عرض المشاركات

هنا يمكنك مشاهدة جميع المشاركات التى كتبها هذا العضو . لاحظ انه يمكنك فقط مشاهدة المشاركات التى كتبها فى الاقسام التى يسمح لك بدخولها فقط .


مواضيع - جورج هسدو

صفحات: [1]
1
ماذا بعد اندماج الحركة الديمقراطية الأشورية وحزب أبناء النهرين؟

جورج هسدو
g_hasado@yahoo.com

كان يمكن لهذه المقالة أن تكون ورقة داخلية (مقترح أو تقرير تنظيمي)، إلا أنه وبسبب تجريدي من عضويتي الحزبية في الحركة (حيث اتخذت اللجنة المركزية قرارا بفصلي عام 2011) وفقداني لصفتي التنظيمية في أبناء النهرين (قدمت استقالتي عام 2016)، وأيضاً لرغبتي بمشاركة أكبر قدر ممكن من المعنيين والمهتمين بالموضوع، ارتأيت نشره كمقالة موجهة للطرفين.. فرغم كل شيء ما زلت أعتبر نفسي مرتبطاً وجدانياً مع مجموعة كبيرة من أعضاء أبناء النهرين بضمنهم قيادات سابقة وحالية، كما أني ما زلت أكن الود والاحترام للكثير من رفاقي السابقين في زوعا والذين ما زال لي تواصل مع العديد منهم.. لكن قبل الدخول في تفاصيل أهمية الاندماج وضرورة استغلال الوحدة (أو بالأحرى إعادة التوحيد) لمصلحة أكبر ووجوب تغيير وتطوير الأداء المستقبلي للحزبين ككيان واحد، علينا أن نذكّر بعجالة أسباب الانشقاق ونسرد باختصار ظروف اعادة اللحمة.. فلقد قرأت مرة عبارة تقول (أولئك الذين لا يتذكرون الماضي محكوماً عليهم بإعادته)، ولا أعتقد أن أياً من قياديي أو أعضاء أو مؤازري وحتى أصدقاء الحزبين يقبلون باعادة التجربة المريرة التي (ولأسباب ذاتية وموضوعية) أدت إلى تراجع الفصيل القديم كما لم تحقق أي تقدم للحزب الجديد.
جاء قرار المجموعة المؤسسة (لكيان) أبناء النهرين في اللجوء لخيار المواجهة من الخارج بسسب حالة الانفراد بالقرارات المركزية للحركة الديمقراطية الأشورية على خلفية استنفاد جميع محاولات الترميم من الداخل وفشل كل مساعي الحوار، بل أن القناعة كانت أن مجموعة صغيرة في القيادة يترأسهم السكرتير العام (بعضهم حالياً بعيداً عن التنظيم) تعمل على ابعادهم عن التنظيم.. لذا، كانت الفكرة تشكيل كيان انتخابي للمنافسة على تمثيل شعبنا في الهيئات التشريعية في كل من بغداد وأربيل، وفي حال نجاح المسعى يمكن الضغط على المجموعة الصغيرة تلك واجبارها على القبول بالتحاور لحل اشكالية الانفراد بسلطة القرار في القيادة.. إلا أن ما حصل بعد ذلك من إصرار قيادة الحركة على رفض التعامل مع المختلفين (لاحقاً المنشقين) واعتبارهم خونة وعملاء، إضافة إلى تحول كيان أبناء النهرين (الانتخابي) إلى حزب سياسي، صعب من مساعي العودة إلى الحوار بين الطرفين كما أزّم العلاقة بين القيادتين.. شخصياً، كان لي رأي بأبداء مرونة أكبر في القبول بشروط الحوار مع قيادة الحركة بعد كارثة داعش على شعبنا، كما أني كنت (ولا أزال) ضد قرار تحويل الكيان إلى حزب سياسي رغم الأسباب والمبررات العديدة له، لكن كلا الرأيين لم يلقيا قبولاً من المعنيين أو على الأقل من أغلبهم، حيث (وكالعادة) لم يساندني في ذلك سوى واحد أو اثنين من الرفاق لا أكثر.. بالمختصر، كانت هناك قرارات كثيرة خاطئة أدت إلى فعل سلبي ورد فعل غير مدروس، قرارت خاطئة شقت صف التنظيم حتى قبل إنشقاقه الرسمي وأبعدت نخبة من القياديين والكوادر التي لا يستهان بقدراتها السياسية والتنظيمية، وهو ما أفضى إلى مبادرات ومحادثات فاشلة (على الأقل من الناحية التكتيكية) أدت إلى حرق عقد من الزمن دون تحقيق أي تقدم أو منجز إن لم يكن بالعكس.. ولن يكون هناك أنسب من هذه المناسبة للتقدم بالاعتذار من شعبنا أولاً ومن أي فرد أو مجموعة أو جهة تأثرت بالانشقاق وساهمت بدفع ضريبة فشل المجموعتين المختلفتين داخل قيادة الحركة في التوصل لحلول مقنعة ومرضية، وسأكون أنا أول المعتذرين متمنياً قبول إعتذاري من رفاق التنظيم من الجانبين.. وهذا ما كنت أتمنى إدراجه في وثيقة الوحدة التي أعلنها الطرفان في 3 مارس 2024 في بخديدا، حيث لا يمكن النجاح ببداية جديدة دون التخلص من أدران الماضي، ولا يمكن التخلص من مساوئ الماضي دون الاعتراف بالأخطاء والاعتذار عنها والتخطيط لعدم تكرارها مستقبلاً.. برأيي لن يكون من المجدي ولا المفيد لأي أحد خصوصاً قيادة الطرفين التعامل مع المناسبة من منظورها العاطفي فقط، كما لا يجوز اقتصارها على المراسيم الاحتفالية المعنوية فحسب، فعندما يكون أحدنا في قلب الحدث أو من صناعه أو من رموز المتعاطين معه وملم بجميع تفاصيله، عليه أن لا يقتصر على سرد الخواطر الشعرية وجمل المديح في الوقت الذي عليه أن يبين أسباب الاخفاقات العديدة لمعالجتها وضمان عدم تكرارها، والكلام موجه أيضاً (للمنظر القومي) الكاتب في المواقع الإلكترونية!!.
يمكن اعتبار خطوة الاندماج بحد ذاتها حدثاً استثنائياً، وكأي حدث استثنائي يجب الاشادة بصناعه والشد على أياديهم، خاصة وأن اعادة الاندماج بين أبناء النهرين والحركة الاشورية لم يكن ليحدث دون التخلص من مسبباته والرأي الرافض لمعالجته، ولا دون إصرار وصدق نوايا الساعين له (منهم من كان كذلك منذ البداية).. ولا أعتقد أنه سيكون من الضروري الاستمرار بالإشادة بالخطوة والقرار الذي أثلج صدور الغالبية العظمى من أعضاء التنظيمين وكل أبناء شعبنا المهتمين بنجاح الفعل القومي وتطور التنظيمين (بالمستقبل القريب تنظيم واحد)، والذين رغم كل الملاحظات على نشاطهم السياسي وأدائهم القومي ما زالوا يعتبرون في مقدمة من من الممكن الاعتماد عليهم لتغيير واقع شعبنا.. وهنا سأدون بعض الاستفسارات التي ليس من المفروض الاجابة عنها في الوقت الحالي بقدر أهمية أخذها بنظر الاعتبار في أداء الحركة الديمقراطية الأشورية (بعد الاندماج مع حزب أبناء النهرين) وهي على أربعة أسس:

الوطني.. منذ تغيير نظام البعث السابق والحركة مشاركة في السلطة إن عن طريق البرلمان أو الحكومة وأحياناً كلاهما (باستثناء الدورة الأخيرة)، أما أبناء النهرين فحضورهم كان دائماً مع الخط المعارض وخصوصاً حركة تشرين، فهل سنشهد تغييراً في موقف الحركة من السلطة الحاكمة في بغداد، أم سيبدل أبناء النهرين رأيهم بمعارضة الحاكم؟؟، أو قد يكون (للمندمجين) رأيٌ ثالث؟.
الكردستاني.. بالنظر إلى فشل جميع محاولات أحزاب شعبنا في إقناع الحزب الحاكم (الديمقراطي الكردستاني) بأهمية التعامل مع شعبنا وقواه السياسية كحليف، حيث لا المشاركة بالسلطة أثبتت جدواها ولا التنديد والاستنكار نفعا ولا حتى التبعية أثمرت، فهل سيقتنع (المندمجون) بحتمية المعارضة الحقيقية الواضحة، أم أنهم سيبقون يراهنون على الوسائل القديمة؟؟.
القومي.. بما أن مستقبل شعبنا السياسي أصبح على المحك بعد تحوله إلى أقلية مستضعفة في الوطن وأكثرية غير مكترثة في المهجر، وبما أنه مايزال هناك من يضع ثقته بأحزابنا السياسية، فهل سيعي (المندمجون) أن عليهم تبني مشروع قومي جديد قائم على أصالة الثوابت وحداثة الأدوات، أم أنهم سيبقون يجترون بالمشاريع السابقة؟؟.
التنظيمي.. أخطر ما يعيق تطور الأحزاب السياسية هو اتخاذ دكتاتورية الأغلبية (المنساقة) منهجاً لتمرير القرارات المركزية وفرضها على التنظيم وخصوصاً القرارات المتعلقة بالمسائل الجوهرية والمواقف العامة، وأسوأ ما يقيد الديناميكية الفكرية للحزب السياسي هو قتل روح الخلق والمبادرة عند الحلقات الوسطى والأصرا على تغذيتها بالقناعات (المعلبة).. فهل سنرى في المستقبل تغييراً في هذا النهج عند (المندمجين)، أم أن التاريخ لابد من أن يعيد نفسه في كل مرة؟؟.

مع تمنياتي بالموفقية للجميع...

2
ترميم الذات القومية
جدلية الفرد والجماعة.. بين الحاجة إلى التغيير وضرورات الاستمرار
"الجزء الرابع والأخير"
جورج هسدو
g_hasado@yahoo.com

بعد أن اقتنعنا أو على الأقل عرفنا أن لا خيار أمامنا لتحقيق ذاتنا القومية ونيل حقوقنا السياسية سوى أن نكون متفقين وموحدين، وبعد أن تطرقنا إلى المسائل الجوهرية التي من مصلحتنا الاتفاق عليها يأتي السؤال الأخطر والأهم، كيف نتوحد؟، نعم إن الإجابة على هذا السؤال أو بعبارة أدق القبول به تتطلب التحلي بالشجاعة وإبداء المرونة لتقبل الاختلاف ونبذ الخلاف.. فأولاً علينا معرفة نقاط القوة والضعف لدى شعبنا كمجموعة عرقية قبل أن يكون مكون ديني، والتي من شأنها أن تفتح أعيننا على ما لدينا وما يمكن أن نحققه مقابل ما نفتقده وما لا يمكن لنا نيله، فإذا عرف الإنسان نفسه عرف أين يقف وبالتالي سيعرف ما المطلوب منه لإنجاز الأفضل.. فنحن كأقلية بشرية ذات خصائص عرقية بارزة إضافة إلى خصوصيتنا الدينية المتباينة عن ديانة شعوب الأغلبية المتعايشة معنا، علينا أن نعترف بصغر حجمنا وضعف أدواتنا في مواجهة الآخرين، لكن أيضاً علينا الإيمان بأصالتنا وعمقنا التاريخي الذي نتميز به عن باقي الأمم.. وإذا كان لزاماً علينا التأني وحتى التراجع في وقت الصراعات العددية الآنية وغير المتكافئة، فأنه علينا التحصن والثبات عند التنازع على حقنا في المواطنة الكاملة وعدم القبول بالتفريط بمصلحتنا العامة من خلال ابتكار طروحات ووجهات نظر يكون من الصعب رفضها من الأطراف المواجهة أو المعارضة.. فعندما نتخلى عن حقنا في المقاعد البرلمانية وننسحب من المنافسة النيابية فهذا لن يعني أننا ضعفاء أو جبناء، بل وفي ظل المصادرة المستمرة لخياراتنا من قبل أحزاب السلطة فإن قرارنا سيكون بمثابة رفض للغبن والحيف وانتفاضة على واقع إدارة ملفاتنا بالوكالة من الآخرين.. وعندما نصر على احترام حق شعبنا في تقرير مصيره واختياره للشكل الإداري والنظام السياسي لمناطق تواجده (حاله حال باقي الأطياف العراقية) ونكون مستعدين للتصدي لأسوأ احتمالات المواجهة فأننا لا نكون متهورين أو أغبياء، بل على العكس إن ذلك يخرجنا من خانة المسايرين والمستغفلين.
برأيي أن تقسيم وحدة شعبنا القومية هي بسبب المجموعات أكثر من الأفراد رغم تصرفات بعض الأفراد المسيئة، فعندما تهمل مجموعة محددة خصوصيات شعبنا وتزدري إرث الأجداد وتتندر على تاريخه، فأنها تجبر باقي المجموعات على التعامل معها كتهديد وعنصر خطر يجب مواجهته والتخلص من أفكاره وممارساته الهدامة.. وعندما تشجع مجموعة ما على تبني ثقافة وهوية أخرى مغايرة ومعادية لهوية وثقافة شعبنا وتعمل على تقويض وإفشال مشاريعنا القومية وطروحاتنا السياسية، فأنها تسحق أي احتمالية للتقارب أو التعامل مع المجموعات الأخرى وتصعد من حالة اللااتفاق.. أما عندما تتحصن مجموعة ما خلف عنوان فرعي وتصر على تسويقه كهوية جامعة وتعتبر المجموعات الأخرى توابع وملحقات، فأنها ستدفع ببقية المجموعات للتمسك بعنوانها الفرعي وكنيتها الخاصة رافضة أي محاولة لتوحيد الصفوف والاعتراف بالمشتركات.. وهو ما يمكن ملاحظته في سياسة الكثير من المؤسسات والمنظمات والأحزاب الكلدانية السريانية الأشورية، خصوصاً تلك المتأسسة على اعتبارات طائفية وخلفيات مشبوهة وعن ردود أفعال غير مدروسة، حيث يتم استغلال مثل هكذا تشكيلات لإبقاء وزيادة الهوة بين أطياف شعبنا من قبل جهات خارجية من مصلحتها بقائنا ضعفاء ومتفرقين.
الخلاصة
مما سبق نتوصل إلى نتيجة مفادها أن شعبنا اليوم أمام خيارين أيسرهما صعباً، فإما أن نبقى مشتتين وهو ما سيصل بنا إلى الفناء والزوال أو أن نتوحد ونحاول تجميع ذاتناق المشتركة وزيادة نقاط القوة لدينا كأفراد وكمجموعات لمواجهة القادم من التحديات التي من الوارد جداً استمرارها في ظل الوضع الراهن.. فالخيار الأول لا يحتاج إلى أي تعليق إضافي أو استرسال في الشرح والمقاربة، أما الخيار الثاني فأنه سيأخذنا إلى معادلة أخرى أصعب وهي، ما هي الخطوات العملية التي علينا اتخاذها للوصول إلى حالة الوحدة؟، بل بماذا يمكن أن نبدأ لتذليل التباعد الموجود بيننا؟.. إن أولى أولوياتنا يجب أن تركز على محاربة (العقلية الاستعراضية) الموجودة لدى عناويننا السياسية وغير السياسية وتبني (نهج عقلاني) في مواجهة كل الممارسات التخريبية المروجة لتقسيم وحدة شعبنا، والأهم العمل على إصلاح تلك المجاميع الهدامة والمؤسسات المعرقلة لمساعي ترميم ذات شعبنا القومية.. بالتأكيد لا يمكن تقويم المعوج بسهولة ولا إصلاح الفاسد بكبسة زر خاصة عندما تكون عملية تكوين الشخصية (المعوجة والفاسدة) قد مرت بمراحل عديدة وسنوات طوال من التأليب والكراهية، وهو ما يتطلب من أصحاب العقليات الناضجة والوحدوية بذل جهود جبارة واتخاذ مواقف حازمة بعيداً عن المواربة والمجاملات.
ربما حان الوقت لأن تتفق مؤسساتنا القومية والسياسية على (ورقة تعاون) تلزمها بالكف عن إلحاق المزيد من الضرر بشعبنا ووحدة مصيره ومستقبل قضيته القومية في الوطن، وفي حال نجاح مثل تلك الورقة يمكن الانتقال لخطوة أكبر، كالاتفاق على (وثيقة عمل مشترك) بين الجميع.. ومن الوارد بل المطلوب التزام حتى كنائس شعبنا بمثل تلك الوثيقة، خاصة وأنها أصبحت جزءا لابل الجزء الأصعب من المشكلة، أو بعبارة أدق وجود رجال دين من مختلف كنائسنا المشرقية ينفخون في مرجل التقسيم القومي إن عن جهل أو لمصالح شخصية وفؤية.. ولرفع نسبة نجاح مثل هكذا محاولة أو مسعى يمكن الاستعانة بشخصيات قومية مستقلة ومثقفين غير مؤدلجين لتشكيل نواة الهيئة المشرفة على ورقة التعاون، ومن الضرورة لاحقاً توسيع الهيئة وتطعيمها بخبرات وتخصصات سياسية وقانونية واجتماعية من شأنها تبويب وتنظيم المقترحات.. بالتأكيد سيكون هناك من يشكك بالمقترح أو يقلل من أهميتة أو ضرورته، وهنا سأرد بكل وضوح بالتالي (إذا لم نسع إلى التغيير فلن نتمكن من الاستمرار كشعب عريق صاحب قضية عادلة)، كما أن محاولة التجديد والتغيير هذه في حال فشلها ستبين لنا من هم الحريصون على مصلحة الشعب ويهمهم أمر مستقبله ومن هم غير ذلك.. حيث عندها سيترتب علينا واجب آخر وهو كشف المرائين ومن يستغفلون شعبنا بشعاراتهم المزيفة وتعريتهم أمام الرأي العام وربما حتى مقاطعتهم ومحاسبتهم (أخلاقياً)، لأن من يصر على بقاء حالنا المزرية كما هي ويرفض التغيير ويناهض الوحدة والاتفاق سيستحق الازدراء والتجريم.
علينا أن نحترم ونعتز بجميع التسميات وكفى هذياناً حول الأقدم والأكبر والأصح، ومن يستأنس بفتنة التسميات ويستغلها عليه ان يعرف أنه رهان خاسر سيحرقه هو قبل أن يضر بالآخرين، فاذا كانت الغاية الرئيسية لدعاة القومية (تحت أي مسمى كانت) هي الحفاظ على ثقافة الأمة، فأين الاختلاف ولماذا الخلاف؟!.. أم إن لغة الكلداني غير لغة الأشوري والسرياني، أو أن تاريخ الأشوري منفصل عن تاريخ الكلداني والسرياني، أو ربما أن جغرافية السرياني مختلفة عن جغرافية الأشوري والكلداني؟؟؟!!!.

للإطلاع على (الجزء الثالث) أنقر على الرابط التالي:
https://ankawa.com/forum/index.php?topic=1049943.0


3
ترميم الذات القومية
جدلية الفرد والجماعة.. بين الحاجة إلى التغيير وضرورات الاستمرار
"الجزء الثالث"
جورج هسدو
g_hasado@yahoo.com

النهج التعاوني والمسار القومي
أسوأ وأخطر جملة بتنا نسمعها اليوم هي (نحن وأنتم)، فالمقتنع بالاسم القومي الواحد يعتبر الآخرين على خطأ فتراه أحياناً يدقق بأدق تفاصيل التاريخ ويسبر أغواره فقط ليقتنع ويقنع المقابل بصحة رأيه، وأحياناً تراه يجادل حد العداء بأن ما يلتزم به هو الحق المطلق الذي يجب على الجميع الإيمان به.. والعنصري الطائفي الذي يكون مستعداً للقبول بأسوأ ممارسات وخرافات كنيسته بينما يحتقر ويذم حتى المفاهيم الجيدة لبقية الكنائس، والمضحك المبكي أنه يلتزم بالطاعة العمياء من جانب ويمارس سلوكاً إنفتاحياً من جانب آخر دون وعي أو إدراك لماهية فعله هذا، بل عن ولاء تقليدي وإلتزام جامد.. حيث غالباً ما نشهد عبارة مثل نحن كذا بينما أنتم كذا أو نحن غير ما أنتم عليه أو في أوسع تفضيل نرى من يتكلم عن أنه هو الأصل والآخرون تفرعات عنه، كل هذا بسبب وجود بعض الإختلافات إما في اللاهوت الوضعي أو في اللهجات أو في جزء من الأعراف والتقاليد أو في التقسيم الجغرافي بين الجبل والسهل.. وهو ما يؤدي مع استمرارية الإصرار على التقسيم لتفكيك عناصر ومشتركات الجماعة الواحدة وتحويلها إلى مجاميع صغيرة غير مترابطة، وأحياناً حتى إلى ملل وطوائف متكارهة ومتصارعة على مسائل وقضايا سطحية جاعلة من نفسها لقمة سائغة للاستهدافات الخارجية المتكررة.. لذا علينا جميعاً أن نعي أننا أمام خيارين لا ثالث لهما، إما الإتفاق أو الإختلاف، وبما أن الاتفاق يعني الوحدة والاختلاف يعني التقسيم فبالتالي الوحدة ستجعلنا أكثر قوة ومن الصعب استهدافنا بينما التقسيم سيبقينا ضعفاء وسيكون من السهل استباحتنا، إذاً الاتفاق يعني القوة، لكن على ماذا نتفق؟.
قبل كل شيء علينا أن نتفق أننا بحاجة إلى قومية جامعة، نعم أن نكون شعب واحد وموحد وأن نترك جميع خلافاتنا الداخلية غير الأساسية جانباً وأن نتقبل أحدنا الآخر كما هو لا كما نريده أن يكون، ومن الطبيعي أن توجد بين مكونات شعبنا إختلافات وتبايانات إن كأفراد أو كمجاميع إلا أن ذلك لا يمنع أن نعمل على تقوية المشتركات وإذلال كل ما يفرقنا.. وعندما نتفق أننا بحاجة إلى عنوان شامل (وأقصد أسم قومي جامع) فأننا سنكون مستعدين لترك خلافاتنا غير الجوهرية جانباً والتمسك بالجوهري والرئيسي الذي هو في مصلحة الجميع دون استثناء ولا تفاضل، وهو بالضبط ما يحتاج إليه شعبنا لمواجهة المخاطر المحيطة بمستقبله.. حيث بخلاف ذلك فأننا سنبقى أسرى أصحاب الخطاب الإيماني (البالي) والايدلوجية التنظيمية (المزيفة)، وأن شعبنا سيبقى مسحوقاً تحت رحى الدسائس الاقليمية والمؤامرات الخارجية والتي تزداد عدداً وشدّة مع كل مرحلة يتهيأ فيها شعبنا لتحقيق ذاته، فاليوم أما أن نسعى لترميم ذاتنا أو أن نستمر بجلدها!!.
رؤية باتجاه الترميم
بالعودة إلى سؤال على ماذا نتفق؟، باعتقادي غير الجازم أنه رغم أهمية الاتفاق على اسم جامع وموحد إلا أني أرى من الصعوبة بمكان تحقيق ذلك وشعبنا مقسم إلى طوائف (غير منسجمة) وأحزاب (غير متحدة) ومجاميع (غير متجانسة)، والأهم أو الأصعب أفراد (غير مدركين) يتلذذون بفتنة التسميات.. حيث من الصعب الاتفاق على اسم واحد في الوقت الذي يتمسك به الجميع بما لديه أو بالأحرى بما ورثه عن أسلافه، كما أن الاسم المركب لم تنجح تجربته وتم رفضه لأسباب جلها فلسفية وغير عملية، أما الأسماء المتعددة فقد لا تحقق الاتفاق بقدر ترسيخها للفرقة والتعددية.. لذا فأنه من المعقول إذا ما كنا نسعى للاتفاق أن نترك هذا الخلاف (المعقد) على جنب ونركز على القضايا المهمة والجهود الرئيسية والمستعجلة التي يحتاجها شعبنا لترسيخ وجوده والحفاظ على هويته وتحقيق ذاته القومية، أما الأمور الملحة فيمكن تلخيصها في أربع نقاط جوهرية:
1-الشعب: ، بعد أن تحول المتبقي من شعبنا في الوطن إلى أقلية مستضعفة، وبعد أن فشلت جميع الحكومات المتوالية في عراق ما بعد 2003 في حماية شعبنا وصيانة حقوقه، بات لزاماً على ثلاثة أرباع كثافتنا السكانية الموجودة في دول المهجر (وقد تكون النسبة أكبر) بذل جهود كبيرة منظمة وموحدة للحفاظ على ما تبقى من أصالتنا في أرض الآباء، فالأوطان البديلة لا تعوض عن الوطن الأم مهما ارتحنا لأنظمتها ومهما وفرته لنا من حقوق وعيش رغيد.. وهذا لا يمكن تحقيقه إلا بـ (اتفاقنا ووحدتنا).
2-الأرض: لا يقل عامل الأرض في الحفاظ على خصوصيتنا عن عامل الشعب، فبدون جغرافيا تاريخية لا يمكن الحفاظ على غالبية بشرية وهو ما يصل بنا إلى ديموغرافيا حيوية، أرضنا اليوم مصادرة وقرآنا تحت الهيمنة وأملاكنا مستغلة من آخرين فهل نفهم أن ارتباطنا الوطني يبدأ من الحفاظ على مناطقنا التاريخية أم أن الأمر لا يعنينا؟؟.. برأيي كلما أستّرجع متراً من أراضينا المحتلة دق مسمار في نعش اندثار وجودنا في الوطن، حيث إن الإنسان غير المرتبط بمكان لن يكون سوى فرد لامنتمي ولاأبالي وبالتالي غير مهتم بقضية جامعة، ولرفع سقف إمكانية استرجاع حقنا المباح ومكاننا المغتصب وأيضاً للحفاظ على ما لدينا، علينا أن (نتفق ونتوحد).
3-الحقوق: يتفق الجميع على أن حقوق شعبنا المدنية والقومية مهضومة في العراق، وذلك بسبب النزعة الدينية والطائفية الموجودة لدى حكام البلد في الوسط والجنوب والنزعة القومية الشوفينية للحاكم في الشمال، وقد فشلت جميع محاولات المسايرة التي مارستها مؤسساتنا القومية والمدنية وحتى الكنسية لتذليل ذلك.. فلا الحق القومي مصان ولا الحق الديني محفوظ بسبب إصرار الأطراف الحاكمة في العراق وعلى مدى عشرين عاماً على التعامل مع شعبنا باعتباره مواطن درجة ثانية وأحياناً حتى ثالثة، وحصره في خانة القبول بالأمر الواقع أو التهميش والأسوأ دفعه إلى الرحيل والهجرة.. وأبسط دليل على ذلك هو استغلال شعبنا في العملية السياسية بدلاً من اعتباره شريكا ولو صغير، إضافة إلى الإبقاء على قوانين مجحفة بحق شعبنا على الرغم من جميع محاولات التفاوض والحوار لتعديلها، حيث لم يترك الجانب الآخر أي خيار أمام شعبنا سوى نيل حقوقه بالمواجهة والتصدي.. وهوه الأمر الذي من المستحيل تحقيقه من دون (الاتفاق والاتحاد).
4-المشروع السياسي: إن أسوأ ما قامت به أحزاب شعبنا السياسية هو عدم تبنيها لمشروع سياسي واضح وناضج مقابل إلقاء كامل قوتها على الفوز بالمقاعد البرلمانية والمناصب الحكومية، إلى الدرجة التي بات فيها شعبنا يعتقد أن حقه القومي ينحصر في التمثيل السياسي البرلماني والحكومي.. وعليه اعتقد البعض أو توهم أنه قد وجد بديلاً عندما رفض الأحزاب وتوجه إلى الكنيسة لنيل حقوقنا السياسية، فهل من المعقول أن نسعى إلى المسيحية السياسية بعد فشل الإسلام السياسي وبالأخص مع التجربة العراقية بكل ما حملته من قصور ومساوئ؟!.. للمرة الخمسين أقولها، لم يعد يوجد أمام شعبنا إذا ما أراد الحفاظ على وجوده القومي والتمتع بحقوقه المدنية أي خيار آخر سوى تدويل قضيته السياسية.. وبالتأكيد إن أول ما يحتاجه ذلك هو أن نكون (متفقين وموحدين).

للإطلاع على (الجزء الثاني) أنقر على الرابط التالي:
https://ankawa.com/forum/index.php/topic,1049761.0.html

4
ترميم الذات القومية
جدلية الفرد والجماعة.. بين الحاجة إلى التغيير وضرورات الاستمرار
"الجزء الثاني"
جورج هسدو
g_hasado@yahoo.com

بين الفردية والجماعية
يزخر تاريخ شعبنا المعاصر (بعد اعتناقه المسيحية) بالكثير من التطورات والتقلبات التي أثرت على هويته ووجوده، منها ما كان في مصلحة شعبنا كالحفاظ على اللغة الأم والتشبث بخصوصياته وتراثه المشرقي مثل الاحتفال بمناسبة عيد نوسرديل وصوم باعوث نينوى.. ومنها ما أثر سلباً على هويته وديموغرافيته وجغرافيته، وذلك عندما لجأ رجال الدين إلى تبني تسميات قومية وإلصاقها بكنائسهم المنشطرة والمتصارعة، فحول رجل الدين الكنيسة والرعية إلى سلاح يحارب بهم منافسه (إخوانه) تارة لتحقيق مصالحه وتارات لتمرير مشاريع خارجية.. وبالرغم من بزوغ نجم (أفراد) من المبدعين من أبناء شعبنا في المجالين الديني والسياسي عبر تاريخه الحديث، إلا أن (الجماعة) لاقت الكثير من الفشل وتراجع المستوى وخصوصاً لما يخص التعبير عن الذات ومجاراة منافسة الجماعات المحيطة (المختلفة والمتربصة).. ورغم إقرارنا بالتأثير السلبي لأخطاء الأفراد وميولهم وحتى مزاجيتهم على مستقبل الجماعة عندما يتسيد ذلك الفرد قمة الهرم الاجتماعي باعتباره القائد الأعلى، إلا أنه لا يمكن إخلاء الجماعة من مسؤوليتها في إبداء الرأي والنقاش، فالفرد لحاله يفكر بعقله بينما في الجماعة يتبع رأيها ورؤيتها.. وهنا يمكن لنا أن نستدل بأمثلة عديدة، فالقائد العسكري أغا بطرس خسر مشروعه القومي بسبب انقياد الجماعة لرغبات الرؤساء العشائريين الذين كانوا يتبعونهم، والكاتب نعوم فائق والمفكر فريد نزهة فشلوا في تنوير الجماعة بسبب انقيادها للخطاب الديني البالي لرجال الكنيسة المحافظين والانتهازيين.. وحتى في الماضي القريب بعد انتشار الأفكار الليبرالية والحركات التحررية، نرى أن الجماعة (المقولبة) غالباً ما تتبعت الطوطمية الحزبية وتحولت إلى أداة بيد الفرد وأصبحت تعبد الشكل بدلاً من إيمانها بجوهر الفكرة، وبالتالي خسرت روح الجماعة كما لم تتنعم بنجاحات الفرد.
لذا فأنه لا يمكن ترك لا الفرد ولا الجماعة من دون إصلاح وتنظيم العلاقة (التكاملية) بين الطرفين للوصول إلى الغاية المنشودة، فذات الفرد تستغل ذات الجماعة لتحقيق الأنا الشخصية كما تُحجم الذات الجماعية الذات الفردية عند تقاطع الأهداف، وهو ما يشكل بالنتيجة الشخصية العامة للمجتمع الأكبر.. فعلى سبيل المثال إذا استفرد رئيس حزب سياسي برأيه وأهمل رأي باقي أعضاء الحزب فأنه سيتحول إلى دكتاتور وقد يصل به الأمر إلى اختزال كامل المؤسسة بشخصه، أما إذا انصاع إلى رأي أصحابه واستجاب لهم على طول الخط فأنه لن يكون سوى دمية يحركها آخرون وسرعان ما سيتم التخلي عنه وإقصائه.. لذا فتنظيم العلاقة بين الكيان الصغير (الفرد) والكيان الكبير (الجماعة) ووضعهما في أطرهما الصحيحة بما يخدم مصلحة الطرفين سيقلل نسبة الفشل ويزيد من النجاحات، وفي حال مثالنا السابق فإن الأمر لا يحتاج إلا إلى زيادة الثقة بقدرات بالفرد مع إتاحة مساحة أكبر للجماعة للمشاركة في القرار، ومن البديهي أنه كلما كبر الاندماج بين الذاتين صغر الانقسام وبالعكس.. لكن الأسوأ هو عندما يكون هناك خلاف بين ذاتين جماعيتين لنفس المجموعة البشرية، حيث من الطبيعي أن تستغل الجماعة التزام أفرادها لتغذية صراعها مع الجماعة المقابلة وهو ما سيؤدي إلى تفكيك المجتمع ككل، فعندما يوجد أفراد (قادة سياسيين وكنسيين) عنصريين وغير مؤهلين فأنهم غالباً ما سيعملون على تأجيج الصراعات الداخلية ويزيدون من حدة الخلافات بين أبناء الشعب الواحد، وهو ما سيؤدي بالنهاية إلى شق وحدة الصف ويقضي على هوية الأمة الواحدة.
صراع الهويات
أخطر ما يهدد وحدة واستقرار المجتمعات هو وجود صراعات داخلية تشدها للخلف كلما حاولت التقدم وتعيق من مساعي تطورها وازدهارها، بل أن الصراعات غالباً ما تعود بالمجتمعات إلى مربعات (بدائية) ناقلة إياها من الحضارة والرقي إلى البداوة والبربرية ناسفة استقرارها الداخلي.. وهذا بالضبط ما يحصل لشعبنا منذ الحرب العالمية الأولى ولحد الآن، بالدرجة الأولى في العراق كما في كل من إيران وتركيا وسوريا وحتى لبنان، تلك الصراعات (الخارجية والداخلية) التي شلت حركة الفرد وشوشت على مدارك الجماعة بما حملت من أحداث مدمرة وكارثية.. إلى الدرجة التي بات فيها شعبنا يعاني من أعراض زهايمر الانتماء وفقدان ذاته القومية، وتحول من صانع للتاريخ إلى مستهلك سطحي له، حيث تمسك بالساذج وترك الناضج ولم يسلم من الإفساد والتشويه حتى الموروث الشعبي الزاخر بالعراقة، وحلت القيم الأجنبية والدخيلة محل العادات والتقاليد الأصيلة.. فمن ناحية وقع شعبنا ضحية صراع الهويات (المحيطة) فيما بينها أو بينها وبين شعبنا، حيث لم يسلم لا من محاولات التعريب التي تبنتها أنظمة السلطة العراقية المتعاقبة، ولا من ممارسات التغيير الديمغرافي لمناطقه التاريخية التي قامت بها بشكل منظم كل من الأحزاب والمشايخ الكردية.. كما كان ضحية الصراع الكردي-العربي منذ بداية ستينيات القرن الماضي، فهُجر أبناءه واحتُلت قراه وسُلبت ممتلكاته وصودرت إرادته، والأنكى أن يقوم حزب البعث الحاكم نهاية الثمانينيات بإنشاء مجمعات سكنية كبيرة حول قرى شعبنا الأصيلة لإسكان المرحلين الأكراد من القرى الحدودية فيها!!.. دون أن ننسى عمليات القتل الجماعي والمجازر العرقية التي تعرض لها شعبنا بدءاً من (سيفو) ومروراً بـ (سميل وصوريا) ووصولاً إلى (سيدة النجاة)، ذلك الجينوسايد الذي أركع شعبنا وأضاع وجوده وأدخله في دوامة ضياع الهوية وبالتالي خسارة الأرض والإنسان.. ومن ناحية ثانية مزقت الصراعات الداخلية اللحمة القومية لشعبنا وحولته إلى طوائف متخاصمة وعشائر متنازعة وصلت أحياناً إلى حد القتال المناطقي (مثلما حصل مع تجمعات شعبنا القروية في مناطق هكاري)، كما أنتجت هذه الصراعات المستمرة حالة من الضياع الفكري وأدت إلى تقويض بنيانه القومي.
حالياً نحن أقرب ما نكون إلى طوائف متعددة عن كوننا شعباً موحداً وواقعنا عبارة عن مجاميع مختلفة أكثر من أمة متفقة، كما أن إنتماءنا يعاني الازدواجية، ففي الوقت الذي نعتز بانتمائنا الأثني لشعب عريق موغل في التاريخ لما يقرب السبعة آلاف سنة فأننا أيضا نتنصر للمذهب والطائفة حد التصارع.. ورغم سعينا للوحدة ومطالبتنا بها كل الوقت وخصوصاً عند تناولنا لمؤسساتنا السياسية والكنسية بالنقد (المستريح)، فأننا نهلل للمناطقية والعشائرية ونتباهى بالانتماء للنسب والرهط حد السخافة، لابل أننا نتقاتل فيما بيننا وتأخذنا الحمية دفاعاً عن هوياتنا الصغيرة المتعددة وننسى شراكتنا ووحدة هويتنا الكبيرة (الواحدة).. إذاً، فشعبنا اليوم لا يحتاج إلى منظرين ولا إلى واعظين فالكل أصبح يفهم ما يجري ويعرف ما يريد، لكن المؤثرات الخارجية والعوامل الداخلية باتت تلقي بغشاوة على مداركنا ووعينا الجمعي، إلى الدرجة التي أصبحنا فيها لا نفرز بين المفيد والمضر لذاتنا الشاملة.. حيث لا السياسي أصبح قادراً على إقناع الجماهير ولا رجل الدين بات يؤثر في الرعية، والسبب أن قادة شعبنا بأنواعهم (الديني والدنيوي) فشلوا في تحقيق مشاريع استراتيجية للصالح العام، حيث فقد شعبنا ثقته بقادته السياسيين والكنسيين والأنكى أنه بات لا يثق حتى بنفسه.. فنحن اليوم لا ينقصنا التصارع من أجل نيل كرسي برلماني أو منصب حكومي ولا نفتقر إلى الأزمات الداخلية التي عصفت بحاضرنا الإنساني، بل إن شعبنا بأمس الحاجة إلى إعادة الثقة بنفسه وبأبنائه وبقدراته لمواجهة التحديات الكبيرة التي تهدد وجودنا كمجموعة بشرية وهويتنا كمكون أصيل، لكن كيف؟.. هذا هو السؤال الذي يجب الإجابة عنه بحكمة والمسألة التي تتطلب منا حلها (بالتوافق) للوصول إلى النتيجة الفعلية والفاعلة.

للإطلاع على (الجزء الأول) أنقر على الرابط التالي:
https://ankawa.com/forum/index.php/topic,1049551.0.html

5
ترميم الذات القومية
جدلية الفرد والجماعة.. بين الحاجة إلى التغيير وضرورات الاستمرار
"الجزء الأول"
جورج هسدو
g_hasado@yahoo.com

مقدمة
عندما فكرت بكتابة الموضوع تبادر إلى ذهني أن يكون العنوان معكوساً، من قبيل ((خراب الذات القومية.. بين التخبط الفردي والفشل المؤسساتي))، إلا أني تراجعت وتحولت 180 درجة في طرح العنوان وبالتالي محتوى المقال من التركيز على السلبي إلى السعي للإيجابي.. وليس السبب هو أني لست من محبي طرح السلبيات، بل بالعكس فأنا أؤمن أن وضع الأصبع على الجرح هو أهم طريق للوصول إلى العلاج، كما لم يأت ذلك من منطلق طوباوي لإضفاء اللون الوردي على قتامة المشهد القومي الذي بات يغلف أغلب توجهاتنا السياسية ومساعينا المدنية.. بل أن التحول في الطرح من التشاؤم إلى التفاؤل جاء لسبب بسيط، وهو أن شعبنا اليوم قد وصل فعلاً لحالة (اللاوجودية) والتيهان القومي، وهو ليس بحاجة للمزيد من التنظيرات والتحليلات الخيالية ولا إلى جرد حساب للماضي، بل إذا كان من الضروري (وللضرورة فقط) البحث عن حسنات المستقبل عن طريق تفتيت مساوئ الحاضر ودراسة عثرات الماضي.. وقد لا يختلف اثنان على أن أسوأ ما يفتت وحدتنا المجتمعية ويشد مساعي شعبنا القومية للوراء هو ما بات يسمى بـ (إشكالية التسمية)، ولعل بسعينا لترميم ذاتنا وترسيخ عراقتنا وتذليل نزاعاتنا الداخلية سنتوصل إلى اسم وهوية جامعة وموحدة، وهو بالتأكيد ما سيفتح الأبواب لترك أدران الماضي والتطلع للأمام.
يقسم علم الاجتماع اليوم القومية إلى العديد من الأنواع كالقومية المدنية والثورية والمحافظة والقومية الايدلوجية وغيرها، ولكل من هذه الأنماط مفهومه الخاص كما لكل فرع منها تعريفه الذي يتشابه بالفكرة العامة ويختلف بالتفسير والغاية عن الأخريات ناهيك عن التدرج التاريخي والتباين الفلسفي.. لكن ما يهمنا هنا وما نحن بصدد التطرق إليه هو القومية العرقية، والتي ببساطة تعني "إشتراك مجوعة من البشر يؤمنون بثقافة موحدة ويعتنقون نفس الخصوصيات اللغوية والتاريخية والجغرافية وحتى العادات والتقاليد، وهم يعتزون بماضي أسلافهم ويعتبرون أنفسهم الوريث الشرعي لهم ويتفاخرون بمنجزاتهم ويعملون على الحفاظ عليها وتطويرها".. والأهم هو وجود عامل أو شرط (الإيمان) الذي يتصدر التعريف، فمن غير الإيمان بتلك المشتركات وعدم الإعتراف بذلك التراث ونكران تاريخ الأسلاف سيلغي الشعور بالانتماء للمجموعة العرقية، وبالتالي سيدفع المرء للتمسك بهوية وتاريخ مختلف، وهو الأمر الذي قد يتحول أحياناً (لأسباب ذاتية وأخرى موضوعية ومؤثرات داخلية وخارجية) إلى رفض المجموعة الأصلية وإستعداء أفرادها والتعامل معهم بشراسة مفرطة.. ولا يكتمل الشرط الأول إلا بالتوازي مع الشرط الثاني وهو، العمل على الحفاظ على خصوصيات المجموعة العرقية وتطويرها، حيث إهمال الخصوصيات والاستقبال السلس للمختلفات سيؤدي بالنتيجة إلى ضياع المجموعة القومية (والتي غالباً ما تكون صغيرة) وانصهارها في ثقافة الأغلبيات الأكبر.. إلا أن فقدان المجموعة العرقية لخصائصها لا يحدث صدفة أو فجأة، بل هو يمر بمراحل مختلفة ويتعرض لصدمات متعددة تؤثر على الفرد وتدفعه للتخلي عن خصوصياته تدريجياً، حيث شيئاً فشيئاً سيقتنع بأنه غير ما كان أجداده عليه أو أنه (تطور) ليكون أرقى وأفضل منهم.
وفي حالة شعبنا فأنه ورغم وجود كل تلك المشتركات ورغم وضوح الصورة العامة والتي ترتكز على العوامل العلمية الثلاث (الجغرافية، اللغة والتاريخ) إلا أن الشعور بالهوية المشتركة يتعرض الى التشظي والإيمان بوحدة المصير يعاني من التشكيك، وهو ما يضعف الذات القومية ويشوهها.. كما أن هناك عوامل ضاغطة تدفع باتجاه إلهاء المرء وإبعاده عن التفكير بـ (من هو؟) وحصره في زاوية التركيز على (ما هو؟)، في مقدمتها تأثيرات الأحداث السياسية المحيطة وصعوبات الحياة اليومية وضرورات العيش الرغيد والأمين في ظل تزايد مخاطر وتهديدات البقاء.. وقد يخلق التنازع بين إلتزام المرء بنسبه وماهيته المكونة لشخصيته المعنوية وبين إهتمامه وتشبثه بمتطلباته المادية صراعاً داخلياً، وهو الصراع الذي (وفي أحيان كثيرة) يولد حالة من التأرجح والتردد العقلي وحتى العصيان والتمرد على الأفكار الراسخة مقابل الاستسلام للقناعات المتزعزعة.. وعلى الرغم من وجود أكثر من مسبب لكل ذلك التشظي والتشكيك والتشويه، إلا أن ما يتقدم قائمة المسببات هو تعدد المنتمين أو المؤمنين بهوية محددة دون غيرها، لابل أن الحالة وصلت بالبعض لاستعداء أبناء عرقهم وأخوانهم في الدين وأحياناً حتى المشتركين معهم بالمذهب.. وقد يكون هناك من بين المتعصبين لتسمية محددة لشعبنا ممن يؤمنون بها فعلياً ومن لهم مرتكزاتهم الخاصة التي يعتبرونها خط أحمر لا يمكن تجاوزه، إلا أن الأكثرية من مروجي الأسم الواحد (المجزء) أو (الحاوي) لباقي الأسماء من المستنفعين وأصحاب ردود الأفعال وأنصاف المثقفين وأسوأهم.. الطائفيون.
لكن أول ما يتبادر إلى ذهن السائل هنا هو، لماذا نحتاج إلى قومية جامعة أو أسم موحد؟؟، ماذا يمكن أن يضيف لنا (كأفراد وحتى مجاميع) الإنتماء لعنوان شامل؟، ماهي المميزات التي سيتم جنيها من الإتفاق على هوية مشتركة وإتحاد قومي؟، وبالمقابل مالضير من إحتفاظ كل مجموعة بخصوصيتها وشخصيتها المنفردة؟.. ماهي نسبة الخسارات مقابل المكتسبات إذا ما كان شعبنا يحمل تسميات متعددة؟، أين الخلل في أن يكون لنا أكثر من أسم مع الإحتفاظ بوحدة الصف في مواجهة التحديات المحيطة والتي لا تفرق بين المختلفين؟، هل لا بد من أن يؤدي الإختلاف إلى الخلاف أم أنه بالامكان أن يكون في التنوع قوة؟؟.. وقبل معرفة السبب أو على الأقل الوصول إلى إجابات مرضية لابد من سرد المعطيات وتحليل الوقائع للوصول إلى إجابة (مقنعة)، وهو ما سنقوم بتثبيته في نهاية المقال الذي لن يقتصر على التحليل وحسب، بل سيتضمن رؤية من الممكن إعتمادها أو التركيز عليها لرأب الصدع بين أطياف شعبنا أولاً، ولبناء شخصية قومية مستقرة لاحقاً.. ورغم أن الفرد يعتبر العنصر الأساسي في بناء المجتمعات حيث دون بناء الفرد لا يمكن بناء مجتمع صحي وفاعل، إلا أنه في حالة شعبنا الفاقد للأرض والحضور الوطني، فأنني أرى من الضروري التركيز على ترميم الذات الجماعية لشعبنا للوصول إلى وضع الذات الفردية في إطارها الصحيح بما يخدم القضايا العامة خاصة وأننا نتعايش مع محيط سياسي خطر وإجتماعي رافض للتنوع.

6
من أجل قضية فاعلة ترتقي لمستوى التحديات
شعبنا بين نار الوطن وتيه المهجر - الخلاصة *

جورج هسدو
g_hasado@yahoo.com

بعد سلسلة المقالات والتي وصل عددها إلى إحدى عشرة مقالة، وبعد المرور على مضامينها وقراءة محتواها، ومن خلال التعرف على الأفكار والرؤى الموجودة فيها، سنتوصل إلى نتيجة واحدة وهي "أن حالنا اليوم كأمة وكقضية وحتى كمجموعة بشرية ليس جيداً بل هو سيئ وقد يكون سيئٌ جداً أيضاً".. فواقعنا القومي مشتت وغير مستقر ووجودنا مقسم بين الوطن والمهجر، والمعاناة من ظلم المكونات الكبيرة مستمرة، ونحن نواجه أزمة هوية ولدينا إشكالية التسميات، وولاؤنا مجزأ بين الإنتماءات المذهبية والقبلية والمناطقية، كما أن جغرافيتنا محتلة وعمليات السطو عليها مستمرة.. وشعبنا يواجه صراعاً خاسراً وغير متكافئ لا من الناحية العددية ولا على مستوى الإمكانيات المادية، وقضيتنا القومية في تراجع مستمر بسبب سوء إدارتنا لملفاتنا السياسية، وشعبنا لا يمتلك أصدقاء حقيقين ولا حلفاء دائميين، والظروف الموضوعية ليست في صالحنا كما أن ظروفنا الذاتية مهلهة، وطروحاتنا السياسية وتنظيراتنا القومية باتت منتهية الصلاحية!!.
وهنا اسمحوا لي أن أستعير فقرة من (ورقة داخلية) كنت قد كتبتها قبل سنوات، ((أعتقد بأني لن أجافي الواقع إذا قلت أن نسبة 90% من أبناء شعبنا في الوطن باتوا لا يثقون بالسياسة القومية ويفضلون النأي بأنفسهم عنها (وهل نلومهم؟)، وأن نسبة 90% منهم لديهم مشاريع هجرة مؤجلة.. كما أن نسبة 90% من العاملين في الحقل السياسي القومي الحالي هم من الإنتهازيين والوصوليين، وأن نسبة 90% منهم عملاء ومتآمرين وهم لا يتوانون عن المتاجرة بقضية شعبنا وآلامه (فهل نحاسبهم؟!).. أما ما يتعلق بالـ 10% من المؤمنين والمرابضين والمناضلين والمضحين فأن أدائهم وفي أحسن الأحوال لا يتجاوز الإلتزام بمبدأ إرضاء الضمير فحسب، وحتى أولئك يضطرون أحياناً للرضوخ والقبول بالمساومات ويبررون للدبلوماسية الخاسرة من منطلق أن الحصول على القليل أفضل من لا شيء بينما الحال وصل إلى حد.. تهديد الوجود!!.)).
والنتيجة التي تكاد تكون (رغماً عنا) سوداوية، هي:
- أحزابنا السياسية باتت وسائل لا تحقق الهدف!!.
- كنائسنا تحولت إلى وسائل تسيئ إلى الهدف!!.
- مؤسساتنا المدنية هي وسائل تبتعد عن الهدف!!.
- تمثيلنا السياسي رديء!!.
- إعلامنا القومي فاشل!!.
- شارعنا القومي خامل!!.
- لا نمتلك جماعة ضغط!!.
والسؤال الذي من المفروض طرحه هنا هو، ما الحل؟ أو هل لدينا حل أصلاً؟ وإذا كان هناك حل فبالتأكيد لن يكون عصا سحرية تقلب كل هذه الخسارة وكل هذا الضعف إلى ربح وقوة بإشارة من حاملها، بل في حده الأقصى سيكون (مقترح حل) ربما يكون نافعاً إذا ما تم تبنيه والعمل عليه بشكل جدي وفاعل.. وربما لن يكون أكثر من محاولة أخرى تندرج في خانة (الإجتهاد) عسى أن تحقق ولو تقدماً بسيطاً أمام كل هذا التراجع، لكن بالتأكيد لن يكون مضراً في حال تم الأخذ به أكثر من ما نتعرض له من ضرر على مستوى (القضية والشعب والأرض والهوية) وحتى أساسيات العيش الرغيد.. وأنا اليوم أرى بأن مستقبل شعبنا مجهول أكثر من أي وقت مضى، لذا علينا التحول من وضعية المدافعة عن الخسارات إلى وضعية المهاجمة لتحقيق المكاسب، والإنتقال من حالة الإرتجال الفوضوي إلى حالة التخطيط المنظم لتحويل إخفاقاتنا إلى نجاحات.. وإذا لم نتحرك سريعاً لانقاذ خصوصيتنا الإثنية ووجودنا الديني وتدارك تشتتنا الديمغرافي وأنقاذ قضيتنا القومية واستحصال حقوقنا السياسية من خلال السعي الجاد والحثيث والمبرمج وترك الأنا ونبذ الخلافات الداخلية والتركيز على المشتركات، فأننا سنشهد في المستقبل القريب خسارة تاريخ ونهاية قضية وتشتت شعب (بالكامل)!!.
والمقترح يتركز على منظورين:
الأول: الكف عن المراهنة على (الداخل) وعلى أداء الفعاليات القومية الموجودة في الوطن وبالأخص الأحزاب السياسية، حيث أن ما موجود اليوم في الوطن من (فعل قومي) بشكل عام قد قدم ما لديه ولم يعد هناك ما يمكن أن يفعله لتغيير المعادلة الخاسرة التي نتجرعها منذ عقود.. كما لن يكون من المفيد الإستمرار بإلقاء المزيد من المسؤوليات على عاتق الفعاليات القومية العاملة في الوطن في ظل تنامي الممارسات العدائية للسلطة والفكر العنصري للأطراف السياسية، وسيكون من غير المنصف مطالبتها بما هي غير قادرة على (تقديمه أو تحمله أو تبنيه).. وسيكون من الأفضل تركها (الفعاليات القومية) تفعل ما تراه مناسباً وما تعتقده ملائماً وما تعتبره ممكناً، حيث عدم التركيز عليها يعني في المقام الأول التوقف عن الإستمرار بتحميلها مسؤولية الإرتقاء بقضية شعبنا، وبالنتيجة الإبتعاد عن إلقاء اللوم عليها قدر الإمكان.
الثاني: تفعيل (الخارج) والإعتماد على إمكانيات شعبنا البشرية والمادية الموجودة في المهجر، حيث أن نسبة شعبنا اليوم في دول الشتات تكاد تكون ثلثي نسبته الموجودة في الوطن (إذا لم تكن أكثر)، كما أن مساحة التحرك وحرية التعبير تكاد لا تقارن بالموجود في الوطن.. أضف إلى ذلك التحفيز المعنوي والمادي الذي توفره الأنظمة الليبرالية في الدول الديمقراطية التي يتواجد فيها شعبنا، حيث ومن خلال المدافعة عن حقوق شعبنا المهضومة في الوطن يمكن تحقيق مكاسب ثانوية (جانبية) على المستويين المادي والمعنوي تصب في مصلحة قضيتنا القومية.. لكن الأهم يبقى وجوب إبتعاد هذه التشكيلات أو الكيانات عن التورط في مشاكل التنافس الحزبي (وتحريم) دخولها في سباق التمثيل السياسي والكراسي البرلمانية، والإكتفاء بالنشاط الخارجي (الدولي) الساعي للإرتقاء بقضية شعبنا إلى مستوى التحديات المحيطة، وبعبارة أدق وأشمل لم يعد أمامنا حل سوى العمل على تدويل قضيتنا القومية واللجوء إلى الدعم الخارجي (وربما تكون فرصتنا لأخيرة).
وأخيراً فأني من هذا المنبر أعلن أن غايتي الرئيسة من هذه السلسة أو ما قد يليها من تحليلات ومقالات رأي هي محاولة للوقوف عند الأخطاء التي تمارس بحق شعبنا وقضيته القومية ومحاولة التقليل من ضررها (ولن أقول معالجتها)، وأني منذ اليوم الذي تركت فيه العمل القومي (السياسي) وهاجرت الوطن قررت أن لا أنخرط في أي عمل مؤسساتي.. كما أني أؤكد إستعدادي الدائم لتقديم أية مساعدة ممكنة لأي حراك أو مسعى يصب في مصلحة قضيتنا القومية بشرط عدم الإنضمام لأي تشكيل قومي لا سياسي ولا مدني، وهو ما أقترحه على جميع السياسيين والحزبيين الذين أخذوا فرصتهم في العمل القومي وخاصة الذين استمروا فيه (لعقود) بغض النظر عن نتاجهم إن كان سلبياً أو إيجابياً، فاليوم شعبنا وقضيتنا بحاجة إلى أفكار حديثة وطاقات شابة وجهود إستثنائية وعقليات.. غير ملوثة.

*  (12-12)سلسلة مقالات تتناول جوانب رئيسية في العمل القومي والأداء السياسي (الكلداني-السرياني-الأشوري).

