدد في مجلس محافظة نينوى الآن يذهبون الى أبعد من ذلك.
أن هذه الحالة ستشكل حتمآ عامل تهديد وعدم الأستقرار في المنطقة, نتيجة الأختلافات السائدة بين أهالي المنطقة الأصليين  من سكنة قرقوش من جهة والشبك من جهة أخرى,حيث أن الأختلافات بينهم تتسم بأختلاف اللغة, والدين,والمشاعر القومية, الثقافة, التاريخ, العادات والتقاليد, ولا يوجد شئ مشترك بينهم في الوقت الحاضر سوى العلم العراقي. وفي ظل هذا الصراع  الدائر في مجلس محافظة نينوى, بين قائمة الحدباء العربية من جهة, وقائمة التآخي الكردستانية من جهة أخرى والذي يتفاقم يومآ بعد آخر, فأنني أشك في نوايا وجدية هذا المخطط, لأنه يفتقر الى المنطق والعقل,وهو أقرب الى الخيال مما هو الى الواقع, ربما أعلن عنه في هذه الفترة بالذات لأننا مقبلون على أنتخابات برلمانية لغرض التكتيك السياسي وممارسة فن المناورة في تخويف وترهيب المسيحيين في قضاء الحمدانية من أجل دعم قائمة الحدباء العربية,أو لأجبارهم عاى ألبقاء في جانب الحياد بين الطرفين الكردي والعربي. فأذا كانت هذه العملية تستهدف الموقف السياسي للمسيحين في المنطقة, من الكلدان السريان الآشوريين, فهذا يمكن مناقشته وأجراء حوار حوله, يستهدف الفهم والتفاهم المشترك بين الطرفين للأتفاق على صيغة معينة ترضي الجميع. أما أذا كانت هذه العملية تستهدف ألتغير في واقع المنطقة وديمغرافيتها والتأثير على الحالة الأحتماعية والسكانية للمواطنين فيها, وجعلها تفقد خصوصيتها القومية والثقافية والسكانية, فهذا يعتبر أعتدأً سافرآً وتجاوزآً خطيرآً على حقوق وحرية الآخرين, وهو أيضآ ضد كافة القيم الأنسانية والمعايير الأخلاقية التي ينادون بها هؤلاء المسؤلون, أنها حقآ جريمة عنصرية مشينة تستهدف التطهير العرقي لمكون عراقي أصيل, ومتميز في هذا البلد وفي هذه المنطقة بالذات. ومن هذا المنطلق ندعو شعبنا الكلداني السرياني الآشوري في الداخل والخارج, للأحتجاج والتصدي بقوة لهذه المؤامرة الدنيئة,ذلك لأيقاف تنفيذ هذا المشروع الأستيطاني في سهل نينوى والذي يقطنه الأكثرية الساحقة من أبناء شعبنا الكلداني السرياني الآشوري. أما أذا لم يتم أيقاف هذا المشروع والغائه والأصرار على تنفيذه, فما علينا ألا القيام بطلب الأنضمام الفوري الى أقليم كردستان وأتخاذ الأجراءات اللازمة لتنفيذ ذلك, باالتعاون والتنسيق مع حكومة أقليم كردستان, لأن هذا المشروع في رأينا تقف وراءَهُ أجندة خارجية وأقليمية ذات أبعاد عنصرية وطائفية, وهو ليس مطلبآ لأقلية الشبك في المنطقة, فقد شاءت قوى الظلام الخفية التي تلعب بمقدرات هذه المنطقة, بأعطاء الضوء الأخضر للعملاء وللعصابات الموالية لها المدفوعة الأجر والتي تتخذ مظهرآ آخرآً ذات طابع أنساني وأجتماعي وديني, لتنفيذ هذا المشروع بطابعه الشوفيني المتشدد .
أننا ندرك جيدآ, ولا ننسى أبدآ, قرارات مؤتمر القمة الأسلامي في نهاية السبعينات والثمانينات من القرن الماضي والتي كانت تدعو الى أخلاء منطقة الشرق الأوسط من الأقليات المسيحيية بأستخدام شتى الطرق والوسائل, وأعلنها ذلك الرئيس الليبيي معمر القذافي علنآ وعلى الملأ وفي مناسبات عديدة, وأن تلك الوثائق متوفرة لدى الكثير من مراكز البحوث والمراجع السياسية لدى الأقباط والمارونين في لبنان.
أن المسيحيين في مدينة الموصل وضواحيها, كانوا يعيشون جنبآ الى جنب مع أخوانهم المسلمين منذ عشرات القرون بسلام وأمان, ولم يسجل التاريخ أحداث دامية أو عدائية بينهما, وأن الكنائس القديمة الشاخصة والمدارس الخاصة بها خير شاهد على ذلك, أما الذين يحاولون الآن خلق الفتنة بين هذه المكونات الوطنية ولا سيما بين الشبك من جهة, والكلدان السريان الآشوريين من جهة أخرى بسبب التداخل الحاصل في البعض من الأراضي للقرى المجاورة التابعة لكلا القوميتين, وكما ذكرنا ذلك هذا هو من وحي مؤامرة لها هدف في أثارة الفتنة بين هؤلاء الذين لهم معايشتهم الوطنية التاريخية الطويلة في محافظة نينوى, لأن هذه الأعمال ليست من شيمة أهل المنطقة ومدينة الموصل بالذات, وأنما من غرباء ودخلاء على هذا البلد, هدفهم هو خلق المزيد من الفوضى وعدم الأستقرار في هذه المنطقة بالذات.
أن القائمين على تنفيذ هذا المخطط وهذه المؤامرة, عليهم أن يستدركوا مخاطر تنفيذ هذا المخطط, وسوف لن يكون سهلآ لهم, وخاصة بوجود قوات البيشمركة البواسل وكذلك قوات التحالف الأجنبية في المنطقة. أننا نطالب السيد محافظ نينوى والسيد رئيس مجلس المحافظة أعادة النظر بقرارهما هذا, ونقل هذا المشروع الأستيطاني من منطقة قرقوش الى محيط القرى والقصبات التابعة لأخواننا الشبك في مناطقهم, والتي تمتد الى مساحات شاسعة من الأراضي المترامية الأطراف, وتتسع لأسكان أضعاف وأضعاف العدد المذكور أعلاه, وبهذا الأجراء يمكن تطويق هذه الفتنة الطائفية وأيجاد الحل المناسب لها, وتجنب هذه المشكلة الخطيرة وتداعياتها التي سوف تنعكس على الجميع دون أستثناء, وعندها ستتولد لديكم قناعة بأخلاص هذا المكون الكلداني السرياني الآشوري لجيرته ووطنه ولا بدً أن يكون آنذاك عند حسن ضنكم. وسوف يقف على مسافة واحدة من الجميع, أما أذا حصل العكس,سيكون لدى هؤلاء الناس طرق ووسائل للدفاع عن حقهم التاريخي, وأتخاذ موقف آخر ينسجم مع تطلعاتهم وطموحاتهم القومية والوطنية المشروعة.
وبالنظر لما آلت أليه الأوضاع السياسية والأمنية في العراق, نجد أن هناك أراضي وقرى وأملاك مسيحية في هذا البلد هي مباحة للآخرين بسبب الظروف التي نعيشها, وفي ظل تنامي التيارات الدينية والطائفية المتشددة, كما أن شعبنا يبقى معرضآ الى التهديد المستمر, وخاصة في هذه المنطقة بالذات ويتطلب منا أيجاد قوة مسلحة للدفاع عنه وعن حقوقه الوطنية والقومية المشروعة في هذا البلد, والمنصوص عليها في الدستور العراقي الحالي,وسوف  يرتكز تشكيل هذه القوة ومقدارها على مفهوم القانون الدولي الذي يخير للمكونات البشرية ممارسة حقها في الدفاع عن نفسها, أنه حق مشروع طالما يستهدف حماية هذه القومية, أو الطائفة, أو المكون البشري,ولا سيما في ظل غياب القانون وسلطة الدولة.
لقد كتبت عدة مقالات قبل سنتين تقريبآ, حول تشكيل قوة مسلحة متميزة في تنظيمها وتدريبها, متكونة من خمسة آلآف مقاتل من أبناء شعبنا لحماية القرى والقصبات التي يقطنها شعبنا الكلداني السرياني الآشوري في سهل نينوى ولكن دون جدوى, فًلمُ أقرأ أي ردً أو أشارة حول الموضوع من قبل  المسؤولين, وخاصة من أبناء شعبنا, حتى لو لم يتحقق ذلك, على الأقل لبيان رأيها وموقفها وأنما تم تجاهلها بالكامل, والآن أكرر طلبي هذا, وفي هذا الوقت بالذات, عسًى أن يلقي آذانآ صاغية.  وللأطلاع عليها أدناه الرابط..
  
  http://www.ankawa.com/forum/index.php?action=printpage;topic =101687.0
http://www.ankawa.com/forum/index.php?action=profile;u=26255;sa=showPosts

داود برنو

65
بعض الحقائق عن مذبحة قرية صوريا.

قبل تناول الموضوع الرئيسي, أودً التطرق الى خارج الموضوع قليلآ, لتسليط الضوء على نظام الجيش العراقي وسياقات العمل فيه ليكون القارئ الكريم على بينةً مما حدث بتاريخ 16 أيلول – 1969 ولكي يعرف على من تقع المسؤولية الرئيسية بالدرجة الأولى, لأن هناك عدة أطراف لم يشار اليها من قبل الكتاب الأفاضل الذين قاموا بتغطية كاملة وشاملة للموضوع مشكورين. ولا أعرف ما هو السبب,ربما لم تتيسر لديهم المعلومات الكافية حول القضية,وهنا فلا بدً من شرح نبذة مختصرة عن تاريخ الجيش العراقي وسياقات العمل فيه,مستندآ الى أحد المصادر الرسمية وهو كتاب (تاريخ القوات العراقية  المسلحة – الجزء الرابع )ولو أنها معلومات عامة يعرفها كل من أدىٌ الخدمة العسكرية في الجيش العراقي.
أن العقيدة العسكرية في الجيش العراقي تشبه الى حدً ما العقيدة العسكرية للجيش البريطاني والتي يطبق في سياقاتها العملية نظام ألمركزية في أسلوب القيادة (السيطرة المركزية) أي لا يمكن لأي وحدة عسكرية مهما كانت ألقيام بأي حركة أو عملية قتالية دون الرجوع الى مقر قيادة الحركات العسكرية في بغداد, للحصول على الموافقة التحريرية من خلال الأتصال اللاسلكي أو السلكي, وتسمى برقية الحركات. وعلى ضوء هذه البرقيات, تنفذ الأوامر من قبل جحافل الوحدات, صغيرة كانت أو كبيرة. وهذه السياقات, كان الجيش العراقي يطبقها منذ عهد الأنتداب البريطاني الممتد من عام ( 1921 – أيلول 1932 ) وظل العراق يطبق هذه السياقات حتى بعد أن أصبح العراق بلدآ مستقلآ ذات سيادة وعضو في عصبة الأمم,لأن علاقة بريطانيا مع العراق أصبحت  فيما بعد  خاضعة لبنود أتفاقية (معاهدة عام 1930 ) وبموجبها كانت البعثة العسكرية الأستشارية البريطانية مهيمنة على مقدرات الجيش العراقي بالكامل من حيث الأعداد والتسليح والتدريب والأشراف وحتى 2 أيار من عام 1955 حيث تم فيه أستلام الجيش العراقي القواعد العسكرية البريطانية .وأقيم بهذه المناسبة أحتفال كبير في معسكر الحبانية,حضره المرحوم الملك فيصل الثاني وكبار المسؤولين وقادة الجيش العراقي. وبعد الأنتهاء من هذه المناسبة, أنتقل الجيش العراقي الى مرحلة جديدة في علاقاته مع الأنكليز,وبعدها مباشرة, أصدر وزير الدفاع العراقي آنذاك المرحوم نوري سعيد بيانآ الى الآثوريين منتسبي قطعات الجيش الليفي هذا نصها.
                        بيان وزير الدفاع الى الآثوريين
       الى كافة منتسبي قطعات الليفي من عسكريين ومدنيين عراقيين.
بأسم الحكومة العراقية أدعوكم للتطوع في الجيش العراقي بهذه المناسبة السعيدة التي تستلم فيها قطعات الجيش العراقي قاعدتي الحبانية  والشعيبة, بعد أنهاء المعاهدة العراقية -  البريطانية.
أيها المواطنون البواسل .
أن تطوعكم في الجيش العراقي يؤمن لكٌم المستقبل السعيد, والأستقرار اللذين كنتم تتشوقون اليهما,وسيتيح لكم العمل
الجدي لتقوية جيش بلادكم والعمل مع أخوانكم الآخرين في سبيل أعلاء شأن الوطن والجيش تحت ظل صاحب
الجلالة مليكنا المفدى فيصل الثاني المعظم.
وبأعتباري وزير الدفاع المسؤول, أعلن لكم أن تطوعكم سيكون على أساس منحكم نفس الحقوق والرواتب والعلاوات
 التي يتقاضاها من يماثلكم رتبة من منتسبي الجيش العراقي التي يمكنكم الأطلاع عليها في مقرات التجنيد التي ستقبل
تطوعكم, هذا وسيؤمن لكم الجيش سبل الترقية كما يؤمنها لأخوانكم الأخرين من منتسبيه.
وللانتساب الى الجيش العراقي الباسل, ما عليك أيها المواطن ألا مراجعة مقر لجنة التجنيد المفتوح في الموقع الذي أنت فيه
ومواجهة ممثل الحسابات العسكرية العامة, لتثبيت راتبك, ومخصصاتك, ومن ثم توقيعك على عقد التطوع وأعطاؤك أمر السوق الى وحدتك . فالى التطوع والخدمة أيها الجنود البواسل .                               
 
نوري سعيد -  وزير الدفاع العراقي
   
وتواصلآ مع الموضوع أعلاه, أنشر وثيقة من نفس المصدر حول مشاركة الآثوريين في حرب تحرير فلسطين عام 1948 واليكم النص الحرفي للوثيقة.                                                                                         
                      ( تأليف قوة الآثوريين المتطوعين للمشاركة في حرب فلسطين ).
     على الرغم من أن أنشاء الجيش العراقي لم يكن على أساس عرقي, أو ديني أو طائفي, بل كان على أساس وطني فقط.
فقد أُعلنَ عن مشاعر وأحاسيس وطنية بعض رؤساء الآثوريين الى السلطات العراقية المسؤولة في أيلول عام 1948 م, أن عددآ من رجال طائفتهم, لاسيما المدربون العسكريون السابقون والشباب, يرومون التطوع والمشاركة في تحرير أرض المقدسات ( فلسطين) من الصهاينة, وأعادتها الى أهلها  الشرعيين, شأنهم شأن كل العراقيين والعرب النجباء. وبعد دراسة الموضوع في 23-أيلول- 1948  تشكلت قوة بحجم لواء مشاة من الآثوريين المتطوعين للمشاركة في حركات الجيش العراقي بفلسطين. وعين العقيد الركن صائم علي رضا العسكري آمرآ للواء .أنتهت الوثيقة .
ما يهمني من سياقات المقدمة أعلاه هو وجود أنضباط تام في الجيش العراقي, يسري على جميع المراتب والضباط في الجيش العراقي آنذاك,ولا يمكن أن يحصل أي تصرف كيفي في معالجة أي أشكال في ساحات المعركة بشكل أرتجالي. ومن هذا الفهم لا يصح التصور بأن مذبحة صوريا عام 1969 من تدبير آمر السرية لوحده, بمعزل عن أستلام الأوامر من مراجع عسكرية عليا, وقد تذكرنا هذه المذبحة في مذبحة سميل التي نفذت في بداية شهر آب من عام 1933  والتي أرتكبها عسكريون مجرمون في طليعتهم المقبور بكر صدقي وأسماعيل عباوي وسعيد ثابت بحق الآثوريين ألآمنيين المجردين من السلاح تمامآ, وراح ضحية تلك المذبحة ما يقارب ستة آلاف مواطن عراقي بين رجل وأمرأة وأطفال صغار ومنهم الرضيع, وبنفس الوقت كانت الأوامر قد صدرت من مراكز القرار العراقية آنذاك, ولم تكن المسؤولية مقتصرة على المجرمين المنفذين فقط. هذه الحوادث لا تعزى الى حالة من التسيب وفقدان الأنضباط في الجيش آنذاك ,كما هو الحال في ما نراه اليوم في تشكيلات القوات المسلحة العراقية التي كثيرآ ما تسودها الفوضى بسبب قيامها على أسس طائفية ومحاصصة حزبية ضيقة.                   
أتمنى على القارئ أن يقارن بين المبادئ والأسس التي على أساسها تم تشكيل الجيش العراقي في العهد الملكي, وبين ما يجري الآن في العراق من المحاصصة الطائفية والقومية التي أثبتت فشلها, والآن العودة الى موضوعنا الرئيسي.
حسب ما ذكر في الأعلام ومن خلال شهود عًيان بأن الدورية, أو القافلة التي أنفجر عليها لغم أو (عبوة), قرب قرية صوريا, كانت تسير على الطريق العام بأتجاه قرية فيشخابور, وكان آمر ألدورية الملازم عبد الكريم جحيش من أهالي مدينة الموصل, وحسب السياقات العامة المتبعة في الجيش العراقي آنذاك, يجب أن تتخذ الأجراءات اللازمة على النحو الآتي.
عندما حدث الأنفجار نتيجة لغم أرضي زرعه الثوار الأكراد دفاعآ عن نفسهم , وضرب أحدى عجلات الدورية, فأن الضابط المسؤول حالآ قد أتصل بآمر وحدته, أو بآمر القاطع الذي   بأمرته, وفي ذلك الوقت كان آمر اللواء أو( آمر القاطع ) العقيد الركن راضي لفتة , فعندما أخبره الملازم الجحيشي بالموقف من خلال جهاز اللاسلكي عن الخسائر التي تكبدها بالأرواح والمعدات, أنفعل العقيد حالآ وفقد أعصابه من شدة الغضب الذي أنتابه , وأصدر أمره ألشفهي الى الملازم جحيشي, بأن يجمع أهالي القرية القريبة من الحادث ويرميهم جميعآ, وجاء هذا الأمر منسجمآ مع رغبة ملازم جحيشي الشديدة لأرتكاب هذه الجريمة البشعة والمشينة التي راح ضحيتها  حوالي أربعون شهيدآ,بالاضافة الى عشرات الجرحى, وكانوا من الذكور والأناث كبارآ وصغارآ.
لقد كان بأمكان الضابط  الجحيشي عدم تنفيذ الأوامر في تلك الأبادة  الجماعية لمواطنين أبرياء عزل,وأن الأمر غير قانوني, وغير معقول, وكان من حق الضابط رفضه وأيجاد حل بديل آخر لهذه ألمشكلة, ولكن النزعة الأجرامية التي كان يتصف بها هذا الضابط وهو المعروف عنه في مدينة الموصل بأنه من أصحاب السوابق مع الشرطة وغيرهم مما أدى به للقيام بهذا 
 العمل الجبان, لينتقم من أهالي القرية جميعآ, وفي مقدمتهم رجل دين مسيحي, كان في زيارة رعوية لأهالي القرية المسيحيين. وبعد أنتهاء عملية القتل الجماعي,تم تشكيل مجلس تحقيقي في مقر الفرقة الرابعة بالموصل, من كبار الضباط, وأدلى الملازم الجحيشي بأفادته مدعيآ بأن آمر القاطع العقيد الركن راضي لفتة , أصدر له أمرآ للقيام بهذه العملية. 
وبرهن على ذلك من خلال أفادة العريف المسؤول عن تأمين الأتصالات اللاسلكية الذي كان مرافقآ له, أما العقيد الركن راضي لفتة, أنكر ما جاءً بأفادة الجحيشي جملة وتفصيلآ وأدعى غير ذلك, ولكن أعضاء الهيئة التحقيقية للمجلس ألتحقيقي  حصلت لديهم القناعة بأن العقيد راضي لفتة هو الذي أصدر الأمر بالقتل الجماعي لأهل قرية صوريا الأبرياء,وبعد ذلك أُغلق المجلس التحقيقي من قبل وزير الدفاع الفريق حردان التكريتي, نتيجة الوساطة التي قام بها العقيد راضي لفتة لدى المسؤولين الكبار في قيادة الجيش والحكومة, وتم نقله الى معاون آمر الكلية العسكرية في بغداد, حيث كان آمر الكلية العسكرية آنذاك العقيد الركن داود الجنابي.   
لقد أطلعت على تفاصيل هذه القضية عندما كنت ضابطآ في قوات مغاوير الفرقة الرابعة في تلك الفترة, حيث كان بعض الضباط يناقشون  الأسباب التي أدت الى تلك الكارثة, ومن المسؤول عنها, وما هي تداعياتها على أهل المنطقة بشكل عام وعلى المسيحيين والأكراد بشكل خاص.
وحسب معلوماتي المتواضعة, أن العملية هكذا تمت, وأن أطراف أخرى شاركت في هذه القضية وليس الملازم جحيشي وحده يتحمل هذه المسؤولية, وأعتقد بأن المسؤول الأول هو الحكومة ولا سيما وزير الدفاع الذي لم يتخذ أي أجراء بحق العقيد راضي لفتة الذي أصدر أمره العسكري بالأبادة الجماعية , وكذلك الملازم كريم جحيشي الذي نفذ الأمر بأعصاب باردة,وهو يتحمل كامل المسؤولية لأنه كان بأستطاعته عدم تنفيذ الأمر , ولأنه كان مخالفآ للسياقات المتبعة في الجيش العراقي, ولكنه كان أيضآ متعطشآ لسفك الدماء البريئة, وخاصة أذا كانوا من المسيحيين والأكراد.
أنها حقآ مآساة لا مثيل لها في تاريخ تلك الحقبة الزمنية ,كيف يمكن للجيش العراقي حامي الوطن, أن يقوم بقتل ما يقارب من أربعين مواطنآ عراقيآ بريئآ وعشرات الجرحى لا ذنب لهم, في الوقت الذي كانوا يعرفون جيدآ من خلال أستخبارات الميدان ألعسكرية, من الذي يزرع العبوات   ولماذا , ومتى ..
أن المجرم كريم الجحيشي لايزال على قيد الحياة, ويمكن مقاضاته أمام المحاكم الخاصة في بغداد, أسوة بأهالي ناحية الدجيل الذين أقاموا الدعوة ضد الدكتاتور صدام حسين ونال عقابه العادل.   

ضابط متقاعد -  داود برنو
15-  9 -  2009



66
ألأئتلاف الوطني العراقي يفرض واقع جديد على الساحة السياسية العراقية

ليس خافيآ لأحد بأن المنظمات والأحزاب السياسية الشيعية العراقية ذات النهج الأسلامي, كان لها أرتباط تاريخي مع أيران سياسيآ ومذهبيآ منذ أواسط الستينات من القرن الماضي, وتعززت تلك العلاقة بعد أستلام السلطة في بغداد رسميآ من قبل   ألدكتاتور صدام حسين, وبنفس السنة تم الأطاحة بنظام الشاه  في أيران عام 1979 من قبل ثورة الأمام الخميني الأسلامية, حيث تغيرت العلاقة معهم وأتخذت شكلآ آخر, وتم أحتواء أحزاب المعارضة العراقية الشيعية من قبل النظام الأيراني الجديد, وأصبحت تلك  العلاقة تعمل في أيطار وضمن الحسابات والمصالح الأستراتيجية الأقليمية  والدولية للنظام الأيراني الجديد,حيث كان من أولويات أهداف الثورة الأيرانية آنذاك ولا يزال حتى يومنا هذا, هو تصدير مبادئ الثورة الخمينية, الى الأقطار والدول التي تسكنها نسبة عالية من المواطنين الشيعة,وفي مقدمة تلك الدول كان العراق,ولبنان,والبحرين,وفعلآ تحقق هذا الهدف في لبنان,حيث تم أقامة كيان سياسي شيعي شبه مستقل في جنوب لبنان بقيادة حزب الله, ومن دون أن يعلن عنه رسميآ,وأن أمكانياته العسكرية تفوق أمكانيات الدولة اللبنانية بنسبة هائلة جدآ,  أما في العراق لقد تحققت خطوات عديدة ولا سيما في مجالات الأقتصاد,وتطبيق الشريعة الأسلامية, وبالتحديد في المدن المقدسة لدى الشيعة ومنها النجف,وكربلاء,وكذلك مدينة البصرة, ولكن الصراع الدامي الذي أنفجر في نهاية عام 2007 بين القوات الحكومية في البصرة من جهة,والتيار الصدري المدعوم من أيران من جهة أخرى,حال دون تحقيق أية خطوات أيجابية في صالح السياسة الأيرانية داخل العراق,وكان له أيضآ نتائج وتداعيات سيئة لدى الشعب العراقي حيث أنعكست ضد النظام في أيران بسبب تدخله السافر في الشؤون الداخلية للشعب العراقي .
الآن وبعد الأنتخابات الأيرانية الأخيرة, وبقاء نخبة المتشددين من رجال الدين في سدة الحكم, وعلى رأسهم الرئيس أحمد نجاة,يظهر لنا جليآ مشهد آخر,حيث أنتقل التأثير نسبيآ من العوامل الأقتصادية والطائفية لهذه العلاقة,الى العوامل السياسية التي أصبح التركيز عليها همهم الشاغل, وأكثر مما كان عليه في السابق,وبدأت المعادلة السياسية تتغير يومآ بعد يوم بأتجاه تعزيز النفوذ الأيراني في العراق,بعد أن أدركت القيادة الأيرانية مدى الضرر الحاصل لها ولأعوانها في صفوف الشعب العراقي, نتيجة السياسات الخاطئة, والمزدوجة التي مارسوها مع أتباعهم داخل هذا الوطن,ولقد شاهدنا كذلك في نهاية عام 2006 ألأشتباكات المسلحة,ونتائجها السلبية, التي حصلت بين جماعة المجلس الأسلامي الأعلى بقيادة السيد عبد العزيز الحكيم من جهة, وجماعة التيار الصدري بقيادة السيد مقتدى الصدر من جهة أخرى,في الوقت الذي كان كلا الفريقين يتم تمويلهم,وتجهيزهم بالمال والسلاح من قبل السلطات الأيرانية المختلفة,بالأضافة الى الدعم اللوجستي لهم من قبل الحكومة الأيرانية.
لقد كانت السياسة الأيرانية دائمآ تسعى للسيطرة,والهيمنة على الأحزاب,والمنظمات,والشخصيات السياسية الشيعية في العراق والمنطقة, لتحقيق أهدافها السياسية التوسعية في العالم, ولقد بادرت الآن بتشكيل تكتل سياسي جديد, تحت أسم الأئتلاف الوطني العراقي ,من أجل خوض الأنتخابات البرلمانية القادمة في العراق, لتحقيق أفضل النتائج,يحدوهم الأمل في الحصول على منصب رئاسة الوزراء لأحد السياسين من أعوانهم في هذا البلد, لقد قاموا بتكليف الدكتور أبراهيم الجعفري المنشق من حزب الدعوة الأسلامي تنظيم المالكي, مؤسس وقائد تيار الأصلاح حاليآ, للقيام بهذه المهمة الصعبة ,وتنفيذ هذا المخطط على الوجه الأكمل,وهو الرجل المفضل, والمؤهل لديهم على الساحة السياسية العراقية الآن, بعد غياب السيد عبد العزيز الحكيم بسبب وفاته في أيران بتاريخ 25 -8 -2009.
أن علاقة السيد الجعفري مع النظام في أيران قديمة جدآ,وتعززت هذه العلاقة بعد قيام السيد نوري المالكي بضرب ومحاربة أتباع النظام الأيراني في العراق,ولاسيما بعد أن كبد التيار الصدري في البصرة خسائر فادحة بالأرواح والمعدات والمعنويات, وبدأ النظام في أيران منذ ذلك الحين يعمل كل ما في وسعه للتخلص من السيد المالكي,فأختار الجعفري ليكون بديلآ عنه, لكونه منافسآ شديدآ وعدوآ لدودآ له,وشاهدنا الدعم اللامحدود الذي حظى به الجعفري من أيران وفي كافة المجالات أثناء أنتخابات أعضاء مجالس المحافظات التي حقق فيها نجاحآ كبيرآ, وكذلك الدعم السياسي الذي أبداه له الرئيس الأيراني الأسبق هاشمي رفسنجاني لدي زيارته العراق في بداية هذه السنة حيث كان الجعفري يرافقه في أكثر الأحيان ولا سيما لدى زيارته المراجع الدينية في مدينتي النجف وكربلاء  بالأضافة الى أن السيد الجعفري هو رجل دين ملتزم بالدين, والمذهب, والولاية,(نظام ولاية الفقيه),ولكنه غير معمم.
أن النخبة السياسية السلطوية حاليآ في أيران هي نفسها النخبة الدينية المتشددة التي كانت في السابق تتخذ لها أدوارآ عديدة في سلوكها ونشاطاتها مع الأطراف السياسية العراقية,فمنها من كان يتعامل مع التيار الصدري بقيادة السيد مقتدى الصدر, ومنها من كان يتعامل مع المجلس الأسلامي الأعلى بقيادة الحكيم, ومنهم من كان يتعامل مع منظمة بدر(فيلق بدر)بقيادة هادي العامري,ومؤسسة شهيد المحراب بقيادة السيد عمار الحكيم,بالأضافة الى الأجهزة الأمنية الأيرانية التي كانت تشكل سلطة أخرى الى جانب سلطة الحرس الثوري, وكانت تتعامل مع عدد من المنظمات الأرهابية والتي تتخذ من العنوان الديني شعارآ لها,ومنها,المجاهدون, وجند السماء, وحزب الله, وحركة حزب الله, وثأر الله, وجند الله, وجند الأمام, وغيرها أيضآ من المنظمات الأرهابية السنية  العديدة, والتي لا مجال هنا لذكرها الآن.
قبل عدة أيام تم تشكيل الأئتلاف الوطني العراقي من أحد عشر تنظيم سياسي أو مجموعة سياسية, ولكن هذه المرة كان مًطَعٌم بعناصر سنية لغرض الدعاية والأعلام, واليوم أصبح العدد ثلاثة عشر تنظيمآ سياسيآ , وغدآ ربما يصعد العدد الى العشرون, ولكن لا يوجد أي تغير في المبادئ والقيم بين هذا التشكيل الجديد, وبين التشكيل السابق للأئتلاف العراقي الموحد بأستثناء حزب الدعوة بقيادة المالكي الذي أصبح خارج هذا التشكيل لأسباب معروفة,وأن الفجوة بين الفريقين توسعت في الآونة الأخيرة وأ تخذت منحى آخر منذ أنتخابات مجالس المحافظات بسبب تقاطع المصالح بينهما,لأن فريق المالكي يسير بأتجاه خدمة الوطن والمواطن كما هو معلن عنه, بينما الفريق الآخر يسير بأتجاه خدمة الدين, والمذهب, والولاية, لقد مضت أربع سنوات على هذا التشكيل السياسي الطائفي ولكن لم يتغير فيه شئ, ولم يتطور نحو الأفضل, لا بل بالعكس, ونحن الآن في عهد العولمة الذي يفترض شمولية الفكر والرؤى, بينما نرى من جهة أخرى بعض الكتل السياسية في العراق تتجه نحو الذاتية المطلقة, والأنغلاق داخل الخصوصية الثقافية والطائفية ورفض الآخر,وهذا ما نلاحظه في تشكيل الأئتلاف الوطني العراقي الجديد,الذي أقتصر على الأحزاب والمنظمات والشخصيات الشيعية المؤيدة لأيران فقط.
أن كل ما أوردناه الآن, هو لمحة بسيطة حول التكتل السياسي الطائفي الجديد الذي تم أستحداثه مؤخرآ في العراق,ولم نتطرق الى التفاصيل الدقيقة لهذه الأحزاب والشخصيات المؤتلفة فيه, لأنها معروفة للجميع وليس لها من جديد, أن الأنتخابات القادمة مهمة جدآ, ونتائجها ستكون حاسمة ومفصلية, وهي التي ستقرر مستقبل ومصير النظام السياسي في العراق للسنوات الأربعة القادمة, وربما لأكثر من ذلك أذا فاز بها التيار الديني المتشدد,أن الشعب العراقي الآن على المحك, وهو أمام خيارين لا ثالث لهما, أما أن يتبنى المشروع الوطني بقيادة القوى الوطنية والديمقراطية والعلمانية, أو المشروع الأسلامي بقيادة الأئتلاف الجديد بزعامة الجعفري والجلبي والحكيم والصدر....الخ.
أذن نحن الآن أمام منعطف تاريخي جديد وحاسم, ستقرره الأنتخابات البرلمانية القادمة,أما أن يبقَ العراق وطناً حرآ سيدآ مستقلآ لجميع أبنائه يتمتع فيه المواطنين بالحرية والمساواة في الحقوق والواجبات, وأما أن يصبح جمهورية أسلامية تابع لأيران تطبق فيه الشريعة الأسلامية, ونظام ولاية الفقيه كما هو مطبق عليه حاليآ في أيران,وفي حال تسلم زمام الحكم من قبل الأئتلاف الجديد فلم يبقَ أمام المواطنين العراقين من غير المسلمين طبعآ (بأستثناء المواطنين العراقين في أقليم كردستان)  سوى خيار واحد وهو الهجرة الجماعية الى خارج الوطن,بالرغم من أن المتصارعون ألآن على السلطة يرفعون شعارات وطنية وديمقراطية وتبشر بأشاعة الحرية والعدالة والمساواة كما جرى ذلك في الأنتخابات السابقة لأعضاء البرلمان العراقي الفدرالي,ولكن كلها أحاديث وأوهام لا نصدقها,ولا نقتنع بها,لأنها مجرد أقوال,ولن تترجم الى الأفعال,ولكن البعض يحاول أن يجعلها حقيقة ولكن دون جدوى.
أن قضيتنا القومية لا يمكن أن تحل من خلال هذه الدعوات والوعود المزيفة, أن محاولة البعض الألتفاف حول قضيتنا,وتجاهل أستحقاقاتها والمماطلة فيها سوف لن يكون مجديآ على الأطلاق,فالمسألة هي أكبر مما يتصورون,أنها مسألة شعب, ستبقى حية الى أن تحقق أهدافها في أقامة الحكم ألذاتي لشعبنا الكلداني السرياني الآشوري في أرضه التاريخية بين النهرين , لحماية أمنه وتوفيرمستلزمات الحياة الحرة الكريمة له. 
ولكن بالرغم من التطورات السياسية الحاصلة على الساحة العراقية,والملامح الجديدة التي تلوح بالأفق, فأننا لسنا معنين بها كثيرآ كثيرآ, بقدر ما يهمنا نحن الآن وهو وضعنا الداخلي لشعبنا الكلداني السرياني الآشوري, أما الآخرون ماذا يريدون ,وبماذا يؤمنون, فهذا شأنهم ونحن نحترم تطلعاتهم,وطموحاتهم,وقناعاتهم, ولكن ما يهمنا هو كيف نتصرف مع الوضع القائم المتأزم الآن, ونحن بهذه الحالة المزرية, وأنطلاقآ من هذا الواقع الذي نعيشه,وما أفرزته التشكيلات السياسية  والأحداث الدامية مؤخرآ في هذا البلد,
نحن مدعوون الآن أكثر من أي وقت مضى,لأجراء حوار سياسي مباشر بين جميع الفصائل السياسية لشعبنا الكلداني السرياني الآشوري ,لتوحيد الصف,وكذلك الموقف السياسي, والخطاب السياسي, على قاعدة مشتركة من المعطيات الموجودة في الواقع الحالي, لنتمكن من التعامل معها بجدية  ومواجهة ألتحديات, وخطورة المرحلة القادمة,وأعتقد بأن هناك أرادة سياسية ورغبة مشتركة لدى معظم الفرقاء من قادة شعبنا الآن في الوصول الى حل مناسب لهذه المشكلة التي نعاني منها جميعآ منذ وقت طويل,ولكن نحن الآن بحاجة ماسة الى من يتبنى المبادرة,  وقيادة  عملية الحوار, والمصالحة, للأتفاق على صيغة سياسية مشتركة لجميع الفرقاء السياسين لشعبنا الكلداني السرياني الآشوري, لنتمكن من أجتياز المرحلة الأستثنائية القادمة بكل تبعاتها, ولنهيئ كافة أبناء شعبنا للمشاركة بالأنتخابات البرلمانية القادمة بقائمة موحدة لأختيار العضو المناسب في المكان المناسب, ولنقتدي بالأئتلاف الوطني ألعراقي الجديد.     
         
داود برنو

67
لمحات من تاريخ الحركة السياسية لشعبنا الكلداني السرياني الآشوري.

قبل أن أكتب حول هذا الموضوع,فلا بدً لي من الأشارة أيضآ, الى المعوقات والعوامل الخارجية التي كانت السبب في حرمان شعبنا من التمتع بحقوقه القومية والوطنية المشروعة, وكانت هذه الضغوطات تأتي دائمآ من الحكومات الدكتاتورية الشوفينية المتعاقبة في بغداد, حيث كان لها دور فعال في أسكات صوت شعبنا من المطالبة بحقوقه القومية ألمشروعة, وهذه العوامل لا تقل أهمية وخطورة  من العوامل الداخلية التي أدت الى تقسيم شعبنا الى ثلاثة أقسام, وفق تسميات كنسية وليست قومية, ولا ننسى أبدآ بأننا أقلية قومية ودينية في هذا البلد والتي لم يأتيها أي دعم أو تأييد من الخارج أسوة بالآخرين, لقد كنا دائمآ نعاني من التفرقة العنصرية وعدم المساواة مع أخواننا وشركائنا في هذا الوطن, منذ تشكيل أول حكومة عراقية في بداية العشرينات من القرن الماضي, وحتى يومنا هذا,وهكذا كان الوضع الطبيعي لجميع الأقليات القومية والدينية في الوطن العربي, بسبب التيار ألعروبي الشوفيني المسيطر على هذه الأنظمة, ونفوذ رجال الدين من المتشددين الأسلامين المؤثر فيها, , ومن هذه الشعوب وبشكل خاص الأقليات المسيحية,  والأكراد. كما علينا الآن أن نشخص وبدقة متناهية الواقع الذي نعيش فيه,ومن هي القوى السياسية المسيطرة والمؤثرة في هذا النظام القائم في بغداد,وما هو موقفهم السياسي من قضية شعبنا من خلال الأفعال وليس الأقوال, كما لمسنا منهم خلال تجربتنا السابقة معهم لأكثر من ست سنوات. 
أن تسوية الصراعات العرقية,والسياسية في ظل الحكومة العراقية الحالية هو صعب, جدآ, وقد يكون مستحيلآ, بسبب التعقيدات التي تلازم هذه الحكومة من خلال المحاصصة الطائفية التوافقية, والتي تتناقض مع جميع أشكال الديمقراطية,ومع أبسط المبادئ لحقوق الأنسان.
لقد أثبتت التجارب في البلدان الأوربية, بأن الأنظمة الديمقراطية المنفتحة هي أكثر تلائمآ,وتكيفآ مع مصالح الأقليات القومية,والدينية, من الحكومات التسلطية الفوضوية,وهذا ما هو حاصل الآن في العراق,ويمكن ان نسميها ديمقراطية الدكتاتورية التوافقية,وأن شعبنا لآ يزال يرزح تحت نير هذه الحاله, وسوف يبقى هكذا الى أجًل بعيد,ولا بدً لنا أن نأخذ هذه الحالة بعين الأعتبار لدى وضع برنامج سياسي لشعبنا في المرحلة القادمة,ويجب أيضآ معرفة آلية عمل العقل السياسي لهذا التشكيل السياسي الحكومي الهجيني المختلط في بغداد, لكي نتمكن من التعامل الفعال والمجدي معه,لأننا فشلنا معهم في الماضي,ولم نستطيع من تحقيق أبسط ألمطالب لأبناء شعبنا الكلداني السرياني الآشوري, والآن نأتي الى موضوعنا الرئيسي,
منذ مدة طويلة ونحن نقرأ العديد من المقالات التي تتضمن سجالات عقيمة بين بعض الكتاب من أبناء شعبنا الكلداني الآشوري السرياني,وفي الكثير من مواقع الأنترنيت وأهمها موقع عينكاوا, وتللسقف,ولا سيما بعد أن أنتهت الأنتخابات البرلمانية في أقليم كردستان,ثم ظهرت النتائج النهائية المؤكدة والتي أعترف بها معظم الأطراف المعنية,من المؤيدين والمعارضين,وأخيرآ ظهر الحق وزهق الباطل.
أن الأنتخابات هي أساس الديمقراطية,ولا أحد يمثل أحد قبل أن يتقرر ذلك في الأنتخابات, لأنها الخطوة الأولى في بناء الثقة بين القيادة والقاعدة, وهذا ما كنا نتوقعه من النتائج التي ظهرت,بسبب التاريخ النضالي لهذه ألأحزاب والمنظمات المؤتلفة في أيطار المجلس الشعبي الكلداني السرياني الآشوري, التي فازت في الأنتخابات,وكذلك من خلال المعطيات القائمة على الأرض,بالرغم من بعض التحفظات التي سجلت ضدها من بعض السياسين المعنين بهذه الأنتخابات.
كما أنه من المتوقع أن تبدأ مرحلة جديدة من التحالفات والنشاط السياسي بين الفصائل السياسية بعد هذه الأنتخابات,لمواجهة المرحلة الجديدة, وبما ينسجم مع الوضع المستجد الذي أفرزته هذه الأنتخابات,حيث دخلت قوى جديدة في المعادلة السياسية بأقليم كردستان, والمتمثلة بقائمة التغير التي يرأسها الدكتور ناوشيروان مصطفى عضو المكتب السياسي للأتحاد الوطني الكردستاني, أن نتائج الأنتخابات جاءت وكما ذكرنا سابقآ تجسيدآ للواقع الحالي الذي هو أمتداد وتخليد لتاريخ شعبنا السياسي الذي ناضل من أجله منذ عشرات السنين بطرق,وبأشكال,وبعناوين مختلفة, ولكن جميعها كانت تحت التسمية الآشورية ,أو تحت قيادة آشورية,ولم يكن في تاريخ الحركة السياسية لشعبنا الكلداني السرياني الآشوري ومنذ أواسط القرن الماضي حركة أو حزب,أو منظمة سياسية بأسم الكلدان أبدآ,ولا أعرف لماذا,ربما الجواب يجب أن يأتي من الفاعلين ليل نهار لتقسيم هذا الشعب,لماذا يلومون الأحزاب الآشورية في الوقت الذي هم لم يقدموا أية خدمة ,أو يقوموا بأي نشاط سياسي لمصلحة القومية الكلدانية, لماذا هذا التنكر لدور الفصائل الآشورية في الحركة السياسية, فأن كان جهلآ فهو طعنة في واقع التاريخ, وان كان تجاهلآ فهو طعنة في صميم الحقيقة, في الوقت الذي نعرف جيدآ أن الأحزاب والمنظمات السياسية التي كانت تعمل تحت التسمية الآشورية كانت تضم في صفوفها أعضاء ومؤازرين من جميع المذاهب, الكلدان والسريان والآشورين دون تميز أو تفرقة,بسبب أيمانها المطلق بأننا شعب واحد,وأمة واحدة, وقومية واحدة,بينما نرى الآن بعض الكتاب السياسين,وبعض من رجال الدين الكلدان, يتهمون الآشورين بالتآمر على الكلدان,لا نعرف ماذا لديهم الكلدان حتى الآخرين يتآمرون عليهم..
أتمنى على الكنيسة الكلدانية أن تراجع مواقفها قبل فوات الأوان,لأن بوادر التمرد, والأنشقاق, قد تظهر على السطح قريبآ,بسبب الأسئلة المطروحة بين المؤمنين الكلدان,(من أتباع الكنيسة الكلدانية) من دون أي جواب,أو أي تفسير لها,  وفي كافة المستويات,وعلى سبيل المثال لا الحصر.
ماذا يجب أن نسمي الأولاد عندما يتزوج كلداني من فتاة آشورية ,أوبالعكس ,
ماذا عن الآشوريين التابعين مذهبيآ الى الكنيسة الكلدانية ,
ماذا عن الكلدان الذين لهم أيمان راسخ بأننا أمة واحدة,وقومية واحدة,وماذا سيكون مستقبلهم في الكنيسة الكلدانية بعد هذا الأنفصال لا سامح الله.
ماهي فائدة الكنيسة الكلدانية من هذا الأنفصال,وكيف تستطيع الكنيسة أن تدعي بأن أعضائها هم من القومية الكلدانية ومنفصلين عن القومية الآشورية,في الوقت الذي يعلم الجميع بأن التسمية الكلدانية الآشورية أدخلت على هذه الكنائس قبل عدة قرون,وقبلها كانوا جميعآ شعبآ واحدآ,وقومية واحدة,وبشهادة المتاحف,والمكتبات,والبعض من رجال الدين الأفاضل,وفي مقدمتهم كان ألمغفور له البطريرك مار روفائيل بيداويذ,حيث صرح وبمناسبات عديدة بأننا جميعآ آشوريون ولكن بتسميات مختلفة,ولا يوجد لحد الآن مصدر تاريخي , أو علمي موثوق مئة بالمئة, يبرهن عكس ذلك.
أما غبطة بطريرك السريان الأرثذوكس مار زكا عيواص,لقد كان لي الشرف في مقابلته مرتين عام 1982 في رئاسة الكنيسة الواقع في منطقة باب توما بدمشق,حيث صرح قائلآ أن جميع سكان بلاد ما بين النهرين هم آشوريون,أو من أصول آشورية,ولكن البعثات التبشيرية البابوية,قسموا هذا الشعب,وأطلقوا كلمة الكلدان على أتباع الكنيسة الكاثولوكية, وقسموا السريان الى قسمين,فأصبحنا سريان كاثوليك, وسريان أرثذوكس,وأضاف قائلآ بأن أسمه الشخصي قبل دخوله دير الكهنوت هو سنحاريب ( سنخيرو ),ولا يزال يحمل جواز سفر عراقي بهذا الأسم, وهو من مواليد نينوى ويعتز بذلك,ومن عائلة عريقة جدآ في المنطقة, كما صرح بأنني ملتزم وبجدارة, في المحافظة على مواصلة رسالة الكنيسة السريانية الأرثذوكسية في أيمانها ونهجها,وطقوسها, وكل ما يتعلق بها كما أستلمتها ممن قبلي,وأضاف قائلآ نحن رجال الدين لا نتدخل بالسياسة,وفي شعبنا من السياسين المؤهلين ما فيه الكفاية,لقد قمت بزيارة رعوية في هذه السنة الى كل من, العراق , تركيا , لبنان , ومركز أقامتي في سوريا,ولو كان لي موقف سياسي لما أستطعت القيام بمهامي الرعوية,بسبب الخلافات ألحادة السائدة بين هذه الدول.
وهناك أيضآ الكثير من المؤرخين وفي طليعتهم المرحوم الدكتور هرمز أبونا يبرهن بالأدلة والوقائع, بأننا شعب واحد وأمة واحدة,وقومية واحدة وهي القومية الآشورية,وهذا هو شعورنا,وأحساسنا,وأيماننا, ألا يكفينا ما حصل لشعبنا من ألمآسي في التهجير, وحرق للكنائس,والأستيلاء على أملاكنا,وعمليات القتل,والخطف,والأغتصاب ليأتينا نفر من أميركا,أو أوربا لينجم لنا ويكتشف مجددآ بأن شعبنا يتكون من قوميتين, أو ثلاث,وهل يوجد عاقل واحد يصدق هذه النظرية السخيفة جدآ,أنه لمن الخزي والعار للذين يروجون لمثل هذه الفرضيات, وهم يعيشون في أفخم القصور,والفيلات, وشعبنا يعيش حالة يرثى لها داخل الوطن,وفي الشتات,وأن شعبنا داخل الوطن يعيش في ظروف التحديات المصيرية,وهناك مشاريع في المنطقة تستهدف وجودنا جميعآ دون أستثناء لمن هو كلداني أو سرياني أو آشوري, وتفرض نفسها بالقوة على الواقع الحالي لتحقيق هذا المخطط الدولي, والذي تتبناه دول أقليمية في المنطقة.           
داود برنو

68
محاضرة – ما ضاع حق وراءه مطالب .
بالنظر لأهمية المحاضرة التاريخية التي كتبها الأب الفاضل البروفيسور عمانوئيل الرئيس, لقد أرتأيت نشرها بعد أن حصلت على موافقته مشكورآ, أنها حقآ محاضرة قيمة يمكن لأبناء شعبنا الأستفادة منها وفي هدا الظرف بالدات, ولا سيما البعض من رجال الدين الأفاضل, ولنبرهن لهم أن الزي الأحمر الدي يرتديه الأسقف هو علامة الأستشهاد, وليس علامة زينة , وأن الراعي الصالح هو مثل ربان السفينة الغارقة الدي يكون آخر من يغادر السفينة حتى لو عرُض حياته للخطر.
أنطلاقآ من الحرس الشديد على الكنيسة ورؤسائها المخلصين أنني لا أريد أن أوجه أنتقادآ أو أتهامآ الى البعض منهم أو التقليل من شأنهم, ولا أحبد التدخل في شؤونهم الداخلية أبدآ, ولأي سبب كان, ولكن لابدً وان يسمح لنا في الكلام لمعرفة الحقائق والوقائع, ولكي نتجاوز أخطاء الماضي ومآسيه لكي لا تتكرر تلك الحالة المآساوية أو مثيلاتها مرة أخرى, لأنها تلحق الضرر بالمؤمنين من أبناء شعبنا, ومن واجبنا أن نجعل هدا الشعب على بينة مما يجري الآن في داخل العراق وخارجه, من خلال المستجدات التي حصلت على الساحة العراقية, والتي تشمل جميع مناحي الحياة وتستهدف بالدرجة الأولى شعبنا ألكلداني السرياني الآشوري وتدفعه الى الهجرة الجماعية مكرهآ خارج الوطن وهده الحالة هي أخطر ما يصيب شعبنا وتؤدي الى أنهاء وجوده في هدا الوطن وأنقراضه في المستقبل.
,أن الظروف التي يمر بها شعبنا الآن تشبه الى حدً ما الظروف التي عاشها آبائنا وأجدادنا أثناء الحرب العالمية الأولى, والتي تسببت في المدابح, وبموجات الهجرة الجماعية التي طالت جميع القرى المسيحية في تركيا, وأدت الى فقدان الأرض والممتلكات والأرواح, وعلينا الآن أن نقيم ونميز بين حالة أيجابية وأخرى سلبية حصلت في الماضي, أو قد تحصل في الكنيسة أو بين رؤسائها, ومن حقنا أن نسمي الأشياء بأسمائها دون خجل أو خوف,والمطلوب الآن من قادة شعبنا من السياسين ورجال الدين أن يتحملوا مسؤولياتهم تجاه شعبنا الدي تخلى عنه الجميع من الأصدقاء ومن هم شركائنا في هدا الوطن وفي مقدمتهم الحكومة المنتخبة في بغداد, والموصل, في الوقت الدي نواجه تحديات كثيرة وصعبة أمامنا, ولكن هناك مؤشرات ودلائل من حكومة أقليم كردستان تبعث الأمل والتفاؤل في أيمان شعبنا الكلداني السرياني الآشوري في نيل حقوقه القومية المشروعة المتجسدة في الحكم الداتي المنصوص عليه في دستور أقليم كردستان,ويجب علينا مواصلة النضال ولا سيما في عهد القيادة التاريخية للشعب الكردي, لترجمته على أرض الواقع وفي سهل نينوى بالدات الدي هو موطن شعبنا التاريخي , وأدناه المحاضرة .



69
تفجير الكنائس هو جزء من المخطط الكبير

أننا لم نفاجأ ابداً مما حصل في بغداد يوم الاحد الماضي والذي صادف في 12/7/2009 من مهاجمة دور العبادة وبيوت الله والكنائس وتفجيرها من قبل المتطرفين الاسلاميين الذين يستهدفون المسيحية بشكل خاص , والتي ادت الى استشهاد واصابة مايقارب أربعين شخصاً معظمهم من المسيحيين, انها عمليات منظمة وفق مخطط سبق وأن تم أعداده من قبل جهات وأطراف خارجية معروفة في توجهاتها العنصرية نتيجة التعصب الاعمى للدين والمذهب والمتجسد في الوهابية التي تصدر الينا من السعودية ودول الخليج العربي, ولا يتسع لي المجال هنا لشرح أبعاد هذا المخطط وأهدافه بشكل مفصل.
لا شك ان شعبنا يعاني من أضطهاد مزمن خلال جميع العهود السابقة ومنذ قرون عديدة ولكن هذا الاضطهاد أستفحل بشكل خطير جداً بعد سقوط نظام بغداد في 9/4/2009 وشمل معظم مناحي الحياة لشعبنا الكلداني السرياني الاشوري وسوف يستمر هذا التصعيد ليشمل المجالات جميعها دون استثناء وخاصة السياسية والاقتصادية منها ولن يقتصر على الحالة الامنية فقط بالرغم من ان نزيف الهجرة الى خارج العراق مستمر ومنذ ست سنوات واكثر.
ونلاحظ انه كلما ارتكبت عملية ارهابية ضد أبناء شعبنا نرى موجات الهجرة تزداد تدفقاً نحو الخارج, وعلينا ان نبقي ذاكرتنا مفتوحة لكي نستلهم منها احداث الماضي بشكل صحيح ودقيق , وماحصل ويحصل الان لشعبنا من مآسي خلال السنين الست الماضية تدعونا لزيادة اليقظة والحذر , والى ادراك خطورة الموقف ومعرفة الحقيقة بالكامل حول ما يجري من عمليات أرهابية تستهدف أبناء شعبنا العزل من السلاح بالرغم من انهم لم يكونوا طرفاً في الصراع والنزاع الدائر بين الاطراف السياسية التي تسعى للحصول على المزيد من المناصب والثروة وندعو أبناء شعبنا ان يكونوا على درجة عالية من الوعي السياسي والامني , وان لانخمن الاحداث والامور كيف مانشاء , او نسرد قضايا بعيدة عن الحقيقة والواقع وعلى شكل قصص خيالية ولا سيما ممن يدعون بتحسن الوضع الامني في العراق, وهذا ما يصرح به المسؤولون العراقيون ومن ضمنهم بعض من مسؤولي شعبنا الكلداني السرياني الاشوري من الذين يضعون الامال على السلطة القائمة في بغداد, والتي والتي ليس همها سوى المنصب والثروة .
لقد كتبت وكتب الكثيرون قبلي ومن بعدي مقالات عديدة حول قادة المعارضة العراقية الذين أستلموا السلطة في بغداد منذ سقوط النظام وذكرت بانهم عبارة عبر مجموعات متنافرة ومتباينة ولا يملكون رؤية موحدة حول مستقبل الوضع السياسي ومعظمهم لهم مرجعيات سياسية ودينية خارج العراق وفي دول الجوار, ولم يُمسح لهم بأتخاذ اي قرار او سن اي قانون يعارض توجهات سياسة تلك الدول. وعلى سبيل المثال لقد صرح هاشمي رفسنجاني الرئيس الايراني الاسبق أثناء المؤتمر الاسلامي في مكة بالسعودية بتاريخ 5/6/2008 بأن العراق سوف لن يوقع أتفاقية أمنية طويلة الامد مع أميركا.
وكأنه هو الناطق الرسمي بأسم الحكومة العراقية الحالية ولم يرد احد عليه من المسؤولين العراقيين , ولولا ثقتهُ التامة في كلامهِ وماذا يعني به لما صرح بذلك وأخيراً جاء قرار الحكومة العراقية متطابقاً لتصريح آية الله هاشمي رفسنجاني في أثناء توقيع الاتفاقية الامنية بين العراق واميركا وهكذا يظهر لنا بأن المجموعات السياسية والنخب المثقفة في السلطة الحالية ولا ترتبط بعضها مع البعض الاخر سوى بتقاسم السلطة والثروة فيما بينها وحتى المؤتمرات العديدة التي عقدوها في الماضي كانت تقتصر على تفاهمات حول المحاصصة التوافقية فيما بينهم ومن تلك المؤتمرات مؤتمر صلاح الدين –ومؤتمر لندن , والاجتماعات العديدة التي حصلت بينهم سابقاً في كل من سوريا وليبيا وايران وان الوضع السياسي الحالي هو تتويج لنتائج تلك المؤتمرات ولم يكن مفاجأة لهم ابداً انه الوضع السياسي الذي كانوا يطمحون اليه منذ زمن طويل وهذا ما تحقق لهم ولمرجعياتهم السياسية والدينية وبجهود قوات الاحتلال الامريكية ومعهاقوات التحالف الدولية وليس بجهودهم.
ان كل من عَملَ  مع المعارضة العراقية في فترة الثمانينات من القرن الماضي يعرف جيداً ذلك . ولكن الظروف الدولية والاقليمية هي التي فرضت على العراق الوضع السياسي القائم الان . وانه يشكل بداية لنهاية دولة اسمها العراق خالية من المسيحيين والصائبة المندائيون كما اصبحت خالية من اليهود .
أن امن المواطن العراقي هو مسؤولية الحكومة الحالية, وان مايجري ضد شعبنا من عمليات أرهابية وتداعياتها تقع مسؤوليتها على حكومة رئيس الوزراء نوري المالكي ومعه قادة الاجهزة الامنية .
لقد ظهر جلياً بأن معظم الاحزاب والمنظمات السياسية المشاركة في السلطة تملكها عائلة واحدة او عدة عوائل وليس كما هو الحزب السياسي الصحيح الذي يجسد المشاركة لجميع اعضاؤه ويعمل من اجل مصلحة الوطن والمواطن, ومن هذا المنطلق لايمكن ان نجد حكومة مركزية قوية في العراق, والدليل على ذلك هو حالة الفلتان الامني السائدة في بغداد وبعض المحافظات وأن الاحداث الجارحة هي عنوان الفشل للحكومة الحالية.
وهذه هي المأساة التي يعيشها الشعب العراقي عامة وشعبنا الكلداني السرياني الاشوري خاصة ان الواقع الذي نعيشه هو اكبر بكثير من جميع احزابنا ومنظماتنا السياسية بشكلها الحالي ومن صميم واجباتنا ان نترك خلافاتنا جانباً ونمضي قدماً في طريق رص صفوفنا لكي نلحق بالواقع الخطير  الذي نعيشهُ والتداعيات الناتجة عنه والتي تتطلب منا بذل كل الجهود من اجل توحيد الرؤية والخطاب السياسي لشعبنا لنتمكن من الدفاع عن حقوقنا في حماية شعبنا من الموجات الارهابية التي تلاحقنا حتى وصلت الى عقد دارنا في القرى الكائنة داخل سهل نينوى.
ان الوضع السائد في العراق سيبقى بهذه الحالة الى اشعار اخر لانه هكذا خطط له , وهم الذين يتحكمون به من خارج العراق وشارك في ها المخطط او المؤامرة اطراف عديدة دولية واقليمية وعلى قادة شعبنا ان يفتشوا لنا عن قوى دولية لحمايتنا بعد غياب وفقدان الامل في القوى السياسية التي تحكم البلاد حالياً لاننا نعيش في عالم لا يحترم فيه الا الاقوياء ونحن لا حول لنا ولا قوة ولا يوجد من يدعمنا او يساند قضيتنا لا في الداخل ولا في الخارج.
وان ممثلينا في الحكومة لا احد يسمع صوتهم ولم يبذلوا الجهد المطلوب منهم لجعل قضيتنا في أطار أهتمامات منظمة الامم المتحدة

                                                                          بقلم
                                                                    داود برنو

70
التسمية الموحدة لشعبنا هى الخيار الوحيد
               


  داود برنو
لقد قرات العديد من المقالات حول موضوع التسمية  الموحدة لشعبنا الكلداني السرياني الأشوري، في الوقت الذي تشهد الساحة العراقية الكثير من المستجداد وتداعياتها من أعمال العنف وغيرها ، وفي مقدمتها أنسحاب القوات الأمريكية من المدن العراقية،والتي تفرض علينا ضرورة التعامل بجدية مع هذا الموضوع،
ووضع الحلول الكاملة لجميع قضايانا والمشاكل التي نعاني منها ، أن شعبنا الآن يعيش في ميدان القتال ، ومحاط بالمفخخات ، والأحزمة الناسفة من قبل الأعداء ، ولقد شاهدنا قبل عدة أيام ألأنفجار الذي حصل في قضاء الحمدانية (مدينة بغديدا)، وأدى الى قتل ، وجرح، أكثر من عشرة مواطنين ، ولا نعرف ماذا يخبأ لنا في المستقبل من عمليات أرهابية أو هجرة جماعية،وفي هذه المرحلة نجد الكثير من المقالات في وسائل الأعلام ولا سيما في موقع أبناء شعبنا ( عينكاوا ) حول تسمية شعبنا في دستور أقليم كردستان ،
 فمنهم من أقر بهذه التسمية الموحدة الصحيحة التي تجمعنا واعتبرها هي الحقيقة بذاتها مستندآ الى بعض الحقائق من التاريخ والجغرافية, بالأضافة الى عوامل أخرى مشتركة مثل الدين ، اللغة ، العادات ، التقاليد ، المصالح المشتركة، المظالم التي عانينا منها جميعآ كمسيحين ، دون أستثناء لأحد من أبناء شعبنا الكلداني السرياني الآشوري . ومنهم من يرفضون هذة التسمية بشكل قاطع مستندين أيضآ الى كتب التاريخ وغيرها من الأدلة والبراهين ومنها الكتاب المقدس ، وهناك أيضآ بعض الكتاب الذين قدموا أجتهاداتهم الشخصية حول هذا الموضوع ولكن جاءت كرد فعل متراكم من لدن بعض المتطرفين من الكلدان، ضد البعض الآخر من المتطرفين الآشوريين ، ومع الأسف الشديد لكون البعض منهم له مسؤولية سياسية ،رغم كل هذا وذاك ومهما تكن الحقيقة فأنه لم يكن لدى كلا الطرفين المتعصبين رؤية واضحة ، وقاعدة فكرية سياسية ثابتة للوصول الى حل معقول لهذه المشكلة ، لكي يرضى بها معظم الأطراف المعنية ،أنني لا أستطيع أن أفهم هؤلاء الكتاب ، كيف ينظرون الى قضيتنا القومية من خلال كتاباتهم التي تعكس لنا أما جهلهم بخطورة قضيتنا ، أو عدم شعورهم بالمسؤولية تجاه شعبنا ، فتراهم تائهين بين ما هو وهم ، وما هو واقع على الأرض ، وكل طرف يفسر مواقف وسلوك الطرف الأخر بأنه غير منطقي ويرفضه جملة وتفصيلآ ، وكل طرف لا يرى سوى مصلحته ولا يهتم بمصير غيره ، ولا سيما في هذه المرحلة التي يسود فيها التوتر بين العرب والأكراد في محافظة نينوى حول المناطق المتنازع عليها ، وعليه فأن التريث في حل هذه المشكلة لا يحتمل الأنتظار وان الوقت لا يمهلنا وان هذه الفرصة قد لا تتكرر.                                        المطلوب من القيادات السياسية لشعبنا أن توحد صفوفها وتتخذ القرار الحاسم لأنهاء الموضوع ، وغلق هذا الملف والأنتقال الى  مرحلة جديدة من العمل السياسي يرتكز على أسس ومبادئ وايطار عمل يلتزم به الجميع من أجل تحقيق طموحات شعبنا في الحكم الذاتي الذي ينص عليه دستور اقليم كردستان ، كما أنني 
أستغرب أيضآ تدخل رجال الكنيسة وبشكل مباشر بقضية سياسية لا تعنيهم كثيرآ ، ولأول مرة في تاريخ الدولة العراقية يتدخل رئيس الكنبسة الكلدانية في الشأن السياسي ، أن القضية القومية هي شأن سياسي لا علاقة لها برجال الدين ، ولم نسمع في العراق عن أي من رجال الدين الأكراد أو التركمان أو العرب ، يتبنى موضوع القضية القومية لشعبه ، لأن هذه القضايا كانت وما تزال ، ويجب أن تكون من مسؤولية المنظمات السياسية والنخب المثقفة ، بالرغم من أن رجال الدين يتمتعون بثقافة عالية ، ولكن لا يمكن الدمج بين الدين والسياسة ، لأنها قد تتفق في نقاط معينة ، ولكن تختلف في أمور أخرى ، وأن رجل الدين المسيحي ولا سيما الكاثوليك منهم ، فأن نشاطه محدود في أيطار معين، ولا يمكن له أن يتجاوزه أبدآ ، ولقد شاهدنا في السبعينات من القرن الماضي رجل الدين الفلسطيني المطران هيلاري كبوجي الذي كان يطالب بحقوق شعبه الفلسطيني ، كيف فرضت حاضرة الفاتيكان آوامرها الصارمة عليه وأوقفت نشاطه السياسي، وطلبت منه الأختيار أما أن يكون رجل دين ، أو أن يكون رجل سياسة ، فأختار الدين وترك السياسة ، ومن هذا المنطلق فأن تدخل رجال الدين لا يجدي نفعآ ، أنه مضيعة للجهود والوقت في آن واحد ، ويسبب من المشاكل التي نحن بغنى عنها ، ويمكن أن يكون رجل الدين عامل ثانوي ومساعد لدعم مسيرة شعبنا ، وليس أن يكون عامل رئيسي وحاسم في تقرير مستقبل ومصير هذه الأمة .

71
الكردينال عمانوئيل دلي ومقال السيد حميد الشاكر
لقد اطلعت على مقال المدعو حميد الشاكر حول ما أورده بخصوص المسيحين في العراق بشكل عام, والبطريرك عما نوئيل دلي بشكل خاص, وتضمن هذا المقال جملة من المتناقضات, والاكاذيب التي تدل اما على جهله بما يجري في العراق, او على حقده الدفين على كل من هو غير مسلم في هذ البلد, وانني اشك بهوية هذ الشخص الحقيقية ان كان هو عراقي الاصل ام هو من التبعيات الايرانية, او الافغانية.. او غيرها, لانه غريب الاطوار والافكار, ولا اعتقد انه يوجد مواطن عراقي شريف من الطائفة الشيعية الكريمة يحمل هذه الافكار وهذا الرأي, ويفبرك مثل هذه الروايات, انه بالتأكيد ليس عراقي الجذور ولا يتمتع بخلفية تاريخية وثقافية عراقية اصيلة, انه بعمله هذا بالتأكيد يستهدف اثارة النعرات الطائفية والمذهبية في هذ البلد.
كما اطلعت على الرَدً الذي كتبه المحامي يعكوب ابونا, وكان شاملآ وشافيا, ويستند الى الحقائق والوقائع التاريخية القائمة الان على الساحة العراقية, ولا احد يستطيع انكارها, او تجاهلها, لانها موجودة على الارض باشخاصها , وافعالها, ويظهرمدى تاثيرها السلبي على اطراف معينة من أبناء الشعب العراقي وفي مقدمتهم المسيحيين منهم. (راجع الرابط ادناه) http://www.ankawa.com/forum/index.php?PHPSESSID=705eb55984978019001a362ddcb0bb0e&topic=304668.0.
انني هنا لا اريد الخوض بتفاصيل ما جاء بمقالة المدعو حميد الشاكر, لانني لا اعرف من هي مرجعيته الدينية حسب التقاليد الشيعية, فهل هو يقلد المراجع الايرانية مثل اية الله السيد الخامنيئي, او السيد السستاني, او السيد كاظم الحائري, ام انه يقلد آية الله محمد فضل الله اللبناني, او الافغاني السيد محمد اسحاق الفياض, او الشيرازي, ام يقلد المراجع العراقية مثل اية الله النجفي, اية الله الحكيم, او اية الله اليعقوبي او غيرهم من المرجعيات الاخرى,ولو عرفت ذلك لكان الردٌ بطريقة أخرى,
ان كل ما اودٌ الاشارة اليه هو التاكيد على ما جاء به المحامي يعكوب ابونا, منطلقا من الواقع الذي عشناه في ايران وان ما كتبه السيد ابونا كان هو الحقيقة بذاته,  وكل عراقي عاش في ايران ولو لمدة قصيرة , ولا سيما اثناء الحرب العراقية الايرانية ,في الفترة الواقعة ما بين عام 1980- 1988 يستطيع ان يعرف مواقف المرجعيات الشيعية تجاه العراقين من غير المسلمين وخاصة المسيحين منهم.
وقد صرح بتلك المواقف علنآ ولمرات عديدة, بمناسبة, او بغيرها السيد محمد باقر الحكيم الذي كان رئيس المجلس الاسلامي  الاعلى للثورة العراقية في ايران, وان المجلس كان قد تشكل بمبادرة أيرانية من منظمات واحزاب اسلامية شيعية عراقية بدعم ورعاية من قبل النظام الايراني انذاك,أي في عام 1982.
وكان هذا المجلس يشكل المرجعية العليا دينيآ وسياسيآ لأحزاب ومنظمات المعارضة الشيعية ضد ألنظام العراقي الحاكم انذاك في العراق,حيث كان يتألف من مجموعة منظمات وأحزاب سياسية شيعية يبلغ عددها أكثر من عشرة,بالأضافة الى الشخصيات الدينية العراقية وغيرها من جنسيات مختلفة.
لقد كتبت عدة مقالات حول تشكيل هذ المجلس, وجناحه العسكري المتمثل بفيلق بدر قبل أكثر من ثلاث سنوات والذي يطلق عليه الان تسمية منظمة بدر, وتم نشر تلك المقالات في عدة مواقع ومن ضمنها موقع عنكاوا مشكورآ, ويمكن للقارئ ان يطلع على ارشيف موقع عنكاوا ليكون على بينة من ذلك.
وهنا اشير مرة اخرة الى هذا الموضوع وبشكل مختصر جدآ لعلاقته بهذه القضية.
في بداية الثمنينيات من القرن الماضي, كنا نعمل مع المعارضة العراقية في سوريا ضد النظام الدكتاتوري في بغداد,وتحت قيادة اللواء الركن حسن مصطفى النقيب, وكنت آنذاك ممثل لحزب بيت نهرين الديمقراطي في دمشق, وفي سياق نشاطات حزبنا السياسية, قمت بزيارة الى ايران ولعدة مرات, وفي احدى هذه الزيارات كانت بتاريخ 1982, وبينما كنت في طهران , ذهبت الى مؤسسة الصدر للاطلاع على لوائح  الاَسرى العراقين الذين كانت قوائم اسمائهم تعلق في  بناية مؤسسة الصدر التي كانت تضم مقر قيادة المجلس الاسلامي الاعلى برأسة المرحوم  اية الله محمد باقر الحكيم وفي تلك الاثناء التقيت مع بعض العناصر التابعة للمجلس الاسلامي الاعلى, وطٌلب من عندي بصفتي ممثل للحزب تقديم الاعتراف, والتأيد للتشكيل السياسي الجديد الذي انبثق منه المجلس الاسلامي الاعلى باعتباره  الممثل الشرعي, والوحيد للمعارضة الشيعية العراقية ضد النظام الدكتاتوري في بغداد, ولكن قبل تلبية طلبهم طالبتهم بتأمين مقابلة لي مع قيادة المجلس ولا سيما السيد محمد باقر الحكيم, للآطلاع على السياسة الجديدة لهذه الجبهة السياسية الجديدة, وفعلآ تم استصحابي الى الطابق الثاني من البناية والتقيت مع السيد ابو حيدر لترتيب المقابلة وبعد نصف ساعة تقريبآ, دخلت الى مكتب السيد محمد باقر الحكيم وأستقبلني بحفاوة, وكان عدد من اعضاء قيادة  المجلس الاسلامي الاعلى موجودين داخل المكتب, ومن ضمنهم السيد محمود الهاشمي الذي كان يرأس المجلس انذاك, وهوا رجل دين  ايراني ولكنه سياسي محنك, وكذلك اتذكر الشيخ ابو علي وهو من اهالي تلعفر, والسيد ابو حيدر واخرين, ودار بيننا حديث طويل مع السيد الحكيم, وبعضه كان اجتماعيآ حيث تحدث عن العلاقة الودية التي كانت تربط المرحوم والده السيد محسن الحكيم مع المرحوم البطريرك مار بولص شيخو الذي هو من اقربائي, وبعدها عرضت عليهم بعض الاسئلة التي تتعلق بمستقبل شعبنا الاشوري الكلداني, وفجأة رفض هذه التسميات وقال نحن نتعامل معكم كمسيحين ليس الا, لاننا لا نؤمن بالقومية لأي كان, لان في الاسلام لا توجد قومية ولافرق بين فارسي وعربي وتركماني واخرين طالما هم مسلمين,  والدليل على ذلك ان رئيس الجمهورية الاسلامية الايرانية حاليآ هو السيد بني صدر وهو تركماني وليس فارسي, ثم قلت له نحن في حزب بيت نهرين الديمقراطي, نؤمن,ولنا أمل كبير بان النظام في بغداد سوف لن يدوم طويلآ وان البديل الوحيد لهذ النظام هو مجلسكم المؤقر بدعم ورعاية القيادة الايرانية الحالية, فما هو موقفكم من شعبنا الاشوري الكلداني السرياني؟ ومرة اخرى قاطعني وقال اننا لا نحبذ ان نسمع مثل هذه الالفاض والافضل لك ان تستخدم تسمية المسيحين, واضاف قائلآ اسمع مني جيدا, اننا لسنا سياسين, يجب ان تعرف ذلك, اننا رجال دين, لا نكذب عليكم, ولا نبالغ في كلامنا, وليس عندنا تكتيك, أوديالتكتيك كما لدى غيرنا من احزاب المعارضة العراقية ومنهم البعثين, والشيوعين,و الاحزاب الكردية, وغيرها, انهم يكذبون ويخدعون الاخرين عندما يكونون خارج السلطة, ولكن متى ما يستلموا الحكم فيعملون عكس الوعود التي قطعوها مع الاخرين, وهذا ليس نهجنا, وليست قيمنا واخلاقنا, وهذا ما لمسناه منهم في الماضي القريب وان تجاربنا معهم في العراق ماثلة امامنا منذ تموز عام 1958والى يومنا هذا أما نحن فنعاملكم بصراحة واحترام كمسيحين من اهل الكتاب وكما جاء في القرآن الكريم, وحسب فهمنا وتفسيرنا للايات القرآنية اننا سوف لن نعاملكم كاليهود وان الحكومة العراقية الملكية آنذاك قامت بطرد اليهود وحجزت اموالهم المنقولة وغير المنقولة وأستولت على ممتلكاتهم  واصبحت ملك وقف للدولة العراقية, اما انتم سوف نطبق عليكم الشريعة الاسلامية ونضع امامكم ثلاث خيارات, الخيار الاول وهو اعتناق الدين الاسلامي وحسب المذهب الشيعي الاثني عشري, والخيار الثاني وهو دفع الجزية, اما الخيار الثالث فهو مغادرة البلاد, ثم قاطعته وقلت له كيف يمكن ان تعاملوننا ذلك ونحن  اهل البلد الاصلين ولنا دور رئيسي في بناء تاريخ  وحضارة هذا البلد, واثارنا في بابل ونينوى تشهد على ذلك, فرد علي قائلآ نعم انتم من اهل البلد الاصلين وشاركتم في بناء التاريخ وحضارة بلاد مابين النهرين ولا احد ينكر عليكم ذلك ولكن, لكم عندنا خصوصية وليس كما فعلنا باليهود فاننا نسمح لكم في بيع ممتلكاتكم واستلام اثمانها لتساعدكم في مغادرة البلاد والسفر الى بقاع الدنيا الواسعة, وهذا هو موقفنا الآيجابي تجاهكم  الان ونحن خارج الحكم, وسوف يكون نفس الموقف في المستقبل القريب ونحن في دفة الحكم, وكل من يقول لكم غير ذلك فهوا يكذب عليكم او يجاملكم, وعليكم ان تعرفوا جيدآ أننا نقدم كل هذه التضحيات بارواحنا وممتلكاتنا من اجل استلام الحكم في بغداد لتطبيق الشريعة الاسلامية في  العراق ومن ثم لتصديرها الى دول الجوار,كما أوصى بها الأمام الخميني,وحسب المذهب الشيعي, وبموجب نظام ولاية الفقيه, وكما هو قائم الان في جمهورية ايران الاسلامية, ولا يمكن ان نحيد عن ذلك قيد انملة, هذا هو موقفنا الان وسوف يكون نفس الموقف في المستقبل القريب عند أستلامنا للسلطة ,وسيبقى هكذا والى الابد,حتى نحقق كافة أهدافنا.
وبعدها غادرت مكتب السيد واستصحبني معه الشيخ ابو علي مسؤول الاعلام في المجلس انذاك الى الطابق الارضي, ودخلنا في غرفة كانت تضم جهاز ارسال لاذاعة المجلس, واجرى معي مقابلة اذاعية مباشرة على الهواء حول موقفنا من التشكيل الجديد للاحزاب والمنظمات الشيعية التي انبثق عنها المجلس الآسلامي الاعلى للثورة العراقية في آيران .
واليوم نلاحظ من خلال ما يجري في العراق, وما يتعرض له شعبنا المسيحي من الاضطهاد والتشريد, فان الخيارالثالث يطبق بحق المسيحين العراقين اللآن من دون أن يعلن عنه بشكل  واضح وصريح,وهذا ما ينسجم مع  تصريح  السيد محمد باقر الحكيم منذ اكثر من ربع قرن من الآن, ولكن باساليب وطرق مختلفة وملتوية تندرج في ايطار الحالة الامنية العامة للبلاد وتشمل في هذه الحالة الشعب العراقي كافة, ولكن المستهدفين الحقيقين هم المسيحين بشكل خاص.
ان المجلس الاسلامي الاعلى الذي كان يقوده السيد باقر الحكيم قبل ربع قرن وهو خارج الحكم , فانه نفس المجلس الذي يقوده الان شقيقه السيد عبد العزيز الحكيم ولم يتغير فيه شيئآ حيث يسير على نفس النهج, ويتخذ نفس المواقف, وينفذ نفس السياسة التي وضعتها له الحكومة الايرانية واجهزتها الامنية, منذ تاسيس المجلس في بداية الثمانينيات من القرن الماضي والى يومنا هذا, وان امكانيات الدولة العراقية الان مسخرة لخدمة هذا المجلس وموسساته المتعددة وفي مقدمتهم موسسة شهيد المحراب التي يرأسها السيد عمار عبد العزيز الحكيم والتي تمتلك امكانيات اكبر من الدولة العراقية وهي مدعومة من النظام الايراني وبشكل غير محدود.
ان شعبنا الكلداني الاشوري السرياني لا يهمه ما قاله السيد باقر الحكيم الاول, وما يقوله الان السيد عبد العزيز الحكيم, وما سيقوله ابنه السيد عمار عبد العزيز الحكيم بعد ان يستلم القيادة من والده المريض في القريب العاجل.
ان شعبنا ناضل في الماضي ويناضل الان, وسوف يبقى يناضل في المستقبل من اجل نيل حقوقه القومية والوطنيةالمشروعة  في العراق وان مشاريع ومخططات الاعداء العبثية سوف تفشل لامحالة, ومهما اعدٌ لها من امكانيات وطرق ملتوية, وان مخططاتهم اصبحت مكشوفة للجميع تستهدف بالدرجة الاولى تهجير شعبنا من هذا البلد,ولكن  سوف نكون لهم بالمرصاد داخل الوطن وخارجه, وان العار سيلاحقهم اينما حلوا, ومهما بلغوا من قوة بالمال والسلاح.
ان العراق هو وطننا الوحيد وليس لنا غيره ولا بديل عنه, وسنعمل بكل جهدنا وامكانياتنا من اجل تثبيت حقوقنا المشروعة في دستور العراق الاتحادي, ودستور اقليم كردستان وسنعمل جنبا الى جنب مع العراقين الشرفاء ومع الاحزاب والمنظمات العراقية, ولنا امل كبير بهذا الشعب وبقواه الوطنية والديمقراطية ولا سيما من اخواننا الشيعة الذين عرفناهم واختبرناهم منذ نصف قرن, حيث كانوا ولا يزالون في طليعة المناضلين العراقين المدافعين عن حقوق المظطهدين والمظلومين, وما نقرأه الان في وسائل الأعلام من مقالات لكتاب بارزين وهم من الطائفة الشيعية العراقية الكريمة وفي مقدمته الدكتور كاظم حبيب, والدكتور عزيز الحاج, والدكتور عبد الخالق حسين: واخرين, حيث قاموا بفضح مخططات ايران وعملائها في العراق,وكيف يتلقون الأوامر وكل حسب ما أنيط به من مهام لتنفيذها, وفي مقدمتهم ممثل السيد السستاني في بغداد وعضو قيادة المجلس الأسلامي الاعلى المدعوا جلال الدين الصغير وهوا امام جامع براثا في جانب الكرخ, وكذلك المدعو صدر الدين القبنجي وهو ممثل السيد السستاني في النجف وعضو قيادة المجلس الأسلامي الاعلى وهوأيضآ امام جامع الأمام علي في النجف الاشرف, هؤلاء هم ممثلي اعلى مرجعية شيعية في العراق وهذه هي مواقفهم المخزية فعلى اي مرجعية نعتمد, قبل ستة سنوات وجه السيد مقتدى الصدر انذار الى السيد السستاني وأمره بمغادرة العراق خلال ثلاث ايام,ولم يستطيع أن يدافع عن نفسه, ولولا نجدته من قبل شيوخ العشائرفي المنطقة,  لكان السيد السستاني الان لاجئآ في الكويت أو في بلد آخر, كذلك عند تشكيل اول وزارة عراقية في نهاية 2004 برأسة الدكتور اياد علاوي طلب السيد السستاني من جبهة الائتلاف الشيعية بعدم استلام مناصب وزارية وخاصة جماعة المجلس الأسلامي الاعلى برأسة الحكيم لكونهم من مقلدي السيد السستاني,  وتركها للاخرين, ولكن لا احد استمع اليه, فقاموا بتطبيق نظام المحاصصة فيما بينهم,وأستحوذوا على معظم الوزارات السيادية, وكذلك عندما حصلت احداث سامراء لدى تفجير المراقد الشيعية المقدسة, طلب السيد السستاني من الطائفة الشيعية بعدم الرد, او اتخاذ اي اجراء معاد للسنة في ذلك الوقت, ولكن وبشهادة رئيس الوقف السني احمد عبد الغفور السامرائي, ورئيس هيئة علماء المسلمين السنة السيد حارث الضاري الذين اعلنوا بان المجاميع من المليشيات الشيعية المسلحة بقيادة التيار الصدري هاجموا  اكثر من 400 جامع للطائفة السنية. وقامو  بالآستيلاء عليها وحرق محتوياتها, بالرغم من الفتاوي التي اصدرها السيد السستاني وغيره من المرجعيات الشيعية في النجف مطالبين بعدم ارتكاب هذه الاعمال ولكن لا أحد يسمع كلامهم عندما لا يكون الأمر في صالحهم,أما أذا كانت الفتوى حول الحصول على الغنائم فعند ذلك سيتم تنفيذ أوامر الفتوى بحذافرها,فأنني هنا أسأل السيد حميد الشاكر كيف يمكن الأعتماد على المرجعيات الشيعية وفي مقدمتهم السيد السستاني في الوقت الذي لا أحد من قادة الميليشيات الشيعية يسمع كلامه وينفذ أوامره,فكيف يمكن لنصف مليون مسيحي في العراق ان يضع مستقبله,ومصيره بيد المرجعيات الشيعية في النجف, في الوقت الذي هم ليسوا ألا موظفين تابعين الى القيادة السياسية الأيرانية, التي أسست المجلس الأسلامي الأعلى,ووضعت له برنامجه وأهدافه المرحلية والأستراتيجية,وهذا ليس خافيآ لأحد ,وأن المسيحين يتعرضون الآن ومنذ ست سنوات لشتى انواع الاضطهاد والتنكيل,والتهجير,ولم نسمع لحد الآن مرجعية شيعية في النجف,أو في كربلاء أو في بغداد, أستنكرت هذه الأعمال عسى ان يعرف السيد حميد الشاكر ذلك جيدآ,وان فتاوى المرجعيات الشيعية العراقية في النجف تطاع فقط عندما تكون بأيعاز من القيادة السياسية الأيرانية وهذه الآلية يعرفها حتى المواطن العادي وفي جميع أنحاء العراق,أما السيد حميد الشاكر أذا لم يعرف لحد الآن كيف تعمل المراجع الشيعية في النجف فأنها مصيبة,أما أذا يعرف ذلك ولكن يستخف بعقول العراقين,فأن المصيبة أعظم,ولا سيما بعد كل هذه التجارب التي عشناها معهم أذا كان ذلك في أيران أو في العراق.   
                                              داود برنو -  بغداد


