عرض المشاركات

هنا يمكنك مشاهدة جميع المشاركات التى كتبها هذا العضو . لاحظ انه يمكنك فقط مشاهدة المشاركات التى كتبها فى الاقسام التى يسمح لك بدخولها فقط .


الرسائل - سالي

صفحات: [1]
1
أدب / وجع عتيق
« في: 18:55 29/09/2016  »

وجع عتيق


سالي

حلم يجثم على المخدة
ينسج خيالات هاوية
و شمس خمرية تنزف
قطرات من ظل برتقالي
يرقد على روح الموج
****
الموج   حبر ضبابي 
يسقط على نيلوفر حزين
يدمع  على مسرح
ماء مضاض
****
ملح الماء مر
يستلقي على محارة من جمر
بيد أن الجمر أثيل  لا يخمد بالماء
فالنار فيه عتيقة
****
النار تخطو نحو سطح الماء
تمشّط جمراتها
وتبحث  عن انعكاسها  تصافحه
****
الانعكاس مخاتل
  يفصح  عن سحنة ثريّا شمس
تبترد بديمة من ظل نور
و يخفي سعيرا  من وجع قديم
****
الوجع يرقد على الماء
شميلته رقاد و قيام 
ينادم المهاة
بيد انه لا ينسى إرث
كبريت ألم  عقام

2
أدب / أرض صبية
« في: 21:32 28/09/2016  »
عتمة السحاب تغتال السماء و تمضي
إلى أرض تعفّنت بصرخة صبية
تطأطا حلمها في قبور خيم تطوي

عقيصة ملفوفة بوجع نئ يغثّ ويقضي
على سابلة حياة عادت إلى موتها و العود أسود
و الموسيقى تنهمر على النهرو تشتكي

صمتها لّليل و تنتحب و تذري 
قطرات من دم  معلول يستوقر   
لسانا عربيا يلكن بدخان  يهوي

على دفتر الخيانة يجنّ الوطن و يفني
أرض الصبية  المرقّطة بألم عضال يبثر على
ثرى تربة تتوب عن آثامها و تهتدي

إلى لسان يتقبّح  بجماع رذيل يخزي
بين عبادات توسوس   
و خطب تحنّط دناءتها و تهوي

3
أدب / حمائم عربية رمادية
« في: 20:20 15/09/2016  »

مقلة طفل مغدور يرمّدها جثل أسود يقتل
حلما سئم قمط ولادة
أجهضته بطاقات عبور تسفل
****
على سياج المعبر الحدودي صبي يمقل
قلادة من دم أرجواني تسيّج الشمس
و مناجل تحشّ الارض و تخذل
****
صدأ السياج يشظّى ثياب الفتى ويشحل
شجرا صبورا يتنشّغ  بخورات  الدم 
و يزرع   حسكا  يلدغ النور فيزحل
****
ريح من غبار برتقالي تكفكف دموع البحر وتجزل
سحبا تتظلل بغروب مزمن
يفتك بالسماء ولا يأفل
****
  و حمائم عربية رمادية تسقط على شهوة  بعهر اسود ترذل
تجحد  النفط و تفلج الشمس
و تشتفي من  جسم طفل ينحل   
****
حمائم عربية رمادية ترتحل
و تذري سمّا أسود
و تصلي حلم الصبي و تسخل
  ****
تخيّط رأس الطفل بشيب قرمزي واجتدل
و مازالت تلك الحمائم
توسوس للشيطان و  تتوحّل


4
أدب / قبر جندي
« في: 03:55 11/09/2016  »


قبر جندي


سالي

ظل بارد يتسلل إلى قبر يتأبّد
و نرجس أرجواني  يتهاوى
على راموس جندي  و يتزبّد
طلّا مشرقا يعزف على قيثارة
بأنّات الريح تتعمّد
و قشعريرة نيلوفر ترتدي
غبارا من حطب أسمر يتكبّد
شهيقا يتأوه و زفيرا  يتجدّد
في حلق معتلّ بنفس   تتبدّد
و الليل سنابل غفران
تغفر للقبر سدفته  و من ثم تتمرّد
****
وشجر أسمر عتيق يهذي بخيالات محمومة تتجنّد
لازدقام ما تبقى من ضجر رداء
يتجمّل بناجود  جندي يتجمّد
****
ظل بارد يتسلل إلى قبر يتعهّد
بإجداء لحاف للجندي
يترقّط بوجع يتزهّد
في شروق شمس تتعثّر
على السابلة  القرمزية و  تتنهّد
****
و النجوم جحافل من قطران تتردّد
بين غشية السماء في عقر تشرّدها   
أو نزّ غثيث أسود يترمّد

5
أدب / عابر سبيل مهجّر
« في: 21:12 06/09/2016  »
النجوم  جمرات  تنطفئ على ظل موج حالم يتجمّل
بنزيف ضمادة تئنّ بلحن متورّم يعزف على
 قيثارة وطن محموم بعرواء صبّار، يتحمّل
ميعة  دماء سمراء ترفضّ و تتجمّد
و تدفن  ابتسامات السماء في وسائد سحب  تتجوّل
في سطور ليل عابر سبيل مهجّر
ينوح فيتألّق بجمراته يقيمها مدينة عتيقة بسبات البحر تتظلّ
 وتبدّد غبارغدرغبي   
يرحل بأوداج المهاجرين الى  صباح غروب مترمّل
ثكلته دموع سماء مازالت تنزّ بجيش نورها و تهمع
ريحا تهذي بغبار يجهش بنواح يشيب و يترهّل
  على هشامة  جذع  غامدة تورّم بها الصمم
 و أجساد المرحّلين جثث مغامرة تتسلّل
إلى مدن مجاورة  مثقلة بأوجاع 
تمشي على الموج  الأسود   و تترجّل
وتستأجر قبرا جديدا  يتكسّرو يتزيّن بسوط شرطي يجزر   
الوطن يتيم واحد فهل يستأنس الجسم بفصيلة دم تتحوّل ؟


6
أدب / دم أزرق
« في: 21:24 04/09/2016  »

دم أزرق
يتأنّق بأجساد
تصلي على المفرق
*
والقمر و الشمس خافقان في الأفق
يتراشقان تهمة  احتجان الدم
فأين هو النجيع الأزرق؟
*
والوطن مرهق
بدوار اسطوانة
تدور تدور و تزعق 
*
والحتف الساجد يمرق
بين الجنازة و الأخرى
 يهذي بآيات  تنزق
*
والأجساد تتعرّى لحتفها تتنشّق
تغفي  تهمي و تغزل
كفنا أسود يتمزّق
*
والبحر الأرجواني يتزبّد و يدعق
أطفالا  تهطل من  ظل المهاة
 عصف بها دم يصعق
*
والشمس في السماء قرط يشرق
مازال ييحث  في سطور الأفق البرتقالي
عن الدم الأزرق
*
والقمر زجلة من  نوط يخفق 
في سنابل من ليل
أسمر يطبق
*
و الدم الأزرق
 مازال مجهول الفصيلة 
بثاد نسب  يهرطق
*
و يحبك بردة من دم أسمر مهرق
على رفات وجه مكسور
 بغرغرة الموت يشهق

7
أدب / سعير تونس
« في: 15:28 02/09/2016  »

