عرض المشاركات

هنا يمكنك مشاهدة جميع المشاركات التى كتبها هذا العضو . لاحظ انه يمكنك فقط مشاهدة المشاركات التى كتبها فى الاقسام التى يسمح لك بدخولها فقط .


الرسائل - نجيب طلال

صفحات: [1]
1
أيــنك يا مسرح الـهواة,,, أينك ؟
                                                                                         
نـجيب طــلال
في هـذا الشهر المكـَنـَّى: ب( مارس/ آذار/ ربيع الأول/ بـرْمَهات) والموحي، والمبشر بربيعية الفضاءات، وتغير وتغيير ملامح الطبيعة وأجوائها. وتغيير نفسية المرء لعوالم رومانسية أخاذة في التمعن، لملكوت الرب، وزينة أرجاء الوجود...
 كنا "نحن" - الهواة - التجريبيين ، نستعد بشغف وعشق جنوني، ومنافسة نصفها بريء، ونصفها مزاحمة، وبعضها يحمل الشراسة، تجاه الجمعية المنافسة في الإقصائيات الجهوية، قبل الوطنية . فالمؤسف تاريخ أجيال ضاع في رمشة عين، واغتيل المهرجان، وماتت الجمعيات الثقافية/ المسرحية !!  وبالتالي فلسان الحال، يقول: أيــنك يا مسرح الـهواة,,, أينك ؟  قول لا يحمل نوستالجيا، بقدرما يحمل صرخة غضب عن وضع انهار بأيدي ممارسيه، وإن كان للجهات الوصية نصيب من ذلك !!
 ونعيد القول ثانية .فطرحي هذا، لاعلاقة له  برحاب النوستالجية ، ولا بعوالم البكائية، ولا من عتبة هلوسات ذهنية. بل هـو رحلة استفزازية بين التخوم المترامية، لفتح سِـفر الذي أمسى منسيا ! إنه مسرح الهواة ؟ رحلة  تندرج ضمن إيقاظ السريرة  في تاريخ مسرح الهواة ، كمحاولة لإعادة الاعتبار لهذا الشق، الذي كان حقيقة مدرسة بحق، ووجها مشرقا للمسرح في المغرب، ولـو أن بعض العقليات، كانت تسعى لتقزيمه من خلال صفته ( الهواة ) ورغم ذلك ظلت فعاليات لها موقعها وصوتها متشبثة بصف الهواة، ممارسة واشتغالا وإنتاجا وحضورا، هنا فلا داعي لسرد تلك الأسماء الشغوفة  بالإبداع الفني، والتي كانت مؤمنة بأن المسرح في جوهره رسالة نبيلة وسامية. وهاته الإشارة مردها للسنوات الأخيرة، و في ظل مشاهدة عـروض ما يسمى ب ( الإحتراف) وعـروض خريجي المعهد التنشيطي للفن المسرحي، وحتى مسرح الشباب (؟) إلا ونفس السؤال يطرحه العديد من المسرحيين، الذين أنجبتهم مرحلة السبعينات من ( ق، م) أينك يا مسرح الهواة ؟ وأين عروضك المدعمة بتضحيات، وعـروق شباب المسرح ورواده ؟ فمثل هذه الحسرة : تارة تنبع  ك "نوستالجيا" وفي لحظات تشير رمزيا لتذمر فقدانه، ومساهمتهم بشكل أو أخرفي إقباره واغتياله؟ ربما سأكون  متجنيا  ومتطاولا على "هؤلاء" الذين كانوا في معمعان المشهـد الهاوي/ التجريبي ! زمن الشموخ والعطاء بلا حساب ولا مقابل سوى نسمات روحانية ديونيزوس، وتشجيعات الأحبة والمشاهدين، هي الزاد والتقوى لجل المبدعين. لكن بالعودة لزمنية ( 1992) لمن يريد الإجهاز على الذاكرة الثقافية و المسرحية الوطنية ، لأن تـلك السنة تشكل جزءا من الذاكرة  التاريخية ، وتـعـد لحظة فارقة في النسيج المسرحي بالمغرب ، وبالتأكيد هي الآن تحتاج للتحليل ولنقاش راهني، للبحث عن مكامن الخلل في البنية المسرحية، و للتذكير لمن لا ذاكرة له ! بعدما وجه المغفور له الملك الحسن الثاني رحمه الله رسالة ملكية سامية ، لمسرح الهواة في [27 نونبر 1992] رسالة سامية تعتبر السند والمرجع البيداغوجي والقانوني فيما يخص لدعم "الهواة" الذي تشرف عليه وزارة الشبيبة و الرياضة.( الاسم القديم) مقابل هذا لم يتم بخـس حق الشق "الاحترافي " بإنزال برسالة ملكية سامية بتاريخ[ 14 ماي 1992 ] والتي تعتبر المرجع الأساس في صياغة قانون مرجعي يخص ” الاحتراف” والرسالة المولوية هي قرار ملكي في دعمه ، ودعم المسرح المغربي، وتقويته بشكل عام. وإشارة واضحة للفصل بين الشقيين. لكن المشهد انقلب، إلى مشاهد ماهي سوريالية ولا عبتيه، بقدر ما هي كوميديا سوداء، حينما هرول أغلب رواد وأحباء ومريدي شق "الهواة " إلى أحضان شق "الإحتراف" في ظرف ( سبعة أشهر) لا أقل ولا أكثر !! مما انقلبت مسرحية سعد الله ونوس [رحلة حنظلة من الغفلة إلى اليقظة] إلى [رحلة حنظلة من اليقظة إلى الغفلة ] أليست هاته كوميديا سوداء؟ حينما عاش" حنظلة" معاناته وهمومه وانكساراته ، رغم طيبوبته وسلميته، وفي النهاية لم ينقذه سوى البوح بكلمة [ لا ] لتتولد الـيقظة ،  يقظة نحو وعي بديل ومتجدد ، من خلال تراكمات ما سبق. بخلاف من كانوا منتسبين في (شق) هوايته "المسرح المغربي". مع بعض الاجتهادات والاستثناءات، طبعا. اندحر الأغلب الأعم  لشق الغفلة ! إنه انقلاب من عجائب السيرورة التاريخية ، ومظاهر النشوء والارتقاء ! فـَلولا "الغفلة" ؟ لما صرح البعض بأن مسرح الهواة ومهرجانه توقف منذ 17سنة ، وذلك لتمرير نسخة خليجية ، رديئة الطبع والإخراج؟ مما أشرنا بالقول الواضح: "فمهرجان مسرح الهواة المغربي ، الذي لم يتوقف منذ سبعة عشر ( 17 سنة ) كما يزعمون  ! بل اغتيل على يدي ممارسيه ! والجل ملتزم الصمت والخرس، كأن الطير على رؤوسهم .وباسم (واو المعية ) تم إحياء توأمه بشكل ( معـوق) (1) وفي باب الصمت، بداهة لا أحد حاول أن يكسره، أو يخرج سيفه الخشبي، ولو في لحظات (ما ) للانخراط في المكاشفة، والمساهمة في محاولة إزالة الأقنعة ، التي كانت فاعلة في الاغتيال أو مساهمة في أسبابه ، لأنه قبل سؤال التأجيل والإلغاء المرتبط بنسخة مسرح الهواة في طبعته الخليجية (2) لامناص من المكاشفة، من له اليد الطولي في إعدام مسرح الهواة ؟ فهل إعدامه جاء عفويا أو بترصد ؟ ما أعتقد : باعتبار أن أي فعل له أسبابه ومسبباته ؟ وبالتالي إذا نظرنا بافتراض: "هاهنا الإنزال المهرجاني الذي تطاول بشكل سافر على مسار تاريخي بأكمله ؛ فحبذا لو أعـطي للمهرجان صفة أخرى كمهرجان – الناشئة أو المستقل أو الرديف أو النواتي أو الشباب الحيوي أو المستقبل أو الطلائع....لخلق التميز وتلافي التطاول . وذلك احتراما وتقديرا لتاريخ وعطاء مسرح الهواة بالمغرب؛ الذي يعتبر بحـق المؤرخ الحقيقي للحظات السياسية / الثقافية/ الاجتماعية (3) ولكن هاهو المهرجان  الذي نزل بدون شرعية !  بدوره انهار واندحر فيما بعد  نسخته الثانية ،في ( آسفي) ولهذا ألا نفترض  بأن اغتيال مسرح الهواة / التجريبي ، وإقبار شرعيته  كان تمهيدا للإنزال؟ ربما. وبناء على ( ربما) كاحتمالية بعدية عن عملية الاغتيال؟ طرحنا سؤالا عريضا : مـن أهـــدر دم مـسرح الــهـواة المغربي؟(4) وكذلك كان الصمت المريب ! الذي يفرض طرح عدة تساؤلات، منها المشروعة ومنها الاحتمالية ؟ إذن فما دوافع هذا الصمت ؟ بعيدا عن كثرة التساؤلات؟ أرجحه، وأتمنى أن أكون مخطئا، إلى انوجاد اضطراب و رهاب اجتماعي، يعانيه أغلب المسرحيين الذين انقذفوا لشق [الإحتراف] أوكما أسميه [ الإغتراف] والهرولة نحو الدعْـم المسرحي، مما يصعب عليهم الدخول في غمار نقاشات ومطارحات، لتبريئة ذمة البعض !!  والإسهام في إعادة نسبية وجه "مسرح الهواة "للساحة الفنية والثقافية، كمحاول لتحريك ديناميته كالمعتاد ، ألم يقاوم مسرح الهواة الأعاصير؟ ألم ينمو هذا الكائن المتفرد في الثقافة المغربية، في جو الضغوطات وتضييق السلطة/ السلطات، أنفاسه في عدة محطات؟ هل التاريخ سجل يوما ( ما) نقطة انهيار للعاملين بالحقل الفني الحر؟ فلو كان هنالك انهيار لما تأثث المشهد الإبداعي والفني، بالبحث عن نماذج بديلة للهيكلة ( الفيدرالية/ الرابطة/ الشبكة ) الوطنية للمسرح التجريبي، ولما توج وجوده وحضوره، بملتقيات وأيام ومهرجانات مسرحية ، في عـدة مناطق متعددة ونائية / مهمشة (مثل ) "المهرجان المسرحي بواد أمليل" أو الأيام المسرحية  برشيد...هذا قبل إغلاق بوابة مسرح الهواة. وبالتالي هل سنظل نردد  ونعيد القول بالقول: إنـه : مسرح الهُــواة !ولكن  هل يمكن أن ينبعث كالفينق ؟ أم سنظل ننشد جنائزية الوهـم؟  ونردد: هـيهات... هيهات... أن يعود الفارس لصهوة جـواده، بعْـدما اندحر في دماء حربه، وأطاع اللئام على مصارعـة حقيقة وجوده. مما ساد صمت مطـلق للمشهد المسرحي؟ وربما صمت مـدان؟ من لدن من كانوا فوق صهوته وجوانية الصرخ أو من مكوناته الأساس، هـذا ما لمسته من صرخات بعـض المسرحيين في إحـدى اللقاءات ...إذ فـعلا هناك صمت مطلق، وعَـدم اهتمام أولفت انتباه كتابة أو نقاشا حتى، جَـوانية النسيج الاجتماعي والثقافي وحتى السياسي حول ضياع [مسرح الهـواة] ببلادنا، ضياع إرث لا يـعَـوض مهما اختلفنا حول معياره وتقييمه، ضـياع بالـكاد يفرض علينا أن نتساءل بكل تلقائية وبصوت مرفوع :                       
هل أمسـى جُـثة: فـــمن قـتـله ؟ هل أضحى مومياء: فمن حَــــنطـه ؟هل تحول لشبح: فمن ضيع  ملامحه ؟ هل فقد معناه وذكراه: فمن نسف معنى المعنى وحنط ذكراه؟ تساؤلات كثيرة، وغائرة في جـرح المسرح المغـربي. ولكـن حـبذا لو  تتعدد الإجابات... (4)

الإســتئــنــاس:
1) مهرجان مَسرح الهواة تأجيل أم إلغاء ؟؟: صحيفة الحوار المتمدن بتاريخ 2020 / 9 / 26
2) انظر لموضوع: أين مسرح الهواة بطبعته الخليجية ؟؟ - جريدة جسر التواصل بتاريخ 18/ أكتوبر/2022
3) مهرجان الهواة بين الغواية والهاوية: صحيفة مدارات ثقافية في- 13 /أكتوبر/ 2019
4) مـن أهـدر دم مـسرح الـهـواة المغربي؟: لنجيب طـلال صحيفة – ديوان العرب- بتاريخ 13/ مايو/2018




2
أي الكــوارث أفــظــع ؟؟
نـــجيب طــلال

في لحظات  يقـف المرء عاجزا أمــام الفواجع والكوارث الطبيعية ، عـاجزا عَـما يمكن أن يفعله إزاء ما صادفه صدفة وبدون إشعار مسبق، مثل ما وقع ( الآن ) في بلادنا ، وفي ليبيا الشقيقة : زلزال مدمر، زلزال مخيف، لدرجة أنه خلف الذهُـول والدهشة و الجرح الضمني، والاضطراب النفـسي، للعَـديد من عباد ربوع المملكة، ناهينا عن الضحايا المتمركزين في منطقة ( الحوز) حيث تمركز الزلزال بقوة وبأس شديد ! وتمركز إعصار ''دانيال'' في مدينة ( درنة) متمددا للمدينة ( البيضاء) بوحشية سيوله الكارثية التي جرفت المئات من عباد المدينة [ الليبية] هنا وهناك ، من الوادي الأحمر الذي استيقظ من سكونه  إلى البحر الذي لم يصبح متوسطا / هادئا !  بل كبيرا / مرعبا ! مفزعـا ! فقدس الله روح ضحايا[ الحوز/ درنة] وما جاورهما ، وتبت العلي القدير خطى وحسنات العاملين من أبناء الشعبين . شعْـب أبي بكل اللغات، شـعْبٌ تجاوز لحظة العجز، والخوف. لممارسة الفـعل المتميز بروح المسؤولة والجدية والحماس، بعيداً عن الديماغوجيات والخلفية السياسوية، التي اعتاد عليها بعض قناصي الفرص والظرفيات ! إنها لممارسة حقيقية ، ميدانية ، تنم عن روح الوفاء والعرفان ؛ والإيمان بالتضامن الإنساني  وبالتكافل والتآزر والتعاون تكلل "عيانيا" في البحث عن المفقودين بين السيول ، وتـَرقـب ما سيحمله البحر من جثث، ومن حركية إنسانية، في جمع الإعانات الغِـذائية والمساعدات الطبية والهبات الإيوائية من أفـراد ذاتيين/ بسطاء، وجمعيات / خارج  أجنحة  الأصنام ، وبعيدة عَـن المصالح النفعية الشخصية واللعـب على الحبال كالبهلوانات، وعن تلك [الأحزاب] التي أصيبت ب (الزهايمر السياسي) وخارج لائحة النفع العام (بلادي) وخارج منظومة الزعامة والصراع عن السلطة ( ليبيا ) فالمبادرة التطوعية ؛ التي نعيش أطوارها عمليا ، واستنفار الجهود المبذولة هنا وهناك وحملات الإغاثة الإنسانية والعاجلة لإغاثة المتضررين من الزلزال و الفيضانات ، والتي تنقل عبر وسائل التواصل الإجتماعية ، والمواقع والصحف الإلكترونية والقنوات العـربية / الأجنبية، المواكبة للمصاب الجلل، سواء [الزلزال أو الإعصار] فهما أساسا خارج منطوق الأجندات التي تسعى لخنق مستقبلنا وحياتنا وأحلامنا السرمدية، بل هي منغمسة في قضية المـوت والحياة التي صنعها "الزلزال/ الإعصار'' إنه بالتأكيد فعل طبيعي ومن مدركات الطبيعة ، وتحولاتها الجيولوجية. لكن : أي الكوارث أفـظع ؟ تلك التي وقعَـت في بلادي، أم في ليبيا ؟
يبدو سؤالا ساذجا، أو{ ربما } اعتراني الغباء من جَـراء تقـدمي في السن؟ أو هنالك اختلاط الأمور في ذهنيتي، من كثرة توالي الأحداث المرعبة والمؤلمة ؟
ورغم ذلك أتساءل: هل الزلزال كارثة الكوارث..؟ أم إعصار دانيال كارثة الكوارث؟ بداهة (أي/ فرد) سيحتار في الرد الشافي والإجابة الكافية ، لأنه أساسا لا نملك مقاربة واحدة للكارثتين ،لأننا (الآن) في مرحلة جد حرجة من الحدث والمصاب الجلل ، وبالتالي فمنطق الجواب وجوهره ''حاليا'' سيبقى ملتبسا وحمال أوجه ، تجاه السؤال: أي الكوارث أفظع ؟  ونلاحظ بأن هنالك تفاوت في الرؤية والتصريحات للذين يخوضون تجربة  الإنقاذ أو المساهمة على أرض الواقع، أو المكتوبين بنار الكارثتين . وذلك بناء على  وضعية المكان وكذا تفاوت الوضع  النفسي والذهني لأولئك . وبالتالي فلا يمكن أي كان أن يرى الأمور من الزاوية التي أراها، أو يراها الآخـر. وخاصة نحن خارج مدار الكارثة ، ولكن الصُّور تـُنـقل إلينا من معمعان الميدان ، صور كارثية ووقائع غير مزيفة إلى حد بعيد ، من الصعْـب جدا التشكيك فيها ، بل لامحالة  تصديقها، لأن القنوات الدولية والعربية والمحلية، تنقل نفس الصور، صور بشعة ، مؤلمة ، مرعبة ، مبان منهارة بالكامل وطرق فالِجة ومشقوقة و مقطوعة  وجثث منتشرة ومترامية بين الأزقة والحواري وعلى شواطئ المدينة ؟ ومتاع وأمتعة متناثرة هنا وهناك في الشوارع والخراب، وهي أصلا أمست خرابا، وفي كل صورة  يمررها  الإعلام المواكب عن كثب مجريات هَـول الكارثتين ؟ ينفلت السؤال، أي قوة جارفة هاته التي جمعت السيارات والمركبات وحولتها لعجين وقطع غيار غير صالحة للاستعمال؛ بدون معمل للتفكيك ؟ ناهينا عـن انقطاع التيار الكهربائي وتعطيل شبكة الاتصالات؟.... ( درنة/ ليبيا ) طبعا: نعلم جليا، إنه الإعصار ! إنه الفيضان ! إنه التسونامي ! ونكتفي بالقول: أن سبب الكارثة العظمى انهيار سدي مدينة {درنة} وكفى ! ألا يحق لنا أن نتساءل : أليست هنالك قوة خفية مضافة للإعصار؟ أليست هنالك قوة خفية مضافة للزلزال الذي حول المد اشر والقرى لأتربة وترابا ؟ وحوَّل الأمان والطمأنينة والإستقرارلهلع ورعْـب وخوف شديد ؟ إذ لازال بعض المواطنين خارج منازلهم ودكاكينهم ومحلاتهم يفترشون العَـراء في {بلادي} و لحد قـراءة هذا الموضوع، من أي قارئ {مفترض}. أما منطقة   ( درنة) فهي في عِـداد المنكوبين !!
وبين الزلزال والإعصار ، أسئلة كثيرة ومختلفة تتقاذف و تتناسل...  ومن حيث لا تدري تنفتح ذاكرتك مرغمة  لاسترجاع أحْـداث معاشة  في طفولتك أو شبابك أورجولتك ...أو استرجاع مشاهد من تلك الأفلام الأمريكية التي أبدعت بكل إمكانياتها واحترافيتها، في تصوير عَـوالم الزلزال ، ولاسيما الكوارث الطبيعية ( الأوبئة / براكن/ زلازل/ طوفان/ نيران/ انهيار جبال/ ...] بالنسبة للسينما العالمية ؛ تعتبر عنصرا أساسيا في الصناعة والإنتاج . وإن لم تخن ِ الذاكرة . هنالك أربعة أفلام رهيبة متنها{ الزلازل} المدمرة للمباني والطرقات، وانتشار الموتى والجثث مثل [الزلزال الكبير في لوس أنجلس/ Le Grand Tremblement de terre de Los Angeles] وهنالك أفلام حول '' التسونامي'' بكثرة . من الصعب سردها هاهنا. فهل ياترى نستطيع أن ننتج إبداعا / سينمائيا / مسرحيا / من خلال ما عِـشناه من كوارث طبيعية ؟ ومن طفوح للمشاعر الإنسانية وغـَريزة البقاء؟ ومن سماع حكايا وقصص جوانية الحَـدثين : أولها زلزال ( الحوز) وآخرها فيضان ( درنة ) ؟ إنه حلم منتصف الليل ! أو أضغاث أحْـلام!   لا فرق، لكن الفرق أننا عاجزون ! مكبلون ! مقـيدون ! برؤية السياسي؟ ومنطق الفقيه ؟ ومنظوم البيروقراطي؟ وعَـوالم الخرافات؟؟
ألم تحاول المذهبية استغلال الكارثتين لمنطق الفقيه والإمامة (1) وفي هذا الوقت خرجت بعض التدوينات، تربط الكوارث الطبيعية بالفساد المستشري وانهيار القيم في تلك المناطق ! سبحان الله. وهناك من كان عَـدميا ولم يحاول أن يقدم حتى العزاء للضحايا /الشهداء، ولم يستطع أن يسدي خدمة أو يقدم نصيحة ، أو دعْـوة حتى، للتبرع بالدم جراء ما نعيشه من كارثة (2) وهناك من استغل الظرفية لاستغلال المساعدات للاغتناء من ورائها، إنهم تجار وسماسرة الأزمات ! والبعض يسرب العَـديد من الأخبار الزائفة. لأهداف مجهولة ؟ (3) وبالتالي فالسؤال المثير والذي نعيد طرحه  للجدل أي الكوارث أفظــع ؟
هل الزلزال أفظع من الإعصار؟ أم الإعصار أفظع من الزلزال؟ نتيجة الإنهيارالقاتل والمفاجئ للبشرية تحت الأنقاض؟ كمعطى زلزالي. ونتيجة الغـرق المميت والمفاجئ للبشرية تحت الخراب وسيول المياه ؟ كمعطى إعصاري.
أسئلة محيرة. وإن كان لا فرق بأن كلاهما كـوارث مهولة ، مرعـبة . وفي آخر المطاف هي طبيعية، بناء على تحولات الطبيعة . لكن في تـقديري: أفظــع الكوارث ؟ التخلف،  واللامبالاة ، وانعِـدام الرؤية المستقبلية/ الاحتمالية - لأي طارئ كارثي سيأتي على بعثة ، كما وقع في الحوز/ درنة. وكذا انعِـدام الإمكانيات والإمكانات لمقاومة الزلازل والإعصار، للتخفيف على الأقل من حِـدة رعبه ودماره ومحاولة تقليص عـدد ضحاياه على الأقـل، لتلافي انتشار الجثث المترامية  ، أوالتي لازالت تحت الخـراب وتحت المياه ، والتي ستشكل خطرا بيئيا، وظهور داء الطاعون لا قـدر الله . أي نعم لامرد  للقضاء الله  وقـَدره . ورغم ذلك آن الأوان للتلاحم والتضامن الحقيقي وليْـس الظرفي، لإعادة ترتيب الأولويات من مستشفيات واقتناء المعِـدات ألأساسية والمتطورة ، تزامنا مع  بناء الإنسان  باعتباره رأس مال لمواجهة الكوارث الطارئة. لأن كثيرا من نفحات الأمل المشرق ومن التصورات والاستراتيجيات تنمو في حركية التباين والتغـاير المسـتمر بـين الأحداث السـابقة ؛ واللاحقة . وليس بالتقاعس واللامبالاة .
ونجَـدد الرحمة والمغفرة لكل ضحايا زلزال "بلادي" وإعصار "الشقيقة ليبيا" واللهم اغفِـرلهم ما تقدم وما تأخـَرمن الذنوب يا الله ، يا الله ، بمغفرتك ولطفك. والصبر والصبر والسلوان لذويهم وأقربائهم أينما كانوا.

للاطــــــلاع:

1) انظر: مقتدى الصدر: عن أسباب الكوارث الطبيعية.. " غضب سماوي" و"ذنب ليبيا غير مغفور" بقلم:  مجيد عبد القادر/ Majid Abdelkader- في موقع اورونيوزعربية/ Euronews بتاريخ 13/09/2023 /
2) فيديو للفايد حول “زلزال الحوز” يكشف عن العقيدة الجديدة التي بات يتبناها، بقلم – عابد عبد المنعم صحيفة (هوية بريس) في 09 /09/ 2023
3) أخبار زائفة حول زلزال الحوز؟ احذروا من هذه الشائعات” متابعة لصحيفة كواليس اليوم - في 12 /09 2023 




3
صمْت مُـريب بانتــهاء المــهـرَجان؟؟ (02)

نـجيب طــلال

رابــط الصمت:

أساسا عـلينا أن نعـيد النظر في علائقنا من جديد، وقراءة تصوراتنا وممارستنا المسرحية ؛ بغـْية تصحيح المسارات والأنماط الفنية والتجارب الإبداعية . من أجل ذواتنا وقـُدراتنا ؛ ومن أجل ربح رهانات البقاء والاستمرارية ؛ ومواجهة الإعصار الذي يلاحق المسرح " العَـربي " بعلاقته بالتحولات الجْـيو إقليمية واقتصادية وسياسية وفكرية ( عَـولميا ) ومن أجْـل إعادة المكتسبات إلى نصابها وطريقها القويم لتحقيق غايات التمسرح والوجود الفاعل . فكم من مكتسبات حقيقية ضيعناها ! وكـَم من جمهور ضيعه المسرحيون؟ وبالتالي فحينما ينسلخ المسرحي عَـن شغـبه الجميل والمعقلن ، تضيع البوصلة ؛ ويصبح تائها ! باعتبار أن المسرح الحق والحقيقي مشاغـب في كـُنـهه ؛ ولا يقبل المُهادنة في شكله. مشاغـب بطبعه وتركيبته ؛تارة يتلاءم مع الأمواج ؛ وحينا يقاومها ؛ يواجهها في عِـدة محطات. أليس دور المبدع الفعال والفنّان المُشعُّ ، أن يكون تلك الشعلة  التي تنير العتمة ؟ وذاك المصباح الذي يشع بهاء بلذة إنسانية ؟ بعيدا عن قوالب إيديولوجيات التدجين و( خمسة نجوم)؟ فالمسرح مغامرة "مجنونة" بالجهد والوقت والفكر. والشغـَب الفعال والمتزن لا حُـدود له ، ولا لون لـه ؛ إنه لا يقبل المُسكنات ولا الحقـَن . ولكن حينما يسترخي المسرحي! على أسـرة ( خمسة نجوم) ويستريح في فضاء زجاجي؛ يعُـمه الصمت والهُـدوء ؛ ذاك ليس عَالمُه ولا عَـوالِـمه ؟ تلك بداية الانحـراف السلوكي؛ عن طبيعته وكيفية رؤية الشخص لنفـسه ؛ ومن ثمة تتسرب وستتولد عقـد نفـْسية ما أنزل بها من سلطان ! عُـقـدٌ لا تبرز إلا بمرور الوقـت. أبرزها الانفصام ووسطها تمظهر صداع ذهني/ دماغي/ عقلي/ لتنغـرس حالة "البارا نويا "أو "الارتياب" التي تساهم لا شعُـوريا في انسلاخه عن واقعه  وشريحته  وتموقفاته  ومبادئه ؛ مما يَـشعـر في لحظات أنه معَـرض للاضطهاد والتهديد والملاحقة من  لدن الآخرين ! أكيد أنه سيشعُـر بذلك، ارتباطا بتداخل مَـسكنه الأصلي في حي شعبي بمَسْكن في ( خمسة نجوم) وتقاطع الواقع المَعـيش ؛ اليومي . بواقع الزيف/ التجميل، الذي ينقضي بعْـد أسبوع أو حتى نصف شهر... لأنه انساق تلقائيا / لاعقلانيا وراء واقـع مزيف؛ غير محْـسوب الخطوات. واقع لم يُنشأ له ، ولم يصنع له ؛ ولم يتربَ عليه. طبعا لكل فرد سواء مسرحي أوغيره؛ كرامته وعِـزته؛ وللضيوف موقعهم في أخلاقية الضيافة؛ ولكن في فضاءات وأمكنة محترمة ومنسجمة مع ذواتهم وممارستهم وعِـشقهم الفني والإبداعي.
 فالمقيم ولو [ ليلة ] واحِـدة في ( خمـسة نجـوم) لا يمارس المسرح ؛ بل يمارس التصدير والاستيراد والتجارة والصفقات ؛ وتبادل المصالح والمشاريع الكبرى...( خمسة نجوم أو أربع) مَـطبخ البورجوازيين ، فضاء الإقطاعيين ، عـوالم المخمليين ، رحاب الميسورين. فالبورجوازي لا يمارس المسرح ؛ ولا يعْـرفه ! والمخملي لا يصرخ فوق الركح لينسف الزيف ؛ ليعَـري القواعِـد المُحَـرفة والمنْحـرِفة ، غير سَـوية في بنيته المجتمعية  لبناء منطلقات جمالية ؛ إنسانية بديلة وخلاقة . والـميسور لا يتهافـت عـلى الجوائز، مهما كانت قيمتها، ولا يناور من أجلها في الكواليس وبين جُـدران الحانات والأماكن المظلمة ؛ إنها النرجسية الثقافية / الفنية ؛ والوقـوع في فخ  سلطة الجوائز.

تــلك الــجـوائـــز:

مبدئيا لن يكون المرء طوباويا ومثاليا أكثر من اللزوم؛ ليعْـدم أحقية الجائزة / الجوائز؛ فهي وجه من أوجه التحفيز وخلق التنافسية بمبدأ الشرف والروح الرياضية (كما يقولون) لأن للجوائز أهمية وانعكاس إيجابي على عمل ( أي) مبدع . وإن كان في اخر المطاف تبقى "الجائزة " ذات قيمة معنوية ؛ فقط لتشجيع المبدع/ الكاتب/ الفنان/ الرياضي/ الباحث/ الناشر/الصحفي/... بحكم أن قيمتها تكمن فيما بعْـد ؛

لتطوير آلية الفنان والكاتب/ المخرج/ التشكيلي/ السينوغرافي/.../ والدفع به للمزيد من الابتكار الإبداعي و الإنتاج الفني وإتقانه. لكن الملاحظ؛ وبشكل ملفت للنظر في السنوات الأخيرة (لقد) نشبت جـدالات ونظمت جلسات حول "الجائزة" الإبداعية والأدبية والثقافية ، ومدى أهميتها وفـوائدها وأضرارها وتأثيراتها على المبدع وفنون القـول عموما. لكن المثير فأغلب الطروحات الواردة في موضوع "الجوائز" انصب ضدها وبرفضها ! بحيث هناك من: اعتبر الجوائز عملية استهلاكية بالأساس، والامتحان الحقيقي يأتي بعد الجائزة في ضوء فهم كيفية صمود النجومية، وكيف نروج للتميز والاستثناء ؟..... الجائزة على أهميتها، ليست لمسة سحرية، فليست لها قـدرة خارقة على تطوير المسرح والفائزين، إن لم تكن المسؤولية جماعية ، تبدأ من المبدع نفـسه مروراً بالإعلام والنقد، وتنتهي عند الجمهور(1) وبالعودة لمهرجان تطوان(الدورة22) الذي هو فرصة للتباري بين الفرق المسرحية من أجل الظفر بإحدى "الجوائز" هل خضع للتقييم من طرف الفاعلين المسرحيين والنقابيين بعْـد إسدال الستار دوراتها، للكشف عن الإيجابيات و السلبيات التي خلفتها الدورة ! أرضيته ( تلك)الضجة التي تفجرت لحظة الإعلان على الجوائز؛ بحيث هل خـَدمت الفرق المحتجة؟ أم ستساهم في نكوص الفعل المسرحي أو الدفع به  قـدما ؟ أم لتطوير التظاهرة المهرجانية ؟ ولاسيما أن النقد المسرحي كان غائبا- ك (العادة) والإعلام أجج الإشكالية لصالح من؟ والانفلات الذي قامت به إحدى أعضاء اللجنة ونشر بيانها ، تعبرفيه عن : استنكارها لمحاولة التأثير على تقييمها للأعمال عبر تبليغها بأحكام مسبقة عنها من قبل عضوة من الأعضاء سبق لها معاينة العروض؛ كما أكدت تعرضها للترهيب غير المباشر عبر اتهامها كلما دافعت عن الجودة في عمل من الأعمال بالانتصار إلى خريجي المعهد العالي للفن المسرحي والتنشيط الثقافي والحال أنها دافعت عن الأعمال بناء على معايير فنية وتقنية (2) لصالح من ؟ فما بين السطور؛ يتأكد أن الصراع والضجة المفتعلة (كانت) حـول الجوائز، ليس إلا ! وبالتالي هل حقيقة :أنّ أهل المسرح من مخرجين وكتاب تجمعهم المهرجانات ليبادلوا جهلهم.. إنها أوساط فنية لم تتغير فكريا وثقافيا همهم الوحيد افتكاك الجوائز. كأننا في سباق خيول. وعبر (...)عن رفضه لفكرة الجوائز في المهرجانات، لأنها بالأساس تخلق النرجسية لدى أصحابها، الأمر الذي تنجر عنه أمراض نفسية كالضغينة والحسد لدى المتوجين(3) وثانيا الانزياح تجاه خريجي المعهد وهاته قضية أمست مكشوفة؛ وتحتاج لدراسات لأن: المسابقة هي وطنية صرفة ؛ وليست حكرا على خريجي المعهد بعينه أو حقا لنقابة أو فيدرالية أو أشخاص . فالتنافس الشريف ؛ هو أساس الفوز. ولا شيء دون ذلك. أما تتويج أي عمل بشكل صوري بدعوى أنه توج هنا وهناك. فجميعنا يعلم أن المهرجانات الدولية تدبر بمنطق التراضي أو التوافق وليس بمنطق الجودة أو الجدة...(4) بداهة فأي حرب لها جنودها؛ ولكن منطقيا فأي تظاهرة (ليست حكرا) على هـذا دون ذاك ؛ لأن الإدانة ( هنا )  تكمن في توقيعات [ الفرق الثمانية ] على بيان الاستنكار؛ وكلهم (خريجي المعهد) هؤلاء شاركوا في المهرجان العَـربي ( الدورة 13) بالدارالبيضاء . والمثيرأن مدير الثقافة  كان من ضمن أعضاء اللجنة العليا للمهرجان (؟) لن ندخل لمناقشة هاته المعادلة ؛ لكن هي مدخل لسؤال ؟ هل المديرية هي التي أوحت بتتويج مسرحية ( رحل النهار)؟ أم سلطوية الهيئة العربية للمسرح؟ أم اللجنة المكلفة بالتقييم انطلقت أساسا؟: بمعايير التحكيم التي تخضع في كثير من الأحيان لمبدأ الشخصنة، على حساب المعيار الفني والقيمي... مثلاً بالدول الغربية التي تحرص على أن تكون لجان التحكيم من النقاد المتخصصين....لا يمكن لمسرحي يعمل بمبدأ التنافسية أن يكون حكماً نزيهاً (5) كيف يستقيم هَـذا الطرح ولجنة التحكيم متنوعة قطريا وثقافيا وكل منهم له تصوراته وقراءاته = إيمان عَـون/ممثلة ( فلسطين)- جوليا قصار / ممثلة ( لبنان) - خالد الطريفي /ممثل ( الأردن ) خالد مبارك الكاتب والصحفي (السودان)- مدحت الكاشف /عميد المعهد العالي للفنون المسرحية (مصر) وأغلب الإشاعات والوشوشات كانت منحازة للفرق المغربية كما أشرنا سلفا، وبالتالي لماذا التزمت تلك الفرق الصمت المريب بانتــهاء المــهـرجان؟ لماذا لم تحتج كما احتجت في ( تطوان)؟ أو حتى تهمس بموقف (ما ) مادامت رهانات الفوز أوكـَسْبه تسترسلها هنا وهناك ، والحجة بالحجة : بعْـد اختتام عروض مهرجان المسرح العربي بالدار البيضاء قبل قليل، ولو كان القرار بيدي، لما ترددت لحظة في منح الجائزة للعرض المسرحي "شاطا را " للمخرج المبدع أمين ناسور من المغرب، والذي تميز عن بقية العروض، برأيي، وبفارق شاسع على مختلف المستويات (6) ولينتبه القارئ المفترض؛ أن هاته التدوينة وقعت قبل الإعلان عن النتائج ب"ليلة" بمعنى "الاحتمالي" إما أن النتيجة تسربت بعْـد عـرض ( رحل النهار) أوهي نوع من الضغط ( الفايسبوكي)؟ ولكن الأهم فهل صمتهم نتيجة حالة "البارا نويا "أو "الارتياب" من فقدان الامتيازات، وأصول الصفقات؟ أم إيمانا بأن اللجنة كانت منصفة إلى حد بعيد؟ أم الصمت استراتيجية بديلة لتحقيق مكاسب مستقبلية ؟ لأن صمت الفرق المغربية بمثابة لغز؛ ارتباطا بما كان بتحرك ويروج في أرجاء المهرجان ( ! ) باستثناء المسرحيين التونسيين الذين عبروا:.. عن استيائهم من استبعاد المشاركة التونسية. وطالب بعض المسرحيين بمقاطعة «الهيئة العربية للمسرح» التي تنظم المهرجان، بل إنّ هناك من اعتبر أنّ تأسيس الهيئة نفسه كان لاستهداف «أيام قرطاج المسرحية» أعرق المهرجانات العربية والأفريقية بأيدي تونسية ، في إشارة إلى المسرحيين التونسيين الذين يشاركون في أنشطة الهيئة. وكان أول مهرجان للمسرح العربي تنظمه الهيئة في تونس بإدارة المسرحي الراحل منصف السويسي، وهو من مؤسسي «الهيئة العربية للمسرح» وكان نافذاً فيها  (7) هذا تموقف من حيث المبدأ يحسب للفرق التونسية تجاه ( الجائزة) وإن كان هنالك طرح يحمل موقفا له من الجرأة ما يكفي؛ وفي نفس الآن  يثير مسألة أساسية تنخر إلى حدما عمق الثقافة العربية: عندما كانت هذه الجوائز غير متوفرة، كانت الثقافة العربية في جميع جوانبها أفضل حالاً. وكثير ممن صنعوا مجدَ الثقافة العربية خلال القرن العشرين، والأسماء كثيرة، لم يحصلوا على جوائز بمثل هذه القيمة المادية، بل منهم من مات فقيراً، بل مُعدَماً أصلاً. لا أنكـر أن لهذه الجوائز مردوداً مادياً ومعنوياً هاماً للغاية. غير أن اللجان المشرفة عليها هي التي أفسدتها بالمؤامرات والدسائس والمجاملات ليستفيد منها أحياناً مَن هم بلا قيمة أدبية أو فكرية....وأكبر دليل على ذلك أن مثل هذه الجوائز الخليجية أفسدت الثقافة العَـربية (8) لكن الذي يمكن له الحسم في إشكالية الجوائز روح الإرادة الأخلاقية ، والأمانة الثقافية المتينة ، وحضور «النقد" الموضوعاتي وليس النزواتي؛ المصلحي؛ النفاقي. لكن المؤسف فـدعاة " النقد" وعلماء " المسرح " وما أكثرهم ! : ولكن أَكْـثركـمْ لِلْحـقِّ كـَارهـونَ ) سورة الزخرف- الآية 78 ) تلك الأكثرية تلتزم الصمت وتمارس اللامبالاة في كل تظاهرة ؟ ألا يحملون أمانة ثقافية / علمية ؟ أم يحملون أمانة ( خمسة نجوم) والركض وراء الطائرات ؛ وصناديق الريع والأظرفة التي ( من تحتها ) ؟ هنا لا نُعمِّـم، ولكن واقـع الحال ومشاهِـده وأحْـداثه تُــوثق لذلك.
وبالتالي ما نصبو إليه في آخر المطاف؛ محاولة تنقية الأجواء المسرحية من مظاهرالسلبية القاتلة ـ التي تراكمت حتى عَـم الفساد والإفساد؛ بحيث الكل مسؤول لما آل إليه المسرح المغربي؛ ألا نملك إرادة لإعادة الروح للممارسة المسرحية ؛ انطلاقا من روحانية الفعل الجدلي؛ فالذي يمْكن أن نؤمن به هُـو أن المسرح فعْـل دينامي وبوليميكي تـقـوم مشروعِـيَّة انوجاده بالجدل. جدل في فعله وكيميائيته التي لا تقبل المهادنة ؛ والتهافت على الجوائز؛ فتلك الجوائز لا تؤسس مسرحا ولا تنتج مسرحيا؛ بقدر ما تهدمه ؛ ويزداد العطب في جـسـم المسرح ؛ وفي نخاع الفعل الإبداعي ! وإن كان رهان المنافسة في الأصل: ثمَّة خاسر وثمَّة رابح وثمَّة ( لـذَّة ) و ثمَّة جمهور يلتذُّ بالتفرُّج على اللعب، وهذه هي الحلقةُ المفقودة في العروض والمهرجانات المسرحية العربية.... إذ إنَّ الكثير من العُـروض المسرحية... تراها فظَّة وخشنة وسطحية. لأنَّ المخرج وكذا الممثلين يتخلُّون عن الطفولة ، يتخلُّون عن اللعب....وخريجو معاهد مسرحية، يتطلَّب منهم أن يكونوا (لاعبين) لا يفقدون البداهة والعفوية والرشاقة وتلك الرعشة الروحية والحسية، وهم يلعبون لعبتهم؛ يلعبون أدوارهم ، يلعَـبون أدوارنا (9)

الإســـتـئـناس:

1) جدل حول دور الجوائز في الارتقاء بالمسرح العربي: مداخلة المخرج خليل نصيرات (الأردن) بقلم عثمان حــسن
     صحيفة الخليج- بتاريخ / 16/03/2018  الشارقة
2) اختلالات المهرجان الوطني للمسرح: بقلم هــشام ناصر- صحيفة أنفاس بريس بتاريخ - 05 /01/2023
3)  المهرجانات العـربية في حاجة إلى الاستقلالية والمسرح العربي مريض: حوار مع مدير المسرح الوطني التونسي
     فاضل جعايبي لـصحيفة  "الشروق "أجراه العـربي بن زيدان بتاريخ 2018/12/18
4) مسرح.. ما وراء الهجوم على مدير الفنون! بقلم هاجر يونسي - نيوست عـربي بتاريخ 03/01/2023
5) جدل حول دور الجوائز في الارتقاء بالمسرح العـربي: مداخلة المخرج أمين الناصور (المغرب) بقلم عثمان حــسن   
      صحيفة الخليج- بتاريخ / 16/03/2018  الشارقة
6)هاته تدوينة وليست تعليق مثبتة في جدارية : أمين النسور- بتاريخ - 15/يناير/2023 على الساعة 23:02
7) مهرجان المسرح العَـربي: التونسيون  مستاؤون ! لنور الدين بالطيب صحيفة الأخبار اللبنانية  - بتاريخ – 18/01/ 2023
8) الجوائز الخليجيّة أفـسدت الثقافة العـربيّة :حوار مع الروائي حسّونة المصباحي أجراه نور الدين بالطيب: في   
    جريدة – الأخبار – اللبنانية بتاريخ  - 28 /يناير/ 2023
9) المسرح والتعـليم : لأنور محمد - هموم ثقافية - في شبكة جيرون الإعلامية / بتاريخ 03/12/2018





4
باب ما جاء في احتفالية التضامن !!
                                                   