72
نبش الملفات القديمة يؤدي الى المزيد من الأنقسام والتشرذم.
  ان ما نشهده هذه الأيام من تصعيد في لغة بعض المقالات،التي تدعوا الى كشف الملفات القديمة التي تضم قضايا سياسية واحداث حصلت قبل ربع قرن من الآن تقريبآ،وادت الى أستشهاد كوكبة من المناضلين من ابناء شعبنا الآشوري الكلداني السرياني،وهذه القضايا بقيت سرآ غامضآ لدى الأكثرية الساحقة من ابناء شعبنا منذ ذلك الحين والى يومنا هذا،ولكن هناك البعض القليل جدآ ممن يعرفون حقيقة تلك الأحداث حسب أدعائهم،وهم البعض من ذوي الضحايا،ورفاقهم القدامى،ولكن كشف وتشخيص المتهمين بهذه الأعمال،وفي هذا الوقت بالذات،قد يؤدي الى ردود افعال سلبية لا يمكن تجنبها او تجاهلها،من الممكن ان تعرض بعض المنظمات السياسية والأجتماعية الى الأنشقاق والتشظي،ولا أحد يستطيع ان يعرف مداها ونتائجها،والتي نحن الآن بغنى عنها،بسبب الأوضاع السياسية والأمنية السائدة في هذا البلد،وفي هذا الوقت بالذات،والذي لا نزال نعاني الكثير منه،تارة تسحقنا عجلة التيار الديني المتشدد والمتطرف،وتارة اخرى تسحقنا عجلة التيارات القومية الشوفينية الهوجاء،ومن دون أستثناء لأحد من ابناء شعبنا المسيحي،وبكافة تسمياته،بالأضافة الى العصابات المنظمة والمدججة بالسلاح المنتشرة في كل من بغداد والموصل،والتي تطال الميسورين من ابناء شعبنا دون أستثناء،وهذا ما هو واقع الحال على الأرض،نعيشه ونلمسه يوميآ.
أن عملية أختفاء،أو أخفاء الأسرار لأحداث حصلت في الماضي،أنها حالة سائدة في معظم التنظيمات السياسية العراقية وغيرها،ولا سيما الرئيسية منها،وان طريق النضال السياسي دائمآ يؤدي الى الصراع بين رفاق الدرب مما يؤدي هذا الصراع الى نتائج مؤلمة،أنها حالة طبيعية قد تؤدي في بعض الأحيان الى أنشقاقات سياسية نتيجة تبلور فكري لدى البعض من الرفاق بأتجاه مخالف لسياسة الحزب ونهجه،أو المنظمة التي ينتمي اليها،وليس بالضرورة ان يكون هدف الأنشقاق بدواعي الخيانة للحزب أو لقيادته،وان التنافس والصراع بين الرفاق حالة شائعة في جميع التنظيمات السياسية،وعادة يكون بدوافع الأستحواذ على المراكز القيادية في التنظيم السياسي أو لغايات اخرى، وهي كثيرة جدآ،واذا حصل هذا الشئ في تنظيماتنا السياسية،فهو ليس أمرآ غريبآ أو عجيبآ،وما أكثرهم التنظيمات السياسية التي حصلت فيها مثل هذه الصراعات والتصفيات،وعلى سبيل المثال لا الحصر،أن الضحايا الذين خسرتهم حركة التحرير الفلسطينية بسبب الصراع الداخلي كانت تقارب خسائرهم مع العدو الأسرائيلي،وكذلك بالنسبة الى الحركة الكردية حصل فيها أنشقاق في أواسط الستينات من القرن الماضي أدى الى أستشهاد العديد من المناضلين من كلا الجانبين،ولكن بشكل محدود ، أما الحزب الشيوعي العراقي حصل فيه عدة أنشقاقات،ومنها في أواسط الستينات من القرن الماضي،أنشق السيد عزيز الحاج عضو المكتب السياسي ومجموعته الذين شكلوا القيادة المركزية للحزب الشيوعي العراقي  في حينها،وكذلك في بداية الثمانينات من القرن الماضي،أنشق من الحزب الشيوعي العراقي السيد بهاء الدين نوري،عضو المكتب السياسي وأصدر بيانه االمشهور الذي ضم أسماء الكوادر المتقدمة في الحزب وكان عددهم 51 مناضلآ،وحصل هذا في سوريا،وكنت أحد المراجعين في هذه الدائرة،لغرض الحصول على سمة المغادرة عندما جاء ممثل الحزب الشيوعي (وهو الآن خارج الحزب)،وطلب من دائرة الفرع الخارجي في دمشق،أعتقال السيد بهاءالدين نوري،لكونه يشكل خطورة على الحركة الوطنية العراقية،واتهمه بأنه يرتب وضعه للألتحاق بالنظام في بغداد،وهذا سيعرض حياة الكثيرين من رفاق الحزب الشيوعي للخطر‘ولكن ضباط المكتب رفضوا طلبه، وهم كل من نقيب باسل، والعقيد الركن عبد الكريم الحمداني وهو مدير المكتب،وبعد ان بذل الحزب جهود أضافية ،وبعد فترة قصيرة ،تم تبليغ السيد بهاء الدين من قبل السلطات الحكومية بمغادرة سوريا خلال شهر، وفعلآ غادر الى قبرص خلال فترة أقل من شهر،ولو كان بأمكان قيادة الحزب الشيوعي آنذاك تصفية رفيقهم،وبشكل سري لقاموا بذلك فعلآ لشدة الخلافات التي كانت بينهم،ولكن الحكومة السورية كانت حريصة جدآ على حماية المعارضة العراقية داخل القطر السوري الشقيق.لا بل كانوا يقدمون الكثير لهم من الدعم المادي واللوجستي، ولو فرضنا لا سامح الله، قد حصل هذا الشئ في بعض  من تنظيماتنا السياسية،فأنها حالة طبيعية تسود جميع التنظيمات السياسية العراقية وغيرها،وربما البعض منهم قد أستعان بنصيحة عبد الناصر في كتابه الأمين الذي يقول فيه (يجب على الحاكم ان يتخلص من الذين ساعدوه للوصول الى الحكم) ،لأنهم سيشكلون عقبة في طريقه،ولاحظنا الآن،كيف تم أزاحة د.الجعفري من قيادة حزب الدعوة ألأسلامي من قبل المالكي، وكيف تم ازاحة د.محسن عبد الحميد من قيادة الحزب الأسلامي،من قبل د. طارق الهاشمي،وهذا ما ينطبق على حزب الفضيلة أيضآ، والقائمة طويلة لا مجال لذكرهم جميعآ،وكان أول من طبق هذا المبدأ صدام عندما أعدم رفاقه في عام 1979 ،وهم محمد عايش ومجموعته ، ولهذه الأسباب فلا أجد  من الضرورة أعطاء هذه الأهمية لقضايا مضى عليها الزمن،وان تحريكها ليس من مصلحة شعبنا،لآ بل قد تكلفنا خسائر أضافية ومن الأفضل لنا غلقها أو على الأقل ترحيلها الى ظروف مناسبة في المستقبل،كما انني أدعوا المثقفين والكتاب من ابناء شعبنا التركيز على الأوضاع السياسية الحالية لشعبنا،وما هي رؤيتهم وتصوراتهم لمستقبل شعبنا في هذا البلد،وان من مسؤليتهم أيجاد أطر لثقافة سياسية مشتركة لجميع فصائل أمتنا، والتي تنسجم مع مصالح شعبنا الكلداني الأشوري السرياني، من أجل تحقيق طموحاتنا في الحكم الذاتي لشعبنا في سهل نينوى، الذي ننتمي اليه ماضيآ وحاضرآ ومستقبلآ،وهو السبيل الوحيد لأنقاذ شعبنا مما نحن فيه،حيث ينتابنا القلق  الدائم ،والخوف من أندلاع أعمال العنف مجدد في هذا البلدآ،عند حصول اية أنتكاسة في الوضع السياسي والأمني،ولا سيما في مدينة الموصل وبغداد،حيث سيؤدي الوضع الجديد الى أستهداف أبناء شعبنا في هذه المدن،لعدم أمكانية الحكومة تأمين الحماية المطلوبة لهم في هذه المدن،كما ليس لشعبنا القدرة للدفاع عن نفسه،  لكونه أعزل من السلاح،وليس لديه أية ميليشيات، كما هو الحال لدى الآخرين من أبناء هذا البلد، بسبب كون النظام السياسي مبني على التوافق في المحاصصة المقيتة بين الأطراف المشاركة في العملية السياسية وفي جميع المجالات، منها في البرلمان ،والحكومة ،والقضاء ،والميليشيات،وغيرها،وعملوا على أبعاد القوى السياسية لشعبنا من هذه المعادلة،لا بل قاموا بتهميشهم والغاء دورهم وحقهم في المواطنة والمساواة العادلة مع الآخرين من أبناء هذا الوطن، وأذا نظرنا الى الوضع السياسي القائم في هذا البلد،وفي هذا الوقت بالذات،نجد فيه أن رئيس الوزراء نوري المالكي،محاصر من قبل الكتل السياسية الرئيسية،والتي هي،التحالف الكردستاني،والحزب الأسلامي بقيادة طارق الهاشمي،والمجلس الأسلامي الأعلى بقيادة السيد عبد العزيز الحكيم،ولم يستطيع ممارسة  دوره وصلاحياته بشكل كامل،وبالرغم مما لنا من مآخذ على حكومة المالكي ومواقفه تجاه شعبنا مما تعرض له من أعمال القتل والتشريد والأرهاب في أحداث الموصل ،وبغداد ،والبصرة،ولكن أسقاط حكومة المالكي ليس من مصلحة شعبنا،لأننا قد نتعرض لموجات جديدة من العنف قد تكون أقوى وأشد تأثيرآ مما لحق بأبناء شعبنا في أحداث الموصل من العام الماضي،وان بقاء الأوضاع السياسية على حالها،يجعل الحكومة ضعيفة بحيث لا تتمكن من حماية مواطنيها ولا سيما  المسيحين بشكل عام،ويبدو ان هذا الوضع السياسي سيبقى على حاله حتى الأنتخابات القادمة من العام القادم في 2010 ،لأن القوى السياسية التي تحاصر وتقيد نشاط المالكي،لا تملك قوة القانون في البرلمان لسحب الثقة عن المالكي،كما ان قوات التحالف أعلنت وفي مناسبات عديدة،بأنهم لن يوافقوا على أسقاط المالكي، لأنه تعهد لهم وبأصرار، بتنفيذ وعوده، والتزاماته أمام ألأدارة ألأمريكية،وامام الشعب العراقي، وعليه فلا بدٌ من أعطائه الفرصة  الكافية للقيام بمهامه  وبالخطوات التالية، خلال الأشهر الستة القادمة،                                                                                                                                            أولآ:ألبدء  بتطبيق ألأتفاقية الأمنية مع أميركا وما يترتب عليها من تداعيات،ولا سيما تأمين المستلزمات الضرورية لتوفير ألأمن والأستقرار في المدن والقصبات التي تنسحب منها القوات الأمريكية في نهاية حزيران القادم.   ثانيآ:أجراء أنتخابات مجالس المحافظات في نهاية كانون الثاني الحالي. ثالثآ: أجراء أستفتاء شعبي حول الأتفاقية ألأمنية في أواسط هذا العام ليتم أقرارها أو رفضها من قبل الشعب العراقي بموجب نتائج هذا الأستفتاء.      بالأضافة الى قضايا عديدة تنتظره،ومنها قانون النفط والغاز،وقضية كركوك،وغيرها،ولا مجال هنا للأشارة اليها والخوض في تفاصيلها بهذا المقال. ولو فرضنا ان المالكي أزيح عن موقعه في ظروف أستثنائية وبطريقة ما،فأن الذي سيخلفه حتمآ سيكون السيد عادل عبد المهدي،من المجلس ألأسلامي ألأعلى، بموجب صيغة التوافق والمحاصصة القائمة في نظام الحكم العراقي حاليآ،بالرغم من ان السيد عبد المهدي هو أفضل عنصر موجود في قيادة المجلس ألأسلامي الأعلى،من حيث أفكاره وتطلعاته،ألا أنه أضعف عنصر في هذه القيادة،لكونه لا يحظى بتأيد المرجعيات الشيعية في النجف وايران،بسبب ماضيه السياسي العلماني، ولم يكن يومآ ما يؤيد نظام ولاية الفقيه،كما انه أكثر الأعضاء في قيادة المجلس سمعآ وطاعة لعائلة الحكيم،مع أحترامنا الشديد لهذه العائلة العراقية العريقة وتاريخها النضالي في الحركة الوطنية العراقية منذ ثورة العشرين من القرن الماضي،ولكن مع الأسف ألآن       أن السيد الحكيم يرأس تنظيم سياسي وديني شكلته أيران في الثمانين من القرن الماضي،  ويضم في صفوفه عناصر شيعية  ومن دول عديدة،ويعمل من أجل ألأسلام السياسي وليس من أجل العراق كوطن مستقل ذات سيادة،وانه غير مستقل،ولا يملك قراره السياسي، لانه مرهون بيد القيادة الأيرانية،ومنذ ان تم تأسيس هذا التنظيم والى يومنا هذا ،وهذا ما شاهدناه في الكثير من المواقف السياسية،ومن تصريحات المسؤلين الأيرانين،ومن هذا المنطلق لا يمكن ألأعتماد على السيد عبد المهدي في قيادة العملية السياسية ،وفي رئاسة الحكومة،في ظل العلاقات السائدة بين القيادة الأيرانية والمجلس الأسلامي ألأعلى.وكما هو معروف للجميع،أن أيران تشن حملة عشواء ضد أميركا وأسرائيل،ولها مخططات قديمة وجديدة تقوم بتنفيذها من خلال القوى السياسية التي شكلتها في الدول العربية،فقامت بشن حرب على أسرائيل في تموز 2006 من خلال حزب الله الذي اسسته في جنوب لبنان،والآن تقوم بشن حرب على أسرائيل من خلال منظمة حماس التي تدعمها بالمال والسلاح،وفي العراق شكلت جيش المهدي في أواسط عام 2003 حاربت فيه حكومة د.أياد علاوي في عام 2005 وقبل شهر تقريبآ جاءت بالصحفي منتظر الزيدي ليقوم بذلك العمل المشين ضد الرئيس الأمريكي،والآن تحاول أطلاق سراحه بالضغط على الرئيس المالكي من خلال زيارته الأخيرة الى أيران،وقبل عدة أشهر قرأنا في الصحف التي يصدرها التيار الصدري،عن تشكيل جيش جديد في العراق ومن قبل ايران،يسمى الممهدون ،والممهدات،ولا نعرف متى ستستخدمه ايران هذا الجيش،وضد من،وحتمآ سيهيئ هذا الجيش اما لمقاتلة الحكومة العراقية،أو الشعب العراقي،ولكن مع الأسف الشديد ان ايران تتحكم بالتيار الشيعي والسني في الدول العربية والمنطقة،وثبت ما قاله السيد أحمد الخميني عندما جاء الى العراق في أواسط عام 2003 حيث صرح بأن ايران يحكمها رجال سياسين ولكن معممين،   أما الحزب الأسلامي بقيادة طارق الهاشمي،الذي يقود جبهة التوافق،فأنه فقد مصداقيته مع شركائه في جبهة التوافق،بسبب مواقفه المتذبذبة،ونهجه السياسي الذي لا يستند على مبادئ وثوابت هذا الحزب،كما انه يعاني من العلاقات السيئة مع قوات الصحوة وشيوخ العشائر في كل من مدينة الرمادي وفلوجة،وان توجه الحزب الأسلامي،وطموحه، وهدفه،هو تطبيق نظام الشريعة الأسلامية السنية ،وكذلك المجلس الأسلامي الشيعي الأعلى بقيادة الحكيم يسعى من أجل تطبيق الشريعة الأسلامية الشيعية من خلال نظام الحكم القائم بالعراق،ويسعى كلا التنظيمين السياسين لتحقيق نماذج من نظام الحكم في كل من ايران ، والسعودية،وهذا هو التناقض بعينه، كما هو مدون  في دستورهم  ونظامهم الداخلي.  أما جبهة التحالف الكردستاني التي تشارك مع هذه الكتل السياسية في حصار السيد المالكي،أنها تلتقي مع هذه الكتل السياسية والدينية في موقف واحد فقط،وهو أسقاط المالكي،ولكنهم يختلفون عنهم في التوجه،والطموح، والهدف،بموجب النظام الداخلي لأحزاب هذا التحالف،ولكن يظهر ان تأثير العلاقات الشخصية الممتازة بين رؤساء هذه الكتل، والتكتيك الذي يتم ممارسته من قبل هذه الكتل، في هذه المرحلة السياسية بالذات، هي أقوى من المبادئ والنظام الداخلي لهذه الكتل السياسية، التي يجري التنسيق بينها لأسقاط المالكي. أن التحالف الكردستاني يمارس سياسة واقعية براغماتية في تعاطيه مع الآخرين،مع الأحتفاظ بمواقفه الثابتة التي لا تتزعزع من القضايا الأستراتيجية التي يعمل من أجل تحقيقها ،وهذه هي الطريقة الصحيحة في التعامل  السياسي مع الوضع القائم في العراق،ونحن كمسيحين في هذا البلد الذي أصبح فريسة لدول الجوار، لا يمكن لنا ألا الأعتماد على كتلة التحالف الكردستاني، لأنها الكتلة الوحيدة التي تستطيع توفير ألأمن والأستقرار لشعبنا الكلداني الآشوري السرياني أذا أرادت ذلك. اما الكتل السياسية الأخرى،مثل القائمة العراقية،والتيار الصدري ،والمستقلين ،لا يزال موقفهم غامض من الصراع الدائر بين المالكي وكتلة التحالف الكردستاني،ومن المرجح أن يقفوا في صف المالكي، حسب القراءة ألأولية لمواقفهم، أن الكتلة العراقية بقيادة الدكتور أياد علاوي،هي أفضل الكتل السياسية على الساحة العراقية التي تراعي حقوق القوميات الأخرى،وتسعى لأقامة نظام علماني يتساوى فيه الجميع بالحقوق والواجبات،والمواطنة وهذا ما يظهر لنا في مواقفهم وبرنامجهم السياسي،ولكن هذه الكتلة السياسية، لا تملك الميليشيات،ولا القنوات الفضائية ،ولا الأموال الطائلة،وليس لها دعم دولي ،او أقليمي،بالأضافة الى ان رئيس الكتلة، مرفوض من قبل الحكومة الأيرانية ،وبعض المرجعيات الدينية الشيعية في مدينة النجف،بسبب محاربته للتيار الصدري عندما كان أول رئيسآ للوزراء بعد سقوط  نظام صدام في بغداد. وهذا هو الواقع السياسي الذي نعيشه’ ومن هذا المنطلق ندعو أبناء شعبنا جميعآ دون أستثناء، الى التوحد،ونبذ الخلافات،واتخاذ الحيطة والحذر، من المستقبل الذي ينتظرنا،في ظل هذا الواقع السياسي،وألأمني المضطرب،والذي تسوده حالة التناقض والصراع بين الكتل السياسية المشاركة في العملية السياسية التوافقية في هذا البلد، وطننا العراق الحبيب.                              أبو هرمز

73
من يطالب بحقوق المسيحين عليه الذهاب الى طهران – انها الباب العالي.

ان من يراقب الأوضاع السياسية في العراق, منذ سقوط نظام صدام الدكتاتوري, والى يومنا هذا,بأمكانه وبسهولة, معرفة ما يجري الآن في هذا البلد,دون ان يكلفه ذلك الكثير من الجهد, أوالمال,ولا يحتاج الى الحنكة السياسية,او العبقرية المفرطة,وكل ما يحتاجه هو قراءة بسيطة في تاريخ الحركة الأسلامية الشيعية العراقية,التي تسيطر الآن على الحكومة والبرلمان والقضاء,ولكن لا تسيطر على الشارع,ولقد سبقني العديد  من الأشخاص في الكتابة حول هذا الموضوع,ولكنني لا بدَ من الأشارة اليه مرة أخرى, وبأختصار شديد, لصلة الموضوع بهذه الجبهة,او هذه المؤسسة الدينية, التي تتكون من عدد تنظيمات سياسية دينية شيعية,ولا مجال هنا لذكرها,ولكن حسب علمي ان عددها كان اكثر من عشرة منظمات سياسية ودينية, تم تشكيلها في ايران, ومن قبل النظام الأيراني, في الفترة الممتدة ما بين عام 79 – 1981 بأستثناء حزب الدعوة الأسلامي الذي له تاريخ طويل في العراق,يمتد الى الخمسينات من القرن الماضي, وتم تأطير هذه الأحزاب والمنظمات في جبهة سياسية دينية تم تسميتها المجلس ألأسلامي ألأعلى للثورة العراقية في نهاية عام 1981, وكانت برآسة السيد محمود الهاشمي, وهو مسؤول ايراني رفيع المستوى,كما كان يشرف على الملف العراقي آنذاك مستشار رئيس الجمهورية الأيرانية للشؤون ألأمنية السيد حسن حبيبي, لقد كانت ايران تدعم هذا المجلس بكل ما أوتيَ لها من المال والسلاح,والأمور اللوجستية وغيرها, وفي عام 1982 تم تشكيل فيلق بدر من الجنود والضباط العراقين الذين هربوا من ساحات القتال الدائر بين العراق وايران آنذاك,بالأضافة الى عناصر هذه المنظمات الشيعية المشاركة في المجلس الأعلى الأسلامي, وكان يتولى التدريب  والأشراف على هذا الفيلق,قوات من الحرس الثوري الأيراني,ورجال دين ايرانين وأنيطت مسؤلية هذا الفيلق بالسيد محمد باقر الحكيم.    بعد سقوط النظام في نيسان 2003 ,دخل منتسبي هذا الفيلق الى العراق على شكل مجموعات, ولكن بدون سلاح, وحسب الأتفاق مع قوات التحالف,وبعد عدة أشهر,عقدت هذه المجموعات المنضوية تحت لواء المجلس الأعلى, مؤتمر سياسي تم فيه تغير اسم فيلق بدر, الى منظمة بدر, والمجلس الأعلى الأسلامي للثورة العراقية , الى المجلس الأعلى الأسلامي, ولكن دون تغير في المبادئ والأهداف,وحصل منتسبي هذا الفيلق خلال الفترة الماضية, على خبرة عالية في التدريب ,واستخدام السلاح,وطاعة المسؤلين من عسكريين ورجال الدين لهذا الفيلق,وطغت في صفوف هؤلاء وسلوكهم,منظومة فكرية تسودها  ثقافة دينية طائفية لا تقبل بالآخر,لا بل تلغي وجوده,وتسعى جاهدة من اجل تطبيق الشريعة الأسلامية,على النمط الأيراني,وبموجب نظام ولاية الفقيه المطبق في ايران الآن,ومعظم عناصر هذا الفيلق المكون من خمس فرق عسكرية كانوا قد اندمجوا مع المجتمع الأيراني بسبب بقائهم في ايران لفترة زمنية طويلة تقارب ربع قرن,واصبحوا جزء لا يتجزأ من ثقافة المجتمع الأيراني.
ومن خلال هذا الواقع, وهذه العلاقة التاريخية المتجسدة بين النظام الأيراني والمجلس الأعلى الأسلامي لا أحد يستطيع ان يفرق بينهما,ولا يمكن لأحد ان ينتقدهم بسبب هذه العلاقة او بسبب تبعيتهم لأيران,بالنظر لما قدمته أيران لنشوء هذا المجلس,وجعله بهذه القوة السياسية والعسكرية كما هو عليه الآن, وان النخبة السياسية في قيادة جبهة الأئتلاف الشيعية بقيادة السيد عبدالعزيز الحكيم تشكل امتدادآ لسياسة ايران في العراق,وهذا ما نشعر به ونلمسه من خلال الواقع القائم على اللأرض,وما صرح به كل من جلالة ملك الأردن,والرئيس المصري,والحاكم المدني بول بريمر, تؤكد ذلك ,وان العراقين جميعهم يعرفون ذلك أيضآ, لقد لفت أنتباهي الى تصريح محافظ البصرة في وسائل الأعلام, قبل شهرين تقريبآ,يطالب فيه من السيد رئيس الوزراء المالكي, للتدخل من أجل أيقاف نشاط القنصلية الأيرانية في البصرة,لما تسببه لسلطته من مشاكل وارباكات له, بسبب تدخلها السافر في الشؤون الداخلية لهذه المحافظة,ومن بعده جاءت دعوة رؤساء العشائر في المحافظات الجنوبية,يطالبون فيها, من رئيس الوزراء تحديد نشاط الأجهزة الأمنية الأيرانية داخل محافظاتهم,ولكن دون جدوى,فأن المالكي لا يستطيع تحدي ايران, لما لها من أتباع ونفوذ داخل الحكومة والبرلمان,بالأضافة الى أمتلاكها مجموعات خاصة مسلحة,ومجاميع عديدة, ومنها جيش المهدي, وجيش الممهدون,ومجاهدي العودة, وآخرون, وبأمكانها ارباك الوضع الأمني في بغداد,والمحافظات الجنوبية متى ما تشاء, أما المرجعيات الدينية في العراق, ولا سيما في النجف وكربلاء,وبغداد,والتي تستمد قوتها وشرعيتها من المرجعيات الدينية في ايران,وفي مقدمتهم مرجعية السيد السيستاني,الذي دائمآ يتجنب اتخاذ المواقف السياسية بصورة علنية ومباشرة,ولكن ممثله في بغداد عضو البرلمان العراقي,وإمام جامع بُراثا السيد جلال الدين الصغير,هو الذي يقوم بهذه المهمة,بالتنسيق مع نائب رئيس البرلمان السيد خالد العطية,وكلاهما أعضاء في قيادة المجلس ألأسلامي ألأعلى, بالأضافة الى هؤلاء,فأن هناك العديد من اعضاء مجلس النواب,والوزراء الشيعة المستقلين يرتبطون بعلاقات مباشرة مع النظام الأيراني حفاضآ على مصالحهم  ومواقعهم الرسمية,بالرغم من وجود تناقضات سياسية في بعض المواقف لهذه الأطراف,ولا سيما بين المجلس الأسلامي الأعلى,من جهة, والتيار الصدري من جهة أخرى,  ومع كل هذا,نحن لسنا معنيين كثيرآ بهذا الشأن, لأن دورنا السياسي مهمش, وتأثيره على هذه  الكتل وهذه المواقف معدوم,ولأننا لا نمتلك أية وسيلة ضغط للتأثير على الأطراف الرئيسية المشاركة في العملية السياسية في هذا البلد,أن ما كتبته هو معروف للجميع,ولقد كُتب عنه الكثير في هذا المجال, ولكن نحن نكتفي بهذا القدر من الأيضاح, الذي يبين لنا بأن المجلس الأعلى, يعني هو النظام الأيراني,وبالعكس, ربما هذا يفي بالغرض المطلوب ,من جانب آخر,ان أيران هي اقوى دولة في المنطقة, وهي دولة جارة,ومن حقها أن تراعي مصالحها أين ما كانت,ولا سيما مع الدول التي تجاورها,ولكن يشترط بها ان تتصرف بموجب القوانين الدولية, وميثاق الأمم المتحدة, وليس على حساب المكونات الصغيرة الأصيلة من الشعب العراقي,ان سياسة ايران التوسعية تجاه العراق,تسعى للقضاء على كل ما هو غير مسلم من البشر وحتى الحجر,ولا تؤمن ايران بما يسمى بالحقوق المشروعة للقوميات, والأقليات, والطوائف,والمذاهب,وان ما هو قائم في ايران هو خير دليل على ذلك.ولكن لابدَ لنا ان نحاول, وان نطرق, جميع الأبواب من أجل الحصول على حقوقنا, أسوة بالآخرين في هذا البلد, ولا سيما تمثيل شعبنا بشكل صحيح ومناسب في مجالس المحافظات, وفي البرلمان العراقي,وتبين لدينا مؤخرآ من خلال تصويت البرلمان ان الجهة التي رفضت, وترفض حقوقنا هي المجلس الأسلامي ألأعلى بالذات, وكما أشرنا اعلاه ان تشكيل المجلس هو جزء لا يتجزأ من النظام ألأيراني, وان المرجعية الدينية والسياسية للمجلس الأعلى, هي في ايران وليست في بغداد, ومن هذا المنطلق لا بدَ من الذهاب الى طهران,وشرح قضيتنا امامهم لأن فهمهم لحقوقنا ربما يختلف كليآعن مشروعنا القومي الذي نطالب به, فعلينا ان نجعلهم على بينة تامة من قضيتنا,لما لهم من تأثير مباشر في قبولنا او رفضنا,وهذاهو الواقع الذي نعيشه,ولا يمكن الأستغراب منه,بالرغم من ان محاولتنا هذه جاءت متأخرة,ولكن أفضل من ان لن تأتي, ولكي تحصل الشعوب على حقوقها,فلا بدَ هناك من يطالب بها, وخير من يقوم بهذه المهمة, هم من يمثل شعبنا في البرلمان العراقي,ومن خلال موقع عينكاوا...كوم,  أدعو كل من السادة النواب يونادم كنا, وعبدألأحد أفرام, لتحمل مسؤليتهم التاريخية التي تملي عليهم في هذا الظرف بالذات, للذهاب الى طهران واللقاء مع المسؤلين, ويمكنهم ان يستعينوا بالسيد يوناثن بيت كوليان, وهو نائب في البرلمان الأيراني,يمثل اللآشورين والكلدان,كما انه رئيس الأتحاد الآشوري العالمي,الذي من صميم واجباته هو الدفاع عن حقوق شعبنا اين ما كان,انها محاولة عسى ان تلقى آذانآ صاغية لدى المؤسسة الدينية والسياسية في أيران,أما أذا رفضت ايران مطلبنا فليس لنا ما نخسره, وكما يقول المثل ( انا الغريق فما خوفي من البلل ),كما ان هذا الموقف سوف يدرج في سجل ايران وتاريخها, وهذا ما يتناقض مع أدعاءاتها الآن, التي تقول انها تؤمن بالأنفتاح وقبول ألآخر مهما كان دينه وقوميته.لقد أصبح شعبنا الكلداني ألآشوري السرياني, ألآن أشد تمسكآ بحقوقه القومية المشروعة,وأشد أصرارآ على ضرورة أعتراف الأطراف المعنية بحقوقه, ولاسيما حكومة بغداد,وحكومة كردستان,وكذلك البرلمان لكلا الطرفين,وان شعبنا سوف لن يرضى بما هو دون الحكم الذاتي,لأن المشاريع المعَدِة ,للمنطقة وللوضع الجديد في العراق لا نستطيع الصمود والمحافظة على كيان شعبنا الا بصيغة    الحكم الذاتي, الذي يسعى شعبنا لأقامته في منطقة سهل نينوى,أما الحديث عن تبعية هذه المنطقة,يمكن اجراء استفتاء شعبي لتقرير مصيرها وفي الوقت المناسب.                                       
             
بقلم:داود برنو

74
ثلاث ملاحظات أقدمها الى سيادة المطران شليمون وردوني الجزيل الاحترام

بقلم:داود برنو
قبل البدء بذكر هذه الملاحظات,فلا بدَ هنا ان اشير الى مواقف سيادته,ونشاطاته التي تصب جميعها في مصلحة شعبنا المسيحي بشكل عام,كما ان معظم المسيحين في هذا البلد يشيدون ويُقٌيمون هذه الجهود التي يبذلها في سبيل حمايتهم,وان الكثير من تلك المهام التي قام بها, كانت قد تؤدي بحياته, ولكن اصراره على متابعة مهامه هذا نابع من حرصه الشديد على تأمين الحماية الكاملة للمسيحين في هذا البلد, ومن جملة المهام التي قام بها, هي زيارته على رأس وفد الى مدينة النجف قبل اسبوعين تقريبآ,وتحمله عناء السفر,ومخاطر الطريق من أجل مقابلة أرفع مرجع ديني للشيعة آية الله العظمى السيد علي السيستاني وهو أيراني الجنسية,بالاضافة الى المهام اليومية التي يقوم بها من أجل تخفيف معاناة المسيحين الابرياء الذين طالتهم أحداث الموصل, كما انه لم يغادر الوطن, ولم يترك بغداد, باقيآ الى جانب رعيته متضامنآ معهم في السراء والضراء, ومشاركآ في مصابهم مهما كان,وهذا بحد ذاته يعتبر اعلى درجات التضحية من اجل ابناء شعبه المسيحي في هذا البلد,ولحد الآن لم أجد رجل دين مسيحي آخر قام بما يقوم به المطران مار شليمون وردوني بأستثناء شهيد الأمة مثلث الرحمة رئيس أساقفة الموصل مار فرج رحو,الذي قدم حياته قربانآ من اجلنا,وسيبقى حيآ في ضميرنا,وشمعة يضئ بها طريقنا نحو الحياة الحرة الكريمة. وبهذه المناسبة أقولها صراحة,لم يكن في داري صورة معلقة سوى صورة الشهيد المطران فرج رحو, وستبقى معي مدى الحياة, فعندما نلمس من رجل دين هذا القدر من التضحياة,فأنها سوف تنعكس بشكل مباشر لدى أبناء شعبنا,وتحفزهم لبذل المزيد من الجهود في سبيل حماية شعبنا وانقاذه مما اصابه من ويلات ومآسي التي لا يمكن الصمود امامها ومقاومتها الا بتظافر الجهود لجميع ابناء شعبنا وفي مقدمتهم رجال الدين الأفاضل. أن الأوضاع السائدة في هذا البلد,تؤكد لنا بأن طريقنا لا يخلو من العقبات والمفاجئاة وربما الكوارث,ولكن يتطلب منا الصمود والتحدي بالنظر للظروف التي يمر بها شعبنا المسيحي في هذا البلد, والآن أدرج ملاحظاتي التي تعبر عن وجهة نظر حول البعض من نشاطات سيدنا المطران عسى ان تلقى منه القبول. 1مشاركته في المظاهرة التي قام بها التيار الصدري بتاريخ 18 /10 /08 وكما هو معروف للجميع أن التيار الصدري هو الجناح السياسي للجيش الأمام المهدي,وان هذا الجيش أرتكب جرائم كثيرة,وبشهادة رئيس الوزراء المالكي الذي وصفه بأسوأ من النظام السابق, لدى زيارته مدينة البصرة خلال الأحداث في أوائل هذا العام,وهو الذي قتل وهجر اهلنا في مدينة البصرة,عندما كانت مدينة البصرة تحت سبطرتهم بالكامل,بالأضافة الى أعمال الخطف والسرقة والأغتصاب والقتل التي قام بها ضد شعبنا المسيحي في مناطق عديدة من بغداد,حيث كان يطبق بحقهم الآية التي تدعو الى العمل بالمعروف والنهي عن المنكر,ولكن بطريقتهم الخاصة وحسب اجتهادهم,ولو كان التيار الصدري يحترم المسيحين,ويحرص على سلامتهم,ويدافع عن حقوق الأقليات كما يدعي,كان الأفضل له ان يصدر فتوى,يحرم فيها قتل العراقين الأبرياء من غير المسلمين ومن الأديان الأخرى,كما حصل ذلك للمرجعيات الدينية بين السنة والشيعة لدى اجتماعهم في مكة المكرمة قبل سنتين تقريبآ, وحرموا فيها قتل المسلم لأخيه المسلم مهما كانت الأسباب. 2 – الزيارة التي قام بها وفد من رؤساء الطوائف المسيحية لرئيس الوزراء نوري المالكي قبل اسبوعين تقريبآ, والخطاب الذي قرأه سيادة المطران امام المالكي ,وهو في حالة وقوف واستعداد لا مبرر لها,ولا أعتقد بأن المالكي طلب منه ذلك,وهو يمثل أكبر طائفة مسيحية في العراق, وعندما رأيت هذا المشهد,شعرت حقآ بألألم والخجل من الطريقة التي وقف بها المطران امام المالكي, مبديآ له كل هذا الأحترام والتقدير,في الوقت الذي لا يحترم السيد المالكي حتى وعوده وتصريحاته تجاه شعبنا المسيحي في العراق,كما انه لم يضع حدآ لتصريحات مستشاريه الذين يقللون من حجم أحداث الموصل وتداعياتها على شعبنا المسيحي في المدينة,ولم تقوم الحكومة بمسؤليتها تجاه المهجرين والضحايا. لقد رأيت سيدة أنفجرت بالبكاء عندما شاهدت المطران حاملآ صليبه,واقفآ بهذا الشكل من الأستعداد والخشوع,أمام شخص لا يستحق كل هذا, وفي عهده بلغ عدد العوائل المسيحية المهجرة من بغداد أكثرمن خمسة وعشرون ألف عائلة,حسب المصادر المعلنة من قبل منظمات تابعة للأمم المتحدة . 3 – المقابلة التي اجراها مندوب موقع عينكاوا.كوم السيد فادي يوسف في بغداد بتاريخ 18 /10 /08 مع سيادة المطران مار شليمون وردوني عندما سأله عن موقفه من الحكم الذاتي, وهل يوافق, ويؤيد موقف قداسة البطريرك مار دنخا الذي يطالب بحكم ذاتي لشعبنا( الكلداني الآشوري السرياني) على ان يرتبط مع الحكومة المركزية في بغداد, فرد عليه وبشكل مباشر قائلآ يؤيد موقف البطريرك مار دنخا,من دون ان يعلق على ذلك بشئ,ومثل هذا الموقف ربما لا يمكن اتخاذه هكذا,وبهذه السهولة,لما له من تأثير في صفوف شعبنا,وكان من الأفضل له تجنب مثل هذا الرد في الوقت الحاضر لحين اتخاذ قرار نهائي من قبل رئاسة الكنيسة الكلدانية بهذا الخصوص,في الوقت الذي يظهر جليآ من تصريحات البطريرك مار عمانوئيل دلي ان الكنيسة الكلدانية لا تريد اتخاذ موقف سياسي الآن بشأن الحكم الذاتي ولا سيما في هذا الظرف بالذات,وهكذا كان موقف الكنيسة الكلدانية عبر تاريخها منذ عام 1958 والى يومنا هذا,حيث كانت تتجنب اتخاذ اي موقف سياسي خلال جميع العهود السابقة. كما انني اعتقد بأن السيد فادي,يبدو منحازآ في جانب معين من المقابلات التي يجريها لطرف سياسي معين,واراد ان يحشر موقف المطران في زاوية ضيقة لصالح هذا الطرف ,ولم يكن من المناسب ان يقحم هذا السؤال بهذه المقابلة القصيرة والمحدودة,بالنظر لأهميته ولأبعاده السياسية المتشعبة والمعقدة,ولا يمكن الأجابة على مثل هذا السؤال بهذا الشكل المبسط, وان سيادة المطران لم يذكر هل هذا هو موقفه الشخصي,ام هو موقف الكنيسة الكلدانية, ومن هذا المنطلق أقترح ان يكون هناك مستشارين الى جانب رؤساء الكنيسة لهم خبرة عالية في تحليل الأوضاع السياسية داخل البلاد, وخارجه, وخاصة في هذه الظروف الصعبة التي يمر بها وطننا بشكل عام, وشعبنا المسيحي بشكل خاص,لكي نستطيع تجاوز العقبات والمحن, التي قد تصادف طريقنا, وما أكثرها في هذا الوقت بالذات

75
في عهد البرزاني لا يمكن للبشمركة التورط في أحدآث الموصل

لا يمكن لأي انسان ان يتنازل عن حقه المطلق في الحياة الحرة الكريمة في وطنه، ولا سيما في مسقط رأسه، الذي يعتز به أكثر من اية بقعة في العالم,وهذا ما أعتقده،كما لا يمكن ان يتغاضى أو يصمت عن كل من،وما يعطل حياته وينتهك كرامته ويهجر أهله،وما يجري الآن في مدينة الموصل الحدباء،لا يصدقه احدآ، كما لا يزال التخوف من الأبادة الجماعية سائد في صفوف شعبنا المسيحي بالموصل،ولا تزال المجموعات ألأرهابية تنشر الخوف والرعب بين من بقى من أهلنا في المدينة،وتتوعد بالقادم سيكون أفدح،ولم يكن لأحد ان يتوقع أو يتخيل ما حصل في الموصل من تطهير عرقي وديني ضد مكون عراقي أصيل في هذه المدينة التاريخية،وكل هذا يجري أمام أنظار السلطات الحكومية في المدينة ،وبعلم المحافظ دريد كشمولة، ونائبه خسسروا كوران ،بالرغم من ان شعبنا لم يرتكب اي أثمآ او جريمة،ولم يتخذ موقفآ سياسيآ معاديآ لهذا الجانب او ذاك،وكل ما يطلبه هو العيش بشكل أعتيادي مثل باقي البشر،وان يعامل كأي أنسان آخر في هذا الوطن،ومع كل هذا فأنهم لم يسلموا من العنف الذي طال الجميع،واعتقد ان هذه ألأعمال كانت نتيجة الوضع السياسي القائم في العراق،ومما لا شك فيه،ان الدلائل تشير جميعها الى ان الذين أرتكبوا هذه الجرائم هم أرهابيون ولكن بدوافع سياسية،يستهدفون من خلالها ضرب المكون الكردي في المنطقة،ووضع العراقيل في طريق تنفيذ المادة 140 من الدستور،وذهب ضحية هذا الصراع المسيحين في مدينة الموصل،حيث تركوا بيوتهم فجأة وهم بملابسهم فقط، ان الذين نفذوا هذا المخطط هم منظمات ارهابية مرتبطة بدول الجوار،وبقايا النظام السابق،يمتلكون الأمكانيات،والخبرات،العالية،في مجال المخابرات ،والحرب النفسية،والمهمات الخاصة،أما ألأجهزة ألأمنية في الأقليم،فأنها معروفة،وحديثة العهد،ولا يمكن ان تؤهل بهذه السرعة،للقيام بمثل هذه المهمات الصعبة،والتي تتطلب اقصى درجات من السرية،وهناك سوء فهم لدى البعض من الكتاب،الذين يتهمون ألأجهزة ألأمنية الكردية في الموصل بتورطها في هذه الأعمال،                                                                         وانني كمراقب للأحداث ومحايد،وصاحب تجربة عمل غنية في هذه المدينة واطرافها،لقد عملت لمدة تسعة سنوات ضابط في قوات المغاوير،ولدي من الخبرة والمعلومات ما يؤهلني لمعرفة الحقيقة ربما أكثر من غيري،من الكتاب الذين لم يسعفهم الحظ في زيارة الموصل،وهناك البعض الآخر من الكتاب من غير المسيحين،الذين يستخفون بقدراتنا في هذا المجال وكأنما نحن لا نعرف شيئآ عن آلية عمل الأجهزة الأمنية والحكومية في هذا البلد،وانني اعبر عن رأي الشخصي واقولها صراحة،ان الأجهزة الأمنية للكرد في اقليم كردستان بريئة من هذه الأعمال ألأجرامية،ولا أجد مبرر واحد لذلك،ومن المستحيل ان تقوم قوات الآسايش الكردية بهذه الأعمال في ظل القيادة التاريخية للبارزاني،بزعامة السيدمسعود وابن اخيه السيد نيجيرفان،المعروف عنهم بتعاطفهم الشديد،مع المظلومين،أي كان دينهم وقوميتهم،وهذه مبادئ وقيم ثابتة لدى عشيرة البارزانيين،ولدينا مئات الأمثلة على ذلك،ومنذ عهد المغفور لهم،الشيخ  أحمد البارزاني ،والملى مصطفى ،والشيخ محمد خالد ،وأدريس البارزاني،جميعهم كانوا ملتزمين بهذه المبادئ والقيم الأخلاقية،وكل من يراجع سيرة القادة البارزانيين،منذ عودة المرحوم مصطفى البارزاني وقواته من الأتحاد السوفيتي السابق في عام 1958 يشعر بالأمن والأستقرار عندما يكون داخل مناطق نفوذهم،او سلطتهم ولا سيما القوميات الصغيرة،والطوائف الدينية،التي لا تملك الميليشيات،ولا مجموعات أرهابية،  ولا أمتداد أقليمي او دعم دولي.

76
عادل عبدالمهدي لم يفاجئنا ولكن الطالباني أدهشنا.

بقلم-داود برنو

لا احد يشك بأن البرلمان العراقي تم تشكيله على اساس المحاصصة الطائفيه والقومية المقيتة,وهذا هو اسوأ نظام ديمقراطي ولا سيما في هذا الظرف بالذات,  بسبب كونه نظام توافقي بين الكتل الرئيسية في مجلس النواب العراقي, كما هو النظام البرلماني اللبناني الأن,حيث مضى على تشكيله اكثر من ستون عامآ, ولا يزال يعاني من الصراعات الداخلية والمشاكل التي لا حلول لها ابدآ,وكذلك نحن في العراق نكرر نفس التجربة الفاشلة التي يعيشها لبنان ونلاحظ ايضآ ان كل طرف من الكتل الرئيسية يسعى لتحقيق مصالح فئوية, والتي لا حدود لها, متجاوزآ على حقوق الآخرين دون ان يعير لهم اية اهمية تذكر, كما جاء في الدستور العراقي الجديد,وانهم يأخذون من مواد الدستور ما يروق لهم, بما يخدم مصالحهم,اما المواد التي تخدم مصالح الاخرين يظهرون وكأنهم غير معنيين بها, ومثل هذا البرلمان لم ولن يكتب له النجاح,بسبب تداخل وتقاطع المصالح السياسية والأقتصادية للأطراف المشاركة فيه, بالأضافة الى هذا فأن جبهة الأئتلاف الشيعية الموحدة انها رهينة بيد القيادة السياسية الأيرانية ولا يمكن ان تخلي سبيلها لأنها صنيعتها,وهذه حقيقة معروفة للجميع,ويشهد على ذلك العديد من السياسيين الذين شاركوا في المعارضة العراقية, ومنذ بداية الثمانينات من القرن الماضي,وهناك ايضآ الكثير من الأدلة التي تثبت صحة ذلك..والموقف الأخير للسيد السستاني خير مثال ,حيث حدد اول يوم عيد الفطر مخالفآ لليوم الذي حددته المرجعيات الشيعية العراقية,ومنهم آية الله العظمى كل من, اليعقوبي,الفياض ,الحكيم النجفي , الحائري ,الشيرازي ,وآخرون,بينما التزمت الحكومة باليوم الذي اعلنه السستاني, وليس الآخرون,والدليل الأخر والأهم الذي يقر تبعية الحكومة الحالية الى القيادة السياسية في ايران, هو من خلال خطب وتصريحات للسيد شهيد المحراب آية الله محمد باقر الحكيم الذي كان رئيس المجلس الأسلامي الأعلى في ايران منذ عام 1980 ---2004 ,وكان المجلس يضم آنذاك  معظم المنظمات والأحزاب الشيعية في المعارضة العراقية, والتي هي الآن في قيادة السلطة في بغداد,حيث كان يؤكد دائمآ لدى لقائنا معه في مؤسسة الصدر بطهران في منتصف الثمانينات, بأن مستقبل النظام في العراق, لا بًد وان يكون اسلاميآ, شيعيآ, أمتدادآ للنظام في ايران,وبموجب نظام ولاية الفقيه, التي رسخها الأمام الخميني في جمهورية ايران الأسلامية,وكل من يقول لكم غير ذلك فهو بالتأكيد يكذب عليكم, ويخدع نفسه والآخرين,وهذه هي حقيقة واقعية لا يمكن أغفالها او تجاهلها, أو التنصل من مسؤليتها,واضاف قائلآ..ان ايران قدمت مليون شهيد ومليارات من الدولارات, في هذه الحرب,ليس من اجل بضع كيلومترات على الحدود الدولية,او على المياه الأقليمية,وانما ذهبوا شهداء من اجل العتبات المقدسة في النجف وكربلاء وسامراء ومن اجل الحسين.. وكل من يعتقد غير ذلك, فأنه جاهل في السياسة والتاريخ..وهذا ما كان يردده في جلساته مع الجميع, والآن نلاحظ ان هذه الحقيقة قائمة بذاتها على الأرض لا يمكن لأحد ان يتجاوزها,وان كل ما يكتب في الأعلام حول الديمقراطية وحقوق الأنسان والقبول بالآخر المختلف عنه, انها مجرد دعاية فارغة لشراء الوقت فقط,لأن العملية تسير بموجب خطة ايرانية محكمة. طويلة ألأمد, وجميع الأحزاب الشيعية متفقة على الخطوط العريضة لهذه الخطة, وربما حزب الفضيلة يختلف عنهم في التفاصيل والتوقيتات,ولكن جميعهم في نفس المركب ويسلكون المسار نفسه الذي خططت له ايران, ولنا اصدقاء في هذه التنظيمات يعترفون بذلك ويؤكدون بأنهم لا يملكون حرية القرار السياسي, والأرادة في المواقف السياسية الأستراتيجية,وانما تأتي الطبخة جاهزة من القيادة الأيرانية,وليس لهم سوى ,التنفيذ, ولا يحق لهم الأعتراض عليها أبدآ, لأنها تصدر على شكل فتوى لا يجوز لأحد مخالفتها أو التردد في تنفيذها,وكل من يعترض على ذلك فأن غضب الإمام المهدي سيطاله ان عاجلآ او آجلآ,ومن هذا المنطلق,اننا لا نستطيع ان نحمل السيد عبد المهدي مسؤلية موقفه السياسي,في موضوع الغاء المادة 50 من الدستور,لأنه لا يملك قوة الأرادة والقرار,أنه مجرد عبارة عن موظف كبير لدى القيادة الأيرانية,وعليه السمع والطاعة والتنفيذ,وهذا ما ينطبق ايضآ على الآخرين من قائمة الأئتلاف الشيعية,ولا نستغرب اذا حصلت حالة مماثلة في المستقبل,لأنهم مجبرين على ذلك,بالرغم من ان الأحزاب الشيعية لها اكثر من ألف   جمعية1000 من منظمات المجتمع المدني,وتحت اسماء مختلفة,معظمها دينية ,
وهي واجهات اجتماعية لهذه الأحزاب,وعلى سبيل المثال جمعية شهيد المحراب,التي يرأسها السيد عمار الحكيم,ومنظمة بدر التي هي واجهة لمليشيا فيلق بدر, ومنظمات خيرية اخرى, لا تعًد ولا تحصى,ولها امكانيات مادية لا حدود لها,وان هذه الجمعيات تعطي الشرعية لهم,لسرقة اموال الدولة,والعبث بمقدراتها من قبل مسؤولي هذه التنظيمات,ومعظمهم يستلمون الأموال من الوزارات المختصة,او من رئاسة الوزراء,بحجة انهم يؤدون الخدمات الأنسانية وبشكل مجاني, الى المحتاجين من ضحايا النظام السابق,والنظام الحالي,من المعوقين واليتامى, والأرامل, والشهداء,والمهجرين,وغيرهم,كما انهم يدافعون عن حقوق الأنسان كما يدعون ذلك,وعلى كل حال نحن الآن,لسنا بصدد هذه القضايا وغيرها,لأنها معروفة للجميع,ولا يمكن لنا او لغيرنا من المكونات العراقية الأخرى,ان يغيروا فيها شيئآ,لأن  مثل هذه القضايا  والمواقف لا يمكن زعزعتها طالما ان ايران تقف من ورائها,كونها اقوى دولة في الشرق الأوسط,وتقدم الدعم الامحدود لأتباعها في العراق, ولولا وجود القوات الأمريكية في العراق لأنشطر العراق الى قسمين من الآن. الوسط والجنوب يلحق بأيران,والقسم الأخر يتقاسمه العرب السنة والأكراد,وهذا ما نلمسه ونشعر به,واحداث البصرة الأخيرة خير شاهد على ذلك, كما ان تشكيل الصحوات في المثلث السني يظهر بأنه قادر لأدارة المنطقة كما هو الحال في اقليم كردستان, وهذه حقيقة قائمة على الأرض نتعايش معها, وهذا ما نلمسه ونشعر به,وهذا لا شأن لنا به,ولكن
ان الذي يهمنا ويؤلمنا هو موقف السيد الطالباني مؤخرآ , والذي كان ضد حقوق شعبنا القومية المشروعة,وكنت اتمنى لو بقي انطباعنا عن السيد الطالباني ايجابيآ كما كان عليه في السابق,منسجمآ مع عهده ووعده, ولكن مع شديد الأسف, انحرف عن  مساره, وانقلب علينا وهو في آخر مرحلة من حياته السياسية كما يدعي ذلك,لقد سجل موقفآ سلبيآ تجاه شعبنا الكلداني الأشوري السرياني اعتقد سيكلفه كثيرآ في سمعته وشهرته امام الرأي العام الدولي,ومنظمات حقوق الأنسان,والمجتمع المدني, والتي كان السيد الطالباني دائمآ وابدآ يدعم ويؤيد هذه المنظمات, وخير مثال على ذلك,هو موقفه الأخيرمن عملية أعدام صدام حسين ووزير الدفاع سلطان هاشم,كما كان دائمآ يدلي بتصريحات امام مرجعياتنا الدينية,ويؤكد لهم انه يسعى دائمآ لحماية حقوق المسيحيين في العراق ولا سيما في كردستان,وكان آخر تصريح له قبل سنة تقريبآ في حاضرة الفاتيكان لدى زيارته قداسة البابا,أما زيارته لأميركا في نهاية عام 1988 ,ولقائه مع ابناء شعبنا
 هناك, وكنت واحدآ منهم,لقد ادلى بتصريحات عديدة,واكد فيها,بأن شعبنا ألآشوري الكلداني السرياني,هو أول شعب أستوطن في شمال العراق,ونحن شركائهم في كردستان,ولنا حقوق تاريخية في هذه الأرض كما هو للأكراد,ولا يحق لأحد المزايدة علينا في هذه المنطقة,ولقد التقيت معه شخصيآ  في دار الدكتور أسعد باني خيلاني في مدينة آناربر-مشيكن.وبحضور الدكتور سفنديار شكري وآخرين,وفي تلك الفترة  بالذات,  وسمعت منه ايضآ هذا الكلام نفسه.
لقد ناضل الطالباني لفترة تزيد على نصف قرن,من اجل انتزاع حقوق شعبه,وشارك في جبهات سياسية عديدة كان شعارها الديمقراطية للعراق والحكم الذاتي الحقيقي للشعب الكردي,مع ضمان الحقوق الثقافية والأدارية والسياسية للقوميات والطوائف الأخرى,وعمل بكل جُد واخلاص وتفاني من اجل تحقيق هذا الشعار وتلك ألأهداف,
ولكن فجأة لا نعرف ما الذي جعله يتضامن مع الكتلة الشيعية لألغاء المادة  50 من الدستور,وهو يعرف جيدآ ونحن نعرف ايضآ,ان الذين صوتولألغاء هذه المادة انهم يستهدفون حقوق شعبنا,وهم يحاولون الغاء دورنا من المعادلة السياسية القائمة في العراق ومنذ فترة,وهذه ليست المحاولة الأولى وانما هناك محاولات عديدة سبقتها
وهم يعملون بكل الوسائل والأساليب الأرهابية من أجل اجتثاث غير المسلمين من هذا البلد,وهذه هي مشاريعهم العنصرية,وسوف لن تقتصر على المسيحين فقط وانما ستطال الجميع,ولكن العملية مرهونة  بمسألة الوقت بلأضافة الى العلاقات الشخصية التي تربط هذه القيادات مع بعضها البعض,ولكن امام شعبنا خيارات عديدة ,ولا سيما ابناء شعبنا في دول الأغتراب ومرجعياتنا الدينية التي لم ولن يهدأ لها البال حتى يتحقق هدفنا في نيل الحكم الذاتي لشعبنا الكلداني الآشوري السرياني وفي ارضه التاريخية المتمثلة في سهل نينوى,ونحن نعرف جيدآ بأن طريقنا ليس مكلل بالورود
واخيرآ انني أدعو السيد الطالباني الى مراجعة موقفه,وان يكون صريحآ وشفافآ في تعامله مع قضيتنا القومية لأنها لا تتطلب المساومات والتكتيكات السياسية ,وارجوا ان لا ينسى,انه ألآن رجل دولة وليس رئيس حزب في المعارضة العراقية كما كان في حقبة الثمانينات من القرن الماضي,وسوف نبقى نحن عند حسن ظنه مخلصين لهذا الوطن,ولحقوق الشعب الكردي الشقيق في تقرير مصيره في اقامة دولته الفتية في كردستان.



77
قداسة البطريرك يطالب بالحكم الذاتي .. ولكن مع بغداد


قبل عدة ايام قرأت في موقع عينكاوا موضوع زيارة البطريرك مار دنخا الرابع الى السويد ولدى استقباله في احدى القاعات، القى كلمة مختصرة ومهمة جدآ أشار فيها الي بعض القضايا القومية والدينية، ومما لفت انتباهي هو مطالبته بالحكم الذاتي لشعبنا في العراق وفي منطقة خاصة بهم، ولأول مرة يصدر من قداسته هذا الموقف السياسي، كما اكد بأن هذا الشعب الأشوري الكلداني السرياني هو شعب واحد ولكن بتسميات ثلاث وهذا ايضآ لم نسمعه من قبل، وحدد بأن يكون هذا الكيان مرتبط مع بغداد.
ان هذا الموقف الذي ابداه قداسته لم يفاجئنا انه امتداد لمواقفه القومية الجريئة والمخلصة لهذا الشعب طيلة فترة رعايته لهذا الموقع الرئاسي للكنيسة الشرقية الآشورية، ولقد عمل سيادته الكثير ولا يزال يعمل جاهدا من اجل المحافظة على هذا الشعب ضد كل ما يهدد مستقبله ومصيره، وجاء موقف البطريرك هذا متميزآ عن مواقف رجال الديت الآخرين،الذين اتسم موقفهم بالتراجع عن المشاركة في تحمل مسؤليتهم تجاه شعبنا متجاهلين الأحداث والظروف التي تمر بها المنطقة بشكل عام والعراق بشكل خاص.
ولكن ما لا نفهمه ونتحفظ عليه من خطاب البطريرك هو ارتباط منطقة الحكم الذاتي مع بغداد وليس مع اقليم كردستان ولا نعرف ما هي المعطيات والحسابات التي استند عليها لأتخاذه هذا القرار، نأمل ان يصدر بيان من مكتب البطريركية يوضح لنا الأسباب الأيجابية من الحاق منطقة الحكم الذاتي مع بغداد، وكما نفهم مما يجري في العراق، نعتقد بأن الحكومة والنظام القائم حاليا في بغداد يعتمد في بقاءه على قوات التحالف، ومتى ما خرجت هذه القوات فلم يبقى هناك عاصمة موحدة في بغداد، وانما تنشطر الى قسمين بغداد الرصافة وبغداد الكرخ، ولا نعرف مع اي منهما سنكون تابعين، ونستنتج هذا السيناريو من المعطيات الموجودة على ارض الواقع ومن الأوضاع السائدة التي نعيشها ولا نذهب بعيدا خارج القطر لكي نستعرض المؤامرات التي تحوكها دول الجوار وفي مقدمتها أيران، ولكن نكتفي باستعراض مواقف وبرامج واهداف كل من الأطراف الرئيسية من السنة والشيعة المشاركبن في هذه الحكومة،والتي يظهر لنا جليآ وبكل وضوح ان الأحزاب الشيعية في جانب الرصافة وفي مقدمتهم جيش المهدي، وفيلق بدر، وحركة حزب الله، وآخرون، يسعون جميعهم جاهدين في سبيل تطبيق الشريعة الأسلامية وبموجب نظام ولاية الفقيه كما هو معمول به في ايران، وخير دليل على ذلك ما يجري الان في البصرة من اجراءات وتصفيات وتغيرات طالت جمبع مؤسسات الدولة في هذه المحافظة، وجميعها تصب في مصلحة النظام الأيراني. اما بغداد الكرخ ان المؤسسات الدينية السنية والمتجسدة في الأحزاب الأسلامية المنضوية تحت لواء جبهة التوافق، وهيئة علماء المسلمين وغيرها، يبذلون كل الجهود من اجل تطبيق برامجهم السياسية والتي جميعها تستهدف تطبيق الشريعة الأسلامية، وعلى النمط السعودي، من اجل اقامة نظام اسلامي في العراق. وهذا السيناريو نتوقع تنفيذه بعد انسحاب القوات الأمريكية من العراق مباشرة. وكما هو معلوم للجميع ان كلا الطرفين المتشددين من السنة والشيعة يحرصون وبشدة على تطبيق ما جاء في القرآن الكريم من الآيات والتي يتم تفسيرها حسب اجتهادهم، وهناك عشرات الآيات التي تأمر وتحرض على قتل الأخر،حسب مفهوم هؤلاء السياسيين، ونذكر واحدة من تلك الآيات الي تنص على ما يلي: ( قاتلوا الذين لا يؤمنون بالله ولا باليوم الآخر ولا يحرمون ما حرم الله ورسوله.) اذن كم نكون جهلاء عندما نتوقع بأن هؤلاء البشر سيحترمون حقنا في الحياة الحرة الكريمة وفي ممارسة شعائرنا الدينية وبدون ان يقوموا بأية ردة فعل تجاهنا لأننا لا نؤمن بما هم يؤمنون.
ومن هذا المنطلق فلم يبقى امامنا سوى الخيار الوحيد وربما الأخير، وهو الأنضمام الى اقليم كردستان دون اي تردد او تأخير، لكي لا نضيع وقتنا بين السنة والشيعة،ولكي نتجنب الصراع القائم بينهما، ويمكن ان ينفجر هذا الصراع في اية لحظة، وهناك مؤشرات ظاهرة في المنطقة،ومنها الوثيقة التي تم الأتفاق عليها بين حزب الله اللبناني والمرجعيات السنية السلفية اللبنانية وتم التوقيع عليها بالدم، وجاء في مضمون الوثيقة (يحرم قتل المسلم مهما كانت الأسباب)،وتبعتها وثيقة الدم التي اصدرها مقندى الصدر قبل عدد ايام من ايران وتم توقيعها بالدم ايضآ من قبل انصاره وشاهدنا في بغداد كيف تم توزيع تلك الوثيقة وتم توقيعها من قبل الأهالي في الشوارع والجوامع والحسينيات ومؤسسات الدولة، وجاءت هذه المبادرة من الحكومة الأيرانية،ولولا خطورة الأوضاع القائمة بين السنة والشيعة لما اقدمت ايران على هذه المبادرة ،واي صراع يحصل في العراق فأن الطرف الضعيف سيكون الضحية،وهذا ما عانينا منه طوال تاريخنا المعاصر.
ولهذه الأسباب وغيرها يجعلنا نتجه الى حكومة الأقليم للبحث معهم حول مشروعنا القومي ومتتطلباته، لأن المشتركات التي تربطنا مع الشعب في كردستان كثيرة جدآ ومنذ مئات السنين ولا مجال هنا لذكرها، ويكفي لنا ان نذكر ان النظام القائم في الأقليم هو نظام علماني،ولا يوجد حزب سياسي يتبنى تطبيق الشريعة الأسلامية،وكما لا يوجد ايضآ لديهم فتاوى تحلل لهم الدم والعرض والمال لغير المسلم .
اما الذين يرفضون الحكم الذاتي ويطالبون بالحقوق الثقافية والأدارية، فهم بقايا حزب البعث فقط لا غيرهم،لأنهم يأملون بعودة البعث الى السلطة، ونعرف الكثيرين منهم، وهم يعلنوها  صراحة ولهم آرائهم  وقناعاتهم وحججهم ونظريتهم السياسية وعلينا احترام آرائهم وشعبنا هو الذي يقرر مستقبله ومصيره من خلال الأنتخابات القادمة. هناك فصيل آخر من غير البعثيين  من ابناء شعبنا، واعتقد هم من المغرر بهم لأنهم يرفضون الحكم الذاتي لشعبنا ويطالبون بالحقوق الأدارية والثقافية وليس لهم اي برنامج سياسي او نظرية سياسية يستندون عليها، فاذا كان هدفهم هذه المطالب فأنها قد تحققت في سهل نينوى، فاليفتشوا لهم الآن عن هدف آخر ما بعد هذه الحقوق،ولكن أقترح عليهم ايفاد لجنة مشتركة من ممثلي منظمات ومؤسسات شعبنا الى منطقة سهل نينوى وبالذات الى قضاء تلكيف ليشاهدوا بعينهم وليسمعوا بأذنهم من أبناء شعبنا هناك كيف يتمتعون بهذه الحقوق، بالرغم من ان قائممقام مسيحي من ابناء شعبنا وكذلك مدير ناحية القوش بالأضافة الى جهاز الشرطة والموظفين، سيجدون هناك مهازل انها معيبة ومشينة بحق شعبنا، ولا أريد ان اذكر الأحداث التي تجري هناك،والأعتداءات المتكررة  يوميآعلى ابناء شعبنا لأن مدير ناحية والقائممقام لا سلطة لهم مع احترامي الشديد لهم انهم ليسوا مقصرين بواجباتهم، ولكن لا احد يعطيهم اذن صاغية ،ولا احد يلبي طلبهم ، ولا احد ينفذ اوامرهم ،لأن السلطة الحقيقية هي منوطة بقوات البيشمركة والسلطة الثانية هي في محافظة الموصل،والسلطة الثالثة هي بيد الأرهابيين الذين يرتكبون ابشع الجرائم بحق ابناء شعبنا واخر جريمة وليست الأخيرة هي محاولة قتل الكاهن معاون الخوري جميل لوسيان، والذين اعتدوا على القس هم عرب من سكنة تلكيف واطلق سراحهم بالرغم من الأدلة الثبوتية ضدهم، وعندما سئل والد المجرمين من قبل اهالي تلكيف عن سبب قيام اولاده بهذه الجريمة،فقال لهم ان اولادي أغبياء، لأنهم لم يستشيروني بالعملية قبل القيام بها، لو سألوني بها لكنت قد وضعت خطة محكمة بحيث لن يكن بأمكان القس الأفلات منها ابدآ، ولكن مع كل الأسف لم يحققوا هدفهم،وبعدها بعدد ايام انفجرت سيارة مفخخة في تلكيف. هذا بالنسبة الى الوضع الأمني، اما بالنسبة الى الخدمات المقدمة الى المنطقة فهي صفر ،بأستثناء بعض المشاريع التي قام بأنشائها السيد سركيس آغاجان،عندما نطالب حكومة الموصل بأحتياجات المنطقة من الخدمات يقولون انكم تحت سلطة الأقليم، وعندما نطالب سلطة الأقليم يقولون انكم مرتبطين اداريآ مع محافظة الموصل وهكذا كل طرف يتهرب من مسؤليته لأنه ليس لدينا سلطة الحكم الذاتي، التي لها ميزانية خاصة ، ولها سلطة القانون، بالأضافة الى الأمتيازات الأخرى التي تكون من مستلزمات منطقة الحكم الذاتي.واخيرآ اقول للذين يطالبون بالحقوق الأدارية والثقافية بأن مطلبهم قد تحقق فاليتفضلوا ويذهبوا ليستقروا في سهل نينوى واليكفوا عن رفع هذا الشعار، لأنه اصبح مسخرة ومضحكة لأهالي سهل نينوى وعليهم اختراع شعار جديد ربما يحقق لهم مكاسب أفضل، نطالب من المثقفين والمختصين بالقانون ان يكتبوا حول نظام الحكم الذاتي، ومقارنته مع مشروع الحقوق الأدارية والثقافية ، ليكون شعبنا على بينة من الأثنين ، كما نؤكد مطالبتنا من مكتب البطريركية اصدار ايضاح حول تصريح قداسة البطريرك بربط منطقة الحكم الذاتي مع بغداد ،ربما يعاد النظر فيها ، بسبب الظروف والعوامل المستجدة في المنطقة .

78
ألعودة الي الذاكرة ..حول مقتل الحاكم أمجد المفتي في تلكيف.
بقلم : داود برنو
من خلال مطالعتنا للصحافة الأجنبية ولا سيما البريطانية منها نلاحظ انها تقوم بنشر وثائق تتضمن اسرار وفظائح خطيرة بعد ان يمضي عليها فترة لا تقل عن ربع قرن، بالرغم من انها تسبب مشاكل عديدة للحكومة وللأطراف ذات العلاقة بتلك الوثائق، ولكن الحكومة تصر على نشرها امام الرأي العام لجعل المواطنين على بينة من أمرها، ومنها على سبيل المثال، صفقة الأسلحة التي تمت بين بريطانيا والسعودية في بداية الثمانينات من القرن الماضي،والتي أعلن عنها مؤخرآ، ورافقت تلك العملية أتهام بعض ألمسؤلين في الحكومة السعودية بالفساد المالي، وهذا ما نطالعه في الصحافة ألأمريكية بين الحين والآخر ايضآ، أما نحن في العراق من الصعب جدآ المحافظة على الأرشيف للوثائق السرية لفترة زمنية طويلة بسبب الأنقلابات التي تحصل بين فترة وأخرى والتي تؤدي الى أتلاف تلك الوثائق، أو فقدانها، أو تزويرها، ولا يمكن الأعتمادعليها كمصدر موثوق به، وكما هو حاصل الآن على أرض الواقع الذي نعيشه في عراقنا  ( العظيم ).
ولكن تبقى بعض القضايا المهمة محفوظة، ومعلقة في ذاكرة بعض الأفراد، ولا يمكن الأعتماد عليهم بشكل تام، لأسباب عديدة، ومنها قابلية الذاكرة لدى الفرد محدودة، وتؤثر عليها عوامل كثيرة بعد مرور الزمن، ولا سيما ان مرض فقدان الذاكرة منتشر بين المسنين بشكل كبير في الوقت الحاضر،وانني هنا ألآن لست بصدد ما يتعلق الأمر بوطننا العراق، لأن مسؤلية المحافظة على تلك الوثائق هي منوطة  بألآخرين ، وان مثل هذه المهمات لا يمكن ان تناط بغير المسلمين، ولكن ان ما يهمنا ألآن هو المحافظة على الوثائق والملفات التي تهم تاريخ شعبنا الكلداني الآشوري السرياني، والأحداث الدامية التي رافقت مسيرته منذ بداية القرن الماضي والى يومنا هذا، لأننا نجد حلقات كثيرة ومهمة مفقودة في تاريخنا، ومن هذا المنطلق أقترح على دور النشر ووسائل ألأعلام التي يمتلكها أبناء شعبنا كأفراد أو كمنظمات ان تبادر للقيام بأنشاء مركز ثقافي لحفظ الوثائق والمعلومات التي لها علاقة مباشرة بتاريخ شعبنا المعاصر، لتكون مصدرآ ومرجعآ لكل ما يتعلق بتاريخ شعبنا في العراق وفي العالم أجمع، وأعتقد ان موقع عينكاوا الأعلامي هو المؤهل للقيام بهذه المهمة الشاقة والحساسة، لكونه موقع مستقل ومحايد ونزيه ويحظى بثقة أبناء شعبنا جميعآ بناء على تجربتنا معه خلال السنين الماضية،ويمكن للآخرين المساهمة معه لأنشاء هذا المركز وعندها ستزول الكثير من الشكوك والتأويلات عن القضايا المعلقة، والتي يتداولها أبناء شعبنا الآن وكل طرف يدعي بأنه على حق، ولا نعرف الحقيقة بذاتها،وعلى سبيل المثال نذكر حالة واحدة من مئات الحالات التي بقيت في طي الكتمان،لقد أستشهد الكادر الشيوعي النائب ضابط فؤاد شمعون ديشا من أهالي القوش أثناء قيامه بمهمة حزبية وهو في طريقهمن جبل القوش الى جبل مقلوب قرب ناحية بعشيقة،في بداية عام 1963  وكان يرافقه ثلاث عناصر من الحزب الشيوعي اثناء قيامه بتلك المهمة، ولف الغموض حول هذا الحادث لفترة طويلة، وكان معظم أهالي القوش ومن ضمنهم عائلة الفقيد يتهمون أحد رفاقه بقتله نتيجة الخطأ دون تعمد،  ومنذ ذلك الحين والى عام 2006 بقي هذا السر غامضآ ،وتم معرفة الحقيقة والتأكد منها بعد أن نشرت مذكرات المرحوم توما توماس في موقع عينكاوا ومن خلالها تطرق الى هذا الحادث، أي بعد مضي ثلاثة واربعون عامآ على أستشهاده، أكتشفنا الحقيقة، ولولا تلك المذكرات لظلت القضية في طي الكتمان الى يومنا هذا، وربما الى الأبد. وهناك الكثير من القضايا المهمة والتي تشكل محطات ومنعطفات في تاريخ شعبنا لا تزال مجهولة ويكتنفها الغموض.
وفي حادث آخر من هذا القبيل، قرأت في موقع عينكاوا قبل عدة أسابيع مقال للكاتب والصحفي المعروف السيد جميل روفائيل، كتبه أثناء وجوده في تلسقف، و
بمناسبة ثورة تموز عام1958 وتطرق فيها الى ألأحداث الدامية التي حصلت في الموصل وتلكيف، والتي أدت الى مقتل الحاكم أمجد المفتي في ضواحي قصبة تلكيف، ولكن يظهر ان الكاتب يجهل، أو يتجاهل،بعض التفاصيل حول مقتل المفتي، وربما الكثير من أهل المنطقة لا يعرفون حقيقة ما حدث في تلكيف في تلك الفترة التي حصلت فيها أحداث حركة التمرد التي قادها العقيد عبد الوهاب  الشواف وزمرته في الموصل من عام  1959 .
ولكي يكون القارئ على بينة من تلك ألأحداث وتداعياتها أود ان أذكر واقعة لقائنا بالسجن مع ضحايا هذا الحادث بالرغم من انهم لا يملكون المعلومات الدقيقة عن الفاعل الحقيقي لهذه الجريمة، وبأختصار شديد.   
بعد انقلاب شباط عام 1963   
قامت قوة مسلحة من شرطة الموصل بأقتحام ثانوية القوش والقاء القبض على مجموعة من الطلبة، وكنت واحدآ منهم،وتم نقلنا الى مديرية شرطة الموصل في منطقة باب السراي،وفي هذه البناية كان يوجد ثلاث قاعات للموقوفين الجدد،ومنها يتم نقلهم، او تسفيرهم، الى السجون الملحقة بمراكز الشرطة المنتشرة في أنحاء مدينة الموصل، وعددهم يتجاوز العشرة،وخلال فترة بقاء الموقوف في هذا المركز،لا يسمح له أبدآ من اجراء أي أتصال أو مواجهة مع أي من أصدقائه أوأقربائه،وعندما كان يأتي موقوف جديد، كنا نلتف حوله لمعرفة ماذا يجري خارج السجن من الأحداث،وفي مساء أحد الأيام جاءوا بمجموعة من المعتقلين من سجن آخر، تبين لنا أنهم من أهالي تلكيف،وكانت قاعات السجن مكتظة بالموقوفين، بحيث لا يوجد مجال لكي نمدد أرجلنا أثناء النوم، ولم نكن نعرف الليل من النهار، ألا من خلال وجبات الطعام بسبب عدم وجود أي نافذة في القاعة،وقمنا بايجاد مجال لراحة ضيوفنا ألجدد ، حيث كان أصغرهم سنآ ينام بجانبي،وكان يجري حديث بيننا بعيد عن السياسة واحداثها خوفآ من عناصر الأمن الذين كانوا يتسللون الى السجن بصفة موقوف، بين فترة وأخرى،وفي الليل جرى حديث بيننا، وسألته عن قضيتهم فلم يرد علي، وبعد فترة وجيزة كررت عليه السؤال، فتبين لي أنه منزعج،وسألني لماذا أعتقلت انت ومن أين جنابك،فقلت له أنا من القوش ومتهم بأنني كنت سابقآ منتمي الى الحزب الشيوعي،ثم قال لي أنا تلكيفي ومتهم زورآ بقضية مقتل أمجد المفتي، وأنني برئ من هذه التهمة،وقلت له كيف يمكن ان يحصل ذلك أنها قضية كبيرة وان الحادث حصل في النهار وامام الناس،فرد علي قائلآ ،أن قضيتنا مثل قضية بعشيقة وبحزاني،فقلت له لا أعرف ماذا تعني بكلامك،فقال لي ألم تسمع بذلك، فقلت كلا، وسكت،فسألت صديقي الذي كان مسؤل مجموعتنا داخل السجن الطالب بهجت فرج القس يونان وهو أيضآ من القوش وله نفس التهمة الموجهة لنا، عن معنى هذا المثل، فأبتسم وشرح لي هذا المثل حيث قال ( بعشيقة تزني وبحزاني تدفع الثمن)،وفي اليوم الثاني عدنا الى حديثنا وأكد لي بأنهم جميعآ أبرياء ولا علاقة لهم  بهذا الحادث،وان الذين قاموا بقتل أمجد المفتي جاؤا بسيارات الأجرة من القوش، وكانوا مجموعة من الشباب، نفذوا أوامر المعلم يونس وهو من تلسقف، ولهذا السبب أقول لك بأن قضيتنا تشبه قضية بعشيقة وبحزاني، وانتهى حديثه، ولكنني لم أكن مهتم بقضيته في تلك الظروف الصعبة حيث كنا نعتقد بأن الاعدام قد يطال الجميع، واصبحت حالة عامة في البلاد بالنظر للأعمال الأجرامية التي كان يرتكبها عناصر الحرص القومي في تلك الفترة ضد المواطنين الأبرياء، وكنا نسمع الكثير من القصص الأجرامية للسلطة الحاكمة آنذاك  والتي لا
يمكن لأحد ان يصدقها.
وفي اليوم التالي تم نقلهم الى سجن آخر ولا أحد يعرف الجهة التي ذهبوا اليها، وبعد فترة قصيرة سمعنا ونحن خارج السجن بأن مجموعة تلكيف تم أعدامهم،ولم يبق في ذاكرتي من تلك القصة سوى أسم المعلم يونس. وفي عام 1982
بينما كنت في سوريا – دمشق نعمل مع المعارضة العراقية ضد النظام القائم في بغداد، وبمناسبة عيد الفصح المبارك، تلقيت دعوة من عائلة المرحوم توما توماس التي كانت تسكن في منطقة مساكن برزة بالشام، للمشاركة في تناول أكلة العيد ( كيبايه ) مع مجموعة من الألقوشين في دمشق يتجاوز عددهم العشرة من الشيوعين ومنهم السيد رمزي ياقو توماس والمرحوم باسل الياس الصفار وآخرين، بالأضافة الى هؤلاء كان ايضآ عدد قليل من أعضاء قيادة الحزب الشيوعي العراقي مدعوون الى تلك المناسبة،وأتذكر منهم السيد عادل سفر ورفيقه شاكر، وعندما كنت في السجن عام ثلاثة وستون من القرن الماضي كنت أسمع كثيرآ عن أسم عادل سفر وعبدالرحمن قصاب من خلال أعترافات عليهم من قبل بعض أعضاء اللجنة المحلية للحزب الشيوعي في الموصل، وأكدوا بأن هؤلاء كان لهم دور رئيسي في أحداث الموصل عام  1959، ومنهم المعتقل السيد عدنان جلميران وهو من أبرز الشيوعيين في الموصل آنذاك،وكذلك رفيقه السيد سامي بشير حبابة، وهم من أهل الموصل  وآخرين معهم ،وعندما دار حديث بيني وبين السيد عادل سفر حول ذكريات الماضي ،تأكد لديه بأنني كنت معتقلآ مع بعض من رفاقه في اللجنة المحلية للحزب الشيوعي بالموصل، وأصبح يستمع الي بأنتباه شديد للمعلومات التي كانت بحوزتي حول رفاقه في السجن ، وثم انفردنا في زاوية الغرفة ، وبدأنا نستعرض تلك ألأحداث الدامية التي حصلت في الموصل أثناء مؤامرة حركة العقيد عبد الوهاب الشوف وبتفاصيلها ،
وادان الأعمال التي ارتكبت في الموصل من قبل بعض الأنتهازين المتسللين في صفوف الحزب الشيوعي، وكذلك ادان الحادث الذي ارتكب ضد الحاكم امجد المفتي، وطريقة قتله، وحرقه داخل السيارة في ضواحي تلكيف، وكان يقول ان رفيقنا المعلم يونس، ارتكب خطأ فادح راح ضحيته ابرياء من اهالي تلكيف، وكان عليه السيطرة على تلك الأوضاع المنفلتة لكي لا تستغل من قبل عناصر مسيئة في المجتع، وكان بأمكانه تجنب تلك الأحداث لو أتبع نظام الحزب في اتخاذ القرارات،
وعندها تذكرت كلمة ( معلم يونس )وسالته من هو هذا الشخص،فقال انه كان مسؤل تنظيم الحزب الشيوعي في المنطقة الواقعة على المحور الممتد من تلكيف الى القوش، واستغربت من كلامه ، وقلت له انني كنت اعتقد بأن المرحوم سليمان يوسف ( ابو عامل ) هو اقدم شيوعي في المنطقة، فرد على قائلآ بأن المعلم يونس هو أقدم شيوعي في المنطقة ، ثم اضاف قائلأ أعتقد ان معلم يونس هو الذي رشح ابو عامل للحزب أما في عام تسعة واربعون او نهاية عام 1948
وان يونس هو من عهد الرفيق  فهد . واخيرآ قلت له الحمد لله لأول مرة أسمع من شيوعي عراقي بهذا المستوى من المسؤلية يقول ان رفاقنا أخطأوا ، انها حالة غريبة عن المألوف، لأن أنطباعي عن معظم الشيوعين الذين التقيتهم، او سمعت عنهم، لا يؤمنون بما تقوله طالما انهم لا يزالون مرتبطين بالتنظيم،ولكن عندما يكونوا خارج التنظيم عندها يختلف ألأمر، وهذا ما نلمسه من رفيقكم السيد صالح  دكلة ،الذي كان عضو اللجنة المركزية في الحزب الشيوعي سابقآ،والآن يصدر جريدة الغد الديمقراطي في سوريا، فقال لا اعتقد ذلك صحيحآ الآن، لأن أحد مبادئنا هو النقد والنقد الذاتي ، وهذا الذي تقوله ربما كان في الماضي وليس الآن،فأرجو ان تصحح أنطباعك عنا .
ان اعضاء القيادة ليسوا معصومين من الخطأ، وان الذي يعمل لا بد ان يصيب وان يخطأ ، وبعدها شاركنا جميعآ في أكلة العيد (كيبايه ) التي أعدتها المرحومة أم جوزيف وحرصت ان يشارك في هذه المناسبة جميع الألقوشين المتواجدين في الشام، بالرغم من الأختلاف في الرأي والموقف السياسي للبعض
منهم عن موقف الحزب الشيوعي العراقي في ذلك الوقت، ومرة أخرى أأكد بأن الغرض من نشر مثل هذه المعلومات هو للبحث عن الحقيقة وللتاريخ،وليس أتهام أحد او النيل من كرامته مع احترامنا الدائم للجميع .
وفي العدد القادم نتطرق الى موضوع آخر له صلة في السجون .