بثقت  روح السماء
ثوبا من ماء رفق
يخيط رقع  القلو ب و يرتتق
و يرقص على خلّة الوطن
للأنام يخادن و للأرض يخصب
و للأرواح بثرى  الطيب يخضل
****
بيد أن  نواح ريح مجفل عتا 
فتنفّست البلاد حتفها
وخلق ثوبها و تهتّأ
ولاث  العاهل عمامة من الطّلاّء
شعاعا من الدم
على الحقيلة يسجد
 فأضحت للموت مزارع
وهوت مناجل تغتال الحصائد
وللرؤوس تجزر
فخفقت ثريّا  تونس
وتضوّرت بالجباب  تسجم
وتتقتق بوق من السعير المستعر   
على نفيثتها  القدّاحة   
وحذلت عيونها بجمرة
بالخيانة  تتضوّع
وغنمت النار من جسدها
ما لم يغنمه الطّم 
من جثث المهاجرين
على حرائق الغمر تتمدّد
****
توسة تونس أنس و سماحة
و إن نغّصتها لحيّ و ترس
  و ترنسة تغثي  شيوخا
عن الحرية ترتدّ
و لروح البلاد تسجف

8
أدب / شيخا الفتنة
« في: 12:42 31/08/2016  »
انتزى الشيخان
على حرف السفينة
فما ظل بالبلاد
خلا غنشوش يغشي المجثم
ويغشمه
بغشاوة  تغطل
و سعير  من جهنم تهطل
وجدجد جدّاء  بالجدب تجزل
****
جار الشيخان على الشعب
فأمسى   يتأنّق بجروده
و تراوحت طقوسه
بين سنة جماد و أخرى جارود
وتأرجح الأشيبان
بين راشد مضلّ يخدّر
و باج هافت  يجور
فغفت البلاد  في غفلة من موتها
لأبصارها تغمّ و تغمش
****
ارتاغ شعبها
بلالة من رغيف على النرد
فإذ به يحوك كفنه
و يتجرّع نحبه و يخرس 
ولدمائه يحرس
  من آل خلف شيطانين
يرقصان على هاوية البلاد
من ناجود جندها  يغنمان و يغمجان

9
أدب / الضمير المتشرد
« في: 03:12 30/08/2016  »
 تشرد الضمير
و ضل سابلته
فانتهره ضجيج العذابات المتكسرة
فخزي من الصمت
 الممدود على بلاج التعود
****
وتسكّع شبح التفجّع
يراود القلوب على نفسها
علها تأنت تزحر تأنح
لمرأى شياطين دواعش
  تسرف في الجنائز 
و  تحبّر بنودا مرقّطة
بنفط  يتجلّط
وناجود يتخثّر
على مصدح  و مرقاة
شجّت رأس الشعب
تنطّس أشجار ضمير ه
تبحثر أوراقها
وتجوح عروقها
****
فذاق الضمير وابلا من ويلين
إيساق بحمل رحضاء حمى الوجع
أو وصم بمسخ تأديب على هدوء داهم 
تفكّر لتلاشي شواظ شهيد تشظّى
فهطلت به سحابة
تبدّدت على فوهة حفير أدنأ
أو فتء عن علة شعب تتعفر بالعثان
تسلي نفسها بتسوّل سموأل سراب مسلوب

10
أدب / زبانية القرار
« في: 12:49 29/08/2016  »
امتطى الصبي وجهه الأسجف
ومضى به بين جدث و جدث
يلهو بسكرات الموت
و يتزبّد عرقا زعاقا
نزّ على الزهرية
لينبت عبهرا و إن كان على الرمس
****
داعب الساسة شعر الصبي
بمشط  تجمّل بالشوك
وجرعوا ميعة مجاجه
يغصّون بها
و انهمكوا في عشب الأرض المضلة
    يغترفون منها  بمطفحة 
أنهكها صدأ رذيلة
****
فانهمر الفتى على شفة  الثنية
لم تسعفه زبانية القرار
 بوهم الاختيار
و شحّت عليه
بظل أم مظلة 
فإما الهجر وإما الهجر
****
استوقر الصبي أشباح وطنه
واجتاز بها المجازة
و  امتحق بشيش أمه و مخلده
وتهاوى على طابور
ينتظر سرابا مشلولا
****
لكن لا تقرّي عينا
أيتها الزبانية   
فرشاح الصبي
ديمة لا تهزم
دفاّع لا يجزر
نوء لا ينوء بهطله
فتوقّي بؤبؤ  قلب
فقأه وجع مخبّأ
وراء أشواك سياج

11
أدب / شعب مسجّى
« في: 21:08 28/08/2016  »

تماثل الموت للشفاء
من حياة تتأرجح بين النصف و النصف
فتسجّى على علة الشعب
يوقظها من وهم رغيف
نقعه  في نقيق ضفدعة تنقّ
قلقا من جوع  محتم
من قبر محقق
من ذبابة تذكّي
من قلّيب  متقلّب
****
عفّى الشعب ظل
صحو الصباح
واصطبر على صحراء صرماء
و تهاوى على قصعة سلطانية
يتمرغ فيما تبقى فيها
من سؤرة محمومة
فسقط على سحر سحلية
تسمّ شعوذة شعائر
ترشّح عشب لحية و شارب

12
أدب / قبلة يهوذا
« في: 04:24 28/08/2016  »

سهكت رياح الحدبة
فكبّت السياسي
في مأتم الكراسي
يتجرّع سكرات السلطة
المتكسّرة على معمعان
مجّت به مجمرة
احتجنت روح الشمس
بعد أن ذابت على غمو
بيوت البلاد
و ماعت  على عتبات
 بطانة شعبها
****
تجمّل السياسي بجمراته
فأسالها على الأنام
جزلة من ذعاف
اسمعدّت بها حلوقهم
و تأنّقت أذنه بقار
فحثرت عن الإصاخة
إلى صلوات ساخت 
على صليب ثرّ
ثريّا مظلّة
****
ثمل السياسي بجرعات
جاثوم خيلاء 
فأشحذ لسانه
يهذي ببيع البلاد
ويحبّر خيانة
 و إذ عثر به  عطنه
سقط على الشعب
و ندب وجنته بقبلة
وقال:
هاهي ذي وضيمة  المأتم

13
أدب / قذائف الكاميرا
« في: 08:50 27/08/2016  »
رمق الصبي الكاميرا بسنابل من غضب
أثقبها الحنين إلى وسادة وذكرى ولادة  مذعورة
اخضوضلت  بوجع يتهافت على الحفير
في حرم حكمة مصفّدة   بورم الجوع المزمن
****
لاحقته قذائف الكاميرا تتصفّح  ألما  شاردا
في صرمة من صدئ قصدير
فرزح الصبي  أعياه ألم كان قد تخدّر
فتقيّح غثيثا  أحمر، أصفر، أسود
ناجودا, غذيذة، إسفلتا
كان قد ترشّفه  مع بسيلة نطفته الأولى
****
لاحقته قذائف الكاميرا
لترتّل تعويذة على هامش
قمّة ساقطة  تقرّظ وجعه
و تلجلج في خطبة
بلمت  بخيس أرمد
هطلا من وابل  أنين عقام