للإطلاع على المقالة (12-11) أنقر على الرابط التالي:
https://ankawa.com/forum/index.php/topic,1037644.0.html

7
من أجل قضية فاعلة ترتقي لمستوى التحديات
شعبنا بين نار الوطن وتيه المهجر - الوسائل والآليات *
"جماعة الضغط"

جورج هسدو
g_hasado@yahoo.com

ج: جماعة الضغط (اللوبي)
لا داعي لاستعراض ماهية اللوبي السياسي أو الحديث عن إيجابيات جماعات الضغط الناشطة على المستوى الدولي خدمة لقضايا الأقليات، فاليوم أغلب المتابعين والقرآء على دراية بما يعنيه اللوبي ومدى التأثير الذي يمكن أن تقوم به جماعات الضغط على الحكومات.. كما لن نضيف جديداً إذا أكدنا أن من أولويات اللوبي هو العمل على تغيير قانون لا يصب في مصلحة أهداف جماعة الضغط، أو من مهامه السعي لاستحصال قانون جديد يخدم قضية الشعب السياسية التي يتبناها اللوبي ويدافع عن حقوقهم.. وهكذا فأن شعبنا اليوم (نظرياً) أفقر ما يكون ليفكر بأهمية أن يمتلك جماعة ضغط تسعى لتحقيق أهدافه القومية، وهو (واقعياً) أبعد ما يكون ليقتنع بضرورة امتلاك لوبي خارجي لحماية وجوده والمدافعة عن حقوقه المسلوبة في الوطن.. رغم أن شعبنا اليوم (وحتى في الماضي) هو أحوج ما يكون للحشد والضغط الخارجي نصرة لقضاياه المتراجعة وحماية لمصالحه المتجاوز عليها، خاصة وأن المسار الخارجي (عن طريق إنشاء لوبي خاص بشعبنا في دول المهجر) لن يتعارض مع المسار الداخلي في المطالبة بحقوقنا القومية والسياسية.. لا بل أن الجهد الداخلي ومهما بلغ من قوة أو إقتدار على مواجهة التحديات (وهذا ما نحن بعيدين عنه كلياً اليوم) لن ينجح بدون الدعم الخارجي المشروع وغير المشروط، وهو ما يمكن لجماعة الضغط تحقيقه إذا ما تم إدارتها باستقلالية وتجرد.
ورغم تعدد أسباب ذلك البعد أو الفقر في إمتلاك جماعة ضغط، حيث فشلت محاولة أو إثنتين وتحديداً في الولايات المتحدة الأمريكية لأسباب لا تتعلق بالمستوى الأكاديمي أو كفائة الناشطين أو إلتزامهم بقدر تعلقها (بنوايا) ومزاج الجهات الداعمة ورؤسائها.. إضافة إلى تعثر بعض المحاولات (البسيطة) في دول أخرى كأستراليا وكندا وعدد من الدول الأوربية لأسباب إدارية وفنية ومالية، حيث أن بعض تلك التجارب تم وأدها في المهد كما عانت أخرى من مخاض التأسيس العسير والذي أدى بها في النهاية إلى الشلل والتلاشي.. رغم ذلك إلا أن السبب الجوهري لذلك الفشل يكمن في عدم إيمان مؤسسات شعبنا في المهجر والناشطين القوميين وقبلهم أحزابنا السياسية بضرورة إمتلاك شعبنا لجماعة ضغط يتم إدارتها من قبل المستقلين والكفاءات العلمية وأصحاب الإختصاص.. فالمدرسة الحزبية (الكلاسيكية) التي تعود شعبنا على الإلتزام بمنهاجها القومي حرفياً لا تسمح حتى بالتفكير بإيجاد بدائل ولا الإيمان بالمشاركة أو تقبل فكرة التكامل بين المؤسسات، فأصحاب هذه المدرسة يعتقدون أن عملهم سيتشابك مع عمل اللوبي ورؤيتهم ستتقاطع مع مساعيه!!.. عليه فقد إقتنعت بعض مؤسساتنا القومية بأنه يمكنها أن تتولى لوحدها المهمة وتتحول لجماعة ضغط وتقوم بحملات مدافعة عن حقوقنا السياسية، غير مدركة أن (اللوبي القومي) يختلف جذرياً عن (الهيئة الادارية) وأن حملة المدافعة عن (الحق السياسي) لا علاقة لها (بالنشاط الخيري)!!.
وبعيداً عن السفسطة الفكرية والفنتازيا الحزبية فأن على شعبنا اليوم تقع مسؤولية الفرز بين (الحقيقي والزائف) في العمل القومي، وإذا كانت فعالياته ومؤسساته مقصرة وغير مهتمة بالإرتقاء بقضيته القومية لمستوى التحديات الخطيرة التي يواجهها، فأن عليه أن يقوم بذلك بنفسه.. إذ أن تحمل مسؤولية الخروج من عنق الزجاجة التي حُشر فيها شعبنا لسنوات وسنوات لم تعد من مسؤولية المؤسسات الرسمية كالأحزاب والكنيسة فحسب، بل أنها أصبحت مسؤولية جماعية يتشارك فيها الكل أفراد وجماعات ومؤسسات منذ أن توالت علينا الخسارات.. وليس أفضل لشعبنا من أن يفتش عن وسائل وآليات غير تقليدية، أو أن يخلق فعاليات قومية (حديثة) تتحمل مسؤولية الدفاع عن قضاياه السياسية والاجتماعية دون الغوص في (وحل) المنافسة السياسية، وقد يكون أهمها إنشاء جماعات ضغط خاصة بشعبنا في دول المهجر.. وهو الأمر الذي بالتأكيد سيحتاج بعد (إختمار الفكرة) إلى التمويل الجيد والهيكلية المناسبة والروابط القوية والتشارك في تحمل المسؤولية والعلاقات المتينة والكفاءات الأكاديمية، وقبل كل ذلك وللوصول إلى الغاية المرجوة من اللوبي، وجود الإستعداد الفردي التطوعي.. وعندها قد (ضع خطين عريضين تحت مفرة قد) نستطيع مجابهة التحديات والتواجد في الساحة الدولية والاستمرار بالمشاركة الوطنية والإرتقاء بقضية شعبنا ليس على المستوى السياسي وحسب بل على جميع المستويات الاقتصادية والاجتماعية والقانونية والثقافية.

*  (11-12)سلسلة مقالات تتناول جوانب رئيسية في العمل القومي والأداء السياسي (الكلداني-السرياني-الأشوري).
للإطلاع على المقالة (12-10) أنقر على الرابط التالي:
https://ankawa.com/forum/index.php?topic=1037424.0

8
من أجل قضية فاعلة ترتقي لمستوى التحديات
شعبنا بين نار الوطن وتيه المهجر - الوسائل والآليات *
"الشارع"

جورج هسدو
g_hasado@yahoo.com

ب: قوة الشارع
أكثر ما يستغربه المتابع لشؤون شعبنا هو عدم إدراك أحزابنا السياسية ومؤسساتنا القومية لأهمية تحريك الشارع (الكلداني-السرياني-الأشوري) وإستغلال قوة الشعب في المطالبة السياسية بالحق القومي وحملات المدافعة عن الأهداف الوطنية.. والأكثر إستغراباً هو أن نشهد وقوف بعض الأطراف (أحياناً سياسية وأحياناً أخرى كنسية) بالضد من المحاولات الرامية لاستغلال الصوت الرافض للتعبير عن (النقمة الشعبية) من ممارسات الحكام والأجهزة الأمنية ودكتاتورية أحزاب السلطة.. لابل أن بعضهم (لا يستحي) من الإعلان عن معارضته ووقوفه بالضد من اللجوء إلى رأي الشارع في التنديد والاستنكار، مبرراً موقفه ذاك بأسخف الحجج وأتفه الأسباب من قبيل الاعتكاز على شماعة الوضع الأمني الغير مستقر أو تخويف أبناء شعبنا من ردات فعل السلطة.. علماً أن ذاك (البعض) يعلم يقيناً أن لا السلطة ولا الظرف الأمني ولا الأجهزة القمعية (ولا حتى الأنواء الجوية) استطاعت أن تقف بوجه الرأي العام في سعيه للتغيير عندما يتم أدلجته بما يخدم الصالح العام وليس للصراع من أجل المنافع الفؤية.. لكن الحقيقة ليست في عدم إيمان الأطراف المعارضة بتحريك الشارع في حملات المدافعة عن الحقوق والأهداف، بل لعدم قدرتها أو بالأحرى تخوفها من اللجوء لوسيلة فعالة كهذه والتي بالتأكيد لن تعجب السلطة ولا أزلامها ولن تصب في مصلحة من (يلهثون) خلف المناصب والكراسي!!.
وحتى أحزابنا القومية المحسوبة )بشكل أو بآخر( على التيار المعارض لسلطة الأحزاب الحاكمة في العراق فشلت في إستغلال قوة الشارع أو تحريك الرأي العام بصورة جدية، ليس بسبب صعوبة ذلك، بل لأنها غير راغبة به أصلاً ولا تريد التورط في أي مد أو هيجان شعبي قد يفقدها السيطرة على الموقف.. فقد شهدنا في حالات نادرة وعلى مستوى ضيق أكثر من محاولة (لتثوير) الشارع قامت به أحزاب ومؤسسات قومية، والتي أتت بثمارها ونجحت في إجبار السلطات على التراجع أمام الضغط الشعبي والموقف العام لعموم فعالياتنا القومية.. حيث على الأقل يمكن لنا الاستشهاد بحالة واحدة وهي عندما أصر أولياء أمور طلبة التعليم السرياني على رفض إرسال أولادهم المتخرجين من المرحلة المتوسطة لإكمال دراستهم الإعدادية باللغة الكردية، وكانوا مستعدين لخسارة مستقبلهم التعليمي مقابل التمسك بالحق القومي.. وفعلا نجح (المسعى الحزبي) بتغيير موقف سلطة الإقليم أو إلغاء مقترح وزارة التربية بجعل التعليم السرياني للمرحلتين الابتدائية والمتوسطة فقط، والذي ما كان يمكن تحقيقه بدون إلتفاف الأهالي حول القيادة السياسية ودعم قرارها.. إضافة إلى تجربة أو إثنتين دعت فيها الأحزاب القومية شعبنا للتظاهر بالضد من مواقف السلطة الرامية لإنكار الحق القومي أو لهضم الاستحقاق الشعبي، وقد كانت استجابة أبناء شعبنا لها بالمستوى المقبول رغم التهديد والوعيد والممارسات الدكتاتورية.
لكن الغريب فعلاً أنه ومع كل (صفعة) يتلقاها شعبنا تسارع الأحزاب السياسية العاملة في الوطن بمطالبة فروعها وباقي الفعاليات القومية في المهجر للتظاهر والإحتجاج، في الوقت الذي (تمتنع) هي عنه في الوطن رغم أن الصفعة دائمأ ما تأتي من الداخل وليس الخارج!!.. والأغرب أن تسارع تلك الفعاليات بتلبية الطلب حتى قبل أن تستوعب ماهية المشكلة وحجم الحدث، فيأتي نشاطها غير فعال ويظهر وكأنه (تنفيذ أمر) بدلاً من كونه (تعبيراً عن موقف)، وبالتالي فأن نوعية المشاركين تنحصر في الأعضاء والمنتمين وغالباً بأعداد خجولة.. ومهما بلغ تأثير الإحتجاجت الخارجية على الجهات المعنية فلن يكون مثل ما يمكن أن يحققه التظاهر في الوطن، ناهيك عن حجم الاحتجاجات الذي لم ولن يصل أبداً إلى قوة مشاركة شعبنا في الوطن إذا ما تم التخطيط له بحرفية.. فاليوم العالم أصبح شبه قرية صغيرة بسبب وسائل التواصل وأجهزة الإعلام ويمكن تحويل أي حدث محلي إلى قضية دولية تحظى بإهتمام المجتمع الدولي دون داع أو ضرورة لنقل الفعالية للخارج، بل قد يكون ذلك أفضل بكثير من حيث رفع سقف التداعيات والتي بالتأكيد لن تكون بصالح الأنظمة الحاكمة والتي نعلم جدياً عقليتها في التعامل مع الإحتجاجات الشعبية.. لكن للحقيقة والإنصاف فأنه من اللزوم علينا أن نقر بتسارع أحزابنا القومية إلى الدعوة للإعتراض وتأكيد سياسيينا على أهمية دعم الشارع لمطالبهم وإيمانهم بفاعلية تحريك القاعدة الشعبية لتحقيق الهدف المنشود والدخول في ماراثون اللقاءات والاجتماعات الرسمية وغير الرسمية، عندما يتعلق الأمر بـ.. مقاعد الكوتا!!.

* (10-12) سلسلة مقالات تتناول جوانب رئيسية في العمل القومي والأداء السياسي (الكلداني-السرياني-الأشوري).
للإطلاع على المقالة (12-9) أنقر على الرابط التالي:
https://ankawa.com/forum/index.php/topic,1037166.0.html

9
من أجل قضية فاعلة ترتقي لمستوى التحديات
شعبنا بين نار الوطن وتيه المهجر - الوسائل والآليات *
"التمثيل السياسي"

جورج هسدو
g_hasado@yahoo.com

ثانياً: الآليات
أ: التمثيل السياسي

أصبح شعبنا يتمتع بالتمثيل السياسي ويصبح له نواب في الهيئة التشريعية على مستوى الوطن (العراق) بداية تسعينيات القرن الماضي، حيث إستطاع من خلال المشاركة في الإنتخابات النيابية الخاصة باقليم كردستان العراق عام 1992 أن يوصل خمسة نواب إلى المجلس الوطني الكردستاني.. ورغم أن المقاعد الخمسة كانت مخصصة لشعبنا وفق نظام الكوتا أو المقاعد المحجوزة سلفاً، إلا أن الأمر لم يخلو من المنافسة من خارج البيت القومي، فقد دخل الحزبين الكرديين الرئيسيين على خط المنافسة وإستطاع الحزب الديمقراطي الكردستاني من (التسلبط) على مقعد واحد.. ولسنوات إستطاعت الحركة الديمقراطية الأشورية بمقاعدها الأربعة (ونادراً بالتشاور مع صاحب المقعد الخامس) من تثبيت بعض المطالب القومية وتحقيقها ميدانياً، والتي أهمها كان الإقرار بالتعليم السرياني كدراسة رسمية في الإقليم للمستويين الإبتدائي والمتوسط.. وبسبب قلة الحنكة السياسية وتحديداً ما يخص التمثيل البرلماني والتنافس الحزبي على مستوى مؤسسات الدولة، إستطاعت الأطراف (الرافضة) لحقوق شعبنا القومية من الإلتفاف على بعض المقررات ودفع ممثلينا السياسيين للقبول بها.. وبعد أن تيقنت المرجعية السياسية الكردية (وبعدها الشيعية) من أهمية الصوت البرلماني للأقليات وبالأخص شعبنا (الكلداني-السرياني-الأشوري) عملت حد الإستقتال على مصادرة التمثيل القومي من خلال إيصال أشخاص موالين لها إلى السلطة التشريعية ومن ثم السلطة التنفيذية والتي قد تكون أهم أحياناً لما لها من تأثير على الأرض وبين الجماهير.
بعد عام 2003 إنقسم التمثيل السياسي لشعبنا بين بغداد وأربيل، فتم إعتماد نفس آلية الكوتا في الدورة الانتخابية الثانية لمجلس النواب العراقي 2010، ومنذ ذلك الحين ونحن لدينا خمسة نواب منتخبين يمثلون شعبنا في مجلس النواب العراقي وخمسة في برلمان إقليم كردستان العراق.. وبغض النظر عن من حقق الفوز إن بأصوات شعبنا أو من خارجه، فأن الأداء وعلى طول الخط لم يكن بمستوى التحديات، لا بل أحياناً كان أداء النواب (بالضد) من طموحات شعبنا القومية وتطلعاته بالتمتع بحقوقه الوطنية غير منقوصة.. ورغم يقيني (وجميع أبناء شعبنا) بوجود عدم مقبولية ومعارضة لمطالبنا الشرعية من قبل الكثير من ممثلي باقي المكونات مدفوعين من أحزابهم وأيدلوجياتهم الدينية والقومية، إلا أن السؤال يبقى، ماذا حقق ممثلونا وعلى مدى عشرات السنين لشعبنا؟!.. وما عزز من تراجع الدعم الجماهيري لمرشحي أحزابنا القومية وأثر سلباً على إيمانهم بالتمثيل السياسي هو تحول الكرسي البرلماني إلى غاية لتحقيق المكاسب المادية والمكانة الاجتماعية المرموقة في ظل خلو الساحة القومية من الأداء السياسي الناضج.. والإكتفاء ببعض الحالات التي تدخل في إطار الظواهر الصوتية والجعجعة الإعلامية والمزايدات الحزبية، والتي كلها لا تقدم ولا تؤخر شيئاً على أرض الواقع المتردي الذي يعيشه شعبنا، والكارثة هي في إصرار تلك (النماذج) على إعادة وتكرار نفس النهج الخاسر لعقود وعقود!!.
أما في الانتخابات البرلمانية الأخيرة فقد تعرضت مسألة تمثيل شعبنا في مجلس النواب العراقي إلى أكبر خسارة يشهدها منذ بدأ سباق المقاعد النيابية، فقد خسرت جميع أحزابنا القومية المنافسة بينما إكتفت أخرى بشرف الإنسحاب وحفظ ماء الوجه.. وهذا لم يكن بغريب عن أغلبنا وخاصة المطلعين على كامل المشهد السياسي في العراق، حيث خسارة التمثيل القومي الحقيقي بدأت منذ زمن بعيد، وتطور الأمر ليصل إلى الحد الذي باتت جميع الأطراف السياسية (شيعية، كردية، سنية وحتى اليسارية) تطمع بمقاعد شعبنا.. وبنفس الدرجة التي نؤكد فيها أن سبب الخسارة (المادي) كان إلتفاف الأطراف الأخرى على القانون الانتخابي عن طريق ضخ أصوات انتخابية من خارج شعبنا، نؤكد تحمل أحزابنا القومية سبب الخسارة (المعنوي).. فعندما لا تكون بمستوى المنافسة، أو عندما لا تثق بشرعية المنافسة، أو عندما لا تستطيع تحمل ضريبة المنافسة، أو عندما تفشل أكثر من مرة في المنافسة، عليك ببساطة أن تكف عن (التبرير الساذج) وتترك المنافسة على السلطة وتتحول لمعارض لها ومؤيد لحقك الشرعي، لعل وعسى......!!.

*  (9-12) سلسلة مقالات تتناول جوانب رئيسية في العمل القومي والأداء السياسي (الكلداني-السرياني-الأشوري).

للإطلاع على المقالة (12-8) أنقر على الرابط التالي:
https://ankawa.com/forum/index.php?topic=1036881.0

10
من أجل قضية فاعلة ترتقي لمستوى التحديات
شعبنا بين نار الوطن وتيه المهجر - الوسائل والآليات *
"مؤسسات المجتمع المدني"

جورج هسدو
g_hasado@yahoo.com

د: مؤسسات المجتمع المدني
لن نكون طوباويين إذا قلنا أن على شعبنا اليوم إذا أراد تحقيق تغيير إيجابي وتقدم نوعي لصالح قضيته القومية أن يدعم مؤسسات المجتمع المدني ويعمل على تقويتها قدر ما يستطيع، فالسياسة اليوم أصبحت علم يؤثر ويتأثر بكل مناحي الحياة وأهمها المجتمع.. ولأن شعبنا لا يملك مرجعية سياسية موحدة بسبب (تعجرف) الساسة، ولا زعامة كنسية متفقة بسبب (أنانية) رجال الدين، لذا فلن يكون من الضعف أو العيب أن يلجأ إلى المؤسسات غير الحكومية لتحسين واقعه الاجتماعي وبالتالي مكانته القومية في الوطن.. شخصياً أصبحت (منذ زمن) أعول على منظمات المجتمع المدني أكثر من الأحزاب والكنيسة في الحفاظ على وجود وإستمرارية شعبنا، خاصة وأننا نملك كماً لا بأس به من المؤسسات القومية ومنظمات المجتمع المدني التي باستطاعتها إدارة حملات مدافعة على المستويين الوطني والخارجي.. إلى جانب (التمايز النوعي) وإختلاف مجالات العمل المؤسساتي، فهناك منظمات تعنى بالتنمية البشرية وأخرى بالتطوير المجتمعي ومنها ما يتولى الجانب الخيري وتقديم المساعدات، كما أن هناك مراكز ثقافية واتحادات شبابية وثالثة لشؤون المرأة، والأهم أن لدينا مؤسسات للتخطيط والدراسات الميدانية.
لكن كل هذا التنوع والتعدد يعيبه جملة من الصعوبات التي تؤثر سلباً على الأداء المدني الخاص بشعبنا، كما يواجه العمل المؤسساتي معوقات (فكرية وإدارية) تشل حركته وتجعله يراوح مكانه وأحيانأ حتى تشده إلى الخلف، فتتحول المنظمة المدنية إلى مجرد جسد بلا روح.. إضافة إلى أن بعضها يرزح تحت ضغط الرؤية الأحادية للمؤسسين إن كانوا أفراداً أو كيانات، وهو ما يجعلها متقوقعة على ذاتها وغير منفتحة، إلى جانب احتكار نشاطها من قبل الممولين وغلق باب الخلق والاجتهاد بوجه الأعضاء إلا ما ندر وفي حدود التوجه الأيدلوجي للممولين.. كما أن (أغلب) منظمات المجتمع المدني الخاصة بشعبنا تتعرض إلى الاحتكار الإداري بحيث يسيطر عليها نفر أو إثنين (وأحياناً حتى من نفس العائلة)، كما أنها تعاني من قلة الكفاءات الأكاديمية والقدرات البشرية، وهو الأمر الذي ينعكس سلباً على أداء المؤسسة.. لكن الأسوأ هو أن جميعها (تقريباً) تفتقر إلى الإستقلالية، فهي إما حزبية أو محزّبة، فكل (ما يملكه شعبنا) اليوم من منظمات غير حكومية أو مؤسسات مجتمع مدني تدور في فلك الأحزاب السياسية وتتبعها بشكل أو بآخر، فهي إما مسيطر عليها من الكادر الحزبي كلياً أو أن القيادة الحزبية على علاقة وطيدة مع مجلس الإدارة وحاصلة على ولائه المطلق!!.
وما يؤسف له أن تصاب منظمات المجتمع المدني بداء السياسة ويتحلى رؤساؤها بأخلاق الساسة، فاليوم بتنا نرى العديد من المؤسسات المدنية تحذو حذو الأحزاب السياسية في التشبث بالسلطة والسعي لجني مكاسب مادية ومعنوية على حساب الصالح العام.. لابل أن بعض إداراتها (أو بالأصح رئاساتها) دخلوا على خط المنافسة مع السياسيين وترشحوا للانتخابات النيابية إن كان في المركز أو في الإقليم، والأتفه من كل ذلك أن يسعى رئيس منظمة مجتمع مدني أن يكون موظفاً عند السلطة!!.. فإذا كانت المنظمة المدنية تشبه الحزب السياسي بالفكر والأيدلوجيا، وإذا كانت مجالس إدارات المؤسسات القومية تجاري السياسيين في رغباتهم، وإذا كان رئيس منظمة المجتمع المدني ينافس القيادي الحزبي على التمثيل السياسي في البرلمان، وإذا وصلت (الوقاحة) ببعضهم للقبول بمنصب رسمي أو مهمة حكومية في الوقت الذي تحمل مؤسسته عنوان (منظمة غير حكومية)، فعن أي مجتمع مدني نتحدث؟!.. ورغم أن جانب من العمل السياسي يرتبط بالنشاطات الاجتماعية ذات الطابع المدني، ورغم أن جزء من العمل المدني يندرج في خانة الأداء السياسي، إلا أن الفرق بين الأحزاب السياسية والمنظمات المدنية شاسع وكبير خصوصاً من ناحية البرامج والأهداف.. فإذا كان من الصعب على منظمات المجتمع المدني أن تلتزم بمبادئها الدستورية وأن تضطلع بدورها المسؤول تجاه قضايا شعبنا الوطنية والقومية، فعليها أن تحترم نفسها وتعلن تحولها إلى حزب سياسي وتلحق بالركب (اللاهث) خلف الإمتيازات والمنافع السلطوية.

*  (8-12)سلسلة مقالات تتناول جوانب رئيسية في العمل القومي والأداء السياسي (الكلداني-السرياني-الأشوري).

للإطلاع على المقالة (12-7) أنقر على الرابط التالي:
https://ankawa.com/forum/index.php?topic=1036648.0

11
من أجل قضية فاعلة ترتقي لمستوى التحديات
شعبنا بين نار الوطن وتيه المهجر - الوسائل والآليات *
"الإعلام"

جورج هسدو
g_hasado@yahoo.com

ج: الإعلام
يعتبر الإعلام عند كل شعوب العالم من (أهم وأخطر وأسرع وأنجح) الوسائل التي يمكن تبنيها للترويج والدفاع عن الفكرة وتنوير المجتمع، إلا عندنا فنحن نتعامل مع الإعلام كحالة مفروضة علينا تحملها أو تجاهلها وتلافيها وإذا أمكن تجييرها لدعايتنا الخاصة.. ورغم أننا بتنا نملك كماً لابأس به من الوسائط الإعلامية (المرئية والمسموعة والمقروءة)، ورغم أننا أصبحنا نمتلك ونستخدم مختلف منصات التواصل الإجتماعي، ورغم تحول (أغلبنا) إلى صحفيين وإعلاميين وكتّاب، إلا أن إعلامنا القومي ما زال يراوح مكانه.. فاليوم جميع أحزابنا السياسية أصبحت تمتلك وسائل إعلامية متعددة، وجميع مؤسساتنا القومية لديها منشوراتها الخاصة، وجميع كنائسنا تدير منصات إعلامية وصحفية، وجميع منظماتنا المدنية تستخدم الإعلام كأحد الوسائط المعبرة.. لكن في ذات الوقت جميع أحزابنا ومؤسساتنا وكنائسنا ومنظماتنا وحتى (تجاربنا الشخصية) يكاد تأثيرها يكون صفراً على المتلقي، ولا تنجح في إيصال رسالتها الإعلامية أو الغاية منها إلى المعنيين والذين هنا هم أبناء شعبنا وبالأخص فئاته المتعلمة.. بحيث أصبح إعلامنا القومي أو إعلام شعبنا بمنظوره العام مجرد (جعجعات كلامية ولغو فارغ)، فخطابنا القومي اليوم هو خطاب (معاق) ورسالتنا القومية اليوم هي رسالة (مشوهة) وصوتنا القومي اليوم هو صوت (نشاز) والسبب هو أن وسائلنا الإعلامية اليوم هي وسائل (مهزوزة) وغير فعالة!!.
وإذا أعطينا للحزب السياسي الحق في التركيز على الدعاية الحزبية والترويج لنشاطات أعضاء القيادة (والتي أغلبها ليست مهمة حتى للكادر التنظيمي)، وإذا غفرنا للإعلام الكنسي إبتعاده عن قضايا الساعة وبالأخص ما يتعلق منها بحاضر ومستقبل شعبنا الملموس، فكيف سنستطيع غض الطرف عن (كوارث) الإعلام المستقل!!.. ورغم تحفظي على عبارة (إعلام مستقل)، حيث أن شعبنا اليوم يمتلك نوعين من الإعلام، إعلام تابع (حزب، مؤسسة، كنيسة) وإعلام يدور في فلك طروحاتهم، إلا أنني لن أستطيع تجاهل من يطرح نفسه على أنه إعلام غير تابع لأي من تلك الأطراف.. لذا فليس من العلمية أو الإنصاف التعامل مع كل الإعلام القومي بمختلف تفرعاته على أنه إعلام يمتلك (نفس مساحة التعبير) وينطلق من ذات زاوية الرؤية، وبالأخص تلك الوسائل التي تتخذ من المهجر مستقراً لها أو التي تم تأسيسها على يد أشخاص مستقلين حزبياً.. وحتى مساحة الإعلام الرسمي (الصغيرة) التي أفردتها الحكومة العراقية وقبلها حكومة الإقليم لشعبنا لم تسلم من تأثير التفكير النمطي والقوالب الجاهزة التي أسس لها ومارسها (حد التخمة) الإعلام التقليدي وبالأخص الحزبي منه.. إلى جانب معاناة إعلامنا الرسمي من (ركاكة) الخطاب وضعف المادة الإعلامية وندرة تأثيرها على المتلقي، ناهيك عن (الإملاءات السياسية) التي يتم فرضها من قبل الأحزاب الحاكمة والتي أغلبها لا تصب في مصلحة شعبنا ولا تخص قضيته القومية.
وبسبب إفتقاد التنافس الإعلامي بين مؤسساتنا ووسائلنا الإعلامية من ناحية المحتوى وخلوها من عناصر الجذب والسبق الصحفي، فأن مؤسسات شعبنا الإعلامية لجأت إلى نوع آخر من المنافسة المتخلفة والتي يمكن أن نسميها (بالمنافسة التلكؤية).. حيث يتحول واجب المؤسسة المهني من التركيز على أهدافها وبرامجها ورسالتها الإعلامية، إلى السعي للطعن بمصداقية المؤسسة المنافسة وطروحاتها، وأحياناً قد يتطور الأمر ليصل حتى إلى حد وضع العصي في عجلاتها ومحاربتها ميدانياً.. أما التنافس الخارجي أو التسابق مع وسائل الإعلام من خارج إطارنا القومي أو حتى مجاراة إعلام الأخرين فهذا إما أنه صعب وفوق طاقة وقدرة إعلامنا القومي أو هو غير وارد أصلاً في أجندات مؤسساتنا الإعلامية.. لذا فبجرد سريع لوسائلنا ومؤسساتنا الإعلامية إن في الوطن أو في دول المهجر سنتوصل إلى نتيجة (مخيبة) مفادها، إن الإعلام القومي بدلاً من أن يكون الصوت المعبر عن قضايا وآلام وتطلعات شعبنا والتعريف بها للشعوب التي نتعايش معها (في الداخل والخارج)، فأنه وبسبب (سطحية) أصحابه أصبح مجرد (وسيلة دعائية) وتحولت رسالته إلى نشرة داخلية (للأعضاء)!!.

*  (7-12)سلسلة مقالات تتناول جوانب رئيسية في العمل القومي والأداء السياسي (الكلداني-السرياني-الأشوري).
للإطلاع على المقالة (12-6) أنقر على الرابط التالي:
https://ankawa.com/forum/index.php?topic=1036400.0

12
من أجل قضية فاعلة ترتقي لمستوى التحديات
شعبنا بين نار الوطن وتيه المهجر - الوسائل والآليات *
"الكنيسة"

جورج هسدو
g_hasado@yahoo.com

ب: الكنيسة
حملت الكنيسة راية النضال القومي بداية القرن العشرين عندما كانت الملجأ الأول لشعبنا في مختلف قضاياه الدينية والاجتماعية والسياسية بسبب تداعيات الحرب العالمية الأولى وعواقبها الوخيمة على حاضر شعبنا ومستقبله وجغرافيته.. وإن كان الأمر لا يختلف كثيراً حتى مع بداية اعتناق شعبنا للمسيحية وتطور الكنيسة من (كيان) للتبشير الإلهي إلى (مؤسسة) لإدارة شؤون الرعية، فالناس غالباً ما كانت تلجأ للزعيم الديني عند الأزمات والذي كان يعتبر الواسطة الدنيوية بين الرعية والحاكم.. لكن مع دخول زعامات عشائرية (ولاحقاً قيادات عسكرية) على خط إدارة الملف السياسي لشعبنا، أصبحت قضية شعبنا القومية منقسمة بين المرجعية الدينية والزعيم العشائري والقائد العسكري، ولم يكن الأمر يخلو في كثير من الأحيان من خلافات على التراتبية والصلاحيات.. وأستمر الأمر هكذا إلى ما بعد مذبحة سميل 1933، ليتحول بعد أواسط القرن العشرين وتحديداً بعد أن عمد شعبنا إلى تأسيس أحزاب سياسية إلى شبه نزاع على الزعامة بين المرجعية الكنسية والقيادة السياسية، ليحسم الأمر في الثلث الأخير من القرن الماضي لصالح الأحزاب السياسية.. حيث نجحت قلة من أحزابنا شعبنا (الفاعلة) بتبني خطاب قومي رزين ومقبول شعبياً، وهو ما أرغم الكنيسة على تقبل (زعامة) منافسة حتى وإن كان الأمر غير مرحب به كنسياً لا كمؤسسة ومرجعية ولا كزعامات قيادية ورجال دين.
إلا أن الكنيسة لم تستسلم نهائياً ولم تسلم بالأمر الواقع وبأن اللحظة كانت للقيادة الدنيوية (حصراً) خاصة مع تزايد الطبقة المثقفة بين صفوف الشباب، حيث دأبت طليعة الشباب المتعلم إلى تبني نظريات علمية حديثة لما يخص قضايا الشعوب.. وبسبب أن الكنيسة كانت المستقر الأهم والأمن للتعبير عن الذات القومية ولو بطرق وأساليب مموهة (وأهمها تعليم وتعلّم اللغة الأم)، فقد كان رجال الدين لكنيسة المشرق (بمختلف فروعها) يزاحمون المدنيين على التعبير عن تطلعات الأمة كلما تسنى لهم ذلك.. لابل أنه عند الأزمات وتداخل المحورين القومي والديني مع بعضهما كانت الطليعة السياسية هي التي تلجأ إلى الكنيسة وتلتف حولها لمواجهة التحدي، وهو ما حصل بالضبط عندما قررت وزارة التربية العراقية في ثمانينيات القرن الماضي تدريس القرآن لجميع الطلبة بضمنهم المسيحيين.. وقد ساهم إندفاع الشباب الواعي وثباتهم على موقفهم الرافض إلى جانب كاريزمة وشجاعة البطريرك بولس شيخو في إنجاح المسعى والذي تكلل بإيقاف محاولة (أسلمة) المجتمع تلك، حيث سحبت الحكومة العراقية المقترح وألقت باللوم على وزير التربية ومن ثم أقالته.. وهكذا إستطاع رجال الدين الإحتفاظ برمزيتهم وموقعهم القيادي في المجتمع حتى مع تنامي الوعي السياسي عند الطبقة المثقفة، وقد فضّل السياسيون عدم التصادم مع الكنيسة والتغاضي عن تدخلات رجال الدين في المسائل القومية حفاظاً لمكانتهم المعنوية عند الجماهير.
لكن أخطر ما مارسته الكنيسة بحق القضية القومية حصل بعد عام 2003 وسيطرة الإسلام السياسي على إدارة الدولة العراقية، حيث فكّر (بعض) رجال الدين المسيحي أن بأمكانهم ركب الموجة الدينية التي إجتاحت البلد ولهم أن يتصدروا المشهد السياسي المسيحي حالهم حال المسلمين.. فعمدت الكنيسة إلى التدخل في الشأن السياسي لشعبنا وسعت لسحب البساط من تحت أقدام الأحزاب السياسية، فوجهت ضربة قوية إلى التمثيل السياسي الحزبي (المترنح أصلاً) وتصدر رجال الدين المسيحيين المشهد السياسي.. بل أن بعضهم عمد إلى الترشح لمجلس النواب العراقي في دوراته الأولى ليطرح نفسه ممثلاً (سياسياً) للشعب إلى جانب سلطته الدينية، كما كان هناك من رجال الدين المسيحي من تولى مناصب إدارية وحصل على عضوية مجالس البلدية كالمحافظات والأقضية.. والغريب في الأمر لم يكن محاباة زعماء الأحزاب العراقية والكردستانية لرجال الكنيسة وتفضيلهم على السياسيين حيث التعامل معهم أسهل (وأنجح) لها، بل الغريب كان تشجيع بعض أحزاب شعبنا السياسية لبعض الزعامات الكنسية للتدخل في الشأن السياسي وتوظيفها للنيل من منافسيها.. حيث في النهاية تحولت الكنيسة من مؤسسة إيمانية إلى (مرجعية سياسية) لكثير من الأحزاب والسياسيين الذين فكروا في استثمار العامل (المذهبي) لصالح طموحاتهم الشخصية، بل كان هناك من الكنائس من عمدت إلى تأسيس واجهات (حزبية) لها لتدخل بها المنافسة السياسية.. ولتأكيد هذه الرؤية أو هذا التحليل ما على القارئ إلا أن يتابع تحركات (كنيسة المشرق الأشورية) على الساحة السياسية الكردستانية خلال السنوات الأخيرة، ويلقي نظرة على علاقة (الكنيسة الشرقية القديمة) مع الأطراف السياسية في بغداد، ويحلل تصريحات زعامات (الكنيسة السريانية)، ويراجع الغاية التي أسست من أجلها (الكنيسة الكلدانية) رابطتها.

*  (6-12) سلسلة مقالات تتناول جوانب رئيسية في العمل القومي والأداء السياسي (الكلداني-السرياني-الأشوري).

للإطلاع على المقالة (12-5) أنقر على الرابط التالي:
https://ankawa.com/forum/index.php?topic=1036058.0

13
من أجل قضية فاعلة ترتقي لمستوى التحديات
شعبنا بين نار الوطن وتيه المهجر - الوسائل والآليات *
"الأحزاب"

جورج هسدو
g_hasado@yahoo.com

كأي أمة تحاول تحقيق ذاتها القومية وتثبيت خصوصياتها الثقافية وممارسة عقيدتها السياسية في محيط معترض على التنوع وبيئة رافضة لتقبل المختلف، لجأ شعبنا إلى تشكيل وسائل وتبني آليات عمل الغاية الرئيسة منها تغيير الواقع السيء إلى حالة أفضل.. وحيث أن شعبنا (إنطلاقاً من إيمانه المسيحي وخلفيته الحضارية) لم يؤمن بالعنف كوسيلة لتحقيق الغاية ولا تبنى الأذى كآلية للوصول إلى الهدف، فعمد إلى إنشاء منظمات مدنية في مقدمتها كان تأسيس أحزاب سياسية إضافة إلى ما كان يمتلك من مؤسسات عقائدية (كالكنيسة).. وقد تبنت هذه المؤسسات آليات عمل حديثة وفاعلة على المستويين المحلي والخارجي كما ربطت بين المسائل المترابطة في الشأنين القومي والوطني حيث أهمها كان الإعلام، إلى جانب استثمار الجهد الشعبي العام كتحريك الشارع عند المواجهات المفصلية.. إلا أن هذا كله لم يشفع لشعبنا المستهدف (عرقياً ودينياً) ولم يحفظ كرامته الانسانية ولا حقوقه القومية، كما أنه لم ينجح في تحقيق المواطنة الكاملة ولا تعزيز مفاهيم التعايش السلمي المشترك مع باقي مكونات الشعب العراقي إلا ما ندر (وفُرض قسراً) من قبل النظام الحاكم.. ولتعريف الوسائل الرئيسية وأهم آليات العمل التي يتبناها شعبنا في إدارة صراعه السياسي ولتسهيل فهم ومعرفة أساسيات العمل القومي التي يلتزمها شعبنا ومدى فاعليتها من عدمها، فأننا سنقوم بتقسيم هذه الوسائل وتلك الآليات إلى مرتكزات أساسية هي:

أولاً: الوسائل
أ: الأحزاب
إنقسمت أحزاب شعبنا السياسية والتي بدأت بالتأسيس بعد إنتكاسة شعبنا في سميل 1933 وما تعرض له من مجزرة دموية بحق الإنسان والأرض، إنقسمت إلى أحزاب تأسست في المهجر وأخرى تأسست في الوطن ومنها من تناوب نشاطه التنظيمي بين المهجر والوطن.. ورغم إتفاقها على مبدأ التناقض الرئيسي العام من خلال إتفاقها على مظلومية شعبنا وضرورة الإرتقاء بواقعه الشعبي والنضال من أجل تحقيق الأهداف المشروعة، إلا أنها إختلفت (حد التصادم) على تفاصيل المشروع القومي وأولوياته.. ففي الوقت الذي عمدت بعض أحزاب شعبنا السياسية إلى تبني شعارات عريضة وطروحات خيالية لا تتناسب مع الواقع المتراجع، لجأت أخرى إلى نظريات توافقية وراهنت على العامل الوطني في تخفيض سقف المطالب إلى ما يمكن (وهبه) فقط.. وبين هذه وتلك تبنت بعض أحزاب شعبنا الواقعية وتدرجت بسلّم النضال القومي من السهل إلى الصعب ومن المسموح إلى الممنوع، متخذة من (الثورية الاصلاحية) سبيلاً لإدارة صراعها السياسي مع الدولة أو بعبارة أدق مع النظام السياسي الحاكم.. وإنقسمت هذه الأحزاب في منهجها القومي لإدارة الصراع والوصول إلى الأهداف المرسومة بين أحزاب برجوازية وأخرى نخبوية وثالثة أقرب إلى الثورية النضالية، وقد كان من الوارد جداً تحقيق التكافل السياسي بينها إذا ما تخلت عن فكرة (الإنفراد) بقيادة القضية القومية.. لكنها فشلت ليس على مستوى الفكر وحسب بل وحتى على مستوى الممارسة السياسية، فلا البرجوازيون نجحوا في إستثمار رأس المال، ولا النخبويون عرفوا كيف يؤثرون في العامة، ولا الثوريون التزموا النضال الحقيقي!!.
إن أحزابنا السياسية اليوم ليست سوى واجهات تنظيمية لمجموعة أفراد (بالكاد) أصبحوا يتفقون على الأهداف والمبادئ، كما أن الظاهرة الحزبية باتت في تراجع دائم بحيث نادراً ما بات الحزب يتمتع بالدعم الجماهيري والتأييد الشعبي المتأسس على تقبل مشروعه السياسي (إن وجد).. فعلى المستوى الداخلي أصبحنا نشهد المزيد من الإنشقاقات الحزبية ونتلمس الكثير من ضعف التوافق حتى بين أعضاء الحزب الواحد، ناهيك عن عدم تلمسنا لأي مبادرة عمل مشترك (جادة) بين تنظيمات شعبنا السياسية رغم توالي وتفاقم التحديات، لابل أن القيادات الحزبية أصبحت أكثر (غلظة) وإصراراً على التشبث بالموقع.. أما جماهيرياً فتراجع الدعم الحزبي إلى أقل مستوياته مقابل تنامي الروح القبلية وازدياد المؤازرة العائلية، كما أصبحنا نشهد ضعف الحزب السياسي وخسارته لمكانته ورمزيته بين العامة في مقابل تعاظم قدرة ومكانة الأفراد (السياسيين) مادياً ومعنوياً.. وبعد أن أصبحت أحزابنا القومية ضعيفة إلى الدرجة التي باتت فيها غير قادرة حتى على الحفاظ على مكانتها واستحقاقاتها السياسية، بات من غير المعقول الاستمرار بالتعويل عليها كوسيلة فاعلة لتحقيق الغاية في الارتقاء بقضيتنا القومية.

*  (5-12) سلسلة مقالات تتناول جوانب رئيسية في العمل القومي والأداء السياسي (الكلداني-السرياني-الأشوري).

للإطلاع على المقالة (12-1) أنقر على الرابط التالي:
https://ankawa.com/forum/index.php/topic,1034995.0.html
للإطلاع على المقالة (12-2) أنقر على الرابط التالي:
https://ankawa.com/forum/index.php/topic,1035308.0.html
للإطلاع على المقالة (12-3) أنقر على الرابط التالي:
https://ankawa.com/forum/index.php/topic,1035550.0.html
للإطلاع على المقالة (12-4) أنقر على الرابط التالي:
https://ankawa.com/forum/index.php/topic,1035796.0.html

14
من أجل قضية فاعلة ترتقي لمستوى التحديات
شعبنا بين نار الوطن وتيه المهجر - الفكرة (الصراع الرئيسي) *

جورج هسدو
g_hasado@yahoo.com

تأسست الحركة التحررية لشعبنا وقضيته السياسية على فكرة أو صراع رئيسي، وهو أننا نعاني من هضم حقوقنا القومية والسياسية وأن علينا النضال من أجل الاعتراف بخصوصيتنا القومية من ناحية وتثبيت حقنا في المواطنة الكاملة من ناحية ثانية، وهو ما إعتبرناه يحصل في كل البلدان التي يتواجد فيها شعبنا وبالأخص العراق.. وعليه دأب (مفكروا ومنظروا ومناضلوا وناشطوا) شعبنا على إعتماد وسائل مختلفة لنيل الحق المسلوب ورفع الغبن الواقع علينا (كشعب وكقضية)، وقد كان أهمها تأسيس أحزاب سياسية مهمتها حمل راية النضال القومي للمطالبة بالحقوق السياسية والمدنية لشعبنا.. ورغم قدم المطالبات (مع بداية القرن الماضي) ورغم تعدد المرجعيات (زعامات دينية وعشائرية، أحزاب سياسية، منظمات مدنية، مؤسسات قومية) ورغم إختلاف الوسائل (مواجهة مسلحة، نضال سري، تمثيل رسمي، حضور خارجي)، مازلنا نراوح في مكاننا ومازالت حركتنا التحررية متراجعة ومازالت قضيتنا القومية خاسرة!!.. فأين الخلل يا ترى؟، هل هو بالوسائل؟ أم بالآليات؟ أم بالتمثيل السياسي؟ أم بالحراك الداخلي؟ أم بالمساعي الخارجية؟ أم بجميع هذه الأسباب وفوقها التقاعس الشعبي والروح الانهزامية التي تزايدت في السنوات القليلة الماضية بسبب تزايد شعور (الخذلان).
ورغم عمومية الصراع بين قوتين أو محورين رئيسيين هما الحاكم والمحكوم، وفي حالتنا هذه كان الصراع بين نظام سياسي (قوي) لا يلتزم الديمقراطية وبين أقلية عددية (ضعيفة) تطالب بالمساواة، فأن النزاع لم يخلو من مواجهات ثانوية بغية التخفيف من حدة التصادم.. ورغم أن المعادلة لم تكن تقبل القسمة على إثنين حيث أما أن يتمتع شعبنا بكامل حقوقه المشروعة أو أن ينصهر في بودقة الأغلبيات، إلا أن الحالة لم تبتعد بالمطلق عن إقتراحات التشاور والتوافق الرامية إلى (تليين) شدة التناقض الرئيسي.. لكن النتائج دائماً ما كانت تأتي لغير صالح قضيتنا حتى في أهدأ حالات الصراع، وغالباً ما كانت محصلة ما يجنيه شعبنا (صفر) حتى في أحسن الأحوال والظروف، وقلما كان هناك ما يحسب لنا كانجاز أو تطور نوعي حتى في أسهل مراحل التعبير عن الذات.. وإذا كانت الأنظمة الحاكمة قوية أو ضعيفة، أو كانت حالة البلد مستقرة أو قلقة، أو كانت الظروف مهيئة أو استثنائية، أو كان شعبنا في أفضل أو أسوأ حالاته، فأن قضيتنا القومية وعلى مدى عقود لم تنجح في تسجيل ولو نصر يتيم يحسب لنا كأمة عريقة تصارع للبقاء!!.
في كل فترات النضال كان هناك من يرى في المواجهة المباشرة السبيل الوحيد لنيل الحقوق بينما كان هناك من يعول على التهدئة والتفاوض مع الحاكم، وعلى طول المسيرة كان هناك (راديكاليون) لا يقبلون إلا بالحلول الجوهرية في مقابل وجود (براغماتيون) يجنحون إلى التأني والعقلانية.. وبالرغم من قسوة النتائج وسوء الواقع ومستوى التراجع السياسي إلا أنه دائماً ما كان هناك من هو مستعد للتضحية ومن هو ملتزم بالقضية ومن هو مستمر بالعمل، وبالرغم من أعداد الانتهازيين المتصاعدة إلا أن الساحة القومية لم تخلو يوماً من المبدأيين.. وبالنتيجة لم يعد من المهم من كان المحق ومن المحقوق أو من هو الصح ومن الخطأ فبالنتيجة الكل خاسر، كلنا خاسرون وكلنا محقوقون: القادة السياسيون، المرجعيات الدينية، الزعامات العشائرية وحتى الشعب الذي دفع الضريبة الأكبر لسوء تقديراته.. وعندما تصل بنا الحالة لنكون أكبر الخاسرين على مستوى (القضية والوجود والأرض والهوية) من بين باقي الأمم التي نتعايش معها، فأنه سيكون من غير المفيد بل من (المؤذي) الحديث عن من يتحمل مسؤولية ذلك وإن كانت المسؤولية مشتركة بين الجميع وبنسب متفاوتة.
اليوم قضيتنا القومية تمر بأسوأ مراحلها وشعبنا يعيش أتعس لحظاته ومن يتولى تمثيلنا السياسي أضعف من أن يدافع (حتى عن نفسه) والمواجهة أصبحت أكثر شراسة وعداوة، وما زلنا نجتر نفس الخطاب المستهلك ونعيد ذات التجارب الفاشلة.. متى سنكف عن المراهنة على (صحوة ضمير) الآخر الذي ما ينفك عن تجريدنا ليس فقط من ما نملك بل وحتى من كرامتنا الانسانية ويتاجر بآلامنا؟!، إلى متى سنعول على العامل الوطني الذي بات يحكمه أفسق وأحقر ثلة عرفها التاريخ العراقي؟!.. والسؤال الأهم يبقى، متى سنقتنع أن الحل الوحيد والأخير المتبقي لنا هو اللجوء إلى الدعم الخارجي؟!، متى سنعرف أن الأطراف الحاكمة في عموم العراق (المركز والإقليم) ليست مستعدة للتنازل ولو عن مليم واحد من ما وصلت إليه لصالح الغير؟!.. ولمن يعتقد أن الأمر لن يكون في صالح قضية شعبنا (الذي لم يعد لديه ما يخسره) في ضوء ما يجرعه في الوطن وما يعانيه في الشتات، فما عليه سوى مراجعة ذاكرته (المثقوبة) والإطلاع على ما وصل إليه أكراد العراق من حكم سياسي واستقلالية إقتصادية، والتي بالتأكيد لم تتحقق بسبب تفهم وتقبل (أشقاء الوطن) لمطالبهم!!.

*  (4-12)سلسلة مقالات تتناول جوانب رئيسية في العمل القومي والأداء السياسي (الكلداني-السرياني-الأشوري).

للإطلاع على المقالة (12-1) أنقر على الرابط التالي:
https://ankawa.com/forum/index.php/topic,1034995.0.html
للإطلاع على المقالة (12-2) أنقر على الرابط التالي:
https://ankawa.com/forum/index.php/topic,1035308.0.html
للإطلاع على المقالة (12-3) أنقر على الرابط التالي:
https://ankawa.com/forum/index.php/topic,1035550.0.html

15
من أجل قضية فاعلة ترتقي لمستوى التحديات
شعبنا بين نار الوطن وتيه المهجر - الجغرافيا *

جورج هسدو
g_hasado@yahoo.com

مثلما من الممكن أن تكون الجغرافيا عاملاً إجابياً في عملية إعتزاز الشعوب بذاتها القومية، حيث التشبث بالأرض والارتباط الجذري بها يدفع المرء للتعلق بهويته وإرث آبائه، فمن الممكن أن تتحول الجغرافيا إلى نقمة على أصحابها عندما يكون هناك من يتربص بها (وبخيراتها).. ومثلما من الطبيعي أن تعتبر الجغرافيا (الطبيعية) عنصراً مساعداً في توفير العيش الرغيد للبشر ومساعدتهم على البقاء، فمن الوارد جداً أن تتحول إلى جحيم لأصحاب الأرض الأصليين عندما تتحول إلى جغرافيا (سياسية) محكومة من قبل نظام عنصري طامع.. وبما أن أي جغرافيا بشرية تستمد شرعيتها من العمق التاريخي (لمالكيها) أولاً ومن القوة العددية (لساكنيها) ثانياً، فأنه من الواجب أن تستمر المجموعة البشرية بالحفاظ على الأرض عن طريق الاستمرار والبقاء عليها من جانب والاستناد على حق الملكية من جانب آخر.. لكن كل هذا (التنظير الفلسفي) المبني على النظريات العلمية يصطدم بالواقع ويتحول إلى كلام فارغ عندما يكون هناك صراع غير كفئ على ملكية الأرض، حيث عندها لن يكون من المفيد أبداً الاعتماد على أي (منهج علمي) أمام التعاطي البربري للمشكلة.. وهو ما بات يحصل لشعبنا وقراه وأراضيه التاريخية منذ تأسيس الدولة العراقية وتصاعد المد العروبي في البلد، وتطور الأمر تدريجياً ليصبح أسوأ في زمن النظام البعثي السابق وليصل حد الذروة أيام حكم الأحزاب الكردية.
قد نكون (غير منصفين) إذا ما برأنا أنفسنا من مسؤولية فقداننا للكثير من قرانا وأراضينا التاريخية، وبالتأكيد سنكون (غير دقيقين) إذا ما قفزنا على الظروف الموضوعية السيئة المحيطة بنا محلياً وإقليمياً ودولياً، وهكذا فأننا سنتحول إلى (مخطئين) إذا أدرجنا كل عملية مصادرة ضمن مخطط التغيير الديمغرافي.. لكننا في ذات الوقت سنكون (سذج) إذا إعتقدنا أن ما يحصل من إستيلاء على أراضينا التاريخية هو مجرد تجاوز فردي، وسنعتبر (فاشلين) إذا بقينا نعتمد نفس أسلوب التعامل الرسمي الخاسر مع المغتصب، وسنتحول إلى (حمقى وأغبياء) إذا اعتقدنا أن أغلب ما يجري ليس صراع عرقي على ملكية الأرض متولد من خلفية عنصرية عدائية.. على مدى عشرات السنين وشعبنا مستمر بفقدان جغرافيته، لأكثر من ثلاثة عقود ونحن نخسر المزيد من أراضينا التاريخية، ورغم كل الوسائل الرسمية وكل المساعي العلاقاتية وكل الاجتهادات الفردية مازلنا نفشل في استرداد حقنا المسلوب لابل أصبحنا نخسر المزيد!!.. فهل من المعقول أن نبقى وعلى مدى عقود نعتمد نفس الآليات ونتبنى نفس الوسائل ونجتر نفس الأفكار للتوصل إلى حلول مرضية لنا كملاك أرض ومقنعة لشعبنا كصاحب قضية؟؟!!، أم أن الوقت قد حان لنرتقي بفكرنا ووسائلنا وآلياتنا إلى درجة التحديات المحدقة بنا؟!.
برأيي الشخصي والمتأسس على  اطلاع واسع وكمية معلومات كبيرة وبخلفية سنوات طوال من التجربة السياسية، أن الوقت قد حان لأن نغير من أسلوب عملنا لما يخص مسألة الاستيلاء على أراضي شعبنا في إقليم كردستان العراق، وأن نعتمد خارطة طريق جديدة لإرجاع الحق لأصحابه الأصليين.. حيث وبعد كمية الفشل والخسارة التي منينا بها ربما علينا أن نبدأ من الأصعب وليس الأسهل، فنظرية البدء من السهل يتم تبنيها عندما يكون هناك إتفاق على المبادئ أو على الأقل الخطوط العريضة للمشكلة، بينما نحن اليوم أمام مخطط قومي غايته تأسيس كيان جيوسياسي لشعب (وافد) من خلال تغيير هوية الأرض.. وهو الأمر الذي لم ولن يُحل أبداً عن طريق المكاتبات الرسمية واللجان الإدارية والسياقات الروتينية ولا حتى (بالعويل والاستعبار) من خلال بيانات الشجب والتصريحات الفيسبوكية، فهذه كلها ليست سوى (جهود عبثية) لم ولن تصل بنا إلى أي شيء.. أما البدء من الصعب فمعناه تحول جذري في أسلوب المواجهة وتصعيد النزاع الذي من شأنه إما إجبار المعنيين على التوقف جدياً عند المشكلة وإيجاد معالجات (مقبولة) لها أو الاستمرا بالاستغفال وعدم الاستجابة، حيث عندها سيكون من حق المتظلم اللجوء إلى البدائل والتي قد يكون أهمها الإحتكام إلى قضاء دولي.
أما مسؤوليتنا الداخلية وواجبنا الأخلاقي فيحتمان علينا أولاً عدم السماح للمصلحيين والمستنفعين التصرف بحقهم الشخصي دون استشارة أو توافق مع باقي أصحاب الأرض بإعتبار القضية شأن عام، وثانياً رفض أي محاولة لاستغلال الموضوع اعلامياً من قبل السياسيين لا من شعبنا ولا من غيرهم.. كما علينا التريث باطلاق التهم جزافاً بحق المقصرين أو الميؤوسين من أبناء القرى المستولى عليها، فقد يكونوا قد سعوا بكل جهودهم للحفاظ على أرضهم أو تعرضوا للخسارة (أو للتهديد) قبل أن يقرروا غسل أيديهم من الموضوع.. والأهم من كل ذلك على القيادات والزعامات والمرجعيات بأصنافها الكف عن (الهذيان) بأن مسؤولية فقدان الأرض تقع على المهاجرين من أبناء شعبنا وأن عليهم العودة إلى قراهم في حال أرادوا الحفاظ عليها، فهو (أسوأ وأسهل) عذر يمكن تقديمه للمغتصب!!.

*  (3-12)سلسلة مقالات تتناول جوانب رئيسية في العمل القومي والأداء السياسي (الكلداني-السرياني-الأشوري).