،

79
متطلبات التنمية ألافتصادية في سهل نينوى
                                                                                                                  بقلم داود برنو                    
انه لمن دواعي الاستغراب ان نقرأ يوميا هذا الكم من المقالات في موقع عينكاوا المحترم حول مشروع الحكم الذاتي لشعبنا الكلداني الأشوري السرياني الذي يزمع أقامته في منطقة سهل نينوى. ولا نجد أحد من هؤلاء الكتاب المحترمين يكتب حول الوضع الاقتصادي  المتردي الذي يسود هذه المنطقة الآن، وعن كيفية معالجته، وما سيألوا عليه هذا الوضع في المستقبل القريب. ولا نعرف كيف يمكن هؤلاء الناس القاطنين في هذه المنطقة من تأمين وسيلة عيش لعوائلهم، في الوقت الذي تفتقر هذه المنطقة الى أبسط مقومات الحياة، بألأضافة الى الخدمات شبه المفقودة ولا سيما في هذه الظروف وألأوضاع ألأمنية المنفلتة، ولا يوجد في هذه المنطقة ألآن اي وسيلة للعيش كمصدر رزق للعوائل الساكنة فيها، انها خالية من البنية التحتية التي ترتكز عليها التنمية ألأقتصادية.
بالرغم من توفر المهارات والخبرات وألمؤهلات المتراكمة لدى أبناء شعببنا في هذه المنطقة ومن خلال هذا الواقع الذي نشأ بعد سقوط النظام في 9-4-2003 فلا بد من ايجاد رؤية وتصورات جديدة حول الوضع ألأقتصادي القائم ألآن وما سينجم عليه في المستقبل ولا سيما عندما نتمتع بحقوقنا القومية المشروعة والمتجسدة بالحكم الذاتي لشعبنا في سهل نينوى أسوة بما نالته القوميات الاخرى من الحقوق والامتيازات وغيرها من المكاسب الاخرى، وبما ان السياسة هي فرع من الاقتصاد وانها في خدمة الاقتصاد ، أذن فلا بد من ان يكون هناك تلازم في المسير بين المشروع السياسي والمشروع الاقتصادي ولا يمكن اهمال اي منها لانهما يؤديان الى نفس الهدف، فما هي قيمة المشروع السياسي وما هي فائدة الحكم الذاتي عندما نشاهد ابناء شعبنا يغادرون البلاد بافواج متتالية الى بلاد المهجر طلبا لتامبن العيش الكريم لأبنائهم وضمان مستقبلهم في الدراسة والصحة وغيرها، كما اننا نلاحظ التغيرات التي حصلت على ارض الواقع فلم نكن نتوقعها، ولكن كل شئ ممكن في السياسة طالما انها عبارة عن صفقات وتفاهمات بين ألأطراف المسيطرة على دفة الحكم، ولكن لا زلنا نأمل بان تكون هذه الصفقات والتفاهمات  ذات نتائج طيبة واجابية لتشمل جميع أبناء الشعب العراقي بحيث لا تقتصر على القوميات الكبيرة ، كما اننا متفائلين بغد أقتصادي أفضل لشعبنا من خلال مشاركة جميع الفصائل السياسية في المشروع القومي المتضمن الحكم الذاتي في سهل نينوى،والذي تتبناه الآن جميع الأطراف السياسية لشعبنا الكلداني الآشوري السرياني وبدعم خاص من السيد سركيس آغاجان، الذي لا يمكن لأحد مهما كان ان يتجاهل الجهود التي بذلها ولايزال ماض في اعمار القرى والقصبات لأبناء شعبنا، ولكن متطلبات الحياة تحتاج الي المزيد من الجهود للأخرين وفي كافة المجالات،لتأمين الحياة الحرة الكريمة لشعبنا الأشوري الكلداني السرياني.
•   ان منطقة سهل نينوى تعتبر من المناطق التى تؤهلها لأن تكون مصدر أقتصادي وتجاري لأبناء المنطقة، لموقعها الأستراتيجي الذي يرتبط بشكل مباشر،وبخطوط مواصلات جيدة مع كل من المحافظات نينوى،أربيل ودهوك،وهذا ما يؤدي الى سرعة وسهولة أيصال السلع والمواد ألأولية الى المصانع والمعامل. اضافة الى ذلك أن سهل نينوى يمتاز بخصوبة أراضيه وصلاحيتها لأنتاج المحاصيل الزراعية والنباتية والثروة الحيوانية، كما ان وفرة المياه فيه يساعد على اقامة المشاريع الزراعية المختلفة،وان وجود سد الموصل بجانب سهل نينوى مما يؤدي الى أنتعاش السياحة في المنطقة، ولتحقيق نجاح هذا المشروع الأقتصادي فلا بد من اتخاذ الخطوات التالية:
اولا: تاسيس غرفة تجارة سهل نينوى.
ثانبا: تاسيس هيئآت استثمار لجلب رؤوس اموال الى المنطقة.
ثالثا: تهيئة الكوادر الفنية وفي كافة المجالات من خلال مراكز للتدريب تقوم بتأهيل هذه الكوادر على جميع انواع الأستثمارات، وادارة الأعمال التجارية والتسويقية للمشاريع التي يتم انشاؤها في المنطقة.
من الجدير بالذكر في الوقت الحاضر، هناك الكثير من الفرص أمام العاملين في هذه المجالات لتطوير كفاءاتهم من خلال أرسال البعثات الى الدول المتقدمة مثل الولايات المتحدة ،كندا،بريطانيا،واليابان وغيرهم من الدول التي تبدي أستعدادها لتخصيص دورات تأهيلية في مجال التطوير الأقتصادي والزراعي وادارة الأعمال للقطاع الخاص، وهناك أيضآ مؤسسات خيرية غير حكومية (  النجو) تقوم بتقديم الدعم المادي لمشاريع أقتصادية وزراعية في العراق، كما انها تقوم بدراسة المشاريع المقدمة لها من قبل المواطنين، وتقدم لهم أستشارات وخبرات لتلك المشاريع مجانآ، وتشجع المواطنين لأنشاء شركات أهلية صغيرة كمرحلة أولية ومن ثم تساعد في تطويرها الى شركات متوسطة وكبيرة أيضآ،لذا ندعو أبناء
شعبنا اغتنام هذه الفرص الممنوحة من قبل المؤسسات الخيرية المتمثلة بمنظمة( النجو) التابعة لأمم المتحدة والتي لها                                                                                                                                                                                   
                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                     
 للأمم المتحدة والتي لها مكاتب في بغداد والموصل ومن خلالها يمكن القيام بتنفيذ مشاريع عديدة في منطقة سهل نينوى لتقديم الخدمات الضرورية للأهالي وتوفير احتياجاتهم من المواد الغذائية الأساسية لتحسين وتطوير الحياة المعاشية لأبناء المنطقة جميعآ ومنهم شعبنا ألأشوري الكلداني السرياني. ولمن يرغب بالأستفسار أو ألأستشارة
يمكنه ألأتصال على العنوان...
davidbarno@yahoo.com             
 






     

80
الشيخ تحسين سعيد بيك في الذاكرة
                                                                                         
بقلم: داود برنو
قبل عدة اسابيع قرأت خبر في موقع عينكاوا عن زيارة أمير الطائفة اليزيدية الشيخ تحسين الى اميركا وحلًّ ضيفاً معززاً في دار السيد رعد أيار وهو من عائلة معروفة في ديترويت ومن اهالي تلكيف. وتابعت نشاطاته السياسية والاجتماعية من خلال صديقي السيد عادل الياس حنو، الذي التقي معه لعدة مرات من اجل المحافظة على علاقاتهم التاريخية التي تمتد لاكثر من نصف قرن، واستغربت من قابليات هذا الرجل الفائقة وفي كافة المجالات. حيث التقى مع الفعاليات السياسية والدينية والاجتماعية للكلدان في ولاية مشيغن..وكما يظهر لي من مواقفه هذه فأنه عازم ومصمم على مواصلة مسيرته في قيادة طائفته الكريمة الى برًّ الامان والتي هي من الشعوب القديمة في العراق والاصيلة وهذا ما هو مذكور في كتب التاريخ.
وبالرغم من كبر سنه الذي اقترب من العقد الثامن ولكنه يشكل النموذج الذي يقتدي به لكل من يتحمل مسؤولية قيادة شعبه ولاسيما في المجال السياسي، وبعد اطلاعي على هذه الزيارة تذكرت عندها زيارته الاولى الى اميركا والتي صادفت في بداية الثمانينات من القرن الماضي حيث كنت في ولاية مشيغن وكان يوجد في تلك الولاية آنذاك عدد من اخواننا الاكراد لايتجاوز عددهم الثلاثون شخصاً وجميعهم كانوا من البيشمركة البارزين ومنهم من كان في قيادة الحزب الديمقراطي الكردستاني ( حدك) وفي احد الايام اتصل بي هاتفياً الصديق حكمت دهوكي وهو ايضاً من البيشمركة القدامى ومن اهالي دهوك وكان يعيش في مدينة ديترويت في ذلك الوقت وقال لي ان أمير اليزيدين الشيخ تحسين سعيد بيك وصل الى اميركا قادماً من المانيا وحَلَّ ضيفاً على السيد غازي الحاج ملو رئيس عشيرة المزوري والذي يسكن في مدينة سكناو ولاية مشيغن ( وتبعد هذه المدينة حوالي مائة ميل من مدينة ديترويت) وكان السيد غازي قائد لواء البشيمركة في منطقة عقرة.. وسألني ان كان لي رغبة في الذهاب معه لزيارتهم فقلت له انني فخور بهذه الزيارة بالرغم من ان معرفتي بالشيخ تحسين تقتصر على انني صديق للمرحوم الياس حنو الذي هو اعز اصدقائه، وبعد نصف ساعة تقريباً جاء الاخ حكمت الى المكان الذي كنت فيه وهو يقود سيارته الجديدة B.M.W ، وفي ذلك المساء كان الجميع مدعون من قبل الصديق والضابط المتقاعد ابراهيم احمد بيداوي لتناول العشاء وهو ايضاً كان قائد لواء البيشمركة في عام 1974 واقام الدعوى في شقة شقيقه جوتيار حيث كان يدرس في الجامعة آنذاك ويسكن في شقة لوحده وحضر مأدبة العشاء عدد من الاكراد الساكنين في نفس المدينة (سكناو) وتم تقديم المشروبات قبل تناول العشاء، ودامت الجلسة اكثر من اربع ساعات تم خلالها مناقشة الكثير من القضايا ومنها السياسية، حيث تم الانصات الى وجهة نظر الشيخ تحسين حول الاوضاع في العراق ولاسيما كردستان وكانت الحرب العراقية الايرانية آنذاك قد اشتدت اوزارها من خلال العمليات العسكرية التي كانت على اشدها في ذلك الوقت، وكان الشيخ تحسين يملك رؤية شاملة ودقيقة للاوضاع وبكل تفاصيلها..
وتبين لنا ان هذا الرجل كان يتمتع بقدرة فائقة في معرفة الامور وتحليلها واستيعابها بشكل كامل وجيد وله تجربة غنية من خلال الاحداث الدامية التي حصلت في العراق خلال العقدين الماضين من الزمن حيث استطاع بحكمته وعبقريته ان يتعامل مع كافة الانظمة في بغداد وتمكن من المحافظة على شعبه في جميع الظروف والعهود بالرغم من انه مكث فترة طويلة منفياً في لندن- بريطانيا ولكن كان يدير شؤون طائفته من الخارج وبشكل رائع جداً ، وفي سياق الحديث في تلك الجلسة دار نقاش طويل بيني وبين السيد غازي ابو فرهات وسألني عن موعد سفري الى كردستان ، فقلت له بعد اسبوع ساذهب الى شيكاغو لحضور اجتماع لقيادة حزبنا هناك ، وهم سيقررون موعد السفر واعتقد سيكون قريباً جداً ثم قال لي نريد ان نعرف ما هي اهداف حزبكم ( حزب بيت نهرين الديمقراطي )، فقلت له وباختصار شديد وبشكل عام كما يطالب الاكراد بحقوقهم القومية المشروعة كذلك نحن الاشوريون نطالب بحقوقنا القومية ايضاً، فقال هل توصلتم الى تحديد اهدافكم ماهي واين هي كما نحن معلنين عن اهدافنا في وسائل الاعلام المختلفة. فقلت ان حقوقنا هي لدى حكومة بغداد، اما بالنسبة الى ماهية هذه الحقوق فانها تقتصر في الوقت الحاضر وفي هذه المرحلة بالذات على تطبيق قرار مجلس قيادة الثورة الصادر في عام 1973 والذي ينص على منح الناطقين بالسريانية الحقوق الثقافية والادارية بما فيها تشكيل وحدات ادارية جديدة واستحداث محافظة خاصة لشعبنا في الساحل الايسر من مدينة الموصل لتنظم اليها جميع القرى والقصبات المسيحية الكائنة في محافظة نينوى واطرافها وقلت له ايضاً ان حقوق شعبنا ترتبط ايضاً بحقوق الشعب العراقي كافة، وان افق عملنا السياسي هو العمل من اجل تحقيق الديمقراطية للشعب العراقي والحكم الذاتي للشعب الكردي وهذا هو شعار معظم احزاب ومنظمات المعارضة العراقية، ولكن نحن نضيف الى هذا الشعار بَندَّ آخر وهو منح الحقوق الثقافية والادارية لشعبنا الاشوري في العراق ليكون هذا الشعار اكثر شمولية وعدالة. ولكن كما هو معلوم وواقع على الارض ان حقوق الشعوب تتطور بمرور الزمن، فعندما يتحقق الحكم الذاتي للشعب الكردي فنحن يجب ان نتمتع بحقوقنا الثقافية والادارية في نفس المرحلة، اما اذا حصل الشعب الكردي على الفيدرالية فنحن سنطالب بالحكم الذاتي ويجب ان نتمتع به في نفس الوقت دون ان يكلفنا اية متاعب، واذا اصبحتم دولة مستقلة وهذا حق مشروع لكم حسب ميثاق الامم المتحدة ومبادئ القانون الدولي لسنة 1970 ، فعند ذلك نحن سنطالب بالفيدرالية والتي ايضاً نتمتع بها وفق آلية التطور المنصوص عليها في قرارات الامم المتحدة.
اما بعد الفيدرالية فاننا نتركه للاجيال القادمة من ابناء شعبنا الذين سيتحملون تلك المسؤولية وبكل جدارة وعزم وهم سوف يقررون ذلك مع مراعاة الظروف السائدة في ذلك الوقت، وهذه رؤيتنا للمستقبل فردَّ السيد غازي قائلاً بالنسبة الى الشطر الاول من السؤال ربما تسيرون وفق المعادلة الصحيحة من الناحية القانونية والاخلاقية، اما بالنسبة الى الشطر الثاني فاعتقد انكم متوهمون بذلك وانا اقول هذا انطلاقاً من محبتي لكم وتعرفون جيداً تاريخ عائلتنا كيف قامت بحمايتكم اثناء مذابح الاتراك للمسيحيين بشكل عام وانا اقول لكم بان حقوقكم هي في كردستان وليست في بغداد، فقلت له كيف هل لك ان توضح لنا ذلك، فقال ان مناطقكم جميعها تدخل ضمن ايطار حدود كردستان الطبيعية لان حدود كردستان تمتد الى جبال حمرين جنوباً، ولكن نظالنا في هذه المرحلة يقتصر على المحافظات المشمولة بالحكم الذاتي وفي مقدمتهم كركوك، واضاف قائلاً اننا نؤمن اشد الايمان بان قضيتنا لن تموت بالرغم من اننا الان نعيش اسوأ مرحلة في تاريخ الشعب الكردي ولكن لابدّ من الحصول على حقوقنا القومية كاملة والتي تتجسد الان في الحكم الذاتي الحقيقي للشعب الكردي، وثمة عوامل ايجابية عديدة ومنها محلية واقليمية ودولية والتي ستؤدي الى تحقيق اهدافنا القومية ان عاجلاً او آجلاً لان القضية الكردية لم تعد قضية محلية، انها تدخل في حسابات الدول الاقليمية والعالمية، واحدى تلك العوامل هو التناقض القائم بين الدول المجاورة والتي اغتصبت ارضنا وتنكرت لحقوقنا ( وفي تلك الفترة كان الصراع شديداً بين تركيا وسوريا ) وهذا التناقض يمكن استغلاله من اجل تعزيز نضال شعبنا وادامته، ونعرف جيداً ان طريقنا طويل وشاق، ولكن املنا كبير جداً في الوصول الى اهدافنا لان شعبنا كله يتبنى هذه القضية وبرغبة شديدة بالرغم من وجود الاف المسلحين الاكراد مع الحكومة العراقية ولكن يشكلون لنا احد المصادر في تعزيز القدرات القتالية واللوجستية للحركة الكردية ولاسيما الناحية المادية. كما لنا امل في الاتحاد السوفيتي بانه صاحب المصلحة الستراتيجية في دعم نضال الشعب الكردي في كافة اجزاء كردستان من اجل اقامة كيان سياسي موالي له يكون على حدود تركيا التي تضم اكبر قاعدة امريكية للحلف الاطلسي وهذا هو خيارنا الاخير من اجل الحصول على حقوقنا في اقامة دولتنا المستقلة في كردستان. وقلت له ماهي وجهة نظرك حول عملنا السياسي في الوقت الحاضر. فقال ان قضيتكم مرتبطة بشكل مباشر في صميم قضيتنا ولا يمكن الفصل بينهما، وعليه فعليكم العمل يداً بيد مع قيادتنا الحكيمة المتمثلة بالاخوين ادريس ومسعود البارزاني ويمكنكم الاعتماد عليهم في نيل حقوقكم ، وليس لكم خيار آخر واضاف قائلاً اذا حصل وان سافرت الى كردستان والتقيت مع أي من الاخوان ادريس او مسعود انقل لهم تحياتنا وقول لهم ان غازي الحاج ملو وعشيرته هم رهن اشارتكم في أي وقت وفي أي مكان لايداء واجبهم في الكفاح المسلح وتحت قيادتكم المخلصة. وهذا كل مالدي ان اقوله لك ( وفعلاً تم ايصال هذه الرسالة الى القيادة الكردية ) .
اما الشيخ تحسين لقد صرح فيما بعد اثناء تلك الجلسة بان اليزيدين هم فصيل كردي ولكن يختلفون عن الاكراد بالدين ونشترك معهم في اللغة والتاريخ والجغرافية وبعض العادات والتقاليد وايده في ذلك السيد غازي وابراهيم احمد وبعد مرور حوالي سبعة وعشرون عاماً على تلك المناسبة يظهر لنا جلياً بان حقوق شعبنا الكلداني الاشوري السرياني هي لدى اقليم كردستان وليست في بغداد، وحتى اذا رغبت بغداد في منحنا الحكم الذاتي ، فان حكومة الاقليم من حقها رفضه اذا كانت تعارض القوانين السائدة في الاقليم وحتى اذا لم تعارض تلك القوانين ولكن لا يوجد جهة معينة او قوة في العالم تستطيع فرض حقوقنا على حكومة الاقليم والاسباب واضحة ومعروفة للجميع اما اذا حكومة الاقليم منحت لنا حقوقنا في الحكم الذاتي ايضاً فلا يوجد اية جهة او قوة في العالم تستطيع منعنا من التمتع بحقوقنا القومية المشروعة وحتى حكومة بغداد فان تأثيرها معنوي فقط.
ان حكومة الاقليم هي السلطة الشرعية الوحيدة والمطلقة والتي تتصرف كما تشاء وفق ما تتطلبه مصلحة الاقليم ولها القوة المسلحة القادرة على بسط نفوذها وسيطرتها كافة انحاء المنطقة وهذا ما نشهده الان.
وبناء على ما ورد اعلاه فاننا نستطيع ان نقول ان حقوقنا في كردستان اولاً ومن ثم بغداد......

81
رسالة من السيد الحكيم إلى الزعماء الأكراد
داؤد برنو
قبل البدء في موضوع الرسالة لا بد من تسليط الضوء قليلاً على تلك المرحلة ليكون القارئ الكريم على بينة منها، في بداية عام 1980 كنت مقيماً في دمشق حيث قدمتُ من أميركا ممثلاً لحزب بيت نهرين الديمقراطي ومشاركاً في المعارضة السياسية لنظام الحكم في بغداد، كان حزبنا يعمل في إطار برنامج الثورة العراقية التي كانت تتألف من عدّة أحزاب بقيادة اللواء الركن حسن مصطفى النقيب وكان يرتكز عملنا على تبني مشروع الكفاح المسلح في شمال العراق، لتحقيق هذا الهدف تطلب منا السفر إلى إيران واللقاء مع القيادة الكردية للتنسيق معها والحصول على موافقتها للقيام بنشاط مسلح في كردستان العراق من قبل جميع الأحزاب العراقية المعارضة وللقيام بهذه المهمة راجعت السفارة الإيرانية في دمشق للحصول على فيزا فجاء الرفض سريعاً لكوني ضابط سابق بالجيش العراقي، كان لي صديق المقدم فيصل عبد الكريم الواسطي الذي كان يعمل في منظمة الضباط الأحرار حيث كان يرتبط بعلاقات جيدة مع السيد عامر الحلو الكوفي الذي كان ممثل السيد محمد باقر الحكيم في دمشق آنذاك وقمنا بزيارته في داره الواقعة في سوق الخضار وسط دمشق في الطابق الأرضي، لبى طلبنا حالاً واتصل تليفونياً بالسفارة الإيرانية وتحدث مطولاً مع مسئول في السفارة، كما زودوني برسالة شخصية من قبله إلى احد موظفي السفارة، وبنفس اليوم ذهبت إلى السفارة الإيرانية وحصلتُ على سمة الدخول (الفيزا) وسافرتُ إلى إيران بعد فترة قصيرة ولدى وجودي في طهران كنتُ دائماً أتردد إلى مؤسسة الصدر التي كانت تضم عدّة مكاتب للسيد محمد باقر الحكيم وكانت أسماء الأسرى العراقيين تعلق في لوحات داخل بناية المؤسسة كما كنا نحصل على معلومات عن أوضاع الأسرى وخاصة المسيحيين حيث كان يسمح للبعض منهم حضور قداس الأحد بالكنيسة برفقة عدد من الحراس من شرطة السجون وأصبحت تلك البناية فيما بعد مقر قيادة المجلس الإسلامي الأعلى للثورة الإسلامية في العراق، في عام 1982 ومن خلال كثرة التردد على البناية تعرفت على العديد من الأشخاص وأصبحوا بمثابة أصدقاء لي وكان منهم من منظمة العمل الإسلامي وحزب الدعوة، كنا دائماً نتحدث حول الأوضاع السياسية السائدة آنذاك، وفي تلك الأثناء تقدم إلي شخص وسألني هل أنت ممثل حزب بيت النهرين المسيحي؟، فقلت نعم أنا ممثل حزب بيت النهرين الديمقراطي الآشوري، فقال إن الشيخ أبو علي مسئول المكتب الإعلامي يقول تفضل عندي إلى المكتب عندما تنهي لقاءك فقلت له في الحقيقة إني أود أن ازور السيد محمد باقر الحكيم بعد الانتهاء من اللقاء سوف اذهب إلى الشيخ أبو علي، وحالاً صعدت إلى الطابق الثاني وتحدثت مع السكرتير السيد أبو حيدر حول رغبتي الشديدة في مقابلة السيد الحكيم وتم التعارف بيننا كضباط سابقين في الجيش العراقي مما سهل مهمتي كثيراً، دخل أبو حيدر إلى غرفة السيد وطلب منه الموافقة على الزيارة لكوني لم أكن من ضمن جدول الزيارات وبعد قليل خرج أبو حيدر وأعطاني موعد (بعد ساعة)، بقيتُ مع أبو حيدر إلى أن خرج بعض الزوار من غرفة السيد ودخلتُ إلى غرفة كبيرة خالية من المقاعد تكسوها زوالي كاشان وتبريز الغالية وتم الجلوس على الأرض، استقبلني باحترام ثم قام بعرض العلاقات الشيعية مع المسيحيين في العراق وتطرق إلى العلاقة الشخصية التي كانت تربط المرحوم والده آية الله العظمى السيد محسن الحكيم مع رجال الدين المسيحيين في مقدمتهم المثلث الرحمة البطريرك مار بولص الثاني شيخو فعندما عرف إني ابن خاله سألني هل هو الذي أرسلك إلي فقلت له كلا انه لا يتدخل بالسياسة منذ استلامه رئاسة الكنيسة الكلدانية عام 1959 ولحد الآن لم يكن له أي موقف سياسي في جميع العهود وأضاف قائلاً إن البطريرك شارك في تشييع والده وان صور البطريرك مع والده يحتفظ بها في داره بالنجف ثم تطرقنا إلى الكثير من القضايا لا مجال هنا لذكرها وكان عدد من أعضاء القيادة حاضرين معه في الغرفة ومنهم السيد محمود الهاشمي الذي كان رئيس المجلس الإسلامي الأعلى وكذلك الشيخ أبو علي وهو من أهل تلعفر والسيد أبو مهدي السامرائي وآخرون لم أتعرف على أسمائهم، بعد انتهاء الزيارة طلب مني أن أسجل اعتراف حزبنا بالتشكيل الجديد للمجلس ثم اصطحبني الشيخ أبو علي إلى مكتبه في الطابق الأرضي وأجرى معي مقابلة حيّة في البث المباشر من إذاعة المجلس وقبل أن أغادر مكتب السيد الحكيم سألني هل ستذهب وتلتقي مع القيادة الكردية السيدان إدريس ومسعود البارزاني فقلت له نعم أنا هنا في إيران لهذا الغرض ولقد سبق أن زرتهم قبل سنة من الآن في مقر المكتب السياسي للحزب الديمقراطي الكردستاني في قرية راجان محافظة أورمية فقال لي انقل لهم رسالتي الشفهية وقل لهم نحن لا زلنا ننتظر منهم الاعتراف بتشكيل المجلس الأعلى الإسلامي للثورة العراقية وان هذا المجلس يضم أكثر من عشرة منظمات وأحزاب سياسية شيعية عراقية وهو الممثل الشرعي والوحيد في العراق وإننا نجهل سبب عدم اعترافهم بنا ولم نسمع منهم شيئاً بينما معظم الأحزاب والمنظمات السياسية في المعارضة العراقية أرسلوا لنا برقياتهم وممثليهم للتهنئة بهذا التشكيل السياسي الجديد وابلغهم إذا لم يعترفوا (بالمجلس) فالمسالة ستنعكس عليهم وانتهت هذه الرسالة وبعدها غادرت المكان إلى مدينة العظيمية الواقعة شمال غرب طهران وتبعد مسافة ستون كيلو متراً عن طهران حيث مكثتُ هناك اسبوع ومن ثم سافرت إلى أورمية وبعدها إلى قرية راجان الواقعة في قضاء اشنوة المجاور للحدود العراقية في منظمة كللّة شين فوصلت القرية الساعة الرابعة مساء وحالا توجهت إلى مكتب سكرتير الحزب السيد علي عبد الله وسألته إن كان بالإمكان مقابلة السيد إدريس أو مسعود البارزاني فرد عليّ قائلاً إن اجتماع اللجنة المركزية للحزب انتهى قبل نصف ساعة وان الأخوين إدريس ومسعود بحاجة إلى راحة يمكنك أن تراجعنا غداً وسوف احدد لك موعد للمقابلة، حملتُ حقيبتي وذهبتُ إلى إحدى الغرف المخصصة لي للإقامة فيها وكان المكتب السياسي في بناية لمدرسة تضم العديد من الغرف، وأنا في طريقي إلى الغرفة صادفت السيد محمد سعيد الدوسكي (عضو اللجنة المركزية) القادم من واشنطن لحضور هذا الاجتماع ومعه السيد المقدم الركن عزيز عقراوي (عضو مكتب سياسي سابق للحزب الديمقراطي الكردستاني) وارتبط بكليهما بعلاقة صداقة جيدة، وبعد المصافحة سألني الدوسكي لماذا ذهبت إلى غرفة كاكا علي سكرتير الحزب فأجبته لأني طلبت منه مقابلة احد الأخوين إدريس أو مسعود فقال لي لا مجال لذلك اليوم عليك أن تراجع غداً وأعلمته أيضاً إنني مكلف بإيصال رسالة من السيد الحكيم إلى الأخوين إدريس ومسعود، فغضب السيد الدوسكي بسبب امتناع السيد علي وقال لي تفضل معي الآن فرافقته إلى غرفة المكتب السياسي وطلب مني الانتظار للحظات، دخل إلى غرفة المكتب وبعد لحظات خرج وقال لي تفضل ادخل فدخلتُ لغرفة المكتب وكان الزعيمان إدريس ومسعود وعدد من أعضاء المكتب السياسي داخل المكتب فنقلت الرسالة لهم بحذافيرها فغضب كاكا مسعود وقال لي متى ستعود إلى طهران وهل ستذهب وتزور السيد؟؟، قلت له نعم بعد أسبوعين سأعود إلى طهران وأقابل السيد فقال لي قل له يقول مسعود البارزاني عليك أن تعرف مصلحة من هي ومع من، هل نحن بحاجه لهم أم هم بحاجة لنا فلتنعكس العلاقة وسنرى من الذي سيخسر نحن لا يهمنا ذلك لان الإيرانيون بحاجة لنا وليس العكس، موقفنا ثابت لا يتزعزع ولا يخضع لضغوط وإرادة الآخرين فعليهم أن يستوعبوا موقفنا جيداً ولا احد يمكن أن يملي علينا موقفاً ما وعليهم أن لا يطلقوا التهديدات هنا وهناك، بعدها غادرتُ الغرفة والتحقت مع الأصدقاء الدوسكي والعقراوي، وفي اليوم الثاني قابلتُ السيد مسعود وعرضتُ له نشاط حزبنا والجهود التي نبذلها من اجل الحصول على السلاح من المصادر في سوريا ولا سيما من خلال الثورة العراقية بقيادة اللواء حسن النقيب، وطلبت منه أن يجهزنا بالسلاح فقال لي هل تلاحظ البيشمركة الذين في حمايتي فان أكثر من نصفهم بدون سلاح، نحن مستعدون لنساعدكم بأمور أخرى ولقد أرسلنا تعليمات إلى فرعنا في بهدينان للقيام بهذا الواجب لأنكم قوة حليفة لنا، وبعد يومين سافرتُ إلى مجمع زيوة للاجئين الأكراد وفيه أيضاً مقر حزبنا يضم عشرات الشباب الملتحقين من داخل المدن العراقية كما كان لنا مقر آخر في القامشلي في سوريا يضم أيضاً العشرات من الشباب وكان العديد منهم ينتظرون في القرى المحررة في كردستان قدومنا إلى المنطقة لكن قضية السلاح شكلت عقبة رئيسية في طريقنا وظل السبب الرئيسي في عدم مشاركتنا في الكفاح المسلح في كردستان العراق، وفي اليوم الثاني من وجودي في مجمع زيوة حيث كنت ضيفاً لدى السيد آيو خوشابا وكان هو مسئول مستودع الأرزاق للاجئين الأكراد في زيوة وممثلاً عند القيادة الكردية، وفي مساء ذلك اليوم زار المجمع السيد إدريس البارزاني والتقيت معه هناك وسألني متى ستذهب إلى طهران، أجبته بعد عشرة أيام فقال إنني سأذهب قريباً جداً إلى العظيمية (وهي محل إقامته الدائمية) وسوف أتبنى موضوع السيد الحكيم أنا بنفسي فلا داعي لتخبره بما قاله لك أخي مسعود وان ممثلنا في طهران الدكتور شوكت عقراوي لم يخبرنا بشيء من هذا القبيل ثم تفقد السيد إدريس المستودعات يرافقه ممثل من منظمة الصليب الأحمر الدولية للاطلاع على سير العمل في هذه المستودعات، وبعد الانتهاء ذهبنا إلى دار السيد آيو خوشابا لشرب الشاي وتحدثنا حول الكثير من القضايا التي تهم المعارضة العراقية في سوريا وكانت المعارضة العراقية منقسمة إلى أكثر من أربع جهات وتضم أكثر من ثلاثون حزباً ومنظمة سياسية ومنهم جبهة (جود) و(جوقد) والثورة العراقية والمجلس الإسلامي الأعلى بالإضافة إلى الأحزاب والمنظمات التي لم تكن ضمن هذا الإطار، وكانت علاقتي الشخصية مع السيد إدريس جيدة جداً والتقيت معه في مناسبات عديدة في أميركا وسوريا وإيران ولمرات عديدة خاصة في مجلس الشيخ محمد خالد البارزاني حيث كنت أتردد إلى مجلس الشيخ يومياً من الساعة العاشرة صباحاً حتى الحادية عشر والنصف صباحاً وكان السيد إدريس يحضر المجلس في بعض الأحيان وكنت أحظى باحترام الشيخ محمد خالد كثيرا طيب الله ثراه وعلى كل حال إنني أراقب الأوضاع السياسية منذ ذلك الحين أي منذ بداية عام 1982 بعد أن تم تشكيل المجلس الأعلى للشيعة في إيران والى يومنا هذا فان علاقة القيادة الكردية لم تكن مستقره مع المجلس وإنها علاقة تكتيكية مؤقتة وان مصلحة الأكراد الإستراتيجية لم تكن مع المجلس الإسلامي الشيعي في الماضي ولن تكن في المستقبل لان النظرية السياسية التي يستنيرون بها أحزاب المجلس هي تحقيق نظام ولاية الفقيه التي لا يوجد فيها نظام سياسي أي كان فيدرالي أو حكم ذاتي أو كون فدرالي، انه نظام شبيه بنظام طالبان في أفغانستان ولا يوجد فيه أي إشارة قومية ولا يعترفون بها والنموذج الإيراني خير دليل على ذلك ولقد شاهدنا المحافظات الجنوبية وخاصة البصرة والعمارة لولا العمليات العسكرية التي حصلت فيها لكانت ولاية الفقيه وقد قطعت شوطاً في التطبيق ولكن الظروف المحلية والإقليمية والدولية لم تساعد على ذلك في الوقت الحاضر لكن البنية الثقافية التحتية مهيأة لتطبيق ذلك وان مدينة النجف وكربلاء تضم مئات المدارس الدينية لكل الأحزاب المشاركة في جبهة الائتلاف الشيعي الموحد ونتمنى منهم أن يهتموا في بناء الإنسان الشيعي وتقديم الخدمات للمواطنين لبناء عراق ديمقراطي موحد تسوده الحرية والعدالة والمساواة للجميع.

82
نطالب ممثلي شعبنا تعليق مشاركتهم في الحكومة والبرلمان العراقي
بقلم داؤد برنو
ان الظروف التي نواجهها الآن لم تفاجئنا ولم تأتي بمحض الصدفة انما هذا ما كنا نتوقعه لابل اكثر من هذا بسبب القائمين في حكومة المالكي وما يتصفون به من العنصرية المقيتة والطائفية التي بلغت اعلى مراحلها والتي تجسدت اخيراً وليس آخراً في حرمان ممثلي شعبنا (الكلداني الآشوري السرياني) من المشاركة في هيئة الانتخابات الجديدة، واننا نعرف جيداً الخلفية الثقافية والطائفية لهؤلاء، ومن يراقبهم يصيب بحيرة كبيرة وباحباط اكبر لمستقبلنا المنتظر لا سيما فيما يطلقون من تصريحات مفتقرة الى المصداقية والجدية ولا تمد الى الواقع السياسي القائم بأي صلة، انه مجرد كلام انشائي فارغ ومكرر ولا يخفى عن المواطن العادي، ومنذ سقوط النظام والى يومنا هذا والتصريحات تتوالى دون توقف ودون خجل وعلى سبيل المثال تصريح المالكي باكثر من مناسبة بانه سيجرّد الميليشيات من سلاحها مردداً هذا الخطاب في معظم المناسبات واللقاءات ومنذ اكثر من ستة اشهر، وكذلك بالنسبة الى المصالحة الوطنية والتعديل الوزاري ...... الخ، انها تصريحات تذهب مع الريح وهو يراهن على الزمن فقط من خلال هذه التصريحات لحين تثبيت سلطته التي تعتمد على الميليشيات فمعظمها متغلغلة في قوات وزارة الداخلية وبعض الوحدات من وزارة الدفاع وقوات المغاوير، واذا اراد القيام بأي عمل يعارض سلطة الميليشيات فإن قيادة حزبه لا توافق على ذلك وهو ايضاً لا يجرؤ القيام بذلك لان هذا يخالف توجّهات حزب الدعوة الاسلامي الذي يمثله والدليل على ذلك نشير الى المقابلة التي اجرتها قناة العربية بتاريخ 8/12/2006 مع رئيس حزب الدعوة الاسلامي الدكتور ابراهيم الجعفري وهو المرشد الاعلى لهذا الحزب والذي ينتمي اليه نوري المالكي، يصف المالكي السيد مقتدى الصدر زعيم جيش المهدي (بانه من عائلة دينية عريقة وهو شخصياً يحبه ويحترمه ومتأثر بشجاعته ومواقفه الوطنية وتياره السياسي الذي يطغي على الشارع العراقي بالرغم من انني لم اراه ولم التقي به ابداً) وتذكرت هنا قول الشاعر الجاحظ (الاذن تعشق قبل العين احياناً) وهذا ما ينطبق على الجعفري ويضيف قائلاً انه يدعم هذا التيار لوجوده الدائم في الشارع العراقي ولا نعرف ماذا يقصد بالشارع هل يعني جماهيريته ام نشاطه الارهابي في الشارع العراقي الذي اصبح بديلاً عن المؤسسات الحكومية في الكثير من مناطق بغداد وفي المحافظات الجنوبية حيث يمتلك كل مقومات الحكومة فله جيشه الخاص ومحاكمه الخاصة ومؤسسة دينية واسعة لها مدارسها الخاصة ناشرة الثقافة الدينية المبنية على كراهية الآخرين وعلى نظام ولاية الفقيه وانهم يسيطرون على معظم الجوامع والحسينيات الشيعية في بغداد ولا سيما في جانب الرصافة، وله دعم ايراني مادي وعسكري وفي كافة المجالات وان ميزانية ضخمة من الاموال ترصد سنوياً لهذا الجيش ومنتسبيه وشهدائه وهناك خبراء ايرانيون يعملون كل ما بوسعهم من اجل تطوير جيش المهدي وتعزيز قواته العسكرية ليصبح بمستوى قوات حزب الله في جنوب لبنان، ومن يتابع قراءة ما ينشر في الصحف العراقية يلاحظ ان قوات المهدي تقيم يومياً عشرات من نقاط التفتيش (السيطرة) الوهمية في بغداد وعلى الطرق الخارجية منها والمحافظات لخطف وقتل خصومهم من السنة وغيرهم، كذلك هذه الممارسات يقوم بها فيلق بدر التابع الى المجلس الاعلى للسيد عبد العزيز الحكيم لكن بشكل محدود واكثر دقّة وتنظيم مستهدفين رموز النظام السابق والكفاءات في هذا البلد خاصة في منطقة الكرادة والجادرية بسبب اختفاء الكثير من اساتذة الجامعة في هذه المنطقة، لكن كلا التنظيمين يتلقى اوامره وسياقات عمله من المخابرات الايرانية التي تسمى (اطلاعات) وهذا الجهاز له مكاتب في معظم انحاء العراق وتحت مسميات منظمات انسانية وخيرية وجمعيات اغاثة وغيرها من الاسماء، لقد شاهدنا وتابعنا الاحداث التي حينما يختلف مدير شرطة المحافظة مع الهيمنة الايرانية في تلك المحافظة كيف تحصل الاصطدامات بين ميليشيا جيش المهدي وقوات الشرطة وهذا ما حصل في كل من البصرة والسماوة والناصرية والكوت والعمارة والديوانية وكربلاء وبغداد، ان جيش المهدي يقاتل الشرطة ولا يعرف ماهو السبب انما عليه تنفيذ الاوامر فقط وبعد القتال يعرف السبب وهذا ما يظهر بشكل علني للجماهير، اما الاعمال السرية التي ينفذها جيش المهدي من خطف واغتيال واغتصاب وتصفية جسدية كلها اعمال معروفة للجميع وان نشاط هذين التنظيمين مرهون بعلاقة اميركا مع ايران، انهم غير معنيين بالوضع السياسي والامني داخل العراق، وهنا اوجه سؤالي وسؤال العراقيين الى الجعفري اين هي وطنية هذا التيار الذي يعتبره قدوة للآخرين وهو الذي يؤيده ويدعمه من دون ان يوضح لنا كيف ذلك فكيف يستطيع المالكي ان يجرّد هذا الجيش الجرار (جيش المهدي) من سلاحه وهو موجود في معظم انحاء العراق ومنتشر في كل مفاصل الدولة، وهل يجوز ان يخالف سيده الجعفري في هذا الجانب؟، لا اعتقد انه يجرؤ القيام بهذا الاجراء بشكل عملي وباشراف المختصين من ضباط الجيش العراقي، لانه لا يوجد من فيهم يتفهم مصلحة وطننا وشعبنا العراقي، ان الفجوة بينهم وبين الشعب تزداد يوماً بعد يوم وانهم يدفعون بهذا البلد الى الهاوية بسبب مصالحهم الطائفية والمذهبية ولم يعيروا ايّ اهمية لاي جهة كانت طالما انهم يعيشون في فردوس الميليشيات، اما تصريحات رئيس مؤسسة الاعلام العراقية الرسمية السيد صادق الموسوي فهي كثيرة ومثيرة للجدل ونقتطف منها تصريحه الى اذاعة لندن بتاريخ 12/4/2007 ونصه (ان قوات التحالف تتعاون مع بعض الارهابيين وهم شاركوا معهم في إعداد هذه التفجيرات التي ضربت البرلمان العراقي)، هل يوجد عاقل واحد يصدّق هذه التصريحات والتي لم تأتي بأي دليل يثبت ذلك؟، بينما معظم القنوات الاعلامية ذكرت ان الانفجار حصل بعد استلام المسؤولية الامنية لبناية البرلمان من قبل القوات العراقية، كما ان منظمة القاعدة اعلنت مباشرة عن مسؤوليتها الكاملة عن هذا الانفجار، كذلك الحكومة العراقية اعلنت ان هناك اختراق امني في صفوف عناصر حماية اعضاء البرلمان، كل هذه الدلائل تشير على ان قوات التحالف لا علاقة لها بهذا الحادث بينما الموسوي يصر على رأيه ومعه الاعلام الايراني الذي غرّد معه، وربما تصريحه هذا يؤدي الى رفع سقف الفاتورة التي تدفعها المخابرات الايرانية (اطلاعات) له، ومع هذا لا نعلم هل المالكي يعلم بهذه التصريحات ام لا وفي كلا الحالتين مصيبة بالغة، واذا كانوا هؤلاء يمثّلون موقف الحكومة فما الذي ننتظره من رئيسهم المالكي فهو لن يكون افضل منهم والذين يراهنون عليه وعلى حكومته انهم مخطئين ويرتكبون جريمة بحق هذا الوطن ويتوجب عليهم الانسحاب مبكراً من هذه الحكومة التي لا تراعي مصالح ابناء شعبها باستثناء السائرون في ركبه لكي لا يتحملوا المسؤولية التاريخية ، وان اصدار البيان هنا لا يكفي ولا يفي ابداً بل يجب اتخاذ خطوات فعلية للدفاع عن حقوق شعبنا التي تنص عليها القوانين وميثاق الامم المتحدة والدستور العراقي الجديد باستثناء حكومة المالكي التي لا تعترف بكل هذه الشرائع والتي لم تعد تتحكم في خطابها السياسي ومتجاهلة لوجودنا في هذا الوطن وكل ما جاء في دستورهم باطل لا قيمة له لانه لغرض الدعاية فقط، ان جميع المصادر والمعطيات تؤكد بأن الحكومة الايرانية واجهزتها الامنية تدير اللعبة السياسية في العراق منذ سقوط النظام والى يومنا هذا مركّزة لجهودها على تقسيم الادوار بين الفعاليات والمرجعيات الدينية والسياسية بدأً بالسيد علي السيستاني والسيد عبد العزيز الحكيم والسيد مقتدى الصدر وبعض من آيات الله بالاضافة الى آخرين اعضاء في البرلمان العراقي، والآن اخترعوا لعبة جديدة مدّعين بأن المجلس الاعلى مرجعيته هي السيستاني وليس آية الله الخامني وانهم لا يطبّقون في منهجهم الديني نظام ولاية الفقيه وهذا ايضاً منافي للواقع الذي نعيشه حيث انهم يطبّقون نظام ولايه الفقيه منذ اليوم الاول لسقوط النظام في العراق دون الاعلان عن ذلك ونلاحظ كيف ان الحكومة لا تستطيع اتخاذ اي قرار مهم إلا بعد استشارة المرجعية او المرجعيات في النجف.
ان كل من عاش في ايران اثناء الحرب العراقية الايرانية يعرف جيداً كم هو تأثير ايران على هذه الطبقة السياسية من الذين عاشوا اكثر من ربع قرن في ايران ومعظمهم نسائهم ايرانيات وبناتهم تزوجوا من الايرانيين وتكوّن مجتمع متداخل له تداعياته على الوضع السياسي في العراق، اننا نعرف هذه الحقيقة وهم يعرفوها ايضاً وجميعهم من صنع ايران باستثناء منظمة حزب الدعوة الاسلامي والتي فيما بعد تراصفت مع سياسة ايران تجاه العراق، والآن جميعهم تبعية سياسية ودينية لايران ما عدا حزب الفضيلة الذي رفض الهيمنة الايرانية عليه وعلى مرجعيته آية الله محمد اليعقوبي وان معظم المرجعيات الدينية الشيعية في العراق تستمد سلطتها من الحوزة الدينية الايرانية في مدينة (قم) التي يسكنها آية الله العظمى كاظم الحائري والذي يعتبر مرجعية التيار الصدري وهو ايراني الجنسية، لقد صرفت الحكومة الايرانية ملايين الدولارات على تشكيل فيلق بدر منذ بداية الثمانينيات وكان معظم قادة هذا التشكيل العسكري ضباط ايرانيون ورجال دين ومنهم آية الله محمد الهاشمي، اما منتسبيه كانوا جنود هاربين من الجيش العراقي وبعضهم كانوا من تم اسرهم اثناء القتال او من سلّم نفسه وسلاحه الى الجيش الايراني، اما جيش المهدي (ميليشيا المهدي) تم تشكيلها منذ اواسط عام 2003 في مدينة الصدر وكانت النواة لهذا الجيش هم أإمة المساجد والحسينيات ومساعديهم واقاربهم ثم شمل معظم ابناء الشيعة بسبب الرواتب والمكافآة والحواسم التي يحصلون عليها وتوسع هذا الجيش ليشمل معظم المحافظات، وحصل على تأييد كبير من الاوساط الشعبية الشيعية وخاصة الطبقة الفقيرة في هذا المجتمع، كذلك حظي بتأييد بعض رجال الدين الشيعة وفي مقدمتهم السيستاني حيث صرّح مقتدى الصدر بعد احداث النجف عام 2004 التي حصلت مع حكومة اياد علاوي وكان للسيستاني دور رئيسي في انهائها قائلاً ( لقد سألت السيد السيستاني اذا اراد ان افكك جيش المهدي فقال لي كلا ان بقائه ضروري ولم يطلب مني ذلك وكذلك المرجعيات الدينية الاخرى وعلى هذا الاساس نحن ملتزمين بهذا الجيش ونعمل على تطويره وتعزيز قدراته القتالية وانه يعجّل في مجيء الامام المهدي المنتظر)، بينما البعض الآخر يعتقد ان خلق الفوضى في منطقة يؤدي الى ظهور الامام المهدي ومنهم الرئيس الايراني احمد نجاتي وكلا النظريتين تعتمد على فلسفة الفيلسوف ميكافيلي في ظهور المهدي والتي تقول (ان الغاية تبرر الوسيلة) حيث انهم يرتكبون ابشع الجرائم بحق الشعوب ولكن يبررون ذلك بأن كل شيء هو من اجل ظهور المهدي وهذا ما نسمعه ونلتمسه من رجال الدين الشيعة ولا سيما في مدينة الصدر حيث نشاهدهم في الكثير من المناسبات وهم يعلنون عن هدفهم السامي وهو إقامة نظام (ولاية الفقيه) من اجل ظهور الامام الثاني عشر المهدي المنتظر، والكثير من الشيعة يضعون الآمال على جيش المهدي في تحقيق هذه الامنية كما ان المخابرات الايرانية اسست اجنحة عديدة ترتبط بعضها بجيش المهدي والبعض الآخر يرتبط بها مباشرة ولا يعرف مقتدى الصدر منها شيء، وكم هي هذه التشكيلات وما هي مهامها وعلى سبيل المثال نذكر قسماً منها والتي لها تأثير مباشر على الحياة اليومية في مناطق كثيرة من بغداد وخاصة جانب الرصافة ومنها اللجان الشرعية التي تضم رجال الدين ولجان المتابعة ولجان الاشراف ولجان المراقبة ولجان التدقيق والمستشارون والمجاميع وافواج الطواريء التي تسمى فرق الموت لان اختصاصها هو التصفية الجسدية للاعداء والخصوم بالاضافة الى القتل والخطف والسرقة والمصادرة والاستيلاء على ممتلكات الآخرين بالاضافة الى التشكيلات المدنية ومنها ديوان العشائر وديوان الحوزة الدينية وهناك ايضاً تشكيلات اخرى ترتبط مع مكتب الصدر في النجف مباشرة وتسمى الاشراف الخاص والمجاميع الخاصة والحرس الخاص وهي تعمل في بغداد وجميع هذه التشكيلات لها إدارة ذاتية مستقلة ليس لها اي تنسيق فيما بينها والكل يعمل وفق برنامجه الذي يختلف في سياقاته واهدافه عن الآخر وجميعها يشرف عليها جهاز المخابرات الايراني المسمى (إطلاعات) وهناك مجموعة المهمات الخاصة التي مهمتها تصفية الكوادر والكفاءات العراقية وكبار الضباط وفي مقدمتهم الطيارون، ان هذه الحقائق ترسّخت في اذهان العراقيين من خلال الواقع الذي نعيشه ولا سيما في بغداد بالاضافة الى المكاتب السياسية المنتشرة في معظم انحاء العراق التي تقوم مقام الشرطة والمحاكم العراقية الحكومية، ان هذه التشكيلات معظمها لها امتدادات في اجهزة الدولة الرسمية والحكومية ولها نفس المميزات التي يتمتع بها قوات الشرطة والجيش العراقي حيث يستخدمون الاسلحة الحكومية والملابس والهويات والعجلات باسم الحكومة لكن لهم امكانيات افضل كما ان هناك منظمات المجتمع المدني وعددها بالمئات وتحت اشراف المخابرات الايرانية (إطلاعات) وتحمل اسماء جميلة مثل جمعيات الاغاثة والجمعيات الخيرية وقسم منها تحت اسماء الائمة ورجال الدين وفي مقدمتهم جمعية شهيد المحراب التابعة الى عائلة عبد العزيز الحكيم وهي مؤسسة كبيرة جداً تعتبر دولة داخل دولة لما لها من امكانيات وهي مختصّة في تسويق النفط العراقي الى الموانيء الايرانية لكن ريعه لمؤسسة شهيد المحراب لدعم صندوق الشهداء فيها، انها مافيا لانها فوق القانون والنظام، ان ايران لم ولن تتخلى عن اطماعها في العراق ابداً وان الذي يعتقد غير ذلك هو انسان ساذج وغير مدرك للتاريخ ولما يدور حولنا من احداث لان المعطيات كلها تبرهن على ذلك منذ حملة الانتخابات التي جرت في نهاية عام 2005 والتي بذل الاعلام الايراني كل جهوده من اجل فوز الفريق الذي يدعمه وكأن الانتخابات كانت تجري لانتخاب رئيس بلدية طهران، اما الرئيس الايراني الاسبق رفسنجاني صرّح بعد فرز نتائج الانتخابات في بغداد قائلاً ( اننا انتصرنا وان ايران انتصرت وان سياسة ايران في العراق نجحت ولم يقل ان اصدقائنا في العراق انتصروا وهذا دليل آخر على ان القيادة الحالية هي جزء لا يتجزء من النظام الايراني ولا يمكنهم ان يكونوا غير ذلك، ان التاثير الايراني قد ارسى دعائمه في هذه التنظيمات السياسية والدينية ومنذ زمن بعيد ولن يفلت احداً من سيطرتهم ونفوذهم وشاهدنا قبل فترة عندما حاول حزب الفضيلة ان يرفض الهيمنة الايرانية ماذا حصل لهذا الحزب وكيف ان محافظ البصرة المنتسب الى حزب الفضيلة تعرّض الى عدّة محاولات لاغتياله وتم اغتيال عدد من جماعته واعتقد انه الآن مختفي عن الانظار والى الآن فإن الوضع الامني في البصرة غير مستقر ولم تستطع الحكومة العراقية اتخاذ اي اجراء لحل هذه المشكلة لا بل طلبت من السفير الايراني في بغداد التدخل لعودة الاستقرار الى البصرة، وصرّح محافظ البصرة قائلاً ان مشكلتي هي مع ايران وعملاءها وليست مع التيار الصدري او المجلس البلدي وان الرجل الاول لايران في العراق هو عبد العزيز الحكيم رئيس المجلس الاسلامي وهو الذي حرّض وشجّع هذه المظاهرات لتطالب باقالتي من هذا المنصب لانني لم امثل لصالح ايران في البصرة وهذا الذي يريدونه ويعملون من اجله كما ان حزب الفضيلة خرج من الجبهة السياسية التي تقودها ايران، وان العراق الآن محكوم من قبل المرجعيات في النجف وانهم يتّبعون المرجعية الدينية في مدينة قم الايرانية والتي يتحكم بها آية الله الخامني الذي انيطت به ولاية الفقيه في ايران، هذه هي الحقيقة المرّة التي نعيشها ونعاني منها وان القادة الايرانيين لهم تجربة غنية بالارهاب الدولي يعملون في هذا المجال منذ عشرات السنين ولهم خبرات تفوق التصور والدليل على ذلك عندمل تقوم المخابرات الايرانية بعملية ارهابية في دولة ما فإن سلطة التحقيق في تلك الدولة تحتاج الى ما لا يقل عن عشرة سنوات من الزمن لمعرفة بعض خيوط تلك الجريمة وهذا ما اثبتته الوقائع عندما فجِّر المركز اليهودي في دولة الارجنتين قبل عشرون عاماً تقريباً، وعندما فجرت ليبيا طائرة اميركية فوق لوكربي قبل اكثر من عشرون عاماً، ان امكانياتهم واساليبهم وثقافتهم الارهابية تطوّرت بسرعة لا مثيل لها في العالم وكل من عاش في ايران يعرف هذه الحقيقة، انهم يعملون بشتى الوسائل لاقامة كيانات ارهابية في العالم وهذا من صميم اهدافهم التي عمل من اجلها الامام الخميني ودعوته الى الشعب الايراني لتصدير الثورة الايرانية الى الخارج وتحقيق هذا الهدف في لبنان بقيادة حزب الله الشيعي، لقد كان العراق الهدف الاول في سياسة الخميني لكنه توفي قبل تحقيق ذلك فطالب القيادة الايرانية العمل من اجل تحقيق هذا الهدف، وهنا اريد ان اشير الى ظاهرة صادفتني عندما كنت معارض سياسي في ايران ضد النظام في بغداد عام 1981 (كنت في طهران وكنا دائماً نذهب الى مؤسسة الصدر التي فيها مقر المجلس الاعلى للثورة الاسلامية في العراق وكان في ذلك الوقت رئيس هذا المجلس السيد محمود الهاشمي الايراني الجنسية، كانت تعرض اسماء الاسرى العراقيين في لوحات داخل هذه البناية، تعرّفت على شخص اسمه حسين النجفي وتطوّرت علاقتنا الى درجة ممتازة وفجأة تغيب حسين عن هذا المكان وبعد سنة التقيت به بنفس المكان وبعد الترحاب الحار سألته عن سبب غيابه فقال لي اني دخلت مدرسة حزبية ودينية خاصة مع حزب الله الايراني وتخرجنا منها اكثر من مائة عضو وكلفوا بمهمة الانخراط بالتنظيمات السياسية العراقية من دون ان يعرف احداً بها، يتسللون الى المراكز القيادية في هذه التنظيمات من خلال الدعم المادي الذي يمنح لهم حيث يمكنهم تسخير اي عضو قيادي لمصلحتهم من خلال اموالهم ... الخ، وان ارتباطهم مباشرة بمكتب نائب الرئيس الايراني للشؤون الامنية آنذاك حجة الاسلام حسن حبيبي، ومنذ ذلك الوقت كانت سياسة ايران التوسعية تخطط للاستحواذ على التنظيمات السياسية في العراق)، وسألت حسين في اي من التنظيمات السياسية ستنخرط فقال لي هم الذين يقررون ذلك ولحد الآن نحن في مرحلة التطبيق ونحضر محاضرات في احدى الكليات الخاصة بالامن القومي الايراني، ان ايران قامت بتاسيس جيش المهدي على غرار جيش حزب الله في لبنان الذي يهيمن على الدولة اللبنانية وسياداتها ولولا المجتمع الدولي وخاصة فرنسا واميركا لكانت لبنان الان دولة شيعية ملحقة بايران حسب نظرية الامام الخميني الذي وضع اولوياته الاستراتيجية هي تصدير الثورة الايرانية الى الخارج، والآن عندما ننتقد التيار الصدري او فيلق بدر او تجمع علماء الشيعة او حركات حزب الله وآخرين مرتبطين عضوياً بايران يقولون لنا انهم لم يرتكبوا خطأ في اعمالهم وسياساتهم وكل ما يقومون به هو تطبيق منهجهم السياسي والديني الذي ينص عليه دستورهم ومنهاجهم ونظامهم الداخلي، ان ما نقوم به هو تحقيق لاهدافنا وهو عمل مشروع حسب الفتاوى التي تصدرها المرجعية الدينية لنا وجميعهم يعتبرون المرجعية الدينية اعلى سلطة في ذلك التنظيم وفي مقدمة اهدافهم هو (الدين، المذهب، الولاية) اي تطبيق الشريعة الاسلامية وفق المذهب الشيعي بموجب نظام ولاية الفقيه وهذا ما ينص عليه مشروعهم السياسي جميعهم باستثناء حزب الفضيلة في الوقت الحاضر ويمكن لاي حزب اسلامي ان يغير هدفه ويجعل ولاية الفقيه من اولوياته ولكن نحن لا نعترض عليهم ابداً انهم احرار فيما يختارونه لمستقبلهم وبما يؤمنون به وما يحقق مصالحهم لكن ليس على حساب مصالح الآخرين الذين هم شركائهم في هذا الوطن، ان استغرابنا هو من مواقف رئيس الوزراء الذي ادى اليمين الدستوري امام الله وامام البرلمان والشعب العراقي بأن يطبّق الدستور بحذافيره وعاهد الله والشعب لخدمة هذا الوطن في حماية مواطنيه وارضه ومياهه واجواءه وثرواته..... الخ، يا ترى اين هي هذه الخدمة وما حقق من يمينه فنقولها بصراحة انه هو المشكلة بذاتها وليس غيره وكل الاسباب والمبررات التي يصرّح بها هي خالية من الصحّة فبالصلاحيات الممنوحة له يستطيع ان يقوم بكل شيء يساعد على تحسين الاوضاع الامنية والاقتصادية في هذا البلد لكن ما يظهر لنا انه مقيّد وهناك جهة تسيطر عليه وعلى قراراته وانه لا يصلح لهذه المرحلة ولا لهذا المنصب وان مواقفه الضعيفة هذه تزيد من اعمال الارهاب في هذا البلد، اما خطابه السياسي فهو في واديٍ آخر تماماً لا يمس الواقع ابداً الذي تجلى بضحاياه الكثيرون مما يؤكد لدينا انه فقد مشاعره وتلاشت انسانيته، علماً انني عندما اذكر بأن هؤلاء هم تبعية سياسية ودينية لايران لا اقصد جميع الشيعة العراقيين لا بل اقصد القلّة من الشيعة الذين بيدهم زمام الامور وانني اكنُّ الاحترام الشديد لمعظم شيعة العراق والذين ينتسب اليهم خيرة المناضلين من ابناء الشعب العراقي وهم الاغلبية الذين لا يؤمنون بسياسة ايران وبعقيداتها (ولاية الفقيه) لا بل اكثر من ذلك ان المثقفين فيهم يختلفون مع النظام في ايران ومنهم السيد اياد جمال الدين النائب عن القائمة العراقية بالرغم من انه تعرض الى محاولات اغتيال من قبل المخابرات الايرانية في كل من الناصرية وبغداد.
انني اكتب هذه المعلومات لكي يطّلع عليها ابناء شعبنا (الكلداني الآشوري السرياني) لانني اشعر بمسؤوليتي تجاههم لكي لا يتفاجئوا من اي موقف تتخذه هذه الحكومة او غيرها، ولكي يتكوّن لهم تصوّر كامل حول جذور السلطة القائمة في العراق والى اين يتجه بنا مستقبلنا في هذا الوطن ومستقبل اجيالنا القادمة، هذا الوطن الذي اصبحنا فيه غرباء ومن اهل الذمة واكرر ما قاله لي المرحوم آية الله محمد باقر الحكيم قبل 25 عاماً وبحضور السيد محمود الهاشمي والشيخ ابو علي تلعفري والسيد ابو حيدر وآخرين عندما زرته في طهران وكان مقرهم آنذاك في بناية مؤسسة الصدر فقابلته بصفتي ممثل حزب بيت نهرين الديمقراطي الآشوري وفي سياق الحديث الطويل سالته عن موقفهم من شعبنا الآشوري في العراق فرد عليّ قائلاً اسمع مني جيداً اننا لا نتعامل بالتسميات القومية وانما نعاملكم كمسيحيين وكما هو منصوص عليه في القرآن ونقولها لكم بصراحة اننا رجال دين ولسنا سياسيين، لا نكذب ولا نخدع احداً ولا عندنا تكتيك او ما يسمى ديالكتيك كما تدّعي بها الاحزاب العلمانية، انهم يطلقون الوعود عندما يكونون في المعارضة وحال ما يستلمون السلطة يتنكّرون كل قراراتهم لا بل اكثر من ذلك يعملون لتصفية خصومهم السياسيين، اما نحن نقول لكم الآن ونحن خارج السلطة ونقولها لكم ونحن في قيادة السلطة ان شاء الله انكم اهل الذمة ونعطيكم ثلاث خيارات الاول هو اعتناق الاسلام على المذهب الشيعي والثاني دفع الجزية والثالث الهجرة المنظمة لكم ولكن لكم خصوصية عندنا لانكم من اهل البلاد الاصليين سنسمح لكم ببيع ممتلكاتكم لتستفادون منها في هجرتكم الى بقاع الله الواسعة، ولن نعاملكم كما عاملنا اليهود من قبلكم حيث لم يسمح لهم بحمل اموالهم او بيع ممتلكاتهم ولحد الآن ان ممتلكاتهم هي ملك وقف للدولة العراقية، واضاف قائلاً ان كل من يقول لك خلاف ذلك فهو يكذب عليكم وانني اصارحكم لاني احترمكم لكن هذا هو نهجنا في الحياة فلا مجال للاجتهاد فيه، انها نصوص واضحة مثبتة في دستورنا، وبعدها شكرته لصراحته وجرأته امام وسائل الاعلام والحمد لله ان الواقع اليوم يشهد صورة مغايرة لدى الكثير من المسيحيين في المناطق الشيعية من بغداد فهم يعيشون بامان نسبي بالقياس الى المناطق السنية وهذه نقطة ايجابية تعكس اصالة هذا الشعب وتصديه للمخططات الايرانية المقيتة.
انني من هنا في بغداد ادعو جميع منظمات شعبنا ومؤسساته الدينية والثقافية والاجتماعية للتوجه نحو مؤسسة الامم المتحدة ومنظماتها الانسانية والقيام بمسيرات ومظاهرات في الدول الاوربية اينما يتواجد شعبنا وعرض صور وافلام عن معانات شعبنا في العراق والجرائم البشعة التي ترتكب بحقهم والتركيز على الاعلام بكافة اشكاله في عرض قضية شعبنا على منظمات المجتمع المدني في كافة انحاء العالم وعدم الاعتماد على الوعود الكاذبة، ان الاعتماد على اصلاح الاوضاع في داخل العراق من المستحيل ان يتم والذي يراهن على ذلك اما جاهل بهذه الامور او مخادع، لان الاوضاع لا يمكن ان تستقر ولا بد ان تتدخل فيها الامم المتحدة والمجتمع الدولي لان القضية العراقية اصبحت خارج ارادة العراقيين وارادة الدول العربية واصبحت بيد اكبر دولة عظمى في الشرق الاوسط وهي ايران ولا توجد قوة تردعها او توقف اطماعها في العراق باستثناء مجلس الامن الدولي، نحن الآن نعاني من نفس الحالة التي كان يعاني منها اللبنانيون من الاحتلال السوري لبلادهم ولولا مجلس الامن الدولي لكان السوريون قد همّشوا هذا البلد تمهيداً لالغائه، ان كل المحاولات التي تبذل من اجل السعي للمشاركة بهذه الحكومة للتاثير على موقفها السلبي من شعبنا سيكون دون جدوى ومضيعة للوقت وكل يوم يمضي نخسر المئات من العوائل الذين يهاجرون اما الى خارج القطر او الى كوردستان او يتعرضون لدفع الجزية او الاعتداء على الممتلكات او عمليات الاغتصاب او خطف اطفالنا ومبادلتهم بمبالغ طائلة وكل هذا يحصل لشعبنا ونحن خارج المعادلة السياسية وخارج الصراع الدائر على الثروات والمراكز الحساسة بين السنة والشيعة، نحن لسنا بدلاء لاحد ولا منافساً له ومع كل هذا تجري معاملتنا بهذا الشكل المريب الذي لا يوجد مكوّن انساني في هذا العالم يعاني مثلنا وحتى شعب دارفور في السودان لم يعاني مثلنا لانه لا يوجد لديه ما يفقده غير الحياة البسيطة اما نحن لنا اموال واملاك اكتسبناها بعرق الجبين وثقافة عمرها آلاف السنين، والآن يأتي نفر من هذه العصابات يستولي عليها ولا نعرف اصله ولا فصله ومن اين هو، انه من المرتزقة واتباع الشياطين، ان كل شيء عندهم مباح طالما هدفهم هو تحقيق نظام اسلامي على طريقتهم الخاصة ومنهم من يتبع منظمة القاعدة ومنهم من يتبع ولاية الفقيه وكلاهما يسيرون على هدى الشيطان الاكبر المتجسد بنظام ايران ونظام افغانستان (طالبان) وعليه علينا التحرّك الفعلي دون ان يقتصر نشاطنا على اصدار البيانات او التوسل الى هذا وذاك في هذه الحكومة الفاشلة والمتواطئة مع الارهاب وجميعهم متفقين على تهجير شعبنا من هذا البلد وعلينا الرد عليهم من خلال المجتمع الدولي وان الوقت لا يرحمنا وكما يقول المثل (الوقت كالسيف ان لم تقطعه قطعك)، والآن كلنا مدعوين للعمل كلٍ بحسب ظروفه وامكانياته دون استثناء، انها رسالة في عمق الجميع والخطوة الاولى تبدأ في وحدة منظمات شعبنا السياسية والثقافية ومن ثم العودة الى مقررات مؤتمر عينكاوه والعمل بموجبها لحين انعقاد المؤتمر الثاني مع النظر في المستجدات على الساحة السياسية ومراعاتها.





83
المتغيرات في العراق حقائق وإشاعات

بقلم داؤد برنو

إن أكثر ما تعج به الساحة العراقية من متغيرات وحقائق لا يظهر على صفحات الجرائد أو وسائل الإعلام المتنوعة إلا بعد إضافات أو حذف بحسب ما تقتضي توجهات وسياسات الجهات الإعلامية، وقد يقع بعض الكتّاب من أبناء شعبنا بالأخص من هم في المهجر بأخطاء تقييميه للواقع كونهم يستندون إلى ما يصلهم من نشرات الأخبار فهم يستلمون معلوماتهم من سيل النهر المتلاطم ولا يتسنى لهم الوصول إلى الينبوع حيث الأشياء عارية تكشف عن نفسها كما هي، فلو أخذنا على سبيل المثال لا الحصر زيارة رئيس الوزراء المالكي إلى إيران في 7/6/2008 فان صحف التيار السياسي المشارك في الحكومة تشيع إن الزيارة جاءت لتعزيز العلاقات الثنائية بين البلدين الجارين أما صحف التيار الآخر تعزي الزيارة إلى تقديم الشكوى إلى القيادة الإيرانية بسبب التدخل السافر للأجهزة الأمنية الإيرانية بالشؤون الداخلية العراقية خاصة دعمهم لجيش المهدي والمجاميع الخاصة وتتلون الأخبار على هذا السياق فمنهم يقول إن الزيارة جاءت للتنسيق بين الحكومتين العراقية والإيرانية لتصفية المعارضة العراقية والقضاء على ما هو عربي ووطني وهناك من يشك أن الزيارة غايتها استهداف قوات التحالف وتشكيل قوات الصحوة في العراق، ونسمع من مسئولين عراقيين كانوا في المعارضة العراقية سابقاً يقولون أن المالكي زار إيران لتقديم الشكر للقيادة الإيرانية لما لها من أفضال على هؤلاء الذين بالسلطة الآن، وأمام هذه الحزمة المتباينة من الأخبار والتحليلات ليست بالأمر الهين تلمّس الحقيقة حتى للعراقي الذي يعيش في العراق فكيف الحال لمن هو خارجه؟؟، لذا فان الخبرة والتجربة والعمل الميداني وحدهم السبيل الأمثل للوصول إلى الحقيقة وبناءاً على حصيلة الخبرة هذه يمكنني القول أن الحكومة العراقية لولا مشاركة الجبهة الكردستانية في العملية السياسية لكانت سوى مجلس بلدي لأحد الأحياء في ضواحي طهران لان الائتلاف الموحد الحاكم هو صناعة إيرانية ثقافياً ومرجعياً ومن يحيط بآية الله السيستاني هم إيرانيون الجنسية ايضاً واستند فيما أقول إلى خبرة سياسية عشتها في إيران وسوريا منذ بداية الثمانينات من القرن الماضي فالأشخاص على الساحة نعرفهم جيداً ونعرف المنظمات السياسية التي صنعتهم والتي أسسها المرحوم مهدي الحكيم عندما كان في إيران عام 1980 وبتوجيه وإشراف من الحكومة الإيرانية آنذاك ومباشرة من السيد حسن حبيبي مسئول الملف الأمني الإيراني ولا زال جوهر هذه المنظمات كما كان عليه لحد الآن وان الأشخاص المرتبطون بهذه المنظمات مصرون للاستمرار على نفس النهج وبنفس العقلية وصولاً إلى الأهداف المرجوة وهم مدعومون مالياً وسياسياً وعسكرياً وكما قال النائب مثال الآلوسي (إن هذه الأحزاب هي دول داخل دولة)، إن المؤسسات الأمنية في إيران لا تسمح لهؤلاء الصغار أن يخالفوا النهج الذي رسم لهم من قبل الجهات الدينية العليا في إيران، وكما هو معروف أن لكل حدث أو ظاهرة جديدة لا بد أن تستند إلى فعل ماضي له تأثيره في المستقبل وتداعياته الجانبية، ولكل فعل ظروفه المختلفة عن الآخر في الزمان والمكان على حدٍ سواء وعلى سبيل المثال لا الحصر لولا قيام صدام بغزو الكويت لما أدى إلى سقوط نظامه بهذه السرعة وبهذا الشكل، ولولا قيام إيران باحتضان المعارضة الشيعية وتقديم الدعم الكامل لها لما كان الوضع في العراق على ما هو عليه الآن، لقد قامت القيادة الإيرانية الجديدة منذ سقوط نظام إيران في 1979 بوضع خطة إستراتيجية لاحتواء العراق وبعد الحرب مباشرة بدأت بتنظيم صفوف العراقيين الملتجئين إليها من الشيعة وأسست لهم منظمات سياسية مختلفة ولكن في أيطار الهدف الواحد، وقامت بائتلاف هذه المنظمات والأحزاب بشكل ديني سياسي بإسم المجلس الأعلى للثورة الإسلامية في العراق وبرئاسة الإيراني السيد محمود الهاشمي وهو سياسي مرموق في إيران وعمل بمنصب مستشار سياسي لرئيس الجمهورية الإيرانية في أوائل الثمانينات وضم هذا المجلس اثنا عشر منظمة وحزب، وبعد سنة من تشكيله انيطت رئاسته بالسيد محمد باقر الحكيم أي في عام 1983، ثم قامت الجهات الأمنية الإيرانية بتشكيل قوة عسكرية لهذا المجلس تجسد في قوات فيلق بدر وكانت عناصر هذا الفيلق تتكون من الجنود العراقيين الشيعة الذين تم أسرهم أثناء الحرب العراقية الإيرانية، كما انظم إلى هذا التشكيل الجنود الشيعة الهاربين من ساحات القتال، وبعد قيام السلطات الإيرانية بغربلتهم وتطهيرهم من العناصر المدنسة أو المنخرطة في حزب البعث وبعد اجتيازهم ايضاً دورات تثقيفية ودينية تم ضمهم إلى هذا التشكيل، كان يتألف الفيلق من أربعة فرق مجهزة بأسلحة خفيفة ومتوسطة وفرقة خامسة مزودة بأسلحة ساندة وثقيلة ومنها المدفعية، كانت إيران تمدهم بكل ما يلزم من الأسلحة والتجهيز والمال وكان يعتبر جزء من القوات المسلحة الإيرانية، مضى على هذا التشكيل ما يقارب العشرون عاماً ثم دخل إلى العراق في منتصف 2003 مجرد من السلاح حسب الاتفاقية بين إيران وقوات التحالف، إن الإيرانيين يهتمون بالشأن العراقي أكثر من العراقيين ويطلبون من العراقيين مقابل هذا الدعم أن يكونوا مخلصين مطيعين لهم طاعة عمياء من دون أي اعتراض وان الذين عارضوهم من المثقفين الشيعة تم مطاردتهم خارج إيران ولا يزالون مشردين في دول العالم، إن أفكار الإيرانيين وعقولهم وقلوبهم متجهة نحو العراق ولا سيما العتبات المقدسة في كربلاء ونجف وسامراء ويعتبرون نجف وكربلاء هدف لهم وحق من حقوقهم وطموحهم هو بسط سيطرتهم ونفوذهم على هاتين المحافظتين وبأي شكل من الأشكال، لان النظام في إيران منبثق من الشريعة الإسلامية بموجب فلسفة ولاية الفقيه التي تطبق الآن في إيران ويعتبروها مرحلة تمهيدية لظهور الإمام الثاني عشر المهدي المنتظر ويمكن أن يظهر متى يشاء وأين ما يشاء ولا يمكن لأي حكومة في إيران أن تتخلى عن معتقداتها الدينية وأهدافها السياسية في العراق لأنها تفقد مبرر وجودها وبقاءها في السلطة ولأي سبب كان، هذا هو السبب الرئيسي في قوة هذا النظام وديمومته فكل عام يتخرج من مدارس قم الدينية أكثر من مائة ألف رجل دين معبأ بهذه الثقافة المتشددة، ونلاحظ هناك أنظمة عربية تستمد ديمومتها من القضية الفلسطينية التي تستند على الجغرافيا ومضى عليها أكثر من خمسون عاماً فما بالك إذا كان النظام يستند إلى العامل الديني والروحي الذي يسيطر على كل شيء في إيران ولا يوجد شيء أهم من مشروع العبادة والتدين وتطبيق الشريعة الإسلامية الشيعية هناك وعلى نمط ولاية الفقيه، إنهم يمارسون هذه العبادة في كل مكان، في المدرسة والمستشفى والدائرة والبيت، كما تسعى إيران بالإضافة إلى هذه العبادة تطوير القوة العسكرية لكي تكون في خدمة هذه العبادة وأهدافها الدينية والسياسية والبرهان على ذلك هو نشوء كيان سياسي وعسكري لحزب الله في جنوب لبنان، وتسعى لجعل جيش المهدي في العراق كما هو حزب الله في لبنان، بالإضافة إلى ما تقوم به من دعم الحركات الإرهابية في العالم ومنها منظمة حماس في قطاع غزّة والمجموعات المسلحة للإمام الحوثي في اليمن وعشرات التنظيمات الأخرى المنتشرة في أنحاء العالم، وهنا لا أريد الإطالة في هذا المجال ولكن الأمور واضحة للجميع ولا يجوز الإغفال عنها أو تجاهلها من قِبل أي طرف كان ولأي سبب ومن هذا المنطلق علينا معرفة الوضع الراهن جيداً والتخلي عن فكرة عودة المسيحيين إلى البصرة وبغداد لان الحياة أصبحت صعبة جداً لا بل مستحيلة في هذه الظروف خاصةً وكل ما نسمعه أو نقرأه من تصريحات المسئولين فقط للاستهلاك الداخلي والدعاية المزيفة في الخارج وفي مقدمتهم المالكي والمشهداني والجعفري وآخرون، وربما البعض يرغب في تحقيق ما يصرّح به ومنهم المالكي ولكن لا يملك الحق الشرعي بذلك لان الشرعية هي في إيران، طهران وليس بغداد، وإنها عند السيستاني وليست عند المالكي ونلاحظ كيف أن المالكي يطلب بركة ورضا السيستاني كلما أراد أن يتخذ موقفاً سياسياً أو أمنياً أو أي إجراء حكومي أو أي قضية مهمة في العراق، إن كل شي في عراقنا يتحكم به السيستاني والمراجع الدينية في إيران وهم بارعون جداً في إدارة شؤون هذا البلد ويعرفون جيداً أين هي نقاط القوة والضعف فيه فإنهم يمارسون هذا التكتيك بذكاء وموضوعية، وانطلاقاً من هذا الواقع الذي نعيشه في بغداد والبصرة والموصل فلا بد لنا أن نجد مكاناً آمناً ننتقل إليه لنعيش بسلام وأمان واستقرار أسوة بالمكونات الأخرى من الشعب العراقي وإذا كان البعض يشكك بنوايا الأكراد تجاه شعبنا فهو خاطئ، والبعض الآخر يعتقد أن بغداد والبصرة والموصل ستعود كالسابق فهو مخطئ ايضاً لان الأوضاع متجهة نحو الأسوأ، إن شعبنا يمر بأخطر مرحلة من تاريخه المعاصر فعلينا قراءة الأحداث بشكلها ومضمونها الحقيقي وان تكن كتاباتنا تستند إلى الواقع الموضوعي وان يسلط الضوء على صميم قضيتنا القومية المشروعة وحقنا في إقامة نظام حكم ذاتي لشعبنا الكلداني الآشوري السرياني في سهل نينوى يرتبط بشكل مؤقت بإقليم كردستان لحين إجراء استفتاء شعبي حر لأهالي المنطقة ومن خلاله يقرر تبعية المنطقة هل ستكون مع إقليم كردستان أو مع الحكومة المركزية في بغداد، وعندها نطوي مرحلة استثنائية من تاريخ شعبنا وندخل مرحلة جديدة يسودها الأمن والاستقرار والحياة الحرّة الكريمة.