14
أدب / رجم البلاد
« في: 04:56 25/08/2016  »
 هوت نفسها  في مسابح العدم
تتسرّب من مقاتل حلقها 
و تستلقي على  بلاج  الخلاء
و تهمي لترشق الجدار
بجسد مثقل بالأحلام   
أربكه صدر انتظار
وعجز وعد رغيد
تتفتّت على  عتمة
حياة تتفحّص آخر ارتباكات قلبها
و تدمع بجزلة من قلق متهوّر
و صمت يصخب بالآمال أو بنصفها
فهي على عهدها تخشى الاكتمال
وتتساقط خفقات موتها
واحدة تلو الأخرى و تهوي
تأتمّ اللقاء بغورها
وتمقل قرار القرار
أهو الانتظار أو الانتظار
رجمتها البلاد بتهمة الإيمان
بالأب و الابن والروح القدس
تبا أضاقت الدنيا بأصفادها
و الأجساد  بقبورها
فباتت تنبش الروح تفتّش
عن بصوة أقانيمها   

 

15
أدب / شيخ الهوية
« في: 08:27 19/08/2016  »


شيخ الهوية


سالي

تناثرت على الثنايا خيوط المسرحية
فتشققت أخاديد طرقات
وصمت بالقار
و بإردبّة  تغثى سدفة شيخ الهوية
وانفلتت بصوة من بتيراء
لتسيل على الإسفلت تبدّده
و تعمّد الشوارع بدماء وردية
ناجود فتى تسجّى على السابلة
يرتاغ جذاذة من حرية
****
رجم الفتى بشيخ الهوية
يرتّل طلامس
ويصلب الشمس
يأتمّ رمس القضية
ألقى بسحب الموت في السماء
لتهطل لعنة على الصبي
وغثّ آيات بهلوانية
****
غصّ الفتى بريق آل من حرية
فارتاغ فقط سؤرة من كسرة
و حافرة يتمرغ بها
فما دخل الجائع بالحرية
فاكتحل شيخ الهوية
بإثمد من نار الجحيم
ونفث في الرغيف موتا بطيئا
فكان وفيا لشيطانه ملهم الوصية
****
 ثار الفتى فالكسرة كسوته البهية
يتأنّق بها حتى يتمدّد وجعه
على الزقاق
لبضع أيام إضافية
بيد أن الرغيف المحموم أرهقه
فغثى آخر ما تبقى
من ألم روح شقية
فجثم الشيخ على جدث الصبي
يرجمه بآياته
فثرّت روح الشهيد بخار السماء وتمتمت في صخب:
قلت ثورة أعلم الآن أنها كانت مسرحية

16
أدب / طفل مجزور
« في: 17:21 15/08/2016  »

انتحر الموت
و توجّع الوجع
فسقطا على أرض بهلت
 بناجود طفل منحور 
تفرّج فيه العالم
ثم حوّل وجهة التلفاز
إلى الألعاب الأولمبية
****
صاح الوليد
فتفتّت الهواء
وامتعضت الشمس
فلعقت ريقها
ومضت به إلى السماء
في توعّد بمصير
"و بئس المصير"
****
تزبّد الصبي غرغرة موت بطئ
فنازع آخر ما تبقّى من قدر محتوم
ومازال العالم يفتّش   
في صمت مقيت عن
ابتسامة في بشيش أرض
لعنت بذبابة
تحوّم حول جثة
طفل مجزور
ومازالت الشمس تتلمّظ وجعها
و تغثى صمتا مذنبا
و تهمي بريقها على هذه الأرض
لتسرّفي في قعر ضمير منكوب
لا تفزع لجزر طفل في الثالثة من ألمه
فثلاث مشاهد في مسرحية
قد تكون الرواية كلها.

17
أدب / لص المدينة
« في: 20:15 11/08/2016  »

لص المدينة

عبّ الليل من معين الصمت
فتلفّع بمعطف تأملات  السماء
تطوّف بالعالم  لترتّل موسيقى
توقظ الأرواح 
وتخضلها بريق الرّقيع
****
تناثر صمت الأزقة في جنان اللص
ينخسه للسقوط على أجنحة المدينة
فيألس أحلام البؤساء
ويبدّد خيالات الموسيقى
وهي تصلى في شغاف القلوب
****
الصمت سليقة الليل
بيد أن السقوط فطرة اللص
يتوجّس من انتشاء الروح بهجوعها 
فينثر في  النّياط ألما مزمنا
يسهّل احتمال  الرذيلة و الوجع
****
يأتمّ اللص
احتجان  ترنيمات الصفيح
فيضحي إنسان المدينة شيئا
إذ لا تكترث الأشياء بسرقتها فلا تثور
****
بيد أن الأشياء إذ كانت لا تشقى
فإن إنسان المدينة  يشقى و يتألّم
فعمت رعبا أيها السلاّب
فإن القصة هي القصّة دائما و أبدا
فالألم و الثورة وجهان دوما للص واحد

18
أدب / الظل الشارد
« في: 12:28 10/08/2016  »
الظل الشارد

سالي




سقطت رجم الآيات لعنة على الفتاة
و تسجّى ظلها على صقيع الأرض الفلاة
يخمر عنها النور في مناسك فرائض
علّمتها أن ليس في البيت خلا عتبة
ووسادة   تخدر عذاباتها
فبات جسدها رزيّة تستوقرها
"فبأي ذنب وئدت "
****
رجموا الفتاة بصرمة من آل سدفة
وأشفقوا من انبلاج سعفة النور في الصورة
و من أن تصيخ لترنيمة الحياة ترتعش
 على جعفر يشهد ولادة لجين برتقالي 
فقد سملت الدجنة عينيها فأبلست عن رؤية
 الألوان خلا أبيض و أسود
وثرّ السديم دخانا  تشذّب في الصورة 
فاستعجمت مشاعرها  بين جذل و سدم
واستوقرت جسدها ترتاغ وصل ظله
بيد أنه لا بد للظل من نور حتى يسطع
وهي التي ولدت  من مخاض سدفة
ألقت بها في ترباء تمرّغت بالردغ
 فجزرت من كل فعامة
و فقّ الغرين عينيها
ففرّ النور و الظل معه
وانتشرت على جدب الفلاة   
هباء من جفاء جفاء من هباء
شبحا بلا خيال، بلا نور
****
بيد أن الفتاة  إذ عدمت ظلها
اهتدت إلى روح حلّت في بخار عالمها الأوّل
 مسح عنها رحضاء الظلال و الجسد
حيث أشرقت الروح من نفسها و فيها .

19
أدب / لا تقولي أنا, فمن أنت؟
« في: 04:49 07/08/2016  »
تزبّدت الحياة فكبّت  فتاة 
تنازع  الفسل العارم بجسمان يغرغر
شنأ الهواء أن يجديها بعض انتشاق  أو بضعا من زفير
و تفوّه بها القدر طفاوة  من صنف اللقطاء
لا بطاقات هوية  لهم و لاأسماء
في عالم تطـأطأ  فلا أليف لهم
خلا خيال ينشد بضع أنفاس ليتنهد 
وأنظار تتطلع إلى رقيع يهطل
 حتى يوقظهم من كابوس مروّع
 فينشدون الرقاد ثانية إتّقاء 
 لحياة أكثر رعبا إتّرعت بنقيضها
وشنأت رؤية حقيقتها على مرآة حفير الأرض
وتحلّى   التلفاز   بكلّة 
يظهر في الصورة نصفها أو ما يقل
و يسجف معظمها أو جميعها
تشرّدت الفتاة حيث ولدت
و ترمّلت قبل أن تزفّ
غمزها الخبّ  الغشوم يتفقّد بقية من نسيس
فحدّجت ببصرها و قالت
بصوت ترتبك فيه عرواء لهاث محتوم 
أنا...................
فقال العسوف
لا تقولي أنا، فمن أنت؟

20
أدب / رحلة تانيس إلى قرطاج
« في: 08:06 03/08/2016  »
ديباجة:
أقصوصة  تتّحد فيها الوقائع التاريخية بأحداث خياليّة ،فيرتكم أبطال قرطاج
التاريخيين كمثل "هاميلكار برقه" و "حنبعل" مع شخصيات خاطها خيالي وهي شخصيات "أهيروم" و"ديلوس"و "سينوس"  فطافت بها الأحداث لتنفلج منها حكاية قرطاج
 خريدة لم تثقب و أطما لم يفتل.
وحوّمت حولها الإلهة الفينيقية القرطاجية طائرة الصيت  "تانيس" أو "تانيت" فوسمتها بميسم دلالات رمزية.