نـجـيــب طـلال

بــاب الــمــبادرة  :
بالتأكـيد أنه استفاضت وأفاضت النقاشات والتحليلات ؛ بمختلف مستوياتها ومداركها العلمية والمعرفية والتاريخية تجاه ما أصاب العالم ؛ من اجتياح الجائحة [ الكورونية ] وفي غفلة من الجميع ؛ إذا الوباء بسرعة مذهلة أظهر أثره وقوته على الناس والدول .مما تغيرت معالم الحياة الخاصة والعامة ؛ ووضعت الكل أمام تحديات غير مسبوقة ، للقيام بإجراءات غاية في الحيطة والحذر. للحَـد من انتقال العَـدوى كـرهانات مقاوماتية تسابق الزمان ضد – كوفيد19-  والذي خلق انعكاسات سلبية في البنية الثقافية / الإبداعية ؛ التي هي طبعا ليست بمعزل عن البنيات الأخرى . بحيث تم إغلاق المسارح ودور السينما ؛ مع توقف الصحف الورقية وكل الأنشطة الثقافية والفنية والترفيهية ؛ التي تم استبدالها بما ما هو عنكبوتي/إلكتروني / افتراضي/ تفاعلي/ مقابل كل هذا تمظهرت بشكل جلي وضعية الفنان والمبدع ؛ في عدة دول عربية ؛ بأنها وضعية اجتماعية بئيسة جـدا واقتصاد هش ومتدني؛ ولكن أكبر ملاحظة أن أغلبية المبدعين والمثقفين والفنانين غير مواكبين للتطورات التقنية والتكنولوجية ووسائل التواصل الاجتماعي . بحيث لا زال البعـض منهم يجتر نفس الأساليب ونفس الخطابات التقليدانية والنمطية في التعاطي مع الأزمة الوبائية؛ الى حد انفصالها الكلي عن الواقع المادي الملموس؛ وروحه. وبعيدا عن الذهنية المندمجة في عوالم التواصل الإجتماعي وفروعه . ورغم هاته الملاحظة المتجلية ؛ برزت عِـدة مبادرات فنية / ثقافية وإن كانت محتشمة جدا؛ سواء من لدن أفراد أو مؤسسات وجهات عربية صرفة. أما الأوربية فتلك رؤية أخرى ووضعية جد مختلفة عنا شكلا ومحتوى. ولكن كلاهما يهدفان للتخفيف من حالة الملل والضغط والتوترات النفسية والاصطدامات الأسرية جراء الحجر الصحي المفروض على المواطنين للمكوث في منازلهم تفاديا للوقوع بإصابات "الكورونا" : من هنا نذكر المبادرة المميزة التي قدمتها وزارة الثقافة هنا في الأردن بعنوان “موهبتي من بيتي” والتي لاقت إقبالا ومشاركة واسعة من الشباب والشابات على منصات التواصل الاجتماعي .... ونذكر أيضا مبادرة فرقة جفرا الفلسطينية والتي قدمت عروضا فنية تضمنت حلقات الدبكة في الطرق وعلى أسطح المنازل في مدينة الخليل لتسلية الناس وهم في منازلهم، وأيضا زميلتها فرقة جون التي بثت أمسية غنائية عبر الإنترنت بعنوان “الأمل”، لتصب أيضا في اتجاه التخفيف عن الناس أثناء حظر التجوال وإعطائهم جرعات ثقافية غاية في الرقي، ومبادرة الفرقة الموسيقية في قطر ومن على الشرفة بدأت تقدم معزوفات موسيقية، تهدف إلى سد ثغرة الفراغ التي يشعر بها المواطنون....واستطاع العديد من الفنانين أقلمة الوضع الجديد ليخدم المجال الثقافي، فمنهم من حاول الترفيه عن الناس في بيوتهم وآخرون قدموا مبادرات تهدف إلى مساعدة الأسر الفقيرة والمحتاجة كما هو الحال في لبنان، حيث تقدمت مجموعة من الفنانين والمثقفين اللبنانيين بمبادرة لتقديم طرود غذائية للأسر الفقيرة، ورصدوا لذلك تبرعات من جهات عديدة (1) فمثل هاته المبادرات التي تندرج ضمن التآزر أو التضامن أو التعاون أو التكافل الإجتماعي؛ الذي يؤشر لأجمل علاقة في هذا العالم بين البشر؛ ولاسيما أن التضامن ليس اختيارا بقدر ما هو بكل بساطة واجب انساني. ولأن الضرورة تقتضي مساعدة تلك الفئات التي انقطع دخلها بتوقف عملها. وكذا الفئات الاجتماعية الأقل حظا والغير قادرة على تأمين قوت يومها ، ارتباطا بالظروف الاستثنائية الذي يمر بها  العالم .  وهذا ما انتبه اليه العديد من الفعاليات العربية ؛ وحاولوا تفعيل المبادرات التضامنية كل حسب نواياه وأهدافه ؛ كما أشرنا. وهناك نماذج أخرى للمبادرات الأهلية العربية التي تعبر عن هذه الروح. بحيث: تقترح جمعية أكورا للفنون فتح حسابها لخط تضامني مهني مخصص لضمان مساعدة، مالية أو عينية، لكل المهنيين في قطاع السينما، المسرح والسمعي ـ البصري عموما، والمتضررين من الحجر الصحي.... الحاملين لبطاقة الفنان، بطاقة التعريف المهنية للمركز السينمائي المغربي(2) ولكن هل تحقق هـذا الاقتراح أم لا ؟
 وبناء عليه هل تحققت دعوة الائتلاف الوطنـي للنقابـات الفنية التي طالبت: الوزارة الوصية على القطاع بضرورة دعم فئة المغنـيـين والموسيقيين والتقنيين والأساتـذة المكلفين بالدروس في المعاهد الموسيقية والمشتغلين بالفنـادق والعلب الليلية والأعـراس وغيــر المنخرطين بصندوق الضمان الاجتماعــي ولا بالمكتب المغربي لحقــوق التأليف، والذيــن تأثــروا بشكـل كبير في ظل الحجر الصحي المعلن.... واقترح الائتلاف ... تخصيص جزء من ميزانيات المهرجانات، التي ألغيت من أجل مساعدة الفنانين في وضعية هشاشة (3) هنا سنلاحظ وجه الاختلاف والمفارقة الصارخة؛ في مسألة التضامن والتـآزر.  نقابات تطالب الجهات المسؤولة لدعم الفئة الفنية والإبداعية ؛ ونقابات تطالب زملاء الوسط لفتح باب المساعدة وذلك من خلال: مبادرة «ساعد زملاءك» التى أطلقتها نقابة المهن التمثيلية برئاسة الفنان أشرف زكى، وهدفها مساعدة الفنانين القادرين لزملائهم المتضررين من الأزمة التى تعْـصف بدول العالم أجمع، بالإضافة إلى مشاركة العديد من الفنانين فى «تحدى الخير» ضمن مبادرة جمعية «رسالة» الخيرية، التى دعت للتكفل بمصاريف الأسر الفقيرة المتضررة (4) هنا يمكن أن نستحضرالمسرح والمساعدات الخيرية (5) لنفهم كيف نمت وتقوت الأقليات في المجتمع العربي ، أواسط القرن التاسع عشر وما بعده.
بــــاب الـــتضامن :
أساسا التضامن يتضمن جانبا حسيا في حياة الكائن والذي يشعُـر به المُتضامِن مع المُتضامَن، لأن في عمقه فعل إنساني صرف ، قبل أن يكون اتحادا وتكافلا وتعاونا وتآزرا، سواء أكان ذاتيا أو اتفاقيا بين جماعة من الأشخاص، تسعى للتضامن والالتزام بمعاونة ومساعـدة أي كان من المحتاجين والذين هم في وضعية هشة اجتماعيا واقتصاديا. ولاسيما أن التضامن ذو شقين: [مادي]= (مواد عينية) و [معنوي] = (الإحساس والشعور) بالمستضعفين /المتضررين . وهذا ما تحقق في عِـدة مناطق كما أشرنا: وفى سياق مختلف، لم يتردد الممثلون والممثلات فى المشاركة بـ«تحدى الخير» حيث لم يجدوا أفضل من حساباتهم على مواقع التواصل للإعلان عن إسهاماتهم، خاصة أنها تحظى بمتابعة الملايين من محبيهم (6) تلك فكرة صائبة، وهذا ما طلبه العديد من المدونين والمعقبين على بعض النداءات وخاصة النداء المفتوح لكتاب وأدباء وفنانون مغاربة . بحيث : أعلن الموقعون على النداء مساهمتهم في “التبرعات الموجهة إلى الصندوق المخصص لتدبير وباء كورونا فيروس”، وناشدوا “كل الكتاب والمفكرين والمبدعين المغاربة المساهمة في هذا المجهود الوطني من خلال التبرع للصندوق المحدث لهذه الغاية.... ويطالبون فيه إلى توجيه التضامن والمساندة إلى “كل فئات الشعب المغربي وبالخصوص إلى تلك التي توجد بفعل الفقر والهشاشة والبطالة والسكن غير اللائق ضمن الفئات الأكثر عرضة لمخاطر الإصابة بالفيروس(7) بداهة هو نداء في شكله مقبول ومبادرة جليلة في عمقها ، لأن مواجهة الوباء ومؤثراته على المجتمع مسؤولية جماعية ، للخروج من نفق هذه الهزة العنيفة التي أصابت الجميع ، لكن ما يؤلم حقيقة ويحيَّـر في نفـس الوقت أن ترى توقيعات لبعض الأسماء ممن كانوا في موقع القرارأو مجاورين له أو فاعلين فيه . قد ساهموا في تفقير وترسيخ معضلة  الفقر و الهشاشة والبَـطالة والسكن غير اللائق . للعَـديد من الشرائح الاجتماعية ! هـذا واقع سوريالي لا مفـرمنه الآن؟ ولكن كان من باب الأولى كشف مقدار ما أعطـوه ؛ كما فـعل العديد ممن ساهموا في الصندوق التضامني ضد الجائحة: وفي هـذه اللحظات يجب على من يريد أن يساهم أن يظهر المبلغ الذي ساهم به أو يتوارى الى الوراء ، حتى إذا كان المبلغ المتبرع به محترما ، شكرناه وقدرناه ، أما اذا كان المبلغ قليلا فمن الأحسن أن لا يخرج للعالم ليعلن عن تبرعه وهو يعلم أن تبرعه سيكون بمبلغ صغيرا جدا . فيجب على المستغلين لفرصة الظهور بمظهر الكرماء بمبلغ غير معروف ولا يراه أي أحد ، أن لا يفعل ، ويترك من يقدمون المبالغ الكبيرة والضخمة لمساعدة بلدهم هم من يظهرون للعلن ، حتى يشجعوا آخرون على التبرع بمبالغ كبيرة . وأدعو من هذا المنبر مسؤولي كورونا أن يصدروا بيان تفصيلي لكل المتبرعين ويشهروا أسمائهم بحسب المبلغ ، وأن لا يقل المبلغ المتبرع به عن 1000 درهم .تعليقي هذا كان لأنني أعرف من الموقعين على هذه اللائحة من لا يمكنه التبرع حتى ب 200 درهم ولكنه يحب دائما الظهور بمظهر الكريم الذي يحب الخير على ظهر الأزمات والكوارث . وأعرف أشخاصا عاديين يساهمون بإعالة عائلات دون ضجيج ولا إشهار(8) المثير لا تعليق على هذا التعليق أو تفـنيدا لما جاء به صاحبه هو غيره وما أظن أن بعضهم لم يقرأ تلك التعليقات !  لكن الأهم عندي في كل هذا لماذا صاحب '' الاحتفالية'' وقع كفـرد وتضامن كشخص وليس جماعة ؟ كفرد تلك حرية شخصية ؛ لكن بما أنه يشدد ويتنطع أنه يمثل( تيارا ) ويَـدعي ما مرة أن هناك (جماعة ) والتي سميتها شخصيا (جوقة) ورد عليها بقوله:  وكيف تعَرِّف (جوقة) الاحتفاليين وهم نخبة النخبة مغربيا وعربيا، فيها وزيرة وأساتذة جامعيون ومؤلفون ومخرجون وإعلاميون وشعراء وزجالون ومؤرخون ونقاد ومنظرون وفلاسفة وممثلون (9) هنا مبدئيا ؛  لماذا لم  يـذكر من ضمن     [ الجوقة ] طالبا أو سمسارا أو ميكانيكيا أوخياطا أو مياومـا أو صعـلوكا أو نجارا أوعـاطلا أو عاملا أو طباخا أوكـياسا... ؟ فهؤلاء هم صناع المسرح المغربي حقيقة ؛ والذي لم ينتبه إليه من يتكلم أو يتمشدق بالمسرح !! وثانية: فلماذا الانفعال والتوتر على إثر لفظة ( جوقة /  chorus/ la chorale) إن كانت هنالك فعلا ؛ وتشتغل كخلية لترسيخ المشروع (الاحتفالي) كرؤية فاعلة في النسيج المسرحي ؟                     وبناء على هـذا ؛ فلماذا لم تعلن عن تضامنها الجمعي اللامشروط ؛ من خلال المساهمة المادية في الصندوق الوطني الخاصّ بمكافحة وباء "كورونا" باعتبارها (جوقة la chorale) ؟ ولو أن للجوقة قيمة تاريخية؛ من خلال تطور الإبداع المسرحي وتجلياته. بحيث أمست (الجوقة) مشتبكة مع الحياة ؛ تؤدي دوراً حياتياً في سيْـر الأحداث أو في مسار "بطل"  وهذا مالم يحاول أن يفقهه فقيه (الإهتبالية) !
 ولنقل (جماعة / le groupe ) الأهم أن تتضامن لتكشف للوسط الثقافي/ الإبداعي ، بأن (الاحتفالية ) و( جماعتها ) لها سيادة وهوية جماعية إنسانية، أصولها ليست مسألة اختيار، وإنما هي مسألة إدراك للذات. لتحقيق التماسك والتفاعل ضد تداعيات "الفيروس" الذي هـدّد الاستقرار الاجتماعي للعديد من المبدعين و المهنيين والمسرحيين. فمثل هذا الفعل التضامني/ الجماعي وحده يمكن للمفرد أن يخرج من فردانيته، وأن يجـد إنسانيته، وأن يحقق حريته، وأن يتحرر من عزلته ، وأن يستعيد دوره داخل الجماعة المفكرة والمبدعة والمفسرة والمغيرة، أمام الوضعيات الحرجة وضد وضعية الهشاشة الاجتماعية التي أمسى يعانيها أغلب الفنانين والعاملين في المجال الثقافي. وهذا سيذكي بأن( الاحتفاليين) لديهم توازن بين الفعل والقول ؛ والممارسة والسلوك وأنهم أكثر انسجاما مع ذواتهم ومع كل المجتمعات المختلفة ، وذلك ارتباطا بمفهوم الجماعة والتجمع الذي هو شكـل من أشكال التعبير الإنساني الذي فرضته الحاجة لأداء بعض الطقوس، منها التضامن /التكافل .الذي يعتبر نموذجا لاحتفال جماعي . مادام يصاحبه تقديم بعض الأموال أو الهدايا للمنفعة الإنسانية /الاجتماعية . قياسا بالاحتفالات التي كانت تقام لأداء بعض الطقوس الدينية وعلى إثرها ؛ تقدم بعض الهدايا والقرابين الى الآلهة لتجلب لهم الخير وتدفع عنهم الشر. ومن باب التضامن يمكن أن نلمس تلقائيا، بأن الاحتفال هو الجانب الحسي في الحياة، أما الحياة فهي مجموع القوى التي تقاوم الموت، هذا الموت الذي يتخذ مجموعة من المظاهر المختلفة، فهو الفقر والجوع والمرض والاعتقال والجهل والظلم وكل ما يشكل عقبة في وجه الانطلاق والنمو والتجدد والاستمرار، أي كل ما يعطل الاحتفال الذي هو بالأساس ظل الحياة وملحها وقوامها. ومحصلة كل هَـذا، تفعيل لمقولة [ أنا أتضامن ؛ إذن فأنا موجود] قياسا [ أنا أحتفل؛ إذن فأنا موجود]التي تم تحويرها من مقولة ( ديكارت) وهـذا التفعيل عمليا سيساهم في تحقيق النظرية بالممارسة؛ والممارسة التضامنية بما تحمله نصوص الاحتفالية التي يُقال عنها أنها تُـجسد وتشخص هموم المهمشين والفقراء والكادحين من العباد : وأنا في كل مسرحياتي شخصياتي من الهامشيين أو من الصعاليك، والمرة الوحيدة التي كتبت عن أمير صعلوك.... ابن الرومي... الشاعر الذي له غنى روحي ونفسي ووجداني، ولكنه مع ذلك يعيش الفقر المادي في زمن الغنى المادي (10) ولكن تبقى شخوصا ورقية إبداعيا بالأساس، أما على مستوى الواقع الذي ينتج بشكل وآخرتلك الشخوص الورقية . هل تم التضامن ولو معنويا مع تلك الشخوص المنتمية لشريحة الكادحين والمهمشين والمعوزين عيانيا وإجرائيا ف(جماعة احتفاليين) لم تنخرط في باب (التضامن /  Solidarité ) أو التكافل الإجتماعي من أجل ترسيخ حضورها الفاعل في المشهد الإجتماعي والمسرحي والثقافي؛ لتصريف المفاهيم التي تؤمن بها كالاحتفال والفرح والعيديية. لأن الاقتسام في مثل هَـذه الحالة ، يزيد من حجم الفرح، ويجعل الاحتفال أقوى وأغنى. والسبب أنه ليست هنالك (جماعة ) ولا ( جوقة ) ( احتفالية) من المنطلق.فلوكانت هنالك فعلا كمايدعي وأدعى علينا في إحدى ردوده الفايسبوكية؛ رغم تمظهر (الأنا / المتضخمة ! المريضة !) التي تفوح منها هلوسات وهذيان: إن فهم هذه الاحتفالية، والذي استعصى على كبار الباحثين والمسرحيين المغاربة والعرب في عقود طويلة لا يمكن أن يتحقق إلا من حاقد في ساعات قليلة، واذا كنت تجهل نفسك، ولا تعرف قدرك، ولا تعرف نفسك، وأنت لا شيء، فكيف تعرف الاحتفالية والتي هي أهم وأخطر ما في الفكر العربي وفي الفن العربي الحديثين.... وأنت تجهل نفسك ولا تعرف نفسك (12) فأين هَـؤلاء الجهابذة والأباطرة (الاحتفاليين) ليمارسوا التضامن الفكري على الأقل . والتآزر العملي والعلمي تواطؤا. ليكشفوا للعموم جَهلي؛ وتنطعي ؛ لأقـِف عند حُـدود نفسي ؛ التي تطاولت على مولاهُـم (الإهتبالي) وكـَذا لإيقاف الضربات التي يتلقاها ( شيخهـم) لكي يخرسوا أفواهنا بالحجة والبرهان ؛ لكي تغلق الأبواب المشرعة على تحليلاتنا ورؤانا وعنادنا وشغبنا. رغـم أن فقيه ( الإهتبالية ) حاول بطرقه وعلائقه أن يناور ويختلق افتراءات ليصد علينا بعض أبواب النشر؛ وسيأتي ذكر ذلك في باب من الأبواب المتبقية. وبالتالي فكيف لمن يؤمن بأن المسرح الحقيقي يوجـد في المواسم والأسواق الأسبوعية ؟ أمسى وحيدا يعيد إنتاج أوراقه المتهلهلة والمضللة ؛ فأين تلك (الجوقة ) التي كانت تسبح للشيخ العـيدي/ الإحتفالي من أجل المشاركة في مهرجان مسرح الهواة (المأسوف على اغتياله)؟ فأين الذين كانت أعينهم وحقائبهم على عتبة الأسفار مشكلين صورة ( الشيخ والمريد)؟ أين هي جمعية ( جماعة الاحتفاليين) التي تأسست بفاس ثم الخميسات والدار البيضاء ؟ أين تلك الجمعية التي تحمل اسم « أصدقاء [ع الكريم برشيد] للفنون الدرامية« التي قيل أنها تأسست ب(مكناس) ؟ ومامصيربيان [الشارقة ] للاحتفالية المتجددة (؟) وأين أصحاب بيان تازة للاحتفالية المتجددة ؟ وبيان [عمان] للمسرح؟ وبيان [الخرطوم] للمسرح الإحتفالي؟ وعلى ضوئه أتساءل : كنت من المكرمين في (مهرجان البقعة الدولي للمسرح) في دورته ال16  سنة 2016 فكيف أعددت لوحدك ( هذا ) البيان ! وهل طلبته منك الهيئة المشرفة عن التكريم؟ بالله  أقول :أليست هاته قلة مروءة فأين الجماعة ؛ فأين التواصل والتناسخ أو التناسج بين الذين  آمنوا ب((فنكوشيتكم)) ؟ ولكن انقلب السحر على الساحر؛ فمسرحيو – السودان – اكتشفوا أوهام تلك ( الإحتفالية) وانضاف إليها التحول السياسي الذي عرفته بلادهم (الآن)؛ قبل بزوغ فجر الجائحة ،التي كشفت عن كل شيء . بما فيه بيان [سيدي قاسم] الذي يعتبر آخر مهزلة المهازل للإحتفالية ؟ ورغم ذلك نتساءل أين هي مؤسسة [ع الكريم برشيد] لاحتفالية الفكر و الإبداع ؟ كل هـذا مجرد مفرقعات وفقاقيع صابونية . لتمييع ما تبقى من الفكر الإبداعي المتجدد والمتنور. والخطير في كل هَـذا وعبر قراءة برانية؛ مارس الهَـدم حول ما سبق قوله أو بناؤه بمعول ذاته ،التي تجيب نفسها من خلال كتاب هو عبارة عن حوار شامل ومتكامل لقضايا متنوعة ( عبد الكريم برشيد وخطاب البوح ـ حول المسرح الاحتفالي)(13) أقول ما يلي : ( ما ظهر واختفى لا يمكن أن يعول عليه ، ووحدها الأشياء الحقيقية هي التي تظهر وتبقى، وهي التي تنمو داخليا، وهي التي تتعدد في الفضاء الزمكاني، وهي التي تتجدد مع تجدد الأيام والأعوام، أما ( التيارات) التي تظهر سهوا، أو خطأ، وتختفي في غفلة من الزمان، فإنه لا يمكن أن يكون لها أي معنى(14) وفعلا منذ تمظهر ما يسمى التيار الاحتفالي وهو بدون معنى؛ لأنه كائن حربائي وزئبقي ساهم عمليا في هَـدم معنى المعنى، باعتبار أن ( الاحتفالية ) هي مؤامرة من دواخل مركز القرار[ المسرحي] لبلقنة المسرح من خلال خلط الأوراق عبر ( البيانات) وتضبيب المفاهيم المسرحية التي تهجَّـنت عبر( الصراع) الإيديولوجي ؛ البعيد عن الصراع المسرحي/ الفني؛ مما استطاعت ( الإحتفالية) معية (الإدارة) أن تغرس  تصوراتها الشعبوية والتقليدية المحافظة ، عبر النصوص التي كانت تفوز في المشاركة لمهرجان الهواة ؛ والتي تهافت عليها العديد من الجمعيات ! ونفس الورقة / اللعبة  أعيدت  في رحاب ما يسمى ( الدعم المسرحي)  مما انقلب مساره الطلائعي والدينامي ؛ رغم الإكراهات ومحاولة ترويضه من لدن القطاع الوصي ( آنذاك) إلى مجال لإنتاج للفوضى والغموض والمحسوبية والفئوية، وتمرير القرارات التي تطبخ طبخا في المطابخ السرية ، ليستفيد أصحاب القرار من وضعية الفوضى والشتات في المسرح المغربي.   وإن كان له معنى، فإنه لن يكون أي شيء آخر سوى الابتزاز من طرف صناع ( الإحتفالية) وأدلجة المسرح لمنطوق الترويض لصالح ( الإدارة ) وفي هذا السياق ؛ ما صرح به: أننا جميعا في مركب واحد، وأن مصيرنا واحد وربنا رب واحد ومن الدروس المستفادة من هذا الوباء هو تقوية حاسة التضامن والتكافل في المجتمع؛ إذ لا معنى أن يذهَـب أحدنا للسوق ويأخذ كل شيء ويترك جاره بلا شيء(15) مجرد تطريز كلام/ لسْني ، مغلف بكلام/ بلاغي.  لأن قبل الوباء طرحنا عليه سؤالا، ولا أنكر بأنه كان استفزازيا ؛ والعجيب تبين أن له علاقة بالتضامن/ التآزر المادي ؛ ولم يكن هنالك تضامن فعلي وعملي مثل (الآن). لأن – برشيد- هو الإحتفالية ؛ والاحتفالية هي برشيد ؛ فمن هذا التزاوج والتداخل يسمح لنا مواجهته ؛ لأننا في الأصل نواجه ( الإحتفالي) التي يعتبر(الإحتفالية) دستوره المسرحي الأسمى ؛ وبالتالي في قول السؤال كان ذلك التمازج: في نطاق فلسفتكم أوليست الإحتفالية تؤمن ( بإنسانية الإنسان) من هنا ؟ فهل يا ترى أموال ما جلبته ( احتفاليتكم) تنفقونه على أنفسكم أو على المسرح أو على ذوي القربى.؟ هل بها تساهمون في رفع معـنوية المرضى من ذوي القربى والفنانين ؛ أم أن إنسانية الإنسان ماهي إلا ديماغوجية ليس إلا؟ فها هو اليوم الفنان : (محمد الصعري ) الذي خـدم المسرح وخدمكم شخصيا وفي إطار النقابة الأولى؛ هاهو طريح مرض مزمن وكذا (محمد اللوز/ حميد نجاح/ مولود أوحموش ( رفيق محمد رويشة) و(محمد الطبعي) و(...) ربما هؤلاء لـيسوا( احتفاليين )(16) لكن من مكرالصدف بدل أن يلتزم الصمت أو اللامبالاة تجاه سؤالنا؛ انطلق لعنان الرد ويحتج بجمود الجامدين على السؤال وتعاليمه، التي تقتضي الحوار واستعمال العقل الذي يدعيه ( دائما) للتفرقة بين التضامن المادي والمعنوي بدل الرد بهذا القول المضحك المبكي: : تخاريف وجنون بلا فنون، وكلام بلا معنى، وبلطجة وابتزاز. وأذكرك بان كل ما تكتبه ليس له سياق، وليس له ما يبرره، وما تقوم به إبحار في بحر الحمق والهذيان المريض، وهو خروج عن الموضوع وعن آداب الحوار ، وهو إلقاء الحجر في كل الجهات، ولعب دور بلطجي رأس الدرب، مع الذين كلفوك بتخريب صرح الاحتفالية العتيد؟ ولتقول مثل هذه التخاريف التي تحمل أسلوب الابتزاز(17) لا يمكن هنا إلا أن نتعجب؛ في اهتبالية صاحبنا ، فمن ينادي أو يتساءل عن الفعل الإنساني الذي ينادي به ويطنطن به الصحف والأوراق؛ يوصف ب[التخاريف/ الجنون/ الحمق/ العميل/ الهذيان/ البلطجة/ الابتزاز] ولاسيما أن الابتزاز والبلطجة يتمان بشكل مباشر. وليس عبر هذا الموضوع أو غيره. لكن الخوف من ( أمواله) أفرزت خرفا منقطع النظير . مادام الخـرفُ: مرض يصيب الوظائف الإدراكية والعاطفية والسلوكية .مما يتقلص التفكير؛ وتتضرر القدرات العقلية ؛ لتـصاب (الذاكرة ) تدريجيا بالتلف. وبهذا التلف أمسى يعيش الغربة والوحدانية. من هاته الزاوية تسلل أولا للتوقيع على عريضة تطالب بالحرية لمعتقلي حراكـَيّ الريف وجرادة ؟(18) والمتتبع لما يكتبه عن الاحتفالية ذات المنظور لليبرالي المتوحش ؛ سيتساءل عن توقيعه (؟) وثانيا أدرج إسمه في لائحة التضامن (19) والمفارقة  أن أغلب العناصر المساهمة لا يمكن أن يلتقي معها لأسباب متعددة ؟ فالمهتم القارئ سواء في المجال المسرحي أو السياسي سيعرف لماذا ؟ وبالتالي فلوكان مؤمنا بقضية التضامن كما أشار: فالمهم أن يعرف الإنسان أولا أن أجمل ما في الوجود هو حيويته وإنسانيته وليس جشعه وطموحاته الليبرالية اللامتناهية، طموحات حولت كل شيء لسلع، متناسيا هذا البعد الإنساني الكامن في دواخلنا، بعد أن انغمس النظام العالمي في عنصريته وغلوه وإقصائه وتهميشه (20) فهذا التصريح رغم تناقضه مع العمق الإيديولوجي للاحتفالية ! كان بالإمكان تصريفه وتحقيقه (عمليا ) وليس ( لغويا )  مساهما على الأقل ببعض منشوراته وكتبه ( مجانا )عبر "الانترنت" بطريقة ( PDF) إبان ذروة الحجر الصحي؛ كما فعـل العديد من الكتاب والمؤسسات الثقافية/ الفنية/ السينمائية . ألم يقل ( المرصد) أنه ستتأسس مؤسسة [ع الكريم برشيد] لاحتفالية الفكر و الإبداع ؟ فعبرها يمكن أن يتحقق على أبعَـد تقدير مفهوم التضامن المعنوي الذي ينوب عن التضامن المادي . لكن من خلال نشر الكتب عبر الأنترنت للقراء ( مجانا ) لا يبقى هنالك فـَرق بين المادي والمعنوي: فالذي نؤكد عليه اليوم هو القيم الإنسانية من تكافـل اجتماعي وتضامن إنساني بمفهومهما الجمعي الكوني النبيل (21) هذا قول الإحتفالية التي هي برشيد؛ وبرشيد هو الإحتفالية ؛ لا غير سواه .
الإحـــــالات :
1) انعكاسات أزمة كورونا على الحياة الثقافية لخوله كامل الكردي صحيفة النبأ في2020 /05/11
2) مخرج يفتح خط حساب جمعيته للتضامن ...- الكاتب : أنفاس بريس  بتاريخ 2 إبريل 2020
3) نقابات تطالب بدعم الفنانين لأمينة كندي جريدة الصباح المغربية بتاريخ8  أبريل 2020 
4) نقابة الممثلين تطلق مبادرة "ساعد زملاءك" بقلم خالد فرج لصحيفة الوطن بتاريخ25/03/2020
5) انظر لدراستنا حول الموضوع في صحيفة زمان الوصل السورية بتاريخ كانون الثاني 2014
6) نقابة الممثلين تطلق مبادرة "ساعد زملاءك" بقلم خالد فرج لصحيفة الوطن بتاريخ25/03/2020
7) كتاب وأدباء وفنانون مغاربة يوجهون نداء لتعزيز التضامن من أجل تحدي “كورونا” موقع - لكم- بتاريخ /26/03/2020
8) مثقفون يتبرّعون لصندوق وباء "كورونا" ويتطلّعون ل"مغرب جديد" موقع هيسبريس مجال الردود والتعليقات رقم 32 – علال في 26 /03/ 2020 -
9) انظر لدراستنا في : ما جاء في باب جـوقة الاحتفالية في: صحيفة مدارات ثقافية بتاريخ 25/11/2018
10) حوار مع برشيد أجراه - مولود القنبي : بمجلة طنجة الأدبية في 12/06/2007
11) برشيد :الاهتمام بما ينفع الناس ويمكث في الأرض: مجلة تيلكيل عربي ص21 –ع/-  47 16أبريل2002
12) كان بالإمكان أن يتمعن القارئ في ردود برشيد على كتابتنا التي كانت في جدارية جناح التامي بتاريخ 12/10/2018 ولكن تم مسح كل ما جاء من نقاش بيننا ؛ من جداريته؛ ولازالت موجودة في جداريتي.
13) (عبد الكريم برشيد وخطاب البوح) لعبد السلام لحيابي/2015  إيديسوفت الدار البيضاء
14) نــــفــــسه ص 169
15) عــزلة المسرح في زمن كورونا (10) ملف إعلام الهيئة العربية للمسرح في– 08/06/2020 
16) انظر لجداريتنا بتاريخ 04/11/2018
 17) كان بالإمكان أن يتمعن القارئ في ردود – برشيد- على كتابتنا التي كانت في جدارية جناح التامي بتاريخ 06/11/2018 ولكن تم مسح كل ما جاء من نقاش بيننا ؛ من جداريته ؛ ولازالت موجودة في  جداريتي
18) تصفح العريضة بموقع فبراير كوم بتاريخ 22 أبريل 2019
19) انظر للائحة في موقع – لكم – بتاريخ الخميس 26 مارس 2020
20) تصريحات لبرشيد في مجلة العـدالة والتنمية" عدد 3 - بتاريخ 18/أبريل/ 2020
21) نــــفـــــســهـــا





5
مهرجان مَــسرح الهــواة : تأجيل أم إلــغاء ؟؟
نــجــيب طــلال

الــــــــــــواو:
إنه فاتحة ((وباء)) أو بالتأكيد تلك جائحة كورونية ؛ لاتهم التسمية ؛ مادام المرء متعَـب؛ ولقد أهلكته الهموم اليومية ؛ وانضافت إليه  (الواو) الذي ارتبطت به ( الباء) ليجتاح كل معالم الحياة، وغيرها فجأة من حركية وتفاعل بشري مع الحياة العامة والخاصة . وإن كانت في الغالب روتينه عند العديد منا، إلى شلل مجتمعي وانعِـدام التفاعل المباشر والحي.  ومن خلال (واو الاستئناف) انكفأت الديناميكية ، وتوقف الأمل وتحول إلى اللأمل وتأجلت الأحلام وتعطلت المشاريع وتحوَّل الحلم والمشاريع والأمل  إلى كوابيس بشكل فظيع وغير متوقع ولا محسوب بالمرة  ! فعَـمَّ الخوف والهلع والهوس بالمجهول في دواخل البشر وفي أغلب المدن والمحطات ، وداخل أسوار البيوت سواء المترفة أو الهشة الفقيرة، تساوى الكل في الكل، وتهاوت التراتبية ؛ لأن الكل يستفسر ويتساءل عن الوضع الوبائي المتصاعد إلى متى سينهار وسينعَـدم ؟ حقيقة انهارت نزعة الاستعلاء بشبح الوباء شبح له تأثيره وباسه على المواطن ذاك الذي  يتشوق كما نتشوق جميعا وننتظرالانفراجات وانقضاء الغمة ، بحنين جنوني وطموح لا ينضب وبأمل لا ينقطع ، للخروج من دائرة الارتياب وأخبار الاجتياح والسقوط والموت وشحوب المدن والشوارع وأصداء وصور الموتى الراحلة بدون عَـزاء. وسكون وظلمة  فضاءات الترفيه والفكر والجمال، وإلغاء عدة تظاهرات ثقافية وإبداعية وتأجيل مهرجانات سينمائية ومسرحية في العَـديد من البلدان ؛ والأهم عندنا في هذا المقام أنه أعلنت: ( الأمانة العامة للهيئة العربية للمسرح، وفق بيان عن تأجيل المهرجانات الوطنية للمسرح التي تنظمها الهيئة في تسع دول عربية،بالتعاون مع الجهات المشتركة  بتنظيمها للعام المقبل 2021 بسبب جائحة كورونا والظروف الشائكة) (1)                                                                         
إذن ؛ فمهرجان مسرح الهواة  المغربي، الذي لم يتوقف منذ سبعة عشر ( 17 سنة ) كما يزعمون  ! بل اغتيل على يدي ممارسيه ! والجل ملتزم الصمت والخرس، كأن الطير على رؤوسهم  وباسم (واو المعية ) تم إحياء توأمه بشكل ( معـوق)  من لدن الهيئة العربية للمسرح ( الإمارات) بشراكة مع وزارة الثقافة  والاتصال سابقا ؛ فهل هو( المهرجان) من ضمن التسع (9) الدول المشمولة بعملية تأجيل مهرجاناتها ؟ سؤالنا هذا مرتبط بالضبابية والغموض ، الذي يكتنف بيان الأمانة العامة للهيئة العربية للمسرح .وفي غياب تعقيب أو تغطية أو توضيح على الأقل من طرف لجنة الإعلام التابعة للهيئة ! من هي تلك المهرجانات أوالدول التي وقع فيها التأجيل. لأنه تأجيل طبيعي نظرا للظرفية الاستثنائية التي يعيشها العالم قاطبة ، والتي سلبت من الأغلبية هكذا أحلامُها ورونق عَـيْـشها. حسب طاقتها وظروفها المَعاشية والمعـيشية. وأوصدت عِـدة أبواب الرزق في ظروف طارئة . فباسم  ( واو القسم ) تفاقمت البطالة والعطالة في صفوف المسرحيين والفنانين بدون ضمانات بغـد مأمول بإشراقة باسمة ؛ وفرضت إغلاق المسارح  وقاعات العروض ودور الأنشطة الفنية والإبداعية والفضاءات الثقافية ؛ رغم أن هناك (حاليا ) تسريب [ فايس بوكي] لبعض الأصوات التي تنادي بفتح المسارح ! لأنها مصدر الهواء بالنسبة لهم ! والبعض الآخر يطالب بالدعم الاستثنائي ! لأنه مصدر الرزق لهم ! وبعض البعض يتقاتل على بطاقة ( الفنان) ! لأنها عنوان وجوده في الساحة؟ وشرذمة توارت خلف أغصان الجائحة ؛ وانقطعت أخبارها وشُلت حِبالها الصوتية ؛ في انتظار انقشاع فجر جديد؟ فكيف سيستقيم هذا الفعل المسرحي؛ بعد الجائحة ؛ وكل فنان أو مبدع يلغي بلغوه؛ وانكشفت عَـورات الفنان (عندنا ) من خلال الاستنجاد وهشاشة الدخل؛ والأخطر من ذلك؛ بعد ظهور البيان الأوّل المعنوَن بـ"هذا الظّلّ هنا" انخراط العديد منهم في صراع وحرب العرائض التي عمقها سياسي بالأساس وذلك: بعد توقيع 400 فنان مغربي يوم 10 غشت الجاري على عريضة يدينون فيها حملات "الاعتقال السياسي والمضايقات والقمع" في المغرب، رد أكثر من 600 فنان ومبدع بعريضة ثانية يؤكدون فيها ثقتهم في مؤسسات الدولة (2) فهذا التضارب لصالح من؟ بعْـد بروز فئة ثالثة من المنسحبين !  ولربما ستظهر فئة رابعة ستدين العرائض(معا ) لأسباب خارجة عن تموقفاتها إن بقيت هنالك ( مواقف) وبالتالي سيتساءل القارئ المفترض : كل هذا ما علاقته بمهرجان مسرح الهواة ؟ أو كما يسمى تمويها '' المهرجان الوطني لهواة المسرح''
الــــبــــــاء :
السؤال أساسا ؛ يفرض علينا إقحام ( الباء) باعتبارها وسطية أصلية ( عَـين) بين الواو والهمزة بحكم فعلها [ وبَـأ ] الذي أشار إليه ابن منظور أنه ( الطاعون). وقيل هو كلُّ مَـرضٍ . ليبقى مَـرضا ؟ فكيف ياترى ستفتح المسارح والأبواب موصدة ! ولا جواب أو همس (حتى)على الشعار المرفوع ( افتحوا لنا المسارح ؛ إننا نختنق) من لدن الجهات المسؤولة ؛ وخاصة وزارة الثقافة والشباب والرياضة التي هي ( المُشَّـغِل) ومعقل الفنانين ويتبع لها الآن ( مسرح الهواة ) ومن باب (باء السببية ) التي ترتب أمراً على أمر؛ لا أمرا خرج من دهاليزها لحد الآن لطمأننة أهل الفن بكل أشكاله وأطيافه؛ وخاصة المسرحيين . لأن الإشكالية التي يتخبط فيها أغلب الفنانين ( الآن) وفي خضم انتشار الوباء وتفاعلاته المريبة ؛ تكمن في مسألة التدبير والتسيير. لأن الأغلب الأعم ؛ من المسؤولين لا زالوا يجترون نفس الأساليب ونفس الرؤية التقليدية والنمطية في التعاطي مع الأزمات والإشكاليات الكبرى التي تمُرمِنها البلاد . وهذا مخجل جدا أن يَضيع المرء/ الفنان عمره في التسويف ! والإنتظار ! واللامبالاة ! التي تمارسها بعض القطاعات كأن رؤساءها ومديروها؛ يعيشون انفصاما كليا عن الواقع ومجرياته . وبالتالي إلى متى سينتهي التسويف واللامبالاة لتحقيق الأولويات؟ وترتيب وتفعيل الأساسي في حياة المبدعين؟  تفعيل فعال ومبني على أسس صلبة ومرنة في نفس الوقت، وحاملة لمعنى ذو قيمة حضارية . وعلى عمق استراتيجي الذي يدوم ويستمر؛ أما العابر فلا قيمة له. وكل هذا مرتبط بالتواصل كمبدأ حقيقي وفوري. وكذلك بخطاب موضوعي في كل القضايا المجتمعية ؛ بعيدا عن ممارسة الإقصاء المبنية على المزاجية والاختلاف أوعلي مواقف نقابية أو حزبية أو انتمائية أوسياسوية.
وبما أن وزارة الثقافة هي المسؤولة عن القطاع ، فلا مناص أن تتخذ خطابا موضوعيا تحسم في أغلب التأويلات والإشاعات التي تتسرب نتيجة عن بعض الإشكاليات كبطاقة الفنان مثلا أو عن مهرجان الهواة  لأنه فيما سبق (هي) التي أعلنت أصلا عن تنظيم المهرجان في دورته (الأولى / مراكش) وكـذا في دورته ( الثانية /أسفي) وتحديدا في غضون  أواخر شهر[ شتنبر] انطلاقة لأشغاله ( سابقا ) فلماذا لم تعلن ( الآن) هل دورته الثالثة خاضعة للتأجيل أم الإلغاء ؟
 تأجيله هل طبقا للظرفية الاستثنائية التي نعيشها كما يعيشها العالم بأسره جراء ( الفيروس/ الكوفيدي19) والتي تفرض مواجهة "الجائحة '' بقوة التلاحم والتناغم العام لكل الشرائح الفنية . أو نتيجة للبيان الذي نشرته الأمانة العامة للهيئة العربية للمسرح ؟ باعتبارها شريك أساس في المهرجان والحجية في الكلمة الافتتاحية: .... إن هذا الحدث الثقافي والفني من شأنه أن يعمق عُـرى الصداقة والتعاون بين المغرب ودولة الإمارات العربية المتحدة.... وأن تنظيم هذه التظاهرة سيعمل على إضافة لبنة جديدة لصرح التعاون الهادف بين البلدين مع التطلع للاستثمار في غد أفضل، خاصة أن هذا المهرجان يتجه صوب الشباب المفعم بالطاقة الخلاقة. (3) وفي سياق آخر وبناء على (باء البدل )  تلك التي تدلَّ على اختيار أحد الشيئينِ على الآخر، بلا عِـوَض ولا مقابلةٍ ، هل المهرجان سيخضع للإلغاء نتيجة تضافر عدة عوامل دبلوماسية / سياسية . أبرزها قضية التطبيع التي خاضتها دولة الإمارات؛ مع الكيان الإسرائيلي . وإن كان الأمر لا يدخل في اختصاصات وصلاحية بلادنا ، لكونه يهم دولة أخرى . ولكن تصريحات المسؤولين عندنا، في عمقها تتضمن قرارات استراتيجية الكبرى بحيث:  رفض رئيس الوزراء المغربي .... أي تطبيع للعلاقات مع كيان الاحتلال الإسرائيلي....لأن ذلك يعزز موقفه في مواصلة انتهاك حقوق الشعب الفلسطيني...(4) وهذا الموقف له مؤثراته الناتجة عن ارتفاع مئات الأصوات من كل الجهات ومن لدن شخصيات مناهضة للتطبيع. وكذا من قلب مؤسسات ومنتظمات لها وزنها وقيمتها ( ك) المرصد المغربي لمناهضة التطبيع وكذا الجمعية المغربية لمساندة الكفاح الفلسطيني التي: فتحت جبهة الغضب ضد اتفاق التطبيع الإماراتي، إذ اعتبرت في بيان توضيحي أنه «لا يمكن التعويل على المرتدين الذين يحولون أوطانهم إلى مستوطنات صهيونية رديفة» ...وأن اتفاق «الخذلان» بين الإمارات العربية المتحدة وإسرائيل يستوجب الترافع أمام مكونات الحقل السياسي والرأي العام الوطني والعربي والدولي(5) فأمام هذا الغليان السياسي تجاه التطبيع الذي دخلته الإمارات والبحرين من بابه الواسع. فمن الصعب جدا أن تتوفر شروط تحضيروإنجاز [الدورة 3] '' للمهرجان الوطني لهواة المسرح'' بعْـد انزياح الوباء من فضاءاتنا وانتهاء كابوسه المرعب .
فمسألة الإلغاء وشيكة التحقق لآن تمويل المهرجان شكلا ومضمونا "إماراتي" صرف. ولكن فقبل التطبيع كانت هنالك تشنجات  ومشاحنات ديبلوماسية وسياسية بيننا وبينهم .بدأت برفض الحصار تجاه دولة (( قطر)) وانضافت عليه ملفات أخرى مثل الوضع الليبي بعدها : اندلعت حرب إلكترونية بين المغرب والإمارات العربية المتحدة، على خلفية هجمات شنت من الإمارات على الحكومة المغربية اتهمتها بالفشل في محاربة وباء كورونا المستجد(6) حتى إن وسائل إعلامنا قالت :إن الرباط قامت بسحب سفيرها من دولة الإمارات العربية المتحدة، وكذا قنصليها في أبوظبي ودبي، وسط أزمة سياسية مكتومة بين البلدين. ولم يتوقف المغرب عند ذلك الحد، بل أفرغ سفارته وقنصلياته في الإمارات من جميع المستشارين كما قلل من تمثيله الدبلوماسي في أبوظبي ودبي، ولم يترك سوى عدد قليل من الموظفين الإداريين (7) فهاته المعطيات التي كانت تروج و لم تعُـد سرا .ألـمْ يستوعبها أغلبية الفنانين الذين يدعون ( الاحتراف) ؟ والذين انضموا إلى جوقة المداحين والمؤيدين والهتافين للمهرجان والمدافعين عنه والمتهافتين للمشاركة فيه بطرق ملتوية طمعا في الأغلفة المالية وذاك (شأنهم ) وليس حُبّـا في الإضافة النوعية للمشهد المسرحي وللعشق الإبداعي/ الجمالي؛ رغم أن التجربة وُلدتْ ( معاقة ) إلى حـد ما. ولكن ما يحُـز في النفس أن تلك ( الجوقة ) وهي معروفة بالاسم والنسب .لا يأكلون أغلفتهم (المنحطة ) في صمت !. وليسوا واضحين ومنسجمين مع أنفسهم وأفكارهم إن كانت فعلا لديهم أفكار ! بل يتطاولون ويُنـظـّرون ويُـوجهون ويمارسون النميمة والضغينة والضرب تحت الحزام في حق من هم خارج[ سرب ] الانتهازية
 وبناء عليه ؛ فالأهم من كل هـذا! أين هم الآن من باب الإقتضاء ب( باء الاستعانة) التي تكون هي الداخلة على آلة الفعل . ليدافعوا عن عَـدم ( تأجيل) المهرجان الوطني لمسرح الهواة ؟ أو عن عَـدم ( الإلغاء) كمشروع سياسي؛ ستظهر معالمه مستقبلا ؟
وأين أفكارهم وكتابتهم وعلومهم المسرحية وظهورهم عبر القنوات التلفزية ! لترسيخ دعائم الممارسة وليساهموا في تطعيم وتدعيم المهرجان ؟ الذي أضاف[ لهُـْم ولهُـنَّ ] تعويضات ( ريع) من جبة الخليج؟ وأين الذين ناقشوا أو شاركـوا في [[مسرح الهواة : نقاش الهوية والتحديث ]] استنادا لما قالته الهيئة بالحرف : لذا فإن الهيئة العربية بالتعاون مع الجهات المشتركة في تنظيم هذه المهرجانات، تستثمر هذا التأجيل للقيام بعملية المراجعة الشاملة والتجديد والتصحيح من خلال ضبط مفاتيح المستقبل المتمثلة في تنقيح الاتفاقيات وتطوير اللوائح التنظيمية وآليات التنفيذ والضوابط الفنية والمالية الخاصة بالمهرجانات الوطنية التي تدعمها الهيئة العربية للمسرح، لتؤدي الغرض المأمول منها في رفع سوية المنتج المسرحي وتعميم ثقافة المسرح (8) لتساهم بدورها في إحداث تغيير حقيقي يرتبط بعمق وصلب واقع الممارسة المسرحية  . ربما عذرهم إنهم في الحجر الصحي .

الإحــــــالات :
1) تأجيل المهرجانات المسرحية الوطنية العربية في 9 دول عن مجلة الهيئة - بتاريخ الخميس 09/ يوليه/2020
2) حقوق الإنسان: حرب عرائض بين فنانين ومبدعين مغاربة عن صحيفة يا بلادي بتاريخ 25/08/2020
3) كلمة الكاتب العام لوزارة الثقافة والاتصال – قطاع الثقافة- في افتتاح الدورة الأولى للمهرجان يوم الجمعة 28
     شتنبر 2018 بالمركز الثقافي الداوديات بمراكش .
4) العثماني: المغرب يرفض تطبيع العلاقات مع “الكيان الصهيوني” صحيفة القدس العربي23 - أغسطس – 2020
5) غضب مغربي على الإمارات ( بيان الجمعية المغربية لمساندة الكفاح الفلسطيني) في جريدة الصباح المغربية 
    بتاريخ23 أغسطس 2020
6) المغرب.. حملة للرد على “ذباب إلكتروني” يتبع الإمارات – القدس العربي ( تغـريدات) في 15 - أبريل – 2020
7) 4 أسباب وراء تدهور العلاقات الإماراتية المغربية صحيفة - الخليج الجديد يوم السبت 14 مارس 2020
8) تأجيل المهرجانات المسرحية الوطنية العربية في 9 دول عن مجلة الهيئة - بتاريخ الخميس 09/ يوليه/2020

6
أقصوصة:
المُــتســـول العـِـربيـــد
                                                                                 
نـــجـيــب طـــلال

 بلحْـية مُبهدلة ؛  مُـتـهًـدلة ؛ مُـشوهة ؛ مُتسخة ؛ كطاقيته السوداء وجلبابه  الصوفي؛ المرتق الممزق،؛ الذي  يرتديه ومدينتي  في عـز الحرارة المفرطة ؛  فيوميا  يرثكن في مكان استراتيجي بين سوق القرب العامر و متاجر ومحلات بيع قطع غيار السيارات وغيرها , والقريب من أحد الأبناك بإحدى الشوارع  القريبة من سكننا . يتسول صامتا بدون ضجيج ولا استعطاف ؛ كأنه أخرس أو أصم؛ تكفي أن هيئته توحي بالاستعطاء والشفقة ,ولاسيما أنه يوميا يتسول في ذاك المكان,, لكن لم أكن أعْـرف أنه سكير ! عربيد ! من الدرجة الأولى . إلا في إحدى الليالي؛ التي صادفته يتمايل وروائح الخمرة الرخيصة تفوح من فمه ؛ فـَمٌ تتلعثم مخارج حروفه وهو يَسُـبُّ ويلعن غدر أيامه وحظه العاثر. ونحن نتسابق مع اللحظات الأخيرة لاقتناء بعض الحاجيات قبل إغلاق الدكاكين والحوانيت في زمن الحجر الصحي؛ الذي بَـلـْبَـل عـُقول الناس !  وحـيّر أذهان العباد ! بعْـد استمراره وفرض شروط  جزائية، جزرية؛ جنائية؛ خارج حرية الأفراد !
صبيحة الغـَد والناس كالمعتاد تمر من مكان تسوله ؛ كلها مُكمَّمة  ومُقـنـَّعة الوجه ؛ ومتباعدة الخطوات ؛ والخوف يلاحق أطرافها . من شبح الوباء... من أثر الفيروس   حَـسب قولهم  !  ربما ذاك الفيروس سيكون ملتصقا في أحد المـارَّة ؟ أو أصاب شيخا أو متقاعدا فـقـَد المناعة في إحدى الليالي؟ أو ربما يلاحقنا - كوفيد19- منتظرا فرصة الانقضاض علينا ؛ هكذا يفكرون ! وهكذا يغـْرسون هَـول الوباء فينا ؟
ورغم ذلك ، صادفنا جوقة ناس ! انعـدم فيها الخوف  ! ولعْـبة التباعد ! فاقتربنا منها كنوع من الفضول ،أو هو الفضول بعينـه ، لأننا بدأنا نحملق كما يحملق الجميع لفهم ما يجري هذا الصباح ؛ وفي شارع يكاد هادئا  كما تعَـودنا عليه يومـيا، لكن بعض المارة يهرولون بعيدا ربما خوفا من شبح " كورونا" وبعض منهم يستنكر هذه الفوضى والصراخ ؛ ثـم ينسحب, لكن الصراخ يزداد ارتفاعا من سيدة  ذات الثلاثين ربيعا؛ وبأسمال بالية تكاد متسخة ، وحذاء جلدي بالي جدا يعلوه غبار السنين وأتربة الزمن الغابر، وفي يدها رضيع . رضيع تتسَوّل به ؟ أي نعم !! هي متسولة  ظهرت مختلفة
ضمن مشهد السًّعْـيان الذين ازدادوا ، أشكالا وأعمارا مختلفة  ! وفي هذا الشارع تفاقموا أشخاصا وبنيات جسمية متـنوعـة ! حتى في الشارع المجاور له والقريب للمسجد. بعد تفاقم وتشعُّـب وتغلغل هاته الجائحة الوبائية التي غـَيَّـرت ملامح الشوارع والحياة العامة. وغيرت حتى الخصام بين الأفراد والأسر وبين الناس  لبعضهم وبين المتسِّولين والمحتاجين ؛ لأن حالهم دائما المقاتلة والخصومات على أشدها ؟  فذاك المتسول العربيد طردها بعنف من مكانه المعتاد؛ متهما إياها باحتلال مِـلكه الخاص ؛ فبيَديْـها تصدَّت لأوامره وتهجمه عَـليها ، بعدما طرحت الرضيع أرضا رافضة الابتعاد عن دكانه أو مقر عمله . كأن أماكن التسول أصبحت ملكية خاصة ؛ للأقوى أو من له نفوذ. فازدادت حدة الصراع والقذف والتجاذب والسَّب والشتائم بينهما ؛ وبين جمهرة الناس انقضت عل المتسول / العربيد امرأة خمسينية معكوفة الظهر؛ نراها يوميا في طابور المتسولين ؛ أجمل ما فيها ذاك الاستعطاف ! بصوت مكلوم ومقهور ! الذي ترسله للمارة؛ لكنه انتهى أمام الاصطدام ؛  وغابت الكلمات ونبرة الحزن المصطنع ! بعدما أسقطته أرضا ، وبدأت ترفسه وتركله برجليها المتسختين .  فحاول أحد المارة أن يفض النزاع ؛ فإذا بقنينة خمر بلاستيكية ؛ تتدحرج من قفة المتسول / العربيد ؛ فحاول الإمساك بها لكن الركل والرفس منعه من اللحاق بها . انبهر البعض من القنينة ولسان أحدهم ربما يـردد:: متسول وسكير ياللعَـجَبُ ... في الـعَجــبِ !! مما تدخل أحـدهم يأمرالمُتدخل بالابتعاد والتزام بالتباعد ؛ ف" كورونا" تتجول في الزحام ! فلم يطق كلامه الآمر؛ فاتجه إليه :
- هل أنت وزارة الصحة ؛ وماذا تفعل أنـتَ  في هذا الازدحام ؟
- لا تنزعج ... لقد نصحتـك فقط ؛ هكذا نطق ذاك الفضولي ؛ الذي دفعه بقوة صديق العـربيد/ المتسول الذي يتقاسم معه المكان ؛ متجها نحو تلك السيدة ليبعدها عن عنق زميله ؛ لكنه دفعها بـقوة غير متوقعة ؛ على إثرها فقدت توازنها فخرت أرضا ؛ فبدأت أم الرضيع تصرخ بشكل مختلف وهي تنتف شعرها وتتلفظ ألفاظا خـشنة:
- إنك ابن العاهرة .... أيها السكير  الفاسق ...لقد قتل خالتي ... قتل خالتي... حاول أن يغتصبني.. ابن المارق.......السكير العـربيد ... ابن البراريك وسكان الكـهوف...ياخريج السجون...ابن كلب أنتَ ....
فكلما رددت هاته الألفاظ والبشر يزداد تجمهرا؛ حتى بعض موظفي البنك وعاملات مصلحة القروض العامة  وجملة من باعة الخضر والفـواكه تركوا البيع ذلك خير لهم ليستمتعوا بمشاحنة وقتال المتسولين ؛ الذي ازداد تعقيدا ؛ حينما تسلل أحد المسنين بهراوة ! تبين أنه متسول في الشارع المجاور ؛وزوج خالة السيدة أم الرضيع التي حرضت المسن للهجوم بهراوته الغليظة ؛ فوجه ضربتها للمتسول العربيد ؛ ثم لصديقة الذي سقط بسرعة برق يتضرع في دمائه الفوارة من رأسه الأبيض...فبدأت الجموع تتفرق وتهرب من ساحة الوغى التي حمى وطيسها بين المتسولين ؛ التي كشفت أنهم شبكة متفرقة هنا وهناك. وبين الضرب والمشاحنة  والسباب والعراك والكر والفر بينهم؛ حضرت سيارة الأمن وسيارة القوات المساعدة ؛ فتحول الشارع إلى مشهَــد أخــر....