84
مشروع الحكم الذاتي لشعبنا هو الخيار الوحيد والفرصة الاخيرة


الفدرالية دائماً ما تكون مطلباً للاقليات القومية في كل دول العالم لحماية نفسها من طغيان الاكثرية ولكن في العراق ظهر العكس من ذلك فأن الشيعة وهم الكثرية فهم الذين يطالبون الفيدرالية مما ولد احساس لدى شعبنا بأن الصراع معقد ومتشعب وتتداخل فيه عدة عوامل اقتصـــادية ومذهبية واقليمية وهذا ما يجعل هذا الصراع طويل الامد ، وليس له نهــاية في الافق المنظور ، وان اهل الســـــنة في العراق ان يتخلوا عن حقوقهم التاريخية في هذا البلد وبهذه الســـهولة ، ولا احد يرضى بذلك من الاطراف الاخرى داخل هذا البلد وخارجـــه وهذا الصراع سوف ينعكس على المكونات الاخرى من الشعب العراقي ولا سيما شعبنا السرياني الآشوري الكلداني الذي لا حول له ولا قوة والذي يعيش جغرافياً بين دفتي هذه القوى ، وهذا يجعلهم ضحايا هذا الصراع ويمنعهم من العيش بسلام وامان مع باقي المكونات من القوميات والمذاهب الاخرى المدججة بالسلاح والمال ويحرمهم من كافة حقوقهم كما هو عليه الآن وهذا ما يهدد وجودنا ومستقبلنا في هذا البلد ويدفعنا الى مقدمة الطريق اما الهجرة الجماعية للخارج وينهي وجودنا والى الابد .
وهذه الحالة تشكل كارثة تاريخية لشعبنا واما المطالبة بالحكم الذاتي لحماية شعبنا من الحالة التي يعاني فيها وما سيؤول اليه هذا البلــــــد في المستقبل ، وليس لدينا خيار ثالث نعتمد عليه ، انه حقاً الخيار الاخير والفرصــــة الاخيرة ، ولكن هناك في صفوف شعبنا من المثقفين من له رؤية متفائلة نحو الحكم الذاتي . ومن له رؤية متشائمة ورافضة لهذا المشروع بالرغم من ان اصحاب العلاقة بهذا المطلب لم يصدر منهم شيئاً وهم حكومة بغداد وحكومة اقليم كردستان ان كليهما غير مبالين بهذا الشأن لحد الآن وكأن الامر لا يعنيهم او ربما لم يسمعوا اصواتنا او يقرأ وماذا يكتب في هذا المجال من قبل ابناء شعبنا ، ونأمل ان يكون مطلبنا ضمن اهتماماتهم السياسية ، لاننا لم نسمع لحد الآن وبشكل رسمي اي تصريح او اشارة الى قضيتنا من قبل المسؤولين المتنفذين في كلا الحكومتين حول حقوقنا القومية المشروعة في الحكم الذاتي وفي مناطقنا التاريخية المتمثلة في سهل نينوى ، ولا نعرف ما هو موقفهم من هذا المطلب بالرغم من ان الدستور العراقي الذي وضعوه وهو قيد التنفيذ في الكثير من بنوده يشير الى بعض تلك الحقوق بشكل مباشر اما دستور الاقليم فأنه ايضاً يؤكد على حماية حقوق الاقليات دون الخوض في التفاصيل ، وفي كل الاحوال ان منحنا الحكم الذاتي لا يؤدي الى اي ضرر بسلطة هذه الاطراف او بممتلكاتها لا بل سيكون عاملاً مهماً في تعزيز سلطتهم وفي خلق الامن والاستقرار في العراق ، كما ونساهم بشكل كبير في تطوير اقتصاد وهذا البلد لما لدى شعبنا من الخبرات العلمية المتطورة . ويعكس الشراكة الحقيقية في هذا الوطن لجميع القوميات من خلال المؤسسات الدستورية والقوانين والانظمة المرعية في هذا البلد ، كما نشر ثقافة الحكم الذاتي والفيدرالية هو مكسب ثقافي وحضاري عظيم لاطلاع عليه من قبل الشعب العراقي عامة وشعبنا خاصة على المرحلة الجديدة التي يطمح الجميع على تحقيقها ، وسيكون هناك مفهوم جديد للمعادلة السياسية المستجدة القائمة في العراق بين الاطراف المشاركة في الحكومة الحالية ويدرج فيها مكون جديد آخر في تلك المعادلة وهو شعبنا الآشوري الكلداني السرياني كما ان الحكم الذاتي والفيدرالي اثبت بكل جدارة انه افضل نموذج لحد الآن للعيش المشترك بين مكونات قومية واثنية مختلفة داخل الوطن الواحد ، وهذا ما يساعد الى اعادة بناء العراق الجديد وفي كافة المجالات ويوفر فرصاً افضل للتنمية والتقدم لكل مكونات الشعب العراقي ، وهذا ما تحقق فعلاً لدى الدول والشعوب التي تطبق هذا النظام وفي مقدمتهم دولة سوسيرا المتعددة القوميات والثقافات ، ومن خلال هذه الصيغة الجديدة المتطورة لمكونات الشعب العراقي نستطيع مواكبة المرحلة الجديدة بكل تعرجاتها وتعقيداتها ، بعد تحقيق الوفاق الداخلي لنظمات ومؤسسات شعبنا السياسية ، اما المواقف الداعية الى رفض مشروع الحكم الذاتي واعلان بعض الاطراف عن مخاوفهم من هذا النظام وتحريض الاخرين على رفضه واعتباره غير عقلانياً ويسبب مشاكل لشعبنا مع شعوب المنطقة ولا سيما مع الشعب الكردي مما سيؤدي في النهاية الى اكردة المنطقة كلها وينصهر شعبنا مع الشعب الكردي الذي يهيمن على المنطقة ، واعتقد جازماً بأن هذا الأي في غير منطقي وغير مسؤول ولا يستند الى اية حقيقة او واقع ملموس ان شعبنا يعيش مع الشعب الكردي منذ مئات السنين وفي كل الظروف صعبة وقاسية ولم نجد لحد الآن واحداً منهم استكرد ولا اعتقد ان الاكراد بحاجة الى مثل هؤلاء الاشخاص ان الذين يشكلون في نوايا الاكراد ليس لهم رؤية واضحة للمستقبل ، انهم يصدرون الاحكام ضد الاخرين دون التعرف عليهم بشكل دقيق ، ان ما نحتاج اليه في علاقتنا مع الآخر هو التعميق في رؤية الآخر لنستطيع التعبير بشكل حقيقي عن الآخر ، ان انطباعهم عن الاكراد العراقيين مخالف بشكل كلي عن حقيقة الاكراد ومواقفهم من قضية شعبنا اننا لسنا الأن في القرن الثامن عشر وفي عهد الحكم الروندوزي ميري كور .. بالاضافة الى هذا ان ما لا نفهمه وندركه من مواقفهم هذه والتي هي ضد مشروع الحكم الذاتي ان معظم الذين يكتبون في هذا المجال كانوا ولا يزال البعض منهم من التيار الماركسي الاشتراكي الذي يؤمن بحق الشعوب والقوميات بتقرير مصيرها وهم الذين عملوا السنوات طويلة من اجل تحقيق الحكم الذاتي للاكراد ، انه حقاً تناقض فيما ينادون به وما يؤمنون فيه في الوقت الذي جميع الشرائع والقوانين الصادرة من الامم المعتمدة تتكفل بهذه الحقوق لكل مجموعة بشرية لها خصوصيتها القومية والثقافية والدينية وهذا ما يحصل في يوغوسلافيا ، وهذا هو حق مشروع لشعبنا ايضاً في تحقيق طموحاته القومية اسوة بالقوميات الاخرى في هذا البلد ، ومن هذا المنطلق يتطلب منا جميعاً وفي هذا الوقت بالذات ملراجعة مواقفنا وتصحيح المسار الخاطئ الذي يتخذونه البعض وبذل كافة الجهود من اجل تحقيق مشروعنا القومي في الحكم الذاتي لشعبنا المنكوب ، واذا فشل هذا المشروع لاي سبب كان فأننا لن نخسر شيئاً نملكه ويمكن العودة الى الوضع السابق الذي لا يوجد اسوأ منه ، وعند ذلك سنضع الاطراف المعنية المعنية بهذا الشأن على المحك في تحمل مسؤوليتها التاريخية تجاه شعبنا ان كانوا داخل العراق او خارجه من الافراد والاحزاب والدول وعند ذلك نستطيع معرفة نوايا ومواقف الاخرين تجاهنا وعلى هذا النمو يمكن ان نبني استراتيجية جديدة في سياستنا ومواقفنا نحو المستقبل الافضل ولتكون معياراً للعلاقة التي تربطنا مع الاحزاب السياسية والقوميات والشعوب القاطنة في هذا البلد وعندها سنقول للذين يكتبون ضد هذا المشروع اننا معكم وندعمكم الآن ليس في الكتابة فقط وانما نذهب معكم الى ابعد من ذلك حتى نصل الى هيئات الامم المعتمدة فلندخل اولاً هذه التجربة الجديدة التي هي ترجمة للعلاقة مع الآخرين ونرى ماذا سيحصل وعندها سيكون لكل حادث حديث .   
   

85
الرهان الخاسر على حكومة بغداد
بقلم داؤد برنو

ليس من الضروري أن يكون الشخص ذكياً حتى يعرف أين تكمن مصلحة شعبه ومع من يجب أن يرتبط ويتحد لبلوغ غايته وتحقيق أهدافه، ولإيضاح هذه الحقيقة لا بد من إجراء قراءة موضوعية للأحداث الجارية في المنطقة وفي ظل موازين القوى الدولية والإقليمية والمحلية المتجسدة على ارض الواقع لتتكون لدينا رؤية واقعية ومستقبلية لقضية شعبنا على المدى القريب والبعيد من خلال المواجهة القائمة بين مشروعين متناقضين يشكلان محورين سياسيين يتراصف فيها الأطراف المتصارعة والداعمة والمؤيدة لهذين المشروعين في المنطقة ، فالمشروع الأول هو المشروع الديمقراطي الذي تتبناه أميركا والقوى المعتدلة في المنطقة وهذا ما تدعيه وتعمل من اجله وفي مقدمتها مصر والسعودية والأردن واقليم كردستان وآخرين .....، أما المشروع الثاني فهو مشروع الإرهاب الذي تتبناه وتدعمه إيران والقوى الإسلامية المتشددة من الشيعة والسنة وفي مقدمتهم حزب الله وجيش المهدي وفيلق بدر وقائمة الميليشيات طويلة جداً لا نهاية لها بالإضافة إلى المتشددين من السنة وفي مقدمتهم منظمة القاعدة وفيلق عمر ودولة العراق الإسلامية وميليشيات عديدة أيضاً من ضمنها الحزب الإسلامي الذي يشارك بالبرلمان، جميع هذه التنظيمات تعمل جاهدة من اجل تحقيق نظام إسلامي في العراق منهم من يريده على طريقة ولاية الفقيه الشيعية كما في إيران والآخرون يريدونه على طريقة الخلافة الإسلامية كما هو سائد في حكومة طالبان الأفغانية والصراع قائم على أشده بعيداً عن كل المرتكزات الحضارية، ونحن المسيحيون لسنا طرفا في هذا الصراع لكنهم أقحمونا فيه واعتبرونا مع المشروع الأمريكي الذي كلفنا الكثير من الخسائر في الأرواح والممتلكات ومازلنا لحد الآن في حالة ضياع بين المشروعين المتناقضين فالبعض من كتابنا الأكاديميين التقليديين يريدونا مع الحكومة المركزية في بغداد دون أية ضمانات تؤكد لنا تحقيق حقوقنا القومية المشروعة في هذا البلد (وهو بلدنا) لا سيما الحكم الذاتي في سهل نينوى في الوقت الذي معظم أركان هذه الحكومة وهذا البرلمان هم من أركان المشروع الإيراني في المنطقة وعلى سبيل المثال لا الحصر إن رئيس لجنة الدفاع والأمن الوطني في البرلمان العراقي هو هادي العامري وهو قائد فيلق بدر في نفس الوقت الذي هو جزء من (فيلق قدس) الإيراني أي وزارة الدفاع والداخلية يشرف عليها شخص عاش في إيران ما يقارب ثلاثون عاماً فهل هذا معقول!!؟، أما جيش المهدي الذي شكلته إيران كنموذج لحزب الله اللبناني فلا احد يشك بأنه موالي لإيران بالكامل وأحداث البصرة الأخيرة أكدت وبشكل قاطع هذه الحقيقة، بالإضافة إلى وجود اثنا عشر تنظيم سياسي شيعي له ميليشيات في البصرة وهذا ما جاء على لسان الوزير والنائب وائل عبد اللطيف أثناء أحداث البصرة في تصريح لقناة الحرة التليفزيونية، أما السنة المتشددين فان أحداث الموصل برهنت على وحشيتهم التي لا تقل عن إخوانهم من المتشددين الشيعة فمقتل رئيس أساقفة الموصل المثلث الرحمة مار فرج رحو سيبقى وصمة عار على جبينهم والى الأبد، لكن من الغريب العجيب في الأمر أننا نقرأ مقالات على الانترنيت لكتّاب كانوا شيوعيون سابقاً ومن دعاة الديمقراطية واحترام الرأي والرأي الآخر والآن تغيروا، إننا نعجز عن فهم غايتهم لأنهم يرفضون وبشكل قاطع أية علاقة مع إقليم كردستان متخذين بعض الأعذار البسيطة لتحريض الناس ضد مشروعنا القومي الذي نطمح إلى تحقيقه في إقامة الحكم الذاتي في سهل نينوى يرتبط مع إقليم كردستان ويظهر جلياً من كتاباتهم بان انطباعهم عن الأكراد لا يمد بأي صلة إلى الواقع الحالي لأنهم مرعوبون من الأكراد وكأنهم يعيشون في عصر بدر خان رئيس عشيرة كردية في تركيا أو عهد سمكو شكاكي رئيس عشيرة كردية في إيران، إنهم لا يعرفون شيئاً عن الأكراد سوى تلك الأحداث الدامية التي طواها التاريخ والى الأبد، لعلهم نسوا أو تناسوا أننا نعيش الآن زمن القيادة التاريخية للأكراد بزعامة البارزاني والطالباني، إن هؤلاء الأشخاص يعيشون في بغداد طوال حياتهم ولم يعرفوا شيئاً عن سرسنك وشقلاوة وكاني ماسي فعسى أن يقوموا بزيارة إلى شمالنا الحبيب بعدها سيدركون بأننا نعيش في القرن الواحد والعشرين وكل شيء قد تغير نحو الأفضل وان مخاوفهم هذه لا مبرر لها وعليهم أن يلتحقوا بالنخبة المثقفة والمخلصة لقضية شعبنا والذين هم مستمرين بالعمل ليل نهار في سبيل إقامة حكم ذاتي لشعبنا الكلداني الآشوري السرياني، أما مسالة إلحاقه بإقليم كردستان أو بالحكومة المركزية في بغداد أو بمحافظة نينوى فنعتمد في هذا على الاستفتاء الشعبي لشعبنا في منطقة سهل نينوى ولا احد يعترض على ذلك ومن حق شعبنا أن يقرر أين سيكون ومع من مصلحته في البقاء، كما ونطلب منهم الكف عن تزوير الحقائق وتحريض الناس واستغفالهم لان التاريخ سيدين كل من يضع العقبات أو يكون حجر عثرة في تحقيق المشروع القومي الذي انتظرناه طويلاً لنتمتع كغيرنا في الأمن والاستقرار والحرية والكرامة وفي العيش المشترك مع إخواننا الأكراد واليزيديين والشبك والعرب في مناطقنا التاريخية في سهل نينوى والذي يجب أن نعتبره قدسنا، أما الذين يضخون مقالاتهم الأدبية المحملة بالجمل المعسولة التي تطالب في ترسيخ الديمقراطية وإشاعة الحرية في حكومة بغداد لا اعرف عمن يتحدثون أو عن أية ديمقراطية وعن أية حرية، وهل يوجد ديمقراطي واحد متنفذ في الحكومة أو البرلمان؟ الم يقرئوا عن الفساد المستشري في أجهزة الدولة من الأعلى إلى الأدنى، ليطّلعوا عن سيرة حياة هؤلاء الأشخاص وعلى برنامجهم السياسي ومرجعيتهم السياسية أو الدينية وبعدها سيستوعبوا ويعترفوا بالحالة التي نعيشها ونعاني منها، أما الذين يصرون في المراهنة على هؤلاء رغم كل هذه المعطيات المستجدة على الساحة السياسية والأمنية فيظهر من دون شك أنهم لم يستوعبوا الحقائق الموجودة على الأرض وخطورة المرحلة التي نعيشها، إنهم يستندون في تحليلهم للوضع القائم إلى حقبة زمنية من التاريخ القديم في تكوين رأيهم السياسي واتخاذ قرارهم الشخصي وهذا ما يضر بمصلحة شعبنا وبمصلحتهم الشخصية أيضاً، فكل ما نريد أن نقوله لهم أن يتزوّدوا بالمعلومات الدقيقة والصحيحة عن إقليم كردستان وأحوال شعبنا هناك ليكونوا على بيّنة من الحقائق الجديدة الناشئة على الأرض خاصة حركة العمران التي طالت معظم قرى شعبنا في كردستان بدعم ورعاية مؤسسة رابي سركيس آغاجان، كذلك الأمن والاستقرار الذي ينعم به شعبنا المسيحي هناك ومؤسساته القائمة ولا تزال في طور البناء والتطوير وفي مقدمتها قناة عشتار وموقع عينكاوه ومواقع أخرى للانترنيت بالإضافة إلى المنشورات التي تصدرها المنظمات السياسية والاجتماعية والدينية لشعبنا فإذا أجرينا مقارنة بسيطة بين أحوال شعبنا في كردستان وشعبنا في بغداد والموصل نتوصل إلى نتيجة بان الذين يعيشون في كردستان يمارسون حياتهم اليومية بشكل اعتيادي وطبيعي بينما الذين يعيشون خارج كردستان هم معرضون للموت بكل يوم وأي لحظة فجميع المسيحيين المتواجدين في بغداد وباقي المحافظات العراقية عدا كردستان مؤمنين بهذا الواقع المرير فالذي يخرج خارج بيته لا احد يضمن له عودته إلى عائلته سالماً ناهيك عن الذين تعرضوا إلى الاعتداء و الخطف والقتل والتهجير وهم داخل بيوتهم، هذا هو الواقع والشعور السائد لدى الجميع ولا احد يستثنى منه، متأملين انعكاس العلاقات السائدة الآن بين أميركا وإيران والتي تتسم بالهدوء على الوضع الأمني في العراق لكننا لا نريد أن نبقى أسرى رهن التقلبات الإقليمية والتشنجات المحتملة في كل لحظة بل نريد استعادة شخصيتنا بطريقة حضارية ونافعة للجميع.

86
مشاكل شعبنا الداخلية لا تحلها المقالات النظرية



كثيراً ما نقرأ مقالات لبعض الكتاب من ابناء شعبنا الاشوري الكلداني السرياني تضم بين سطورها انتقددات لاذعة لــــهذا الطرف او ذاك ، وآخر ما قرأته هو ما كتبه السيد (حبيب تومي ) حول مقالة القس عمانوئيل يوخنا وعلق عليها كاتب آخر واعتقد ان ما جاء في كتاباتهم كان صحيحاً الى حد ما كل من وجهة نظره الخاصة به اما الحل لهذه المشاكل ليســــت فيما يكتب ويصرح به المسؤولين السياسين ،ولكن القضية ان تعالج من جذورها ومن ارض الواقع ومن خلال الظواهر والنقاط التي تشكل موضع خلاف بين الطرفين الاشوري والكلداني وبشكل عملي وليس من خلال دراسـات واسنتاجات اكاديمية لا تمد بأي صلة الى الواقع الذي نعيش فيه ، ولقد ثبت بالدليل القاطع ان ما بين النظرية والواقع فرق شاســــع نعيشه ونلمسه ونشعر به ونعاني منه ونحاول تجاوزه ولكن دون جدوى . ان الاعتقاد السائد والقناعات الراسخة لا يمكن تغيرها بين يوم وآخر ، ولا يمكن معالجتها بكتابات تستند الى نظريات سياسية انتجتها مؤسســــــات البحث العلمي . وعند تطبيقها  يظهر فشلها بشكل واضح وعلى ســــبيل المثال لا الحصر نتذكر الاتحاد السوفيتي في حقبة السبعينات من القرن المــاضي كيف عمل على اقامة نظام شـــيوعي في اليمن الجنوبي والذي كلفه الكثير من الامــوال والجهود ودام هذا النظــــام ما يقـــارب العشرون عاماً وفي نهاية المطاف فشلت تلك التجربة الفنية فشلاً ذريعاً وكبدت اليمن الآف القتلى اثناء الحرب التي دارت بين الطرفين اليمن الشمالي واليمن الجنوبي وفي النهاية عاد القســـــم الجنوبي من اليمن الى وضعه الســابق والطبيعي في دولة اليمن العربية وأنطوت تلك الحقبة الزمنية من الد الشيوعي في المنطقة كذلك نلاحظ امريكا وجبروتها وامكاناتــها في جميع المجالات ، اعتمدت في احتلالها للعراق الى دراسات تقدمها مؤسسة البحوث الاســـتراتيجية في اميركا وطبقتـها في العراق ولكنها فشلت الى حدً ما ، ولو اعتمدت على مايجري في الواقع العراقي لكانت قد وفرت المئــات من الارواح على العراقيين وكذلك على قوات التحالف ، ولكنه لم تســمع الى الخبرات العراقية ولم تستعين بها ، ولقد اطلعت على المـــقابلة التي اجرتها القناة الحرة مع السيد (أياد علاوي) يقول فيها ان الامريكان يعملون الآن ما كنا نقول لهم ان يعملوه قبل خمس سنوات . ان هذه الدول العظمى تعتمد في قراراتها على السياسات المثبتة في بلدانهم دون اي اعتبار الى الآخرين وهذا ما يؤدي الى عدم نجاح خططهم النظرية والاكاديمية . وان اكبر خطأ ترتكبه هذه الدول انها لاتتضع في حساباتها عامل الدين ولا سيما الدين الاسلامي عند وضع خططهم الاستراتيجية تجاه منطقة الشرق الاوسط ، كما انهم لا يفرقون بين الســــــنة والشيعة ، ولا اعتقد انهم يفهمون ماذا يعني (نظام ولاية الفتية لدى الشيعة ) ولو كانوا يعرفون ذلك لما وافقوا على دخـول فيلق بورمن ايران الى العراق ، ولما وافقـــوا على ظهور مقتدى الصدر واقامة جيش بأســـم (جيش المهـــــدي ) وله من القدرات العسكرية ما يؤهله يشكل اكبرعقبة في وجه قوات التحالف في تحقيق اهدافهم في المنطقة عامـــــة وفي العـــراق خاصة . ان النظريات السياسية التي تنتجها مهاهد البحوث الدولية في العالم انها من الناحية العــــلمية صحيحة مئة بالمئة وتصلح لشعوبها فقط ولا تصلح للتطبيق لدى شعوب المنطقة التي نعيش فيها لان شــــــعوب المنطقة لا تزال ترزح تحت سلطة رجال الدين المسيحين ورؤوســــــاء العشـــــائر والشيوخ وينتشر في هذه البلدان التخلف والفقر والمرض والجهل ، بالاضافة الى الارهاب في هذه المجتمعات والذي يقوده المتطرفين من السنة والشـــيعة وهذا الواقع الذي نحن فيـه يختلف كلياً عن الواقع الذي تعيشه الدول في امريكا اللاتينية او دول المعسكر الاشتراكي السابق وهذا ما يؤكد الفرق الشاسع بين الواقع على الارض والنظريات المستنسخة على الورق ، والآن اريد ان استعرض حـــالة واحدة من الواقع الذي نعيشــــه كمثال على ذلك ومن خلال علاقتي الشخصية بهذه الحالة ولعلاقتها بكتابنا الاكاديميين . وقبل ان اكتب حول  هذا النموذج من الامثلة فلا بد ان اشير هنا الى رأي وموقفي الشـــــــخصي تجــاه هذه التسميات التي ترمز لشعبنا الكلداني الآشــوري السرياني وحسب ايماني وقناعاتي بها وبكل صراحة انني اتشرف وافتخر بجميع هذه التســـــــميات السريانية والآشورية والكلدانية ومستعد ان اعمل تحت اي من هذه التسميات من اجل الحصول على حقوقنا القومية كما انني مستعد ان اعمــل تحت اي تسمية اخرى ترمز لشعبنا مثل المسيحيون من (الاشوريين والكلدان والسريان ) او تسمية سسوراي ، او تسمية مستجدة تؤدي من خلالها الحصول على حقوقنا القومية ، كما انني ادعم كل الجهود المخلصة التي تبذل من اجـــــل تحقيق هذا الهدف . والأن نعود الى موضوعنا الرئيسي الذي يظهر العلام التاريخية الواقعية بين قرية اشورية وهي شرقية وقرية كلدانية وهي القوش ، ولكن لا يمكن ان تعمم هذه الحالة على باقي القرى الاشورية الكلدانية في المنطقة وكمـا هو معروف ان قصبة القوش تبعد عن مدينة الموصل حوالي اربعون كيلو متر الى الشمال منها اما قرية شرقية فتقع على مســافة اربع كيلو متر جنوب ناحية القوش ، ويبلغ نفوسها حوالي خمسمائة نسمة وهم من اتباع الكنيسة الشـــــرقية القديمة بأستثناء عدة عوائل من عائلة يوسف مالك خوشابا ، اما القوش يبلغ نفوسها خمسة الآف نســــمة واسعرض العلاقة القائمة بين القريتين أمام القارئ الكريم ليقارن بين الخطاب الرســـــمي الاكاديمي وبين الواقع القائم :
1-   في عام 1991 توفيت والدة السيد بنيامين خاميس في القوش عن عمر ناهز الثمانون عاماً وان بنيامين هة آشوري من اتباع الكنيسة الشرقية القديمــة . لقد هاجر والده الى القوش في بداية القرن الماضي وان بنيامين هو من مواليد 1946 ولد في القوش وترعرع ودرس وقض حياته كلها فيها وانخرط في صفوف الحزب الشيوعي العراقي منذ باية شــبابه وكان احد مرافقين للمرحوم توماتوماس حيث شارك معه في حرب الانصاري في كردستان ، وعرف هذا الشـــخص منذ صغره حيث لم تصدر منه اي علامة او فعل او رد فعل معين يدل على انه من اتباع الكنيسة الشرقية ، حيث كان مندمج بشكل واضح مع المجتمع في القوش ثقافياً وعائلياً . وفي اليوم الذي توفيت والدته اتصل بنيامين مع مســــؤؤل الخورنة في مطرانية القوش المرحوم حبيب صادق شدة واخبره بوفاة والدته وطلب منه تأمين الكاهن لاجراء مراسيم الدفن لوالدته ، وكذلك اتصل في تلك الساعة مع القس بنيامين من الكنيسة الشرقية القديمة في قرية شرفية للمشـــاركة في الصلاة على جنازة والدته وبدوره قام المـــــرحوم حبيب شدة (ابو قيس ) بالاتصــــال مع الكثير من اهالي القوش للمشاركة في هذه الجنازة وكنت احد هؤلاء الحاضرين ، ولدى وصولي الى دار بنيامين اســـــــتغربت من كثرة عدد الحاضرين ، وســـــألت ابو قيس كيف تم حضور كل هؤلاء النـــاس لأنني اعرف بعض منهم لا يحضر في مثل هذه المناسبات أبداً فهل لانه كان مرافقاً لابو جوزيف فقال كلا انا الذي دعوتهم جميعاً لكي لا يشعر الســـــــيد بنيامين انه غريب في هذه القصبة . وبعد ان انتظرنا اكثر من ساعة فسألنا بنيامين ماذا تنتظر هل سيأتي القس بنيامين من شرفية ام لا ، فقال في الحقيقة اقول لكم صراحة ، ان والدتي سندفنها في قرية شرفية بناءً على اوامر القس بنيامين وســوف يرسل سيارة بيكب لحملها الى هناك ثم اضاف قائلاً لقد طلبت من القس ان يحضر للصلاة ، واجراء مراســــيم الدفن فسألني اين تريد ان تدفن والدتك ، فقلت له في مقبرة القوش فقال لي انك حقاً لم تستحي وليــس لك ضمير فكيف تريد ان ترمي والدتك في نار جهنم والدتك التي ارضعتك سنوات وســـــهرت عليك مئات الليالي والان تريد ان ترميها في النار فقال قلت له هل جميع هؤلاء الالقوشين يذهبون الى جهنم فقال بالتأكيد فقـــال له فلتدهب والدتي معهم ،فرد عليه القس قائلاً انك وعائلتك ستحرمون من كنيستنا اذا اقدمت على فعل  ذلك وعندها تدخلت النســـاء وطالبوا الذهاب الى شرفية خوفاً من التحريم ، وهكذا انصرف هذا الجمع الغفير من الاهالي كل الى بيته وجاءت سيارة من شرفية حملت الجثمان ومعه عائلة بنيامين وبعض رفاقه من اهالي القوش وجيرانه ، وتكون انطباع جديد لدى اهالي القوش حـــول موقف القس بنيامين المتشدد تجاه هذه الحــــــــالة .   
2-   وفي حالة ثانية من هذا القبيل اذكر لكم موقف آخر
في اواسط الثمانينات من القرن الماضي قام صدام وكعادته بزيارة الى القرى والبلدات في محافظة نينوى ومن ضمنها زار القرى المسيحية في سهل نينوى ، ومكث في قرية شرفية ليلة واحدة ، طالبوه بمنحهم قطع اراضي لبناء سكن لهم ، فأملر بمنحهم مئة قطعة ارض مســـــــاحة كل واحدة منها ثلاثمائة متر ، وكمـــا هو مــعروف ان القرية كلـــها ملك للدير السيدة في القوش ، وتم توزيع هذه القطع وبلغ عدد العوائل ستة وثمانون عائلة فقط فبقيت اربعة عشــــــر قطعة بدون ان يملكها احد وكان القانون السائد آنذاك اذا لم يتم تشيد الدار او قسم منه على الارض ولمدة اقصاها ســــــنتين فسوف تعاد قطعة الارض الى اموال الوقف (اموال الدولة ) وقبل ان تنتهي المدة المقررة ذهبت اربعة عشــــر عائلة فلاحية من القوش تطالب اهل القرية لمنحهم هذه القطع من الاراضي لكي لا يخسروها وتذهب الى امــــــلاك الدولة ، فرفضوا اهالي الشرفية رفضاً قاطعاً وقالوا إننا لا نريد ان ندخل عنصر غريب في قريتنا وبعد فترة خسروا تلك القطع من الاراضي السكنية واعيدت الى املاك الدولة .
3-   واليكم مثال آخر وفي الايعاز نفســـــــــه
وكما هو معلوم للجميع ان طريقة الحياة في القرى والارياف يختلف الى حد ما عن نظام الحياة في المــــــدن الكبيرة ، وان مســـــتلزمات الحياة فيها تتطلب بناء علاقات ودية مع القوميات والطوائف الموجودة في المنطقة مثـــل الاكراد ، العرب ، اليزيدين والشيك ويتم إتباع تقاليد سائدة في هذه المنطقة ومنذ وقت طويل ، وعلى ســـبيل المثال عندما كانت تصادف مناسبة الاعياد لدى المسيحيين ، كنا نذهب لمعايدة راعي الارشيف المطران مثلث الرحمة مار عبد الأحد صنا في دار المطرانية الواسعة ، فنجد هناك أناس جالسين في القاعة لدى المطران من جميع القوميــــات منهم الاكراد واخص بالذكر ابراهيم علي الحاج ملو رئيس عشيرة المندوري في دهوك ، وتحســــــين بيك رئيس الاعلى للطائفة اليزيـــدية في العالم وكذلك بعض رؤساء العشائر العربية ومنهم الحديدين وكذلك من طائفة الشيك الكريمة ولم نجد يوماً ان وفد من شرفية التي تبعد اربع كيلو متــــرات عند القوش قاموا بزيارة الى المطران بهده المناســــــبة او غيرها . بأســثناء مجموعة صغيرة برآسة يوسف ملك خوشابا لكونهم آشوريين ولكن من اتباع الكنيسة الكلدانية وهذه الحالات والمواقف تعكس لدى المراقب باننا بحاجة الى تطبيع علاقات ولو يؤسفني ان اقول ذلك لان التطبيع يتم بين الاعـــداء وليس بين ابناء الشــعب الواحد .
4-   وهناك ايضاً حالات عديدة من هذا القبيل بين القرى الاشورية والكلدانية في كردستان وحسب معلوماتي ومن خــلال بعض الالصدقاء من قرية ديري المجاورة لقرية كوماني والواقعة في قضاء عمادية بأن اهالي قرية كوماني الكلدانية كانت لهم مواقف سلبية تجاه اهالي قرية ديري الاشورية ، وهذه المعلومات استنتجتها من جانب واحد ولســـــت متأكد من صحتها وفي كل الاحوال ان هذه الحالات شاذة في مجتمعنا الحالي يجب معالجتها والتخلص منها ، وانني اتوجــه الى الكتاب والسياسية ان يكتبوا الحقائق ومن عمق الواقع لمعرفة اسباب هذه الحالات، وهل هي تصرف فردي ام هي تعليمات من مراجع عليا في الكنيســــة او في المنظمة الســـــــياسية لمنع تراكمها وايجاد البديل لها ولا يجوز تغطيتها بمقالات اكاديمية ملغومة وجمل منحقة وجميلة لا تخدم احد ولا تضع احد الا الســــذج من هذا الشعب واعتقد انهم قلة في هذا الزمن الحالي . عصر الكومبيوتر ، ويجب تشـــــخيص كل حالة بمقرها وايجاد الحل الشــــافي لها ومن خلال الحوار المستمر واليجابي الذي يخدم مصلحة الجميع لانه يعنينا جميعاً ، اما اهمـــــال هذه الحالات يؤدي الى تراكمها والى ظهور اشخاص متعصبين لهذا الطرف اوذاك يمكنهم من تحريك مشاعر بعض الناس وتأثيرهم عليهم وتجعلــهم عنصر هدم في صفوف شعبنا ، وهذا ما نحن بغنى عنه الآن وكل ما اود التركيز عليه هو عــــدم اغفــــــال مثل هذه الحالات او ايجاد المبررات لها لان انتكاساتها ستؤدي الى الاضرار الفادحة بشعبنا جميعاً دون تمييز ولن يفلت احــــد منها لان اعدائنا كثيرون ومتعطشون لسفك دماء الابرياء والسنوات الخمسة الماضية اثبتت وبجدارة صحة هذه الحقيقة ومرة ثانية اطالب العاملين من ابناء شعبنا في الحقل السياسي والكنسي ان يكونوا صادقين مع نفسهم وثم مع الآخــرين ، لان زمن الخطابات الرنانة قد ولى الى غير رجعة ، وكذلك الذين يكتبون المقالات الانشــائية عليهم ان يركزوا على الواقع القائم بين ابناء شعبنا الاشوري ، الكلداني ، السرياني ، والعلاقات السائدة بينهما وتســـــليط الضوء على النقاط السلبية التي تشكل عقبة في طريق توحيد هذا الشعب من اجل تحقيق نجـــــاح مشروعنا القومي في اقامة الحكم الذاتي لشـــــــعبنا في سهل نينوى .         

87
هل ان القذافي هو رجل دولة ام رجل دين ام إرهابي:



ان كل من يراقب سيرة هذا الرجل منذ استلامه السلطة في ليبيا بانقلاب عسكري عام 1969 والى يومنا هذا يشك بحقيقة أمره ويثير مخاوف الناس منه، ان تصرفاته وسلوكه لا تنمي بأي شكل من الأشكال عن انه يتصرف كرجل دولة او رجل دين. او يتمتع بكامل عقله وإرادته انه يشذ عن جميع الرؤساء الحاليين والسابقين. ولا نعرف هل هو رجل دولة، ام داعية إسلامي، ام فيلسوف العصر ام رئيس عصابة، ام رئيس جمعية خيرية في سبيل الله، انه يمزج بين كل هذه الصفات كما يدعي وكما يظهر من الواقع الذي يعيشه، وفي جميع هذه الصفات يظهر فيها فشلا ذريعا وموقفا مشينا لا ينسجم مع العناوين التي يتخذها لنفسه كقائد للأمة وزعيم للشعب، وفيلسوف العصر، كما عبر عن ذلك من خلال الكراس الأخضر الذي قام بإعداده ويتم تدريسه في مدارس البلاد عامة، ويدعى انه صاحب نظرية ثالثة في الحياة الى جانب النظرية الاشتراكية والنظرية الرأسمالية، وتتركز فلسفته هذه وبالدرجة الأولى على محاربة النصارى في جميع بقاع الدنيا ذلك في كل مناسبة وبدون مناسبة، ولم يكن من مبرر لذلك، إنني اكتب ملاحظاتي حول هذا الزعيم العربي (الفذ) من خلال تجربتي الشخصية عندما كنت مقيما في سوريا وبشكل غير دائمي في الفترة الممتدة ما بين 1980- 1987 وباختصار شديد:

1-   في بداية الثمانينات من القرن الماضي كنت اعمل مع المعارضة العراقية في سوريا ممثلا لحزب بيت نهرين الديمقراطي الأشوري، وفي بداية عام 1983 تلقت قيادة المعارضة العراقية في سوريا دعوة من القيادة الليبية للاجتماع في ليبيا من اجل توحيد صفوف المعارضة العراقية وكانت آنذاك الأحزاب المعارضة منطوية في أيطار ثلاثة جبهات سياسية ومنها جبهة (جود) أي الجبهة الوطنية الديمقراطية. وكانت تضم في قيادتها الحزب الديمقراطي الكردستاني (حدك) والحزب الشيوعي العراقي (حشع) وأحزاب أخرى، والجبهة الثانية كانت الجبهة الوطنية القومية الديمقراطية (جوقر) ومن ابرز الأحزاب في قيادتها هم الاتحاد الوطني الكردستاني (اوك) وحزب البعث قيادة قطر العراق المنشقة من حزب البعث العراقي . والجبهة الثالثة كانت الثورة العراقية وكان في قيادتها (حدك) وحركة الضباط الأحرار والاتحاد الديمقراطي الكردستاني وحزب بيت نهرين الديمقراطي وكانت هذه الجبهة بقيادة اللواء الركن حسن مصطفى النقيب حيث كان يحظى باحترام القيادة السورية، وكان لحزبنا أيضا علاقات  ثنائية مع (حدك) في جبهة (جود) وكذلك علاقات ثنائية مع حزب البعث في جبهة (جوقر)، كذلك كان لحزبنا أيضا علاقات جيدة مع بعض المواقع في القيادة السورية ومن خلال الضابط الأشوري المعروف أبو جوني هو حاليا لواء ركن متقاعد، وعين سفير سوريا في العراق ولكن لم يلتحق لحد ألان. وكان له دور بارز في مساعدة اللاجئين العراقيين في سوريا من أبناء شعبنا الكلداني الأشوري السرياني آنذاك. الناتجة ماديا وما يترتب عليها من تداعيات أخرى، وفي تلك الفترة حصل فعلا اشتباك جوي بين الطرفين وتم إسقاط طائرتين ميك 23 وعندما طالبوه بدفع القسط المترتب على سوريا الى الاتحاد السوفيتي السابق، فأرسل لهم قائمة مطاليب يشترط تنفيذها أولا ومن ثم يدفع الثمن وعندما راجعوا تلك المطاليب فتبين إنها تعجيزية فاخبروا الرئيس الأسد بذلك فقال لهم ارموها في المزبلة ولا أريد الاطلاع عليها لسخافتها ثم أضاف قائلا هل تعرف أن نائب القذافي عبد السلام جلود يأتي الى القيادة السورية ويشكي حاله من القذافي ويمكث أيام عديدة معتصما في دمشق تعبيرا عن رفضه لموافق القذافي المخجلة ولكن دون جدوى، وأخيرا قال لي إذا ترغب بالذهاب الى ليبيا فانا مستعد لتزويدك بجواز سفر سوري وبالاسم الذي تختاره كالذي سبق وزودناك به لدى زيارتك لإيران ويكون أيضا لسفرة واحدة فقط، وبإمكانك استخدام نفس الاسم السابق الذي كان باسم يوسف إبراهيم عبد الله، ولكنني رفضت أي اقتراح من هذا القبيل ثم قال لي اطمئن انك سوف لن تخسر شيئا من عدم اشتراك حزبكم بهذا الاجتماع لأننا لن نضع أمالا على هذا الاجتماع في توحيد أحزاب المعارضة العراقية لان الخلافات بين أطرافها الرئيسية عميقة جدا ولها امتدادات إقليمية ودولية، وكل ما نتوقعه من هذا الاجتماع هو حصولنا على الدعم المادي وربما بعض الأسلحة الخفيفة. ثم تركت مكتبه عائدا الى شقتي في حي مساكن برزة في دمشق.

 

2- وبعد عدة أيام سافرت الوفود الى ليبيا كما كان مقررا لها وعددهم 19 حزبا ومنظمة سياسية وفي ليلية واحدة قبل موعد الاجتماع، أمر القذافي بتشكيل ستة أحزاب عراقية جديدة وثم وضع منهاجها ونظامها الداخلي حسب طلبه وجميعها كانت متشابه حيث كانت مزيج من العروبة والإسلام والديمقراطية، ولكنها بعناوين مختلفة. وفي اليوم التالي اثناء الاجتماع أصبح عدد الأحزاب الحاضرين في قاعة الفندق 25 حزبا واستغرب الحاضرون وسألوا من هم هذه الأحزاب الجديدة ومن هم أصحابها، فقالوا لهم ان الأخ معمر أمر بتشكيلها بناءا على رغبته، ولكن تم رفضها من قبل الحاضرين وكان للسيد فخري كريم زنكنه دور بارز في ذلك واعتبرها مهزلة وكان يمثل آنذاك الحزب الشيوعي العراقي وفي اليوم الثاني انسحب من الاجتماع بعض المندوبين ومن الذين التقيت معهم كان السيد احمد النهر مسؤول الحزب الشيوعي العراقي القيادة المركزية. ثم عادت الوفود ولم يطرأ أي تغير ملموس على هذه الأحزاب والخلافات بقيت كما هي وربما تم الحصول على الدعم المادي والعسكري لبعض الأحزاب فقط وحسب شروط القيادة الليبية. 

3- وفي إحدى زيارات عبد السلام جلود نائب القذافي واعتقد كانت في عام 1983 إلى سوريا اجتمع مع بعض مسؤولي الأحزاب في المعارضة العراقية. من الذين استفادوا ماديا من مكرمة القذافي، وفي سياق الاجتماع قال لهم ان الأخ معمر ابلغني ان اجتمع معكم وانه غير راضي وممتعض منكم بسبب وجود وزير الخارجية الأمريكي يسرح ويمرح في بلاد الشام وانتم لم تحركوا ساكنا، كيف يحلو لكم النوم في دمشق والوزير الأمريكي يطرق بابكم يوميا (وفعلا تلك الفترة كان وزير الخارجية الأمريكي ينتقل بين  سوريا وإسرائيل ولعدة مرات) ثم أضاف قائلا ، لقد كان بإمكانكم تجنيد فلسطينيا او احد المرتزقة من الدول الإفريقية ليفجر نفسه بهذا العدو المجرم ، وعندما رد عليه احد الحاضرين وقال له كيف يمكن لنا ان نغتال وزير أمريكي هو بدعوة رسمية في سوريا . هذا شيء مستحيل، فرد عليه جلود وقال ان كان هذا مستحيل فكان بإمكانكم تجنيد احد السوريين العاملين في التنظيف الشوارع وتكليفه بوضع قنبلة لاصقة تحت مقعد الوزير في العربة التي تقله فان لن تقتله فتكون رادعا له لكي لا يفكر بالملجئ الى بلاد العرب المسلمين في الشام ثم رد مرة أخرى عليه السيد عبد الله الركابي وقال له ارجوا ان تخبر الأخ معمر لكي يفهمنا جيدا نحن لسنا إرهابيين فلو كنا كذلك لبقينا نعمل مع صدام وهو الذي يدفع أضعاف ما يدفعه الأخ معمر للإرهابيين. نحن نمثل حركات سياسية لها برنامجها السياسي وليس لنا أي مادة في دستورنا ونظامنا الداخلي ينص على الإرهاب او ما شابه ذلك.
    ارجوا ان تعرفون ذلك جيدا اننا لسنا مرتزقة .وانتهى الاجتماع دون ان يحقق عبد السلام جلود ما امر به سيده القذافي، وان السيد عبد الله الركابي يعيش الان في لندن بريطانيا. وكان مسؤول الحركة الاشتراكية العربية التي أسسها المرحوم الشهيد فؤاد الركابي وبدعم من جمال عبد الناصر .

4- وفي مثال أخر عن القذافي ، التقيت مع الصحفي والإعلامي العراقي السيد ابراهيم احمد وهو أيضا كان من ضمن المعارضة العراقية في دمشق وهو من المجموعات الماركسية ، وفي سياق الحديث بيننا تتطرق الى القذافي في حديثه من دون ان أساله وكان يعتبره ظاهرة شاذة في عصرنا وفي المجتمع العربي وقال على سبيل المثال ومن حديثه الطويل عنه. لقد كلفت من قبل رئيس  تحرير جريدة الجمهورية العراقية آنذاك في نهاية السبعينيات بان أقوم بتغطية شاملة لمناسبة ثورة الفاتح التي قادها معمر الفذافي في ليبيا عام 1969 ، وتم تبليغي قبل أسبوع من تاريخ هذه المناسبة . وتركت لي مساحات شاسعة في الصحافة العراقية لكي أقوم بتغطيتها وأضاف قائلا لقد حملت حقيبتي وملحقاتها وقصدت السفارة الليبية في حي المنصور والتقيت مع الملحق الثقافي في السفارة وطلبت منه كل ما يملك من معلومات عن القائد الفذ القذافي، وبعد الحوار معه لوقت طويل فلم استطيع ان احصل منه على أي وثيقة تدعم مواقف هذا الرجل. الايجابية وأخير قال لي يا أخي إذا تريد الحقيقة فان الأخ معمر ليس له شيء يستحق الذكر، انه تخرج من الكلية العسكرية، ومن المعروف ان هؤلاء لم يتعلموا سوى الهرولة والزحف، وكل ما يملك من العبقرية هو إعداده للكتاب الأخضر فقلت له ولكن خصصت لي مساحات شاسعة في الصحافة العراقية، علي ان أقوم بتغطيتها فكيف ذلك فقال لي عليك ان تبدع في هذا المجال كما تبدعون في تغطية أخبار رئيسكم ونائبه. وكل ما حصلت عليه هو صور لفنادق فخمة في طرابلس ولكنها خالية من البشر لعدم وجود أي سائح او رجل أعمال يزور ليبيا بسبب نظامها ورئيسها الأخ معمر القذافي الإرهابي وأخيرا حملت حقيبتي والصور التي زودت بها، وعندما سلمتها الى رئيس التحرير عاتبني كثيرا وقال ان العلاقات بيننا والحكومة الليبية جيدة جدا وجاءت توصية للاهتمام بهذه المناسبة من الوزارة فاعتقد ستوجه عقوبة لنا بسبب ذلك. فقلت له هذا كل ما استطيع ان اعمله.

5-   وفي مثال أخر على فشل هذا الإنسان في حياته وأثره على شعبه.....

في عام 1983 سافرت من طهران العاصمة الإيرانية الى دمشق على متن طائرة إيرانية جمبو وفي مقاعد الدرجة الأولى حيث كان عدد المسافرين لم يتجاوز الستون.

ومن الصدف جلس بجانبي السكرتير الأول في السفارة الليبية كما ادعى ذلك وأثناء الطريق الذي يستغرق ثلاث ساعات ونصف دار حديث سياسي بيننا ربما كان يعتقد بأنني رجل دبلوماسي لأنني كنت مرتديا بدله ورباط في الوقت الذي كان يمنع استعمال ربطة العنق للرجال في إيران لأنها كانت تعتبر من أعمال الشيطان والاستكبار العالمي الذي تقوده اميركا وفي سياق الحديث حول تقييمه للوضع السائد في ليبيا، فقال لا احد من العقلاء والمثقفين يرضى بهذا الوضع القائم في ليبيا. لقد مضى على ثورة الفاتح من أيلول أكثر من اثنا عشر سنة ولايزال شعبنا يعاني من الأزمات الخانقة في الاقتصاد خاصة، ولايزال المواطن الليبي ينتظر ساعات أمام أفران الصمون والخبز للحصول على قوته اليومي كما يعاني أيضا من الحصول على المواد الغذائية الرئيسية بالإضافة الغاز والسيكائر وغيرها أما الديمقراطية والحرية اللذان يدعيان بها فإنها أكذوبة مفضوحة للجميع فأنهم يطبقون النظام الشمولي والذي تقوده اللجان الشعبية وهذه اللجان غير مؤهلة للقيام بهذا الواجب ولا بغيره أنهم مجموعة من الشباب غير واعين ولا مدركين ولكنهم فقط ينفذون أوامر القذافي و جلود وبابكر يونس قائد الجيش وهم مطيعون لهم طاعة عمياء وهنا تكمن المشكلة الحقيقية.  وأضاف قائلا ان الشعب الليبي لم يحصل سوى على الوعود الكاذبة ولا يزال تحت وطأة الفقر والجهل والمرض في الوقت الذي تعتبر ليبيا من الدول الغنية بسبب امتلاكها للنفط ومشتقاته، وتستخدم هذه الثروة لشراء السلاح ودعم المنظمات الإرهابية في جميع أنحاء العالم . كما انه يحيط نفسه بسلطة من الفتيات الباكرات وكأنه يعيش في الجنة وإنهم الحوريات التي وعد بها ربنا إلى الصالحين من بني البشر كما جاء في القران الكريم.

6-  هناك أمثلة عديدة لا مجال لذكرها وكل مايملك هذا الشخص في حياته هي المشاريع الإرهابية التي يتبناها طوال حياته ، ويتم تنفيذ هذه الإعمال من خلال مؤسسات الدولة الليبية والجمعيات الخيرية الإسلامية التي يأخذ لها عناوين مختلفة ، والتي يشرف على قسم منها ابنه سيف الإسلام الذي يدعم ويمول علنا منظمة ابو سياف الإرهابية في الفيليبين بالإضافة الى عشرات المراكز الإسلامية المنتشرة في أنحاء العالم أنها تشكل بؤر للإرهاب ويستهدف منها تصفية خصوصه في المعارضة الليبية وغيرهم من الذين يعتبرهم أعداء الإسلام وأعداءه . وان المحافل الدولية جميعها تشهد بقيام القذافي بتفجير طائرة اللوكربي  التي راح ضحيتها حوالي 300 شخص كما قام بتفجير النادي أليلي الذي يترددون اليه الجنود الأمريكان في ألمانيا ، كما قضي على رجل الدين الشيعي ألبناني موسى الصدر ورفاقه ، وكذلك خطط لاغتيال ولي العهد السعودي الأمير عبد الله في لندن وهو ملك السعودية حاليا، وشارك في مئات العمليات الإرهابية ولكن لم يعلن عنها ، وجند ألاف المرتزقة من المسلمين الأفارقة لمقاتلة النصارى في لبنان في الأعوام 1975-1976 وكان يدعمهم بالمال والسلاح والفتاوى الجاهزة التي تحلل قتل النصارى أينما كانوا ولاسيما في لبنان.

     وأخيرا وليس أخرا قام بإطلاق سراح 90 تسعون إرهابيا أعضاء في منظمة القاعدة من السجون الليبية حسب تقرير إذاعة لندن بتاريخ 8/4/2008

     ان مشاريع هذا المعتوه الإرهابية لها بداية وليس لها نهاية ، ولا يفهم من الحياة شيئا سوى الإرهاب الذي يفتخر به ، ولا يعرف شيئا عن حقوق الإنسان، وألان بعد ان قرر المجتمع الدولي حصاره وعزله ومراقبته بدا ينشر ثقافة الإرهاب والكراهية ضد كل من هو غير مسلم وفي مقدمتهم النصارى الكفار كما يدعي ويقوم بممارسة هذه الثقافة في المدارس العامة والمؤسسة التعليمية الدينية ، وله مدارس منتشرة في الخارج وهو شخصيا ينشر فكره هذا من خلال المناسبات التي يحضرها ، ولم يخص مناسبة واحدة الا وتهجم فيها على النصارى ، وإنني متفائل جدا بان مصيره لن يكن أفضل من مصير صدام حسين ، وسوف يلحق الذين سبقوه وهم راكدين في مزبلة التاريخ وما أكثرهم ، وأخيرا ان كل المؤشرات تدل على ان هذا الشخص هو رجل إرهابي بعيدا كل البعد عن رجل دولة او رجل دين. 

88
الخيبة.. جراء التصريحات غير المسئولة للمسئولين العراقيين


بقلم داؤد برنو
ليس من السهل فهم الكثير من المقابلات التي تحصل في وسائل الإعلام لمسئولين عراقيين لما تثيره تصريحاتهم من الدهشة والحيرة لتضمّنها الكثير من المغالطات الممزوجة بالقليل القليل من الصدق، وبالتالي فهم يكرسون فوضى سياسية وانعدام الثقة والشك في مقدرة هؤلاء للقيام بواجباتهم بشكل صحيح، ومع أننا اعتدنا على هذه النماذج لكثرتها لكن الألم في كل مرة يعتصر قلوبنا، ففي الوقت الصعب والحرج يتطلب المصداقية والأمانة، يطل علينا هؤلاء (المسئولون) فيثيروا فينا السخرية والتهكم فإذا بدأنا بمستشاري رئيس الوزراء والبالغ عددهم أكثر من درزن وعلى سبيل المثال لا الحصر صرحت السيدة مريم الريس بان رئيس الجمهورية ونائبيه هم عبارة عن هيئة تشريفية لا سلطة لهم!!، كذلك صرح الموسوي بان الأكراد هم عراقيون فقط عندما يتعرضون إلى المخاطر وبعكسه هم غير ذلك!!، واصدر مكتب رئيس الوزراء بياناً ذكر فيه أن المسيحيين هم عبارة عن جالية في بغداد!!!!، وأخيراً وليس آخراً صرّح السيد علي الدباغ في المقابلة التي أجرتها معه قناة الحرة بان الشيعة يتعرضون للإرهاب أكثر من المسيحيين، ولا أريد الإطالة فهؤلاء إما يخفون الحقيقة عن جهل أو غير ذلك لا اعلم إلا أن هذه المسالة هي إحدى المصائب المهمة التي يعاني منها المالكي حيث أحاط نفسه بمستشارين يفتقرون للخبرة والتجربة السياسية ويتحلون بنفس طائفي رغم انه رجل وطني... وعلى أي حال هنا اطرح مصيبة أخرى بمذاق جديد وأشير إلى ما صرّح به السيد وليم وردا السياسي والإعلامي العراقي كما قدمه مقدم البرنامج ورئيس منظمة حمورابي لحقوق الإنسان كما قدم هو نفسه في لقاء قناة الحرة والذي بث يوم الاثنين المصادف 28/1/2008 في الساعة الواحدة والنصف ظهراً، لقد اظهر جهله أو تجاهله للحقائق والوقائع القائمة في كردستان بشكل عام وفي منطقة سهل نينوى ومناطق أخرى وجاء ذلك في سياق رده على سؤال عن مصادر المساعدات التي تأتي إلى المهجرين المسيحيين داخل العراق وفي دول الجوار فقال إن المساعدات تأتي من وزارة الهجرة والمهجرين العراقية والجمعية الخيرية الآشورية ومنظمة حمورابي لحقوق الإنسان دون أن يذكر المصدر الأهم المعروف للقاصي والزاني ولدى ابسط المواطنين المسيحيين وغيرهم إلا وهي مؤسسة رابي سركيس آغاجان التي قامت بمشاريع ضخمة وفي مقدمتها بناء الآلاف من البيوت فضلاً عن المساعدات الأخرى المهمة لآلاف العوائل المهجرة، كما وفرت فرص عمل دون تفرقة بين مذهب وآخر، وهل يجهل السيد وليم الأوسمة التقديرية الرفيعة التي قدمها رؤساء المذاهب والطوائف المسيحية وفي المقدمة قداسة بابا روما وبابا الإسكندرية والبطاركة رؤساء الكنائس الكلدانية والسريانية بفرعيها والآشورية بفرعيها أيضاً والارمنية وغيرها، أم لعله لم يقرأ شيئاً عن المسئولين العسكريين والمدنيين الذين يتوجهون إلى اربيل لزيارة رابي سركيس والبحث معه حول مشكلة المهجرين المسيحيين العراقيين في الوقت الذي يقدم نفسه كرجل إعلام وسياسة ومدافع عن حقوق الإنسان... الخ، من العناوين التي لها بداية وليس لها نهاية فكيف لا نشعر بالخيبة والألم وقد تبوأ أمثال هذا موقع تمثيل شعبنا الكلداني الآشوري السرياني، هؤلاء قصيري النظر تتحكم فيهم الطائفية فتعميهم وتقودهم إلى الجهل، وقد حان الوقت لفضحهم فيعرفوا حجمهم الحقيقي ولا يسببوا عثرات للآخرين، وهنا أشير إلى حادثة واحدة فقط لمثل هؤلاء وما أكثرها ففي تشرين الأول من عام 1996 زار أميركا مثلث الرحمة المطران حنا مرخو راعي أبرشية الكلدان في اربيل ملبياً دعوة عشاء في دار الدكتور البروفسور كامل هرمز كادو( رجل أعمال بارز في ولاية مشيكن) ومن محاسن الصدف حضرت الدعوة لكوني صديق لأشقاء الدكتور كلا من الأستاذين الفاضلين رحيم واندراوس كما حضر هذه الدعوة العديد من الشخصيات ورجال الأعمال في الولاية وفي سياق الحديث سُئل المطران من احد الحاضرين عن المساعدات التي تُرسل إلى أبناء شعبنا في الشمال لغرض دعم مشروع تدريس الطلاب لغتنا الأم (السريانية) من خلال اللجنة الخيرية الآشورية التي ترسلها إلى منظمة الحركة الآشورية في عينكاوه، فتجاهل المطران الإجابة وألح عليه السائل كونه احد الممولين ويملك عدّة محلات تجارية وضع في كل واحد منها صندوق خيري لجمع التبرعات مكتوب عليه (إن هذه الأموال ترسل إلى الأطفال الآشوريين في شمال العراق لغرض تامين لهم الغذاء والدواء والدراسة)، إلا أن المطران أبى الإجابة مرة أخرى بحجة انه مطران جديد على الأبرشية وانه حريص جداً على تجنب أي مشكلة هو في غنى عنها، ولم يمضي وقت طويل حتى طلب من المطران وبإلحاح الإجابة عن السؤال وبعد أن أصبح أمام الأمر الواقع طلب منا كتمان السر ووعدناه بذلك والتزمنا بتعهدنا حتى الآن ولقد أصبح المفيد الكشف عن هذه الحقائق لتكون كل الأمور تحت الضوء فلا يتجرأ احد على المخادعة وغير ذلك، فأجاب المطران وباختصار شديد، بالنسبة لنا كأتباع الكنيسة الكلدانية لم نستلم قرشاً واحداً من تلك المساعدات أو غيرها، وإننا نشعر بان بعض المسئولين في الحركة الآشورية يحاولون الابتعاد عنا وعزلنا ولا نعرف الأسباب والدوافع ربما لهم حساباتهم الخاصة، ثم طلب منه الحاضرون أن يأتي بمثال على ذلك، فقال الكلام كثير عن هذا ولكن أورد لكم مثالاً حصل معي شخصياً، عندما كانت تحصل مناسبات لإخواننا الأكراد في اربيل كنا نقوم بواجبنا بزيارة المسئولين الأكراد من خلال وفد مشترك بيننا لاسيما عندما كانت تحصل مناسبات دينية إسلامية، وفي المناسبة الأخيرة لأعياد المسلمين وكعادتنا اتصلت مع أخي ألخوري.... راعي الكنيسة الآشورية في اربيل وسألته عن موعد ذهابنا إلى محافظة اربيل لتهنئة الزعماء الأكراد فرد علي انه سوف لن يذهب ولن يشارك بهذه المناسبة، لم اسأله عن السبب لكنه سألني عن موعد الذهاب فقلت له إن الموعد الذي اتفقنا عليه مع لجنة التشريفات هو الساعة الحادية عشر صباحاً وبعدها اتصلت ببعض الوجهاء من أهالي عينكاوه وشكلنا وفد للزيارة بالموعد المحدد لنا وفي الساعة العاشرة اتصل معي راعي الكنيسة الكلدانية في السليمانية وطلب مني بان يشارك معنا بهذه المناسبة لرغبته الشديدة في مقابلة احد المسئولين في القيادة الكردية، ناقشت معه موعد الزيارة الذي أعطي لنا، فقال لي إنني من هنا سوف اتصل مع لجنة التشريفات وأغير الموعد إلى الساعة الثانية عشر ظهراً وبقينا ننتظر ألخوري القادم من السليمانية وذهبنا بموعدنا الجديد وعندما دخلنا القاعة تفاجئنا بوفد كبير لخوري الكنيسة الآشورية هناك، وبعد المصافحة مع القادة المسئولين الأكراد لم أجد مقعد للجلوس بالقرب من المسئولين فاخلي لي مقعد بجانب ألخوري، أما باقي أعضاء الوفد وجد لهم أماكن في القاعة لكن ليس بجانبي كما هو متبع في مثل هذه المناسبات وذلك بسبب التغيير الذي حصل في موعد الزيارة، وأضاف المطران قائلاً وبعد تقديم التهاني إلى المسئولين التفت إلى أخي خوري الكنيسة الآشورية لأساله عن صحته لأنني كنت أتصور وأتوقع أن سبب الإلغاء وعدم المشاركة بهذه المناسبة هو حالته الصحية لكنه قال لي سيدنا أنا متأسف جداً لما حصل وأقول لك بصراحة أنني استطيع أن اخفي هذا السر عليك ولكن لا استطيع أن أخفيه عن ربنا يسوع المسيح الذي يعلم كل شيء وقادر على كل شيء ولا يوجد شيء في حياتي مهما كان أن يكون أقوى من إيماني بعقيدتي المسيحية واعترف أمام الله وأمامك بان السيد يونادم كنا عضو قيادة الحركة الآشورية اتصل بي واخبرني بان نذهب إلى هذه المناسبة بوفد آشوري لوحدنا، قلت له من المتبع أن نذهب بوفد مشترك، فقال لي إن احترامنا لدى القيادة الكردية يختلف عن الآخرين فنريد أن نحافظ على هذا المستوى من الاحترام والعلاقة المتبادلة بيننا وبين القيادة الكردية ولا داعي لأقول لك أكثر من هذا، فقال المطران إننا أيضاً حريصون على تعزيز علاقتكم مع إخواننا الأكراد لأنها تخدم الجميع من أبناء شعبنا المسيحي في المنطقة ولا نريد أن يصيبكم أي ضرر أو إساءة بسبب قربنا منكم وأملنا فيكم أن تكونوا عوناً لنا دائماً، هذه حالة واحدة من المواقف المتراكمة المخجلة التي نتستر عليها وهناك مواقف وتصرفات كثيرة نحافظ عليها ولكن هل نستطيع أن نحافظ على سرها إلى الأبد؟، إن الوضع السياسي الفوضوي السائد في العراق لا يتحمل التستر على أخطاء وممارسات الآخرين وتجاوزاتهم فنلاحظ كم من الانتقادات توجه إلى المسئولين في الحكومة المركزية وحكومة الإقليم والكثير منها يتم التعامل معها بجدية وهذا يؤدي إلى حالة صحية وايجابية في تصحيح الأخطاء وتجاوزها ويعزز في ترسيخ قواعد الحرية والديمقراطية، إنني هنا لا استهدف  احد في فضح هذه المواقف والممارسات وليس الهدف هو التشهير بأحد أو الانتقام منه لأنني لست منافساً لأحد سياسياً ولا بحاجة إلى موقع وظيفي أو مادي لكن لم ولن نسكت عن الممارسات الخاطئة التي يقوم بها بعض المسئولين من أبناء شعبنا أياً كان، كل ما نطلبه من الذين يعملون في المجال السياسي عليهم أن يدركوا جيداً بأنه لا يوجد الآن مواطن واحد في صفوف شعبنا لا يعرف الحقيقة أو لا يفهم أين هي مصلحته ومصلحة شعبه، إن قضيتنا لا تحتاج إلى نظريات فلسفية فعليهم القيام بأعمال تؤدي إلى توحيد الصف في المؤسسات السياسية والثقافية والاجتماعية والعمل من اجل المصلحة العامة لشعبنا وليس لمنظمته أو حزبه السياسي، إننا نمر الآن بمرحلة صعبة ودقيقة ومحددة فإذا لم نحصل على حقوقنا الآن فمتى إذاً؟ هل ننتظر حرباً جديدة؟؟، فعلى السياسيين تقع المسؤولية أولا وثم الجميع، فعليهم أن يبذلوا كل ما بوسعهم من اجل إدراج حقوقنا القومية المشروعة في دستور الحكومة المركزية وحكومة إقليم كردستان والتي تشمل الحكم الذاتي لشعبنا الكلداني الآشوري السرياني في سهل نينوى الذي هو موطننا الأصلي ومنذ أكثر من ألفي عام والى يومنا هذا بالرغم من بعض التغيير الحاصل في ديمغرافية المنطقة بسبب الأنظمة العنصرية التي توالت على حكم العراق لاسيما في عهد النظام السابق.

89
استشهاد المطران بولص فرج رحو لم يكن مفاجأة

بقلم داؤد برنو/ ضابط متقاعد
قبل سنة تقريباً كتبتُ مقالين حول المطالبة بتشكيل قوة مسلحة من أبناء شعبنا الكلداني الآشوري السرياني للحماية من الأخطار المحدّقة به وتم نشر المقال في موقعي عينكاوا وتللسقف مشكورين، طالبتُ من خلالهما ممثلي شعبنا في البرلمان والحكومة في كل من بغداد واربيل لتبنيّ هذا المشروع وذكرت الأسباب الموجبة لذلك، لكن مع شديد الأسف لم اسمع أو اقرأ أي رد أو تعليق على تلك المقالتين وما تضمنتهما من مشروع امني غايته الحفاظ على شعبنا والدفاع عنه وعدم تركه لقمة سائغة للأشرار الجبناء لاسيما في هذا الظرف الذي تسوده شريعة الغاب حيث الفوضى والفلتان في كل مكان من ارض العراق باستثناء كردستان الآمنة، علماً أن العديد من أبناء شعبنا تركوا ارض الوطن هاربين من الأوضاع الأمنية المتردية فيه تائهين في بقاع العالم يطلبون الحياة في أي مكان خارج بلدهم مما جعلهم يعيشون في فوضى تاركين أرضهم ولغتهم وأصدقائهم ومنازلهم فتشتت أبناء العائلة الواحدة إلى أكثر من دولة وليتهم مرتاحين بذلك لان أغلبيتهم يشدّهم الحنين إلى ارض الآباء والأجداد ارض الرافدين التي أحبوا ثمارها وعاداتها المرتويين من دجلة والفرات الخالدين مما اثرّ ذلك حتى في نفسية من بقوا مجبرين في ارض الوطن ممن ليس لهم القدرة المادية للهرب أو من الذين انغلقت أبواب الهجرة في وجوههم فأصبحوا الفريسة السهلة للأشرار المجرمين وأصبحت نسبتنا قليلة جداً نسبة إلى مختلف أطياف الشعب العراقي، ولقد انطلقتُ من مرتكزات استقراء الواقع بإفرازاته الشاذة التي باتت مألوفة على ارض الواقع بعد أن وضعنا في زاوية ضيقة لم يعد أمامنا إلا خيار الدفاع عن النفس بكل ما أوتينا من قدرة وقوة عبر وحدتنا وتسامينا عن كل الصغائر التي تشتتنا وتتيح للأشرار الحرية في الحركة في كل ناحية تفتك وتنحر وتغتصب وتقتل باسم الله والدين، والآن ماذا ننتظر؟ مزيد من التضحيات يعقبها كلمات مهدئة للتسلية، كلمات ليس إلا، سمعناها بعد مقتل الكهنة والآن نسمعها بعد مقتل المثلث الرحمة المطران رحو وسنبقى نسمعها إلى أن يقضوا علينا شيئاً فشيئاً والواحد بعد الآخر.
انه عصر ثقافة الإرهاب ضد ما تبقى من شعبنا فنحن طعم شهي للمتشددين القتلة لان لا حماية لنا وليس من يقوم بخطوات عملية للبحث عن حقوقنا ولان المتشددين يستثمرون بعض الآيات والأحاديث مفسريها بحسب رغباتهم ومساعيهم الإجرامية في كلا الطرفين السني والشيعي، خذ مثلاً النهي عن المنكر تقوم بتطبيقه فرق الموت المنتشرة في أنحاء البلاد، انه زمن لا يحترم فيه إلا (الأقوياء) أما المسالمون فنصيبهم الإلغاء والتهجير، انه زمن الخارجون من الجحور المظلمة حاملين معهم كل أدوات الجريمة يسترشدون بعقليتهم العنصرية المتعصبة تسندهم خطب البعض من ملاليهم وهم جادون في وضع كل الشعب في زنزانتهم النتنة وفي المقابل فان ثقافة السلام تتحرك بخجل وسط ضجيج الفتاوى الموجهة إلى قتل غير المسلمين بالدرجة الأولى والمسلمين ممن يخالفوهم الرأي بالدرجة الثانية لكن قتل غير المسلمين هو حلال عندهم لا بل واجب وضرورة للوصول إلى الجنة الموعودة، فأي اله يعبدون يدخل القتلة والمجرمون إلى جنته، بينما نحن ندعو إلى التعايش السلمي والحوار والتآخي، ترى هل يكون الحوار مع أولئك الذين لا يطيب لهم العيش إلا وسط دماء المغدورين؟، والعديد منهم إن شهر مسدسه بوجه احد المساكين لا يستطيع إغماده مرة أخرى دون قتل الفريسة البشرية لأنه يعتبرها اهانة لشرفه الإجرامي.
لقد عشنا قرون عديدة بسلام وأمان واحترام متبادل لاسيما مدينة الموصل التي شهدت جريمة استشهاد المطران رحو والتي يستنكرها كل أهالي الموصل وهم براء منها، انه واقع العصابات المتشدّدة فلا يمكن تجاهله أو إغفاله، إنها مرحلة من الصراع تبدو حاسمة ومصيرية فينبغي أن نبقى في حالة اليقظة والحذر من هذه الأوضاع، وان مسؤوليتنا التاريخية والأخلاقية تملي علينا جميعاً أن نحدد موقفنا بدقة ووضوح من الحكومة الحالية التي لا تستطيع حمايتنا ولا تحاول ذلك، وهي أيضاً لا تسمح لنا في حماية شعبنا كما هو الحال بالنسبة للآخرين من مكونات الشعب العراقي فمنهم من يملك الميليشيات ومنهم من يملك الصحوات والآخرين هم متحصنين خلف القوات المسلحة الحكومية وكأنه تم إناطة العمل بهذه القوات من بينهم ولأجلهم فقط، أما شعبنا فهو خارج هذه المعادلة فعلياً، غرقنا بالتصريحات الجميلة التي لا تولّد الالتزام بقضية شعبنا أبداً وإنما هي لذر الرماد في العيون وكما يقول المثل إن أقوالك تعجبني أما أفعالك تعجّبني، وهناك دلائل كثيرة تبرهن ذلك،إنهم يدّعون بالديمقراطية المزدهرة في بلادنا ولكنهم لا يعرفون أن الديمقراطية لها آلية تتضمن حقوق الإنسان وتطبيق القوانين الدولية واتخاذ النهج السلمي في اسلوب الحكم والممارسة وليس فرض الأمر الواقع على الشعب لاسيما على شعبنا الكلداني الآشوري السرياني.
الديمقراطية ليست نصوص جامدة إنما هي ثقافة ممارسة على ارض الواقع، إن ما نلمسه ونشعر به ونعاني منه هو موقف الحكومة في كل من بغداد والموصل والبصرة بشكل أسوا حالة عاشها شعبنا خلال تاريخه الطويل في هذا البلد، إن الخوف والرعب يسيطر على هواجس المواطنين ولاسيما شعبنا الآمن الذي لا يملك أي وسيلة للدفاع عن نفسه ولا يوجد من يدافع عنه ولا يسمح له بذلك، انه ضحية كل يوم ومستهدف من أطراف عديدة ومنها الزمر الوافدة من الخارج والمدعومة من منظمة القاعدة وإيران، إن مشكلة المسيحيين في العراق تتفاقم يوماً بعد يوم بسبب الغزو الثقافي للإسلام المتشدد من السنة والشيعة القادم من دول الخليج وإيران بالإضافة إلى العصابات المنتشرة في كل مكان وهدفها هو كسب المال الحرام وخطف البنات لإشباع غرائزهم الشريرة وان المشكلة ليست طارئة أو وقتية إنما هي دائمية تسير نحو الأسوأ، إن جميع الظروف والعوامل تشجّع هذه الظاهرة كي تزيد من معاناة المسيحيين في العراق خاصة عملية تهجيرهم بشكل جماعي وانطلاقاً من هذا الواقع الذي نعيشه إنني اكرر طلبي وللمرة الثالثة لتشكيل قوة مسلحة من أبناء شعبنا الكلداني الآشوري السرياني لا تتجاوز خمسة آلاف مقاتل لحماية شعبنا والدفاع عنه ولكي لا يسقط رمز آخر لا سمح الله من رموزنا الدينية برصاص الغدر والخيانة لهؤلاء الجبناء الذين نعرفهم جيداً، إنهم زمر من الأغبياء والجهلة، إنهم أيتام السعودية وبعض دول الخليج وأمراءهم، إن منظمة أسامة بن لادن تجهزهم بالأسلحة المتطورة والأموال الطائلة وما يلزمهم من وثائق السفر والقضايا اللوجستية، ومع كل هذه الإمكانيات الهائلة فان عملياتهم الإرهابية تستند إلى الغدر والخيانة ونرى كيف يهربون كالجرذان المسعورة أمام قوات البيشمركة في الموصل وديالى يفجرون أنفسهم بعد أن يتناولوا الحشيش ومشتقاته فلم يستطيعوا مواجهة القوات الأميركية أو العراقية في الاشتباك القريب أبداً، إن الدعاية التي تقدمها لهم قناة الجزيرة وغيرها تجعلهم أبطال لكنهم اجبن خلق الله، من حقنا أن نطالب الحكومة العراقية بتأمين الحماية لشعبنا أو تجهيزه بالسلاح المطلوب لحماية نفسه وعند ذلك نقوم بواجبنا في حماية شعبنا ولا نحمّل المسؤولية للحكومة العراقية أو أي طرف آخر في أي مصاب قد يحصل لنا في المستقبل، إن شعبنا مؤهّل لتحمّل هذه المسؤولية إذا قدم له الدعم المادي والعسكري من قبل الحكومة وقوات التحالف كما هو الحال بالنسبة إلى قوات الصحوة في محافظات الانبار وديالى وبغداد، وسوف نلقن هؤلاء الجبناء وأنصار القاعدة درساً لن ينسوه أبداً، واني شخصياً أضع نفسي في إمرة هذه القوة المسلحة التي نطالب بتشكيلها الآن وقبل فوات الأوان، وان يكون نشاط هذه القوة في محافظة نينوى وأطرافها وان يكون لها أيضاً آلية للعمل توافق عليها الحكومة المركزية في بغداد وحكومة إقليم كردستان وتعمل وفق القوانين والتعليمات الصادرة منهم وسوف نساهم في استتباب الأمن والاستقرار لهذا البلد اسوة بالآخرين من أبناء الشعب العراقي المجيد.

90
شعبنا الكلداني الآشوري السرياني والأكراد إخوة إلى الأبد / الجزء الثاني
بقلم داؤد برنو
لقد كتبتُ في الجزء الأول من الموضوع أعلاه عن ضرورة العلاقة الايجابية الفاعلة بين شعبنا والشعب الكوردي الشقيق وفي نفس الصدد أواصل الحديث عن ترسيخ هذه العلاقة وعلى كافة الأصعدة لاسيما الثقافية لان مستقبلنا مرهون في اتخاذ القرار والاشتراك بايجابية فلا نبقى على الهامش خارج اهتمام كل من الحكومة المركزية في بغداد وحكومة إقليم كوردستان فيضيع نصيبنا في الخدمات أو أية مشاريع تنموية بإستثناء بعض الخدمات الملحّة التي تقدمها حكومة الإقليم  للمهجّرين النازحين من أبناء شعبنا القادمين من بغداد وباقي المحافظات والدعم الذي يقدمه رابي سركيس آغاجان أيضاً وهذا ناتج عن التذبذبات وعدم اتخاذ خطوة حاسمة لحد الآن فأين نحن من المعادلة السياسية القائمة الآن في العراق بين السنة والشيعة والأكراد؟، هل ننشغل بالنقاشات وننتظر حتى يفرغ العراق من أبناء شعبنا فيتشتت في بقاع العالم؟ في الوقت الذي نعرف جيداً أين تكمن مصالحنا القومية والإستراتيجية، ومع من سيكون مستقبلنا، إن الحكمة والشجاعة مطلوبتان الآن أكثر من أي وقت آخر ومن الضروري أن نسمي الأشياء بمسمياتها فما يجري هو اسلمة القوانين والتوجهات العامة على كل الأصعدة وبإشراف أحزاب دينية معروف تاريخها وعلى أي أسس قامت ومارست نشاطاتها المختلفة وما هي أهدافها الإستراتيجية، إنها قادرة على اختراع أسباباً للنيل من الآخرين وهي تجيد استخدام الدين في الأغراض السياسية لإشباع مطامعها ونزواتها التي عفي عليها الزمن، والواقع يشهد على انتهاك حق المواطنة واصطناع حواجز نفسية شاذة وتكريس العداء والبغض بين المواطنين، وفي الجانب الآخر فالصورة تختلف في إقليم كوردستان فالخطوات الايجابية على مستوى المنطلقات النظرية وعلى أرض الواقع واضحة تماماً وقد اختار الأكراد النهج العلماني والديمقراطية بما في ذلك فصل الدين عن الدولة وان دستور الإقليم والنظام السياسي السائد يضمن الحقوق المدنية والإدارة لجميع الفئات والقوميات والطوائف المتواجدة في الإقليم فضلاً عن خصوصية شعبنا في المنطقة على مستوى التاريخ والجغرافية والعلاقات العامة بالإضافة إلى العلاقات الخاصة للبعض من أبناء شعبنا من القيادات الكوردية ولا ننسى أبداً تضحياتنا المشتركة لنصرة قضية التحرير، إن مصلحتنا هي ضمان حقوقنا القومية وتوفير الأمن والاستقرار كما إن مصلحة الأكراد تقتضي أن تكون المكونات القومية الأخرى في كوردستان لا تشكل خطورة على نظامهم وان يؤتمن جانبهم، وكما هو معروف ومجرب إن شعبنا لم ولن يكن يوماً عائقاً في المسيرة النضالية للشعب الكوردي وانه يؤمن بالتعايش السلمي مع الآخرين وهو شعب حي ومنتج وله كفاءات جيدة كما انه المكوّن الثاني في كوردستان، إن دماء شهداؤنا امتزجت بدماء أبناء إخوتنا الأكراد من اجل التحرير وحق تقرير المصير كما دعمنا القضية الكوردية في المحافل الدولية وخاصة في أميركا ذلك للترابط الوثيق بين قضيتينا ودون أن نتطرق إلى التفاصيل الدقيقة عن وضع شعبنا خارج الإقليم وهي قصص مريرة ومؤلمة لا يتّسع الخيال لتصورها لكنها حصلت على الأرض والحكومة وقفت مكتوفة الأيدي عاجزة عن اتخاذ موقف حاسم، تُرى أليس الإقليم جزء من العراق فلماذا يعمهُ الأمن والسلام؟ إن الجواب على هذا السؤال يقودنا لان نعرف خيارنا الوحيد والأخير وهو حتماً اختيار العيش مع الشعب الكوردي للأسباب الآنفة الذكر ولان آفاق المستقبل في الإقليم تبشّر بخير واضح، على العكس تماماً مع ما يحدث في القسم الآخر من العراق الجديد حيث يتنازع عليه العرب والفرس وهو يسير نحو تطبيق الشريعة الإسلامية لا محالة ومنذ أكثر من ثلاث سنوات وفق برنامج مخطط له من جهات غير عراقية والعملية تسري على نحو راسخ فنشاهد افتتاح عشرات لا بل مئات المدارس والمعاهد الدينية والحوزوية ويتم تغيير المناهج الدراسية تدريجياً وان هذا المخطط سائر على قدم وساق بتخطيط ودعم حكومة إيران الإسلامية وهذا ما نشاهده ونلمسه في البصرة والمحافظات الجنوبية، إن الإخطبوط الإيراني في العراق ليس أمراً هيناً وان إيقافه أو منع تغلغله في كافة مرافق الدولة والمؤسسة الحكومية أمراً في غاية الصعوبة ففي أي لحظة يستطيع عمار الحكيم إعلان أن العراق دولة إسلامية وعلى النمط الإيراني وهو ليس بعجلة من أمره بل ينتظر الفرصة المناسبة وللأسف يجري هذا الأمر على مرأى ومسمع أعضاء البرلمان من الحزب الشيوعي و الشخصيات العلمانية وليس لهم القدرة على تحريك ساكناً بالإضافة إلى هذا فان العراقيين الذين كانوا في المعارضة العراقية لاسيما الذين كانوا في إيران أو مكثوا فيها لفترة قصيرة بعد عام 1980 وكنت واحداً منهم يعرفون جيداً خطط إيران تجاه العراق وكنا نسمع من القيادات الإيرانية يقولون بان هدفنا في العراق هو السيطرة على جنوب العراق وخاصة مدينتي النجف وكربلاء وجعل النظام في العراق مشابها إلى النظام في إيران وتحقيق نظام ولاية الفقيه فيه أسوة بإيران وهذا كان مطلب خميني والأحزاب الشيعية لاسيما التي أسسها الإيرانيون مثل المجلس الإسلامي الأعلى الذين يؤمنون بتطبيق نظرية ولاية الفقيه في العراق وكانوا دائما يقولون لنا إن الحكومة الإيرانية تدفع مئات الملايين من الدولارات إلى الحكومة السورية لإقامة كيان سياسي شيعي في جنوب لبنان (كما هو الحال بين تركيا وشمال قبرص) إنها وصية الإمام الخميني في تصدير الثورة فلا بدّ من تحقيقها وكان السيد محمود الهاشمي يقول أن إيران تجتاز حدود ثلاث دول لإيصال الأسلحة والمعدات والأموال إلى حزب الله في جنوب لبنان في الوقت الذي لا يوجد في جنوب لبنان أي اثر ديني أو تاريخي مهم للشيعة بينما في العراق يمثّل لنا كل شيء في الحياة ففيه مراقد الأئمة وخاصة ضريح الإمام علي في النجف وابنه الحسين في كربلاء ووجود الإمام الغائب الإمام المهدي في سامراء وفي مقبرة الوادي في النجف يوجد رفاة ملايين الإيرانيين وإننا نعتبر العراق هو الحديقة الأمامية لإيران فكيف تريدون منا أن لا نتدخل في العراق انه هدفنا الأول والأخير، كما إن النظام الإيراني قائم على نظرية ولاية الفقيه التي ترتبط بشكل تام بمجيء الإمام المهدي المغيب.
انه من السذاجة أن يغفل أي عراقي عن أطماع إيران في العراق، إن إيران تريد إنشاء كيان شيعي مستقل في الجنوب يرتبط بشكل مباشر بإيران وهذا المشروع قديم منذ أن تأسس المجلس الإسلامي الأعلى في إيران برئاسة السيد محمود الهاشمي وهو إيراني، ثم تم إناطة المسؤولية بالسيد محمد باقر الحكيم لكونه عراقي ومن عائلة المرجع الديني الأعلى محسن الحكيم ثم كان تشكيل فيلق بدر من العراقيين الأسرى والهاربين من ساحات  القتال بين العراق وإيران وتم تدريب هؤلاء من بين الحرس الثوري الإيرانيون لفترة تزيد عن العشرون عاماً كما إن دولة الكويت تعمل جاهدة من اجل تمزيق العراق إلى ثلاث كيانات لكي يكون ضعيفاً وتتخلص من هاجس الخوف الذي ينتابها من العراق ومطالبه بحقوقه التاريخية في الكويت.
إن العراق لا بد أن يواجه مصاعب كثيرة في مستقبله بسبب الأطماع المحدّقة به من دول الجوار وإننا لا بد أن نتّخذ موقفاً من كل ما يجري حول العراق وبقاءه ككيان موحّد أو كيانات متعددة وتحت وصاية الدول المجاورة خاصة إيران والسعودية وان شعبنا الآن هو أحوج ما يكون اليوم إلى الحكم الذاتي في مناطقه التاريخية والمتجسدة في  سهل نينوى لكي لا يفقد خصوصيته القومية والدينية والثقافية وان الأوضاع في العراق سوف لن تستقر أبداً لان مصالح الدول تتقاطع في هذا الوطن وإننا سنكون أول الضحايا لمشاريع هذه الدول فلا بد من أن نحمي شعبنا من خلال حكم ذاتي يؤمّن لنا كافة المستلزمات الضرورية للحياة الحرّة الكريمة في إقليم كوردستان وفي المناطق التي نسكنها منذ مئات لا بل آلاف السنين، أما الذين يرفضون الحكم الذاتي لشعبنا فإنهم حقا يجهلون الواقع الذي نعيش فيه ولا يمتلكون الرؤية الصحيحة نحو المستقبل فعليهم مراجعة آراءهم ومواقفهم لأنهم يرتكبون خطاً جسيماً سببه الجهل وعدم الثقة بالنفس بالرغم من التجربة الطويلة والمريرة التي عشناها في الماضي والحاضر وهم لم يفهموا الدرس من المأساة التي عانينا منها ونعاني منها لحد الآن، فمتى يصحون من واقعهم الحالي، إنني اشعر بالألم والإحباط عندما أرى البعض من هؤلاء الذين يناشدون بالإدارة الذاتية وهم في مركز المسؤولية لشعبنا إنهم لا يزالون يعيشون بعقلية ما قبل سقوط النظام، لكننا سنعمل بكل الوسائل للحصول على حقوقنا القومية المشروعة من اجل إقامة حكم ذاتي لشعبنا في سهل نينوى وان تفاؤلنا هذا يأتي من معطيات الواقع الذي نعيشه في إقليم كوردستان خاصة ظاهرة وجود رابي سركيس آغاجان الذي يتبنى هذا المشروع فعلى الجميع الالتفاف حوله ودعمه بكل ما لدينا من الإمكانيات، وإنني أناشد جميع المنظمات السياسية لإيجاد صيغة توفيقية للجميع من اجل السير قدماً نحو أهدافنا المنشودة والتي لا يمكن تحقيقها إلا بتحقيق الاتحاد القومي والسياسي وإيجاد رؤية جديدة حول الوضع القائم الآن في العراق والمنطقة وما سينجم عنه في المستقبل، فعلينا النظر إلى هذا المشروع بمنظار وطني بعيداً عن الطائفية والتعصب.