رحلة تانيس إلى قرطاج


نمنمت الجوناء السماء فتبلّجت عن بصوة مهيبة و ضرمة لهيبة و أطلّت" تانيس " من إفريز بتيراء ذكاء فلمحت بلاجا مليحا و جدّا فسيحا.
زأبت "تانيس" شواظ الصّقعاء و حطّت بجدّ الدأماء، في الحوض الشرقي للبحر الأبيض المتوسط، بصيدا و صور مدينتي العبر و النور و نفخت بوحيها على بحارة فينيقيين أهصاء سرنديين، تمسّكوا بعروة قلاع فلكهم توقا لعوالم تقبع وراء البحار لا يعرفون لها اسما
و لا يحفظون لها رسما بيد أن الآلهة "تانيس" نفثت في تأمور كل فينيقي شغفا سحريا بما يقطن خلف المحيط.
عبّ الفينيقيون من مياه اليم و سكن فيهم كلف عظيم بالتّرحال فكان أن أقاموا محطات تجارية ومستوطنات صغيرة. و في سنة 814 قبل ميلاد يسوع منقذ الأنام القيام منهم والنيام، استوقروا حجارة عظيمة وشيّدوا مدينتهم "قريات حديثات" أي المدينة الجديدة بشبه جزيرة صغيرة مياهها غزيرة و خيراتها وفيرة .
  جذل الفينيقيون بمدينتهم الحسناء و نظروا إلى السماء الذكاء و هلّلوا:
"تانيس، تانيس،
أجديتنا من ذكوة ضرمتك مدينة حبلى بمياه غزيرة
فنمنم الريح الرمال خيرات كثيرة
حمدا لك
حمدا لك "
عندئذ، تكشّف البحر عن ألقة جليلة و تنفّس الموج عن حسناء جميلة صدحت في جموع فلذاتها :
هي مدينة الخصب أرفدتها لكم كلفا بكم ووجدا "
لتصنعوا منها دوحات لكم و مجدا "
اغتبط الفينيقيون بعطايا إلهتهم وسكن بهم مارج مشبوب يتّقد حماسة، فكان أن جعلوا من مدينتهم أكبر حاضرة تجارية على عراق البحر الأبيض المتوسط فأينعت تجارتهم وانتعشت صناعتهم و غدت  حاضرتهم بلدة شاسعة تمتد شرقا على طول الساحل حتى ليبيا
و برقة وغربا حتى الجزائر و المغرب.
 و  أضحت الأرض مزارع و ترصّعت بموانئ تجارية و أخرى حربية
و تبرّجت بمراسي للسفن، ثم أطمّ الفينيقيون حصونا شاهقة
 و أبراجا سامقة  للذّب عنهم ، وانتشرت الإسطبلات التي ضمت فيلة فطاحل
و خيولا بواسل و شيّدت ثكنات كانت أثيلا لجند ترتاح للندى
وتنشط إلى المعروف أشاوس غطاريف وأسّ الفينيقيون خندقا صلدا
وقلعة منيعة قنيمة بحمايتهم والذّود عنهم.
فاستبشرت إلهتهم "تانيس" و أفصحت عن نور الحكمة لأبنائها بعد أن أجدتهم بركة الخصب، فسهكت الريح و نمنمت الرمال نهى.
ترضّبت سلالة الآلهة "تانيس" مياه الحكمة فنحوا إلى التّنظم صلب تنظيم سياسي محكم 
وشرّعت القوانين للمدينة لتنظّم علاقة العاهل بالأفراد و علاقاتهم فيما بينهم .
فأنشد الفينيقيون "تانيس" "تانيس"
أجزلتنا حكمة عظيمة بها تفتّحت العقول و الألباب
و تعدّدت لسؤددنا الأسباب
حمدا لك حمدا لك "
 ثمّ نفذ القرطاجيون إلى طويّة الحقيقة الألمعية، قرطاج ستضحي أكبر امبراطورية على بلاج البحر الأبيض المتوسط،  فكان أن ضمّوا إلى الحاضرة المناطق المتاخمة على الساحل
وعلى ضفاف نهر مجردة، وهو ما تمخّض عنه أن توسّعت المدينة فضمّت تجارا أثرياء فلطحوا جيوشا قرطاجية عظيمة و أساطيل بحرية قادها أدميرالات أكماء حوّلوا البلدة إلى إمبراطورية شاسعة تمتّد على عدان البحر الأبيض الجنوبي من سيرنيكا إلى جبل طارق
 و ما بعده .
ثمّ دحوا سلطانهم على طارطوس و جابير و مدن اسبانية عديدة
و ضمت إليها جزر البليار
حتى أنها بلغت جزر ماديرا و مالطا و سردانيا و قورسقة و نصف صقلية الغربي.
فتخم القرطاجيون بعد أن نهلوا من معين ضرائب جمركية جمة و مصّروا المدينة فأشادوا قصورا عالية الجدران منمنمة بسحر الزخارف و البنيان.
و أشادوا أحواضا شاسعة وغدت فورتها في الأمصار شائعة.
و من ثمّ قرعوا طبول الملحة على حكام سراقوسة في صقلية فكان قتالا دام زهاء قرنين من الزمن وهو ما تمخّض عنه استعار بصوة الحرب بين قرطاج و روما فكان أن ضجّت في الأنام خيضعة مفزعة و أصلت الفرسان سيوفها و نصبت المنجنيقات
و جهجه هاميلكار برقة مرزبان الفرسان  فقاد الأساطيل
و سفع بالموقع المسيطر على الساحل الصقلي "أركته"
وأطمّ  الحصون و أغار على روما برا و بحرا.
و من ثمّ  وثن بجبل اريكس و لازإليه فأوغل في السير و أرقل،
و أهطع المضي و أجفل
 ورتا برأسه إلى جنده و لمع بسيفه و صاح:
"قرطاج ، قرطاج،
أسرجت بالمروءة سعوة في تأموري
 فسفعتني شمسك و أجدتني حلة من النور
لن يبيخ الرومان النار في جرشي
ولن يثلّوا  من رباطة جأشي
كبّى حافر جوادي نار عزيمتهم
و أبرمت مروءتي جند مدينتهم
صادف درء الرومان درء يدفعه في غور البحار
و تنزّى إلى القتال لايكهم عن نصرة الديار
فأبلست روما من سقوط حصون قرطاج العتيدة بيد أن الرومان  أثلوا أسطولا بحريا جديدا
وأرصن البحّارة في شقّ عباب البحر و ركوب أمواج الغمر، و في المقابل همدت في هاميلكار برقة و جنده ذكوة الحماسة و سعوة الكياسة فنحوا إلى إغفال أساطيلهم فراثت عن ركوب الندى و عست أخبارهم بعد أن نزعت روما إلى الحؤول دون تموين قلاع قرطاج