7
رسـَـالة للـمُــهــرول الــمـسْـرحــي
نـجيب طــلال

نــــداء:

أيها المسرحي – المغربي- ألم تؤمن بعْـد أنك قضية ؛ خرجت من معطف " ديونيزوس" لكي تلبس جـِلـْد " بروميثيوس" الذي أسندت له مهمة خلق المخلوقات الأرضية، كما تسند لك شخصيات مسرحية مختلفة المزاج والأطوار؛ لتضفي عليها قوة الحضور؛ بحضورك الإبداعي الفعال ؛ لتتجسد بشرا أمامنا . لكن " بروميثيوس" أضفى عليها صفة الآلهة مما انقلب عليه "زيوس" كبير الآلهة ، الذي حرم البشرية من "النار" لكن تضحية وإيمان " بروميثيوس" فرضت عليه أن يقـدف بنفسه في أتون النار ليجلب للبشر؛ شعلة العلم والمعرفة . من أجل إنسانية الإنسان الخالصة . وهكذا بتقديمه النار للبشر لدليل على كونه من المساهمين في الحضارة الإنسانية.
طبيعي أن أي تضحية تجاه الآخرين، لها ثمنها كثمن ما تلقاه" بروميثيوس" المناضل/ السياسي/ الذي خلصه "هيراكليس " من اعتقاله في  صخرة، وأكل كبده نهارا على يد " إثون" ذاك العٌـقاب الذي أمره " زيوس " بذلك.  هنا ما المراد من قول هذا ؟ فالمسرحي الحقيقي شبيه ب" بروميثيوس" في تضحياته من أجل البشر/ البشرية ؛ حاملا همومها لتجسيد القضايا السياسية/ الاجتماعية /الثقافية/ المهنية/ بدل الهرولة نحو سراب المهرجانات الخليجية والبحث عن مقعد بين الضيوف (؟) أو في منصة (بلابلا)  للكلام الفارغ ؛ والتماسُخي اللغوي.
ربما ستقول أيها المهرول من حقي؛ أن أستفيد وأغتنم الفرصة ؛ كبقية الباقية في أحضان الدولار ؟ من حقك ولا خلاف إن كان العطاء بتموقفات وأهداف نبيلة تخدم المجال الثقافي والإبداعي بين الطرفين؛ وكنت أنت المسرحي سواء مؤلفا/ ممثلا/ مخرجا/سينوغراف/ شبيه ب" بروميثيوس" ولن نقول شبيه ب"سيزيف" ولكن السؤال الذي لم تطرحه على نفسك ؛ لماذا تأسست الهيئة العربية للمسرح في الإمارات بالضبط؛ وتشعب حضورها في العديد من الدول وتمويل المهرجانات بما فيها مسرح الهواة بالمغرب ؛ بعدما تم الإجهاز واغتيال المهرجان الوطني لمسرح الهواة ( الأصل) ؟ وفي نطاق هذا كتبنا موضوع ( المسرح والهجرة للخليج) في أجزاء بحيث : ظاهرة الهجـرة للخـليج؛ أمست ترصد وتحمل معها تساؤلات شتى؛ أبرزها: هـل دول الخليج أضـحت مصدرا أساسيا لتصدير المعـرفة والإبداع؟ هـكـذا يبدو لبعض الحالمين؛ ولكن المحصلة تتأطـر في الارتزاق والنفعية المتوحشة؛ إذا مـا نظرنا بأن الثقافة؛ والثقافة المسرحية الخليجية؛ منفصلة عن واقعها ولا تتفاعل معه؛ باعتبار أن ممارستها شـقـية بوعيها الزائف؛ بمعنى أنها مدارية (أي) تدور حول نفسها وتجتر ما يملى عليها بشكل أو آخـر؛ وبالتالي: تشتري كل شيء؛ الإنسان، الثقافة، الإبداع، العـلم. لكنها لا تنتج أي شيء ذي بال قد يعود على الأمة العربية والإسلامية بالخير. إنها إذن وكر لإفساد الذوق العربي وتبخـيس جهـد أبنائه من منطلق علاقة السلطان بالغـلمان(1) ففي هذا القول وغيره ، لم يعجـب العديد من المسرحيين؛ كأنهم أضحوا أوصياء على ما نكتبه كانعكاس للتيار السائد وللاحتراف ( الأخرق/ الوهم) كالدعم ؛ الذي سينتهي مفعوله بعَيد إزاحة الغمة عن الأمة التي خلقها فيروس ( كورونا ) اللعين ؛ في حياتنا العامة.

مكاشـفة:

إذ منطلق هـذا القـول/ الإشارة؛ أن هنالك عناصر كـما قيل لـنا وأحسسنا بـه من لـدن بعض أبناء المدينة؛ أصيبت بحساسية وتـوتـر؛ وهـمست فيما بينها؛ حسب ما ورد في الجزء الأول من موضوعنا (هـذا) بأنه يـعد هجـمة ماكرة؛ فهاته من تلك عجائب ثقـافتنا - التأويل السطحي والمسـطح ونشر وشوشات ولـغـو كلام بوسائل وطرق ملتوية إلى الآخرين؛ لنسف ما في الموضوع الذي لم يتناوله أحـد لحد الآن؛ وتلك الكولسة؛ مما يؤسـف لـه شكل من أشكال هـدم مضاجع الإبداع والفـن المسرحي، وهذا لعله يكون أصدق دليل على تغييب الفكر وتسطيح الوعي. وتبعاً لهذا فالفرد الذي وجد نفسه معني في سياق الموضوع؛ أو صاحبه؛ سيدخلون حلبة الحرب الكلامية؛ وحبذا لو كانت مكتوبة وموقعه؛ بدل خوض غمار المشافهة والشفهي؛ التي تتأجج بها الملاسنات والسقـوط في المغالطات وغيرها، مما تؤدي لسيادة الجهل والأنانية!(2) نفس هذا القول؛ وقع بيني وبين المخرج" بوسرحان الزيتوني" الذي أسجل عليه  وأصرح ها هنا أنه كان يمدح ما تقوم به الهيئة / الإمارات في حق إشعاعية المسرح العربي ؛وانضاف الاختلاف بيني وبينه حول إنزال مسرح الهواة من لدن الهيئة ؟ بحيث كان من المدافعين على المشروع  كإضافة نوعية ؛ وله مشروعية أن يفند ويدحض تصريحاتي هاهنا؛ علما أنني أرسلت له الموضوع المذكور(المسرح والهجرة للخليج) تباعا لمجلة – مساحات مسرحية- في بدايتها وبطلب منه للمساهمة , فلم ينشر ولو جزء منه؛ نفس المسألة مع إحدى الجرائد الوطنية ( ورقيا) امتنعت عن النشر، وعبر الهاتف؛ يقول لنا رئيس تحريرها: أن الجريدة تربطها علاقات ودية مع الخليج .فلا داعي للإحراج. وبالتالي فالزميل "بوسرحان الزيتوني"  يخرج لنا بتدوينة تحتاج لنقاش عميق ؛ ومن خلال محاولة استخراج وفرز(أغلب) ملفات المسرحيين وعلاقتهم( شكلا / مضمونا / تواصلا / توسطا ) بالأمارات؛ إذ يقول: كلام السقوط / تدعي الإمارات ان ما قامت به هو من أجل السلام وكأن جيشها كان مرابضا في معارك كر وفر طيلة زمن المأساة الفلسطينية، وأنها جنحت للسلم بعدما جنح الصهاينة له... الحقيقة الثابتة الوحيدة في السقوط الإماراتي هو اننا كنا أغبياء عندما لم نلحظ سقوطها المتواصل خلال العشرين سنة الأخيرة ، وإسهامها الضار بكل حلم الشعوب المحبة للتغيير والديموقراطية، وانبطاحنا لدعواتها لحضور مهرجاناتها، وبلعنا لساننا تحت بريق دولاراتها الزائفة. واعطائها لنا احساسا بالقيمة الزائفة والتميز والحظوة. ولهذا ادين نفسي وأشهد أن لا حقيقة أبقى من أن يظل الانسان مخلصا لمبدئ مساندة الحق ومناهضة الظلم. وأن يرفض كل الأقفاص حتى تلك المرصعة بالماس...(3) فعلا هو كلام السقوط والانهيار؛ بالنسبة للمسرحي المهرول؛ والذي ربما لم يقرأ قصيدة [المهرولون] أو اطلع عليها؛ لكن لغة الدولار؛ وامتطاء الطائرة أنسته المقطع الرائع من القصيدة : و لا يخجلنا شيء.. / فقـد يبست فينا عروق الكبرياء/ …..../ ودخلنا في زمان الهرولة.. / ووَقفنا بالطوابير؛ كأغنامٍ أمام المقصلة.(4)هذه الحقيقة واردة؛ ولكن هناك صحوة جديدة ؛ أيقظت الضمير العربي من عملية التطبيع ؛ وهنا فـمسألة ( كلام السقوط ) عندي ليس مقياسا؛ بقـدرما هو نوع من الاعتراف المسوغ شكلا  لتبرئة الذمة لأسباب متعـددة (؟) لنكن واضحين مع أنفسنا؛ فمن أهلك المسرح المغربي سوى المواربة والنفاق المسرحي/ الثقافي. مما يؤسـف لـه هذا شكل من أشكال هـدم مضاجع الإبداع والفـن المسرحي، وهذا لعله يكون أصدق دليل على تغييب الفكر وتسطيح الوعي.
للعـلم ، فهـذا الطرح ؛ ليس هـمسا ولا ضغينة بين مسرحي لمسرحي؛ أو تمرير رسائل ملغمة بالحقد والكراهية بل مرتبط أساسا؛ بما نراه يتحرك في الساحة المسرحية المغربية تحديدا. لأن هناك مواقـف لا تتلاءم معها اللامبالاة والصمت .

التطبيع والتطـبـــع :

ففـرضا لو لم يكن التطبيع الذي انكشف عمليا وخرج للعلن من قلنسوة  [ إبليس] بين الإمارات وتل أبيب؛ لتعلن زواجا كاثوليكيا. وإن كانت العلاقة قائمة منذ سنوات وهناك شواهد كثيرة على هذه العلاقات السرية.
فهل ياترى ستظهر بعض الوجوه بدون خجل؟ ( ولقد ظهرت) منددة باتفاقية التطبيع بين: أبوظبي وتل أبيب. وهي التي استفادت من تظاهراتها وأموالها ومطابعها سنوات وتهافتت على جوائزها وخاصة "جائزة الشيخ زايد للكتاب" و"البوكر" التي فجرت حكايا وحكايا حول المثقف المغربي.!!
واحتمالا لو لم يكن التطبيع هل سيعترف أخونا– الزيتوني- بالقول الواضح [ أننا كنا أغبياء / وانبطاحنا لدعواتها لحضور مهرجاناتها / وبلعنا لساننا تحت بريق دولاراتها الزائفة / ولهذا أدين نفسي ] ؟ 
وفي سياق قوله في تدوينة أخرى ؛ هل كنا نتوقع أن  يظهر- مسرحي- يرد عليه بالقول الفواح...أستاذي بوسرحان...اعتذر ان لم اشاركك الرأي فـلا علاقة للمسرح كفعل ثقافي بالمواقف السياسية التي تتغير تبعا لتطور موازين القوى...علما ان الفلسطينيين هم المؤهلين للخوض في الدفاع عن مصالحهم باحترام للأخرين وعلى باقي الشعوب التوقف عن اصدار شتائم ولعائن في حق شعوب تخالف رأي اللاعنين...(5)
بداهة فمسألة تحديد العلاقة بين الفن والسياسة ؛ كانت محل جدال وسجال على مر السنين. وخاصة بعد ظهور الفن للفن في (ق19) وحتى هـذ التيار فيه لمسات إيديولوجية  / سياسية. ولاسيما أن  الرؤية الداخلية الخاصة للفنان ليست معزولة عن المؤثرات السياسية لمحيطه العام ؛ ومن ثمة تنعكس على الرؤية الذاتية للفن . باعتبار أن المسرحي أساسا كائن سياسي بالفطرة وبطبيعة الإشتغال المسرحي المتنوع بتنوع الأعمال المدرجة؛ اللهم إن كان متخصصا في أسلوب الابتذال والتهريج السيكومات؛ وهاته الأخيرة في إطارها العام تحمل دعاية معينة وتمة فعل سياسي( دعائي) إن لم يفهمه صاحبنا الذي يبدو لي متعاطفا مع التطبيع أكثر من المسرح؛ بحيث الجملة التالية ...(( ان الفلسطينيين هم المؤهلين للخوض في الدفاع عن مصالحهم.... وعلى باقي الشعوب التوقف عن إصدار شتائم ولعائن في حق شعوب تخالف راي اللاعنين)) تكشف ذلك؛ فأين كان : قبل شهرين قام حكام الامارة و معهم السعودية بتأجير أقلام و كتائب الكترونية للتهجم على المغرب والمغاربة ووصفنا باليهود ! (6) أين كان وعي( ذاك) المهرول المسرحي نحو الشارقة وما جاورها ؟ قبل السقـوط في براثين وحبائل الخليج التي لا تخلو من نوايا دفينة في أجندتها أبسطها الترويض. وأعمقها تقديم المعلومة ( ! ) وبالتالي أسألك أيها المهرول : هل أصلا المسرحي المغربي ليس "بروميثيوس Prometheus/" بقدر ما هو" هِـرميس/Hermès"؟ ارتباطا بالمخيال التأويلي (7)

الصــراع :

فبدون سفسطة ولا مزايدات معرفية، فالصراع طبيعي بين بني البشر والحيوانات والفضاءات؛ وبه يحدث ويتحقق التوازن الوجودي والبيئي والعمراني ، يا أيها المهرول المسرحي ؛  حتى أن الله تعالى اشار إليه  بالقول الكريم {{ولولا دفـْع الله الناس بعضهم ببعض لفسدت الأرض ولكن الله ذو فضل على العالمين}}(8) ولربما لم تحفظ بعد قصيدة " لا تصالح" / لا تصالح / ولو منحوك الذهب/ أترى حين أفقأ عينيك/ ثم أثبت جوهرتين مكانهما / هل ترى؟ (9)
وبناء على العلاقات الدولية ؛والمواثيق المشرعة بمقتضيات. فمن حق أي دولة أن تتلأم وتتوأم  أو تتعاون مع دولة أخرى ؛ ومن حقها أن تؤسس علاقات ودية وديبلوماسية وتجارية ؛ لكن الوضع الدولي ؛له تأثيره على أي صراع. وبالتالي فالصراع كائن الوجود بين العرب والمسلمين الذين تجسدهم القضية الفلسطينية والغرب الذي يجسدهم الاستيطان  الإسرائيلي ؛ هكذا هي المعادلة التي لم نستوعبها جيدا؛ لأن أصل الاستيطان  تمثل في  [وعْـد بلفور] وما التطبيع إلا محاولة للقضاء على الصراع ؛ وهذا من باب المستحيلات؛ فمن هذا المنطلق فالقضية الفلسطينية ؛ رغم الملابسات والإتهامات والتأويلات؛ تبقى القضية الجوهرية في السياسة الدولية؛ والإبداع بشتى مشاربه ليس بمعزل عن ذلك.
إذن ؛ حتى لا نكون دوغمائيين. إما أن يكون المسرحي والمسرح مع التطبيع ؛ هنا فتاريخ المسرح العربي برمته  ( ذاك) الذي عانق القضية الفلسطينية؛ وتفنن في إبداعية أعمال رائعة ومائزة. وصرخت دماء وعروق في كل الأركاح بالقضية وبالقومية العربية . لنقرأ عليه  السلام؛ ولا يمكن لأي عالم أو فاهم أو متطاول مسرحي أن يتكلم عن المسرح؛ يكفيه فقط الحديث عن التهريج وعن مسرح موليير؛ علما أن موليير لم يكن يوما مهرولا لأعتاب الكنيسة التي أرادت إحراقه حيا؛ ولم ينبطح ا لأعتاب بلاط (لويس 14) وإما أن نكون ضد التطبيع ؛ وهذا يحتاج لوعي بديل؛ وإنصات دقيق لما يجري الآن في الساحة ؛ ولنتأمل ما جاء: في بيان أصدره 20 ناشطا إماراتيا، بينهم الأكاديمي يوسف خليفة اليوسف، ورئيس مركز الخليج للحوار والدراسات سعيد ناصر الطنيجي، ورجل الأعمال علي حسن الحمادي، والأمين العام لحزب الأمة الإماراتي حسن أحمد حسن الدقي. وقال البيان "نعلن نحن المدونة أسماؤنا أدناه، أصالة عن أنفسنا وعن شعب الإمارات الحر، الرفض التام لهذه الاتفاقية مع العدو الصهيوني، ونؤكد أنها لا تمثل الشعب الإماراتي"(10) وهناك نداءات أخرى في عدة بقع ومناطق خليجية من بينها: مجموعة نشطاء تطلق على نفسها اسم "ثقافة في وجه التطبيع"، دعت كل الكتاب الفلسطينيين الذين قدموا أعمالهم للمنافسة في الجوائز الإماراتية، إلى "الإعلان الفوري عن سحب ترشح أعمالهم. كما دعت التشكيليين والمسرحيين الذين تشارك أعمالهم في الأنشطة الثقافية المنظمة قبل جهات إماراتية إلى "سحب كل مشاركاتهم"..... وأعلنت هذه المجموعة أنها ستعد قائمة سوداء باسم كل من لا ينسحب، لأنه يضع نفسه في صف من انتهك الحقوق الوطنية الفلسطينية" (11)
فيا أيها المسرحي المهرول؛ كفى هرولة أمام السراب والوهم القاتل . وكـُن سيد نفسك مثل "بروميثيوس" ولن تكون " هِـرميسا .
ربما ستبحث أيها المهرول !  عن خطأ ما أوعن نقطة ضعف في سياق هذا الموضوع ؛ لأن من طبيعتنا الماكرة النبش في الملفات والحفر على مضمـرما بين السطـور؛ للوصول ما في الصدور ؛ ليس من اجل المحاججة بل من أجْـل النـَّميم والنّمائِم والكولسة في المقاهي والحانات؛ كمراكز للتشويه وتسريب الإشاعات تجاه من يخالفكم الراي أو التصور؛ أو هو خارج السرب .     
وبعيدا عن ذلك وعن  التعجب؛ فما تم نشره في مجلة الهيئة لم أرسله  إطلاقا لهم ؛ بل كانوا يأخذونه من مجلة الفنون المسرحية للصديق المسرحي- محسن نصار-  أيام كان المسرحي الأردني - غنام غنام - مسؤولا عن قطاع الإعلام والاتصال بالهيئة.

الإحــالات:   

1) ) انظـــر لموضوعنا ج الثاني في مجلة كلمة عدد 111 بتاريخ يوليو 2016
2) ) نـــفســــها أو في مواقع ثقافية عربية
3) ) انظر لجدارية بوسرحان على الساعة 8 و20 دقيقة- بتاريخ 17/ 08/2020
4) )  قصيدة المهرولون لنزار قباني كتبت بعد اتفاقية أسلو1993
5) ) انظر تعليق محمد الصحراوي على تدوينة الزيتوني بتاريخ 14/08/2020
6) )  انظر جدارية سعيد هوبال وتدوينته بتاريخ 14/08/2020
7) )  لممارسة التأويل: العودة للاطلاع على أسطورة هـرمس. وخاصة كتاب الأساطير اليونانية
والرومانية -  لأمين سلامة
8) ) سورة  البقرة: الآية 251 – وهناك آية أخرى في سورة – الـحـج الآية 40
9) ) قصيدة لا تصالح للشاعر أمل دنقل والتي هي في الآصل ( الوصايا العشر) كتبت سنة1976قبل
      زيارة السادات للقدس وخطابه في الكنيست 1977
10) ) ناشطون إماراتيون يتحدّون قرار دولتهم.. منشور في عربي بوست بتاريخ 18/08/2020
11) دعوة للمثقفين العرب: قاطعوا الإمارات: منشور في صحيفة الميادين - في 16/08/2020

8
باب ما جاء في احتفالية النــضــال (02) !!
                                                 
نـجيــب طــلال
بــاب الــنـضـــال
:
وبناء على ما سبق قوله ؛ فالنضال أساسا وظيفة ذاتية تلقائية لا تحتاج الى مناسبة كالاحتفال/ العيد/ الكرنفال/ الموسم/ أوبتغييرالمواقع والصفات . بحيث هو سلوك يومي دائم . مقرون بمبدأ نكران الذات ثم التضحية التي تعتبر سلاحه القـوي لمقارعة كل العراقيل التي يجدها أمامه. ذاك المناضل الحقيقي. ليكون لصيقا بالكادح وشريحته المسحوقة والمستضعفة التي تعاني البؤس والاستغـلال والظلم من طرف أصحاب النفوذ والسلطة ومعاناتهم مع الحاجة والاحتياج والتهديدات والطرد التعسفي من لدن الباطرونا . فهل ابن الرومي في مدن الصفيح : مناضل ؟ إن الأساس في هذا البطل الاحتفالي أنه لا يعيش إلا حياته  ، وأنه لا يقول إلا كلامه  ، وأنه لا يغضب إلا للحق وحده، وأنه لا يختار إلا إنسانيته، وأنه لا ينحاز إلا لمدنيته ، وأنه لا يحيا إلا حيويته، والتي هي عنوان حياته بين الأحياء، وأنه لا يمكن أن يكون إلا حيث يكون الناس، وهو مطالب بأن يحول الرياح إلى أرواح، وأن يترجم النار إلى نور، وأن يكسو الأرواح (11) بعيدا عن أي تفسير معمق لهذا الخطاب البلاغي؛ ودونما أن نقلب المعاني التي تكشف عن قناع (اهتبالية )=(الإحتفالية) فابن الرومي بطل احتفالي؛ بدون منازع. وبعيدا عن رأينا نطرح رؤية لأحد الأتباع المتعاطفين مع ابن الرومي الذي يؤكد بأنه يتحول : من شاعر مثقف إلى شاعر انتهازي لا يهمه سوى الحـصول على منح رجال الجاه والسلطة، حيث يشتري رئيس المجلس البلدي ذمته بكتابة قصيدة شعرية يصور فيها بؤس الحي الصفيحي الذي يعيش فيه مع أولائك المنحوسين الأشقياء قصد طردهم، وهدم أكواخه التي يعشش فيها الفقر والداء والنحس قصد بناء فنادق سياحية تجلب العملة الصعبة لحكام بغداد الأثرياء وأعوانهم (12) من هنا يكمن عمق إيديولوجية الإحتفالية ؛ ولهذا السبب فقسم البرامج والمناهج اختارها كمادة ! (المؤلفات) وبلغتنا القديمة (المؤلفات قلوبهم) وهو أساسا مصطلح إسلامي . ويمكن أن نطلع عليه اصطلاحا لنفهم جيدا معنى ( المؤلفات قلوبهم). ولهذا فابن الرومي طبعا خير نموذج درامي ونص مسرحي يعبر بكل وضوح وجلاء عن النظرية الاحتفالية ! التي ساهمت في تشكل المسرح المغربي الراديكالي إلى مسرح انبطاحي؛ مما انفضت وافرنقعت ( الجوقة) وأمسى ( شيخنا ) وحيدا يناطح السحاب؛ فبشكل أو آخـر إن شخـصية ابن الرومي تنعكس على فقيه ( الاحتفال) انطلاقا من التحليل النفـسي وتاريخه المسرحي؛ وبعيدا مرة أخرى عن رأينا نستقي رأي أحد من كان من (نقاد)هـا وليس من دعاتها بحيث يقول: أن العزلة هي الجحيم والالتقاء بالناس هو الحياة في تحررها وحيويتها. فقد ظل ابن الرومي شقيا لأنه كان بعيدا عن الآخرين. ولم يتحرر من شقائه إلا بعْـدما قرر الاندماج معهم (13) لقد فات الأوان؛ قبل ظهور فيروس ( كورونا) الذي لازال مسيطرا. ليذكي (هنا / الآن) قضية التباعـد الإجتماعي ومسافات الاحتراز وعـدم التواصل الإنساني والعائلي؛ وإبطال مظاهر الاحتفال/ الاحتفالات؛ في هذا الباب أين هي نضالية الإحتفالي؟ لمقاومة وتحَـدي الكائن لتحقيق الممكن ؛ ضد مسببات إعاقة الاحتفال الحر والتلقائي ، وذلك باعتباره تعبيرا عن الحياة وعـن الحيوية  ! فهذا ليس استفزازا أو تجنيا أو تطاولا . وليس مطلوبا أن يكون "غـرامشيا" قلبا وقالبا بل نتيجة دوغامتيكيته أوالتصلب الفكري والاعتقاد الدائم الذي كان يعيشه ؛ بأن ( الإحتفالية) هي الحقيقة المطلقة التي لا يمكن الجدال أو النقاش فيها ! وبجمود الفكري ( كان ) دفاعه المستميت في زمن الوهم ؛ تجاه من يمارس أحقيته في تعرية مكونات ومصادر مطابخ الأكلة التي يمكن أن نسميها:( الفنكوشية الإحتفالية ) وانطلاقا من التشدد الفكري المتصلب والنقيض للمنطق والعقلانية. الذي ساهم في تضخم ( أناه ) بشكل مرضي. والتي ألغت وتلغي ((الجماعة )) التي هي حقيقة الوجود المسرحي؛ نجده دائما يتلفظ بانفصامية بين الفعل والقول القائل: فأنا الكاتب المنظر الذي آمن دائما بالفرح، وآمن بالحق في الفرح، وآمن بالتلاقي الإنساني، وآمن بحيوية الحياة، وأمن بأن الأصل في هذا الإنسان أنه مقاوم وجودي ، وهو يناضل دائما...(14) يناضل في ماذا ؟ هل على مستقبل المسرح، وكل فنون الأداء القائمة أساس الحضور والتلاقي والتجمع ؟ أم على مصالح ذاتوية ينتجها بقاء ( الإحتفالية) قيد الإنو جاد؟ وأين (هي) تلك الجوقة التي كانت لتساعِـد شيخنا في نضاليته ؟ جوقة كانت مجرورة  تسبح وتهلل في المجالس المسرحية للفتح العظيم الذي أدخلته الاحتفالية للمسرح العربي ! حتى أن بعضهم (كان) يمارس العنف المادي والرمزي  حسب الظروف والمحطات ؛ تجاه من لا يسبح لها ولهم ! إذ الافتراء قصير الأمد ؛ لأن الاحتكام للوثائق التي تعج بها الصحف الوطنية  وكذا دورات المهرجانات الوطنية لمسرح الهواة شاهدة على ذلك؟ فلماذا بقي وحده ؛ وما أقسى أن يفرنقع الجمع عن المائدة ؟ هل تلك الجوقة ؛ اقتنعت بخواء ووهْـم ( الأطروحة ) أم وصلت لمرحلة الفهم ؟ : باعتبار أن الفهم هو ما يميز الذات المستقلة عن الذات التابعة والعقل الناقد عن العقل الفاسد ؛أي هو ما يميز فكر الاحرار عن فكر العبيد(15) ليتغنى لوحدة ؛ بمصطلح ( المناضل الإحتفالي) الذي أمسى يتمظهر إلا مؤخرا كتحول قناعي لإقناع بأن الإحتفالية سياقها ( نضالي ) بالأساس !  فقضية طرح مصطلح [ المناضل الاحتفالي] كانت قبل المقال الذي اشرنا إليه ؛ في مقال بعنوان { صورة المناضل الاحتفالي } (16) مع التعْـديل الطفيف وإضافة قصة الجندي اليوناني  بشكل مزيف. والتي سنوضحها تاريخيا؛ من هنا يتبين التحول والمتغير (الإهتبالي) الذي يناشده ( الفقيه) في صورته الظاهرة، وفي رسائله المشفرة . التي تكشف بدون عناء؛ المطب الذي سقط ووقع فيه لوحده. كما يقع للثعبان في جلده وللحرباء التي رصيدها التلون. ليصطدم بالخواء واللامتداد للفعل المنافي للمسرح المراهن عليه والمنافي للتغيير كـَرُؤية ؛ وللإبداع كمعْـطى تصريفي لتأسيس أسئلة الفعل.
بـــاب الإثـبـــاب :
بدون خلاف؛ أو جدل عقيم، فالتاريخ برهنة وسيد الإثبات؛ وخاصة إن كان هنالك إجماع واتفاق تجاه حدث أو معطى تاريخي ( ما ) وحينما نموضع مرجعا / مراجع ، أمام ذاك الحدث الذي ترصدنا له أو طرحناه ؛ هنا ينتفي اللبس أمام الباحث/ القارئ. لكن الداعية المطلق لما يسمى ب( الإحتفالية) في كل مواضعه لا وجود لمراجع معتمدة ومتنوعة ؛ ورصينة إلا كتبه ومقالاته. وحتى لا نتيه في الأمثلة نركز على ما أشرنا إليه ؛ فالقصة لا مرجع لها لتعطيها مصداقيتها ولتدعيم أطروحة ما جاء في احتفالية النضال ؟ فالرواية التي المطروحة أساسا ملفقة وتزييف للحقائق التاريخية ؛ لأن المعضلة الكبرى تتجسد حينما بدأ ( فقيهنا) بالاحتيال المفاهيمي والمرجعي منذ عقود؛ لأن هذا الاحتيال/ الإهتبال .لا ينعكس على وعيه فحسب، وإنما على وعي القارئ لطروحات ( الإحتفالية) كي يبرر ما لا يمكن أن يبرر والتاريخ حاضر بقوته ؛ وبالتالي ما طرحه حول" المناضل الإحتفالي" يمكن أن  نطلق عليه سوى خيانة للقيم الفكرية. وفي هذا السياق وبما أننا في صدد التاريخ فالملاحظ أن السلف ؛ دائما يعترف بمصادره ويصرح بها في حواشيه؛ وعلى سبيل مثال ما قبل الميلاد: قد أخذ هيرودوت عنه منهجه ولربما أفاد قليلا من معارف سلفه. كذلك نجده أي هيرودت قد أخذ عن إسخيلوس مشهدا من مسرحية ' الفرس' حيث يصف الرسول معركة سلاميس؛ ويذكر في تاريخه حديث فرينغوس عن سقوط ملطية مع نهاية ثورة الأيونيين( 17) فعلى ذكر  المسرحي " إسخيلوس" الذي حارب عملياً في معركتي (سلاميس / مارثون) لم يذكر إطلاقا ولو بتلميح بأنه محارب/ مناضل في مسرحياته ؛ بقدرما قام بتخليد وتصوير وتمجيد انتصارات الشعب اليوناني أمام الأعداء كالفرس والطـرواديين. بحيث لا نجد سطرا من نصوصه المتبقية ؛  يستحضر( أناه ) ولا يرى نفسه أفضل من أحد من أبناء الإغريق، بل كان يعتبر نفسه جنديا عاديا أكثر منه شاعرًا / مسرحيا مرموقا. وإن كان قد مجد إنجازاته العسكرية ( فقط) بعْـد رحيله ؛ ولربما حسب "ول ديورانت "في كتابه ( قصة الحضارة) يكون قد كتبه إسخيلوس نفسه. مما نلاحظ إشارة واردة ومنقوشة على شاهد قـبره: في هذا القبر يختبئ تراب إسخيلوس، ابن اوفوريون ومبعث فخر گـِلا الولودة، لأي حدٍ اُختـُبِرت شجاعته؟ اسألوا ماراثون ومـِدِس ذات الشعر الطويل، التي عرفت شجاعته جيداً (18)                   وانطلاقا من كل هذا فتاريخ 480 (ق، م) الذي ذكره ( المناضل الإحتفالي) له علاقة بمعركة (سلاميس :Salamis ) ذات طابع بحري ؛ والتي تعتبر الثانية بين تحالف من المدن اليونانية القديمة والإمبراطورية الفارسية. نظرا أنه : لم ينسَ الفرس الصدمة التي صدموها في موقعة «ماراثون»؛ ولذلك بيتوا لغزو بلاد الإغريق كرة أخرى. وقد بدأ الفرس غزوتهم بعد مضي عشرة أعوام على الغزوة الأولى، ولم يكن هجوم الفرس هذه المرة موجهًا على «أثينا» و«أيوبوا» وحسب، بل على كل بلاد الإغريق بأسرها. وكانت «أسبرتا» في هذه الحرب الثانية هي الدولة القائدة للحرب (19) بحيث جرت المعركة بالقرب من بحر إيجة في مضيق "سلاميس" بين البر اليوناني وجزيرة سلاميس. أما معركة (مارثون : Marathon ) .لقد وقعت المعركة عام 490 ( ق ، م) بين الدولتين ؛ والتي تـعد تاريخيا من أهم المعارك التي حدثت في تاريخ الحضارة الغربيَّة، باعتبارها الحرب الأولى التي انتهت: بهزيمة ساحقة للفرس في معركة «ماراثون» الشهيرة والتي اشتق منها لفظ «ماراثون» وهي المسافة التي جراها أحد الأشخاص من مدينة «ماراثون» إلى أثينا لإبلاغهم بوجود الفرس، وعقب هذه الهزيمة أصر ملك فارس «دارا يوس» على أن يأخذ بثأره ويحتل اليونان، التي كانت تمثل العـدو اللدود له، والتي تقف حائلا أمام بسط «السلام الفارسي»(20) للعلم أن سهل (مارثون) والذي أصبح الأشهر عالمياً باسم السباق الأوليمبي . يـقع على بُعـد 40 كم شمال شرقي أثينا. المحاذي للشاطئ الشرقي ل «أتيكا» بحيث الإشارة الأولى لم توضح جيدا ما نهدف إليه ؛ لتفنيد ما طرحه ( المناضل الإحتفالي) الذي انتحل شخصية "«فيديبيدس: Fedibes »" الذي اعتبره جنديا مناضلا ! وهـذا من حقه ولا اعتراض في ذلك ، لأن من طبيعة " الفرد'' أن يجد شخصية ( ما ) ليتقمصها ويلبسها، وأن يتماهى فيها، حتى يصبح (هُـو= هِـي) و(هـيَّ= هُـو) ففي هذه الوضعية ؛ لا يمكن أن نتعجب للذين يعيشون على الأكاذيب وحدها. هذا إن كانت الشخصية في تقمصها مزيفة. وبالتالي فهاته الشخصية المرتبطة بالنضال عند( شيخنا ) وعند الماراثونين بالعـداء. فحوله طرح آخر يؤكد أنه : يعود تاريخ سباق الماراثون الحالي إلى أن العداء الإغريقي فيديبيدس قد هرول لمسافة 225 كيلومتراً أكثر من ( 140 ميلاً ) ليصل إلى إسبارطة ليدعو الإسبارطيين للمشاركة في القتال ضد الفرس (21) ففي هاته القصة قضية أخرى ؛ تتجلى في حمل رسالة                      ( للإسبارطيين) وليست رسالة مفادها أن الجيش الإغريقي قد انتصر على الجيش الفارسي كما يدعي        ( المناضل الإحتفالي)  ؟
وبناء عليه ؛ فمن أين تم استقاء هاته الرواية ؟ بداهة من تاريخ المؤرخ اليوناني هيرودوت. رغم أن هنالك إشكال في المصادر الفارسية، التي لا توجد فيها أي إشارة إلى هذه المعركة. ومن خلالها كحدث مصيري بالنسبة لليونانيين: عندئذ أرسلت «أثينا» إلى «أسبرتا» بريدها السريع «فيديبيدس» الذي قطع مسافة مائة وأربعين ميلًا في ثمان وأربعين ساعة، وسلم التماس النجدة العاجلة. وقد رجا أهل «أثينا» اللاسيديميين. ألا يقفوا على مقربة منهم، ويشاهدوا أقدم مدينة في بلاد الأيون تصبح أسيرة في يد قوم همج، وكانت «أرتيريا»  قد وقعت في ذل العبودية، وصارت بلاد الإغريق ضعيفة بفقدان مدينة عريقة في المجد، ولكن «أسبرتا» وقتئذ كانت تحتفل بعيد ديني تحرم قوانينه عليها أن تخرج من ديارها قبل تمام الفجر(22) هنا نلاحظ  حضور ( إسبارتا ) بشكل واضح؛ والرواية تعلن بمنطقها أن شخصية « فيديبيدس: Fedibes » حتى ولو من باب القياس أو المقارنة ليس بمناضل. بقـدرما هو ساعي البريد؛ قام بالمهمة التي عهدت إليه؛ وأوصل رسالة الآثينيين إلى الإسبارطيين ، التماسا للنجدة العاجلة .وهاته هي الحقيقة التي في أصل الرواية؛ وإن كان هيرودت باعتباره أب التاريخ ؛ يوضح لنا أمرا غاية في الأهمية ؛ ومفادها أن « فيديبيدس» عـداء محترف ؛ ومن خلال هاته الصفة منطقيا ثم ربط معركة مارثون بمارثون الألعاب الأولمبية ؛ التي ضمنيا تحمل الرواية أسطورتها : قبل أن يغادر القواد أثينا؛ أرسلوا رسالة إلى إسبارطة حملها  عـداء المسافات الطويلة المحترف. وحينما عاد من مهمته قال للأثينيين بأنه قابل الإله بان بالقرب من جبل بارثينيوم ؛ فوق تيجيا. وأن هذا الإله  قد ناداه باسمه وطلب إليه أن يسأل الآثينيين سبب عدم احتفالهم به. بالرغم من الود الذي خصهم به والمساعدات الكثيرة التي قدمها لهم في الماضي؛ والتي سوف يقدمها لهم في المستقبل. ولقد صدَّق الأثينييون هذه الرواية ....أما فيما يتصل بالمناسبة التي نحن بصددها ألا وهي إرسال القادة لفيديبيدس الذي روى أنه قابل الإله بان – فقد وصل إلى إسبارطة في اليوم التالي لمغادرته أثينا وقابل قادة إسبارطة؛ وخاطبهم قائلا: أيها اللأكيديمونيون إن الآثينيين يناشدونكم أن تسرعوا لنجدتهم وألا تسمحوا للبرابرة أن يستعبدوا أقدم مدينة في بلاد الإغريق، هاكم قد استعبدت إريتريا، وأصبحت بلاد الإغريق،  أضعف لخسارتها هذه المدينة الرائعة (23) هنا يتبين لنا بأن شخصية« فيديبيدس» ليس جنديا ولا مقاوما ولا مناضلا حتى. بقدرما هو عداء محترف؛ وبما أن طاقته تستحمل المسافات ؛ تحول لساعي البريد؛ ولكنه مفوه وعلى دراية بفن الإقناع والخطابة ؛ كما هو وارد في سطور – هيرودت- لأن كلماته وعبارته :.أثيرت مشاعرهم ورغبوا في إرسال المساعدة لأثينا ، لكنهم كانوا غير قادرين على إرسالها فورا لأنهم لا يستطيعون خرق قوانينهم....والقانون يحرم عليهم الخروج من إسبارطة والاشتراك في القتال قبل أن يصبح القمر بدرا . ولهذا فقد انتظروا اكتمال القمر...(24) من العجائب هاهنا الاحترام والامتثال  الكلي للمنظوم العقائدي/ الإحتفالي؛ الذي دأبت عليه إسبراطا ( أنذاك) ورغم التأثير الذي خلفه فيهم« فيديبيدس» الذي لا يمكن اعتباره مناضلا؛ كما يتوهم شيخ الإهتبالية؛ فلو اعتبر نفسه {" بروميثيوس: Prométhée"} كما قدمه إسخيلوس؛ الذي استخفى وراءه وأخفى شخصيته الثائرة والمقاتلة . ممكن أن يستقيم المعنى النضالي نظرا: لصورة بروميثيوس، أول نصير للإنسان ضد الظلم الذي حاق به، وأول ثائر في وجه البغي والقهر والقسوة والجبروت، وأول مضح في سبيل العدالة والحرية، وأول من يقول “لا”، في وجه قوة قادرة قاهرة، تريد أن تسرق منه هو حريته، وتريد أن تظلم، وتسيطر، ومع ذلك تحرص على أن تكسب مباركة بروميثيوس، أو صمته.. وأول من يتألم ليرفع عن الإنسانية الضُّر الذي أريد إلحاقه به، من قِبَل زيوس، كبير آلهة الأولمب (25) لكنه اختار مطابقة خاطئة كما في العديد من الشخصيات التي غرسها في نصوصه ؛ يتوهم مثل المتوهمين أنها تعالج المسائل المصيرية الكبيرة، وتحترق بحرقة السؤال الحارق؛ في مستنبت ( احتفالي) استقبلته القاعة الإيطالية وليست المواسم والأسواق؛ رغم أن (الإحتفالية) تنفي وجودها في القرية والمداشر؛ متمركزة على مدنية المدينة؛ في زمان تمظهرها المُـدهِـش.
الإحـــــالات :
11) مناضل برتبة ساحر : لبرشيد- م طنجة الأدبية عدد 41 – في/ يوليوز / 2012
12) ابن الرومي في مدن الصفيح : بين واقع المدينة والنظرية الاحتفالية  بقلم : جميل حمداوي مجلة طنجة الأدبية (ملف خاص) بتاريخ 12/11/2007
13) المظاهر الاحتفالية في مسرحيات عبد الكريم برشيد - لمصطفى رمضاني :  مجلة طنجة الأدبية  (ملف خاص) بتاريخ 12/11/2007
14)  ع الكريم برشيد: عــزلة المسرح في زمن كورونا (10) ملف إعلام الهيئة العربية للمسرح في – 08 /06/2020
15) الفضيحة نهاية الكتابة ام نهاية الاخلاق: لعمرأوكـَان  ص121 - ط1/2008 دار أبـي رقراق / الرباط
16) انظر لموضوع صورة المناضل الاحتفالي: لبرشيد في مجلة طنجة الأدبية ع 37 ص/3- في/11/2011
17) هيرودوت مقدمة قصيرة جـدا: تأليف: جينيفر تي روبرتس ترجمة: خالد غريب علي مراجعة: إيمان  عبد الغني نجم – ص13– ط 1/2013- مؤسسة هنداوي
18) تاريخ "إسخيلوس" مـوسوعة معـرفة - السنة13/2014/
19) موسوعة مصر القديمة (الجزء الثاني عشر): لسليم حسن - ص523 - مؤسسة الهنداوي /2017
20) حقيقة الثلاثمائة : بقلم محمد عبد الستار البدري صحيفة : الشرق الاوسط عدد 12309  في 10/08/2012
21) معركة ماراثون  490 -  ق.م /  إعداد: محمد المشرف خليفة في مجلة : مع الوطن مجلة عسكرية و استراتيجية ( الإمارات) بتاريخ/01/06/2015
22) موسوعة مصر القديمة (الجزء الثاني عشر): لسليم حسن   ص521 مؤسسة هنداوي /2017
23) تاريخ هيرودت: ترجمة ع الإله الملاح : ص 470/471 -  أبوظبي / المجمع الثقافي 2001
24) نــفـــســـــهـا
25) إسخيلوس في بروميثيوس: لعلي عقلة عرسان في (صحيفة الوطن/ عمان) بتاريخ /27/02/2016





9

باب ما جاء في احتفالية النــضــال !!(01)
نجـيب طـلال
بـين النضال والتـضلــيل :