للإطلاع على المقالة (12-1) أنقر على الرابط التالي:
https://ankawa.com/forum/index.php/topic,1034995.0.html
للإطلاع على المقالة (12-2) أنقر على الرابط التالي:
https://ankawa.com/forum/index.php/topic,1035308.0.html

16
من أجل قضية فاعلة ترتقي لمستوى التحديات
شعبنا بين نار الوطن وتيه المهجر - الهوية *

جورج هسدو
g_hasado@yahoo.com

لا يوجد في العالم كله شعبٌ يعاني من أزمة هوية مثلما يعاني منها شعبنا، ولا يوجد في العالم كله شعب يتشبث بماضيه وتاريخه مثلما يفعل شعبنا، وربما لا يوجد في العالم كله شعب يقدم (ثانوياته على أولوياته) ويهتم بالمختلف أكثر من المتفق عليه مثلما نفعل نحن!!.. لا يوجد إنسان عاقل في العالم يقلل من أهمية الأسم أو العنوان ولا فرق إن كان ذلك يخص شخص أو مؤسسة أو الأهم أمة، كما لا يوجد شخص سوي ينفي ضرورة التعلق بالأصل والعرق وعدم إهمال الماضي بما يتضمنه من المفاخر والرذائل.. لكن ما يجري بين صفوف شعبنا هو تقديم الخاص على العام وتفضيل الجزء على الكل والتعلق بالمحدود وترك الشامل، وبالتالي خسارة "الخاص والعام والجزء والكل والمحدود والشامل"، وهو ما يمكننا ملاحظته في أداء قياداتنا السياسية وتركيبة مرجعياتنا الكنسية والأهم في مستوى إدراكنا الجمعي.. ومهما حاول بعضنا أن يدفع بتفكيره الفردي نحو التغيير أو على الأقل (تقبل) المتغيرات وعدم التطرف لا بالتزامه المعنوي ولا بانتمائه المادي، فأنه يصطدم برفض البعض الآخر وتعنته المدفوع بخلفياته المحدودة المتغذية على (هوياته الصغيرة).. وهكذا فبعد كل إنتكاسة لتحديث نمطية تفكيرنا الشعبي وبعد كل فشل لرأب التصدعات الاجتماعية الرامية لتوحيد الرؤى، فأننا نعود لنفس مربع الفشل الذي حشرنا أنفسنا فيه إذا لم يكن أسوأ، لتبدأ بعدها حملات التبرير للنفس وتخوين الآخر!!.
فاليوم شعبنا يعاني من الخلاف على هويته القومية وعقيدته السياسية مثلما يعاني من الاختلاف على تسمياته الكنسية وولاءه الطائفي، ومن حيث لا يدري فأنه يعاني من فقدانه (لذاته التاريخية) والاعتراف بوجوده الأثني كشعب قائم بذاته ينتمي لأرومة واحدة.. ولا يختلف الأمر بين السياسي والمدني أو المتعلم والأمي أو المثقف والجاهل ولا حتى بين الحظري والقروي، فالحالة تكاد تكون واحدة ما خلا من بعض الإستثناءات الطفيفة هنا أو هناك، وهو ما يعمم (فوضى) الإنتماء والولاء عند أغلب أبناء شعبنا.. والمسيء في الأمر أن يتم تغذية هذه الخلافات وتلك الاختلافات من قبل السياسيين (المصلحيين) ورجال الدين (الإنتهازيين) والمثقفين (الوصوليين) لاستغلال التوجه الشعبي (المريض) لتحقيق مكاسب شخصية على حساب المصلحة العامة.. حيث يمكن للمتابع للشأن القومي أن يلاحظ بسهولة مدى تدهور حالة الوفاق بين أحزابنا القومية والتي وصلت لحد القطيعة بين بعضها، وإستقواء بعضها الآخر بالغريب على بني جلدتهم لجني مكاسب آنية لم تعد تشبع حتى جشعهم الفردي!!.. كما يمكن للمهتم بالشؤون الدينية ملاحظة مدى الاختلاف الحاصل بين المرجعيات الكنسية والذي ينعكس على (الرعيات) إلى الحد الذي بتنا نراهم فيه يتراشقون بين بعضهم في الاعلام ومن على منصات التواصل الاجتماعي وأحياناً حتى في المناسبات العامة، مختلفين على كل شيء إلا المبادئ الإيمانية والفلسفة اللاهوتية، تلك المبادئ التي لم تعد تهم الإكليروس (تحديداً الرتب العليا) والتي إستبدلت بالمقاولات والإستثمارات!!.
فمن يعتقد بأن واجبه في الدفاع عن هويته الأثنية (الأسم القومي) يكون عن طريق إلغاء الرأي الآخر أو تسخيفه أو تجريد الآخر من حقه في التعبير عن قناعاته وهو بذلك يهزم الآخرين ويدفعهم لتقبل رأيه وإحترام قناعته والالتزام بمفهومه لوحدة الأمة، فهو واهم وفاشل ومخرب أيضاً.. وهو بالضبط ما يفعله (الأشوري) الرافض لأي أسم تاريخي آخر لشعبنا كعنوان قومي شامل، وهو بالضبط ما يفعله (الكلداني) المناهض لوحدة شعبنا القومية ويروج لتقسيم الأمة إلى طوائف، وهو بالضبط ما يفعله (السرياني) المتعصب الذي يعمل على تخوين من يتبنى باقي التسميات.. ولمن يعتقد بأن واجبه في الدفاع عن مذهبه الكنسي (طائفته الدينية) يكون من خلال هرطقة الآخر أو التشكيك بإيمانه أو إهانه شعائره فهو واهم وفاشل ومخرب أيضاً، وهو بالضبط ما يفعله المتطرفون من أتباع كنيسة المشرق بتقسيماتها (الأشورية والكلدانية والسريانية).. لابل أن أسوأهم هو من يعتقد أن هوية الأمة وتسمية الشعب يجب أن تتوافق مع عنوان كنيسته، وعلى أتباع باقي الكنائس الإلتزام بمفهومه (الأعوج) عن الهوية القومية وشعار القضية السياسية التي يقزمها بإصراره على ربط الإنتماء القومي بتاريخ تبني شعبنا للديانة المسيحية، لابل بتاريخ انشقاق كنيسته عن الأم الجامعة!!.
وبسبب التشظي الحاصل في التوافق على تسمية جامعة لشعبنا أو عنوان شامل لقضيتنا القومية إن بسبب الجهل بالتاريخ أو التعصب للمذهب أو بسبب النظرة الفوقية والتعجرف السياسي، ولا ننسى تأثير الظروف الخارجية المحيطة بشعبنا.. بسبب كل ذلك لا مفر من ترك المسألة وعدم الاصرار على وجوب الإتفاق على هوية جامعة للمستقبل القريب مع عدم إهمال الاشكالية بالكامل، شرط أن يكون التركيز على عوامل التوحيد ونبذ كل ما من شأنه تأجيج النزاع بين متبني التسميات المختلفة، وإلا فما علينا سوى الاستمرار بصراع الديكة على أسمائنا الفرعية حتى نقضي على هويتنا القومية!!.

* (2-12)سلسلة مقالات تتناول جوانب رئيسية في العمل القومي والأداء السياسي (الكلداني-السرياني-الأشوري).

للإطلاع على المقالة (12-1) أنقر على الرابط التالي:
https://ankawa.com/forum/index.php/topic,1034995.0.html

17
من أجل قضية فاعلة ترتقي لمستوى التحديات
شعبنا بين نار الوطن وتيه المهجر - الواقع *

جورج هسدو
g_hasado@yahoo.com

لا يختلف واقع شعبنا (الكلداني-السرياني-الأشوري) اليوم عن ما كان عليه قبل الحرب الكونية الأولى إلا بالكثير من الشكل والقليل من المضمون، ولكم أن تتخيلوا شعبٌ تاريخه الحضاري قرابة الـ 7000 سنة ويمتلك قضية قومية عمرها فوق الـ 100 عام وله فعاليات سياسية منذ خمسينيات القرن الماضي وما زال يعيش نفس الواقع!!.. تخيلوا كمية الفشل الجماعي الذي نعانيه أفراداً ومؤسسات، بل مستوى التدني الفكري (والعقر) القومي الذي أصابنا بحيث وعلى مدى عشرة قرون لم نتغير فيها إلا بعائدية ولاؤنا!!، وياريت تطور الولاء نحو الأحسن، بل نحن فقط أستبدلنا العناوين والمرجعيات إلى الدرجة التي لم نعد نميز فيها بين السياسي والكنسي والمدني والعشائري.. نعم، علينا أن نرفع رؤوسنا المدفونة في الرمال ونتوقف عن التغني بالماضي والتمشدق بحاضر مزيف، فنحن اليوم أحوج ما نكون للمكاشفة والمصارحة ووضع كل النقاط على حروفها الحقيقية، حيث المجاملة والنفاق على حساب قضيتنا القومية لن يوصلنا إلا لمزيد من الفشل والإنكسارات.. أما الحديث عن المخططات الخارجية ومؤامرات الأعداء والخونة والعملاء فلقد تحول من عامل سلبي من المهم دراسته لمواجهته وايجاد معالجات له، إلى شماعة مهترئة لتعليق أخطاؤنا لابل (خطايانا) السياسية عليها، وإلا فهل من المنطق أن نظل نلوم السراق ولا نتحرك لإعادة تثبيت بابنا المخلوع وترميم أسوارنا المهدمة؟؟!!.
إن واقع شعبنا اليوم (يلطمنا) ويذكرننا بأننا مازلنا نعيش نفس التشرذم القومي ونعاني نفس الفشل في التمثيل السياسي وندفع ثمن قصر النظر الفكري، ورغم كل الخسارات وكل هذا التراجع مازلنا نتعنت في (تدوير) مخلفات عقولنا المريضة، بل أن هناك من ما زال يؤمن بأن النصر ممكن أن يتحقق عن طريق الظواهر الصوتية!!.. وبعد أن كان ولاؤنا يقتصر على المرجعيات الدينية والقيادات العشائرية التقليدية والتي لم تصل بنا إلا إلى القتل والتهجير والتراجع الفكري والافلاس الاقتصادي، أصبح ولاؤنا موزعاً بين القيادات الكنسية (المتخاذلة) والأحزاب السياسية (الفاشلة).. وبعد أن كنا ضحية ضيق أفقنا السياسي وسذاجة إيماننا الديني اللذان تم استغلالهما بأبشع صورة من قبل القوى الكبرى المتصارعة، أصبحنا ضحية جشعنا وجبننا وسفاهتنا وتكاسلنا، والتي غذيت بعضها بواسطة أنانيتنا الفارغة وبعضها الآخر من مستثمري ضعفنا وانتهازيتنا.. وبعد كل هذا ألم يحن الوقت لنتوقف عن الإصرار على المراهنة على أدواتنا الحالية لتحقيق التغيير المنشود؟، أليس علينا أن نتوقف عن الاعتماد على نفس آليات عملنا للارتقاء بواقعنا المؤلم؟، ألا يستحق هذا الشعب الذي تحول من عامل مهم على صعيد الوطن إلى مجرد (حطب محرقة) أن نفكر في إنقاذه وإنقاذ قضيته القومية؟!.
فإذا كان الجواب نعم، فعلينا أن نتحرك جديا وسريعا لايجاد الحلول الناجعة التي من شأنها رفع رقم قضيتنا في المعادلة الوطنية وربما حتى الدولية إلى ما فوق (الصفر)، ومشوار التغيير هذا لابد أن ينطلق من داخل شعبنا الذي يحتاج إلى (ترميم الذات القومية) قبل التوجه إلى الآخر إن كان صديقاً أو لا.. وعندما نقتنع بهذه الفكرة أو نتبنى هكذا توجه لن يستوجب علينا أن نتصارع على المقاعد النيابية ولا على المناصب الإدارية التي باتت (ومنذ زمن بعيد) مجرد فتات يتساقط من موائد الكبار، بل أننا سنتشارك الواجب قبل الحق ونشجع مسعى المختلف قبل المتفق.. وإلا فأنه ما علينا سوى أن نتقبل واقعنا ونغوص في (مستنقع) إخفاقنا ونتباكى على ماضينا ونلعق جراح حاضرنا، ولا ننسى أن نلعن (أبو) من عادانا تاريخياً كل يوم ونشتم أجداد من يقف في طريق إعادة أمجاد امبراطوريتنا العتيدة.. وبعد أن نرتاح نفسياً بأننا أدينا ما علينا من واجب قومي ومسؤولية أخلاقية تجاه شعبنا وقضيتنا وقاتلنا كل طواحين هواء العالم وحققنا النصر المنشود، أن نهرول إلى فراشنا الدافئ ونغط في نوم عميق (ونحلم)، لعل الحلم يكون أفضل من.. الواقع!!.

* (1-12) سلسلة مقالات تتناول جوانب رئيسية في العمل القومي والأداء السياسي (الكلداني-السرياني-الأشوري).

18
حقوق شعبنا في دستور إقليم كوردستان
بين مطرقة التزمت الديني وسندان التعالي القومي

g_hasado@yahoo.com
قبل أكثر من ست سنوات بقليل وتحديداً بتاريخ 18/ 7/ 2009 قمت بنشر مقال مطول احتوى على 11 نقطة بخصوص مسودة مشروع دستور إقليم كوردستان العراق، وحمل عنوان (حقوق منقوصة وأخرى تنتظر التطبيق.. الكلدان السريان الأشوريين في مشروع دستور إقليم كردستان العراق).. وها أنا اليوم أعود لتكرار نفس (القوانة) من أن حقوق شعبنا مهضومة وأن دستور الإقليم لا ينصفنا وأن.... وأن.... وأن....، فهل بقي هناك أي مجال للشك بأن ما نكتبه لا يلقى آذاناً صاغية من لدن الآخرين وتحديداً (الأخوة) المعنيين؟!، أم أن علينا أن نبقى مؤمنين بمقولة "نحن نعمل ما علينا والباقي نتركه على ......."؟!.. كما أنني منذ سنتين وتحديداً مع بداية عام 2014 توقفت عن الكتابة بسبب قناعتي بعدم جدوى (تدبيج) المقالات في ظل استمرار تهجير وتهميش ومصادرة حقوق شعبنا وفرض الوصاية عليه والتجاوز على أراضيه و.... و.... و ....، حيث اعتبرت كتابة المقالات نوع من الترف (الفلفسي) الذي لم يعد يخدم قضية شعبنا، واليوم أعود الى الكتابة انطلاقاً من نفس المبدأ، شعبنا لا يحتاج إلى (كلام)، والمقالة تعبر عن الفكرة.

قبل انطلاق أعمال لجنة صياغة مشروع دستور إقليم كوردستان العراق ومع الحديث عن آلية اختيار اللجنة وتعيين أعضائها الواحد والعشرين وتوزيعهم القومي والديني والأهم (الحزبي)، اقترحت ضرورة تمثيل شعبنا بشخصين، وذلك لثلاثة أسباب.. الأول للخلاص من عقدة أو لازمة الممثل (الواحد)، والثاني لزيادة الاعتبارية بحيث يكون لشعبنا حصة أكبر مما لحزب سياسي (الجماعة الاسلامية)، والثالث لتوزيع الشخصين بين من يمثل شعبنا في الجانب السياسي ومن يمثله في الجانب الديني، وبعبارة أدق أن يكون لشعبنا ممثل عن الأحزاب وآخر عن الكنائس.. إلا أن اقتراحي هذا (وكالعادة) لم يتجاوز عتبة أقرب المقربين وأعتبر ضرباً من (البطرنة) التي افتقدنا إلى ممارستها منذ سبعة آلاف عام!.
ومع بدء أعمال اللجنة الدستورية وتواتر المعلومات الواردة منها بعد جلسة أو جلستين تبين أن هناك عدداً من القضايا المتعلقة بمكانة وحقوق شعبنا في الدستور يستصعب حلها أو تجاوز (عقدتها)، ناهيك عن (قرار) التوسع الجغرافي في مناطق شعبنا بسهل نينوى، والذي أراده المشرع وقبله السياسي الكوردي أن يكون بطريقة (فرض) واقع حال دون سند أو مسوغ قانوني.. وبعدها بجلستين أو ثلاث توالت التصريحات من داخل اللجنة (وخارجها) بأن الأمور لا تسير بسلاسة والتقبل هو (دون الطموح)، وأن هناك دائما من يعترض على حق من حقوق شعبنا أو يرفض مطلباً من مطالبه، والسبب دائماً وأبداً هو أننا (قليلون) وهم (كثيرون)!!.. ولمن يؤمن بهذا المبدأ من الأخوة الكورد (وهم ليسوا بقلة) أقول "إذا كانت هذه قناعتكم فليس لكم الحق أن تلوموا من يتعامل معكم وفق مبدأ الأقوى والأضعف، فمن لا يرى الخشبة التي في عينه لا يمكنه أن يعّير بالقذى التي في عين أخيه".

فإذا تحدثنا عن تغيير المادة (6) من الدستور والتي تعطي الحق للمسلم بتفضيل ثوابت أحكامه على ثوابت المسيحي (واتباع باقي الديانات) من خلال جعل مبادىء الشريعة الاسلامية مصدر أساس للتشريع، فإن المتزمتين ومن خلفهم الأحزاب الإسلامية يعتبرون مطلبنا هذا جرماً، وهو منافي للمعادلة (الفتوى) العددية التي تعطي الحق لنسبة الـ 90% بفرض رأيها على الـ 10%، وليشرب من لا يرضى بذلك من البحر!!.. واذا طالبنا بتعديل المادة (11) من الدستور الكوردستاني والتي ترمز إلى الكوردي فقط دون الكلداني السرياني الأشوري (وأبناء القوميات الأخرى) في العلم والنشيد الوطني والعيد القومي، فأن المتعصبين (وبتناغم) مع الأحزاب القومية الكوردية يعتبرون مقترحنا هذا وقاحة وتجاوزاً على الشعب الكوردي وعدم احترام لنضاله وتضحياته!!، ولست أدري ماذا سيكون مصيرنا لو طالبنا باستبدال اسم الإقليم ليصبح (ستان) جميع المكونات، مع أننا أصحاب الأرض الأصليين؟!!.
في ظل كل هذا وغيرها من الممارسات (والسياسات) التي تفضل الأغلبية على الأقلية وتمنح لنفسها الحق بفرض إملاءاتها دون أن تكون ملزمة بمراعاة حقوق ولا حتى (مشاعر) الأقلية والتي بتنا نشهدها على المستويين الرسمي والشعبي، فعن أية مواطنة نتحدث وبأية مساواة ننادي ولأية شراكة نسعى؟؟؟!!!.. منذ خمسة عقود ونيف والحركة القومية لشعبنا تحاول أن تخلق أرضية للتفاهم مع القيادة الكوردية على أساس التحالف (والشراكة) بين شعبينا، إلا أنه لحد الآن لم تستطع الأحزاب السياسية الكوردية أن تفهم أو (تتقبل) المعادلة التي تقبل القسمة على إثنين بغض النظر عن إختلاف الحجم أو العدد أو القوة، ففي أفضل الأحيان كان (الإحسان) هو سيد الموقف.

شخصياً لم يعد لي أي أمل بما موجود (محلياً) من الأحزاب العراقية والكوردستانية ولا بالحكومتين المركزية والاقليمية ولا حتى ببرلماني بغداد وأربيل، لينصفونا ويتفهموا وضعنا (ويهضموا) عملية تمتعنا بكامل حقوقنا المشروعة، كما اني فقدت الثقة بما لدينا من أحزاب ومنظمات قومية والأمر نفسه ينطبق على الكنيسة ورجالاتها ومؤسساتها، لينتشلوا شعبنا من محنته.. وأمام هذه الصورة (القاتمة) فانه باعتقادي لم يبق أمام أبناء شعبنا سوى أحد الخيارين، إما التوجه نحو الخيار الجماعي في المطالبة (شعبياً) بالتدخل (الخارجي) والسعي لاستحصال قرار (أممي) بفرض الحماية (الدولية) وإنشاء منطقة آمنة لشعبنا تضمن حق تمتعه بـ (جغرافية ادارية وسياسية) خاصة به للحفاظ على هويته (وما تبقى) من وجوده وأراضيه التاريخية، أو اللجوء إلى الخيارات (الفردية) لانقاذ النفس واحترام الذات، والتي أحلاها سيكون بطعم (العلقم).. فهل ندرك ذلك لنعمل به بعيداً عن المنافسة السمجة والتصارع الكارتوني، أم أننا سنستمر بطمر رؤوسنا في ......؟؟!!.


19
حتى لا تعيد الكوتا قضية شعبنا إلى المربع الأول

جورج هسدو
g_hasado@yahoo.com
قرار منح مقاعد محجوزة سلفاً للأقليات أو ما سميت بالكوتا إنطلق أساساً من فكرة عدم قدرة الأقليات على تحقيق تمثيل سياسي خاص بها في مجلس النواب بسبب عدم قدرتها على المنافسة وفق آلية الانتخاب العام، حيث أن مجلس النواب العراقي كان سيكون خالياً من ممثلي الأقليات في حال عدم إقرار مقاعد خاصة بهم، وهو الأمر الذي يتعارض مع مفاهيم الديمقراطية والعديد من المواثيق والقوانين الدولية، لذلك كان لابد من نظام يضمن تمثيل الأقليات في البرلمان فجأت الكوتا.. لكن هل حل قانون الانتخابات مشكلة تمثيل الأقليات بتخصيص مقاعد خاصة بهم دون حصر التصويت لها بالمكونات المعنية؟، وهل نجحت الأقليات في استثمار نظام الكوتا لضمان حقوقها وتسجيل حضورها بعيداً عن تدخل الأغلبيات؟، والأهم هل استفادت الأقليات من الكوتا أكثر مما استفادت من تمثيل بعض أبنائها في القوائم العامة لما يخص إيصال صوتها وطرح مشاكلها والمطالبة بخصوصياتها وحقوقها المشروعة داخل الهيئة التشريعية؟.. شخصياً أرى أن الإجابة هي لا.

القبول بمصادرة الكوتا
أسال نظام كوتا الأقليات الذي يحقق مقاعد أكثر بأصوات أقل لعاب الأغلبيات التي سارعت إلى استثمار الثغرات القانونية لمصادرة كوتا الأقليات لصالح أجنداتها الخاصة، فسارعت أحزاب الأغلبية (وخاصة تلك التي تعودت فرض وصايتها على الأقليات) إلى دس أنفها في موضوع كوتا الأقليات لمصادرتها وتفريغها من محتواها.. لكن المؤذي في الموضوع هو إنجرار الأقليات أو بعبارة أدق بعض عناوينها السياسية للقبول والمشاركة بمصادرة حقها الشرعي من قبل الأغلبية في إفراغ شخصيتها المعنوية من محتواها والتفريط بمكاسبها السياسية.. وهو ما حصل في دورتين انتخابيتين لبرلمان اقليم كردستان العراق، عندما قبل المجلس الشعبي الكلداني السرياني الأشوري بمصادرة الحزب الديمقراطي الكردستاني للكوتا من خلال الإيعاز لأنصاره بالتصويت للأول، وأفضى بالنتيجة إلى وصول ممثلين (لأقلية) مفرغين من المضمون ومسيرين من قبل (الأغلبية).

المشاركة في مصادرة الكوتا
بعد أن ساهمت بعض عناوين شعبنا في مصادرة الكوتا المخصصة لنا كأقلية من خلال إنجرارها خلف برامج وطروحات (وبالتأكيد أموال) الأحزاب الكبيرة، وبعد أن نجحت أحزاب الأقلية في ايصال أكثر من نائب إلى البرلمان بأصوات الأغلبية، وبعد أن فشلت من إدعت معارضتها لمصادرة الكوتا بسبب ضعف أدائها وهشاشة مواقفها وتراخي معارضتها.. لجأت أحزاب أخرى (للاستنجاد) بالأغلبيات في دعم مرشحيها بغية الوصول إلى البرلمان حتى ولو كان على حساب قرارها المستقل ومواقفها الحيادية، وهو ما لوحظ في أصوات قائمة الرافدين في انتخابات برلمان اقليم كردستان الأخيرة ومشاركة الحركة الديمقراطية الأشورية في مصادرة الكوتا بمباركة من تيارات محددة داخل أحزاب السلطة.. وذلك عن طريق ضخ قرابة ألفي صوت على الكوتا من خارج إطار شعبنا (ولأول مرة) من مركز محافظة السليمانية وأطرافها إضافة إلى بعض الأقضية والنواحي النائية التابعة لمحافظة أربيل من المناطق التي ينعدم فيها تواجد شعبنا أو لا يتجاوز بحده الأعلى عشرات العوائل، والملفت أن تنظيم العملية كان من الدقة والترتيب العالي بحيث يصعب ملاحظته دون الوقوف على سجلات التصويت، بحيث توزعت الأصوات على عشرات المراكز وأكثر من ألف محطة انتخابية بمعدل 1 – 3 صوت لكل محطة وبرقعة جغرافية واسعة.

التشجيع على مصادرة الكوتا
لقد ساهم قبول أحزاب شعبنا بتدخل الآخرين في موضوع الكوتا والتسابق على المشاركة بمصادرتها لصالح الأغلبيات والأحزاب الكبيرة في تشجيع أطراف أخرى على التدخل في الكوتا المخصصة لشعبنا، كما وفر ذلك لبعض اللاهثين خلف المناصب بيئة ملائمة لهم في لجوئهم إلى الأغلبيات من أجل تحقيق غايتهم الشخصية بالوصول إلى البرلمان، وهو ما كان بمثابة إطلاق رصاصة الرحمة على (مضمون) كوتا شعبنا.. وللتأكد من ذلك ليس علينا إلا أن نستعرض قوائم شعبنا المزمع مشاركتها في انتخابات مجلس النواب العراقي 2014، حيث سنرى قائمة مدعومة من الحزب الديمقراطي الكردستاني وأخرى مدعومة من الاتحاد الوطني الكردستاني وثالثة من الحزب الشيوعي العراقي ورابعة من حزب الدعوة الإسلامية وخامسة من التيار الصدري، كما سنلاحظ قوائم مدعومة من شخصيات مثل رئيس الوزراء نوري المالكي ورئيس مجلس النواب أسامة النجيفي، لكن الأكثر تشوهاً وغرابة وفي نفس الوقت حرجاً وطرافة هو أن نسمع إن لشعبنا قائمة (مدعومة) من وزارة البيئة!!.

النتيجة هي العودة لوصاية أحزاب الأغلبيات

تأسيساً على ما سبق فمن الوارد أن يتمثل شعبنا في البرلمان العراقي القادم بخمسة نواب تابعين لأحزاب من خارج بيتنا القومي أو موالين لمرجعيات من الأغلبيات، وهو ما يعني من جانب تفريغ الكوتا الخاصة بشعبنا من خصوصيتها كما يعني من جانب آخر النيل من مكانة أحزابنا القومية وإضعاف ثقة جمهور الناخبين بمشاريعها.. وبالتالي العودة إلى المربع الأول الذي إنطلقت منه قضية شعبنا السياسية ورهن قراره بإرادة الكبار والقبول بوصاية أحزاب الأغلبيات على مفردات قضيتنا القومية وربط مصير شعبنا بالمواقف السياسية لأحزاب السلطة وإفراغ الكوتا من مضمونها القانوني المرتبط بحق الأقلية في إختيار ممثليها.. بمعنى أن كل ذلك النضال وتلك التضحيات وتحديات المسيرة التي تحملتها أحزاب شعبنا وما دفعته من ضريبة العمل القومي المستقل منذ عشرات السنين، سوف يتم التفريط به ونسيانه من أجل مقعد برلماني أصبح يلبي رغبات صاحبه أكثر من تحقيقه لطموحات الشعب.

إذن، ما هو الحل؟
برأينا أن لا حل لمشكلة مصادرة كوتا شعبنا إلا بالعودة إلى أساس الفكرة التي أُقرت الكوتا من أجلها، وهو منح فسحة (حقيقية) للأقليات لتحقيق ذاتها السياسية عن طريق ضمان تمثيلها في الهيئة التشريعية، والإبتعاد كلياً عن تبرير الفشل في التصدي لحصر التعاطي مع الكوتا بشعبنا بعدم استعداد المقابل لإقرار ذلك.. فنحن اليوم أحوج ما نكون إلى إعادة ثقة شعبنا بنفسه بعد أن فقدها نتيجة الإنكسارات والخسارات المتواصلة، لذا فأن أي حديث عن حقوق الإنسان ومراعاة حق الفرد في الإختيار أو التحجج بالآليات والجوانب الإدارية والفنية والمالية لا يعدو أكثر من ترف تنظيري ومراوغة سياسية.. وعليه فأن السبيل الوحيد لتحقيق الغاية المرجوة من الكوتا وجني ثمارها الانتخابية بالصورة التي يستفاد منها شعبنا (سياسياً) هو حصر التعاطي معها بشعبنا وإبعادها عن تأثير الأغلبيات، فعلى سبيل المثال يمكن المطالبة بحصر الترشيح لكوتا شعبنا بأحزابنا القومية والمستقلين ومنعه عن المنتمين لأحزاب الأغلبيات، ومن الضروري الإصرار (ثم الإصرار) على المطالبة بحصر التصويت بأبناء شعبنا.. حيث بخلافه فأننا نرى بأن حق الكوتا سيفرغ من محتواه الأصلي شيئاً فشيئاً، وأن الأحزاب الكبيرة ستستولي على المقاعد المخصصة لشعبنا وتعود لفرض وصايتها على قضيتنا القومية وأن الأغلبيات ستصادر قرارنا السياسي.. عندها سيكون من الأفضل أن يتم إلغاء الكوتا، فربما يكون ذلك دافعاً لأحزابنا التي تتشدق برفع راية القومية وأنها الحريصة الأولى على مصالح شعبنا لأن تأتلف وتجتمع وتشارك بقائمة واحدة، حتى وأن جاء ذلك على حساب العدد، فالقليل الحقيقي هو دائماً أفضل من الكثير المزيف.

20
تداخل الأداء الكنسي مع الحزبي في قضية شعبنا السياسية.. ما له وما عليه

جورج هسدو
g_hasado@yahoo.com
قبل أن نتناول قضية مهمة وحساسة مثل تداخل الأداء بين الكنيسة والأحزاب السياسية لما يخص قضية شعبنا، علينا أن نقر ونعترف بأن المشهد السياسي العراقي عموماً بعد عام 2003 تعرض إلى تداخلٍ قوي من قبل المؤسسة الدينية بمختلف جوانبها "العقائدية، المذهبية، الشعائرية" في الفعل السياسي.. وتباينت نتائج ذلك التداخل بين الجيد والسيئ وما بينهما من مساحة وسطية تراوحت تجاذباتها تارة بشكل سلبي وأخرى بشكل إيجابي على تواصل الجماهير مع تفاصيل الحياة السياسية، كما تمخض عن ذلك التداخل خليطاً غير متجانس من التوجهات السياسية المشبعة بالمنطلقات الدينية.

الكنيسة تجاري الواقع:
وفي ضوء هكذا واقع يرمي بثقله على الممارسة العملية لعموم مفاصل وتقسيمات الدولة دافعاً بمختلف المؤسسات الرسمية والمدنية إلى التعامل معه، وجدت الكنيسة نفسها مجبرة على التعاطي مع ذلك الواقع أو على الأقل مجاراته ومسايرته بغية الإحتفاظ بشخصيتها المعنوية ودورها الفخري وإلى حد ما مكانتها التاريخية.. ما أدى إلى إقحامها في قضايا الساعة ودفعها لأن تدلو بدلوها في العديد من القضايا السياسية وعلى المستويين الوطني والقومي، وهو الأمر الذي حمّلها مسؤوليات مضافة في التعاطي مع ملفات معقدة ومتشابكة خارج إطار إختصاصها نجحت في إدارتها حيناً كما أدخلتها في مطبات وإحراج أمام الرأي العام حيناً آخر.
وقد يكون لعامل الخبرة تأثير كبير على مدى نجاح أو فشل أداء مؤسسة الكنيسة في تبنيها أو ترويجها لموقف معين، إن كان من خلال مناهضة فكرة ما أو كأن يكون مساندة لتوجه معين، لكن العامل الأهم في تقييم مواقف الكنيسة يتمثل في إنفراد (بعض) رجال الدين بتبنيهم أو محاربتهم لطروحات سياسية معينة.. وهو ما لعب دوراً مؤثراً في تعميق الهوة النفسية بين المرسل والمتلقي أي بين الكاهن ورعيته أو بينه وبين المؤمنين عموماً، خاصة وأن الطروحات دائماً ما أتت من أحزاب وجهات سياسية موزعة بين طوائف شعبنا ومعروفة بإنتمائها الكنسي المحدد بأحد أجزاء كنيستنا المشرقية.

وتدخل عالم السياسة:
ورغم أن مرجعيات كنيسة المشرق في العراق وبمختلف أجزاءها جاهدت للبقاء بعيداً عن ألاعيب السياسة لما تحمله هذه المهنة من أدران ومساوئ لا تلائم رجل الدين ومن وهب نفسه لخدمة الله، إضافة إلى حذرها من عدم التقاطع مع الإسلام السياسي الذي تنامى بشكل مضطرد وتولى زمام الأمور في عراق ما بعد 2003.. إلا أن الكنيسة وجدت نفسها في كثير من الأحيان مضطرة لولوج عالم السياسة حتى وإن كان من بابها الخلفي أو من خلال كوة في البوابة الرئيسية، خاصة عند تعلق الأمر بتضحيات شعبنا ومستقبله في أرض الوطن بأعتبار هوية أبنائه الدينية كمسيحيين يتعرضون لإستهداف وتهجير متواصلين.. وقد شجعت هذه الحالة البعض من رجال الكنيسة وعلى أكثر من مستوى ممن لهم ميول قومية وخلفيات سياسية وطنية على الإنحياز لتوجهات حزبية معينة لا بل أن بعضهم عمل على تسويق نفسه كعراب لطروحات سياسية مثيرة للجدل.. ونظراً لوجود تقاطعات جوهرية وخلافات مصلحية بين معظم التنظيمات السياسية التابعة لشعبنا إلى درجة وصلت لحد التجاوز المعنوي والمشادات اللفظية في ما بينها، فكان لابد من أن تدفع تلك الشخصيات الكنسية جزءاً من ضريبة ذلك الواقع السيء وهو ما أثر على مكانة الكنيسة الإعتبارية بين العامة.

إيجابية الدور الكنسي:
لا يمكن إعتبار كل تدخل من الكنيسة في الشأن السياسي الخاص بشعبنا على أنه يشكل عاملاً سلبياً كما لا يمكن إطلاقاً إبعاد النخب الدينية كلياً عن إبداء آرائهم بهموم ومشاريع شعبنا السياسية، فللكنيسة هوية تاريخية وعليها واجب التوجيه الاجتماعي كما لها هوية إيمانية وتتحمل مسؤولية التوجيه الروحي.. وفي ظل واقعنا السياسي المتراجع وأهمية إستثمار كل الطاقات في إنقاذ قضية شعبنا من المضي نحو المجهول والمحافظة على ما تبقى من خصوصياتنا العرقية والجغرافية، يمكن التركيز على عدد من النقاط التي قد تساهم من خلالها الكنيسة في تدعيم مقومات نجاح المشاريع السياسية لشعبنا وإستمرار وجوده في أرض الوطن:
1- يمكن لقضية شعبنا كسب قوة مضافة من الكنيسة من خلال سعيها لكسب دعم الكنائس العالمية المؤيدة للشعوب المسيحية المضطهدة دينياً، وهو ما يمكن أن يتم عن طريق تقسيم الجهود بين الكنائس وفق هوياتها المذهبية لإستثمار العنوان الديني لشعبنا.
2- إستثمار الواقع الدولي المتنامي في مساندة قضايا الأقليات المعرضة للخطر في البلدان ذات الغالبيات المختلفة عرقياً ودينياً، وذلك من خلال توظيف الكنيسة لقدرات ومهارات أصدقائها العاملين في الجانب الإنساني والمنتسبين لمنظمات دولية معنية بقضايا حقوق الإنسان.
3- توزيع الأدوار بين الكنيسة والأحزاب في ما يخص الشأن الداخلي العراقي خاصة في ظل الظروف الحساسة التي يعيشها شعبنا وهو يتعامل مع مختلف التعقيدات السياسية والاجتماعية، وهو ما سيحتاج إلى تنسيق عالي المستوى بين المرجعيات الدينية والقادة السياسيين.
4- توجيه أبناء شعبنا بضرورة التعامل الإيجابي مع مفردات قضيتنا القومية ودفعهم لتبني أفكار بناءة داعية للتمسك بالهوية والجغرافية القومية، إضافة إلى أهمية تركيز الكنيسة على الجانب الوحدوي والحث على الإبتعاد عن كل ما يثير الفرقة بين أبناء الشعب الواحد.
5- الضغط على الأحزاب السياسية لدفعها إلى الإبتعاد عن تشبثها بمصالحها الفؤية والحزبية مقابل المصلحة العليا لشعبنا، ومن الجيد أن تقوم الكنيسة بوضع النقاط على الحروف بخصوص أداء ممثلي شعبنا في الدولة العراقية وتنبيههم في حال إبتعادهم عن جوهر قضية شعبنا العامة.
6- التثقيف بين الجماهير بخصوص المشاركة في الحياة السياسية كتشجيعهم على ممارسة واجباتهم الانتخابية في الترشيح والتصويت ودفعهم إلى المشاركة في رسم السياسات العامة للبلد والأمة، على أن يتم ذلك بعيداً عن الدعاية الحزبية والترويج لعنوان معين.
7- العمل على تحشيد الرأي الشعبي العام من أجل مساندة قضية شعبنا بشتى الطرق المطلوبة لضمان خصوصيات شعبنا في مناطقه التاريخية، كما يمكن للكنيسة وضع الخطط والبرامج والمشاركة بتخصيص مبالغ مالية للمساهمة في مواجهة التهديد المستمر لوجود شعبنا في الوطن.
8- العمل الجاد من أجل تحقيق التقارب (ولا نقول الوحدة) بين مختلف أجزاء كنيستنا المشرقية وحتى مع فروع الكنائس الغربية التي لها مؤمنين من أبناء شعبنا (وأقصد أقسامها الموجودة في الوطن)، وهو الأمر الذي إن تحقق وسار بإنسيابية سيؤدي إلى حفظ الكثير من الجهود والطاقات التي تُصرف في غير محلها، والتي بالتأكيد ستصب أغلبها في مصلحة قضيتنا السياسية وكيفية السير بها نحو الأفضل.

لكن ماذا عن السلبيات؟:
ورغم كل ذلك فأن هناك عدداً من السلبيات التي رافقت أداء الكنيسة في مسألة تداخله مع الجانب السياسي أثناء تعاطيها مع أكثر من ملف وقضية على مدى السنوات القليلة الماضية، حيث حُسب على الكنيسة تدخلها في شؤون ومهام المؤسسات السياسية بشكل تنافسي.. مما أعطى لمثقفي شعبنا والكتاب القوميين الحق في إنتقاد الكنيسة وإتهامها بالتقصير في محاسبة المتسببين بإرباكات داخل البيت القومي من أكليروس وأشخاص محسوبين على مؤسسة الكنيسة، وبالطبع كان هناك (من الطرفين) من أستغل هذه الحالة الإستثنائية لتغذية دوافعه الخبيثة وبث مزيد من الفرقة والتشرذم بين عموم أبناء شعبنا.. ويمكن حصر هذه الحالات السلبية في:
1- إنجرار بعض رجال الدين خلف زعامات سياسية بذاتها وقيامهم بالدعاية الحصرية لطروحاتها السياسية مقابل العمل والدعوة لمحاربة ورفض الطروحات الأخرى وبالأخص المتقاطعة معها، وما زاد الطين بلّة أن ذلك جرى تحت خيمة استخدام المال السياسي في شراء الذمم.
2- تشظي موقف المرجعيات الكنسية بين الأحزاب السياسية وتوزع تأييدها بينها على خلفية الإنتماء الطائفي لقيادات (وفي الغالب حتى قواعد) تلك الأحزاب بين مذاهب شعبنا الكنسية، وهو بالمقابل ما أدى إلى حصر ولاء ذلك الحزب بالكنيسة المؤيدة له وإهماله للأخريات.
3- عمدت كنائس شعبنا أحياناً إلى العمل والتنسيق مع الحكومة العراقية بمعزل عن الأحزاب وممثلي شعبنا في مؤسسات الدولة التشريعية والتنفيذية بشكل فردي أو جماعي، وهو ما شجع على إضعاف مكانة شعبنا وإهمال مواقفه السياسية العامة من قبل رئاسات الدولة والكتل المتنفذة.
4- تبني بعض رجال الدين لتوجهات مضرة بوحدة شعبنا وخاصة من كهنة وأساقفة المهجر مقابل إصرار قسم آخر من المرجعيات الكنسية للتعامل مع الأسم القومي (الملصق بكنيستهم) وفرضه على أنه الحقيقة التاريخية الوحيدة، إلى جانب تخبط بعض الكنائس في التعبير عن هوية شعبنا القومية والمساهمة بصهره في بوتقة القوميات الأخرى.
5- تناقض الخطاب القومي المتبنى من قبل الكنائس إلى درجة تبدو فيها بعضها وكأنها تطرح نفسها كسليل لإمبراطوريات شعبنا التاريخية بينما الأخرى تظهر بمظهر العدوة اللدودة لها، في الوقت الذي تنأى الثالثة بنفسها عن الدخول في الموضوع وكأنه أمر لا يعنيها.
6- تسرع بعض الكنائس في الدخول بتفاصيل العمل السياسي مدفوعة برغبات وميول مرجعياتها المتأثرة بطبيعة علاقاتها (الشخصية) المتذبذبة مع قسم من السياسيين، وتورط تلك المرجعيات في الإقرار (الموثق) بمسألة قبولها بالتمثيل السياسي من عدمه لما يخصها كمؤسسة ورعية.
7- الانقسام وفقدان التوافق بين كنائس شعبنا لما يخص القضايا الجوهرية والمشاريع السياسية المطروحة على الساحة القومية، ويمكن أن نأخذ مشروع محافظة سهل نينوى نموذجاً لنتأكد من ذلك التناقض الذي ينقسم بين التأييد والرفض والتذبذب لما يخص كل كنيسة على حدة.
8- تقصير الكنيسة في استغلال علاقاتها مع الدولة العراقية من ناحية المساهمة في تشريع وتثبيت أو حتى ممارسة ما أقر سلفاً من حقوق عامة تدعم مقومات بقاء أبناء شعبنا في أماكن سكناهم والمحافظة على مصالحهم المادية ومصادر عيشهم، واقتصار مطالب رجال الدين من المعنيين في الدولة العراقية على جملة من الاحتياجات الشكلية الخاصة بمؤسسة الكنسية  والتي لا ترتقي لمستوى المطاليب العامة.

خلاصة ورأي:
من كل ما تقدم يتوضح لنا أنه يمكن للكنيسة أن تلعب دوراً فعالاً في المساهمة بالدفاع عن حقوق شعبنا إذا ما إلتزمت بالاطار العام في تداخل إدائها على الجانب السياسي وتركيزها على تدعيم عوامل القوة (رغم قلتها) في قضيتنا القومية بغية التوصل للحلول المقبولة والخروج بأفضل النتائج المرجوة.. كما يتضح أن أي خطأ من جانب الكنيسة في عملية تعاطيها مع الشأن السياسي قد يؤدي إلى نتيجة عكسية تؤثر في مصلحة شعبنا ومكانة الكنيسة على حد سواء، خاصة وأن الفعل السياسي العراقي العام ما زال أسير التوافقات الكتلوية والفؤية الكبيرة والتي غالباً ما تدفع ضريبتها الأقليات والشعوب الصغيرة ومنها شعبنا المكتوي أصلاً بنار الفرقة الداخلية.
وبالتأكيد فأنه سيكون هناك من يتفق مع الرأي القائل بأهمية مشاركة الكنيسة في الفعل السياسي في ضوء ما يشهده واقع شعبنا المتردي والقلق على مستقبله، كما سيكون هناك من يعارض الفكرة على أساس أن على الكنيسة أن تبتعد عن السياسة حفاظاً على كرامتها واحتراماً لمكانتها السامية.. لكن ما يهمنا هنا هو بلورة فكرة صحيحة لاستثمار التداخل بين الكنيسة (وليس رجال الدين) وبين الأحزاب في المسائل السياسية وخلق تفاهمات مشتركة قائمة على أساس تحقيق المصلحة العليا لشعبنا، والتقليل قدر الإمكان من التقاطعات السابقة التي أدت إلى أفعال وردود أفعال من الجانبين ساهمت في تعميق الهوة الموجودة أصلاً بين رجل الدين والسياسي، وهو ما أدى لاحقاً إلى تفاقم الصراع والتراشق بين أتباع ومناصري الطرفين.
وبالنظر لعدم إمكانية حرمان الكنيسة من التعبير عن رأيها في قضايا شعبنا الحساسة وبالأخص السياسية منها، بل لعدم وجود مصلحة في إلغاء دور المرجعية الدينية من الإدلاء بدلوها ومشاركتها في الفعل القومي، فأنه لابد من تأطير العلاقة بين الكنيسة والأحزاب وتحديد مسؤوليات وصلاحيات كل منهما.. وهو مايقع على عاتق الجميع وليس فقط أصحاب القرار في مؤسسة الكنسية وقادة الأحزاب السياسية، حيث هو أيضاً من مسؤولية المفكرين والمثقفين والإعلاميين ورجال الأعمال والعاملين بمؤسسات المجتمع المدني وحتى من العامة المهتمين بالشأن القومي، وبالتأكيد فأن قبل كل أولئك يأتي المؤمنون بعدالة قضية شعبنا وحتمية إنتصارها.

21
إلى تيري بطرس المتشبث بعباءة التاريخ
جورج هسدو
g_hasado@yahoo.com
لست من عشاق الردود على ما يدلي به كتاب شعبنا من آراء حول قضايانا القومية والسياسية، وذلك لقناعتي بأن مسألة الرأي يجب أن تبقى ضمن إطار تبادل وتلاقح الأفكار وليس من الضرورة أبداً أن يتم إعلان قرار بشأنها، رغم إصرار البعض مؤخراً على نسف المشتركات والقفز على حقائق التأريخ وبديهيات السياسة.. لكن لحظة اطلاعي على عنوان مقالة السيد تيري بطرس (الى الخارجين من تحت عباءة السيد كنا) تيقنت أنها تحمل رأياً سلبياً حول ما يجري من تطورات في البيت الداخلي لزوعا، وتوقعت أن تكون (مناسبة) أخرى لدس السم في العسل أكثر من كونها مساهمة تحليلية قائمة على معطيات الواقع والمنطق لبناء قناعة محددة، فالعنوان يعكس للقارىء أن ما يجري ما هو إلا خروج أعضاء من تحت سلطة مسؤولهم الذي كانوا يدينون له بالولاء سابقاً.. وقد يكون في هذا الرأي الكثير من الصحة، فالعديد ممن يجاهر اليوم باختلافه مع سياسة وإدارة السيد يونادم كنا لا يخجل بل ويتفاخر بتأييده ودعمه له عندما كانت الأمور غير ذلك، فالعيب ليس في الاختلاف، بل في الاستمرار في التأييد رغم تكرار الأخطاء وازدياد حجمها وتوسع تأثيرها.. لكن أن تطرح المسألة بشكل تهكمي وتصويرها على أنها مجرد خلافات شخصية ومن شخص أثبت دائما بأنه لايكن الكثير من الود لزوعا، وأن يصار إلى الإساءة للتاريخ والتشكيك بالحاضر وتصعيب المستقبل، فهي مسائل تستوجب الرد والتوضيح.
كراهية تاريخية
السيد تيري بطرس حر بآرائه لما يخص العمل القومي وبما يحمله من قناعات حول تنظيمات شعبنا أو حتى رؤيته الخاصة بمتطلبات العمل السياسي، وأنا لست ممن يعتقدون بضرورة التوقف عند مسألة الرأي وفق قاعدة إما مؤيد أو معارض، فله كامل الحق بترويج قناعاته ولي كامل الحرية بقبولها أو رفضها.. لكن عندما نلتقي عند قضية عامة ونقرر إلقاء الضوء عليها وتناولها من منظورنا الشخصي، فيجب أن نكون حذرين في تعاطينا مع التفاصيل وأن لا نندفع خلف ميولنا الشخصية المجردة ونقع في فخ المحظور حتى يقال بأننا نفعل ذلك (كرهاً لمعاوية وليس حباً بعلي).. وهذا ما فعله السيد بطرس بالضبط، فهو لديه قناعات سلبية مترسخة، بعضها مر عليه أكثر من ثلاثة عقود، بخصوص الحركة الديمقراطية الأشورية وعدد من قياديها الأوائل، وهو لا يتحفظ من إعلان موقفه هذا كما لا يتردد في النيل من أية قضية يكون محورها زوعا.. لكن هنا عليه أن يسمع منا قناعتنا التي تقول بأن أحد أهم الأسباب لتدهور العلاقة بين أحزاب شعبنا هو الكراهية التاريخية المتبادلة بين المؤسسين (بعضهم مازال يدير الدفة) والتي سببها التصارع الرمزي على من يملك شرف الريادة في قيادة الأمة، تلك الكراهية التي عملت القيادات على حشوها في رؤوس البسطاء من أعضاء التنظيم والتي بات لاحقاً من الصعب انتزاعها عند الحاجة لتمرير التكتيك السياسي أو ما أصبح يطلق عليه (جزافاً) بالعمل القومي المشترك!!.
تشكيك وتسخيف
سوف أغض النظر عن التجريح والتعابير المسيئة التي (زين) بها الكاتب مقالته وأترك أمر تقييمها للقرآء الكرام، كما سأتجاوز قضية الطعن بشرعية زوعا النضالية وأترك أمر اثباتها للكاتب، حيث أن مصداقيته (كأحد مثقفي شعبنا) ستكون على المحك في حال فشل في إثبات صحة قوله هذا، لكن عليه أن يعرف بأنه ليس الوحيد الذي يمتلك الحقيقة، فدائماً للحقيقة وجهان وقد لا يعجبه ما سيراه من وجهها الآخر.. لكني سأشكر الصديق الذي أقنعه بأنه يمكن أن يكون هناك حراك معارض طبيعي ضمن تنظيم الحركة وأن الأمور لا تنحصر كلها في نظرية المؤامرة والمناورات، وأنا أستبعد أن يكون هذا الصديق من المؤسسين، فالتشكيك وكيل التهم باتت من شيم أغلب (رواد) العمل القومي ومن مختلف العناوين.. كما لن تفوتني الفرصة في أن أعلن رفضي الصريح لمحاولة تسخيف محتوى الحراك المعارض المتبنى من قيادات سابقة في زوعا في السعي للإصلاح والتغيير ونعتهم بالخارجين من تحت عباءة فلان.. لكن ربما من الصعب على مناضل (منزوي) مثل السيد تيري الذي هجر الساحة الفعلية للعمل القومي منذ عقود أن يستوعب أنه من الممكن أن توجد قيادات شابة مستقلة برأيها ومحافظة على مصداقيتها ضمن تنظيمات شعبنا السياسية، وأنا أعذره في ذلك لأن حالة مثل هذه قد تكون الأولى من نوعها لكنها بالتأكيد لن تكون الأخيرة وربما لن يكون زوعا التنظيم الوحيد الذي سيشهدها.
توضيحات لابد منها
لا أدري من أين جاء السيد بطرس بفكرة أن المعارضين من قيادات زوعا السابقة تسعى لتأسيس حزب جديد؟! (ربما هذا ما يتمناه)، ولست أعلم عن أي (اتهام ضمني) في تحمل المعارضين لمسؤولية ما آلت إليه الأمور يتحدث؟!، ولم أفهم كيف توصل لحقيقة أن أعضاء القيادة السابقة هم من قرر الابتعاد عن زوعا أو أنهم أصلاً بعيدون عن زوعا وليس عن حلقة القيادة؟!.. وقبل أن أخوض في تفصيل بعض الأمور التي غفل (ولن أقول تغافل) عنها السيد تيري سأحيله للرسالة الموجهة لجماهير شعبنا والمنشورة على الرابط التالي:
http://www.ankawa.com/forum/index.php/topic,681678.0.html
وسأتمنى عليه قرأتها بعناية وتروي وخاصة ما يتعلق منها (بالاعتراف العلني) بالمشاركة في تحمل مسؤولية ما جرى كمكاشفة صادقة ومصارحة شفافة ونوع من الاعتذار من قبل المعنيين لعموم أبناء شعبنا.. كما أتمنى منه أن يتوقف قليلاً عند الفقرة التي تتحدث فيها الرسالة عن أسباب تواجد العديد من أعضاء القيادة السابقين بعيداً عن حلقات زوعا التنظيمية، والتي حصلت بسبب ((الإصرار من قبل القيادة الحالية على المضي في سياسة الإقصاء تجاه المعارضين للنهج الإستفرادي باتخاذ عقوبات مجحفة بحق رفاق شاركوا لسنوات طوال في مسيرة الحركة وقدموا الكثير من التضحيات والجهود الفكرية لصالح مكانتها الإعتبارية))، وليس هم من آثر الابتعاد أو قرر ترك العمل التنظيمي والسياسي.
أما الكلام عن السعي لتأسيس حزب آخر يكون بديلا أو منافساً أو مكملاً أو حتى رديفاً ونسخة من زوعا، فهو ما لم يقل به أحدٌ حتى الآن باستثناء السيد نينوس بتيو السكرتير السابق للحركة ويكرره اليوم السيد تيري بطرس، وهنا سأعطي لنفسي الحق (تماشياً مع الموضة) في أن أنظّر في القومية والسياسة وأبين رأيي بخصوص ما يحتاجه شعبنا وما ليس بحاجة إليه.. فبالتأكيد أن شعبنا ليس بحاجة لمزيد من الأحزاب والعناوين السياسية بقدر حاجته لمن يتولى تمثيله بالشكل المطلوب، وأقول (المطلوب) وليس المفروض، لأنه في كثير من الأحيان يكون تحقيق المفروض صعب المنال وخاصة ضمن حالة معقدة مثل التي يشهدها وطننا، لكن عمل المطلوب يكون دائما بالمستطاع إلا عندما يقرر المعني ركنه على جنب والالتهاء بأمور أخرى ثانوية لا علاقة لها بمطاليب واستحقاقات شعبنا.. فعندما نقدم مشروع محافظة سهل نينوى ولا ننجح في تحقيقه هو غير أن (نتحدث) عن المحافظة ثم نبرر للرافضين معارضتها!!، وعندما نعد ملفاً كاملاً لقضية التجاوزات على أراضي شعبنا وممارسات التغيير الديمغرافي ونعرضه على الهيئات التشريعية ولا يستجاب لنا هو غير أن نملأ الاعلام صراخاً وبعدها ندخل في سبات وننسى!!.. وعندما نطالب الحكومة بتوفير مستلزمات ومقومات استمرار وجودنا والمحافظة على خصوصيتنا في الوطن ولا تعير لنا الحكومة أي اهتمام هو غير أن نلجأ لتعميم حالة الاستهداف باعتبارها تلحق بكل العراقيين ونلعن المجاميع المسلحة والارهاب!!، وعندما نعتبر مسألة تمثيل شعبنا في الهيئات المدنية والمفوضيات المستقلة حق دستوري عام نتكاتف من أجل ممارسته هو غير أن نتعامل معه كمكسب حزبي ونساهم من حيث ندري أو لا ندري بهضم ذلك الحق ثم نتوعد باللجوء إلى المحكمة الاتحادية ونحن نعلم يقيناً بأنها أسيرة رغبات السلطة!!.. والأهم من كل ذلك هو عندما نؤكد على أهمية الشراكة الحقيقية والاستعداد للعمل التحالفي والعيش المشترك مع باقي المكونات ولا يتفهم الآخر نهجنا الأخوي هذا، هو غير أن نقبل بالتمييز وفرض الوصاية وننساق خلف الترويجات الهزيلة لاستمرار التجاوزات وعمليات التغيير الديمغرافي، ونسكت على محاولات تزوير التأريخ ونغض الطرف عن الممارسات الفوقية ونساوم على مكانة وتضحيات زعاماتنا التاريخية ونطأطأ رؤوسنا أمام تمجيد قتلة شعبنا!!.
بين زوعا وآخرين
في الحقيقة مازلت غير مستوعب لأهمية المس بتاريخ الحركة الديمقراطية الأشورية النضالي وشخوصه عند السيد تيري بطرس في الوقت الذي يجهد فيه (في مقالة أخرى) في التبرير للتجمع الديمقراطي الأشوري صاحب التاريخ القصير والسيرة المثيرة للجدل!!، وهو الذي يعترف بصعوبة تحديات الحاضر التي تواجه شعبنا والأخطار المحدقة بمستقبله.. كما أنني لم أنجح في فك شفرة تماديه في تقديم جرد حساب بـحزمة (التهم) الموجهة لزوعا والتي بعضها لا يرتقي حتى لمستوى الخطأ، بينما يعلم يقيناً أن هناك من بين مختلف تنظيماتنا السياسية من لعب أدواراً مخزية ومسيئة لسمعة حركة شعبنا القومية!!.. وأستغرب من مطالبته المعارضين باقرار كل هذه التهم واعلانهم موقفاً منها حتى يثق بحراكهم، وإلا فأن ما يعملوه لن يكون سوى (عملية مخادعة للناس)، وكأن القضية القومية لن تتقدم للأمام إلا إذا ذبحنا زوعا وإزدرينا تاريخه وسقّطنا كل رموزه وكفرنا بتضحياته ومقدساته!!.. فليعلم السيد تيري بطرس وكل من (يهتم) لما يمر به زوعا إن موضوع الإعتراض على الأداء شيء ومسألة التنصل للمبادئ والنيل من المسيرة شيئ آخر، كما أن المطالبة بالتغيير والإصلاح هو بحث والحكم على إرث زوعا النضالي بالاعدام بحث آخر.. فإن شاء السيد بطرس أو أبى فأن زوعا استطاع أن يكون إحدى أيقونات شعبنا القومية لسنوات طوال إلى أن بدأت تنخدش بسبب التخلي عن الدور الطليعي في الدفاع عن القضية، وأصبحت الحركة تشهد تراجعاً بسبب جنوح قيادتها للنزعة الفردية وتقديمها المكاسب الحزبية على الاستحقاقات القومية والجري خلف المصالح الفردية.. وأن تحقيق زوعا لتلك المكانة الرفيعة لم يكن من باب الصدفة، لأن الاستعداد للتضحية حد الشهادة واقناع الناس بتقديم الدعم المالي والمعنوي لا يأتي من فراغ أو أن أياً كان يستطيع تحقيق ذلك، وإلا لكنا قد شهدنا أمثلة أخرى مشابهة.. وأنا على ثقة بأن من يختلف اليوم مع سياسة القيادة الحالية لزوعا مدفوعاً بحرصه العالي على مصلحة القضية والمقرون بمخاوفه الجادة على مستقبل الحركة السياسي لن يتوانى في مجابهة من يستثمر الخلاف لغاياته الخاصة، كما لم يتردد في التصدي لتعديل المسار الخاطئ من أجل إعادة توجيه بوصلته نحو الإلتزام بالدفاع (الصادق) عن مشروعية قضية شعبنا.

22
منظمات شعبنا المدنية *
ودورها في صناعة الرأي العام

جورج هسدو
g_hasado@yahoo.com
لجأ المجتمع العراقي عموماً بعد نيسان 2003 أي بعد زوال النظام الدكتاتوري إلى تبني واستخدام العديد من المفاهيم العصرية التي كانت مغيبة وممنوعة إبان حقبة الحكم السابق الذي إمتد لـ 35 عاماً، حيث تجمد تعامله مع المفاهيم المدنية عند النصوص الفلسفية والمناهج الدراسية دون أي تطبيق عملي لها.. لكن بعد التخلص من سطوة ذلك النظام القمعي سارع العراقيون إلى تبني وتأسيس منظومة مدنية كبيرة لم تقف عند حد التعددية السياسية بل تجاوزتها لتصل إلى بناء مؤسسات مجتمع مدني في المجالات الثلاثة "السياسة، الثقافة، الإقتصاد" وما يدخل في إطارها من إختصاصات وأقسام متنوعة.. ولم يختلف شعبنا (الكلدوآشوري) عن باقي مكونات الشعب العراقي في المبادرة لتأسيس منظمات مدنية أخذت على عاتقها مسؤولية المساهمة في تنوير وتثقيف أبناء شعبنا بحقوقهم المدنية العامة، كما سعت إلى إقامة وإحياء مختلف النشاطات والفعاليات ذات الخصوصية الأثنية والدينية لشعبنا.