وبزبز هانوا أمير البحر القرطاجي إلى جزائر إيفادا لوصل هاميلكار بيد أن الأدميرال الروماني حال دون ذلك و زند الغريمان المتنازعان ذكوة الحرب التي انتهت بظفر الرومان فانتعف القرطاجيون حقوقهم في صقلية و جميع الجزر الواقعة بين صقلية و إفريقيا.
فصاحت "تانيس" في الفينيقيين:
"أقشع غيم الحرب عن جشع بكم يسكن
و عن مرتزقة تبتغي القصور بها تقعندد و تقطن     
صاف السهم عن الهدف و المرمى
وانتكف القرطاجيون  ينشدون حومة الوغى "
وجمت "تانيس" ووكمها جشع أبنائها الفينيقيين حيث كان جند قرطاج مرتزقة طويت بطونهم ضرما و سغبا وعاثوا في الترباء و البحار عبثا و شغبا.
ثم استعرت ضرمة الثورات بقرطاج و تزعّم جند المرتزقة القرطاجيين سبانديوس
و هانو،
ولئن أباخ هاميلكار نار الفتنة بيد أن بصوتها اضطرمت بمدينتي أوتيكا و هبرزاريوس ومرة أخرى كبّى هاميلكار سجر الفتن .
ومن نافل القول أن هذا القائد كان محنّكا مزيرا أحوس، جريئا على الأعداء أشوس.
وسط جهجهة الجند في ساحات القتال و خيضعة الحرب بين كرّ و فرّ و سجال، نشأ حنبعل ابن هاميلكار برقة وهو رجل أصيل المحتد من ضئضئ كريم ، طيب الأرومة ذو حذم عظيم .
كان ينتعل الأرض و يتقلب في البلاد و يركب البحار من إسبانيا إلى إيطاليا
و آسيا الصغرى، قد أرصن فنون الحرب وورث مهاراته عن أبيه هاميلكار
و صهره أسد روبال.
قاد حنبعل فيالق الجيش وهو غطراف يافع، فكان ضرغامة كميّا، ينتكف من أرض إلى أرض لا يرفع العصا عن عاتقه و لا يتلد بمكان بيد أنه ثوى لمدة باسبانيا التي عرفت عصرئذ فورة اقتصادية  عظيمة و غدت مدينة قرطاجية  و هو ما تمخّض عنه
أن وجلت مدينة مرسيليا الفرنسية  من هذه الانتعاشة فكان أن اشتكت الحاضرة الاسبانية القرطاجية  إلى روما التي اقتنصت الفرصة لفرض اتفاق مع أسدرو بال صهرحنبعل يقضي  بعدم تجاوزه لنهر البيرو بيد أن روما نكثت عهدها فحين عبر حنبعل رفقة جنده نهر ساكنتوم ادعت أن هذه المنطقة هي الحد المتفق عليه وليس نهر البيرو
ودقت طبول الحرب.
فما كان من القائد القرطاجي إلا أن جاب و جنده أنهارا كثيرة مياهها وفيرة مثل نهر الرون واجتاز سلسلة من الجبال السامقة ذات السفوح الشاهقة قصد الوصول إلى إيطاليا براّ و في طريقه نحومقصده  سجّرت القبائل الاسبانية نار الفتنة شمال نهر ايبرو بيد أن حنبعل همّدها.
و من ثم جاء القائد القرطاجي على غبيراء الظهر إلى إيطاليا حيث ألقى عصاه سنوات طوال أثقب خلالها ذكوة الحرب ضد الرومان مرات عديدة راجيا أن يجرجم عرى الكنفدرالية الايطالية التي كانت روما زعيمتها  و كانت أهم المعارك التي خاضها هي معركة "كانه" التي وبق فيها جند الرومان برمته فأزعف قادته.
بعد كرّ و فرّ  بين الغريمين نجشت نيران الحرب بين القرطاجيين
و الرومان في زاما فرفع القائد حنبعل للحرب درفسا
و كان على عهده ضرغامة عملّسا.
و أقبل الجند القرطاجيون على فيلتهم و خيلهم بيد أن زعيق نفير الحرب أجفل فيلة القرطاجيين فنبت عن مهاجمة الرومان.و منيت قرطاج بهزيمة جرجمت جند ها على بكرة أبيهم خلا عدد من الأجناد عادت القهقرى من بينهم "أهيروم " الذي أهوى من على فيله  فبجس جرحه و بزغ جلده و نالت منه الوعثاء فتلد بالمكان ليستروح إلى أن أصاخ إلى صوت يترنّم بأهزوجة شجيّة فكان أن لمح صبيّة بهيّة تنتشك الكلام و يشده لسحرها الأنام ، سفعتها الشمس بأشعّتها فأقشع وبيصها عن ملاحتها.
كانت الصبية مزارعة تبذر القمح  في زريعة و تصدح بترنيمة. نحى أهيروم نحو الفتاة
و نشّم في الكلام قائلا: 
"شدهت بصوتك فكنت له أخيذا مبثورا
و أصفدت ملاحتك  جناني فغدوت به مسحورا "
علق أهيروم بالفتاة و تدعى" ديلوس" مذ أن ارتتقت نظرته بنظرتها و ظل ينتظر عودتها حتّى لمحها بعد أيام معدودات قادمة نحوالمحقلة  فقال :
"دمعت صبابتك في جأشي فزرمته خوفا عليه من التّرباء الخشّاء
و أرآني ديسم الأكمة أنك مقبلة مع تبلّج البتيراء الجوناء
مجّت الشّمس ريقها فسفعتني بدفئ مهيب
فازدقمت بصوة المهاة الذّكاء قبل أن تكرب للمغيب "
اغتبطت ديلوس بكلمات أهيروم و علقت به فارتتق العاشقان في الوجد صنوان تطوّقهم زأرة ملحاء إلى أن ارتكما على الزّواج فتأشّبا في بيت صغير في أرض تكاوس عشبها
وشمط شجرها.
بعد مدة أصبت "ديلوس" صبيا أسمته "سينوس" اخضوضل بندى الوثيمة و تعمّد بذكوة المهاة البتيراء فنار وجهه و حسن فما في المكان تدمريّ إلا وبه افتتن .
أسرج "سينوس" في جنان والديه مصباحا من الحب لا يهمد و صحت "ديلوس" في دهم الليل لصبيها تهجد