تأسيسا لقول ما تحمله الأبواب ؛ فالمسرح في عمقه نضالي، وحتى وإن اختلفت الاتجاهات والمنطلقات والمواقـف والآراءوالمذاهب. فبين نتوءاته تتفاعل نضاليته في تركيبة الأشياء والألوان والأدوار والأضواء  والشخصيات ؛ تلك التي تناضل من أجل شريحتها وفـئتها لترسيخ قضاياها وأفكارها . فالبورجوازية ( مثلا) وإن كنا نختلف معها فكريا وإيديولوجيا؛ فهي تناضل من أجل البقاء والسيطرة ؛ متخـذة المسرح كواجهة دعائية تمريرية لطروحاتها وهكذا ؛ لأن المسرح فعل وجود. ولهذا السبب تعـددت المسارح  كإبداع وليس بناية ، وأفضل المسارح تلك التي كانت ولازالت تبدع وتناضل من أجل كرامة الإنسان وترسيخ إنسانية الإنسان؛ البسيط / الكادح ؛ بكل تلقائية ولا تكلف. للرفع من قيمته الاعتبارية في مجتمع إما استهلاكي أو استبدادي أو إقصائي أو إقطاعي... . وبالتالي فالذي يدعي أو يتبجح علانية أنه مناضل؛ ويحمل مشعَـل النضال من قلب معممان المسرح ( تحديدا) ففي الأصل يمارس التضليل ويغالط نفسه قبل الآخرين . باعتبار أن النضال الحق؛ وليس الادعائي / المزيف ! تصريف عملي  وفعل بذات قوة النضال في عمق الشرائح الإجتماعية والثقافية. لكن الأنكى أن يدعي ليبرالي بأنه مناضل. فالمفهوم في سياقه ( النضالي) تميَّع إلى حـد خطورة التضليل والتعتيم والتزييف! وهذا ما يمارسه صاحب ( الإحتفالية) التي نناقشها كما قالوا(تيار/مذهب) نزل للساحة المسرحية ؛ ليمارس علينا التضليل والوهم . وبالتالي فإن تم إقحام ع الكريم برشيد ما مرة في الأبواب : كشخص في سياق النقاش. ففي حد ذاته ليس صراعا شخصيا أو تصفيات حسابات بيننا. ولكنه اختلاف / نقاش. ناتج عن تحقيق تجانس فكري واستراتيجي للأبواب التي أفتحها أمام (الإحتفالية) كمنظومة في اعتقاده !وفكرية في بياناته! وعقائدية في أوهامه ! وجمالية في نصوصه ! تلك التي ظل يمثلها.لأن صاحبنا في ( الواجهة ) علنا . وهو الوحيد في ملكوت الله يتكلم ويَهْـتبل ويُهَلل كمن يؤذن في مالطا ويعيد إنتاج نـفـس خطاب أواخر السبعينيات من ( ق، م) لمفهوم الاحتفالla cérémonie) ) أو الحفلة أو العيد ( la fête ) مرتبط بالإحتفالية كمنظور منحول  ومُهجَّن من تاريخ المسرح ومن التنظير المسرحي بكل تجلياته ؛ بحيث: كلمة الاحتفال [cérémonie   ] مأخوذة من اللاّتينية التي تعني الصفة المقدسة والاحتفال هو فعل على درجة من الوقار والجدية يرمي إلى تكريس عبادة دينية كالقداس، أو مناسبات اجتماعية كأعياد الميلاد والزواج أو سياسية كالأعياد القومية، أو رياضية كالألعاب الأولمبية (1) ولكي يختفي ويتغلف هذا المبدأ عند الداعية لتنظير مسرح عربي : فقد كان ضروريا أن يرتبط التأسيس الجديد بالجماعات المسرحية وليس بالفرق؛ أي أن يكون انحيازا فكريا وفنيا لكل الذين يؤمنون ـ معنا ـ بالبحث والاجتهاد؛ وذلك من أجل ايجاد فن مسرحي مغاير وتأسيس فكر مسرحي مختلف (2)  أين هي تلك الجماعات ؟ ألم تكن سوى "جوقة / كورس"(3) كما أشرنا ؛ وبذلك لم يعجبه ( فقيه الإحتفالية) صدق الكلام/ التحليل؛ نتيجة العصبية الفكرية ؛ والشيزوفرانيا التنظيرية. مما كان رده علينا ردا انفعاليا متوثرا؛ تأكيدا ، بأن هنالك خللا في ) النظرية ( يستوجب أكثر من علامة استفهام؟؟ لأن كـُنـهَ وجوهر الطقس ( الإحتفالي) عند هذه (الجوقة ) وليست (الجماعة) أضحى غائبا وغير مفهوم ؛ للذين لا يحسنون قراءة الرسائل ويحملون وعيا متخلفا وآراء مريضة أو صبيانية ؛ بأنها استعارت من المضمون الاحتفالي شكله وقشوره فقط. دونما الاهتمام بجوهرية الطقس ووظائفيته ، والهدف الأساس في ذلك إحداث عنصر الإبهار والإدهاش. لغـَرس وتفعيل الأطروحة الليبرالية  في مجال الفن المسرحي؛ كصيغة ودواء مهادن ومتناقض /معارض مع أطروحة الفكر والإبداع الراديكالي؛ الذي انزعجت منه سلطات أواسط السبعينيات من ( ق ، م) من هنا كان منطلق التضليل بين النسق المفهومي والنظام المنهجي/ العملي؛ كإسهام قصدي لما تمارسه الثقافة الليبيرالية/ البورجوازية . ذات المنظور الرجعي ؛ من تعتيم وتضليل. وهذا يتبين حينما نقرأ هـذا الإهتبال :هذا التطور السريع كان ولا يزال هو المخيف في الاحتفالية، وهو الذي جعل المؤسسة الرسمية تتموقف منها وتستشعر خطورتها وبالتالي تخندقها وتحاصرها ، بل وتستأجر من يقوم بالمضايقات العلنية المفضوحة. وفعلا تزايد خصومها النفعيون. إلا أن الذي لم تلتفت إليه هذه المؤسسة ولم تحسبه جيدا هو تزايد عدد المقتنعين بالفكر الاحتفالي وبرسالته الفنية (4) حقيقة فالذي لم يلتفت إليه المسرحيون ، أن (تلك) المؤسسة كانت الحاضن والداعم لها ؛ فمن أعطى الأحقية للاحتفالية أن تدرس في الجامعة والثانوية كنظرية ونصوص. أليست المؤسسة ؟ ثم فالمواسم والمهرجانات شاهدة على ذلك؛ وكذا الخرجات والجولات في (أغلب) الدول العربية تذكي ذلك. بحيث بأي أموال كانت ( تلك) الجمعية التي أنجزت إحدى أعمالك ، تسافر للعراق/ ليبيا/ سوريا / تونس/..../هل من صندوق دعـم" كورونا"؟ أم من أموال ( شيخنا الإحتفالي)؟ أم من  صندوق المحسنين الذين لا يهتمون بالمجال الثقافي والإبداعي ؟ بكل تلقائية ؛ أليست (المؤسسة) التي يوهمنا أنها( ضد/ الإهتبالية) هي الممول لكل ماكان ؛ ليس حبا في الإحتفالية بل في عمقها الإهتبالي؟ وباستقراء بسيط لما يلوح به ( الشيخ ) يفهم المرء ( العادي) أسباب نزول (الإحتفالية): لأنه لم يمارس الفعل السياسي كما كان الحال إبان انقسام العالم إلى معسكرين، اشتراكي ورأسمالي، والموضة آنذاك كانت أن يدعي الكل وصلاً بالماركسية وبريخت والملحمية. وجئنا بالاحتفالية فكانوا يقولون كيف تحتفلون في زمن النكسة والنضال، على اعتبار أنه تخلي عن الفعل النضالي (5) في الأصل لم يكن مناضلا بالمفهوم الراديكالي؛ حتى تعكس الإحتفالية حقيقته ؛ بل تعكس حقيقة خطاب المؤسسة التي أرادت أن يكون المسرح شعبيا / سطحيا/ فلكلوريا. لأن تصريف الأوهام قد تكون مغرية ولها غوايتها لأنها مائزة، وخاصة تلك التي يغلّفها الشيطان بالجمال الاجتماعي، ومن ثمة كيف لا يمكن لفاوست/ الإهتبالي ألا يبيعَ نفـسه للشيطان ! في لحظة إغراء وراء الكواليس والأبواب المغلقة  ! وهـذا يتبين فحينما يتلون المرء في خطابه المرتبك مع خلفية سلوكياته ؛ ويختار صيغ تبريرية لإخفاء مسلكياته في النسيج المسرحي وأهدافه التي هي أهداف المؤسسة؛ فلا مناص أن ينطلق أي بحث (ذو) طبيعة تمحيصية لخلفية ما وراء السطور المضمرة للفعل السلوكي؛ غير المنضبط لمصداقية القول؛ من هنا نستغل بدورنا كل الطروحات التبريرية التي يستغلها ( برشيد ) كأرضيـة لترسيخ مفهوم ( الاحتفال/ الإحتفالية)= ( الإهتبال/ الإهتبالية) وهاته خطة عمل. وإن كان هنالك فـرق واضح في المعنى والدلالة . ولكن استغلهما كمدخل علمي وموضوعي ، والمتمثل في المنهج والبحث الأصولي؛ الذي يركز على الجانب النقدي والحجاجي؛ لكي تستقيم الأبواب والعتبات. وحتى نكون منسجمين مع أنفسنا لما أشرنا إليه في(6) لمسألة الجندي الإغـريقي[ فيديبيدس] وليس [ فيديسوس ] الذي طرحها صاحبنا كقرينة ل(( النضال الإحتفالي)) بهاته الصيغة : هذا المناضل الاحتفالي ليس من حقه أن يستريح، لأنه يحمل للناس رسالة، وهو بهذا يشبه ذلك الجندي الإغريقي فيديسوس، والذي انطلق من منطقة مارطون إلى مدينة أثينا سنة 480 قبل الميلاد، حاملا رسالة مفادها أن الجيش الإغريقي قد انتصر على الجيش الفارسي، ولم تكن هذه الرسالة تحتمل الانتظار والتأجيل، ولذلك فقد جرى لأكثر من أربعين كلمترا مشيا على القدمين، ولم يتوقف لحظة، ولم يكن بإمكانه أن يتوقف، ولأي سبب من الأسباب، لأنه يحمل رسالة للناس، وكـذلك هـو المناضل الاحتفالي في صورته الحقيقية، وعندما وصل هذا الجندي المناضل، وعندما أوصل الرسالة إلى من يهمه الأمر، في ذلك فقط، كان بمكانه أن يستريح، وأن يكون لهذه الاستراحة عند الناس اسم الموت. ولكن من يحيي الناس، ومن يفرح الناس، ومن يسعَـد الناس، هل يمكن أن يموت؟ (7) طبعا لن يموت في السجل التاريخي؛ إن كان فعلا صادقا مع نفسه والآخرين؛ لأن المناضل ذاك الضمير الحي لقيمه العليـا في أصدق أهدافها ومعانيها حاملا فوق أكتافه ثِقَلَ قضايا شعـبه . لن يموت ذاك الذي يناضل في هدوء وتحت الظل في سبيل تحسين ظروف مجتمعه، وتخفيف معاناة أصدقائه وأحبته وعشيرته بما جادت أريحيته ولو بصدق الكلمة ؛ وتوظيف إحساساته بنبلها في  قضايا إنسانية أولا، لتحقيق الإنسانية ؛ إنسانية غير مشروطة ؛ وخاصة حملة الفكر وممارسو الإبداع . باعتبار أن المجال الثقافي أكثر واجهة نضالية من المجال السياسي الذي تنعدم فيه الأخلاق.
عـــارضـة الـبــــاب :
فهل الذي سيحتفل ليخرق رتابة الحياة اليومية، أو يحتفل خارج الضوابط والقيود الاجتماعية ، لينتشي نشوة العيدية ؛ بطقوسها المختلفة من فضاء لفضاء؛ وبيئة لبيئة بشكل جماعي الذي يزيد من حجم الفرحوالحبور، ويقويه ويغنيه ليصل لذروة الانتشاء ؛ يعتبر مناضلا ؟ بحكم التلاقح والمشاركة ؛ لأن الأساس في وهم الاحتفالية هو الحياة وهو الحيوية، فبهما تكون وتتحقق وتتجدد وتتمدد داخل الزمن، وبالتالي فهل المأثم حياة وتمدد داخل الزمن؛ أم خارجه ؟ الكل يعلم بأن المأثم نهاية للحياة وتوقف حيوية الإنسان وتدفق وجوده في الوجود؛ باستثناء الديانة الهندوسية /البراهمية ؛ وفي رسائل – الدروز- اللهم إن كانت الإحتفالية تؤمن بمسألة – الحلول / تناسخ الأرواح/ التقمص/ فهي سيخيَّة العقيدة ودروزية المبدأ . وهـذا نقاش آخر. لكن الأهم عندنا فهل الفلكرة / الاحتفال ؛ نضال يُنمي الحياة ويساهم في نضالية الوجود وبدونها لا يمكن أن تكون أبدا، أم هـو عَـربدة لكي ينمو الاحتفال نموا طبيعيا؛ كما كان الشأن في احتفالات ديونيزوس ؟  لأن هاته الاحتفالات يشير إليها بطريقة مواربة كما رآها موازاة مع ( أناه) التي تلغي الآخر؛ الذي هو أصلا شريك في الاحتفال؛ لتبقي حضور نضاليته / زعامته هي الكائنة ولا غيرها كائن: أنا المناضل الاحتفالي مقتنع بأن الأساس في الفعل الاحتفالي أنه ( فعل وجودي، وذلك قبل أن يكون فعلا اجتماعيا، إنه طقس ديني ، اجتماعي، اقتصادي، وفي هذا الطقس نحقق الطبيعة دورتها (8) وبالتالي وبدون تخريجات وتلويك لغوي/ كلامي . فالمُحتفلُ ليس مناضلا بأي لغة كانت وبالمفهوم الدقيق كذلك ؛ بل يساهم في تمييع أي سياق مفاهيمي سواء سياسيا / ثقافيا / اخلاقيا / اجتماعيا / فكريا / إن اعتبرنا تجاوزا( أن) الاحتفالي مناضلا ؛ أكثرمما أمسى مُميعـا وممْسوخا وبدون هـوية ولا تعـريف جذري . سواء أكان سياسيا / اجتماعيا / ثقافيا / احتياجيا / في هـذا الزمن الرديء ؛ الذي كثرت فيه طقوس أخرى من النضال؛ التي تخفي/ الوصولية / اللاتشبيب/الخلود/المواربة/الانتهازية / وتوزيع النياشين "للمناضلين" المزيفين. مما  تحوَّل العديد من الناس من حالتهم الطبيعية/الأصلية ؛ إلى حالات ومقامات .حالات من الهرولة والتهافت وادعاءات مزيفة وشبه نضالا ت أصلا استعلائية . ومقامات من الانبطاح والتزلف والتملق والتسول.  للعلم فعيد العمال لا يعتبر احتفالا (une fête) بل تعبيرعن غضب   un Colère)) ضد الاستغلال؛ واستذكار(un Rappelle ) لتاريخ نضالية الطبقة العاملة ، وترسيخ وعي وذاكرة ماضيها المليء بنضالات العمال وإنجازاتهم التي حققوها على مختلف بقاع الأرض. لكن الأنظمة الليبيرالية سعَـت بكل وسائلها لتمييع اليوم الأممي وإفراغه من محتواه النضالي؛ عن طريق أنه مجرد احتفال وكفى؛ للإجهاز على حقوقهم التي نالوها من خلال نضالهم الطويل؛ ولقد استطاعت معية بعض( النقابات) تمييع وتشويه النضال وتحويل [عيد العمال] إلى ظاهِـرة [ فلكلورية / موسمية ] التي أوصلت الطبقة العاملة لحافة التشرد والجُـوع . وبالتالي فالنضال أدخل في الماركوتينغ فحينما نلاحظ بالخط العريض( المناضل الإحتفالي) فالمسألة من أساسها تحمل (شبهة) لأنها تندرج ضمن زيف الواقع ؛ بحيث هذا المفهوم منذ صدور بيانات ( الإحتفالية ) لا وجود له ولم يذكر إطلاقا ؛ وحتى عند المرجع ومصدره الأصلي( روسو) الذي يعترف به بالقول: لقد بحثت عن اللغة الفـردوسية ووجدت أن جان جاك روسو قـد سبقني إلى ذلك تماما كما سبقني إلى الاحتفالية والى العيدية المسرحية (9) يعتبر مناضل زمانه ؛ بحكم أنه كان تلميذ فولتير ولكنه اتخذ  منحى مخالفا عنه ، دعا فيه لثورة اجتماعية والتي وضع أسسها في العقد الاجتماعي؛ لم نجد ولن نعتر على لفظ ( نضال/ مناضل/ نضالية) حتى في اعترافاته ؛ وإن كان ينادي بما يشعر به الشعب أنذاك. لكن شيخنا( الإحتفالي) يطرح "النضال" بأسلوب استعلائي، اعتقادًا منه أنه أحق من غيره بشرف "النضال" والمؤسف أنه نضال ( تجاوزا )  ذاتي وليس جماعي أو جمعوي .مما تكون عمليا ممارسة شكلية   بعيدة كل البـعد عن حرارة الشارع، ونبض المسحوقين والبسطاء والمظلومين والمعذبين في الأرض .... رغم أن نصوصه  توحي  بأنها : تتجسد في معانقة هموم الفقراء والطبقة الكادحة وتصوير مدن الصفيح ومعاناة سكانها من الطرد التعسفي والاستغلال والظلم وتهديدات أصحاب النفوذ والسلطة. كما تتجلى هذه الشعبية في ذلك التواصل الحميمي.... تتمثل في الأمل والتغيير والتبشير بمستقبل جديد ما دام هناك إرادة التحدي والإصرار والكفاح (10) فمن خلال [ المناضل الإهتبالي] أي تغيير وأي مستقبل حققته ( الإحتفالية) ؟
                                                                                                  يتـــــبــــع
الإحـــــالات :
1) المعجم المسرحي :لماري إلياس وحنان قصاب -  ص 03 مطبعة المساحة – القاهرة/2008
2 ) الاحتفالية بين التأسيس وإعادة التأسيس بقلم ع الكريم برشيد في مجلة الفكر العربي ص-18 ع 69 س 13 / 1992
3) انظر حسب رغبتك لموضوعنا: ما جاء في باب جـوقة الإحتفالية في مجلة مدارات ثقافية  بتاريخ- 25/11/2018
4) الاحتفالية وامتداداتها الجديدة: بقلم محمد الوادي مجلة طنجة الأدبية ( ملف خاص) في 12/06/2007
5) عبد الكريم برشيد رائد الاحتفالية حاوره: عباس الحايك مجلة الكلمة ع152/ دجنبر2019 نقلا عن(نقلا عن موقع سماورد)
6) انظر موضوعنا : باب ما جـــاء في احتفاليـــة " كــورونـــا " (02) في صحيفة الحوار المتمدن-ع:    6610  – في- 05/07/2020   المحور: الادب والفن.   
7) المقاوم الوجودي في الاحتفال والاحتفالية  لبرشيد مجلة طنجة الأدبية ع 65 في  /01/ 2018
8) أنا الذي رأيت : ع. برشيد ص 159  منشورات إيديسوفت ـ الدار البيضاء /2016
9) غابة الاشارات : لبرشيد -  ص 99-  ط1/1999 مطبعة تريفة- بركان /المغرب.
10)  ابن الرومي في مدن الصفيح : بين واقع المدينة والنظرية الاحتفالية  بقلم : جميل حمداوي مجلة  طنجة الأدبية (ملف خاص) بتاريخ 12/11/2007















11
باب ما جـــاء في احتفاليـــة " كــورونـــا " (02)
                                                   
نـجيـب طــلال

احتفالـــية كـــورونا :

حقيقة وليس وهْما ولا تخاريف بأن فيروس " كورونا " أيقظـنا من غفلتنا وسباتنا العميق لكي نـرَتب الأولويات ونعيد الاعتبار عمليا للعلم الرصين وللإبداع الصادق وللفن الجاد ؛ ولكي نفهم كيف يمكن أن تتحقق " العيدية " بشكلها العملي والتطبيقي، لكي نحافظ على ما تبقى لنا بعد التدمير النفسي والاجتماعي والاقتصادي .لنستعيد على الأقل المعنى الإنساني الذي فينا؛ وليس الشكلي/ القناعي؛ الذي نمارسه لغوا ورياء. مثل  أباطيل وفنكوشية الفقيه ( الإحتفالي) التي تدعو لإنسانية الإنسان انطلاقا من فقاقيع صابونية كمنتوج فنكوشي ! بعكس "كورونا" الذي مارس بحق طقوسا احتفالية بمنظوره الخاص ، بعـيدا عن عوالم ديونيزوس حيث الخمرة والابتهاج والرقص والأناشيد "الديثورامبوسية " و"الساترات" رفقة عابدات " باخوس" مُـؤسسا اهتبالية  بمفاهيم بديلة وخارج القيم والمعتاد من حياة الناس؛ ولكنها تبدو من فنون السحرl’art magique)  )  بحكم هلامية حضوره ؛ لكي تنهار منظومة الإنسان الفاعل الحيوي؛ ولقد انهارواستكان : أمرا وطواعية وهلعا للحجر الصحي؛ لتبقى احتفالية كورونا تفتك بالجموع تنتعش حصدا في أرواح العباد، لا صوت هناك يعلو فوق صوت "اهتباليتها" هي ( هنا / الآن) ترسل رعْـبا لا مثيل له وذعْـرا مثيرا بين الأسر وفي مفاصل الدولة / الدول.  بحيث استطاعت أن تجعل الشوارع فارغة من الحشود والهرج! والمدن أشباحا كأنها أطلال ! والقاعات خالية من روادها والمؤسسات كهوفا مظلمة ! وحدها أجهزة الدولة في حرب لا هَـوادة (مع) اللامرئي ؟ محاولة منها لإضفاء شعلة احتفالية الفيروس. فرغم هاته الحقيقة التي ليست شريطا سينمائيا؛ نجد صاحبنا" الإهتبالي" الذي يحاول وحيدا أن يضيف قطرات حياة في [ وهْـم احتفاليته ] التي عرتها [ احتفالية كورونا ] عمليا ورغم ذلك يشير تعَـنتا: إن كل هذا الرعب لا ينبغي أن يرعبنا، وكل هذا الذي يحدث اليوم لا يعني أبدا أن التاريخ قد انتهى، وأن المسرح قد انتهى.... هي مرحلة استثنائية إذن، في انتظار أن نعود إلى الحياة، وأن تعود إلينا الحياة، كما كانت، أو أجمل وأبهى مما كانت، وإذا نحن تغيرنا، استجابة لهذا الخواء الذي يهددنا.... المعركة إذن هي معركة وجود، أي نكون أو لا نكون، وأن وجودا كما نريد، وكما تشاء الحقيقة، وليس كما يفرض علينا (1) فإذا حاولنا ربط[الرعب لا ينبغي أن يرعبنا ] ب [استجابة لهذا الخواء] فضمنيا طرحه يميل بأن فيروس كورونا ( مؤامرة) بيولوجية بشكل عام كما يروج بعض المتطرفين؛ وبشكل خاص فالمؤامرة التي يرمز إليها هي من نوع آخر( أي) يتوهم أن احتفالية كورنا؛ أرسلت للقضاء وتدمير ( احتفاليته )بحيث يقول: أن هذا الزمن الذي نعيشه اليوم هو زمن شاذ واستثناني، وهو واقعي نعم، ولكن واقعيته مرعبة وغير حقيقية، وغير إنسانية، وليس من المنطقي أن نبني اليوم تصورا جديدا، وأن نؤسس فنونا أخرى، وذلك بناء فقط، على حالات شاذة واستثنائية وعابرة، وهل يصح صياغة قوانين قارة وحقيقية، انطلاقا فقط من حالات مرضية ظرفية عابرة ؟  وأعتقد أن كل ما نعيشه اليوم، ينبغي وضعه بين قوسين، فهو الواقع الذي ينبغي أن يرتفع، من أجل أن نعود إلى حياتنا الحقيقية، ونعود إلى فنوننا الحية، ونعود إلى علاقاتنا الإنسانية المصادرة (2) هل انتشار "الفيروس" ومحاولة تدمير الحياة البشرية ؛ وايقاف العجلة الاقتصادية وغيرها يمكـن أن نضعه بين قوسين؟ عجائب ما في القول؛ وبالتالي كان من باب الأولى أن يقول: شيئا جديدا نسمعك ونفهمك به، أما أن تخرج الكلام والأحداث عن سياقها التاريخي وعن شروطها الموضوعية، وأن تقف على (ويل للمصلين) فذلك هو القفز البهلواني، والذي يليق بقاموس (الإهتبالية) علما أن هاته الإشارة تكشف بأن خطاب صاحبها؛ خطاب ليس فيه خوف بل جنون العظمة ؛ بأن (اهتباليته) هي المسرح الحقيقي؛ بعْـدما ستنتهي [احتفالية كورونا ] من رعبها وهوسها وكابوسها وأنشطتها التي أنتجت نمطا بديلا في فنون الآداء والمتمثل في المسرح التفاعلي/ الرقمي/المسرح عن بعـد/ المسرح الافتراضي على منصات التواصل الاجتماعي؛ الذي كان حلا بديلا لعَـدم القدرة على حضور العروض على المستوى الشخصي. والذي غاب عن الذهن فهذا نظام كان سائر المفعول منذ زمن بعيد وحاضر بيننا قبل ظهور كورونا، وهي طريقة لانتشار الأعمال المسرحية عبر العالم تصويرا وعرضا. والتي تستند إلى الرؤية بواسطة (DVD-ROM  أو CD-ROM ) وكــذا الاتصال بالشبكة العنكبوتية. لأن طبيعة التطور التقاني والتكنولوجي فرض آلياته وبدائله ووسائله التواصلية ؛ ففي العديد من المجالات الحيوية أمست تعتمد على التواصل والمعاملات عن (بـُعْـد) فالتدريس عن بـعْـد ليس وليد " فيروس كورنا" بل كان وسيلة مفعلة بين الطلبة والجامعات والمعاهد الدولية والعالمية ؛ منذ عقدين أو أكثر. وهنالك تلميحات مسؤولة تجاه تفعيل ( التعليم عن بعد) على الأمد القريب؛ وكذا المطالبة بسن قانون لتفعيل المحاكمات عن بـعْـد ؛ وهكذا. ومن ثم فإن البديل لا ينبع من طبيعة العـقل فقط بل من طبيعة الأشياء وتطورها. وبالتالي: فظهور الكمبيوتر والعالم الرقمي يعد من الإنجازات الفاعلة والمتفاعلة مع العرض المسرحي، والتي تدفع بمكوناته إلى الأمام من حيث التوظيف والجمال . وكل هذا التحديث في التقنيات انعكس بشكل مباشر، أو غير مباشر على جميع قطاعات الفن والثقافة (3) وعلى سبيل الذكر فالعروض المسرحية المقدمة عبر التلفزة أو أشرطة  C.D)) ألا يمكن أن تندرج في المسرح عن بُعْـد ؟ وكذا المسرح الاذاعي ألا يمكن أن يصنف  في خانة المسرح عن بُعْـد، بوصفه بديلاً تقنياً عن المسرح التقليدي ؟ وهل يمكن أن ننسى أن أغلب أعمال شكسبير تم تصويرها بطريقة سينمائية؛ لتحقيق نوع من العلاقة بين العرض المسرحي/ السينمائي والمتلقي ؛ كأنه يعيش وجهاً لوجه مع تلك الأعمال الدرامية.
وللتذكير فمسرحية ( الناس والحجارة) أدرجت ضمن برامج التلفزة المغربية سنة 1979 التي نقلت العروض المسرحية المشاركة في المهرجان الوطني لمسرح الهواة ( التاسع عشر- 1978 بفاس) وللتاريخ فصاحبنا ( الإحتفالي) الوحيد الذي طلب حقوق البث ( ماديا ) من صندوق البرمجة ؛ ويمكن لمن بقي حيا سواء انقطع أولا زال  يمارس فنه المسرحي من جمعية [ البساط المسرحي بوادي زم ] يكذب ذلك وخاصة المخرج "محمد الباتولي" وأسوق هذا الكلام الواضح للذين يبحثون عن تاريخ المسرح المغربي ، ولمن يهمهم ممارسته وفـَنه وإشراقاته وكـَواليسه وفكره . ولا تعنيهم ممارسة الاغتياب والنميمة الثقافية / المسرحية أو الذين ليسوا من رواد لغـْو المقاهي والحانات. التي حولتها " كورونا" لأشباح؛ وبعض منها يفتح (الآن) احتشاما وانضباطا لشروط السلامة الوقائية.

باب افـــتــراضي :

من البدهي بأن التحولات الكبرى والتطورات التي شهدها العالم على جميع المستويات؛ بما فيها انفجار الثورة المعلوماتية، والخوارزميات الرقمية ،التي أحدثت صدمة كبرى لدى شريحة عريضة من هؤلاء المثقفين/ العرب الذين وجدوا أنفسهم “خارج التغطية” جراء تسارع الاحداث والمستجدات وسطوة العولمة وتشعب الوسائط الرقمية ؛ وانضافت إليها (الآن)هجمات " فيروس كورنا" الذي أفرز سلوكيات وتوجهات جديدة وتشكيل نمط الحياة اليومية، والعلاقات الإنسانية. استجابة للوضع الحالي لترسيخ مفهوم الرقمنة والتعامل معها كحلول مبتكرة ، بـغيـة تفعيل وسائل التواصل الاجتماعي وتحويلها عاملا مركبا في نشر المعرفة وتفاعل الإبداعات حُـبّا أو كـرها. لكن صاحبنا( الإحتفالي) الذي أصلا يكره المسرح التفاعلي؛ لأنه البديل. وضد الحداثة التي هي المصير. ودليلنا شهادته : لا أومن بالحداثة.. كيف ؟ وأنا أومن بالأصيل، وما هو أصيل هو حقيقي، وما هو حقيقي هو عابر للأزمان والأمكنة وللثقافات واللغات والحضارات....(4) ولهذا السبب يؤطر أفراد المجتمع في خانة عجيبة بقول مضحك مفاده : في هذا المسرح نضحك، ومن حقنا ذلك، وقد نحزن ونبكي أيضا، ولكن أهم شروط الضحك هو أن يكن فعلا جماعيا، وأن يكون في الفضاء العام، وكل من يضحك وحده، أمام حاسوبه، أو أمام هاتفه، أو أمام شاشة تلفزيونه، لابد أن يكـون مشكوكا في صحته النفسية وفي سلامته العقلية (5) فهاته الفقرة تحتاج لنقاش أطول وأعمق؛ ذات ارتباط بمفهوم( الفردية الشبكية) [ Individualisme en réseau ]  نتيجة الغزو الرقمي والمعلوماتي؛ لكن يمكن أن نختصر الموضع بالمنظور الذي يعرفه ويناقشه صاحبنا في أقواله ( الإهتبالية) مثل ما يشير : لا اؤمن بالكوميديا ولا بالتراجيديا اؤمن فقط بالمسرح وبالاحتفال المسرحي, وبهذا اللقاء المفتوح الذي يعـيش الصدق ، ويموت بالاحتفال لا أكثر(6) فالضحك سليل الكوميديا والحزن والبكاء سليل التراجيديا . إذن فالمسرح اختيارات ، ولا علاقة لتفكيرك  ( الإهتبالي) بسلوكات وقناعة الآخرين؛ يضحكون أو يبكون أمام منتوج تفاعلي/ افتراضي ؛ فذلك شأنهم ؛ ولكن ليس من شأنكم أن تتهم الناس بالحمق وتشكك في قدراتهم العقلية ؛ لأن طبيعة التحول؛ فرضت أن يصبح المرء فاعلا رقميا بدون اختياره حسب فلسفة الوجود كما يفسرها – هايدغر. وهنا لا أدافع عـن المسرح الافتراضي؛ لأنه فرض نفسه كمعيار للتطور البشري. فكريا وثقافيا وإبداعيا والذي أطرته بالقول العجيب: إن المسرح أساسا هو حياة وحيوية، وأن نستعيض عن المسرح بصوره الافتراضي، فإننا سنكون كمن يقتل الإنسان الحي ويكتفي بصوره، ويحتفي بالوهمي والشبحي بدل أن يحتفي بالحق وبالحقيقة (7) فهل (احتفاليتكم) هي الحق و الحقيقية ؟ وهي أصلا وهُـم الأوهام في النسيج المسرحي العربي. والتي خدعت العباد وتأسست على إثرها ( جوقة ) ربما بإيعاز ممن كان يمتلك خيوط اللعب  في ( مركز الأبحاث المسرحية ) لترسيخ المسرح ( الشعبي) = ( الفن للفن) الذي لم تستطع أجندة أندري فوزان /بيير لوكا / الطاهر واعزيز/ ع الصمد الكنفاوي/ تحقيقها ؟ تلك ( الجوقة ) التي جمعت المريدين والتابعين والانتهازيين والوصوليين ؛ فأصبحت طرفا ًمن أطراف الصراع وعاشت في خضم تلبيس إبليس ! حتى أن بعضهم وقـَّع وناقش ودافع عن البيانات  دون فهم فحواها ومراميها؛ وبعْض من بعض خلق هَـرجا ومَـرجا في الدعاية والنقد والتحليل والتفكيك ، والبعض البعض مارس الإكراهات  والضغوطات على بعض الطلبة هنا وهناك لإختيار والبحث  فيما جاء في (( أوهام الإحتفالية )) وذلك في زمن الريع الحقيقي وتسيب الأموال غير المكشوفة .
 كل هذا كان بسيولة ومقابل متنوع الأكلات ! لمن كان يعرف طرد شـرّ ( المخمصة) وهـذا هـو سٍـرُّ الأسرار الذي جعل كل من كان (مع الوالي) الانسحاب والنزول بهدوء من السفينة التي ركبوا فيها بحثـا عن مصالحهم وأرجعوا ( للجوقة ) وظيفتها وطبيعتها التقليدية التي تنص على التزامها الحياد. فكان الصمت المطلق واللامبالاة أقوى من الحياد عن ( فنكوشية ) تنظيره ومراوغته الكلامية ؛ والبحث عن اجترار نفس الكلام كمخرج وخلاص؛ وتلك لـيست خصال العارفين؛ والمدافعين عن أطروحتهم ؛ لأن الأصل فيها تخاريف وجنون بلا فنون، وكلام بلا معنى، وبلطجة وابتزاز بطرق الإبداع / التنظير؛ وللعلم البين أن التخاريف / الخرف : مرض يصيب الوظائف الادراكية والعاطفية والسلوكية .مما يتقلص التفكير؛ وتتضرر القدرات العقلية ؛ لتـصاب ( الذاكرة ) تدريجيا بالتلف ؛ مما يصعب عن المصاب بالخـرف: تشخيص الأشخاص والأشياء. وهـذا ما سقط فيه من حيث لا يدري ؟ وأصبح ( فقيه المسرح / الشعْبوي) يتخبَّـط في  ( أوهام السوق) : لأن "أوهام السوق" هي أكثر الأوهام إزعاجاً، تلك الأوهام التي انسربت إلى الذهن من خلال تداعيات الألفاظ والأسماء. ذلك أن الناس يظنون أن عقلهم يتحكم في الألفاظ، بينما الحقيقة أيضاً أن الألفاظ تعود وتشن هجوماً مضاداً على الفهم (8) ولولا هاته الحقيقة الساطعة على أوهام كثيرة؛ لما اتهم من ينخرط أو يواكب  ما في المسرح "الافتراضي" بعـدم سلامته العقلية/ النفسية ؛ وأبعد من هـذا محاولة مصادرة حريته الشخصية؛ وهذا في حد ذاته إرهاب فكري/ سلوكي ؛ من أجل اللقاء الحي والجماعي وممارسة التعييد والتجديد والفرح والحرية والتحرر والانفلات والعربدة، من خلال [الفرجة الشعبية ] كل هـذا لم يتحقق يوما؛ إلا في مخيلته . إنها مجرد تهيأت وهلوسات ؛ وإن لم تكن كذلك لما أشار بكلام سفسطائي؛ ينم عن حضور الكهنوتية : إن المسرح هو الخروج من القوقعة، وهو التحرر من سجن البيت، وهو الانفلات من الغربة ومن المنفى، وأخوف ما أخافه اليوم هو أن ننقلب على النزعة الإنسانية فينا، وأن نتخلى عن غريزتنا الاجتماعية، وأن نعود بالإنسان إلى زمن الكهوف والمغارات والخوف من العالم الخارجي، وأن نتحول إلى كائنات آلية تأكل الطعام وتتفرج على الشاشات (9) لنتساءل مع المتسائلين؛ هل صاحبنا خرج من القوقعة ؟ وتحَـررمن سجن البيت ؟ ومن الحجر الصحي؟ ليقاوم الضوابط الاحترازية ؛ وذلك ليمارس فرجة شعبية في إحدى ساحة الدارالبيضاء ؟ حتى لا نتحول إلى كائنات آلية تأكل الطعام وتتفرج على الشاشات . ومادامت يا (مولانا ) تؤمن بإقامة العروض المسرحية في أمكنة وفضاءات مفتوحة، كالساحات والأسواق والمواسم والروابط والزوايا. التي يحتشد فيها الناس والجماهير الشعبية الغفيرة. ومادامت يا ( فقيه) مسرحنا تؤكد عبرأناك العجيبة بالقول المتفرد : أنا ثابت على الثوابت دائما، أما المتغيرات، فمن الممكن أن أغيرها وأجددها مع الزمن، وثوابتي المبدئية هي إنسانية الإنسان، وهي حيوية الحياة، وهي مدنية المدينة، وهي التعبير الحر للإنسان الحر في المجتمع الحر(10)
 إذن ؛ كان عليك  يا ( فقيهنا ) أن تنزل للساحة و تعلن حربا ضروسا ضد" احتفالية كورونا" لتفعيل مقولة التعبير الحر للإنسان الحر في المجتمع الحُـر !
كان عليك يا ( مولانا) أن تنزل للشارع ؛ ب[ احتفاليتك العجيبة ] لكي تساند الممرضين والأطباء ورجال السلطة الذين نسوا أنفسهم وأبناءهم ؛ من أجل مقاومة الوباء " الكوروني" الذي سعى بقدراته الخارقة واللامرئية أن يوقف حيوية الحياة ؛ ويحوَّل مدنية المدينة إلى أشباح طيلة اليوم . لكي لا يتحقق الالتحام والانصهار في المجتمع . وبالتالي فالفن المسرحي عموما؛ سيفقد مشروعيته.. أم هو مجرد كلام معناه الباطني يناقض المعنى الظاهري. أكيد أن الخطاب بين الفعل والقول مكشوف؛ هذا إذا أضفنا خطابا يدعُـو للتفكه : هذا المناضل الاحتفالي ليس من حقه أن يستريح، لأنه يحمل للناس رسالة ، وهو بهذا يشبه ذلك الجندي الإغريقي فيديسوس، والذي انطلق من منطقة مارطون إلى مدينة أثينا سنة 480 قبل الميلاد، حاملا رسالة مفادها أن الجيش الإغريقي قد انتصر على الجيش الفارسي، ولم تكن هذه الرسالة تحتمل الانتظار والتأجيل، ولذلك فقد جرى لأكثر من أربعين كلمترا مشيا على القدمين، ولم يتوقف لحظة، ولم يكن بإمكانه أن يتوقف، ولأي سبب من الأسباب، لأنه يحمل رسالة للناس، وكذلك هو المناضل الاحتفالي في صورته الحقيقية (11)
بــاب الإيـــضاح :
 هنا فلا يمكن أن نمفصل السلوك والمسلكيات عن الفكر؛ وإلا سنكون أمام انفصام في الشخصية ؛وبما أن (فقيها) لم يستطع أن يتكيف أو ينخرط مع المسرح الافتراضي/ الرقمي ؛ الذي فرض نفسه كمتغير حتمي؛ لمواكبة التطورات التكنولوجية ؛ والذي ألزم علينا فهما وإدراكا تقنيا لكيفية تشغيل و توظيف ألية التواصل بالأخر؛ وفي نفس الوقت فالمسرح الرقمي ضمنيا يوقف زحف معالم الفوضى والغموض والمحسوبية والفئوية، وكل القرارات التي تطبخ طبخا في المطابخ السرية. هذا ليس في صالح ( الإهتبالية) التي تعششت في رحاب الفئوية والمحسوبية والغموض والفوضى.. مما لم تستطع عمليا أن تنزل للميدان لممارسة "احتفاليتها" قبل تمظهر [احتفالية " كورونا" ]حتى يكون( صاحبها ؟ )  مثل ذاك الجندي الإغريقي (فيديسوس) المناضل، الذي أوصل الرسالة إلى من يهمه الأمر؟ ولكي يحقق عمليا بان (احتفاليته) فعلا: أصبحت مرعبة، الاحتفالية مواقف أيضا، مواقف نضالية، ومواقف اجتماعية، الاحتفالية مساهمة أيضا في الحياة الاجتماعية، بمعنى أنها سلوك أخلاقي، وأنها نظام في العيش، نظام يعتمد على أن نعيش بصدق وشفافية، وأن لا نخون ذاتنا، وأن نكون مشابهين للحظتنا التاريخية، وأن نكون صادقين (12) مثل هاته التصريحات التي يعتبرها أفكارا؛إنها في واقع الواقع ألغام بلاغية/ إدهاشية ؛تسقط أمام لغو الظهيرة ؛نتيجة الوهْـم الإحتفالي الذي ملأ الصفحات باجترار نفس اللغة والأفكار؛ ولم تستطع تصريفها على أرض الواقع الفعال ؛ وهاهي [" احتفالية كورونا "] زعزعت عقيدته المسرحية وكشفت عن انفصام في الشخصية المقرونة بجنون العظمة؛ كما نعلم جميعا. شخصية تبحث بطرق خاصة وملتوية ؛ وبناء على المنظومة التي تتحكم في الإحتفالية وذلك في الخفاء؛ كمحاولة للتوسع ولبقاء تلك الهيمنة التنظيرية للإحتفالية؛ باعتبارها تخدم المشروع الليبرالي المتوحش: ولقد  كنت دائما ليبراليا متحررا، ولم يسجل علي يوما أنني كنت اشتراكيا أو ماركسيا، فأنا لا أومن بالطبقية، ولا بالصراع الطبقي(13) طبعا هذا اختيار؛ ولكن مادام (هو) بدون سلطة يحاسب الناس الذين لهم اختيارات أخرى؛ وانتهاجهم وانخراطهم (الآن) في المسرح الافتراضي؛ الذي قـدم أعمالا مقبولة ؛ وخاصة الخليجيين / المصريين/ الذين نشطوا في المسرح الرقمي. هاته الشهور المقرونة بالحجر الصحي. ولم يقدم أحد إحدى أعماله ( هنا مربط العقدة السحرية) وبما أن ( الآنا ) هي المتحكمة في تركيبته ؛ نشير بأن ليبراليته. في حـد ذاتها تعد خيانة قومية ؛ حضارية؛ في حق المسرح العربي. مسرح يحتاج الآن أن ينخرط في الزمن الذي نعيشه حاليًا، زمن التطور التكنولوجي المتزايد باضطراد لا متناهٍ، حتى يكاد يصبح غير قابل للتحكم به ، أوالبحث عن العَـودة للخلف
 وبالتالي وعلى ذكر ذاك الجندي الإغـريقي[ فيديبيدس] وليس [ فيديسوس ] فالرواية التي طرحها لخلق القرينة بينه وبين نضالية الإحتفالي؛ أساسا ملفقة وتزييف للحقائق التاريخية ؛ كما رواها – هيرودوت – وهذا أعطانا مشكورا بابا( آخـر) سنفتحه فيما بعْـد.
ولكن من لباقة الضيافة ؛ وبروح تتسم بالهدوء والعقلانية ؛ إغلاق باب ما جـاء في احتفاليـة " كــورونـا " بناء على الحوار الذي تفضل به ( فقيهنا ) وإن كان يعـد صيحة غوغائية ، وعبارة عن فرقعات لفظية وعن حرّاقيات صبيانية كمطالبته باليوم الثامن / التضامن ( سيأتي ذكرهما) المشار إليهما في حواره الذي لم يؤد إلى أية نتيجة مساهمة ضد " فيروس كورنا اللعين. لأن: عالم اليوم محكوم في مساره بعالم الغد؛ لآن الغد هو المستقبل وهو نقطة البداية؛ وذلك لآن التاريخ يتحرك من المستقبل وليس من الماضي (14)


الإحــــالات :
1) عــزلة المسرح في زمن كورونا (10) ملف إعلام الهيئة العربية للمسرح في– 08/06/2020 
2) نــــفـــــســـــــهـــــا
3) دراسة عن الواقع الافتراضي والمسرح لعماد هادي الخفاجي في مجلة إعلام الهيئة  العربية للمسرح  بتاريخ 11/12/2017     
4) في موقع – الخشبة – منقول عن حوار في صحيفة المدى – بتاريخ 10 مايو 2017
5) عــزلة المسرح في زمن كورونا (10)
6) حـوار في(البيان الإماراتية): أجراه رضا الاعرجي - الرباط - بتاريخ: 03 /04/ 1999
7) عــزلة المسرح في زمن كورونا (10)
8) الأورجانون الجديد: لفرنسيس بيكون: ترجمة عادل مصطفى- ص 42- الناشر مؤسسة هنداوي 2017
9) عــزلة المسرح في زمن كورونا (10)
10) المسرح فتح لي باب الغيب وباب التاريخ – مجلة الهيئة العربية للمسرح: حاوره مصطفى رمضاني بتاريخ /24/07/2012
11) المقاوم الوجودي في الاحتفال والاحتفالية بقلم ع الكريم برشيد- ص4 - مجلة طنجة الأدبية ع65  / خريف2017
12) حوار أجراه معه :مولود القنبي - في مجلة طنجة الأدبية (ملف خاص) بتاريخ2007-06-12
13) المسرح فتح لي باب الغيب وباب التاريخ- مجلة الهيئة العربية للمسرح: حاوره مصطفى رمضاني بتاريخ /24/07/2012
14) الأصولية والعلمانية لمراد وهبة ص9 ط 1/ 1995   دار الثقافة / القاهرة   




12
باب ما جـــاء في احتفاليـــة " كــورونـــا "  (01)
نـجيـب طــلال


عــتــبة التـحَـول :

كما يقال" إذا عمت المصيبة هانت " ومصيبتنا في وباء كورونا الذي ضرب شرق وغرب القارات ؛ ودمر إلى حد بعيد كل المفاهيم والأفكار والنظريات ؛ كيف يمكن الخروج منها ( المصيبة)  بأقل الخسائر الممكنة ؛ بشريا / اقتصاديا / نفسانيا / وهذا ما تحاول كل الدول تحقيقه . لأنه من الطبيعي بعد كل كارثة وبائية وتمددها زمنيا تتغير الرؤية أفقيا وعموديا والممارسة علائقيا وسلوكيا في شتى المجالات . وهاته الجائحة  التي ضربت المعمور؛ لقد أفرزت تحليلات وتأويلات في شتى الميادين. وساهمت في استحضار الثقافة الصحية والسلوكية؛ ولكن تداخلت الخرافة بالدين؛ والدين بالشعوذة؛ والشعوذة بالعلم ولكن كل هذه التداعيات لا محالة  ستحول الحياة ما بعدية إلى علامة استفهام كبرى ؛ من حيث العلائق والمفاهيم والتصورات. وبنظرة تأمل عميقة الى ما يحيط بنا وما يدور في محيطنا  إثر الوباء (الكوروني) نستشف جميعا  أن هناك حالات وأحداث كانت طفيفة وتتمظهر من حين لآخر. ولكن أمست الآن ظاهرة وستغـدو حقاً معضلة عصرنا . كالاندفاع الهستيري وراء الأموال ومحاولة الوصول إليها، بأي صورة كانت مشروعة أم غير مشروعة، و الركوب على أمواج الظرفية القاسية . ولنا في المدارس الخصوصية / الفنانين/ الأطباء... الذين اندفعوا هستيريا لطلب التعويضات من صندوق تدبير كورنا ( يـعد) نموذجا صارخا ؛ لا يفرض نقاشا سفسطائيا أو تخريجات جانحه أو بعيدة  عن أصل  إنشاء الصندوق . صندوق تدبيري لمساعدة المحتاجين وفاقدي الشغل والمحسوبين على القطاعات غير الهيكلية  لمقاومة الحاجة .إثر الحجر الصحي ؛ وهذا إن كان أسلوبا وقائيا واستراتيجية احترازية لإيقاف تشعب وانتشار الفيروس الكوروني؛ فكانت للحالة الطارئة ولازالت  لها منافع متعددة ؛ بالنسبة للعـديد من العباد فارضة علينا إما طواعية أو كرها منطقها؛ لأن الوضع كارثي حقيقة عالميا؛ وبالتالي فمسألة التكيف مع الوضع العام تفرض نفسها وبكل تلقائية, لنمارس تعديلا في أسلوب حياتنا ، ومحاولة خلق وابتكار أنماط معايشة بديلة حتى لا نصاب بالاكتئاب أو بالروتين القاتل ؛ فكانت العودة لممارسة لحظات التأمل المنتج؛ المقرون بالمطالعة والقراءة...والانتباه لمحتويات المنزل وتعديل أي خلل فيه أو ما يحتاج لإصلاحه . لكن فمن زاوية النفسية ؛ سيولد تدريجيا حياة بديلة في سلوكاتنا وإيقاعنا اليومي . وما مظاهر الانكفاء على الذات وفقدان الثقة في الآخر وتعـدد الانتحارات بشكل يومي ليست سوى دلائل أو مؤشرات على ذلك. ولقد طرحناه في جداريتنا بالصيغة التالية [[ أغلب الانتحارات التي وقعت في العالم بعد استفحال كورونا.سببها العامل الاقتصادي. وليس النفسي!! ]] (1) فالعامل الاقتصادي والمعيشي ، لقد أحدث صدمة اجتماعية وارتباكا ملحوظا  في التنظيم الاقتصادي والتجاري ولمبادلاتي استهلاكا وإنتاجا ؛ وهذا مما لا شك فيه سيكون ، له دور أخطر في الاستقرار العقلي/ النفسي . وجدليا  ستكون له انعكاسات على الواقع المجتمعي ؛ الذي أمست بوادره وبوادر الاحتقان تتضاعف أكثر مما كان : لأن لا أحد اليوم يتوفر على سيناريو لتدبير هذه الأزمة أو كيفية التعامل والعيش معها، لأن النسيج الاقتصادي المغربي كان يرفض دائما اختصاصا اسمه "تدبير المخاطر." ويعتبر هذا الخبير الاقتصادي بأن اقتصاد المغرب ما بعْـد" كورونا" ليس كسابقه، نحن مقبلون على فترة اقتصادية سيئة بكل المقاييس، وهناك من يتحدث عن انكماش في نسبة النمو، تحدث للمرة الأولى بعد أزيد من ربع قرن (2) ناهينا عن ازدياد سمات عـدم التواصل مع الآخرين بشكل تلقائي وحيوي .نتيجة  المغالاة في حب الذات، والانعـزال عن المجتمع والحياة الطبيعية ؛ مما تتولد الانفعالات والتوترات المؤدية للصراعات بين الأبناء والإخوة؛ وبين الأزواج ؛ إذ لوحظ تفاقم العنف ضد الأزواج وخاصة النساء الذي فرضه الحجر الصحي عالميا حتى أن : " انطونيو  غـوتيرس" الأمين العام للأمم المتحدة أصدر: نداءً لحماية النساء والفتيات في المنازل، بعد تفاقم العنف المنزلي والأسري خلال فترة الحجر الصحي قال فيه: أوجه نداءً جديداً اليوم من أجل (السلام في المنازل) في جميع أنحاء العالم، فمع تزايد الضغوط الاقتصادية والاجتماعية شهدنا طفرة عالمية مروعة في العنف المنزلي، إنني أطالب جميع الحكومات بجعل منع العنف ضد المرأة وجبر الضرر الواقع جراء هذا العنف جزءا رئيسا من خططها الوطنية للتصدي لـ "كوفيد – 19(3) فهذا على خلفيّة تفشّي فيروس [ كورونا] فالأرقام المتعلّقة بالعنف الأسري تتصاعد في أغلب الدول والمجتمعات وفي وسط كلّ الشرائح وإن تفاوتت النسب. وإذا قمنا بعملية التخصيص فإن:الأرقام المهولة لحالات العنف ضد النساء والفتيات والتي سجلت خلال فترة الحجر الصحي، حيث بلغت الظاهرة نسبة 130 في المائة وفق اتحاد العمل النسائي وشبكة مراكز النجدة، كاشفه أن الغالبية الكبرى لمقترفي هذا الفعل الإجرامي هم الأزواج أساسا ، بنسبة تبلغ 76 في المائة.... أن بعض الأشخاص ، خاصة الأزواج استغلوا فترة الحجر الصحي، لممارسة عدوانتيهم وانتقامهم من النساء، إذ لم يقتصر الوضع على التعنيف الجسدي للنساء بل امتد إلى طردهن رفقة أبنائهن من بيت الزوجية.... فضلا عن معاناتهن من العنف، عانين من غياب مقاربة النوع....( 4) وهذا يعني أن فيروس كورونا حاضر بظلاله في مفاصل الدولة والمجتمع ؛ بحيث خلق تحولا مريعا في الحياة العامة . بحكم  سلطته اللآمرئية التي بعثرت كل شيء؛ محولا نمط عيش العديد من الأسر والشرائح الإجتماعية لوضع سلبي ؛ له انعكاسات وخيمه كالسقوط في الفاقة والحاجة والرعب والهلع والخوف من الحاضر بسبب تدني دخلها  واحتمال فقدان مناصب شغلها في العديد من القطاعات الإنتاجية، هذا، فضلا عن الانعكاسات النفسية والمجتمعية التي سببها الحجر الصحي. وعن كيفية استعادة أنشطتهم وحياتهم الطبيعية ، فبالأحرى التفكير في المستقبل الغامض بغموض الفيروس الذي ينتشر بشكل مريب ومدمر ؟ مدمر للسيولة الحيوية الاقتصادية للدول . ومحولا خصوصية ونمطية الإبداع والفن الذي يعتمد على التلاقي والتواصل المباشر؛ إلى تواصل افتراضي تكنولوجيا؛ بعد توقف قسري لكل الأنشطة والممارسات الأدائية . ولقد غامر العديد في هاته العملية ؛ رغم صعوبتها ومتطلبات الوسائل التقنية والتكنولوجية ؛ والإكراهات الاقتصادية والاجتماعية الضاغطة. وبالتالي فوسائل التواصل الإجتماعي ؛ بشتى مشاربها وأنواعها؛ لقد نشطت واستقطبت روادا جددا؛ ناهينا عن ظاهرة التعليم / العمل عن بـعْـد لجميع المستويات الدراسية؛ والتي فرضت بذلك لاقتناء تلك الوسائل بأية طريقة ممكنة . وهذا الوضع الرقمي/ العنكبوتي ؛ سيظل ساري المفعول في مجتمعنا، لأسباب كامنة في ذهنية الإنسان ؛ كما أشار الفيلسوف الإيطالي ^ جورجيو أغاميين: لقد أبدى الإيطاليون والفرنسيون والإسبان وكل شعوب العالم التي ضربها فيرس كورونا المستجد،استعدادا للتضحية بكل شئ، بما في ذلك الحياة . وعلاقتهم  الاجتماعية والعمل والصداقات والمعتقدات الدينية والسياسية لتلافي خطر الإصابة بالعدوى. وهذا الخطر المشترك لا يوحد الناس، وإنما يعميهم ويعزلهم عن بعضهم البعض؛ إذ ينظر للبشر حاليا على أنهم مصدر عدوى وخطر محتمل لا أكثر، ويجب تجنبهم بأي ثمن (5) تلك رغبة مرتبطة بهدم الذات قبل هدم ذات الآخر والتي يرافقها عادة اكتئاب ويأس وتقريع للذّات. وهذا الواقع أمسينا نلمسه الآن في الشارع العام أو في المحلات التجارية الكبرى؛ من الابتعاد عن الآخر أو عدم مصافحة حتى قريب له ؛ فحتى الوفاة أمست تأبى التجمع الجنائزي أو يتدخل شخص ( ما ) ينبهك أن تضع ( الكمامة) في مكانها المناسب؛ حتى لا تعْـدي أحدا؛ مما تنفعل لا شعوريا من ذاك الأمر؛ ونقس على هذا المنوال ؛ من ممارسات تحد من آدمية الإنسان ؛ ومن إكراهات بالفعل تحد من الحرية الفرد. والتي: تفرضها مقاومة الجائحة تعمل على إضفاء الطابع العالمي على » حالة الاستثناء « التي ورثها الحاضر من اللاهوت السياسي  القرن العشرين؛ مما يؤكد فرضية "ميشيل فوكو" بأن السلطة السيادية الحديثة هي سياسة بيولوجية نظر إليها كممارسات وصلاحيات لشبكة السلطة التي تدير الجسد الإنساني والسكان في مجال مشترك بين السلطة والبيولوجيا، وفي زمن الانتشار الشامل للرأسمالية (6) طبيعي أن وحش العولمة التي التهمت الرأسمالية التي سليلتها ؛ لكن أصبحت متوحشة ؛ وبالتالي فالعالم بأسره تأثــر بالتداعيات السلبية لفيروس  (كوفيد19) على عدة مستويات اقتصادية ومالية وثقافية وفكرية واجتماعية وتراجع مهول للمداخيل وإيقاف وتعثر عدة قطاعات حيوية والتي تضررت وستتضرر مستقبلا . ولنا العبرة في التاريخ وإن اختلفت مظاهر الوباء ؛ فالتشابه سيكون واردا بنسب متقاربة جدا بحيث: فالمجاعة والطاعون عطلا الفعاليات البشرية والاقتصادية ؛ وسار الكساد في كل ميدان من ميادين المبادرة الاقتصادية التي كبحتها القوة الشرائية المنهارة وضعف الأحياء.... والغريب أن الإنتاج جاء فوق الحاجيات إلى حد أن الأسعار هبطت هبوطا كبيرا في الأسواق... ومع ظهور الطاعون؛ انهارت تماما التجارة الخارجية بعد أن قامت سلطات جبل طارق وإسبانيا بقطع جميع المواصلات مع المغرب (7)

تـحـول الــعـــتــبة :


وبناء على كل هـذا ؛ وتفاعلا مع الوضعيات الحرجة . فالفيروس كشف لنا عمق ذهنيتنا؛ وسلوكنا وعَـرى عن أقنعتها ومبادئها ومحاورها وشعاراتها بكل سلاسة وعن ظهور عباقرة زمانهم وعن مفاهيم وفهم  آخرو أفكار وسلوكات كلها مغـربات ومضحكات يستعصى استيعابها وفهمها؛ منها الفتوى والتي ما أنزل بها من سلطان ! واختراع الأدوية الشافية عن ضد ( كورونا) بواسطة الطب البديل وبالشعوذة المستجدة، في عصر التكنولوجيا ! وإفراز ( جوقة ) يدافعون ويمجدون شرذمة من الديماغوجيين ,,,,,,,!!؟؟ بـدون إنشاد متلاحم !!وظهور طواحين هوائية ، بلا هواء متناغم! واشخاص يعرفون أنفسهم ؛ ويعرفهم ناس وسطهم ؛ بأنهم انتهازيين، ورغم ذلك يتهمون الآخرين بالانتهازية ؛ ناهينا عن وجود عينات بشرية مبدؤها  الأسمى ؛ إلا جمع الأموال أو نهبها ! وعـن جمعيات  محْورها الفعال ؛ إلا الهرولة وراء النقود أو استرزاقها !! وعـن منظمات  شعارها البراق ؛ أخـذ  الفلوس أو استجلابها ! ففيروس " كورونا" أظهر أقبح وأفظع ما فينا. دونما مراعاة للوضعية الكارثية التي يتخبط فيها الأفراد والدولة ! كل هذا ؛ يبدو طبيعيا ويساهم بشكل أو آخـرفي تحول العتبة ؛ واستبدال الحسابات والاستراتيجيات التي انتهجها منظور الاحتراز والمقاومة ضد الوباء بحكم أن أية كارثة بيئية / طبيعية / وبائية / تظهر عند العديد من البشر أزمات وإشكالات وأنماط  من الممارسات الفوضوية والجانحة واللاقانونية وصور سلبية إلى حـد ما قـاتلة لروح الإنسانية والتضامن والتآزر. لأن شواهد التاريخ تذكي ذلك أمام بعض الأوبئة التي انتشرت على نطاق واسع، بحيث : غيّرت جانبًا من اتجاهاتهم القِيمية، وأثارت لديهم العديد من الأسئلة الوجودية التي لا إجابات لها، بل وتركت في بعض الحالات تأثيرات على التركيبة النفسية لأجيال كاملة، والتي وإن استطاعت النجاة البدنية من الوباء، فإنها لم تتعافَ من آثاره النفسية والاجتماعية (8) ولكن ما ليس طبيعيا بعيدا عن آثار النفسية والاجتماعية ؛ هو معاكسة طبيعة الوجود؛ بوهم اللاموجود الكامن في ذهنية المخالفين للزمن الطبيعي/ الرباني؛ وذلك من أجل إثبات التميز على البشر ولو من قبيل الوهم والتوهم؛ اعتقادا أن الآخر يعيش وهم وجوده ؛ الخارج عن واقعية وجوده؛ وهذا ما يعيشه من كان يدافع عن خليط وهجانة قيل عنها(الإحتفالية) والتي انقضى نحْبها ؛ بعْـد الهرولة نحو [(الاحتراف)] من أجل الريع والدعم المادي الصرف؛ بدل البحث عن الدعم الإبداعي الحق . ولكن بعـد غيبة صاحبنا "ع الكريم برشيد " عن الخرجات الإعلامية والتصريحات المتكررة بلغتها السلفية التي هي رصيد ما تبقى من ( اهتبالية) [ القول] لترسيخ ( احتفالية ) [ الوهم ] لأسباب معروفة ؛ ذات ارتباط بالأبواب التي وصلت لتلك المدركات اللاشعورية التي يتحرك فيها صاحبنا. وها هو اليوم – مشكـورا- يهدينا بابا من زمن كورونا . باب ليس ككل الأبواب ؛ لأنه حصيلة ثمرة الوضع الفيروسي ؛ وضع حاولنا جهد المستطاع أن نكشفه هاهنا ؛ كما كشفه وناقشه العديد ممن سايروا وتعايشوا لحد (الآن) مع إيقاع الزمن الكوروني بموضوعية ؛ بعيدا عن الذاتية وخلفية التفرد المرضي. وبالتالي فهل كل ما وقع وسيقع في العالم جراء "احتفالية كورونا" هل يمكن أن نضعه بين قوسين فقط ؛ إرضاء لأفكار لم تعُـد منتجة ؛ وإن كانت في زمانها تنتج إلا وهمـا؛ ومن خلالها نجد صاحبنا: وهكذا هو الإنسان اليوم، فرض عليه أن يدخل بيته ، وفرض عليه أن يعوض عاداته الحقيقية بعادات ظرفية طارئة، ووجد نفسه، وهو الكائن الحالم والشاعر والاجتماعي، يعيش كابوسا مزعجا، فهل يؤمن بهذا الكابوس المزعج أم يكفر به؟ هل يرسمه، ويعطيه المشروعية، أم يواجهه ويقاومه ويحاربه، وذلك حتى يستعيد حقيقته المصادرة، وحتى يحرر حياته اليومية الممنوعة والمقموعة؟(9) هـذا مجرد كلام يتعـنترويتفرعن به لغويا / بلاغيا وليس ميدانيا وعمليا أو غاضبا مع الغاضبين؟ ربما نسيت بأنه ( منظر) والمنظر دائما يتساءل ويهندس و يحرض فقط . من برجه عاجي؛ بعيدا عن الجموع والأسواق الشعبية..... وبعيدا عن فهم سيكولوجية الأوبئة التي تُخفي اتجاهات وتحيزات لا منطقية أي: في الأزمات تأخذ اللاعقلانية بزمام الأمور، ويدفع الخوف والقلق والارتياب الفرد نحو سلوكيات متناقضة غير منطقية تشبه في بعض الأحيان مطاردة الساحرات، ويستعيد الفرد نمطًا أشبه بالحياة البدائية غير المتحضرة التي تحركها المشاعر والاحتياجات البدائية حتى تسيطر على الفرد تماما (10).