91
شعبنا الكلداني الأشوري السرياني والأكراد إخوة إلى الأبد

الجزء الأول

     مرة ثانية اكتب حول العلاقة الإستراتيجية التي تربطنا مع الشعب الكردي انطلاقا من الواقع وما يكشفه التاريخ وتؤكده الجغرافيا يتبين بما لا لبس فيه إن شعبنا يعيش جنبا إلى جنب مع الشعب الكردي ومنذ مئات السنين والى يومنا هذا وكان يتمتع بأمن واستقرار وتسود بينه وبين الشعب الكردي علاقة طبيعية ولا نقول أنها ممتازة ولكن بشكل عام كانت جيدة قياسا بوضع شعبنا في كل من تركيا وإيران والدول المجاورة الأخرى, ولدى شعبنا قرى نائية في أقصى شمال كردستان العراق لا تزال تعيش في حالة من الأمن والاستقرار أسوة بالقرى الكردية المجاورة لها, ولاسيما القرى الأشورية الواقعة في منطقة برواري بالا التابعة لقضاء العمادية وفي مقدمتها ناحية كأني ماسي, وليس بالضرورة أن أتوغل بالقدم لتأكيد هذه  العلاقة الايجابية طالما نبتغي الحاضر والمستقبل يكفينا تناول الموضوع منذ أواسط القرن الماضي والى يومنا هذا, ومن خلال معايشتنا معهم في المنطقة بشكل واقعي وملموس وليس استنادا إلى التحليلات والاستنتاجات لهذا الكاتب أو ذاك لكن لكل واحد منا له وجهة نظر وبما يختلف مع الآخر بسبب تجربته الشخصية معهم, إما الانطباع السائد كان دائما ولدى جميع المسيحيين في كردستان بأنهم كانوا يعيشون في وضع لا يختلف عن الأكراد كثيرا ولا ينتقص من كرامتهم ابدآ, وإنني أتذكر جيدا ومنذ أواسط الخمسينات من القرن الماضي لقد كان بعض أفراد عائلتنا يعيشون في مدينة زاخو بسبب كون شقيقي معلما هناك, ومنذ عام 1958 وحتى عام 1965  . لقد كنا نحظى بمعاملة جيدة جدا من قبل أهالي المنطقة وفي مقدمتهم رؤساء العشائر ولاسيما رئيس عشيرة السندي السيد الحاج بدرية ولم نشاهد أو نسمع حالات الاعتداء على المسيحيين ابدآ , وكان يعيش في مدينة زاخو آنذاك عشرات العوائل من الطائفة الارمنية ومئات العوائل من الكلدان وفي بداية الستينيات انتقل شقيقي من مدرسة زاخو  الثانية إلى مدير مدرسة ناحية عاصي التابعة إلى قضاء زاخو وفي تلك الفترة قام المرحوم عيسوا سوار قائد البشمركة في منطقة زاخو باحتلال مركز ناحية و اسر مدير الناحية والموظفين وعناصر الشرطة, وقبل قيامه بهذه العملية تم إخبار شقيقي بترك الناحية في ذالك اليوم وبدون إن يذكروا له السبب وامتثل لأمرهم, وجاء هذا القرار بسبب الخدمات التي كان يقدمها شقيقي إلى الطلبة والأهالي وعلى اثر تداعيات تلك العملية تم حجز شقيقي في الموصل لمدة ثلاثة أيام لإجراء التحقيق معه. وفي عام 1961بدات الحركة الكردية واشتد الصراع إلى ذروته في عام 1963 وكانت نسبة المعلمين المسيحيين في القرى الكردية اكثر من خمسون بالمائة ولم يتعرض أي منهم لأي اعتداء أو ابتزاز بالرغم من أن الوضع المتردي في المنطقة الكردية في ذلك الوقت ولاسيما الوضع الاقتصادي حيث كان سيئا للغاية بالنسبة إلى الأكراد وغيرهم من المسيحيين كما أن القرى المسيحية كانت تعاني من إرهاب السلطة بنفس القدر ما كانت تعانيه القرى الكردية ونتذكر مذبحة صوريا في عام 1968 التي نفذها الملازم الأول آنذاك المجرم عبد الكريم جحيش بالإضافة إلى عشرات القرى التي أحرقت لشعبنا وفي المقدمة كانت قصبة ارادن والقرى المجاورة لها وهذا ما يدل على إننا نشترك مع أخوتنا الأكراد في السراء والضراء وهذه حقيقة لا يمكن تجاهلها ابدآ وفي آذار عام 1975 انهارت الحركة الكردية على اثر اتفاقية الجزائر المشؤومة بين شاه إيران وصدام حسيين وانتقل معظم قادة الحركة والمقاتلين البيشمركة إلى إيران, وبعدها أي في عام 1976 انتقل المرحوم البارزاني مصطفى وبعض مساعديه إلى أمريكا في ولاية ميرلاند وفرجينيا, وكان الأستاذ مسعود البارزاني يرافق والده في هذه الفترة, وكذلك كان المرحوم ادريس البارزاني يزور والده في بعض الأحيان, وكان أبناء الجالية الكلدو أشورية في ديترويت وبعض الأشخاص من شيكاغو يقومون بزيارة إلى فرجينيا في المناسبات الدينية والقومية للأكراد لمقابلة البارزاني أو نجله الأستاذ مسعود, وكنت أشارك بهذه الزيارة مع الآخرين وكنا نحظى باللقاء مع المرحوم البارزاني أو نجله الأستاذ مسعود, وكذلك المرحوم ادريس ولقد التقيناه اكثر من مرة واحدة ومناسبات عامة وخاصة.
      وكان يتم التنسيق لتحقيق تلك المقابلات من خلال المرحوم محمد سعيد الدوسكي الذي كان مسؤول فرع الحزب الديمقراطي الكردستاني في أمريكا وكندا وكان أيضا المستشار الشخصي للمرحوم البارزاني وكذلك أيضا كان يعاونه المرحوم محي الدين رحيم والسيد الملازم هجر السندي وكان كليهما أعضاء في قيادة حزب البارت. وكان الشعب الكردي يعيش حالة لا يحسد عليها سواء في داخل العراق أو في إيران ضمن معسكرات اللاجئين وفي تلك الفترة (عام 1976) عاد بعض القياديين من الحركة الكردية إلى صفوف النظام في بغداد والبعض الأخر انشق عن الحزب وشكلت أحزاب وتنظيمات جديدة في سوريا ومنها الحزب الاشتراكي الكردستاني وحزب الشعب الكردستاني، اتحاد الديمقراطي الكردستاني والحزب الإسلامي وبدؤا يعملون مع المعارضة العراقية في سوريا والبعض منهم شارك في الكفاح المسلح في كردستان أما نحن الكلدو أشوريين بشكل عام كان موقفنا منذ البداية أي منذ عهد الشهيد هرمز ملك جكو عام 1962 والى الآن ثابت لم يتغير ولن يتغير حيث كنا المؤيدين والداعمين إلى القيادة التاريخية للأكراد بزعامة البارزاني، ولم يتأثر موقفنا ابدآ بالرغم من الظروف القاسية التي تعرضت لها الحركة الكردية وكنا نترجم هذا الموقف على الواقع الذي كنا نعيشه في أمريكا، وفي تلك الفترة أي في عام 1976 لم يتجاوز عدد الأكراد في أمريكا عشرات العوائل وكانوا يسكنون في ولايات بعيدة بعضها عن البعض الأخر وكان معظم الأكراد يسكنون في ولاية ناشفيل والبعض في ولاية ميشيغان والبقية كانوا في فيرجينيا وكاليفورنيا. وكانوا في تلك الفترة منشغلين في تامين حياتهم المعيشية ومستقبلهم الدراسي. أما نحن الكلدو أشوريين كنا في تلك الفترة نقوم بنشاطات سياسية في الجامعات وفي المناسبات العامة لنصرة القضية الكردية وكان في مقدمة هؤلاء السيد جورج بخاي وهو من أهالي تلكيف وكان مدرس في جامعة ميشيغان يعقد الندوات ويصدر النشرات دعما لقضية الشعب الكردي كذلك كان المرحوم عادل عقراوي وجماعته يساندون القضية الكردية في جميع المجالات حيث كان يقود المظاهرات ونشاطات أخرى في سبيل القضية الكردية، لقد اضرب عن الطعام لأسابيع عديدة ومعه العديد من الأكراد وفي مقدمتهم المرحوم محي الدين رحيم استنكارا لإحداث حلبجه، واعتصموا أمام السفارة العراقية في واشنطن لايام عديدة اثناء احداث حلبجة بالإضافة إلي الدعم المادي والمعنوي لضحايا حلبجة.
كما كانت جاليتنا الكلدو أشورية تقيم احتفالا سنويا بمناسبة عيد نوروز ويحضره ممثل الحزب المرحوم محمد سعيد الدوسكي من واشنطن والبعض من رفاقه وكان عدد الحاضرين يتجاوز خمسمائة شخص ومعظمهم من العوائل الكلدو أشورية المنحدرة من القرى في كردستان من أهالي قصبة القوش وارادن .... الخ. وكان للسيد البير ريس من أهالي ارادن دورا بارزا وكذلك السيد نويل ساكو من أهالي القوش حيث كان المرحوم الدوسكي يحل ضيفا معززا مكرما عندهم ومع محي الدين رحيم.
وفي تلك الفترة كان شعبنا يقوم بنشاطات أخرى تضامنا مع الشعب الكردي ودامت هذه الحالة حسب علمي حتى عام 1991 بعد ان انتفض الشعب الكردي وحصل على المنطقة الامنه في كردستان، ولم يكن احد في تلك الفترة يفكر أو يتوقع بان يكون للأكراد حكم ذاتي أو إقليم أو ما شابه ذلك، بينما شعبنا كان يبذل قصارى جهده في توطيد العلاقات مع الشعب الكردي الشقيق وكان موقفنا هذا ثابتا ونابعا من جوهر قضيتنا التي ترتبط بالقضية الكردية ماضيا وحاضرا ومستقبلا وكل من يراجع التاريخ منذ نصف قرن سيلاحظ إننا نشارك هذا الشعب في أفراحه وأحزانه وشاركنا معاناته في الماضي ونشاركه في المستقبل وفي المصير وهذا هو قدرنا، وعلينا تطوير هذه العلاقة وجعلها بمستوى الحياة العصرية كما هي في الدول المتحضرة وهذا ما نامله لحكومة كردستان نموذجا للأنظمة المتقدمة في الشرق الأوسط.
ان موقفنا الثابت والجريء تجاه الشعب الكردي لم يكن ابدآ من اجل مصلحة خاصة أو أنية أو ما شابه ذلك وإنما كان نتيجة أيماننا المطلق من ان قضية تحرير شعبنا ونيل حقوقه المشروعة في ارض أجداده هي جزء لا تتجزأ من قضية تحرير الشعب الكردي ونيل حقوقه المشروعة في إقليم كردستان وحقه في تقرير المصير بموجب ميثاق الأمم المتحدة وتلبيه لرغبات الشعب الكردي والأمة الكردية.   
لقد استعرضت هذا الواقع وباختصار شديد وكل ما أتوخاه هو توضيح صورة وبالأخص لنفر من الكتاب والسياسيين الذين نشتم من كتاباتهم رائحة التعصب المقيت وتصدر من البعض مواقف وتصريحات لا ترقى إلى مستوى المسؤولية، ولا تخدم مصلحة احد من الطرفين بل على العكس تقدم الخدمة المجانية لأعدائنا جميعا، لذا عليهم مراجعة مواقفهم السلبية واتخاذ مواقف تخدم المصلحة العامة، ولا سيما في هذه المرحلة الحرجة التي يمر بها وطننا العراق.
كما ألاحظ أن الذين ينتقدون هذا الطرف أو ذاك عاشوا لفترات طويلة في الدول الأوربية وأمريكا ولم يستفيدوا من تجارب تلك الدول في العيش المشترك لجميع القوميات والأديان في دولة واحدة يسودها القانون والنظام والمساواة بين الجميع.
إنني ااوكد على أبناء شعبنا (الكلداني الأشوري السرياني ) من الكتاب على اختلاف آرائهم وقناعاتهم أن لا خيار لنا سوى الانضمام إلى كردستان استنادا إلى المعطيات الموجودة في الواقع الحالي والوضع السياسي الموجود على الأرض وليس على الورق، فلا تخدمنا الخيارات المتناقضة، لان البديل الأخر لا وجود له في الوقت الحاضر أو في المستقبل المنظور، وما يحصل هو عكس ما يتوقعه الكثيرين، فظهر على الساحة السياسية قيادات دينية متشددة من الشيعة والسنة ولها مليشيات مدججة بالسلاح والمال ومشبعة بثقافة الكراهية للأخريين ممن يختلف عنهم في الدين أو المذهب، ومن يعيش في بغداد أو الموصل أو البصرة يلاحظ هذا بشكل بارز، ومن هنا تأتي ضرورة توحيد صفوف شعبنا ليتمكن من الصمود في وجه الهجمة الشرسة، وهذا يتطلب منا قرار مستقل وموحد. وأنني اسأل رجال الدين المسيحيين بان يقفلوا كنائسنا في البصرة قبل فوات الأوان لان مستقبلها سيكون كما حصل لكنيسة أيا صوفيا في تركيا التي تحولت إلى متحف عثماني إسلامي. إنني لا أريد التطرق إلى مشروع الإسلاميين المتطرفين من كلا الجانبين الشيعي والسني فهم يكفرون ما خلقه الله من بني البشر، وهم يخترعون أسبابا خاصة بهم لمحاربة الأخريين الذين يختلفون معهم. وهؤلاء مدعومون من قبل إيران ودول الخليج بكل ما أوتوا من قوة ومال وسلاح والدعم اللوجستي بالإضافة إلى الفتاوي الجاهزة التي تتدفق أليهم من هذه الدول.
أما حكومتنا المنتخبة لحد الآن مشغولة بمشاريع التوافق وتوزيع الحصص والحواسم وغير ذلك، وان الخلافات بين الأطراف المشاركة في الحكومة والبرلمان في ازدياد مستمر، ولا يوجد ما يتفقون عليه منذ سقوط النظام والى الآن عدا اتفاقهم على إسقاط النظام ولا شيء سواه. وانطلاقا من هذا الواقع فانه واهم كل من يعتقد بان مستقبلنا هو أفضل مع العرب لأنه لم يطلع على ما يجري في العراق من تطبيق الشريعة الإسلامية وأسلمة القوانين ومجمل الحياة في العراق العربي، وهذا ما يتناقض مع ديننا وثقافتنا ومبادئنا ويلغي ثقافة المواطنة والعيش المشترك.
وأخيرا فان مستقبلنا هو مع الأكراد بسبب المصالح المشتركة والمصير المشترك والذي يستند إلى الجغرافية والتاريخ المشترك. واليك عزيزي القارئ خريطة توضح بشكل جلي تداخل شعبنا مع الشعب الكردي بما لا يقبل الشك من خلال قصاباتنا وقرانا المنتشرة في كردستان العراق وهذا الأمر يدعم ما نذهب إليه بقوة في المقال أعلاه.


بقلم داؤود برنو





92
نطالب بتشكيل قوة مسلحة من أبناء شعبنا الكلداني الآشوري السرياني/ الجزء الثالث

بقلم داؤد برنو/ ضابط متقاعد

لا بد أن نستعرض الوضع الأمني القائم على الساحة العراقية قبل الولوج إلى صلب الموضوع للعلاقة المباشرة بينهما، مما لا شك فيه أن الحكومة العراقية وأجهزتها الأمنية والإعلامية لم تستطع لحد الآن من توفير الأمن والاستقرار للمواطنين فلا زلنا نعاني من الفلتان الأمني لاسيما في عهد الحكومة الحالية بالرغم من تجنيد مئات الآلاف من المواطنين في صفوف القوات المسلحة العراقية ومنها الجيش والشرطة وقوات حماية المنشآت الحكومية بالإضافة إلى الأجهزة الأمنية العديدة المنتشرة في بغداد وبعض المحافظات والسبب الرئيسي في فقدان الأمن هو وجود عشرات الآلاف من المسلحين تابعين إلى ميليشيات أحزاب الحكومة وفي مقدمتها جيش المهدي الذي يضم في صفوفه أجهزة أمنية عديدة ومنها جهاز المتابعة والإشراف والمجاميع الخاصة وغيرها من اللجان الاقتصادية والاجتماعية والسياسية، كذلك بالنسبة إلى فيلق بدر التابع إلى المجلس الأعلى للثورة الإسلامية حيث يضم في صفوفه تشكيلات عديدة وله إمكانيات عالية في مجال الكفاءة والأجهزة الأمنية التابعة له وهناك أيضاً ميليشيات وأجهزة أمنية تابعة إلى حزب الدعوة الإسلامي وحزب الفضيلة وحركة حزب الله ناهيك عن بعض المرجعيات الدينية في كل من نجف وكربلاء والبصرة، وفي الجانب الآخر هناك مجاميع إرهابية عديدة في مقدمتها منظمة القاعدة وجيش المجاهدين وجيش الفاتحين وكتائب ثورة العشرين وعدّة مجموعات تابعة لحزب البعث المنحل متّخذة لها أسماء عديدة ومختلفة وإنها تقتل بلا هوادة، إن هذا الواقع يعرفه جميع العراقيين في الداخل والخارج ونحن الذين في الداخل نتحسس هذه الحالة يومياً لاسيما في العاصمة بغداد التي أصبحت ساحة قتال (ارض الحرام) وضمن هذه المعطيات فلا أمل في الحل لذا قررت الحكومة العراقية وبتأييد وموافقة قوات التحالف بتشكيل قوة مسلحة يطلق عليها قوات الصحوة تلبية لرغبة المواطنين وتتألف من عدّة أفواج من أبناء العشائر في المنطقة وتكون تحت قيادة شيوخ تلك العشائر وبالتنسيق مع قيادة الجيش العراقي، ويستهدف من هذه العملية توفير الأمن والاستقرار للمواطنين بطريقة ذاتية ايجابية فضلاً عن استقطاب العاطلين عن العمل وتجنيبهم الوقوع في حضن الإرهاب والمخططات السوداء ولكن لظروف استثنائية تطلب هذا الإجراء، بدأت هذه العملية قبل أكثر من سنة في محافظة الانبار وامتدت إلى محافظة ديالى والموصل وبعض المناطق في بغداد وقضاء المحمودية وشارك في هذه التشكيلات المسلحة عراقيين من قوميات واديان مختلفة باستثناء أبناء شعبنا الكلداني الآشوري السرياني فالمجتمع المسيحي بشكل عام تميز بالمدنية وليس له طابع عشائري كما لدى إخواننا من العرب والأكراد، إن هذا المشروع اثبت نجاحه وبجدارة.
هنا لا بد أن نتحدث بصراحة وشجاعة لان لنا مخاوف وهواجس حول ما يجري في المنطقة ويجب أن نتجرأ على مواجهة هذه الأوضاع الخطيرة وان نتحرك بسرعة ولا نعتمد على غيرنا في تامين حماية شعبنا بعد أن تولدت لدينا قناعة جديدة بان حماية شعبنا هي مسؤوليتنا بالدرجة الأولى ونطالب الحكومة العراقية وحكومة إقليم كوردستان بتوفير المستلزمات اللازمة للقيام بهذا الواجب الوطني كما تملي عليهم مسؤوليتهم تجاه الشعب العراقي كافة ومنهم شعبنا، لذا فإننا كغيرنا من أبناء هذا البلد بحاجة ماسة لتشكيل عّدة أفواج نظامية لحماية مواطنينا من خطر الإرهاب القادم من الخارج والمنبعث من الداخل لاسيما في منطقة سهل نينوى الذي يتواجد فيه أبناء شعبنا بكثافة حيث يبلغ تعداد نفوسهم أكثر من مائة وخمسون ألف نسمة، إن شعبنا مؤهل للقيام بهذا الواجب كغيره من العراقيين إذا توفرت لديه الإمكانيات المطلوبة وخاصة بعد أن بدأت المجاميع الإرهابية باستهداف مناطقنا في سهل نينوى حيث طال الإرهاب قصباتنا وقرانا وشاهدنا الانفجارات التي حدثت مؤخراً في تللسقف والحمدانية وتلكيف بالإضافة إلى عمليات الاغتيالات التي استهدفت الرموز السياسية لشعبنا وفي مقدمتهم الشهيد مجيد هداية الذي كان مسئول لتنظيم سياسي لأبناء شعبنا وهو من أهالي الحمدانية، كما تم كشف عدّة عمليات إرهابية قبل وقوعها كانت تستهدف أبناء شعبنا وهذا بفضل الجهود التي يبذلها أهالي تلك القرى والقصبات من اجل الحفاظ على امن واستقرار المنطقة بالرغم من عدم توفر الإمكانيات اللازمة لهم ونتيجة هذا الواقع نلاحظ حصول تراكم من الاحتقان وانعدام الثقة في نفوس ومشاعر أبناء شعبنا في هذه المنطقة لذا نعتقد وبشكل جازم أن التشكيل العسكري النظامي والدائمي ضروري جدا لتوفير الأمن في مناطقنا على أن يكون هذا التشكيل بموافقة ودعم حكومة إقليم كوردستان أولاً وحكومة بغداد ثانيا لان هذه القوة ستساهم في خفض نسبة العمليات الإرهابية في محافظة نينوى لاسيما في السهل الممتد من الحمدانية إلى ناحية القوش والذي يتواجد فيه شعبنا الكلداني الآشوري السرياني ومنذ آلاف السنين، إننا بأمس الحاجة الآن إلى تحقيق هذا المشروع لان الحالة أصبحت لا تطاق خاصة أن ما يستجد على الحدود العراقية التركية في كوردستان هو معقد جدًا وتشعبا ته وتداعياته كثيرة فالتهديد التركي يشكل خطراً على جميع أبناء المنطقة لاسيما في محافظة دهوك ونينوى التي تتواجد فيها معظم القرى والقصبات لأبناء شعبنا، كما نطالب قوات التحالف إبداء المساعدة اللوجستية لتشكيل هذه القوى المسلحة لأبناء شعبنا خاصة في مجال التدريب والتجهيز لتستطيع من تأدية واجبها الوطني والقومي أسوة لما قدمته لتشكيلات الصحوة في كل من محافظات الانبار وديالى لان حماية احد المكونات العراقية الأصيلة في هذا البلد هو جزء من مسؤوليتهم كما هي مسؤولية حكومة بغداد وحكومة الإقليم فهم جميعاً يتحملون مسؤولية توفير الأمن والاستقرار لأبناء شعبنا العراقي جميعاً بكافة مكوناته القومية والدينية المتعددة دون استثناء أو تمييز، كما نطالبهم أيضاً بردع القوات التركية الغازية وإبعادهم عن حدود كوردستان العراق حماية للمواطنين الآمنين من أكراد ومسيحيين حيث لنا مجموعة من القرى هناك ابتداءاً من قرية قرة وله الواقعة على المثلث الحدودي بين العراق وسوريا وتركيا وحتى ناحية كاني ماسي الآشورية والتي تجاورها قري، دوري، سردشت، حلوة، .....وغيرها.
إننا نشعر بان شعبنا مهمّش في جميع المجالات من قبل الأطراف التي تتحمل المسؤولية في هذا البلد لكن بدرجات مختلفة باستثناء حكومة إقليم كوردستان التي نشيد بجهودها الأخوية لما تقدمه لأبناء شعبنا لاسيما المهجرين من بغداد والموصل والبصرة، إن هذا الموقف سوف يسجّله التاريخ للأجيال القادمة، أما حكومة بغداد فإنها لا تزال تتجاهل مسؤوليتها تجاه شعبنا كشعب أصيل في هذا البلد له خصوصيته القومية والدينية والثقافية والتاريخية وإنها المسئولة بشكل تام عن كل ما أصاب شعبنا قي هذا البلد من عمليات القتل والاغتصاب والتهجير بالرغم من أننا  لم نكن طرفاً في هذه الصراعات القئويه والمذهبية الدائرة بين الكتل السياسية من اجل السيطرة على المواقع الحكومية لتحقيق أهدافهم الحزبية ألضيقه ولا نجد أي مبرر أو سبباً مقنعاً بأننا نستحق كل هذه المظالم الجائرة ، حتى المرجعيات الدينية الإسلامية لم تأخذ أية خطوة ولم تحاول أبداً التخفيف من وطأة هذه المظالم على شعبنا لا بل ذهب البعض منهم إلى أكثر من هذا فطالبوا من خلال بعض منابر الجوامع في بغداد بأخلائها من المسيحيين أو إعلان إسلامهم أو دفع الجزية لاسيما في منطقة الدورة وهذا لم نتوقعه أبدا من إخواننا المسلمين الذين عشنا معهم مئات السنين ولا نعرف ما هو الذنب الذي ارتكبناه ولا نعرف هل حان الوقت لتطبيق الشريعة الإسلامية في العراق الآن؟ وإن حان فما مصير المسيحيين أبناء الوطن الأصليين، إن المؤرخين كاتبوا التاريخ كتلوا عن مذابح الأرمن في تركيا ومذابح اليهود في ألمانيا وسوف يكتبون عن الأحداث المرعبة التي تطال المسيحيين في العراق أيضاً بالإضافة إلى ممتلكاتهم التي انتزعت منهم، لقد حصلت حرب أهلية في لبنان لمدة خمسة عشر عاماً وكانت الطائفة الارمنية خارج هذا الصراع والتزم  جميع الأطراف باحترام هذه الطائفة و المحافظة على أمنها وعدم التعرّض لها أبداً، بينما نحن في العراق يتم عكس ذلك لأعتبارت عنصرية وان الاعتداءات طالت الكنائس ورجالها ومعظم العوائل الميسورة في بغداد والموصل والبصرة.
إننا نشعر بألم شديد من موقف هذه الأطراف تجاه شعبنا ففي مدينة الدورة الآن عشرات الدور للمسحيين أرغم أهلها على إخلائها بمحتوياتها وتسكن فيها الآن الميليشيات التابعة لأحزاب السلطة وتستخدم أيضاً لإعمال إجرامية من خطف واغتصاب ولا نعرف هل يعلم السيد المالكي بهذا؟ وهل يتجرأ المساس بهذه المليشيات؟، في كل الأحوال إنها مسؤوليته المباشرة المنصوص عليها في الدستور العراقي القديم والجديد، ترى إلى متى سيبقى هذا الوضع المزري والشاذ الذي بات لا يطاق، هل إننا ندفع ضريبة مساهماتنا القيّمة في خدمة وطننا ورفعة شانه!؟، لقد تميزنا في أهم المجالات لاسيما العلمية والثقافية وكان للمسيحيين بشكل عام دور بارز في تاريخ البلد منذ أقدم العصور وعازمون أن نبقى كذلك لأننا ملزمين بالحفاظ على وطننا فليس لنا غيره ولا نرضى بديلاً عنه، ومن اجل المحافظة عليه وتوفير الأمن والاستقرار لشعبه نطالبكم مره أخرى بتشكيل قوة مسلحة من أبناء شعبنا الكلداني الأشوري السرياني وإنني سأكون واحداً من هؤلاء الذين سينخرطون في هذا التشكيل منذ البداية لنتحمل مسؤوليتنا أسوة بإخواننا من العرب والأكراد والتركمان واليزيديين والصابئة، فنؤدي واجبنا تجاه وطننا وشعبنا بكل فخر واعتزاز، انه وطن الأجداد (مابين النهرين) وطن الماضي والحاضر والمستقبل وطن بابل ونينوى وإبراهيم الخليل انه الوطن الذي يستحق كل التضحيات من اجل بقاءه وازدهاره وتعزيز دوره الريادي في المنطقة كما كان ذلك على مر التاريخ.

93
حان الوقت لتشكيل مرجعية سياسية لشعبنا الكلداني الآشوري السرياني
بقلم داؤد برنو

من يراقب الوضع السياسي في العراق منذ سقوط النظام الدكتاتوري في 9/4/2003 والى يومنا هذا يلاحظ أن القوميات العراقية والطوائف الدينية منذ البداية كانت السّباقة في العمل الجاد على تشكيل مرجعياتها السياسية والدينية والقومية وهي جادة على تعزيز سلطتها للحصول على مزيد من المكاسب والامتيازات رغم الاختلافات والتناقضات في كل جهة إلا أنهم يضعون خطاً أحمراً لا يمكن تجاوزه كي لا تنفرط الحزمة الواحدة وتتبعثر وتذهب الجهود سدى، وما نراه من تظافر الجهود الدءوبة في كل جهة لا نراه لدى فعاليات شعبنا المختلفة رغم التقارب في برامجها الرئيسية ، ومن الواضح جداً أن الخلافات الشخصية لدى فعالياتنا هي من الأسباب المهمة لهذا التشتت فضلاً عن الخلافات المتوارثة تلك التي قسمت كنيستنا في الزمن السحيق ولا زالت غير قادرة على اتخاذ موقف جريء لتكون في وضع أفضل وعلى مستوى التحديات الكبيرة، ومع ذلك فنحن لا نغفل محاولات بعض المسئولين وفي مقدمتهم رابي سركيس آغاجان وفعاليات مؤتمر عينكاوا الذي يقوم بمحاضرات وندوات في مختلف مناطق شعبنا لبلورة مرجعية لكل تلاوين شعبنا الواحد ومع هذا فلا زال الزمن يسبقنا لان واقعنا يكشف كم نحن خارج المعادلة السياسية السائدة الآن، فلو راجعنا تصريحات ومناقشات مسئولي الحكومة والبرلمان ومنذ حوالي أربع سنوات فلا نجد أحداً يشير إلى قضيتنا وحقوقنا كأننا لسنا موجودين في هذا البلد ولم نكن جزء أصيل منه، كما أن المواقف الصادرة من هذه الحكومات المتتالية أدت إلى تهميش قضيتنا لا بل إلغائها من الحسابات الوطنية وان الجميع الآن يتجاهل قضيتنا إن كان في الحكومة أو في المعارضة وان كان في البرلمان أو خارج البرلمان كما هو الحال بالنسبة للنواب المقيمين في الأردن، وهذا ما يناقض تصريحاتهم عندما كانوا في المعارضة العراقية علماً أن شعبنا هو المكوّن الوحيد الذي لا يملك أي علاقات مع دول الجوار أو أي مصالح مشتركة تربطنا معهم كما هو الحال للمكونات العراقية الأخرى التي تتهم من قبل البعض بالعمالة لهذا الطرف أو ذاك، إن مصلحتنا الوحيدة هي مع شعبنا العراقي بكافة مكوناته وليس لدينا أي امتداد خارج هذا الوطن الوحيد بالنسبة لشعبنا ولا بديل أو حتى مشابهاً له كما هو للآخرين ومن هذا المنطلق لا اعرف ماذا ننتظر هل نحن نختلف عن الآخرين؟، ولماذا لم نبدأ بخطوات أولية في هذا الاتجاه كإصدار بيان مشترك نتفق فيه على الخطوط العريضة لتشكيل هذه المرجعية وآلية عملها، لو استعرضنا تاريخ حركات التحرر في المنطقة جميعها كانت لها مرجعيات سياسية بالرغم من التناقضات والخلافات التي كانت تسود تنظيماتها وبرامجها السياسية وفي مقدمة تلك الحركات منظمة التحرير الفلسطينية التي كانت تضم فصائل مختلفة من أقصى اليسار إلى أقصى اليمين والتي تحقق نجاحاً سياسياً يصب في قضية شعبهم من اجل التحرير والاستقلال، أثبتت التجارب أن المرجعية ضرورية ولا بد منها لاسيما في هذه الظروف السائدة في الوطن فالمرجعية يرتفع سقفها ليتحمل كل الآراء والاختلافات فتتمكن من جمع المفترقين في حوار للوصول إلى الصيغة الأنضج والقريبة إلى تطلعات أبناء شعبنا وتخلصهم من الكابوس الذي يعيشونه، وكما هو معلوم من خلال الدراسات والبحوث التي تصدرها المؤسسات العلمية العالمية حيث أثبتت نتيجة التجربة أن النظام الفيدرالي يؤمّن أفضل طريقة للعيش المشترك بين القوميات والأديان والثقافات المختلفة في إطار دولة اتحادية واحدة يسودها القانون والنظام، إن الذين يطالبون بالحكم الذاتي لا يعني أنهم يكرهون الآخرين أو ليسوا مخلصين لوطنهم وشعبهم، لقد قدموا الأكراد عشرات الآلاف من الضحايا وأحرقت آلاف القرى من اجل الحصول على الحكم الذاتي فهل كانوا على خطأ؟ وهل هم يكرهون المكونات الأخرى للشعب العراقي؟، إن الشعب الكوردي يرتبط بعلاقات وطيدة وبأواصر عديدة مع الشعب العربي في العراق وفي مقدمتها الدين والمصالح المشتركة والمتشابكة منذ عشرات السنين فهناك آلاف العوائل العراقية يكون فيها احد الوالدين كوردياً والآخر عربياً لاسيما في الموصل وبغداد ومناطق مختلفة في كركوك وديالى، أما نحن فنرتبط مع الآخر بالمواطنة فقط، من الملاحظ أن قضيتنا تختلف عن المكونات الأخرى للشعب العراقي لأننا نتعرض للإبادة والتهجير ألقسري ونواجه التكفيريين وهم أعداء شديدي الكراهية لكل من يختلف عنهم في الدين أو المذهب وان العدوانية ملتصقة بفكرهم وتربيتهم وإنهم ليسوا بحاجة للحصول على إذن من احد الملا لي أو الفقهاء لكي يقتلوا شخصاً أو يفجروا منزلاً أو يقوّموا منكراً لمن يختلف عنهم، هؤلاء من نوع خاص قادمون من الخارج ومن دول عديدة وهم لا يؤمنون أبداً بحق الآخرين في الحياة والعيش ولا ينفع معهم أي تفاهم أو حوار لأنهم لا يؤمنون بأي شكل من الأشكال بالحرية والديمقراطية وهناك من يؤيدهم من الدول ويدعمهم داخل العراق، إن المجتمعات العراقية الآن مهددة بالتفكك بسبب انعدام الثقافة الوطنية والديمقراطية من جهة وتغذية الثقافة العنصرية من جهة أخرى من قبل أعداءنا لاسيما في هذه الظروف التي تسود فيها الفوضى والفلتان الأمني وعدم وجود حكومة مركزية قوية، من المؤسف أن بعض المسئولين من أبناء شعبنا لا يدركون هذا الأمر ولا يعترفون به لأنهم يعيشون بعقلية الستينات من القرن الماضي ونظرتهم إلى مكونات الشعب العراقي هي نفسها لم تتغير وكأنما التطور في هذا المجال توقف بينما التغير حاصل في كافة المجالات لاسيما في الحالة الثقافية والنفسية للمواطن العراقي منذ انتهاء الحرب العراقية الإيرانية والى يومنا هذا وبالأخص بعد سقوط النظام حيث تدفقت إلى هذا البلد ثقافات متعصبة غزت كافة مجالات الحياة من خلال الأحزاب السياسية والدينية المشاركة في السلطة ولا نعرف ما هي الغاية وما هو الهدف من هذه المواقف اللامسئولة لبعض المسئولين التي تكشف عن ضعفهم في استيعاب المرحلة الحالية وخطورتها على شعبنا الكلداني الآشوري السرياني، أما البعض الآخر من الذين يريدون الإدارة الذاتية فلا نعرف أي نوع من الإدارة يريدون، لان الإدارة الذاتية التي منحها لنا نظام البعث في بداية السبعينات من القرن الماضي والذي أصدره مجلس قيادة الثورة العراقية للناطقين بالسريانية كان هذا في عهد الجبهة الوطنية عام 1973 عشنا تلك التجربة وتولدت لدينا قناعات وتحوّل فكري بأن هذه التجربة لم تحقق شيئاً لشعبنا، وما الذي جنيناه من بعدها إن هذا الموضوع يحتاج إلى ملف كامل للإيضاح واستخلاص الدروس والعبر لجعل القارئ الكريم على بينة من تلك التجربة ونتائج تلك المرحلة وفشل ذلك المشروع الذي جمّد ثم الغي فيما بعد، وهنا يجب أن يعرف الجميع أن حقوقنا ترتبط مع حقوق الآخرين في هذا البلد فعندما تتطور حقوق الآخرين من مكونات الشعب العراقي لاسيما العرب والأكراد والآخرين فلا نستطيع التخلف عنهم وعن سيرة هذا الشعب في التغير نحو الأفضل وليس نحو الأسوأ كما نحن عليه الآن وان ما كتب في الدستور العراقي ليس للحفظ فقط وإنما للعمل بموجبه وفق القرارات التي تصدر من مؤسسات الدولة في البرلمان والحكومة ومنظمات المجتمع المدني، إن واقع شعبنا نلمس فيه حالة من التفكك والانقسام في صفوفه ونشعر بأن الكثير من أبناء شعبنا غير مهتمين بإصلاح هذه الحالة أو ربما عاجزين عن ذلك، إنني أناشد الجميع لكي يكونوا بمستوى المسؤولية ولكي نضيّع الفرصة على الذين لا يريدون وحدتنا للعمل جميعاً في إيجاد صيغة توفيقية بين منظمات وأحزاب شعبنا ترتكز على العوامل المشتركة التي تجمعنا وفي مقدمتها هو الظلم الذي نعاني منه جميعاً والعمل من خلال هذا المشروع من اجل تحقيق مصالح شعبنا السياسية وإيجاد رؤية جديدة واضحة في علاقاتنا مع الآخرين لنستطيع التعبير عنه بشكل حقيقي وكذلك موقفنا حول الوضع القائم الآن وما سينجم عنه في المستقبل من اجل ضمان حقوقنا المشروعة في الحكم الذاتي وفي إطار عراق فيدرالي اتحادي يتمتع الجميع بالحقوق والواجبات وتسود فيه العدالة والمساواة.

94
نطالب بتشكيل قوة مسلحة لحماية شعبنا/ الجزء الثاني


بقلم داؤد برنو\ضابط متقاعد

قبل طرح هذا المشروع للمناقشة لا بد من تسليط الضوء على الاوضاع القائمة في العراق لا سيما الامنية ( بقدر ما يتعلق الامر بقضية شعبنا الكلداني الآشوري السرياني) لو استثنينا حكومة اقليم كوردستان فلم يبقَ فيه من السلطة سوى مجموعات ارهابية متعددة ومتنازعة فيما بينها، فمنها من هو في الحكومة وميليشياتها ومنها من هو في المعارضة ومجاميعها الارهابية وهناك فئة ثالثة وهم خارج الوطن مكرهين الذين ليسوا مع الحكومة ولا مع المجاميع الارهابية وهم يختلفون عن كليهما ويمكن تصنيفهم بالوسط المعتدل الى حد ما لكن هذا الطرف لا يملك السلطة ولا الميليشيات وان تاثيره بالوقت الحاضر محدود للغاية، وهناك قوات التحالف التي تحاول فرض الامن والاستقرار في هذا البلد والتي تجابهها المجاميع الارهابية من جهة وميليشيات الحكومة العراقية من جهة اخرى بالاضافة الى ان معظم المواطنين العراقيين اصبحوا ضد قوات التحالف بسبب الثقافة العنصرية السائدة ومنها التكفيرية الارهابية الجديدة المتبعة في هذا البلد برعاية كل من ايران من جهة ودول الخليج من جهة اخرى وكلاهما يستندان الى فتاوي لبعض رجال الدين والفقهاء من المتشددين الاسلاميين العراقيين وغير العراقيين من دول الجوار وترسخت هذه الثقافة خلال السنوات الاربع الماضية بحيث يبيح قتل اي انسان يعمل مع قوات التحالف او يتصل معهم او حتى ان تكلم عنهم بايجابية فلا نستطيع ان نقول انهم انقذونا من نظام صدام الفاشي، ان هذه المعايير اصبحت ثابتة في البلد بالرغم من ان المستفيدون مادياً من المشاريع التي تتبناها قوات التحالف هم بعض الميليشيات الحكومية المعروفة لان غيرهم لا يستطيع ان يقدم على تلك العقود بسبب الوضع الامني المضطرب، ان هذه القوات تحقق نجاحات ساحقة على المستوى العسكري بحيث لا يوجد قوة مسلحة على الاطلاق في البلد تقف امامهم او تنال من عزيمتهم وانها تتمتع بمعنويات عالية بالرغم من الخسائر المحدودة التي تكبدتها وهذا هو معيار النجاح في القتال علماً ان معظم هذه الخسائر تأتي من خلال عمليات انتحارية يقوم بها الارهابيين لغرض الوصول الى الجنة بسرعة البرق حيث يفخخون اجسامهم وسياراتهم وحيواناتهم كما يزرعون العبوات والقناصين في مناطق آهلة بالسكان وان جميع هذه الاعمال تصنف بالاعمال الجبانة، ولم نشاهد اشتباك مباشر او مجابهة عسكرية بينهم وبين قوات التحالف إلا ما ندر وإذا حدث اضطراراً تكون الهزيمة من نصيب الارهابيين، وشاهدنا الكثير من المعارك التي كانت تعبّر عن حقيقتهم التي تعتمد على الغدر والخيانة، انني استعرض هذا الوضع كما هو واقع الحال على الارض بالاضافة الى هذا كله فإن السلطة غائبة عن الكثير من المناطق المهمة في بغداد وبعض المحافظات ونحن هنا لسنا بصدد تقييم اداء الحكومة او الاطراف المشاركة فيها ولكن نستعرض القضية بقدر تعلق الامر بشعبنا (الكلداني الآشوري السرياني) ومن خلال هذا الواقع المأساوي فنحن لحد الآن لم نتفق على من نراهن وعلى ماذا نراهن في الوقت الذي نرى ان جميع الكتل السياسية تعمل بنشاط دؤوب من اجل تحقيق برامجها السياسية واهدافها الاستراتيجية، اما نحن مازلنا متفرجين في المسرح السياسي ولم نعرف موقعنا الصحيح والملائم في العملية السياسية الجارية في البلد واين يجب ان نقف، وانا هنا اقول وأسأل الذين في موقع المسؤولية لهذا الشعب هل نستطيع المراهنة على الحكومة؟ واين هي الحكومة؟، ام نراهن على الميليشيات والجماعات الاسلامية المتشددة الذين يعتبروننا اهل الذمة ونحن الشعب الاصيل في البلد ويحللون دمائنا واموالنا واعراضنا وهذا ما نلمسه ونعاني منه يومياً لاسيما في بغداد والموصل وانني اراقب عن كثب وضع المسيحيين في بغداد ففي كل يوم ترتكب العشرات من الجرائم بحقهم دون الكشف عنها في وسائل الاعلام، اما الطرف الثالث في المعادلة السياسية هم المعارضة الذين في خارج الوطن وهؤلاء لا يستطيعون العودة الى الوطن بسبب استهدافهم من قبل الميليشيات الحكومية او المجاميع الارهابية وهم يطالبون قوات التحالف بحمايتهم لدى عودتهم الى الوطن ولكن هذه القوات لا تتحمل هذه المسؤولية في الوقت الحاضر ولا نستطيع الاعتماد على قوات التحالف التي مضى عليها في البلد اكثر من اربع سنوات ولحد الآن لا تعرف او لا تريد ان تعرف بأن في هذا الوطن مكونات اخرى بالاضافة الى الشيعة والسنة والاكراد بالرغم من اننا المكون الاصيل في هذا البلد منذ آلاف السنين وإن شعبنا (الكلداني الآشوري السرياني) يعتبر بمثابة الهنود الحمر في اميركا وان هذا المكون في اميركا له الافضلية في الحياة حيث انه الوحيد المعفو من دفع الضرائب الى الحكومة الامريكية فاين شعبنا من هذه المعاملة؟ وهل هذا ما نستحقه؟، اذن الاعتماد على هذه الاطراف الاربعة هو مضيعة للوقت وتكبدنا خسائر فادحة لانها لا تؤمن بقضيتنا وغير مؤهلة للقيام بهذا الواجب الذي يتطلب توفير الامن والحماية لشعبنا المسيحي في بغداد والموصل والبصرة والمحافظات الاخرى بالاضافة الى حماية الكنائس والمدارس، ومن هذا المنطلق لم يبق لنا اي خيار آخر سوى الاعتماد على شعبنا اولاً ومن ثم على الشعب الكوردي الشقيق ونحن مدعوّون لاقامة افضل العلاقات مع حكومة الاقليم بدأً بالمؤسسات الثقافية والاجتماعية ومنظمات المجتمع المدني والقيام بنشاطات سياسية واجتماعية مختلفة لنتمكن من خلالها تعزيز العلاقات الاخوية بين شعبنا والشعب الكوردي الشقيق، انني استغرب اشد الاستغراب عندما اشاهد في وسائل الاعلام نشاطات وفعاليات سياسية واجتماعية تقيمها منظمات شعبنا ولم يحضر ممثل واحد من حكومة الاقليم او عند البرلمان او عن الجبهة الكوردستانية وحتى على مستوى شعبي مثل رئيس عشيرة او من ينوب عنه ولا اعرف لماذا ربما لم تقدم لهم دعوة للحضور ام لم يتم تلبية الدعوة من قبلهم اننا نريد ان نعرف الاسباب الحقيقية لكي نعالجها لانها مؤشر سلبي في علاقاتنا مع اخواننا الاكراد فلا بد من تشخيصها وايجاد حلول جذرية لها ولا يجوز ان تؤدي تصرفات شخص ما او منظمة معينة الى الاضرار بعلاقاتنا التاريخية والجغرافية مع اخواننا الاكراد، نحن شعب كباقي الشعوب في المنطقة فلا بد ان نجد في صفوفنا افراد او فئة معينة تعمل من اجل مصلحتها الشخصية على حساب المصلحة العامة لهذا الشعب وهذا ما هو موجود في صفوف كافة الشعوب في المنطقة، اننا لا يمكن ان نعزل مجتمعنا عن المجتمع الكوردي ابداً لاننا نشترك معهم بالكثير من النقاط الاساسية والضرورية التي تحافظ على قيم مجتمعنا وتعزز العلاقة الاخوية بين شعبينا وكل من يعتقد غير ذلك او ربما يوجد بديل لنا عن الشعب الكوردي باعتقادي انه متوهم وغير دقيق في رؤيته للاوضاع القائمة في العراق وفي منطقة الشرق الاوسط، ان علاقتنا مع الشعب الكوردي هي علاقة مصيرية لا محالة وان شعبنا متداخل معه في المدن والقرى والارياف ولا يمكن فصلهما ابداً ويمكن للانسان ان يغير في التاريخ لكن لا احد يستطيع ان يغير في الجغرافية، فهل يمكن التخلي عن قرانا في كوردستان مثل قصبة كاني ماسي وارادن ومانكيش وغيرها...، ان شعبنا (الكلداني لآشوري السرياني) له مصير مشترك مع الشعب الكوردي واخوّة الى الابد واذا كانت هناك سلبيات حصلت او تحصل من هذا الجيل من الشعب الكوردي فانني متاكد بان الجيل القادم سيكون افضل لان ثقافة الشعب الكوردي ورغبته في التطور السريع تجعله مؤهلاً لاقامة نظام ديمقراطي حقيقي تتلاشى فيه الفوارق بين المواطنين الكوردستانيين وتتيح لهم الحرية وتطلق الطاقات المكبوتة عندهم من اجل تحقيق طموحاتهم في التطور والعيش الكريم المزدهر للجميع مما يزيد من اهمية هذه العلاقة هي الاوضاع السائدة في هذا البلد والمؤامرات التي تحاك ضد مكونات هذا الشعب من غير المسلمين ولاسيما المسيحيين واليزيديين والصابئة، لقد كتبت مقالة سابقة حول مشروع تشكيل قوة مسلحة من ابناء شعبنا لحمايته من الارهابيين والعصابات المنتشرة هنا وهناك وطرحت هذا المشروع امام ممثلي شعبنا في حكومة وبرلمان كوردستان لمناقشته وعرضه على حكومة الاقليم ولكن لحد الآن لم اجد اهتماماً من احد المسؤولين بهذا المشروع وانني اصر في طرح هذا المشروع انطلاقاً من شعوري بخطورة المرحلة القادمة واعتقد بان جميع المؤشرات تبين لي بان الاوضاع ستنحدر الى الاسوأ مما نحن عليه الآن وان القوة المسلحة ستكون صمام الامان لحماية شعبنا وصموده واستمراريته في ممارسة حياته اليومية بشكل اعتيادي إسوة بالاخرين من مكونات الشعب العراقي، ان هذه القوة ليست الهدف وانما الوسيلة لتحقيق هذا الهدف، اننا نستطيع ان نضمن حماية القرى والقصبات لابناء شعبنا في سهل نينوى من الارهابيين كما انها ستكون قوة طواريء لما قد يحصل من تطور مفاجيء للاوضاع الامنية فلا اعرف لماذا ننتظر؟ وهل توجد خطة بديلة لحماية شعبنا؟، واذا كان هناك شيء من هذا القبيل فلماذا لم تطرح امام شعبنا للاطمئنان على مستقبلنا وهل فكروا ممثلي شعبنا في اقليم كوردستان كيف سيذهب الطلبة المسيحيون الى الموصل بدون حماية وكيف سيذهب المرضى الى المستشفيات وهل هم مستعدون لتحمل مسؤولية ما سيحدث؟، هناك الكثير من مستلزمات الحياة الضرورية لا يمكن القيام بها بدون حماية مسلحة كذلك لا بد ان تكون نقاط السيطرة (التفتيش) من مسؤولية ابناء شعبنا وعلى الطرق الممتدة بين الموصل والقرى والقصبات لشعبنا (الكلداني الآشوري السرياني) كي لا نتهم احد بالاهمال او غير ذلك كما حصل حادث عبوة في تلكيف استهدفت قائممقام تلكيف السيد باسم ياقو بلو ولا اعرف لماذا لم تناط مسؤولية حماية الطريق ونقاط السيطرة بابناء شعبنا فهل هذا كثير علينا؟ ام اننا غير مؤهلين لاستلام مثل هذه المسؤوليات علماً ان مسؤولية سهل نينوى كانت مناطة بالشهيد هرمز ملك جكو منذ عام 1962 عندما استلم هرمز المسؤولية من قائد المنطقة أنذاك السيد غازي الحاج ملو رئيس عشيرة المزوري بناءًِا على قرار المرحوم مصطفى البارزاني، بعد استشهاد هرمز أستلم المسؤولية الشهيد طليا شينو في عام 1964 وهو ابن عم هرمز كنت معه في ذلك الوقت وبموقع من المسؤولية وكان المسؤول السياسي في منطقتنا السيد رشيد عارف الاتروشي عضو فرع الحزب الديمقراطي الكوردستاني في منطقة بهدينان (شاوريكي) ولايزال احد الاعضاء في قيادة الحزب، في تلك الفترة زار مقرنا في دير الربان هرمزد القائد البارزاني هاشم ميروزي مؤكداً على تطبيق الأوامر الصادرة من مقر البرزاني في حينها وعدم السماح لاي مجموعة من البيشمركة بالتدخل في شؤون المسيحين في هذه المنطقة باستثناء السيد طليا شينو امر قوة الشهيد هرمز، وكان القائد حسو ميرخان قد فرض ضريبة سنوية على المحصول الزراعي بما يساوي مائة طغار حنطة او ما يعادلها، لكن لدى اجتماعنا مع هاشم عرض الشهيد طليا هذا الامر على هاشم فقرر هاشم ان يكون المبلغ ما يساوي ثمن عشرة طغار حنطة فقط اي حوالي مائة دينار في ذلك الوقت وكتب هاشم رسالة الى حسو ميرخان مبيناً فيها الاسباب الموجبة بقراره هذا ووضع هاشم مائة دينار من جيبه الخاص في الظرف وذهبت شخصياً ومعي اثنان من البيشمركة الآشوريين ذاهبين الى قرية بيري وسلمت الرسالة الى حسو ميرخان وابدى ارتياحه من رسالة هاشم، وبدأ يمزح معي ويقول هل لا يزال ابرم يلعب القمار؟، فقلت له سوف لن يكون في اللجنة معنا اطمئن على ذلك وبالمناسبة الاخ ابرم هو مقاتل شجاع جداً ومن اقرباء هرمز وكان حسو يعتز به لدوره البطولي في معركة شوش وشرمن قرب عقرة.
وفي عام 1968 انتقل مقر قوه الشهيد هرمز من منطقه القوش الى دشت نهلة في قضاء عقرة حيث يوجد عدد من القرى الآشورية هناك، وفي ذلك العام جاء الى المنطقة لجمع الطابو الشهيد ويسي بانييل ومعه عشرون مسلحاً اتذكر منهم رشيد اتروشي وهو من اقرباء عبد الوهاب اتروشي وطلب مني ان ارافقهم في القرية، اجتمعنا في بيت فلاح معروف المرحوم زورا بوكا شقيق المناضل سليمان ابو عامل وحضر حوالي عشرون فلاحاً، القى السيد ويسي باني خطاباً لهم وقال اشعر الآن انني في قريتي وبين اهلي واخواني وجئت الى هنا بموجب مسؤوليتي لجمع ضريبة الثورة ولا اريد ان اتدخل بينكم فالكمية المطلوبة هي مائة طغار حنطة او ما يعادلها، تم جمع المبلغ من الفلاحين حالاً وغادر البيت متجهاً الى دار المرحوم توما توماس حيث كان بانتظارهم على مائدة الطعام، هكذا كانت علاقتنا مع القيادة الكوردية وهكذا كان الحرص الشديد من القيادة الكوردية على ان لا يتدخل احد في شؤوننا وفي مناطقنا، لا اعرف ما الذي حصل الآن ومن الذي تغير لان هذه الحالة غير صحيحة بيننا ولا بد من اعادة النظر في علاقتنا من منطلق مصالحنا المشتركة وهي كثيرة جداً، ومرة ثانية ادعو ممثلي شعبنا في حكومة وبرلمان اقليم كوردستان لتقديم هذا المشروع الى حكومة الاقليم قبل فوات الاوان لان ضياع الوقت ليس من صالح الطرفين وان حالة الاستنزاف في افراد شعبنا مستمرة وان اعدائنا لا يرحمون ولا يعرفون الرحمة، ان الذي يتفقد احوال شعبنا المسيحي بشكل عام في بغداد يصاب بالدهشة لما يحصل لهم يومياً لان الاعمال الاجرامية التي ترتكب بحقهم اصبحت لا تصدق وانها فاقت كل التصورات ورغم هذا فان الحكومة العراقية لا ترى ولا تسمع ولا تتحمل المسؤولية كأن الامر لا يعنيها اطلاقاً ولا اريد ان اذكر بعض النماذج من هذه الجرائم والاعتداءات لانها معيبة ومشينة بحق الانسانية وانها عار سيلاحقهم حتى يوم القيامة، انها مسؤولية تاريخية في اعناقنا جميعاً لاسيما من هو ممثلنا في حكومة وبرلمان اقليم كوردستان، اننا ننتظر منهم القيام بواجبهم تجاه شعبنا لانها الفرصة الاخيرة اما اذا لم يتم التجاوب مع هذا المشروع فعلينا ايجاد بديل آخر لتنفيذه.

95
نطالب حكومة الاقليم بتشكيل قوة مسلحة خاصة من ابناء شعبنا
بقلم داؤد برنو/ ضابط متقاعد

عندما نستعرض الوضع العام في العراق يتبيّن لنا انه في غاية الخطورة والتعقيد بحيث لا يمكن لهذا البلد ان يتمتع بالامن والاستقرار الى فترة لا تقل عن عشرة سنوات طالما ان الخلافات والاختلافات بين الاحزاب المشاركة في العملية السياسية تزداد باضطراد مستمر لا بل اخذت في الآونة الاخيرة طابع العداء فيما بينها، فتم اعتقال عدد من اعضاء المعارضة المشاركين في العملية السياسية، كما ان الصراع المسلح بين الحكومة وقوات التحالف من جهة وتجمعات المنظمات الإرهابية من جهة اخرى في تفاقم لم يشهد له مثيل من قبل، بالاضافة الى الفوضى السائدة التي تمارسها الميليشيات المرتبطة باحزاب السلطة والتي تشكل حالة من الخوف والرعب في صفوف المواطنين مما يؤدي الى انعدام الثقة بين الحكومة والشعب حيث لا يمكن التمييز بين القوات الحكومية وقوات الميليشيات لانها نفس الوحدات تمارس واجباتها نهاراً وبشكل رسمي وفي الليل تقوم بممارسات خاصة ميليشياتية ومنها نصب الكمائن واقامة نقاط تفتيش وهمية والسطو على المحلات ودور الاهالي ومع كل هذا التشابك بالوضع الداخلي والمأزق الذي نحن فيه فيأتي الصراع الاقليمي الذي يغذي الصراعات الداخلية حيث تتقاطع فيه مصالح الدول المجاورة للعراق فيما بينها وفي مقدمتها السعودية وايران مما يجعل الوضع الامني اكثر تعقيداً وخطورة ويبقى العراق مرهوناً بمشاريع هذه الدول ومصالحها الاقليمية والدولية لفترة طويلة، والآن نرى ان جميع مكونات الشعب العراقي لهم مصدر حكومي او اقليمي يقدم لهم الدعم العسكري والمادي واللوجستي وفي كافة المجالات الاخرى، وفي الفترة الاخيرة تم تسليح حتى العشائر العربية العراقية في كل من محافظة الانبار وديالى من قبل الحكومة العراقية وقوات التحالف وتم تجهيزهم بكل المستلزمات الضرورية للدفاع عن اهلهم ومناطقهم ولم يبق في هذا البلد مكون اجتماعي او فئة بدون دعم مسلح وفي مجالات عديدة سوى المكون الوحيد الباقي خارج هذه المعادلة وهو شعبنا (الكلداني الآشوري السرياني)، لقد حصل فرز وتصنيف في مكونات هذا الشعب مما جعلنا نشعر باننا نقف لوحدنا على الساحة السياسية العراقية لاننا نختلف عن المكونات الاخرى من الشعب العراقي والعنصر الوحيد المتبقي الذي كان يربطنا مع الآخرين هو الوطن الواحد، وهذا الوطن لم يبقى منه شيء يذكر لانه اندثر في مشاريع سياسية تتبناها قوى الاسلام المتشددة الظالمة من السنة والشيعة وكلاهما لا يؤمنان بالوطن لانهم يعملون على تحقيق نظام اسلامي اممي في كافة انحاء المعمورة، حتى الاحزاب العلمانية المشاركة في السلطة لم يبق لديهم اي شعور وطني بسبب الهاجس الامني الذي طغى على وطنيتهم فاصبح شغلهم الشاغل هو توفير الامن للمواطنين لكن دون جدوى وإذا فقدنا العنصر الوطني فلم يبق لنا ما يربطنا بالمكونات الاخرى من الشعب العراقي لاننا نختلف عنهم قومياً ودينياً وثقافياً بالاضافة الى القضايا الاخرى، إنني الاحظ من خلال السنوات الاربع الماضية ان شعبنا يفقد يوماً بعد يوم مساحات كبيرة من رصيده في اوساط المكونات الاخرى من الشعب العراقي رسمياً وشعبياً فشاعت في هذا البلد ثقافة جديدة تدعو الى الغاء الاخر مهما كان طالما انه يختلف عنهم في الدين والسياسة، ولم يبق لنا اي تواصل سياسي او اجتماعي مع المكونات العراقية الاخرى وهذا هو الواقع الذي نعيشه، انني اتحسس هذا الشيء يومياً من خلال وجودي في بغداد ومنذ سقوط النظام الى يومنا هذا، ان عملية التدهور في الوضع الامني تسير وفق مخطط تقوده ايران وحلفائها وإذا بقيت الامور على ما هي عليه الآن سنسمي ايران بانها نظام الوصاية على العراق كما كانت سوريا تتحكم في لبنان خلال الثلاثون سنة الماضية، ربما احد يتهمني بالتشائم بالرغم من انني لا اؤمن بهذه الصفة واكرهها لكن هذه هي الحقيقة بعينها فلا يمكن تجاهلها ابداً وان زمن المجاملات واخفاء الحقائق واصطناع مواقف وهمية ذهب الى غير رجعة فلا بد من الصراحة والشفافية ولا سيما في القضايا التي تتعلق بمستقبل ومصير شعبنا فلا يمكن المساومة عليها مع ايّ كان خاصة في هذه الضروف التي تسودها الفوضى، الآن لم يبق لنا اي طرف سياسي نستطيع ان نعول عليه في حمايتنا وتأمين مستلزمات بقاءنا وضمان امننا ومستقبلنا لا سيما في عهد هذه الحكومة العرجاء سوى الطرف الكوردي لوجود مصالح مشتركة بيننا، ومن هذا الواقع المستجد لا بد ان نتحمّل مسؤوليتنا بعد التفكير ملياً بحاضرنا ومستقبلنا ومستقبل اجيالنا القادمة، ان الطرف الوحيد المتبقي والذي يمكن الاعتماد عليه هو حكومة اقليم كوردستان ومن حقنا ان نطالبها بحقوقنا المشروعة لان السلطة الوحيدة التي تتحمل المسؤولية في حماية مكونات الشعب في كوردستان ونحن جزء من هذا الشعب وجزء من هذا الاقليم فلسنا غرباء عن الشعب الكوردي  إذا اخذنا بنظر الاعتبار الروابط التاريخية والجغرافية التي تربطنا معهم منذ مئات السنين بالاضافة الى النظام العلماني المتبع الى حد كبير في هذا الاقليم والخطوات الايجابية التي انجزتها حكومة الاقليم في الكثير من المجالات ومنها الصحافة ومنظمات المجتمع المدني والخدمات العامة وهذا ما يجعلنا في مأمن من نظام الفتاوي المستوردة والنظام التكفيري المطبق في الكثير من احياء بغداد والموصل والبصرة، ولا اريد الاطالة حول هذا الموضوع لانه لا يحتاج لذلك وكل ما نطلبه من ممثلينا في الحكومة والبرلمان الكوردستاني ان يقدموا وثيقة مشروع الى رئاسة الاقليم لتبني مشروع تشكيل قوة مسلحة من ابناء شعبنا يبلغ قوامها خمسة آلاف رجل لتتمكن من القيام بمهامها في حماية شعبنا في سهل نينوى ومناطق اخرى يتواجد شعبنا فيها، وتقوم حكومة الاقليم بتأمين كافة المستلزمات الضرورية لهذا التشكيل العسكري من الاسلحة والتجهيزات والآليات وغيرها من التداعيات الاخرى، ويكون ارتباطها مباشرة برئاسة الاقليم او رئاسة الحكومة وتعمل بموجب القوانين والانظمة السائدة في الاقليم، من خلال هذا المشروع يمكن ان يخفف الكثير من الاعباء والمعانات على كاهل ابناء شعبنا في هذه المنطقة ولا سيما المهجرين منهم، ان الوضع الحالي لا يسمح بالانتظار اكثر من هذا بالرغم من ان هذه الخطوة تأتي متاخرة جداً ولكن هذا افضل من ان لا تاتي ابداً، اننا لا زلنا نعيش الواقع المأساوي الذي بدأ في بلدنا ولا يوجد اي امل في انهاء الاوضاع الشاذة  القائمة فيه، انني اعتقد ان هذا المشروع ينسجم مع متطلبات التيارات السياسية لشعبنا جميعها وهو الخطوة الاولى في تحقيق الادارة الذاتية او الحكم الذاتي او اي حقوق نطالب بها لانها تتطلب توفير العامل الامني اولاً والذي يتجسد في تشكيل هذه القوّة من ابناء شعبنا (الكلداني الآشوري السرياني) لحماية امننا لاننا اصبحنا هدفاً لمشروع اسلامي واسع وشامل يمتد من لبنان الى فلسطين والعراق  ومن أولوياته إخلاء المنطقة من غير المسلمين ونشاهد الآن ماذا يحصل في لبنان وكيف ان منظمة فتح الاسلام تعلن عن اهدافها هي ضرب المسيحيين كافة في لبنان وشاهدنا ايضاً ماذا عملت منظمة حماس الفلسطينية في الكنائس والاديرة في مدينة غزة وكيف تم حرقها والعبث بمحتوياتها، كذلك نشاهد في العراق اسوأ من كل هذا وذاك فإن العصابات تسرح وتمرح في الاوساط المسيحية ولا توجد جهة حكومية كانت او غيرها تستطيع ايقافهم ولا احد يحاول ذلك، إن عدم اتخاذ الحكومة موقفاً من هذه العصابات يجعلها تتحمل المسؤولية كاملة عن ما يحصل لشعبنا من حالات الاستنزاف التي يعاني منها بشرياً ومالياً خاصة ان الدور والمحلات العائدة لاهلنا في بغداد سيطر عليها الارهابيون امام صمت الحكومة وهذا دليل على رضاها وعدم اتخاذ اي اجراء بحقهم لا سيما في منطقة الدورة والسيدية وغيرها من الاحياء الاخرى، ان قراءتنا للتاريخ واطلاعنا على الجرائم التي ارتكبت في عهد هولاكو والتتر والمغول لكن ما حصل ويحصل الآن لشعبنا فإن تلك الجرائم بنفس القساوة والبشاعة ولا نعرف ما مصلحة الحكومة في عدم اتخاذ اي اجراء لايقاف ذلك لكن لنا امل بأن المجتمع الدولي لن يبقى ساكناً إلى مالا نهاية، ان المظاهرات التي يقوم بها ابناء شعبنا في الخارج سيكون لها نتائج ايجابية وفي القريب العاجل، ان شعبنا لم ولن يتخلى عن وطنه مهما بلغت التضحيات ومهما طال الزمن.

96
هل ان الميليشيات حَلُّها خط أحمر ؟؟
داؤد برنو/ بغداد

منذ بداية عهد حكومة ابراهيم الجعفري في عام 2005 ونحن نسمع حديث حول حل الميليشيات ودمجها في مؤسسات الدولة العراقية الفتية ولم يقتصر هذا الطلب على السياسيين فقط انما شمل اعضاء في الحكومة وفي مقدمتهم رئيس الوزراء ولم تظهر مناسبة إلا وتطرق فيها المسؤولين الى هذه المشكلة، والآن مضى على الحكومة الجديدة اكثر من سنة ولا زلنا نسمع نفس الاسطوانة وجميع الشخصيات المسؤولة في العملية السياسية يصرّحون بأن الميليشيات حالة تدعو للقلق وعدم الاطمئنان ولكن لا احد يحرك ساكناً، ولا نعرف ماهي الحقيقة هل لا يريدون حلها ام لا يستطيعون ذلك، جاءت الانتخابات وظهر نوري المالكي رئيساً للحكومة الجديدة بموجب الاتفاقات والصفقات والمراهنات بين الكتل السياسية والمرجعيات الدينية في النجف وكربلاء وبدأ يدعي ويؤكد بأن لا مجال لبقاء الميليشيات في عهد حكومته الجديدة ولا سلاح في الشارع سوى سلاح الشرعية الذي هو سلاح الدولة وفي كل خطاب له كان يردد نفس الاقوال والى يومنا هذا وسيبقى هكذا الى انتهاء مدته كرئيس للحكومة وهو يعرف جيداً بأنه لا يستطيع حل هذه الميليشيات لان هذا الاجراء غير قابل للتنفيذ وإن هذه القوات لم تشكل في عهده ولا في علمه وليس له سلطة عليها، إنها فوق جميع السلطات وكل حديث حول حل هذه الميليشيات هو كلام فارغ لا يستند الى اي واقع لانه خاص للاستهلاك الداخلي فقط وحتى قادة الميليشيات نفسها لا تستطيع حل هذه التشكيلات المسلحة لان تشكيلها جاء بقرار من جهة اخرى وان وضعها يشبه بحد كبير وضع حزب الله في لبنان الذي يعتبر فيلق ايراني في جنوب لبنان، ان هذا ينطبق على جيش المهدي وفيلق بدر وقوات شهيد المحراب وقوات شهيد الله وقوات حركة حزب الله وقوات جماعة العلماء والفضلاء وآخرين، وجميع هؤلاء هم مشاركين في مؤسسات الدولة ويتمتعون بسلطة الدولة، اما الميليشيات الارهابية للمتشددين من اهل لسنة فهؤلاء نموذج آخر من الارهاب لكنهم في المعارضة ولهم الدعم الكامل من الدول العربية وبالتحديد من دول الخليج بصورة مباشرة أو غير مباشرة، انني اعتقد ان حكومة المالكي لا تعرف ماذا يجري على الارض وإذا كان غير ذلك فلماذا لم تتخذ اي اجراء بهذا الشأن فأما انه يؤيد هذه الميليشيات او انه ليس له اي صلاحية لاتخاذ الاجراءات التي من شانها الضغط على الميليشيات لانها تمارس السلطة حيناً وتمارس الارهاب احياناً كثيرة فمن خلال قراءة دقيقة لوضع هذه التشكيلات نلاحظ انها ترتبط مع ايران في كل شيء من حيث التدريب والتشكيل والتجهيزوالدعم اللوجستي، وان مصادر الاموال تدفع لهم في كافة المجالات وبدون تحديد وهذا ليس خفياً لاي مواطن فالقضية اصبحت خارج نطاق سيطرة الحكومة كما هو حاصل الآن في لبنان بالنسبة الى حزب الله اللبناني فإن الحكومة اللبنانية لا سلطة لها عليه وإنها أصبحت خاضعة للحسابات والمعادلات الاقليمية والدولية في المنطقة، هذا ما سيحصل عندنا في العراق، ان الحكومة الايرانية هي المرجعية العليا لسلطة هذه الميليشيات وهي لوحدها تمتلك القدرة على اتخاذ اي اجراء بشأنها فمن مصلحة ايران الاستراتيجية ان تبقى هذه الميليشيات لتصبح بديلاً لسلطة الحكومة في المستقبل القريب وعلى هذا الاساس فإن هذه الميليشيات ستبقى الى فترة طويلة كما بقي صدام ونظامه لان ايران تقوم بتعزيز القدرات القتالية لهذه الميليشيات بحيث تتفوق على قدرات الجيش العراقي واصبحت ورقة رابحة بيد ايران تستخدمها متى تشاء واين ما تشاء، اما قوات التحالف في العراق فقد اخطأت خطأً فادحاً عندما تعاملت مع هذه الميليشيات في البداية بالاستهانة بقوتها فلم تكن تعير لها اي اهمية تذكر حينها ولم تدرك انها ستصبح اخطبوط وتلتف حول رقبتها وتكلفها الكثير من الارواح والاموال وهذا ما يحصل الآن في الجنوب وخاصة في محافظة البصرة وبغداد، ان الاستهانة بقدرات العدو يؤدي الى كوارث مفاجئة للجيوش وهذا ما حصل للجيش العراقي عندما استهان صدام بقوة دول التحالف وايضاً عندما استهان العرب بقوة اسرائيل وهناك امثلة عديدة في العالم ادت الى هزائم للجيوش والدول، ان قضية معالجة هذه الميليشيات مستحيلة إلا اذا تغيرت هذه الحكومة وبدعم جدي من قوات التحالف للضغط على ايران، في ذلك الوقت ممكن ان نلمس تقدماً في هذا المجال، اما مع بقاء هذه الحكومة فلا يمكن حل هذه الميليشيات لانها مرهونة بيدهم ولا تستطيع التخلص من نفوذهم لانهم متغلغلين في جميع مفاصل الدولة والمؤسسات العسكرية والامنيّة، اما اذا لاحظنا وتابعنا آلية عمل هذه الميليشيات سنجد ان لها اولويات في هذا البلد ومن اهمها استهدافهم الى كل ما له علاقة بمؤسسة النظام السابق وبالتيارات القومية العربية وكذلك الثقافة العراقية التي تتناقض مع ثقافة ولاية الفقيه، فإن المثقفين جميعهم يشكلون هدفاً لهذه الجماعات وفي مقدمتهم الصحفيين وذوي الكفاءات وقادة الاحزاب العلمانية وأي مثقف مهما كان مجرد كونه صاحب تحصيل علمي عالٍ فإن الفتوى الايرانية تجيز قتله بغض النظر عن دينه او مذهبه او قوميته لاسيما اذا كانت ثقافته تتعارض مع نهج وثقافة ولاية الفقيه الشيعية، وان الأحزاب الشيعية المشاركة في العملية السياسية جميعهم يؤيدون نظام ولاية الفقيه في نهاية المطاف لكن البعض منهم يريد تطبيقها الآن والبعض الآخر يريدها حسب الظروف التي تسمح بقبول تطبيق هذه النظرية الدينية الشمولية التي تتعارض مع الديمقراطية وحقوق الانسان وفي كافة المجالات والتي تسير باتجاه عكسي لتطور المجتمع وتؤدي بهذا البلد الى كوارث متلاحقة في تفتيته والحاق اجزاء كبيرة منه لايران وعندها يتحقق هدف ايران في الاستحواذ على الثروات الطبيعية لهذا البلد بالاضافة الى سيطرتهم على العتبات المقدسة في كل من نجف وكربلاء، ان كل من يعتقد ان الاوضاع في العراق سوف تستقر فهو مخطيء وعليه إعادة النظر في قراءته للواقع القائم لان الفجوة بين السنة والشيعة كبيرة جداً وفي جميع المجالات من دينية وثقافية واجتماعية واقتصادية، كما ان التناقض بين التيارات السياسية العلمانية والتيارات الدينية يزداد يوماً بعد آخر ولا امل لاي وفاق حقيقي يحصل في العراق وكل ما يقال حول ذلك غير صحيح ومنافي للواقع، ان العملية السياسية فشلت في تحقيق ادنى مستوى من التعاون بين الاطراف المشاركة في هذا المشروع وكل المحاولات التي بذلت لايجاد حلول وصيغ للخروج من هذا المأزق باءت بالفشل، ان الحل الوحيد لهذا البلد هو وضعه تحت إدارة الامم المتحدة لفترة محددة لحين توفر الظروف المحلية والدولية وإعادة تشكيل البنية التحتية للدولة العراقية لتكون قادرة آنذاك على تحمل مسؤوليتها الوطنية والتاريخية تجاه المواطنين وخاصة القوات المسلحة من الجيش والشرطة والاجهزة الأمنيّة.
اما بالنسبة الى شعبنا المسيحي وبكافة تسمياته (الكلداني الآشوري السرياني) يجب علينا ان نواجه الحقيقة ونعترف بها باننا اصبحنا خارج المعادلة السياسية الجارية في بغداد ونستطيع ان نقول ايضاً باننا لم نكن في يوم ما مشاركين بهذه المعادلة بشكل حقيقي، والآن لم يبق امامنا خيار آخر سوى ان نتوجه الى حكومة اقليم كوردستان والعمل على تعزيز العلاقات التاريخية بين شعبنا والشعب الكوردي من اجل الاعتراف بحقوقنا القومية المشروعة في هذا البلد لان حقوقنا في حكومة بغداد تم تجاهلها والتنكر لها ومما زاد في هذا التوجه هو هجرة شعبنا المسيحي من بغداد الى خارج القطر وما تبق منهم في بغداد هم محصورين بين فيلق عمر وفيلق بدر وجيش المهدي وغيرها من الاسماء للمجاهدين في سبيل الجنّة بالاضافة الى العصابات المنتشرة هنا وهناك والتي دائماً تختار اهدافها في الاوساط المسيحية لانها ضعيفة ولا حول لها ولا قوة خاصة عمليات الخطف بهدف الحصول على المال، هذا ما تعيشه بغداد اليوم لاننا لم نستطع خلال اربع سنوات من سقوط النظام ان نكون شركاء في هذه العملية السياسية بالرغم من الجهود البسيطة المبذولة من قبل المسؤولين و الممثلين من ابناء شعبنا في مجلس البرلمان العراقي وهناك أسباب لا بد من تسليط الضوء عليها والاعتراف بها فمنها عوامل داخلية وهي عدم تحقيق اي اتفاق بين الفصائل السياسية لشعبنا كذلك فإن ممثلينا لم يكونوا بمستوى المسؤولية الملقاة على عاتقهم، اما العوامل الخارجية وهي كثيرة فمنها موقف الاحزاب الدينية المتشددة والتي لا تعترف بحقوق القوميات والطوائف غير المسلمة والتي تراجعت عن مواقفها عندما كانت في المعارضة والتي كان الغرض منها للتكتيك والمناورة فقط، ان هؤلاء معروفين للجميع ولا حاجة للايضاح اكثر، اما الدول المجاورة التي تغذي المتشددين من السنة والشيعة فإن مواقفهم هذه ثابتة لا تتغير فهذه هي إستراتيجيتهم لتحقيق أهدافهم في العراق، وما زاد من وضع المسيحيين سوءاً هو قيام الارهابيين من السنة والشيعة بتطبيق الشريعة الاسلامية في احياء عديدة من بغداد والبصرة وبعلم السلطة وبصمت تام من قبل الاحزاب المشاركة في العملية السياسية والتي تدّعي ليل نهار بالديمقراطية وحقوق الانسان ومنظمات المجتمع المدني وغيرها من القيم الاخرى، انطلاقاً من الوضع القائم في بغداد يجب ان نواجه الواقع دون خوف او خجل ونعلن الحقيقة للعالم كله طالما ليس لنا اي دعم او تأييد من الداخل او من الخارج كما هو للآخرين فلماذا نبقى وكاننا سراب، ان اصحاب القرار نعرفهم ونعرف كيف يفكرون وكيف يحققون طموحاتهم على حساب الآخرين الضعفاء امثالنا فلا امل لنا بهم ابداً ولا توجد قوة في العالم كله لها مصلحة معنا لكي توقفهم او تردعهم من اجلنا كي يغيروا مواقفهم تجاه قضيتنا القومية المشروعة إسوة بالقوميات العراقية الاخرى ولهذا السبب ولاسباب اخرى لا مجال لذكرها علينا ان نعمل بالممكن وعدم الاصرار على المطالبة بحقوق غير قابلة للتطبيق في هذه الظروف الصعبة التي نعيشها فهذا ما يفوت علينا الفرصة من تحقيق ما هو ممكن تحقيقه كي نستقر ونطمئن على حاضرنا ومستقبلنا، علينا ان نوافق على كل ما يعرض علينا من قبل القيادة الكوردية في الوقت الحاضر ونطالب بالمزيد في ظروف افضل ولنا ثقة بهذه القيادة التاريخية للشعب الكوردي المتمثلة بزعامة الاستاذ مسعود البارزاني بانها ليست ظالمة حتى مع اعدائها بالرغم من انهم عانوا من الظلم كثيراً ويعرفون جيداً ماذا يعني الظلم وكم هو قاسي للشعوب، اننا نجدهم الآن يعملون بجد واخلاص من اجل توفير الامن والرخاء لجميع مكونات الشعب في كوردستان فعلينا ان نبادر من الآن وقبل فوات الاوان بإجراء حوارات جادة مع اخواننا في القيادة الكوردية وان نختار ممثلين لنا ثم تشكيل لجنة لمتابعة هذه المهمة واضعين ورقة عمل متفق عليها وفق برنامج واولويات يشارك في اعدادها جميع الاحزاب والمنظمات السياسية لشعبنا الكلداني الآشوري السرياني بالاضافة الى ممثلين لرجال الدين الافاضل وعلينا ان لا نضيّع الفرصة المتاحة لنا فلا مبرر للانتظار لاكثر من هذا، إذا لم نستغل هذه الفرصة وبهذا الوقت بالذات فإننا سنندم عليها وربما لا نستطيع ان نجد فرصة اخرى لان بقاءنا بهذا الوضع المأساوي لا يجدي نفعاً، ان اشهراً وسنين تمضي ولا زلنا نراوح في مكاننا لا بل نتراجع الى الخلف لان التشرذم الحاصل في صفوف شعبنا امتد الى جميع المنظمات السياسية والاجتماعية والدينية بالرغم من ان الهجمة البربرية ضد ابناء شعبنا مستمرة وآخرها توجت في جريمة قتل الاب المرحوم رغيد والشمامسة الثلاث، ان هذا الحدث يجب ان يكون حافزاً لنا من اجل الاتفاق على مشروع قومي موحّد لان الجميع مستهدف ولن يفلت احد من اجرامهم لان عدوّنا لا يفرق بيننا لانه ضد الجميع ولقد حان الوقت ليتحلى الجميع بالشجاعة في تحمّل المسؤولية كاملة والقيام بها على افضل حال، من الافضل ان نختار قيادة مشتركة من السياسيين والتكنوقراطيين لان الوضع الآن يحتاج الى خبراء لهم تجربة وكفاءة عالية في مجال القوانين الدولية وحقوق الانسان ومنظمات المجتمع المدني وغيرها ولسنا الآن بحاجة الى حامل بندقية او مناضل قديم لا يفهم هذه الامور لان الوضع الحالي الذي نحن فيه يتطلب مثل هؤلاء الرجال المخلصين الذين يضعون مصلحة الشعب فوق كل المصالح ونأمل ان يتحقق هذا قريباً.