الفصل الأول
الرغيف الأسود
بعد انصرام سنوات عديدة أضحى الصبي حدثا  في العاشرة من عمره فأرن مقبلا على النهر الذي يشق الحقل الذي يطوّق بيته فكان يعبّ الماء من  جدول كان يسري في الغيضة الظليلة و يترضّب  من لجين مياه الخميلة فكان ينيخ بالودفة لساعات طوال ينأف من بصوة السنا المنتشر على ظلال اليعبوب فإن أكهم من السير و طلح آب إلى بيته ليلتقم من الحساء بلالة و من الرغيف ذمامة و يتغمّر كوبا من محقن اللبن .
فجذلت لمرآه أمه "ديلوس" واكتنفته بوجد بجنانها يأثل و فخر بصدرها يتزيّن
و يحفل.
وشدّ والده "أهييروم مئزره ليجدي ابنه كل ما كانت تعوزه إليه الحاجة .
وما زاد البشر بشرا أن "سينوس" كان ألمعيّا أريبا،حصيفا لبيبا ، كثير السؤال فلمّا تمعّن في البصرة الرّهاء التي وثن بها بيته كان يشخص بعينيه
و ينشّم في سؤال" ديلوس":
-أمي، هذه التّرباء وعيبة فلما شظّاها القوم فانجذمت ؟
- بني،انفصمت العروة الوثقى،انفصم الحب بين القوم ذاك القبس المهيب الذي أجدته "تانيس" لقوم الفينيقيين  ليعتصموابه  فيؤبّروا الزرع
و يسدوا بين القوم و يعمّروا البصرة.
- أهو ذاك الحب الذي يثقب في جناني حين تطوّقينني فأرفأ إليك أهو الذي أقلزه من ثدييك و لا أبتغي منه فطاما ؟.
-هوكل ذاك ،هذه الأرض ترشح بمعجزة خلق عظيم اخضوضلت به الترباء و سديت السماء فتبجّست
 منها ألقة جليلة، هو ذاك الحب بني.و ما هذه الأرض خلا رغيف أسود انتزت عليه كوكبة من القرطاجيين ونبت عن إرفاد خدنائها.
-أمي لما راقت الأرض للأنام وهي تشبه الرغيف الأسود فالأسود مثل الليل دلم أما أرأيتني أن السواد قبيح؟
- على سواده راق الرغيف للأنام فناشوا فتات كهبته و تعفّروا بريق تربته فغرغر ذا الريق في حلوقهم فإذ بهم ينازعون و عن الحياة يفرنقعون. الناس تنشد الحفير
و تنتعف النور.
احتار "سينوس" لقول "ديلوس "  وطمح إليها بعينيه وقال:       
-النور دسق يا أمي فلما لا ينشد القرطاجيون تألقه؟

- درأ ت "تانيس"  دوحة للقرطاجيين  بها يتأبّدون بيد أن الأنام رمّست النور
و دفنته في صدر الأرض فكان أن اعتلّت الترباء
 و غدت دهمة تطمر أجسادهم المسجّاة على حفيرها،
وبزرت الإلهة في جنان كل قرطاجي بذرة من الحب تعتضد بها الروح كلما جثم عليها   الشقاء فلنرفع أعيننا إليها و فلنصلي حتى تدجّ شغاف القلوب فتتبجس بصوة النور

الفصل الثاني
المزارع الشقي

أصحى الثرى الأرض النائمة   فقطّت قطرات النور على وجه"سينوس " صرمة من الظل الخفيف فاستيقظ و أرقل  نحو الغضاة يستحمّ ببلالتها و يتزين بعبهرها .
اصطحب "سينوس" "ديلوس" في نزهة في الحصيدة المتاخمة حيث سقطت رجم الشمس على المزارعين فشزنوا و شدّوا مآزرهم لرعاية الأرض وزراعتها فلم تكن تحميهم من فيح الرّمضاء خلا جلودهم التي بزغها الإعياء فنزّت بالدّم وانهمر عرقهم
و امتزج بالناجود فازداد سواد الترباء و تشقّقت شفاههم إذ لثّها ريقهم المرّ
وامتحقت وجوههم ووقب كل معنى في عيونهم.
تلد المزارعون في الحاكورة  لساعات طوال تخالها لا تنتهي فإذا كربت الشمس للمغيب، خمصت بطونهم، وعاذوا إلى كرمة يستذرون بها و يقتسمون فتات خبز أسمر
ويتوجّرون كوبا من لبن، فلم يتمّوا أكلهم بعد حتى غشي مالك الحقل المكان
 بعد أن نئف من الأكل ما لذ و طاب فسنق و تثاقلت خطواته
سيما وقد احتسى باطية من الخمر
و كان يرتدي ثيابا من الإبر يسم المخطوط بكتابة من الذهب الخالص.
كان مالك الزريعة يحمل عصا ينخس بها المزارعين الأشقياء
كي يتمّوا عملهم فيتجرّعون غيظهم
و يتندّى ريقهم بسيلة يغصّون بها.
فتهزّع "سينوس" و نخسه إحساس مرير بالقهرواستند إلى جنبة،
ثم طمح بعينين اغرورقتا حيرة و تيها
وقال:
-هل انحسر ذاك الحب المهيب الذي تنضّح من سعوة نور" تانيس"  التي طرت في جنان القرطاجيين ؟
-انغاضت فسيلة ذاك الوجد الجليل فنضت الترباء و غارت حتى غدت رغيفا أسود.

الفصل الثالث
العاهل المقيت

درّت السماء بخطوط الصّبح الأولى جزعا ينظّم جوهر الكون و طلّ الثرى الأرض فأرنت" ديلوس " رفقة "سينوس" إلى المشارة فاستوقرت شقاءها فقد بلمت شفتاها واسمعدّت أناملها.
خبعت "ديلوس" و "سينوس" حذو مرواح للقمح.بيد أن سدفة الدّلسة سقطت على الحصيدة فنفتت الترباء نجوجا لعينا، وتختّر العاهل نحو الحقل صحبة كوكبة من حذمه قداستعجمت مذاهبهم فكانوا مخاتلين، في ودهم مماذقين .
طاف العاهل و عترته بالمرج يسفعون بالحنطة و يملقون الكروم،
ووثنوا بالأرض المضلّة ينأفون الوليمة فما تركوا منها حذامة.
فتصرّمت نعماء "تانيس" على ترباء قرطاج و غشمتها لعنة دهماء و تهزّع بشيش الأرض
 و سحم فغدت المدينة موطنا لجثل مفزع يغور في الأرض يرتشف ماءها و يطمر نورها .
أمقل "سينوس" "ديلوس" بعينين تغرغرتا فانسجل منهما ارتباك شديد ومن ثم قال:
-انصدع نور "تانيس" على ىبشيش  قرطاج،
فكانت للقرطاجيين ودفة ظليلة يستذرون بها فلما ازدرد العاهل
و كوكبته جميع حنطتها و كرومها
 فكشرت الحياة فيها عن ملاشاة رهيبة؟
-سهمة المزارع الشقي من قرطاج زهيدة بيد أن له في السماء ردءا رغوثا لا يكهم عن نصرته.
ستنيخ اللعنة في هذه المدينة مادام يوطّن بها عاهل مقيت ينتزي
و حذمه على الرغيف الأسود فيصنعون به شقاء المزارعين
 بيد أنه لابد من تكشّف الأنام يوما عن حس بديع.

الفصل الرابع
الحس البديع

انبجست السحب فتكشّفت عن ألقة نمنمت السماء فدرّت تبرا ابتردت به مفاصل الأرض فاستبشر"سينوس" باغتسال الترباء من غين أسود ندلت به فهبّ من نومه
و أرن نحو "ديلوس" ليشهدا معا عرس  طهارةها فهما في الرحلة صنوان لا يرتبثان.
بزبزت"ديلوس" رفقة "سينوس"نحو جعفر أقشع عن صريم نهار يتطهّر من حندس الليل
و يستعجم قتام الحفير فامتدّ فيح بصوة "تانيس" المهيب
و أقشع عن حسّ بديع إنها صلاة الروح تستروح روحها ،
والنفس تتنفس في نفسها، إنه هجوع الحلول في أقنوم الروح المطلق.