ماهو المجتمع المدني وماهو الرأي العام؟؟
لكن قبل أن نخوض في مسألة تقييم منظمات شعبنا المدنية ومدى نجاحها أو فشلها في صناعة رأي عام خاص بشعبنا بخصوص قضاياه الأساسية، نرى ضرورة تناول بعض التعريفات العامة لكل من مفهومي "المجتمع المدني والرأي العام" مثار بحث مقالنا هذا وذلك للمقارنة بينها وبين ما يتعامل معه شعبنا من مؤسسات غير حكومية وكيفية تأثيرها على التوجه العام لغالبية الجماهير.
يشير مصطلح المجتمع المدني إلى أنه ((كل أنواع الأنشطة التطوعية التي تنظمها الجماعة حول مصالح وقيم وأهداف مشتركة. وتشمل هذه الأنشطة المتنوعة الغاية التي ينخرط فيها المجتمع المدني مثل تقديم الخدمات، أو دعم التعليم المستقل، أو التأثير على السياسات العامة. ففي إطار هذا النشاط الأخير مثلا، يجوز أن يجتمع مواطنون خارج دائرة العمل الحكومي لنشر المعلومات حول السياسات، أو ممارسة الضغوط بشأنها)).. ومن الناحية النظرية يعتبر المجتمع المدني ((الإطار الذي تنتظم فيه العلاقات بين الأفراد والجماعات على أسس ديمقراطية، أي ذلك المجتمع الذي تحترم فيه حقوق المواطن السياسية والإقتصادية والثقافية في حدها الأدنى، إنه ذلك المجتمع الذي تقوم فيه دولة المؤسسات)).. كما أن المجتمع المدني يضم ((مجموعة واسعة النطاق من المنظمات غير الحكومية والمنظمات غير الربحية التي لها وجود في الحياة العامة وتنهض بعبء التعبير عن اهتمامات وقيم أعضائها أو الآخرين، استناداً إلى اعتبارات أخلاقية أو ثقافية أو سياسية أو علمية أو دينية أو خيرية، ويطلق على هذه المنظمات مصطلح "منظمات المجتمع المدني")).. ومنظمات المجتمع المدني يتم تعريفها بأنها ((مؤسسات سلمية ينشأنها مواطنون هدفها مساعدة كل من الدولة والمواطن، وتعتبر قطاع ثالث معاون بجانب القطاع الخاص والقطاع العام. وليس من أهدافها الحصول على سلطة أو منصب، بل هي خدمة للمجتمع، ولا تتدخل الدولة في مهامها وطرق عملها أي لابد أن تكون الجمعية مستقلة)).
أما الرأي العام فهو ((تكوين فكرة أو حكم على موضوع أو شخص ما أو مجموعة من المعتقدات القابلة للنقاش وبذلك تكون صحيحة أو خاطئة، وتخص أعضاء في جماعة أو أمة تشترك في الرأي رغم تباينهم الطبقي أو الثقافي أو الاجتماعي، فيعترض ذلك مع الرأي الخاص الذي يشير إلى أمور ومسائل شخصية تتعلق بفرد واحد)).. كما أنه ((ذلك التعبير العلني والصريح الذي يعكس وجهة نظر أغلبية الجماعة تجاه قضية معينة في وقت معين)).. وتشير العديد من تعريفات الرأي العام إلى أنه ((مجموعة اتجاهات الناس الأعضاء في نفس المجموعة الاجتماعية نحو مسألة من المسائل التي تقابلهم)).. وبأنه ((فهمٌ معين للمصالح العامة الأساسية يتكون لدى كافة أعضاء الجماعة)).. أو هو ((الناتج عن عملية تفاعل الأشخاص في أي شكل من أشكال الجماعة نحو موضوع معين يكون محل مناقشة في جماعة ما)).. وهو ((تعبير أعضاء الجماهير عن الموضوعات المختلف عليها فيما بينهم)).. أو ((هو مجموعة الاتجاهات التي تسيطر على الجماعة إزاء مشكلة ما وتعبر عن رأي الأغلبية)).. وأخيراً فأن الرأي العام هو ((الحكم الاجتماعي لجماعة ذات وعي ذاتي على موضوع ذي أهمية عامة بعد مناقشة عامة مقبولة)).

واقع المنظمات المدنية قبل وبعد 2003
وإذا ما قارنّا بين منظمات المجتمع المدني الخاصة بشعبنا في المرحلة التي سبقت زوال النظام السابق ومرحلة ما بعد عام 2003، سنرى مدى البون الشاسع في العدد الكمي وهامش حرية العمل الميداني بينهما، إضافة إلى الفروقات المادية كالدعم المالي وإستقلالية القرار وحرية الإنتماء ومساحة التحرك وغيرها.. فقبل 2003 لم يكن شعبنا يمتلك في المحافظات الواقعة خارج منطقة الحماية الدولية (كردستان العراق) مثل بغداد والموصل وكركوك إلا عدد قليل (لا يتعدى عدد أصابع اليد الواحدة) من المؤسسات المدنية التي اقتصرت على المجالات الأدبية والثقافية والرياضية، هذا إذا إستثنينا المؤسسات الكنسية التي إنحصر دورها على التثقيف الديني وإحياء التراث الكنسي وبعض النشاطات الترفيهية العامة.. بينما شهدت نفس المناطق بعد عدة سنوات من سقوط النظام ولادة العشرات من منظمات المجتمع المدني الخاصة بشعبنا، وهي لم تقتصر على المجالات الأدبية والثقافية فحسب بل تشكلت مؤسسات مدنية تعنى بمختلف الشؤون الاجتماعية التي تهم المواطن بصورة عامة وأبناء شعبنا خصوصاً.. كما أن ذلك العدد القليل من المؤسسات المدنية الذي كان موجوداً إبان حكم حزب البعث لم يسلم من تدخلات وضغوطات السلطة التي لم تكن أجهزتها الأمنية تتوانى عن فرض أجنداتها القومية والسياسية والحزبية عليها، لكن ورغم ذلك الواقع الصعب والظرف الحرج استطاع قسم من تلك المؤسسات الإفلات من الرقابة السلطوية ونجحت في تمرير قناعاتها المتعلقة بخصوصية شعبنا القومية والتثقيف بإتجاه ذلك، وهو ما يُشهد به لكل من جمعية آشور بانيبال الثقافية في بغداد واتحاد الأدباء والكتاب السريان والنادي الأثوري الرياضي في كركوك.. لكن بعد عام 2003 أصبح عمل منظمات المجتمع المدني أكثر إنفتاحاً وسلاسة من ناحية تدخلات السلطة التي وصلت إلى درجة إهمال المؤسسات المدنية وعدم إعارة أي إهتمام لنشاطها الجماهيري، إلا أن جميع منظمات المجتمع المدني شأنها شأن بقية المؤسسات عانت من فقدان الأمن وتعرضت للإستهداف من قبل الإرهاب والأصولية الدينية.
أما فيما يتعلق بمنظمات المجتمع المدني التابعة لشعبنا في المناطق الخارجة عن سيطرة النظام (إقليم كردستان) لما قبل 2003 في كل من محافظات أربيل ودهوك والسليمانية، فأن أكبر ما يمكن أن يؤشر له هو تواصلها ومحافظتها على استقلالية خصوصيتها في ظل الظروف الاقتصادية القاسية والظرف الأمني القلق.. إلا أنها خلال السنوات الأخيرة شهدت هي أيضاً تزايداً كمياً وتوسعاً نوعياً وخاصة في الجانب الثقافي الذي ربما زاد عن الحد المطلوب في بعض المناطق (عنكاوا مثلاً)، كما أن هامش الحرية المتاح لها إزداد طردياً مع تزايد معايير الديمقراطية والتعددية السياسية في الإقليم وتحديداً مع ظهور مؤسسات إعلامية مستقلة إلى جانب معارضة نشطة.

تأثيرها على الرأي العام
والآن بعد أن عرفنا خواص المجتمع المدني وصفات منظماته، وبعد أن ألقينا نظرة على ماهية الرأي العام وتعريفاته بحسب مختلف المدارس الفكرية، وبعد أن إطلعنا على واقع مؤسسات شعبنا المدنية قبل وبعد زوال النظام عام 2003.. لابد لنا من تقييم أداء منظمات المجتمع المدني العاملة على الساحة القومية لشعبنا وتحديداً دورها في التأثير على الرأي العام من خلال صناعة توجه مشترك وموحد بين عامة الجماهير، والذي يعتبر من أولويات ومهام عمل منظمات المجتمع المدني أو ما يطلق عليها بالمنظمات غير الحكومية.. ولكي لا نظلم مؤسسات شعبنا المدنية وخصوصاً تلك النشطة في الجانب القومي، لابد من الإشارة إلى أن العامل الموضوعي شكل في أحيان كثيرة حجر عثرة أمام عملها وأثر سلباً على أدائها الميداني الساعي لتأسيس مجتمع تحترم فيه حقوق المواطن الأساسية من خلال بناء دولة المؤسسات.. فالإرهاب المسلح والتطرف الديني والجريمة المنظمة والإستحواذ السياسي والتكالب على المناصب والمحاصصة الطائفية وإستشراء الفساد المالي والإداري وفقدان الحس الوطني والإستقطابات الفؤية، كلها عوامل وصعاب خارجية أدت إلى إنحسار دور المؤسسات المدنية في التأثير على رأي العامة.. لكن في المقابل فأن جملة من العوامل الذاتية (الداخلية) غلفت آليات عمل منظمات شعبنا المدنية وساهمت بشكل سلبي في التقليل من تأثيرها على قناعات الجماهير، بحيث صعب على منظمات المجتمع المدني تجاوز تأثير تلك العوامل عليها واستسلمت لتداعياتها التي غيرت طبيعتها المدنية شكلاً ومضموناً.

يمكن إختصار العوامل الذاتية في:
تبعيتها للأحزاب السياسية: تأسست الكثير من المؤسسات المدنية كأذرع جماهيرية تابعة لأحزاب سياسية، ما أدى إلى فقدانها لإستقلاليتها المهنية وتحولت إلى أداة بيد الحزب الذي إستغلها في عملية التبشير ببرنامجه والدعوة لطروحاته في عملية التنافس للوصول إلى السلطة، حيث تداخلت هوية المنظمة المدنية مع شخصية الحزب السياسية.
رضوخها لضغوطات السلطة: بسبب خسارة المنظمات المدنية صراعها التعبوي مع السلطة التي سعت دائماً لتجيير كل الفعل المؤسساتي لصالح أجنداتها، أهملت منظمات المجتمع المدني مهمتها الأساسية في "ممارسة الضغوط للتأثير على السياسات العامة" ما أدى بالنتيجة إلى رضوخها لضغوطات السلطة والإنصياع لرغباتها.
إنسياقها خلف رجال الدين: إنساقت العديد من منظمات المجتمع المدني الخاصة بشعبنا خلف آراء قسم من رجال الدين الذين نشطوا مؤخراً في تأجيج الصراع الطائفي عن طريق الخوض في إشكالية التسمية، بحيث أهملت تلك المنظمات دورها التقليدي في "عكس وجهة نظر أغلبية الجماعة" وإلتهت بفكرة تغيير رأي عام محايد إلى آخر منحاز للخصوصية الكنسية.
سعيها للحصول على مناصب: وقعت أغلب المنظمات المدنية في تناقض الجوهر مع المسعى وأصبحت ضحية طموحات مؤسسيها وبعض أعضائها المتنفذين، وتحولت شيئاً فشيئاً إلى وسيلة لإيصال البعض إلى مناصب إدارية ومواقع في السلطة ضاربة بذلك أحد أهم أسس تشكيل منظمات المجتمع المدني ألا وهو "ليس من أهدافها الحصول على سلطة أو منصب".
حصر عضويتها بفئة معينة: تقوقعت أغلب المنظمات على نفسها وإنحصرت إنتماءاتها بين فئة معينة دون غيرها معطية بذلك إنطباعاً شاذاً عن هيكلة المؤسسة المدنية القائم على التعددية والإختلاف، بل أن قسم منها تحول إلى ملكية عائلية لا يتداول رئاستها وإدارتها إلا أشخاص من نفس العائلة.
تنافسها بدلاً من تكاملها: أصيبت أغلب منظمات شعبنا المدنية بداء التنافس والتنابز الكتلوي في تكرار لتجربة الأحزاب السياسية الساعية للتشبث بالزعامة الجماهيرية، وبدلاً من توحيد حراكها وبناء علاقة تكاملية فيما بينها لمعالجة واقع المواطنة الناقصة التي يعاني منها شعبنا راحت تتصارع وتتسابق على المكاسب الخاصة مهدرة بذلك المزيد من الطاقات ومحرقة الكثير من الجهود في غير محلها.

الخلاصة
ربما سنبتعد عن الموضوعية إذا أنكرنا وجود تباين في الأداء العملي بين منظمات شعبنا المدنية من ناحية ماتقدمه من خدمات ورؤى لأبناء شعبنا، ففي الوقت الذي نجحت بعضها في التصدي (وفق الإمكانيات المتاحة) لقضايا تهم الجماعة فشلت أخرى حتى في تحقيق أبسط أهدافها المعلنة.. لكن جميعها شاركت بشكل أو بآخر في عكس صورة قاتمة للمجتمع المدني الذي تمنى شعبنا إمتلاكه خصوصاً بعد تغيير النظام، حيث تميزت منظماته بكثرة العناوين المطروحة مع تشابه البرامج المتبنية إلى جانب إلتقائها في النظرية العلمية مقابل إختلافها على منهج وآلية التطبيق.
ومن كل ما سبق يتبين لنا أن دور مؤسسات شعبنا المدنية في صناعة رأي عام يتصدى لمفردات قضيتنا القومية بالتزامن مع الحقوق الوطنية ليس في حدوده المقنعة أو هو دون مستوى الطموح، كما أن مكانتها الإعتبارية ناقصة وأن هويتها التخصصية تحتاج إلى تعزيزها بمزيد من الحرفية.. لذا فالمطلوب منها هو التركيز أكثر على أداء دورها الإجتماعي والسعي لبناء إطار مدني يحتضن العمل الرقابي القائم على المؤسساتية، وذلك من خلال تطبيقها للمفهوم القائل بأن المجتمع المدني هو "ناتج عملية تفاعل الأشخاص في شكل جماعة نحو موضوع معين يكون محل مناقشة".. ناهيك عن أهمية تحملها لمسؤولياتها الخاصة بهموم وحقوق شعبنا المدنية التي إستمر فقدانه لها حتى بعد زوال النظام السابق، وليس عيباً أو منقصة أن تبلور منظمات شعبنا المدنية فكرها بأتجاه التصدي لقضايا عامة كالمطالبة بأستحداث محافظة سهل نينوى أو رفع التجاوزات عن أراضي شعبنا ومحاربة التغيير الديمغرافي الذي تتعرض له، فبالنتيجة عليها أن تفكر بمصلحة المواطن وليس بمكاسب أعضائها.


23
لا قضية ولا وجود بلا جغرافيا سياسية.. فهل من يعي؟
جورج هسدو
g_hasado@yahoo.com
((إدارة محلية، حكم ذاتي، محافظة، إقليم)) مفردات وطروحات تناولها أغلب المهتمين بقضية شعبنا وفي مقدمتهم الساسة والكتاب خلال السنوات العشر الماضية، لكن هل تعاملنا معها (بحنكة) وتعاطينا مع مضامينها (بجدية) وفق نظرية طالب وتشبث بالممكن والأنجع؟.. شخصياً أميل أكثر إلى الاعتقاد بأننا تعاملنا مع كل تلك المشاريع التي كان من المؤمل أن تحقق (جغرافيا سياسية) خاصة بشعبنا بمختلف الطرق والتوجهات إلا الحنكة والجدية.. وهذا ما يمكن التحقق منه من خلال تحليل النتائج والتوقف عند ماوصلت إليه كل تلك المشاريع، والتي أوفرها (حظاً) هو اليوم أما مركون في رفوف الحكومة الاتحادية أو هو (أسير) مزاجات حكومة إقليم كردستان.

ماذا فعلنا إذن؟
ولكي لا نغالط أنفسنا ونشجعها على الاقتراب أكثر من الصراحة (الأخوية)، يجب أن نقر بأننا عملنا على تغليف جل مواقفنا وآراؤنا وربما حتى برامج أحزابنا ورؤاها السياسية بهالة من القدسية (الزائفة) التي سعت إلى الحفاظ على شخصياتنا (المادية) قبل المعنوية أكثر من حرصها على ديمومة وجودنا.. لا بل أن العديد من طروحاتنا لما يخص آفاق قضيتنا القومية ومستقبل شعبنا في الوطن تعرضت إلى التشويه وغلفت بأبشع أنواع (المزايدات) السياسية المبنية على أساس ردود الأفعال الهادفة إلى سحب البساط من تحت أقدام المنافس، وليس كما صوُرت بأنها تلاقح أفكار (وبرامج) الغرض منها تثبيت حقوقنا المشروعة.

ما معنى الجغرافيا السياسية؟

إجمالاً يمكن فهم الجغرافيا السياسية بأنها "دراسة الوحدات أو الأقاليم السياسية كظاهرات على سطح الأرض ومقومات وجودها وتطورها معتمدة على خصائص البيئة الجغرافية من حيث قوتها أو ضعفها واستقرارها أو تفككها، كما تهتم الجغرافيا السياسية بدراسة النظم السياسية".. وهي تضم مجموعة من المفاهيم السياسية الرئيسية منها "جغرافية المستعمرات، الدولة والإقليم، الأمة والقومية، جغرافية الانتخابات".. كما أن الجغرافيا السياسية "ليست فقط تأثير الجغرافيا على السياسة ولكن أيضا تأثير السياسة على الجغرافيا، حيث هناك الكثير من القرارات السياسية التي غيرت الوجه الجغرافي لمناطق كثيرة بالعالم" كشق قناة السويس مثلاً.

لكن ما تأثير الجغرافيا السياسية على قضية شعبنا؟
بالنسبة لتجربة شعبنا في عراق مابعد 2003 أو بعبارة أدق عراق مابعد (المركزية) يمكن ملاحظة أن أكثر الأداء قوة وإصراراً لم ينجح في تحقيق إلا النزر اليسير مما تحقق لباقي أطياف الشعب العراقي، وبالطبع فأن مرد ذلك يعود إلى جملة من العوامل والمؤثرات الخارجية والداخلية (أي ما خطط له الآخر وما مارسناه نحن).. لكن يبقى أن العامل الرئيسي المؤثر إيجاباً في قدرة المكونات الكبيرة على تحقيق طموحاتها (الفؤية) هو تمتعها بنوع من الجغرافيا السياسية التي أثّرت بشكل مباشر أو غير مباشر في عملية تحقيق تطلعاتها الخاصة.. حيث أن إنهيار النظام المركزي الذي كان يقبض بقوة على قرار (الأطراف) محولاً إياها لمجرد جغرافيات خاضعة إضافة إلى مرونة البنود الدستورية (المتسامحة) مع مختلف التوجهات اللامركزية، شجعت المكونات على الاعتماد على خصوصياتها (العرقية والطائفية) في إدارة صراعاتها الوطنية.. وهو الأمر الذي أثر في السلوك التصويتي للجماعة التي دعمت (المنتخبين) على أساس إنتماءاتهم الجغرافية وبرامجهم المكوناتية، بعكس ما حصل لشعبنا من تشظي الأصوات بين مختلف الطروحات بسبب فقدانه القدرة على الاقتناع بنظرية أن العام لا يقيد الخاص.. وذلك بسبب (التغافل) الواضح من قيادات شعبنا السياسية ومرجعياته الكنسية في تبرير ضعيف (وساذج) يفاضل بين مصالح الوطن (العامة) ومصلحة مواطنيه (الخاصة)، إلى درجة (تخوين) دعاة تقديم مسألة الحفاظ على خصوصياتنا (العرقية والدينية) على عمومياتنا الوطنية.

تحليل واستعراض
وبوقفة (متسامحة) على جرد حساب لما تحقق لشعبنا خلال العقد الأخير وما لحق به من خسارات في ضوء ما أنتهج من سياسات وما تم التركيز عليه من أولويات، فأننا سنلاحظ أن أكبر مكاسبنا القومية لم تتجاوز استحصال بعض القرارات (القاصرة) هنا وضمان إيصال عدد من الممثلين السياسيين والاداريين (كتحصيل حاصل) هناك.. أما الصراعات والتحديات الرئيسية فقد أستمرت في المضي من سيء إلى أسوأ في ظل تفاقم الصعوبات السياسية والمعيشية على شعبنا الذي بات يصارع لتحقيق ذاته والحفاظ على هويته، فالهجرة ما زالت مستمرة وبوتيرة متصاعدة وممارسات التغيير الديمغرافي لم تتوقف بل إزدادت حدّة بأعتراف الجميع وفي مقدمتهم (تجمع التنظيمات السياسية).. كما أن ممارسات التهميش والإقصاء وفرض الوصاية على إرادة شعبنا إلى جانب ما يتم ممارسته من (التعالي والفوقية) من قبل الجماعات الأكبر (وخاصة اليمينية منها) بحق شعبنا والتي تسلّم العديد من (ثعالبها) القرار الوطني العراقي، كلها أسباب أدت إلى بقاء قضيتنا القومية في محل إعراب (مبني على المجهول) قياساً بقضايا عموم الشعب العراقي.

وجهة نظر
أن كل ما يتم الحديث عنه اليوم من مخارج سياسية لقضيتنا القومية وما يتم طرحه كحلول (مؤقتة) لمسألة الحفاظ على وجود شعبنا في أرض الوطن ونيل حقوقه المشروعة هو كلام لا يمت إلى الواقع بصلة، لا بل أنه قد يصل لأن يكون مجرد (تضليل) إعلامي.. حيث أن (جميع) مؤسساتنا القومية تعيش في واد بينما شعبنا يعيش في واد آخر، فلا مقاعد البرلمان ولا المناصب الوزارية ولا عضوية مجالس الإدارات ولا الدرجات الوظيفية الخاصة ولا المشاركة في الهيئات الحكومية (لا المستقلة ولا المنحازة) باتت تهم شعبنا المطعون بمواطنته وأصالته.
لذا نرى أن ما يجب العمل والنضال من أجله حالياً وما يمكن أن يكون علاجاً (ومخرجاً) لهمنا القومي ويساعد في الحفاظ على (ماتبقى) من وجودنا في (ماتبقى) من أراضينا التاريخية هو العمل (المحنك) الممزوج بالسعي (الجاد) من أجل تحقيق (جغرافيا سياسية) خاصة بشعبنا.. حينها فقط سيتمكن شعبنا من أن يكون رقماً في صناعة القرارات السياسية وليس مجرد متلقي للنتائج، كما ستتمكن فعالياته السياسية من إجبار الحكومة على الاستماع لرأيها والتوقف عند مطالباتها، وبخلافه ستبقى هجرة شعبنا مستمرة وستبقى حقوقه مهضومة وستتواصل ممارسات التغيير الديمغرافي بحق مناطقه وسيبقى شعبنا في واد وأحزابه في واد آخر.. فهل هناك من يعي ذلك؟.

24
المشاركة في انتخابات مجالس المحافظات
بين استحقاق شعبنا ومكاسب أحزابه
جورج هسدو
g_hasado@yahoo.com
وأنا أطالع خبر اتفاق تجمع التنظيمات السياسية الكلدانية السريانية الأشورية على المشاركة في انتخابات مجالس المحافظات غير المرتبطة باقليم بقائمة (موحدة) وتسمية رئيس وأعضاء القائمة التي تقرر أن تكون (قائمة التجمع الكلداني السرياني الأشوري).. تولد لدي أكثر من استفسار وعلامة استفهام حول مدى فاعلية الاتفاق (العملية) في انتشال قضيتنا القومية من (مستنقع) الانكسارات الوطنية والارباكات الداخلية التي تشارك في تهديد وجودنا وديمومة خصوصيتنا في الوطن، في ضوء القرارات والتوجهات (السيئة) لكل من مجلسي النواب والوزاراء مضاف لها الأداء (المحبط) لممثلي شعبنا فيهما.. كما عادت بي الذاكرة لانتخابات مجالس المحافظات السابقة عام 2009، والتي ورغم الانتقاص من مكانة شعبنا من خلال (تقزيم) المادة "50" وتقليص عدد مقاعد الكوتا الى ثلاثة فقط موزعة على محافظات (بغداد، نينوى، البصرة)، قررت أحزاب شعبنا التنافس عليها وعلى (ما تبقى) من أصوات الناخبين.. وفي الوقت الذي نقر بعدم تحمسنا لمثل هكذا عمل إئتلافي يفتقر إلى (العلمية) في إدارة فن التشارك المتأسس على مبدأ تحقيق طموحات العامة، فأننا نؤكد على قناعتنا الراسخة بصحة توحيد خطابنا السياسي ورص صفوف تنظيمات شعبنا وفق أسس ومعايير متينة (راكزة وصريحة ونزيهة) وليس تلك الساعية لإتخاذ الجماهير مجرد (مطية) للوصول إلى مصالح ومكاسب (حزبية وفردية).
لكن قبل أن نذهب إلى تساؤلاتنا حول مدى إيجابية القائمة الموحدة المشاركة في انتخابات مجالس المحافظات وبعدها الأقضية والنواحي، نرغب بأن نعرج على نتائج الانتخابات السابقة التي أوصلت ثلاثة من أبناء شعبنا (كممثلين) له في مجالس ثلاث محافظات مستعرضين جزء (من ما يعنينا) من أدائهم:
1-السيد سعد طانيوس ججي/ محافظة نينوى: إنسحب بعد أول جلسة لمجلس المحافظة تضامناً مع قائمة نينوى المتآخية (الكردية) بسبب خلافها مع قائمة الحدباء (العربية) على مسألة توزيع المناصب، ولم يعد إلى المجلس إلا بعد ثلاثة أعوام إثر إنتهاء الخلاف بين القائمتين المتخاصمتين!!.
2-السيد كوركيس ايشو سادة/ محافظة بغداد: شخصياً لم ألحظ للرجل سوى مقابلة يتيمة على موقع عنكاوا دوت كوم إعترف فيها بأن جميع أعضاء مجلس محافظة بغداد يعملون لمناطقهم (أي لمن صوت لهم)، أما هو فأنه يعمل لكل مناطق بغداد دون استثناء، وأن أول نشاط له كان زيارته لأبعد مدرسة في قضاء أبو غريب!!.
3-السيد سعد متي بطرس/ محافظة البصرة: رغم كثرة نشاطاته (الميدانية) إلا أن المرء لا يسعه إلا أن يتوقف عند حدثين (بارزين)، الأول: ابتكار الدكتور سعد مادة كيمياوية توفر 200 ميكاواط من الطاقة الكهربائية، والثاني: دفاعه عن قرار مجلس المحافظة بمنع تداول المشروبات الكحولية في قضية القاء القبض على إثنين من أبناء شعبنا!!.
وهنا السؤال يكون: إذا كانت الصفة (عامة) والموقع (إداري) والعمل (وطني)، فلماذا إذن كل هذه الضجة حول الخصوصية والاستحقاق القومي والتمثيل المكوناتي؟؟؟!!!.
والآن دعونا نعود إلى استفساراتنا واستفهاماتنا لنرى مدى أهمية (ونجاعة) الإئتلاف السياسي في ظل التنافس على مقاعد الكوتا (المحجوزة)، وفي ظل نظام انتخابي يلتزم جملة من التعليمات (الصارمة) كأساس للتنافس:
* على أي مفهوم استند تجمع التنظيمات في تسمية (رئيس للقائمة) بينما لا يرد ذلك في النظام الانتخابي، ووفق أي قاعدة اختار التجمع (استناداً إلى ما ترشح من معلومات) رئيساً للقائمة من خارج حلقة المرشحين؟؟.
* ما أهمية القائمة (الموحدة) بينما التصويت يكون وفق القائمة المفتوحة أي التصويت لشخص واحد فقط؟.
* لمن سيتم توجيه الحملة والمقعد مضمون سلفاً وفق مبدأ الكوتا الخاصة بالأقليات؟.
* ما فائدة البرنامج الانتخابي بينما لن يصوت للقائمة إلا الناخب المؤدلج (بحسب أكثر من تجربة انتخابية سابقة)؟.
* من المؤكد أن كيانات سياسية أخرى من شعبنا (حزب، فرد) ستشارك في الانتخابات، فهل توقف التجمع عند فكرة التفاهم معها بدلاً من إهمالها ودفعها للتنافس؟.
* بما أن تجمع التنظيمات يمثل (بحسب تعبير البعض) النسبة الأكبر من شعبنا، فهل فكر التجمع التنافس على المقاعد العامة بدلاً من/ إضافةً لمقاعد الكوتا؟.
*ربما يكون سؤالنا الأخير هذا استباقياً لكن من وجهة نظرنا له علاقة طردية بمكانة التجمع وقناعة أبناء شعبنا بتنظيماته، ما هي توقعاتكم حول الناتج الإجمالي لعدد المصوتين لقائمتكم (الموحدة) قياساً بالتجارب المنفردة السابقة؟.
ختاماً نتمنى من قادة تجمع التنظيمات السياسية تقبل هذه الهمسة (المستقلة): هل ناقشتم أو أعطيتم أية إحتمالية (أو لمجرد الدردشة فقط) موضوع انسحابكم من المشاركة في انتخابات مجالس المحافظات على خلفية هضم حقنا القومي (للمرة الثانية) من خلال (الإبقاء) على تقليص عدد المقاعد إلى ثلاثة فقط بدلاً من سبعة (والتي طالب بعضكم بها سابقاً)، أم أن مسألة تقسيم المقاعد فيما بينكم أستحوذت على كل إهتمامكم؟؟.

25
أدب / هل تذكرون آدم؟
« في: 14:48 20/10/2012  »


هل تذكرون آدم؟





جورج هسدو



مهداة إلى روح طفل سيدة النجاة.. الشهيد آدم عدي

هل تذكرون آدم؟
وبلوزته المخضبة بالأحمر
حتى قبل أن يخترقها
صراخ الأقرع
ورصاص
ربيبه الأكبر
وقبل أن يُسدل
ستار الكنيسة
على الذبيحة
بل الذبائح
المعبقة بعطر
الـ.. بسمة
..............................
هل تذكرون أغنية آدم؟
وهو يرتشف ترتيلته
"لاخو مارن دخلا مودينان"
ليملأ بها رئتيه
اللتان تمردتا عليه
وأبتا إلا أن
تُعلنا العصيان
ضد دموزي
وكلكامش
في تواطئٍ حقير
مع ايرشكيكال
وخمبابا
..............................
هل تذكرون عيون آدم؟
اللتان لم ترفّا
ولم تدمعا
بل نزفتا
دمعاً بلورياً
ليس على نفسه
ولا على أبيه
بل على رفيقيه
"ثائر" و "وسيم"
ليَلعن هوميروس
ويُعلن إلياذته
كفى.. كفى.. كفى
..............................
هل تذكرون رفقة آدم؟
ستة وأربعون
ملكاً وملاكاً
كاهنٌ ورعية
ولدٌ وبنت
أبٌ وأم
أخٌ وأخت
وكل من حضر
عرس "جميع القديسين"
ليسكب خمره
على الهيكل
ويُصلب يوم الأحد
..............................
هل تذكرون قتلة آدم؟
أو دعونا لا نتذكر
إلا الأبرار والصديقين
أصحاب اليمين
لأن الماسوشيين
والساديين
"جِداء" اليسار
لهم دائما من يتذكرهم
من "سطانى بيشى"
وعزازيل ولوسيفر
عشاق المكيدة
وبغايا الآخرة
..............................
هل تذكرون آدم؟
لأني لم أعد
أتذكر منه
سوى ابتسامته
التي تسخر
من ذاك المسخ
المفعول بعقله
الذي ظن
بأن حماقته
ستنسينا
آدميتنا
و.. آدمنا




g_hasado@yahoo.com

26
أقلية متعددة الطوائف!!
جورج هسدو
g_hasado@yahoo.com
وأخيراً نجح السيد نوري المالكي في اختراع أقلية عراقية جديدة يقدمها (هدية) لقواته المسلحة لتمضي بها أوقات الفراغ بعد أن يملوا من محاربة ارهابيو القاعدة ومنازلة فلول البعثيين، وليسجل سبقاً (سياسياً) ينال عليه براءة اختراع أول أقلية متعددة الطوائف والأعراق والأديان في العالم.. ولمَ لا؟!، ألم ينجح (دولته) في جعل العراق يحتل المركز الأول بين الدول العربية الأكثر كسلاً في العالم؟!، ألم يستطع أن يجعل بغداد من بين عواصم الدول الأكثر (وساخة) في العالم؟!، ألم يشهد عهده تصدر العراق لقوائم أسوأ البلدان سمعة وأكثرها فساداً بحسب إحصائيات منظمات عالمية؟!.
نعم، لقد نجح (دولتَه) في أن يكون في (دولتِه) أقلية أخرى مضطهدة ومستهدفة تستحق الضرب بالعصي (والصوندات) والسب بأشنع الألفاظ لا لشيء إلا لأن أصحابها (يؤمنون) أن الدين لله والوطن للجميع، وليس كما يعتقد (خوشية السيّد) وعسكره الهمام بأن الدين والله والوطن والجميع يجب أن يكونوا بخدمة سيادته.. كما نجحت دولة القانون في أن تخترع (قانوناً) غير قابل للكسر ولا يقف عند البيروقراطية الإدارية ولا يحتاج إلى (أمر) من مجلس القضاء الأعلى، بينما يمكنه (تكسير) أي شيء بدءاً من صور رجال الدين ومروراً بزجاج النوافذ وإنتهاءً برؤوس المواطنين.. قانوناً يبيح لنفسه اغلاق نوادي اجتماعية وثقافية عراقية عريقة مثل نادي اتحاد الأدباء والكتاب ونادي المشرق الاجتماعي اللذين تأسسا حتى قبل أن يولد (فقيهه) الأعظم، قانوناً يرى أن كسب الثواب هو في محاربة (بطل العرق) وليس في محاسبة سراق المال العام وملاحقة عصابات الجريمة المنظمة!!.
لكن من ناحية ثانية علينا أن نشكر دولة رئيس الوزراء على اختراعه هذا الذي جمع مختلف العراقيين ومن كل (الملل والنحل) في هوية وطنية واحدة ودفعهم لمؤازرة بعضهم من أجل النضال المشروع نصرةً لقضيتهم العادلة في إطلاق سراح رفاق الدرب من أمثال الزعيم (ريد ليبل) والمفكر (أوزو) والناشط (توبورغ) المعتقلون في سجون النظام.. شكراً لك سيدي لأنك ولأول مرة وحدّت المسلم مع المسيحي والإيزيدي مع الصابئي والسني مع الشيعي والكردي مع العربي والكلدوآشوري مع التركماني، وأزلت جميع أنواع التعالي العرقي والتمييز الديني في ما بينهم وقضيت على أدران الماضي وأمراض الحاضر.. ليس هذا فحسب، بل لأنك نجحت في إزالة الفوارق الطبقية بحيث جمعت بين المثقف (والمهَتلف) والصايغ (والصايع) والفنان (والفلتان) والشاعر (والشعّار) والغني (والمكرود) والذكي (والدجة دبنك) في مواطنة مشتركة كاملة غير ناقصة، وهو الأمر الذي يعتبر خطوة مهمة في بناء مجتمع الإندماج الوطني المتحضر.
كما أود أن أزف بشرى للأقليات العراقية بولادة شقيقة قد تحتل في المستقبل القريب مركز الصدارة في قائمة (أصغر) المكونات بحسب مقياس (أعرجر) وهي: حدة قياس مشتقة من أصل (الفاعل) أعرجي، بحيث يمكن لأبناء هذه الأقلية (المتعددة الطوائف والوظائف) أن يشكلوا ثقلاً في المطالبة بالحقوق المدنية ليس للأقليات فقط، بل لجميع العراقيين دون تمييز وبمختلف إنتماءاتهم الأثنية والدينية والسياسية (واللطلطية).
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
عجيب أمر هذا (الوطن) المستمر باستباحة حريات أبنائه ليل نهار ودفعهم إلى لعن اليوم الذي ولدوا فيه على مثل هكذا أرض دامية لا تحترم انسانية البشر!!، وغريب أمر هذه (الدولة) المنشغلة باستهداف مواطنيها وحساب أنفاسهم عليهم حتى قبل أن تلتهي بمطاردة اللصوص والحرامية!!.

27
المنبر الحر / عنتر.. نيتيات!!
« في: 00:11 19/07/2012  »
مع إستلامي لإدارة تحرير جريدة "بهرا" الأسبوعية في الثلث الأخير من العام 2004، قمت باستحداث عمود في الصفحة الأخيرة وتوليت كتابته لسبعة أشهر، ومن خلاله نشرت 28 مقالاً في مختلف القضايا والشؤون الوطنية والقومية بأسلوب نقدي ساخر.. ولبقاء الحال على ما هو عليه في الكثير من القضايا لحد يومنا هذا، حيث تتطابق مواضيع العديد من تلك المقالات مع ما يجري اليوم على الساحة السياسية العراقية، وتتزامن بعضها مع أحداث وطروحات ومناسبات تلقي بظلالها على الواقع.. قررت إعادة نشر قسم من تلك المقالات، عسى أن تنال رضى القرآء الكرام.. هذا العمود نشر في العدد (279) الصادر بتاريخ (12 كانون الأول 2004).
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
عنتر.. نيتيات!!
جورج هسدو
g_hasado@yahoo.com
حاججني أحد الأشخاص يوماً بخصوص فائدة وأهمية استخدام وسيلة الأنترنت لأناس (تعبانة) لها خلفيات ثقافية بسيطة مثل ما لدينا، ويحملون أفكاراً مشوشة تفتقر إلى النضج السياسي، ويعيشون ظروفاً صعبة ومرتبكة كالتي نعيشها.. وقد كنت أنا من بدأ المناقشة مشدداً على ضرورة توفير وتسهيل (وأكيد هم ترخيص) الأجهزة والآليات التي تتيح لنا استخدام التكنولوجيا الحديثة بصورة أفضل ليتسنى لنا المشاركة فيها وعبرها بفعالية أسوة بباقي خلق الله.. وقد أستوقفني حديث صاحبي هذا لما حمله من رؤى مضادة للحالة، لا بل واستهجنت أيضاً نمطية تفكيره واستخدامه لعبارات سوقية سوداوية في التعبير، صدمتني آخرها التي قال فيها (يمعود دخلَينة هيجي أحسن.. يا أنترنت يا بطيخ).
لم يلقي كلامه هذا إذناً صاغية مني في حينها، واستمريت بنهل كل ما يفيدني من الكومبيوتر وعبره الأنترنت حتى هضمت منهما ما يكفيني بنسبة تتيح لي الاستفادة من كل ما من شأنه تمشية أموري الشخصية والمهنية بصورة أفضل (إلى أن عرفنا المخفي والمضموم).. لكنني لم أنتبه إلى أن عزيمتي في ذلك بدأت تفتر يوماً بعد يوم وأنني بت في الفترة الأخيرة لا استخدم الأنترنت إلا للبريد الألكتروني، واقتصر تعاملي مع الـ e-mail فقط بعد أن كنت من المطلعين المستمرين على المواقع النقاشية التي تعنى بشؤوننا وهمومنا، ومن الزوار الدائمين لبرامج المحادثة والمشاركين في الغرف الحوارية في الـ pal talk.
وطبعاً فأن مرد ذلك يعود إلى اصطدامي بالكلام غير الناضج الذي يصل حد السباب وإلى الترهات التي غصت بها المواقع الألكترونية، والتي حولت هذه الوسيلة الإتصالية الرائعة إلى ساحة للطعن والتجريح.. يصول فيها أحدهم ويجول على مزاجه دون رادع أو حياء ويبلينا (فوك ما إحنة مبتلين) بدونكيشوتياته وعنترياته ويحارب وينازل ويقاتل طواحين الهواء التي يخالها رجالاً مسلحين وفرساناً مدججين.. ويتحفنا بمداخلاته الرنانة وآرائه (العنجوقية) ونقاشاته البيزنطية، ويا ريت بأسمه الصريح (جانت أهون) بل بأسماء وكنى مستعارة ظاهرها عملاق وباطنها قزم، تتماشى مع المثل العراقي القائل -مع التصرف طبعاً- ( من برة هلَة هلَة ومن جوة بلوة الله).. أما غرف الشات والماسنجر (النصية والصوتية) فحدث و(تحرّج)، فمن غرفة تحولت إلى برلمان متنقل للعراقيين يقرر ويشرع من يديرها على هواه (وبكيفة) ولم لا؟، خصوصاً ونحن لا نملك بلداً مستقلاً ولا برلماناً شرعياً رسمياً ديمقراطياً منتخباً.. إلى غرفة أخرى تختص بالحب والرومانسية ولا يدخلها غير العزاب والعشاق، وثالثة للمناقشات والإختلاف في كل الأمور إلا الفكرية، ورابعة عنوانها عدم الإلتزام بأي شيء (روح طربك بكيفك بيهة).
والأكثر أسفاً هو مشاركة مواقعنا الكلدوآشورية في ذلك وترك الحبل على الغارب أمام كل من هب ودب لينفث سمومه ضد هذا الحزب أو تلك الشخصية بحجة حرية الرأي وو.. حقيقة إنه واقع مؤلم (بس الواحد شيحجي.. صايرين مثل تفّال السما).. هذا وغيره الكثير جعلني (أتفاجع) وأتراجع عن إهتماماتي ومواقفي الأنترنيتية السابقة.
إلا أنني ورغم كل ذلك ما زلت غير متفق مع صاحب النظرة السوداوية السالف الذكر سوى بأمر واحد فقط وهو (البطيخ).. شرط أن يكون من (بشيلى دالقوش) ومن (برزرا دبى سكماني) المزروع في (ورزا) حقل البطيخ الذي يقع في (عقارا دبى سينا).. وعسى أن يشفي طعمه الحلو اللذيذ من في فمه مرارة.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
تعليق مضاف:
لا أدري لماذا تستخدم بلداننا الأنترنت في ما يزدري ماضيها ويربك حاضرها ويهدم مستقبلها؟!، بينما البلدان المتحضرة تستخدمه في ما يحافظ على ماضيها ويخدم حاضرها ويبني مستقبلها.. ولا أدري لماذا شعبنا يتخذ من الأنترنت وسيلة للتناحر في ما بين أبنائه وبث الفرقة بينهم؟!، بينما الشعوب الواعية تتخذ منه وسيلة للتواصل وتقريب المسافات في ما بين أبنائها.. ولا أدري لماذا يصر السياسيون في بلدنا على النظر إلى الأنترنت بأعتباره نافذة للتهجم على من يختلف معهم بالرأي وتهديدهم؟!، بينما السياسيين في الدول الديمقراطية ينظرون إليه بأعتباره واسطة لتوضيح أفكارهم ورؤاهم السياسية لمن يختلف معهم بالرأي.. فهل تدرون أنتم لماذا؟.

28
تجمع التنظيمات السياسية
تخبط في الأداء وهشاشة في المواقف
جورج هسدو
g_hasado@yahoo.com
قلناها سابقاً ونكررها الآن "ليس هناك ما هو مقدس في العمل السياسي، خاصة عند تعلق الأمر بمصالح شعبنا"، ففي الوقت الذي نكون فيه مطالبين بدعم الجوانب الإيجابية في عمل تجمع التنظيمات السياسية الكلدانية السريانية الأشورية فمن حقنا وواجبنا كمهتمين (ومعنيين) إنتقاد السلبيات.. أما تبني (رأي) واحد على طول الخط وإتخاذ (موقف) مسبق من كل ما يقوم به هذا التحالف إن بالتأييد (والتصفيق) أو بالمعارضة (والتسفيه) فليس سوى أدلجة (مقيتة) لحالة (صحية) قلّما شهدها واقعنا القومي، كما أن ذلك لن يؤدي إلا إلى زيادة الخلافات في الوسط السياسي لشعبنا الذي يعاني أصلاً من التفكك.. وهنا نرى من الضرورة أن نؤكد للقرآء الكرام وأعضاء التجمع بأن نقدنا هذا يأتي أولاً من منطلق الحرص على مصلحة قضية شعبنا، كما هو أيضاً لصالح تصحيح مسار تجمع التنظيمات (على الأقل من وجهة نظرنا) التي قد يتفق معها البعض ويخالفها آخرون.
في الفترة الأخيرة ومن خلال متابعتنا لأداء تجمع التنظيمات السياسية على الصعيدين القومي والوطني وإثر توالي الأحداث وتسارعها في عموم مناطق تواجد شعبنا، لاحظنا (بأسى) قبل أن يكون بأسف، أن أداء التجمع يعاني إرباكاً وتخبطاً في تعامله مع الأحداث الساخنة التي لها تأثيراً مباشراً على حياة ومصالح شعبنا، كما أن مواقفه السياسية من القضايا الحساسة (والمفصلية) التي يشهدها البلد تعتريها الهشاشة وتفتقر إلى الجرأة والحسم وحتى (التوافق).. وهو ما يمكن إستعراضه في عدد من التطورات الأخيرة التي يمكن أن نلخصها في:

إستهداف مصالح أبناء شعبنا في محافظة دهوك
منذ بداية أزمة إستهداف مصالح تجارية تابعة لأبناء شعبنا في كل من زاخو وسميل ودهوك وحتى حلحلتها وليس (حلها) من قبل رئاسة وحكومة إقليم كردستان، سارعت أطراف التجمع إلى التعامل مع الحدث بشكل منفرد وليس ككتلة متحدة، وهو ما يمكن تلمسه من خلال المزايدات الإعلامية بين أطراف التجمع (وخصوصاً أكبرها) في تعاطيها مع المعنيين من مواطنين وجهات رسمية.. بينما كان الأفرض (والأنجع) السعي بأسلوب جماعي موحد لخلق أرضية صلبة يمكن الثبات عليها في الأصرار على المطالبة بكشف الحقائق ورد الإعتبار المعنوي قبل الحق المادي للمتضررين، الذين ما زالوا لحد هذه اللحظة ينتظرون الوعود الحكومية ويجترون الكلام المعسول لقادة التجمع.. ثم كانت مسألة قبول التجمع بالأمر الواقع ورضوخه لرغبة الطرف الرسمي في ما يخص تمثيل شعبنا في لجنة التحقيق الخاصة بأحداث زاخو ودهوك، حيث أن تسمية رجل دين (مع إحترامنا لصفته الكنسية) ممثلاً عن شعبنا في لجنة مثل هذه (أمنية وسياسية بأمتياز) فرّغ التجمع من جوهره التمثيلي الذي تأسس عليه وسدد ضربة قوية لشرعيته الجماهيرية.. ونحن مستغربون جداً من سكوت التجمع على هذا الأمر خاصة وأن التجاوز هذه المرة كان بحق (الممثل الشرعي) نفسه الذي يعول عليه الشعب في رفع الحيف والغبن الذي قد يطاله!!، أم أن للقضية بعداً آخر يصعب على البسطاء من أمثالنا فهمه ويحظر على (الفاهمين) شرحه؟؟.

مشكلة الأبراج الأربعة في عنكاوا
دخل تجمع التنظيمات بقوة على موضوع مشروع الأبراج الأربعة المزمع بنائه في عنكاوا على أساس أن ذلك يعتبر من أشكال التغيير الديمغرافي، لكن ورغم جدية التجمع في معالجة المشكلة إلا أنه أضاع مكانته الرسمية عندما أصر على حصر قيادة لواء المواجهة بهيئة التجمع وحدها حتى بعد إنضمام مؤسسات مدنية للفعل الرافض.. وهنا حصل التناقض (والتنافر) الذي ألقى بظلاله لاحقاً على مجمل تفاصيل عملية التصدي وأدى إلى فشل أكثر من مسعى بضمنها الخروج في مظاهرة للمطالبة بإيقاف المشروع، ناهيك عن دخول مؤسسة الكنيسة على الخط منذ البداية وفشل التجمع في إستمزاج الرأيين السياسي والكنسي في وثيقة مشتركة كان سيكون لها أبلغ الأثر في حل المشكلة.. من ناحية ثانية عملت التصريحات المتسرعة (والمتشنجة) الصادرة رسمياً عن التجمع على مضاعفة نقاط الخلاف وزيادة اللغط الحاصل في الموضوع بدلاً من مساهمتها في توضيح الجوانب المبهمة وتقريب وجهات النظر بين مختلف الأطراف الرافضة لبناء الأبراج الأربعة.. وهو الأمر الذي أثر سلباً على العديد من عوامل المواجهة بين شعبنا بمختلف عناوينه من جهة وبين أصحاب المشروع (ومن يدعمونهم) من جهة ثانية، كما أن حمى التصريحات هذه إنتقلت إلى داخل التجمع وأثرت على بنيانه الجبهوي وأدت إلى خسارته لطرف آخر.

محاولات التغيير الديمغرافي في سهل نينوى
ما يدعو للإستهجان أن محاولات التغيير الديمغرافي في سهل نينوى قد تصاعدت وتيرتها بعد زوال النظام السابق، وقد شهدت فترة السنتين الماضيتين أشرس هجمة لتغيير الطابع السكاني في سهل نينوى والتي تجسدت بصورة أشد في محوره الجنوبي (بغديدا وبرطلة).. ومن الملاحظ أن جهود تجمع التنظيمات السياسية لشعبنا لم ترتق إلى مستوى الإقناع وبصورة أخص لأهالي المنطقة، حيث أن الممارسات على أرض الواقع تشي بأن ما يعمل عليه التجمع يكاد يكون في وادي وما تتخذه الوزارات المعنية من قرارات وإجراءات في وادي آخر.. وهذا بحد ذاته يعتبر فشلاً سياسياً وإدارياً لما يعكسه من هشاشة موقف التجمع من إحدى أخطر القضايا التي يواجهها شعبنا في الوطن، ومن نافل القول طبعاً أن نشير إلى أن أي تغيير في ديمغرافية مناطق تواجد شعبنا يعني مزيداً من معوقات المعيشة وبالتالي مزيداً من القوافل المهاجرة.. أما الإرتكاز على أنصاف الحلول (والتريثات) وما شابهها من معالجات مبتورة فأنه لا يمكن الإعتماد عليها كحل مضمون، حيث من الممكن أن يتم رفع التريث في أي لحظة لتعود (المعضلة) وتطفو على السطح وقد تكون هذه المرة بصورة أشد وأعقد.. أليس من المعقول والمفروض أن يلجأ التجمع (وبالأخص نواب البرلمان فيه) بعد كل هذه المراوغات والإصرار من جانب الحكومة (بمحوريها المركزي والمحلي) إلى الإسراع في تعجيل وتشريع القوانين التي من شأنها ضمان المحافظة على خصوصية شعبنا (وباقي الأقليات) في سهل نينوى خاصة وأن المنطقة تعتبر آخر (معاقل) الأقليات المتبقية في عموم العراق؟؟.. ولمن (يتفلسف) بجدوى المعالجات الجزئية والآنية نحيله إلى القرارات الرسمية الأخيرة الصادرة بخصوص توزيع أكثر من (50) قطعة أرض في قضاء تلكيف وناحية ألقوش أغلبها لغير أبناء المنطقة، إضافة إلى الموافقة على بناء مسجد ومدرسة إسلامية (شيعية) في ناحية برطلة، ناهيك عن الإعتداءات المستمرة بحق أبناء المنطقة من قبل أناس من خارجها من أبناء الغالبيات (الدينية والأثنية) وأحياناً حتى من الشخصيات الرسمية.

قضية سحب الثقة من رئيس الوزراء
بلا أدنى شك فأن أغلبنا مقتنع بأن الضجة التي تثار حول سحب الثقة من رئيس الوزراء نوري المالكي ليست (كلها) من أجل مصلحة العراقيين العامة، فالمطالبون بها لا يخفون وجود أسباب (فؤية) تنحصر بقومية أو طائفة أو كتلة أو حزب أو حتى شخص ما.. لكن ما يهمنا هنا هو موقف تجمع التنظيمات من القضية التي باتت تشغل العراقيين بمنطلقاتها وتداعياتها التي لابد وأن تأثيراتها ستطال الجميع في الحالتين (نجاح أو فشل المسعى) هذا من جانب، من جانب ثان فأن عمل التجمع (الإئتلافي) كان يحتم عليه التشاور في الموضوع للخروج بقناعة وموقف موحد لتلافي التشظي وإعطاء زخم لمكانته السياسية وطنياً.. لكن ما نتج عن التجمع بخصوص مسألة سحب الثقة أعطى إنطباعاً بأن أطرافه هي أما (رافضة مخاتِلة) أو (مؤيدة منساقة) أو (مراقبة لا أبالية)، وهو ما عكس حقيقة الأداء المتخبط الذي يعاني منه تجمع التنظيمات إزاء مختلف القضايا.. فقائمة الرافدين صرحت (إعلامياً) بأنها تقف على الحياد ولا تؤيد أي من الفريقين، لكن واقع الممارسة السياسية القائمة على التوافق يرفض هكذا (سياسة مخاتِلة)، فالمطروح هو سحب الثقة من رئيس الوزراء وليس العكس حتى تعلن الرافدين بأنها ضد الأثنين.. فاعلان عدم تأييد المطلب يعني معارضة سحب الثقة، لكن اعلان عدم تأييد (معارضة) المطلب يعني في أحسن الأحوال (التحفظ) هذا إذا وصل الأمر إلى التصويت في البرلمان، وبعبارة أدق فأن قائمة الرافدين هي ضد سحب الثقة من المالكي لكنها لن تصوت ضد المقترح!!.. أما قائمة المجلس الشعبي ورغم عدم تصريحها رسمياً بأي موقف فأن المؤشرات (والتسريبات) تثبت أنها مع موقف الأحزاب الكردية الداعية لسحب الثقة، وبمعرفة مدى تأثر القائمة برأي الحزب الديمقراطي الكردستاني الذي دعم المجلس منذ تأسيسه ولحد اليوم، تتجلى حالة (الإنسياق) التي ما يزال يعاني منها المجلس الشعبي رغم دخوله في جبهة قومية خاصة بشعبنا.. أما بقية أطراف تجمع التنظيمات فتعاملت مع الموضوع (بلا أبالية) وكأن الأمر لا يعنيها، وربما كان لها (جزء) من الحق على إعتبار أنه ليس لها ممثلين في البرلمان والحكومة العراقية ولا حتى في برلمان وحكومة إقليم كردستان، لكن بالتأكيد فأن الأمر يعنيها جداً بل هو من صميم حقها (وواجبها) لطرح تداوله على طاولة التجمع والذي لم نسمع قيامها به لحد اللحظة.. وإذا كان تجمع التنظيمات السياسية لشعبنا غير معني بالتوافق على قضية حساسة مثل هذه بحيث يمكن لكل طرف إتخاذ الموقف الذي يرتأيه ويتلائم مع توجهاته الخاصة، فهل أن تأسيس التجمع قد جاء فقط للتوافق على توزيع مقاعد البرلمان ومجالس المحافظات وغيرها من المناصب الحكومية بين أطرافه؟؟!!.

الرضوخ لنتائج الأمر الواقع
لا يخفى على المتتبع لمسيرة تجمع التنظيمات السياسية لشعبنا تسارعه في إصدار التصريحات في مختلف القضايا التي تواجهه وعلى الصعيدين القومي والوطني، لا بل أن بعض توضيحاته تكاد تكون غارقة في (الخصوصية) وتتناول أبسط وأدق تفاصيل العمل السياسي، كما أن العديد من بياناته تكون مغلّفة بطابع التظلم والتشكي.. لكن ما يلاحظ أيضاً أن أغلب إن لم نقل جميع مطالباته (الورقية) لاقت لا مبالاة من الطرف المعني والذي في الأغلب يكون أحد أذرع الدولة التنفيذية أو التشريعية، كما أن بعضها جوبه بالرفض وعدم القبول بطروحات التجمع التي يكون منطلقها الرئيسي تحقيق مصالح عامة لشعبنا.. لكن هل يتصور التجمع والناطقين بأسمه بأن تدبيج (وثيقة) تتضمن مطالب مشروعة دون أن يلتفت إليها أحد هو أمر كاف من الممكن أن يضمن له (صك غفران) من جماهير شعبنا المظلومة؟!، هل يعتقد التجمع أن واجبه يقتصر على المطالبة (والمطالبة فقط) بدون تحقيق نتائج عملية على أرض الواقع؟!، هل يفهم التجمع (العمل القومي المشترك) بأنه مجرد إجتماعات ولقاءات وتبادل زيارات بين مجموعة من الأحزاب ولا ضير من توالي خسارة جميع الجولات في نزالاته مع الأنداد (والخصوم) السياسيين؟!.. حقيقةً أن أخطر ما يواجه تجمع التنظيمات هو رضوخه دائماً لنتيجة الأمر الواقع التي تفرض عليه من قبل الهيئات الرسمية، لكن الأخطر من ذلك هو محاولة التجمع إقناع الجماهير (بعد إقناع نفسه) بقانونية تلك الإجراءات حتى لو تناقضت مع أكبر حقوق شعبنا.. أما إذا كان تجمع التنظيمات السياسية الكلدانية السريانية الأشورية يعترف بعدم قدرته على تحقيق مصالح شعبنا، فأن عليه أن يتذكر الحكمة التي تقول "إذا لم تستطع أن تفعل شيئاً، فأترك الأمر لغيرك"، أم أن فسح المجال لآخرين لا وجود له في قاموس قادة التجمع؟!.

29
هل دخل الكرد على المعادلة الطائفية في العراق؟

جورج هسدو
g_hasado@yahoo.com
نقلت لنا وسائل الإعلام بمختلف صنوفها (حرب) التصريحات بين كل من مسعود البارزاني رئيس الحزب الديمقراطي الكردستاني رئيس إقليم كردستان ونوري المالكي زعيم حزب الدعوة الإسلامية رئيس الوزراء العراقي.. وتمحورت (وتبلورت) تلك التصريحات حول إتهام الأول للثاني بمحاولة السعي لتأسيس حكم دكتاتوري والتجاوز على الحق الكردي بعدم التعامل معه كاستحقاق وطني، بينما جاء رد الثاني على الأول بأن الإقليم يأخذ حقه بالكامل من ناحية لكنه لا يلتزم بقرارات وتوجيهات المركز من ناحية أخرى.. وطبعاً فأن الواجهات العامة لكل من الطرفين دخلت في (مباراة كلامية) للرد والرد المقابل بغية تأكيد إحدى وجهات النظر وتفنيد الأخرى، كما لم يتوانى أتباع كل منهما في التصعيد وتوجيه التهم والتطاول على من يمكن إعتبارهما من أكبر الزعامات السياسية في العراق.