97
قراءة في اوراق توما توماس  - الجزء الثالث
بقلم داؤد برنو
قبل شهرين تقريباً كتبت مقالاً تم نشره في موقع عينكاوه مشكوراً تناولت فيه قضية استشهاد صبري الياس دكالي في القوش بتاريخ 27/7/1969 بموجب المعلومات والادلة المتوفرة لدي والتي كانت مختلفة بعض الشيء عن ما ذكر في مذكرات توما توماس حول ذلك الحادث بالذات، كنت قد ذكرت باني ساكتب بالاعداد القادمة حول قضية استشهاد فؤاد شمعون كردي بتاريخ 1/4/1963 بين قريتي الجراحية والممان التي يسكنها العرب الواقعة بين ناحية القوش وقضاء الشيخان بحسب المعلومات التي احتفظ بها منذ ذلك الحين ولحد الآن، انا لا ادعي ان معلوماتي هي الحقيقة بذاتها لكن ما جاء في المذكرات غير دقيق بحسب ذاكرتي واترك ذلك لتقدير القاريء الكريم اما الحقيقة الكاملة فيحتفظ بها الاشخاص الذين رافقوا الشهيد بتلك المهمة وكتموا السر الى يومنا هذا وهم لا يزالون على قيد الحياة والحمد لله، ان الغاية من مناقشة البعض من هذه المذكرات لاهمية الموضوع من الناحية التاريخية والسياسية اما اهتماماتي بها هو من اجل كشف الحقيقة اولاً ومن ثم استخلاص الدروس والعبر من هذه التجربة الفريدة من نوعها والغنية بمضمونها فيمكن ان يستفاد منها كل من يعمل في السياسة ويهتم بالتاريخ لانها تسلط الضوء على الكثير من الاحداث التي حصلت في المنطقة التي نعيش فيها والتي يجهلها معضم ابناء شعبنا (الكلداني الاشوري السرياني) خلال حقبة زمنية تجاوزت ثلاثة عقود، كما ان توما توماس يمثل ظاهرة فريدة من نوعها ومن الصعب جداً ان تجد سياسي في المعارضة العراقية صمد كل هذه الفترة وهو في خنادق القتال وليس في فنادق اوروبا او سوريا او ايران كما كان البعض من قادة المعارضة العراقية، انه حقاً شخصية نموذجية تستحق كل الاحترام والتقدير بينما البعض من اعضاء قيادة المعارضة العراقية لم تطأ قدمه ميدان القتال لاسيما ارض كوردستان العراق وهم الآن في القيادة والسلطة ومنهم وزراء ونواب البرلمان اما المستشارون فما اكثرهم وهم يتمتعون بميزات خاصة وامتيازات كثيرة، ان هذا الشخص لم يكافأ لا من قبل حزبه ولا من رفاقه الذين هم في السلطة الآن، انني اقيّم تجربته النضالية في مجال الكفاح المسلح لا سيما على ارض كوردستان.
الآن اعود الى موضوعنا حول كيفية استشهاد النائب ضابط فؤاد شمعون كردي وهو شيوعي بارز في تنظيمات الحزب في كركوك وقائد لاحد فصائل الانصار في جبل القوش وهنا لا بد من الاشارة الى الوضع السياسي الذي كان سائداً في المنطقة آنذاك.
لقد سقط النظام الجمهوري الذي تزعمه الزعيم عبد الكريم قاسم بتاريخ 8 شباط ومنذ الايام الاولى للانقلاب اصدر قادة الانقلاب البيان 13 السيء والذي ينص على اعتقال وابادة الشيوعيين بسبب مقاومتهم الشديدة لزمرة الانقلاب وبدأت تصل الى مركز شرطة القوش قوائم باسماء اعضاء في الحزب الشيوعي من اهالي القوش لغرض القاء القبض عليهم وبدأت السلطة في القوش باستفزازات يومية ضد المواطنين ثم بدأت حملة الاعتقالات في صفوف الاهالي والطلبة وكان على رأس هذه الحملة مأمور المركز المفوض محمد يونس السبعاوي السيء الصيت وهو من اهالي بعشيقة، حيث توجهت قوة من الشرطة معززة بسيارة مسلحة برشاش (برن) الى ثانوية القوش ومعهم قائمة باسماء (32) طالب من ثانوية القوش وكانت الوجبة الاولى من المطلوبين وفي مقدمة الاسماء كان الطالب بهجت فرج قس يونان ويليه اسمي واسم ابن اخي نوئيل والطالب عزة يوسف اسطيفانا وآخرين، لكن قبل وصول الشرطة الى داخل المدرسة جاءنا شرطي من المركز واسمه محمد كيكي يتحدث لغة السورث بطلاقة بسبب خدمته الطويلة في القوش وابلغنا بلغتنا السورث قائلاً اهربوا لانه هناك قائمة باسماء الطلبة الذين سيتم اعتقالهم، وفعلاً انقذنا هذا الشرطي الوفي لاهالي القوش، وبعدها اعتقل الطالب بطرس سخريا واحتفظ به في مركز شرطة القوش، واتخذت اللجنة العليا للحزب الشيوعي في القوش قرارات سريعة آمرين بقطع الطريق وقطع سلك الهاتف لمنع تسفير الرفيق بطرس الى سجون الموصل، شاركنا نحن الطلبة في قطع الطريق ورفع جزء من سلك الهاتف لكن محاولاتنا كانت بدون جدوى، في اليوم الثالث جاءت قوة مسلحة من الموصل وسلكت طريق آخر للوصول الى المركز وتم تسفير بطرس الى مركز شرطة السراي في مدينة الموصل ومنذ اليوم الاول اعترف على رفاقه في التنظيم مع انه كان عضو متقدم في الحزب وظل مركز شرطة القوش يستلم القوائم الواحدة تلو الاخرى باسماء المطلوبين مما خلقت حالة من الخوف والرعب بين الاهالي واصبح الجميع يعتقدون بانهم مستهدفين ومطلوبين للحكومة بالرغم من ان الكثير من الطلبة الهاربين كانوا غير ملتزمين بتنظيم الحزب الشيوعي ومع هذا التحقنا مع المسؤولين خوفاً من الاعتقال ولا مجال هنا لسرد تلك الاحداث لانها كثيرة ومتشابكة، منذ البداية التحقنا جميعاً في قاعدة (بسقين) خلف جبل القوش وبعد شهر تقريباً تم تعيين وتشكيل آمر القوة وآمري الفصائل من قبل المسؤول الاول في القاعدة آنذاك كاكا احمد أي (مصلح الجلالي) بدون اجراء انتخابات ودعا الى اجتماع عام لجميع افراد القاعدة فحضرنا جميعاً هذا الاجتماع وصرّح قائلاً، لقد تم اختيار الرفيق توما صادق توماس ان يكون المسؤول العسكري للقاعدة بسبب خبرته الطويلة من خلال خدمته في الجيش الانكليزي (ليفي) وليس على اساس الدرجة الحزبية، ثم تم تشكيل الفصائل وتعيين آمريها ومنهم المرحوم رحيم قس يونان، الاستاذ عبد جمعة، السيد جرجيس بولص (بولا) ونائب الضابط فؤلد شمعون كردي وآخرون، كنت مع فؤاد ومن المقربين له وكان المفروض ان يأخذني معه بهذه المهمة ولكن لم يتيسر له السلاح وذهب بدلاً عني السيد ميخا جردو حيث استطاع ان يحصل على سلاح مصري يسمى (غدارة بورسعيد) مع مخزنين فقط، ان هذا السلاح يستخدم في الاشتباك القريب لانه غير دقيق، ذهب مع فؤاد كل من شعيا هرمز كمون وعادل علي صبحة واحد الرفاق اليزيديين، وفي اليوم التالي عادت هذه المفرزة من دون فؤاد الى القاعدة وقالوا اننا اشتبكنا مع عرب من عشيرة العبادي في المنطقة وان فؤاد مجروح وبحاجة الى انقاذ، وفي المساء ذهبت قوة مسلحة مؤلفة من حوالي عشرون فرداً وانقسموا الى مفرزتين الاولى ذهبت الى قرية بيبان ومكثت تلك الليلة هناك بضيافة مجموعة من المعلمين في القرية وهم من اهالي القوش ومعظمهم كانوا ملتزمين بتنظيم الحزب الشيوعي آنذاك، والمفرزة الثانية ذهبت الى قرية جراحية ايضاً في ضيافة المعلمين من اهالي القوش، ان المفرزة الاولى ليس لها اي معلومات عن المفرزة الثانية وبالعكس ولحسن حظي كان لي اقرباء في كلا المفرزتين، وعندما عادوا سالتهم عن فؤاد فقالوا لا نعرف عنه شيئاً وسالنا آمر المفرزة متى نذهب لنجدة فؤاد فقال ان المفرزة الاخرى هي المكلفة بهذه المهمة والمفرزة الاخرى كان لها نفس الجواب لكل من يسأل وهكذا ضاع دم فؤاد مابين قريتي بيبان وجراحية علماً ان المسافة بين القريتين حوالي اربع كيلومترات، وبعد عدّة اشهر التقيت بالسيد سيدو بك الذي كان يعمل فراش للمدرسة في القرية وهو ايضاً شخصية بارزة في قرية جراحية فسالته عن الحادث لانه حصل في منطقته فقال لي في ذلك الليل يوم الحادث لم يخمد لي جفن ولن انسى ذلك اليوم لان انينه كان في اذني حتى الصباح الباكر، واستغربت من تلك الحالة كيف ان الحيوانات المفترسة في المنطقة لم تتعرض له وهو قرب عين للماء تتردد اليها تلك الحيوانات، اكتفي بهذا القدر من المعلومات لربما تفي بالغرض ولا اريد ان اتطرق الى تفاصيل اخرى.
والآن اعود الى المسؤول الاول في المنطقة كاكا احمد (مصلح الجلالي) حيث كانت علاقتي معه جيدة بالرغم من انني لم اكن ملتزماً بالحزب، وبعد استشهاد فؤاد تركت القاعدة مباشرة والتحقت مع مجموعة كانت قرب دير الربان هرمزد وكانت بامرة السيد ميخا شعيا شوشاني، في تلك الفترة كانت قوة هرمز ملك جكو موجودة في دير الربان هرمزد، بدأت العمل السياسي معهم من خلال الحزب الديمقراطي الكوردستاني وبتأثير من صديقي المرحوم حميد ميخا تيزي الذي كان عضواً متقدماً في الحزب الديمقراطي الكوردستاني، بعد الانشقاق الذي حصل في قاعدة (بسقين) بين جماعة توما توماس وجماعة كاكا احمد الذي كان يمثل شرعية الحزب آنذاك انتقل كاكا احمد مع جماعته الى كلي القيسيرية التي تبعد عن قاعدة بسقين حوالي ثمانية كيلومترات باتجاه الشرق وعلى نفس سلسلة جبل القوش وكان عددهم ما بين (30-40) مقاتل ولم ينضم معهم من اهالي القوش سوى شخصين هم السيد شمعون الياس جما والسيد متي ابونا وكلاهما كانا من الكوادر المتقدمة في تنظيم الحزب الشيوعي جانب الرصافة في بغداد وكان شمعون يقضي معظم وقته في القوش لتامين الاتصال ما بين كاكا احمد وقيادة الحزب في بغداد حيث كان في معظم الاحيان يكلفني في ايصال بريد الحزب الى كاكا احمد في مقره الجديد (كلي قيسيرية) ولا يمكنني ان ارفض طلبه بسبب صلة القرابة والصداقة بيننا فتعززت علاقتي الشخصية مع كاكا احمد وكان كلما جاء لزيارة القوش ليلاً اكون برفقته اثناء دخوله وخروجه من القرية وهو رجل ذكي وشجاع، ان الاخوان شمعون ومتي لا يعرفوا جيداً ازقة القوش والمناطق الآمنة فيها كونهم من سكنة بغداد، وفي تلك الفترة كان الوضع الامني في القوش مضطرب وكانت مجموعة من الفرسان (المرتزقة) منتشرين حول القرية بالاضافة الى عناصر الامن، وفي احدى الليالي ابلغني شمعون بان كاكا احمد سيأتي الى القوش يرافقه حوالي عشرة من الرفاق المسلحين لحضور مناسبة خطوبة الرفيق متي ابونا من ابنة ايليا ابونا وكان عليّ تامين وصولهم الى الاحتفال ومرافقتهم بعد الانتهاء الى بيت السيد رحيم كتو، فقمت بتلبية طلبه حيث استقبلتهم في مكان آمن باحدى ضواحي القرية وكان معه العقيد جلال بالطة وآخرون واستصحبتهم الى بيت ايليا ابونا وكان السيد متي موجود في ذلك البيت وكذلك العديد من الاصدقاء والجيران لاهل العروسة واتذكر كان من ضمن المدعوين السيد شمعون صادق وصليوا بولا المقدسي، بدأ الجميع بتناول المشروبات والبعض يغني، وبعد ان بقيت معهم نصف ساعة تركتهم على ان اعود اليهم في منتصف الليل حسب طلبهم لارافقهم الى بيت رحيم كتو ليناموا هناك بعض الوقت ثم يغادرون القرية عند الساعة الخامسة فجراً حسب برنامجهم المعد مسبقاً، ان الاستاذ رحيم كتو وعائلته كانوا يعيشون في بغداد وهو من اقرباء شمعون جما وكان الدار خالياً آنذاك ويستخدم لهذه الاغراض، عدت الى بيت ايليا الساعة الحادية عشر مساءاً وحال دخولي الى الغرفة ناداني كاكا احمد اريدك الآن ان تاخذني الى بيت شمعون فسالت الاخ متي والجماعة لماذا كاكا احمد يظهر وكأنه في حالة عصبية فقالوا ان احد الاشخاص من جماعة حزب البارت تجاوز في كلامه مع احد الشيوعيين وتلافياً للمشاكل لم نرد عليه مما سبب انزعاجه فغادرنا الغرفة متوجهين الى بيت شمعون وحسب اعتقادي انه اراد الذهاب الى بيت شمعون كردي والد الشهيد فؤاد والمرحوم ادور ولم يخطر ببالي انه يقصد بيت شمعون جما لان شمعون لا يملك دار في القوش والدار الذي كانوا يستخدمونه هو للسيد رحيم كتو لكونه خالياً ولان صاحبه يعيش في بغداد فذهبنا الى بيت ادور شمعون الذي كان يسكن في بيت عوديشو قرب كراج القوش ثم طرقت الباب وعندما ظهر ادور وهو يفتح الباب فاجأني كاكا احمد حيث مسك بيدي ضاغطاً عليها بشدة ففهمت اننا في مشكلة فسالني ادور بلغتنا السورث وقال ماذا يعمل هذا هنا فاجبته يريد فقط ان يسلم عليكم، فتوقف قليلاً ثم فتح الباب ودخل الى غرفة الضيوف وتحدث كاكا احمد قائلاً انني جئت للاطمئنان عليكم لكن ادور لم يرد عليه وغادر الغرفة ، التفت كاكا احمد نحوي قائلاً خلصني من هذه المشكلة التي سببتها لي فقلت له سنذهب حالاً فخرج هو من الباب ويده على قبضة مسدسه وانا ذهبت الى ادور في الغرفة الاخيرة من الدار وقلت له إننا نعتذر مضطرين للمغادرة حالاً بسبب الوضع الامني لاننا نسمع الآن صوت إطلاقات نار في الخارج، فمسك يدي وقال غداً لي كلام مهم معك فاجبته ان شاء الله والتحقت مع كاكا احمد وهو منزعج جداً فقال لي، لقد قلت لك ان تاخذني الى بيت شمعون مالنا وليس الى بيت ادور شمعون فقلت له انني اعتذر لكني لم افهم ما جرى بينكم، فقال انهم يتهمونني بقضية استشهاد فؤاد وانا لا علاقة لي بالقضية وان الحادث حصل قضاء وقدر من دون تعمد وهم فيما بينهم، ثم طلبت منه ان يعيد مسدسه الى مكانه وطمأنته وقلت له لا تضن ان يصيبك مكروه ما دمت معي لاننا اهالي القوش لا يمكن ان يتجاوز بعضنا على بعض بهذا المستوى الذي تتصوره كما ان ادور صديقي ونعرف بعضنا البعض، مسك يدي ومشينا في ظلام دامس الى بيت رحيم كتو الواقع في بداية القرية من جهة الشرق واثناء المسير قلت له من قتل فؤاد فقال من الافضل لك ان تسأل الذين كانوا معه فهم يعرفون الحقيقة كاملة وانت تعرفهم جيداً والبعض منهم من القوش، عندما سمعت منه هذه المعلومة اقتنعت بان المعلومات التي رددها المسؤولين آنذاك كانت غير صحيحة حيث كانوا يصرحون بأن مجموعة مسلحة من اهالي قرية الممان فتحت النيران على المفرزة التي كانت بأمرة فؤاد مما ادى الى استشهاده في تلك المنطقة ولو ان هذا الادعاء غير معقول ويتعارض مع طبيعة العلاقات السائدة بين اهالي قرية المنطقة لانه لا يجوز الاعتداء على المفارز المتنقلة بين القرى والارياف في المنطقة مع العلم ان القرى العربية لا يتجاوز عددها ثلاث قرى صغيرة يبلغ عدد نفوس كل قرية ما بين عشرة الى خمسة عشر عائلة وهناك دلائل كثيرة تؤكد بأنه لا يجوز مطلقاً ان يقوم اهالي قرية عربية بهذا العمل الجبان لان هذا العمل يتناقض مع قيم المجتمع العشائري السائد في تلك المنطقة آنذاك، بالاضافة الى ان هذه القرية محاطة بقرى يزيدية عديدة وهناك ايضاً اربع قرى آشورية قريبة من تلك الاحداث وانا لا اجزم بأن رأيي وتحليلي هما الصحيحان ولكن القاريء الكريم يمكن ان يستنتج ويتوصل الى معرفة الحقيقة وسؤالي هو لماذا لم يرد انصار الحزب الشيوعي على اهل القرية لاسترجاع كرامتهم التي انتهكت؟، ولماذا لم تقوم المفرزة بواجبها لاسعاف الجريح وحمله الى مكان آمن؟، ولماذا قوى الانصار في اليوم الثاني لم تجلب الجثة؟، وما هو السر في اختفاء الحقيقة كل هذه الفترة الطويلة بينما مئات الشيوعيين استشهدوا لدى قيامهم بمهمات سياسية اوعسكرية، لكن كانت الحقيقة تعلن على الملا ولا احد كان يتحمل المسؤولية على الآخرين لان طريق النضال معروف للجميع وهو مليء بالتضحيات ولكن بأشكال واساليب مختلفة بالاضافة الى هذا كله نجد من خلال قراءة اوراق توما توماس يظهر لنا جلياً بأن احد رفاقهم من الطائفة اليزيدية الكريمة السيد اسماعيل كجل تعرض لاهانة من قبل احد رجال السيد صالح نرمو في قرية بيبان فقام الحزب بارسال قوة مسلحة اصطدمت مع مجموعة صالح نرمو وقتلت احد رجاله المدعو داؤد واثناء عودة تلك القوّة الى مقرها في دير الربان هرمزد تعرضت الى كمين لرجال صالح نرمو ادى الى اصابة ستة رفاق منهم في الوقت الذي يعرفون جيداً بأن المنطقة كان يسيطر عليها السيد صالح نرمو والسيد فاروق سعيد بيك، كان لهم مئات الفرسان يعملون مع الحكومة ومنذ سنوات عديدة، كذلك لهم المئات من البيشمركة يعملون في منطقة حسو ميرخان القائد البارزاني في منطقة الشيخان والقوش بالاضافة الى النفوذ الواسع الذي كان يحضى به السيد علي جوتي عضو لجنة محلية الشيخان للحزب الديمقراطي الكوردستاني، ومع كل هذه الامكانيات فإن الشيوعيين لم يعيروا اي اهمية لها فقاموا بتحدي ومواجهة كل هذه الاطراف من اجل رد الاعتبار لرفيقهم بسبب تلك الاهانات، فكيف نقارن بين هذا الموقف وموقف الحزب من قضية استشهاد فؤاد؟، انه تناقض واضح بالاضافة الى ان هذه القضية كان لها تداعيات كثيرة الانعكاسات على اهالي القوش وادّت الى قتل الطالب الثانوي نوئيل ججو كوزا من قبل شقيق داؤد الذي قتله الشيوعيين، وبعد عملية القتل صرّح القاتل بأنه اخطأ الهدف والمقصود كان ابن توما توماس كون الضحية يشبه ابن توما توماس بحد كبير مما ادى بوفاته، بعث القاتل رسائل عديدة الى اهالي القوش يذكر فيها بأنه نادم على ما فعله لانه قتل نفس بريئة لا علاقة لها، اثناء مراسيم الجنازة حضر توما توماس ومرافقوه مصرّح امام الجميع قائلاً ان هذا المجرم قتل ابني جوزيف وليس ابنكم وسوف لن يبقى بدون قصاص، ان شاء الله في المستقبل ساكتب عن هذا الحادث المؤلم الذي اصاب تلك العائلة، كل هذه الاسئلة وغيرها نريد لها جواب لكي تظهر الحقيقة الناصعة ونتوصل الى النتيجة النهائية لتستقر في ملفات تاريخ القوش.
اتمنى ان يرد عليّ من الذين رافقوا المرحوم فؤاد بتلك المهمة او من الذين لهم إطلاع دقيق على هذه القضية، الحمد لله ان معظم ذوي العلاقة لا يزالون على قيد الحياة، انني ارجح ان الحادث ارتكب من قبل المدعو عادل علي صبحة ومن دون تعمد لكني لا زلت مقتنعاً بأن الحقيقة تكمن عند هؤلاء الاشخاص الذين شاركوا بهذه المهمة وان كشف الحقيقة لن يترتب عليها اي تداعيات مستقبلاً.

98
مؤتمر عينكاوا يمثل خريطة الطريق لشعبنا (الكلداني الآشوري السرياني)

بقلم داؤد برنو

بعد الاطلاع على سير اعمال المؤتمر الذي انعقد في عينكاوا قبل ثلاثة اشهر تقريباً والنتائج التي تمخضت عنه والجهود الكثيرة التي بذلتها الهيئة التحضيرية لهذا المؤتمر من الاموال والوقت وتعرضهم لشتى انواع الانتقاد الذي لا يليق بهذه المناسبة والقائمين عليها، تبين لي ان بعض القوى السياسية لم تشارك بهذا المؤتمر ولم تشجع الآخرين لحضوره ولو بمستوى معين، وهذا دليل على انهم غير معنيين بهذا المؤتمر والهدف الذي عقد من اجله، كذلك انه دليل آخر على انهم لا يستوعبون متطلبات المرحلة التي نعيشها ومن الصعب جداً الاعتماد عليهم ليتحملوا مسؤولية قضية شعبنا وحقوقه القومية المشروعة هذا من جهة ومن جهة اخرى يبين لنا ايضاً مدى استخفافهم بعقول وكرامة الآخرين من ابناء شعبنا وبتاريخهم النضالي في صفوف الحركة الوطنية العراقية وينكرون عليهم حقهم بالمشاركة معهم في تحمل المسؤولية، وربما يعتقدون بأن حقوق شعبنا يجب ان تنال بجهودهم ومن خلالهم فقط لانهم يعتبرون انفسم الممثلين الوحيدين لشعبنا وإلا سنبقى بهذه الحال المزرية الى مالا نهاية، اما نظرتهم الى السواد الاعظم لابناء شعبنا هو انهم عبارة عن ارقام عددية لا رأي عندهم ولا خيار لهم سوى ان يكونوا تابعين لهذه القوى وان يصوّتوا لها في الانتخابات القادمة او متى ما شاء، ونحن نتذكر جيداً نتائج الانتخابات السابقة التي عكست مدى ثقلهم السياسي في الوسط الثقافي لشعبنا (الكلداني الآشوري السرياني) وهذا ما عرفه غيرنا ايضاً في الاوساط السياسية الوطنية ولكنهم يتجاهلون هذه الحقيقة او لا يعرفونها وهذه مصيبة كبرى، ان شعبنا العراقي قد ابتلى بالكثير من هؤلاء السياسيين وامثالهم في بغداد من الذين يعملون من اجل مصالحهم الشخصية والعشائرية والفئوية والمذهبية، وهم لا يولون اي اهتمام للآخرين وهذه احدى الاسباب الرئيسية التي ادت الى وضع العراق على ما هو عليه الآن، لقد اصبح بلد الميليشيات والاشباح وبلد مجهول الهوية والمستقبل، لقد ترسّخ لدينا هذا الانطباع وهذه القناعة وتكوّن لنا رأي آخر وتقييم جديد لهذه القوى السياسية من خلال تراكم اعمالهم السلبية ولا سيما موقفهم من مؤتمر عينكاوا الذي جاء تتويجاً لتلك المواقف، واننا نعتبر مؤتمر عينكاوا خطوة جبارة في الاتجاه الصحيح وفي سبيل تحقيق الهدف المنشود ونأمل ان تستمر المؤتمرات في الاطار نفسه، كما لنا ايمان كبير بشعبنا بأنه قادر على تجاوز كل العراقيل التي تتخلل سيرته النضالية القومية، ومن منطلق الوضع السياسي القائم في صفوف شعبنا والخلافات السائدة بين القوى الدينية والاجتماعية اود تسليط الضوء على تجربة اخواننا المسيحيين في لبنان لكي نستخلص منها الدروس والعبر لان وضعنا الحالي يشبه الى حد ما وضع المسيحيين في لبنان قبل الحرب الاهلية عام 1975، ربما البعض من السياسيين يعيد النظر في مواقفه والسياقات التي يتّبعها من اجل موقف موحد من  مطالب شعبنا المسيحي في العراق ولكافة تسمياته لان درجة التحدي في هذه المرحلة هي اكبر بكثير مما نتصوره، انه التحدي الكبير والاخير الذي يقود مصير شعبنا وموقعه في المعادلة السياسية العراقية الجديدة، في نهاية عام 1985 تقرر القيام بنشاط سياسي مشترك من قبل قيادة حزب بيت نهرين الديمقراطي في شيكاغو وتنظيم سياسي آشوري في سوريا وكان للسيد جبرائيل مركو احد قيادي ذلك التنظيم الدور الرئيسي في الاعداد لزيارة وفدنا الى لبنان للاطلاع على تجربتهم، وتم تشكيل الوفد برئاسة ممثل حزب بيت نهرين السيد جبرائيل مركو واثنان من الشخصيات الآشورية اللبنانية فقمنا بزيارة جميع الفعاليات المسيحية اللبنانية في بيروت، ففي اليوم الاول قمنا بزيارة رئيس حزب الكتائب الوزير جورج سعادة في مقره بيت الكتائب، وبعد ان استعرضنا معه الوضع القائم في العراق استطرد قائلاً ان العاقل هو من يستفيد من تجارب الآخرين واخطائهم وارجو منكم ان تاخذوا تجربتنا بنظر الاعتبار لاننا نشترك معكم بعوامل عديدة وبدأ يشرح لنا تجربتهم المريرة والمآسي التي حلت بهم في لبنان واضاف قائلاً ان صراعنا كان من اجل المحافظة على الحياة الحرة الكريمة لان الآخرين كانوا ولا يزالون يعملون من اجل شطبنا من المعادلة السياسية في بلدنا لبنان واضاف قائلاً لقد تخلى عنا العالم كله ولم يبقى عندنا غير روما فكنّا نذهب اليهم ونعرض معاناتنا ومشاكلنا، فكانت الوفود عديدة وكل وفد يخالف ما كان يطالب به الوفد الآخر، فكانت الكتائب تذهب بوفد لوحدها وكذلك كل جماعة سياسية او دينية تذهب وفد لوحدها ايضاً، ومنها حزب الاحرار والقوات اللبنانية والرابطة المارونية والبطريركية المارونية والآباء الكرمليين بالاضافة الى الشخصيات اللبنانية التي كانت ترتبط بعلاقات وثيقة مع المسؤولين في روما تقوم بزيارات خاصة بها ولها وجهة نظر اخرى ايضاً، وتبين لنا ان روما ايضاً غير مهتمة بقضيتنا بسبب التشتت الحاصل لاهداف وضعنا السياسي واخيراً قالوا لنا وبصراحة اننا لا نستطيع استقبال وتوديع كل هذه الوفود وليس بوسعنا الاستماع اليكم وتلبية مطالبكم فنطلب اليكم المجيء بوفد واحد ومطالب موحدة وكذلك نطالبكم بتوحيد خطابكم السياسي في اطار الاهداف الستراتيجية لقضيتكم وإلا ستكونون من الخاسرين جميعكم، وتطرّق في حديثه الى قضايا اخرى لا مجال هنا لذكرها وهكذا انتهت زيارتنا لقيادة حزب الكتائب، وفي اليوم التالي قمنا بزيارة الى رئيس حزب الاحرار السيد داني كميل شمعون واستقبلنا بحفاوة بالغة واستعرضنا معه اوضاع الآشوريين في العراق وفي المنطقة، صرّح بأن والده المرحوم كميل شمعون (الرئيس اللبناني الاسبق) كان دائماً من الداعمين لمطالب الآشوريين في لبنان ولا سيما في موضوع منحهم الجنسية اللبنانية إسوة بالآخرين من العرب، لكن كان هناك من وقف ضد هذا المشروع وانتم تعرفون ذلك، كذلك كان يدين موقف اميركا واوربا وتخليهم عن المسيحيين في لبنان وفي الشرق الاوسط وان هذه الدول تحكمها المصالح وليس المباديء، ثم تطرّق قائلاً قبل فترة كنت في بغداد كعادتي لممارسة هواية الصيد كما كان والدي يمارسها من قبل وكنت اقضي ساعات عديدة في الصيد في جزيرة بغداد وهور رجب، وفي احد الايام زارني عدد من رؤساء الدين المسيحيين والوجهاء وقالوا لي ان اكثر من 150 آشوري اعتقلوا من قبل السلطات دون اي سبب يذكر وكل ما نعتقده هو لشعورهم القومي فقط، نناشدك للتدخل لدى السلطات للافراج عنهم، وفي اليوم التالي ذهبت مع صدام للصيد وفي المساء كان لي دعوة عشاء معه فطلبت منه بالحاح اطلاق سراح الشباب المسيحيين ووعدني بتحقيق ذلك، وفي اليوم التالي عندما تم تبليغ دائرة السجن باخلاء سبيلهم اخبروني بأن ثلاثة منهم تم اعدامهم فتفاجئت بهذا النبأ المحزن وتألمت كثيراً بسبب هذا الحادث وهذا الاجراء، ان لقاءاتنا هذه كانت تحضرها وسائل الاعلام وكنا نقرأ الصحف في اليوم التالي ونلاحظ صورنا بالصفحة الاولى لجريدة الاحرار والكتائب .... والصحف الاخرى التي كانت تصدر في المنطقة الشرقية، كذلك كان الخبر يشار اليه في الاذاعة والتليفزيون، وفي اليوم التالي قمنا بزيارة الى قائد القوات اللبنانية الدكتور سمير جعجع ولكن بسبب زيارة مفاجأة قام بها السفير الالماني بنفس الوقت المخصص لنا لم يتمكن من الحضور واللقاء بنا، طلبوا منا تاجيل الموعد لكننا ارتأينا ان يتم  الاجتماع مع الآخرين من اعضاء القيادة فحصل اللقاء مع المستشار السياسي للقوات الدكتور توفيق الهندي وآخرين، استعرضنا بدورنا الوضع السياسي في العراق ولبنان والمنطقة فقال لنا هل تضعون في تصوركم وحسابكم كم هو صدام حسين رجل شرير وسفاح ومجرم؟ هل تعلمون انه في عام 1980 أعدم اكبر عالم ديني للشيعة في النجف آية الله العظمى محمد باقر الصدر واخته بنت الهدى وان اكثر من مائة مليون شيعي يتبعونه، ان صدام لم يعير لهم اي اهمية لذا اتمنى ان تاخذوا هذا الواقع وهذه الاحداث مأخذ الجد لانكم الوحيدين على الساحة العراقية كمسيحيين فلا احد بالعالم له مصلحة معكم ليدعم قضيتكم فكونوا واقعيين في معارضتكم ولا تكونوا متطرفين لان صدام لا احد في العالم يستطيع ان يردعه عن ارتكاب الجرائم البشعة بحق الشعوب والقوميات كالابادة الجماعية لاسيما اذا كانوا مسيحيين لا حول لهم ولا قوة، هذا لا يعني ان تنسحبوا من المعارضة كلا فالمعارضة واجب وطني ضروري لكن اولوياتكم يجب ان تتركز على الاعلام لان قضيتكم بحاجة الى ذلك ولا بد من العمل مع المعارضة العراقية لاسقاط النظام الدكتاتوري في العراق وايجاد وضع بديل قائم على العدل والمساوات بين جميع ابناء الشعب العراقي دون تمييز لاي سبب كان وضمان حقوق جميع القوميات والطوائف الدينية في العراق، وفي اليوم التالي التقينا بجماعات اخرى ومنها الرابطة السريانية، وبعد اللقاء اجريت معي مقابلة اذاعية مباشرة حول اهداف الزيارة وعن رأيي حول الحرب الاهلية في لبنان، قلت ان كل الدلائل تشير الى ان الحرب لها طابع ديني لكنها بإيطار سياسي وهذا الرأي تكوّن عندي لدى وجودي في سوريا منذ عام 1980 حيث التقيت مع الكثير من المقاتلين في صفوف الحركة الوطنية اللبنانية وكانوا ينتمون الى الدول الاسلامية من جميع انحاء العالم ولا يتحدثون اللغة العربية وليس لهم اي شأن بالسياسة وكنت اسالهم عن سبب وجودهم في لبنان فيردون انهم مجاهدين في سبيل الله جاءوا ليقاتلوا الكفار وهذا واجب مفروض عليهم وواجب شرعي، كما بحثت معهم عن مصدر الاموال التي تتدفق اليهم بسخاء فكانت ليبيا وسفارتها في لبنان الممول الرئيسي لهم وكذلك سفارات دول الخليج في لبنان كانت تدعمهم بشكل غير رسمي ومن خلال مكاتب خاصة داخل السفارات وتحت اسماء جمعيات انسانية وهمية وكان تصريحي هذا لا يرضي الحكومة السورية وبعض الاصدقاء العراقيين في سوريا، لدى عودتي الى دمشق في منتصف عام 1986 وجدت صعوبة في البقاء في سوريا بسبب الملاحقات التي كانت تقوم بها اجهزة الامن السورية حول اي نشاط سياسي اقوم به فعانيت الكثير لانني مجرد قلت الحقيقة في التعبير عن رأيي حول الوضع في لبنان، كذلك التقينا مع المفكر اللبناني الاستاذ وليد فارس الذي تطرق معنا حول الفكر السياسي اللبناني وخاصة نظرية حزب الكتائب ومؤسسها بير الجمّيل التي فشلت فشلاً ذريعاً ومنذ بداية الاحداث في عام 1975 حيث حصل تراصف وتخندق بين المسلمين من جهة والمسيحيين من جهة اخرى فكانت نظريته تقول (ان اللبناني المسيحي هو اخو اللبناني المسلم السني والشيعي والدرزي وان المواطن الخليجي الذي يحمل الينا الاموال خير لنا من المسيحي الشحاذ الذي ياتي الينا من الدول العربية مثل العراق والاردن......)، واضاف قائلاً بينما نحن نقول ومنذ البداية (ان المسيحي اللبناني هو اخو المسيحي المشرقي اينما كان في العراق او سوريا او الاردن.....) وهذه النظرية ثبتت صحتها فعلاً لاننا نشترك في قيم الحياة الاساسية الواحدة ولنا مصلحة مشتركة وامل والم مشترك ومصير واحد، ثم قال اتمنى ان تستفادون من تجربتنا الغنية بالدروس والعبر هذه كي تتجنبوا الاخطاء التي ارتكبناها ولا نزال الى يومنا هذا نعاني من عدم تحقيق الوحدة او الجبهة المسيحية الموحدة بين جميع الفعاليات المسيحية في لبنان وان اكبر نصر لكم هو وحدتكم التي من خلالها تحققون اهدافكم او طموحاتكم القومية والديمقراطية في العراق بالرغم من المصاعب والمعوقات التي تحيط بكم من هذا الجانب او ذاك.
وفي اليوم الاخير قمنا بزيارة مرجعية دينية وتبادلنا معه الحديث حيث كان يشكو من موقف سابق لبعض المسيحيين في الحكومة اللبنانية السابقة بعدم منح الجنسية اللبنانية الى الآشوريين الذين هاجروا من العراق الى لبنان بعد مذابح سميل عام 1933 إسوة بالمواطنين العرب الذين حصلوا على الجنسية اللبنانية، كما اطلعت على بعض الوثائق لمشروع اسكان الآشوريين في منطقة تل الزعتر الذي يشرف على ضواحي بيروت ويعتبر منطقة محصّنة، كان قد تبنى هذا المشروع الرئيس الاسبق كميل شمعون ووزير الدفاع آنذاك وبعض من كبار ضباط الجيش من المسيحيين حيث كانت هجرة المسيحيين بشكل عام والآشوريين بشكل خاص بكثافة ووفق مخطط تبنته الحكومة العراقية آنذاك منذ عام 1970 وبموجب كتاب صادر من مجلس قيادة الثورة العراقية موجه الى دائرة السفر والجنسية ينص على تسهيل هجرة المسيحيين من العراق وتزويدهم بوثائق السفر المطلوبة، كانوا ينطلقون من العراق متوجهين الى لبنان كمرحلة اولى حيث كان في لبنان عدد من الجمعيات الدولية المختصة بالهجرة تابعة للامم المتحدة، ومن لبنان يختارون البلد الذي يرومون الهجرة اليه، وفي بعض الحالات يذهبون الى اي بلد يقدّم لهم منحة الاقامة فيه، ومن منطلق الحفاظ على الشعب الآشوري قريب من وطنه بيت نهرين وانسجاماً مع مصلحة المسيحيين اللبنانيين في ذلك الوقت تم بدء العمل بهذا المشروع وانجزت خطوات عديدة في هذا المجال.
كان كميل شمعون وبعض العسكريين معه يشاهدون شبح الحرب الاهلية قادمة لا محال بعد ان تم استيطان اكثر من ربع مليون فلسطيني في الضاحية الجنوبية من بيروت وصيدا وابدوا تخوفهم من سيطرة الفلسطينيين على بيروت، ولكي يتم التوازن بين قوة الفلسطينيين الداعمة للمسلمين وقوة الآشوريين الداعمة للمسيحيين تم التنسيق في احد جوانب هذا المشروع مع الاتحاد الآشوري العالمي A.V.A. الذي كان يمثله آنذاك السيد سام اندريوس والاستاذ آدم هومي، كما تم التنسيق مع روما في هذا الصدد للحصول على الدعم المالي وفعلاً تم تخصيص مائة مليون دولار كمقدمة لبناء شقق سكنية للآشوريين في تل الزعتر، لكن قبل ان يكتمل هذا المشروع ويرى النور تم التآمر عليه واجهاضه واسقطت طائرة وزير الدفاع المسيحي والوفد العسكري المرافق له فوق بيروت وهم من الذين كانوا متحمسين لتبني هذا المشروع بسبب ادراكهم المسبق من خطورة الوضع في لبنان وتخوفهم من ازدياد نفوذ الفلسطينيين في بيروت العاصمة، قالوا انها سقطت بسبب رداءة الطقس ولحد الآن لم يكشف هذا السر ولم يتم التحقيق بتلك الجريمة وتم الغاء المشروع ومع الاسف الشديد ان الذي كان وراء تلك العملية حسب قولهم هو الشيخ بير الجمّيل وهذا هو واقع لبنان المأساوي، انه يتكون من مجموعة زعامات تقليدية تاريخية لا تنسجم بعضها مع البعض الآخر ابداً ففي كل حقبة زمنية يظهر زعيم مسيحي لبناني يعمل من اجل مصلحته الشخصية على حساب المصلحة العليا للمسيحيين اجمع وكان منهم بير الجمّيل وبعده سليمان فرنجية واحفاده والآن ميشيل عون ولا نعرف من سيظهر بالمستقبل (الله يكون في عونهم) وجميعهم يشتركون في صفة واحدة وهي انهم يعملون في اطار مصلحتهم الشخصية ومصلحة جماعتهم فقط وهكذا عانى ويعاني هذا البلد من هذه المشاكل وسيبقى هكذا الى وقت طويل الى ان يتم ادارته من قبل الامم المتحدة.
والآن نرى ان الوضع في العراق يشابه الى حد ما الوضع في لبنان اثناء الحرب الاهلية ونحن المسيحيون العراقيون لحد الآن لم نتخذ موقفاً موحداً يكون بمستوى المسؤوليةوينسجم مع ظروف المرحلة الراهنة التي نعيشها بينما الآخرون بالرغم من تناقضاتهم وخلافاتهم فانهم افضل منا لانهم يعملون في اطار واحد ووفق رؤية واحدة نحو مستقبل افضل للجميع، واخيراً تكللت زيارتنا الى لبنان بالنجاح في عدد من المجالات ومنها الاعلامية حيث ابدوا جميع من التقيناهم استعدادهم لمساعدتنا في طرح قضيتنا اعلامياً في المحافل الدولية، كما ابدوا استعدادهم ايضاً في تقديم الدعم اللوجستي في الاقامة والعمل السياسي لممثلنا في لبنان بالاضافة الى نشاطات اخرى ومنها اصدار جريدة آشورية في لبنان وتقديم برنامج اذاعي وتلفزيوني فيما بعد، واسسنا علاقات الاخوّة والتعاون بيننا لتكون قاعدة للانطلاق نحو المستقبل الافضل.
اتمنى للقوى السياسية لشعبنا (الكلداني الآشوري السرياني) الاستفادة من هذه التجربة واستخلاص الدروس منها وايجاد النقاط المشتركة بين الجميع ليمكننا التحوّل من هذا الوضع المتردي الذي نحن فيه الآن والسير الى الامام نحو تحقيق الجبهة القومية الشاملة لشعبنا في اطار المباديء الرئيسية والمطالب الملحة لشعبنا في المرحلة الراهنة والتي توجت في مقررات عينكاوا، واطلب من السياسيين والادباء ان يسخروا اقلامهم لاجل لم الشمل وتحقيق الجبهة القومية او على الاقل الاتفاق على اصدار بيان مشترك يتضمّن نقاط اساسية يتفق عليها الجميع وليس لاجل النقد للبعض والتمجيد للبعض الآخر لان الظروف السياسية والامنية في العراق بشكل عام وفي صفوف شعبنا بشكل خاص لا تساعد ولا تسمح لنا في اتخاذ مثل تلك المواقف لانها تؤدي الى الهدم وليس للبناء، وعلى الجميع ان يتفهموا مصلحة شعبنا لان الكلمات والتصريحات غير كافية والشيء الوحيد الذي يؤخذ بنظر الاعتبار هو الواقع المُعاش ومن خلال الاعمال وليس الاقوال، وكما يقول المثل مصائب قومٍ عند قومٍ فوائد.

99
قراءة في اوراق توما توماس    الجزء الثاني


بقلم داؤد برنو   

كتبتُ مقالاً حول مذكرات توما توماس قبل شهر تقريباً وتم نشره على موقع عينكاوه مشكوراً وجاءتني عدّة رسائل ومكالمات يطالبون فيها بعض الايضاحات حول الموضوع كوني احد الاطراف السياسية في القوش آنذاك لأبيّن الحقيقة حول حادث استشهاد صبري الياس دكالي الملقب (جندو) وعلاقة المرحوم سعيد تيزي بها والتي لا زال الكثير من اهالي القوش يشككون في صحتها، فلم اتجاهل الطلبات في هذا الوقت بالذات علماً ان هناك آخرون مثلي من اهالي القوش يملكون الحقيقة نفسها إلا ان بعضهم غير مبالي والبعض الآخر لا يجرؤ على الكلام، وهنا لا ابالغ اذا قلت بانني كنت على إطلاع مباشر بكل ما يتعلق بهذه القضية وقضايا اخرى حصلت في القوش والمنطقة بسبب نشاطي السياسي مع الحركة الكوردية في الستينات من القرن الماضي ولي تجربة غنية هي حصيلة عمل سبعة اشهر في مقر هيز (لواء) حسوميرخان دوله مري ومقر لجنة محلية الشيخان وكان يمثلها آنذاك السيد نوري حسين الاتروشي وهو من اهالي الشيخان، كنت اعمل مساعد مسؤول ارزاق المنطقة مع المعلم كاكاعلي صوراني وهو من اهالي السليمانية كان مدير مدرسة اتروش وهو الذي دبّر عملية الاستيلاء على ربية اتروش بالتعاون مع آمر قوة السيد امين كورتي، كنت في نفس الكلي لقرية (بيري وباصفري) مع مجيد افندي الاتروشي والامام ملّى خليل وحجي طاهر وشاكر الشيخلي وآخرون، ثم نُقلتُ كمسؤول الطابو لعدد من القرى في منطقة ارماش بشكل مؤقت اثناء الصيف وكنت ساكن في قرية آرماش المسيحية في بيت المختار يوسف واخيه صادق، في تلك الفترة جاء الى المنطقة القائد هاشم ميروزي بأمر من القيادة البارزانية بديلاً للقائد حسو ميرخان لاسباب لا مجال هنا لذكرها، طلب هاشم ان اعمل معه كمسؤول عن شؤون المسيحيين في المنطقة وفعلاً التحقت معه ولمدّة اسبوعين فقط، قُتل هاشم في جبل اتروش بالوقت الذي كنت مع السيد علي جوقي في قرية بيبوزي ننتظر رجوعه الينا ليلاً لكنه قتل برصاص ابن عمه مصطفى ميروزي الذي كان رئيس فرسان آنذاك، شارك في عملية التقدم والهجوم على ربايا اتروش، وللاسف ان الذي حصل كان كارثة  خاصة بالنسبة لي وجميع الخطط تبدلت بسبب استشهاد هاشم، وعلى اثر استشهاد القائد البارزاني هاشم ميروزي تركتُ منطقة اتروش ورجعتُ لاعمل مع قوة الشهيد هرمز ملك جكو التي كانت تحت قيادة السيد طليا شينو وهو احد اقرباء هرمز جكو، كان مقر القوة في دير الربان هرمزد على جبل القوش، تبلغتُ من السيد رشيد عارف اتروشي عضو فرع الحزب في قرية شاوريكي آنذاك بأن اكون المسؤول السياسي في هذه القوة والى هنا اكتفي بهذه المقدمة عائداً الى موضوعنا الرئيسي لنناقش ما ورد في تلك المذكرات من قضايا سياسية وحزبية وغيرها من الشؤون الداخلية للحزب الشيوعي في القوش والموصل بقدر ما يخص موضوعنا، وعلى سبيل المثال لقد قرأت بيان اللجنة المركزية للحزب الشيوعي العراقي بعد وفاة توما توماس مباشرة واشار فيه للتاريخ السياسي لابو جوزيف حيث ذكر البيان ان المرحوم انتمى للحزب الشيوعي بعد ثورة 14 تموز 1958 وانا ايضاً احتفظ بمعلومة خاصة منذ اكثر من ثلاثون عاماً سمعتها من صديقي المدرّس موفق حميد حكيم وهو موضع ثقة الجميع وحصل هذا في اواسط السبعينيات عندما كانت الجبهة الوطنية بين البعث والشيوعية لا تزال قائمة، وبينما كنا نناقش بعض القضايا السياسية قال لي هل تعرف ان السيد سالم يوسف اسطيفانا هو الذي كسب توما توماس ونظمه في الحزب الشيوعي العراقي ومعه عدد من العسكريين في مدينة كركوك بعد ثورة 14 تموز 1958، فاستغربتُ من حديثه وقلت له ربما ابو آزاد يبالغ في هذا الموضوع تحديداً لان الدرجة الحزبية لابو جوزيف اعلى من درجة ابو آزاد بفارق كبير، فقال لي ليس هذا هو المقياس ولكن ربما لابو آزاد موقف معين في قضية معينة لا يتفق مع منهج الحزب فيؤدي به الى المراوحة في محله لسنين عديدة، وتذكرتُ نفس الحالة سمعتها من المرحوم الشماس ابرم عما حيث جدّد نشاطه الحزبي بعد عام 1961 عندما كان يطرح القضية الآشورية جنباً الى جنب مع القضية الكوردية لكن اللجنة المركزية كانت تؤجل النظر في طلبه الى اشعار آخر غير محدد والى الآن لم تنظر اللجنة المركزية وبشكل جدي في قضية شعبنا (الكلداني الآشوري السرياني)، ثم شرح لي الاستاذ موفق وبالتفصيل كيف ان سالم اسطيفانا كان يتكلم عن تاريخ نضال الحزب الشيوعي قبل عام 1958 وبعده وسأل ابو جوزيف قائلاً له، هل تتذكر عندما التقيت معكم في كركوك؟، أجابه نعم انني التزمت بتنظيم الحزب الشيوعي من خلال ذاك اللقاء الذي تحقق بيننا، وهذا دليل حي لانه حصل هذا الحديث في بيت المرحوم توما توماس وبحضور اكثر من خمسة مدرسين وهم على قيد الحياة باستثناء واحد وهو المرحوم اندراوس حنا قيا مدرس ثانوية القوش سابقاً، بينما يظهر في المذكرات غير ذلك ولا نعرف من الذي نصدق فهذه تبقى مسؤولية القاريء لكن مع كل هذا ليس بالضرورة ان نهتم بهذه القضايا لانها لا تؤدي ضرراً بأحد، لكن عندما يتعلق الامر باستهداف البعض من اهالي القوش الابرياء لا سيما الذين عانوا من تلك الضروف الكثيرة من الويلات والمآسي ولاسباب يعرفها الجميع عند ذلك يكون من مسؤوليتي الرد عليها وكشف الحقائق حولها امام القارئين لانني كنت اتحمل مسؤولية سياسية معينة في ذلك الوقت لاسيما في قصبة القوش بالتحديد، كما ان كشف الحقائق لا يعني التقليل من اهمية تلك الاوراق او الاساءة الى احد ما انما تملي علينا مسؤوليتنا التاريخية والاخلاقية بأن نحدد موقفنا مما جاء في البعض من هذه المذكرات التي تتناول اشخاص معينين وتتهمهم بشتى التهم مع الاخذ بنظر الاعتبار الاحداث التاريخية الاليمة التي فرضتها علينا تلك الضروف السياسية القاهرة التي عشناها مكرهين لا خيار لنا بها ولا مفر منها، كما علينا استعمال العقل والمنطق في الكتابة مع مراعاة احترام مشاعر الناس وآرائهم وقناعاتهم مع اظهار الحقيقة كاملة من خلال الادلة والبراهين كي لا نكون عرضة لتهمة الكذب او الجهل، كيف نريد من الناس تصديقنا دون وجود دليل قاطع يؤيد صحة كتاباتنا وانا واثق ان المرحوم توما توماس لو كان مازال على قيد الحياة لاعاد النظر في هذه المذكرات لان المصادر التي استقى منها معلوماته في ذلك الوقت كانت محدودة وربما كانت مقتصرة على مصدر واحد ذو رؤية وثقافة احادية الجانب، ويمكن في هذه الحالة ان يخطيء الفرد بشكل غير مقصود، اما الآن وبعد سقوط النظام فيمكن للكثير من الناس ان يتكلموا بصراحة وان يبرزوا الحقيقة بعيداً عن التهديد والخوف من السلطة او غيرها، ان ما يهمني في هذا الرد هو تسليط الضوء على اتهام المرحوم سعيد تيزي بانه السبب لهذا الحادث الاليم لان هذه القضية تقلق الكثيرين مثلي ولا يمكن السكوت عليها لاظهار الحقيقة كاملة، ومن خلال علاقتي الوطيدة مع عائلة ال تيزي عرفت عنهم روح التضحية والشعور بالمسؤولية والاخلاص وهم من الاوائل الذين اسسوا الحزب الديمقراطي الكوردستاني في القوش منذ عام 1959 في مرحلة كان نفوذ الحزب الشيوعي سائد في المنطقة كلها بالرغم من ان مسؤول منظمة حزب البارت في القوش كان الاستاذ المرحوم حبيب صادق شدّة إلا ان قاعدة الحزب كانت تستند الى ال تيزي وكانوا يشكلون تحدياً للحزب الشيوعي في القوش في بداية الستينات وحافظوا على نشاط هذا الحزب طوال تلك الفترة وفي مقدمتهم المرحوم حسقيال تيزي وابن عمه السيد عبد صادق (زيدكي) ابو الوليد واعتقد ان ابنه يواصل الآن مسيرة والده في نفس الحزب، كما كانوا اولادهم في الحزب باستثناء المرحوم سعيد لانه لا يؤمن بالحزب ابداً، اما المرحوم حميد ميخا تيزي فقد بدأ نشاطه مع الشهيد مالك هرمز مالك جكو منذ عام 1962 والتحق معهم في عام 1963 وتم تعيينه معاون مدير ناحية القوش من قبل قيادة الحركة الكوردية كما تسلم مسؤولية منظمة القوش لفترة معينة اعتقد كان في عام 1965، كان يحظى باحترام كبير من قبل لجنة محلية الشيخان وخاصة من السيد فاروق سعيد بيك والسيد صالح نرمو والمرحوم علي جوقي وآخرين بالاضافة الى السيد حسو ميرخان، اما ابن عمه السيد نجيب سمو تيزي فقضى اكثر من سنة في سجون الموصل بسبب انتماءه الى حزب البارت والتحاقه مع البيشمركة عام 1963، وهنا اود ان اشير الى موقف واحد للمرحوم جميل ميخا تيزي وبايجاز شديد، في اواسط عام 1974 لدى وجودي في القوش قمت بزيارته في الدائرة التي كان يراسها وهي بلدية القوش ثم دخلتُ الى غرفته وسلمتُ عليه ولم اتلقى الرد فوجدته ينظر اليّ بقلق مما اثار استغرابي، وبعد هنيهة نهض من كرسيه واقفل الباب قائلاً لي اريد ان اصارحك بشيء واردف قائلاً ربما ساتعرض الى الاعتقال او اكثر من ذلك، استفسرت عن السبب فاجابني اخبرني الاخ صالح نرمو عضو اللجنة المحلية للحزب الديمقراطي الكوردستاني في قضاء الشيخان ان ورق الطباعة نفذ عندهم وهو مفقود في المنطقة وان اللجنة المحلية بحاجة ماسة اليه فقمت بارسال بند ورق (الف ورقة) على وجبتين مع احد اخواننا اليزيديين ولا اعرف ان كان سينكشف هذا السر للاجهزة الامنية ام لا، هذا الموقف اضيفه الى مواقفه الاخرى حيث دخل السجن لمدّة اكثر من سنة ومعه الاخ يونان يلدا الوالي وكاتب هذه السطور وهو الذي تعرض الى التعذيب اكثر منا جميعاً اثناء وجوده في السجن بسبب نشاطه المستمر في الحزب وفي اتحاد طلبة كوردستان، والآن اسمع عن الكثيرين من اهالي القوش بانهم حصلوا على رواتب تقاعدية ومساعدات انسانية من حكومة الاقليم وانني اقيّم هذه المساعدات ونشكر حكومة الاقليم وقيادتها ونطالبها بالمزيد وان تواصل اهتمامها بهذه القرية واهاليها، كما ونرجو من اللجنة المحلية للبارت ان يقوم بمراجعة التاريخ السياسي لاهالي هذه القرية من الذين عملوا في صفوف الحركة الكوردية وحزب البارت لكي لا يحرم من تلك المساعدات من يستحقها فعلاً وعدم اختزال نضال هؤلاء المناضلين جميعاً ولفترة طويلة من الزمن بشخص واحد او اثنين من اهالي القوش لتسود العدالة بين الجميع، واتمنى من الاخ المناضل صالح نرمو ان يقوم بدوره في اثبات هذه الحقائق لانه ربما هو الوحيد الباقي على قيد الحياة من الذين عاصروا تلك الفترة متمنياً له طوال العمر، وهنا لا يسعني الا ان اذكر واقيّم دور كل من المرحوم الياس ياقو حنو والمرحوم حبيب صادق شدّة والمرحوم حسقيال تيزي الذين انتقلوا الى رحمته تعالى، اما عن المرحوم سعيد تيزي وما اتهم به إبتداءاً اود ان اعرض نبذة مختصرة جداً عنه بقدر ما يتعلق الامر بهذه القضية، من المعروف ان المرحوم سعيد لم يكن يوماً ما في حياته سياسياً ولم ينتمي الى اي حزب، لقد برز نجمه بعد انقلاب 17 تموز 1968 بسبب علاقته الشخصية والمهنية مع كل من سالم علي غزال الطائي واحمد الجبوري اللذان تم نقلهما بشكل اداري نفياً من الموصل الى القوش وتم تنسيبهم الى مدرسة القوش الابتدائية الثانية(العزة) لكونهم اعضاء في حزب البعث السابق وميليشيات الحرس القومي وتعززت العلاقة بينهم اكثر عندما سكنوا بجوار بيت عمه المرحوم ميخا تيزي، كان لتلك العلاقة اسبابها الخاصة ايضاً ومنها الوضع الامني المتردي في القوش، كانوا يبدون مخاوفهم من ذلك الوضع المضطرب ووجدوا في عائلة ال تيزي المأمن الوحيد لهم لما لهذه العائلة من احترام واسع في داخل القوش وخارجها بسبب علاقاتهم التاريخية مع الحركة الكوردية وقيادتها في المنطقة، وبعد انقلاب تموز 1968 اصبح كل من سالم الطائي واحمد الجبوري اعضاء فرع في حزب البعث في محافظة نينوى، وبعد استلام مواقعهم في الدولة والحزب ابدوا استعدادهم لتقديم اية خدمة لهذه العائلة رداً على مواقفهم تجاههم وعلى الفور تم تعيين المرحوم جميل تيزي رئيس بلدية القوش وهو بعمر لم يتجاوز اربعة وعشرون عاماً ولم يكن يعرف عن البعث شيئاً ولا احد في القوش كان له علاقة او مجرد معرفة مع حزب البعث او احد اعضاءه حتى بداية عام 1969، في تلك السنة تم تنسيب المعلم جليل ابراهيم العطية وهو من اهالي الشرقاط مسؤول لنشاط حزب البعث في القوش، وفي عام 1970 تعرفت على الاستاذ جليل (ابو سحر) وهو انسان هاديء ومن عائلة محترمة جداً في الشرقاط، شكى لي من بعض الاسماء الذين يشكلون عقبة في طريق نشاطه وفي مقدمتهم كل من المرحوم سعيد تيزي الذي لم ينتمي ولم يشجع احد على الانتماء لحزب البعث ويقول ان المعوقين فقط ينتمون الى الحزب، والشخص الثاني كان المرحوم الاستاذ صباح كامل الذي يقول ان حزب البعث تخلى عن دوره واصبح حزب عشائري، لقد كانت علاقة سعيد مع مسؤول حزب البعث في القوش متوترة دائماً لكنه كان مدعوم من قبل كل من سالم الطائي واحمد الجبوري، كان يوظف تلك العلاقة من اجل تقديم الخدمات الى قسم من اهالي القوش وخاصة في مجال ايجاد فرص العمل لهم في الموصل، اما بالنسبة له شخصياً لم يستفيد من تلك العلاقة ابداً، لقد قدم طلباً للحصول على اجازة مبيعات مرات عديدة لكن دون جدوى وظلت تلك العلاقة حتى وفاته، وهنا اود الاشارة الى موقف واحد للمرحوم سعيد من حادثة حصلت في القوش، في اواسط عام 1987 قامت مجموعة من الانصار (الشيوعيين) بعملية عسكرية داخل قصبة القوش تتضمن اطلاق قذائف RBG 7 ونيران الرشاشات على دار مسؤول حزب البعث في القوش المدرس اديب قرياقوز وهو من اهالي تللسقف وتم اطلاق تلك النيران من على سطح الدار الذي يسكنه الفلاح المعروف عبد القس يونان وتمت العملية امام مرأى ومسمع بعض الجيران، وفي الصباح الباكر ذهب عبد الى المرحوم سعيد وتوسل اليه من اجل تجاوز هذه المشكله بسلام، وكما هو معروف لدى الجميع ان سياقات العمل لدى الحكومة العراقية آنذاك تؤكّد عند تعرض اي مسؤول في حزب البعث او الاجهزه الأمنية لاطلاق نار فيكون الرد سريعاً وعنيقاً يؤدي حتماً بحياة القائمين بهذا العمل، وينطبق الاجراء على كل من ساعد هؤلاء او علم بهذا الفعل ولم يبلّغ السلطة عنه، لكن المرحوم سعيد تبنى الموضوع على عاتقه وتكفّل بالعمل من اجل حل هذه المشكلة، ومنذ الصباح قامت اجهزة السلطة باعتقال 34 طفل وامرأة من اهالي المنطقة التي اطلقت منها النيران وبعض تلك العوائل كانت من ال تيزي، وطلب سعيد من الجميع بعدم اخبار السلطة بأن النيران اطلقت من بيت السيد عبد القس يونان لان حياته سوف تتعرض للخطر بالتاكيد، سافر سعيد الى الموصل للقاء بعض المسؤولين وفي مقدمتهم عضو فرع الحزب احمد الجبوري كذلك جاء من بغداد الى الموصل ابن عمه جميل تيزي للعمل مع مسؤولين لاطلاق سراحهم ومن ضمن المعتقلين كانت المرحومة والدته، يتمتع السيد نجيب تيزي بعلاقات جيدة مع بعض رؤساء العشائر الكوردية في زاخو ودهوك والموصل، وبعد ايام عديدة من الجهود المبذولة في هذا المجال تم اطلاق سراحهم جميعاً وكان للمدعو احمد الجبوري الدور الرئيسي في حل هذه المشكلة، ومنذ اليوم الثالث من الاعتقال عرضت السلطات على المرحوم سعيد باطلاق سراح اقربائه فقط وترك الآخرين لكنه رفض ذلك وهذا كان موقف ابن عمه نجيب ايضاً، ان هذه الحادثة معروفة للجميع وشهودها معظمهم على قيد الحياة والحمد لله ويمكن لكل من يشكك بذلك ان يتاكد واود هنا الاشارة الى حالة مشابهة لما ذكرته انفاً حصلت معي في القوش ايضاً، في عام 1967- 1968 تم نقل المدرّس قاسم يحيى من احدى ثانويات الموصل الى ثانوية القوش ادارياً لكونه من البعثيين السابقين ومعه ايضاً زوجته التي تم نقلها الى متوسطة البنات في القوش وكنتُ في حينها مسؤول اتحاد طلبة كوردستان في ثانوية القوش وكان اتحاد الطلبة يضم الكثير من اخواننا اليزيديين واتذكر منهم السيد حسو موسو من قرية دوغات والسيد خالد علي من قرية فريسكة والسيد بيبو قدو من قرية بيبان والسيد نادر الشيخ ميرزا من قرية بيبان وآخرين، كان الوضع الامني في القوش غير مستقر حيث كان المسلحين من البيشمركة الآشوريين (قوة الشهيد هرمز) ومفارز الانصار الشيوعيين يدخلون القرية في معظم الليالي وغالباً يحدث اطلاق نار، وفي احد الايام فاتحني الاستاذ قاسم بمخاوفه من الوضع الامني السائد في القوش قائلاً لي انني لم ولن اخاف ابداً في حياتي من اي بشر لكن زوجتي كلما يحصل رمي اطلاق النار ليلاً ينتابها الخوف والرعب وهي حامل في طفلنا الاول وانا لن اطمئن طالما تشعر هي بهذه الهواجس فاطلب منك بصفتك كالقوشي اولاً وكناشط سياسي مع الحركة الكوردية ثانياً ان تهتموا بامننا خاصة ونحن ضيوفكم واننا لمسنا في القوش طابع عشائري ينبع من قيمنا وعاداتنا العراقية الاصيلة برهنت على ذلك في احداث حركة الشواف عام 1959 كيف حافظ اهالي القوش على مدير المعارف آنذاك الاستاذ محسن توحلا لدى وجوده في القوش اثناء تلك الاحداث، وكيف حافظتم على ممتلكات المقاولين من اهل الموصل التي كانت في القوش، ان ذاكرتنا نحن اهل الموصل قوية نحافظ على هكذا معلومات في ذاكرتنا ونقيّمها، وانا من جانبي قمت بواجبي تجاهه بشكل جيد، بعد انقلاب تموز 1968 اخبرني قاسم انه تم نقلهما الى كركوك وقال لي ان عنواني غير معروف لكن عنوان زوجتي هو ثانوية التسعين في كركوك وطلب مني ان ازورهم، وبعد اكثر من سنة ارسل لي رسالة يدعوني بزيارتهم، وبعد فترة التقيتُ السيد بطرس قودا في القوش كان موظفاً كبيراً في مديرية تربية كركوك سالته عن قاسم يحيى فاجابني من اين تعرفه، واوضحت له الامر ثم اخبرني انه اصبح عضو فرع في حزب البعث بكركوك وهو مهم جداً، فقلت له انه بعث لي برقية لكي ازوره لكن كركوك بعيدة عن القوش ولاني اعرف انه يريد تقديم اي خدمة لي، لكنني مقتنعاً انني قمت بالواجب تجاهه ليس لشيء ولم ابتغي شيء من تلك العلاقة باستثناء رغبتي الشديدة في المحافظة على انطباعه حول هذه القرية واهلها، ومنذ ذلك التاريخ وحتى يومنا هذا لم التقي مع قاسم يحيى وانقطعت اخباره منذ عام 1976 ولو كان السيد قاسم في الموصل ربما كنت اقوم بزيارته وهذه العلاقة هي مماثلة لعلاقة المرحوم سعيد تيزي مع سالم الطائي واحمد الجبوري اعضاء فرع الحزب في الموصل.
والآن نعود الى موضوعنا الرئيسي حول الاحداث التي ادّت الى استشهاد صبري دكالي في نهاية تموز من عام 1969 وصادفت مناسبة زواج السيد كوريال يوسف بلو، ان هذا الشخص غني عن التعريف لدى الاوساط السياسية في القوش والمنطقة وهو من المقاتلين القدامى في صفوف الحركة الكوردية ولا يزال الى يومنا هذا، في ذلك الوقت كانت الحكومة تتدخل في شؤون الكنيسة حيث انها منعت اجراء مراسيم الزواج الا بعد حصول الموافقة من مديرية أمن المحافظة في الموصل وكان السيد كوريال على عجل من امره ولم يتيسر له الوقت الكافي للحصول على تلك الموافقة بسبب الروتين المتّبع في تلك الاجراءات فقرر اختصار هذه الفترة بالذهاب الى سعيد تيزي لمساعدته في اجراء التحقيق معه في الموصل مباشرة غير مهتماً بدائرة أمن القوش، وفعلاً سافر سعيد وكوريال يوم الخميس الى الموصل وقابلوا سالم الطائي، تم إجراء التحقيق معه لكنه لم ينتهي بنفس اليوم وان حفلة الزفاف قد تم تحديدها والتحضير لها يوم الجمعة التالي وابو آشور لم يحصل على الموافقة فعرض الموضوع على سالم الطائي، آمر ضابط التحقيق بمنحه الموافقة لاجراء مراسيم الزواج غداً على ان يعود لاكمال التحقيق يوم السبت الذي يلي يوم زواجه، وفعلاً تحقق الزواج في الكنيسة وفي يوم السبت اخبر ابو آشور المرحوم سعيد بان موقفه حرج للغاية ولا يستطيع تنفيذ وعده بالذهاب الى الموصل في هذا اليوم بسبب كثرة الوافدين الى داره للتهنئة بهذه المناسبة السعيدة وان البعض من زواره قادمين من اماكن بعيدة ولا يستطيع اهمالهم، قال انني مستعد للذهاب الى الموصل يوم الاثنين القادم فاضطر سعيد للاتصال بسالم الطائي ليخبره بذلك، ذهب الى دائرة البريد التي كانت تقع قرب مركز قديم للشرطة في شمال القريه واستصحب معه ابن عمه الاستاذ عادل تيزي محاولين الاتصال مع سالم الطائي ولمرات عديدة لكن دون جدوى فأصرّ المرحوم سعيد على الذهاب الى الموصل رغم ان الوقت اصبح متأخراً ودار نقاش بينه وبين ابن عمه عادل فلما سمعهم مسؤول البريد المرحوم عبد الاحد عوديش اخبرهم فيما اذا كان لهم امر مستعجل فيمكن بعث برقية فاقتنع سعيد بذلك وطلب من عادل ان يكتب البرقية بخط يده وجاء في مضمون البرقية (الى السيد سالم الطائي ان الذي اتفقنا عليه تأجل الى يوم الاثنين القادم رجاءاً)، وفي يوم الاثنين وعن طريق الصدفة حصل التقدم الى جبل القوش من قبل جحفل الفرسان (ولا اريد ان اناقش هذه العملية واهدافها لان الموضوع طويل ولسنا الآن بصدده)، لكن تلك البرقية تسللت بطريقة ما الى جيب توما توماس وبعدها اخذت طريقها الى دائرة أمن القوش واستقرت في مديرية أمن الموصل وتم القبض على مأمور البريد وايداعه في السجن وكادت تلك البرقية ان تؤدي الى كارثة في القوش لولا تصرف توما توماس الذي اتسم بالعقلانية والواقعية لان حالة الهيجان كانت تسود اهالي المنطقة بعد حادث استشهاد جندو مباشرة، هذا مختصر لدور سعيد تيزي بهذه القضية ربما يفي بالغرض.
اما بالنسبة الى قضية المرحوم جندو فكانت كالاتي: في صباح يوم الاثنين الذي حصل فيه الحادث بدأ التقدم الى القوش باتجاه الجبل وحصل اطلاق نار خفيف لعدم وجود اي مقاومة امامهم وفي تلك الاثناء خرج توما توماس لوحده من البيت متجهاً نحو الغرب باتجاه قرية بيندوايا، ذهبت زوجته الى بيت جارهم صبري دكالي من خلال الاسطح المتلاصقة وايقضته من النوم فسالتها والدة صبري لماذا توقضيه فاجابتها هناك تقدم الى القوش من قبل الفرسان والجيش وان ابنك هارب من الخدمة العسكرية فسوف يقبضون عليه، فردت عليها والدة صبري ان معظم الشباب في القوش هاربين من الخدمة العسكرية فليكن حاله من حالهم، وفي تلك الاثناء نهض جندو وقال انا مستعد ان الحق بعمي توما ولكن ليس عندي سلاح، فاجابته انها ستجد له قطعة سلاح حالاً وعادت الى بيتها من نفس الطريق ولحق بها المرحوم جندو وامه تبكي خلفه واستلم البندقية والعتاد وخرج من بيت توما توماس وهو لا يعرف من اين اتجه توما توماس لان الرمي بدأ يزداد، وبعد عبوره البيادر وقع في كمين للفرسان وحصل الحادث، كان البعض من الاهالي ينامون فوق السطوح فسمعوا وشاهدوا تلك الحادثة المأساوية والكثير من الجيران لا يزالون على قيد الحياة.
لقد كان الحادث اليماً وساد في القوش حالة من الحزن الشديد لما كان يتصف به هذا الشاب من مزايا حميدة فكان الجميع يحبونه ويحترمون، كان مثالاً للاخلاق والتضحية وهنا لا اتهم احداً بكونه سبباً بهذا الحادث لان جميع الاحداث لا بد وان يكون لها اسبابها وكل شخص حر في تصرفاته واعماله وهو الوحيد الذي يتحمل هذه المسؤولية وانني واثق بشكل مطلق بأن المرحومة ام جوزيف قامت بهذا العمل انطلاقاً من حرصها الشديد على حياة الشاب صبري دكالي وانني سمعت عنها الكثير وعن مواقفها الشجاعة والمخلصة لهذه القرية، عرفتها عندما كنت في سوريا مع المعارضة العراقية في بداية الثمانينات في مناسبة عيد الميلاد المجيد ومنذ الصباح الباكر زارني في شقتي عدد من شباب القوش واتذكر منهم ابن خالي المرحوم باسل الياس صفار وابن خالته رمزي ياقو توماس وآخرين وقالوا لي ان ام جوزيف تقول انك يجب ان تشاركنا اكلتنا (الكيباي) وهي اكلة العيد فعليكم ان تاتوا به الآن، كانت شقتي لا تبعد اكثر من كيلو متر واحد تقريباً، ذهبتُ معهم وكنتُ موضع احترام من قبلها وابنها حكمت كما التقيتُ مع عدد قليل من اعضاء قيادة الحزب الشيوعي واتذكر منهم السيد عادل سفر وهو من اهل الموصل.
واخيراً هكذا كانت تجري الامور في ذلك الوقت بحيث لم يكن بوسع احد في القوش ان يضمن حياته ومستقبله لان المسؤولين في السلطة كانوا يتصرفون بحسب اهواءهم دون حسيب او رقيب ولا يستطيع احد ان يثنيهم عن تجاوزاتهم ضد الاهالي وممتلكاتهم خاصة عندما كانت تلك الاعمال ترتكب ضد القرى المسيحية، هذه هي معلوماتي حول تلك القضية واعتقد بانها صحيحة وفي المرة القادمة ساكتب عن حقيقة استشهاد المرحوم فؤاد شمعون كردي.