                                                                                          يــــتـــبــع

الإحـــــالات :
1) انظر لجداريتنا ولنتأمل في تعليقات وردود الإخوة بتاريخ - 18/06/2020
2) عهد الريع والريح السريع ولى22تيلكيل عربي من  10إلى  16أبريل 2020 الفقير ص 22المهدي
3) النساء في زمن "كورونا / لمهند عبد الحميد- دنيا الوطن  في   2020-04-15 ..
4) هيئات نسائية تدق ناقوس الخطر...جريدة بيان اليوم بقلم فنن العفاني  ع/9017- بتاريخ 5/06/2020
5) الفلسفة في مواجهة كورونا!!  جريدة المساء المغربية ع: 4156 في 6/04/2020 
6) نــــــفـــــســــه.
7)  تاريخ الأوبئة والمجاعات في بالمغرب في ق 18/19 لمحمد أمين البزاز ص 63/ كلية الآداب 
     والعلوم  الإنسانية – الرباط/1992
8) ماذا يحدث للمجتمعات عند تعرّضها لوباء مفاجئ؟ لهالة الحفناوي في مجلة المستقبل للأبحاث
    وللدراسات المتقدمة   بتاريخ 17/03/2020
9) عــزلة المسرح في زمن كورونا (10) ملف إعلام الهيئة العربية للمسرح في– 08/06/2020   
10) ماذا يحدث للمجتمعات عند تعرّضها لوباء مفاجئ؟ لهالة الحفناوي في مجلة المستقبل للأبحاث
      وللدراسات المتقدمة  بتاريخ 17/03/2020





13
سفاهــة الخطاب السينمائي !!
                                                                                         
نــجيـب طــلال

حـالة طارئـة :
حقيقـة وأن كان وباء " كورونا" حالة طارئة ولم تكن متوقعة في أغلب الأقطار والدول التي حط رحاله فيها ؛ وعبث فيها فسادا وفوضى . مما فرض نظاما احترازيا، يتمثل في الحجر الطبي/ الصحي ؛ فكانت الحالة الطارئة ولازالت  لها منافع متعددة ؛ بالنسبة للعديد من العباد فارضة علينا إما طواعية أو كرها منطقها؛ لأن الوضع كارثي عالميا؛ وبالتالي فمسألة التكيف مع الوضع العام تفرض نفسها وبكل تلقائية, لنمارس تعديلا في أسلوب حياتنا ، ومحاولة خلق وابتكار أنماط معايشة بديلة حتى لا نصاب بالاكتئاب أو بالروتين القاتل ؛ فكانت العودة لممارسة لحظات التأمل المنتج؛ المقرون بالمطالعة والقراءة... وبالتالي فشخصيا أتيح لي الحجر الصحي؛ أن أنتبه للأفلام المغربية لمشاهدتها ؛ وخاصة حينما أباح المركز السينمائي المغربي؛ تقديم جملة من الأفلام السينمائية؛ غير متاحة لحد ما للمشاهدة إلا في ( المركبات السينمائية) التي تم تعويضها ؛ بالقاعات التي  تهدمت  في جل  ربوع الوطن وتحولت إلى مشاريع عقارية / تجارية / سياحية (؟؟)
وبناء عليه ؛ فـمشاهـدة جملة من الأفلام ؛ جاءت بشكل تلقائي وغير محسوبة في البدء. كتنويع في البرمجة اليومية بين الجدران الأربع . ولكن يبدو أن التلقائية ، كثيرا ما تعطي أكلها. بحيث تمت محاولة إحياء تواصل مع نوع فني / إبداعي (مغربي) قاطعته منذ زمان . نظرا لتفاهة ورداءة العـديد من الأفلام التي شاهدناها في مهرجانات وتظاهرات أو في قاعات خاصة أو التلفزة أو الأشرطة المقرصنة في (ِcd) والتي لاعلاقة لها بسحرية الفن السينمائي تركيبا وإخراجا وتشخيصا؛ ولا بنكهته الخاصة. وفي نفس اللحظة ، ربما كـتعويض عن العروض المسرحية ؛ وتنويع في صناعة الأحداث اليومية .
إذن لاحظت بين كل شريط وآخر؛ بأن السينما المغربية مازالت تبحث عن ذاتها. وعن جمهور متشوق للجديد .فرغم الكم الهائل من الإنتاجات لم تقفز قفزة نوعية ؛ لكي تستطيع أن تصل إلى ما يريده الفن السابع حقيقة ؛ بحيث لازالت السينما المغربية تحتاج لسنوات وعقود للتمكن من ثقافة سينمائية بمفهومها التقني والفني والفكري ؛ وتوظيف مهارات متعددة الاختصاصات من حيث الفنية والحرفية. بحكم أن الفيلم كإنتاج نهائي . في الأصل هو محصلة بنية مجموعة من العناصر التي تتبلور بشكل متداخل ومكمل بعضه لبعض .طبيعي أنه تقع بعض الهفوات أثناء الإنجاز أو تنسى بعض الأمور. ولكن  انفلات عنصر ما أو انوجاد خلل فادح فيه ؛ فالشريط السينمائي لامحالة سيفشل جماليا / إبداعيا. فمثلا شريط ( جوهرة بنت الحبس) إخراج سعد الشرايبي سنة (2003) أو (طيف نزار) إخراج كمال كمال(2002) حوارات تسبق الشخصيات في حركتها أوخطابها أو تحريك شفاهها؛ والعكس كذلك؟ أما مسألة المؤثرات الصوتية والموسيقية فلا مناقشة؛ فأين الهندسة الصوتية وأين هو الميكساج (mixage audio)؟
وبالتالي فالإشكالية أساسا تتحدد : في بلد كالمغرب لا يمكننا أن نتحدث عن صناعة سينمائية، ونحن لا نملك سينما وطنية أولا. فخلق صناعة سينمائية لا يمكن أن يتأتى إلا بخلق سينما وطنية، سينما تعكس حقائق وأوجه المغرب، وعبرها ينجذب الجمهور المغربي إلى سينماه، ويحتاج إلى كم إنتاجي أكبر، ومن تم نصير بحاجة إلى إيجاد يد عاملة لذلك، وبعدها فقط، يمكننا أن نهيئ لتكون لدينا صناعة... لدينا نماذج قليلة، وأعتقد أنه في المغرب يتم إنتاج أفلام «باش ما عطا الله»، لدينا سينما كما لدينا أعمال تندرج في خانة «اللا سينما»(1) بحيث هذا التصريح ؛ يفرض تساؤلا جوهريا؛ مفاده: ما أهمية صندوق الدعم ؟
حـــــالة لازمـــة :
في عام 1980 بداهة تم إحداث صندوق دعم الإنتاج السينمائي، وذلك من أجل  تطوير السينما المغربية . فمن باب المنطق ومنطق ثقافة السوق كان بالإمكان أن تكون – سينمانا- في مقدمة المنافسين عربيا/ أوروبيا، لكن واقع الحال يؤكد مبدئيا بأن الأفلام المغربية غير قادرة على التمويل الذاتي ؛ لأسباب تعود لغياب شركات استثمارية حقيقية في المجال ؛مقابل هذا فجُل الأفلام مع بعض الاستثناءات- (النادرة) لم تستطع خلق قدرة تنافسية؛ ناهينا عن شبه غياب لسوق داخلية قوية؛ والمتمثلة في القاعات السينمائية التي تهدمت لأسباب( مجهولة) وبالتالي: هنالك حديث في الكواليس عن فساد في تركيبات لجان الدعم المتتالية، الأمر الذي يستمر رغم توالي اللجان وتغيير الأسماء المكونة لها، إذ هنالك من يكُون عضوا في اللجنة ولا يعرف ميكانيزمات اشتغالها فيما البعض الآخر يُمررُون الدعم في ظروف غامضة وتوضع عليها كثير من علامات الاستفهام(2)فقضية لجن الدعم ؛ معضلة المعضلات في المجال الفني ببلادنا؛ حتى أن هنالك كتابات ورسائل حول هذا الموضوع ؛ وأقوى الرسائل التي أرسلها ونشرها الفنان المسرحي/ السينمائي- نبيل لحلو (3) فمن زاوية ضمنية؛ فتلك اللجن بمثابة رقيب مرن لما يريده المنتج (الإدارات العمومية ) من هنا فالأفلام المدعمة ( هي) تحت الطلب لتلبية رغبة . وبين الرغبة والدعم :  فالمركز تحول إلى "خيرية" للسماسرة والمبتزين ومستغلي المال العام وكأنه ملك خاص. فبعد إقصاء المخرجين الموهوبين الذين بوسعهم أن يسموا بالذوق العام ويرفعوا من ثقافة المشاهدين، فُتح المجال أمام مخرجين، منهم من تخلى عن ضميره وتنكر لذاته فعلا وممارسة بكل وعي ومنهم من لا ضمير له لأنه لا ثقافة له، وجلس هؤلاء على طاولة "البغاء" لإخراج أفلام كأس وغانية ليتحول الفن السابع من "ينبوع أخلاق" إلى "دعارة سينمائية" لتستهدف الثوابت الدينية بالأساس. واخطر من هذا، فنفس المخرجين من آباء وأفراد العائلة الواحدة، راحوا يؤسسون ويعبدون الطريق لأبنائهم وإخوتهم وأخواتهم ليستغلوا نفوذهم لنهب ما تبقى من الثمار(4) وفي ظل هاته الحقيقة التي تتحرك في كواليس السينما المغربية . فالمنتج/ المخرج لا يرى في السينما إلا صورتها التجارية فقط، مما تعيش بشكل أو آخر فوضى عارمة وبيع وشراء؛ وتكسير أجنحة من يحاول الخروج عن السرب مما تزداد صراعات متعددة بين عدة أطراف؛ نتيجة عوامل المحسوبية والزبونية وتشكيل اللوبيات ؛ مع انوجاد عدة تغراث في بعض القوانين الناظمة للمهنة وللعلاقات التعاقدية بين مختلف مشغلي القطاع ؛ وحتى أكون محايدا في الموضوع ؛وأتعامل معه كما أراه وكما سمعت وقرأت؛ فهناك فيلم (دلاص)(5) يعري واقع الفن السابع ويدين ويطعن في السينما والسينمائيين بشكل علني وإن كان ( فنيا) من خلال هذا الحوار بين  دلاص ( مخرج) والسيناريو و( حليمة) مديرة أعمال المخرج.
دلاص: سيناريو... سيناريو... كل من كتب كلمات يعتبره سيناريو.. ليس هناك فكر؛ ليس هناك خيال
حليمة : مــعــك الحق.
دلاص: الكل أراد أن يصبح سينمائيا... من حمل كاميرا يقول أنا مخرج... من له بعض النقود يريد أن يقوم بالإنتاج... الكل يقفز من النافذة
حليمة : تعرف البشر... إنهم وصوليون.
هنا نستشف صورة قاتمة للمشهد السينمائي ووضعه المستباح ! وإن حاول بعض النقاد الإشادة بالفيلم ؛لأنه في نظرهم يسلط الضوء على الانتهازيين والمتطفلين من المنتجين الذين لا رؤية لهم في تطوير الفن السابع بقدرما تهمهم مصالحهم الشخصية / التجارية.
لنقبل تفسيرهم ؛ وإن كان الفيلم ؛ يضرب نفسه بنفسه .ولا داعي لتشريح تكوين ومهنية المشاركين فيه .والذي يفرض سؤالا : فالذين أشادوا بالشريط ،هل فعلا هم نقاد سينما حقيقيون أم متطاولون أم هواة؟ يبقى السؤال مطروحا رغم وجود[ جمعية نقاد السينما] لماذا ؟ لأن ما كتب ويكتب عن الأفلام المغربية ؛ هي محاولات تحاول أن تحايث الممارسة النقدية السينمائية فقط، ولم تحاول خلخلة أو اختراق الدلالات الرمزية لخطاب الصورة وخطاب اللغة ؛ وأبعد من هذا الخطاب السياسي الكامن بين ثنايا الخطابين البصري/ السمعي ؛ والسبب يعود أساسا: أن النقاد السينمائيين المغاربة لم يحرصوا حرصا شديدا على ربط النقد السينمائي بسياقه الفني الذي يضمن له خصوصيته واستقلاله، فبدت تحديداتهم أقرب ما تكون إلى النقد.... الأدبي مثلما تقترب من النقد المسرحي أو أي لون آخر من ألوان نقد الفنون، مع العلم أن السينما  فن مركب ومعقد له قواعده النوعية التي تجعله مختلفا عن بقية الفنون الأخرى، وبالتالي فإن أي حديث عن النقد السينمائي ينبغي أن يضع هذا الشرط في اعتباره (6)
ففي تقديري أصعب الشروط ، يتمثل في سؤال الإبداع بين النضج السينمائي والتطور الجمالي والمعرفي. الذي يطرح نفسه بحدة في مجال السينما المغربية :التي هي موضوعنا (الآن) وتلك أكبر جدلية يمكن أن تناقش في سياق أي فيلم (ما) لأن مفاهيم إنتاجه تطورت بشكل ملفت للنظر؛ ليصبح ورشة إنتاجية للإبداع ؛ لكي يستمتع مشاهد الفيلم بصناعة فنية ذات جودة في المبنى والمعنى؛ وإن كانت الأذواق تختلف؛ ولكن في الحد الأدنى يحدث التوافق والتلاؤم أو يترك المشاهد يتساءل ويفكر في ملامح وجوده المجتمعي ؛ إن كان الفيلم يلامس الواقع الإجتماعي/ السياسي/ الفني/ بشكل محبوك وأسلوب فيه  مهارات تقنية وفنية ؛ تكشف عن خوالج وحركيته دواخل الإنسان بجميع تفاصيله في إطار فني/ إحيائي. ففي العديد من الأفلام التي شاهدتها زمنية – الحجر الصحي- ولا زال ساري المفعول. لم أقبض على روحانية الإبداع الكامن بين خطاب الصورة وخطاب اللغة. وذلك لغياب الرؤية الفكرية و الحمولة الثقافية في الفن السينمائي ؛ وهذا نتيجة :أن الأفلام المغربية في غالبيتها ترفيهية وبميزانيات ضعيفة ومخرجوها ليسوا مؤهلين، نظرا لضعف تكوينهم أو انعدامه، للمغامرة في أعمال تفوق حجمهم الثقافي والمهني (7) وبالتالي  إذا أخذنا مرة أخرى فيلم ( دلاس) كاستشهاد خارج شهادتي؛ وخاصة ذاك المشهد الحواري والذي تكسره شهوانية الهواري (مخرج) والمستوري (منتج) انتهازي الذي التجأ لغير الكفاءة ؛ ومثاله في الكفاءة ( الأوربيون)؟
المستوري: هل تريد أن أكذب عليك...في الأول فكرت أن أجلب مخرجا من أوروبا؛ على الأقل هم يعرفون عملهم ويتقنونه جيدا.. فمن أين يمكن أن أشتري ساعة؟ هل من درب غلف أو من القريعة ؟ بالعكس سأشتريها من سويسرا طبعا...لكن زوجتي شاهدت أحد افلامك الذي هو...
دلاص: فيلم le soleil de lanuit 
المستوري:  نعم .. le soleil de lanuit لها ذوق لهذا السبب أثق فيها.. ولهذا لابأس أن نحرك الممثلين والفنانين ليشتغـلوا؛ حتى لا يبق المخرجون بدون عمل؛ يجلسون في المقاهي؛ ويشربون الخمور في الحانات...أنت بنفسك لم تشتغل منذ مـــدة...أليس كذلك ؟
دلاص: أنا لا أريد أن أعمل مع قرد مثلك...وجهك مثل الجزار- دين أمك – أنت منتج – اتفـو- لن تساوي بصلة...لا يشرفني أن أعمل معك – الله يلعن دين أمك – تريد أن اضع اسمي أمام اسمك – اتفو- من الأفضل أن أبيع الذرة ...وألا أتعامل معـك – الله يلعن طاسيلت أمك- – اتفو- دين أمِّكم ...أصبحتم مثل الباطرونا...هذه أحسن من - دين أمك – (يخطف الواصفة) هيا تعالى وابحث عنها - الله يلعن دين أمك -– فهذا المقطع يحمل تأويلات وقراءات متعددة بين محمول الصورة واللغة التهكمية/الساقطة التي عبر عنها ( المخرج) ولكن كلها تتقاطع في :
النقطة الأولى - أن : هنالك نسبة كبيرة من الحقيقة في الخطاب الذي يرى أن السينما المغربية حاليا قد تراجعت نسبيا من حيث الجودة الفنية وأن أغلب الأفلام المنتجة حديثا أصبحت تحمل طابعا تلفزيونيا بحيث أصبح المهرجان الوطني للفيلم وكأنه مهرجان للأفلام التلفزيونية حيث تنتفي اللمسة الفنية والرؤية الفكرية للمخرج، لنجد أنفسنا أمام "أفلام" مسطحة لا طعم لها ولا لون، ولا هي تنتمي لنوع من السينما التجارية التي تحترم نفسها وجمهورها ولا هي بسينما المؤلف حيث تحضر شخصية المخرج ورؤيته، وكأننا بهم كما حدث للغراب الذي....(8) هذا لم يضعه أغلبية نقاد السينما في الحسبان؛ وكذا غياب نوع من الهجمة الفكرية والثقافية( نقديا) تجاه محمول خطاب الصورة التي تكشف التدني الفكري للمنتج/ المخرج. والذي بمثابة نموذج صارخ لما يسود في كواليس ودهاليز السينما؛ إذ الملاحظ أن أغلبية النقاد في عدة محطات تمارس هجوما شبه منظم تجاه فيلم (ما) وتشيد بآخر؛ متمركزة على الجانب التقني للصورة؛ وتشخيص ( الممثل) رغم أن كلاهما في خندق واحد من [ اللاسينما ] فما الفرق بين ( دلاس / حجاب الحب/حياة/ يا خيل الله / ملاك/ كازانيغرا / ماروك / زيرو/ حجاب الحب/سرير الأسرار /المنسيون /.../ مما لا شك فيه أن المخرجين المغاربة تبنوا سينما العولمة وانجرفوا وراء موجة شرسة من أفلام الشذوذ واللواط والكلام السافل الذي يبعث على القيء وقصفونا بإباحيتها وسطحيتها وتكرارها وأسلوبها المترهل (لحظة ظلام) أو أفلام الدعارة أو السحاق( ...)دون أن يفهموا مهمة توظيف الفن الراقي للجنس في السينما الذي يقدم رسالة إنسانية ومع ذلك يحاولون تقديم مبررات عن شللهم الفكري بمزاجية وغرور وزغاريد رنانة من صنف ضرورة كسر الطابوهات (9)
النقطة الثانية : إذ تأملنا هذا الحوار في فيلم ( في انتظاربازوليني/ إخراج : داود أولاد السيد/سنة2007)
علال: الله يهديك يا فقيه ؛ لا يحق لك أن تقول مثل هذا الكلام .                                         
التهامي: نسيتم الخير بسرعة....نسيتم لحظة حضوربازوليني..لقد اشتغلتم جميعا. أنت يا- باسو- كم استفدت منه ؟ وأنت يا علال...فكم من واحد تزوج بأموال بازوليني ؟ كم من واحد أكل وشرب؟...أنا إن لم يكن بازوليني لن أستطيع شراء ذاك المنزل... نسيتم كل شيء ؟
علال: أخي التهامي؛ أنا شخصيا لم أقل شيئا .
وربطناه بالحوار السابق حول الكفاءة ( الأوربيون)؟ فالآمر ليس فيه كفاءة بل تبعية السينما للغرب بشكل مباشر؛ وما هو غير مباشر ولم أفهم مقاصده بشكل جيد؛ أغلب الأفلام التي شاهدتها وجدت ب((دعم الصندوق الفرانكفوني ))؟ ولكن تساءلت هل لترسيخ الأفلام المهجنة باللغة الفرنسية وما أكثرها؛ أم تمجيدا لخدمات المارشال ( الليوطي) أم نزوة مظهرية ؟ فالنقاد لم يثيروا هاته القضية؛ ومدى ارتباطها بالسينما .لأن النقد أساسا لا يقتصر على الجوانب التقنية وحركية الممثلين  فقط. بل  يشمل كذلك التوجه السينمائي والكواليس المحيطة بالفيلم دعما/ إنتاجا/ مساهمات/ والهدف إيصال الرسائل الصريحة والضمنية التي يحملها فيلم ( ما ) والصور والأفكار التي تعرض على المشاهد . من هنا نلاحظ  بأن أغلب النشطاء السينمائيين تنعدم فيهم الجرأة والشجاعة الفكرية والأدبية للجهر بالحقائق بعيدا عن إغراءات و"الأظرفة" والاستدعاء للمهرجانات. وإن كانت هنالك أصوات تدافع عن قيم و تطالب: أن يكون النقد السينمائي ،نقيضا للنقد البرجوازي المثالي الانحطاطي البؤسوي الذي يرى استقلالية الإبداع السينمائي والثقافي عن الواقع الموضوعي بينما نرى هذا الفن من خلال جذوره الفعلية الحيوية الناتج من الوجود الاجتماعي. (10)فمثل هاته الأصوات محاصرة وممنوعة من الاقتراب لمناطق الفن السابع ! وبالتالي فسفاهــة الخطاب السينمائي  في تقديري !! لم تأت من فراغ ؛ فهي تركيبة فكر مسطح لأغلب السينمائيين التابعين لأصحاب الرغبة ؛ فكيف يا ترى نفسر عقلية وسلوك من دافع على فيلم- كازانيغرا- والبعض أشاد بشريط- حياة – و- إطار الليل- والأخر رشح- سرير الأسرار- والأخرون نوهوا بفيلم – المنسيون – و- حجاب الحب -.... وكيف حصل فيلم( زيرو) على خمس جوائز من ضمنها الجائزة الكبرى للدورة 14 للمهرجان الوطني للفيلم بطنجة ؟ وجائزة أحسن سيناريو- ملاك وخطابه اللغوي كله سفاهة وقلة مروءة ؛ لا ينكر أحد بأن الألفاظ السوقية والساقطة؛ متداولة ويسمعها هذا وذاك في بعض الفضاءات والأزقة.وإن كان البعض يعلل لإنتاجه الفيلمي أنه مرتبط  بمواضيع بالشارع. لا خلاف بأن الواقع هو المصدر الأساس لفنون القول والأداء ؛ فحتى السجون من المنظور العام؛ و التي تعد بؤرا لمجموع من المجرمين والسفلة تمارس توظيف وإنتاج  لغة ساقطة ؛ سافلة وتدويل خطاب منحط وسافه بين النزلاء. ففي الأغلب الأعم ؛ هنالك حدود تفرض الاحترام ومحاولة الانضباط أثناء التخاطب بلباقة وأدب بين  حراس السجون و السجناء. وبالتالي فما دور الفن إن لم يحاول محاربة السلبيات والشائبات العالقة في مجتمعنا؛ ومحاولة ترشيح وتصفية المفاهيم المغرضة والتي تزيد من تعميق أزمة الوعي وإشباع جذور التفاهة...؟ وبعـيدا عن الاستهتار بعقليات المشاهدين وقريبا لمنظور جمالي راق ومساهم في تربية الذوق رغم اختلافه. لكن المعضلة: الأفلام المغربية في واقعها الحالي، مثل قطع القوت النتنة نتذوق طعمها في الفم عن طريق الخطأ ونتقيؤها بمرارة لتوها وتخلق لنا حالة من الاشمئزاز. إنها إباحية في شكلها، وفارغة في محتواها، ومريضة في لغتها، تريد أن تعلم أجيال اليوم الكلام الساقط وهز البطن وتحاول نشر العاميات التي تشل قوة التفكير وتقتل كل القيم في المجتمع(11) فمثل هذا الطرح يتقارب مع أحد المبدعين الذين علقوا على سؤالنا بالقول التالي[[ شاهدته و تتبعته، لغة مبتذلة، لكنها بعيدة عن اللغة السينمائية، السينما صورة و فكرة ثم كلام، ركزوا على الكلام الساقط و غابت الرؤية الجمالية و الفنية، كأنه كان متعمدا او اتجاها لإقحام الكلام الساقط (12) فكلا الموقفين عند بعـض السينمائيين غير مقبول؛ والبعض الآخر ينعت هؤلاء بأن لديهم مشكل مع الحريات بصفة عامة؛ والأغرب أن هنالك من يجعلهم عدميين: لأن الناس ينتقدون الفيلم وهم لا يدرون حتى لماذا ينتقدونه ، يتألمون لأنهم يتماهون مع الشخوص ويرون أنفسهم في أسوء صورة فيهم - قد يكونون يهربون منها أو يتناسونها- ، إذ أنهم يوهمون أنفسهم أن كل شيء في حياتهم جميل ولا داعي للتذمر أو الشكوى، وحينما تأتي أنت وتزعزع هذا اليقين يكون رد فعلهم عنيفا ورافضا لرؤية حقيقـة ما هـم عليه (13) ففي هذا السياق نتساءل هل هناك  مخرج ( ما) أو ناقد سينمائي ( ما) استطاع أن يوزع استمارات على الناس؛ دونما تحديد عينات.أو وظف وسائل التواصل الإجتماعي ليعرف ردود أفعال الجمهور. بعيدا عن المعيارية وتأطير أصحاب الآراء في السلفيين/ المتزمتين/ اللاحداثيين/ عدميين/.../
و من هذا المنطلق تراني سأحاول أن أحيل البعض عن جداريتي ؛ التي طرحت فيها هذا السؤال ((لماذا يوظف السينمائيون المغاربة ،اللغة الساقطة ،وخطاب السفالة ؟))(14) فالتعليقات والردود هي لأغلب المبدعين والفنانين والباحثين؛ ومن أجمل التعليقات ندرجها حرفيا [هؤلاء الذين يستعملون الكلام النابي والساقط ؛ إنما هم متسلطون على السينما لأسباب عدة منها مثلا :أولا : غياب رقابة تحترم نفسها ولها من المعرفة والثقافة ما يجعلها تقوم الاعوجاج حيث كان ؛ لحرصها على النشء ؛ ولهذا فهي لا تتوفر إلا على الضوء الاخضر لتستبيح كل ما من شأنه يذر الدراهم ولو على حساب اخلاق أمة.
ثانيا : تعتبر لغة الحال بحجة أن الواقع المعاش وكأننا لا نعرف ما يكفي ؛ ليخرج علينا السيناريست والمخرج بالجديد الذي يسميانه : " الجرأة " ؛ بينما هي وقاحة وسفالة ناتجتين عن تربيتهما بالمواخير والحانات.
ثالثا : تلك التي رقصت بالبيكيني على الركح وتسميها الحداثة ؛ وآخر مغامراتها اللقطة المشينة والخارجة عن السيطرة لتشبع رغبتها رفقة البسطاوي الابن الصغير.إنها الحداثة والنجومية عبر الكلام الساقط والعري الفاضح الذي لا يمت للفن ولا الأخلاق في شيء.
هل مثل هؤلاء المتسلطون على الفن يعرفون شيئا عن أخلاقيات الفن ونظرية التلقي لما يؤسس لبناء مجتمع حضاري متزن تسمو روحه بكل ما هو جميل...؟ ثم ما معنى الجمال عند هؤلاء...؟(15) سؤال نتركه للسينمائيين وللنقاد ونكتفي بأنه: تتعدد في الفيلم لغات الخطاب، الصورة نفسها خطاب مليء بالرموز والدلالات، وإذا سلمنا بدور الحوار كلغة تتوسل التعبير بالجمل والكلمات، والكلمة فجرت حروب وغيرت مجرى أحداث تاريخية، فلا يجب إغفال الحركات التي يتم تضمينها بين قوسين أمام الشخصية المتحدثة في نص الحوار، وسواء كانت حركات ايحائية أو توكيدية فلا يجب أن تشرح مبنى الكلام بل  تخلق المعنى وتضيف الجديد  (16) وبناء على ذلك ، فإن توظيف الصورة فنيا وجماليا.  سترسخ في الذاكرة ؛ وتوظيف الخطاب اللغوي المائز والمقبول سيترسخ في الوجدان؛ لكي تحصل السينما  على جمهور عاشق للفن السينمائي؛ بدل النفور منه .
الإحــــالات :

1) حوار مع بلعباس: أفلامنا تنتج « باش ما عطا الله» حاورته فاطمة أبو ناجي  (04-11-2014)
2) مسألة الدعم والطريق المسدود للسينما المغربية افتتاحية مجلة سينفيليا – ع 13 / 2017
3) انظر لرسالة نبيل لحلو: الصايل يكذب على الأمير و يوزع المنح على أصدقائه منشورة في اجيال 
     بريس- بتاريخ 6/ 12/2011
4) حسن بنشليخة: الحديث عن مستقبل زاهر للسينما محض خرافة حاوره محمد لغروس في جريدة
    الإصلاح والتوحيد 05/12/ 2011
5) فيلم – دلاص ﺇﺧﺮاﺝ: محمد علي المجبود (2016) ترجمت الحوارات للغة العربية من اللهجة المغربية ؛ لكي يصل معنى الحوارات
6) سؤال النقد في كتابات نقاد السينما المغاربة - دراسات لبوشعيب الخياطي في عين على السينما 18 /08/2016               
7) نفس الحوار مع :حسن بنشليخة:
8) افتتاحية مجلة - سينفيليا بتاريخ (16-12-2017)
9) نفس الحوار مع :حسن بنشليخة:
10) رسالة من تحت الماء إلى إلهات / فينوسات السينما الأفريقية لمحمد فكاك في الحوار المتمدن-ع: 3438 - 2011 / 7 / 26 -     
11) نفس الحوار مع :حسن بنشليخة:
12) 16مجلة سينفيليا - العدد الأول / ربيع13 20
13) تعليق المسرحي: محمد حيدة مويس - انظر لجداريتنا في الفايس بوك بتاريخ- 11/06/2020-
14) نفســــهـــــا
15) نفســـها تعليق الفنان الموسيقي: ع اللطيف أبطاني
16) الحوار في الفيلم السينمائي بين المبنى والمعنى حكيم يحيى  سينيفيليا (10-09-2014)      





14
الدراما العربية بين النقد والإشهار ( 2)
                         
                                                                                     
نجـيب طــلال
صورة مكشــوفـــة :

حتى نضع القارئ والمهتم المفترض ضمن صورة مكشوفة . لا تأويل لها ؛ فتجزئ هـذا الموضوع ليس نشـوة في الكتابة من أجل الكتابة؛ أو لا شغل لنا إلا هـذا الموضوع. بالعكس فهو الذي فرض نفسه  بشكـل تلقائي عليَّ وعلى الكتابة، ارتباطا بعـدة روافـد أمست بديلـة تحيط الدراما العـربية ؛ وفاعلة في شرايين نبض وجودها؛ لكي تستحوذ على شريحة  واسعة من جمهور المشاهدين ، الذي يعيش بشكل أوآخـرعلى واقع ومنتوج هائل وغـزيرمن الصور والمعلومات، التي ترسلها القنوات الإقليمية والفضائيات المفتوحة ؛ وأمام تحديات العصر والمنافسات الشرسة بين الشركات والمنتجين؛ يختلط الإبداع بالأموال. لتصبح الدراما في أبعْـد تقدير تجارة  يتمظهر فيها البيع والشراء ؛ مما يصبح الفنان/ التقني/ المخرج/ مجرد سلعة  تتحكم فيه شركة الإنتاج/ رأسمال. طبعا أي إنتاج يحتاج لسيولة واعتمادات مالية ؛ لكن في مجال الإبداع لامناص أن يكون المال وسيلة لإنتاج رسالة فنية ؛ جادة وذات جودة في تركيبتها وإنتاجيتها ولها أبعاد مقبولة مجتمعيا وتخيليا ؛ فحتميا سيكون لديها جمهورها الذي يساهم في ترويج المنتوج؛ لكن إشكالية الدراما العربية مع بعض الاستثناءات ( طبعا) تتخبط في الارتجالية والعشوائية ! والإسفاف الفكري ! وغياب الحِـس الفني ! فالعَـديد من الأعمال الدرامية : موسيقاها لاعلاقة لها بالمشاهد؛ وموسيقى تشويقية ((suspenseلاعلاقة لها بالتشويق/ الإثارة ؟ أما الملابس فـَلم تتغير على جلد الشخصية / الممثل/ الممثلة ( أي) بنفس الملابس من الحلقة الأولى إلى أخرها؟ أما تكرار الحوارات بشكل فظيع وممل فلا تسأل عن ذلك؟
والسؤال الجوهري لماذا كانت الدراما العـربية إلى حَـد ما قوية في أواخر السبعينيات وعقد الثمانيات من ( ق.م ) وهنا لا نقصد مصر بالذات بل كذلك لبنان/ العراق/ سوريا /…/ القضية بكل بساطة؛ ليست نتيجة انوجاد محطة تلفزية (وحيدة) أنذاك . بل الأمر يعـود لصدق العطاء؛ والإيمان  بقضية الإبداع . والبحث الجدي والابتكار من لا شيء، مع احترام الفنان لوضعه الاعتباري. بخلاف الآن  فالإمكانيات متوفرة مع تعدد الشركات و المحطات. مما  يفرض هـذا تنافسية نحو الجودة وكسب ثقة المشاهد؛ لكن الرياح أمست جنوبية ؛ تنتج هواء جافا ؛ خانقا ؛ في إنتاج [ دراما ] يغلب عليها طابع  الاستعجال والارتجال وعدم التركيز ؛ مما يتم إنتاج أخطاء مهنية وثقافية جـد فادحة مثلا في مسلسل ( سوق الحرير/ سوري)[... وقع طاقم العمل في خطأ كبير، حيث بدأ المسلسل بعبارة "دمشق صيف 1945" مع ظهور بوستر فيلم "فاطمة" لأم كلثوم، والذي تمّ عرضه في 15 ديسمبر عام 1947](1) أو في مسلسل (محمد علي رود/ كـويتي) [ عندما ظهرت إحدى ممثلاته في أحد المشاهد وهي تدعو الله قائلة: "يا من أنْـجـيت يوسف من بطن الحوت هذا الخطأ كشف جهل القائمين على العمل بأمور تبدو "معلومة بالضرورة" لمن يقرؤون أبجديات دينهم، وهوما أثار موجة استياء على مواقع التواصل.] (2) أليست هاته الأخطاء الفادحة وغيرها كثير والتي أثارت حفيظة المشاهدين. تعتبر مهزلة المهازل للدراما العربية ؛ والأفظع أن تلفزيون الكويتي قدّم اعتذاره للمتتبعين عن هذا الخطأ ، وأحال المسؤولين عن مراجعة العمل قبل عرضه إلى التحقيق.
إذن فهـذا الانحدار والانحطاط الدرامي؛ طبيعي أن  يحدث أمام التهافت والركض وراء الغنيمة بطرق ملتوية؛ هنا: فمسألة الاستقطاب لا يدخل فيها الموضوع المطروح فحسب، بل والصورة والأداء والفكرة والطرافة والموسيقى.... إنه عمل فريق كامل بداية من السيناريست وكاتب الحوار إلى الموسيقيين والتقنيين والمصورين والممثلين وصولا إلى المخرج، ثم المنتجين وطرق تسويقهم للعمل(3) كيف سيحقق كل هذا والمنتجين يعتمدون ويركزون (الآن) على وجوه رخيصة الثمن وسيناريوهات من لدن أسماء لا دربة له ولا دراية بماهية مفهوم الدراما ؛ فكيف لا يمكن أن نرى مسلسلا متهلهلا دراميا ؛ لامعنى له و فائدة مرجوة من الفكرة / القصة ؛ وصاحبته ممثلة مبتدئة تطاولت على كتابة سيناريو وشخصت فيه وأخرجته كذلك ؟ أومن لدن كاتب (سيناريو) اسمه هنا وفكرته هناك وممثل في مسلسل ومدير إنتاج في آخر... وهناك جماعة تقوف خمسة أفراد كتبوا سيناريو لمسلسل ؟ مشاركة بعض الممثلين في أكثر من مسلسل ؟ وهكذا دواليك في إنتاج الدراما العربية ،مما يتبين ليس هنالك قوانين ضابطة وزجرية أمام خلل (مـا ) يشوب تنظيم المهنة سواء من لدن النقابات المهنية ولا من الغرف المهنية ومن المجالس العليا للسمعي البصري؛ بقدرما تفتح طلبات العروض الإنتاجية ؛ وتظل المساومات والمفاوضات الكـولسية سائرة المفعول ؛ عكس التنافسية التي يرسخها وينظمها [ اقتصاد السوق ] حتى أن بعض الشركات الإنتاج سلكت منظور الدعاية القبلية لمنتوجها قبل الموافقة عليه ، وبالتالي فلماذا تـم توظيف الإشهار لدن بعض المخرجين / المنتجين/ الممثلين/ الريجيسورات/التقنيين/ بشكـل  الهستيري هنا وهناك ؟

المشـــهــد الثــاني :

2 //  ارتباطا بالمشهد الأول هل تلك التعليقات والتغريدات عـبر وسائل التواصل الإجتماعي؛ تعتبر نقـدا بديلا للدراما ؟ من البدهي سيكون التضاد والتعارض حول مفهوم النقد؛ وعلاقته بأليات ومنهجية تفكيك الدراما. لكن إذا تفحصنا لأغلب النقود العربية على الدراما العربية ؛ كثير منها يصنف بالنقد الوصفي/ الانطباعي/ السطحي/.../ مثلا [ أشاد الناقد الفني المصري، طارق الشناوي، ببعض الأعمال الفنية التي تعرض في موسم رمضان 2020 وأكد أن موسم هذا العام يشهد تنوعا كبيرا في الأعمال الدرامية..... إن الكثير من الفنانين شهدوا نقلة نوعية وتغيرات في توجههم ..مثل الفنانة نيللي كريم التي انتقلت إلى الكوميديا مع عمل (بـ 100 وش) يحتل المرتبة الثالثة من بين مسلسلات رمضان لهذا العام.أما المرتبة الثانية ...فقد ذهبت لمسلسل "ونجيب تاني ليه"، والذي رأى فيه أن الفنانة ياسمين عبد العزيز تقوم بدور مهم في قضية اجتماعية تحتاج لجرأة خاصة. وفي المرتبة الأولى.. مسلسل "الاختيار". حيث قال: "التوثيق كان رائعا في مسلسل يحمل تاريخا بطوليا جميعنا عشنا تفاصيله".(4) أساسا فهـذا الأخير لم ينته بعد حتى نحكم عليه ؛ ولكن مثل هؤلاء لازالوا في الساحة النقدية . وإن كان  البعض يقرصن ويتلصص على ما يدونه المدونون والمغردون في الوسائط الاتصالية ؛ لينتجوه كخطاب معرفي/ نقدي؛ صادر من قدراتهم وطاقتهم النقدية؛ ولاسيما أن الصحف و المجلات شكلت في السابق محركا فعالا في نقـد الأعمال الدرامية . إلا أن وسائل التواصل الاجتماعي الآن أخذت الصدارة بكل جرأة وبوضوح أكثر؛ مساهمة في دينامية  الترويج و التقييم الأشمل للنقد بين النشطاء وكل منهم ينظر لزاوية أو فكرة معينة من كل عمل؛ رغم اختلاف رؤيتهم من ناشط عادي/ خبير/ مشاهد/ مهتم/ وهذا التنوع والاختلاف في الرؤية والنشاط،  لم يحلل أو يناقش بعد. ولكن من الممكن أن يكون أحَـد الأسباب لنقاد أعلـنوا انسحابهم ؛ أو ربما خفوت صوتهم النقدي في المشهدي  الثقافي/ الإعلامي . بحيث [ يؤكد الناقد السينمائي حمادي كيروم على مواصلته مقاطعة مشاهدة التلفزيون العمومي ، ويرى ألا جدوى في الحديث عن إنتاج تلفزي في الوقت الراهن، لأن كل ما يقدم ما هو في نظره إلا "إلهاء"(....) من جانبه، يقول الناقد السينمائي محمد بنعزيز إنه كتب عـن الكوميديا الرمضانية مقالات كثيرة منذ 2008  وأن ليس لديه ما يضيفه بصدد الإنتاجات الرمضانية لأن الملاحظات لا تؤخذ أصلا بعين الاعتبار....(5) ولكن لماذا الآن تلك  الملاحظات والانتقادات التي قام ويقـوم بها نشطاء منصات التواصل الإجتماعي ؛ تؤخذ بعين الاعتبار؛ ولقد حمى ويُحمى حولها وطيس من الردود والتبريرات؟ بكل تلقائية فتلك الوسائط وفرت أليات وأدوات جديدة و التي يستخدمها الآن ( الجيل العنكبوتي) تعتبر بدون تخريجات أو سفـطسة زائده ؛هي النقد البديل؛ كنسق يدفع عمليا لقطيعة إبستيمولوجية ، لأن العالم الافتراضي ما هو إلا امتداد للعالم الواقعي/ الاجتماعي؛ وبالتالي من ساهم في إحداث سياقات جديدة ؛ وتشكيل الرأي العام .في الربيع العربي سنة2011؟ أليست تفاعلية الوسائط الإجتماعية بين النشطاء والمدونين والشباب بخرجاتهم المثيرة والمؤثرة  ؟

المشهـــد الثالـث :

إذن: شبكات التواصل الاجتماعي؛ أمست ( الآن) سلطة خامسة؛ متجاوزة السلطة الرابعة :. فتجلّت كنظام بإمكانه الاستجابة لاختراق دوائر الصّمت ومنح الأفراد الاجتماعيين حضورا فكريّا وسوسيولوجيّا ، حضور حجبته لوقت طويل أنظمة الإعلام الجماهيري الخطيّة. لكن الجدير بالنّظر في الظاهرة، هوّ أنّ كل الذي يحدث من تفاعل وتـذاوت عبر هذه الشبكات، إنّما يجري بواسطة اللّغة، وهي التي يولّدها واقع الأفراد الاجتماعيين في جدليتهم التواصليّة مع الواقع الذي يعيشونه (6) وبالتالي فتداخل اللغة بالصورة تعطي قـوة بليغة للخلل الذي ورد في مسلسل( ما ) مما تتجاوزأي نقـد مُحتمل إدراجه  في فضاء الإعلام العمومي/ التقليدي. وخاصة ( المكتوب) فعلى سبيل المثال الضجة التي وقعت لمسلسل ( النهاية / مصري ) وممكن أن تصبح أزمة ديبلوماسية بين ( مصر/ إسرائيل) بحيث - أفيخاي أدرعي - يهاجم مسلسل "النهاية" وناشطون يردون عليه بعدما: انتقد المتحدث باسم جيش الاحتلال الإسرائيلي للإعلام العربي، أفيخاي أدرعي، عبر حسابه على تويتر المسلسل المصري "النهاية" ...مسلسل النهاية لا يستحق التعليق.  يتحدثون ويعملون مسلسلات خيالية ونحن نصنع المعجزات يومًا بعد يوم. شاء من شاء وأبى من أبى ستبقى إسرائيل لأبد الآبدين". (7) علما أن هذا التعليق  لقد أنجزه بعد أيام من بيان أصدرته وزارة الخارجية الإسرائيلية، اعترضت فيه على تنبؤ الحلقة الأولى من العمل بـ"زوال إسرائيل". والمثير جدا رغم تصريح الطرف ( الإسرائيلي) فأغلبية المشاهـدين لم يتجاوبوا مع المسلسل لكثرة أخطائه؛ وكذلك لم يتفاعلوا مع مسلسل( أم هارون/ الكويت) وحتى قبيل عرض الحلقة الأولى منه قوبل بجدل على مواقع التواصل الاجتماعي؛ لكن  اشادت به (إسرائيل) وعلق المتحدث بلسان جيش الاحتلال الإسرائيلي قائلا:" : الذي يَغضب من مسلسل أم هارون على سبيل المثال ويخاف من كلمة تطبيع فهو فاقد البوصلة ضعيف الإرادة. بؤساء أنتم والله.(8) في المقابل كما اشرت: لقي المسلسل هجوماً منقطع النظير من المتابعين الذين طالبوا بملاحقة ومحاسبة من أنتج، ومن أخرج، ومن بث ومن مثل فيه، ولم يجرؤ أحد على مدح او الدفاع عن المسلسل، ليأتي الدعم فقط من "إسرائيل" التي وصف المتحدث باسم جيشها المهاجمين للمسلسل بـ "المفسدين... (9) هنا نلاحظ بأن منصات التواصل الإجتماعي؛ بحكم التطور التكنولوجي وثورة الاتصالات أمست  بقوة حضورها سلطة تتحرك في الفضاء الإعلامي؛ ولها كلمتها :مما أطلق عليها: السلطة الخامسة هيّ حينئذ حضور مضاعف لإرادة اجتماعيّة تعمل في فلك المدوّنات والمواقع الاجتماعيّة على إنتاج المعنى وتحقيق التذاوت على نحو متحرّر من الضوابط القانونيّة والأخلاقيّة ( ...) والسّلطة الخامسة، في نهاية الأمرإنما هيّ أسلوب جديد لبناء الواقع الاجتماعي. خارج القوالب الميدياتيكيّة المهيمنة والضوابط المعتمدة في صناعة المعنى(...) من خلال إعادة إنتاج الإيديولوجيا السّائدة في المجتمع، وهي التي كانت تروّج لها الوسائل التقليديّة للإعلام الجماهيري (10)                                                               ربما سيثير قارئ (ما ) بأن الوسائل التقليديّة للإعلام حاضرة لازالت بقوة في المشهد الثقافي/ الدرامي/ الإعلامي/رغم منصات التواصل الإجتماعي . 
مظهريا أكيد ولا خلاف؛ ولكن الاختلاف سيتحدد في حضورها المحتشم الآن ؛ وفي تبعيتها المطلقة ( الآن) للأنظمة العربية ؛ فحتى التي تعلن أنها (مستقلة / حرة/ خاصة ) انكشف قناعها أنها تابعة لجهة
ما أو طابور خامس كما (يُـقال). ولكن المتمعن في القراءة والمتتبع لمحمول تلك الصحف والمواقع ؛بكل بساطة سيكتشف أن حمولتها الإعلامية مأخوذة من مواقع التواصل الاجتماعي. التي هي أساسا متعددة؛ حتى أن بعض المواقع تبث فيديوهات لنشطاء تمارس شغبها النقدي/ الساخر حول الدراما العربية؛ والبعض يترجمها كتابة؛ هي ليست سرقة أو انتحالا؛ بل القضية تندرج في التفاعل التلقائي بين النشطاء.: وجد الصحفي والسياسي والمواطن نفسه أمام مشهد إعلامي غير معدل او حتى مقنن. أصبح الصحفي ورجل الأعمال ورجل السياسة لاعبون رئيسيون جدد في تحديد ملامح البيئة الجديدة للاتصال(...)مجسدا في صحافة شبكات التواصل الاجتماعي والإعلام التفاعلي.لإحراج كبرى التلفزيونات والإذاعات والصحف والمجلات ذات التاريخ العريق أو ذات المال الوفير ( 11 )                                                                   إذن؛ وبالعودة للمسلسل الذي يشير لأول مرة إلى وجود اليهود بالخليج، نلاحظ هاته التغريدة لباسم نعيم القيادي في حركة حماس-  الذي: اعتبر أن مسلسل "أم هارون" ليس فناً تطبيعـياً ، بل هو جريمة تاريخية ، وغسيل أفكار وقيم يحاول الإسرائيليون تمريرها منذ عقود" واصفاً المسلسل بالعدوان الثقافي (10) منشورة في عدة صحف ومواقع إلكترونية؛ بمعنى أن التغريدات والتعاليق التدوينات مستباحة كفعل إعلامي بديل؛ والتي تعبر عن ظاهرة إنسانية غير مشروط بالتعويضات المالية؛ ولا بالهوية الإنتمائية ( طائفيا/ حزبيا/ عشائريا / قطريا) ولا بحقوق الملكية الفكرية  للمدون/ المغرد/ المؤلف . وإن كنا نلاحظ أن السلطات العـربية ؛في الآونة الأخيرة تحاول خنقه أو إسكاته وتكميم أفواه وأنامل النشطاء .بطرق يتداخل فيها القانوني بالعرفي والعرفي بالتحايل؛ بناء أن: الإعلام الجديد ساهم في إعادة تشكيل الأنماط التواصلية التقليدية القديمة القائمة على احتكار النخب السياسية والثقافية لوسائط الإعلام وباقي وسائل التعبير في الفضاء العام واعتماد هرمية انتقال المعلومات من النخب إلى العامة.فلم يعد عالمنا المعاصر منقسما إلى كتلتين متصارعتين من الدول وإنما أصبح بصدد»التسلسل الهرمي « منه إلى فكرة »Net work الشبكة «....والتي عززت من قوة الأفراد والجماعات، بينما قلصت من السلطة التقليدية للدولة (12) وبالتالي فقوة النشطاء فرضت نفسها في السنة الماضية؛ ولكن هاته السنة اكتسحت المشهد العربي؛ وخلقت جدلا خارج الدراما ؛ جدلا تنظيميا/ سياسيا/ فكريا/ تقنيا/ والنموذج الأكثر إثارة ويحتاج لدراسة مفصلة؛ ومفادها قضية الدراما العراقية ؛ و الجدل المثير حول عملين  ( أحلام السنين/ بنـج عـام) والتي نشره موقع ( روسيا اليوم) وتبنته جل الصحف والمواقع العربية : بحيث  بعد عرض مسلسلين (أحلام السنين/ بنج عـام ) في حلقاتها الأولى: استنكرت عشائر عراقية في محافظة البصرة مسلسلا عرض على قناة MBC عراق، تناول الحياة في أهوار جنوب العراق.... وهدد ناشطون إيزيديون بمقاضاة كادر مسلسل (بنج عام) بسبب ماعـدوه "تشويها للقضية الإيزيدية"، على خلفية استخدام الممثل الذي يلعب دور عنصر في داعش، ألفاظا جارحة ضد الإيزيديين.... وفي سياق متصل، استنكرت النائب عن المكون الإيزيدي- فيان دخيل- مشاهد من مسلسل "بنج عام" العراقي... "المسلسل استخدم المأساة الإيزيدية بكل استهتار واستخفاف وعدم شعورٍ بالمسؤولية من أجل تسويق العمل على حساب أرواح وأعراض آلاف الضحايا الايزيديين ومئات الآلاف من أبناء جلدتهم (13) والذي ازداد في حمي الوطيس انضمام - النقابة الفنانين العراقيين - إلى الجدل ودخولها على الخط ؛ بالرد على العشائر والنشطاء الذين تهجموا على المسلسلين بحيث وجهت:  انتقادات شديدة لسياسيين وشيوخ عشائر هاجموا أعمالا فنية عراقية عرضت في شهر رمضان، واعتبرت أن مهاجمة تلك الأعمال تمثل تحريضا على الفنانين.... وأضاف بيان النقابة "حين تخرجُ أصوات نشاز، لتحرّض على فريق عمل مسلسل (بنج عام) والحلقة المتعلّقة بالجريمة التي تعرّض لها أهلنا الإيزيديون، هؤلاء يدوسون على جراح الضحايا، ولا يفهمون أنّ إبراز قبح الجلاّد هو تثبيتُ حقّ الضحيّة في التاريخ"(14) وبهـذا الجدل نلاحظ أن هنالك نشاطا قويا وغريبا في آن لنشطاء التواصل الإجتماعي؛ وردود غير متوقعة من طرف من وجهت له أسهم الفضاء الأزرق والأحمر والأبيض وعـدسات الفيديوهات...والمسألة في عمقها الأساس لا تعـدو مبادرة فردية كما يُعتقد ؛ بل هي جماعية ( des groupes) مما تتم بسرعة البرق انتشارأي خبر أو فكرة ؛ وتتبلور في سياقات متعددة. فعلى سبيل الذكر : على الرغم من الإشادة الواسعة التي حظي بها مسلسل "أولاد آدم" إلا أن الممثل قيس الشيخ نجيب تعرض لانتقادات واسعة، على خلفية تغطيته عينه على طريقة القراصنة. وتساءل كثيرون، هل لا تزال تغطية العين بهذه الطريقة مقبولة في العام 2020 ؟(15) فهاته الملاحظة؛ كانت كالنارعلى الهشيم عربيا؛ منتجة تعليقات متقاربة وتأويلات ساخرة ولاذعة. لأن مواقع التواصل يتبين أن لها قاعـدة مستخدمين عريضة وبشكل لا يمكن تصوره، كما تضم النقيض والأضداد من ضمن الفعل الجمعوي. وهذا نقاش آخر؟