حقيقة الصراع
يتوهم من يعتقد بأن سبب التصعيد الأخير من قبل البارزاني هو وليد التطورات الأخيرة التي تركزت على سعي رئيس الوزراء العراقي للإمساك بمفاتيح السلطة من خلال فرض (سطوته) على مختلف الهيئات والمؤسسات العامة والتخوف من التهديد المحتمل بعقد صفقات إستيراد طائرات مقاتلة.. كما يُخطئ من يعزي سبب رفض المالكي لتحركات رئيس إقليم كردستان إلى ما تم (اكتشافه) من وجود تصرف كيفي بالثروة النفطية الموجودة في الإقليم أو لتشككه بوجود ميول إنفصالية لدى القوى والنخب السياسية الكردية.. بل أن الصراع يعود بالأساس إلى إنفراد نوري المالكي بنتائج (وثمار) معاهدة المحاصصة التي اتفقت عليها القيادات السياسية لتقسيم الشعب العراقي في ما بينها، وفق نظرية تعدد الزعامات السياسية لترسيخ وفرض التمثيل الأثني والطائفي على الجماهير المقسمة مرجعياً وجغرافياً.. وهو ما حصل منذ وضع اللبنات الأولى لخارطة العراق الجديد من خلال أغلب القوانين والقرارات المشرعة إبتداءً بالدستور ومروراً بالكابينات الحكومية المتعاقبة وصولاً إلى إدارات هيئات الدولة المستقلة.

أفعال المالكي وردود البارزاني

منذ مدة والمراقبين يرون قيام رئيس الوزراء (نوري المالكي) بمحاولة الإنفراد بحكم البلاد ليس فقط في الأمور الإدارية بل وحتى في القرارات الحساسة، مفرغاً بذلك مفهوم (الشراكة) السياسية من جوهره ومحتواه الأساسي القائم على التفاهم والتراضي في عملية قيادة البلد.. كما أنه عمل على إستهداف (حلفائه في العلن وخصومه في الخفاء) رموز القائمة العراقية عن طريق إصراره على إدانتهم وكشف ملفاتهم (السرية) التي طالما استخدمها كورقة ضغط في السابق، ولم يقصر في إحراج البقية لدفعهم بأتجاه إعلان مواقف قطعية من علاقتهم برأس السلطة أما بالمضي في التحالف أو بأعلان الخصومة وخصوصاً مسعود البارزاني.. بالمقابل فأن رئيس إقليم كردستان سارع إلى محاولة ضمان الدعم الدولي في مواجهة ما بدى له بأنه مؤامرة للإلتفاف على التوافقات السياسية التي تم الإتفاق عليها برعاية الولايات المتحدة الأمريكية.. لكن بعد تراجع الأخيرة (بحسب تقارير صحفية) عن تأييدها للجانب الكردي لجأ البارزاني إلى الدعم الإقليمي والتحالفات المحلية على قاعدة عدو عدوي صديقي، وذلك لرد الإحراج للمالكي وحشره في زاوية التأييد الطائفي الذي ما زال يفتقر إلى دعمه الكامل بعد أن بدأت العديد من القيادات السياسية من داخل البيت الشيعي تتخوف من إنفراد حزب الدعوة متمثلاً برئيس الوزراء بحكم البلاد.

الكرد في المعادلة الطائفية
رغم أن الكرد يشتركون طائفياً مع العرب السنة الذين وهبت غالبيتهم العظمى أصواتها للقائمة العراقية في الانتخابات البرلمانية الأخيرة، إلا أن القيادة الكردية كانت حتى وقت قريب أقرب إلى الكتل الشيعية وربما لإشتراك الطرفين بمظلوميتهما من النظام السابق.. لكن مؤخراً وبسبب تزايد حدة الخلافات بينهم وبين رئيس الوزراء والعديد من القيادات الشيعية المنضوية تحت خيمة التحالف الوطني العراقي إضافة إلى تحميلهم جزء كبير من تبعات عدم إمتثال نائب الرئيس طارق الهاشمي للعدالة، تلمسنا تقارباً وتفاهماً متزايداً بينهم وبين القيادات السنية وخصوصاً إئتلاف العراقية.. إضافة إلى تقارب الكرد من الأخوين نجيفي (أسامة وأثيل) بعد تراشقات وقطيعة دامت سنوات، هذا التقارب الذي تمخض عنه عودة الكتلة الكردية (نينوى المتآخية) إلى مجلس المحافظة مع (تسريبات) بإعادة بعض الإمتيازات (الفردية) لآل النجيفي.. ناهيك عن زيارة رئيس إقليم كردستان لأنقرة مباشرة بعد عودته من واشنطن، تلك الزيارة التي سارع عقبها رئيس الوزراء التركي رجب طيب أردوغان إلى إنتقاد سياسات المالكي في إشارة واضحة منه لتأييد البارزاني.. ورغم مسارعة زعيم التيار الصدري (مقتدى الصدر) إلى زيارة الإقليم ولقاء القادة الكرد للتخفيف من التوتر الحاصل ونزع فتيل الأزمة بين أربيل وبغداد أو بين البارزاني والمالكي والتي هي بشكل أو بآخر بين الكرد والشيعة.. إلا أن ما نتج عن إجتماعه بالبارزاني والذي إنضم إليه لاحقاً كل من زعيم القائمة العراقية أياد علاوي ورئيس البرلمان أسامة النجيفي جاء مخيباً لآمال نوري المالكي والتحالف الشيعي عموماً.

بين المعطيات والنتائج
بناءً على المعطيات المتوفرة وتلك المتوقعة: يبدو أن الكرد قد قرروا هذه المرة تجربة المراهنة على البعد الطائفي بعدما ركزوا طويلاً على الخطاب القومي، وذلك لممارسة المزيد من الضغط على التحالف الشيعي من أجل تغيير المالكي الذي باتت سياساته تقلق الفرقاء السياسيين.. وربما سنشهد مستقبلاً ولادة تحالفات جديدة بنية (تبديل) الأدوار السياسية وليس (تغيير) الولاءات الموجودة وذلك لصعوبته الفنية من جهة، وعدم وجود نية التغيير الحقيقي من جهة ثانية، ذلك التغيير الذي من شأن حصوله أن يؤدي إلى دحرجة الكثير من الرؤوس الكبيرة (التي أينعت) والمسيطرة على زمام السلطة في عموم العراق.. وطبعاً علينا أن لا ننسى ما باتت تفرزه الإنتفاضات الشعبية التي تشهدها عموم دول المنطقة من صراعات دينية وطائفية ساهمت في تغيير الخارطة السياسية برمتها، والتي باتت تأثيراتها لا تهدد الحكومات والأنظمة المجاورة فحسب، بل وتشكل خطراً على التعايش السلمي وديمومة الكيانات السياسية القديمة.

30
دكتاتور بمواصفات أمريكية

جورج هسدو
g_hasado@yahoo.com
منذ فترة ونحن نسمع عن دكتاتورية رئيس الوزراء نوري المالكي، فتارة يتحدث عنها نائبه صالح المطلك، ومرة ينوه إليها السيد مقتدى الصدر، وأغلب الأحيان يتطرق اليها أعضاء القائمة العراقية وفي مقدمتهم الدكتور أياد علاوي، وقبلهم تحدث بها النائب المستقل صباح الساعدي، وأخيراً أشار إليها رئيس إقليم كرستان مسعود البارزاني، وهؤلاء جميعاً يجمعون على أن ما يمارسه السيد المالكي لا يعدو عن كونه دكتاتورية بغطاء ديمقراطي.. لكن لنتناول المسألة من منطلق التحليل الموضوعي وليس بدوافع المتنافس السياسي، لنتعرف أكثر على مسألة كيفية تحول (أبو إسراء) الشخصية المعارضة الهادئة إلى (نوري المالكي) الحاكم القاسي الذي لا يتساهل مع خصومه ويواجههم بكل السبل المتاحة لإبعادهم عن هدفه الذي يتمحور حول كيفية بقائه في السلطة.
فشل أم نجاح..؟؟
فرئيس الوزراء العراقي الذي تسلم الحكم (الجمهورية السادسة) في أحد أحرج الظروف التي مر بها العراق كان يعلم أن عليه أن يكون حازماً وقوياً في قراراته وأن لا يتردد في مواجهة معارضيه وثنيهم عن ما يبدو له بأنه محاولة لإزاحته عن الحكم.. لكن من أين جاء بكل هذه القوة وكيف تفائل بنجاحه للمرة الثانية في ضوء الفشل الذي منيت به حكومته الأولى على الصعيدين الخدمي والسياسي؟؟!!، لا بل على ماذا أو من إعتمد في فوزه الثاني وكيف صاغ استراتيجيته البديلة لإدارة كابينته الثانية؟؟، خاصة وأنه كان يعلم أن أقرب حلفائه من الممكن أن يتحول لألد أعدائه إذا ما دعت ضرورة اللعبة السياسية ذلك!!.. من هذا وغيره نتوصل لنتيجة أن السيد المالكي قد راهن على دعم قوي ومنظم لمساعدته في بقائه على رأس السلطة مهما كانت النتائج، وهو نفس الدعم الذي أخرجه من عنق الزجاجة التي حُشر فيها إبان حكومته الأولى عندما إنسحب منها أكثر من نصف وزرائه.. والسؤال هنا، هل يوجد أقوى وأفضل من الولايات المتحدة الأمريكية لتلعب مثل هذا الدور وتقدم مثل هذا العرض مقابل المحافظة على (نظريتها) ومصالحها في بلد تتآكله الصراعات المذهبية وتنخر في جسده آفة الفساد ويواجه شبح التقسيم كلما طفت على السطح أزمة إنعدام الثقة المزمنة بين تياراته ونخبه السياسية؟.
بين أمريكا وإيران
أما لماذا وكيف؟؟، فبنظرة خاطفة على مجريات الأمور مؤخراً والتي تزامنت معاً من إنسحاب القوات الأمريكية (مع القبول بعدم منح الحصانة القانونية لجنودها المتبقين في العراق)، إلى لغز الحملة المنظمة لإعتقال المئات من عناصر البعث (تلك الحملة التي إرتبطت بتسريبات عن محاولة الإستيلاء على السلطة).. وزيارة المالكي السريعة لواشنطن مع إشارة الرئيس باراك أوباما خلال المؤتمر الصحافي إلى ((أن واشنطن تعزو الكثير من النجاحات الأمنية والسياسية في العراق إلى قيادة المالكي)) الذي قال بأنه سيبقى ((شريكاً أساسياً)).. ثم قضية مطاردة الشخصيات (المشاكِسة) كإتهام نائب الرئيس طارق الهاشمي بالإرهاب وقرار الإعلان عن الملفات المخفية منذ سنوات والإصرار على تقديمه للمحاكمة، والمطالبة بحجب الثقة عن نائب رئيس الوزراء صالح المطلك وإقالته من منصبه بل وحتى منعه من دخول مبنى رئاسة مجلس الوزراء.. نرى مدى تشبث الولايات المتحدة في إبقاء العراق أمام أنظارها وقريباً من أصابعها لضمان تواصله معها في تطبيق نظريتها الخاصة بالمنطقة، وهو الأمر الذي يتطلب بل يحتم ضمان ولاء شخص واحد قوي على سدة الحكم في العراق وعدم المغامرة (والمقامرة) بتوزيع القوة (السلطة) بين الأطراف المختلفة (والمخالفة)، ولا ضير من تحوله إلى مستبد بين أقرانه شرط ضمان عدم تحوله للجهة المعادية.. تلك الجهة التي دائماً ما ناصبت العداء لأمريكا وعلى الأقل حتى الآن في الأطر الدبلوماسية والإعلامية وهي جمهورية إيران الإسلامية، حيث أن الولايات المتحدة تدرك يقيناً بأن أي تقصير منها في مواصلة التعاون مع رئيس الوزراء نوري المالكي (رجلها القوي) سيفتح الباب على مصراعيه لإيران لطرح نفسها الحاضن الجاهز والمتلهف لإحتواء القرار السياسي العراقي وهذه المرة بالكامل.
نتائج الحاكم وخيارات المواطن
إذن، وكأن الواقع يقول للعراقيين أنهم اليوم أمام خيارين أحلاهما بطعم العلقم: أما القبول بحاكم دكتاتوري (بمواصفات أمريكية) لا يتردد في ضرب وتصفية خصومه مقابل فرض الأمن وسد الحد الطبيعي من إحتياجات مواطنيه الإقتصادية لتحقيق دولة مستقرة ومتماسكة، أو الإصرار على ممارسة الديمقراطية بحذافيرها والتنقل بين حكام ضعفاء والدوران (حد الدوخة) في إطار دولة مفككة ومهلهلة سياسياً.. كما أن الوقائع تشير لمن يتشكك بالمشروع الأمريكي أو يتحفظ عليه أن يلتفت للأدلة الواقعية ويستعرض تجارب الجوار التي باتت إمتداداتها تؤثر في الواقع العراقي منذ فترة ليست بقليلة، فها هم جميع حكام دول الخليج يسايرون سياسة الولايات المتحدة في الوقت الذي يضمنون فيه الحد المقبول من إستقرار بلدانهم وإحتياجات مواطنيهم، بينما تبقى الدول التي تصر على معاداة الطرح الأمريكي تدور في حلقة مفرغة من التصارع السياسي والفشل الإقتصادي.
فهل سنقتنع بأن الخيارين (المرّين) ليسا سوى نتيجة ضيق أفق نخبنا السياسية ونقبل صاغرين بأحدهما؟، أم سنبقى (نحلم) وننتظر من يأتينا بخيار ثالث يكون هدفه الوطن وليس السلطة ويعمل على تلبية رغبات المواطن وليس الحاكم.. فلننتظر ونرى!!.

31
في أكيتو.. الإعتذارُ ليس عيباً
جورج هسدو
g_hasado@yahoo.com
إن أكثر ما يسيء إلى العلاقة بين السلطة والجماهير هو عدم مصارحة الحاكم لشعبه والتعامل معه وكأنه مجرد تابع مسيّر دون أن يكون له رأي أو مشاركة في بناء القرار، ومهما تنوعت أسباب قيام الشعوب برفض حكامها والإنقلاب عليهم ومهما اختلفت الظروف المحيطة من بلد لآخر، يكاد يكون سبب عدم إحترام عقلية العامة وعدم الإلتفات إلى أهمية إلتزام الصراحة بين من في أعلى الهرم ومن هم في أسفله العامل المشترك الذي يجمع بين جميع التجارب.
في العام الماضي وأثناء التحضير للاحتفال بالعيد القومي (أكيتو) طرحت على بعض الأخوة في تجمع التنظيمات السياسية الكلدانية السريانية الأشورية والذين كانوا معنيين بترتيب برنامج الاحتفال مسألة مهمة وحساسة تدخل في باب الإلتزام الأخلاقي مع الجماهير، خاصة وأن الاحتفال كان الأول من نوعه بعد إتفاق الأحزاب سياسياً ومن ثم اشتراكها في تنظيم احتفال رأس السنة القومية بعد أن كان كل منهم يحييه منفرداً.. حيث اقترحت عليهم أن يتم من خلال الكلمة الرسمية للتجمع مصارحة أبناء شعبنا (وخصوصاً المحتفلين منهم) بأسباب وحيثيات الإختلافات السابقة بين أحزاب التجمع والتي تجاوزت في كثير من الأحيان حد تبادل الإتهامات لتصل إلى التشهير والتجريح، تلك الأسباب التي كانت بمجملها أما شخصية أو بتحريض من أطراف خارجية تستهدف وحدة الخطاب السياسي لشعبنا.. إلى جانب أهمية إعلان الأسف على ما مضى والإعتذار من شعبنا الذي لم يتراجع يوماً عن إلتزامه القومي ودعم قضيته الأساسية في الوطن ومساندة الأحزاب في حراكها السياسي لنيل حقوقنا المشروعة، وأخيراً معاهدة أبناء شعبنا على الإستمرار بالعمل المشترك ونبذ الفرقة والتشرذم.
لكن للأسف فأن كلامي أو إقتراحي هذا لم يلق آذاناً صاغية من القائمين على الاحتفال أو من قادة التجمع (في حال وصول المقترح إليهم)، ناهيك عن أني لم أرى أو أسمع أي أحد منهم لحد الآن يتطرق إلى الموضوع رغم تأثيره المعنوي على أبناء شعبنا وأهميته المادية لعمل التجمع ومستقبله السياسي.. وبدلاً من ذلك شهد عيد أكيتو الذي تمنيناه جامعاً في كل شيء العديد من الملابسات والمنغصات (غير المبررة) التي بات يتخوف من تكرارها المعنيين باحيائه قبل المتابعين الحريصين على مصلحة شعبنا العليا دون أي مصلحة أخرى.. كما شهد أكيتو العام الماضي إنفراد البعض بالاحتفال به بعيداً عن الجموع المؤتلفة وإحيائه كمناسبة حزبية لم تخلو من الفوقية وإستعراضات الأنا التي ساهمت (وما زالت) في نسف القرار الجماعي وشرذمة الجهد القومي.
أما تطرقنا للموضوع وإعادة طرحه من على المنابر الإعلامية فيأتي لسببين، الأول: حث المسعى الناقد (التقييمي) المعني بالشأن القومي للتركيز على التعامل الموضوعي مع أداء تجمع التنظيمات السياسية لشعبنا وعدم الإنجرار خلف الأمور الثانوية، حيث في الوقت الذي علينا دعم الإيجابي فمن واجبنا أيضاً نقد السلبي.. وبما أنه من غير المنصف التغاضي عن المنجز والأداء الجيد والمقبول على أساس دعمه وتوظيف جوانبه الإيجابية لمصلحة القضية، فأن في الشؤون السياسية ليس هناك ما هو مقدس لا يجوز المساس به، خاصة عند تعلق الأمر بمصالح شعبنا العليا مقابل تحقيق بعض المكتسبات الحزبية أو مجاملة المقامات الرفيعة.. أما السبب الثاني: فهو من ناحية لإطلاع الرأي العام لشعبنا على المقترح ومشاركته في الوقوف على أبعاده الجوهرية، ومن ناحية ثانية لإعادة طرحه على قادة تجمع التنظيمات السياسية عسى أن يلقى عندهم القبول هذه المرة بما أن الفرصة ما زالت متاحة.
أخيراً، نتمنى من قادة التجمع التفكير جدياً بمصارحة أبناء شعبنا بحقيقة ما بدر منهم بحق بعضهم البعض وبحق أعضاء ومؤازري تنظيماتهم والعمل على إشاعة ثقافة التسامح بينهم، وأن يتحلوا بالشجاعة ويعتذروا عن ما تسببوا به من خلافات وإحتقان في الساحة القومية وبين الجماهير.. وأن يعاهدوا شعبنا على عدم تكرارها مستقبلاً ويقتربوا أكثر من نبض الشارع الذي بات يتشكك بجدوى تحالفهم، ولا يعتبروا الإعتذار عيباً لا يليق بهم، لأنه عندها سيكون الاحتفال برأس السنة البابلية الأشورية مجرد تقليد سنوي وسيتحول عيد أكيتو إلى.. كذبة نيسان.

32
المنبر الحر / مظاهرات
« في: 21:58 27/02/2012  »
مع إستلامي لإدارة تحرير جريدة "بهرا" الأسبوعية في الثلث الأخير من العام 2004، قمت باستحداث عمود في الصفحة الأخيرة وتوليت كتابته لسبعة أشهر، ومن خلاله نشرت 28 مقالاً في مختلف القضايا والشؤون الوطنية والقومية بأسلوب نقدي ساخر.. ولبقاء الحال على ما هو عليه في الكثير من القضايا لحد يومنا هذا، حيث تتطابق مواضيع العديد من تلك المقالات مع ما يجري اليوم على الساحة السياسية العراقية، وتتزامن بعضها مع أحداث وطروحات ومناسبات تلقي بظلالها على الواقع.. قررت إعادة نشر قسم من تلك المقالات، عسى أن تنال رضى القرآء الكرام.. هذا العمود نشر في العدد (290) الصادر بتاريخ (27 شباط 2005).
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
مظاهرات
جورج هسدو
g_hasado@yahoo.com
تشهد جميع بلدان العلم تقريباً مظاهرات يومية تقوم بها أو تدعو إليها جماعات وفئات معينة تأمل من خلالها معالجة ضرر لحق بها أو لدرء خطر يكاد يصل إليها (وهذا اليوم إل جِنة نريدة).. والمظاهرات نوعان، مؤيدة ومعارضة، ولكل منها مسبباتها وموجباتها، تتشابه بالاسلوب والصيغة وتختلف بالجوهر والأساس (ناس تاكل دجاج وناس تتلكَى العجاج).. وبعيداً عن المظاهرات التأييدية المبرمجة والمسيرة (وها خوتي ها) ودفع الناس للتجمع والتظاهر لصالح (أبو الشباب)، فأننا أحوج ما نكون لقول كلمة (لا) وبأعلى أصواتنا.. وإذا كانت دول العالم المتقدم وشعوبها قد سبقت البقية في اللجوء إلى التظاهر وتحريك الرأي العام نحو جعله أكثر تأثيراً وفاعلية من خلال العلنية المباشرة في المواجهة (ومحد على راسة ريشة).. فإن شعوبنا النامية استطاعت أيضاً أن تستوعب الدرس أخيراً وتسعى للتخلص من سطوة الحكام والأقوياء، لكن بنسب ما زالت في مستوياتها البدائية رغم جديتها وحرارتها (هم نعمة من الله).. وهو فعلاً ما يحصل اليوم في (بعض) البلدان العربية و(العديد) من البلدان الشرق أوسطية و(أكثر) بلدان أوروبا الشرقية، والتي سبقت الأخرين بتبديل حكامها بيدها (بزودها ومو منية من أحد).. إذن فالمظاهرات أصبحت تشكل العامل الأنشط في معادلة التوازن بين ضرورات الحكومات ورغبات الشعوب، خاصة مع وجود فضائيات وصحف عالمية (وأبو عنتر والخوشية).
ورغم أن العديد من الشعوب العربية سبقت العراقيين (في نصف القرن الأخير) بقيام مظاهرات إحتجاجية والمطالبة بحقوقها المهضومة (وخبصوا الدنيا)، إلا أن العراقيين شهدوا نقلة نوعية وانعطافة تاريخية تمثلت بتحولهم من (أقسى) الدكتاتورية إلى (أنعم) الديمقراطيات (وإحترك الأخضر بسعر اليابس).. وحوت المظاهرات مفردات رنانة مثل (المطالبة) و(الشجب) و(الاستنكار) و(تحميل المسؤولية)، وشملت جماعات (حزبية) و(شعبية) و(عمالية) و(نسائية) (وكلمن يكول يا روحي).. وبهذا إنقضى زمن الطرفة (النكتة) التي تدور أحداثها حول سؤال وجه لثلاثة أشخاص، فرنسي وموزمبيقي وعراقي يقول (ما هو رأيك بإنقطاع الكهرباء؟)، أجاب الفرنسي ما هو الإنقطاع؟، وأجاب الموزمبيقي ماهي الكهرباء؟، أما العراقي فقال ما هو الرأي؟.. ونحن نحمد الله على أن شعوبنا تعلمت أن تتظاهر وتطالب بحقوقها وفق قواعد ديمقراطية وحضارية، وشيئاً فشيئاً ستتخلص من الكبت السياسي بالتنفيس المدني وليس بالتمرد والثورات والإنقلابات و(يا بغداد دوري دوري).. كما نتمنى أن يهدي الله حكوماتنا لتتخلص هي أيضاً من ثيوقراطياتها وتقبل بمفهوم تداول السلطة سلمياً وحق الشعب في الاختيار وفي المشاركة برسم السياسات و(لو دامت لغيرك ما جان وصلتلك).
لكن الأهم من سبب التظاهر هو نتيجته، فما معنى تجمع الآلاف وخروجهم إلى الشوارع وإرتفاع أصواتهم وأياديهم، بينما المعني قد صم إذنيه وأغمض عينيه (ولا عبالك الحجي يمة).. فهل ستثمر مظاهرات شعب لبنان بكشف حقيقة من يقف وراء إغتيال الحريري؟، وهل ستنجح مظاهرات الشعب المصري بكشف حقيقة ما يدور في الخفاء حول إلتزام نظام توريث السلطة في مصر؟، وهل ستفضي مظاهرات الشعب الكلدوأشوري السرياني العراقي إلى كشف حقيقة (مهزلة الانتخابات) التي جرت في سهل نينوى؟؟.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
تعليق مضاف:
رغم أن (الإرادة السياسية) في لبنان قطعت شوطاً كبيراً في مسعاها الرامي لكشف المتورطين في عملية اغتيال رئيس الوزراء الأسبق رفيق الحريري وعدم القبول إلا بمحاسبة الجناة وتقديمهم للعدالة.. ورغم أن (الشعب المصري) استطاع أخيرا ليس فقط من إفشال عملية التوريث التي كان يسعى لها الرئيس السابق حسني مبارك بل إجباره على التنحي وتقديمه للمحاكمة مع أركان نظامه.. فأن أهالي سهل نينوى وبالأخص (بخديدا) ما زالوا ينتظرون كشف ومحاسبة من وقف خلف عملية سرقة صناديق الإقتراع وتسبب في حرمانهم من المشاركة في أول انتخابات شهدها العراق بعد الخلاص من دكتاتورية النظام السابق؟؟!!.

33
قضية الوقف المسيحي بين صراع الزعامات وصمت الأغلبية الرافضة
جورج هسدو
g_hasado@yahoo.com
مع صدور بيان بطريركية بابل الكلدانية بشأن رئاسة الوقف المسيحي والديانات الأخرى (وحتى قبل التداعيات الرسمية والشعبية للموضوع) كنت قد فكرت بكتابة مقالة بالخصوص لما حمله البيان من تفاصيل مهمة ومدلولات سياسية مثيرة وطروحات حساسة على المستويين الوطني والقومي.. لكن مع تسابق كتاب شعبنا في تدبيج المقالات التي إنغمست معظمها في التراشق العنصري وتحويل القضية إلى ساحة للمزايدات المذهبية بين أبناء شقي كنيسة المشرق (الكلداني والأشوري)، ألغيت فكرة التطرق للموضوع للإبتعاد عن التأجيج والنأي بالنفس عن المشاركة في التخندقات الطائفية المقيتة.. واليوم وبعد هدوء العاصفة (نوعاً ما)، تلك العاصفة التي حتماً ستؤثر على ما تبقى لدى شعبنا من قناعة بحتمية النضال السياسي والعمل القومي من ناحية، وجدوى الدفاع عن العقيدة الإيمانية من خلال الالتصاق بالإنتماء الكنسي من ناحية أخرى، قررت مرة ثانية العودة إلى الكتابة في الموضوع من منطلق تحريك الأغلبية الرافضة (الصامتة) للقيام بواجبها والإدلاء بدلوها وعلى مستوى الأفراد والمؤسسات.
عليه سأبتعد كلياً عن الخوض في حيثيات ومسببات تدهور العلاقة بين أكبر كنائس شعبنا (الكلدانية الكاثوليكية) وأكبر أحزاب شعبنا (الحركة الأشورية)، رغم يقيني بأن من شأن ذلك أن يضع الكثير من النقاط على الحروف للخروج من الأزمة على شرط أن ينحصر تداوله بين الجهتين المعنيتين حصراً لتلافي المزيد من الإرباك والتصعيد.. كما سأتجاوز قدر الإمكان البت بمشروعية تولي رئاسة الوقف، والتي بنظري لا تتعدى عن كونها إستبدال (هذا بذاك) مع دخولها في باب اللهاث خلف المصالح الفؤية وربما الخاصة، حيث لن تنفع كل التبريرات والمحاججات مهما بلغت موضوعيتها في إقناع المهتمين (المحايدين) من أبناء شعبنا في صحة وضرورة دعم هذا الطرف على حساب ذاك.. لكني ومن منطلق الحرص على ما تبقى من وجود ومكانة شعبنا في الوطن (هذه الجملة تكررت في كتاباتنا أكثر من مرة) أرى من الأهمية بمكان طرح بعض الأسئلة الجوهرية التي قد تساعدنا في الوصول إلى نتيجة ما يجري، مع ترك خيار الإجابة وبناء القناعة الخاصة للقارىء الكريم:
* تقول (الزعامة السياسية) إنها تمثل صوت شعبنا لأنها منتخبة ولها الحق في إتخاذ القرارات دون العودة إلى باقي الواجهات، وتقول (الزعامة الدينية) إنها تمثل أغلب أبناء شعبنا (75%) وهي ليست بحاجة إلى وسيط.. السؤال هو: من ستمثل هذه المرجعيات إذا ما تكررت مثل هذه التجاذبات التي تدفع باتجاه المزيد من التشظي والهجرة؟.
* يقول من يؤيد عملية إستبدال رئيس الوقف بأنها جرت وفق السياقات المعمول بها (الزعامة السياسية)، ويتهم من يعترض عليها بأنها كانت تهميشاً وتدخلاً في الشؤون (الزعامة الدينية).. السؤال هو: كيف سيشعر شعبنا (وهو ما لا بد منه) عندما يكتشف لاحقاً بأن إحدى الزعامتين فقط كانت تقول الحقيقة؟.
* تستند (الزعامة السياسية) في محاججاتها على ركيزة أن الكنيسة لا تدير شؤونها بشكل سليم، بينما تنتقد (الزعامة الدينية) السياسيين بقولها أنهم يتعاملون مع شؤوننا القومية بشكل خاطىء.. السؤال هو: لماذا إختلطت الأوراق على مرجعيات شعبنا بحيث قامت بإستبدال أدوارها والتجاوز على مهام بعضها البعض؟.
* طالبت (الزعامة الدينية) الحكومة بتلبية رغبتها الداعية إلى عدم التعامل مع (الزعامة السياسية) والرضوخ لرأي الكنيسة، في الوقت الذي إستكثرت (الزعامة السياسية) على (الزعامة الدينية) أن يكون لها قول في تسمية موظف لرئاسة أوقافها.. السؤال هو: كيف سينظر شعبنا إلى قادته (الدينيين والدنيويين) وفي الحالتين، إذا رضخت الحكومة لضغط الكنيسة وضربت عرض الحائط التمثيل السياسي لشعبنا، أو إذا بقت على موقفها السابق ولم تضع لرأي الكنيسة أي إعتبار؟؟.
* سعت (الزعامة السياسية) لإثبات أنها صاحبة القول الفصل في موضوع الوقف، وعملت ما لزم من أجل تحقيق رغبتها بتعيين رئيساً له.. السؤال هو: ماذا تحقق لشعبنا في تثبيت حقوقه المنقوصة والحد من إستهداف أبنائه وإزالة الغبن الذي يلحق بهم منذ ثمانية أعوام؟.
* أبدت (الزعامة الدينية) رفضها في أن يكون تمثيل المسيحيين من خلال النواب الذين تولوا مناصبهم بطريقة التصويت والانتخاب، كما لوحت بقطع العلاقة مع الحكومة إذا لم تستجب لمطالبها.. السؤال هو: ما هي الطريقة التي تفكر بها الكنيسة في إدارة شؤون رعيتها إذا ما تطلب الأمر التعاطي مع مؤسسات الدولة التشريعية والتنفيذية؟.
* للزعامة الدينية هيئة معنية باتخاذ القرارات العامة (مجلس أساقفة)، وللزعامة السياسية هيئة تتولى وضع البرامج والخطط (لجنة مركزية).. السؤال هو: ماذا لو أن قرارات التصعيد قد تم إتخاذها من الهيئة التشريعية لكل منهما، بل ماذا لو أن التصعيد قد تم فعلاً بقرار فردي من الزعامتين دون الرجوع إلى الهيئات؟؟.
وقد تكون هناك العديد من الأسئلة الأخرى التي من الممكن طرحها على جماهير شعبنا بموضوعية وحيادية بعيداً عن التعنصر الطائفي والتخندق السياسي بغية المساعدة في الكشف عن الذي يكمن في التفاصيل والخروج بقناعة تصب في المقام الأول والأخير في مصلحة الشعب.. وبالتالي المساهمة في تكوين رأي عام لا يتوانى عن ممارسة الضغط على مسببي هذه الأزمة لتجاوزها وضمان عدم تكرارها مستقبلاً، والإستعداد للوقوف بوجه كل من يتورط بخلق وتغذية مثل هكذا تشنجات مستقبلاً، والتي (بقناعتنا) إذا ما إستمرت فأنها ستعمل ليس فقط على زيادة إنكسارات شعبنا وتؤثر سلباً على مستقبل المسيحيين (السياسي والديني) في الوطن الأم، بل أنها ستقضي على ما تبقى لشعبنا من قدرة على تحمل أعباء البقاء والمحافظة على وجوده في أرضه التاريخية.

34
المنبر الحر / كل عام وأنتم بألف...
« في: 15:19 31/12/2011  »
مع إستلامي لإدارة تحرير جريدة "بهرا" الأسبوعية في الثلث الأخير من العام 2004، قمت باستحداث عمود في الصفحة الأخيرة وتوليت كتابته لسبعة أشهر، ومن خلاله نشرت 28 مقالاً في مختلف القضايا والشؤون الوطنية والقومية بأسلوب نقدي ساخر.. ولبقاء الحال على ما هو عليه في الكثير من القضايا لحد يومنا هذا، حيث تتطابق مواضيع العديد من تلك المقالات مع ما يجري اليوم على الساحة السياسية العراقية، وتتزامن بعضها مع أحداث وطروحات ومناسبات تلقي بظلالها على الواقع.. قررت إعادة نشر قسم من تلك المقالات، عسى أن تنال رضى القرآء الكرام.. هذا العمود نشر في العدد (281) الصادر بتاريخ (25 كانون الأول 2004).
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
كل عام وأنتم بألف...
جورج هسدو
g_hasado@yahoo.com
عام آخر مر وشهور إنقضت وأسابيع وأيام وساعات (أحرقناها) صبراً وإنتظاراً و.. ألماً، لكن قبلها عشنا سنوات وسنوات (بيهة الزين وبيهة الشين) نودع أمنيات ونستقبل أخرى.. أمنيات تمضي بخجل دون أن تتحقق وأمنيات تحجز لها مكاناً في مفكرة تنتظر التحقيق، ومع هذه أو تلك نبقى نحن عباد الله ندور بين الرضوخ للقدر الإلهي (وهاي إللي جانت مكتوبة إلنا) وبين سعينا الإنساني لواقع أفضل وأكثر سعادة ونبقى.. نتمنى.
* كل عام وأنتم بلا سجون ومعتقلات وبلا (الشعبة الخامسة والكيبلات)، بعيداً عن (الجيش الشعبي) و (جيش القدس) و (الفدائيين) و (التعليك بالبنكات).
* كل عام وأنتم خالين من الخوف والقهر والكآبة (نامو رغد ومحد يسد بابة)، دون أن تصادفوا لا (الأمن) ولا (المخابرات) ولا (سمتية ولا دبابة).
* كل عام وأنتم دون حصار دولي ولا جوع أزلي ولا نظام قبلي أو رئيس (ترللّي) أو نائب (قبغلي).
* كل عام وأنتم مرتاحون من الأسلحة والعتاد، والرشوة والفساد، والفقر والكساد، ومن الأرضة والجراد، (وإللي راح.. ما ينعاد).
* كل عام وأنتم بعيدون عن الإحتلال الأمريكاني والتآمر البريطاني والإرهاب الأفغاني والتدخل الإيراني، وقريبين من دلّي وضاري وسيستاني.
* كل عام وأنتم بمدن جميلة ونظيفة وبشوارع غير مزدحمة (وما بيهة جيفة)، وبمجاري لا تفيض لا بمياه ثقيلة ولا بخفيفة، والأهم بمسؤولين يحملون ضمائر حية وشريفة.
* كل عام وأنتم بلا إنقطاع كهرباء ولا أزمة وقود أو شحة في المطر والماء، ولا نحر ذبائح في العراء، أبعدكم الله عن كل مكروه وداء.
* كل عام وأنتم بلا مفخخات، لا زرقاويات ولا حمراويات، وتكفينا المنفيسات.
* كل.. أربعة أعوام وأنتم بانتخابات ديمقراطية وحكومة برلمانية وسلطات مدنية، نابذين المبايعات الدائمية والحكومة العسكرية (وكلشي إلة علاقة بحكم الشقندحية).
* كل.. أربعة أعوام وأنتم برئيس جديد، يدافع عن حقكم وماضيكم التليد، ويحفظ مصالحكم في النفط والحديد (وما يشيخ براسكم) ولا يذكركم بأبن المجيد.
* كل عام وأنتم بلا إنقلابات عسكر، ولا ثورات (بس مظهر) ولا قادة تبدأ من الصفر، ولا قتل وسحل وإعدام وقلع الأظفر، ولا (فرهود وحواسم) وسرقة حتى الأثر.
* كل عام وأنتم بصحة وعافية، وبمداخيل ورواتب كافية وأجواء صافية، لكن (الله يخليكم) قللوا من (لا) النافية.
كل عام وأنتم بسلام الطير، وإلى الأمام في السير برعاية الرب القدير.. وكل عام وأنتم بألف خير.

35
مع إستلامي لإدارة تحرير جريدة "بهرا" الأسبوعية في الثلث الأخير من العام 2004، قمت باستحداث عمود في الصفحة الأخيرة وتوليت كتابته لسبعة أشهر، ومن خلاله نشرت 28 مقالاً في مختلف القضايا والشؤون الوطنية والقومية بأسلوب نقدي ساخر.. ولبقاء الحال على ما هو عليه في الكثير من القضايا لحد يومنا هذا، حيث تتطابق مواضيع العديد من تلك المقالات مع ما يجري اليوم على الساحة السياسية العراقية، وتتزامن بعضها مع أحداث وطروحات ومناسبات تلقي بظلالها على الواقع.. قررت إعادة نشر قسم من تلك المقالات، عسى أن تنال رضى القرآء الكرام.. هذا العمود نشر في العدد (281) الصادر بتاريخ (25 كانون الأول 2004).
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
أي شيء في العيد يُهدى إلينا؟
جورج هسدو
g_hasado@yahoo.com
عندما كنا أطفالاً صغار كان العيد يُمثل بالنسبة لنا أحلى مناسبة نعيشها خلال العام كله، وكنا نلتم مع (زعاطيط) الحي لندور في الأزقة بحثاً عن (عيدانية) أو (جكليته).. وكان أهلنا يشترون لنا ملابس جديدة وهدايا يختارونها لنا وفق ذوقهم دون أن يكون لنا فيها أي رأي (هاك بابا هاي هديتك) و(أخذ يُمّه هاي ملابسك للعيد).. أما أخطر ما كنا نمر به فهو رؤية (رابي قاشا) بملابسه الداكنة وهو قادم لزيارتنا وتهنئتنا بالعيد، كنا نخاف أن يسألنا الكاهن الوقور عن أدائنا لفريضة الصوم الخاص بالعيد أو يتأكد من ذهابنا إلى الكنيسة لحضور قداس العيد.. حقيقة كان الإلتزام بهذين الواجبين الدينيين أصعب ما يكون بالنسبة إلينا نحن الصغار، فمغريات المأكل المليء بممنوعات الصوم (لحم، حليب، جبن، لبن، بيض) ومشتقاتها إلى جانب التخلي عن نشوة النوم في الصباحات الباكرة الباردة كانت تمثل لنا مهمة صعبة جداً.. كنا نتهرب من مواجهة الكاهن حتى لا نقع في أحد الفخين، إما ممارسة خطيئة الكذب او قول الحقيقة وتلقي العقاب والتوبيخ، إلا أننا وفي ذات الوقت كنا نترقب لقاء الكاهن الذي قد يمكننا من الحصول على هدية إيمانية لا يسعنا الفوز بها إلا في العيد.
عندما كبرنا تجاوزنا الكثير من هذه التفاصيل ولم تعد تغرينا مثل هذه الأمور البسيطة (صرنا زلم مشوربة) وإستطعنا أن نتخلص من سلطوية الوالدين وأصبحنا نفتش عن هدايا أحلى وأرقى.. لكننا لم نتحصن كلياً ضد فرض خيارات الأخرين وإسقاطاتهم علينا، بل لم نتمكن حتى من الإستقلال بحريتنا الفردية في التمتع بممارسات شرعية أكبر من أختيار ملابس العيد وأكل (الزفر) دون رقيب.. فالقانون يحدد لنا عطلة العيد بيومين فقط، والمدرسة تطالبنا بدوام كامل في اليوم الذي يسبق العيد، والأستاذ يحدد لنا إمتحاناً في اليوم الذي يلي العيد مباشرة، ونحن (لا حظت برجيلها ولا خذت سيد علي) لا نتمكن لا من التمتع بعطلة العيد ولا من تجاوزها.. والهدية باتت عبارة عن قرار يُتخذ بحقنا من قبل أناس أفكارهم في الغالب لا تمت بصلة إلى قيمنا الإنسانية ولا إلى نزواتنا الشبابية، وإنتظرنا لعل القادم من الأيام سيكون أفضل.
لكن المشكلة كانت إن كل مرحلة كانت أسوأ من سابقاتها وكل حالة كانت أصعب عن ما سبقها (وإللي ما رضى بجزة.. رضى بجزة وخروف) وصودرت منا أبسط رغباتنا وخياراتنا الشخصية، فبعد الدراسة جأت الخدمة العسكرية وألتحق معظمنا بوحدات الجيش البعيدة وأصبحنا تحت رحمة أوامر وضوابط أقسى مؤسسة عرفها التاريخ العراقي المعاصر (وخريج مريج كلة بالإبريج).. وهنا كان التمتع بمناسبة العيد من أصعب ما يكون، (سيدي أريد إجازة بالعيد) (ماكو إجايز إحنة بحالة إنذار) أو في أحسن الحالات يقال له والمسافة التي تبعد بين وحدته وداره تتكون من سبعة أرقام قياساً بالكيلومتر (تروح اليوم وتجي باجر).. أما إذا أفلح واستطاع أن يتجاوز هذا الإمتحان الصعب وينال إجازة العيد فأنه سيستقبل بعبارات الترحيب وأسئلة الضيافة لمئة مرة قبل أن يصل (ويذب البيرية)، منها (وين إجازتك؟) (إنطيني هويتك) (شكد رقم وحدتك؟) (إنته فرار).. وفوق كل ذلك عليه أن يستعد لمقابلة الحبيبة أو الخطيبة التي لا بد من أن يلتقيها وهي غاضبة (ومنزله بوز) لأنه تأخر ولم يقابلها أول أيام العيد ويقول لها (عيد سعيد حبيبتي).. فبعد هذا كله هل لنا أن نتوقع أو نفتش عن هدايا؟!.
نحمد الله أن كل ذلك إنتهى وتخلصنا من هموم جثمت على صدورنا دهوراً طوال، لكن للأسف لا بل لكل الأسف واجهنا هموماً أشد لم نكن نتوقعها يوماً خاصة بعد أن (صرنا نحجي بالديمقراطية).. فالكنائس دمرت ومراسيم العيد ألغيت والهدية لبست ثوباً أسود، والظلاميون سرقوا فرحة العيد منا (ومنكم) ونحروها (بأسم الدين) والدين منهم براء.. ويبقى السؤال متى؟.. متى سنقول بملىء أفواهنا؟.. إيذوخون بريخا.

36
المنبر الحر / حوار عادي جداً
« في: 11:41 18/12/2011  »
حوار عادي جداً
جورج هسدو
g_hasado@yahoo.com
سألته: كيف هي أحوالكم الآن في العاصمة؟.
أجابني: بخير والحمد لله.
قلت له: هل ما زالت أصوات الإنفجارات تؤرقكم؟.
قال لي: أبداً، فقد كان ذلك منذ زمن بعيد.
قلت: وماذا عن مشاهد الفوضى والدمار والمظاهر المسلحة؟.
قال: لقد تم تجاوز كل ذلك، حيث إحتلت المباني الجميلة مكان الخراب، والحدائق الخلابة مكان الأسلاك الشائكة والموانع الأسمنتية، وأكشاك بيع الورود مكان الثكنات العسرية.
قلت: وما هي أخبار شطري العاصمة؟.
قال: رغم أن المرء ما يزال يستشعر أن هناك بعض الفوارق المعيشية الملموسة التي لا بد من إزالتها بغية تساوي الجانبين، إلا أنه لم يعد هناك ما يمنع المواطنين بمختلف إنتماءاتهم من التمتع بالتجوال بحرية في كلا الطرفين.
قلت: وكيف هو حال إختناقات السير؟.
قال: لقد حلت تلك المشكلة بفتح طرق رئيسية عريضة وإعادة ترميم الشوارع الفرعية، بالإضافة إلى تأسيس شبكة من الجسور المعلقة والأنفاق الواسعة وإعادة تنظيم الإشارات الضوئية بطريقة متطورة.
قلت: وماذا عن إنقطاع التيار الكهربائي ومشاكل المولدات الخاصة؟.
قال: بل بالعكس، فنحن اليوم نزود دول الجوار بالكهرباء الفائضة، كما أننا نصنع ونصّدر المولدات إلى الخارج.
قلت: طيب، هل ما زلتم تعانون من البطالة وشحة فرص العمل؟.
قال: البطالة أصبحت شيء من الماضي، ولكل مواطن فرصة عمل إن بالتوظيف في القطاع العام أو بالتعاقد مع القطاع الخاص، والمداخيل الشهرية باتت تزيد عن حاجاتنا الأساسية.
قلت: إلا أن الهجرة ما زالت مستمرة، أليس كذلك؟.
قال: إذا كنت تعني طالبي اللجوء عندنا فنعم مازالت تلك الهجرة مستمرة، أما إذا كان قصدك الهجرة من هنا إلى دول أخرى فهذه قد إنقطعت بعد فترة وجيزة من إنتهاء الإحتلال.
قلت: بالمناسبة، ما أخبار قوات الإحتلال؟.
قال: نتمتع بسيادة وطنية كاملة، والإحتلال يحتفظ بقاعدة عسكرية واحدة فقط عندنا.
قلت: لكن العنصريات الأثنية والتمييز الديني ما زالت على حالها؟.
قال: لا أخفيك بأنه في بعض الأحيان يعكر بعض الشباب الطائش والمتعصب صفاء العلاقة الطيبة التي تربطنا كمواطنين متساوون بالحقوق والواجبات، لكنها حالات بسيطة لا تتسبب بأذى كبير.
قلت: وماذا عن ممارسات الأجهزة الأمنية؟.
قال: كلها عال العال، لا يكاد يمر يوم دون أن نسمع أو نقرأ خبراً عن الإستعداد العالي وبطولات لأفراد الأجهزة الأمنية جراء سهرهم على راحة المواطنين وسلامة ممتلكاتهم.
قلت: والفساد الحكومي ما أخباره؟.
قال: لقد تم قطع دابر الفساد بأقوى ما يمكن، واليوم لدينا آليات فعالة للتصدي لكل من تسول له نفسه بأن يمد يده على المال العام، وإنشاء الله..........
وهنا سمعت ذلك الصوت الأنثوي الذي يُعلم المتكلم بأن رصيد هاتفه قد إنتهى وعليه أن يدخل رصيداً إضافياً إذا أراد الإستمرار.. فكما تعلمون أن كلفة الإتصال من العراق بـ (العاصمة) الألمانية برلين عالية جداً.
ألم أقل لكم بأنه.. حوار عادي.

37
حتى أنتِ يا كردستان!!
جورج هسدو
g_hasado@yahoo.com
لقد قالها القيصر الروماني (يوليوس) قبل 2055 عام "حتى أنت يا بروتوس!" متعجبا من مشاركة (بروتوس) أقرب الناس إلى قلبه في قتله، حيث لم يتفاجأ بخيانة الآخرين له وطعنه حتى الموت ومنهم أبنه بالتبني (أغسطس)، وها نحن أيضاً نقولها اليوم "حتى أنتِ يا كردستان!" متعجبين ومتألمين من التعامل السلبي لمن إعتبرهم شعبنا أقرب الناس إليه وإلتجأ إليهم هرباً من غدر الزمان والخلان وطلباً للأمن والأمان.
فمنذ سنوات وهم يفجرون كنائسنا ويغتالون قساوستنا وأساقفتنا ويخربون مصالحنا التجارية ويحاربون عقولنا وأكاديميينا ويقتلون أبناء شعبنا في كل من (بغداد والبصرة والموصل وكركوك)، هذه المناطق التي شئنا أم أبينا جاهرنا أم تحفظنا بقناعة أو بدونها فأن أهلها هم من (أخواننا).. واليوم يعتدون علينا ويحرقون متاجرنا ويرهبون عوائلنا ويزدرون مقدساتنا ويتطاولون على كهنتنا ويهددون أحياؤنا وهذه المرة في إقليم كردستان، ومرة أخرى إذا أعلنا أم أخفينا قلناها أم بلعناها قبلناها أو رفضناها فأن سكانه هم أيضاً من (أخواننا).
ولمن يستفسر عن هوية ضمير الغائب (هم) الذي يتكرر أعلاه والذي يتحمل أصحابه المسؤولية المباشرة لما يجري لشعبنا في الوطن من مآسي وويلات أقول: لا أنا ولا أنتم قرآء المقالة ولا ممثلوا شعبنا السياسيين منهم والكنسيين ولا قادة وحكام العراق أجمعهم يستطيعون الإجابة بأكثر من كونهم (أعداء الإنسانية) أو (نفر ضال) أو (مجاميع مسلحة) أو ربما (بقايا القاعدة وفلول البعثيين).. أما لماذا؟، فلأن هناك عوامل كثيرة (قديمة وحديثة، داخلية وخارجية، إقليمية ودولية) باتت تدخل في صلب قضية إستهداف وترهيب المسيحيين المشارقة وإجبارهم على مغادرة أوطانهم.
هناك مقولة يستخدمها المحققون الجنائيون أثناء بحثهم عن من يرتكب أي جريمة عادية وهي "إبحث عن المستفيد"، حيث إذا تم التعرف إلى المستفيد من الجريمة سيتم (إلى حد بعيد) تشخيص الجاني وتقديمه للعدالة لتنتهي القضية.. أما في حالة ما تعرض له أبناء شعبنا من ترهيب وما تعرضت له مصالحهم الإقتصادية من تخريب في كل من (زاخوثا وشمئيل ونوهدرا) قبل أن تكون (زاخو وسميل ودهوك)، فأن السؤال الأهم يكون "إبحثوا عن الخاسر" لتقتربوا من الحقيقة.. وبالتأكيد فأن الخاسر الأول سيكون شعبنا الذي فقد ثقته بالوعود الحكومية التي سمعها على مدار ثمان سنوات من الحكومة العراقية بلا طائل ليعود ويتكرر معه المشهد مع الحكومة الكردستانية، والذي مل من لغة الإستنكار (والتأسف) التي شبع منها دون أن تنصفه في أبسط حقوقه من حكام المركز لتعاد عليه من حكام الإقليم.
أما الخاسر الثاني فبلا شك سيكون إقليم كردستان العراق بمفاصله السياسية والإجتماعية والثقافية والإقتصادية، ناهيك عن سمعته وهويته الليبرالية التي جاهد للمحافظة عليها رغم كل المعوقات والصعاب.. حيث أن ما حصل سيترك آثاراً سلبية ويؤدي إلى خسائر على مستوى (التفاهمات بين القوى السياسية، المحافظة على أواصر البنية الإجتماعية، الترويج لثقافة الحوار والتعددية، التمتع بالوارد الإقتصادي من مجال السياحة).. وعلى الأرجح فأن الخاسر الثالث سيكون شعب كردستان الذي إستطاع خلال الأعوام الماضية أن يثبت بأنه بعيد كل البعد عن الميول الطائفية والدينية المتزمتة التي تستهدف الآخر على خلفية إختلافه العقائدي، كما أنه أثبت بنسبة كبيرة إنفتاحه على مختلف الثقافات وقطع شوطاً في التعايش السلمي بين مكوناته الدينية والعرقية.
لذا فأن المطلوب حالياً هو عدم التهاون في التعامل مع الحدث الذي طال العديد من مناطق محافظة دهوك وقد تتوسع الرقعة الجغرافية أكثر وأكثر، كما أن الأمر بات يأخذ منحاً خطيراً في إستهداف شريحة مهمة من مكونات شعب كردستان التي لم تقصر يوماً في المشاركة بالنضال من أجل نيل الحقوق المسلوبة، إلى جانب المشاركة الفعالة في بناء التجربة التي تفتخر بها كل القوى السياسية في الإقليم.
وإذا كان من يقف خلف المهاجمين ويحركهم هم من أئمة الجوامع الأصوليين أو من أحزاب الإسلام السياسي أو من القادة الميدانيين المتواطئين، وإذا كان الفاعل من المجاميع المؤدلجة أو من العامة المغرر بهم أو من الغوغاء المنفلتين، فأن حكومة الإقليم مطالبة بإتخاذ إجراءات سريعة ورادعة لبسط سلطة القانون ومعاقبة الجناة وتطمين الضحايا.. ولن نكون من المثاليين وغير الموضوعيين إذا ما طالبنا رئيس الإقليم ورئيس الحكومة بزيارة محافظة دهوك بأسرع ما يمكن للوقوف على أسباب وحيثيات الحدث ميدانياً، حيث ذلك هو من صلب مهامهم وعليهم تقع المسؤولية الأولى في درء (الفتنة) بالتعاون مع المرجعيات السياسية والدينية والعشائرية في المنطقة من أبناء شعبنا والأخوة الكرد.
ولن يكون مقبولاً أقل من محاكمة المحرضين والساعين إلى إستهداف (مختلف) مصالح أبناء شعبنا التجارية ومحاولة المساس بحرمة الكنائس والتعرض للواجهات الإجتماعية، إضافة إلى محاسبة المقصرين من مسؤولي ومنتسبي جميع الأجهزة الأمنية الذين فشلوا في تطبيق أصغر بنود قوانين حماية أرواح وممتلكات المواطنين.. وطبعاً السعي الجاد لإنصاف المتضريين معنوياً وتعويض الخاسرين مادياً وحفظ  كرامتهم ومكانتهم الإجتماعية، وإلا فأننا سنستمر بمعاتبتنا وسيستمر تعجبنا وسنبقى نقول.. حتى أنتِ يا كردستان!!.

38
المنطقة الآمنة بين أن تكون
(رجسٌ من عمل الشيطان) أو أن تكون (أرض الميعاد)

جورج هسدو

g_hasado@yahoo.com

يعتبر الخوض في مسألة تأييد أو معارضة فكرة إقامة منطقة آمنة لشعبنا من أعقد الأمور التي قد تواجه من يحاول أن يدلي بدلوه في الموضوع من السياسيين والمهتمين على حد سواء، وربما تكون من أهم وأخطر القضايا التي سيتعامل معها شعبنا في القادم من الأيام.. والتعقيد لا يتأتى فقط من أن أطرافاً (دولية) تدعوا إلى الموضوع والتي غالباً ما يتم التشكيك بنواياها، بل أيضاً لأن الطرح يحمل في طياته أبعاد (وطنية) تحتاج أثناء التعامل معها إلى الكثير من الحنكة السياسية والإندماج المجتمعي اللذان مازلنا نفتقر إليهما لحد اللحظة.. أما خطورة التعامل مع هكذا قضية والتي يجب على (المعنيين) من أبناء شعبنا الإلتفات إليها فتكمن في إحتمالية الخروج بنتيجتين، فقد تتمخض عنها آثار سلبية تترك نتائج وخيمة على شعبنا أو أنها قد تكون هي الحل الوحيد المتبقي له.

بين التأييد المتسرع والرفض القاطع:
من التجني على علم المنطق وفن السياسة أن يتم التسرع أو الجزم في إبداء الرأي بخصوص طرح بحجم وحساسية (إقامة منطقة آمنة لشعبنا) لما له من تفاصيل كثيرة ودقيقة ترتبط بجملة من العوامل (خارجية وداخلية) التي قد يكون لها تأثيراً راديكالياً على خارطة البلاد الجيوبوليتكية وعلى مستقبل شعبنا في الوطن، خاصة وأن صاحب الفكرة جهة بحجم وقوة الإتحاد الأوربي.. من هنا فأن على من يسارع إلى تبني وتأييد الطرح أن يتأنى ويراجع قناعاته مرات ومرات لئلا يكون (من حيث لا يدري) مثل براقش التي جنت على أهلها (مع التاكيد على أن المثل يضرب ولا يقاس)، كما أن على من يعارض ويرفض الفكرة أن يَحذر لئلا يكون (وأيضاً من حيث لا يدري) مشاركاً في تفويت آخر فرصة متبقية لشعبنا للحفاظ على ما بقي من وجوده في الوطن الأم.

المطروح والمشروع البديل:
بنظرة متفحصة على واقع شعبنا للأعوام الثمانية الأخيرة سنرى جسامة الخسائر المادية والمعنوية التي لحقت به من جراء إستهداف حاضره ومستقبله، كما أننا سنتلمس جلياً مدى تيهانه بين مضاربات اللعبة السياسية والمؤامرات التي تحاك له (كأقلية دينية وعرقية) وفي الأغلب بأجندات خارجية وأدوات محلية.. لذا، فعندما نعارض أي طرح يندرج في خانة محاولة إنتشال شعبنا من واقعه الأليم وتطبيب قضيته المثخنة بالجراح علينا أن نبادر إلى الإتيان ببدائل جدية تضمن له الحد الأدنى من تطلعاته المشروعة والتي يأتي في مقدمتها الأمن والعيش الكريم.. وهو ما يقع (أولاً) على عاتق واجهات وأحزاب شعبنا السياسية من خلال طرح برامجها بجرأة ووضوح ومصداقية، مبتعدة قدر المستطاع عن التكتيك الحزبي والمجاملات السياسية والتي زادت مؤخراً عن حدها وباتت رائحتها تزكم الأنوف.