100
لمحات من سيرة حياة المثلث الرحمة مطران القوش مار عبد الاحد صنا

بقلم داؤد برنو
لقد فوجئت بنبأ وفاة المطران مار عبد الاحد صنا وتفاجأ معي الكثير من اهالي القوش في الخارج لانه ما كان احد يتوقع ان تنتهي حياته بهذه السرعة بالرغم من انه كان يعاني من مشاكل صحية خاصة في قدمه لكنها لم تشكل خطورة مباشرة على حياته، لقد كنت اتابع اخباره الصحية من خلال صديقي الاستاذ نجيب عيسى هيلو المقيم في السويد لكونه من اكثر المقربين له وكان دائم الاتصال معه وعلى كل حال انها مشيئة الله لا محالة وهذا هو طريقنا جميعاً، لكن هناك من يترك فراغاً من الصعب جداً ملئه.
لا ادري من اين ابدأ بالكتابة عن هذا المطران الجليل، انه كان يشكل تراثاً وتاريخاً ورمزاً لقصبة القوش، لقد كان جميع المسؤولين من الحكومات المتعاقبة في كل من الموصل وبغداد يعرفونه بهذا الاسم، انه مطران القوش الذي التصقت شخصيته بهذا الاسم وبالعكس، كان الجميع يعرفونه رجلاً شجاعاً صلباً لم ينحني امام احد مهما كان موقعه وعلا شأنه خلال حقبة زمنية تجاوزت الاربعون عاماً، كان يفتخر لكونه راعي ابرشية القوش هذه القرية المشهورة والتي كانت تعتبر روما الثانية للمسيحيين في العراق والتي يمتد تاريخها الى اكثر من الفي عام ونيف، لقد تم اختياره لهذه الابرشية من قبل البطريرك مثلث الرحمة ماربولص شيخو، انه حقاً كان يدرك منذ ذلك الوقت ان هذا المطران سيكون الراعي الصالح والمناسب للقرية التي انجبته، كنا دائماً نسمع من المثلث الرحمة البطريرك شيخو لدى زيارته لاهله في القوش ودير السيدة قائلاً انني اخترت لكم افضل من يدير هذه الابرشية لما يتمتع به من صفات تلائم طبيعة اهالي المنطقة لكونه ينحدر من قرية ارادن التي تتشابه طبيعة الحياة فيها مع اهالي منطقة القوش، لقد اثبتت التجارب العديدة وبالادلة القاطعة صحة اختيار مثلث الرحمة البطريرك شيخو، لقد كان هذا المطران المدافع الامين لهذه القرية واهاليها في جميع الظروف وباعتراف الجميع دون استثناء، ولو ان البعض القليل جاء اعترافهم متأخراً وهذا ما كنا نلمسه من اهالي القوش من خلال الممارسات اليومية وخاصة بعد احالته على التقاعد واصراره على اكمال ما تبقى من حياته في ربوع هذه القرية التي احتضنته واحتضنها اكثر من اربعون عاماً في الوقت الذي كان بامكانه العيش الرغيد في اميركا بين اهله واقرباءه، ولكان يتلقى العلاج بشكل افضل هناك، لكنه ابى إلا ان يقضي حياته في القوش وجاءت وصيته التي تؤكد ان يدفن في كنيسة هذه القرية وهذا دليل آخر على ان المطران فضّل هذه القرية على جميع بقاع الدنيا بما فيها قريته ارادن مع احترامنا الشديد لاهلها الطيبين وهذا الموقف سوف يترك اثراً بالغاً في نفوس اهالي القوش وسينعكس بشكل ايجابي تجاهه رحمه الله مما يعزز من عزمهم وتصميمهم الى تخليد هذا المطران، لقد تعرفتُ على سيرة المطران من خلال المرحوم حبيب صادق شدّا الذي كان مستشاراً له لفترة تزيد عن عشرون عاماً، وتلك الفترة كانت من اصعب الايام التي اجتازتها القوش بسلام.
لقد كان قد دوّن تاريخ هذه القرية منذ عام 14 تموز 1958 وحتى عام 1992 وبدقة متناهية وبشكل نزيه ومحايد، كان للمطران دور رئيسي في حياة هذه القرية وكانت معظم الأحداث موثّقة بشكل دقيق، اطّلعتُ على تلك الوثائق كاملة بالرغم من انه كان قد سجل ملاحظات على البعض منها وهي لا تصلح للنشر بل تحفظ بشكل مُحكم، مع الأسف الشديد أن الأستاذ حبيب شدّا توفي فجأة في الاردن ولا نعرف لحد الآن ماذا حصل لتلك الوثائق والمذكرات متأملين ان يتم نشرها في المستقبل القريب، يظهر جلياً من خلال تلك الوثائق كم من المرات تعرضت حياة المطران للخطر وكم من رسائل التهديد أُرسلت إليه ولا تزال محفوظة الى الآن، ان كل تلك المخاوف والتهديدات تحملها من اجل القوش ولم يتردد يوماً في اتخاذ اي موقف يصبُّ في مصلحة القرية واهاليها، ان الظروف التي مرّت بها القوش كانت قاهرة تكبدت فيها خسائر فادحة بالارواح والممتلكات حيث زُجّ المئات من الاهالي في السجون وقُتِل اكثر من ثلاثون فرداً من اهالي القرية خلال الفترة بين 1963 حتى 1988 وجميعهم كانوا ابرياء لا علاقة لهم بالنزاع الذي كان دائراً بين الحركة الكوردية من جهة والحكومة العراقية من جهة اخرى ولولا القيادة الحكيمة للمطران لحصل لهذه القرية ما حصل للقرى المسيحية الاخرى في كوردستان مثل ارادن- مانكيش- كاني ماسي..... وغيرهم، حيث هجّروا الاهالي اما المنازل فتهدمت بقنابل السلطة الحاكمة ولم تسلم حتى الكنائس التي سويت مع الارض وتمت هذه العمليات باشراف المجرم علي حسن المجيد.
ان إدارة ناحية القوش صعبة جداً لما تتميز به عن غيرها من وضع معقد حيث تتكون من 63 قرية تقطنها قوميات مختلفة واديان متعددة فمنهم المسيحيين من الكلدان والآشوريين ومنهم اليزيديين ومنهم الاكراد وايضاً العرب، ومن الادلة على ذلك ان الحكومة عندما كانت تريد ان ترفع درجة مدير ناحية الى درجة قائممقام كانت ترسله ليعمل كمدير ناحية في القوش لانها كانت تشكل اختباراً له ولاحظنا الكثير من الذين عملوا في القوش كان لهم مستقبل زاهر في وظائف الدولة وهكذا ايضاً بالنسبة لرجال الدين فإن الإدارة لهذه الابرشية صعبة جداً، ان المطران اثبت جدارته العالية في ادارة هذه الناحية واقام شبكة واسعة من العلاقات الجيدة مع جميع الاطراف في المنطقة بالرغم من الظروف الاستثنائية التي كانت تسود المنطقة، وهنا اودّ ان اشير الى حادثة واحدة كنتُ مطّلع عليها وربما لا يعرفها الكثيرون، في اواسط عام 1974 كنت ضابط مغاوير برتبة ملازم اول في الفرقة الرابعة بالموصل، اشتركت مع المقدم آنذاك ارشد زيباري قائد جحفل الفرسان في عملية عسكرية في منطقة عقرة تسمى (شوش وشرمن) وبعد ان تم احتلال سلسلة جبل باكرمان (وتم باتفاق سري بين ارشد من جهة وابن عمه آمر لواء البيشمركة تتر آغا الزيباري من جهة اخرى) وقضيتُ معه ليلة واحدة في احد الكهوف ومن خلال الاحاديث سألني كيف تعرف اللغة الكوردية، فقلت له انا من القوش، فقال بالحقيقة انا سمعت عن القوش كثيراً، قلت له قبل شهرين اشتركتُ بعملية قرب مدينة زاخو مع رئيس العشائر السبعة مشور آغا الروفي وسألني نفس السؤال وامام قائد الفرقة وآمر اللواء وآخرين فاجبته بنفس الجواب فاشاد بهذه القرية واهاليها وذكر عدّة اسماء كان يعرفها شخصياً وهذا دليل على العيش المشترك بين أهالي القوش والشعب الكوردي في هذه المنطقة ومنذ مئات السنين، ثم سالني ارشد هل تعرف مطران القوش، اجبته نعم، فقال بالحقيقة انا مدين لهذا الرجل الطيب واريد ان اردّ الجميل له وان اكرمه ببعض الهدايا لاسيما انني ساذهب الى لندن بعد عدّة ايام لمدة اسبوعين للراحة والاستجمام وبودي شراء بعض الهدايا له من بريطانيا ولا اعرف ما يلزمه رجل الدين المسيحي، فقلت له وما هي المناسبة؟، فقال قبل عدّة سنوات قمنا بعملية تطهير جبل القوش من (العصاة) كما صرّح وكانت الاوامر الصادرة من مديرية الحركات العسكرية تنص على ملاحقة المطلوبين داخل قصبة القوش ايضاً وفجأة زارني المطران منذ الصباح الباكر مع اثنين من الاهالي خارج القرية وسلمني مبلغ من المال فقلت له ما هذا؟؟، اجابني هذه مصاريف الاكل والشرب والسيكائر للمقاتلين وكل ما نطلبه منكم هو عدم الدخول الى القصبة حفاظاً على العوائل بالرغم من وجود مفارز استخبارات معنا ولديهم اسماء المطلوبين، فقام المطران بترضيتهم وكان عدد المقاتلين اكثر من 700 مسلح يضم الزيباريين والهركية والسورجية واكتفي بهذا القدر من الايضاح، وبعد فترة قمت بزيارة المطران وكان السيد ارشد فعلاً قد قدّم هدية الى المطران، ومن جهة اخرى لقد كان للمطران علاقة جيدة مع مسؤولي البيشمركة في المنطقة وفي مقدمتهم المسؤول العسكري حسو ميرخان والسيد صالح نرمو وآخرين.....، كما كان المطران يعمل جاهداً في مساعدة اهالي القوش من الذين تعرّض رب العائلة او احد ابنائه الى السجن دون تمييز بين هذا وذاك واحتفظ باسماء عديدة لا حاجة لذكرها، اما عن تواضعه فإنه النموذج الذي يُضرب فيه المثل اذا قارناه مع غيره من هم بنفس درجته من المسؤولية، فعلى سبيل المثال لقد كان باب المطرانية مفتوحاً لجميع اهالي المنطقة دون تمييز ديني او طائفي وكان يتعامل مع الجميع باحترام شديد ودون تمييز، في الحقيقة لا اريد ان اطيل في الكتابة عن هذا الرجل لان تاريخه مليء بالمواقف المسؤولة والشجاعة بالرغم من انه كان هناك فئة قليلة من اهالي القوش لهم وجهة نظر اخرى، لكن بمرور الزمن ومن خلال هذه الاحداث تبين لهم بانهم كانوا مظللين من قبل الآخرين والآن لا اعتقد بانه يوجد احد من اهالي القوش غير مقتنع بحقيقة ما اشرتُ اليه، لقد كتبنا ملف خاص حول احداث الانتفاضة في القوش عام 1991 آذار وكنت على وشك ارساله للنشر ولكن مع الاسف الشديد حصل ما لم يكن بالحسبان ولم يكن احد يتوقع من حصول الوفاة بهذه السرعة المفاجئة للجميع.
لقد أبدع المطران في ادارة هذه القصبة اثناء المحن من خلال الظروف الصعبة التي عاشتها خاصة اثناء الانتفاضة، لقد كنتُ مرافقاً له منذ بداية الاحداث حتى نهايتها ومطّلع على جميع تفاصيلها السرية والعلنية، لقد كانت تلك الايام عصيبة واجوائها رهيبة، في ذلك اليوم وصلنا نبأ بأن رجال الانتفاضة يزحفون نحو القوش قادمين من الشيخان فخلت الشوارع والازقة في القوش من المارة وكل شيء في البلدة اصبح ساكناً صامتاً حيث اجتمعت العوائل او العشائر في بيوت محصّنة وهيأت سلاحها للدفاع عن نفسها لعدم وجود خطة عامة للدفاع عن القصبة لاننا لم نكن نتوقع ان يكتسحوا قضاء الشيخان بهذه السرعة وكان لاهالي القوش أكثر من 300 قطعة سلاح بالإضافة إلى حوالي مئة قطعة لحزب البعث كانت موزعة على الموظفين وبعض الاهالي، اما مسؤولي الحكومة في القوش فتم الحفاظ عليهم لدى بعض الاهالي ومنهم مدير ناحية القوش ومأمور المركز وآخرين...، اما السيد عبد يونس ختي فتحفظ على مفرزة من الفرسان الاكراد، اما اعضاء قيادة فرقة حزب البعث والشرطة ومفرزة الاستخبارات التي كان يقودها سفر حسن وهو من الطائفة اليزيدية الكريمة وكان مجموعهم لا يتجاوز اربعون شخصاً وكانوا مدججين بالسلاح قرروا القتال بالرغم من محاولات المطران معهم بالتخلي عن قرارهم وتجنيب الأهالي مخاطر عمله لكن دون جدوى، واحتلوا مناطق جنوب القرية في بناية مقر حزب البعث، كانت المعلومات الواردة عن الانتفاضة ان المنتفضين اكتسحوا قضاء الشيخان واحرقوا ودمروا كل ممتلكات الدولة هناك وهم في طريقهم زاحفين باتجاه ناحية القوش مشياً على الاقدام، وفي الساعة العاشرة صباحاً جاءني خادم المطران وهو يركض ويقول إن المطران يريدك حالاً ولا يبعد بيتي عن المطرانية اكثر من مائة متر، ذهبتُ إليه حالاً تاركاً ابني في البيت يكمل الاجراءات الدفاعية لحماية العائلة وله قطعة سلاح بالاضافة الى المسدس وبندقية الصيد، قابلتُ المطران وهو في حالة ارباك شديد يسير بخطوات سريعة داخل باحة المطرانية والسيكارة لا تفارق يده وقال: لقد أرسلتُ أبو قيس (حبيب صادق شدّا) قبل ساعتين لكي نعرف القرار الاخير لقيادة حزب البعث هل سيقاتلون ام ينسحبون بعد المعلومات الاخيرة التي وردت تقول ان المهاجمين يقدّر عددهم بالمئات وبحوزتهم اسلحة فتاكة (متوسطة وثقيلة) ولحد الان لم يعود استاذ حبيب والجميع ذهبوا الى عوائلهم وحتى رجال الدين لم يبقَ هنا احد غيري، كان بحوزتي بندقية كلاشنكوف وناظور عسكري بعيد المدى فقلت للمطران لقد التقيت بابو قيس قبل ساعة وقال لي بانه سينقل ام قيس وابنه سدير الى بيت اخته ويعود الى المطرانية ليبقى فيها، بعدها طلبت من المطران ان نصعد على سطح بناية الكنيسة العالي ونراقب الاحداث من خلال الناظور الى حين مجيء ابو قيس، كنا نشاهد افواج من قوات الانتفاضة يجتازون قرية بيبان باتجاه القوش وكان المطر يهطل بغزارة مما اثقل كاهل المتقدمين اثناء سيرهم في الاراضي الزراعية وبعد حوالي نصف ساعة شاهدنا جماعة البعثيين ينسحبون من القرية ويستقرون جنوباً بمسافة كيلو متر واحد وبدأ الاشتباك بين الطرفين ولم تمضِ عشرون دقيقة من القتال حتى انسحب البعثية وكان لهم سيارات مهيأة مسبقاً للهروب الى الموصل، بعد اجتياز المقاومة توجهوا نحو القوش وبدأوا بالاقتحام، طلب مني المطران ان اذهب واستقبل مسؤولي الانتفاضة ممثلاً عنه وقال: لولا هذا المطر الشديد لذهبتُ بنفسي لاستقبالهم، نزلنا من السطح وبقي المطران لوحده في الكنيسة بعد ان اعطاني مظلته الشخصية واخرى اقدمها هدية الى مسؤولي الانتفاضة لحمايتهم من المطر ولا نعرف من هو المسؤول عن الانتفاضة، في تلك الاثناء جاء الى الكنيسة بعض من اعضاء مجلس الخورنة كل من عبد الاحد يونس صفار ويوسف روفا وامرهم المطران بأن يرافقونني ثم جاء ايضاً من محلة سينا السيد يوسف عبو (زرقا) ورحيم كجوجة وعدد من الاشخاص، ارسل المطران رحيم كجوجة الى كل من جرجيس بولا (بولص) وعوني حبيب وكوريال بلو وسعيد موقا (اوراها) ومن سوء الحظ جميعهم كانوا في الموصل وان الطريق بين الموصل والقوش انقطع كلياً منذ الصباح، فذهبنا نحن الثلاثة لاستقبال قادة الانتفاضة ونحن بدون سلاح، وعلى مسافة خمسمائة متر شرق القرية التقينا مع قائد المجموعة المدعو خالد آغا الجمانكي وقدمتُ له نفسي بصفتي ممثل المطران وهؤلاء معي هم مساعدي المطران فرحّب بنا وقدّم نفسه ايضاً واعطيته المظلّة وأخرى أعطيتها لشقيقه علي واستصحبناهم الى الكنيسة، لدى وصولنا الى الكنيسة كان هناك مجموعة من اهالي القوش وبالزي التقليدي واقفين امام الكنيسة لاستقبال قادة الانتفاضة يتقدمهم حبيب صادق شدّا و(زرقا) يوسف عبو ورحيم كجوجة وآخرين لم اتذكر اسمائهم، دخل خالد آغا الكنيسة ومعه حوالي خمسون مسلحاً وبعد ان صافح المطران بحرارة صرّح وقال انني اريد ان اصارحكم لكي لا اخجل امامكم فيما بعد، وقال ان جماعة الانتفاضة التابعين لي هم حوالي مائة وخمسون مسلحاً اما الباقون والبالغ عددهم اكثر من خمسمائة مسلح لا اعرف من اين اتوا ولا اتحمل مسؤوليتهم لانهم جاءوا للنهب والسلب فعليكم ان تتخذوا الاحتياطات اللازمة، نادى المطران على حبيب شدّا وقال له هل سمعت ذلك؟ فارجوا تشكيل فريق خاص من ابناء القوش لمتابعة هذه المهمة، وبعد الحديث الذي اجراه خالد آغا مع المطران خرج من الكنيسة وتم اسكانهم في بعض الدور التي تم اخلاءها من قبل عناصر البعثيين، وقام حبيب شدّا بمرافقة خالد آغا حتى الساعة الثامنة مساءاً وبيّن له كيف ان اهالي القوش لا يؤيدون الحكومة والدليل على ذلك ان الذين قاتلوهم جنوب القرية لم يكن ولا واحد منهم من اهالي القوش وفعلاً كانت هذه هي الحقيقة، عاد ابو قيس الى المطرانية وجلب معه صورة كبيرة للبارزاني مصطفى، وتم تقسيم الواجبات بين فريق العمل الذي كان يأخذ توجيهاته من المطران مباشرة، وبدأ الشباب بتامين الحراسات ليلاً لجميع اهالي القرية ولم يسمح لجماعة الانتفاضة حتى بالمسير ليلاً في شوارع البلدة وازقتها حيث كان الجميع مجهّزين بالسلاح ويتمتعون بالمعنويات العالية، الى هنا ينتهي اليوم الاول من الانتفاضة وباختصار شديد.
لقد سيطروا جماعة الانتفاضة في القوش مدّة 17 يوماً، وفي اليوم التالي وبعدها بيوم واحد تقدمت فرقة من الجيش الى المنطقة وكان مقر القيادة في قرية الشرفية الآشورية التي تبعد 4 كيلومترات جنوب القوش، وفجأة انسحبوا جماعة الانتفاضة وبدأت المدفعية تقصف بعض الأهداف حول القوش وكانت الشضايا تصيب بعض الاهالي ومن الذين اصيبوا السيد شمعون يوسف بلو وعدد آخر من النساء والاطفال وبقيت القوش محاصرة لمدة تزيد على اسبوعين وفُقِدَت المواد الغذائية من الأسواق المحلية وكذلك اصبحنا نعاني من ازمة الماء والخدمات الاخرى كالكهرباء، قرر المطران بأن نقوم بعمل ما لانهاء هذا الحصار الذي اصبح فوق طاقاتنا فقرر تشكيل وفد لمقابلة قائد الفرقة في قرية الشرفية، تم تشكيل وفد برئاسة وعضوية حبيب شدّا لحل المشكلة لكننا واجهنا مشكلة اخرى وهي عدم امتلاكنا للبنزين في سياراتنا، والذين كان عندهم لم يجازفوا بحياتهم وسياراتهم ونحن نناقش هذه المشكلة دخل علينا استاذ كريم يلدكو وتبرع بأن يشارك معنا في الوفد مع سيارته وفي اللحظات الأخيرة قبل مغادرتنا القوش اعترض عدد كبير من الاهالي على تشكيلة الوفد واقترحوا ان يذهب الخوري هرمز رئيس الوفد بدلاً من المطران وطلبوا من المطران أن يوفد الخوري عوضاً عنه ذلك خوفاً من مكروه قد يحصل له لا سمح الله فتكون الكارثة كبيرة فمن الذي سيتبنى قضيتنا امام الحكومة العراقية بعد حصول كل هذه القضايا التي ادّت الى حرق دوائر الدولة وسرقة ممتلكات الحكومة والتجاوزات الكثيرة جداً ولا احد يستطيع ان يحمي اهالي القوش من بطش الحكومة والسلطة بعدما اصابها من الخسائر المادية والمعنوية ما اصابها، تمت الموافقة على تغيير الوفد بأن يكون برئاسة الخوري هرمز صنا، جلس ابو قيس في المقعد الامامي وبيده علم ابيض مرفوع الى اعلى وجلست انا مع الخوري هرمز في المقعد الخلفي متجهين الى قرية الشرفية، لدى وصولنا سالنا عن القائد فقالوا انه يصلي بباحة الكنيسة فالتقينا  رئيس أركان الفرقة العقيد الركن نجم الدين وعرفته شخصياً من خلال عملي كضابط في الفرقة الرابعة في بداية السبعينات فقال ان القائد فضّل الصلاة في باحة الكنيسة لان المسلم الحقيقي يجب ان يعتبر الكنيسة من بيوت الله، وبعد الصلاة قدّم الخوري هرمز نفسه ممثلاً للمطران وتم مناقشة الحصار المفروض على القوش فقال: انني لا اعرف الى متى سيبقى هذا الحصار لان الخطة مركزية ولكن لدي اجتماع مع قائد الفيلق في سد صدام هذه الليلة ربما ساعلم بذلك فيما بعد ولكن على كل حال انني اتوقع ان الحصار سيبقى بعض الوقت اي لعدد من الايام وليس لاسابيع، وهكذا رجعنا الى القوش بدون اي مشكلة وتم اطلاع المطران والدائرة المحيطة به بنتائج هذه الزيارة وانتهت الصعوبات والمشاكل مع قوات الانتفاضة بسلام وبعدها هيأنا فريق آخر لمواجهة الحكومة لما حصل قي القوش من التخريب في مؤسسات الدولة واتلاف صور صدام حسين في القرية ........ ساتركها للعدد القادم ان شاء الله.
ان كل ما سرد أعلاه لابيّن للقارئ الكريم خطورة تلك المرحلة وظروفها الصعبة وكيف قادها واشرف عليها المطران عبد الاحد صنا شخصياً، انني لم اتطرّق الى الاحداث التي حصلت اثناء سيطرة الانتفاضة لمدة 17 يوماً في القوش لانها كثيرة ومؤلمة خاصة قضية سلاح البعث واختفاء مدير الناحية وبعض الموظفين داخل القصبة وقضايا اخرى.

101
قراءة في اوراق توما توماس
بقلم داؤد برنو

لا يختلف اثنان على ان المرحوم توما توماس كان مناضلاً صلباً وصامداً لفترة تزيد على ثلاثة عقود، ناضل في صفوف الحزب الشيوعي العراقي بدرجة عالية من الاخلاص والتفاني لم يسبق له مثيل ولا اعتقد ان احداً من بعده يستطيع ان يقدّم الخدمات والتضحيات بما يضاهي ما قدمه هذا الرجل لهذا الحزب، إن تضحياته كانت جسيمة ومؤلمة جداً حيث فقد ابنه الشاب منير ثم زوجته بالاضافة الى المعانات التي عاشتها هذه العائلة لفترة تزيد عن العقدين من الزمن، وايضاً لا احد يستطيع ان يتجاهل دور اهالي قصبة القوش في توفير الدعم والحماية لهذا الحزب واعضاءه تضامناً مع ابو جوزيف، ولولا ظهور شخصية مثل توما توماس في تلك الفترة لكانت خسائر الحزب الشيوعي في المنطقة كبيرة وكان من الصعب تشكيل قاعدة لانصار الحزب الشيوعي العراقي في جبل القوش، ظلت تلك القاعدة ملجاً اميناً لجميع الشيوعيين الذين هربوا من جحيم السلطة بعد انقلاب 8 شباط 1963 خوفاً من تعرضهم للاعتقال والتصفية لاسيما بعد صدور بيان 13 سيء الصيت الذي اجاز لسلطة الحرس القومي إبادة الشيوعيين، لقد كان للمرحوم دور بارز ورئيسي في إقامة تلك القاعدة، كانت في البداية تضم الشيوعيين والمستقلين وغيرهم من الذين تلاحقهم السلطة المحلية، كانت تلك القاعدة لا تبعد عن القوش سوى كيلو متر واحد تقريباً، لقد كان اهالي القوش يزوّدون تلك القاعدة بما تحتاجه من المواد الغذائية والدعم المادي واللوجستي، وبالمقابل كانت السلطة تعامل القوش واهاليها بقسوة شديدة فحرمتها من المشاريع الخدمية في تلك الفترة، لقد كان البعض من اعضاء قيادة الحزب الشيوعي يترددون الى القوش باستمرار حيث كانت هذه القرية امينة لهم خاصة في تنقلاتهم الى خارج العراق وبالعكس، كما كان اهالي القوش يوفرون لهم كافة مستلزمات السفر من الوثائق والمعلومات الضرورية لتامين ذلك، واذكر هنا مثال واحد من عشرات الامثلة التي يعرفها الكثير من الاهالي، وقبل البدء بالموضوع لا بد من الاشارة الى بعض الاحداث من الماضي لعلاقتها بهذا الموضوع، ففي عام 1980 كنتُ ممثل لحزب بيت نهرين الديمقراطي الآشوري في سوريا، وفي اواسط عام 1982 سافرت الى ايران بمهمة سياسية كغيري من السياسيين العراقيين في المعارضة وبقيتُ لمدّة شهرين تقريباً في مقر المكتب السياسي (م.س) للحزب الديمقراطي الكوردستاني (حدك) الذي كانت تربطنا معه علاقات ثنائية اخوية آنذاك، وفي تلك الفترة صادف اجتماع قيادة الجبهة الوطنية الديمقراطية (جود) وكان مكان الاجتماع في نفس المكان الذي نحن فيه وهو عبارة عن قرية خالية من السكان تسمى قرية راجان التي تقع شمال غرب مدينة اورمية بمسافة حوالي 60 كيلو متراً حيث كان حزبنا في ذلك الوقت له علاقات جيدة مع معظم احزاب المعارضة العراقية، كما كان عضواً في جبهة الثورة العراقية التي كانت بقيادة اللواء الركن حسن مصطفى النقيب وكانت مدعومة من الحكومة السورية وبعض الدول العربية الاخرى وتحتوي على عدد من التنظيمات السياسية وفي مقدمتهم كان (حدك) وكنتُ مقيم مع السيد عزيز عقراوي  بنفس البناية نمضي الوقت سوية في قراءة الكتب والرياضة حيث كان لـ(حدك) مكتبة عامرة تضم كتب سياسية مهمة، في تلك الفترة بدأت الوفود تصل الى قرية راجان التي كانت تضم (م.س) لـ(حدك) ومنهم وفد الحزب الشيوعي العراقي برئاسة عزيز محمد سكرتير الحزب الذي كان قد وصل قبله كل من ثابت العاني، آرا خاجادور، احمد باني خيلاني، يوسف القس (قاشا) وغيرهم........
ونحن سائرين بالقرب من بناية الضيوف شاهدنا السيد عزيز محمد يترجل من عجلة لاند روفر واستقبله السيد مسعود البارزاني وآخرون من قيادات الاحزاب الاخرى، سألني المقدم عزيز عقراوي كي نذهب للترحيب بالسيد عزيز محمد، اعتذرتُ منه فقال لماذا هذا الموقف اريد ان اعرف بالتحديد ما السبب ربما استطيع ان اغيّر شيئاً نحو الافضل لان علاقتي الشخصية جيدة جداً مع ابو سعود، وبعد الالحاح شرحت له الموضوع بالتفصيل واذكره هنا باخصار شديد.
في اواسط عام 1981 بينما كنت في سوريا- دمشق حاولتُ اللقاء مع رؤساء الاحزاب السياسية المهمة في المعارضة العراقية حسب توجيهات قيادة حزب بيت نهرين الذي كنت عضواً فيه بصفتي ممثلاً له، ان هذا الحزب يمثل احدى المكونات الرئيسية الاصيلة للشعب العراقي، وفعلاً تحقق لي اللقاء مع معظمهم وفي مقدمتهم السيد مسعود البارزاني بحضور عبد المهيمن البارزاني وآزاد برواري وتم اللقاء في فندق ميرديان في دمشق، ومع جلال الطالباني بحضور فؤاد معصوم والسيدة كريمته هيرو وتم اللقاء في شقته، ومع السيد محمد عثمان في فندق تشرين والسيد علي سنجاري في فندق أُميّة، وسامي عبد الرحمن في فندق تشرين وبحضور السيد عبد الله الركابي، كذلك تم اللقاء مع السيد عبد الجبار الكبيسي امين عام حزب البعث قيادة قطر العراق في مقره بالقيادة القومية، ومع اللواء حسن مصطفى النقيب، والسيد عامر الحلو ممثل السيد محمد باقر الحكيم (المجلس الاعلى للثورة الاسلامية)، كذلك التقيت مع السيد محمد باقر الحكيم في ايران (مؤسسة الصدر) بحضور السيد محمود الهاشمي والشيخ ابو علي من تلعفر، وآخرين لا مجال لذكرهم بهذا الموضوع باستثناء عزيز محمد الذي ارسلتُ له صديق محملاً برسالة شفوية من قبلي تتضمن رغبتي الشديدة باللقاء معه ولكن دون جدوى، وعلمتُ من الصديق الذي نقل اليه الرسالة بأن ابو سعود لم يتيسر له الوقت الكافي لهذا اللقاء ولا جدوى منه، حيث قال ابو سعود (انا اعرف ان الحوار سيدور حول الكفاح المسلح في كوردستان وهذا ليس من اختصاصي فليذهب الى هناك ويلتقي باعضاء المكتب العسكري للحزب الشيوعي وهم سليمان يوسف وتوما توماس وهما من اهالي القوش وكل ما يتم الاتفاق عليه حتماً انا موافق)، بعد ان استمع عزيز عقراوي الى هذا الموضوع ذهب الى السيد عزيز محمد للترحيب به وعانقه بحرارة ولم تمضي عدّة دقائق حتى سمعت عزيز محمد يناديني وباعلى صوته وباسمي المعروف (ابو هرمز)، ذهبت اليه واستقبلني باحترام شديد والذي فاجأني هو تواضعه وبساطته واحترامه للاخرين، انه حقاً يستحق موقعه كقائد للجماهير لانه كان يحمل هموم الجميع وتغيّر انطباعي عنه كلياً ثم قال لي سمعت انك زعلان فدعني ابيّن لك موقفي من حزبكم القومي (كان الجميع واقفون في ساحة المدرسة سامعين الكلام  وبوضوح) اتجه نحو قمة الجبل الذي امامنا مشيراً بيده قائلاً سأضرب لك مثلاً ينطبق على الحالة التي نحن فيها، ثم اضاف قائلاً: إنني في الحزب الشيوعي مكلّف شخصياً بايصال مائة كيلو غرام من المواد الغذائية الى قمة هذا الجبل وطبعاً انها مهمة شاقة وصعبة وعندما اصل لمنتصف الطريق تاتي اليّ وتقدّم المساعدة في نقل ثلاثون كيلو غرام الى نفس القمة ونفس الهدف فكيف استطيع ان ارفض ذلك، انكم تنجزون جزءاً مهماً من مهماتنا، ثم تحدّث عن قضايا اخرى، واقتنعتُ بكل ما جاء في كلامه لانه كان محقاً في ذلك ولم يكن يبغي شيئاً من عدم تحقيق اللقاء معه، ثم انتقل الى المواضيع الخاصة قائلاً لي انه يعرفني جيداً وذكر اسمي الثلاثي فاستغربت منه وقلت له كيف لك ان تعرف عني هذه المعلومات في الوقت الذي كان الجميع يستعمل اسماء مستعارة (الاسم الحركي)، فردّ عليّ قائلاً: في نهاية الستينات كنتُ عائداً من الاتحاد السوفيتي فتوقفت في قصبة القوش عدّة ايام وعلمنا من مصادرنا الامنية بأن الاجهزة الامنية في المنطقة لها معلومات اكيدة بوجودي في القوش ومن المحتمل قيام حملة تفتيش واسعة في القرية فكان عليّ ان اسافر حالاً فاستخدمتُ هوية شقيقك المعلم وحفظتُ بعض المعلومات عن عائلتكم وبقيت الهوية معي لفترة من الزمن ثم ارسلتها اليه مع سائق من اهالي القوش، هكذا كانوا اهالي القوش يقدمون الدعم بكافة اشكاله لاعضاء وقيادة هذا الحزب ولاسيما للمقاتلين منهم الذين كانوا في قاعدة الانصار خلف جبل القوش واحياناً كانوا في دير الربان هرمزد الواقع على جبل القوش على مسافة ثلاث كيلومترات تقريباً، وبعد يومين سافر عزيز محمد وآرا خاجادور الارمني وبقي ثابت حبيب العاني والوفد المرافق له، توطّدت علاقتي معه بشكل كبير حيث كان يتمتع بدرجة عالية من التقدير والاحترام من قبل الجميع كما كان عضواً في المكتب السياسي للحزب الشيوعي ومسؤول عن تنظيم الحزب لفترة تزيد عن العقدين من الزمن، كنت استمع اليه يومياً مدّة لا تقل عن اربع ساعات، انه حقاً تراث الحزب الشيوعي وتراث الحركة الوطنية العراقية، بالنسبة لي كان افضل من التقيته من المعارضة العراقية، وبعد عدّة ايام من اللقاءات التي جمعتنا بالصدفة في مقر (م.س) لـ (حدك) عرض عليّ ان اذهب معهم الى مقر قيادتهم في كوردستان العراق منطقة (بشت آفان) لاعداد دورة تدريبية تشمل استخدامات السلاح والحروب الجبلية لرفاقهم الملتحقين الجدد ولمدّة اربع اسابيع فقط وبالمقابل يجهّز اعضاء حزبنا بعدد من الاسلحة المختلفة البالغ عددها ثمانية وعشرون قطعة، جاء هذا العرض بعد ان علم من رفاقهم الجدد الذين خدموا الجيش بانني كنت ضابطاً في قوات المغاوير لمدّة تزيد عن ثمانية سنوات، كنت آمر دورات تدريب المغاوير لفترة طويلة في لواء 29 الفرقة الرابعة، بيّن لي حاجتهم الماسة لفتح تلك الدورات في قاعدتهم (بشت آفان) حيث عبّر لي عن حزنه الشديد للخسائر التي تكبدها الحزب خلال 46 يوماً فبلغت 40 شهيداً حيث قال لقد خسرنا 22 رفيقاً من قرداغ اثناء الاحتفال بمناسبة تأسيس الحزب و12 رفيقاً اثناء عملية هجوم على ربية عسكرية في منطقة دربندخان و6 رفاق اثناء عبورهم من سوريا الى كوردستان فسقطوا بالنهر في المثلث العراقي السوري التركي وجميع هذه الخسائر كان سببها عدم المعرفة بطبيعة واسلوب القتال في المناطق الجبلية بالاضافة الى الضعف في استخدام السلاح والقابلية البدنية، قلت له انني موافق على ذلك ولكن لابد لي ان احصل على موافقة من (حدك) لانني ضيف عندهم وعندما راجعت السيد علي عبد الله الذي كان سكرتيراً للحزب الديمقراطي الكوردستاني آنذاك قال لي ان الموضوع يتطلب موافقة رئيس الحزب السيد مسعود البارزاني وهذا يحتاج الى عدّة ايام، فاخبرت ثابت بذلك فقال لي نحن سنذهب وسوف ارسل لك مجموعة من رفاقنا بعد اسبوع من وصولنا لمرافقتك الى مقرنا في كوردستان، بعد اسبوع تقريباً وصلت مجموعة من اعضاء الحزب بقيادة السيد داؤد القس وهو آشوري من اهالي ناحية كاني ماس في منطقة برواري ومكثوا عدّة ايام بانتظار الموافقة لي من قبل قيادة (حدك) لكن دون جدوى حيث ابلغني السيد علي عبد الله بعدم الموافقة لان الطرق المؤدية الى منطقة (بشت آفان) يسيطر عليها جماعة عبد الرحمن قاسملو وهؤلاء هم اعداؤنا وانت ضيف عندنا وتحت حمايتنا لان حضورك عندنا هو بدعوة من السيد ادريس البارزاني، لان بين الحين والآخر تحصل اشتباكات بين الطرفين، وهكذا مُنعتُ من الذهاب لاسباب امنية واتخذَ (حدك) اجراءاً صحيحاً حرصاً على حياتي، لقد تطرقت الى بعض من هذه القضايا مذكراً القاريء الكريم باننا لسنا خارج دائرة الاحداث لمعرفة واظهار الحقائق بقدر ما يتعلق الامر باهالي القوش، والآن نعود الى موضوعنا الرئيسي حول اوراق توما توماس واقولها صراحة انني قرأت بعضها واشكك بجزء منها كما انها أهملت قضايا مهمة تم تجاهلها واخرى مبالغ فيها ربما السبب يأتي من الناشر او لاسباب اخرى نجهلها، وهذه حالة شائعة في نشر المذكرات بعد وفاة صاحبها وهذا ما لمسناه في بعض المطبوعات ومنها كراس تاريخ القوش للمرحوم المطران يوسف بابان، وفي هذه الحالة لا احد يستطيع ان يناقش او يرد على ما جاء في مثل هذه المذكرات، وانطلاقاً من الحرص الشديد على صحة ودقة هذه الاوراق نطالب منظمة الحزب الشيوعي في المنطقة ان تبيّن رأيها وتؤيد صحتها او تحفظاتها لانها تتحمل جزء من المسؤولية ولانها تستعرض سيرة منظمة الحزب وقاعدة الانصار خلال فترة زمنية تزيد على ثلاثة عقود في هذه المنطقة، كما لم تتطرق هذه الاوراق الى الحوادث التي ادت الى قتل عدد من الاشخاص يتجاوز عددهم العشرة اتُّهموا بالعمالة للسلطة من دون اي دليل او برهان ولحد الآن لا نعرف الاسباب الحقيقية وراء تلك الاحداث وهل كانت من مسؤولية الحزب ام من مسؤولية توما توماس ام اشخاص آخرين لم يكن لهم التزام بتنظيم الحزب او تنفيذ اوامره ام ان السياقات المتبعة في الحزب الشيوعي لا تسمح بذكر الممارسات الخاطئة لاعضاءه مهما كانت، وهذا يذكرني بالاحتفال الذي اقامه الحزب الشيوعي العراقي في دمشق بمناسبة ذكرى مرور خمسون عاماً على تأسيسه (اليوبيل الذهبي) في عام 1982 وكنت من الحاضرين بدعوة من الصديق جوهر شاويش مسؤول منظمة الحزب الشيوعي في دمشق آنذاك، وفي بداية الاحتفال تقدم السيد زكي خيري لالقاء كلمة الحزب بصفته عضو المكتب السياسي وكانت كلمة طويلة وشاملة وبعد ان عاد الى مقعده التفت اليه السيد خالد بكداش سكرتير الحزب الشيوعي السوري وسأله قائلاً(يا رفيق زكي ان الكلمة التي سمعناها كانت جميلة جداً ومليئة بالمكاسب والانتصارات والانجازات التي حققها الحزب فماذا عن الاخفاقات !!؟)، وانا اتسائل لماذا لم يتطرق المرحوم توما توماس الى الاخطاء التي ارتُكِبت لكي يكون اهالي القوش على بيّنة من تلك الاحداث؟، وهل يوجد احد في الدنيا معصوم من الخطأ؟، من الضروري ان يصدر الحزب الشيوعي ايضاح بصدد ما جاء في تلك الاوراق لكي تزول جميع الشكوك والاشكالات حول تلك الحقبة الزمنية المنصرمة والتي كبّدت القوش واهاليها الكثير من المشاكل والويلات وهم غير نادمين عليها، ان اظهار الحقائق هو مطلب شعبي وليس الغاية منها هو ادانة شخص او منظمة، ومما يلفت النظر هو ما ورد بخصوص الحادث الذي استشهد فيه صبري الياس دكالي (جندو) وعلاقة المرحوم سعيد حازم هومو (تيزي) بالحادث انها معلومات غيردقيقة والكثير منا يتذكر تلك الحادثة وبتفاصيلها الدقيقة وانا واحد منهم فلا يجوز التشهير بالآخرين دون الاستناد الى اي دليل او برهان، لكن لا نريد ان ننشر غسيلنا امام الناس وعلى صفحات الانترنيت لان تداعياتها قد لا يسلم منها احد.
اخيراً اتمنى من الناشر ان يعيد النظر فيما ورد في البعض من هذه الاوراق التي يتطلب التأكد من صحتها قبل نشرها فليس كل ما يُكتب هو صالح للنشر لان البعض مما يُكتب يصطدم مع الواقع الذي نعيشه ويتنافى مع تقاليدنا وقيمنا في مجتمع له خصوصيته والذي تتجسد فيه شبكة من العلاقات العائلية السائدة بين جميع اهالي القوش منذ مئات السنين، ومن واجبنا تعزيز تلك الاواصر والعلاقات لا ان نبددها، دعونا نحافظ على احترامنا وانطباعنا عن المرحوم توما توماس كما عرفناه عندما كان على  قيد الحياة لا كما يكتب عنه الآن، انني واثق انه لو كان على قيد الحياة لما وافق على نشر هذه المذكرات كما هي عليه الآن لانه كان يحترم الآخرين ومن جميع الاتجاهات السياسية ومن اهالي هذه القرية بالذات، لانه لم يسجل التاريخ يوماً انه اعتدى على احد من خصومه اواعداءه من اهالي هذه القرية والجميع يشهد له بذلك، فلا نريد ان يُستغل نشر هذه الاوراق من قبل اشخاص او جماعات يحققون اهدافهم الشخصية من خلالها، ونرجو من الناشر ان يتحمّل المسؤولية لكل ما ينشره وان يتسم بالمصداقية والحيادية وان لا يكون تعبيراً عن وجهة نظر احادية الجانب لكي نتوصل الى معرفة الحقيقة الكاملة وتحقيق الهدف المرجو من نشر هذه المذكرات.

102
قراءة في اوراق توما توماس
بقلم داؤد برنو

لا يختلف اثنان على ان المرحوم توما توماس كان مناضلاً صلباً وصامداً لفترة تزيد على ثلاثة عقود، ناضل في صفوف الحزب الشيوعي العراقي بدرجة عالية من الاخلاص والتفاني لم يسبق له مثيل ولا اعتقد ان احداً من بعده يستطيع ان يقدّم الخدمات والتضحيات بما يضاهي ما قدمه هذا الرجل لهذا الحزب، إن تضحياته كانت جسيمة ومؤلمة جداً حيث فقد ابنه الشاب منير ثم زوجته بالاضافة الى المعانات التي عاشتها هذه العائلة لفترة تزيد عن العقدين من الزمن، وايضاً لا احد يستطيع ان يتجاهل دور اهالي قصبة القوش في توفير الدعم والحماية لهذا الحزب واعضاءه تضامناً مع ابو جوزيف، ولولا ظهور شخصية مثل توما توماس في تلك الفترة لكانت خسائر الحزب الشيوعي في المنطقة كبيرة وكان من الصعب تشكيل قاعدة لانصار الحزب الشيوعي العراقي في جبل القوش، ظلت تلك القاعدة ملجاً اميناً لجميع الشيوعيين الذين هربوا من جحيم السلطة بعد انقلاب 8 شباط 1963 خوفاً من تعرضهم للاعتقال والتصفية لاسيما بعد صدور بيان 13 سيء الصيت الذي اجاز لسلطة الحرس القومي إبادة الشيوعيين، لقد كان للمرحوم دور بارز ورئيسي في إقامة تلك القاعدة، كانت في البداية تضم الشيوعيين والمستقلين وغيرهم من الذين تلاحقهم السلطة المحلية، كانت تلك القاعدة لا تبعد عن القوش سوى كيلو متر واحد تقريباً، لقد كان اهالي القوش يزوّدون تلك القاعدة بما تحتاجه من المواد الغذائية والدعم المادي واللوجستي، وبالمقابل كانت السلطة تعامل القوش واهاليها بقسوة شديدة فحرمتها من المشاريع الخدمية في تلك الفترة، لقد كان البعض من اعضاء قيادة الحزب الشيوعي يترددون الى القوش باستمرار وفي مقدمتهم كان (حدك) وكنتُ مقيم مع السيد عزيز عقراوي  بنفس البناية نمضي الوقت سوية في قراءة الكتب والرياضة حيث كان لـ(حدك) مكتبة عامرة تضم كتب سياسية مهمة، في تلك الفترة بدأت الوفود تصل الى قرية راجان التي كانت تضم (م.س) لـ(حدك) ومنهم وفد الحزب الشيوعي العراقي برئاسة عزيز محمد سكرتير الحزب الذي كان قد وصل قبله كل من ثابت العاني، آرا خاجادور، احمد باني خيلاني، يوسف القس (قاشا) وغيرهم........
ونحن سائرين بالقرب من بناية الضيوف شاهدنا السيد عزيز محمد يترجل من عجلة لاند روفر واستقبله السيد مسعود البارزاني وآخرون من قيادات الاحزاب الاخرى، سألني المقدم عزيز عقراوي كي نذهب للترحيب بالسيد عزيز محمد، اعتذرتُ منه فقال لماذا هذا الموقف اريد ان اعرف بالتحديد ما السبب ربما استطيع ان اغيّر شيئاً نحو الافضل لان علاقتي الشخصية جيدة جداً مع ابو سعود، وبعد الالحاح شرحت له الموضوع بالتفصيل واذكره هنا باخصار شديد.
في اواسط عام 1981 بينما كنت في سوريا- دمشق حاولتُ اللقاء مع رؤساء الاحزاب السياسية المهمة في المعارضة العراقية حسب توجيهات قيادة حزب بيت نهرين الذي كنت عضواً فيه بصفتي ممثلاً له، ان هذا الحزب يمثل احدى المكونات الرئيسية الاصيلة للشعب العراقي، وفعلاً تحقق لي اللقاء مع معظمهم وفي مقدمتهم السيد مسعود البارزاني بحضور عبد المهيمن البارزاني وآزاد برواري وتم اللقاء في فندق ميرديان في دمشق، ومع جلال الطالباني بحضور فؤاد معصوم والسيدة كريمته هيرو وتم اللقاء في شقته، ومع السيد محمد عثمان في فندق تشرين والسيد علي سنجاري في فندق أُميّة، وسامي عبد الرحمن في فندق تشرين وبحضور السيد عبد الله الركابي، كذلك تم اللقاء مع السيد عبد الجبار الكبيسي امين عام حزب البعث قيادة قطر العراق في مقره بالقيادة القومية، ومع اللواء حسن مصطفى النقيب، والسيد عامر الحلو ممثل السيد محمد باقر الحكيم (المجلس الاعلى للثورة الاسلامية)، كذلك التقيت مع السيد محمد باقر الحكيم في ايران (مؤسسة الصدر) بحضور السيد محمود الهاشمي والشيخ ابو علي من تلعفر، وآخرين لا مجال لذكرهم بهذا الموضوع باستثناء عزيز محمد الذي ارسلتُ له صديق محملاً برسالة شفوية من قبلي تتضمن رغبتي الشديدة باللقاء معه ولكن دون جدوى، وعلمتُ من الصديق الذي نقل اليه الرسالة بأن ابو سعود لم يتيسر له الوقت الكافي لهذا اللقاء ولا جدوى منه، حيث قال ابو سعود (انا اعرف ان الحوار سيدور حول الكفاح المسلح في كوردستان وهذا ليس من اختصاصي فليذهب الى هناك ويلتقي باعضاء المكتب العسكري للحزب الشيوعي وهم سليمان يوسف وتوما توماس وهما من اهالي القوش وكل ما يتم الاتفاق عليه حتماً انا موافق)، بعد ان استمع عزيز عقراوي الى هذا الموضوع ذهب الى السيد عزيز محمد للترحيب به وعانقه بحرارة ولم تمضي عدّة دقائق حتى سمعت عزيز محمد يناديني وباعلى صوته وباسمي المعروف (ابو هرمز)، ذهبت اليه واستقبلني باحترام شديد والذي فاجأني هو تواضعه وبساطته واحترامه للاخرين، انه حقاً يستحق موقعه كقائد للجماهير لانه كان يحمل هموم الجميع وتغيّر انطباعي عنه كلياً ثم قال لي سمعت انك زعلان فدعني ابيّن لك موقفي من حزبكم القومي (كان الجميع واقفون في ساحة المدرسة سامعين الكلام  وبوضوح) اتجه نحو قمة الجبل الذي امامنا مشيراً بيده قائلاً سأضرب لك مثلاً ينطبق على الحالة التي نحن فيها، ثم اضاف قائلاً: إنني في الحزب الشيوعي مكلّف شخصياً بايصال مائة كيلو غرام من المواد الغذائية الى قمة هذا الجبل وطبعاً انها مهمة شاقة وصعبة وعندما اصل لمنتصف الطريق تاتي اليّ وتقدّم المساعدة في نقل ثلاثون كيلو غرام الى نفس القمة ونفس الهدف فكيف استطيع ان ارفض ذلك، انكم تنجزون جزءاً مهماً من مهماتنا، ثم تحدّث عن قضايا اخرى، واقتنعتُ بكل ما جاء في كلامه لانه كان محقاً في ذلك ولم يكن يبغي شيئاً من عدم تحقيق اللقاء معه، ثم انتقل الى المواضيع الخاصة قائلاً لي انه يعرفني جيداً وذكر اسمي الثلاثي فاستغربت منه وقلت له كيف لك ان تعرف عني هذه المعلومات في الوقت الذي كان الجميع يستعمل اسماء مستعارة (الاسم الحركي)، فردّ عليّ قائلاً: في نهاية الستينات كنتُ عائداً من الاتحاد السوفيتي فتوقفت في قصبة القوش عدّة ايام وعلمنا من مصادرنا الامنية بأن الاجهزة الامنية في المنطقة لها معلومات اكيدة بوجودي في القوش ومن المحتمل قيام حملة تفتيش واسعة في القرية فكان عليّ ان اسافر حالاً فاستخدمتُ هوية شقيقك المعلم وحفظتُ بعض المعلومات عن عائلتكم وبقيت الهوية معي لفترة من الزمن ثم ارسلتها اليه مع سائق من اهالي القوش، هكذا كانوا اهالي القوش يقدمون الدعم بكافة اشكاله لاعضاء وقيادة هذا الحزب ولاسيما للمقاتلين منهم الذين كانوا في قاعدة الانصار خلف جبل القوش واحياناً كانوا في دير الربان هرمزد الواقع على جبل القوش على مسافة ثلاث كيلومترات تقريباً، وبعد يومين سافر عزيز محمد وآرا خاجادور الارمني وبقي ثابت حبيب العاني والوفد المرافق له، توطّدت علاقتي معه بشكل كبير حيث كان يتمتع بدرجة عالية من التقدير والاحترام من قبل الجميع كما كان عضواً في المكتب السياسي للحزب الشيوعي ومسؤول عن تنظيم الحزب لفترة تزيد عن العقدين من الزمن، كنت استمع اليه يومياً مدّة لا تقل عن اربع ساعات، انه حقاً تراث الحزب الشيوعي وتراث الحركة الوطنية العراقية، بالنسبة لي كان افضل من التقيته من المعارضة العراقية، وبعد عدّة ايام من اللقاءات التي جمعتنا بالصدفة في مقر (م.س) لـ (حدك) عرض عليّ ان اذهب معهم الى مقر قيادتهم في كوردستان العراق منطقة (بشت آفان) لاعداد دورة تدريبية تشمل استخدامات السلاح والحروب الجبلية لرفاقهم الملتحقين الجدد ولمدّة اربع اسابيع فقط وبالمقابل يجهّز اعضاء حزبنا بعدد من الاسلحة المختلفة البالغ عددها ثمانية وعشرون قطعة، جاء هذا العرض بعد ان علم من رفاقهم الجدد الذين خدموا الجيش بانني كنت ضابطاً في قوات المغاوير لمدّة تزيد عن ثمانية سنوات، كنت آمر دورات تدريب المغاوير لفترة طويلة في لواء 29 الفرقة الرابعة، بيّن لي حاجتهم الماسة لفتح تلك الدورات في قاعدتهم (بشت آفان) حيث عبّر لي عن حزنه الشديد للخسائر التي تكبدها الحزب خلال 46 يوماً فبلغت 40 شهيداً حيث قال لقد خسرنا 22 رفيقاً من قرداغ اثناء الاحتفال بمناسبة تأسيس الحزب و12 رفيقاً اثناء عملية هجوم على ربية عسكرية في منطقة دربندخان و6 رفاق اثناء عبورهم من سوريا الى كوردستان فسقطوا بالنهر في المثلث العراقي السوري التركي وجميع هذه الخسائر كان سببها عدم المعرفة بطبيعة واسلوب القتال في المناطق الجبلية بالاضافة الى الضعف في استخدام السلاح والقابلية البدنية، قلت له انني موافق على ذلك ولكن لابد لي ان احصل على موافقة من (حدك) لانني ضيف عندهم وعندما راجعت السيد علي عبد الله الذي كان سكرتيراً للحزب الديمقراطي الكوردستاني آنذاك قال لي ان الموضوع يتطلب موافقة رئيس الحزب السيد مسعود البارزاني وهذا يحتاج الى عدّة ايام، فاخبرت ثابت بذلك فقال لي نحن سنذهب وسوف ارسل لك مجموعة من رفاقنا بعد اسبوع من وصولنا لمرافقتك الى مقرنا في كوردستان، بعد اسبوع تقريباً وصلت مجموعة من اعضاء الحزب بقيادة السيد داؤد القس وهو آشوري من اهالي ناحية كاني ماس في منطقة برواري ومكثوا عدّة ايام بانتظار الموافقة لي من قبل قيادة (حدك) لكن دون جدوى حيث ابلغني السيد علي عبد الله بعدم الموافقة لان الطرق المؤدية الى منطقة (بشت آفان) يسيطر عليها جماعة عبد الرحمن قاسملو وهؤلاء هم اعداؤنا وانت ضيف عندنا وتحت حمايتنا لان حضورك عندنا هو بدعوة من السيد ادريس البارزاني، لان بين الحين والآخر تحصل اشتباكات بين الطرفين، وهكذا مُنعتُ من الذهاب لاسباب امنية واتخذَ (حدك) اجراءاً صحيحاً حرصاً على حياتي، لقد تطرقت الى بعض من هذه القضايا مذكراً القاريء الكريم باننا لسنا خارج دائرة الاحداث لمعرفة واظهار الحقائق بقدر ما يتعلق الامر باهالي القوش، والآن نعود الى موضوعنا الرئيسي حول اوراق توما توماس واقولها صراحة انني قرأت بعضها واشكك بجزء منها كما انها أهملت قضايا مهمة تم تجاهلها واخرى مبالغ فيها ربما السبب يأتي من الناشر او لاسباب اخرى نجهلها، وهذه حالة شائعة في نشر المذكرات بعد وفاة صاحبها وهذا ما لمسناه في بعض المطبوعات ومنها كراس تاريخ القوش للمرحوم المطران يوسف بابان، وفي هذه الحالة لا احد يستطيع ان يناقش او يرد على ما جاء في مثل هذه المذكرات، وانطلاقاً من الحرص الشديد على صحة ودقة هذه الاوراق نطالب منظمة الحزب الشيوعي في المنطقة ان تبيّن رأيها وتؤيد صحتها او تحفظاتها لانها تتحمل جزء من المسؤولية ولانها تستعرض سيرة منظمة الحزب وقاعدة الانصار خلال فترة زمنية تزيد على ثلاثة عقود في هذه المنطقة، كما لم تتطرق هذه الاوراق الى الحوادث التي ادت الى قتل عدد من الاشخاص يتجاوز عددهم العشرة اتُّهموا بالعمالة للسلطة من دون اي دليل او برهان ولحد الآن لا نعرف الاسباب الحقيقية وراء تلك الاحداث وهل كانت من مسؤولية الحزب ام من مسؤولية توما توماس ام اشخاص آخرين لم يكن لهم التزام بتنظيم الحزب او تنفيذ اوامره ام ان السياقات المتبعة في الحزب الشيوعي لا تسمح بذكر الممارسات الخاطئة لاعضاءه مهما كانت، وهذا يذكرني بالاحتفال الذي اقامه الحزب الشيوعي العراقي في دمشق بمناسبة ذكرى مرور خمسون عاماً على تأسيسه (اليوبيل الذهبي) في عام 1982 وكنت من الحاضرين بدعوة من الصديق جوهر شاويش مسؤول منظمة الحزب الشيوعي في دمشق آنذاك، وفي بداية الاحتفال تقدم السيد زكي خيري لالقاء كلمة الحزب بصفته عضو المكتب السياسي وكانت كلمة طويلة وشاملة وبعد ان عاد الى مقعده التفت اليه السيد خالد بكداش سكرتير الحزب الشيوعي السوري وسأله قائلاً(يا رفيق زكي ان الكلمة التي سمعناها كانت جميلة جداً ومليئة بالمكاسب والانتصارات والانجازات التي حققها الحزب فماذا عن الاخفاقات !!؟)، وانا اتسائل لماذا لم يتطرق المرحوم توما توماس الى الاخطاء التي ارتُكِبت لكي يكون اهالي القوش على بيّنة من تلك الاحداث؟، وهل يوجد احد في الدنيا معصوم من الخطأ؟، من الضروري ان يصدر الحزب الشيوعي ايضاح بصدد ما جاء في تلك الاوراق لكي تزول جميع الشكوك والاشكالات حول تلك الحقبة الزمنية المنصرمة والتي كبّدت القوش واهاليها الكثير من المشاكل والويلات وهم غير نادمين عليها، ان اظهار الحقائق هو مطلب شعبي وليس الغاية منها هو ادانة شخص او منظمة، ومما يلفت النظر هو ما ورد بخصوص الحادث الذي استشهد فيه صبري الياس دكالي (جندو) وعلاقة المرحوم سعيد حازم هومو (تيزي) بالحادث انها معلومات غيردقيقة والكثير منا يتذكر تلك الحادثة وبتفاصيلها الدقيقة وانا واحد منهم فلا يجوز التشهير بالآخرين دون الاستناد الى اي دليل او برهان، لكن لا نريد ان ننشر غسيلنا امام الناس وعلى صفحات الانترنيت لان تداعياتها قد لا يسلم منها احد.
اخيراً اتمنى من الناشر ان يعيد النظر فيما ورد في البعض من هذه الاوراق التي يتطلب التأكد من صحتها قبل نشرها فليس كل ما يُكتب هو صالح للنشر لان البعض مما يُكتب يصطدم مع الواقع الذي نعيشه ويتنافى مع تقاليدنا وقيمنا في مجتمع له خصوصيته والذي تتجسد فيه شبكة من العلاقات العائلية السائدة بين جميع اهالي القوش منذ مئات السنين، ومن واجبنا تعزيز تلك الاواصر والعلاقات لا ان نبددها، دعونا نحافظ على احترامنا وانطباعنا عن المرحوم توما توماس كما عرفناه عندما كان على  قيد الحياة لا كما يكتب عنه الآن، انني واثق انه لو كان على قيد الحياة لما وافق على نشر هذه المذكرات كما هي عليه الآن لانه كان يحترم الآخرين ومن جميع الاتجاهات السياسية ومن اهالي هذه القرية بالذات، لانه لم يسجل التاريخ يوماً انه اعتدى على احد من خصومه اواعداءه من اهالي هذه القرية والجميع يشهد له بذلك، فلا نريد ان يُستغل نشر هذه الاوراق من قبل اشخاص او جماعات يحققون اهدافهم الشخصية من خلالها، ونرجو من الناشر ان يتحمّل المسؤولية لكل ما ينشره وان يتسم بالمصداقية والحيادية وان لا يكون تعبيراً عن وجهة نظر احادية الجانب لكي نتوصل الى معرفة الحقيقة الكاملة وتحقيق الهدف المرجو من نشر هذه المذكرات.

103
نطالب النائب يونادم كنة بمراجعة تصريحاته مع قناة العربية
[/color]

بقلم داؤد برنو
 

انها المرة الثانية التي اشاهد فيها السيد كنة في مقابلة مع قناة اعلامية بالرغم من انني لست من رواد مشاهدة تلك القنوات لكن حصل ذلك عن طريق الصدفة، ربما هناك مقابلات اخرى لم احظى بمشاهدتها متمنياً ان لا تكون مثل ما شاهدته لانها موضع انتقاد من المشاهدين، ومن الضروري اظهار الحقيقة مهما كانت النتيجة، وفي حالة عدم اظهارها اوالتستر عليها يؤدي ذلك الى الضرر البالغ في الموقف السياسي لذلك الشخص والمنظمة التي ينتمي اليها لاسيما ان كان مسؤولاً رفيع المستوى، كما ان مثل هذه التصريحات تنعكس سلباً في الاوساط الشعبية التي انتخبت هذا النائب لانها مخالفة لآرائهم وخارج ارادتهم مما ادى الى حصول متغيرات على الساحة السياسية لشعبنا الكلداني الآشوري السرياني.

وانطلاقاً من الحرص الشديد على مصداقية النائب السيد كنة نطالبه بهذه المراجعة ليكون اكثر دقةً وموضوعياً في هذا المجال وان لا يكون مثل غيره من النواب والمسؤولين في الحكومة، حيث لا يعيرون اي اهتمام لرأي الشعب، وكان اخرها تصريح السيد الحكيم الذي قال ان حكومته هي اقوى حكومة في الشرق الاوسط.

وقبل ان اتطرق الى المقابلة التي اجرتها قناة العربية الاعلامية مع السيد النائب لا بد هنا من الاشارة الى المقابلة التي اجرتها قناة الجزيرة القطرية بتاريخ 2/8/2004 مع السيد كنة عندما تم تفجير الكنائس في كل من بغداد والموصل، حيث قام الارهابيون بتفجير ثمانية كنائس في العاصمة بغداد ومدينة الموصل بالاضافة الى عدد من السيارات المفخخة التي لم تنفجر لاسباب فنية، اي ان كنائس اخرى ايضاً كانت مستهدفة، تم الاقدام على هذا العمل من قبل ارهابيين (الاسلاميون المتشددون القادمون من خارج البلاد) من دون اي انذار مسبق ولا اي مبرر على ذلك، ولقد شكلت هذه العمليات وبهذا الحجم الكبير سابقة لم يشهدها شعبنا من قبل لاسيما في عصرنا الحاضر علماً ان العمليات تم تنفيذها بيوم واحد وبوقت متقارب في يوم الاحد المصادف 1/8/2004، وكما هو معلوم للجميع ان يوم الاحد هو اليوم الذي يمارس فيه المسيحيون شعائرهم الدينية في الكنائس مصلين لاجل احلال السلام في بلدنا العزيز العراق وطن الاجداد لآلاف من السنين، ونتيجة تلك الانفجارات استشهد عشرات المسيحيين والجرحى فاق عددهم المئة جريح، بالاضافة الى الاضرار المادية بالمباني والممتلكات، اما الاضرار النفسية كانت كارثة لكل مسيحي حيث تم خلق جو من الخوف والرعب لدى المسيحيين في العراق، واعتبر كل مسيحي نفسه مستهدفاً من قبل المنظمات الارهابية المنتشرة في انحاء العراق، وفي تلك الاثناء كان الجميع لاسيما المسيحيين منهم يراقبون ردّ الفعل الرسمي والشعبي على هذه العمليات لكن الرد كان خجولاً جداً وشبه معدوم من قبل وسائل الاعلام الحكومية وغيرها، وعندما سالنا بعض الاصدقاء من العاملين بالصحافة عن سبب عدم تغطية هذه الاحداث بشكل يتناسب مع اهمية هذا الحدث، اجابوا بانهم قاموا باعداد تقارير مساء الاحد وفي نفس الوقت اجرت قناة الجزيرة مقابلة قصيرة مع السيد كنة ممثل المسيحيين الوحيد في مجلس الحكم، وسالوه عن رايه لاسباب ودوافع تلك الاحداث، رد عليهم قائلاً ودون تردد ان هذه التفجيرات جاءت رداً على البعثات التبشيرية المسيحية التي ارسلتها اوربا واميركا الى العراق، وبعد ان اطلع الصحفيون على هذا التصريح تم تغيير برنامجهم الاعلامي الذي تم اعداده، وبهذا التصريح اعطى السيد كنة وبهذه العجالة مبرراً شرعياً للارهابيين لقيامهم بهذا العمل، وفي الوقت الذي لم يعلن اي طرف من المجاميع الارهابية مسؤوليته عن هذه العمليات إلا بعد ثلاثة ايام من الحادث حيث نشرت احدى المنظمات الارهابية بياناً على الانترنيت باسم (الجهاد والدعوة) مسؤوليتها عن تلك العمليات، وفعلاً بررت عملها استناداً على تصريحات السيد كنة واعلنت سبب قيامهم بارتكاب تلك الجريمة هو رداً على البعثات التبشيرية المسيسحية كما جاء في تصريح السيد كنة، وممكن الاطلاع على مضمون هذه المقابلة من خلال الجزيرة انترنيت بتاريخ 2/8/2004 ، ان الذي نستغرب منه هو  ان هذه التصريحات لم تستند الى اي دليل او برهان يدعم قوله، خاصة وان البعثات التبشيرية ان وجدت فما كان نشاطها هل هو ديني ام سياسي، وما هي علاقتهم مع المسيحيين العراقيين، وهل ان المسيحيين في العراق بحاجة لهذه البعثات، وهل يقدمون اي دعم لها، وهناك اسئلة عديدة المطلوب الاجابة عليها، علماً ان الكنائس التي تم تفجيرها لم تكن من الكنائس التبشيرية القادمة حديثاً الى العراق انما استهدفت التفجيرات كنائسنا الكلدانية والآشورية والسريانية والارمنية العريقة والقديمة في هذا البلد والمسيحيين لا يُعرفون الا بهذه التسميات منذ القدم بهذا البلد اي ان الارهابيين لم يستهدفوا غير الكنائس العراقية الاصيلة في البلد ورواد هذه الكنائس هم نفسهم الذين تعايشوا مع المسلمين بهذا البلد بالسراء والضراء واكلوا جميعاً من ارض العراق وشربوا من ماء دجلة والفرات .

اما المقابلة الثانية التي اجرتها قناة العربية السعودية بتاريخ 18/11/2006 مع ثلاثة من اعضاء البرلمان العراقي من هم في لجنة المصالحة الوطنية ومنهم السيد فالح ونصير العاني ويونادم كنة، وفي سياق المقابلة صرح السيد كنة بأن الحكومة العراقية الحالية اخطأت عندما اعتبرت العراق يتكون من ثلاث مكونات رئيسية فقط وتم تهميش المكونات الاخرى ومنهم الكلدآشوريون والتركمان .. وغيرهم، "هذا الكلام صحيح جداً ونحن نؤيده"وفي هذه الاثناء قاطعته المذيعة التي تدير هذه المقابلة وقالت هل هذا هو السبب في هجرة المسيحيين الى الخارج وبهذا العدد الهائل؟، فرد عليها قائلاً كلا ان هجرة المسيحيين هي حالة طبيعية مثل هجرة باقي اخوانهم من العراقيين، واضاف قائلاً لقد هاجر من العراق ثلاثة ملايين نسمة وان شعبنا يشكل (5-6) % من الشعب العراقي وان عدد المهاجرين ينحصر بهذه النسبة، وهنا قاطعته المذيعة وقالت هل يعني لا توجد ضغوط على المسيحيين في العراق؟، فرد عليها قائلاً ان المسيحيين يعانون كغيرهم من العراقيين وليس اكثر من ذلك فالجميع يعانون من الارهاب وعدم الاستقرار، والى هنا اكتفي بهذا القول ولكن هذا الكلام غير دقيق ومخالف للواقع الذي نعيشه ولا بد من كشف الحقيقة للقاريء الكريم ليكون على بينة من هذا التصريح الذي لا يستند الى الحقيقة والواقع، ولنبدأ اولاً الى عملية الهجرة التي يدعي انها تشكل  (5-6) % من المسيحيين الذين هاجروا الى خارج العراق ولا نعرف كيف حدد هذه النسبة وعلى اي من المصادر اعتمد مع ان جميع التقارير الدولية والمحلية تصرّح بأن عدد المهاجرين العراقيين يبلغ ما بين مليون واربعمائة الف الى مليون وستمائة الف نسمة، ان السيد النائب ضاعف هذا العدد دون الكشف عن اي دليل يثبت ذلك بالرغم من ان الجميع يعرف ماذا يجري للمسيحيين في العراق، حتى للذين ليس لهم اي مسؤولية او موقع مهم في الدولة او في السياسة فكيف اذن هو الحال بالنسبة الى النائب في برلمان يمثل المسيحيين او شريحة واسعة منهم يجهل او يتجاهل عدد المسيحيين الذين هاجروا من العراق، وعلى سبيل المثال لا الحصر لقد كان عدد نفوس المسيحيين في مدينة البصرة قبل 9/4/2003 اكثر من خمسة آلاف نسمة وهذا الرقم تم التصريح عنه من مصادر كنسية بينما نفوس المسيحيين الآن في البصرة لا يتجاوز بضعة مئات من الافراد اي ان نسبة الهجرة بلغت حوالي 85% وان المتبقين ينتظرون دورهم للهجرة عاجلاً ام آجلاً لان ظروق الهجرة صعبة جداً وتتطلب تامين مبالغ كبيرة من الاموال، وان اسباب الهجرة معروفة للجميع ولا يمكن لاحد ان ينكرها وان الكثيرين من الذين غادروا المدينة صرّحوا بان الاحزاب السياسية الشيعية وميليشياتها المنتشرة في جميع انحاء محافظة البصرة يطبقون الشريعة الاسلامية وحسب المذهب الشيعي الذي يستهدف تطبيق ولاية الفقيه وان شعارهم المرفوع في كل المناسبات هو كل شيء من اجل تحقيق دولة الامام من خلال (الدين- المذهب- الولاية) وان الملالي الذين تأتي خطبهم جاهزة من ايران يستغلون كل المناسبات للهجوم على اليهود والنصارى بالاضافة الى المسلمين من اهل السنة ايضاً وينشرون الارهاب الفكري ضد كل من لا يعتنق الدين الاسلامي وعلى المذهب الشيعي ولا سيما المسيحيين والصابئة، ولا نعرف كيف ان السيد النائب يساوي بين معاناة المسيحيين مع المسلمين وخاصة الشيعة بالرغم من الفرق الشاسع بين الاثنين، ولا يختلف اثنان في العراق من ان الصراع بين السنة والشيعة كان قائماً منذ القدم وبرز هذا الصراع بعد سقوط النظام، واصطفت معه عوامل اخرى سياسية ومنها السلطة وعوامل مادية ومنها ثروات البلاد النقطية وغير النفطية واشتد هذا الصراع الى ان وصل لما هو عليه الان وسوف يستمر الى درجة اعلى واخطر طالما ان الاطراف السياسية لهذا الصراع المتمثلة في كل من ايران والسعودية والذين هم يشكلون التحدي الرئيسي له مصممين للمضيء قدماً فيه حتى تتحقق مصالحهم السياسية، اما اذا جئنا الى بغداد وتفقدنا احوال المسيحيين هناك فنجد ان ما لا يقل عن 50% من المسيحيين هاجروا الى الخارج وخاصة من ذوي الامكانيات المادية والكفاءات، بالاضافة لهجرة الاعداد الكبيرة منهم الى القرى في الشمال وكوردستان، اما الباقين منهم مكرهين على البقاء بسبب ظروفهم المادية الصعبة بالرغم مما يعانوه من عمليات الخطف لابنائهم وبناتهم وعمليات الابتزاز التي يقومون بها الارهابيون من المتشددين السنة ومن بعض الميليشيات الشيعية الحكومية في ظل انعدام السلطة ، لا بل في بعض الاحيان عناصر من الشرطة تساهم مع الارهابيين في عمليات الخطف من اجل الكسب المادي غير المشروع، ولا يوجد لهؤلاء المسيحيون من يدافع عنهم لا من الحكومة ولا من خارجها، وقبل ايام سمعنا اختطاف رجل دين مسيحي من الكنيسة وهذا سادس رجل دين مسيحي يخطف من بغداد من دون ان تبادر الحكومة في وضع خطة لحماية رجال الدين المسيحي لانهم لا يملكون الميليشيات ولا يملكون السلاح ليدافعوا به عن انفسهم ولا يسمح لهم بذلك.

ان المسيحيين في العراق في حالة يرثى لها، ولولا تراكم القيم الاجتماعية والعشائرية والعلاقات التاريخية السائدة بين ابناء الشعب العراقي بمختلف اديانه وقومياته لكانت الحالة اسوأ بكثير، لكننا ايضاً لا نعلم الى متى ستبقى هذه القيم مؤثرة في المجتمع العراقي كون العامل الخارجي والتدخلات الكثيرة تقف ضدها بالمرصاد.

اما وضع المسيحيين في الموصل وكركوك فليس افضل من وضعهم في بغداد لانهم يعيشون نفس المعاناة باشكال مختلفة خاصة الحالة النفسية للمواطن المسيحي في العراق بعد شعوره بالتهديد بحياته ودينة وشرفه وماله، ان هذا الشعور لا يفارقه لان الواقع يجسد ذلك على الارض وفي كل يوم، على كل حال نرجوا من السيد النائب ان يفسر لنا ما هي الحكمة من هذه التصريحات، ربما اننا لا نملك فحواها والغاية منها لانه يجوز انها ستصب في مصلحة شعبنا وهذا ما نتمناه لكن كيف ومتى واين؟، اعتقد ان شعبنا ليس بهذه الدرجة من السذاجة كي يصدق كل ما يسمعه ويقرأه كغيره من الشعوب الاخرى لان شعبنا الكلداني الاشوري السرياني شعب مثقف وواعي وهذا باعتراف الاعداء قبل الاصدقاء، ان شعبنا يختلف عن الآخرين لانه لا يؤمن بتعظيم الفرد وعبادته، ولا يؤمن بسياسة القطيع وعسكرة المجتمع المدني، كما اننا نختلف عنهم ايضاً بالقيم والمباديء التي ورثناها عن اجدادنا وحضارتنا وديننا، ولكن هذا الاختلاف لم ولن يكن يوماً عائقاً بيننا وبين الذين نعيش معهم في مجتمع متعدد الاديان والقوميات والطوائف وخاصة عندما يكون النظام والقانون سائداً في ذلك المجتمع وفي تلك الدولة، ونتيجة الوضع القائم في البلاد ان خيارات شعبنا محدودة لا بل شبه معدومة وليس امامنا الا خيار واحد وهو العمل بايجاد منطقة امنة لشعبنا لنتمتع بادارة ذاتية تمكننا من انقاذ هذا الشعب من الوضع الخطير الذي يعيشه، وان الوقت قد حان لنعمل جميعاً من اجل هذا الهدف لانه مسؤولية الجميع وإذا اخطأ احد في السياسة فعليه ان لا يخطأ في الحساب.[/b][/font][/size]

104
نظرية صراع الحضارات هل تطبّق في العراق
[/color]
بقلم داؤد برنو
 
ان المتابع لما يجري في العراق منذ سقوط النظام في 9/4/2003 والى يومنا هذا يصل الى قناعة بأن اطراف سياسية عديدة مشاركة في الحكومة والبرلمان يمارسون مباديء نظرية صاموئيل هننغتون والتي عنوانها (صراع الحضارات) بسبب تعارض القيم الدينية والثقافية لهذه الاطراف مع الآخرين، هذا ما نلاحظه ونتحسسه واصبح واقعاً على الارض، ولم تكتفِ هذه الاطراف الدينية والسياسية برفض الآخر فقط وانما بقلع جذوره من الوطن وهذا ما جرى ويجري في البصرة والمحافظات الجنوبية، واصبح هذا واقعاً لا احد يستطيع ان ينكره او يتجاهله او يسكن عنه، وان شعبنا المسيحي من (الكلدان- الآشوريين- السريان) هم اول الضحايا بالاضافة الى اخواننا الصابئة المندائيين وغيرهم من تطبيق هذه النظرية بقصد او بغير قصد، وان العملية جارية في اماكن عديدة من العاصمة بغداد، ان هذا المخطط يتم تنفيذه بشكل دقيق ومخطط له مسبقاً وهناك اطراف اقليمية تدعمه، لقد بدأ شعبنا يهاجر بعد سقوط النظام مباشرة بدأً من مدينة البصرة ومروراً بالمحافظات الجنوبية وصولاً الى بغداد، وتدل الاحصائيات التي حصلنا عليها من مصادر متعددة ان حوالي ربع مليون مسيحي هاجروا من بغداد وما تبقى منهم ينتظرون دورهم، فمنهم من له ارتباطات عمل ومنهم من ليس له امكانية للهجرة بسبب ما تتطلبه هذه العملية من مبالغ طائلة، ولا توجد اي جهة دولية او محلية تسعف هؤلاء المحتاجين في انقاذ حياتهم من المحرقة التي تجري في بغداد.
ان عراق اليوم ليس عراق الستينات ولا عراق ما قبل 9/4/2003حيث حصل تغيير كبير في ديموغرافيته من خلال الفرز الطائفي والقومي الذي حصل والذي يحصل لحد الآن في اغلب مناطق العراق، وإذا لم يحصل في بعض المناطق الاخرى بشكل فعلي فإن الفرز حصل في سايكولوجية الفرد من ابناء هذا الشعب، بسبب شعوره النفسي بأن هناك حواجز بينه وبين المواطن الآخر الذي يختلف عنه في الدين او المذهب او القومية، والقتل العشوائي الذي يجري على الهوية هو برهان على ذلك، وهذا ما يجعلنا كمسيحيين ومن قومية آشورية كلدانية سريانية نختلف عن الآخرين من خلال هذه الخصوصية وحتى في الثقافة والسلوك فلماذا نحن مستهدفين من هذه الاطراف والجماعات وهم كثيرين، لذلك فنحن نطالب وبالحاح ومن الآن لترتيب وضعنا الجديد وتحديد مستقبلنا إسوة بالآخرين من الديانات  والقوميات الاخرى، لا يمكننا ان نبقى اكثر من هذا مهمشين ودون اي اعتبار كمكون اساسي في هذا البلد ومن دون ان يسند لنا اي دور في العراق الجديد، فليس من مصلحة احد ان يتم تجاهلنا الى هذا الحد ولا سيما اخواننا الاكراد من خلال مسودة الدستور الجديد للاقليم، فيما كنا نأمل ان يقدَم البرلمان الكوردي على اتخاذ حظوة مماثلة للمرحوم عبد الكريم قاسم الذي ادخل في الدستور العراقي الجديد عام 1958 ولاول مرة بأن الاكراد شركاء للعرب في هذا الوطن، ولم يأتي قراره هذا نتيجة ضغوط محلية او دولية وانما بدافع وطني من اجل رفع الغبن عن الشعب الكوردي وضمان حقه المشروع في هذا الوطن.
ان المعادلة السياسية الحالية تظهر بجلاء ان شعبنا الآشوري الكلداني السرياني لم يحسب له الحساب كطرف مشارك فيها ولم تطرح مطالبه كقضية يستوجب حلهابالرغم من معرفتهم بأن لنا الحق في المشاركة إسوة بالآخرين، وان مساهماتنا بالتاكيد ستكون عامل ايجابي ولن يلحق الضرر بأي طرف من اطراف المعادلة، إننا ما زلنا ننتظر ونأمل بأن نكون جزءاً فعالاً ومشاركاً في العملية السياسية بالرغم من اننا ولحد الآن لم نسمع او نقرأ من تصريحات قادة الاطراف الرئيسية المعنية بمستقبل العراق أية اشارة جدية لشعبنا كأحد المكونات الرئيسية لهذا البلد، فكل ما نسمعه اصبح شيء روتيني ليس الا اسطوانة فارغة رافقت الدستور العراقي منذ نشأة الدولة العراقية، اي اكثر من ثمانون عاماً والى يومنا هذا، والتي تنص على ان المجموعة الحاكمة ومن افضالهم الكثيرة انهم سيراعون ضمان حقوقنا الثقافية والإدارية وعلى الورق فقط مع ايقاف التنفيذ، والآن نسمع ايضاً نفس الاسطوانة وهذا يذكرنا بقرار مجلس قيادة الثورة الذي اصدره حزب البعث عام 1973 (والذي ينص على منح الحقوق الثقافية والادارية للناطقين بالسريانية وتشكيل ادارات خاصة بهم في المناطق التي يشكلون الغالبية فيها) طبعاً مع ايقاف التنفيذ ايضاً، فهل سيجري تكرار تلك المسرحية مرة اخرى او بالاحرى تلك المهزلة ونحن في ظل المجتمع الدولي الجديد الذي يطالب وبحرص شديد على حماية الاقليات والطوائف الدينية من اضطهاد الانضمة القمعية والمطالبة بمنحهم حقوقهم المشروعة، وإذا اقتضى الامر تبادر منظمة الامم المتحدة بالتدخل لحمايتهم وهذا ما يجري الآن في اقليم دارفور بالسودان، اننا لا نريد ان تنحدر العلاقة بيننا وبين الاطراف المعنية الى هذا المنحى لكي نلجأ الى المحافل الدولية من اجل الحصول على حقوقنا المشروعة في وطننا العزيز العراق بالرغم من ان مطالبنا لا تمس حقوق أية جهة قومية او دينية في العراق لا من قريب ولا من بعيد، واننا نفاجىء ونستغرب من مواقف الآخرين تجاهنا فهذا ما لم نكن نتوقعه ابداً، لاننا عندما كنا في المعارضة كانت المواقف لهذه الاطراف مختلفة عما هي عليه الآن، وان المواقف الجديدة لهم لا تخلو من العنصرية ولا تتجاوب مع روح العصر الذي نعيشه لانها ترمي الى مصادرة حقوق الآخرين والعودة الى النظام الشمولي في العراق، ان مطالبتنا بإدارة ذاتية في سهل نينوى لم يكن تجاوزاً لحقوق الآخرين او لأي من المكونات الرئيسية في العراق من الشيعة والسنة والاكراد، اننا نعيش في هذه المنطقة قبل جميع هؤلاء وشواهد التاريخ كثيرة لا تقبل الجدل، فمثلما لهم الحق في تشكيل الاقاليم فلنا الحق ايضاً في تشكيل إدارة ذاتية لكي نقوم من خلالها بتنظيم حياتنا الادارية والثقافية والسياسية دون اللجوء الى المركز او الاقليم، ورفض الهيمنة بأي شكل من الاشكال إلا في القضايا الرئيسية التي تتعلق بمصير الوطن ومستقبله.
اننا لا نريد التقليل من اهمية حقوق الآخرين وحقهم الكامل في التمتع بها كاملة، ولكن ايضاً لا نسمح بالآخرين بتجاهل حقوقنا المشروعة ومن دون أية مبررات او اعتبارات يمكن الاستناد اليها، وكل ما يمكن ان نستنتجه من هذه الممارسات و المواقف هو انهم ربما يريدون البدء في تطبيق نظرية صراع الحضارات في العراق وليس حوار الحضارات، لانهم يريدون تصنيف الشعب العراقي كما كان في عهد صدام، مواطنين من الدرجة الاولى والثانية ... الخ، ان هذه السياسية لا يمكن ان تدوم لاحد لان الزمن قد مضى عليها ولن تكون من مصلحة اي طرف من الاطراف المعنية مهما كانت له القوة او الدعم الخارجي، وان تجربة صدام مثال حي وخير شاهد على ذلك، ان نصف مليون جندي كان مسخر لحمايته لكن دون جدوى، اننا نوجه نداءنا للبدء في الحوار الجدي والفعال مع الاطراف المعنية واستعمال العقل والمنطق في إدارة هذا الحوار من اجل تأمين مشاركة فعالة في الحكومة المركزية وفي حكومة اقليم كوردستان من اجل ضمان حقوقنا المشروعة في استحداث محافظة جديدة في سهل نينوى تضمن إدارة ذاتية لابناء شعبنا من الكلدان والآشوريين والسريان وفق العيش المشترك لجميع مكونات الشعب العراقي، مع ضمان الامن والاستقرار والتقدم للجميع.[/b][/font][/size]

105
لجنة شؤون المسيحيين في كوردستان بين الفشل والنجاح
[/b][/color]