إحـــالات:

1) أخطاء فادحة في الحلقات الأولى من مسلسلات رمضان 2020  سيدتي نيت: دبي - معتز الشافعي   
     في- 01-05-2020
2) أخطاء فادحة وضعت مسلسلات رمضان في مرمى الانتقادات .بقلم أشرف كمال- الخليج أونلاين - 
     05 -05-2020
3) على صنّاع الدراما أن يفهموا: انتهى زمن الجمهور الصامت بقلم محمد ناصر في صحيفة العرب     
     يوم 2020/04/28
4)  ناقد مصري يسمي أفضل 3 مسلسلات رمضانية لهذا العام : صحيفة شروق المصرية في 28/4/2020   
5) الإنتاجات الرمضانية .العادة القديمة : متابعة -  لعبدالرحيم سموكني : ص/20/21 في مجلة -  تيلكيل عربي- ع   
     52  - من  15 إلى 21 ماي 2020
6) الميديا الاجتماعيّة- الأدوات البلاغيّة الجديدة للسلطة الخامسة مدخلة :عبدالله الزين الحيدري/ قطر  ص 97
      المجلة العربية الأوروبية لعلوم الإعلام والاتصال - عدد خاص/2015
7) مصر وإسرائيل  عن مواقع التواصل للجزيرة مباشر في- 3 مايو 2020
8) نـــفــــســـهـــا
9) هجوم جماهيري شرس على مسلسل التطبيع "أم هارون" والمديح يأتي من إسرائيل! صحيــفة إضــاءات- في –
    25-04-2020
10) نفــســــهــــا
11) الإعلام الجديد والربيع العربي :مراجعات بحثية: مداخلة جمال الزرن/ جامعة قطر ص12المجلة العربية
      الأوروبية لعلوم الإعلام والاتصال - عدد خاص/2015
12) دور مواقع التواصل الاجتماعي في تعزيز ديمقراطية الاتصال في اليمن - مداخلة صباح الخيشني / صنعاء،
     اليمن ص110 - المجلة العربية الأوروبية لعلوم الإعلام والاتصال - عدد خاص/2015
13) جدل في العراق بسبب أعمال رمضانية ونقابة الفنانين تُدافع – عن موقع روسيا اليوم (RT) في                      02 /05/2020
14) دراما رمضانية تثير الجدل في العراق.. نقابة الفنانين تدافع وإيزيديون يهددون باللجوء إلى القضاء – عن:  موقع الحرة / خاص – واشنطن في 02 مايو 2020
15) أخطاء فادحة في الحلقات الأولى من مسلسلات رمضان  2020 دبي - معتز الشافعي  مجلة  سيدتي نيت في   
      01-05-2020








15
الإشهار والنقــد البديل للدراما العَـربية !!
                                                   
نجـيب طــلال

خــارج المـشـــهـد :
من الظاهـرة العَـجـيـبة ؛ التي طفـت وبقـوة على المشهد الفـني والثقافي عَـبر ربوع العالم العـربي؛ ولربما لم ينتبه إليها العَـديد من المهتمين بالشأن الإبداعي؛ لأسباب موضوعـية أكثر من الذاتية  ؛ ولكن هنالك نصيب لديهم من ظهور ظاهـرة الإشهار و النقد الذي يتحدد في التعليقات والـردود وبعْض التحْـليلات التي  تـتضمنها وسائل التواصل الإجتماعـي من/ فايس بوك/ تويتر/ أنتسغـرام /.../ هـنا نشير بالقول الصريح: لا يمكن لأحد كـيفما كان نوعه أن يُـصادر حَـق الرأي والتعـبير؛ أو يحجم أو يمنع شغـَب تفكير رواد مواقع التواصل الاجتماعي؛ فحتى السلطات العـربية لاحق لها لسبب وحيد؛ أنها لم تنتج تلك الوسائط؛ ولم تكن ضمن بنود المنع. بحـيث لـمْ ولن تستطيع إيقافها أو حَـتى التشويش عليها.                                                                                                             ففي هذا السياق وبناء على  إنتاج  كـل دولة عربية بعْـضا من المسلسلات الد رامية لشهر رمضان؛ وهاته عادة دأبت عليه الدراما العـربية ؛ يـوم تقوت التلفزة وتشعَّـبت قـنواتها؛ ولكن الإشكالية الكبرى أن أغلب القنوات أمست تتسابق نحـو نسب المشاهـدة ؛ التي يتحكم فـيه “ميتري” والذي  يقدم إحصائيات دقيقة لنسب المشاهدين للقنوات والمحطات. من أجل نيل حصص الأسـد من الاعتمادات ومن استجلاب الشركات والمؤسسات للإستشهارمنتوجاتهم. ولربما بعض القنوات توظف منصات التواصل بطرق مختلفة ؛ كتمويل شباب أو إغـرائهم من لدن وسطاء مجهولين لشركات الإنتاج أو من لدن مخرجي تلك المسلسلات الدرامية ؟ لأنني أتساءل بجدية  من أين تولد هذا النشاط  والحيوية لجل الشباب العَـربي؛ لمتابعة والحكم والتعليق على أعمال الدرامية من خلال حلقة واحدة أو حتى ثلاث ؟ هل سببه الحجر الصحي الذي يعيشه العالم قاطبة سيكون سببا أساس ؟                                                           في تقديري هـذا مبرر ضعيف؛ لأن الوضعية النفسية التي يعـيشها المواطن العربي أمام الحجر تجعله شبه متوترا في بعض الحالات واللحظات ؛ وخائفا من مصير مجهول أمام انتشار أو اندثار الفيروس. هذا لا يعني أنه لن يشاهد ويتفاعل ويستمتع بما هـو معروض على الشاشة .
هَـل نسب المشاهدة سببها شهر الصيام ؟ كذلك مبرر جد ضعيف ؛ لأن الدراما منذ عقود كانت ترتبط إنتاجيتها بشهر رمضان ؛ والمشاهدة من الطبيعي أن تكون قوية بحكم مائدة الإفطار؛ ولم  تكن وسائل التواصل ألاجتماعي مفعلة بالشكل الذي هو عليه هاته السنة ، ولكن لنتأمل ماقاله أحد الفنانين المشاركين في مسلسل( البرنس) [...يريد أن يصبح في الدراما أيضا نمبر وان (أي رقم واحد) ولعل هذا هو سبب تعاونه مع المخرج محمد سامي...خصوصا وأن رمضان قدم عملين دراميين بعده لم يحصلا على ردود فعل ضخمة".هذا هو التحدي بالنسبة لرمضان، أن يكون رقم واحد، وهو تحد صعب في رأيي، لأن المنافسات قوية وهناك نجوم جذب في نفس الدائرة ] (1) فهذا التصريح له ماله في تحـريك منصات التواصل .
ولقد  نـشط رواد وشباب وسائل التواصل الإجتماعـي؛ وتطورت وتنوعت التعليقات والردود والتغريدات  بين المبررة والساخرة والجادة والمستهترة والسخيفة واللامسؤولة ؛ فطبيعي هذا التنوع له علاقة وطيدة بالسلوك وبالتفكير الموازي لسن المُدوِّن/ المبْحر؛ بحَـيث تعليق شاب ذي ربيع عشريني؛ ليس هو تعليق من تجاوز سِـن الثلاثينات أو الأربعينات؛ ولكن المحصلة  هناك نشطاء ومبحرون ومدونون يتفاعلون في الإبان مع معطيات ( الحلقة  )التي شاهَـدوها؛ مستغلين كل الوسائل المتاحة لهم كالفيديو والكاريكاتور ووسائل التواصل الاجتماعي . وهذا الفعـل وتلك الدينامية تحتاج لدراسات  وأبحاث جد معمقة ورصينة – علميا / منهجيا / إجـرائيا  /  إطارها : كيف يفكر ويتفاعل الجيل العنكبوتي أمام الدراما العربية ؟. وبالتالي هاهنا لامناص من طرح تساؤلات أو يمكن أن نعتبرها عتبات للنقاش  والدراسة :
 تــســـاؤلات ومَـــشاهـــد :

مبدئيا هاهنا؛ لست مع هذا المسلسل أو ضد غـيره ؛ بقـدر ما أقوم بشبه استقراء ضمني؛ وبصوت عالي. وبتتابع ؛ بحكم أهمية موضوع القضية المقرونة بمشاهد كيف التقطتها؟ وكيف قرأتها ؟ ولاسيما أن الانتقادات والردود سائرة المفعول في كل موسم رمضاني؛ الذي تنجز فيه إنجازات درامية؛ إلا أن هاته السنة تحركت الانتقادات بقوة؛ وبضربات ضارية عبر تلك المنصات التفاعلية وبالتالي: سألت وتساءلتُ :هَـل الدراما العربية بحكم تعدد القنوات والشركات الإنتاجية؛ وتطور التقنيات والتفنن في صانعة الحيل الفنية والجمالية أمست تعيش إشراقات أو إحباطات أو انحطاطـا؟ لأنني لاحظت عدة نقاط مطروحة هنا وهناك وتحتاج لنقاش جاد ومسؤول:
أولا: وجود جـملة من الأخطاء الفنية والإخراجية ؛ والخلط الفادح بين السخافة والفكاهة والكوميديا رغم أن السياق الدرامي ؟ وكذلك ظهور عـدة مغالطات، سياسية ودينية وتاريخية في أغلب المسلسلات العربية؟
ثانيا: ملامسة أن هنالك صراعا مريرا؛ يصل إلى حد الحسد أو ما شابه ذلك بين مخرجي وأطقم مسلسلات هاته السنة ؛ ويتبين ذلك من خلال الردود والهجوم على طرف واللاهجوم والسكوت والتغاضي على مسلسل آخر ! وكذا من سباق الدعاية للمسلسلات التي اشتعلت بين  القنوات والفضائيات واليوتيوب والفايس بوك. وإطلاق صفحات بأسماء الأعمال على مواقع (السوشيال ميديا) استغلالا لجاذبيتها وجماهيريتها. وما هو ملموس أكثر؛ التهافت نحو الماديات نتيجة انوجاد شركات إنتاج متعددة؛ بدل الإهتمام بروح الإبداع وبجودة العمل الفني. !
ثالثا: يلاحظ تشابه في مجريات بعض الأحداث كالتحرش الجنسي/ القـتل/ الصدف/  وكذا تشابه في توظيف الأمكنة؛ المستشفى/ السجن/ الشركات/ الشرطـة/ التحقيقات/
رابعا: كما أشرت سلفا الانخراط القوي لنشطاء التواصل الإجتماعي؛ في كل الأقطار العربية .و الذين تصدروا المشهد  بدون منازع ؛ عبر ملاحظتهم وتعليقاتهم اليومية تجاه أغلب المسلسلات ؛ وانطلاقا من هاته النقطة نتساءل مرة أخرى:
الــمشهـــد الأول:
1 // هل تلك الردود والتعليقات تعتبر ( نقدا) بديلا؛ عن المقاربات النقدية العالمة والمنهجية ؟ مادام أغلب أهلها استكانوا للصمت؛ وبعْـضهم يكـتب تحْـت الطلب ؛ وبعض البعض بالتعْـويضات المالية (؟) ذلك شأنه ؛ وإن كان هـو ذا الواقع  والملاحظ في المشهد النقدي (العـربي) تجاه ( الدراما) وغيرها . فهناك شباب من الجنسين ومن مختلف الأعمار أغلبه هاجم وعبَّر بتلقائية ساخرة ومستهزئة ومضحكة على  أخطاء فادحة في الإخراج  وكذا على سيناريو المسلسل المغربي “سلمات أبو البنات” لكاتبه ومخرجه هشام الجباري؛ وذلك [....بسبب مجموعة من الأخطاء، التي تضمنتهـا كثير من المشاهد، والتي لم يتم الانتباه إليها. ووجه رواد مواقع التواصل الاجتماعي مجموعة من التعليقات، التي تحمل في طياتها رسائل السخرية من مشاهد كان من الضروري الانتباه إليها، باعتبارها أخطاء لا يمكن التغاضي عنها،...](2) والمدهش أن هذا المسلسل ؛ من كثرة ما له من مشاهدين حسب ما يروج ؛ بقدرما له من كثرة التعليقات والردود ؛ بحكم أخطاءه الفادحة؛ واللامهنية ؛ إضافة لسيناريو متهلهل ومتهالك دراميا [...وأول ما لاحظته، من جملة ما يمكن أن يلاحظ هو أن كاتب السيناريو عادة ما يلجأ إلى الصدفة، من أجل إيجاد حلول سهلة وبليدة لبعض المطبات التي تعتريه في الكتابة......اما الصدفة الكبرى، أو أم الصدف بتعبير أدق، فهي التي جعلت من الشاب الظريف عمر بقدرة قادر مفتشا للشرطة ومحققا في قضية ثريا وهي صدفة ضربت بها الدراما المغربية ثلاثة عصافير بحجر واحد ..العصفور الاول هو عصفور الدراما الهندية التي لا يعجزها شيء .... والعصفور الثاني هو عصفور الدراما التركية وما فيها من عواطف جياشة .....اما العصفور الثالث فهو عصفور الدراما المغربية المتسمة بالتسرع والارتجالية، المفتقدة للتوازن والاقناع والرؤية الاخراجية والمعالجة الشاملة...] (3) في هـذا الباب من يمكن أن نصدقه ونقتنع بتموقفه الفني والفكري أمام المسلسل ما سبق أو التالي[...ان سر تألق المسلسل ... يعود الى ملامسته الاشكالات المجتمعية الحقيقية التي تحاكي واقع الجمهور كما ان انتصار المسلسل للفرجة العائلية ساهم بدوره في هذا النجاح ] (4)
طيب إذ قـبلنا هـذا الطرح ؛ فلماذا تدخل ( الطب) ولأول مرة في تاريخ الدراما ؛ ليعكس علمه ومهنيتـه على الإبداع ؛ أليس الطب لصيق بالإشكالات المجتمعية في أمراضه : [...لذا قرّر طبيب مغربي تشريح مشاهد المسلسل الرئيسية من أجل رصد أبرز الأخطاء الطبية التي تضمنها. ..وسخر الطبيب العسكري السابق، والطبيب العام الحالي في مدينة سلا صلاح الدين الرفالية، من هذه المشاهد، قائلاً إن الطريقة الوحيدة لتكون أحداثها ممكنة هي أن يكون ما على ملابس البطلة صلصة كاتشب وليس دماً.....ويوضح الرفالية أن أسوأ خطوة يمكن أن يقدم عليها ضحية طعن هي نزع الآلة الحادة قبل الوصول إلى المستشفى، لما يعني ذلك من نزيف داخلي يفقد المريض دماءه بسرعة. ...](5) وعلى إثر هذا التحليل الطبي؛ ظهر تعليق لأحد الشباب يتهكم هكذا معنى((كيف تصبح بوليسي في 3 أيام  وكيف تصبحين ممرضة في ربع ساعة)) وليس هذا المسلسل الذي وقع في أخطاء طبية ساذجة استفزت الجمهور وأثارت سخريته ؛ فهناك مسلسل المصري( فرصة ثانية)[ هو مكياج الفنانة...  الذي بقي على وجهها وتحديداً الرموش والكحل، بعد خروجها من غرفة العمليات، بسبب تعرّضها لحادث كبير..](6)علما أن هـذا المسلسل نـال النصيب الأكبر من الانتقادات والسخرية؛ نتيجة ضعف ممثليه والأخطاء الطبية الفادحة التي كانت أفظع مما سبق ذكره؛ وخاصة لحظة سحب عينة دم من ريهام[..يضع زياد مادة مخدرة لريهام، لسحب عينة دم وفحصها مخبريًا للتأكد من وجود حمل،... نجح في سحب عينة الدم بسرعة لا يمتلكها الطبيب المخبري الذي يجتهد لإيجاد وريد، ثم أخذ العينة على حالها، دون خلطها بمادة الهيبارين لمنع التجلط، ودون وضعها في أنبوب اختبار مفرغ من الهواء، فقط سحب العينة ثم ركض بحثًا عن مختبر قريب...](7)  ويتقاسم مسلسل (حب عمري )و (البرنس) مع مسلسل( سلمات أبو البنات) و( فرصة ثانية) في الأخطاء الطبية الفظيعة؛ والتي كانت تحتاج لاستشارة الأطباء؛ وإشراكهم ضمن المسلسل بحيث نلاحظ في ( البرنس)[..قام الأخوة بتدبير حادث قتل أخيهم، فيتم نقله على الفور إلى المستشفى، وفي مشهد درامي يستقبل محمد رمضان خبر وفاة زوجته وابنه وينهار من البكاء، في حين تم توصيل جسمه بجهاز رسم القلب. لكن الغريب أن الجهاز تم توصيله بذراع البطل وليس القلب، كما أشار الجهاز إلى توقف القلب تماما، وهذا يعني موته....وفي المشهد نفسه أسفل جهاز رسم القلب كان يوجد جهاز (Cautery Machine) الذي يستخدم في الكي الجراحي، وبالطبع يكون ذلك داخل غرف العمليات وليس في غرف المرضى ](8)
وعلى ضوء هاته الردود والتعليقات المثيرة للسخرية ! فالمسلسلات المغربية الأخرى ، هل هي  خالية من الأخطاء وتهلل القصة والأحداث وتفكك السيناريو والإخراج ؟ إطلاقا : لأن  نشطاء التواصل ركزوا على أخطاء بعض المسلسلات ك(  الغريبة/عيد ميلاد/ ياقوت وعنبر/ السر المدفون/.../ عبر الفيديوهات؛ لكن الملاحظ بعض ( النقاد) لم يقتربوا من تلك المسلسلات(؟) والبعض مـرعلى بعضها مرور الطيف وسرعة بـرق؛ ولمس أخطاء بسيطة جدا [ أربك استخدام تقنية "فلاش باك" في (ياقوت وعنبر) كسماع كلمة " أكسيون" في مسلسل( الغريبة) ؟ مقابل هذا اعتبرت تعليقات على مواقع التواصل الإجتماعي أن الأخطاء التقنية؛ من هـذا النوع دليل على الاستخفاف بالمشاهد المغرب(9) واستخلاصا للسؤال [... في الحقيقة هناك الكثير من المسلسلات المغربية التي تعرض هذه السنة .في قنواتنا بالإضافة إلى المولود الجديد قناة MBC5....وأن أغلب المسلسلات للأسف متواضعة جداً فنياً وتقنياً وفكرياً، طبعاً هناك استثناءات لكنها قليلة جداً.... لم أهاجم الأعمال الرمضانية بل انتقدتها بما يمليه علي حسّي الفني والفكري كمتلق وكناقد....وهذا كله من منطلق غيرتي على الفن المغربي وباعتباري مواطناً مغربياً ينتظر بشوق الموسم الرمضاني للاطلاع على آخر الأعمال الدرامية المغربية للاستمتاع بها، لكنه في الأخير يصطدم بمستواها المتواضع جداً...] (10)
هنا فالأمر لا يتعلق بقطر دونما آخر بل في كل قطر- عربي- كان جمهور المشاهدين ورواد مواقع التواصل الاجتماعي بالمرصاد للأعمال المقدمة ( الآن ) بحيث ترصدوا للعديد من الأخطاء والهفوات التقنية والإخراجية. إلا أن المثير في عملية التعليقات والتغـريدات عـند البعض  تكون دائما مصحوبة بفيديوهات للقطات ومشاهـد طافحة بالمبالغات والتناقضات . الأمر الذي أثار موجةً من السخرية بين المشاهدين/ النشطاء. ولم تسلم أغلبها من التعليقات المضحكة واللاذعـة؛ وكشف الثغرات الإخراجية والتقنية :  كمسلسل = عيد ميلاد/ السر المدفون/ سلمات أبو البنات/ عنبر وياقوت/( مغربي) أنا وراجلي ( جزائري) قلب الذيب (تونس ) سوق الحرير( سوريا) أم هارون - جنة هلي- محمد علي ورد (الكويت) مخرج 7( سعودي) مباراة زوجية - حارس الجبل - رياح السموم (الأردن) أحلام السنين-بنج عام (العراق) عرس بيروت( لبنان/ تركيا) الاختيار- البرنس - فرصة ثانية - أولاد آدم- ليالينا 80- النهاية- الساحر- حب عمري- فلانتينو ( مصر) هاته المسلسلات وغيرها تعرضت لعدة انتقادات وتغريدات بدورها مثيرة للجدل؛ نتيجة للأخطاء البشعة التي تضمنتها .  فعلى سبيل الإشارة المشهدية: في مسلسل (البرنس) [رُصد خطأ فادح، حيث يقوم رمضان بأداء دور صاحب ورشة سيارات، تأتي إليه سيارة “هيونداي آكسنت” للتصليح، ثم تخرج بعد التصليح سيارة من نوع “هيونداي إلنترا”] أما في (فلانتينو ) للزعيم عادل إمام، حيث رُصد خطأ في شكل علم مصر المرفوع بجوار علم بريطانيا في المدرسة المملوكة للشخصية التي يؤديها إمام، فقد رُفع علم مصر بالمقلوب، فظهرت ألوانه مرتبة بشكلٍ عكسي ] حتى أن الصحيفة نشرت تغريدة كتبها أحد المغردين اسمه (أحمد شوشة) يقول فيها[ للأسف زعلت جد لما لقيت مشهد في أول حلقة في فلانتينو علم مصر متعلق في مدرسة بالمقلوب جنب علم بريطانيا ] (11) وبناء على الأخطاء التي تم رصدها؛ من لدن نشطاء منصات التفاعل تدخل« المجلس الأعلى لتنظيم الإعلام» المصري. الذي كشف أخيراً، عن أكثر المسلسلات والبرامج التلفزيونية تسجيلاً للأخطاء خلال الأسبوع الأوّل من شهر رمضان 2020.وذكر في تقريره أنّ عدد الملاحظات والمخالفات التي تم رصدها وصل إلى 287، بينما كانت أعلى المعايير المخالفة بسبب «السب والقذف والسخرية»(12) كيف يمكن تفسير هــذا ؟؟
                                                                                                       يتــــبـــع.

الإحــــالات :

1/ مسلسلات رمضان" من نجح في امتحان الحلقة الأولى؟  تصريح محمد رمضان لموقع "سكاي نيوز عربية بتاريخ 25/05/2020
2/ هجوم على “سلمات أبو البنات بقلم امينة كـندي ” جريدة الصباح المغربية 11/05/ 2020 
3/ الصدفة في "سلمات أبو البنات" وثلاثة عصافير بحجر واحد "ليوسف توفيق :كفى بريس في 15 /05/  2020 –
4/ محمد خيي يتكلم عن سرتوهج مسلسل سلمات بو البنات القسم الفني لهبة بريس بتاريخ:  2020-05-15
5/ أخطاء طبية خطيرة في المسلسل المغربي "سلمات أبو البنات" ــ العربي الجديد .الرباط في / 15 /05/ 2020
6/. أخطاء فادحة في الحلقات الأولى من مسلسلات رمضان 2020 دبي - معتز الشافعي – سيدتي نت- في 01-05-2020
7/ أخطاء طبية فادحة: أخطاء مسلسلات رمضان تثير سخرية السوشيال ميديا :مدى بوست- فريق التحرير في 25/05/2020
8/ أخطاء طبية فادحة في مشاهد درامية – موقع (الجزيرة) بقلم: ماري هارون في 6/5/2020
9/ انـظر لموقع – المغرب اليوم:( أخطاء الإخراج والحبكة تفسد متعة مشاهدة) بتاريخ 06/05/2020
10/ دراما رمضان في المغرب لم ترق بعد إلى مستوى الإبداع- دردشة مع فؤاد زويريق: أوريون.ما   - 12 /05/ 2020  المصدر سيدتي نت ”
11/ أخطاء طبية فادحة: أخطاء مسلسلات رمضان تثير سخرية السوشيال ميديا :مدى بوست- فريق التحرير في 25/05/2020
12/  مصر: اكثر المسلسلات والبرامج تسجيلا ل " الأخطاء" انظر صحيفة الأخبار بتاريخ 11/05/2020


16
حاور نـَفسَك أيها المسرحي  في يومـك الوطني
               
                                                                                                       
نجيب طــلال


سألتُ نفسي  قبل تناول فطورالصيام ؛ لما ذا يانفسي لا تستكيني ؛ لنبضات الحروف الرشيقة والكلمات المائزة ؛ التي تفوح بين عطر أمهات الكتب ؛ وتستغيلين ما فرضه الوقت عليك من حجر صحي . حتى لاتصابي بفيروس طائش من هنا أو هنالك. عاودت السؤال بعد الإفطار؟ إفطار ذو نكهة باردة ؛ جافة من حلاوة الشهر، إنه الإستثناء : طيب لنقتنع بأنه شهر استثنائي؛ ولكن لماذا تترنحين يانفـْسي  بين أنامل اليد ورعشة الأصابع على أزرارالحاسوب اللعين ؟ حاسوب يحاول أوحاول قتل القلم وايقاف حبره . حـبر يتعثرويتبختر بين سطور الأوراق ؛ وتضيع العبارة ؛ ليتم تمزيق الورقة؛ هنا نكهة الكتابة ؛ ليعود القلم بسيلان حبره من جديد ؛ ويبدأ من حيث بدأت  العبارة ؛ في مفتاح قولها. قبل صياغة معناها ؛ ولكن  شيطانك وقرينك لن يطاوعك ان تبلغ لتحقيقها؛ لأنه مسجون بين الحبر والقلم ؛ هكذا قالوا صناع الخرافة ؛ ودهاقنة الميتافيزيقيا؛ ولكن لماذا ياترى قريني ضغط على نفسي ؟ تلك النفس التي لا يَشملها  اليوم الوطني للمسرح ؟ لآن صاحبها ليس محترفا؛ ويوم ((14 مايو)) خصص للمسرح (الإحترافي) ولا ينبغي له أن يكون محترفا: كقناعة إيمانية ؛ ثقافية ؛ إبداعية ؛ والحاسِـم في سفسطة الكلام ؛ الآية الكريمة [[ ولئنِ اتبعت أهواءهَـم ؛ بعْـد الذي جاءك من العِلمِ مالك من الله من ْوليٍّ ولانصير]] كشعار أسْمى؛ بعيدا ومجانبا عما سبق ذكره في الآية 120 من سورة البقرة.
ولكن ربَّ عالم في زيادة عِـلم "التحقيقات " و"التساؤلات" وصناعة "التأويلات " والتفنن في حياكة "النميمات" ستدفعه نـَفْسُه الآمارة بقول السُّوء؛ في هذاالشهر الفضيل؛ والإحتراز المكين من فيروس (( كورونا)) الرجيم. وما دخل هَـذاالكائن فيما ليس له؛ ربما يكون مأجورا ؟ مدفوعا ؟ عميلا؟ لإنه يحاول أن يشوش على احتفالنا وبيوم مسرحنا ؟
عجبي لذانِك أو تانِك أو لتلك أولهاته النفس التي أوحَتْ له بذلك !  وعن أي احتفال يتحدث ذاك المخلوق؟ وسماسرة الفن استوطنوا المشهد قـُوة وعلانية ! وعن أي احتفال يتكلمُ ذاك البشرُ ؟ وزمرة من الحربائيين  طمسوا ماهيته ؛ هتكوا عِفَّتـه وسِـتْــره ! وبتوالي السنوات اغتلوا روحانيته ؛ عن سبق إصرار. ياذاك المخلوق الذي تتساءل ؟ لقد انمحت حقيقة نزوله ؛ نزول اليوم الوطني (كان) من أجل الفنان المحترف/ المتفرغ ؛ لكي يفكر بصوت جهوري عن حصيلة مساره ووضعه المهني؛ وجلد ذاته؛ ومحاورة نفسه ، والوقوف وقفة تأمل في حاله وحال ومآل المسرح المغربي.
وياذاك البشرُالذي تتساءل ؛ عن أي مسرح تتساءل؟ ومصاصو الأموال والدماء حولوه إلى زريبة ؛ تفوح منها روائح عفنَـة؛ أبعَـدت نُكهته وسحره وقيَّمه ونقاءه ؛ فنشروا روائح تخنق الأنفاس؛ أنفاس تحتاج لهواء اصطناعي ؛ أما الطبيعي: ملوث. كما لـَوَّث (كوفيد19) حياتنا ومزاجنا وبلادنا؛ ولم نعُـد نبحث إلا على الخلاص ؛ والعودة الطبيعية للطبيعة  بأي ثمن. وكيف يمكن أن يعود المسرح لعُـذريته ؟ ياذاك الذي تتهمنا في الكواليس بالنوستالجية ؟ أو ياذاك الذي سولتْ لك نفـْسك ؛ بأن نفـْسي؛ التي لاتـُشبه نفسكَ :مأجورا ؟ مدفوعا ؟ عميلا؟ فمن لطَّـخ المسرح بالتفاهة والبلاهة ؟ أليس النـَّزقون، المُزقزقونَ نحو [الإحتراف ]؟ من سفـَك شرايين الإبداع المشاغب والفعال أليس المهَـرولون ، المتسللون نحو[ الدعْـم ] ؟ أين هو الدعم الآن في زمن ( كورونا )؟؟ من رسمَ هشاشته وخطَّ ألوان الفسَادِ وَ الإِفْـساد ؟ أليست تلك اللجن التي( كانت) تختار وتناور وتتبجح طبقا لمعيار؛مصنوع في صاغة محتسبها مجهول.
من  فـَعـَّـل وأنتج المقايضات بين الملفات والدعْـم ؛ في عـُلب مظلمة ؛ أليس بعض أعضاء اللجن المدسوسين في المسرح خطأ ؟
فأي احتفال وأي يوم وقاعات المسرح  شبه فارغة ؛ وحْدهم الممثلون فوق الركح يتحركون؛  والإنارة تتحرك يمينا وشمالا . فمن أنتج هاته الوضعية العجيبة الغريبة ؛ رغم مجانية الحضور؟  أليس المسرحييون أنفسهم ؟ ويوم قالها- الوزير- انهالت عليه الحجارة الزرقاء( الفايس بوك) من موسكو وبرلين وعطارد؛ ونسينا جميعا صنيعة الوزير السابق؛ في جماعة معينة ؛ منشقة عن جماعة من زمرته. ونسوا الذي قبله ؛ وتلك الإحتجاجات التي كانت باستمرار أمام مكتبه ! ونسوا الذي قبله الذي هجَّرأو هَـرب المهرجان من مكناس لتطوان ؟ وهكذا دواليك، فمن اغتال مسرح الإشراقات والتضحيات مسرح ( الهواة ) ربما هاته الصفة قدحية ؛ حاول الرفاق والزملاء استبدالها بالتجريبي؛ رفضت ( جامعة مسرح الهواة ) تم نطت  كما نط أغلب المسرحيين ، نحو شق الإحتراف ؛ وانخرطوا في النقابة الوطنية للمسرح الإحترافي؛ ليحتفلوا باليوم الوطني للمسرح الإحترافي ؛ في مثـل هَـذااليوم السعيد ( 14 مايو( الموافق) 20 رمضان ) الملازم ل 60 يوما من الحجر الصحي ببلادنا ( تحـديدا) وما احتفلت قطُّ يوما؛ لأن الدعم طمس المباديء؛ والجري وراء المناصب النقابية أتلفتِ الخطوات . فانهار كل شيء من مهرجان الهواة / ملتقيات/ أيام/ مسرحية / علائق إنسانية/ حميمية الذكريات/ وأمسى الملح فاسدا ؛ رغم أن الملح لايفسد ؛ لطبيعة تكوينه وتاريخه المقدس.
معْـذورة تلك النفس الآمارة بالسوء ؛ والجهر به ؛ لأن الغشاوة بادية على فهْم ذاك الذي سوَّلت له نفسه أن صاحب هـذا المَكْتوب؛  كُـتِبَ عليه. أن يكون عميلا أو مأجورا أو مدفوعا ؟ لأنه لا يدرك أننا ندون ما يحز في النفس لما آلت إليه الأوضاع الفنية/ المسرحية ( تحديدا) في كل سنة ؛ وهذا ليس ادعاء بل ممارسة تاريخية ؛ تبرر بخطابها صدق الإختيار؛ ونزاهة المبدأ؛ بدل تعـذيب الذات والإقتتال الدينكيشوتي ؛ النتيجة الآن واضحة؛ تعـدد الجبهات والنقابات؛ وأغلبية الفنانين أضحوا عاطلين ومعوزين؛ أمام ((الجائحة الكورونيانية)) هنا فمادور النقابات ؟ الأمرأساسا يتجاوز ما هو مسطر في القانون الأساسي والداخلي؛ وتجاوز الإختلافات التي هي اصلا شكلية وليست جوهرية بين ( النقابات) بل لامناص أن يحضر( الآن) القانون الإنساني؛ والبحث عن صيغ عملية ؛ تتسم بالحكامة  وقيم التآخي والتآزر والتضامن ونكران الذات ، لكي يتجاوزأغلب الأصدقاء والزملاء الفنانين هذه المحنة ؛ بهَـذا الإهتمام والـدفع نحو التآخي : يكمن الإحتفال الحقيقي –
 أليس هناك فنانين أغنياء ؛ اغتنوا من المسرح / السينما ؟ فما دورهم ؛ وما أهميته غناهم ؛ إن لم يساعدوا زملاءهم ؛ طبعا كانت هنالك بعض البوادر من بعض الفنانين ولكن في شق  الموسيقيين ؛ وليس المسرحيين !
فليكن المرء شفافا ؛ وصادقا مع نفسه ؛ بأن الوضع المسرحي ؛ أمسى كارثيا وكشفت هاته الجائحة الوبائية أن الأغلب الأعم من المسرحيين لا يمتلكون سلوكا سياسيا وأخلاقيا واستراتيجيا. وهاته ليست سُـبَّة أو نقيصة ؛ بل استنتاجا لما لوحظ من صمت مريب للفنانين ؛ أمام بعض التصريحات و الأقاويل والردود من بعض الفنانين/ الفنانات أحـداهن ( فنانة ) اتهمت الناس أو نعتتهم بالغباء ؛ على إثر( أن ) أحدهم نشر ( فيديو) يدين ( الفنانين) على إثر (الذين) طلبوا إعانة ومساعدة من ( صندوق تدبير كورونا ) (1) واشتد حبل التدوينات بين الساخطين والناقمين وبين المدافعين؛ وكل ( الفنانين) صامتين حتى ( النقابات) إلا واحدا يحلم أكثر من الحلم  وليس فنانا متفرغا ! قـدم درسا لمواطني( الفايس بوك) يعرف بين الفنان والنجم ومعاناة الفنان وجنود الخفاء... إنه الهٌـراء ؛ فبدل أن تفكر ( النقابات) في البحث عن خطط جديدة واستراتيجيات فعالة في إطار ما ألم بنا  فجأة من اكتساح الفيروس الوبائي على فضائنا؛ والذي فرض قوته وحضوره ؛ كما اتضحت معالم تموقعاته  في عدة دول ومناطق؛ مما فرض وسيفرض هذا الوباء إعادة ترتيب الأولويات واستبدال أليات وتصورات وتفعيل مقاربات اجتماعية واقتصادية . فلامناص أن يعيد الفنان المسرحي؛ ترتيب أوراقه ؛ وإعادة الثقة لإبداعه وطاقته وجمهوره .إيمانا بأن الإبداع الحقيقي والخلاق؛ ينمـو في ظل الأزمات والأوضاع السيئة جـدا والكارثية لحـد ما؛ باعتبار أن الأزمات تفرض دينامية مختلفة عما اعتاده الإنسان في حياته الخاصة ؛ والمواطن في حياته العامة وعلائقه بالوضع العام . لكن المطب الخطير الذي سقطت في نقابة المسرحيين ؛ وربما ستكون له تبعات مستقبلية بين الفرقاء والفنانين: ما أقـدمت عليه الكونفدرالية المغربية للمنظمات الفنية والثقافية المحترفة من رفع شكاية حسب بلاغها الذي يقول: أن اعتقال الحزين جاء بعد شكاية تقدمت بها ضده بتاريخ 7 أبريل الجاري، مباشرة بعد نشره لفيديو بتاريخ 5 أبريل يهاجم من خلال عموم الفنانين المغاربة بمجموعة من الشتائم والألفاظ المهينة في حق المبدعين والفنانين(2) وانضافت إليها شكاية :النقابة المغربية لمهن الفنون الدرامية ؛ بحيث: وفي هذا الصدد كتب مسعود بوحسين رئيس النقابة المغربية لمهن الفنون الدرامية على حسابه بفيسبوك قائلا: “لأن الموضوع وصل إلى حـد السب والقذف والتكفير والتحريض على كراهية الفنانين…فقد ثم وضع شكاية إلكترونية في الموضوع لدى النيابة العامة بعْـد زوال اليوم بعد التشاور مع مجموعة من الهيئات الفنية” (3) بداهة أن القضاء قام بواجبه ؛ من زاوية ما رآه مساسا بحق الأشخاص؛ طبقا للمسطرة الجنائية. وحوكم المشتكي به.
 ولكن ما لم تنتبه إليه النقابتين؛ أنها أعطت للمدعي عليه إشعاعا إضافيا؛ لأن السجن تعَـود عليه ؛ بشكل اعتيادي. بحيث شخصيا لم أكن أعرف ذاك الإسم ولم استمع قـَط لأي فيديو ينجزه . وثانيا : أثارت هذه القضية عددا من ردود الفعل وسط نشطاء مواقع التواصل الاجتماعي بأولاد تايمة وعددا من الفعاليات الجمعوية والحقوقية بالمنطقة معتبرين أن هذا الأخير قد عبر عن موقفه الرافض لدعم الفنانين من صندوق كورونا، مؤكدين أنه وجَّـه خطابه للفن الساقط وليس للفن الراقي(4) وثالثا : مسألة حرية التعبير التي تدافع عنها النقابات .
وعموما  أيها  المسرحي  في يومك الوطني هـذا؛ وفي ظرفية الحجر الصحي؛ احتفل  في دواخلك؛ واترك نـَفـْسك تحاور نـَفـْسها ؛ واطلق لها تجليات البوح الصادق ؛ لتبوح ماذا قدمتْ لك أنـْت ذاتـُها؛ وذاتـُك لذاتِ النفس من إشراقات واحباطات ؛ وأين يكمن الإحباط وأين يتجلى الإشراق.


   
                                                                                          فــاس/ صبيحة 14/05/2020

ملحوظة:

1/  موجة انتقادات تنهال على منتجي الأفلام المغربية : في صحيفة / موقع هسبريس من الرباط بتاريخ 05/ أبريل/2020 على الساعة 04:27
2/ شكاية نقابات الفنانين ترسل الهواري " حمزة الحزين" للسجن – عن  صحيفة نون بوست في 16/أبريل/2020
3/ نـــفســــه وفي العـديد من المواقع الكترونية
4/ اعتقال الناشط الفايسبوكي" حمزة الحزين " بقلم  ادريس لكبيش في موقع حقائق 24 بتاريخ 16/04/2020


17
قراءة وبــائية في رمزية الوباء
                                                                     
نـجـيب طــلال
إشـــــارة مكـــشــوفــــة :
                               