منطقة آمنة.. حماية دولية:
رغم أن هناك تمييزاً واضحاً في ما ينص عليه القانون الدولي بخصوص (إقامة) منطقة آمنة أو (فرض) حماية دولية، والتي في الأغلب تخص جماعات (محايدة) متضررة نتيجة وقوعها ضحية صراعات مسلحة، إلا أنه يمكن الربط بين الحالتين من منظور أن كل منطقة آمنة تحتاج لحماية هي عبارة عن قوة عسكرية تعمل على توفير الأمن.. وبالنظر إلى حالة شعبنا التي لا تقبل التلكؤ والتأخير يمكن التعويض عن الحماية الدولية الخارجية بأخرى وطنية داخلية، أو ربما يمكن الإتفاق على جدول زمني لتبديل قوة الحماية الدولية بقوة وطنية مثلما حصل في تجربة إقليم كردستان التي تعتبر اليوم إحدى التجارب الرائدة في مجال الإدارة الذاتية في عموم المنطقة.. لكن قبل هذا وذاك يكون السؤال عن: أين سيتم إقامة مثل هكذا منطقة (آمنة) لشعبنا والتي يجب أن تتوفر فيها عوامل عديدة في مقدمتها الرقعة الجغرافية ذات الكثافة السكانية؟، وعسى أن لا نكرر هنا أيضاً مهاترات وسجالات مشروع محافظة سهل نينوى؟!.

وفي ضوء من يعتبر فكرة إقامة منطقة آمنة لشعبنا (رجس من عمل الشيطان) أو من يهلل لها ويعتبرها (أرض الميعاد)، تبقى هذه كلها مجرد حقائق (أو بعبارة أدق) حقائق من وجهة نظر معينة تتناول واحدة من أشد المسائل تعقيداً وأكثرها حساسية لتشجيع المعنيين على مناقشة الفكرة للوصول إلى مخارج تعالج حاضر شعبنا وتضمن له مستقبله بأنجع سبيل متاح وأقل ضريبة ممكنة.. وإلا فأن كل ما يتم تناوله سيكون مجرد.. بطرٌ فكري.

39
نعم لقد هضم برلمان إقليم كردستان حق شعبنا، ولكن......!!
جورج هسدو
g_hasado@yahoo.com
قد يستغرب البعض إذا ما عبرنا عن عدم (إنزعاجنا) من ما قام به برلمان إقليم كردستان العراق من إلغاء مقاعد التمثيل النسبي (الكوتا) لشعبنا في مجالس الأقضية والنواحي وإقتصار الأمر على مجالس المحافظات فقط، وذلك أثناء التصويت على قانون انتخابات المجالس المذكورة.. وقد يعتبرنا آخرون (مزايدين) وغير موضوعيين إذا ما (قللنا) من أهمية الخطوة التي إتخذها ممثلوا شعبنا في البرلمان الكردستاني إعتراضاً على هذا الإلغاء، والتي تمثلت بالإنسحاب من الجلسة وإعلان الرفض (إعلامياً).. وربما يتم إدراجنا في خانة (المعرقلين) لمسيرة العمل القومي إذا ما صرحنا (باعتراضنا) على أسلوب التصريح الصادر عن تجمع التنظيمات السياسية لشعبنا ومطالبته السيد مسعود البارزاني رئيس إقليم كردستان بعدم المصادقة على القانون وإرجاعه إلى البرلمان (لإعادة) صياغته.
لكن قبل أن ندلي بدلونا في هذه المسألة دعونا نعود بالذاكرة قليلاً إلى يوم إقرار قانون إنتخابات مجالس المحافظات العراقية عام 2008، عندما (ألغيت) المادة 50 الخاصة بعدد مقاعد الأقليات في مجالس المحافظات المشمولة، ومن ثم (إختزال) عددها بحجج ومبررات أقل ما يقال عنها بأنها كانت (عنصرية).. فماذا فعلنا عندها؟!، عارضنا، شجبنا، إستنكرنا وصرخنا طالبين (الإنصاف) إلى أن بح صوتنا دون أن يعبّرنا أحد، لأنه ببساطة ((كان السيناريو قد أعد سلفاً من قبل "الأخوة" الكبار الذين أتفقوا على أن لا يهضم ولا ملّيم من حقهم، أما حقنا نحن فـ..... طز)).. وبدلاً من أن (نتآزر) ونعد العدة لرفض ومواجهة مثل هكذا تهميش وإقصاء صارخ باللجوء إلى كل السبل (الإعتراضية) المتاحة كالإنسحاب ورفض المشاركة، رحنا نتنافس على (الفتات) إلى درجة أن بعض قوائمنا حولت (أسلحتها) ضد من هضم حقنا (القومي) لتوجهها إلى صدر الناخب البسيط من أبناء شعبنا!!.
أما عدم (إنزاعجنا) من الإلغاء الذي قام به برلمان إقليم كردستان جاء بسبب قناعتنا (الأكيدة) بأنه لاحقاً ستكون هناك معالجة تعيد الحق لأصحابه (المساكين)، وعلى الأرجح عن طريق (مكرمة) خاصة يتم التصدق بها على شعبنا الذي لن يتوانى (منظروه) عن التهليل بها إنصافاً لحق (الآخر).. كما أنه من ناحية أخرى لا نتلمس خسارة كبيرة من عدم وجود ممثلين لشعبنا في مجالس الأقضية والنواحي (رغم يقيننا بأنها نسبياً أكثر أهمية من عضوية مجالس المحافظات)، ومن يعترض على رأينا هذا نطالبه بتذكيرنا بأداء (ومنجزات) ممثلوا شعبنا السابقين من أعضاء مجالس المحافظات والأقضية والنواحي (لنتراجع) ونراجع حساباتنا!!.
وبخصوص (التقليل) من أهمية خطوة الإنسحاب من الجلسة التي إتخذها نواب شعبنا تجاه هذا (الحيف) فهو من منطلق أن الأمر بات لا يجدي نفعاً لإرجاع الحق (المُصادر)، خاصة إذا علمنا أن البرلمان قد صوت بأغلبية الحضور على القانون (بفقراته الملغية) ومن أعضاء السلطة والمعارضة على حد سواء.. لذا كان من أضعف الإيمان إن لم نقل (الأشجع) أن يقدموا على (التهديد) أو التلويح بتعليق العضوية أو الإنسحاب من البرلمان، وهو الأمر الذي لم يكن ليمر مرور الكرام أبداً في ضوء الإجماع الحاصل بين مختلف كتل شعبنا المشاركة في البرلمان!!.
وبالنسبة (لإعتراضنا) على أسلوب تصريح تجمع التنظيمات السياسية لشعبنا فليس لأنه فقط لم يرتقي إلى مستوى (الإجحاف) الحاصل بحقنا وبدون أي مبرر مقنع، بل لأنه ومنذ البداية يقر (بعجز) التوصل لأية آلية تضمن معالجة المسألة إلا من خلال اللجوء إلى (شهامة) رئيس الإقليم بعدم مصادقته على القانون.. كما أن التصريح يحاول الإعتماد على بنود مسودة دستور الإقليم في الوقت التي هي أصلاً لا تضمن بل (تراعي) حق تمثيل شعبنا في المجالس المحلية، ناهيك عن أنها تعتبر غير ملزمة (دستورياً) لأي طرف لأنها لم تكتسب الحق القانوني بعد بإعتبارها ما زالت (مسودة) وليست قانوناً مشرعاً واجب التطبيق والإلتزام!!.
وإذا ما تم معالجة الإجحاف أم لا، فهل ستتعض أحزابنا السياسية هذه المرة وتركز على جوهر (المشكلة) وتخطط لمعالجتها ومواجهتها مستقبلاً، أم أنها ستلجأ مرة أخرى لإعداد قوائم ظاهرها (متشارك) وباطنها (متصارع) لإستحصال مكاسب حزبية باتت لا تضمن سوى تنعم المزيد من (الطامحين) بالإمتيازات الفردية؟؟!!.

40
في ذكرى مجزرة سيدة النجاة
إذا لم يحاسب الجلاد.. فهل أُنصفت الضحية؟؟!!
جورج هسدو
g_hasado@yahoo.com
خلال الزمن الممتد بين تاريخي 7 آب 1933 و 31 تشرين الأول 2010 لم يتعرض شعبنا إلى إستهداف مباشر وتكبد خسائر مادية ومن ثم معنوية بحجم ما تعرض له وتكبده في مجزرة كاتدرائية سيدة النجاة التي راح ضحيتها 45 شهيداً وقرابة 70 مصاباً.. ولنفس الفترة التي زاد زمنها عن 77 عاماً بقليل لم يشهد شعبنا (حدثاً) أكثر بشاعة وألماً من ما جرى داخل (بيت الرب) في بغداد عاصمة العراق (الجديد) من وحشية وقتل جماعي بدأ بكهنة أتقياء وإنتهى بالأطفال الرضع.. وعندما نعلم أن (الضحية) لم تكن سوى جمع من المصلين المؤمنين والمسالمين المتضرعين لله ليمنحهم وبلادهم وشعبهم السلام والطمأنينة في مناسبة دينية وقورة، سنصل إلى أن (الجلاد) كان أيضاً مجموعة من أدعياء الدين الذين كبّروا بأسم الله ليبدأوا القتل والترويع بحجة الحرص على الدين وحق المؤمنين.

بعد هذه المقدمة التوضيحية القصيرة لمدى خسارة شعبنا التي تعدت عشرات الشهداء والجرحى لتصل إلى مئات المهاجرين الفارين لدول الشتات وآلاف الميؤوسين من جدوى الحلول السياسية، وبعد هذه المقدمة الداعية إلى المقارنة بين من يتخذ الله (خلاصاً) ومن يتخذه (سلاحاً)، نرى من الملائم أن نقول:

لقد (فشلت) الحكومة العراقية المطالبة (آناء الليل وأطراف النهار) بالحفاظ على شعبنا من القتل والتهجير وما يتعرض له من إنتهاك لإنسانيته قبل عراقيته ومسيحيته، في أن تتجاوز حدود الكلام الشعري وتصل إلى ناصية العمل الفعلي الذي يضمن لأبناء شعبنا حياتهم ويصون كرامتهم ويتكفل بمعيشتهم.. كما أن الحكومة ومعها كل الكتل السياسية (قصرت) في إنصاف ضحايا كنيسة سيدة النجاة إن بالتعويض المادي أو بالموآزرة المعنوية أو حتى بالتكفل برعاية عوائل الشهداء ومعالجة المصابين ورد الإعتبار للكنيسة ورؤسائها.. وهي التي (عجزت) عن إلقاء القبض على الجناة الحقيقيين (نعم الحقيقيين) وإنزال القصاص المستحق بهم وكشف مؤامرتهم للرأي العام.. والأهم هو، أن الدولة العراقية بمؤسساتها التشريعية والتنفيذية والقضائية (تهاونت) في التصدي لمروجي الخطاب الديني العنصري الإقصائي الداعي إلى التمييز بين الأديان وتصنيفها إلى (حنيفة) وأخرى (باطلة)؟.

بعد مجزرة كنيسة سيدة النجاة بأيام وتحديداً في 4/ 11/ 2010 نشرت مقالاً تحت عنوان (جريمة سيدة النجاة.. مؤشرات خطيرة ودلائل مهمة)، طرحت في نهايته عدد من الأسئلة حول المطلوب عمله بصيغة المستقبل (ماذا ستفعل؟)، وبعد مرور عام على المجزرة ها أنا أكرر نفس الأسئلة لكن بصيغة الماضي (ماذا فعلت؟):

* ماذا فعلت الحكومة العراقية للوفاء بإلتزاماتها تجاه أمن وسلامة مواطنيها؟!.
* ماذا فعلت المرجعيات الدينية الإسلامية لنبذ الفرقة ونشر ثقافة التعايش السلمي بين الأديان العراقية؟!.
* ماذا فعلت المكونات العراقية ذات الأغلبية لتطمين شقيقاتها من الأقليات الدينية والعرقية؟!.
* ماذا فعلت الأحزاب والحركات الوطنية للمحافظة على العراق ووحدة أرضه وشعبه؟!.
* ماذا فعلت كنيسة المشرق بمختلف أقسامها للمحافظة على ديمومة وجودها في أرض الأنبياء والنبوآت؟!.
* ماذا فعلت الأحزاب السياسية الكلدانية السريانية الأشورية لتطبيق برامجها وأهدافها الرامية إلى المحافظة على الوجود القومي في أرض الآباء والأجداد؟!.

وحتى نكون أقرب إلى الواقعية والإنصاف نرى لزاماً علينا أن نعترف بأننا متيقنين بأنه ليس هناك (وصفة جاهزة) أو ترياق سحري يمكن إتخاذه علاجاً فورياً (لحاضرنا) الرديء، لكن أيضاً لا يسعنا إلا أن نضع علامة إستفهام ضخمة أمام (سذاجة) الخطط المرسومة وركاكة الخطوات العملية المتخذة بشأن (المستقبل) في ظل العلاقة الطردية المتصاعدة (بصورة قاتمة) بين، الواقع.. والمتوقع!!.

41
مؤتمرات النهضة الكلدانية.. خطوة في الإتجاه المحيّر
جورج هسدو
g_hasado@yahoo.com
لست أتصور أن هناك شخصاً يدّعي بأنه مهتم بالشأن القومي ولا يتابع ما يقوم به قسم من أبناء شعبنا المتبنين للأسم الكلداني في إطار عقد مؤتمرات عامة تحت مسمى (مؤتمرات النهضة الكلدانية)، حيث عقد المؤتمر الأول في الولايات المتحدة الأمريكية بينما عقد الثاني في دولة السويد قبل أيام.
حقيقة أنا واحد من الذين تابعوا ورصدوا (تقريباً) كل ما تم تداوله وطرحه في المؤتمرات المذكورة وما صدر عنها من مقررات وتوصيات في الشأنين الوطني والقومي، بالإضافة إلى حرصي للإطلاع على ما ينشر من مقالات وكتابات تختص بهذا الشأن (وتحديداً) تلك التي تخلو من التجريح والتهريج.. ومن خلال متابعاتي هذه إضافة إلى ما يشهده الواقع القومي لشعبنا من تهديد لوجوده في الوطن الأم وأيضاً فشل الدولة العراقية بمؤسساتها المختلفة في حفظ كرامة شعبنا وصيانة حقوقه، توصلت إلى أنه لا يمكن الجزم بإيجابية أو سلبية ما يجري (لحد الآن).
يتبنى القائمون على المؤتمرات المذكورة الأسم (الكلداني) باعتباره العنوان القومي لهم ولكل من يؤمن بمفاهيمهم في العمل القومي والوطني، وهذا أمر لا غبار عليه أبداً لا بل قد يكون ممتازاً إذا ما تم التعاطي معه من منظور أن في التنوع غنى وقوة.. لكن ما يدعو للتأمل وإعادة التقييم هو ربط أصحاب مؤتمرات النهضة الأسم الكلداني بأتباع كنيستنا الكلدانية الكاثوليكية دون باقي أبناء شعبنا وهو ما تشي به عينة المشاركين (بعكس ما يقوم به المتبنون للأسم الأشوري)، والعمل على حصر مثل هكذا كنية تاريخية ذات مدلولات حضارية رفيعة بطائفة كنسية مستكثرين أحقية (وشرف) تبنيها على باقي أبناء طوائف كنائسنا المشرقية.. ورغم أني شخصياً أدعم تبني تسمية أخرى مركبة متأكد بأنها لا تعجب البعض، إلا أني لست أرى أي مثلبة في تبني أي أسم آخر وإتخاذه عنواناً قومياً من قبل أبناء شعبنا على أن لا يكون ذلك من باب المناكفة والإلغاء، فالمشاكل لا تبدأ إلا عندما نحاول إثبات أي من تسمياتنا هي الأصح والأجدر وأحياناً حتى كونها (الأجمل).
وكما قلت فأنه من خلال متابعتي لمجريات الأحداث في مؤتمرات النهضة الكلدانية لم أقف على أي توجه أو دعوة تسيء إلى شعبنا وحقوقه المشروعة في الوطن، لا بل أن أغلبها يستحق التقدير والإشادة ويفترض أن ينال كل الدعم والتأييد بغية تحقيقه على أرض الواقع.
منها: المطالبة بضمان التمثيل العادل ورفض التهميش والإقصاء، توفير الحماية للقرى والقصبات والمؤسسات المسيحية، إيقاف العمل بقرارات التغيير الديموغرافي، رفع التجاوزات عن القرى، دعم الكيانات السياسية والثقافية والإجتماعية، مساعدة اللاجئين خارجياً والنازحين داخلياً.. هذه كلها إذا ما تحققت فأنا سأكون أول الشاكرين لمن طالب بها، وسأرفع قبعتي وأنحني عرفاناً مني للذين حققوها، بغض النظر عن أي من التسميات يتم الحديث عنها، فبالنتيجة شعبنا هو من سيكون المستفيد الأول منها وستحفظ (وجوده ومكانته وأراضيه وحقوقه) أو على الأقل لقسم من أبنائه.
أما ما تعاملت به مؤتمرات النهضة الكلدانية مع الإطار القومي الخاص بشعبنا فلم يختلف كثيراً عن ما تعاملت به (منذ عقود) المؤتمرات الأشورية، حيث لم يستطع المؤتمرون التوصل لحلول جذرية ناجعة أكثر من تلك التي تدور في فلك: توحيد الخطاب القومي للتنظيمات السياسية، نشر الوعي القومي والمحافظة على الهوية، دعم تعليم اللغة الأم وتطوير الجانب الإعلامي.. وهذا أيضاً لا غبار عليه أبداً، وهو ما ينتظر العمل عليه خاصة من جانب الناشطين في الوسط الكلداني، حيث من المعروف أن الظروف الموضوعية الضاغطة التي أحاطت بهذه الشريحة من أبناء شعبنا قد فعلت فعلها في إبعاد الغالبية عن العمل السياسي المنظم والإعتزاز بالهوية القومية وعدم الاقدام على تعليم اللغة الأم كلغة قومية في المدارس الرسمية.. وهنا أيضاً فأن نجاح الداعين لعقد مثل هكذا مؤتمرات بتحقيق توصياتها سيكون نجاحاً للجزء الأكبر من أبناء شعبنا، كما يمكن إعتباره نقلة نوعية في السير قدماً بقضية شعبنا المصيرية.
يبقى أن ما يؤرق رؤيتنا للخروج من الحيرة التي تغلفنا من (صحة) أو (خطأ) عقد مؤتمرات النهضة الكلدانية هذه، هو الإصرار غير المقنع على (الفرز وبث الفرقة) بين ما هو كلداني وما هو أشوري، والسعي إلى (تفتيت وتقزيم) المستحقات القومية ضمن الوثائق العامة وأهمها الدستور.. ففي الوقت الذي علينا (رفض فكرة النعامة) والإعتراف بأن شعبنا مقسم إلى طوائف كنسية تبنت أسماء قومية متأثرة بالبعد التاريخي، فأنه من الإنصاف والحنكة السياسية أيضاً أن نعتقد بالعمل (الجماعي) لتوحيد الجهود وصبها في مجرى واحد بغية الوصول إلى أفضل النتائج المرجوة.. حيث لا يخفى على أحد ما يعانيه شعبنا اليوم في الوطن من الإستهداف المباشر وغير المباشر عن طريق إلغاء (وتسفيه) الكثير من إمتيازاته الوطنية وحقوقه القومية، إضافة إلى الكم الهائل من التصرفات التمييزية التي تمارس بحقه من قبل المكونات (والكتل) الأكبر.. وإذا إفترضنا (جدلاً) بأن الأحزاب الأشورية (بحسب رؤية البعض من الداعين لإستنهاض القومية الكلدانية) هي التي تعمل على إلغاء الهوية القومية للكلدان ليقوم ذلك (البعض) بشن هجمات شعواء ضد كل ما يتسمى بالأشورية، فأننا نسأل: ما ذنب باقي (الأحزاب غير المتهمة بذلك) أو أبناء الشعب من غير المتحزبين والمؤمنين بقضية أمتهم ليتحملوا كل تلك التجريحات للأسم الذي يعتزون به؟!.
فهل سيتمكن النهضويون الكلدان من خلال مؤتمراتهم القومية إضافة لبنة أخرى على بناء أمتنا (الآيل للسقوط) وتمتين أساساته لمواجهة القادم من (التحديات)، أم أنه سيكون لهم قول آخر غير هذا سيشترك في هدم (البناء) إن عاجلاً أم آجلاً فوق رؤوسنا جميعاً؟؟.

42
نتمنى أن لا تستحدث محافظة خاصة بنا
جورج هسدو
g_hasado@yahoo.com
علينا جميعاً اليوم أن نقف بالضد من مشروع إستحداث محافظة خاصة بشعبنا في منطقة سهل نينوى إذا ضمت باقي المكونات المتعايشة معه أو لم تضم، ويجب على سياسيينا ومثقفينا وكتابنا أن يتراجعوا عن طرحهم لمشروع المحافظة مثلما على أبناء شعبنا أن يسحبوا دعمهم منه.. وهو ما يتطلب منذ اللحظة العمل على ايقاف كافة المساعي الرامية لتحقيق المطلب وإعتبار كل المذكرات الرسمية التي قدمت بهذا الخصوص ملغية لإنتفاء الحاجة إليها، والإيعاز إلى جميع مؤسسات شعبنا القومية في الوطن والمهجر للتوقف عن حملاتهم الدعائية الداعمة لتشكيل المحافظة.. كما يفضل أن يتم حل تجمع التنظيمات السياسية لشعبنا إضافة إلى حل جميع الهيئات والتكتلات المرتبطة به من داخل العراق وخارجه، ومن ثم مطالبة جميع الأحزاب والمؤسسات السياسية العاملة على الساحة القومية بعدم إثارة الموضوع بأي شكل من الأشكال (ويا دار ما دخلك شر).
أما لماذا علينا أن نفعل ذلك؟، فلإعتبارين:
الأول: لا يوجد في تاريخ أي بلد أن قبل بتشكيل إقليم أو محافظة أو حتى وحدة إدارية صغيرة تحت مسمى ديني (مسيحي، مسلم، يهودي) فكيف بنا نطالب بتشكيل محافظة مسيحية في بلد مسلم؟!، مع ورود فكرة تحولها لسجن كبير يتم حصر أبناء شعبنا فيه ضمن غيتو معزول.. دون أن نغفل طبعاً عدم جواز الدستور بذلك وإحتوائه على العديد من المواد التي تمنع النزعات العرقية أو الدينية بين أبناء الوطن (الواحد)، ناهيك عن عدم وجود توافق كامل بين مرجعيات شعبنا الدينية والسياسية وحتى مع المزاج الشعبي العام على مطلب المحافظة.. كما أن تشكيل مثل هكذا محافظة سيؤدي إلى خلق نعرات طائفية في المنطقة إلى درجة أنه سيتم إعتبارها هدفاً سهلاً للكثير من العمليات الإرهابية، وأخيراً ما هو الضامن لنجاح مثل هكذا مشروع في ظل (التجاذبات) التسموية التي يشهدها شعبنا ومَن مِن (العناوين) الثلاثة سيستلم زمام الإدارة في حال نجاح الفكرة؟؟، (وعالهرنة طحينج ناعم).
الثاني: لسنا نرى أية ضرورة للمطالبة بمثل هكذا مشروع في الوقت الذي يتمتع فيه جميع العراقيين بكامل حقوق المواطنة، وممارسة الكل لحرياتهم التي كفلها لهم الدستور بغض النظر عن العرق أو الدين أو الطائفة أو الجنس أو الإنتماء السياسي (أو تسريحة الشعر).. فبأي حق نقحم أبناء شعبنا المتواجدين في محافظة البصرة في موضوع محافظة سهل نينوى وهم الذين لديهم كامل الحق (على الورق) بعدم الإلتزام بمنع السفور أو إشهار الإفطار أو التنقل بلا محرم أو العمل في تجارة (المنكر) أو الدعوة لتجمعات ترفيهية خاصة بالعوائل المسيحية؟!.. وبأي حق ندعوا أبناء شعبنا الذين يعيشون في العاصمة بغداد إلى مساندة مشروع المحافظة في الوقت الذي لن يستفيدوا منه شيئاً، وهم الذين ينعمون بحماية الدولة الكاملة لكنائسهم (العامرة) بالمصلين والتمتع بحق ممارسة كامل حرياتهم المدنية في جمعياتهم الثقافية ونواديهم الإجتماعية المحصنة ضد مداهمات الشرطة (والحرامية)؟!.. وهل يعقل أن ندفع بأهلنا في مركز مدينة الموصل لتأييد مقترح المحافظة ونتسبب بتهجيرهم من مدينتهم العزيزة التي عاشوا فيها لقرون (بسلام ووئام)، ومن ثم نؤجج الكراهية والحقد عليهم من أخوانهم من أبناء المكون (الأكبر) والذين يتعايشون معهم بوفاق تام على مبدأ (إللي مايرضى بجزة يرضى بجزة وخروف).
وبهذه المناسبة نرى أنه من الملائم أن نهدي هذه الطرفة للأخوة أصحاب الآراء المعارضة والرافضة لمشروع محافظة سهل نينوى وخاصة تلك التي تصلنا (أوفر سيز) بعد أن فشلت معهم جميع المحاججات والشروحات المنطقية لإقناعهم أو بالأحرى لتعريفهم بجدوى الطرح.. تقول الطرفة، كان هناك شخصين محكوم عليهما بالإعدام وكان أحدهما خبيثاً، وعند سؤالهم عن آخر رغبة أو أمنية لهم قبل تنفيذ الحكم، قال الأول (أريد أشوف أمي)، أما الخبيث فقال مشيراً إلى صاحبه الأول (أريد هذا ما يشوف أمه)!!.

43
المنبر الحر / نحن أمة لا تستحي!!
« في: 00:08 07/10/2011  »
نحن أمة لا تستحي!!
جورج هسدو
g_hasado@yahoo.com
لست أدري ما الذي ينتظره الرئيس جلال الطالباني ليصر على إحتفاظه بالرئاسة ولا يقدم إستقالته حفظاً لماء الوجهه وما تبقى له من (مكانة) بعد أن جأت جمهوريته من بين أسوأ دول العالم سمعة، بحسب الإستطلاع الأخير الذي أجرته مؤسسة (ريبوتاشن إنستيتوت) الأمريكية؟!.. ولست أفهم كيف يمكن لرئيس الوزراء نوري المالكي أن لا يتنحى ويستمر بإدارة حكومته بشكل طبيعي دون أن يعكر (ضميره) شيء وهو الذي يترأس ويدير واحدة من أكثر الحكومات فساداً في العالم، بحسب التقرير الأخير الصادر عن منظمة الشفافية العالمية؟!.. ولست أعرف على ماذا يراهن رئيس مجلس النواب (الرقابي) أسامة النجيفي ويبقى ملتصقاً بكرسيه دون أن يتحرك له جفن ويعلق عضويته إحتجاجاً على ما يشهده البلد من (إنحطاط) على مستوى توفير الإرادة (وليس الإدارة) السياسية والخدمات الأساسية، بحسب رأي الأكثرية الساحقة (المهمشة) من أبناء الشعب العراقي؟!.

وإذا إفترضنا أن أصحاب الرئاسات الثلاث الجمهورية ومجلس الوزراء ومجلس النواب مضطرين لمزاولة واجبهم (الوطني) حرصاً على عدم التفريط بما أنجز لحد الآن من مكتسبات عامة (طبعاً)، فهل سنشهد لهم في المرحلة القادمة مواقف جوهرية حازمة؟!.. فمثلاً، هل من الممكن أن يكف (فخامة) رئيس الجمهورية عن دعوة رؤساء الكتل السياسية للتباحث في أمور البلد والإجتماع في داره (كل خميس وجمعة) بعيداً عن عيون وآذان (المتطفلين)، ويدفعهم للإلتزام بآداب العمل السياسي والإجتماع في (دار الشعب) مبنى مجلس النواب وأمام أنظار العامة؟!.

وهل من الممكن أن يكف (دولة) رئيس مجلس الوزراء عن إقامة الدعاوى ضد كل من يختلف معه بالرأي (والتوجه) مطالباً بإنزال أقصى العقوبات بحقهم، ويلتفت (جدياً) إلى محاسبة (شلة) الفاسدين والمقصرين من أعضاء حكومته وتقديمهم للعدالة حفظاً للمال العام ولمكانته في نفس الوقت؟!.. أو هل من الممكن أن يكف (معالي) رئيس مجلس النواب عن الكيل بمكيالين في تعاطيه مع قضايا مواطنيه ويبتعد عن الإنحياز والإنتقائية في خطابه، حيث من جهة يروج لإقامة إقليم لمكونه (الكبير) مبرراً إضطراره لذلك، بينما نراه يحشد كل طاقته لرفض تشكيل محافظة لأبناء المكونات (الصغيرة) رغم الضرائب الكبيرة التي يدفعونها؟!.

وما يحز في النفس أن نوضع اليوم في مصاف دول كانت حتى الماضي القريب تتمنى أن يمُن عليها العراق بإتفاق بروتوكولي أو بمنحة مالية أو بعقد تجاري أو حتى بزيارة، مثل: الصومال وأفغانستان وميانمار والسودان وتركمانستان وأوزبكستان وتشاد وبوروندي وأنجولا وباكستان.. وكلما بحثنا عن (حقيقة) ما يتسبب في فسادنا وسوء سمعتنا وتدهور أوضاعنا وفشلنا سياسياً وإقتصادياً، لا نصل إلا إلى (حقيقة) واحدة واضحة فقط وهي (أننا نرى نفس الأشخاص يحكمون هذا البلد منذ ثمان سنوات)!!.
ولو أن (1%) مما يحدث في بلدان عالمنا (لا أدري إن كان ما يزال ثالثاً) قد حدث في دول العالم الأول لشهدنا سقوط حكومات وحل برلمانات وإستقالة رؤساء بالجملة، بينما ترانا مستمرين بحياتنا ومتشبثين بمناصبنا وفرحين بألقابنا ومتمتعين بإمتيازاتنا حتى لو لم يصل أداؤنا إلى (0,5%) من ما يقدمه (الأوائل) خدمة لشعوبهم ودولهم.

وكما يقال إذا عرف السبب بطل العجب، فإذا بحثنا عن سبب تقدم دول العالم المتحضر وتأخرنا نحن فأننا سنصل إلى نتيجة مفادها.. أن (لهم) شعوباً لا تتهاون أبداً في محاسبة قادتها المقصرين، (ولنا) شعوب لا تحاسب أبداً قادتها مهما قصروا، وأن لهم حكاماً يستجيبون لمطالب شعوبهم (ويستحون) منها، أما حكامنا فلا يستجيبون إلا لمطالبهم الشخصية ويفعلون ما يشاؤون لأنهم ببساطة.. لا يستحون!!.
أم ترى أن علينا نحن هذه المرة أن نستحي ونعرف كيف ننتخب حكامنا (وممثلينا) في المستقبل؟؟.

44
المادة 64.. إكسسوار دستوري فارغ
جورج هسدو
g_hasado@yahoo.com
نستشعر عند الكثير من الدول (النص ونص) ولدى العديد من التجارب الفتية التي تشتهي الديمقراطية (تفلسفاً) وتتقزز منها (ممارسة) محاولة الإلتفاف على الغاية الأساسية للمشرّع الدستوري، أو على الأقل السعي لتمرير وتثبيت نصوص (ميتة) يصعب تطبيقها أو الإعتماد عليها.. ومن بين تلك الدول تتقدم تجربتنا لتعلن نفسها من بين أوائل الدول التي تتناقض أقوالها مع الأفعال والتي تكتب شيئاً وتطبق أمراً آخر مغاير تماماً.. وإذا ما أجلنا الحديث عن العديد من مواد الدستور غير الجاهزة للتطبيق أو المتناقضة والمتقاطعة مع بعضها أو مع ما يتم تسويقه إعلامياً وشعبياً (على أمل أن تكون لنا وقفة معها في محطات قادمة)، فأننا وفي ضوء ما يمارسه مجلس نوابنا الموقر من (كبائر) رقابية ولا مبالاة صارخة تجاه القضايا العامة، نرى ضرورة التوقف عند المادة (64) من الدستور العراقي.
دعونا نرى ماذا تقول المادة.. ((اولاً: يُحل مجلس النواب، بالاغلبية المطلقة لعدد اعضائه، بناءً على طلبٍ من ثلث اعضائه، او طلبٍ من رئيس مجلس الوزراء وبموافقة رئيس الجمهورية، ولا يجوز حل المجلس في اثناء مدة استجواب رئيس مجلس الوزراء. ثانياً: يدعو رئيس الجمهورية، عند حل مجلس النواب، الى انتخاباتٍ عامة في البلاد خلال مدةٍ اقصاها ستون يوماً من تاريخ الحل، ويعد مجلس الوزراء في هذه الحالة مُستقيلاً، ويواصل تصريف الامور اليومية)).
ورغم ورود نفس التعبير (الأغلبية المطلقة لعدد أعضائه) ليتمكن مجلس النواب من إعفاء رئيس الجمهورية وسحب الثقة من رئيس مجلس الوزراء والذي هو أمر مشروط ومعقد بعض الشيء، إلا أن ذلك يعد ضرباً من ضروب الخيال لا بل أمراً مستحيلاً في حال تعلق الأمر بأصحاب الشأن أنفسهم.. ولنطرح هنا بعض الأسئلة، هل من الممكن أن تعترف الأغلبية المطلقة من أعضاء مجلس النواب (ولو بعد 50 دورة) بأنها ليست جديرة بإدارة البلاد وتحمل نفسها مسؤولية فشل المؤسسة التشريعية وتحويلها إلى هيئة (رتابية)؟!.. هل من المعقول أن يقتنع غالبية النواب (ولو بعد 100 عام) بالتنحي جانباً والتفريط بكامل امتيازاتهم المعلنة (والمستورة) لفسح المجال أمام أناس آخرين ليستلموا المسؤولية (والراتب الدسم) بدلاً عنهم، متنازلين لهم عن طيب خاطر عن المواقع والكراسي التي حصلوا عليها بقليل من ثرثرة الوعود والكثير من (مسح الأكتاف)؟!.. هل من الوارد أن يطالب السيد رئيس مجلس الوزراء بحل مجلس النواب مهما كانت الأسباب موجبة والظروف ضاغطة، ليجد نفسه بعد شهرين بعيداً عن نفود السلطة وبهرجة الزعامة (وعلى الرصيف)؟!، وهل تصدقون أن يوافق السيد رئيس الجمهورية على طلب (حليفه) رئيس الوزراء بحل مجلس النواب والدعوة لانتخابات جديدة قد تأتي بمجلس آخر لا يوافق على تعيينه رئيساً للبلاد بالسهولة ذاتها التي ضمنها له (أصدقائه) أعضاء المجلس القديم؟!.
لكن السؤال الحقيقي يبقى، ماذا لو استحق مجلس النواب الحل فعلاً؟، خاصة وأن ذلك قد يكون من جراء حادث مفاجئ أو لأسباب قاهرة لا علاقة لها بأداء الأعضاء ومدى نزاهتهم وجديتهم في خدمة البلاد (والعباد).. فمثلاً، ماذا لو نجح (أعداء العروبة والإسلام) في إختراق نظام التكييف الخاص بقاعة مجلس النواب ونفثوا من خلاله (ريحاً) تحمل فايروساً يصيب أدمغة نوابنا بالتلف ويدفعهم لتشريع قوانين (غبية) تضر بمصالح الأمة؟!.. أو ماذا لو عملت أجندة خارجية مدعومة من تنظيم القاعدة والموساد الإسرائيلي والماسونية العالمية (وجبار أبو الشربت وفالح أبو العنبة) على التخطيط لتصفية نوابنا، عن طريق إستهدافهم أثناء سفرهم وتنقلهم (جواً) في بعثاتهم (المكوكية) التي لا تتوقف أبداً على مدار السنة (بتقويميها) الهجري والميلادي؟!.
وبالعودة إلى أساس وجدية الموضوع فأننا نعتقد من وجهة نظرنا (البسيطة) أن ما يُقر عن طريق الشعب وما يتم شرعنته من خلال أصوات الجماهير لا بد أن تكون صلاحية إنهائه وسحب الثقة منه عن طريق الرأي الشعبي العام والعودة لأصوات الجماهير ذاتها.. حيث عندها فقط سنؤيد ونثق بأهمية إدراج مادة خاصة بحل مجلس النواب في الدستور، وإلا فأن تضمين هكذا مادة بمثل هكذا صياغة هو تحايل على القانون والتفاف على الإرادة الشعبية، ولا يمكن اعتبارها أكثر من (إكسسوار دستوري) لا معنى له.

45
السيد عبد الغني علي يحيى.. هل ستنفع الذكرى؟!

جورج هسدو
g_hasado@yahoo.com
بداية نشكر الكاتب عبد الغني علي يحيى على تعريفه بالدور الذي لعبه المسيحيون في ثورة أيلول وإنخراطهم فيها منذ اللحظة الأولى لإنطلاقتها، خاصة وأنه يعتبر من الكتاب الكرد القلائل الذين لا يبخسون شعبنا حقه بخصوص مشاركة أبنائه في النضال الكردي بشكله العام.. كما نقدر ونقيم عالياً مبادرته الرفيعة ومطالبته بتذكر وعدم نسيان الدور (الفاعل والمؤثر) الذي لعبه شعبنا في مشاركة أخوانه الكرد في المطالبة بكامل الحق العام لشعب كردستان والتصدي لممارسات السلطة القمعية، خاصة وأن الكاتب قد أنصف بما أورده من تفاصيل ومعلومات تشير وتثبت بالدليل الواضح المشاركة المهمة لشعبنا على صعيد أدائهم العسكري وما دفعوه من ضريبة النضال.. فقد نشر الكاتب عبد الغني علي يحيى مقالة بعنوان (دور مسيحيي لواء الموصل في ثورة أيلول التحررية) على موقع عنكاوا دوت كوم، حيث جأت المقالة عبارة عن سرد للدور البطولي لعدد من الشخصيات المنتمية لما يصفه بـ (المكون الاجتماعي المسيحي) في ثورة أيلول 1961.
ومن منطلق الحوار الحضاري والمكاشفة الأخوية لتلافي الأخطاء مستقبلاً والعمل على السعي الجاد لمعالجتها، ندعو السيد يحيى إلى الإستماع لرأينا بما تعرض له المسيحيون إبان وبعد ثورة أيلول، والتي يقول عنها أنه (على امتداد ثورة أيلول 1961-1975 استشهد المئات من المسيحيين في لواء الموصل كما واعتقل منهم المئات وعذبوا، ودمرت العشرات من دورهم وقراهم، وتعرضت كنائس لهم الى القصف والتدمير).. كما نتمنى أن يكون صدر زميلنا الكاتب رحباً ليتقبل منا (تذكيرنا) بما حصل عليه شعبنا من مكاسب (عامة) وما تمتع به من حقوق بعد نجاح النضال الكردستاني والابتعاد عن سطوة النظام السابق منذ إنتفاضة آذار عام 1991 والتمتع بنوع من الإستقلالية الذاتية في إدارة الإقليم، وإلى ما بعد عام 2003 والتخلص من الدكتاتورية نهائياً ليتوسع بها هامش الحرية الإدارية وإستقلالية القرار السياسي اللتين تمتعت بهما القيادة الكردستانية.
نعم.. لقد قدم شعبنا في كردستان الشهداء وهُجر أبنائه وصودرت ممتلكاته ودمرت قراه وكنائسه لكنه لم يتراجع عن الوقوف إلى صف الثورة ودعمها قتالياً ولوجستياً، وذلك لسببين مهمين: الأول إيمانه المطلق بقدرية المصير الواحد والشراكة التاريخية مع الشعب الكردي، والثاني قناعته الجوهرية بحتمية النضال المسلح في مواجهة ممارسات السلطة القمعية بعد استنفاذ جميع الوسائل والسبل البديلة.. وحتى في حال قرار عدم المشاركة في صفوف ثورة أيلول اختار البعض من أبناء شعبنا الإنزواء والنزوح بعيداً عن تأثيرات القتال في مراكز محافظات (بغداد، موصل، البصرة وغيرها)، رافضين الوقوف بالضد منها كما فعل بعض المواطنين الكرد الذين وقفوا مع الصف المعادي للثورة من خلال إنضمامهم إلى ما سميت بالأفواج الخفيفة أو (الجتة) والتي أطلق عليهم الثوار لقب (جحوش)، والذين ساهموا بقوة في التنكيل بشعبنا وإستهداف أبنائه وإحتلال قراهم والسلبطة على ممتلكاتهم بتهمة دعمهم لثورة الزعيم مصطفى البارزاني.. حيث قدم شعبنا من جراء ذلك العشرات من الشهداء وخسر المئات من القرى وفقد آلاف الدونمات من أراضيه التاريخية ودُفع إلى الهجرة نحو المجهول، دون أن يؤثر ذلك على إصرار وثبات المسيحيين الملتحقين بالثورة في الإستمرار بمواجهة التحديات حتى النصر، مقتنعين (وواثقين) بأنه عندها سيتم تصحيح الأمور وسيعاد الحق لأصحابه ويتمتع الجميع بـ (ثمار) إنتصار الثورة.
لكن (للأسف) أقولها للكاتب عبد الغني (دون أن يكون لي أي شك بتعاطفه مع خصوصيات شعبنا) أن الذي حصل بعد إنتصار قضية الشعب الكردستاني وتولي القيادة الكردية لإدارة شؤون الإقليم شكل خيبة أمل لدى المكون الاجتماعي المسيحي (مع تحفظي على هذا التوصيف) وخلق عنده شعوراً بالأسى والغبن من جراء بقاء امتيازاته الفردية قاصرة وحقوقه الجماعية مهضومة.. خاصة بعد أكثر من عشرين عاماً على الإستقلالية الإدارية التي تمتع بها إقليم كردستان والنقلة النوعية في جني أخوانهم ورفاقهم الكرد لحقوقهم السياسية والمدنية، وذلك لبقاء ملفاتهم ومطالباتهم الخاصة بإعادة ممتلكاتهم وقراهم التي فقدوها بسبب تداعيات مشاركتهم في ثورة أيلول في أدراج المسؤولين الحكوميين، مع تعرض تلك المطالبات أحياناً لسلبية التجاذبات السياسية الغير مبررة.
وهنا أرغب بذكر حالتين فقط كنموذج صريح على تقصير القيادة الكردستانية مع من كانوا الأقرب إليها وأبرزهم مشاركة في ثورة أيلول: الأولى تخص قرية (كورى كافانا) مسقط رأس الشهيد الثائر (هرمز ملك جكو) ومثواه الأخير، حيث عمل النظام السابق على مصادرة قرابة الـ 200 دونم من أراضيها لإقامة مجمع سكني عليها عام 1977 يضم العوائل المهجرة من مناطق سوران، والتي ما زال موضوع معالجتها وإعادة الأراضي لأصحابها الشرعيين يفتقر إلى الجدية والعملية.. والثانية هي إستمرار الحزب الديمقراطي الكردستاني باستثماره لمساحات شاسعة من أراضي قرية (بدلية) والتي كان النظام السابق قد صادرها لإقامة (معمل دواجن) عليها، حيث ما زال الأهالي ينتظرون أن تعاد الأرض لأصحابها أو على الأقل تعويضهم مادياً، و(بدلية) هي قرية البشمركة البطل (آذم كيسو كورئيل) الذي كان احد أفراد الحماية الخاصة للمرحوم الملا مصطفى البارزاني والذي (بحسب معلوماتي) أنقذ الزعيم البارزاني من محاولة إغتياله بقنبلة يدوية عندما رمى بنفسه عليه.
وفي الوقت الذي نشكر فيه الكاتب عبد الغني علي يحيى على (تذكيرنا) بمناقب شعبنا من خلال مشاركته في ثورة أيلول، فأننا بدورنا نؤكد على ما قدمه شعبنا خدمة لعموم كردستان وقضيتها السياسية، كما (نذكر) بحقوقه التي ما زالت مهضومة و.. عسى أن تنفع الذكرى!!.

46
المنبر الحر / صوت صارخ في البرية
« في: 17:48 14/09/2011  »
صوت صارخ في البرية
جورج هسدو
g_hasado@yahoo.com
مع إزدياد فشل الحكومة في إدارة ملفاتها الداخلية والخارجية وتنامي فساد بعض القائمين عليها، ترتفع الأصوات المنادية بالاصلاح وكشف الملفات (القذرة) لأبطالها الميامين الذين أثبتوا عن جدارة بأنهم أفضل من يحقق للعراق تصدره لقائمة الدول الأكثر فساداً في العالم (بحسب منظمة الشفافية العالمية).. ومع تصاعد الذكاء الأسود للزمرة الفاسدة في كيفية التحايل لسرقة المال العام والنفاذ من قبضة القانون (وغالبا برعاية وحماية الأكبر)، تتشجع أكثر الآراء الرافضة والمتصدية لكشف المستور ومواجهة الفاسدين علانية والمطالبة بالقصاص منهم وتقديمهم للعدالة.. وفي الفترة الأخيرة تعالت تلك الأصوات وإرتفعت لتصل حد الصراخ الذي بات يعبر عن حالة رفضية متطورة لكل ما يسيء إلى سمعة الوطن ومصالح أبنائه، وما يدعو للتفاؤل أكثر هو إنضمام قسم من رجال الدولة (المنتخبين) وأحياناً حتى تقدمهم لصفوف المجاميع (الصارخة) المنادية بوقف الفساد ومحاكمة المفسدين.
فها هو النائب النحيل صاحب العمامة (صباح الساعدي) المعروف بمحاربته ومكافحته للفساد يصرخ بوجه رئيس الوزراء نوري المالكي متهماً إياه بالتستر على الفاسدين من أعوانه، وأن (ضغوطاته) هي التي أدت برئيس هيئة النزاهة رحيم العكيلي لتقديم استقالته، واصفاً حكومته بالفاشلة والفاسدة.. وأنه يبني عرشه (باستغلاله للسلطة) ويمارس الضغط على (النزيهين الشرفاء) هو ومن معه من الأحزاب (المتغانمة على السلطة)، منوهاً إلى لجوء المالكي (لكاتم الصوت) في حالة فشله بالضغط السياسي، مشيراً إلى عملية إغتيال الصحفي هادي المهدي باعتباره مثالاً.. لا بل تجاوز الساعدي ذلك بكثير ليصف ممارسات رئيس الحكومة (بالدكتاتورية) وشبه تصرفاته بتصرفات صدام، وأنه (إختطف) حزب الدعوة وأن العراق اليوم يتجه لإقامة (دكتاتورية شخص)، وأن هناك (دكتاتور صغير) ينمو ويترعرع مع (سكوت الكتل السياسية) والتي لن تكون بمأمن عن بطشه مستقبلاً.
وبغض النظر عما إذا كان النائب صباح الساعدي محقاً في كل ما يقوله أم لا، وبالقفز فوق تفصيلة من يؤمن ويصدق بكلامه أو من يتشكك به ويكذبه، فأنه بصراحته وجرأته المعهودة هذه يؤكد أنه يقف مع ما يعتبره حقاً ولا يخاف في قوله لومة لائم، خاصة وأنه يتحدث من على المنابر الرسمية.. ولم لا، أليس هو النائب المستقل الذي لا يأتمر بتوجيهات رؤساء الكتل والذين غالباً ما يقدمون مصالحهم التحالفية على مصلحة الشعب؟!، أليس هو المعني بكشف الفاسدين من خلال عضويته في لجنة النزاهة البرلمانية والمشهود له بصولاته وجولاته ضدهم؟!، أليس هو المحصن ضد إتهامه بالموالاة للبعثية والانتماء للقاعدة بشفاعة نزاهته (وعمامته البيضاء).. شخصياً لست أعرف ما هو الفرق بين أن تكون العمامة بيضاء أو سوداء، لكني متأكد بأنه حتى العلماني الليبرالي منا يفضل أن يمتلئ مجلس النواب بأهل (العمائم) الشرفاء من أمثال الساعدي على أن يديره المنافقون من أصحاب (البدلات والكرفتات) المزركشة.
وإلى أن (يصح الصحيح) وتكشف الحقيقة لينصف المظلوم ويحاسب المذنب ويأخذ كل ذي حق حقه، وإلى أن يأتينا المخلص، سيظل صراخ (الصادقين) المتعطشين للاصلاح يتعالى في البرية (أعدوا طريق الرب) وستظل مناجاتهم تدعو (اصنعوا سبله مستقيمة).. وسنظل ننتظر من يأتينا بالفرج ويبعد عنا هذه الغمة السوداء التي خلفت شقيتها الأسوأ منها ونافستها على التربع فوق صدورنا لسنوات طوال، عندها سنشكر الله ونشد على أيادي الذين أفرجوا عن هذه الأمة كربها، ولا يشكل فرقاً عندنا أن يكونوا من (الأفندية) أو من (المعممين).

47
أداة حسنة لأغراض شريرة
جورج هسدو
g_hasado@yahoo.com
بسذاجتنا الشرقية وعفويتنا العراقية اعتقدنا أنه بزوال صدام حسين ستزول الدكتاتورية من العراق وستمحى كل مظاهر القمع والطغيان التي رافقت نظامه منذ توليه السلطة فعلياً عام 1979، وأنه سنتمتع بدلاً منها بالديمقراطية والحريات الفردية والعيش الرغيد ولو بشكل تدريجي أو على مراحل.. وزدنا من تفاؤلنا بتصورنا أن (الأصدقاء) وهو الوصف الذي يطلقه الساسة العراقيون على القوات الأمريكية (عندما يكونون بمزاج جيد)، سوف يساعدونا على ترتيب أمورنا السياسية والإقتصادية، خاصة وهم الذين جاهروا بحتمية إزالة نظام صدام الدكتاتوري لإحلال البديل الديمقراطي عنه.. لكن ما حصل بعد ذلك شكل قمة خيبة الأمل لدينا نحن الذين لم نكن ننتظر من التغيير سوى إسترجاع كرامتنا المستباحة وحقوقنا المسلوبة، وإذا لم يكن هناك مانع القليل من خيرات العراق التي نتشارك بها جميعاً للتعويض عن مآسي الماضي والحرمان الذي إستمر لعقود طويلة.
نعم.. ما جرى بعد عام 2003 شكل خيبة أمل وقضى على ما تبقى من بصيص الأمل الذي تشبثنا به وحملناه بين ثنايا صدورنا طويلاً، لا بل زاد من أسفنا على أنفسنا ومن حنقنا على كل ما له علاقة بالسياسة والسياسيين وكل كلمة مشتقة من أصل الفعل (ساس).. فلقد ذهب طاغية كبير كان يعتبر الوطن ملك صرف له ولعائلته والمواطنين مجرد خدم وأدوات لإرضاء نزواته وتحقيق أحلامه المجنونة، وجاء بدلاً منه طغاة صغار يعتبرون الوطن شركة مساهمة يجنون منها قدر ما يستطيعون من الأرباح والمواطنين مجرد أصوات انتخابية تستخدم كل أربع سنوات مرة.. رحل طاغية كبير ساق إلى الهلاك مئات الألوف من الأبرياء من أبناء الجيش العراقي بسبب حروبه العبثية التي شنها على الدول الجارة، وحل مكانه طغاة صغار لكل منهم جيش خاص يقاتلون به بعضهم البعض ويستنزفون طاقات الوطن البشرية بينما (الجيران) ينتهكون حرمة الوطن جنوباً وشمالاً.
بيد أن هؤلاء الطغاة الصغار (وحتى كبيرهم) ما كانوا لينجحوا أو يستأسدوا لو لا وجود طفيليات أصغر منهم تغذي نزقهم وتدعم ميولهم السادية في التلذذ بمحاربة كل من يحاول تصحيح المسار الخاطئ الذي يتخذون منه قبلة لتمرير أفكارهم السوداء وتسيير عباد الله وفق مزاجهم الشخصي.. وما تلك الطفيليات إلا أولئك الناس الضعفاء الذين يعتاشون على النفاق والتزلف للقوي بغية ضمان بعض المكاسب المادية حتى لو كانت على حساب كرامتهم وشخصيتهم المعنوية، والتي لا يتوانون عن التضحية بها من أجل حفنة من المال أو منصب إداري أو مسؤولية حزبية أو حتى سفرة ترفيهية.. وليس هناك أفضل من الطاغية الذي يعرف كيف يتعامل مع مثل هذه الطفيليات ويروضها بحيث يجني منها أفضل النتائج لصالحه بينما لا يقدم لها إلا الفتات، فهو الآمر الناهي والعارف بخفايا الأمور والمسيطر على دفة القرار وهم ليسوا سوى أدوات طيعة.
وبهذا الصدد يرى الفيلسوف اليوناني أرسطو في تعريفه للسمات الأساسية للطاغية بأنه ((يسير على مبدأ أن الناس جميعهم يودون الإطاحة به، غير أن الأصدقاء وحدهم هم الذين يستطيعون ذلك))، إذ يقول ((ولهذا السبب أيضا نجد الطاغية يختار الفاسدين من البشر في نظام حكمه ليكونوا أصدقاء فهم عبيد النفاق والتملق، والطاغية تسره المداهنة وينتشي من النفاق ويريد من يتملقه. ولن تجد إنسانا حرا شريفا يقدم على مثل هذا العمل، فالرجل الخير يمكن أن يكون صديقا لكنه لا يمكن تحت أي ظرف أن يكون مداهنا أو متملقا. أما الرجل السيء فليس لديه الإستعداد للقيام بهذا الدور فحسب وإنما تراه يسعى إليه، إنه.. أداة حسنة لأغراض شريرة)).

48
حافظوا على العراق من التقسيم بتبنيكم اللامركزية

جورج هسدو
g_hasado@yahoo.com
كلما جرى الحديث عن تبني النظام اللامركزي وتشكيل إدارات او إنشاء محافظات جديدة، ينبري المدافعون عن وحدة العراق وتتعالى الأصوات الرافضة بحجة أن ذلك يعتبر تقسيماً للعراق وتفريطاً بسيادة الدولة، وتنطلق أغلب تلك الأصوات (النشاز) من توجهين.. الأول يتبناه أصحاب النفوذ والمتسلطين على تلك البقع الجغرافية من ورثة الفكر الشمولي المتأسس على النظرة الأحادية العنصرية الإقصائية التي تعتقد بمفهوم مركزة السلطة بيد (علية القوم) في إدارة (الرعاع) وتمشية أمورهم.. والثاني يصدر عن مجاميع (هزيلة) لا تفقه من حيثيات الطرح ولا تفهم من تداعياته شيئاً سوى أنه صادر عن جماعات تصنفها بأنها في الجهة المقابلة أو المعادية، وفي أكثر الأحيان بنظرة قصيرة (ساذجة) لا تتجاوز أرنبة أنفهم.. وما يزيد الغموض حبة أن المركز غالباً ما يكون مراقباً متحفظاً غير مبالي بالمطالبات وكأن الأمر لا يعنيه أو كأننا به يقول (كلهة بالكونية)، بينما نرى الأطراف وخاصة المجاورة تبيح لنفسها الحق وتسارع باسقاط آرائها القطعية على الموضوع.
مؤخراً وبعد مبادرة تجمع التنظيمات السياسية لشعبنا بلقاء الكتل السياسية للوقوف على رأيها من المطالبة باستحداث محافظة سهل نينوى، تزاحمت التصريحات وتسارعت التعليقات التي تباينت بين الرفض والقبول والتي تراوحت بين (المؤدبة) والـ (الأدب سز).. وفي الوقت الذي يحسب فيه الأمر لتجمع التنظيمات بأثارته القضية من منابر رسمية (رغم تأخرها النسبي)، إلا أن ذلك لا يعد كافياً للوقوف على الحقيقة الكاملة من قناعات الكتل والمرجعيات السياسية المؤيدة والمعارضة للمشروع، خاصة وأن الآراء إنحصرت في قالب التعاطي الثنائي وليس التوافق العام.. لذا نتوقع من تجمع التنظيمات السياسية لشعبنا التواصل في إطار التحشيد الرسمي والشعبي للدفع بالمطلب إلى مستويات أرفع شأناً وأكثر تحديداً للبت في المشروع، وعليه تقع مسؤولية ومشروعية التوضيح والرد على المتعاطين مع الطرح سلباً.. كما ينبغي على التجمع الفرز بين المتعاملين مع الموضوع من وجهة نظر خاصة وبين الرأي العام، وأيضاً بين من هم من أبناء شعبنا ومن هم من خارجه، حيث لكل حالة تعريفها ومعالجتها والتي بالتأكيد تختلف بين من يحتاج إلى (التوضيح) ومن يحتاج إلى (التوبيخ).
وبالعودة إلى عنوان مقالنا هذا نقول: أن على كل من يؤمن بالعراق (الوطن) وليس (التركة) وكل من يخاف على وحدة أراضيه ويهتم بسيادته (الجوهرية) وليس (الشكلية) أن يؤيد لا بل أن يناضل من أجل تحقيق النظام الإداري اللامركزي.. حيث بخلافه فأن التقسيم حاصل لا محالة، وعندها سيكون من يتباكى ويذرف دموع التماسيح اليوم على وحدة العراق هو السبب في تفتته وتقسيمه، لأن زمن القبضة الفولاذية وحصر السلطات والتقرير بالنيابة قد ولى إلى غير رجعة.. العالم اليوم يشهد ولادة عصر جديد، عصر أصبح فيه القول الفصل للجماهير وليس للحكام، عصر تقاسم كل شيء بدءاً بالسلطات ومروراً بالواردات وليس إنتهاءاً بالصلاحيات والإرادات، ومن لا يرضى بذلك عليه أن يدق رأسه بأقرب حاجز كونكريتي أمام (فيلته).
أما للذين يزايدون على وطنية شعبنا الصابر في الوطن من (ولاة) بغداد والموصل أو من (نبوخذنصرات) مشيغان ومالبورن أو من (بانيبالات) شيكاغو وبيروت بقولهم أن مشروع محافظة سهل نينوى هو لتقسيم العراق وإلحاق المنطقة بأقليم كردستان، فنقول.. إن إقليم كردستان أرض عراقية حالها حال باقي المناطق والإلتحاق بها (إذا حصل) ليس عيباً ولا خيانة، وسيكون بخيار سكان سهل نينوى من أبناء شعبنا ومن الإيزيدية والشبك وليس بقرار فوقي من المرجعيات السياسية لا في أربيل ولا في الموصل ولا حتى من حلف الناتو.. ثم من الذي أقر الفدرالية وأباح حق إستحداث أقاليم ومحافظات وإدارات جديدة في العراق؟، أليسوا هم مزدوجوا الشخصية أنفسهم اللذين أقروا الدستور الجديد، أم تراه تجمع التنظيمات السياسية لشعبنا؟؟!!.. وعن أي سيادة وأي مناطق متنازع عليها يتحدثون؟؟!!، هل يحتاج المزايدون أن نذكرهم بأنه حتى توافقاتهم السياسية وجمعهم على طاولات الحوار تأتي بمبادرات من أربيل، أو أن نزيدهم علماً بأنه حتى في النظام الفدرالي فأن تحريك القوات والقطعات العسكرية يجب أن يكون بقرار من المركز الإتحادي وليس كما يحصل اليوم في جلولاء والسعدية.. أم ماذا؟!.

