11
يحكى أن رجلا كان يمتلك مزرعة كبيرة وكان ناتج هذه المزرعة كبير جدا ويغطي البلدة بأكملها ... وكان المزارعون الذين يعملون لديه مسرورين بعملهم لديه وفخورين به ، بل وكان يعطيهم كامل حقوقهم وزيادة فما كان من المزارعين إلا أن أخلصوا له وعملوا بجد واجتهاد في زراعة الأرض وتسميدها والعناية بها مما قد يضرها ، وكاونا يقطفون الثمر ويعرضونه بأحسن العروض وأشهاها ...
بعد فترة من الزمن توفي المزارع وخلفه ابنه وكان مغايرا لأبيه تماما ...
أراد ابن المزارع توسعة الأرض وزيادة الإنتاج والمحصول إلا أن الطمع تملكه وأخذ الجشع يلعب به فقرر أن يزيد في الإنتاج ولكن كانت لديه مشكلة وهي أن رواتب المزارعين ستكون مرتفعة جدا وإن أخبر من يعمل لديه أنه سينقص رواتبهم فستكون الطامة عليه وعلى مزرعته ، وإن قرر أن يعطي المزارعين الجدد راتبا أقل من القدامى فلن يقبل المزارعين الجدد بذلك ... ففكر في حيلة ...
كيف يمكنني أن أحصل على مزارعين يعملون بجد المزارعين القدامى وبراتب أقل ؟!
فخطرت له فكرة شيطانية فقرر أن يقوم بعرض مبلغ أقل للمزارعين الجدد ولكنه أقل بقليل ووعدهم في حال تحسن وضع المزرعة فإن رواتبهم ستكون كرواتب القدامى شريطة الانتظار ...
قبل البعض على مضض ولكن لعلمهم أن والد المزارع في السابق كان قد أعطى كل ذي حق حقه ...
وبعدها بفترة أصبح الراتب أقل لكل مزارع جديد ... حتى وصل إلى مبلغ زهيد لا يسد رمق العيش في ظل حياة البلدة ...
أصبح المزارعين الجدد يتذمرون ويتحدثون عن مأساتهم على خوف ووجل ... وكيف أن حقوقوهم سلبت وكذب عليهم ابن المزارع و.. و.. و ... الخ
عندها علم ابن المزارع فأصدر أوامره بأن لا يقتصر دور المزارع على الزراعة فقط بل يجب عليه التنظيف والترتيب وغسل الصحون وتربية الماشية و...الخ نكاية بمن تحدث أو فكر في الحديث ...
بل وتعدى به الأمر إلى سن قوانين تزيد من وضعهم السيئ سوءا ...
بعدها توالت الصفعات تلو الصفعات من ابن المزارع ولم يكن يتلقفها إلا المزارعين المساكين القدامى منهم والجدد ...
ونسي أو تناسى هذا المسكين أن المزارعين بيدهم إتلاف المزرعة بكاملها فهو لوحدة لن يستطيع أن يعمل شيئا ...
قرر بعض المزارعين في نفسه أنه بدلا من أن يعمل النهار بطوله أن يعمل نصف النهار فقط بناء على ما يتقاضاه من ابن المزارع ...
وقرر البعض الآخر بدلا من أن يزرع ما يفيد الأرض وينفع الناس أن يزرع الشوك حتى يحصد صاحب المزرعة الشوك ...
وقرر البعض الآخر المواصلة في الزراعة وطلب العون من الله تعالى على ما هم عليه ...
إلا أن الوضع زاد في السوء يوما بعد يوم ... عندها انتفض مزارع من المزارعين الجدد وقرر أن لا يسكت عن حقه وعن الوعود التي قطعها ابن المزارع لهم فتكلم معه ...
إلا أنه قابله بالرفض ...
فقرر هو ومجموعة من الأبطال المزارعين أن يستمروا في العمل في المزرعة مع مطالبتهم لحقوقهم كي لا تفسد معيشة الناس أو يموتوا من الجوع أو يأتي من يسمم الأرض فتكون البلية على من لا ذنب لهم بسبب جشع ابن المزارع ...
كيف لا وأسعار المحاصيل سترتفع على أهل تلك البلدة في حال ترك المزارعون الأرض، أو أتى من غير بلادهم من يأكل خيراتهم ويستنزف مواردها دون عائد على أهل البلدة ...
بعد أن أعرض عنهم ابن المزارع قرروا الذهاب إلى قاضي البلد يطالبونه بأن يرفع عنهم الظلم