مبدئيا تنطلق هاته المقاربة النقدية للنص المسرحي– الوباء- للشاعر والمبدع عبدالكريم العامري؛ من الوضعية الحالية التي تمر منها البشرية الآن ؛ شرقا وغربا ، دولا وقارات الكل يقاوم شيئا غيرُ مرئي ؛ كل الأجهزة تسابق الزمن لمحو آثـر- فيروس - وبائي: لا شكل له ولا لون له ؛ كأنه شبح أوشئ  من هذا القبيل؛ إنه ينتشر ويتفشى ؛ بشكل مثير للغاية ، مخلفا وراءه عشرات الآلاف من الوفيات والضحايا؛ غربا وجنوبا . نتيجة صعوبة مقاومته وعـدم معرفة علاجه ؛ وأي لُقــاح يناسبه ، وكـذا عَـدم الاستعداد لمواجهة  لفيروس ( كورونا ) الذي يعتبر من مصاف الأوبئة الفتاكة ( حاليا ) .
وبناء عليه، كما أشرت بأن هاته القراءة مرتبطة جدليا بالوضع الكارثي/ الوبائي، الذي صنعه وباء فيروس كورونا ؛ مما أشرت في العنوان-  قراءة وبــائية في رمزية الوباء- لأسباب ترتبط بالمظهر النفسي الذي نعيشه في ظل الحجر الصحي ؛ وإن كان مقبولا كشرط  احترازي؛ منطقي. ولكن كفعل له استيهامات مثيرة جدا؛ في عقلية ونفسية أغلب المواطنين ؛ وخاصة أمام الأخبار التي تذيع وتنشر أرقاما مهولة للمصابين ولسقوط ضحايا هنا وهناك ؛ علاوة على الأحداث الأسرية والعائلية  في معاناتها ومشاكلها وصراعاتها بين الأفراد ولقمة عيش. و التي ساهمت وسائل التواصل الاجتماعي؛ تقريبها للجميع.
قـــراءة وبــائـية:
فهل نص [- الوباء- L'épidémie-] له علاقة بذلك ؟ طبعا لا علاقة له بناء على تاريخية الإنجاز(2018)وانتشار الوباء الكوروني(2020) ولكن هل له علاقة بإحدى نصوصنا التي تحمل نفس العنوان والمؤرخ في(2015) أم بنص الكاتب الإنجليزي - أوكتاف ميربو- والذي يحمل نفس العنوان ( الوباء) والمؤرخ في(1904) إطلاقا ؛ المسألة سوى تشابه العناوين؛ ليس إلا. ولكن وبالعَـودة للنص نجد في مدخله أوفي الإرشاد العام يشير:
[ زقاق قديم في مدينة ابتليت بالعمى وتكاد ان تكون مهجورة.. اظلام في العمق.. رجل 1 ورجل2 يمسكان ببعضهما ويمشيان حتى يصلا الى منتصف الزقاق] ومن خلال هذا الحوار:
رجل2: لست وحدك في هذا البلاء، كل الناس في المدينة اصيبوا بالعمى يقولون انه وباء.. رجل1: (مستغربا) وباء اصاب الجميع..؟ كيف..؟                                           
 رجل2: لا تسألني عن ذلك هو وباء وكفى.. هذا ما سمعته ممن بقي في المدينة..
يتضح لنا أن هناك فعلا (وباء ) والمتمثل في (العَـمى ) الذي أصيبت به مدينة ( مجهولة الاسم  ) مدينة  مجردة/ متخيلـة. ولكن ملامح المدينة شبه معلومة في ذهنية الكاتب؛ مادامت هنالك إشارة ( لزقاق قديم ) وإن كانت أغلب المدن تتوفرعليها .وبالتالي فمن خلال وباء العمى الذي يحمله نص الشاعر – عبدالكريم العامري- يفرض علينا أن نتساءل مرة أخرى : هل النص يحايث أو يتقاطع أو يتقابس ورواية ( العمى) لجوزيه ساراماغو؟ بحيث هاته الرواية تتحدث عن وباء غامض يُصيب تقريباً كل السكان في مدينة مجهولة الاسم، وذلك بشكل مفاجئ ! بحيث أول من أصبح أعمى طبيب العيون عقب معالجته لإحدى مرضاه بالوباء الذي سيُسمى فيما بعد " المرض الأبيض "باستثناء زوجة الطبيب فهي الشخصية الوحيدة التي لم تفقد بصرها. وإن تظاهرت بالعمى كذبا على الأطباء؛ لكي لا تفارق زوجها ولو أنه في الحجر الصحي ، مع بقية المصابين بالوباء. ونلامس بعضا منه تقريبا في الحوار التالي:
رجل1: لم أكن أشكو من أي مرض ولدي مناعة كافية كيف أصابني الوباء..؟
رجل2: يقولون ان هذا الوباء لن تمنعه اي مناعة ولن تستطيع ان تتفاديه حتى وان كنت
في صندوق مغلق..     
رجل1: البارحة قبل أن أنام كنت أبصر..
فهاته الحوارات لا تعني إطلاقا أن هنالك تحويلا أو مقابسة لبعض ماورد في الرواية  لصالح نص (الوباء- L'épidémie) فحتى وإن مارسنا التعَـسف على النص  ؛ ومحاولة إقحامه فيما لا يقحم . تجاه الرواية الأولى( العمى) أو رواية [ بلد العميان ] لـهربرت جورج ويلز. بحيث انتشر نوع غامض من التهاب العيون اجتاح سُكان وَادٍ مَعزول بَين الجبال مما، يَتسبَّب في فقدان أبصارهم ؛ ليعيشوا على إيقاع العمى ؛ بحيث لا توجد كلمة اسمها أرى أو أبصر أبدًا . والتي يحاول ( نيونز ) أن يدافع عنها باعتباره الشخصية الوحيدة التي ترى. وكان أهل الجبال  يفسرون ذلك الوباء نتيجة انتشار الخطايا بينهم. بمعنى أن مرض العمى قدري ولعنة ربانية ؛ نفس الرؤية منوجدة في نص (الوباء ) للمسرحي والإعلامي- ع الكريم العامري:
رجل2: انا مثلك تماما.. ما أصابك أصابني واصاب كل الناس..
الطبال: حقا..؟ كل الناس عميان..! هل هي لعنة نزلت بنا..
رجل2: ليست لعـنة.. هذا وباء..
وكما أشرت إن قمنا بنوع من التعـسف اللآنقدي/ اللاقرائي ؛ بين النص والروايتين ؛ سنحسم أن هنالك تقاطعا أو مقابسة بمنظور تركيبي/ تحايلي . لكن أثناء التمعـن في عمق  الروايتين معا نستشف تلقائيا بأنهما أساسا مركّبين ومتعددي الأصوات والدلالات. حتى ولو تمت عملية الإختزال (العمى/ بلد العميان  إلى الوباء) وبالتالي ما يمكن أن نستنتجه أن هناك تشبع قرائي للمبدع – العامري- وهذا التشبع له ارتباط بتعدد مساراته الإبداعية من شعر/ رواية/ مسرح/ وهذا التشبع يلغي أي تأويل بأن النص له مرجعيته الإحالية التي تكمن في الروايتين؛ بالعكس فالمرجعية الإحالية تكمن في الواقع كما يراه الكاتب المائز- ع الكريم-
رمـزية الـــوباء :
كاتب النص – عراقي – الأصل والنسب؛ ويعلم كل واحد منا ؛ ما آلت إليه الحياة العراقية  سياسيا / ثقافيا / اجتماعيا / في براثين المأساة ؛والتطاحن على السلطة ؛ ناهينا عن الخراب والانفجارات اليومية. مما تحول آمل وحلم كل العراقيين بما فيهم المبدعين والأدباء ؛ إلى سراب ومعايشة تراجيديا السقوط ؛ بدل أن يرفلوا في الأمل المشرق بمعالم الحرية والديمقراطية وتعدد الأصوات بدون خلفيات سياسية أو طائفية أو عشائرية. لكن واقع الحال العراقي، المأساوي ولا خلاف ولا مزايدات حول حياته السياسية  والاقتصادية ؛ و أغلب هاته وأكثر  تـتجسد الآن في عدة نصوص قصصية / روائية/ مسرحية/ شعرية / كرد فعل مجتمعي نفسي ـ ثقافي من أجل غد افضل إشراقة؛ وبالتالي فأغلبية ما اطلعت عليه من أعمال الإخوة والأساتذة والمبدعين العراقيين تميل وتنحو نحو الرمزية والتجريد كمنطلقات تعبيرية عن أفكار وإيديولوجيات ورؤى سياسية،  قد يتعذر عليهم التصريح بها حاليا. لأسباب ليس مجالها هاهنا ونص الوباء ينتهج ذلك :
الطبال: انا أطبل للجميع.. الفن من أجل الجميع..
رجل2: ان لم يحدث الفن تغييرا فلا خير به..
الطبال: تقصد اننا معشر الطبالين سبب هذا البلاء..
رجل2: كلنا نشترك فيه.. كل ذي صاحب لسان ولم ينطق الحق مشترك في هذه البلوى..
يبدو ان هذا المقطع تجريدي ؛ ينعكس على أي محيط ؛ ولاسيما أن شخصية الطبال يرمز لها تحديدا ( فنان) وهاته الصفة تشمل كل ممارس للفن ؛ ولكن هل الفنان هو المسؤول المباشر عن سبب هذا        ( البلاء/ الوباء ) ؟ ولكن في أي مدينة/ محيط يوجد ذاك الطبال ؟
 فمن خلال استحضار ملحمة جلجامش و اختراقها – النص- بشكل ذكي؛ كإشارة دالة ميثولوجيا لبلاد الرافدين ( العراق) القديمة ؛ ونحن أمام نص ليس بقديم ؛ جدليا نحن أمام محيط عراقي والطبال كذلك
رجل2: (ضاحكا) جميل جدا، سنعود الى أصولنا.. ربما ستكون أنت أنكيدو وأنا جلجامش..(يضحك)                                                                               رجل1: انت تسخر مني..                                                                                            رجل2: بل قل يضحكني تفكيرك.. انا اتحدث مع رجل متعلم، انت مدرس تاريخ وكنت تحدثنا في جلساتنا عن عشبة الخلود التي ضيعها جلجامش وكنا نصدقك.. بربك، هل هناك عشبة في العالم تجعلك خالدا..؟                                                                     
 رجل1: هذا ما يقوله التاريخ وليس انا..
إذن فتوظيف ثلاث شخصيات (رجل 1- ( مدرس تاريخ)/  رجل2 – ( عادي)/ الطبال( فنان) أعطوا نكهة للعـب ذي العلاقة بالعمى ؛ وهذا يمكن تلمسه في العملية التداولية التي  فرضها الخطابي (النصي) كمحاولة  فنية / لغوية ؛ للانزياح من الخروج من الدلالة الرمزية التي حصر نص- الوباء-  نفسه فيها. باعتبار أن المعاني الرمزية، تكون لها مدلولات متعددة ومتضاربة في آن واحد. ووعيا من الكاتب بهذا الأمر؛ فإنه وظف أغلب الدلالات ، للإحاطة  بالسياق العام للوباء ؛ إذ اعتبر أن الوباء مؤامرة ؛ كحجية لما يتداول أمام أي معضلة داخلية:
رجل1: هذا ليس وباء.. هذه مؤامرة ..!
رجل2: (يضحك) دخلنا في العميق.. مؤامرة؟ اتقول مؤامرة..؟ لمصلحة من تلك المؤامرة..؟
رجل1: تعرفهم جيدا.. اولئك الذين لم يصبهم الوباء.. في بروجهم العالية يراقبوننا يتجسسون على افعالنا يحبسون عنا الهواء ويحاولون ان يقتادوننا حيثما شاؤوا..
فالذي يصرح أنها مؤامرة ( رجل1: هويته الواقعية = رجل متعلم و مدرس تاريخ) ولا يمكن لأستاذ التاريخ أن يجازف بالقول: أن الوباء /المرض= مؤامرة ؛ ولكن إشارة قبلية لتأطير رمزية الوباء . تلك الرمزية  التي تتحدد في الآخر/الآخرون المشار إليهم ب
( اولئك الذين لم يصبهم الوباء.. في بروجهم العالية...)
إذن الجحيم هو الآخرون ؛ حسب منطق  سارتر.  وهـنا فالكاتب استعار الجحيم  باعتباره صنيعة (مؤامرة ) خارجية ( الإمبريالية)وهذا معروف دوليا؛ ولكن قراءته تختلف. من هنا فكاتبنا قرأ الجحيم بمثابة (الوباء) الذي تعـيشه المدينة (العراق ) اليوم.
إذ الجميل في النص؛ أنه سعى أن ينبش في شتى مجالات تحيط بالوباء؛ ثقافيا / سياسيا / فنيا / دينيا / ونلاحظ عيانيا كيف حاولت سلطة الفقيه أن تؤطر وباء كورونا من الجانب العقائدي؛ ومن خلال النص إن حاولنا صياغة الجحيم بالمفهوم الديني ( الوباء / العمى)= الجحيم/ العـذاب/ مما تكون الصلاة والدعاء هي المخرج الوحيد للخلاص من (العذاب):
رجل2: ادعو ربك أن يبصرك.. ربما ينفعك الدعاء..
رجل1: وهل يصل الدعاء في مدينة كهذه..؟
رجل2: لم لا يصل..؟ ما بها هذه المدينة كل شوارعها نظيفة..
رجل1: وماذا عن النفوس الوسخة.. هل ينفع معها الدعاء..؟
هنا تنطرح إشكالية ( النفوس الوسخة) من هي ؟ التي تلغي منظور المؤامرة ( الخارجية) ليصبح  الوباء/ الجحيم مؤامرة ( داخلية) وطبيعي أن أي ممارسة تأمريه تكون لديها أطراف خارجية بإيعاز من أطراف داخلية ؛ والعكس صائب كذلك. ونهاية المطاف تصبح الاطراف الداخلية / تابعة / ذيلية وهذا واقع سياسي / عربي؛ لكن المعضلة  التي يعاني منها المجتمع العربي ؛ أن المواطن يصبح ضحية ؛ لسياسة أهواء الطرف الداخلي الذي يخضع لقرارات وتعليمات الطرف الخارجي( المتحكم في اللعبة )وبالتالي يتحول لديكتاتور ومستبد والتي رمز له النص ب(الجزار) هنا من صنع الجزار؟ النص يُحّمل الأمر والمسؤولية المباشرة للمواطن؛ ربما يقصد عملية  الاختيار إبان الاقتراع  الانتخابي؛ سواء الرئاسي/ البرلماني ؛ هو الذي يحدد مصير الإنسان والوطن . أومن خلاله يتشكل الوباء/ الجحيم للوطن و الإنسان . وهذا ليس ببعيد؛ ومادام الوضع الوبائي جاثما على المدينة . فالاختيار الذي وقع عدة مرات  لرجالات السلطة؛ اختيار  خطأ وخاطئ من أساسه. والحوار التالي  يوضح هذا الأمر؛ ولكن قبل أشير إليه؛ نجد في النص حوارا عميق الدلالة  يتكلم به :
 (رجل2): سمعت أن هناك رجلا في المدينة يحاول أن يخلصنا من هذا الوباء..
فهذا الحوار صورة للكلام العادي والمتداول في المجتمع بجميع أبعاده، و يشمل كذلك البعد الشاعري الذي يتحكم ديناميكيا في العلاقات الإنسانية. والمحددة في فعل( سمعتُ) (فعل/ ماض) والذي يتكرر عدة مرات والتي يحسمها كذلك
 (رجل2): سمعتُ أيضا أنه صنع جهازا يعيدنا الى ما قبل الوباء..
هنا إشارة قوية  لما وراء الحوار بأن المدينة  عمليا تغرق في نفق مظلم وقاتم ؛ وما يروج حول ذاك ( الشخص) اختياره سيعيد المدينة لأفظع من الجحيم الذي هي فيه ؛ والحوار التالي يكشف ولو رمزيا هاته الحقيقة؛ أي العودة للمدينة البوليسية/ الديكتاتورية :
رجل2: هو يعمل في دائرة الابحاث وعنده مفاتيح كل شيء..
وهذا ناتج عن فعل ( سمعتُ) كمركب من ( السماع/ المتكلم) فرأسيا يفرض تعدد المعاني والدلالات التي يمكن أن نؤطرها  في خانة ( الإشاعة / الدعاية/ الكذب/ التضليل/...) لأنه ناتج عن فعل لخطاب متكلمين كثر في الواقع والمحيط الإجتماعي. ومن ثمة فهو يُعبر عن خفايا النفس الإنسانية والكاتب – ع الكريم العامري- بدوره لا يخرج عن الأعراف الخطابية والإجتماعية للغة  المتداولة ؛ والتي بشكل أو أخر مساهمة في كتابة النص ؛ اعتبارا أن المسرح  في عموميته تجسيد حقيقي لما يحتويه الواقع من مظاهر إما خطابية وطبيعية واجتماعية و نفسية. وهذا يحيلنا للحوار صادق ومجسد للواقع ، كيف يراه الكاتب
رجل2: مميزون بكل شيء.. بالكذب والنفاق والعمى أيضا..
الطبال: نحن لا نكذب ولا ننافق..
رجل2: لكنكم تطبلون لهذا وذاك...تطبلون لكل جزار..
الطبال: اللحوم الحمراء تغرينا.. لم لا نطبل للجزار وهو يشبعنا..
رجل2: يشبعكم ذلا وقهرا..
هنا نستنتج بأن الوباء ارتبط بالعمى، والعمى  بالكذب والنفاق؛ كتخريجات عن هشاشة الأخلاق والمبادئ الإنسانية . مظهريا ؛ ولكن عمليا هي  تخريجة عن هشاشة سياسية صرفة ؛ تلك الهشاشة هي سبب الجحيم الذي نعيشه ؛ طبعا ناتج عن العمى/  الضلال/ الجهل  في الاختيار. اختيار جزارين لديهم استعداد لممارسة الاستبداد والقتل والخيانة وارتكاب كافة الجرائم في حق الشعب من أجل البقاء؛ ورغم ذلك نطبل لهم ونبارك لهم؛ هنا النص سقط في شوفينية غير متوقعة؛ بحيث العمى أصاب الكل باستثناء ذاك (الرجل)الذي يعمل في دائرة الابحاث وعنده مفاتيح كل شيء. وهـذا الاستثناء تم عن طريق ( السماع ) فـلماذا حمَّل الكاتب سبب الوباء للطبال: الذي يؤشر عليه النص كما قلت سابقا ونضيف أنه :(شخصية عامة) و(مطرب)و(مبدع )و( كاتب) و(...)
رجل1: يبدو أنك أيها الطبال سبب بلائنا..
الطبال: (مستفزا) كنت صامتا طيلة الوقت وعندما نطقت تتهمني بالبلوى. انا مثلكما اصبت بالعمى ..
رجل1: ومن لم يصب به.. يبدو ان هذا الوباء لا يعرف الا الفقراء..
هنا ينتقل النص من الشوفينية إلى التخصيص والتفيء ؛ بأن الوباء/ الجحيم لا يشمل أو يصيب إلا الفقراء؛ فهل القصد بالفقراء من الزاوية المادية أو الفكرية أو السياسية ؟
بما أن النص في كليته يحمل بعْـدا فكري/ إيديولوجيا؛ وإن أغفل الجانب الجمالي؛ نتيجة البعد المضمر في ذهنية الكاتب والمتمثل في القلق الوجودي؛ حتى أنه أدخـل (الطبال) عن طريق (رجل1/ أستاذ التاريخ) في قلق وجودي؛ الذي يعيشه :
رجل1: اي جمال تتحدث عنه..؟ لا أرى جمالا ولن أراه أبدا..
هـذا وإن كانت أغلب حوارات (الطبال) تنم عن قلق حاد من العمى؟ وفي ظلها فالإشارة واضحة للفـقـراء ( سياسيا ) كفاعل في [ الوباء = ( العمى) =  الجحيم ]:
رغم محاولة إقحام الدين مرة أخرى؛ في تركيب دلالي رهيب الدين/ السياسة وهـذا ما عشناه في بداية اجتياح وباء ( كورونا) أن الدين وسلطة الفقيه تدخلت في الوباء؛ واعتبرته بلاء إلهيا بحكم أن الفيروس جُند من جنود الله ولقد أرسله الله تعالى عقابا للدول ( الكافرة / الفاجرة ) لما ألت إليه الأمور من فساد وتسلط وابتعاد عن الطريق السوي ؛ فهذا التصور حاضر في النص كما يشير: (ربما ينفعك الدعاء../ هذا القدر! / هل هي لعـنة نزلت بنا../....) وإن كان هذا مطروحا فالنص يخالف هاته المنطلقات ؛ محددا نفسه في سياق بعده سياسي صرف؛ وليس مسرحا سياسيا كما سيفهم
رجل2: حين يرى الرب ان لا فائدة من تلك الاعين يطمسها.. كنا نرى كل ما يغضبه ونرضى جلبنا لأنفسنا البلوى بأيدينا وصرنا نندب حظنا.. تركيب دلالي رهيب الدين/ السياسة
رجل1: الرب لا يطمس ما صنعه ما قلته ليس صحيحا..
فمعارضة ( رجل1/ مدرس تاريخ)  أمالت الكفة نـحو السبب المباشر لاستفحال الوباء الذي  تحول لجحيم قاتل ومدمر . وبالتالي فصرخات (رجل2 ( محاولة توعوية/ نضالية ؛ للخروج من دائرة الجحيم الذي يعيشون فيه ، وكذا إيمانا منه أن رؤية القلب بديل عن رؤية العين. ومن خلال هاته الرؤية ؛ تجعل الإنسان حرا . والفقراء أحرار كذلك وبإمكانهم  كسر الجحيم . فعَـبر هـذا الطرح . أين يكمن  صوت الكاتب هل يتجسد في (الطبال )أم في( رجل)1 أم في ( رجل2)
رجل2: جهلكم هذا جعل كل من هب ودب ان يسيطر على مصائركم..
الطبال: تقصد الحكومة..؟ ها.. الحكومة.. قلها ولا تستحي.. تريدني ان اشترك في تغيير الحكومة.. انقلاب يعني.. نذيع به البيان رقم 1 (يصمت قليلا) لماذا هو البيان رقم 1 لم لا يكون البيان رقم 5 لأننا شهدنا اربعة انقلابات من قبل ..؟
رجل2: لم تعد الانقلابات تنفع.. الرؤوس كثيرة ومن الصعب جمعها في سلة واحدة..
الطبال: بدأت اشك فيك أنت لست اعمى، انت مبصر وتريد ان تزحلقني للمعتقل..
رجل2: قبل ان ترى في عينيك أبصر في قلبك.. اجعله مجسا تستطيع ان ترى ما ينفع الناس..
فمن خلال التأمل في هاته الحوارات يمكن لقارئ لهاته القراءة المتواضعة أن يستشف أين يكمن صوت كاتبنا – ع الكريم العامري –
                               
فـــاس 02/05 2020


18
المعــسكر الفيروسي 
 
                                                                                   
نــجــيب طـــــلال    
 
في غمرة الحجر الصحي؛ الذي فرض نفسه بـقـوة الفـعل وبفعل القـوة ؛ على عباد الله في كل البقاع والأمكنة؛ تتراءى لنا بين اللحظة والأخرى أفكار وقضايا تفرض نفسها علينا وهي خارج سياق اهتمامنا او من ضمن اللامفكر فيه  ؛ ولكن المثير أنها تكون أكثر إلحاحا وملحة بالقوة وعازمة بالفعل أن تخرج من ثنايا عروق ذهننا إلى الورق؛ رغم محاولة كبحها وإلغائها .إيمانا بأن هناك من هُـم أهـل الدراية بخباياها والتدوين و الكتابة عنها بصيغة فهمهم لخباياها.
ولكنها تخرج رغما عن المكبح الذي تنتجه التفاعلات اللاشعورية بالشعورية لتتجاوز الجدران والكرسي والمنضدة :
 فهل هي نتيجة الضغط اليومي بين الجدران والتنقل حينا بين الكتب والإنترنيت ومنصات التوصل الإجتماعي ؟
أم هُـوإحساس نرجسي لإبقاء بصمة مساهمة  أمام هذه الكارثة البيئية ؟ أم هُـومخاض يحمل خوفه من وباء – الفيروس- الذي يحصد المئات والعشرات من العباد هنا وهناك ؛ وخاصة " أوروبا الجريحة " (الآن) وها هي أمريكا وقبلهما  إيران تتسابق معها في الجثث كأن القارتين في مبارزة رياضية تنافسية من نوع آخر( رياضة الجثث) إن جاز الوصف؟
أم تبديد السلبية التي نشعر بها ضمنيا ؛ في عـدم الإسهام بما يجب الإسهام به لمواجهة ومقاومة الفيروس – الكوروني- كرجالات ونساء الميدان (الآن) ممرضات / أطباء/ نساء المختبرات العلمية والتحاليل/ رجال الوقاية المدنية والإسعاف/ نساء العمل الإجتماعي / متطوعات ومتطوعين/ رجال سلطة/ رجال الصيادلة / العاملين هنا وهناك - فتحية تقدير واحترام وإجلال لهم ولإتعابهم وتضحياتهم التي لا تنسى .
وبنـاء على الحجر الصحي . أغلقـتِ المساجد والجوامع في كل الأمكنة والمدن. إغلاق ( هـذا ) أخرج إبليس من جلباب وعمامة بعض دعاة ( السلفية ) في بقاع العالم العربي ؛ ليزداد نشاطا وحيوية في غوايته وشيطنته ؛ لأن حضوره وإبراز قـوته تكمن عند الغضب والهَـوى: { قَالَ رَبِّ بِمَا أَغـوَيْتـنِي لأُزَيّنـنَّ لهـمْ فِي الأَرْضِ وَلأُغـوِيَنَّهمْ أَجْمـعِـينَ }[الحجر/ 39] فالرافضين والمحتجين عـن فتوى الإغلاق سـقطوا سهوا في معمعان الغضب والهَـوى ؛ وإن كان الإغلاق عين الصواب في مضمون الفتاوى. وتوافق مقاصد الشريعة. التي اتفقت عليها وأصدرتها عـدة هيئات ومجالس  شرعية وعلمية ودينية في أرجاء العالم العربي والشرق الأوسط. وذلك لإبعاد عباد الله المصلين عن إصابة محتملة أو إذاية متوقعة أومن هجوم متوقع ومحتمل لفيروس - كورونا-  الذي يعْـشق الزحام والاحتكاك والعِناق والتحية بالأيادي والخـدود وما شابه ذلك. وبما أن إبليس الملعـونَ لا يُـرى والفيروس المشؤوم لا يشاهد ؛ فالمتوترين والغاضبين عـن هَـذا الإغلاق الهادف لسلامة البدن وحماية الوطن والمواطنين ؛ بغية التحكم في منابع المأساة والحد من انتشار الوباء المحتمل سريانه في الأماكن العامة ، وتفاديا للأخطار غير الموهومة التي تطل برأسها على البشرية شرقا وغربا.
 إذ جعلوا إبليس الذي تجلى وظهر في عنادهم وأفكارهم واتخاذهـم قرار العِصيان ؛ أن يستحوذ عليهم حتى لا يشاهـدوا الواقع كما هـو الآن من حالة استنفار وحرب ضروس تختلف فيها الاستراتيجيات بين دولة وأخرى لمواجهة المعسكر الفيروسي؛ الذي لديه ترسانة خاصة تكمن في المباغتة وسرعة الانتشار . وبما أن الشيطان رفيق من يخرج عن  الجماعة ؛ فتلك الشرذمة اختلطت عندها المعرفة الدينية بالمعرفة الدنيوية ؛ بحيث الأولى قصدها الآخرة ودار البقاء والثانية غايتها حفظ البدن و ومقاومة الـوباء. لأنها ترى الواقع بذهنية متفردة يغلب عليها الخيال المرضي أوالتلبيس . والتلبيس وضحه ابن الجوزي في كتابه ( تلبيس إبليس – ص38) في الباب الرابع ( في معنى التلبيس والغـرور) قال المصنف: التلبيس إظهار الباطل في صورة الحق؛ والغرور نوع جهل يوجب اعتقاد الفاسد صحيحا والرديء جيدا: وسببه وجود شبهة أو جبت ذلك ؛ وإنما يدخل إبليس على الناس بقدر ما يمكنه ويزيد تمكنه منهم ويقل على مقدار يقظتهم وغفلتهم وجهلهم وعلمهم. فالإشكالية تكمن فيما زين الشيطان لبعضهم من أفكار عصيانية؛ وإن كان البعد النفسي هو أس الظاهرة؛ من زاوية خاصة لكن من الجانب الديني؛ لامحالة أن هنالك مَـسًُّ شيطاني؛ متلبس بهم روحا وجسدا ومتحالفين معه في نفس الآن ! لأنه لا يعقل أو غير مستساغ  أن ما يعـيشه العالم اليوم من كارثة فيروسية قاتلة وفتاكة  وما تواجه كل دولة احترازيا ووقائيا وعلاجا، من هجوم المعسكر الفيروسي الحامل لأمراض معدية ووبائية مدمرة. ونسمع أصواتا وأطروحات غريبة وفتاوي: شاذة / عدمية / تحريضية / تـقود العباد للاندحار ودفعهم للمضرة؛ هل شهوة أم انتقاما لكي تتفاقم الكارثة البيئية؟ وكما أشار: عبدالله المني، في انتقاد لدعوة الشعيبي (غالبًا ) أصحاب الأطروحات الشاذة لديهم خليط من الاضطرابات النفسية كالوسواس والشك والإحباط. والحقيقة أن لديهم كوارث فكرية في دواخلهم لا يظهرونها فيستخدمون الحيل النفسية كالإسقاط والإنكار والعدوان وتبرير هذه الاستراتيجيات (غير الصريحة لفكرهم الحقيقي) تساعدهم على إيجاد قبول مجتمعي! المصدرهاهنا: ( إرم نيوزتحرير: قحطان العبوش ) وسبب هذا التفسير مرتبط بتلك الفتاوي المعارضة لقرار إغلاق المساجد ( تحديدا) ولاسيما الصراع بين (علي الشعيبي) والداعية السعودي وإمام الحرم المكي السابق (عادل الكلباني) هذا الأخير ربط دعوة الشعيبي بـ "الشيطان" والأمر ليس محصورا فيهما بل كل الدول العربية ظهر فيها متشددون/ تكفريون؛ فحتى في أوربا تم إغلاق الكنائس؛ وبعض من الكهنة رفضوا هـذا القرار؛ ولكنهم لم يحرضوا المواطنين بالعصيان. إذ بعصيانهم يساهمون عمليا ، تقديم طاقة حيوية للمعسكر الفيروسي لتزداد قوته الانشطارية وخدماته الوبائية بين الجموع . جموع هنا وهنالك هللت لهم وانساقت وراءهم خارجة ومهرولة في الشوارع والأزقة جموعا تهلل وتكبر؛ وبعضهم  اتخذ قـوة  من أبواب المساجد مقرا لصلاة جماعية ؛ ونسيت أن المعَـسكر الإبليسي والفيروسي متحَـدان ليمارسا نشاطهما الشيطاني الذي ينتشر ويتوسع  بمتوالية هندسية ؛ بسبب التجمعات والتواصل بين الناس. ولكن شرذمة إبليس ودعاة التكفير نسوا آية الله تعالى: [ إِنَّ عِبَادِي ليس لك عليهم سُلطَانٌ إلا مَنِ اتَّبَعـكَ من الغاوين ] (سورة الحجر/42) وسياق الآية الكريمة جد واضح ؛ باعتبار أن الغاوين الذين أضلوا الطريق ؛ لامحالة سيهلكون. ما داموا متلاحمين وسائرين على نهج الشَّيْطان ِ .إذ قال تعالى (إِنَّ الشَّيْطانَ لَكمْ عـدوٌّ فَاتَّخِذُوهُ عَـدُوًّا إِنَّمَا يَدْعُو حِزْبَهُ لِيَكونُوا مِنْ أَصحَابِ السَّعِير}(فاطر/6) إذا قمنا تجاوزا بمطابقة السعير دنيويا أليس: الوباء سعير/ جحيم كذلك. مادام انتشار الوباء بين الجماعة والجموع مهلكة  وهلاك للصحة والنفس البشرية .
 فلماذا يا ترى استنهضت همَّـة أهل المسؤولية وأصحاب القرار؟ لأنهم أساسا المعنيين أولا وأخيرا بعـدة إجراءات قانونية / احترازية ؛ منها إغلاق الأماكن العمومية وما يرونه شبهة وبؤرة قابلة أو سهلة لهجوم غير متوقع لكتائب المعسكر الفيروسي  عليها للقضاء على المواطنين .
لماذا هم متمسكين بزمام الأمور؛ ويلاحظ بشكل جلي في كل دولة شمال جنوب. أنهم حقا يتقاتلون ويتحركون ويخططون ليل نهار لهزم المعسكر الفيروسي واحتواء فوضاه وضرباته.
أليس من أجل البشرية جمعاء؟ أليس من أجل إبقاء العباد / المواطنين: بكل ألوانهم وأفكارهم وأطيافهم قيد الحياة؟
علما أن العَـدو/ الشيطان/ الفيروس ؛ كائن إبليسي ؛ يحتاج ويحتاج لأسلحة مضادة لهزمه ؛ لأنه لا يفتر؛ وكما قال ابن الجوزي في ( تلبيس إبليس – ص38)) قال رجل للحسن البصري: أينام إبليس؟ قال: لو نام لوجدنا راحة . هكذا تبدو كارثة كورونا( كوفيد 19)  كأنها حرب عالمية خفية لاعلاقة لها بالتخريجات الوهمية ! أوبما يسمى نظريات التآمر ! فرجاء أن ينام التكفيرون قليلا . حتى يتم إزالة واندثار المعسكر الفيروس اللعين من محيطنا وفضاءاتنا.

                                                               بـفـاس صبيحــة – 06/04/2020



19
"كـُورونا" حقيقـة أم إشـاعــة ؟
                                                                                     
نجيب طــلال
اتجهت لإشعال التلفاز؛  بعْـد جهد خاص في القراءة . ولكن ليس للاسترخاء التام ، بل للإحاطة ما هي المستجدات والتطورات الخاصة حول هذا البلاء/ الوباء؟ وإلى أين وصل [فيروس كورونا] باجتياحيه المريب واختراقه المثير لأجساد وأرواح البشرية عبر العالم ؟ وأي إيجابية  تحققت لمقاومته (؟) وخاصة في أوربا التي وضعت لها عنوانا خاصا [أوروبا الجريحة] لأنها هي الأكثر تضررا من هذا الوباء !  وإذا بأصبعي يضغط صدفة على المتحكم عن بعْـد؛ لأصادف قناة ( العربي) تناقش موضوع ((هـل كورونا حقيقـة أم إشـاعــة ؟))هنا لا يعنينا ما راج ؛ لأن هاته الكارثة الوبائية التي حلت وارتحلت بين المدن والقارات ؛ أفرزت وخاصة في (العالم العربي) محللين وعلماء وخبراء وباحثين وصحفيين ومشعوذين ودجالين وسماسرة واستراتيجيين ومنشطين محترفين في وسائل التواصل الإجتماعي؛ غرضهم ترويج الإشاعات ليس للتهويل كما أشارت بعض الدول( العربية) بل خدمة للجهات التي تدفعهم وخاصة ((الطارطوفيون/ تجارالدين)) *الذين انهزمت خرجاتهم في البداية ؛ وسُفـَّهتْ طروحاتهم المتخلفة والبعيدة كليا عن مفاهيم الحضارة والتحليل العلمي والإيمان بقدرات المختبرات والأطباء والممرضين :[[[ الذين نحييهم  (هاهنا ) ونحييهم  في كل اللحظات ونطأطئ رؤوسنا احتراما لهم وعلى تضحياتهم الجسام ]]] والمتجلية في الميدان وليس في المكاتب المكيفة !
إذ في لحظة تتبعي للبرنامج ؛ أتذكر أنني اطلعت على موضوع الفيروسات ولقد مَـرَّ بذهني ( فيروس كورونا) فحاولت جاهدا أن أتذكر ؛ ما استطعت . والمصادفة التي لا يمكن تصديقها – وتالله- أن صديقا في تلك اللحظة أرسل لي عبر( الواتساب) فقرة من الموضوع الذي كنت أعصر ذهني عليه ؛ وعليه المصدر. لم أصدق هل كان يقرأ ما بذهني ؟ هل يمتلك الحاسة السادسة ؟ كل الأسئلة مستبعدة باعتبار أن التواصل الإجتماعي وسيلة أساس ، لتكسير الحجز الصحي. ذلك مما نهضت للتو للمكتبة أبحث عن مجلة ( عالم المعرفة عدد 415) والمفاجأة وجدت أنه عددين وكلاهما يحملان نفس العنوان ][ الفيض – أمراض الحيوانات المعدية وجائحة الوباء التالية بين البشر- تأليف ديفيد كوامن ترجمة : مصطفى إبراهيم فهمي ج 1 عدد 415 / غشت 2014][ عن (المجلس الوطني للثقافة والفنون والآداب/ الكويت) ففي هذا العدد في (ص11) نجد: على أن بعض العلماء يخشون  من أن جائحة الوباء التالي التي تهدد العالم قد تنبثق عن فيروس معروف ولكنه يكمن في عائل خازن متربصا لوجود الظروف اللازمة لانتشاره وانتقال العدوى للإنسان مثال ذلك فيروس الكورونا ( الإكليل). سمي هذا الفيروس بالكورونا أو الإكليل؛ لأن المشهد تحت الميكروسكوب تبدو فيه جسيمات الفيروس وقد أحاطت بها نتوءات مستديرة بارزة كأنها إكليل. فيروس كورونا السارس يسبب مرض السارس الذي يدمر سريعا الجهاز التنفسي ويصعب علاجه بعد الإصابة به ويؤدي إلى نسبة وفيات عالية. وقـد أخذت تظهر الآن بعض حالات فردية منه بين تجمعات الحجاج في بعض البلاد )) فمن خلال هاته الفقرة الواضحة والمنطبقة على مستوى الواقع ؛ والذي تعاني منه أغلب الدول العالم سواء المتقدمة منها والمتخلفة  .
يتبين أننا لا نقرأ سواء قراءة عامة أو تخصصية ؛ أم أننا نقرأ فـعلا ولا نفهم أو نفهم ولا ننتبه ؛أو ننتبه ولا نستطيع أن نحلل لما يحدث أو سيحدث أساسا على أرض الواقع . ربما نتيجة انعدام البحث العلمي الرصين ؛ وعدم تشجيعه من لدن الدول العربية ؛ لأسباب ربما ترتبط بالتبعية أو الوصاية ؛ ليبقى المجال محصورا ومخصصا للمعاهد العلمية والمختبرات الدولية. لأنه كم من اختراع خلاق قام به شباب عرب؛ وقوبل إما بالرفض أو اللامبالاة من لدن دولهم ( العربية) والآن وعلى إثر اجتياح ( فيروس كورونا) مناطقنا ؛ فلا مناص بعد إزالة الغمة الوبائية عنا جميعا من إعادة ترتيب الأوراق العربية صحيا وعلميا وإبداعيا وإنتاجيا ؛ وأن نستمع لبعضنا البعض. لأن قمع حرية التعبير ومصادرة الرأي في العالم العربي؛ لم تعـد مجدية ؛ أمام ( العولمة) وأمام زحف الكوارث والأوبئة ؛ التي بعض منها نتيجة الاقتتال والحروب الطاحنة بين الإخوة العرب ؛ لأن ما يصيبنا من أمراض: إنها ليست أمراض تصيبنا مصادفة. بل هناك عوامل معينة تسببها؛ من بينها أفعال البشر أنفسهم  في الإضرار ببيئتهم. إذ نلاحظ في (ص134/ ج1):انتقال العدوى بين البشر أمر متأصل منذ البداية ؛ نوع من تكيف عارض مسبق للانتشار خلال عشيرة البشر؛ على الرغم من وجود تاريخ طويل للإقامة داخل بعض نوع  من عائل آخـر، فيروس الكورونا السارس كانت له القدرة ؛ منذ أول  الأيام لانبثاقه 2002-2003 في غواندونغ وهونغ كونغ. فيروس كورونا سارس؛ لديه  هذه القدرة  بصرف النظر عن أين يكون مكان اختبائه قبلها؟ أو لماذا يختبئ قبلها؟ ففي هات النقطة بالذات يبدأ الباحث ((الجزء الثاني عدد416 / سبتمبر/2014 )) في (ص9/ 10 ) الفيروسات كانت لغزا غير مرئي؛ مثل المادة المظلمة والكوكب إكس؛ وذلك حتة دخولنا القرن العشرين كان للفيروسات شأن بالغ الأهمية لكنها مثل النيوترون لا يمكن الكشف عنها...لأن الفيروسات حجمها بالغ الصغر مما يجعلها كأنها متلاشية الفيروسات بسيطة لكنها بارعة؛ وشاذة؛ واقتصادية؛ وفي بعض الحالات تكون حاذقة على نحو شيطاني... الفيروسات تعيش متطفلة متنافسة؛  الفيروسات تهاجم وتتجنب الهجوم وهي تناضل وتخضع للقواعد الاساسية نفسها التي تتبعها مثل كل المخلوقات الحية. أن تظل في الوجود وتتكاثر؛ وأن تعمل على أن تدوم سلالتها أبدا. فهذا الجانب البيو فيروسي ؛ ربما هو العائق الذي لم تستطع الدول المتقدمة علميا/ طبيا مقاومة ( فيروس كورونا / كوفيد 19) ولكن ضمنيا نجد العائق في (ص228/ج1) لنتذكر أن هذه الجائحة العالمية السيئة السمعة ( هنا يتحدث عن أنفلونزا لسنة 1918/1919) حدثت في عصر سابق للعولمة، يتحرك الآن كل شيء حول كوكبنا بسرعة أكبر بما في ذلك الفيروسات. لهذا نلاحظ الانتشار الرهيب لفيروس( كورونا) في ربوع الكوكب الأرضي؛ حتى أن المشهد أمسى أفظع من الحرب العالمية .وإن كان ظهوره سابق وقام بدوره القاتل؛...بعد أن انتشرت الأخبار عن سارس فيروس الكورونا القاتل الجديد، وكيف أن مساره قد توبع وصولا إلى خفاش صيني( ص102/ج2) وها نحن اليوم نلاحظ أنه بدأ من الصين؛ هل الأمر حقيقة أم إشاعة ؟ لما كان انبثاقه في العام2003  حالة تاريخية من الحظ الطيب والاستجابة الفعالة للوباء؛ ستكون هناك قصة أكثر ظلاما بكثير ثمة قصة أكثر إظلاما بكثير لاتزال باقية لتُروى؛ وهي فيما يحتمل  ليست حول هذا الفيروس، بل حول فيروس آخـر. عندما يأتي "الوباء الكبير التالي" يمكننا أن نخمن أنه سيوافق مع النمط المعاكس نفسه، وأن تكون القدرة العالية على العدوى سابقة للأعراض الملحوظة. سيساعده ذلك على أن يتحرك خلال المدن والمطارات كملاك الموت (ص228ج1) نستشف من خلال هذا الطرح أن هنالك نوعا من التنبؤ ؛ لما نحن فيه ( الآن) وبالتالي فها نحن نقاوم كل حسب موقعه وطاقته [[كورونا المستجد]] الذي هو حقيقة وليس إشاعة . كما يروج العديد من البلهاء أو المأجورين .  وفي نفس الاتجاه ( تلك ) الأرواح التي تحصد يوميا وفي كل بقاع المعمور إشاعة أم  حقيقة ؟
وبناء عليه فالكتابين/ الجزاءين (( الفيض – أمراض الحيوانات المعدية وجائحة الوباء التالية بين البشر تأليف ديفيد كوامن ترجمة : مصطفى إبراهيم فهمي )) اللذين يحملان تحليلا  علميا دقيقا وموثقا ورصينا وأحداثا واقعية باعتبارها علامة دالة على عمق التصور ونقاء السريرة. هل هما حقيقة أم إشاعة اختلقتها ؟

* نسبة لطارطوف إحدى المسرحيات الرائع لموليير( النفاق الديني) والتي منعتها الكنيسة سنة1664 لكن تم عرضها بعد التماس الى الملك لويس 14
                                                                        صبيحة /22/03/2020





20
كــورونــا اللعين... تحياتي !!
                                                                               
نـجـيب طــلال

هل نحن في حـلم  ؟ يبدو ذلك  ؛ ولكنه مزعـج ! أم نـحن أمام شاشة نشاهد ما نشاهده من أفلام  ؟ ممكن ولما لا !!! ولكنها مهولة مخيفة الأحداث والأهوال والأخبار والإشاعات ! الكل فيها بطل وحينا يصبحون اللابطل ؟ حتى أن الكل انقلب على عقبيه ؛ تخطيط وآمل الأفراد وسياسة الدول واستراتيجيتها ؛ دول تتخبط في اللامعنى وتسابق المكان واللازمان  . وأفراد حيارى في اللاشيء . وبين الحلم والفيلم:  أي معنى أصوب ( الآن) والمَشاهد والأفكار والقضايا تتزاحم وتتلاطم  في البحث عن الحياة . أي حياة ؟ والستار أسدل على مسارح العالم؛  وانطفأت الأضواء وتم إغـلاق أبوابها ! إنه الحزن والكآبة ستصيب رواد ها قبل رجالها ؛ ولكن كيف سيصلون إلبها  وإن لم تكن مغلقة ؛ وكل الطرقات والشوارع خلاء ؛ طبعا هي خلاء في مدن كانت تهدر بحيوية ناسها وزوارها وضجيج محركات سياراتها ودراجاتها ؛ ودقات أجراس كنائسها ؛ وأصوات آذان مساجدها ؛ وخرير مياه نافورتاها وصراخ حميمي لباعاتها المتجولين ؛ ونغمات مبدعيها المتسكعين؛ وصياح بريء لأطفال وهم يترامون على العشب أو على أيدي  آبائهم وأرجلهم الناعمة  تخبط الأرض فرحا ...لكن (الآن) أي فرحة وأي بسمة تأجلت في أغلب المدن، لأنها مدن أشباح بدون أشباح؛ يا للمفارقة ! إننا أمام أفلام الرعب [الهوليودية] أفلام لم يهجرها سكانها ؛ بل اعتقلوا بين الجدران قسرا ؛ اعتقلوا بدون جريرة ولا جريمة ؛ أرواحهم غائرة في اكفان الإسمنت ؛ أجسادهم تترنح في مساحة ضيقة ؛ هذا إن لم يكٌن الاكتظاظ كحالة الأوطان العربية ! غرف ضيقة و جدران ملتصقة لآ تتسع إلا لفردين أو ثلاث ؛ لكن بداخلها شرذمة من العباد ؛ تشخر وتسب وتنخر و تلعَـن وتصيح و تتقاتل فيما بينها ، ما هـذا ولماذا ؟ إنه سلوكها أمام الازدحام القسري وأمام البؤس  الجاثم في عيونها الغائرة قبل الموت ؛ وأمام الحاجة والفاقة التي ازدادت بعد الحصار ! وتلك أسر حائرة  بين الحصار والأخبار المتسلسلة والتعليمات خوفا من الموت .أي موت ؟  حتف نهائي بفيروس لعين إنها الحقيقة المتجلية (الآن) في كل الأمكنة المتحضرة أو المتخلفة  وفي كل الفضاءات المتقدمة أو المتأخرة.  كوكبنا الآن متساوي الأضلاع أمام الفيروس اللعين .
واحسرتاه ! فيروس استطاع  أن يدهس الأفراد والجموع ؛ ويفرض علينا شرقا وشمالا وغربا وجنوبا أن نختبئ وراء الأبواب ونتخفى وراء جدران الشقق والمنازل . لحد اللحظة إنه ينتصر، وإنه يجبرنا ،  بالعكس لقد أجبرنا أن نكون تحْـت جبروته و إمـرته وسلطته وتاجه لأنه [ كورونا ] فكل العباد والكائنات  منه  خائفين واجليـن من اجتياحه ومن أنيابه اللآمرئية وأرجله غير المكشوفة  وجناحيه الكاسرة ؛ فيروس لعِـين مختفي عن الأنظار والعيون ؛ إنه  أشد هيبة وضراوة وإقدام . فيروس أنت بلا شك محفوف بالجلال والخوف لكل من يسمع بك  أو يراك في جسد أحدهم تتسلل إليه؟ ولكن هـل أنت كائن أو غير كائن ؟ سؤال طرحه ويردده الفلسطيني والكندي والأسترالي والمالي والإسباني والمغربي والبلجيكي والموريتاني والهولندي والنيجيري والألماني والكويتي والهنغاري والعراقي والفرنسي والمصري و الإيطالي ووو كل أصوات العالم في حيرة. إنه كائن حسب الخبراء والعلماء ، غير كائن حسب المشعوذين والدجالين ؛ إنه  وَهْم حسب الواهمين ؛ إنه خرافة حسب المخرفين ؛ إنه جني حسب المسطولين... و مختبرات العالم الصيني والأوروبي والأمريكي يتسابق خبراؤها وباحثوها عقارب الزمن ودورات الساعة ، لإيجاد إكسير الحياة . لمقاومة الموت الأسود ، لإيقاف جبروت الفيروس اللعين ؛ ولاسيما أنه تسلل بدون سابق إنذار؛ لتدمير الحاضر والمستقبل وكل ما بناه الإنسان ، لتحقيق مشروعـه الحضاري.
تحياتي لك أيها الفيروس ؛ رغم أنك لعـين ! لعـِين حـقا . ولكنك استطعت أن تقلب الموازين وأن تخترق كل الجغرافيات وتزحف في كل ارجاء المعمور؛ وفي كلّ القارات بدون تأشيرة ولا جواز سفر. لتمارس قوتك الأخطبوطية  وتوزع هلعـك في الوجود والعَـدم.  تلونت كالحرباء من العدم للوجود وأمسيت بيننا موجودا. بوجودك وسلطتك الخفية، تعطلت المشاريع والمحلات والأسواق والإدارات والشركات والعلائق والملامسات والتجمعات والأفراح والمؤسسات....
كــورونــا اللعين... أنت وباء رمادي ؛ أنت جائحة سوداء ؛ ورغم ذلك تحياتي لك !! لأنك مارست العدالة الإجتماعية والسياسية ؛ لا تعترف باللغات ولا الأديان ولا بالحاكم المطلق للعالم ! لقد ساويت بين السيد والعبد بين الأجير والمأجور بين العامل والعاطل بين الصغير والكبير وبين النبيل والحقير؛ الكل خائف من تحركاتك ؛ الكل مرعب من خطواتك ؛ لقد خلقت فينا  شعوراً عاماً و إحساساً بمعـنى وحقيقة الحصار وطمع الجوع رغم الأموال ؛ ولا قيمة للجاه والصولة و المال أمام لـذة الحياة ؛ أمام الحرية ؛ أمام الإنسانية الحقة .
فكن ابن الفيروسات رحيما ؛ عفيفا وخفف أيها الفيروس الذي سموك '' كوفيد 19''من رعْـدك ونهمك وهيجانك ؛ كـن هادئا  واترك عباد الله في سلام ؛ وسلامك مقبول ؛ ووداعك مأمول ؛ نعدك بنافلة القول ؛ أننا سنذكرك بألف خير ؛ بعيدا عن الأقاويل وأقوال الوشاة ؛ الذي يسعَـون إفساد المحبة بين المحِب ِّومحبوبه ؛ فهؤلاء الوشاة  لن يَـقَع الـطعْـنُ إلا فـى نُحورِهِـم . نعلم أنك ترفض المواعظ ؛ والإشاعات؛ نعتذر لك مسبقا ؛ وكُـن مطمئنا أيها الفيروس اللعين ! لن ترى ولن تسمع إلا خيرا عـنك ؛ وعن خصالك ؛ فهل سمعْـت أحدا في أرجاء العالم ؛ يلعَـن أو يسب الفيروسات التي كانت قبلك: كالطاعون والتيفوس والجدري والكوليرا وإيبولا وغيرها..  نعم أنت وباء شرس لا خلاف .
 فاتركنا نعيد رمق العَـيش لعوالمنا ؛ ونرتب ما ضاع من أحلامنا وآملنا في هاته الشهور التي جثمت فيها على قلوبنا وأجسادنا ونفسيتنا ؛ كل العباد أمست تعيش العزلة والخوف من الآخر ؛ حتى لا يلمسه أو يسلم عليه أو يصافحه ؛ الكل أمسى مصيره معلقا بين البـِطالة والعَـطالة وبين الموت و الحياة وبين البر و البحْـر وبين الدِّفء والتشردِ.
ولن نخفيَ عنك سرا يا كــورونــا اللعين...  فنحن العَـرب لم تعـد الفرحة تدخل عوالمنا وفضاءاتنا ولا أجسادنا ولا بيوتنا إلا لماما واستثناء؛ الكل حاول أن يفتـح التابوت الأسود الملعون. لكي نعيش على البكاء والدم وعويل الثكلى وحزن المهجرين واللاجئين ؛ حروب هنا وهناك وفتن هناك وهنالك ، بين الإخوة والأشقاء والجيران ؛ ربما لعـنة الإسكندر المقدوني لا زالت سارية المفعول؛ أم لـعْـنة  نوح لإبنه حام لازالت قائمة بالسلالة ( ؟ )
 لن أطيل عليك أيها الفيروس اللعين ؛ نعم أنت لعين ! ولا تعتقد أنني أسبك أو أشتمك بل أمزح معك ؛ كما تمزح معـنا منذ شهور بطريقتك . واعلم  ماكنت سأحاورك في سريرتي ولا على أوراقي ؛ بل لا أدري كيف انفلتت مني هذه الأحرف وكيف انزلقت هاته الكلمات في ليلة حالكة ؛ مضطربة بأرياح وأمطار قيل لنا أنها رعدية في مناطق أخرى ؛ربما الخوف من هذا أو الوجل منك .
 فما ذنبنا لنعيش هكذا بين الرعب والحصار؟ ما جريمتنا لكي نعيش بين الطوارئ الصحية والموت البطيء ؟
فهل لك أيها الفيروس اللعين شروطا ومطالب لكي تنسحب من كوكبنا من وجودنا من ذهنيتنا من عقولنا ؛ حتى نسترد لياقتنا وننعم بمعنى الحياة ؛ رغم قساوة العيش ، وإكراهات الزمان ....