49
رد تجمع التنظيمات السياسية لشعبنا على تصريح النجيفي.. دوران في حلقة مفرغة
جورج هسدو
g_hasado@yahoo.co
لم يأتي رد تجمع التنظيمات السياسية لشعبنا على تصريح رئيس مجلس النواب المتعلق باستحداث محافظة سهل نينوى بمستوى الطموح، ولم ينجح في إفحام أسامة النجيفي الذي تجاوز مع سبق الإصرار حدود التعامل البروتوكولي المتعارف عليه بين المرجعيات السياسية بإنكاره قطعياً سماعه بمطلب استحداث المحافظة إلا من وسائل الإعلام.. حيث تناول الرد المسألة من الجانب المحاججاتي البحت الذي غرق في التفاصيل غير المهمة وإفتقر إلى الحزم الدبلوماسي والموقف السياسي الصارم، خاصة وأن التصريح حوى الكثير من التجني على مفهوم الشراكة الوطنية الحقيقية بين مكونات الشعب العراقي والتطاول على مبدأ الاحترام والمساواة بين الواجهات الرسمية المنتخبة والمخولة شعبياً.. والآن لنعد إلى مداخلتنا على محتوى الرد الذي برأينا كان سيحقق نتيجة أفضل إذا ما توقف عند بعض الأمور الجوهرية بدلاً من الخوض في سجالات جانبية لا طائل منها:
يقول الرد بخصوص لقاء وفد تجمع التنظيمات السياسية لشعبنا برئيس مجلس النواب في 5 أيار 2011 ((وفي هذا اللقاء تم تقديم المذكرة إلى السيد النجيفي مع شرح وتفصيل وافٍ لأسباب ودوافع المطالبة هذه والتي تمحورت أغلبها حول دحض ما يُراد به من تصوير المطالبة هذه وكأنها دعوة إلى الانغلاق وخلق تجمع مسيحي مدفوع بدوافع سياسية)).. نكاد نجزم بأن تركيز الوفد على هذه النقطة بالذات جاء بسبب تكرار رئيس مجلس النواب لرأيه القائل بأن هناك دوافع سياسية خفية تقف خلف مشروع استحداث محافظة سهل نينوى، ونستغرب لماذا تصر أحزابنا على مقصريتها في تعريف الرأي الرافض بحقيقة وشرعية المطلب رغم شروحاتها وتصريحات قادتها المتكررة بدلاً من تحميل وجهة النظر الرافضة مسؤولية عدم التفهم.. وإلا بماذا فاد كل ذلك الشرح السيد النجيفي وهو الذي يعود ويصر في تصريحه الأخير أنه ضد المشروع لأنه بخلفيات سياسية ويرمي إلى تجميع المسيحيين في منطقة واحدة؟!، لذا كان على التجمع أن يكون أكثر حزماً في المحاججة وأكثر جرأة في تعرية الخلفيات العنصرية التي ينطلق منها صاحب التصريح ومطالبته بعدم تكرارها مستقبلاً.
وإذا كان لقاء رئيس إقليم كردستان رغم سرعة تحققه لم يأتي بأي إنجاز عملي لحد الآن، وإذا كان لقاء رئيس مجلس النواب والذي لم يفلح في اقناعه بمطلب المحافظة قد أخذ فترة أكثر من أربعة أشهر، وإذا كنا اليوم قد تجاوزنا الستة أشهر دون تحقيق لقاء لا مع رئيس الحكومة ولا مع رئيس الجمهورية.. فعن أي مواعيد وأي شروحات يتحدث رد التجمع عندما يقول ((وإن تجمع التنظيمات السياسية الكلدانية السريانية الآشورية بانتظار تحديد مواعيد لقاء رئيس الجمهورية ورئيس الوزراء بعد أن قُدمت لهم المذكرات ملحقة بطلب اللقاء لشرح وتفسير أبعادها مثل ما جرى مع السيد رئيس مجلس النواب))!!.. وهنا نتسأل: هل يرى تجمع التنظيمات السياسية لشعبنا هذا التأخير طبيعياً ويتأمل تحقق اللقاءات المؤجلة قريباً أو حتى بعد حين، أم أنه مثلنا فاقد الأمل بمزيد من اللقاءات مع الرئاسات ومتيقن أن خلف هذه المماطلة نوايا لتسويف المطلب من خلال المراهنة على عامل الزمن الذي طالما حذرنا من أنه ليس في مصلحة تحقيق مشروع المحافظة؟؟.
وحول قرار رفع مطلب استحداث محافظة سهل نينوى إلى مجلس النواب، فأن الرد يقر بأن التجمع لم يقدم على تلك الخطوة بعد لكنه يبررها بقوله ((نعم، التجمع لم يخطُ هذه الخطوة بعد.. كونها تحتاج إلى المزيد من التهيئة، وهذا أيضا سيتحقق في الوقت الذي يراه التجمع مناسبا لضمان نجاح الطلب وعدم تعثره في مجلس النواب بعد أن يمر عبر السياقات القانونية الدستورية))..  فنتأكد من ذلك بأن تجمع التنظيمات السياسية لشعبنا يتردد من طرح مشروع المحافظة على مجلس النواب في الوقت الحالي تخوفاً من فشل إقراره، وهو ما يعني أن ممثلي شعبنا أعضاء مجلس النواب الخمسة وجميع أطراف التجمع لم تنجح لحد الآن في كسب التأييد الكافي لتحقيق المطلب على مستوى التشريع دون الولوج في تفاصيل تطبيقه على مستوى التنفيذ.. وهنا يطرح السؤال نفسه، ما الذي يؤخر التجمع من القيام بخطواته العملية في إطار التحرك على الأطراف السياسية لكسبها إلى الجانب المؤيد للطرح خاصة بعد تعالي الأصوات التي تنادي بضرورة تطبيق اللامركزية من خلال إقامة أقاليم في جنوب وغرب العراق باعتبارها الضامن لتحقيق العدل الإقتصادي والمساواة السياسية بين مواطني البلد الواحد.
يقول التجمع في معرض رده على معارضة النجيفي لمطلب استحداث محافظة سهل نينوى، ((وعليه فهل أن مطالبتنا باستحداث محافظة في مناطقنا التاريخية من قبل كتابة التاريخ كثيرة علينا!!.. وهي في أساسها ليست إلا معالجة إدارية دستورية وبدوافع إنسانية لتحقيق العدل والمساواة وممارسة حقوقنا المكفولة دستوريا أكثر من أن تكون آلية سياسية كما يريد البعض وصفها مدفوعة لتعميق جراحات العراق من سياسات قياداته التي صرنا لا نشم منها سوى رائحة المحاصصة وتقسيم الغنائم)).. بينما نقتطف من مذكرة تجمع التنظيمات السياسية لشعبنا والتي سلمت إلى النجيفي ما يلي ((ومن هنا فإن معالجة هذه الحالة تتطلب من كافة القوى الوطنية الديمقراطية المؤمنة بالعملية السياسية والمصير المشترك في العراق الجديد، إيجاد الحلول السياسية وبما ينسجم مع الدستور.......... وانطلاقا من ذلك عقدت الأحزاب والمؤسسات السياسية لشعبنا والمنضوية ضمن تجمع التنظيمات السياسية الكلدانية السريانية الآشورية سلسلة اجتماعات مشتركة في الفترة الأخيرة وأجمعت على تقديم هذه المذكرة بخصوص مطالبنا السياسية في العراق الجديد والمتمثلة بالآتي: أولا: استحداث محافظة في مناطق من أقضية ونواحي الحمدانية وتلكيف وبعشيقة وألقوش وبرطلة لشعبنا بالمشاركة مع بقية المكونات القومية والدينية الأصيلة التي تتعايش فيها.......... إن مطالبنا السياسية هذه تساعد أبناء شعبنا في البقاء في وطنهم العراق..........)).. أفيدونا أفادكم الله، هل أن ما تطالبون به من حق بإقامة محافظة خاصة بشعبنا في سهل نينوى بمشاركة باقي المكونات المتعايشة معه هي معالجة إدارية لأهالي المنطقة وبدوافع إنسانية ليس إلا، أم أنها مطالبة سياسية تتبنى مشروعاً وطنياً يضمن استمرارية بقاء شعبنا في الوطن وتحقيق الشراكة العادلة بينه وبين بقية المكونات؟؟!!.
عليه نرى أن ضرورة إسراع الخطى لتبني آليات عمل فعالة وإعتماد مفردات أكثر تأثيراً والتركيز على نقل الطرح إلى مراحل متقدمة كاللجوء إلى التحشيد الجماهيري والتوظيف الإعلامي الضاغط باتت لازمة لا بد منها، وإلا فأننا جميعاً سندور في حلقة مفرغة لا نهاية لها.

50
قرأة تحليلية لتصريح رئيس مجلس النواب أسامة النجيفي
بخصوص إستحداث محافظة لشعبنا في سهل نينوى

جورج هسدو
g_hasado@yahoo.co
دون الدخول في أي مقدمات أو الخوض في تفاصيل جريمة كاتدرائية سيدة النجاة وما تلاها من إتفاق لتنظيمات شعبنا السياسية ومعطيات وتداعيات طرح مشروع محافظة سهل نينوى، نقول:
يرد السيد أسامة النجيفي على سؤال ما إذا كانت رئاسة البرلمان قد تسلمت طلباً باستحداث محافظة في سهل نينوى؟، بقوله ((لا ابدا، نسمع من الاعلام فقط بالامر لايوجد شيء رسمي، لم يتقدم لنا أحد بطلب بهذا الاتجاه. الموضوع يتعلق بالادارة في تلك المناطق، واعتقد أنها مشكلة الصراع في بعض المناطق على الارض، مما اعطى لتلك المناطق شعورا بالضيق والبحث عن صيغ اخرى، لكن اعتقد أنه ممكن تغيير الامور بالمعالجة السياسية للازمة، ومكافحة الارهاب الذي يضرب المسيحيين لدفعهم للتجمع في مناطق واحدة  وهذا أمر غير حقيقي وغير مقبول)).
وبتجاوز تفصيلة تقديم طلب استحداث المحافظة رسميا إلى رئاسة البرلمان أم لا، يقزم رئيس مجلس النواب العراقي الموضوع بحصره في أن مجمل الطرح يتعلق بادارة مناطق سهل نينوى حصراً، وينفي عنه أي صفة سياسية ويجرده من البعد والخصوصية العرقية والدينية للمكونات الصغيرة وبالأخص سكان السهل، ويستكثر عليهم حق التوصل لخياراتهم الخاصة بأنفسهم.. ثم يعترف السيد النجيفي أن الصراع الدائر بين قائمة الحدباء "العرب السنة" وبين قائمة نينوى المتآخية "الأكراد" على مناطق شعبنا في سهل نينوى قد خلق لديهم شعوراً بالضيق وعدم الثقة، وهو ما دفعهم لإيجاد صيغ أخرى بديلة لإدارة مناطقهم.. لكنه يسارع وينصب نفسه وصياً عليهم بطرحه لإمكانية تغيير الأمور من خلال رؤية أخرى يسميها بـ المعالجة السياسية للأزمة، والتي يفهم منها أن هناك نية لمصادرة حق المشاركة في إقرار شكل التبعية الإدارية لأراضي سهل نينوى من سكانها من أبناء المكونات الصغيرة، بل عليهم أن ينتظروا إلى أن يتوصل الكبار من "العرب والأكراد" إلى معالجة سياسية مرضية للطرفين!!.. كما يتوقع أيضاً أن تتغير الأمور بمكافحة الإرهاب في باقي مناطق العراق والذي يقر أن له أجندة لدفع المسيحيين للتجمع في منطقة واحدة من خلال ضربهم واستهدافهم، لكنه يستدرك وينفي أن يكون ذلك حقيقياً أو مقبولاً.. ولسنا ندري ما الذي يؤخر السيد النجيفي من مكافحة الإرهاب وهو عضو البرلمان الفعال منذ عام 2006 والقابع على رأس هرم السلطة التشريعية في البلاد منذ عام تقريباً، أو ما الذي منعه من مكافحة الإرهاب في مدينته الموصل منذ أن انتخبت قائمته ومن ثم شقيقه محافظاً لها منذ أكثر من عامين ونصف؟؟!!.. أما إذا كان جواب السيد أسامة أن مكافحة الإرهاب في العراق وإفشال إجنداته تحتاج لتظافر جهود الجميع وإلى وقت طويل، فأننا أولاً نذكره بأن أبناء الأقليات لا يملكون المتسع من الوقت بسبب نزيف الهجرة الذي يعانون منه والذي هو نفسه يقر به، وثانياً نطمأنه ونؤكد له بأن محافظة سهل نينوى وأبنائها سيكونون على الدوام من مناهضي الإرهاب ولن يقبلوا يوماً من الأيام أن يتحولوا إلى حاضنة له!!.
أما عن رأي سيادته بأنه يجب على المسيحيين أن يكونوا في كل العراق وأن يعيشوا كمواطنين من الدرجة الأولى ويحافظوا على كنائسهم ومصالحهم، وأنه يرى أن التجميع لن يكون في مصلحهتم وأن عليهم أن يتوجهوا نحو التعايش مع الأخرين وليس الانغلاق، فنعلق بأختصار: لقد كان شعبنا على الدوام في كل العراق وسيبقى كلما أتاحت له الظروف ذلك وليس من حق أي أحد أن يجرد المسحيين من عراقيتهم لمجرد أنهم باتوا يفكرون باستحداث محافظة خاصة بهم ليشكلوا فيها أغلبية ويحافظوا على ما تبقى منهم في العراق.. أما الحديث عن أهمية أن يعيشوا كمواطنين من الدرجة الأولى "وليس كأهل ذمة" فهو من مسؤولية الدولة التي أنت جزء رئيسي منها والتي لحد الآن لم نشهد لها ممارسة حقيقية مقنعة بهذا الخصوص هذا إن لم يكن العكس، ونتمنى الكف عن إستغبائنا أكثر لأننا اليوم نعيش في عالم سقطت فيه جميع الأقنعة وإنكسرت فيه كل القيود.. كما أننا نرجو منك ومن الآخرين الكف عن التنظير نيابة عن المسيحيين وتحريف الحقائق، لذا دع مسألة التجميع وما هو في مصلحة أبناء شعبنا وباقي المكونات الصغيرة لتقييمهم هم، كما ندعوك أن تنصف في الفرز بين الذي يسعى للعيش المشترك المتأسس على المساواة ومن الذي يدفع إلى الإنعزال أو معاملة الآخر وفق مبدأ الغالبية تحكم والأقلية تطيع؟؟.
في مكان آخر يقول السيد أسامة النجيفي عن رأيه بفكرة استحداث محافظة للأقليات الموجودة في سهل نينوى ((هذا الامر يجب ان يكون برأي الجميع وليس المسيحيين فقط، اذ هناك شبك وايزيدين وعرب في تلك المناطق ولديهم قوى سياسية تمثلهم، وهم بالتاكيد جزء من محافظة نينوى، والمحافظة غير قابلة للتقسيم، نحن نؤكد على وحدة اراضي المحافظة بحدودها الدستورية المعروفة، لكن طريقة التعامل مع اسلوب الادارة هذه مسائل تناقش مع المحافظة ومجلس المحافظة ومن خلال ممثليهم في المحافظة)).. وهنا نراه ورغم إشارته إلى ضرورة مشاركة جميع أطياف السهل في طرح مشروع المحافظة لأعتبار الجميع جزء من الموضوع بحيث لا يمكن تجاهل أي مكون، إلا أننا نراه يعود ويعطي رأياً قطعياً بأن محافظة نينوى غير قابلة للتقسيم ويؤكد بقاء وحدة أراضيها بحدودها الدستورية المعروفة حالياً، وهو هنا ينسف كل ما سبق من أهمية التوافق للخروج بأفضل الحلول المرضية والضامنة لحقوق الجميع، ويعود إلى النظرة الأحادية والخطاب الإقصائي في التعامل مع القضايا العامة.. وهنا نسأل ماذا سيكون رد رئيس مجلس النواب إذا ما اقترح سكان سهل نينوى العكس وقرروا إنشاء محافظتهم الخاصة ووفق الدستور أيضاً؟!.. أما التعكز على حصر قرار طريقة التعامل مع أسلوب الإدارة في تلك المناطق بيد أعضاء مجلس المحافظة لاعتبار أن فيه من يمثل مكونات السهل فهي لعبة باتت مكشوفة للقاصي قبل الداني، حيث أن المكونات الكبيرة صادرت حتى حرية المكونات الصغيرة في إختيار ممثليها من خلال دعم أشخاص موالين لها من بينهم لتمرير أجنداتها الخاصة.
وفي معرض دفاعه عن أداء الحكومة والبرلمان في ما يخص التعاطي مع ملف المسيحيين يقول السيد النجيفي ((هناك مشاركة سياسية في السابق حيث في الدولة العراقية الحديثة في العشرينيات القرن الماضي كان هناك وزراء مسيحيين في الحكومة وكان لهم دور فاعل، والان هناك وزراء)).. وهنا نراه يحاول إختزال المشاركة السياسية للمسيحيين بوجود وزراء لهم في الحكومة ويغض النظر عن باقي ممارسات الاقصاء والتهميش السياسي التي يشهدها أبناء شعبنا في مختلف مفاصل الدولة، دون أن ننسى أنه حتى المشاركة في الحكومة إعتراها العديد من النواقص وشهدت الكثير من التعامل التمييزي، فهي تارة جأت ناقصة بفرض الوصاية على شعبنا من الكتل الأكبر صاحبة القرار المؤثر وتارة أتت مشوهة يغلفها ثوب التوافقات الحزبية والمصلحية الضيقة ليقبع بسببها تمثيل شعبنا في ذيل الكابينة الوزارية.. كما نهمس في أذن السيد النجيفي، إذا كانت المشاركة السياسية تكفي بتعيين الوزراء، فلماذا تكرر القائمة العراقية تهديداتها بالانسحاب من العملية السياسية رغم حصولها على العديد من الحقائب الوزرارية المهمة؟!.
نكتفي بهذا القدر من التعليقات على ما ورد في تصريح رئيس مجلس النواب أسامة النجيفي بخصوص استحداث محافظة لشعبنا وباقي المكونات المتعايشة معه في سهل نينوى.. مع الإشارة إلى أنه ستكون لنا وقفة أخرى مع ما ورد في رد تجمع التنظيمات السياسية لشعبنا على التصريح.

51
إلى متى ستستمر مؤسساتنا القومية بالعيش في جلباب الأحزاب السياسية؟!

جورج هسدو
g_hasado@yahoo.com
مما لا شك فيه أن منظمات المجتمع المدني أصبحت تلعب دوراً رئيسياً في توعية وتنوير الشعوب وحتى تثويرها للمطالبة بحقوقها السياسية والاجتماعية، وهي بذلك باتت تعتبر من أهم وسائل الضغط على الحكومات التي ما زالت تصر على إحتكار الرأي العام وتسييره وفق ايدلوجيتها ومزاجها السياسي.. أما بعد إنطلاق ما إصطلح عليه بالربيع العربي وإنتفاضة الشعوب بوجه حكامها واستعداد الجماهير للتصدي للأنظمة الدكتاتورية المتشبثة بالسلطة رغم كل الممارسات التعسفية، فأن دور المؤسسات المدنية والشباب المستقل أصبح يمثل الثقل الأكبر في المعادلة وتجاوز حتى دور أحزاب المعارضة السياسية.. وإذا كان لمنظمات المجتمع المدني كل هذا التأثير في بلدان المنطقة التي تشهد إحتجاجات ومطالبات للتغيير والإصلاح ليصل الأمر مؤخراً وبدرجة أقل وضوحاً إلى البلدان الأقل توتراً ومنها العراق، فالسؤال المطروح يكون هنا: ما هو دور مؤسسات شعبنا المدنية في قضايانا الوطنية والقومية، وأين هي من كل ما يحصل من تطور لمفهوم ودور المؤسسة الجماهيرية غير التقليدية؟؟.
رغم أن شعبنا يمتلك كم لا بأس به من منظمات المجتمع المدني ذات الطابع الثقافي أو الشبابي أو تلك المعنية بشؤون المرأة وغيرها، ورغم أن بعض تلك المؤسسات قد تجاوز عمرها الزمني العقدين من السنين، إلا ان مستوى أدائها المؤسساتي ما زال دون المستوى بكثير كما أن تأثيرها في الرأي العام منعدم تقريباً.. والسبب في ذلك برأينا يعود أولاً إلى النمط التقوقعي الذي لازم بنيتها الهيكلية منذ التأسيس مع فشل كل محاولات التوسيع والإنفتاح في حال وجودها، وثانياً بسبب تبرعم معظم المنظمات المدنية عن الأحزاب السياسية والتي لم تكتف بالإبقاء على المشيمة الرابطة بينهما بل إستمر الأمر ليصل إلى حد التنشئة الأبوية الصارمة.. وشيئاً فشيئاً حولت الأحزاب السياسية تلك المؤسسات ليس فقط إلى صدى لما يصدر عنها فحسب بل أحياناً حتى إلى دمى خيطية تحركها وفق قناعاتها الحزبية وأهواء قياداتها الشخصية، وهو ما نتج عنه لاحقاً منظمات مجتمع مدني منزوعة الأهلية في إدارة أبسط معتركاتها اليومية أو التصدي لتحدياتها الفكرية.
وعندما نرفض تحويل منظمات شعبنا المدنية إلى مؤسسات إتكالية معتمدة كلياً على البرامج الفكرية من جهة والدعم المالي لأحزابنا القومية من جهة أخرى، فأننا أبداً لا نعني أن تنزوي مؤسساتنا القومية وتبتعد عن المشاركة في رفد قضيتنا الرئيسية بالمطلوب من الجهد أو الموقف، ولا نحرم عليها التوافق في الرؤى مع جهة معينة.. بل أن رفضنا هذا ينطلق أساساً من نظرية أن كل مؤسسة يمكن أن تساهم بشكل فاعل في تطوير القضية وتحقيق مطالب شعبنا أكثر كلما تمتعت بهامش أكبر من الإستقلالية وحرية الإرادة، وأن الإعتماد فقط على عدد العناوين (الخاوية والمسيرة) دون مراعاة النوعية أصبح يشكل عاملاً سلبياً في الدفع بقضايانا العامة للأمام.. وهنا نرى من الوجوب أن نشير إلى أن هناك اختلافات منها الجوهري ومنها السطحي تفرق بين مضامين وأشكال منظمات شعبنا الجماهيرية ومؤسساته المدنية، بحيث تشكل هذه الاختلافات نوعاً من التمايز على مستوى الفعل والأداء في تقييم الأفضل من الأسوأ، لكن يبقى أنه ما زلنا نعتقد أن جميعها ما زالت تعيش بشكل أو بآخر في جلباب أحد العناوين السياسية.
وقفة قصيرة مع مؤتمر إتحاد النساء الأشوري:
* عقد اتحاد النساء الآشوري قبل أيام مؤتمره السادس في دهوك بحضور ثمانين مندوبة من فروع الاتحاد من مختلف المحافظات ومناطق تواجد شعبنا، مع تغيب السكرتيرة السابقة للاتحاد!!.
* التوزيع الجغرافي للمشاركات كان: بخديدا 0/ كرملش 0/ برطلة 4/ بعشيقة 0/ تلكيف 0/ باطنايا 2/ تللسقف 0/ ألقوش 3/، والباقي موزع على محافظات بغداد وكركوك وأربيل ودهوك!!.
* المحفل أدير بالريموت كونترول من على بعد مئات الكيلومترات جنوباً، وبالتفصيل الممل الذي تدخل حتى في إختيار هيئة رئاسة المؤتمر ومواصفات وشروط انتخاب شخص السكرتيرة!!.
* تم تخصيص عضوتين من الهيئة الإدارية لكل محافظة، وكان التقسيم عادلاً إلى درجة أن محافظة كركوك حصلت على عضوتين حالها حال محافظة الموصل مضاف إليها سهل نينوى!!.
* من محور سهل نينوى الشمالي فازت سيدة من برطلة كتحصيل حاصل من دون منافسة، بينما من محوره الشرقي فازت سيدة من قرية الشرفية والتي تنافست مع سيدتين من كل من قصبتي باطنايا والقوش!!.
* انتخب اتحاد النساء الأشوري هيئته الإدارية الجديدة المكونة من 10 عضوات إضافة إلى الإحتياط، والتي جأت نتائجها.. أشورية بأمتياز!!.
* وأخيراً.. أصدر الاتحاد عقب انتهاء أعمال مؤتمره بياناً مقتضباً كان أقرب إلى الخبر الصحفي منه إلى بيان رسمي صادر عن منظمة جماهيرية!!.

52
إعلامنا القومي.. وسائل فاشلة وخطاب معاق

جورج هسدو
g_hasado@yahoo.com
ربما لن نبالغ إذا قلنا أن إعلامنا القومي يمر اليوم بأسوأ مرحلة له منذ إنطلاقه أواسط القرن قبل المنصرم إبان صدور صحيفة زهريرى دبهرا، ولعلنا سنكون أقرب إلى الحقيقة إذا عزينا أسباب ذلك إلى العوامل الذاتية أكثر من الموضوعية وأرجعنا المسؤولية للمؤثرات الداخلية قبل الخارجية.. حيث يمكن القول أن الإعلام القومي أو الصحافة القومية لشعبنا مرت بثلاثة مراحل أساسية كان لكل منها سماتها الخاصة التي ميزتها عن باقي الصحافات الرديفة، كما كان لها رسالتها التي وإن تأرجحت بين الممتازة والسيئة وما بينهما من مستويات، إلا أنها إستطاعت أن تنجح في مسايرة الواقع رغم المحاسبات والرقابة الصارمة.. فمع مرحلة (النشوء) أواسط القرن التاسع عشر بدأت حالة من النشوة في التعبير عن الذات القومية إعلامياً، ثم تلتها مرحلة (التوعية) بقضية شعبنا والتي حققت جزءً كبيراً من الفائدة المرجوة منها نهاية القرن التاسع عشر وبداية القرن العشرين.. بعدها وصلنا إلى مرحلة (التوظيف) أي توظيف وسائل الإعلام القومية في التعبير عن معاناة شعبنا ومن ثم الترويج لتطلعاته المشروعة، وهي الفترة التي امتدت من بداية السبعينات وإلى نهاية التسعينات، أما المرحلة الرابعة (سأتحفظ على تسميتها) فهي المرحلة التي نعيشها اليوم مرحلة ما بعد التسعينات وتحديداً بعد عام 2003 وما يعتريها من فشل مؤسساتي وتخلف في الخطاب.
وبتصفح سريع لفهرس الوسائل الإعلامية القومية في الوطن نرى أنها تنحصر في المؤسسات الحزبية الرسمية وبعض الوسائط البديلة المحزبة والتي تختلف عن الأولى بالعنوان وتشابهها بالمحتوى، أما تلك الموجودة في دول المهجر فأن تأثيرها محدود وفاعليتها أقل.. وطبعاً فأنه من المعروف أكاديمياً في حقل الصحافة والإعلام أن كل ما هو حزبي هو مؤدلج وأن كل ما هو مؤدلج هو مسير وأن كل ما هو مسير يتبع حرفياً توجيهات القائمين على المؤسسة الإعلامية، ناهيك عن الإمكانيات المتواضعة والقدرات الضعيفة لوسائل الإعلام تلك.. ولسنا نقصد بالقدرات الضعيفة المادية منها فحسب، وهو الأمر الذي قد يجد له المرء مبرراً في بعض الأحيان، بل أننا نقصد أيضاً القدرات الكادرية من المحررين والفنيين ممن هم أما طارئين على حقل الصحافة والإعلام أو من المرتزقة اللاهثين خلف الربح الشخصي.. وهو الأمر الذي ينسحب على مختلف الوسائل الإعلامية المرئية والمطبوعة والمسموعة التي يمتلكها شعبنا ويتأمل من خلالها الدفع بقضيته نحو الأمام وتغيير واقعه إلى الأفضل!!، وهنا قد نستثني من ذلك الصحافة الألكترونية من خلال بعض مواقع الإنترنت الخاصة بشعبنا، حيث نراها تجاهد في تقديم مادة خبرية جيدة وتصارع للحفاظ على الحياد والموضوعية في صحافة الرأي التي تقدمها.
وإذا كان الإعلام يقوم على "تزويد الناس بأكبر قدر من المعلومات والحقائق الواضحة معتمداً على التنوير ونشر الأخبار التي ترفع من مستوى الناس وتحثهم على التعاون من أجل المصلحة العامة"، وإذا كان الخبرهو "بضاعة متطورة خاضعة للمنافسة فضلا عن كونه خدمة اجتماعية المستفيد الأول منها هو الجمهور".. فأين نحن من ذلك التنوير ورفع المستوى الثقافي للجمهور المتلقي لرسالتنا الإعلامية بغية دفعه للتعاون خدمة للمصلحة العامة لشعبنا؟!، وأين مؤسساتنا الإعلامية من فضائيات وصحف وإذاعات من تلك البضاعة التنافسية أو الخدمة الاجتماعية ليكون المستفيد الأول منها هو شعبنا وقضيته القومية؟!.. فنحن لا نرى اليوم في وسائلنا الإعلامية سوى عبارتي (زار) و (إستقبل) أو في أفضل الصياغات (إلتقى)، وما زلت غير مستوعب لمعنى هذه الاستقبالات التي يقوم بها حضرة النائب الفلاني أو تلك الزيارات التي يجريها معالي الوزير العلاني بالنسبة لنا كمتلقين للخبر الإعلامي أو حتى كمتابعين للشأن القومي.. أما التصريحات الصحفية للسادة المسؤولين من القيادات السياسية لشعبنا والتي تتناقلها وسائل الإعلام القومية فأنها أما أن تكون على شكل أحجية بحيث لا نأخذ منها لا حقاً ولا باطلاً من النوع الذي يقول عنه الفنان عادل إمام بأنها (بطيخة)، أو أن تأتي نارية تحرك أساطيل هوائية لتقاتل بجيوش محملة بأسلحة ورشاشات مائية لا علاقة لها بواقع اليوم سوى أنها قيلت (اليوم).. وإذا كان هذا هو مضمون الرسالة الإعلامية التي تبثها مؤسساتنا القومية فأن الشكل بات يشكل إحراجاً كبيراً لكل من هو محسوب على صحافة وإعلام شعبنا، حيث في عالم الصحافة الحرة والإعلام التفاعلي ومواقع التواصل الاجتماعي مازلنا نرى إصدارات مطبوعة تنشر في عدد واحد عشرات الصور التي تدور حول شخصية واحدة ضمن خبر إعلامي فقير المستوى، وما زلنا نتابع قنوات فضائية تصر على إيذاء ذوق المشاهد بعرض يمتد لأكثر من ساعة يتمحور حول نشاط ميداني عام لذات الشخصية.
فهل هناك وسائل إعلامية أكثر فشلاً من ما نملك؟!، وهل هناك خطاب إعلامي أكثر عوقاً من ما نروج له؟!.. الجواب عند من يعتقد أنه مخول بالإجابة!!.

53
لماذا على الحركة أن تؤيد الإصلاح في إقليم كردستان؟

جورج هسدو
g_hasado@yahoo.com
لا يمكن لأي من حكومات المنطقة أن تسد آذانها عن الإنصات للأصوات المنادية بالإصلاح وتحقيق الديمقراطية والرفاه الإقتصادي، كما لا يمكن لأي جهة تعتبر نفسها مشاركة في إدارة العملية السياسية بصورة مباشرة أو غير مباشرة أن تنأى بنفسها وتحاول تمرير فكرة أنها ليست معنية بتطورات الأحداث.. حيث أن المطالبة بتصحيح وتعديل المسارين السياسي والإقتصادي من خلال القيام بالإصلاحات العامة على مستوى أداء الحكومات لتطوير واقع الشعوب باتت إحدى أهم طموحات الجماهير، وعدم الإكتراث بها لا يعني فقط أن يتحول رقمها إلى صفر على الشمال بل يعني أيضاً أن تلك الجهات لا تكترث بمطالب الجماهير.. وهو ما ستدفع ثمنه لاحقاً من التأييد والمناصرة الشعبية التي تحتاجها وتسعى إليها في المحطات الإنتخابية في كسب الأصوات لضمان النجاح السياسي، كما أن باقي الجهات صاحبة المواقف والرأي الصريح إن موالاة أو معارضة ستتعامل معها وفق نظرية من ليس معي فهو ضدي.
اليوم هناك حراك جماهيري مدعوم سياسياً في إقليم كردستان ينادي برفض الواقع ويطالب الحكومة بحزمة إصلاحات، وبغض النظر عن رأينا بالقبول أو الرفض لما يتم تبنيه من آليات لتحقيق المطالب وطريقة وأسلوب الإحتجاج والإعتصام.. حيث ورغم تأييدنا لحق المواطنين بالتظاهر وأهمية الإسراع بالإصلاحات وتلبية حاجاتهم من جانب، فأننا من جانب آخر نعترض على طول فترة الإحتجاجات المقرونة بالإصرار على التصعيد الميداني الذي بات يوقع خسائر بشرية ويضر بمصالح المواطنين الخاصة والعامة إن في محافظة السليمانية أو في عموم إقليم كردستان.. عليه فأننا نرى بأهمية إعلان الحركة الديمقراطية الأشورية عن برنامجها السياسي أو على الأقل المشاركة بموقفها من مجريات الأحداث والمطالبات التي يشهدها الشارع الكردستاني، خاصة وانها تعتبر من أهم (إن لم تكن أهم) أطراف شعبنا السياسية العاملة في كردستان منذ زمن الكفاح المسلح ضد الدكتاتورية ولحد الآن.. ويمكن تلخيص ضرورة مساندة الحركة للإصلاح في إقليم كردستان بثلاث منطلقات رئيسية:
أولاً: المنطلق الوطني:
بما أن هناك دعوات ملحة للتخلص من العديد من الأمور السلبية التي يعاني منها المواطن الكردستاني وفي مقدمتها القضاء على الفساد وتحسين الخدمات وتخليص الأجهزة الأمنية من سطوة أحزاب السلطة والتي لا تنفيها حتى الحكومة، إضافة إلى إبعاد عملية الحصول على وظيفة والتمتع بحق التعيين عن الصراعات السياسية وضمان المساواة بين المواطنين بعيداً عن إنتماءاتهم الفكرية أو الحزبية.. وبالنظر إلى أن جماهير الحركة في كردستان هي جزء من عموم الشعب، فعليها إذاً أن تؤيد ذلك وتسعى لتحقيقه خدمة للصالح العام.
ثانياً: المنطلق القومي:
لأن حكومة إقليم كردستان لم تستطع لحد الآن أن تضمن تحقيق العدالة القومية لشعبنا أسوة بما يتمتع به الأخوة الكرد خاصة وأن شعبنا هنا يعتبر المكون الثاني لشعب الإقليم وشارك بفعالية في الثورات الكردية، وعلى سبيل المثال وليس الحصر.. معالجة مشكلة التجاوز على أراضي وقرى شعبنا التي تمتد أغلب جذورها إلى زمن النظام البائد، إضافة إلى ضمان التمثيل السياسي والإداري دستورياً وليس من خلال قرارات آنية محدودة المفعول، والإقرار بأحقية شعبنا في ممارسة حقه الشرعي بتشكيل إدارات خاصة في المناطق التي يشكل فيها كثافة سكانية.
ثالثاً: المنطلق الحزبي:
رغم أن الحركة هي التنظيم السياسي الوحيد الذي مثل شعبنا في الجبهة الكردستانية وشارك الأحزاب الكردية النضال ضد النظام الدكتاتوري، فأن حقوق أعضائه ما زالت مهضومة لحد يومنا هذا مقابل ضمان حقوق أعضاء الأحزاب والتنظيمات السياسية الكردستانية الأخرى.. وفي مقدمة هذه الحقوق التمتع بحق التقاعد للأعضاء والكوادر الحزبية الذي حصلت عليه باقي الأحزاب منذ زمن طويل بينما ما زال أعضاء الحركة ينتظرون تنفيذ الوعود التي ملوا من سماعها منذ سنوات، إلى جانب تخصيص ومنح قطع الأراضي السكنية لأفراد شرطة الحمايات الخاصة (الزيرفاني) حيث لحد الآن ينتظر منتسبوا الحركة إستلامها أسوة بأقرانهم في باقي الأحزاب، ونسبة المنح المالية المخصصة للأحزاب العاملة في إقليم كردستان، حيث هناك أحزاب أصغر وأقل جماهيرية وأخرى أقل عراقة من الحركة لكنها تحصل على منحة مالية أكثر مما هو مخصص للحركة وأحياناً بأضعاف.
وإذا كانت الحركة الديمقراطية الأشورية غير معنية بما يجري داخل برلمان إقليم كردستان من تجاذبات سياسية بين كتلتي الحكومة والمعارضة بسبب خيارها في حصر نفسها من خلال قائمة الرافدين في الموقع الوسطي لا مع الحكومة ولا مع المعارضة، فأنها اليوم مطالبة أكثر من أي وقت مضى باعادة النظر بفلسفة الحياد الإيجابي التي باتت لا تتلائم مع المرحلة الحالية وتحولت شيئاً فشيئاً إلى سياسة اللاموقف، كما أن عليها أن تلتفت أكثر لمعاناة المواطنين ومصالح أبناء شعبنا وحقوق رفاقها!!.

54
النائب خالص إيشوع.. وماذا إن لم تضع؟!.
جورج هسدو
g_hasado@yahoo.com
على خلفية ما تشهده بلدة برطلة من محاولات لتغيير واقعها الديمغرافي من خلال تخصيص أراضي شاسعة لبناء مجمعات سكنية عليها، قرأت قبل يومين تصريحاً للنائب خالص إيشوع يطالب فيه السلطات العراقية "بضرورة وضع حد للمشاكل التي يعاني منها أهالي سهل نينوى كالبطالة والسكن والتملك كي تستطيع مكونات هذه المنطقة التعايش بصورة سلمية".. السؤال المطروح هنا هو "وماذا إن لم تضع السلطات العراقية حداً لمثل هذه المشاكل؟، فهل سيكون لك أي وقفة أو رد فعل لإرغامها على الإلتفات لمعاناة أهالي منطقة سهل نينوى الذين انتخبوك لتعبر عن معاناتهم وطموحاتهم في مجلس النواب؟، وهل سيرتقي الأداء ويكون بمستوى القوة والطموح على الأقل في المسائل المفصلية والمصيرية التي تهم شعبنا؟".
سيدي العزيز.. حقيقة لقد شبعنا جميعاً من المطالبات المتواصلة على مدى سنوات دون أي فائدة في الوقت الذي شهدنا فيها تحقيق الكثير لباقي المكونات العراقية، وشجبنا واستنكرنا ورفعنا عقيرتنا مراراً ودبجنا البيانات تكراراً وطالبنا بـ (على الحكومة العراقية) و (مطلوب من مجلس النواب) و (ينبعي على مجلس المحافظة) و (إحنا ببخت رئيس الجمهورية) و (إحنا بشارب رئيس الإقليم) ولا من مجيب.. هل تعلم لماذا يا سيدي النائب؟، لأنهم جميعاً يدركون أن ردود أفعالنا لن ترتقي إلى المستوى الذي يحرجهم أو يجبرهم على الإنصات لمطالبنا، بدليل أن هناك العديد من القرى التي رفضت إقامة المشروع على أراضيها وهو ما يعني أنه قد تم إستشارة أهلها قبل تحديد الموقع، لكن مع شعبنا فأن الأمر مفروغ منه وليس هناك حاجة حتى للعلم.. والمضحك المبكي أن بعضنا يبادر إلى الدفاع عن قباحاتهم بحق شعبنا وخصوصياته والتي وصلت حد السخرية منا ومن مطالبنا خلف الكواليس والتبجح أمام الإعلام بأخوتنا وأصالتنا وشرعيتنا وغيرها من العبارات الرنانة التي لا تغني ولا تسمن، لتصل بنا القناعة إلى أن قضية شعبنا وطموحاته تنتهي عند كرسي البرلمان أو الحقيبة الوزارية أو حتى عند المنصب الإداري البسيط.
أستاذي المحترم.. نحن عندما نطالب بالدفع باتجاه مواقف وأفعال أقوى وأكثر حزماً لا نعني إطلاقاً السماح بإثارة النعرات وضرب التعايش الودي الذي هو المعيار الحقيقي لمواطنتنا وأخوتنا مع باقي المكونات، كما أننا لا نبرر لممارسة العنف في التعبير عن أهدافنا المشروعة.. بل اننا نطالب بتشجيع الجماهير وتحريكها لتؤدي دورها المطلوب في الثبات على مواقف شعبنا الوطنية والقومية والإصرار عل كامل حقنا الدستوري والمعنوي في الوطن، حيث اليوم هناك نظرية واحدة فقط تخيف الحكام والسلطات ألا وهي نظرية "الشارع المنتفض".. كما أني لست هنا في موقع إنتقادك بقدر ما أنا في موقع المدافع عن مصالح شعبنا التي فرطنا بها نحن قبل أن يهملها الآخرون، ولن أزايد وأعطي نفسي الحق في مطالبتك بمواقف وإجراءات ربما أنا نفسي ما كنت سأستطيع أن أتخذها لو كنت مكانك.. لكن في أضعف الإيمان إذا لم تكن لنا القدرة على الأفعال فلنترك الأقوال جانباً ونتحفظ على التصريحات، وقد تتفق معي أنه علينا أن لا نتسابق في التبرير لسلطة فاسدة وطائفية بحجة أننا مشاركون فيها.. أو أن نتبرأ حتى من المظاهرات العفوية التي لا يتجاوز عدد المشاركين فيها العشرات ونعلن عدم تأييدنا لها وأنها لا تعبر عن رأينا، ولا أدري من الذي سأل أصلاً عن (رأينا) في الموضوع، أم أننا نقوم بخطوة إستباقية عسى أن تضمن لنا المزيد من المكاسب أو.. الكراسي؟؟!!.
قبل أن أختم هذه المقالة أرغب بذكر حكمة قرأتها قبل فترة، إذ تقول (يا رب أعطني الشجاعة لتغيير ما يمكن تغييره.. وأعطني الصبر لتقبل ما لا يمكن تغييره.. وأعطني الحكمة للتمييز بين الاثنين).

55
هل ستنجح تنظيمات شعبنا في إجتياز الاختبار..؟؟

جورج هسدو
g_hasado@yahoo.com
رغم كل ما يمكن أن يواجهه الجهد القومي المشترك الذي تقوم به تنظيمات شعبنا من معوقات وتأثيرات خارجية وداخلية، يبقى إيماننا مستمراً بحتمية العمل الجماعي الذي اقتنعنا جميعاً بأنه قد يكون المخرج المتبقي لأزماتنا.. لكن في المقابل فأنه رغم كل التأكيدات على الإصرار على التواصل في الفعل المشترك بين التنظيمات، تبقى تساورنا الشكوك باحتمالية فشله وتراجعه في إطار ما بات يصلنا من مؤشرات سلبية بين الفينة والأخرى.. ولن نكون من الناظرين لنصف الكأس الفارغة إذا أشرنا إلى أن الإلتقاء والاتفاق بين تنظيمات شعبنا السياسية جاء عرضياً ومن غير أي تحضير مسبق.. ومن المنظور العلمي في تقييم أي جهد أو فعل يكون ناتج عن رد الفعل ويفتقر إلى التهيئة والدراسة التحليلية فأنه من الوارد والمتوقع أن يشهد فشلاً عند أي اختبار حقيقي يواجهه.
اليوم وبعد أشهر قليلة من الاتفاق المتواصل بدأت تباشير الخلاف تطرأ على طروحات تنظيمات شعبنا في تعاملها مع الملفات المطروحة، وهو ما لم نكن نتمناه رغم أننا كنا نتوقع حصوله في مرحلة ما عند مواجهة نقاط الخلاف المرحلة مؤقتاً.. وتوقعنا هذا ناتج عن رؤيتنا الواقعية لمديات الخلاف التي تشهدها طروحات هذه التنظيمات وخاصة غير الملتقية منها على أسس العمل السياسي القومي والوطني، أو حتى توجهها الفكري في ما يخص قضية شعبنا باطارها العام.. وما زاد من توقعنا بامكانية الوصول سريعاً إلى نقطة الخلاف هو الإسراع بتبرير ركن مسألة المطالبة بمشروع المحافظة على جنب، وتركيز الجهود على أمور ثانوية كالتهيئة للاحتفال بعيد أكيتو أو التحضير لانتخابات مجالس المحافظات المتوقع إجرائها قريباً؟!.
طبعاً نحن لا نقلل من أهمية التوافق المعنوي للتعبير عن مناسباتنا القومية العامة، ولا نعارض إطلاقاً الاشتراك في قائمة واحدة في الانتخابات، لكن علينا أن لا ننسى أن العامل المشترك الأكبر هو مشروعنا الوطني والقومي في سهل نينوى.. شخصياً أتخوف من التمادي والاسراع في الخوض في التفاصيل التي نحن على يقين بأن نسبة الخلاف فيها أكثر من نسبة الاتفاق "فالشيطان دائماً يكمن في التفاصيل"، كما أشك بأن الإستعداد للتنازل بين بعضها على المكاسب الخاصة أًمر وارد.. فأنه ليس بسر إذا قلنا أن تنظيمات شعبنا أصبحت نسخة مصغرة عن النموذج الأكبر الذي نشهده في عراق اليوم، وأنها تواجه مشاكل وصعوبات حتى بين أعضاء التنظيم الواحد عند اختيار المرشحين وتوزيع المناصب، فكيف سنقتنع بأنها ستكون مستعدة للتنازل عن طموحاتها ومكاسبها لبعضها البعض؟!.
وهنا نقول.. الجهد المشترك والعمل الجماعي الذي يهم شعبنا ليس الاتفاق لتمشية التوجهات والخصوصيات الفؤية فحسب، بل للثبات على تحقيق مصالح وإستحقاقات شعبنا في الوطن وفي المقدمة منها مشروع محافظة سهل نينوى.. فمن كان صادقاً في سعيه عليه أن يبادر إلى التضحية والتنازل، أما من كان يحاول أن يستغل هذا الجهد كمطية لتمرير مشاريعه الخاصة فيجب أن يلفظ خارجه بأسرع ما يمكن حتى لا يتحول إلى مرض يستشري في باقي الجسد السليم.. فيا تنظيمات شعبنا المتفقة أنتم أمام أكثر من اختبار في قادم الأيام، فهل ستتجاوزوها أم لا سامح الله ستفشلون وتعودون بأنفسكم وبنا إلى المربع الأول؟؟، لكن إحذروا لأن هذه المرة لن يكون هناك مربع أصلاً حيث أضلاعه ستتفرق ومحتوياته ستتناثر.

56
قادة جموع الـ "نعم" في مواجهة اللاءات المتصاعدة

جورج هسدو
g_hasado@yahoo.com
برزت ظاهرة الرأي والرأي الآخر بشكلها الحديث في المجتمعات المشرقية بعد نهاية الحرب العالمية الأولى وظهور ما اصطلح عليه سياسياً بالدول العصرية، حيث تم القضاء على النظام القديم المتأسس أصلاً على تبني زعامات دينية وعشائرية لإدارة شؤون العامة.. وإستطاعت بلدان المنطقة برعاية ومساندة من قوى الإستعمار من التهيئة لنواة دولة المؤسسات القائمة على الفصل بين السلطات وإنعاش الحياة المدنية، إضافة إلى تشجيع النشاط السياسي المرتكز على نظرية التصارع السلمي بين الحكومة والمعارضة.. وبدأ الأمر شيئاً فشيئاً يسير بالإتجاه الصحيح لبناء دولة المواطنة والإندماج الإجتماعي المتبنية للممارسات الديمقراطية في تعاملها مع الجماهير، ولم يكن هناك ما يعكر صفو النظام الجديد سوى تمادي المستعمر أحياناً في الإصرار على مصالحه الذاتية دون الإلتفات لمصلحة الدول والشعوب المستعمرة.. وسرعان ما إستطاعت حركات عسكرية رافضة وطامعة بالسلطة أكثر منها ساعية لخلاص الشعوب من ظلم المحتل والحكام (العملاء) من قلب الموازين والسلبطة على الحكم، فتوالت الإنقلابات العسكرية في معظم بلدان المنطقة ونجحت في أن تزيح الأنظمة السابقة بالحديد والنار وتستلم زمام الأمور.. وهو ما أدى إلى نشوء سلطة حاكم عسكري تربى على خلفية التعامل مع الأفكار والآراء باعتبارها أوامر فوقية غير قابلة للنقاش، حيث عندها تم القضاء نهائياً على ما تأسس قبله من إحترام الآراء وتقبلها باعتبارها قضية إختلاف وليس خلاف.
اليوم وبعد عقود من محاولات التشبث بالسلطة والبقاء في أعلى الهرم وما تخللتها من جرائم قمع وتصفية المعارضين بشتى الأساليب نرى إنصياع الحكام للرأي المخالف، والذي أيضاً لم يخلو من اللجوء إلى القوة في مواجهة الحاكم المستبد ومحاولة إسقاطه.. لكن هذا الإنصياع أما أنه يأتي متأخراً بحيث لا ترتجى منه أي فائدة عملية في الإبقاء على مفهوم إحترام الآراء، أو أن يكون بطريقة الغالب والمغلوب الذي يسارع إلى ترك الحلبة (إذا لم يكن الملعب برمته) بعد السقوط بالضربة القاضية.. كما أنه ما زلنا نشاهد يومياً تكرار تجربة القائد الذي يتعاطى مع من حوله وفق مبدأ من ليس معي فهو ضدي ومن لا يعلن ولائه في كل الظروف والأحوال فهو مهزوز لا يمكن الإعتماد عليه، أما من يجاهر بمعارضته علانية فهو الشيطان الرجيم بعينه والذي يجب إحراقه في نار جهنم وبئس المصير.. عليه نرى القادة المتأثرين بالفكر القديم في إدارة المجتمعات (وهم كثر والحمد لله) يتبنون ويشيدون ويسبغون النعم على من يحافظ على قول الـ نعم وعدم المعارضة، ويتركون ويحاربون ويبعدون كل من يجرؤ على المجاهرة بالـ لا.. وهم بهذا يصبحون حكام وقادة جزء من مواطنيهم والمنتمين لمؤسساتهم التي شطروها هم أنفسهم على خلفية من هو معي ومن هو ضدي، وهو الأمر الذي سيحتم على الجزء الآخر رفض القائد والمطالبة بتغييره (وأحياناً حتى برأسه) لأنه لم يعد يمثله أو يثق به.
وما يزيد من مأساة الواقع المؤلم الذي نعيشه هو سريان هذه المفاهيم وإستنساخ هذه التجارب وتكرار نماذجها في أغلب مفاصل الدولة بدءً من مؤسسة الحكومة ومروراً بالمؤسسات السياسية والدينية وإنتهاءً بمؤسسات المجتمع المدني في العلم الثالث.. بحيث ما أن يستلم الحاكم بأمر الله القيادة حتى يبدأ بالتفكير بكيفية الإستمرار بها وعدم تسليمها، وتبدأ معه جميع ممارسات الترويض بحق المتعاملين معه ترغيباً أو ترهيباً ويتم إختزال كامل المؤسسة بشخصه هو بحيث يُفهم الجميع أن بقاء المؤسسة ببقائه وزوالها من زواله.. ولم نرى أو نسمع طوال تاريخ المنطقة الحديث تناوب القيادة إلا باقصاء الما قبل أو على الأقل بانهائه عملياً والحكم عليه بالموت السريري، ، أو في أفضل التخريجات وبعد عمر مديد يتم التحضير لتقبل التوريث للأبناء أو لأولاد الأخ أو حتى الأخت كأحد الحلول المسموح بها.. لكن مؤخراً أصبحنا نثق أكثر بنجاح جموع الجماهير الرافضة قبل قوى المعارضة التقليدية في القيام بثورات حقيقية نابعة من رحم الفقر والحرمان والمعاناة والإستعباد ضد الدكتاتورية والطغيان، ثورات تراق فيها الدماء الزكية لتعيد الحق المغتصب لأصحابه وتذهب بالقائد الأوحد لمزبلة التاريخ.

57
ثورات ثلاثية الأبعاد

جورج هسدو
g_hasado@yahoo.com
لم تعد هناك أي بقعة في شرقنا الأوسطي في مأمن عن شرارة الثورات المندلعة والداعية إلى التغيير في أنظمة الحكم وتحقيق الأفضل للشعوب الجائعة والمقموعة، حيث بات من الواضح أن هذه الثورات ستمتد تداعياتها لتصل أقاصي المنطقة وستجتاح تقريباً الدول والأنظمة جميعاً.. نعم جميعاً بشكل أو بآخر، لأنه ليس هناك ولا منظومة من منظومات المنطقة ترتكز على أساس متين ومنهجية علمية في إدارتها لبنيتيها السياسية والإقتصادية، ناهيك عن ما دأبت على ممارسته من فنون الغش والخداع بحق مواطنيها لا تعدو أن تكون في أحسن الأحوال ذر الرماد في العيون.. وإذا كانت ملامح الرفض والتغيير ستتأخر بعض الشيء عن الظهور في المنظومات المستقرة نسبياً والتي تتمتع بهامش من الحريات والإستقرار الإقتصادي، فأنها وبلا أدنى شك ستجتاح سريعاً الأنظمة الشمولية الأوتوقراطية لتطيح بالأخضر قبل اليابس معلنة عن بروز واقع جديد مقروناً بالأمل لمستقبل أفضل.. عليه فأنه من الطبيعي أن يكون لهذه الثورات ثلاثة أبعاد (محلي، إقليمي، دولي) تلتقي في الرؤية العامة وتتقاطع في التفاصيل والدوافع ولتتكاتف في النهاية معلنة عن بدء عصر جديد تكون الكلمة فيه للشعوب وليس للحكام، حيث عندها من المرجح أن تمر هذه الثورات بأكثر من مرحلة يمكن إختصارها في:
* مرحلة رفض الواقع:
وهي المرحلة التي ينتفض فيها عامة الشعب لحريته وكرامته وقوته بعد عقود من القمع والحرمان أرهقت كاهله وإستنزفت طاقته، فتنطلق الجموع غير مبالية لا بالموت ولا بالإعتقال معبرة عن رفضها لواقعها المرير إن بعفوية أو بترتيب وتنسيق مسبقين.. وعاجلاً أم آجلاً يتحقق لها ما تصبو إليه من تغيير وتزداد ثقتها بنفسها وتتطور مطالبها وتنتقل شيئاً فشيئاً من الدور المنفذ لدور المخطط، حينها تبدأ بفرض آرائها ورؤاها حتى على من يستلم دفة القيادة من الشخصيات العامة والسياسيين المحترفين والذين لن يخاطروا هذه المرة بمواجهة الجموع الغاضبة.
* مرحلة ترميم البيت:
بعد تحقيق الفوز والتخلص من طغيان السلطة وعبور نشوة الإنتصار سيلتفت الشعب إلى العمل على تغيير جميع الأسس التي كان يقوم عليها النظام السابق، وسيبادر إلى ترميم الوطن وتنقية أجوائه من الشوائب والملوثات التي أدت إلى إنكفائه وتخلفه على المستويين السياسي والإقتصادي.. وسيتم العمل على تحقيق تعديلات قانونية ودستورية وتصحيح مسار النشاط العام بما يضمن العدل الإجتماعي والمساواة الطبقية والرفاه الإقتصادي، لتبدأ بعدها عملية تغيير كل قديم إلى آخر جديد يتلائم ومتطلبات العصر من حيث الجوهر والمظهر.
* مرحلة البحث عن الذات:
بعد تخطي المرحلتين الأوليتين من المرجح أن تندفع فئات من الشعب للبحث عن ذاتها وهوياتها المختلفة (عرقياً، دينياً، قبلياً، طائفياً، جغرافياً) في محاولة للحفاظ على الخصوصية وديمومة النوع، وهو ما سيتيح لها تقرير مصيرها أو مزاولة مواطنتها بالشكل الذي ترتأيه.. وليس بالضرورة أن تشهد تلك البلدان إنشطارات تؤدي إلى تجزئة الوطن الواحد، بل يمكن إذا ما توفر النضج السياسي والتفهم العقلاني للآخر أن يتم تبني نظريات محددة للحفاظ على الخصوصية ووحدة الوطن معاً كاستحداث الأقاليم والمحافظات اللامركزية وغيرها من أشكال الإدارة الذاتية.