21
أدب / الحس البديع
« في: 18:06 12/07/2016  »
ربي،
احتارت مهجتي و ثقلت وحدتي  وقتر دمعي يتعذر
و تذبذبت روحي تغضر مرة ثم تحتضر
وارتعد وجهي على مشارف المياه يمحل يوما و ينضر
وانتشرت حمى الفراغ في جسد ينهزم ثم يظفر
شنأ وجهي سحنة تميع  و تتنكر
فظل يجاهر بأوجاعه يتيمم و  يتطهر
ربي،
تتوق روحي إلى نور ينفخ في طلامس ليل يسهر
يتكشف عن حس بديع يبهر
به تهجع قشعريرة تحل و تنصهر
في صلاة لروح تجل و بالقداسة تغزر
في حلة لعيد الأشقياء تتبختر
وتتوهج نورا في عباب النفسي يمخر

22
أختي المبجلة،
سريت عني ما قد يكون غائبا عن ذهني فزاد معروفك عندي عظماو نفست نصيحتك.
زادك الله نماءو خيرا.
أختك من تونس.
 


23

أبت، في جلالة روحك الوهاجة يطيب مسكني و مقامي
و يتقلب صدري بين زهو و آلام
و يتأرجح وجعي بين سبات و قيام
يبحث عنك في كل صغير فليت عمري كل صغير هو عظيم  كذا السنام
اختفي من الصورة كل أب و أم و إمام
و أبلج في تأموري  أب وابن و روح تتقدس في سلام
   تعلمت حبا يترعرع في الصمت قبل الكلام
و ألما بعده تبعث الروح في  الأنام
أبت، ذهلت عن سفر في مدائح لخليفة و إمام
تطلعا لصولجان و مرقاة من سجنجل و حسن مقام
و يممت إلى إله ترك المجد و ملكوت الأكوان و الأجرام
و مات على صليب لأحيا و يحيا كل الأقوام
فليست بأجداث هذه  المباني  بل مراقد للنيام
وورثت من طيب صرخة اهتزت لها السماء من الآلام
حبا يغتذي  من رغيف يحيا في الثغور و ينصرف عن كل  فطام
و يلمح روح الأب الجليل في كل  فم تشقق من صرد و سعار و تقلب الأيام

24


أمي ، لا تهديني  كفني و لا تذكريني بنفس تتجيش و تتوجس


سالي

أمي،
سقط ألمي في سراب ناطور يخيف و يعبس
و انتشر متعفنا في وطن مبهور برياش ينفس
و بإله أشوس يتوعد و يشرس   
على ظل الصورة هناك رب يزأم و يتفرس
و لكن في الصورة أب يحب و يؤنس
أمي،
لفظني أب أضاع نطفته و في رعبه لي يحبس
 ووطن يتضرع  لوهم سدرة و على جرشي يتجسس
ارتجف في قلبه وجف من جسد يصخد و يدهس
و تناثرت على ثناياه قطع جنة ملتحفة بدم مدمس   
أمي ،
لا تهديني  كفني و لا تذكريني بنفس تتجيش و تتوجس
ففي رغيف أبي وجدت حياة تحيى و تتنفس
و وطنا تسكنه روح حبلى بالهجوع تتقدس
فدعيني هناك في جعفر أغتسل متلفعا بصريم ينبجس   
و أنصت لحياة  لبلجة  النور من الأب  تقتبس     

25


موطني، ليتني ألقاك أو ليتك لا تـأتي


سالي

ذب جسدي و هاض على مشارف مجثمي
و على هذه الأرض بحثت عن مكان لوجعي يحتوي
وحيدا في خشوع مفزع أصلي لحياة قد تأتي و قد لا تأتي
و النهار يمد و يجزر، و الليل يعسعس و لا يمضي
موطني،
تناثر على حافرتك قماطي ورحلت ندهتي  لرحمتك تستجدي
و نث دمي   لصولجان الملك يعزي   
لموت عاشق لوطن ، العصافة لعترته يهدي
يا موطني ليس بك شوق لغريرأو لنطاسي يفتي
ولا  لطقوس من ورق و لا لنبي لرياش الدهقان يصلي
لتربتك اشتياق لضمير أمة بخشارة تغتبط و بأنفاسها لك تفدي 
موطني،
ما خطبك ذهلت عن ذريتك و سكن بك أطلس يتوعد و يعوي
  و لخازن  الزبرج بعت القرارة أفهل تبيع السردح و تشتري
في غور لجلجة القوم تأبد قلبي  والتحف بوحشة على حشاشة روحي تنتزي 
ليتني بك يوما لم ألتق حتى لا أشهد توديج صبي يزحر و يبكي
أروم هجرك لكن أثوب إليك يحتدم بي الوصب و صيهد الوله بك علي يبقي

26
دغدغ وجهي   لجين طم  يقبل  و يحضن
وأيقظني سنا سحر في الدأماء يفتن و يقطن
خلته محراب حضنك  بالوجد  يتألق و يحسن
أماه أهو الغمر يلفظني و على جسدي يهيمن
أهو الغطم يتلقمني و بجثماني   يسكن ويستوطن
أخبرتني عن وطن به وبيص الحياة  يحل و يقطن
فما رحلي ألمح أجسادا تتلفع بالعرواء توارى و تؤبن
****
أخبرتني عن كتب بقصص الأبطال تحفل و تتزين
فما بال الجواد  بسنابكه  يرتم  و يطحن
والوسام  يهوي على إردبة  تتوعد   و تأسن
و النوتي  يعبث بركاب السفينة   و يجبن
وما خطب هؤلاء  يلقون بي في أمواج تقذف و تغبن
****
أماه أخبرتني أن البحر في موطني يتزين و يفتن
 بوجوه أطفال تزهزق ، بشمراخ البلح  تفره و تحسن
فما باله ينز بجثث صبية  في أغوار اللج  تتيه و  تتعفن
موطني به   لهاث الموت على المذابح يقيم و يسكن
لكن أليس بوجع الصليب خلاص لروح بالسخيمة  تدرن

27
ربي بين الخوف و الحب
تتخبط روحي  و تنتشر
على ظلال الشك و الحيرة
ظننتني لفظت قصتي الأولى
في صحراء البدايات الفلاة
لكن الخوف المتلفع بحدثان العراء
قد  التحف  بوجع يئن و يبتسم عن جرح يغث
تبعثرصديده على أصقاع  تأموري
****
ربى بين الخوف و الحب
أغامر بالحياة 
في وطن متلفع بالناجود و الوصب
يشهد جعم الأفواه إلى تلعق الغبار
وشطون وجوه تنز بالقار 
تصلي في جزع على تربة غبراء
****
ربى بين الخوف و الحب
لم يبق  لي إلا زجلة من روح
يسمدر بها الشوق إلى وبيص نور الحب أحيانا
لكن عزائي أن مازال بجرشي
اشتياق إلى تنضح بلجة الروح القدس
فلأعانق ألمي ولأرحل به  إلى ناووس مهيب
لعل الإعتلاق ينعتق يوما من  قمط   الوجف

28


صغيري، حبيبي: عذرا ففي بلادي يصلي الشيطان للشيطان

سالي


صغيري ياسين أبلجت بوجهك صرخة
تولول و تعوي في عروقي
وانتزى الفسل العارم
على حلم أينع في السماء
وقطفه خريف غاشم