بقلم داؤد برنو

لقد نُشِرت لي مقالة في موقع عينكاوا مشكوراً بتاريخ 16/9/2006 وكانت المقالة عبارة عن سرد لاحداث تاريخية تتعلق بقضية شعبنا في كوردستان، وجاء في سياق المقالة إشارة الى لجنة شؤون المسيحيين التي كانت تعمل آنذاك في إيطار وتحت قيادة الحركة الكوردية، وذكرتُ بأن عمل اللجنة لم يتكلل بالنجاح لاسباب عديدة وفي مقدمتها عدم الإنسجام بين أعضاء قيادتها، كما ذكرتُ أيضاً بأن المناضل عبد رزوقي سكرتير اللجنة كان سيتعرض لعمل إرهابي لو بقي في تلك اللجنة، وعلى هذا الاساس تم نقله الى مقر البارزاني.
قبل أيام حدث إتصال مع الصديق عبد رزوقي بناءً على طلبه وقال لي أن كل ما جاء في تلك المقالة حول لجنة شؤون المسيحيين هو كذب وخالي من الصحة لانك تجهل الحقيقة، وقال ان المرحوم كوركيس ملك جكو بقي أحد عشر شهراً خارج العراق والمسؤولية الرئيسية كانت ملقاة على عاتقه فقط بصفته سكرتير اللجنة آنذاك.
ومن أجل إظهار الحقيقة والحفاظ على صداقتنا لا بدّ من تصحيح الخطأ ولا بد أن أعرف أين هو الخطأ وكيف؟ وما هو الصحيح، وأتمنى أن يرد الأخ عبد رزوقي أو غيره لكي يعرف القاريء الكريم اين هي الحقيقة وعند ذلك سأعتذر له ولكل من عمل في لجنة شؤون المسيحيين ولا سيما في عام 1974 إذا استطاعوا إثبات عكس ما جاء في ذلك المقال.
إن الإشارة الى هذه اللجنة جاء في سياق المقارنة بين التجربة التي قادها الشهيد هرمز ملك جكو في السبعينات من القرن الماضي ولم يكن احداً مستهدفاً من ذلك ولم تكن الغاية منها الانتقاص من اللجنة أو أحداً من قادتها أو أعضائها، إنما العكس هو الصحيح حيث إنني أشيد بكلتا التجربتين وكل ما كنت أتوخاه من تلك الإشارة هو دراسة تلك التجارب وإعادة تقييمها والاستنارة منها، لأنها ستكون عاملاً مساعداً في إنجاح التجربة الحالية التي يقودها مجموعة من الأحزاب والمنظمات السياسية والإجتماعية لشعبنا (الآشوري- الكلداني- السرياني) والتي تعتبر الممثل الشرعي بكافة تسمياته، وكل تجربة سياسية لا بد من إعادة النظر فيها وهذا ما يحصل في جميع الأحزاب السياسية من خلال مؤتمراتهم ومعظمهم يعترف بالأخطاء التي قام بها ويعوّل حصولها لأسباب عديدة لكنه يعمل جاهداً من أجل إصلاحها وتطويرها ولا يوجد حزب سياسي أو منظمة سياسية معصومة من الخطأ وهذا ما يعترف به الجميع، وإنني الآن كفرد لست ملزماً بأي تنظيم سياسي ولكنني مستمر بالعمل في التيار القومي من أجل قضيتنا القومية المشروعة، ولي من الآراء والمواقف ما تعبّر عن رأيي الشخصي فقط وأنا اتحمل كل المسؤولية نتيجة تلك الآراء والمواقف لكني لم أدّعي أبداً أن رأيي هو الصحيح أو الأصح إنما يمكن أن أكون مخطئاً في بعض الاحيان وانا مستعد للاعتراف بالخطأ وتصحيحه إن وجد والإعتذار إذا تطلب ذلك، إنني الآن في بغداد أقرأ يومياً اكثر من خمسة صحف رئيسية والاحظ انها لا تخلو من الخطأ ومن الانتقاد لجميع المسؤولين وكل بحسب رأيه واجتهاده، الصحافة مؤسسة ثقافية مهنية لكنها ايضاً معرضة للخطأ كما انها لا تعترض على آراء الآخرين وتمنعهم عن التعبير عنها وكل فرد له الحق في إبداء رأيه وموقفه وكذلك الحق للآخرين في الرد عليه للوصول الى الحقيقة الناصعة، وأجد هنا لا بد من الإشارة الى المصادر التي إعتمدتها والتي بموجبها تكوّن لي هذا الرأي الذي توصلت اليه.
بالنسبة للمعلومات التي تتعلق بالمناضل عبد رزوقي كان مصدرها المناضل الاستاذ علي سنجاري، ولا بد هنا ان ابيّن من هو الاستاذ علي ومتى واين تم الإطلاع على هذه المعلومة، ان الاستاذ علي سنجاري غني عن التعريف ولا يوجد سياسي عراقي لا يعرفه ان لم يكن صديقاً له، كان متميزاً بمواقفه الشديدة ضد النظام في العراق، كما وكان من أبرز الشخصيات الكوردية من المتميزين في سوريا- دمشق آنذاك، كانت له علاقات وطيدة جداً مع القيادة السورية ولا سيما مع نائب رئيس الجمهورية وشقيقه السيد رفعت الأسد، وفي عام 1981 كنتُ ممثلاً لحزب بيت نهرين الآشوري في سوريا، وكان للحزب مشروع إصدار جريدة "آشور" الشهرية في سوريا وفعلاً تحقق ذلك، لكن هذا النشاط الإعلامي للحزب كان يتطلب موافقات من المسؤولين، ولدى مراجعتي بهذا الخصوص لمسؤول سوري رفيع المستوى كان الاستاذ علي جالس عنده وبعد مصافحة المسؤول تصافحت مع الاستاذ علي بحرارة فجذبنا إنتباه المسؤول السوري وسأل الاستاذ من اين تعرف هذا الرجل، فرد عليه ابو سردار قائلاً أعرفه منذ بداية عام 1966 حيث كان ممثلاً لإتحاد طلبة كوردستان في منطقة القوش واليزيدية وحضر مؤتمر قرداغ في السليمانية الذي كنت أشرف عليه، كما كنت ممثلاً للزعيم المرحوم مصطفى البارزاني آنذاك ولا اريد أن اذكر ماذا قال عني فكل ما أريد قوله كلام الاستاذ علي عزز من مكانتي لدى القيادة السورية وبدأت علاقتي مع الاستاذ علي منذ ذلك الحين، كنا نلتقي في بعض الأحيان بموعد أو بدون موعد، كما كان من مؤسسي تشكيل الثورة العراقية (وهو تشكيل يضم بعض أحزاب وشخصيات المعارضة العراقية وكان برآسة اللواء الركن حسن مصطفى النقيب) وكان ايضاً حزب بيت نهرين عضواً فيها، كما كانت في ذلك الوقت جبهة (جود/ الجبهة الوطنية الديمقراطية)- (جوقد/ الجبهة الوطنية القومية الديمقراطية) وهي تشكيلات أخرى لأحزاب المعارضة العراقية حيث كانت الاحزاب العراقية المعارضة الاخرى منضوية تحت لوائها بإستثناء الأحزاب الشيعية التي كانت منضوية تحت لواء المجلس الأعلى للثورة الإسلامية في ايران، وفي عام 1983 قدمتُ دعوة رسمية لزيارة سوريا من قبل قيادة قطر العراق لحزب البعث وبالتنسيق مع الحكومة السورية وتم تلبية الدعوة وحضر الى دمشق كل من سكرتير الحزب المناضل بنيامين بنجمن والمناضل عمانوئيل هرمز عضو المكتب السياسي، وفي تلك الاثناء حصلت عدّة لقاءات بين قيادة الحزب الاستاذ علي من أجل تعزيز العلاقة بيننا، وأقام لهم مأدبة عشاء في نادي الضباط بدمشق على شرف هذا الوفد، وتعززت علاقتي معه بشكل جيد حيث كنتُ دائماً أستغل فرص اللقاء معه للإستفادة من خبرته وتجربته الطويلة في كوردستان، كما وله مخزون من الوثائق والمعلومات حول أحزاب الحركة الوطنية العراقية وشخصياتها وغيرها، وفي كل لقاء يجمعنا كانت لي إستفادة بشكل ما لأني كنتُ أعتبره مرجعاً للكثير من القضايا في ذلك الحين، ولدى عودتي إلى مكتبي كنتُ أسجل بعض المعلومات التاريخية التي وردت في كلامه، وفي سياق إحدى اللقاءات تطرّق حول لجنة شؤون المسيحيين بصفته كان عضو اللجنة المركزية للحزب الديمقراطي الكوردستاني ومسؤول فرع أول للحزب الذي كانت مسؤولية منظمة بهدينان (محافظة دهوك) مناطة به، وكانت اللجنة تعمل ضمن تلك الحدود وبالتنسيق مع قيادة الفرع، حيث قال لي " لقد علمنا من مصادرنا في جهاز الباراستن (الأمن) بأن هناك خلافات بين أعضاء قيادة اللجنة تطورت إلى مرحلة التصفية، فقمنا بنقل المناضل عبد رزوقي إلى مقر البارزاني لتلافي تلك المشاكل"، هذا ما قاله لي، وان الاستاذ علي والحمد لله باقٍ على قيد الحياة متمنياً له العمر المديد ويعيش في سرسنك ممكن العودة إليه والتأكد من الخبر فإنني لم أختلق شيئاً من عندي وليس لي أو لغيري مصلحة بذلك، أكتفي بهذه النقطة عسى أن تفي بالغرض.
هذه النقطة تخص المشاكل بين أعضاء القيادة فسأسرد لكم هذه الحادثة وبإختصار شديد، كان المرحوم كوركيس ملك جكو رئيس لجنة شؤون المسيحيين في كوردستان الذي تم تعيينه من قبل المرحوم البارزاني مصطفى وهو إمتداد لقيادة شقيقه الشهيد هرمز ملك جكو، عندما استشهد هرمز ورفاقه في معركة آلوكا، بقيت تلك القوة من البيشمركة الآشوريين بدون مسؤول عسكري او قائد، وكنت حينها عضو منظمة الحزب التي كانت مسؤوليتها مناطة في ذلك الوقت بالمناضل حميد هومو "تيزى" وكان معه الشخصية المعروفة الياس ياقو حنو والتحقت معهم في دير الربان هرمزد (الذي كان خالياً آنذاك من الرهبان بسبب الظروف التي كانت تعاني منها المنطقة) لكوني مطارد من قبل رجال الأمن في ناحية القوش، ولا أريد أن أتطرق إلى أحوال المقر وإلى أين وصلت في تلك الفترة بعد غياب هرمز، لقد كان المرحوم حميد ميخا يحظى بإحترام كبير من قبل لجنة محلية الشيخان لحزب البارت، وكان مدعوماً بشكل كبير من السادة فاروق سعيد بك والسيد علي جوقي والسيد صالح نرمو مسؤول منظمة باعذرا آنذاك، أما الياس حنو فكان يحظى بإحترام كبير من لدن معظم رؤساء العشائر في المنطقة لإستشهاد إبنه البكر المرحوم حميد البالغ من العمر 22 سنة وكان أول شهيد من أهالي قصبة القوش من أجل الحركة الكوردية والإرث التاريخي لعائلتهم وعلاقاتها مع الأكراد ولا سيما السيد غازي الحاج ملو وأولاد شيخ نوري البيرسكاني وآخرين لا مجال لذكرهم، أما أنا فكنت مرافقاً للسيد الياس وحارساً له أينما ذهب وحلّ، وكنت مطّلعاً بكل ما يجري في المقر والإتصالات التي كانت تجري بين مقر قوة الشهيد هرمز واللجنة المحلية في الشيخان ومقر حسو ميرخان آمر هيز (لواء) في منطقتنا، واخيراً قررنا الذهاب الى مقر حسو ميرخان لحل هذه المشكلة فذهبنا الى قريتي ( بيري وباصفرى ) مقر قيادة حسو ميرخان دوله مري وتحدث الياس معه وبحضور مجيد أفندي عضو اللجنة المركزية للبارت والسيد حسين بابا شيخ من طائفة اليزيدية وملا خليل وملا طاهر ونوري حسين وآخرين لم اتذكرهم، وقال الياس بحالة عصبية موجهاً كلامه إلى حسو، هل ستتركوننا هكذا بدون مسؤول او قائد؟ والى متى ؟، وكان حسو بارد الاعصاب الى درجة كبيرة مستمراً بشرب الشاي والتدخين وكأنه لم يسمع كلامه، ثم نادى مرافقه المدعو عبد الرحمن وقال له إذهب إلى غرقة اللاسلكي واجلب برقية مقر البارزاني التي تخص هذه القضية، فجلب البرقية وسلمها بيد حميد ميخا وقال له إقرأها أمام الجميع وكانت البرقية تنص على :" إن مقر البارزاني ينتظر جواب السيد كوركيس ملك جكو لترشيحه بديلاً عن شقيقه " إنتهت، إطلعنا على تفاصيل الموضوع بدقة من خلال البرقيات الصادرة والواردة بهذا الخصوص وبعدها عدنا إلى دير الربان هرمزد الواقع على جبل القوش، وبعد فترة جاء السيد طليا شينو ممثلاً عن كوركيس ملك جكو، ربما كان لكوركيس علاقة مع بعض الفئات أو الجمعيات أو المنظمات الآشورية في ذلك الحين مثل منظمة الشبيبة الآشورية ولكن لم يكن لها أي دور في العلاقة الوطيدة التي كانت بين مقر البارزاني وعائلة ملك جكو وخاصة العلاقة المتميزة مع المغفور له الشيخ أحمد البارزاني حيث كان هرمز يحظى بدعم خاص ومتميز وبلا حدود من المرجعية الدينية العليا لجميع العشائر في منطقة بارزان بسبب العلاقات التاريخية بين عائلة الشيخ أحمد وعائلة ملك جكو، وبعد فترة جاء السيد طليا شينو ومعه كتاب من مقر البارزاني يؤكد على انه خليفة إبن عمه الشهيد هرمز، في تلك الفترة جاء إلى المقر في الدير السيد رشيد عارف أتروشي كان مسؤول لجنة محلية الموصل لحزب البارت وبقي هو المسؤول السياسي في المقر، كما أن حميد ميخا كان قد عيّن وكيل مدير ناحية أتروش وانسحب إلى مقر لجنة محلية الشيخان ، وإن رشيد عارف إستدعي إلى مقر الفرع في قرية شاوريكي قرب دهوك لحضور إجتماعات الفرع ولم يعد الى المقر حيث أنتخب عضواً عاملاً في مقر الفرع وأنيط بالمسؤولية السياسية للمقر بالسيد الياس حنو لكنه رفضها وقال ان صحتي لا تساعدني على إتخاذ هذه المسؤولية ومتابعة نشاطات المقر وإنني مستعد لتقديم المساعدة الى الأخ داؤد برنو (كاتب المقال) في حالة تكليفه بهذا الواجب، أكتفي بسرد هذه الأحداث ليستخلص القاريء مدى العلاقة القائمة بين العائلتين وأعود الى موضوعنا الرئيسي.
لدى وجودي في اميركا كنت أحاول اللقاء مع السيد كوركيس ملك جكو ولكن دون جدوى وكنت قد إلتقيت به في بعض المناسبات العامة لكن لم يتسنى لي البحث الجدي حول بعض القضايا التي كانت تشكل محور نشاطه في لجنة شؤون المسيحيين عندما كان قائداً لها، وقبل وفاته بحوالي سنة طلبت من أعضاء في قيادة حزب بيت نهرين أن يؤمنوا لي لقاءاً خاصاً معه لأسجل الملاحظات المهمة حول تجربته في اللجنة، وتم الاتفاق على الموعد وذهبت برفقة إثنين من أعضاء المكتب السياسي للحزب وهم كل من بنيامين بنجمن وكليانة يونان، وطلبت منهم أن يفسحوا لي المجال للجلوس قريباً منه للتحدث معه على إنفراد وفعلاً تحقق ما أردته وكان كوركيس ممدداً على السرير واستقبلتنا زوجته السيدة ميري كعادتهم ببالغ الإحترام، فجلست عند رأسه أما الأخوان فكانوا منسجمين مع العائلة، فتبين لي أن بينهم علاقات إجتماعية وطيدة، تحدثت معه حول كل المراحل المهمة في تجربته فأعطاني الجواب الوافي والشافي، وطلبت منه أن يبين لي رؤيته لمستقبل شعبنا وأمتنا، فقال لي ان شعبنا الآشوري سيحقق أهدافه حتماً لا محالة وإنني مؤمن بذلك ولكن متى !!؟ فهذا يعتمد عليكم ومرهون بنشاطكم وتضحياتكم، وأخيراً طلبتُ منه أن يتصالح مع المناضل ايشابا إيشو المسؤول العسكري في لجنة شؤون المسيحيين فأجابني لماذا تطلب مني هذا الطلب، هل هو كلفك بذلك؟، قلت له كلا لكنني مثلما أحترمك فكذلك أحترمه لأني أعرفه مناضلاً قديماً وإن القضية الآشورية معلّقة على عنقه أينما ذهب، فأجاب قائلاً إذا أراد زيارتي فأنا لن أرفضه ولكن هناك كما تعرف عادات وتقاليد في عشيرتنا وعائلتنا بالذات لا أستطيع تجاهلها وعليّ الإلتزام بها، ولحد الآن لا أعرف إن كانا قد تصالحا وهذا ما أتمناه أم لا، تحدّث الكثير عن العلاقات بين أعضاء القيادة وبأمانة ولكن كنتُ لا أكاد أصدق بعضها، ومن البديهي أن يتكون لي إستنتاجات بأن هذه اللجنة لم تحقق أهدافها، فأي مشروع لم يحقق أهدافه أو بعضاً من أهدافه يعتبر فاشلاً ولا يعني أن القائمين عليه هم الفاشلين، إن أكثر الحركات السياسية تمر بمراحل عصيبة ونكسات وإخفاقات والأسباب قد تكون خارجة عن إرادتهم وخير دليل على ذلك إتفاقية الجزائر المشؤومة 1975، ومن خلال ما جاء أعلاه يتبين للقاريء الكريم كم كانت الخلافات عميقة بينهم، أما الدراسة التي إعتمدتها حول مصير هذه اللجنة وهنا أشير الى كيان لجنة المسيحيين كمؤسسة سياسية وعسكرية للمسيحيين في كوردستان، حيث كان لها مئات المسلمين المقاتلين بإسم المسيحيين ولم يستخدموا أبداً كلمة آشوري أو كلداني أو سرياني الى غير ذلك من التسميات القومية، فمنذ عام 1975 إنهارت الحركة الكوردية وإنتهت اللجنة ولم يبق لها أي دور يذكر، فبالنسبة إلى رئيس اللجنة السيد كوركيس سافر وعائلته إلى شيكاغو واستقر هناك ولم يواصل أي نشاط سياسي ملموس فكان كغيره من الشخصيات الآشورية في شيكاغو، ربما صحته حالت دون ذلك أو لأسباب نجهلها، أما السيد عبد رزوقي فرجع إلى العراق من ايران وأعيد إلى وظيفته في التدريس ولم يمارس أي نشاط سياسي يُذكر، والسيد ايشابا إيشو وهو الذي واصل نشاطه من خلال الاتحاد الآشوري العالمي (A.U.A.) ومن ثم قام بتشكيل تنظيم سياسي إمتداداً لنضاله السابق في الحزب الشيوعي حيث كان أحد القادة البارزين في صفوف أنصار الحزب الشيوعي العراقي ومارس نشاطه في منطقتنا "القوش" ولم نسمع منه أبداً أنه إمتداداً لتلك اللجنة أو ينطق بإسمها، ولم يبقَ لتلك اللجنة أية علاقة بالقضية الكوردية ولو كان لها أي أثر لظهر بعد ان إستأنفت الثورة الكوردية الكفاح المسلح عام 1976 (القيادة المؤقتة)، ومرت الثورة الكوردية بمراحل عديدة منذ ذلك الحين وحتى عام 1991، كانت منظمات آشورية تعمل جنباً إلى جنب مع الحركة الكوردية ولم نسمع من أحد هؤلاء في تلك الأحزاب والمنظمات بأنه إمتداد لتلك اللجنة أو من بقاياها، وبعد عام 1991 بدأ الاقليم بتشكيل مؤسسات السلطة من برلمات وحكومة (وزارات) والبنية التحتية للدولة، ولم نجد أحداً من تلك اللجنة مشتركاً ولو بإحدى هذه المؤسسات وحتى سقوط النظام في 9/4/2003 ، وبعد أن أصبح الإقليم شبه دولة منذ عام 2004 وبموجب الدستور الجديد الذي يقر بتقريرالمصير وحتى هذا اليوم لم نسمع أو نلمس أي نشاط لتلك اللجنة، فأين هو نجاحها وما هي الاهداف التي حققتها، لا أعرف كيف تقيّمون النجاح والفشل وهل هذه تجربة ناجحة؟، أكتفي بهذا القدر من الإيضاح متمنياً أن أقرأ ردكم في موقع عينكاوا الذي يقدم هذه الخدمة مشكوراً لأبناء شعبنا وبكافة تسمياته في جميع أنحاء العالم، وأشكر القيادة البارزانية لتشكيلهم تلك اللجنة، كما وأشكر قيادة تلك اللجنة وكل من عمل فيها، إنها حقاً تجربة لا تخلو من الإيجابيات والسلبيات ولا بد من تقييمها والإستفادة منها من أجل المضي قدماً نحو تحقيق تجربة أفضل، الطريق طويل وشائك نحو الهدف المنشود وقضيتنا بحاجة إلى كافة الجهود مهما كانت ومن أين أتت لأن التهاون في هذا المجال هو خسارة للجميع والعمل الدؤوب هو الذي يحقق النجاح للجميع فكلنا في قارب واحد ولنا مستقبل واحد ومصير مشترك، إن التحديات كثيرة فلا بد أن نكون مؤهلين لها، وإن الخلافات والاختلافات يجب أن تؤجل الى حين آخر لنكرس جل إهتمامنا بالقضايا المصيرية التي تواجهنا الآن خاصة بعد أن شاهدنا رجال ديننا يُهددون من جهات مجهولة ويذبحون في الشوارع في الموصل وبغداد، وشعبنا يهجّر قسراً من البصرة وبغداد والموصل، إنها أصعب مرحلة يمر بها شعبنا في تاريخه فلا بد من توحيد العمل المشترك للجميع نحو الهدف المشترك في إستحداث إدارة ذاتية للمسيحيين بكافة تسمياتهم في سهل نينوى، وبتحقيق هذا الهدف نكون قد أنجزنا شيئاً مهماً لشعبنا في تحقيق أمنه وسلامته.

106
هل تعرف سركيس آغاجان يا سيدي
[/b][/color]


بقلم داود برنو

اتابع بجدية ما ينشر في موقع عينكاوا وربما معظمه، لكون هذا الموقع يشكل المصدر الاهم والرئيسي للاطلاع على اخبار شعبنا المسيحي من الآشوريين- الكلدان- السريان وبكافة تسمياتهم في العالم ، والاحظ بين الحين والآخر مقالاً يتهجم على هذا الشخص وفي بعض الاحيان يتهمه ومن بعض الجهات بتهمه العمالة للاكراد ولا سيما للقيادة البارزانية التاريخية للشعب الكوردي، بدون مبرر ودون الاستناد الى اي دليل، ولا نعرف ما هي الحكمة من استهداف هذا الشخص او نهجه الذي ليس إلا عبارة عن تقديم الدعم والخدمات لشعبنا المسيحي بكافة تسمياته القومية في كوردستان، ومن دون اية تفرقة، وبالمقابل ليس له اي مطلب من هذا الشعب كما هو حاصل للمنظمات والاحزاب السياسية التي دائماً تطالب الشعب وتاخذ منه ولا تعطيه إلا الوعود الكاذبة وتاريخ العراق يشهد على ذلك لا سيما بعد ثورة 14 تموز 1958 والى يومنا هذا، ان هذا الشخص قدم لهذا الشعب من الآشوريين والكلدانيين والسريان ما لم يقدمه أحد على مرِّ تاريخنا المعاصر من المساعدات والخدمات وغيرها وفي كافة المجالات، ولا يمكن لأي جهة مهما حاولت من تظليلها او تجاهلها بالرغم من المحاولات الكثيرة التي لم ولن تلقَ صداً لدى شعبنا المسيحي لا بل العكس من ذلك، فان الامتداد الشعبي لهذا الشخص يزداد باطراد فاصبح مناراً لحزب الآخرين، فبدلاً من التضامن مع هذا الشخص فانهم يتهجمون عليه ويحاولون الغاء أو تهميش دوره، وهو الذي يملك الرؤيا الصحيحة والواضحة لمستقبل هذه الامة بالرغم من ان هناك بعض الافراد من هؤلاء لهم التزامات سياسية مع هذا الطرف او ذاك، لكنني اجزم بانهم لا يعرفون شيئاً عن تاريخ هذا الشخص وتاريخ عائلته المحترمة، او ربما يكونون حاقدين عليه وعلى نهجه الانساني لانه سحب البساط من تحت اقدامهم وجعل من بعض المنظمات السياسية هياكل فارغة مجردة من شعبيتها مما ادى الى فقدان وعيهم وادراكهم وانكشفت حقيقتهم كما هي وليس كما كانوا يدّعون بها من خلف تلك الشعارات البراقة ولحقبة زمنية طويلة.
لست صحفياً ولا كاتباً محترفاً لكي اردّ عليهم بالمثل وبعبارات منمقة وجميلة انما سأسرد بعض الاحداث وبشكل متواضع وباختصار شديد من منطلق الحرص على تجلي الحقيقة وليثبتها التاريخ، ان التاريخ كما هو معلوم ذاكرة الاجيال القادمة كما ان معرفتي بهذا الشخص ليست عن قراءة وتحليل وانما عن معايشة ومتابعة في الميدان، ولتجنب المشادات الكتابية التي نحن بغنى عنها ولا جدوى منها إرتأيت ان اقوم بواجبي تجاه هذه الشخصية المرموقة وتجاه ضميري وان ابين موقفي مما يحصل، اما اذا كان هناك ممن يصر على رأيه فليتفضل ويقدم لنا البديل العملي والواقعي الافضل وليس الاكتفاء بالتنديد والتجريح وطرح مشاريع نظرية خيالية غير قابلة للتطبيق ولا تلقى قبولاً من احد في هذه المنطقة، ومن هذا المنطلق ادعو الجميع ان يتم تركيز نشاطهم على مشروع وحدة المسيحيين في العراق ووحدة المشروع القومي المتكامل من خلال اصطفاف الجميع في جبهة موحدة قادرة على الحياة وقادرة على التعايش مع محيطها الكوردستاني بحيث تصبح احدى مكوناته الاساسية إسوة بالقوميات الاخرى، وهذا يتطلب منا التخلي عن التعصب القومي والعشائري والجغرافي والتمسك باهداف هذا الشعب مهما كانت الصعوبات والتضحيات وتبقى الوحدة القومية المنشودة هي هدف الجميع من الآشوريين والكلدانيين والسريانيين، وما علينا إلا ان نكن كل الاحترام والتقدير للجهود المبذولة من قبل بعض الشخصيات الوطنية والقومية التي تعمل ليلاً ونهاراً من اجل رفع المعاناة عن شعبنا المسيحي في العراق ولا سيما في هذه المرحلة الدقيقة والصعبة جداً التي يمر بها وطننا وشعبنا العراقي والذي يقترب من حافة الحرب الاهلية التي بدأت مؤشراتها تظهر للعنان، انها المرحلة الحاسمة التي ستؤثر على مصير هذا البلد وهذا الشعب الذي نحن جزء منه ولكننا مهمشين فيه، وفي مقدمة هؤلاء الاشخاص الاستاذ سركيس آغاجان ، وهنا سأسرد لكم بعض الاحداث التي حصلت في الماضي القريب وبقدر علاقتي بالموضوع من خلال معايشتي لفترة محدودة قريباً من هذا الشخص ولم اكن اعرفة اثناء تلك الحادثة.
في بداية عام 1981 كنت ضيفاً في مقر المكتب السياسي "م.س" للحزب الديمقراطي الكوردستاني "حدك" كغيري من ممثلي الاحزاب والمنظمات السياسية المعارضة للنظام في العراق آنذاك، كان هذا المقر يقدم للجميع الدعم والمساعدة المتيسرة لديه لهؤلاء الضيوف لتمكينهم من القيام بنشاطهم السياسي والعسكري كلٌ حسب برنامجه السياسي لكن الجميع كانوا يشتركون في هدف رئيسي واحد وهو اسقاط النظام الدكتاتوري في بغداد، كنت عضواً في حزب بيت نهرين الديمقراطي الآشوري الذي كان معظم قيادته في مدينة شيكاغو آنذاك وكنت ممثلاً لهم على الساحة العراقية وفي المنطقة.
لقد كانت هيئة المكتب السياسي لـ "حدك" تشغل بناية مدرسة ذات غرف عديدة في قرية راجان الواقعة في محافظة اورمية وباتجاه الحدود العراقية مع ايران، وأُعطيت لي احدى الغرف لأقيم فيها فترة بقائي هناك، كانت بجانب غرفة المقدم الركن عزيز عقراوي الذي كان العضو القيادي السابق للمكتب السياسي لـ "حدك"، كنا نقضي معظم الوقت سوية وكلانا كنا ضباطاً في الجيش العراقي مما عزز العلاقة بيننا بالاضافة الى انه كان يرتبط بعلاقات عائلية وطيدة جداً مع عائلة اللواء اسعد متي عقراوي الالقوشي الذي كنت من المقربين له، لقد كنا دائماً نناقش الاحداث السياسية التي تحصل في المنطقة ونتابعها بدقة متناهية، كانت حالة من الرعب والخوف تسود المنطقة في ظل النظام الايراني الجديد، ففي تلك الفترة كانت تجري اشتباكات متفرقة بين قوات الحزب الديمقراطي الكوردستاني الايراني بقيادة الدكتور عبد الرحمن قاسملو وقوات الحكومة الايرانية الجديدة التي لا تعترف بحقوق القوميات، وفي بعض الاحيان كانت تحصل مواجهات مع القوات التركية ايضاً وفي منطقة المثلث التركي- الايراني- العراقي، كما كانت القيادة التركية تتخوف من امتداد نشاط هذا الحزب الى القرى الكوردية المتمركزة على الحدود مع ايران، في ذلك الوقت كان عدد معين من كوادر واعضاء حزب العمال الكوردستاني "P.K.K" يشاركون في دورات سياسية مكثفة كان يعدّها "م.س" لـ "حدك" لتاهيلهم للقيام بمرحلة جديدة من النضال السياسي والعسكري في كوردستان تركيا من اجل نيل حقوقهم القومية المشروعة، وهنا القي الضوء على حادثة لها علاقة بالاستاذ المناضل سركيس آغاجان او "رابي سركيس".
في عام 1979 كان قد تم انتخاب الاستاذ مسعود البارزاني وبالاجماع رئيساً للحزب من خلال مؤتمر الحزب الذي عقد في ايران خلفاً لوالده المرحوم الملا مصطفى البارزاني، وكان يركز معظم نشاطه وجهوده في تلك الفترة على القضايا السياسية لا سيما تجديد بناء كيان الحزب سياسياً وعسكرياً وخاصة ما يتعلق بقوات البيشمركة الثوار وتعزيز مكانتها في المنطقة، وكان له توجه رئيسي ايضاً نحو تعزيز العلاقة مع النظام في سوريا لكسر الحصار السياسي الذي كان مفروضاً عليه من قبل الاعداء وغيرهم في ذلك الوقت الذي كان يعاني منه وان الاسباب كانت معروفة للجميع، ان سوريا كانت المنفذ الوحيد للوصول الى الساحة السياسية للمعسكر الاشتراكي آنذاك، بالاضافة الى علاقة سوريا مع ليبيا واليمن الجنوبية، اما القضايا الاخرى المتعلقة بايران وغيرها كانت مناطة بشقيقه الاكبر المرحوم الشهيد ادريس البارزاني، هذا ما كان يظهر لنا فعلياً، في تلك الفترة كان الجنرال الايراني قائد الفرقة 63 المسؤولة عن استتاب الامن في منطقة شمال غرب ايران وبالتحديد المنطقة الكوردية التي تسمى مهابات، وقد استدعى هذا القائد السيد ادريس البارزاني الى مكتبه وكان الجميع يراقب هذا الحدث باهتمام بالغ وكان ادريس يتنقل بين قيادة "م.س" والقيادة الايرانية، في بعض الاحيان تأتي طائرة هليكوبتر لتنقله واحيان اخرى تأتي سيارة اللاندروفر لتعيده الى مقره في قرية راجان وكان الجميع في حالة من القلق الشديد حيث ان الوضع كان غير طبيعي ولا احد يعرف ماذا سيحصل حتى الاعضاء في قيادة "حدك" لم يتسنى لهم مقابلة ادريس في تلك الفترة لمعرفة ماذا يجري، كان الجيش الايراني يتراجع امام ضربات وانتصارات قوات "حدك" الايراني بقيادة الدكتور عبد الرحمن قاسملو حيث كانت الفوضى تسود المنطقة بكاملها بالاضافة الى ان الحرب العراقية الايرانية كانت قد اشتدت اوزارها وكان الجيش العراقي يحقق انتصارات على الاراضي الايرانية وان الطيران العراقي كان يدخل العمق الايراني ليقصف القرى والمجمعات للاجئين الاكراد في ايران وكان الوضعُ متوتراً جدا،ً حيث كانت حالة الخوف والرعب تسود المنطقة، وكنت مع عزيز عقراوي وأخرين في القيادة الكوردية نتابع الاحداث بتفاصيلها ومستجداتها يوماً بعد يوم وساعة بعد ساعة، كنا نراقب ونشاهد ادريس البارزاني يستصحب معه شاباً لم يتجاوز العشرين من عمره لحضور تلك اللقاءات حيث كان البعض يعتقد بأن ادريس يستصحب معه ابنه وبعد التأكد تبين لنا ان الذي يرافق ادريس لمقابلة القادة الايرانيين والاتراك هو الشاب السيد سركيس آغاجان، ولما سأل البعض من المراقبين معنا عن سبب ذلك ، قالوا لنا انه يتقن اللغات الكوردية والعربية والتركية والفارسية قراءة وكتابة بالاضافة الى لغته الاصلية الآشورية، حتى ان الزعيم التركي لم يصدق بان سركيس ليس من المواطنين الاتراك عندما كان يترجم بينه وبين السيد ادريس حيث كان معجباً به وبمؤهلاته، وفي تلك الاثناء ونحن نراقب مشهد السيد ادريس ومعه سركيس كانت تدور نقاشات بيننا فقال احد الحاضرين لماذا لم يتم استصحاب الدكتور كمال كركوكلي مع ادريس فهو كوردي وعضو قيادي ودرس في كلية الطب بتركيا فانه يتّقن اللغة التركية جيداً، فرد عليه عزيز عقراوي قائلاً اطمئن يا اخي ان ابو العباس "ادريس" يعرف ماذا يوجد تحت الارض التي نقف عليها الآن انني اعرفه جيداً وعملت تحت قيادته سنين عديدة وانني معجب به وبقدرته على حل جميع الازمات فهو يعرف جيداً كيف يدير المفاوضات مع الايرانيين والاتراك والعراقيين وغيرهم فان تجربته غنية بذلك، فهذا لا يهمك المهم ان نعرف الان ما هي مطالب الايرانيين من عندنا وماذا نستطيع ان نقدم لهم وهل لنا القدرة على ذلك؟، وفي تلك الاثناء كان سركيس يعود الى مقر "م.س" وكنا نلتف حوله لربما يترشح منه شيئاً من المعلومات حول ما دار في الاجتماع فكان يرفض مجرد الحديث عن تلك اللقاءات، كما كان من الصعب جداً على اعضاء القيادة مقابلة ادريس لانه كان منشغلاً بلقاءاته المتواصلة مع قادة البيشمركة وهذا ما كان يزيد من قلقنا، كان الجميع في حيرة يفتش عن قناة لمعرفة المعلومات حول ماذا يجري الآن وما هو مصيرنا، وبعد يومين علمت من عزيز عقراوي انه حصل على معلومات من السيد ادريس مباشرة تقول ان الحكومة الايرانية وضعت القيادة الكوردية على المحك وامام خيارين لا ثالث لهما اما القتال معنا ضد جماعة د. قاسملو او تسليمهم الى صدام حسين وهذه لو حصلت لا سمح الله ستكون نكسة اخرى لا مثيل لها في تاريخ الكورد فاذا فقدنا القيادة التاريخية لشعبنا فماذا يبقى لنا، انها حقاً مأساة، انها ستكون اسوأ من اتفاقية الجزائر المشؤومة عام 1975 وتداعياتها على الشعب الكوردي ولا اريد هنا ان اتطرق الى تلك الاشتباكات ولكن فعلاً شارك قسم من قوات البيشمركة في مطاردة قوات "حدك" الايراني بقيادة عبد الرحمن قاسملو وكان قائد تلك الحملة البارزاني علي خليل خوشوي وهو من ابرز القادة الاكراد، اما القائد التنفيذي لتلك العمليات فكان الضابط المعروف بكفائته بابكر احمد زيباري وهو ابن اخت علي خليل خوشوي، حيث كان قائد لثلاث الوية "هيزات" من قوات البيشمركة، وان هذا الضابط يمتلك من الشجاعة وعناصر القيادة من الصعب ان نجدها عند غيره من القادة العسكريين، وله بال طويل في هذا المجال، وبعد تلك المطاردة تم ابعاد جماعة قاسملو عن المدن والطرق الرئيسية، واتذكر احد البيشمركة القدامة اصيب في تلك المعارك في يده وهو المناضل خالد شلي، وعبّر الرئيس مسعود البارزاني عن اسفه لتلك الاحداث، واشاد بدور البيشمركة البطولي في انهاء تلك الازمة وبنجاح، وبهذه المناسبة اود الاشارة الى موقف بابكر الشجاع من احدى الحوادث التي حصلت لي في تلك الفترة.
لقد كان حزبنا (حزب بيت نهرين الديمقراطي الآشوري) حليف للحزب الديمقراطي الكوردستاني ويعمل بالتعاون مع قيادة "حدك" وكان مشروعنا حول الكفاح المسلح في كوردستان كبير جداً لا يقتصر على مجموعات صغيرة هنا وهناك انما كان توجهنا الى اعداد قوة عسكرية تضاهي قوة الاحزاب المعارضة العراقية الاخرى وتكون مدعومة مادياً وعسكرياً من قبل جبهة الثورة العراقية التي كان حزبنا عضواً فيها وبقيادة اللواء لبركن حسن مصطفى النقيب، على ان تعمل تلك القوة في ايطار قيادة "حدك" وبالتنسيق معها، كانت تربطني مع اللواء حسن علاقة جيدة ومتميزة لانني كنت قد عملت كضابط في احدى الوحدات التابعة لقيادته على الجبهة عام 1969- 1970، وعلى كل حال لا اريد هنا ان اتطرق الى قضايا نحن لسنا بصددها الآن حول ذلك الدعم وعن الاطراف التي تراجعت عن موقفها، في تلك الفترة كنت اتنقل بين ايران وسوريا وكان مقر اقامتي في دمشق لتامين مستلزمات ذلك المشروع الكبير، كان من المفروض والمتفق عليه ان احصل على موافقة من القيادة الكوردية لكل عمل مهم اقوم فيه داخل كوردستان مما كان يتطلب من مراجعة الرئيس مسعود في كل قضية مهمة، في تلك الفترة كنت اتنقل بين مقر الرئاسة والمكتب السياسي لـ "حدك" قرب الحدود العراقية في قرية مهجورة تقريباً، ذهبت الى هناك لمقابلة الرئيس مسعود، وصلت في الساعة السادسة مساءاً تقريباً وطلبت من سكرتير الحزب علي عبد الله ان يسمح لي بمقابلة الرئيس لمدة لا تتجاوز خمسة دقائق، رد عليّ كعادته قائلاً ان الرئيس مشغول ونحن في حالة حركة وكل المقابلات متوقفة وسندخل كوردستان بعد يومين يمكنك ان تقابله هناك بعد ان نعبر الحدود العراقية في موضع مشهور عند البيشمركة يسمى "كلّه شين" وهي عبارة عن صخرة كبيرة جداً حمراء اللون على الحدود بين العراق وايران، كان في مقر القيادة آنذاك ومن حسن الحظ المناضل رشيد عارف اتروشي عضو اللجنة المركزية لـ "حدك" وهو صديق قديم لي حيث كان مسؤول تنظيمات الحزب في منطقة الشيخان والثوش في عامي 1965- 1966 وكنت آنذاك مسؤول اتحاد طلبة كوردستان في ثانوية القوش، وهو الذي رشحني لحضور مؤتمر اتحاد طلبة كوردستان في قصبة قرداع – السليمانية ممثلاً عن الطلبة المسيحيين واليزيديين في منطقة القوش، سافرت مع الاخوان مسؤول منطقة بهدينان للطلبة الاكراد الصديق العزيز الاستاذ كريم قندي والسيد عبد الرزاق كرماوي والسيد مصطفى عبو، كنت سعيداً بحضور ذلك المؤتمر ولقائي مع الاخ رشيد وهو ايضاً كان مرحّباً بي كثيراً، اخبرت رشيد بموقف علي عبد الله تجاهي فقال لا تهتم انا لوحدي في هذه الخيمة وكل شيء متيسر لدينا من المنام والاكل والسكائر وانني اريد ان اتذكر تلك الفترة التي قضيتها في القوش ضيفاً عند صديقي العزيز ابو الشهيد السيد الياس ياقو حنو حيث كان ابنه البكر حميد وعمرة 22 عاماً اول شهيد من ابناء القوش في عام 1963 مع الحركة الكوردية، على كل حال جلست في خيمة رشيد وكان رجلاً مسناً من اهل تلك القرية يسرد الاحداث التي مرت عليهم اثناء الحرب العالمية الاولى، سألني رشيد هل تعرف هذه القرية لمن فقلت كلا، فقال انها لسمكو شكاكي رئيس عشيرة الشكاك وهو الذي غدر بمار شمعون ومرافقيه عام 1916 واستمعت الى تفاصيل تلك الاحداث كما رواها لنا انها حقاً كانت مأساة، كانت فتنة تدخلت فيها اطراف دولية، وفي تلك الاثناء جاء الى الخيمة السيد بابكر زيباري مرحّباً بوجودي ضيفاً عندهم ودار حديث بيننا، وعندما علم بموقف السيد علي عبد الله غضب بشدة ومسك يدي واستصحبني معه الى خيمة الرئيس البارزاني امام انظار الجميع وقدمت طلبي له ونحن في حالة وقوف، فمسك بقلمه وأشّر على جميع النقاط بالموافقة وهذا ما كنت اتوقعه منه دائماً فلم اقدم له طلباً إلا ووافق عليه، فشكرت بابكر وعدت الى خيمة صديقي رشيد، وفي حوالي الساعة الثامنة مساءاً جاء بابكر الى خيمتنا ليتأكد من تامين المنام لي فسألني عن المكان الذي انام فيه فقلت له في الحقيقة لا ارغب البقاء هنا هذه الليلة واريد العودة الى قضاء اشنوة الذي كان فيه مقر المرحوم الشهيد فرنسو حريري، فتدخل رشيد قائلاً ان الطريق وعراً جداً وغير مبلط وان جماعة قاسملو منتشرين في المنطقة فانها حقاً مجازفة وبدأ يمزح رشيد قائلاً الى بابكر وبعض الاخوان الجالسين ان كاكا داود لا يريد ان ينام في هذه القرية لانها تفود الى سمكو الشكاكي الذي قتل رئيسهم الديني البطريرك الآشوري مار شمعون، فقلت للسيد بابكر انني في الحقيقة لا اريد البقاء في هذه القرية بسبب كثرة البعوض ليلاً ونوعيته المشهورة التي تساعد في نقل مرض الملاريا الى الانسان بسرعة واهل القرية يؤكدون ذلك، اما بالنسبة الى البطريرك وهذا رأيي الشخصي انه كان لنا الرمز وهذا يعني الكثير بالاضافة الى كونه الرئيس الديني والدنيوي لشعبنا الآشوري اينما كان وكان من الجالسين معنا بعض من اكراد ايران وهم شيعة فقلت كما تقولون ان الحسين هو سيد الشهداء فنحن نقول ان مار شمعون هو سيد شهداء الجنة ايضاً وفي تلك الاثناء سألني بابكر اذا ما زلت أرغب في ترك القرية والعودة الى "اشنوة" فقلت له نعم انني احبذ ذلك فجاء حالاً بسيارته البرازيلي ومعه الحماية كانت الساعة وقتها حوالي الثامنة مساءاً فاوصلني بنفسه الى المكان الذي اردته في قضاء اشنوة بالرغم من الاضطراب الامني الذي كان يسود المنطقة، واعود هنا الى موضوعنا الاصلي الذي يتعلق بالشخصية الآشورية المناضلة الاستاذ سركيس آغاجان واقول هنا للجميع ان هذا الشخص لم يأتِ من الفراغ  ولم يظهر امامنا فجأة على الساحة السياسية ولا احد من شعبنا يستطيع ان يزيد عليه ولا سيما هؤلاء الذين ينتقدون فقط وهم يعيشون في اوروبا واميركا واستراليا، فإذا كانوا حريصين على حقوق شعبنا ومصيره فليتفضلوا الى الوطن ليشاركوا معنا وليعرفوا الحقيقة وعند ذلك سنكن لهم ولكتاباتهم كل الاحترام والتقدير، فهم سيكونون على بيّنة بكل ما يتعلق بشعبنا الآشوري- الكلداني- السرياني خاصة في هذه الضروف الصعبة والقاهرة.
لقد كان الاستاذ سركيس منذ صغره يعمل في مقر قيادة "حدك" وشارك وساهم خلال هذه الفترة الطويلة بأحداث كثيرة والتي تشكل محطات مهمة في تاريخ شعب كوردستان عامة ونحن المسيحيين يزيدنا فخراً واعتزازاً ان يكون لنا شخصية مثل الاستاذ سركيس آغاجان لما له من تجربة سياسية غنية وفريدة من نوعها الذي نكن له كل الاحترام والتقدير، ومنذ ذلك الوقت اي منذ عام 1980 كانت القيادة الكوردية قد إختارت هذا الشخص لانها تدرك جيداً من هو سركيس آغاجان، وان موقعه الآن لا يدع مجالاً للشك على ان اختيار القيادة الكوردية له ومنذ ما يتجاوز ربع قرن كان صحيحاً وفي محله المناسب، وهذا دليل آخر على عبقرية القيادة البارزانية التاريخية في قيادة شعب كوردستان الى بر الامان وفي تحقيق اهدافهم المنشودة في الحرية والاستقلال.

107
القيادة البرزانية رمز الوفاء والعطاء



بقلم داود برنو

ثلاثة رجال قضي نحبهم كانوا يعملون مع الحركة الكوردية ولفترة زمنية طويلة، ومن الواجب علينا ذكرهم وتقييم دورهم بقدر ما يتيسر لدينا من المعلومات والاحداث من خلال العلاقة الشخصية التي كانت تربطني بهم، ومن الضروري القاء الضوء على موقف القيادة الكوردية منهم، وقبل الولوج في صلب الموضوع لا بد من الاشارة الى بعض المقدمات التي لها صلة بالموضوع، كما ونشيد بنضالهم وتاريخهم البطولي وهم كل من المحامي والكاتب جرجيس فتح الله والكاتب يونان هرمز والسيد فرنسوا حريري، وهؤلاء لهم ميزة خاصة عندنا لانهم عملوا مع الحركة التحررية الكوردية وفي مجالات عدّة، وكرسوا حياتهم من اجل تحقيق اهداف وطموحات الشعب العراقي في كوردستان في ظل قيادته التاريخية الحكيمة بزعامة الاسرة البارزانية المناضلة وفي طليعتهم المغفور لهم الخالدين الملا مصطفى البارزاني ونجله ادريس البارزاني، ومنذ عام 1979 بعد وفاة البارزاني مصطفى، استلم قيادة الحزب والثورة رسمياً الاستاذ مسعود البارزاني بعد ان كان رئيساً للقيادة المؤقتة التي شكّلها عام 1976 في كوردستان العراق، كان يعاونه شقيقه ادريس البارزاني حيث كان للشهيد دور بارز في قيادة الثورة الكوردية منذ عام 1970 وانيطت به الكثير من المسؤوليات بسبب تعاظم دور الحركة التحررية الكوردية اقليماً وعالمياً، وازداد دوره ومسؤولياته بعد غياب والده المرحوم مصطفى البارزاني.
ولا بد هنا ان اشير الى ان هذه القيادة تعرضت الى الكثير من الهجمات من الاعداء والاصدقاء، بالاضافة الى الانشقاقات الداخلية، فمنذ بداية الستينات حدث الانشقاق الاكبر بقيادة ابراهيم احمد- جلال الطالباني، وبعد عام 1975 التي تخللها اتفاقية الجزائر المشؤومة انشقت مجموعات صغيرة من القيادة السياسية ولولا وجود المرحوم ادريس في قمة القيادة وحضوره الدائم في منطقة الصراع (كوردستان) لما كان الوضع على ما هو عليه الآن، حيث اجهض جميع المخططات التي كانت تستهدفهم، وهذا الشيء ربما لا يعرفه الكثير من السياسيين.
كما واني اشيد بدور الاستاذ المناضل مسعود البارزاني في تلك الفترة والذي كان يوازي ويكمّل دور شقيقه الاكبر، كان عملهم يسير بتنسيق وتعاون وفق آلية واحدة وبإتجاه الهدف الواحد ولا يمكن التفريق بينهم ابداً، وكان هناك عنصر ثالث في هذه القيادة مخفي وغير ظاهر للعيان يراقب عمل هذه القيادة ويعمل على تعزيز وحدتها ومنهجها السياسي والعشائري ويقدم الدعم المادي لها وهي السيدة الاولى والدة الاستاذ مسعود السيدة (حماي) زيباري ولا بدّ للشعب الكوردي من ان يقيّم دورها الايجابي والفعال في تلك المرحلة.
ولقد صرح الاستاذ المناضل مسعود لدى انتخابه رئيساً للحزب في المؤتمر الذي انعقد عام 1979 في ايران وامام القيادة الجديدة المنتخبة قائلاً لهم: انني مستعد للتخلي عن هذا الكرسي الذي اجلس عليه لشقيقي الاكبر ادريس متى ما يشاء، هل توافقون على ذلك؟، فرد الجميع وبالاجماع نعم نوافق، هكذا كانت العلاقة داخل هذه القيادة كما وصرح مسعود ايضاً: لو كان هناك اي اعتراض على هذا الموقف فأنا مستعد للتخلي عن هذه المسؤولية لغيري.
لقد تطرقتُ الى هذه المقدمة بسبب تعلق موضوع هؤلاء المناضلين بهذه القيادة وهذه القضية الرئيسية التي ضحّوا بحياتهم من اجلها، ولكي اكتب عن هؤلاء الاصدقاء المناضلين لابدّ ان القي الضوء على علاقتي بالقضية الكوردية وما هو دوري من هذه الاحداث.
تركت الوطن في نهاية عام 1977 بعد ان ادركت بأن قيادة النظام بدأت تسير بالاتجاه المعاكس لارادة وطموحات الشعب العراقي، لقد عملت ولمدة تسع سنوات برتبة ضابط في قوات المغاوير الفرقة الرابعة، وصلت اميركا- ديترويت في بداية عام 1978 وتعرفت الى المهندس في مجال الحاسبات (الكومبيوتر) السيد يونان هرمز من خلال ابن اخي المدعو ريمون صادق برنو حيث كانا من تلاميذ المعهد الكهنوتي بالموصل لسنوات عديدة، كان المعهد الوحيد الذي يتخرج منه رجال الدين المسيحي في العراق، وفي تلك الفترة كان المرحوم الملا مصطفى ونجله مسعود يعيشون في فرجينيا قرب واشنطن، وكان يونان يقوم بزيارة مسعود مرات عديدة في السنة ولا سيما في المناسبات، لقد رافقته مرتين حيث زرنا الاستاذ مسعود في شقة احد اعضاء اللجنة المركزية لحزب البارت الملازم هجر السندي وكانت علاقة يونان مع القيادة البارزانية وطيدة جداً.
وفي بداية عام 1979 اتصل بي يونان واخبرني ان ادريس البارزاني موجود في واشنطن وقال: تكلمت معه واذا اردتم زيارة الوالد فانه سيكون في فرجينيا يوم الجمعة القادم بمناسبة شهر رمضان وهو يرحب بكم، بالاضافة الى رغبة يونان للقائه مع ادريس بسبب علاقتهما المتميزة، ورغبتي الشديدة في اللقاء مع الملا مصطفى البارزاني الزعيم والقائد التاريخي للشعب الكوردي، قررنا الذهاب لزيارتهم في نفس اليوم، طلب يونان من صديقه ريمون ان يجهّز سيارته ويرافقنا الى واشنطن، وفي اليوم التالي كان الخميس انطلقنا فيه مساءاً من ديترويت ووصلنا فرجينيا صباح الجمعة الباكر، اتصل يونان تليفونياً مع السيد محمد سعيد الدوسكي الذي كان السكرتير الخاص بالبارزاني والقناة الوحيدة للاتصال معه فسأله عن المكان الذي يتواجد فيه البارزاني مصطفى فزودنا بالمعلومات المطلوبة وقال سيكون في هذا المكان في تمام الساعة العاشرة صباحاً.
وصلنا الى المكان في الساعة العاشرة والنصف صباحاً واستقبلنا الجميع بالترحاب وكان هناك جمع غفير من القادة الاكراد علماً ان الصالة لا تتسع للجميع وكان المرحوم ادريس مع بعض المسؤولين جالسين في صالة الاستقبال حيث عانقه يونان بحرارة مما يدل على العلاقة الوطيدة بينهما، اما انا لقد قدمني الى البارزاني الملا مصطفى محمد سعيد الدوسكي الذي يعتمد عليه البارزاني بشكل كبير، وان الدوسكي كان يعرف جيداً مساهماتي في الحركة الكوردية واخبر البارزاني بانني عملت مع الحزب الديمقراطي الكوردستاني منذ عام 1963 وعملت مع قوات البيشمركة في عامي 1965- 1966 في منطقة الشيخان وفي مقر حسو ميرخان ودخلت السجن عدّة مرات من اجل القضية الكوردستانية، كل هذا التعارف حصل وانا مع الدوسكي واقفين امام البارزاني وهو ينظر اليّ بشكل اشعر فيه ان نظره يخترق جسمي، ومن حسن الحظ لم يكن هناك مقعد فارغ في الغرقة سوى الكرسي الذي بجانب البارزاني على يساره وكان الجالس على يمينه السيد محسن دزي اما الدوسكي فكان جالس مقابل البارزاني لكونه المعتمد عليه من قبل البارزاني ويسأله باستمرار وهو المخول بالتحدث باسمه وباسم الحزب لكونه مسؤول فرع الحزب في اميركا وكندا، كان هناك بعض الآغوات والمسؤولين جالسين في الصالة اما يونان وريمون فاخذهم ادريس معه الى القاعة الثانية مع الآخرين، جرى حديث مختصر ومركز جداً بيني وبين البارزاني حيث استطاع ان يعرف كل شيء عني وبوقت لا يتجاوز نصف ساعة، كنت اشعر وكانني في قاعة الامتحان الوزاري اعيش لحظات الفرصة الاخيرة، وبعد مضيء ساعتين تقريباً جاء يونان من الصالة الثانية وطلب من البارزاني ان يسمح لنا بالانصراف للعودة فرفض حالاً وقاطعه فغادر يونان الى الغرفة التي يجلس فيها ادريس اما انا بقيت جالساً الى جانب البارزاني وفي حوالي الساعة الرابعة مساءاً جاء ادريس الى الغرفة وقال للبارازاني ان يونان والجماعة يريدون المغادرة لان طريقهم طويل ويستغرق عشرة ساعات سياقة، فرد عليه البارزاني منادياً يونان "ابني يونان لا يمكن ان تذهبوا بدون مشاركتكم معنا الفطور بمناسبة شهر رمضان" وكان معظم الحاضرين صائمين وملتزمين فبقينا حتى الساعة السابعة مساءاً وبقيت جالساً بجانب البارزاني كل هذه الفترة دون ان اترك مقعدي ابداً لاحترامي له واعجابي به فقد شد انتباهي الى كل ما يقوله وكان معظم الحديث يشارك فيه السيد الدوسكي، ومن الامور التي لفتت انتباهي اثناء الحديث لهذه الفترة الطويلة لقد اخبره الدوسكي ان النظام في العراق سجن زوجتي وطفلي البالغ من العمر اسبوعين فقط ووالدتي البالغة من العمر ثمانون عاماً بعد مغادرتي العراق معتقدين انني التحقت بالحركة الكوردية بعد ان تركت الجيش هارباً الى مصر ومنها الى لبنان ثم الى اميركا، فسألني البارزاني كيف تترك عائلتك خلفك؟، فحاولت اقناعه ان ظروفي كانت صعبة جداً وظروف عائلتي لا يسمح لها الصعود الى الطائرة، لكن دون جدوى، فقلت له لم اكن اتوقع من الحكومة ان تتخذ اجراء ضد العائلة، فقال لي البارزاني غاضباً ألم تعرف البعث كل هذه السنين فكيف لا تتوقع منهم هكذا واكثر؟، تمنيت من الدوسكي ان لا يتطرق الى مثل هذه المواضيع المؤثرة، وشعرت وقتها بالذنب بالرغم من ان العمل الذي قمت به كنت مجبراً عليه وفوق ارادتي وامكانياتي، على كل حال، لقد عرفت وتعلمت الكثير لدى جلوسي الى جانب البارزاني لمدة تزيد عن ثمان ساعات.
وفي المساء ذهبنا جميعاً الى مطعم يؤمّن وجبات الطعام للصائمين حيث تم حجزه من قبل الدوسكي وكان عددنا حوالي اربعون شخصاً وكان يونان يرافق البارزاني لدى ذهابنا الى المطعم، اما انا فرافقت ادريس وجلست الى جانبه وبقينا حتى الساعة الثامنة والنصف مساءاً، كان ادريس يسألني عن قضايا ستراتيجية ودولية وشعرت بانه ربما يشك او له انطباع عني بان لي علاقة مع دوائر صنع القرار في اميركا، حيث كان يسألني قائلاً ما هو تصورك حول مستقبل العراق ومستقبل القضية الكوردية؟ ومتى ستلتقي مصلحة اميركا مع مصلحة الشعب الكوردي؟ وما مستقبل الوضع في ايران؟.
فقلت له لا احد يملك الجواب الصحيح لهذه الاسئلة ما عدا مسؤولي البيت الابيض اما الآخرين فما عندهم سوى آراء وتحليلات، وبعدها طلبت من ادريس ان يسمح لي بأن اكتب بعض من مذكرات البارازاني من خلال اجراء مقابلات معه، فقال لي لقد حاولت بعض دور النشر مفاتحته بهذا الموضوع ولكنه رفض وبشكل قاطع لانه لا يحب الشهرة، لا بل يكرهها، وقلت له وماذا اذا وضعنا جهاز التسجيل في غرفة الاستقبال التي يجلس فيها ثم نناقش معه المواضيع والاحداث التاريخية المراد تسجيلها؟، فقال هل تريد ان يعاقبني؟، فقلت له وكيف يعرف؟ نعملها وفق خطة محكمة وسرية للغاية، فضحك وقال ولكن في النهاية سيعرف ذلك وسوف يغضب مني، ثم اضاف قائلاً ألم تشاهد ماذا حصل لدى دخولنا المطعم كيف صاح على الدوسكي بصوت عالٍ عندما انشغلنا بالحديث وتركناه يسير في الامام والباقين يسيرون خلفه، وان المشاهدين في هذا المجمّع التجاري استغربوا بتشكيلة المسير، ومن هو هذا الشخص الذي يسيرون كل هؤلاء خلفه وبهذا الشكل الرهيب والمتزن، وقلت له سمعتك تقول للدوسكي لماذا تركت الملا مصطفى يسير هكذا الا تعرف انه ينزعج كثيراً عندما يلفت نظر الآخرين اليه ولا يريد العظمة والزعامة؟ لانه يريد ان يكون مع الجميع بشكل متواضع واعتيادي؟.
وبعد الانتهاء من الفطور ودّع البارزاني ضيوفه وبقي يونان الى جانبه لبعض الوقت وبعد ان ادركنا الوقت قررنا قضاء تلك الليلة في الفندق، وفي اليوم التالي ذهبنا للقاء ادريس مرّة ثانية في المسكن الذي كان يقيم فيه الملازم هجر السندي وبناءاً على طلبه، ذهبت مع يونان وكان السادة الحاضرون كل من ادريس- الدوسكي- محي الدين رحيم- هجر السندي- وآخرون لم اتذكر اسماءهم ولكن كانوا اعضاء فرع الحزب في اميركا وكندا.
وبعد مناقشات شاملة حول القضايا التي تهم الشعب الكوردي والشعب الآشوري وبصورة عامة المسيحيين في شمال العراق (كوردستان) وبكافة تسمياتهم القومية، توصلنا بالنتيجة الى ان يصرّح ادريس قائلاً انكم شركاء معنا في المنطقة تفضلوا واعملوا معنا أن المجال مفتوح امامكم، هنا توقفت قليلاً وتذكرتُ اللقاء الذي اجريته مع السيد جلال الطالباني في عام 1988 حيث انني سمعت نفس الكلام من الطالباني لدى زيارتي له في مدينة (آن أربر) بمشيكن وفي دار الدكتور أسعد خيلاني وبحضور العديد من المسؤولين الاكراد ومنهم عضو القيادة فريدون عبد القادر والدكتور سفينديار شكري والدكتور أسعد، كانت المرّة الثانية التي التقي فيها مع الطالباني حيث كانت الاولى في دمشق عام 1981 وبحضور الدكتور فؤاد معصوم، وتم بحث العلاقات بين حزب بيت نهرين والاتحاد الوطني الكوردستاني وسبل تعزيزها، وابلغ الطالباني د. فؤاد  بإدامة الاتصال معنا وأصدار بيان مشترك اذا تطلبت الحاجة لذلك، شرح لي الطالباني موقف الاتحاد من قضية شعبنا وطلب من زوجته وهي عضو في قيادة الاتحاد المناضلة هيرو بأن تجلب له من مكتبته الخاصة عدد من جرائد الاتحاد التي اصدرها في عام 1976- 1977 وكان قد نشر عدّة مقالات حول شعبنا الآشوري في كوردستان، كتب في احدى المقالات وفي الصفحة الاولى بعنوان "لنا وللآشوريين اخوّة الى الابد"، وجريدة اخرى كان الاتحاد قد أدان فيها الجريمة التي ارتكبها سمكو الشكاكي رئيس احدى العشائر الكوردية في ايران وقيامه بقتل البطريرك مار شمعون ومرافقوه غدراً في ايران، اخذت معي نسخة من كل عدد لكن مع كل هذا علاقاتنا كانت محدودة جداً مع الاتحاد بسبب الصراع المسلح الذي كان ينفجر بين الحين والآخر بين مقاتلي الاتحاد ومقاتلي (حدك) اي الحزب الديمقراطي الكوردستاني وان مصلحة شعبنا تكمن مع قيادة (حدك) وإن شعبنا وقراه يتواجد في منطقة بهدينان التي يسيطر عليها (حدك) ويؤيدها ويدعمها الشعب الكوردي في المنطقة، كما اننا لا نريد ان نكون طرفاً مشاركاً بهذا النزاع الداخلي.
واعود هنا الى ادريس حيث صرح بما يلي:
لقد قررنا احياء قوة الشهيد هرمز في كوردستان ولا سيما في منطقة (برواري بالا) التي تنتشر فيها القرى المسيحية، واننا نعتقد بأن السيد كوركيس مالك جكو لا يستطيع القيام بهذا الواجب بسبب تدهور صحته وكبر سنه، وإن هذه العائلة عملت معنا كثيراً بما فيه الكفاية وانها مشكورة من قبلنا ومن الشعب الكوردي ولقد وقع اختيار والدي عليك بأن تتسلم المسؤولية كاملة ويكون لك مطلق الحرية والكثير من الصلاحيات ليس كما كان سابقاً بإستثناء بعض الثوابت العامة التي نلتزم بها جميعاً دون استثناء وانت واحد من عندنا وانكم جزء من المجتمع الكوردستاني الكبير ولا فرق بيننا، لقد عشنا مئات السنين جنباً الى جنب وسنبقى كذلك الى الابد.
واضاف قائلا اذا وافقت على ذلك فجهّز نفسك بالسرعة الممكنة لكي نذهب سوياً مع سامي عبد الرحمن سكرتير القيادة المؤقتة آنذاك حيث انه سيحضر الى هنا بعد عدّة ايام واستطعنا جمع مائة وخمسون الف دولار تأخذها معكم ولك قسماً منها وسنقوم بتجهيزكم بكل المتطلبات التي تحتاجها البيشمركة وحسب الامكانيات المتواضعة لدينا ولا فرق بيننا وبينكم لانكم تعملون في ظل القيادة الواحدة، اننا سندعمكم وانا شخصياً سادعمك بشكل خاص والى ابعد الحدود واكثر مما تتصور، كان هناك جمع حاضرون يسمعون هذا الكلام وكل هذا بفضل الاخ يونان هرمز بسبب علاقاته الوطيدة مع هذه القيادة والثقة العالية التي منحوها له، فقلت له اعطيني اسبوعاً لكي ادرس الموضوع واقرر بعد ذلك، فقال لك اسبوعين لكن النتيجة النهائية مهما كانت يجب ان تحضر الى هنا ونسمع منك الجواب وليس بالهاتف او بواسطة شخص آخر.
في نفس اليوم عدنا الى ديترويت وبدأت ادرس القضية وتداعياتها وكان لي الاطلاع التام على القوة المشكلة من المسيحيين في كوردستان سابقاً اي بعد اتفاقية 11 آذار عام 1970 وكانت تلك القوة المسلحة تحت امرة المرحوم كوركيس مالك جكو، حيث كانوا عبارة عن مجاميع انسانية غير متجانسة ليس لهم برنامج سياسي وكانت لهم مشاكل كثيرة حتى على مستوى القيادة، كانت اللجنة القيادية برآسة كوركيس جكو والسكرتير عبد جبرائيل وهو من المناضلين القدامى والمسؤول العسكري ايشابا ايشو حيث تفاقمت المشاكل بينهم الى درجة التصفيات الجسدية، لقد ذكر لي المناضل علي سنجاري مسؤول الفرع الاول آنذاك في منطقة بهدينان عندما كنا في سوريا بداية الثمانينات انه انقذ حياة المناضل عبد جبرائيل بعد ان اكتشف جهاز الباراستن مخطط لتصفيته من قبل جماعته فتم نقله من منطقة الفرع الاول في بهدينان الى مقر البارزاني في حاجي عمران وهناك امور كثيرة لا اريد التطرق اليها ستأتي في حينها، ومن هذا المنطلق لا اريد ان اكرر تلك التجربة الفاشلة التي لم يبق لها أي اثر يذكر.
اذا قارنا بين تجربة الشهيد هرمز ملك جكو الذي كان معه خمسون مقاتلاً من الآشوريين وعمل مدّة لا تتجاوز ثلاث سنوات مع الحركة الكوردية ثم استشهد لكن تأثيره كان مدوياً في صفوف الاعداء (اما اثره في الحركة الكوردية فكان بارزاً وعلى كافة المستويات، ولقد قررت القيادة الكوردية نصب تمثال له في بداية كلي دهوك وتم وضع الحجر الاساس للتمثال وهذا اعظم تكريم له وللشعب الآشوري من قبل القيادة والشعب الكوردي) بينما كوركيس مالك جكو عمل مع الحركة الكوردية ضعف المدّة وكان معه عدّة آلاف من المقاتلين ولكن تجربتهم كانت ضعيفة واثرها محدود، ومن هذه الحيثيات قررت ان لا اذهب إلا حاملاً معي التنظيم السياسي وبرنامجه الثقافي الذي ينسجم مع الواقع السياسي في المنطقة، كنت يومياً التقي مع يونان واشرح له افكاري حول هذا المشروع وتصوّري حول مستقبل قضيتنا، في تلك الفترة كان يونان وريمون يصدرون نشرة دورية بإسم "الشعاع" ضد النظام الدكتاتوري في العراق كما كانت لهم نشاطات عديدة في المجال القومي، كان لهم علاقات وطيدة مع حزب بيت نهرين الديمقراطي في شيكاغو، اقترح عليّ يونان ان نذهب الى شيكاغو ونبحث هذا الموضوع مع القيادة هناك، وفعلاً تم الاتصال بهم في عطلة نهاية الاسبوع حيث ذهبنا انا ويونان وريمون الى شيكاغو وعقدنا اجتماعاً مع قيادة الحزب وكان آنذاك سكرتير الحزب المهندس سركون اسحق وعضو المكتب السياسي كل من رجل الاعمال السيد كليانة يونان والمهندس بنيامين بنيامين، طرحت عليهم هذه الفكرة وتمت مناقشتها وابدوا استعدادهم الكلي لتبني هذا المشروع، فقالوا لنا اننا نبحث عن شخص او مجموعة تمثلنا في شمال الوطن، ولقد حاولنا عدّة مرات ونحاول الآن ولقد ارسلنا ممثلنا السيد بنيامين ملكو الى سوريا لدراسة الوضع هناك ولا يزال هناك يمكنك لقاءه في الجزيرة واشاروا ان لهم اعضاء ومؤيدين في تنظيمات سرّية داخل بغداد وبعض المدن الاخرى ويحاولون تامين الاتصال معهم ولكن يعانون صعوبات كثيرة وفي حالة وجود تنظيم عسكري وسياسي في شمال العراق سيكون من السهولة تأمين الاتصال مع عناصرنا هناك، واخيراً تم الاتفاق بيننا وتم قبولي عضواً في حزب بيت نهرين بعد ان اديت القسم الحزبي امامهم والمتبع في تنظيم هذا الحزب، وفي اليوم الثاني رجعنا الى ديترويت، وبعد ثلاثة ايام سافرت الى فرجينيا بالطائرة واستقبلني في المطار السيد محي الدين رحيم، ونحن في المطار سألني عن القضية فشرحت له الموضوع بالكامل وكان هو في ذلك الوقت اقرب الناس لي في القيادة الكوردية وكانت تربطني علاقات صداقة متميزة معه، وبنفس اليوم قابلت ادريس وكانت المجموعة نفسها هناك الدوسكي- هجر السندي- محي الدين وقلت لهم انني عملت معهم كثيراً وعملت مع الحكومة كضابط في الجيش ايضاً والآن اريد ان اعمل لنفسي و لقضيتي التي هي القضية الآشورية وانا واحد منها واشرت لهم الى العلاقة التي تربطني مع حزب بيت نهرين وكيف انني اصبحت عضواً فعالاً فيه وملتزماً بنظامه وتوجيهاته ومنفذاً لبرنامجه السياسي، وسوف ازودكم بنسخة منه، وشرحت لهم كيف ان قيادة الحزب في شيكاغو لهم الرغبة الشديدة في اقامه علاقات اخوية وطيدة واستراتيجية بيننا وبينكم وهم مؤمنين بأن لنا مصالح مشتركة ومستقبل مشترك في هذه المنطقة كما عانينا في الماضي جميعاً ونعاني الآن من الاضطهاد والتشريد من قبل الحكومات الجائرة في بغداد ولنا ألم وأمل مشترك.
ولاحظت ادريس وهو يكبس باصبعه على السبيل الذي يدخن فيه وشعرت بانه غير مشجع على هذه الصيغة ولكن لم يظهر من كلامه شيء يبين ذلك وكل ما قاله انك حر في قرارك ونحن نحترم رأيك وسوف اخبر والدي بذلك.
بعد ساعة تقريباً جاء ادريس من الصالة المجاورة وبعد الاتصال مع والده قائلاً ان الملا مصطفى لا مانع لديه من ذلك وكل ما قاله ارجو ان لا يستغلهم احد ضدنا، فقلت له انني اوعدكم بأنني ساكون مخلصاً واميناً لقيادتكم الحكيمة واذا حصل لا سمح الله بينكم وبين الحزب الذي انتمي اليه مشكلة من دون حل فانني انسحب واعود من حيث جئت والحمد لله انني باقي على عهدي حتى هذه اللحظة، وبعد موافقة البارزاني بدأ ادريس يشرح لي كيفية السفر الى سوريا وثم ايران وقال لي يستقبلك الدكتور شوكت عقراوي وتنزل ضيفاً في منزلي وبعدها بامكانك الذهاب الى مقر المكتب السياسي للحزب الديمقراطي الكوردستاني (حدك) في محافظة اوسية قرية راجان، وفعلاً كل ماقاله ادريس تحقق واكثر من ذلك، ثم اضاف ان علاقاتنا معك الآن تختلف حيث نعتبرك حليف لنا ولست واحد منا.
اما بالنسبة الى الدعم فإننا نؤمن لكم ولجماعتكم متطلبات الارزاق والملابس وبعض الامور اللوجستية من خلال علاقاتنا مع ايران وسوريا حيث نؤمن لكم ما يتعلق بمعاملات السفر والإقامة والى غير ذلك من امور، اما موضوع الدعم العسكري والمالي فإنه مرهون بالظروف والامكانيات المتاحة لنا فلا استطيع ان اوعدكم بشيء في هذا المجال، وفي تلك الاثناء حاول الدوسكي والاخوان الآخرين اقناعي بالتراجع عن هذا المشروع ولكن دون جدوى، اما محمد سعيد الدوسكي وبحكم علاقاتنا الاخوية قال لي انك مجنون حقاً ترفض هذا العرض السخي من البارزاني، هل تعرف انك في المستقبل ستصبح بارزاني المسيحيين في كوردستان، انهم اعطوك كل شيء من السلطة والموقع السياسي والعسكري والاجتماعي فماذا تريد اكثر!! وهذا لا يمكن ان تحققه ابداً حتى ولا ان تحلم به بالرغم من ان القضية الكوردية الآن في المخاض وتمر باسوأ الظروف والاحوال، وكان القتال يشتد بين الحين والآخر مع جماعة علي العسكري وغيره من مرتزقة السلطة، كما كان موقف بعض الاحزاب العراقية المعارضة وبعض الشخصيات سيّء للغاية بالاضافة لمواقف بعض الدول المجاورة السلبية تجاه (حدك) ومع هذا فإن هذه مرحلة وقتية والنصر لشعبنا الكوردي وإن المستقبل لهذه القيادة التاريخية مهما كانت الظروف واي كان الاعداء وبعد ان انتهى الدوسكي من حديثه شكرته، إنني قدرت موقف صديقي الدوسكي واحترامه لي لكني قلت له ماذا اعمل فهكذا خلقني الله لست ميالاً للمال والشهرة والسلطة وكل ما اطمح اليه هو تحقيق امنيات شعبنا الآشوري في الحرية لنيل حقوقنا القومية المشروعة إسوة بالقوميات الأخرى وهذا ما نصبوا اليه في عملنا هذا.
"الحلقة الاولى انتهت"
ارفق رسالة الاستاذ مسعود البارزاني المرسلة الى المرحوم يونان هرمز قبل وفاته بعد اصابته بالمرض مباشرة وبتوقيعه الشخصي.




108
الفرصة الاخيرة للاشوريين

داود برنو

في ظل الظروف الحالية التي يمر بها وطننا العراق , و في ظل حكومة الوحدة الوطنية التي تم تشكيلها مؤخراً بالاتفاق بين الكتل السياسية المختلفة . لا تزال وتيرة الارهاب تحصد العشرات من الارواح البريئة , و لايزال الفساد الاداري و المالي متفشي في معظم دوائر الدولة الحديثة , ولايزال المسؤولين السياسيين و العسكريين يتحدثون عن أختراقات في صفوف الشرطة العراقية و الاجهزة الامنية الاخرى من قبل الارهابيين و ما يسمى بالمقاومة العراقية و ان الاحداث و المشاكل و الازمات في إزدياد مستمر و خاصة ازمة الوقود و الكهرباء و الفلتان الامني في بغداد و البصرة و مناطق عديدة من البلاد .
لقد طبقت و نفذت الخطة الامنية في بغداد و ظواحيها و لكن بدون جدوى و لا يوجد اي أمل للخروج من دوامة الارهاب الذي يجتاح البلاد , كل هذا يحصل في العراق الجديد .أما في اقليم كردستان فان كل شيء يختلف فالحالة الامنية جيدة جداً و مبدأ النزاهة و الشفافية سائد في جميه اجهزة الدولة او الاقليم , و لا يوجد اي ازمة مستعصية , و ان القوانين و الاوامر تطبق بحذافيرها و على الجميع و بدون تمييز بالاضافة الى ان الشعب الكردستاني يتمتع بكل حرية امان و لا يوجد اي نسبة مقارنة بين الاوضاع السائدة في اقليم كردستان و الاوضاع السائدة في وسط و جنوب العراق و تم الاشارة و بشكل مختصر جداً حول الاوضاع السائدة في العراق كمقدمة للولوج في صلب الموضوع .
ان شعبنا الاشوري بكافة تسمياته  ( الاثوريين , الكلدان , السريان ) يعاني من التشتت و الضياع , و انه في حالة تخبط مستمر و لا  يعرف ما هو مستقبله و ما هو مصيره  في خضم هذه الاوضاع و الاحداث  في خضم الاوضاع و الاحداث السائدة في العراق و لا يعرف اين يقف في مجمل هذه الاحداث , و كل فئه او حزب سياسي يتصرف لوحده و كأنما لا يوجد غيره في الساحة السياسية  او لا يعترف بهم على الاقل . و هذا ينطبق ايضاً على رجال الكنيسة , فكل طرف منهم يدعي انه هو على الحق , و الاخرين عليه ان يتبعوه .
و لقد استمرت هذه الحالة لسنين طويله و لم يستفيدون لا من تجاربهم و لا من تجارب الاخرين ... و لكن يجب ان يعرفوا ان الظروف لا تسمح لنا ان نبقى هكذا الى ما لا نهاية       ان قضية شعبنا الان هي على المحك اما الاتفاق فيما بينهم و اتخاذ قرار أستراتيجي موحد يحدد موقفهم و موقعهم من العملية السياسية في العراق و لا سيما في اقليم كردستان .اما التخلي عن هذه الاحزاب و المنظمات و شد الرحال لهجرة جماعية الى بقاع العالم الواسع , و عندها تكون قد اتجهنا نحو الانقراض من هذه البلد الذي كان موطننا و منذ الاف السنين لان هذا الشعب لا يستطيع و لا يمكن ان يبقى بهذه الحالة المزرية الى الابد .
كلما يمضي علينا الوقت و نحن في هذه الحالة يكلف شعبنا الاشوري الكثير من الارواح و الاموال و نفقد مواقعنا و وظائفنا و املاكنا في بغداد و البصرة و الموصل و ان الوقت ليس بصالحنا و ليس امامنا متسع من الوقت فنحن في الخيار الاخير اي في التحويلة الرابعة عشر من درب الصليب اما ان نصلب جميعاً او ان نحيى جميعاً فنحن في مفترق الطريق لا ثالث لنا فعلينا اتخاذ الخيار الصحيح و الاسلم و يجب ان يتخذ القرار من قبل الذين في  موقع  المسؤليه من مسؤلي التنظيمات السياسية و الاجتماعية و بعض رجال الدين .
و لا بد لهم من مراجعة الماضي القريب و اعادة النظر في مواقعهم السياسية لاتخاذ موقف استراتيجي موحد لان الحالة لا تتحمل الكثير من الانتظار .
ان شعبنا الاشوري و بكافة تسمياته يجب ان يكون مع الحق و مع الواقع الذي نعيش فيه لا مع الخيال او الاوهام و لا نستطيع البقاء و الانتظار الى الابد , و عند ذلك سيكون حتماً موقفنا مع اقليم كردستان و مع القيادة الكردية المتمثلة بالزعامة  التاريخية للقادة البارزانيين و قبل فوات الاوان و علينا المساهمة الفعلية في دعم حكومة  الاقليم داخلياً و خارجياً لانها الوحيدة التي تؤمن حقوقنا و مستقبلنا في وطننا التاريخي ما بين النهرين .و هذا الموقف لم يأتي اعتباطاً من أحد , و لا مجاملة لاحد انها الحقيقة بعينها لانها تأتي من شخص عايش و ساهـــم في القــضـية الــكـرديــه مــنـــذ بـــدايــتـــها و عـــاصـــر نـــضال الـشهداء كل من
( هرمز جكو و ماركريت جورج و طلياشينو و اخرون ما زالوا على قيد الحياة  منهم المناضل  موسى خمو  . و من تجارب الواقع الميداني و ليس هذا الموقف تخميناً او استنتاجاً او تحليلاً لاكاديمي جالس في مكتبه لقد دخلنا السجون و عملنا في البشمركيه من اجل قضيتنا الاشوريه التي هي جزء من القضية الكرديه و كان الجميع يعمل من اجل تحقيق نظام ديمقراطي في العراق و الحكم الذاتي للاكراد مع مع ضمان حقوق القومية و الثقافة الادارية للقوميات الاخرى .. ان حقوقنا و مصالحنا لا تتعارض مع طموحات الاكراد في اقامة دولتهم المنشودة ان شاء الله و هذا الموقف الذي يخدم مصالحنا و يحافظ على كياننا لا بل يطورة الى الافضل لانها ستكون الدوله الوحيدة التي نستطيع العيش فيها بسلام و امان في منطقة الشرق الاوسط كما و ان للاكراد لهم طموحاتهم في اقامة دولتهم فنحن ايضاً لنا طموحات قويه في نيل كامل حقوقنا القومية في استحداث منطقة ادارية خاصة بنا يتمتع بها الشعب الاشوري ). بحكم ذاتي لان الحقوق تتطور مع مرور الزمن و هذا المبدأ ينطبق على كافة القوميات و الاقليات القومية و الطوائف الدينية و كما هو منصوص عليه في لوائح حقوق الانسان في الامم المتحدة .ان العراق تتحكم فيه ثلاث قوى رئيسية
 1- التكتل الشيعي الديني      -2- التكتل السني الديني     -3- التحالف الكردستاني
و لو اجرينا مقارنه بسيطة بين هذه الفئات الثلاثه لوجدنا ان شعبنا الاشوري يجب ان يكون موقعه الطبيعي مع اخواننا الاكراد لانه يرتبط معهم بأواصر تاريخيه عديده و نشترك معهم في السراء و الضراء و لا مجال للاطاله في ذكر العناصر المشتركة بيننا لان الجميع يعرف جيداً ان شعبنا يجب ان يتحالف مع الشعب الكردي و لا بد ان يشكل معه اخوة الى الابد . و خاصة في ظل القيادة البرزانيه الحكيمة التي تضمن العدل و المساوات للجميع دون تمييز و هذه الصفة متأصله في هذه الاسرة منذ عهد المرحومين الشيخ أحمد البارزاني و شقيقه المُلا مصطفى البارزاني و لنا الكثير من الاحداث التي حصلت في عهدهم ( المغفور لهم ) شاهداً على ذلك .
 و ان سليلهم المناضل مسعود البارزاني  هو الاخر يسير على نفس النهج و لا سيما في ظل النظام الدمقراطي العلماني السائد في الاقليم . ام مثل هذه الفرص لا تتكرر في التاريخ و ان الزعيم مسعود البارزاني سوف لا يبقى لنا الى الابد انها حقيقة زمنيه فريدة من نوعها و علينا استغلالها و اتخاذ المبادرة و الشجاعة من اجل توحيد صفوفنا للدخول فل شراكة استراتيجية مع اخواننا الاكراد جنباً الى جنب لحاجتنا الملحة اليها و ان عامل الوقت مهم و حاسم و خاصة  في هذه المرحلة التي تمر فيها الامة , انها مليئة بالمفاحئات .
اذاً استعرضنا بعض الحقائق الواقعية على الارض و في الساحة السياسية نجد اننا نشترك مع اخواننا الاكراد في ثوابت و قضايا استراتيجية عديدة و فيها على سبيل المثال لا الحصر ان اعداء الاكراد التاريخيين هم نفسهم اعداءنا و معروفين و لا حاجة الى ذكرهم و تاريخنا يشهد على ذلك و في مقدمتهم تركيا الطورانية .
ان اصدقاء الاكراد هم اصدقاءنا ايضاً و هم كل قوى الخير في العالم و في مقدمتهم موسسة الامم المتحدة و امريكا و اوربا . و تشكل هذه القوى مرجعية لهم و لنا ايضاً , فعندما يحصل اعتداء على اكراد العراق من قبل تركيا فيعرض الامر الى امريكا و الامم المتحدة اما نحن الاشوريين و بكافة تسمياتنا عندما تتخذ ضدنا اجراءات تعسفيه من قبل الانظمة العراقية الحاكمة كان اهلنا في المهجر يعدون المظاهرات امام الامم المتحدة في نيويورك و امام البيت الابيض في واشنطن و ليس لنا غيرهم  .
و اخيراً لا اقول ان مصالحنا كأشوريين متطابقه مع مصالح الشعب الكردي 100 % و لكن على الاقل نشترك معهم 95 % او اكثر على ما اعتقد اما اذا قارنا مصالحنا مع الكتله الاسلامية الشيعية او الكتله الاسلامية السنية فلا تتجاوز 5 % او اقل و في كلا الحالتين نحن نختلف معهم في الثوابت و الاستراتيجيات و نقاط الخلاف معروفع للجميع لانه كلا الكتلتين تسعى لتطبيق الشريعة الاسلامية في منهجها و ان مرجعية اهل السنه هي في السعودية  و امراء الخليج الذين يضيفون الينا مئات  الانتحاريين لاقامة نظام طالبان جديد في العراق و لا حاجة لاتطرق الى قضايا اخرى كثيرة لاننا نختلف معهم في الهدف و في الوسائل المتبعة منذ انشاء الدولة العراقية عام 1921 كيف كان شعبنا مهمش و مهان و خارج المعادلة الحقيقة لمكونات الشعب العراقي ....  الخ .
اما الكتلة الاسلامية الشيعية و التي لا تخفى مرجعيتها بانهم سيقيمون نظام اسلامي شيعي في العراق و على النموذج الايراني , و معظم احزابهم السياسية الدينية يؤمنون بنظام ولاية الفقيه كما هو الحال في ايران و ان هذا النظام هو أخطر من اخوانهم اهل السنة و ان ما يجري الان في محافظة البصرة لهو شاهد على ذلك و تتبعهم محافظة العمارة و الكوت .
و لابد  هنا من الاشارة و بشكل مختصر جداً بقدر ما يتعلق الامر بشعبنا الاشوري ففي عام 1982 تم تشكيل المجلس الاسلامي الاعلى في ايران يظم كافة التنظيمات السياسية العراقية الشيعية برعاية ايران **** رئاسة المجلس بالسيد محمود الهاشمي ايراني الجنسية و طلبوا حينها من كافة فصائل المعارضة العراقية الاعتراف بهم و من ضمن تلك الفصائل كان حزب بين نهرين الدمقراطي الاشوري و كنت ممثلاً له و قمت بزيارة بعض اعضاء المجلس في موسسة الصدر في ايران و كان سكرتير المجلس السيد ابو حيدر و التقيت بالغرفة التي كانوا يجلسون فيها و على الارض المرحوم السيد محمد باقر الحكيم و السيد محمود الهاشمي و السيد الشيخ ابو علي و اخرون لم اعرف اسمائهم و هنئتهم بتشكيل المجلس و قلت لهم من ذلك الحين انكم البديل الوحيد لنظام صدام و هذه هي قراءتنا للوضع الدولي و الاقليمي و الوضع الداخلي و حقاً كان حزب الدعوه يبدي نشاً متزايداً داخل العراق .. و دار بيننا حديث و في كافة المجالات و تبين لي ان هؤلاء القادة غير مهتمين بالقضايا القومية مثل قضية الاكراد و باقي القوميات الاخرى .و اخيراً سألتهم عن موقفهم من المسيحية عندما يستلمون السلطة فقال لي المرحوم السيد محمد باقر الحكيم اسمع مني جيداً نحن رجال دين لا نكذب و لا نمارس التكتيك و ***الخ .. مثل الساسة كالبعثيين و الشيوعيين و غيرهم من الاحزاب العلمانية انهم يوعدون شيء قبل استلامهم السلطة و يعملون بعكسه تماماً بعد استلامهم السلطة و سيطرتهم على مقاليد الحكم فأقول لك و بصراحة نحن نطبق الشريعة الاسلامية و على المذهب الشيعي و كما هو موجود في ايران فقاطعته  و قلت ماذا عن ولاية الفقية فقال ايضاً انها من اهدافنا و لكن  لكم خصوصيه كمسيحين لانكم من اهل البلد الاصليين و ان الشواهد في بابل و نينوى لا احد يستطيع انكارها و هذا هو موقف المجلس الاعلى رسمياً و سيبقى هكذا                                   
و اخيراً قال ان كل من يعارض الشريعة الشيعية الاسلامية فهو ممنوع و يعاقب عليها ! .
 لقد كنت اشك بكلام السيد انذاك و لكن تبين لى الان و بعد مرور عشرون عاماً انه كان محقاً في كلامه و ان الواقع الذي نعيشة يبرهن على ذلك و خاصة في محافظات الجنوب و في مقدمتهم مدينة البصرة و لولا قوات التحالف الموجوده في العراق لكان الامر يختلف كلياً و كانت ولاية الفقيه قد دخلت حيز التنفيذ في اكثر محافظات العراق و لا سيما الجنوبية منه .
اما الكتلة العراقية بزعامة الدكتور اياد علاوي فانها في تراجع مستمر .. حيث حصلت على اربعون مقعداً في الانتخابات الاولى و في الانتخابات الثانية حصلت على خمسه و عشرون مقعداً و اذا حصلت انتخابات ثالثه سوف لا تحصل اكثر من نصف هذا العدد من المقاعد لاسباب كثيرة , و منها الضغوظ التي تمارسها الكتلتين الشيعية و السنية على جمهور هذه القائمة و كم من المسؤولين فيها تم تصفيتهم على ايدي مجهولين لم يعلن عنهم لكنهم معروفين و كم من مكاتبهم تم الهجوم عليها و حرقها و لا سيما في البصرة و الناصرية و الرمادي و النجف و اماكن اخرى متعدده ان الساحة التي كان ينشط فيها هذا التيار العلماني بدأ بالانكماش بسبب الصراع الدائر في العراق بين التيار العلماني الذي يسعى الى فصل الدين عن الدوله بقيادة التحالف الكردستاني من جهة و التيار المتشدد لكلا المذهبين الشيعي و السني من جهة اخرى . و ان عملية الفرز و الاصطفاف مستمرة في صفوف الكتل السياسية لتشكيل محور علماني ينضم اليه بالاضافه الى التحالف الكردستاني و القائمة العراقية جميع المنظمات و الاحزاب للاقليات القومية و الطوائف الدينية غير الاسلامية و منهم شعبنا الاشوري الكلداني السرياني كما ينضم الى هذا المحور منظمات المجتمع المدني الحقيقة الاصلية و ليس المنظمات الاهلية التي شكلت من قبل اجهزة الدول المجاورة التي تعمل كجهاز مخابرات و لها ميزانية تتجاوز الملايين من الدولارات و تقوم بمشاريع خيرية الهدف منها مكشوف , و ان هذا الاسلوب اصبح متخلفاً و مضى عليه الزمن و استخدم في لبنان من قبل الحكومة السورية و الايرانية و كبل الحكومة اللبنانية بأتفاقيات طويلة الامد و من خلال تلك الاتفاقيات كان يتم تنفيذ المخططات الاجرامية و التي توجت بمقتل الحريري و رفاقه .
و نظراً لكثافة الاحداث الجارية في العراق و تداعياتها على الشعب العراقي و خاصة الشعب الاشوري .. أتوسل الى جميع المسؤولين في الاحزاب والمنظمات السياسية الاشورية الكلدانية السريانية ان ينظروا الى مصالحنا الستراتيجية و يقومون بمراجعة و تقييم المرحلة السابقة و اعادة النظر في مواقفها و اتخاذ الموقف الصائب و السليم الذي يخدم مصالح شعبنا الوطنية و القومية . [/b] [/b]

صفحات: [1]