58
المداخلة التي لم يسمح بها وقت البرنامج

جورج هسدو
g_hasado@yahoo.com
قبل أيام تم إستضافتنا مع أخوة كرام آخرون من قبل قناة الحرة – عراق في برنامج (بالعراقي) لتناول موضوع إستحداث محافظة لشعبنا وباقي المكونات المتعايشة معه في سهل نينوى، حيث كان العرض الأول للحلقة في تمام الساعة التاسعة من مساء يوم الإثنين الموافق 14/2/2011.. ونحن وفي الوقت الذي نتقدم فيه بشكرنا وتقديرنا للقناة على إلتفاتتها لقضايا المكونات العراقية الصغيرة نرغب بالتعليق على بعض الأمور الجانبية والتي برأينا ستزيد من قوة البرنامج، كما سننتهز الفرصة لتوضيح نقطة أو إثنتين لم يسمح بها وقت الحلقة بعد أن أثيرت في القسم الأخير منها وذلك لضرورتها الإيضاحية.. وبالرغم من بعض تحفظاتنا على أسلوب وآلية طرح الموضوع وحتى عينة الضيوف وخلفياتهم الفكرية وإنتمائهم المؤسساتي والتي عكست نوعاً من عدم التوازن والعدالة، يبقى أن شعبنا هو أحوج ما يكون لهكذا مساحات ضمن المادة الإعلامية للقنوات الفضائية العراقية والعربية والأجنبية للتعبير عن رسالته الوطنية والقومية.
أولاً: نعتقد أن وقت برنامج بالعراقي (ساعة واحدة) غير كافي لتوضيح وجهات النظر لأربعة مشاركين خاصة عندما يكون موضوع النقاش فكري وليس فني، وإذا ما إستثنينا الفترات الإعلانية فأن الوقت المتبقي للضيوف سيكون (50) دقيقة مقسمة على أربعة اشخاص وفي أربعة أجزاء، لذا يفضل إما أن يقلل من عدد الضيوف أو أن يزاد من وقت الحلقة.. ثانياً: أن يتم مراعاة التوازن العددي للأشخاص المداخلين وأن لا يكون العدد على حساب فكرة معينة ولصالح الفكرة الأخرى، وحتى من الممكن إيجاد حلول بديلة كأن يمثل أحد الضيوف الرأي الوسطي غير المنحاز لأي من الرأيين المتناظرين.. ثالثاً: على مقدم البرنامج أن يبقى ضمن الإطار العام للموضوع المطروح ولا يتنقل بين مواضيع مختلفة بعيدة الصلة عن جوهر المادة المخصصة للحلقة خاصة وكما قلنا أن وقت البرنامج محدد، كما عليه أن يطالب السادة الضيوف بحصر مداخلاتهم بالقضية المطروحة ولا يسمح لهم بالخروج عن إطارها العام أو التنطط بين قضايا مختلفة.
لنعد إلى صلب موضوع المقال ألا وهو، ما هي المداخلة التي لم يسمح بها وقت البرنامج والتي طرحت في الجزء الأخيرمن الحلقة؟، والتي كانت تعليقاً من الدكتور تحسين الشيخلي مستشار وزارة الدولة الناطقة بأسم الحكومة على ما طرح من قبلنا من أن المسيحيين يشعرون بأنهم لا يتمتعون بمواطنة كاملة وأنهم يعاملون كأنهم غير كاملوا الأهلية.. حيث رفض أن يكون هناك أي إنتقاص من مواطنة المسيحي معتبراً أن مثل هكذا كلام هو إسقاط على مجموعة من المواطنين العراقيين، وهو تعبير يستخدمه السياسيون الغاية منه توفير عقل جمعي للتعبئة باتجاه مشروع ذو أبعاد سياسية هو بالأصل مرفوض "بحسب تعبيره".. وعندما حان دورنا بالمداخلة وبعد أن أجبنا على سؤال مقدم البرنامج كنا قد حضرنا للرد على إتهامات الدكتور الشيخلي، لكن تفاجأنا بمقاطعتنا من قبل مقدم البرنامج ليعلن أن وقت الحلقة قد إنتهى ولا مجال لمزيد من المداخلات، ولم يكن أمامنا إلا أن اعترضنا على هضم حقنا في الإجابة.
أما المداخلة فكانت تتمحور على نقطة واحدة وهي أن مسبب الشعور بنقص المواطنة متولد أصلا من ممارسات الدولة العراقية أو من يمثلها في الرئاسة والحكومة والبرلمان، وليس بسبب العمليات الإرهابية والتي في أسوأ الأحوال لن تتسبب إلا في الضرر الجسدي والمادي بمقتل أو هجرة المواطنين.. وإذا قفزنا على كل الممارسات اليومية التي تنتقص من حق المواطن المسيحي باعتباره مساوٍ لأخيه المسلم والتي يقوم بها أفراد يديرون ويمثلون مؤسسات وأجهزة الدولة، وإذا تجاوزنا التعالي والتمييز القومي الذي يعاني منه شعبنا من الساسة والقادة العنصريين للقوميات التي تسمى بالكبيرة.. فأنه لا يمكن لنا إلا أن نتوقف عند هذه النقاط التي برأينا تعكس بشكل واضح ما قصدناه من أسباب الشعور بنقص المواطنة المتولد لدى الأقليات الدينية والقومية عموماً وأبناء شعبنا بشكل خاص، متأملين أن يتكرم علينا السيد المستشار ويطلع على هذه السطور ليجيبنا على هذه التساؤلات:
* بماذا يمكن أن يشعر المواطن المسيحي سليل الحضارات العريقة من السومرية والأكدية والبابلية والأشورية عندما يُستكثر عليه ذكر مسمياته التاريخية هذه في ديباجة الدستور العراقي؟!.
* بماذا يمكن أن يشعر المسيحي عندما يمنع عليه ذكر تظلماته والكوارث التي تعرض لها في أول عملية تطهير عرقي يشهدها العراق إثر مذبحة سميل في الوقت الذي ذكرت فيه حتى عمليات القتل الفردي والإستهداف لجميع مكونات الشعب العراقي، وفي ديباجة الدستور أيضاً؟!.
* بماذا يمكن أن يشعر أبناء شعبنا وهم يتابعون إصرار الساسة العراقيين عل تقسيم شعبنا في الدستور رغم المطالبات المتكررة من ممثليه في البرلمان على أحقية توحيد التسمية أو على الأقل عدم فصلها بواوات؟!.
* بماذا يمكن أن يشعر المسيحي وهو يعاني من العديد من بنود الأحوال الشخصية المتبعة في القضاء والمحاكم العراقية والتي تنتقص من إنتمائه الديني والإجتماعي، وعلى سبيل المثال وليس الحصر السماح للمسلم الزواج بمسيحية بينما يمنع على المسيحي الزواج من مسلمة في دولة تدعي أنها عصرية وتتبنى المنهج الديمقراطي؟!.
* بماذا يمكن لأبناء شعبنا أن يشعروا وهم يراقبوا الأحزاب الكبيرة تحتكر التمثيل في المفوضية العليا المستقلة للانتخابات وتستبعد تمثيل شعبنا فيها رغم وجود نص قانوني يقول بضرورة تمثيل جميع مكونات الشعب العراقي في مجلس المفوضية؟!.
* بماذا يمكن أن يشعر الناخب المسيحي وهو يتحمل المشقات أسوة بباقي العراقيين للتصويت لقوائمه في انتخابات مجلس النواب 2005 مستقتلاً للفوز بمقعد يتيم من خلال قائمة الرافدين، ليتفاجأ وليفجع بأن حكومة المالكي الأولى قد قررت تخويل كتلة التحالف الكردستاني بتسمية ممثل الوزارة المسيحي، وذلك في ترتيب وتوافق سياسي مقيت بين الكتل الكبيرة؟!.
* بماذا يمكن أن يشعر شعبنا وهو يستمع ليل نهار إلى تباكي الزعماء السياسيين في العراق على ما يصيبه من إستهداف وقتل، وتأكيدهم على أصالته وعراقته متخوفين من الأجندات التي تستهدف وجوده في الوطن، بينما يصر السيد رئيس الوزراء على التعامل معه رقمياً وورقياً في مسألة الإستحقاق الوزاري الأخير؟!.
فلم يبقى سوى الإعتراض على حق شعبنا في تبني خياراته المشروعة وممارسة حقوقه الدستورية ورفض مشروعه الوطني والقومي للحفاظ على ما تبقى من وجوده في أرض الأباء والأجداد والوقوف بالضد من رغبته باستحداث محافظة له ولباقي المكونات في سهل نينوى، ليشعر بأنه مواطن من الدرجة الأولى وأنه كامل الأهلية في التصرف بقراراته!!.. إذاً يا سيدي المستشار لست أنا من ينقص المسحيين مواطنتهم بل هي ممارساتكم وأفعالكم وتمييزكم الديني وتعاليكم القومي وتهافتكم على المناصب هي التي حولتنا إلى مواطنين من الدرجة الثانية، أو على الأقل لندع الحكم للقرآء الكرام، وعذراً هذه المرة على الإطالة.

59
في حارتنا ديكٌ.. إنقلب إلى دجاجة!!

جورج هسدو
g_hasado@yahoo.com
رغم كل ما قيل ويقال عن الحكام المستبدين الذين يمتهنون كرامة شعوبهم ويتلاعبون بمقدرات بلدانهم ويتشبثون بالسلطة مهما كلفهم ذلك من أموال وأرواح، ورغم كل ما أشيد بحركات الشعوب وإنتفاضتها لكرامتها ورزقها ومطالبتها الشرعية بالتغيير والإصلاح بعد طول إنتظار.. يبقى أن ما يجرى في دول المنطقة اليوم يعد إنعطافاً محورياً وسابقة تاريخية تتم لأول مرة، حيث لم تشهد الدول العربية سابقاً سوى الإنقلابات العسكرية أو الهبّات الشعبية التي سميت إن خطأً أو تزويقاً بالثورات، وأن الأمر لم يعد يقتصر على بلد معين دون غيره فالكل مهدد بالإصابة بعدوى التغيير إن عاجلاً أم آجلاً.. وقد يختلف المعيار الزمني بحيث يصيب الأقل ترشيحاً أولاً، لكن برأينا المتواضع ومن خلال متابعتنا المتواصلة لمجريات الأحداث فأنه من الصعب أن نشهد إنتفاضتين في آن واحد، أي سوف تشهد كل بقعة سيناريو مضاف ومختلف بجزئياته عن سابقتها مع الإحتفاظ بالعامل المشترك وهو المطالبة بالتغيير.
من ناحية ثانية نرى بأن المطالبة بالتغيير لن تقتصر على الدول فقط، بل ستتطور مع تطور ثقة الجماهير بقدرتها وستطال شيئاً فشيئاً الإدارات الأصغر وحتى المؤسسات المدنية والأحزاب السياسية، فالحال هو واحد في معظم التجارب، فئة صغيرة إنتهازية ومستنفعة تحتكر القرار وتتسلط على المنافع العامة ولا تعير إهتماماً للمطالبات المتكررة بالإصلاح.. وإذا ما إستمر الحال على ما هو عليه في إقليمنا المشرقي وبقيت النخب الحاكمة بعيدة عن نبض الشارع وغير مبالية بمطالبه في القيام بالإصلاحات السياسية وتحسين أوضاعه الإقتصادية، فأننا سنشهد أكثر من فرار أو تنحي رئيس دولة.. إذ قد نرى أيضاً محاكمة وسجن رؤساء وقادة هذا إذا لم يتطور الأمر ليصل إلى سحلهم في الشوارع وتصفية بطانتهم، أو المطالبة بإعدام كل من شارك في قمع الجماهير أو الإغتناء على حسابها وهنا لن يوجد إستثناء حتى لأفراد العائلة الحاكمة.
أما ما يروج من قبل مناصري الأنظمة الحاكمة عن وجود أجندات خارجية ودور أجنبي في ما يحصل فأنه الغباء بعينه، إذ ما هو الفرق عند المتابع وهو يشاهد الملايين تخرج للعلن وتلعن رأس النظام أن يكون محركهم داخلي أو خارجي؟!، وما يعني لمن ذاق الأمرين وتلظى بنار الحرمان لعقود طوال أن يتم تغيير واقعه المزري إلى آخر أفضل يضمن له العيش الكريم أن يكون بأيادي خارجية أو بأقدام داخلية؟!.. كما أن ما يتم من ترويع للعموم من أن زوال النظام الشمولي الموجود سيؤدي إلى إعتلاء نظام يميني للسلطة مما سيخلق نوع من الإنحسار في الحريات الفردية وتضييق الخناق على تياري الوسط واليسار فهو الإفلاس ولاشيء غيره، فمن يريد أن يقنع نظام أكد بلمس اليد بأنه عبارة عن مزيج من الدكتاتورية والفساد بأن المستقبل غير المنظور سيكون أسوأ؟!.. أو كيف يمكن لعاقل أن يقتنع أن القادم سيكون حكراً لجهة واحدة مهما كانت تمتلك من مقومات النزاهة والتأييد في الوقت الذي إن عبرت فيه الجماهير المنتفضة عن شيء فهو رفضها للإحتكار والتشبث بالسلطة؟!.
وأنا أتابع ما يجري الآن في مصر وقبلها في تونس وما أتوقعه أن يحصل قريباً في لبنان وسوريا واليمن أو لاحقاً في ليبيا والجزائر والسودان وبتوقع أقل السعودية والأردن والكويت، تذكرت قصيدة (الديك) للكبير الراحل نزار قباني، حيث يقول في مطلعها:
في حارتنا ديكٌ ساديٌ سفاح
ينتف ريش دجاج الحارة كل صباح
ينقرهن.. يطاردهن.. يضاجعهن.. ويهجرهن
ولا يتذكر أسماء الصيصان

ويقيناً أنها كانت تعبر عن رفض شاعرنا المبدع لممارسات الحكام المستبدين، وقد يكون يقصد بها أحدهم بعينه، أما أنا فسمحت لنفسي بأن أتصرف بنقلها بعد الذي يحدث الآن، وأقول:
في حارتنا ديكٌ إنقلب إلى دجاجة
يخاف أن يخرج من وكره حتى لقضاء حاجة
يتذاكى.. يتباكى.. حيران مهان
بعد أن نتفت ريشه الصيصان


60
حراك القيادات السياسية لشعبنا.. خطوة إلى الأمام.. مكانك راوح!!

جورج هسدو
g_hasado@yahoo.com
يتفق المهتمون بالشأن القومي لشعبنا أن الطرح الحالي بخصوص إستحداث محافظة لشعبنا وباقي الأقليات في سهل نينوى قد يشكل الفرصة الأخيرة للحفاظ على ما تبقى من وجودنا القومي والديني في الوطن، وهو بالنتيجة الطرح الأنسب في ظل الظروف الموضوعية المحيطة وقياساً بالإمكانات الذاتية المتاحة.. ويؤكد المتابعون لمسار أداء القيادات السياسية لشعبنا وصوله إلى النقطة التي تأملها وإنتظرها الجميع، ألا وهي الإتفاق العام على تغليب المصلحة العليا على المصالح الأخرى، والإلتقاء على طاولة حوار تضم جميع الأطراف دون إستثناء لفتح باب حوار حضاري شفاف ينبذ المفرقات ويركز على المشتركات.. ويعرف أبناء شعبنا أن مشروع المحافظة سيضمن لهم القدر المعقول من ممارسة حقوقهم الإدارية والإجتماعية المسلوبة، لكن هذه الحقوق لن ترى النور بدون دعم الواجهات السياسية وتثقيف المرجعيات الدينية لقبول الآخر والتعامل معه على أساس المواطنة الطبيعية.. ويدرك المعنيون من السياسيين وقادة الأحزاب أنفسهم أنه من المستحيل تحقيق المطلب بلا ضمانات حكومية، وأن أنجع وأقصر طريق لتنفيذه هو من خلال وضعه على المسار الصحيح ضمن برنامج رسمي يبدأ من الهيئة التشريعية (البرلمان) وينتهي عند الهيئة التنفيذية (الحكومة) مروراً بالهيئات القانونية ذات الصلاحيات الإتحادية.
لكن حالة من القلق باتت تنتاب أبناء شعبنا من المراقبين للشأن القومي بسبب الخطوات المتثاقلة التي تسير بها القيادات السياسية المعنية بتحقيق المشروع، كما أن التركيز والعمل على عدد من المواضيع الثانوية ذات الصلة غير المباشرة بالموضوع بدأت تقلل من حماس الداعمين للمطلب وتأخذهم بعيداً عن التناقض الرئيسي.. فالفترة الفاصلة بين حادث إقتحام كنيسة سيدة النجاة (السبب الرئيسي للقاء الأحزاب) وبين إجتماع القادة السياسيين لإقرار المذكرة الرسمية والتي أمتدت لأكثر من شهرين تعد فترة طويلة نسبياً، وعدم تقديم المذكرة للجهات المعنية رغم مرور شهر آخر تقريباً على الإنتهاء من صياغتها والإتفاق على مضامينها يعتبر أمراً غير مبرر.. أما الإلتهاء بتسمية لجان لمتابعة مواضيع الأراضي المتجاوز عليها والتي تعود حيثياتها لقرابة العقدين من الزمان، والحديث عن قرار حكومة إقليم كردستان بتسوية الأراضي الزراعية وإقتراح معالجات بصدده يعد إبتعاداً عن جوهر القضية.. ولا ندري ما الذي يعيق القادة السياسيين لعدم تمكنهم من لقاء الرئاسات الثلاث لحد الآن، وتقديم المذكرة رسمياً لهم؟!، هل هو بسبب عدم توفر رؤساء الجمهورية والحكومة والبرلمان في مكاتبهم، أم بسبب إنشغال المعنيين بجولات خارجية ذات طابع بروتوكولي أو القيام بزيارات داخلية دعائية معلومة الغرض؟؟!!.
قلناها سابقاً ونكررها، إن عامل الزمن يعتبر من أقوى عوامل التأثير في إنجاح مشروع المحافظة أو فشله، والمراهنة عليه يحصل من الطرف الرافض للمشروع قبل الداعم والمطالب به، كما أن شعبنا ما يزال فاقد الأمل وهو مستمر بترك الوطن والهجرة إلى المنافي.. ولن يخرجه من حالة اليأس التي يعيشها أو يوقف نزيف الهجرة التي يعانيها منذ سنوات طوال إلا خطوات ميدانية ومنجزات فعلية يتم تحقيقها على أرض الواقع، حتى تعود ثقته بنفسه أولاً وبالوطن ثانياً وبقياداته السياسية ومشروعه القومي ثالثاً.. فهل ستعي قيادات شعبنا هذا الأمر وتسرع من حراكها السياسي لنقل الطرح ثم المشروع من خانة الترتيبات النظرية لخانة التطبيقات العملية، أم علينا أن نتعرض لسيدة نجاة أخرى (لا سامح الله) لتخلصنا من الخمول وتسرع من مساعي السياسيين؟؟!!.

61
لا ثقة بحكومة يسيطر عليها إسلاميون
ولا ضمانة مع رئيس تحاصره التوافقية

جورج هسدو
g_hasado@yahoo.com
كلما حاول شعبنا أن يلقي الماضي المظلم خلف ظهره ويتطلع إلى مستقبل مشرق يتعايش فيه مع بقية العراقيين في وطن خال من الإنقسامات والصراعات، يتفاجأ بحادث يعكر حاضره الضبابي ويعيده إلى المربع الأول.. فبعد أن استبشرت أوساط شعبنا خيراً بمواقف الساسة العراقيين الأخيرة على خلفية المجزرة التي أرتكبت في كنيسة سيدة النجاة، يعود أبطال العراق الجديد ليثبتوا لنا أن ذلك لم يكن سوى تعاطفاً إعلامياً.. وأن ما تمنيناه من تغيير في عقلية الآخر "الأكبر والأكثر" مع شعبنا "الأصغر والأقل" وتفهماً لواقع لا يتحمل التأويل لم يكن سوى سراب وأحلام يقضة تلاشت مع أول امتحان يواجه الكبار لإثبات حسن النية وإحترام خصوصيات شعبنا القومية والدينية.
ففي البداية يتكرم علينا دولة رئيس الوزراء بوزارة الهواء (عفواً) البيئة، ويعلل ذلك بأنه استحقاقنا بحسب آلية النقاط التي أقرها هو وأقرانه الفائزين، ضارباً عرض الحائط كل فلسفاته من أن المسيحيين أصل العراق وأن شعبنا مكون أساسي يجب إحترامه وتلبية مطالبه التي وصفها بالوطنية.. ليخرج علينا بعده روبسبير الحكومة الدكتور علي الدباغ ويصرح بأن حكومته لا نية لها باستحداث محافظة للمسيحيين، وهو الذي كان قبلها بأيام يتباكى على محنة شعبنا ويملأ الفضائيات ضجيجاً بأنه ضد هجرة المسيحيين من البلاد وأن على الحكومة أن تفعل وسعها لضمان عدم مغادرتهم الوطن.. وليكملها مجلس محافظة بغداد بقرار إغلاق محال بيع المشروبات الكحولية واستهدافه لمصدر المعيشة الوحيد المتبقي لعدد غير قليل من المسيحيين البغداديين بحجة أن ملكيتها تعود لأشخاص مسلمين وهو ما يمنعه القانون العراقي، ولا أدري هل المشكلة هي في القانون أم في من يستغل ثغراته أم في من يطبقه بمطاطية أم تراها في أولئك الذين يمارسون حقوقهم ويحاسبون على ذلك، وبالقانون.. وتتوالى الأحداث وتتسلسل لتصل إلى هجوم قوة أمنية نظامية على مقر جمعية آشور بانيبال الثقافية وتقتحم المبنى بصورة همجية وتعبث بممتلكاته وتبعث برسائل تهديدية عنصرية تطالب المسيحيين بمغادرة يثرب (عفواً) بغداد.
أما الأمر الأكثر إيلاماً فهو تراجع فخامة رئيس الجمهورية جلال الطالباني عن موقفه الأول الذي بنى عليه أبناء شعبنا آمالاً عريضة، ألا وهو تأييده لإقامة محافظة خاصة بشعبنا في المناطق التي يشكل فيها أكثرية.. فما تلا ذلك من تطورات البازار السياسي المستمر في البلاد والتي يظهر أن الرئيس قد تورط بها وإنعكست على طريقة تعامله مع شعبنا شكل خيبة أمل ووضع العديد من علامات الإستفهام أمام مصداقية وقدرة الرئيس في دعم تطلعات شعبنا.. فبعد أن قدم الطالباني قانون نواب الرئيس وصوت عليه البرلمان وحصره بثلاثة نواب مستبعداً أن يكون من ضمنهم أحد من أبناء شعبنا، إرتجل فكرة بديلة وأوعز بتشكيل مكتب لحماية المسيحيين وإدارة شؤونهم.. ولا ندري هل أن استبعاده لنائب مسيحي هو من باب استكثار المنصب السيادي على شعبنا، أم لضرورات فرضتها الشركة (عفواً) الشراكة السياسية بعدم إغضاب حلفائه الملتزمين بالآية التي تقول "لا تتخذوا من النصارى أولياء لكم"؟؟.. ثم ماذا يمكن أن يوفره مكتب واحد من حماية للمسيحيين في الوقت الذي عجزت فيه كل أجهزة الدولة الأمنية عن حمايتهم؟!، ودعونا نهمس في أذن فخامته متسائلين عن تخصيصات المكتب هل هي من أموال المنافع الإجتماعية المخصصة للرئيس أم أنها أيضاً من موازنة الدولة؟؟.. أما بخصوص حصر التعاطي مع شعبنا بالعنوان الديني فقط وإهمال واجهته القومية رغم بطلان الحجج السابقة التي كانت تسوق بسبب شرذمة قواه السياسية أو إشكالية تسميته القومية، فأننا نسأل فخامته عن ماذا سيكون موقفه إذا تجاوزنا الهوية القومية للأكراد وسمينا أهلنا "المسلمين" في دهوك أو إخواننا "السنة" في أربيل أو تمادينا قليلاً ووصفنا شعبنا "السوراني" في السليمانية؟!.

62
آن الأوان لتعلن الكنائس موقفها

جورج هسدو
إستطاعت الكنيسة على الدوام أن تلعب دوراً فعالاً في التأثير بالرأي العام لشعبنا على مر مراحله التاريخية وما تخللتها من إنعطافات مفصلية هددت وجوده لأكثر من مرة، وتراوح هذا الدور بين المواجهة حيناً والمهادنة أحياناً واللامبالاة في أغلب الأحيان.. واختلفت مواقف الكنيسة من مرجعية لأخرى وبين هذا الأسقف وذاك ومع هذه الرعية أو تلك، لكنها بالعموم لم تخرج عن دائرة الإجتهاد في كيفية المحافظة على العرق والهوية الدينية والخصوصية المذهبية.. وإرتبطت قوة مواقف الكنيسة ونجاح مساعي رجالاتها بمدى إنسجامها وتناغمها مع رغبات وتطلعات الرعية، إلى درجة أن بعضاً من القرارات السينودسية فرغت من محتواها وأهملت لأن العامة لم تراها مناسبة، بينما إلتفت الجماهير بمختلف إنتماءاتها المذهبية حول مرجعية واحدة بسبب صلاحية وشرعية موقفها.
واليوم وبعد أن إتفقت القيادات السياسية لشعبنا على مطلب موحد ألا وهو مشروع إستحداث محافظة في منطقة سهل نينوى لشعبنا وباقي المكونات المتعايشة معاً، لم يتبقى إلا أن نسمع رأي القيادات الكنسية في الموضوع والتي لا تقل أهمية أبداً عن سابقتها.. ونحن عندما نطالب برأي المرجعيات الدينية فلسنا نتأمل تصريحاً من غبطة البطريرك فلان أو تعليقاً لنيافة المطران علان، بل أننا ننتظر قراراً ومرسوماً كنسياً يعبر عن وجهة النظر المركزية التي يتبناها المجلس الرئاسي للكنيسة والمحددة بعنوانيها المذهبي والطائفي.. أما إذا كنا أكثر تفاؤلاً فسنطالب كنائسنا المشرقية جميعاً بتوحيد موقفها من قضية المحافظة، وتتبنى خطاباً مشتركاً يكون له الأثر الأكبر في إنجاح المطلب والتسريع من خطواته على المستوى الميداني والإداري.. ورغم معرفتنا أن هناك عدداً من العثرات التي قد تعتري عقد مثل هكذا مجمع وخاصة إذا أردناه على مستوى القمة، إلا أننا نؤكد على أهميته النظرية والعملية فيما يخص التحشيد الجماهيري والتوظيف الكامل للطاقات الداعمة للمطلب.
ثم أن دخول الكنيسة بشكل علني في صلب المسألة سيزيد من قوة الطرح ويعطي دفعاً للجهد السياسي المبذول، وسيوجه رسالة قوية وواضحة للمتعاملين مع الطرح من خارج البيت الداخلي وعلى رأسهم الواجهات الرسمية التي ما زالت تماطل بالموضوع.. كما أنه سيشكل زخماً وضغطاً لا يستهان به على مؤسسات الدولة وهيئاتها التشريعية والتنفيذية لناحية إحترام خيارات شعبنا وإرادته الحرة في المطالبة بحقوقه الدستورية، ويسد الطريق بوجه العنصريين والمراهنين على شرذمة قوى شعبنا للنيل من تطلعاته المشروعة.. ناهيك عن ما سيعكسه مثل هكذا موقف إذا ما تبنته كنائسنا من رسائل جريئة وصريحة للمجتمع الدولي ومراكز القرار السياسي والمسيحية العالمية والمنظمات الإنسانية المعنية بحقوق الأقليات بضرورة دعم قضية شعبنا في العراق وحماية وجوده الديني والقومي.. دون أن ننسى طبعاً الأجواء السليمة والتفاؤل الذي سيوفره بين أوساط شعبنا المتلهفة لتوحيد الخطاب، وما سيعنيه من عزاء وأمل للمواطنين المسيحيين الذين ذاقوا الأمرين ووصلوا حد اليأس بعد الأحداث الأخيرة.
وكل هذا الحديث يدور حول ما إذا سيكون موقف الكنائس إيجابياً مع الطرح السياسي الخاص بالمحافظة، لكن إذا جاء متعارضاً وسلبياً فللحديث جانباً آخر لا نرغب في الخوض فيه الآن لعدم إيماننا بامكانية وروده أصلاً.. وإلا فسيكون أمام مرجعياتنا المحترمة وآبائنا الأجلاء مواجهة أحد الأمرين، أما إعلان طرحاً بديلاً مقنعاً يضمن حياة وكرامة شعبنا، أو مواجهة الجماهير المتلهفة لتحقيق مشروع المحافظة.. لأنه لم يبق هناك مكاناً لأنصاف الحلول وفكرة إمساك العصى من الوسط والمراهنة على الكلام الطيب والمعسول.
g_hasado@yahoo.com

63
مشروع المحافظة والمجاهيل الخمسة

جورج هسدو
في علم الصحافة وتحديداً في أكاديمية صياغة الخبر هناك خمسة مجاهيل (THE FIVE X) على كاتب الخبر تحويلها إلى معاليم لإكتمال صورة الحدث، والمجاهيل الخمسة هي "ماذا؟، من؟، أين؟، كيف ومتى؟؟".. وطبعاً تختلف أهمية تسلسل الأسئلة بحسب أهمية تفاصيل الخبر، وهو أمر معروف عند الصحفيين العاملين في حقل الصحافة الخبرية.
وإذا ما ألقينا نظرة متفحصة على ما تم إنجازه لحد الآن من قضية المطالبة والسعي لإستحداث محافظة خاصة بأبناء شعبنا وباقي الأقليات العراقية، لظهر لنا أن هذه المطالبة وهذا الجهد ما زال يراوح في فلك التعاطي الداخلي للبيت القومي لشعبنا ولم يرتق إلى المستوى الخارجي الوطني أو الدولي.. ولبلورة الموضوع بشكل أفضل وإخراجه من عنق زجاجة المشاعر القومية والعاطفة الدينية، لابد من رسم خارطة طريق تساهم في وضع المقترح على المسار الصحيح وأدلجة ذلك المسار ضمن محاور مفصلة تقضي على الإبهام الذي من شأنه تأخير تحقق المطلب.. والإجابة عن الأسئلة الخمسة آنفة الذكر وتوضيح مجاهيلها قد تعكس نوعاً من وضوح الرؤية لشرعية الهدف وعملية تحقيقه:

ماذا؟: ماذا يعني مشروع المحافظة؟.. هل هي محافظة مسيحية، أم محافظة جميع المكونات المتعايشة معاً؟؟.. هل المحافظة موجودة أصلاً، أم سيتم استحداثها باستقطاع مساحات من محافظات أخرى؟؟.. هل ستكون المحافظة ضمن إقليم معين، أم سترتبط مباشرة بالمركز؟؟.
من؟: من هو المعني بتحقيق المطلب؟.. هل هي أحزابنا السياسية الملتقية حاليا، أم ستلتحق بها باقي العناوين القومية الموجودة في المهجر؟؟.. هل المعني هي الكنيسة بمختلف فروعها الشرقية والغربية، أم الأحزاب والكنيسة معاً؟؟.. هل سيكون هناك دور لممثلي ورؤساء الإدارات المحلية من أبناء شعبنا الموجودين ضمن الرقعة الجغرافية المقترحة، أم ستشاركهم ذلك الدور شخصيات أخرى من الخارج؟؟.
أين؟: أين ستكون الحدود الجغرافية للمحافظة؟.. هل ستكون في سهل نينوى، أم في مكان آخر؟؟.. هل سيشترك محوري السهل (قضائي الحمدانية وتلكيف) بالمحافظة من خلال ربط جغرافي وسطي، أم ستكون هناك نوع من العلاقة الإدارية بين المحورين حتى من دون الربط الجغرافي؟؟.. هل ستلتحق مناطق أخرى قريبة من السهل بحدود المحافظة، أم سيتم بتر بعض أجزاء السهل لضرورات معينة؟؟.
كيف؟: ماهي الآليات التي سيتم تبنيها لتحقيق المطلب؟.. هل ستقتصر على جهود أبناء شعبنا، أم ستتظافر الجهود مع باقي المكونات؟؟.. هل ستكون محافظة نينوى المعنية الوحيدة بالتكوين الجديد، أم ستنضم إليها محافظة دهوك أيضاً باعتبار المنطقة تقع بين المحافظتين؟؟.. هل من المهم التحاور والتباحث مع الحكومة العراقية فقط، أم أن هناك ضرورة لمشاركة المجتمع الدولي أيضاً؟؟.
متى؟: قد يكون هذا أهم سؤال يدخل في صلب نجاح المسعى، متى ستتحقق المحافظة.. الحلم؟.. هل يمكن تحقيقها بالإرتكاز على بنود الدستور فقط، أم يجب إنتظار سن القانون الخاص بالإدارات الجديدة؟؟.. هل نقتنع بأن الزمن ليس بالعامل المهم، أم نركز عليه لما له من سلبيات وخصوصاً في موضوع الهجرة؟؟.. هل ننتظر لحين إستقرار البلد وتراجع العنصريات القومية والدينية، أم ننتهز الفرصة ونستغل الجوانب السلبية للمشكلة؟؟.
هذه عينة من التساؤلات التي يجب الخوض فيها وإيجاد الأجوبة المناسبة لها إذا ما أردنا تفعيل المطلب وتحقيقه، وقد يكون هناك الكثير من المجاهيل الأخرى التي هي بحاجة لتحويلها إلى معاليم أيضاً.. ومن المؤكد أن فصائل شعبنا والقيادات السياسية تدرك جيداً كل هذه الأمور وغيرها الكثير، لكن عليها أن لا تتجاهل أهمية إيجاد الإجابات في التوقيت المناسب ووفق الآليات المناسبة!!.

64
عندما يستثمر الإستحقاق القومي للمكسب الحزبي
توزير سركون لازار نموذجاً

جورج هسدو
دخلت الحركة الديمقراطية الأشورية منذ عام 1991 معترك التنافس الشرعي السلمي على السلطة، واستطاعت في أكثر من مناسبة أن تصل وتشارك في السلطة وأن تتولى مناصب سياسية على المستويين التشريعي والتنفيذي.. ونجحت الحركة نسبياً في ظل الظروف الموضوعية الضاغطة من إدارة تلك الاستحقاقات التي جنتها من خلال الدعم الجماهيري والتأييد القومي لطروحات وبرامج الحركة في التعامل مع الهمين الوطني والقومي.. فمن جهة عكس اختيارها المرشحين المناسبين لتولي المناصب المذكورة نضجاً سياسياً وحسن إختيار قل نظيره بين ممارسات الأحزاب والفصائل العراقية، ومن جهة ثانية دائماً ما إلتزمت خطاً فكرياً ومنهجاً قومياً في التوفيق بين الاستحقاقين القومي والحزبي.. وهو ما ضمن لها إلى جانب أدائها المقنع والمبني على الموضوعية ومصداقية الطرح الإستمرار بنجاحها الميداني في إلتصاق قاعدتها التنظيمية بالقيادة، وأيضاً التفاف الجماهير حولها في المناسبات القومية والمحطات الانتخابية.
لكن يبدو أن ما حصل في مسألة تشكيل الحكومة الأخيرة وما سبقها من مخاض طويل وعسير للإتفاق على رئيس الحكومة وتعنت الكتل وتسابقها لنيل أكبر وافضل المناصب قد أصابت عدواه جميع الكتل الفائزة الصغيرة قبل الكبيرة.. وأن تداعيات حادثة كنيسة سيدة النجاة وما وفرته من أجواء تسويق الذات والمجاملات السياسية قد أتت أؤكلها عند مراكز القرار في بغداد، ودفعت قيادة الحركة لتتجاوز ثوابتها الفكرية في إدارة الاستحقاق الحزبي بالتزامن مع القومي.. فقد جاء التعامل هذه المرة مختلفاً عن سابقه في ما يخص مرشح الوزارة، بحيث تقدمت أولوية الشخص على المنصب ورجحت كفة المنسوبية على باقي الاعتبارات.. وإلا ماذا يمكن تسمية الإصرار على اختيار العضو الوحيد ذو صلة القربى بالسكرتير العام للحركة من بين الأعضاء الأربعة عشر للقيادة، هذا إذا سلمنا جدلاً بحصر الخيار في قيادة الحركة؟.. وكيف يمكن تبرير إناطة تمثيل شعبنا الوحيد في المؤسسة التنفيذية بأبن أخت السكرتير العام للحركة، بينما هو نفسه يترأس تمثيل شعبنا في المؤسسة التشريعية، في الوقت الذي تتواصل فيه الحركة مع تنظيمات شعبنا الأخرى للاتفاق على السقف القومي وتحقيق مطالب شعبنا في العراق؟!.. وبماذا يمكن وصف التأكيد على شخص واحد فقط لمنصب الوزير حتى دون مراجعة عنوان الوزارة المقترحة ومدى ملائمتها مع المرشح أو بالعكس، خصوصاً وأن المعني هي الحركة وليست أي تنظيم آخر؟.. بمعنى أدق، كيف يمكن تفسير أن وزارة البيئة ضمنت التمثيل الأنسب لشعبنا، أو أن السيد سركون لازار كان الأجدر والأكثر ملائمة لأي حقيبة وزارية يمكن تخصيصها للمسيحيين؟؟!!.
أما الحديث عن وجود معارضة داخل الهيئة القيادية للحركة وعدم رضى بين القاعدة من الاختيار، فهو كلام لا طائل منه إذا ما إستثنينا الجانب المعنوي في إرضاء الذات وحرية التعبير عن الرأي.. فكلنا يعلم أن الحركة الديمقراطية الأشورية وبخلاف الكثير من أحزابنا القومية وحتى الوطنية تمتلك من الآليات التنظيمية ما يتيح لأعضائها المشاركة في رسم سياستها وبلورة قراراتها بشكل سلس.. والسؤال الذي يطرح نفسه هو، هل قام الجانب المعارض بدوره بالصورة المثلى خاصة وأن المسألة لم تكن هذه المرة خلافاً طبيعياً في الرأي بل تجاوزاً على أحد أهم سياقات ومبادئ الحركة في العمل القومي؟!.. أما السؤال الأهم فهو، هل بدأت الحركة تتخلى عن مبادئها التنظيمية بحيث سيكون من نافل القول مستقبلاً الحديث عن المشاركة التنظيمية والوحدة الفكرية والقيادة الجماعية، أم سيقر ويسلم بأنه لم ولن يكون بالامكان أفضل مما كان؟؟!!.

65
إذا كان التجميع الخيار الوحيد
فليكن في المحافظة العراقية بدلاً من العاصمة السورية

جورج هسدو
بعد تبني قيادات شعبنا السياسية لطرح استحداث محافظة خاصة للمسيحيين، توقعنا أن تأتي ردود فعل الساسة وكبار قادة الأحزاب الوطنية مصحوبة بنوع من التوجس والتحفظ.. وفعلا أدلى العديد منهم وأبرزهم دولة رئيس الوزراء نوري المالكي بما فحواه أنهم مع طرح تشكيل المحافظة لكنهم يرفضون أن تكون لتجميع المسيحيين فيها.. وسايرهم في ذلك قسم من المرجعيات السياسية والدينية لشعبنا، في مقدمتهم سيادة المطران شليمون وردوني المدبر البطريركي للكنيسة الكلدانية.. ومع احترامنا لمثل هكذا آراء وتبريرنا لمنطلقاتها الموضوعية والذاتية، إلا أننا نرى ان ذلك ينم عن قصور في الرؤية وابتعاداً عن نبض الشارع المسيحي الذي ارتفع حنقه وانخفض تفاؤله بعد مجزرة كنيسة سيدة النجاة.
وإذا نظرنا إلى الواقع الديموغرافي الذي تتميز به أغلب المحافظات العراقية الثمان عشر، فأننا سنتلمس تجمعات بشرية مبنية على خصوصيات طائفية أو قومية تعرف بها كل محافظة.. ولو تتبعنا حركة التاريخ ومسار الأحداث والتبدلات السياسية التي شهدها العراق، لتيقنا أن ذلك لم يأتي عرضياً، بل كان نتيجة عوامل دافعة وأخرى جاذبة أدت إلى تجمع لون أو مكون محدد ضمن رقعة جغرافية محددة.. وهو ما ينطبق على الأخوة الشيعة في محافظات الجنوب والأخوة السنة في محافظات الوسط والأخوة الأكراد في المحافظات الشمالية، حيث هي ذات أغلبيات معينة مع نسب قليلة متفاوتة بين محافظة وأخرى من الاختلاط السكاني بين الهويات العرقية والطائفية.. من هنا نرى أن حالة تجمع مجموعة بشرية تتمتع بخصائص وعادات مشتركة ضمن رقعة جغرافية واحدة حالة موجودة أصلاً في الواقع العراقي.. كما أن وجودها لم يشكل يوماً عائقاً أمام الإندماج الوطني بين أبناء البلد الواحد، بل قد يكون ذلك من أهم العوامل التي ساهمت في استقرار الأوضاع الأمنية وبالتالي تحسن الأوضاع الاقتصادية في محافظات بعينها واستمرار الأزمات والإرباكات في محافظات أخرى.
وبالعودة إلى جوهر موضوعنا فأن ما يؤسف له هو الإصرار غير المبرر على رفض تجمع المسيحيين في محافظة واحدة، دون الاتيان ببدائل عملية تحافظ على ديمومة بقائهم ضمن الدائرة الأوسع لخارطة الوطن.. بحيث بات الموضوع يأخذ منحاً سياسياً مقيتاً عند البعض وإنعكاساً سلبياً لا أبالياً عند آخرين، وهو في أحسن الأحوال لا يخرج عن إطار المزايدات السياسية والاستهلاك الإعلامي التي شبع منها عموم الشعب العراقي والمسيحيين خاصة.. ثم على القادة الجدد الذين رفضوا النظام السابق بسبب دكتاتوريته ويسوقون أنفسهم كضامنين للديمقراطية، عليهم أن يحترموا خيارات شعبنا ويساهموا بالحفاظ على مصالحه ووجوده بالتوافق مع الخيارات الوطنية والمصلحة العامة للعراقيين.
وقبل أن نتهم بأننا من أتباع الإستعمار والإمبريالية ومن أنصار الأجندات الخارجية، نؤكد أن رؤيتنا هذه ليست دعوة لتفريغ باقي المحافظات العراقية من المسيحيين وتجميعهم في المحافظة المقترحة.. ولا هي تعبيراً عن قناعتنا الإستباقية بوردية المحافظة المرتقبة وسوداوية باقي المحافظات فيما يخص تواجد الأقلية المسيحية فيها وضمان أمنهم ومعيشتهم.. لكن بالتأكيد هو تشجيعاً للمواطن العراقي المسيحي لدعم مطلب المحافظة الخاصة وتفهماً لخياره الأخير إذا ما قرر الهجرة إليها مضطراً.. ولا بأس من تجميع المسيحيين في محافظتهم العراقية الآمنة، لأن ذلك وبلا شك أفضل من تجميعهم في العاصمة السورية دمشق وبعدها الهجرة البعيدة إلى منافي العالم.. أم ما زال لكم رأياً آخر يا دولة رئيس الوزراء ويا سيادة المدبر البطريركي؟؟!!.

66
شكراً سيدي الرئيس، ولكن...

جورج هسدو
شغل موضوع استهداف المسيحيين العراقيين بعد حادثة كنيسة سيدة النجاة حيزاً كبيراً من الاهتمام بين الأوساط السياسية العالمية والإقليمية والمحلية، وعبر الكثير من الساسة ورؤساء العالم والمنظمات الدولية عن تعاطفهم مع ما يتعرض له المسيحيون من هجمات شرسة تستهدف وتدمر بنيتهم الإجتماعية في العراق.. كما بادر العديد منهم إلى إقتراح حلول أغلبها جأت جزئية ومرحلية، تراوحت بين معالجة الضرر (المادي والجسدي) والحد من الخسارة المعنوية على المستوى الشعبي.. ومن هنا جأت دعوة رئيس إقليم كردستان العراق السيد مسعود البارزاني إلى الترحيب باستقبال المسيحيين وتأمين الحماية لهم في كردستان، وهي الدعوة التي تعودنا سماعها من المسؤولين الإداريين والحزبيين في الإقليم بعد كل عملية استهداف يتعرض لها المسيحيون.
وفي الوقت الذي علينا من باب اللياقة الأدبية أن نشكر الرجل على تعاطفه مع أخوانه المسيحيين وإبداء الاستعداد لحمايتهم نقول، أن هذا لم يكن أقصى ما تأملناه منه.. فالسيد البارزاني ليس بغافل عن التهديدات والممارسات المسيئة التي تتعرض لها الأقليات الدينية في العراق، وبعضها حتى إقليم كردستان ليس بمأمن عنها.. وأن الأقليات شكلت على الدوام الحلقة الأضعف في مواجهة التحديات التي يواجهها العراقيون، وهم ورغم صغر حجمهم السكاني إلا أنهم يدفعون الثمن الأكبر من بين مكونات الشعب العراقي.. كما أن سيادته ومن خلال نضاله الطويل ضد الدكتاتورية يدرك أن المشكلة الرئيسة لا تكمن في أعداد الضحايا والشهداء الذين يقدمون أرواحهم في سبيل قضيتهم، بل أن ذلك وفي أحيان كثيرة يزيد الشعب إصراراً وقوة ويضيف إلى القضية بعداً إستراتيجياً يسرع من ديناميكية تحقيق الأهداف المنشودة.. ولكن الهم الحقيقي يتمحور في الآثار الجانبية التي يتركها ألم الخسارة وأعداد المنسحبين من التواصل ضمن المسيرة النضالية، وفي حالة شعبنا فأن الخسارة الأكبر هي في قوافل المهاجرين من جراء إستمرار الاستهداف.
وإذا إفترضنا جدلاً أن نزوح المسيحيين من بغداد وباقي المحافظات العراقية إلى إقليم كردستان حصل، فهل يمتلك الإقليم الإمكانات المادية لاستقبال آلاف العوائل وتوفير مستلزماتها المعيشية؟!.. أما الحديث عن التحضير لاستقبال مئة أو مئتين عائلة من أسر الضحايا ومن المقربين منهم فهو أمر لا يبتعد كثيراً عن كونه محاولة لكسب التأييد لهذا الطرف أو ذاك، وهو بالتأكيد لا يصب في إطار المعالجات الجذرية.. وما التجارب السابقة في التعامل مع النازحين إلى الإقليم وتناقص أعدادهم لاحقا إلا دليلا على صعوبة الاندماج الإجتماعي بسبب تغير الثقافات من جهة وشحة موارد المعيشة من جهة أخرى.. حيث في أفضل الأحوال لا يستقر من النازحين إلى إقليم كردستان إلا نسبة قليلة ممن يمتلكون الغطاء المناطقي والتواصل السكاني بين أبناء عمومتهم من سكان المنطقة.. أما النسبة الأكبر فأنها تتخذ من نزوحها محطة أولية للتخلص من المخاطر المحدقة التي تستهدف حياتهم الشخصية، حيث بعدها تعمد إلى ترك الوطن برمته واختيار الهجرة إلى المنافي.
عليه نتأمل من الرئيس البارزاني أن يبادر إلى التعاطي بموضوعية أكبر مع قضية المسيحيين في العراق، وننتظر منه أن يؤدي دوراً أكثر فاعلية في بلورة الرأي السياسي لتحقيق أهداف شعبنا المشروعة في الوطن.. كما نتعشم منه أيضاً أن يساهم في رد إعتبار المسيحيين بتوفير الآليات المقبولة لهم للمشاركة بحماية أنفسهم بدلاً من تقديم الحماية الجاهزة لهم وتحويلهم إلى عجزة.. خاصة وأن البارزاني اليوم يتمتع بحضور مؤثر في المشهد العراقي بكامله، وهو الوحيد الذي إستطاع من خلال مبادرته السياسية الأخيرة لم شمل الأطراف المتنازعة والتوصل إلى اتفاق بشأن تشكيل الحكومة.

67
هل إبعاد قوائم شعبنا عن جلسات تشكيل الحكومة
هو بداية لمصادرة استحقاقها الانتخابي؟!

جورج هسدو
رسخت عدم دعوة قوائم شعبنا إلى طاولة المفاوضات للإتفاق على الخطوط الرئيسية وحتى الثانوية في تشكيل الحكومة العراقية المقبلة، القناعة لدى أبناء شعبنا باستمرارية المنهج التهميشي وفرض مبدأ الوصاية الذي مارسته الكتل الكبيرة منذ سقوط النظام ولحد الآن.. وعكس هذا الإبعاد صورة قبيحة في تعامل القوائم الفائزة مع قوائم شعبنا والفائزة أيضا بمقاعد في البرلمان العراقي لتمثيل مكون مهم عانى (ولا يزال) الأمرين في المحافظة على بقائه في الوطن واستمراره بالإيمان بالمشاركة الحقيقية في بنائه.. ولا ندري ماذا كانت ستخسر القوائم والإئتلافات (العملاقة) الفائزة من دعوة ممثلي شعبنا للمشاركة في اجتماعاتها، غير ما كانت ستثبته بالدليل الملموس من تفهم جدي وإحترام لخيارات شعبنا السياسية؟!.

صراع الكتل:
تعودنا أن نتشكك أثناء كل عملية تشكيل الحكومة بدوافع الفائزين التي تتمحور جلها في نسبة الإستحواذ بالمناصب ونيل المكاسب الفؤية والحزبية.. وما التأخير في ولادة الحكومة الذي دام ثمانية أشهر إلا دليلا على استمرارية الكبار بسياساتهم تلك، والتي تضع المكاسب الشخصية قبل العامة.. كما يمكن تكرار المشهد في حصر استحقاق شعبنا بالكوتة النسائية أو وزارة بلا حقيبة.. وهذا ما يمكن أن يكون له الأثر الكبير هذه المرة أيضا في ما يمكن لقوائمنا أن تحققه من المشاركة في الحكومة القادمة.

موقف القوائم:
لم تألوا قوائم شعبنا جهدا في لقاءاتها الفردية بالكتل الكبيرة لمحاولة التوصل لتفاهمات ثنائية وخلق قناعات لدى الآخر بأهمية الابتعاد عن ممارسة الإقصاء والتهميش.. لكنها لم تبد موقفا حازما في الإعتراض على إبعادها عن اجتماعات التوافقات السياسية لتشكيل الحكومة، ولم تبادر أي منها إلى إعلان تخويلها لأي قائمة أخرى.. وربما كان سبب ترددها في الإعتراض منذ البداية خوفا من خسارة المشاركة كرد فعل من القوائم الكبيرة.. لكن من يضمن أن لا يكون السكوت سببا لخسارة الإستحقاق؟!.

إستمرارية الخلاف:
في الانتخابات النيابية الأخيرة كما في انتخابات برلمان إقليم كردستان، فازت قائمتين من قوائم شعبنا بجميع المقاعد المخصصة والمحجوزة بنظام الكوتة، وهما الرافدين والمجلس الشعبي.. وبقناعتي الشخصية فأن من تم استيزاره في كابينة الاقليم كخصوصية شعبنا فيها جاء بعيدا عن خيارات القائمتين الفائزتين.. ومن الوارد جدا أن تستمر مصادرة القرار هذه وأن يستمر مبدأ الوصاية هذا إذا ما استمرت قوائم شعبنا بعدم اتفاقها على خياراتها الخاصة، لتعطي بذلك حجة (رغم سخفها) بيد المناوئين لحقنا القومي.

خيارات أخرى:
قد تلجأ الكتل الكبيرة والتي تمثل مكونات الشعب العراقي الرئيسية إلى خيارات أخرى بعيدة عن الاستحقاق الانتخابي للتعامل مع شعبنا (كالكنيسة مثلا).. ولا يشترط أن يكون اللجوء إلى الخيارات البديلة نابعا من حسن نية، بل على الأرجح سيكون لذر الرماد في العيون، خاصة وأن الفترة القليلية الماضية شهدت تسويقا سلبيا لمفردات التصارع الديني.. كما أن من المطلوب رد إعتبار المسيحيين الذين تعرضوا لخسارات بشرية ومعنوية كبيرة، وأهمها ضمان تمثيلهم الحكومي.

ثم ماذا؟:
وإذا ما حصل ما نتوقعه من إقصاء لاستحقاقات شعبنا الانتخابية، فماذا سيكون موقف القوائم الفائزة؟.. هل ستكتفي بإعلان رفضها وشجبها للمارسة كما في كل مرة؟.. أم ستقتنع (وتحاول إقناعنا أيضا) بما يجهز لها من أصدقائها الكبار من مخارج لحفظ ماء الوجه؟.. أم تراها هذه المرة ستنتفض لكرامتها وكرامة ناخبيها باتخاذها موقفا جديا حازما في إبداء اعتراضها على ما يصيب شعبنا من حيف وخسارة؟.
وعلى كل فان هذا كله سيبقى مجرد تحليل وتوقعات نتمنى صادقين أن تكون خاطئة، وأن تكون الكتل الكبيرة أكثر صدقا، وأن تكون قوائم شعبنا أكثر حكمة.

68
جريمة سيدة النجاة.. مؤشرات خطيرة ودلائل مهمة

جورج هسدو

أثبتت الجريمة التي أرتكبت بحق المصلين المسيحيين في كنيسة سيدة النجاة بما لا يقبل الشك أن تنظيم القاعدة الإسلامي المتشدد والذي يعمل محليا في العراق تحت اسم دولة العراق الإسلامية، أن هذا التنظيم يبرمج عملياته النوعية ضد المسيحيين وفق تكتيكات مختلفة ومتطورة تهدف في جوهرها إلى ضمان استمرارية رسالته الرامية إلى الإقناع بعدم تهاونه مع المختلف (دينياً) إنطلاقا من عقيدته المتأسسة أصلا على وجوب إنهاء الآخر بافنائه أو أبعاده.. لكن العملية الأخيرة حملت بين طياتها مؤشرات خطيرة لابد من التمعن فيها وتحليلها وفق المنهج العلمي في كشف الحقائق والتوصل إلى النتائج وأخيرا وضع الحلول.. فالدخول إلى كنيسة وسط بغداد في منطقة تعج بالقوات الأمنية وأسر روادها واتخاذهم رهينة للمطالبة بتنفيذ مطالب معينة هي عملية ترتقي في مضمونها لأن تكون سابقة من نوعها لم يشهدها الواقع العراقي على مر مسلسل العنف الطويل الذي عانت منه البلاد منذ سنوات.. أما شكلها فقد عكس منذ البداية صورتها الإنتحارية وهذه المرة بمجموعة وليس بفرد واحد خاصة وأن المطالب جأت مستعصية التنفيذ منذ البداية وغير قابلة حتى للتفاوض.. حتى أن بيان تنظيم القاعدة الذي أُعلنت فيه المسؤولية عن الجريمة تضمن عبارات بذيئة وجمل مثيرة للحقد والكراهية من قبيل "كنيسة نصرانية خبيثة" و "ليرين هؤلاء الأنجاس وأمثالهم ما يكرهون" وجاء فقيرا هذه المرة بالآيات القرآنية التي تعود التنظيم على ترديدها بكثرة بعد كل عملية.
وأشرت مطالب الخاطفين بعداً خطيراً بربط مصير مسيحيين عراقيين بقضية تخص الأقباط في مصر، بمعنى: أن تنظيم القاعدة كلما أشتكى مستقبلا من ممارسة أو فعل منسوب لمسيحيين من مواطني العالم العربي أو ربما في أي بقعة أخرى فأنه سيعمد إلى القصاص من المسيحيين العراقيين.. لكن طبعا هذا هو الجانب المعلن للقضية، فالقاعدة من بين كل التنظيمات الأصولية تحديدا لا تعدم الحيلة أو القدرة لرد ما تعتبره إساءات أينما وجدت، فمن غير المنطقي أن نسلم بصعوبة الإستيلاء على كنيسة في مصر وإحتجاز رهائن أقباط فيها.. أما الجانب الخفي للقضية فأنه يدل على أكثر من قناعة تصب جميعها في غير مصلحة العراقيين، ويدخل ضمن أجندات ومخططات أكبر من ذلك بكثير.
وإذا ما سألنا السؤال الكلاسيكي الذي يطرح عند حدوث أي جريمة فردية ألا وهو "من المستفيد الأول منها؟"، لتيقنا ومنذ الوهلة الأولى بأن المستفيد ليس تنظيم القاعدة، بل لتأكدنا أن القاعدة ليست سوى غطاء أو في أفضل التوقعات أداة التنفيذ فقط.. وإذا ما بحثنا عن الغاية من وراء هذه الجرائم لتأكدنا بأنها ليست لنصرة الحق وإعلاء شأن الإسلام ولا للأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، بل الغاية هي إفراغ العراق (والعراق فقط) من المسيحيين.. أما إذا فتشنا عن الخاسر الأكبر من هذا الإستهداف فأننا سنرى بأنهم ليسوا المسيحيين وإن كانوا يشكلون جزءاً من الخسارة، بل هو العراق بتاريخه وجغرافيته ومكانته.. وهنا يأتي السؤال، ماذا سنفعل لمواجهة هذه المؤامرة الخبيثة التي تستهدف بلدنا أرضاً وإنساناً؟.
ماذا ستفعل كنيسة المشرق بمختلف أقسامها للمحافظة على ديمومة وجودها في أرض الأنبياء والنبوآت؟.
ماذا ستفعل الأحزاب السياسية الكلدانية السريانية الأشورية لتطبيق برامجها وأهدافها الرامية إلى المحافظة على الوجود القومي في أرض الآباء والأجداد؟.
ماذا ستفعل الحكومة العراقية للوفاء بإلتزاماتها تجاه أمن وسلامة مواطنيها؟.
ماذا ستفعل المرجعيات الدينية الإسلامية لنبذ الفرقة ونشر ثقافة التعايش السلمي بين الأديان العراقية؟.
ماذا ستفعل المكونات العراقية ذات الأغلبية لتطمين شقيقاتها من الأقليات الدينية والعرقية؟.
ماذا ستفعل الأحزاب والحركات الوطنية للمحافظة على العراق ووحدة أرضه وشعبه؟!.
ماذا سنفعل.. ماذا سنفعل؟؟!!.

صفحات: [1]