صغيري، حبيبي،
صداحك المطهم
زرع في رحمي
ليولد يوما  من الوجع
حلما يورق في السماء
أنتظر أن ألفظ يوما
وصبي حتى ألقاك
في صلاة للنور المقدس

صغيري، حبيبي: عذرا
ففي بلادي يصلي الشيطان للشيطان
 و يقدم النور قربانا للظلام
عذرا لأن خشوع صرختك
تناثر على إسفلت طريق مفلس
على خطاه تبعثرت الحياة
وانتحرت على مقصلة العجز المفزع
عذرا لأن ليس لي أن أتنفس فيك

ليس لي أن أضع طوقا من شمس
على مسك جسدك  المسجى على حشاشة روحي
لكن فقط أعدك أن أوقظ ألمي كل يوم
حتى يصلي لصرختك  المبللة بريق
وجع يشتكي من وجعه

29
أدب / الخشب و الهاوية
« في: 08:03 16/05/2016  »
الخشب و الهاوية


حمل الآدمي قناعا من خشب
و ساح به في الممرات
يمضي و يلتفت عله
يخفي وجهه وراء الإسفلت
وارتمى في قعر أرض خشاء
تفشي عن وكم تقصع صدأ 
انسبك  على بئر هوهاء
 ****
تكسر الخشب على مشارف الهاوية
ولم يبق منه سوى ظل في قعر غامد 
يبحث له  عن مأوى
ووجه حاف  يشرق
عن دمعة مرتبكة
و عين مرتجفة
و أنفاس تنفخ على الفحم 
و ذكرى انسان   
  دعص غيضا مع صرخته الأولى 
لينشر  من جديد مع الاقانيم الثلاث

30
أدب / لؤم السياسي
« في: 08:45 09/05/2016  »

أركض في الجبال عاري القدمين
و في همياني رغيف أسمر 
و حبات زيتون
و على ظهري بضع كتب
و في بالي أحلام أمي و أبي
على ثغري ربع ابتسامة بها قلح
و ارتعاشة خوف من سيول الوادي
فها قد أمطرت السماء هذا الصباح
وادعنكرت السيول
تعثرت خطايا على الثنايا
فر مني الرغيف و حبات الزيتون
و رحلت  أوراقي
....
لمحت عن بعد حيزوم  سفينة السياسي
لوحت بعيني و قد سجمت عرقا
أشرقت بثغري صرخة مطهمة
لم يرني السياسي في فلكه
سهكت الرياح و قطفت عولتي
و حملتها إليه
دسرني ذاك الدخيس  برماحه
فاندسجت على الأرض و الليل دلامس
و لفظت في خشوع جسدي النحيل
أبلجت روحي و هي تصلي في سكون
و في  صلاتها تلك تمتمت ابتسامة 
حين رأت السياسي يذرف  مياها آسنة 
و يضع باقة من دم على قبري

31

بني،
 ها قد تخضبت بالحناء
و وقفت هناك  على الربوة أنتظرك
أخبروني أنك لن تأتي
•لكني أعلم أنك وراء الأكمة
أتصنت صوتك يشدو في صدري
و ألمح ظلك يرقص مع الرياح المعاصف
بني،
زرمت الدمع
ريمت السحابة  و باج البرق
و وشجت الهموم في قلبي
   أبس الساسة صوتي
وانتظرت أن يتركوا  من وليمتهم سؤرة
 نأش هؤلاء حلمي بلقياك
 مفجوا و ثفجوا
فلن يختفي وجهك المرغوس عن صلاتي
فإن انتزوا من عمري فرسخا
فلن يأخذوا أملا في الله عقدته
و حبا سيط بدمائي
إني أراك هناك وراء الأجمة
تصلي و تبتسم مع تألق كل فجر
ستأتي قريبا فها قد أبلجت الشمس وراء الفدفد

32
أدب / الشهيد و السياسي
« في: 22:27 02/05/2016  »


الشهيد و السياسي



سالي

لا تنتعل حذائي 
فبهذا الحذاء اهترأت الثنايا و  تبللت الأرض بعرقي 
لكن  بحذائك أخاديد تنسجل  فيها دمائي   
لالا تلفظ اسمي في مرقاتك
فإن نسيت فلن ينسى الإسفلت وجهي الذي رميت
فتعثر ثم تعفر حسيرا
لالا تذهب لأمي  فهي كالطفلة تخالك خدينا  يكفكف دموعها   
رفقا بعين تهمي على أرض ركضت فيها جذلا
و لن أهدهدها مجددا بخطايا
جئت فانتزيت على جثماني المسجى
إلى أين تمضي به
لا تلقي به على منصتك  رفقا بأمي
فقد ذبت شفتاها 
و خضد هميانك جسمها النحيل
و  صرب الدمع في صدرها
تلقمت  جثتي مثلما  اغتذيت بخدنائي
حسفل البطن  أنت لا تشبع   
لا تنتعل حذائي  فقد مل  وجه الأرض المرغوس
وجس خطاك  المتعثرة
سهفت  هذه التربة  و لج بها الشوق لاعتناقي
فذرني هناك و لا تمرغها  بنعلك هذا
و دعني أتصنت في  فرسخ
لرذاذ المطر يرقص على جدثي

33
أدب / فليحل الإنسان في أليفه
« في: 04:47 02/05/2016  »
فليحل الإنسان في أليفه

في كل منبر، في كل مرقاة، نجد سياسيين و رجال اقتصاد و خبراء و محللين يتحدثون عن مشاكل الشباب التي تتلخص لديهم في البطالة و المتربة و الحال أن العقبة تكمن في كون الإنسان اغترب عن نفسه، ذهل عن روحه ذلك القبس الإلهي المهيب فأضحى عبدا لما صنعه من أشياء.
نحن نحيا في مجتمع يبحث عن نسبك و لا يأبه لخلقك، يسأل عن مالك و لا يهتم لروحك ، أي لا يهتم لروحه  فهل أضحى الشيئ أهم
من الجوهر.
فحين نلحظ  إنسانا يغمص أليفا له  خلقه الله من جذوة روحه الجليلة لإملاقه لضنكه  أو لعلته ، فإننا نشهد موت  الإنسان فيه، فيكون حينئذ قد لفظ روحه على قارعة الأشياء فإذ شنأ  أخاه فقد شنأ نفسه ألم تولد كل الأرواح من شغف الله بأبنائه.
ذرأ الله ضرمة الحب في ابنه الإنسان ، حبا يتلظى  فيه مذ أن غادرت روحه روح الجليل،ناح الآدمي  وحشة و جوى، بيد أن صوت الإله في طويته ذكره أن الحب يسري في الروح و لا يهجرها .
إشتعلت في  الله نيران عظيمة من الحب  فطفق معجزة الخلق المهيب
أبرأ الأشجار و الثمار ومن  ثمة درأ البهيمة
نظر إلى  رواء خليقته و قال
لي فلذات روح حان ميلادهم
فماعساني أجديهم
تلظت روح الإله وجدا و احتدم بها  زخيخ الحب و من ثمة ولد  الإنسان  رائعا مليحا 
ثم طفقت رحلته لاجتناء الأنوار
آنسته فيها  شمس ينير لظاها و قمر يمتحق و يبدر يضئ فيؤنس
 ألفته الأشجار و جذلت به البحار
أحب الله الإنسان فأتم خلقه من روحه السامية و أجداه  الكون
فليحب الآدمي أخاه و فليحل فيه حلول اللاهوت بالناسوت

صفحات: [1]