21
المسرح  و ذهْـنية التحْـــريم (03)
 
                                                                                       
نـجـيـب طــلال


فــرقـــاء التـحْـريم:

من عجائب الأمور في مجتمعنا الإسلامي؛ أن قضية تحريم الفن عموما والتمثيل/ المسرح ( خاصة) أنتج فرقاء و جماعات توهج الجـدل بين الإباحة / التحـريم ؛ بحيث كل فريق يدلي بحججه وإثباتات الإباحة ( أو) التحْـريم بمقتضى نصوص الشريعة ، واستنادا لرأي أهل الإسلام وذلك من خلال التأويل والقياس، حتى أن البعْض كـفَّر البعْض أواتهمه بالجهل وممارسة الضلالة مثل صاحب [ إقامة الدليل على حرمة التمثيل] الذي جاء نتيجة جَدل مع زميل له في التدريس والذي أفتى بإباحة التمثيل؛ بحيث ينعَـته تارة بالجاهل: والمقصود تنبيه هذا الجاهل المفتي إلى بعض أدلة تحريم التمثيل دون التوسع في ذلك والله المستعان(31) وتارة ينعَته بالكافر والجاهل معا:... فتكون المصيبة بهذا التمثيل أعظم لأنه كُـفرلا يشك فيه إلا كافر أو جاهل بالدين كهذا المفتي... (32) فهـذا الاختلاف أو بالأحرى الصراع ؛ أساسا مرتبط بما يتملكه الفرد من رؤيته للحقيقة المطلقة :  والتي يلزم منها أن من ينكرها يُـتهم بالكفر والهرطقة . وهكذا كان حال الإسلام...من هذه الزاوية كفر المعتزلة الفلاسفة ومفارقة التكفير هنا أن المعتزلة قـد كفـر بعضهم بعضا (33) وهاته الصفة / التهمة ؛ كانت صَكا يوظف عند الحاجة حسب الدرجات والمقامات. لتحقيق المنع / التكفير بعْد الهجوم . من لدن مَن يدعون الوصاية من المتدينين والمؤثرين في دواليب السلطة . أو أحدهما شعَر بانفلاتها منه .
وهـذا لم يكن واردا بشكل مباشر ومستفحل في ذهنية التحريم المسيحي. كغطاء يخفي ما يخفي من الدسائس والضغائن بين الأساقفة أو الكهنة أو الأبرشية بحكم أن الكنيسة كمؤسسة دينية / لاهوتية . وهي التي كانت تملك الحقيقة المطلقة وتسعى لتوظيفها لتتسع رقعة النصرانية ؛ وخاصة أصحاب المذهب الكاثوليكي؛ الذين كانوا يهدفون لتوحيد العقيدة؛ مما كانت لهم مبررات تجاه تحريم – المسرح- بعْـد اتهامهم للعروض الرومانية  بالهرطقة / بـِدَع /لأنها تقـدم عروضا تهريجية ساقطة . مما دفعها إلى توظيف الشعائر والقيم الدينية وتفسير لبعض الطقوس والتعاليم النصرانية في الكنيسة . من خلال تقديم عروض مسرحية ( كانت) تخدم قيمها وأهدافها اللاهوتية. مثل الراهبة" روزفينا" في القرن العاشر الميلادي قامت بكتابة مسرحيات دينية من داخل الهيكل. وبالتالي: لم يكن الكثير من المصريين غير المسيحيين ، يعرفون حتى سنوات مضت أن هناك مسرحا داخل الكنيسة. حتى ثارت مشكلة مسرحية الإسكندرية التي تسبب انتشار سى دى لها فى إثارة غضبة البعض من سريعي الاشتعال فى الجانبين.  وبالطبع لم يكن وقتها أهم ما يشغل البال هو سؤال المسرح داخل المؤسسة الدينية ، بل كان كالعادة يسيطر سؤال الفتنة/التصالح بين كل ما هو إسلامي وبعض ما هو مسيحي.  ثم عاد النسيان يغطى هذه المعلومة غير العادية . لتجد الكثيرين لا يعرفون شيئا عن وجود مسرحا فى الكنيسة المصرية. بل إن كثيرا من المتخصصين لم يشاهدوا فى حياتهم عرضا مسرحيا واحدا فى كنيسة . بالرغم من أن عدد العروض المسرحية داخل الكنائس... يصل  للآلاف التي تتجاوز إنتاج كل الفرق المسرحية بأنواعها وقطاعاتها (34) ففي هذا السياق؛ نجد بعض فقهاء الاسلام يتحاشون مواجهة منظور المسرح الكينسي . ربما بناء على مفهوم التسامح الديني أو تهَـربا من السقوط في التناقضات بأن المسرح بدعة غربية (كفار) ولكنه مفصول عن الكنسية؛ مما يشيرون بنوع من التشبيه  للموضوع : فإن مما شاع في هَـذا العصر الذي قل خيره. وكثر شره بدعة التمثيل التي جاءتنا من الغرب وطغت علينا من عاداته وتقاليده.... فأنشئ في كل جماعي ما أسموه( فرقى التمثيل الديني) وهذا غاية العجب ! فمتى كان التمثيل دينيا؟ ومن ذا الذي جعله من الدين؟  ولكن غلبة الجهل والهوى تصير المنكر معروفا، وتجعل البدعة سنة ، والقبيح حسنا (35)  فبنوع من التأمل الرصين؛ نلاحظ ضربة مزدوجة للكنيسة التي تبنت المسرح الديني لأهدافها؛ وللفرق الإسلامية الذي تبنته للاستقطاب كبدعة مستقات من الكنيسة بطريقة غير مباشرة .
ولهذا فـذهنية التحريم الكنسي تجاه المسرح كان لموضوعه ؛ فلو كان لذاته لما أعادته للواجهة يمارس أنشطته أوهرطقته ؛ خارج الكنائس بغض النظر على استراتيجية فصل الدين عن الدولة فلا زالت بعض الكنائس تتخذ من المسرح منبرا لها: ... نحن نرعى كل أشكال المسرح الهادفة سواء الدينية أو الدنيوية... أنا أؤمن بالدور الفعال الذى يقوم به المسرح نظرا لقدرته الفريدة فى التأثير على اﻟﻤﺠتمع بالكامل.فالوعظ يخاطب فئة معينة والترنيمة تخاطب فئة أخرى. أما المسرح فيخاطب كل الفئات فهو له تأثير قوى على كل المشاهدين الذين يتلقونه .وهذا ليس غريبًا علينا فالكتاب المقدس ذاته نجـده يـعـتـمـد عـلى الـكـثـيـر من الحـكـايـات الـتى بـها الـكـثـيـر من تـقـالـيـد الـدرامـا المـسـرحـيـة لـيـكـون لـهـا تأثـير قوى وفـعال . وأنا أقـول لو أنه وجد مـسرحا فى عهد السيد المـسيح لكان تم استخدامه للتأثير في الناس وتوعيتهم لصلاح أحوالهم (36) بخلاف العديد من فقهاء الإسلام الذين حرموه لذاته وموضوعه ؛ علما أنه لا يوجد دليل شرعي صريح يحرم التمثيل؛ وبالتالي فالإباحة هي الأصل ما لم يرد دليل المنع. ورغم ذلك ففريق الإباحة قليل جدا، بخلاف أصحاب ذهنية التحريم ودعاته فهم كثر(جـدا ) وتساندهم المجاميع الفقهية ودار الإفتاء واللجن الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء ولجنة الفتوى والأحزاب السياسية المتأسلمة والجمعيات المتفرعة عنها وعن بعض التيارات الدينية ؛ وهناك أفراد هنا وهناك يمتلكون ذهنية التحريم وليسوا فقهاء ولامنتمين للجماعات وغيرها ، بحيث لانراهم ولا نعرفهم ؛ لكنهم يعتبرون أنفسهم أوصياء على الدين ومشغولين بمحاربة الفن ؛ فحرّموه على أبنائهم وعشيرتهم... وكل هذا فأغلبهم يتمركز على قضية التحريم من خلال:... وأن الغثاء والخونة الذين توافدوا علي الغرب هم الذين جلبوا هذا الداء العضال ، من جملة الأدواء التي نكبوا بها الإسلام والمسلمين (37)

سـرطانـية التحـريــم :

مثل هاته الأحكام ؛ يلعب عليها أغلب فقهاء التحريم ؛ لتأجيج الفتنة من الزاوية السياسية ؛ بعيدا عما هو تراثي / ديني. خاصة إبان عودة الدين بشكل قوي إلى الواجهة، وذلك في إطار [الربيع العربي]الذي فرض بحتمية التاريخ  ظهور وصعود التيارات الإسلامية  في عدة دول عربية . مما أججت ذهنية التحريم خطاب التكفير وسعت لتجذير الطائفية وانتشار التطرف والعنف؛ فحينما نجد مثل هذا العنوان[ التنكيل أو التقتيل لمن أباح التمثيل] أو[زجر السفهاء عن إباحة تمثيل الصحابة والأنبياء] أليس هـذا تحريض للعنف والإرهاب ضد الفن والمسرحيين ؟  وأبعدها جعل قطيعة بين الشرق والغرب؛ متناسين المثاقفة والتثقاف وتداخل الحضارات؛ وأبعـد من هذا يتم تغييب (من) أين جاءت الحضارة الإسلامية ؟ فهذا التغييب القصدي له منطلقاته ؛ ابتدأت معالمه أثناء ظهور الصوفية والمتصوفة ثم: ازدياد لهيب الصراع الفكري والعقائدي في العقود الأخيرة ؛ لدواعي سياسية تتقاطع والفكر السلفي الوهابي. بحيث: تبلورت الحَميَّـة الدينية لرشيد رضا رائد الحركة الوهابية السلفية الجديدة ورئيس تحرير" المنار" الفكرة المحورية في هذه الكتابات، تسييس الإسلام .إذ كانت عقيدته أن الإسلام يتوقف عن الحياة إذا لم تؤسس الدولة الإسلامية العالمية (...)  من هذه الزاوية يعتبر الممهد للإخوان المسلمين، بل الممهد لحركة سلفية تدين البدع وتمجد السلف الصالح(...) وسرعان ما تأثرت الحركة السلفية الوهابية التي ظهرت في المملكة العربية السعودية بزعامة محمد بن عبد الوهاب ومهدت للسلفية في مصر والهند وأندونيسيا، ولكنها في النهاية ترتد إلى ابن تيمية وابن قيم الجوزية؛ وشعارها لا سلطان إلا سلطان القرآن والسنة؛ ولا عقيدة سوى التوحيد(...) وبظهور الإخـوان المسلمين تسيس الإسلام...( 38) مما نتج فيما بعد عن تمظهر جماعات وفئات دينية سياسية، تختلف درجاتها بين التطرف والتزمت والوسطية ...وإلى ما ذلك. من خلالها مارس أغلب رجال الدين دورًا مباشرًا في إنماء وتغذية ظاهرة الفكر الأحادي والتطرف ومحاربة الإبداع بشتى تلويناته وأنماطه وغيره من مفردات هوية المجتمعات المتمدنة .وارتباطا بهذا الوضع الذي أمسى معاشا في عدة محطات؛ فمن المغالطات أن نعتقد بأن المجتمع العربي/ الإسلامي يتكون من جماعات وفئات وطوائف دينية عقائدية. ولنا في تصريح الرئيس الجزائري الأسبق علي كافي شهادة  تدعم طرحنا: «بأن انتشار التطرف في الجزائر الذي ولّد العنف والإرهاب بداية التسعينيات يرجع إلى الشيخ محمد الغزالي»، الذي أمضى سنوات يُدرس ويدير الجامعة الإسلامية، في قسنطينة، ويخاطب الجزائريين، من التلفزيون الوحيد ـ وقتذاك ـ كل يوم اثنين. وهي حظوة لم يحصل عليها ولا واحد من رجال الدين الآخرين(39) وبالتالي فكل المظاهر الحضارية كالمسرح بكل مكوناته من ممثل/ حكاية/ ديكور/ معهد التكوين/..../ تم تحريمه وأمست الكتابات والمؤلفات التحريمية تستنسخ بعضها البعض؛ من خلال أول مؤلف مدون ومطبوع مصنف دعا علانية بتحريم التمثيل سنة (1928) [ إقامة الدليل على حرمة التمثيل] حتى أمسى مصدرا ينهل منه الفقهاء والشيوخ بطرق ملتوية ، مما تشكل ((التحريم)) كنوع من السرطان يتحرك هنا وهناك في صمت ، وبإضافات متنوعة . مرفقة بالشتائم والنعوت القدحية لممارسيه وحتى لعشاقه أو لجمهوره . ولكن له تأثيره القوي على ذهنية ( المواطن) بحكم طبيعة التخلف وكـذا من زاوية الإعتقاد الإيماني بسلطة الفقيه .وبالتالي: وقد تعلق بضلالهم وأصول فسادهم بعض الطائشين في هـذا العصر فقاموا بإحياء كتبهم وذكرهم يرتزقون بذلك ارتزاقا ويحسبون أنهم يحسنون صنعـا وهم في الحقيقة يفسدون الآمـة وعقيدتها(40) وبناء على ذلك وكما أشرنا سلفا؛ ليست هنالك دراسات سوسيولوجية في المجال ، ليفهم المرء ويستوعب عَمليا /عِـلميا. لماذا هنالك تراجعا خطيرا في عـدد المهتمين والممارسين والجمهور؟ ولماذا كل المشاريع الفنية/ المسرحية في العالم العربي تبوء بالفشل والانهيار؟ إذ الأغلبية ترجع الأمر لسياسة الدولة ؛ والموضوع لا صحة له من عِـدة جوانب ؛ وبالتالي فلماذا الآخرون لازال الإبداع ينمو ويزدهر؛ والمسارح تزداد ازدحاما عندهم ؛ وبدورهم عاشوا فترات التحريم والتكفير ؟ ولا نحاول هاهنا أن نقفز التعصب الديني في المجتمع الأوروبي؛ الذي تمثله الأصولية المسيحية ؛ التي تبرز ويتمظهر غضبها وسخطها على بعض الأعمال المسرحية؛ وخاصة التي تشوه في نظرها – المسيح أو مريم العذراء؛ فمثلا: أثار عرض مسرحية الإيطالي روميو كاستيلوتشي في باريس التي يتحدث فيها المخرج عن تفاصيل وجه المسيح سخطا لدى "الأصوليين" المسيحيين الذين يتوافدون على قاعة العرض كل يوم للتشويش على عرض المسرحية، وتلقى الفريق العامل في المسرح بعض التهديدات والشتائم من المحتجين الذين استطاع بعضهم الدخول إلى المسرح بالتذاكر والصعود إلى الخشبة لتعطيل العرض(41) فمثل هاته التهجمات وإن كانت بسيطة وثانوية فهي وقعت في بعض الدول كروسيا؛ من هنا نستشف بأن العلاقة بين الفن والدين هي علاقة شائكة؛ وإن تجاوزها العالم الأوروبي ؛ ولكن الأصولية تعيد إشكالية السؤال الشائك؛ رغم أن المسرح ليس دخيلا كما هو الشأن عندنا ؟ وفي تقديري ؛ فـقضية ( الدخيل) أمر مردود أمام كينونة المسرح كتجلي إنساني ؛ كوني؛ ولابد أن يكون ، انطلاقا من كينونة الإنسان وديمومته ووجوده. لكن الإشكالية انغمس العرب في النقاشات التافهة هل عرفنا المسرح أم لا ؟ تلك النقاشات والدراسات التي أغرقتنا في السراديب والمتاهات ؛ لتحقيق الأصل والتأصيل لهويته وانوجاده العربي ؛ وذلك بشكل تعسفي وبأسلوب الاجترار والتكرار السخيف .  وانضافت إليها أصوات ذات ذهنية تحريمية و التي تمارس عنفها لنفيه وكسرانوجاده وفعاليته وإخراس نغمته وتلويناته . وهذا لم تعـشه أوروبا أو الشرق الأدنى أو الأقصى وحتى إفريقيا إلا( نحن) العـرب ؟ علما أن المسرح فعل إنساني/ مدني/ حضاري/ لا يحتاج في الأصل إلى بطاقة انتماء سواء دينية أو جغرافية أو قومية. وبالتالي فالإبداع إبداع ؛ إيمانا بتلاقح الحضارات؛ لأنه كائن بكينونة الإنسان أيما انوجد؛ ولا يمكن أن يظل الفرد على حالة واحدة ، فمن خلالها يتمظهر التزمت والتَّحجُرالفكري ؛ الذي يتطور لمشروع إرهاب ( ! ) بل لامناص من خلق وتفعيل موازنة بين تغذية الروح ،كما يتغذى الجسد ؛ ولاسيما أن المسرح وتنويعاته مجال إنساني يمارسه الفرد ويشاهده الجمهور؛ لتحقيق متعـة ولذة جمالية وفكرية ؛ وفي حد ذاته يـعَـدّ متنفسا ليس بالمفهوم [الكاتتريسي] للهموم والكراهية والحقد وويلات الحروب؛ لكن حينما تصبح المتعة واللذة حراما ب[فتاوى ومجاميع] فالخاسرالأكبرهو المجتمع؛ باعتبار أن الفن أساسا مرآته . فأي تفسيريمكن أن يعطى ؟ : وقد سبق لبعض العلماء أن منعـوا إنتاج فيلم "الرسالة" للمخرج والمنتج الراحل مصطفى العقاد، وعندما ظهرللنور حَـرَّموا عَـرضه ! والواقع أننا نعتمد الآن على فيلم  )الرسالة( اعتماداً كبيراً في التعليم والترفيه الملتزم (42) وفي إطاره هنالك تعليق جميل في الهامش( يشير) في المناسبات الدينية الإسلامية لا تجد الفضائيات شيئاً ترفيهياً تعرضه سوى فيلم: (الرسالة) أو (عمر المختار)!! إذ نحن أمام مفارقات رهيبة بين التطور الحضاري والتكنولوجي؛ وذهنية متحجرة ومتكلسة. وتأكيدا لذلك؛ تلك الضجة والجـدل العنيف والهجوم المضاد على مسلسل [عمر بن الخطاب] قبل إنجازه وقبل عرضه ورؤيته؛ حتى أن الأمر تطورلدعاوى قضائية كالتي رفعها محام كويتي يدعى "حامد سالم" ضد مجموعة "MBC" مطالبا بمنع مسلسل ((عمر بن الخطاب)) ووقف نشاط أي قناة فضائية تبثه مستندا إلي الفتاوي التي لا تجيز تمثيل أو تجسيد الصحابة . أو الحكم الذي قضت به محكمة القضاء الإداري في مصر، بوقف عرض المسلسل.وفي نفس السياق ؛ دعت رابطة علماء المسلمين إلى عدم مشاهدة المسلسل ومقاطعته وقد أصدرت عـدة فتاوى بتحريم مشاهدته. بحيث أن: قصة إظهار شخصية عمر على الشاشة والتي أقـَرھا علماء المسلمین الستة وعلى رأسھم الشیخ یوسف القرضاوي فـأنا واثق أن أي من العلماء الستة لم یقرأوا سيناريو المسلسل وإنما عرض علیھم ملخص وأجازوه..... وھذه جریمة كبرى ارتكبھا حاتم علي وولید سیف وام بي سي وتلفزیون قطر والعلماء الستة الذین أجازوا مسلسل عمر بن الخطاب (43) وبشكل أو آخر نستشف أن المتحكم في العملية التحريمية ، البعد المذهبي/ السياسي. صراع (الشيعة مع الشيعة) و(السنة مع السنة ) و(السنة مع الشيعة) و(الشيعة مع السلطة ) و(السلطة مع السنة ) فمن خلال الفنان- عبدالعزيز مخيون – الذي بعدما كشف أنه لم يشارك في مسلسل عمر إلا بعَـد موافقة القرضاوي مضيفا: استغرق تصوير دوري 12 يوما.. قضيت هذه الفترة في مراكش، حيث تم بناء مدينة مكة كاملة هناك.. والمثير بالنسبة لي هو المستوى الرفيع الذي لمسته بالإضاءة والتصوير والملابس والمكياج، أدركت أن الإيرانيين سبقونا بحوالي 50 عاما.. وبعْـد تفكير أدركت أنه أمر طبيعي أن يحدث ذلك لأننا توقفنا تماما عن تطوير أنفسنا... وأعتبر وجودي في مسلسل عمر بن الخطاب شرفا كبيرا لأنها تجربة غنية من حيث الإنتاج وغنية أيضا في مستوى التكنيك (44) فبناء على هَـذا التصريح نستشف الحضور[ الإيراني] وبدون أن نمارس التأويل أو التخريجات السياسية؛ فأبعاد التحريم منذ القرن ( 19م ) وهي تتراوح بين الديني/ السياسي . لأن واقعنا العربي/ إسلامي متشابك ومركب ومهجن حتى:أن السياسي أثرت على شريعة الإسلام  تأثيرا سلبيا بعيد المدى ,,, فإنه ما تدخل السياسة إلى العقيدة فتحولها إلى ايديولوجيا. وفارق كبير بين الإسلام دينا وبين الإيديولوجيا الإسلامية : فالدين رحابة وسماحة وإنسانية عادلة ورحمة وسلام أما الإيديولوجيا فهي شمولية ديكتاتورية وتحزب وجنوح وعنف وقتل وإرهاب (45) وهنا لو قمنا بتدوين ما يروج من أحداث ومواجهات وتعنيف للمبدعين باسم الدين ؛في أكثر من محطة عربية. لما اتسع المقام في المقال؛ فعلى سبيل المثال: نشر المذيع والإعلامي السوري "فيصل القاسم" الأربعاء 6 فبراير 2019 تغريدة على حسابه في موقع "تويتر" حول فيديو لجمهور عراقي يهاجم ممثلا في عرض مسرحي بمدينة كربلاء ذات الغالبية الشيعـية.ويظهر الفيديو الذي نقله "القاسم" عن موقع "سوشال" تحفز الجمهور لضرب الممثل الذي يؤدي دور أمير المؤمنين "عمر بن الخطاب" (رضي الله عنه) بينما يؤدي مشهدا مزعوما باقتحام البيت على السيدة "فاطمة الزهراء" رضي الله عنها. فهذه الجرأة هل مردها الجهل أم الأحقاد المذهبية ؟ هنا فالآمر متداخل ومتشابك بحكم البنية المركبة على التحريم الذي يمارس قوته الخفية ؛ في الذهنية العربية بشكل عام . وإن كان باطن الفعل سياسي محض، والذي كانت تتحرك في إطاره التيارات السلفية منذ عقدين ونيف من الزمن؛ محدثة تفاعلات مريبة فرضت خوفا مضاعفا في المجتمع العربي وغيره . بحيث  ثمة مبدعون / فنانون ابتعـدوا كليا عن المشهد الفني والمسرحي. فإذا تأمّلنا سرّ اعتزالهم أوعُـزلتهم أو هروبهم . لا محيد بأن هناك مؤثرات دينية / سلفية لامحالة في الموضوع ؛ بدعوى مخافة الله ورغبة منهم في التوبة والتفرغ للعبادة، بعد أن شعروا بالندم على ما أضاعوه من عمرهم في معصية الله  حسب تصريحات العديد منهم ( ! ) وهنا من الصعب حصرهم في لائحة واحدة . وعلى سبيل المثال: اعتزل فضل شاكر في أواخر 2012 كي يتفضى للعبادة متأثراً بالشيخ اللبناني السلفي أحمد الأسير وشارك معه في اشتباكات عبرا في مدينة صيدا الجنوبية، والتي راح ضحيّتها 18 عسكرياً و11 مسلّحاً (46) فهاته صورة غنية عن حضور الديني في الاعتزال؛ طبعا لا يمكن أن نلغي من حساباتنا قضية التهميش والإقصاء والإستغلال وقـساوة العيش والمخاوف المتداخلة مع الديني وأبعد من هذا: فأنا أعلم أن الموهبة جريمة فى بلدنا يعاقب من يرتكبها وكذلك الاجتهاد والنجاح لهما أعداء ولا أحد ممن يتكلمون يبحث عن سبل للاجتهاد لكى يحصل على ما يريد.  فقط يتفرغون للحديث فى الفاضي فقط لهذا لا يحققون شيئا (47) هاته صورة تعكس هواجس المبدع العربي الصادق مع نفسه. الذي يدرك بخبرته أو إحساسه بأن هنالك دائما ضربات استباقية تصبح قرارات ومنهجية نافـذة ضد المبدع قبل الإبداع .

                                                                                                   يــتبـــع


الإحـــالات :

31) إقامة الدليل على حرمة التمثيل – ص - 10
32) نــــفـــســـها – ص- 18
33) الأصولية والعلمانية لمراد وهبة  سلسلة قضايا العصر(1)  ص 17 دار الثقافة / ط 1 /1995
34) روزفيتا مازالت تكتب مسرحها سرا في الكنيسة المصرية : لأحمد عامر- ص31- مجلة   
       مسرحنا ع/223  - بتاريخ/24/10/2011 /
35) إزالة الالتباس عما أخطأ فيه كثير من الناس لأبي الفضل عبدالله الصديق الغماري ص 31  ط 3
       /2004  مكتبة القاهرة – علي يوسف سليمان
36) حوار مع الأنبا مرقس راعي الفنون في الكنيسة المصرية حاوره خالد رسلان -  ص23 -  في
       مجلة  مسرحنا ع 223 / بتاريخ  24/10/2011
37) تقريظ فضيلة الشيخ العالمة:ربيع بن هادي المدخلي 18/3/1413 هـ
38) الأصولية والعـلمانية لمراد وهبة  سلسلة قضايا العصر (1)  ص73/74  دار الثقافة / ط 1 /1995

39) كرونولوجيا «تكفير الأدب» في الجزائربقلم سعيد خطيبي - القدس العربي بتاريخ17/11/2017
40) تنبيه القاري إلى فضائح أحمد بن الصديق الغماري لمصطفى اليوسفي ص4 مراكش/1996
41) مسرحية عن المسيح في فرنسا تثير سخط "الأصوليين" المسيحيين: المصدر فرنس 24
      الإخبارية بتاريخ  : 02/11/2011
42) فن التمثيل أحكامه وضوابطه الشرعية- لحذيفة أحمد عكاش– ص 7 / 2014 فقه الإعلام ج1
43) مسلسل فاشل بامتیاز ومغالطات تاریخیة بقلم عبدالله عيسى دنيا الوطن- بتاريخ  10-08-2012
44) تصريح للفنان مخيون: شاركت في «عمر» بعد موافقة القرضاوي المصدر: صحيفة الأنباء
       الكويتية بتاريخ- 2012/7/26
45) الاسلام السياسي لمحمد سعيد  العشماوي – ص 3-  ط/4 مكتبة مدبولي الصغير 1995
46) اعتزلوا في قمة عطائهم... مجلة - ياوافيد- لآية أبي حيدر- بيروت في04/03/2016
47 ) الموهبة في بلادنا جريمة حوار مع المخرج: أحمد عبد الجليل  حاوره  محمود الحلواني ص7   



22
تــــلــك المـــرأة !!
                                                                                       
نــجـيب طـلال



في تقديري ؛ فالأيام العالمية في العالم العربي؛ يبدو لي أنها  بدون معنى ولا قيمة لها ؛ بقدر ماهي إلا زينـة وعادة ذئبنا على إحيائها ؛ وتفعليها من فراغ إلى فراغ أشـد. إما مرضاة أو إرضاء لغرورنا ؟ أم إرضاء للآخر الذي أنتجـها ؟ أم عربونا بأننا لا زالنا بشكل أو آخر مستعمرين  ؟  او نحييها لكي   ليستحمر بعضنا البعض ؟ كـمثل هذا اليوم ( العالمي)الذي نحن فيه [( الثامن : آذار = مارس)] فـهل المرأة العربية تحتاج  لهذا اليوم لإحياء فعاليتها ووجودها؛ وإعلاء صرختها ؟ فكم من يوم مـرَّ صرختْ  واحتفلتْ فيه ! وتلاه آخر واحتفلت به وصرخت فيه !! ولا جديد ولا تقدما في عمق أيامها المتوالية. إذ  لازالت بضاعة ولازالت مستعبدة ؛ والأدهى أنها أمست تلك المرأة في العقد الأخير مستباح عرضها ومستباح دمها في حروب الهيمنة والكراسي و الفتن والطائفية في بؤرالتوتر العربي / الخليجي. والعربي/ الغربي . إنها لفوضى سوريالية المفاهيم والمعاني؛ دماء ورصاص ومجاعة وجثث ومفاوضات؛ وتلك المرأة العربية لاوجود لها ( الآن) إلا في قاموس الاغتصاب والتشريد والنكاح... وفي هذا السياق سعيت أن أقـدم نموذجا للمرأة العربية كيف كانت تفكر؟ وكيف كانت تكتب ؟ وكيف كانت تنظر للأمور ؟ قبل أن يلج اليوم العالمي للمرأة فضاء الأمـة العربية (!  ).
ولنتأمل لهذا النموذج  الذي عَـمَّـر ( 87 سنة) لقد صادفته في الصفحة -  34 /35 – من مجلة  الرسالة  :السنة الأولى العدد 22   بتاريخ الاثنين- 16 شعبان 1352 الموافق – 4 ديسمبر1933 ( تلك) مجلة أسبوعية للآداب والعـلوم والفنون
صاحب المجلة ومديرها ورئيس تحريرها المسئول – أحمد حسن الزيات .


                                رسـالــة المـرأة –  بقلم أسـماء فـهمي


اختص الرجال بالنبوءة دون النساء ، وعـد الرجال ذلك الاختصاص بطبيعة الحال بابا للتفاوت بينه وبين المـرأة  ومبرر للتعالي عليها ، ولكن  المرأة وإن لم تنل هذا الشرف في الأديـان السماوية فإنها في الأمـم الوثنية القديمة كمصر واليونان قد بلغت من تقدير الإنسان حد التأليه ؛ فَـعبَدها السنين الطوال... وأقام لها أبدع الهياكل وأجمل التماثيل والنصب، فكـانت مثلا المعبودة إيزيس التي عدها قدماء المصريين رمزا للفضائل النسوية من حنان وشجاعة وصبر ووفاء، تنافس الآلهـة الآخرين بوفرة قرابينها وكثرة قاصديها. وكذلك عَـبَد أفروديت وفينوس ملايين البشر من إغريق ورومان، إذ كانتا رمزا لصفة مرغوبة في المرأة وهي الجمال... منبع الوحي والإلهام . والعرب الذين لم يقيموا التماثيل للمرأة في جاهليتهم ولا في إسلامهم جعلوها حلية في صدر قصائدهم التي لها ما للهياكل المصرية من جـلال وفخامة . وما للتماثيل الإغريقية من خلود وجمال؛ فجرت العادة أن يترنـَّم الشاعر باسم المرأة في مطلع قصيدته وإن لم يكن الموضوع موضوع غـزل وهيام ، وذلك اعتراف بليغ بما للمـرأة من أثر في عبقريتهم وفنهم . والعالم الحديث يقدر ما في المرأة من قوة الوحي والإلهام بطريقة لا تختلف كثيرا عن طرق الأقـدمين. ففي عالم الفن مثلا تستخدم المرأة للتعبير عن العـواطف السامية والمعاني الرقيقة فنـرى ؛ وات(watt ) الفنان القدير يمثل الأمـل في غـادة فتانة تجلس على سطح الكرة الأرضية تحت سـماء لا ينزع فيها غير نجمـة واحدة ترسل قبسا ضئيلا من الضوء، تحاول أن تعزف نغـما على قيثـارة ليس بها غير وتـر واحـد... كذلك تشان يمثل الربيع بما فيه من حيـوية متدفقة، وأمـل باسم، وجمال فاتن في ( فلورا) الشهيرة ذات الحسن الرائع. والمثال المصري "" مختار" في تمثال نهضة مصر، يمثل مصر الحديثة التي أخذت تلقي جانبا أغـلال الخمول بفتاة قروية ممتلئة جمالا ونشـاطا. ولم نـذهب بعيدا في ضرب الأمثلة وبين أيدينا غلاف
مجلة " الرسالة" ترى فيه المرأة حاملة شعلة الوحي والثقافة . على أن وحي المرأة ورسالتها لا يقتصران على عالم الفـن وإنما يلعبان كذلك دورا خطيرا في الحياة العملية وخصوصا في أشد الظروف الحياة صعوبة وخطرا، فنرى المرأة تصحب الجيوش إلى ميادين القتال لا لتضميد الجراح فحسب، بل لتقوية العزائم وبـث روح الاستبسال والتضحية في النفوس أيضـا (.....) ورسالة المرأة للرجل تنسجم مع رسالتها السالفة وتتفق مع أغراض وحيها، فتيار المادة في نفس الرجل ونـفس المرأة قـد طغى وأقام حجابا بينهما وبين المثل العليا. وأصبحنا في عصر قلما يصغي فيه لوحي غير وحي المنفعة الذاتية ، ونـتج عن ذلك ضعـف روح الاستبسال من أجل الوطن والمبدأ والعـقيدة ، وصرنا نفر من المقاومة إذا أبصرنا الخصم أكثر منا عددا وأعظم عـدة ، فكأن الغرض مجرد الانتصار لا تأدية الواجب وإراحة الضمير بصرف النظر عن النتائج . فرسالة المرأة في هـذه الحال هي الحث على العودة إلى تعاليم الفروسية، لأن أهم ما يفتقر إليه الرجل حقا تلك الروح السامية التي أكسبت العصور الوسطى جل مالها من جلال ووقار. فقد كان الفارس يخوض المخاطر ويركب الأهوال في سبيل عقيدته ووطنه ، وكان يضع الشرف والكرامة فوق الحياة نفسها ، ويرتبط؛ بالعهد ارتباطه بدينه . وليس معنى الرجوع إلى ذلك العصر هو امحاء تلك الفضائل في عصرنا ، فالواقع إن تلك الصفات تسود اليوم أكثر  بـلاد الغرب، وهي مصدر ما يعتز به من إبـاء وكبرياء واستقلال وحرية .
وهناك غرض آخر لاختيار ذلك العصر، فقد كان على رغم خشونته وقسوته مدينا بالكثير من فضائله إلى وحي المرأة. إذ قضت التقاليد أن يتطلع كل فارس إلى سيدة شريفة يتوسم فيها العظمة والنبل ، فيعمل على كسب إعجابها بأن يخوض الغمار باحثا عن المجد مدفوعا بروحها مترنما بذكرهـا.
فإذا كانت المرأة قد قامت بمثل هـذا الدور يرغم انحطاط مركزها وفي عصور امتازت بقسوتها وبأن الكلمة العليا فيها كانت للسيف؛ فهل تعجـز المرأة الراقية في عهد الاستقرار والأمـن عن أن نسلهم أشبال السلم وهي التي على ضعفها قد ألهمت أسود الحـرب ؟



23
المسرح  و ذهْـنية التحْـــريم (02)
                                                                                                 
نـجـيـب طــلال
مُـنــعــرج التـَّحْـريم :

لنحَـوِّل منعَـرج السياق ونتساءل من أين جاءت فكرة تكفير المسرحي الجزائري كاتب ياسين ؟  نعم بسبب مسرحية «محمد خذ حقيبتك» حينما استنهضت همَّة  بعض الإسلاميين المتطرّفون  بتنظيم حملة شرسة ضدّه وضد حريات الإبداع . بحيث: ظهر اسم عبد اللطيف سلطاني (1902- 1984) وكان من المنتسبين لجمعية العلماء المسلمين الجزائريين ، ذا نزعة سلفية . ومن المتأثرين بسيد قطب(....). كرّس خطبه وكتاباته، في «الطعن» في النتاج الأدبي في البلد. واتخـَذ من كاتب ياسين (1929- 1989)، الذي كان يعتبر أيقونة الأدب الجزائري ـ آنذاك ـ خصماً له ، راح يوجه له انتقادات شخصية ، ويقلل من قيمته الأدبية، من منطلق أن كتاباته لا تلتزم بمناهج الإسلام.....(14) إذ عملية التأويل والتحوير (العنوان) وتوظيفيه كمنطلق معادي للدين وحجية دامغة ؛ ليـَتـِمَّ استغلال حملات التكفير ضد الإبداع . مادام التيار الديني رسَّخ مسألة التحـريم في ذهنية الغوغائيين والرعاع ... بحكم سلطة الفقيه التي تمارس الحرب المقدسة التي تظل ممتدة حتى بعد وفاة من تم [ تكفيره] بمعنى : فبعيد إعلان وفاة كاتب ياسين، سارع الشيخ محمد الغزالي (1917- 1996) الذي كان ـ آنذاك ـ يشغل منصب رئيس المجلس العلمي في الجامعة الإسلامية بقسنطينة، إلى كتابة مقال، صدر في مجلة «الإرشاد» يقول فيه أن «كاتب ياسين لا يستحق أن يُدفن في أرض الجزائر، وروايته «محمد خذ حقيبتك» كانت تدعو إلى التخلص من الإسلام، وطرد المسلمين من الجزائر إلى الجزيرة العربية» مع العلم أن «محمد خذ حقيبتك» هي مسرحية، ليست رواية، ولم تنشر قط في كتاب، ما يؤكد أن الشيخ الغزالي كان يقود حملة تكفير ضد كاتب ياسين ـ ومن ورائه كتاب آخرون ـ بدون أن يقرأ له (15) وبالتالي فبحكم الوضع الجغرافي لصاحب [ إقامة الدليل] موطنا ( طنجة) أو تحصيلا للعلم ( الأزهري) إقامة (مصر) فله أيادي في ذلك؛ لأنه: اشتهر بذلك بين علماء مصر بسبب مؤلفاته التي طبعها؛ فجعل العديد من العلماء يسألونه عن صحة أحاديث عديدة؛ وألقى عدة دروس حديثية ....وأخذ يعلن أفكاره وهي ترك التقليد الأعمى وإتباع المذاهب...لذلك فقد ألف العديد من مؤلفاته في الرد على فقهاء المغرب الذين عارضوه في أفكاره هذه ورأوا فيها هَـدما للمذهب المالكي (16) وبناء عليه نجد شهادة هي في الأصل رد على مؤلفاته و( إقامة الدليل) ليس خارج السياق بالقول:...لكي لا يغتر به مغتر ولا ينخدع به منخدع .... فإلى أذناب خافض...المحترقين بالتعصب له أهدي هذا الكتاب آملا أن يكون سببا في زوال تلك الغشاوة الغمارية التي حجبت أبصارهم  وصموا؛ فيعـودوا من غيهم ويؤوبوا من تعصبهم وغلوهم في شيْخِـهم ( 17) فهذا الرد / شهادة. كاشف لمدى حضوره في المشهد العام. ويذكي انوجاد معارضين له ومناصريه. حتى أن أحد العلماء من العائلة - الصديقية – [ أخوه الأصغر] يهاجم فرقة محمد حداد( طنجة / المنطقة الدولية ) أنذاك على خلفية عرضها لمسرحية ( أهل الكهف ) سنة 1925:  هناك رهط في طنجة - رهط تعطلوا من جميع الأعمال وتعلقوا بفارغ الآمال، ضعاف العقول، سفهاء الأحلام (...) فكر أولئك الرهط أن يقوموا برواية تمثيلية تدل على رقيهم وتقدمهم؛ ونسوا أنه ليس أدل على الرقي والتقدم من سمو الأخلاق وحصافة الرأي..... ومَـا دَروا أن إتقان اللعِـب والغناء على خشبة المسرح إن دل على شيء فإنما يدل على أن اللاعب على المسرح خلع الحياء والوقار؛ قبل أن يقف ذلك الموقف الشائن، وأنه خلع مع حيائه ووقاره ؛ إيمانه الذي به عزته وشرفه....(18) وهنا لنتذكر جيدا أن العلماء والفقهاء كانوا في المرتبة الثانية بعْـد – المخزن- مما كان لهم نفوذ قوي وسلطة على العامة وكـذا الخاصة من القوم ؛ لأنهم كانوا يتكلمون باسم الدين ويعبرون عن مشاعر عامة الناس وكم من فتاوي غيرت مجرى تفكير العامة وأثرت بشكل كبير في تغيير وتحويل رؤية المجتمع  عكس ما كان يراه. هنا لا ننسى بأن محمد الزمزمي بن الصديق الغماري  فقيه وداعية ؛ فكان له أتباع كثيرون بطنجة وغيرها حينما أسس جماعة " أنصار السنة" وبالتالي فـذهنية التحريم أساسا هي منهجية .  ليست ضد المسرح وحْـده؛ بل ضد كل أنواع الفنون الأدائية والإبداعية. متحاملة عليها ومتشددة  الغلو نحوها  حتى أنها  تنتهج هذه الذهنية واقعية الإرهاب الفكري مع المخالف؛ وهنا فأغلبية المسرحيين العرب لم ينتبهوا لوجود كتاب آخر بعد إقامة الدليل في حرمة التمثيل عنوانه [التنكيل أو التقتيل لمن أباح التمثيل ] (19) فالعنوان في حـَد ذاته  يحمل فتوى تشرعِـن الإرهاب: إما التنكيل ( أو) القتل ؟ تقابله فتوى أخرى غريبة جدا: فالحكم في هؤلاء أن يضربوا على قذالهم بالنعال، ويصفوا على أقفيتهم بأكف الرجال، ولا تأخذ أحد بهم رأفة ولا رحمة، حتى يكونوا نكالا لمن على شاكلتهم وموعظة للمتقين (20) وهذا في حد ذاته يكشف عن الهجمة الشرسة التي  انتهجها السلفيون أو القوى الظلامية ضد المسرح وممارسوه بحيث : تواصل قـوى الظلام جهادها ضد العقل والمدافعين عنه ؛ فتحرق الكتب وتعْـدم كل من كتب كتابا لا يعجبها؛ تبيح دَمَ كل مثقف عرف المسؤولية؛ تاركة الجهل يأخذ مداه الكامل(.....) لأن القوى الظلامية تنصب ذاتها وكيلا عن الله ، وتستثمر هذا التنصيب إلى حدوده العليا ؛ فتدمر العقل والثقافة والإنسان.إنها لا تدافع عن الله والتعاليم السماوية ، بل  تستثمر الله في بنوك الجهل من أجل الدفاع عن مواقعها الخاصة . وعن المصالح الإجتماعية التي ترى في استمرار الوهم والتفكك العقلي أساسا لبقائها (21) وبهذا المعنى يستخلص - محمد أركون - بالقول بأن ذهنية التحريم وظيفتها سياسية . هنا يثار سؤال حول تحريم التمثيل الذي جاهد في حقة ابن الصديق وأخويه وعديد من العلماء والفقهاء والشيوخ هل مصدره ديني أم سياسي بالأساس ؟
ذهــنِـيـــة التـحْــريــم:
بداهة فمسألة التحريم / التكـفير لا تقتصر على المسرح وحْـده وفي حد ذاته؛ بل سعينا أن نحصره فيه       ( فقط ) لأسباب منهجية ورؤيوية في نفس الوقت ، لأنه يعتبر من أهـم الوسائل المباشرة بالجماهيروأخطرها في نشر أي فكرة أو رسالة أو مفهوم كيفما كان نوعه ولونه.     
وتأسيا على ذلك ؛ فالتحريم كمفهوم عام شمل كل الفنون وكذا الفكر الخلاق والمبدع ؛ وهو ليس جـديدا ولا قـديمـا ؛ ولكنه موغـل في القـدم قبل بروز الدين كظاهرة اجتماعية ؛ وخاصة ديانات الوحي ، التي أعطت نكهة خاصة للدين كمعطى للتوحيد.  وبالتالي فالتحريم بشكل أو آخركان في العهد الوثني . مثل قضية – سقراط – التي هي نار على علم في رحاب الفكر الفلسفي والمسرحي والسياسي. والذي اتهمه – أنيتوس-  بإفساد أخلاق وعقلية ابنه ؛ فكانت مدخلا للقضاء عليه؛ نتيجة العداوة التي نشأت بينه وبين السياسيين وحكام اليونان وقتئذ. مما كان صك اتهامه في سنة (339، ق، م) "إن سقراط مذنب عام لأنه لا يعترف بالآلهة التي تعترف بها الدولة، بل يدخل فيها كائنات شيطانية"  "وأنه مذنب كذلك لأنه أفسد الشباب" وإن كانت الإثباتات التاريخية ؛ تذكي بأن سقراط لم يكتب شيئا، بينما كل ما كتبه أفلاطون نسبه إلى سقراط في المحاورات. أومثل محاكمة - بروتاغوراس- بالإعْـدام، بعدما اتهم بالإلحاد ؛ حينما أشار في كتابه ( الحقيقة) بأن : الإنسان مقياس كل الأشياء جميعا. وزكاها في محاورته مع أفلاطون.   لكنه هرب من أثينا . أليس طرد الشعراء / المسرحيين من المدينة الفاضلة ؛ باعتبارهم  خصوم  وأعداء لمشروع الجمهورية. ينم عن روح التحريم الضمني المبطن سياسيا في الفكر الأفلاطوني ؟ اتهم الفيلسوف – أنكساغـوراس – بالإلحاد؛ في القرن (5/ قبل الميلاد) حينما أنكر الطبيعة الألوهية للأجرام السماوية . وفي هذا السياق: ففي القرن السابع عشر أعلن جليلو انحيازه لنظرية كوبرنيكس..... فاتهم جاليليو بالخروج عن الدين لانحيازه لنظرية منافية للكتاب المقدس وحوكم من قبل محاكم التفتيش؛ أو بالأدق من قبل ملآك الحقيقة المطلقة (22) فالحقيقة المطلقة غير منوجدة أساسا ؛ بناء على النسبية . لكن الذي يعارضها أو بالأحرى يعارض المصالح المطلقة  الكامنة في - الدِّيـن- ويجادلها أو يؤجج القوم من خلال كشف حقائق معينة . تـُشهر في وجهه قضية التكفير/التحريم /الهرطقة / ونحن أمام تحريم شبيه بالذي حصل في القرن الرابع، بعد اعتناق الإمبراطورية الرومانية للمسيحية، عندما أقدم آباء الكنيسة على إدانة [ المسرح الذي يعجّ بالفحش ويحتفل بآلهة وثنيّين] إدانة أسفرت عن منعه كلّياً.  وخاصة : أثناء حكـم تيودوس لروما علامة فارقة فى العلاقة الحدية بين الكنيسة والمسرح . و تم تحريم المسرح . وأصدرت الكنائس الغربية ومجامعها دعوات بحرمان الممثلين و الممثلات المسيحيين من مزاولة الطقوس الدينية .وطردهم من الكنيسة. وتحالف مع الكنيسة الملوك  والأباطرة فى تحريم مهنة التمثيل وظل هذا الوضع حتى القرن السادس( ....) إذا كان رجال الدين سبباً رئيسياً فى إقصاء المسرح من اﻟﻤﺠتمع . فإنهم كانوا فيما بعْـد أحد أسباب رجوع المسرح مرة أخرى إلى الحياة (23) وذلك بناء على الحاجة الملحة للتعبير عن قضايا وأفكار مستجدة في حياة المسيحيين؛ أعيد اكتشاف المسرح واسترجاعه من جديد كما رأته الكنيسة من منظورها الديني .هـُنا نجـد قوة الكاتدرائيات التي كانت المفسر الوحيد للاهوت؛ الذي يخضع له الجميع بما فيهم الأباطرة والملوك؛ رغم السلطة المطلقة التي  كانت لديهم  مثل القوطيين الذين كانوا: يستأثرون بمزايا الغلبة والسيادة، وينعمون بإحراز الإقطاعات والضياع الواسعة ؛ ومنهم وحدهم والحكام والسادة  والأشراف . يليهم طبقة رجال الدين ، حيث كانوا يتمتعون بأعظم  قسط من السلطان والنفوذ.... وقد تمتع الأحبار والرهبان بمركز مرموق لدى الحكام  . مما جعَـل لهم تأثيرا مكـَّنهم من توجيه القوانين والنظم ، وصياغة الحياة  العقلية والإجتماعية  . وفقا لاتجاه الكنيسة وغاياتها (24) فرغم تعاقب الأزمنة وتعدد الجغرافيات ، تبقى ذهنية التحريم قوة راسخة كمنظوم سياسي للتدين وصانعة الطقوسية الناظمة لعلاقة الانسان بإلهه . انطلاقا من  الحقيقة المطلقة. التي لها دور أساس حتى في تغييرأو تعْـديل الدين بما يشكله من تأثير على المجتمع يتداخل فيها الزمني بالروحي، دونما إحساس الجماعة بذلك تطبع علاقة الاجتماعي بالديني؛ وهذا كان حتى في العهد الإغريقي/ الروماني. الذي اتـُّخذ كتعلة ومنطلقا للعَـديد من الفقهاء المسلمين  لتحريم المسرح بقولهم: أن التمثيل تـَشبُّـه بالكفار. وتقليد لهم؛ وذلك أن التمثيل في نشأته عبادة وثنية يونانية . والتشبه بهم حرام لا يجوز(25) ولكن لماذا قفزوا عن القول المأثور: ناقل الكفر ليس بكافر؟ بكل بساطة ليتم ترسيخ التحريم / التكفير/ مطلقا للمسرح بحجية أن نواته من شعائر العبادات الوثنية لدى اليونان والرومان. رغم أن هنالك حقيقة لا مراء فيها أن المسرح خرج من عباءة الدين ومن حضن طقوسه اﻟﻤﺨتلفة وبالتالي:-- يشترك كل من الدين والمسرح فى غاية محددة ، وهى التوجه نحو اﻟﻤﺠتمع ورسم طريق للإنسان للحضور فى العالم. فإذا كان الدين يزود الإنسان بالمعرفة الدينية وما تحملها من أبعاد روحية وأخلاقية لتحقيق اﻟﻤﺠتمع المثالي. فإن المسرح يهتم بالكشف عن الابعاد الإنسانية فى اﻟﻤﺠتمع ومراجعة الأفكارالتى تدور فيه لتحقيق اﻟﻤﺠتمع. لذا فالدين والمسرح لهما هدف واحد هو تحديد مصائر الإنسان وإن اختلفت السبل والوسائل (26) فأمام هاته المقاربة التي تحتاج للكثير من التوضيح لتقديم نقاط التقاطع ؛ نكتفي بأن نشير بأن نشأة الدراما الإغريقية مرتبطة بأنواع الشعر الديني الغنائي الراقص الذي كان ينظمه الشعراء؛ وبالتالي جعلوا المسرح إطارا للصراع الذي يدور حول محور القضاء والقدر. والذي ينتهي بتحديد مصائر أبطال المسرحية ( بشَـراً ) بعْـد صراع  بين الآلهة الكبرى والصغرى. علما أن العرب وقتئذ كانوا يعيشون في شرنقة الوثنية ؛ ولكنها كانت وثنية بدائية من الصعب أن تنتج طقوسا ومراسم متطورة كَـوثنية اليونانيين أو الرومانيين المتمثلة في المعابد ودور العبادة . صحيح أن الإسلام سعى للقضاء على الوثنية. لتحقيق ماهية التوحيد؛ ولكن لم يقض على ما كانت عليه الأمم الأخرى من وثنية : وكانت المسيحية مليئة بالأمثال والحكايات التصويرية والأقرب إلى فن الدراما لذا وجدت الدراما مكانها المتقدم داخل الكنيسة فى العصور الوسطى حيث كانت تقدم مسرحيات الالام. وتحولت بعض الطقوس الكنسية إلى ما يشبه الدراما . ثم خرج المسرح مطرودا من الكنيسة وانتشرت فى كل اﻟﻤﺠتمعات متأثرا ومؤثرا ومتفاعلا مع كل التطورات والاكتشافات العلمية والأدبية والفلسفية والفنية ( 27) ففي هذا السياق فالقرآن الكريم مليء وزاخر بالقصص والأمثال والحكايات والتشبيهات والعِـبر ذات الطابع الدرامي. كقصة إبراهيم المناهض للوثنية وهـدم أربابها أوقصة موسي وفِـرعون أو قصة نوح وإنشاء السفينة ( مثلا ) ولاسيما أن الدين الإسلامي؛ دين يسر وسماحة. و ليس دين تشدٌّدٍ وعُـسر. رسالته صافية نقية ؛ هدفها  إخراج الناس من الظلمات إلى النور وهدايتهم للحق سبحانه ؛ في هذا السياق كانت أمم أخرى :في الفترة الزمنية التي كانت الحضارة الإسلامية تُكمل انتشارها، كان العمل جارياً في الهند لتحويل ملحمَتي «المهابراتا» و«الراميانا» إلى شكل من الرتب الموسيقية والكوريغرافية . فيما كان يُعمل في الصين، على تطوير رقص البلاطات الملكية (...) حتّى في الجنوب، على مساحة القارّة السوداء، كانت هناك مجتمعات وثنيّة توقّر الظواهر الطبيعية المعروفة بالمذاهب الحياتية Animistes فتؤبد طقوساً احتفالية تَضيع جذورها السحريّة في الزمن( 28) ولا ننسى في اليابان كان "النـٌّو" وإن كانت نشأته في (القرن 13) وكذا" الكابوكي" في ( القرن 16) وهذا الأخير تعرض للمنع سنة1629 اعتقادا أن الممثلات في هذا المسرح يمارسن الفواحش منحطات أخلاقيا. وتم منع ثاني في 1653 حينما اكتشفت الحكومة أن الصبيان الذين يمثلون الأدوار النسائية يمكن لهم هم أيضا أن تصيبهم عدوى الانحطاط الأخلاقي. فالمنع هنا بمثابة التحريم؛ إذا تمعنا بدقة أن للنوعين من المسرح  لمسات دينية  تخضع للديانة [ البوذية] وممارسة الوعظ بواسطتها.وبالتالي: كان الإسلام محاطاً، من كل جانب، بثقافات تمارس المشهدية كوسيلة مقاربة للواقع، وتطهير له ، ولم يكن ليجهل هذه الأنماط التعبيرية، بحكم الاتصالات والتبادلات (29) ولنا في الحديث: "اطلبوا العلم ولو في الصين" إثبات مادي .رغم أن  جمهور العلماء اعتبروه حديثا ضعيفا من جميع طرقه. واعتبره الحافظ ابن حبان صاحب الصحيح أنه باطل. فمن أين انزلقت مفردة ( الصين) حتى تكون في سياق حديث وإن كان ضعيفا؟  والقوافل التجارية إلى أين كانت تتجه هل للغرب أم للشرق أم للجنوب؟ ألم تظهر في المدينة طبقة من التجار المَكيين الكبار: منهم أبو بكر الصديق وولداه عبد الرحمن وعبد الله، وأبان بن سعيد بن العاص، وحاطب بن أبي بلتعة، وعثمان بن عفان، وعبد الرحمن بن عوف، والزبير بن العوام، وطلحة بن عبيد الله التميمي، وعمر بن حريث، والمسور بن مخرمة بن نوفل، ولقيط أبو العاص ابن الربيع بن عبد شمس، وزيد بن حارثة، وعمر بن الخطاب وأولاده عبد الله وعبيد الله وعاصم، جميعهم عاشوا بين مطلع الهجرة وأواخر القرن الأول الهجري؟ ويكفي أن نشير بالقول: بأن موقع الحجاز الجغرافي القريب من بلاد الشام؛ حيث كانت هناك الإمبراطورية البيزنطية ذات التراث المادي المعْـروف في الشمال،  وَحيث كانت هناك الإمبراطورية الفارسية في الشمال الشرقي ذات التراث المادي والأخلاقي معا. كل هـذا مكن مكة (ق.س) من أن تتصل بهاتين الحضارتين وتتعلم منهما؛ وترتقي بالتجارة ارتقاء كبيرا( 30)لأننا لن ندخل في مناقشة هـذا الأمر؛ لسبب بسيط. مفاده  أنه سيجرنا لسياقات بعيدة عن السياق الذي نهدف إليه.                                         
وبناء على هَـذا فتحريم المسرح  يحمل طابعا عالميا / كـَونيا ؛ بحيث اخترق كل الثقافات والمعتقدات ؛ مساهما في توهج الجدل وازدياد لهيب  الصراع الفكري والعقائدي  بين الفرقاء والجماعات.....
                                                                                                    يتـــبع

الإحــــالات :
14) كرونولوجيا «تكـفير الأدب» في الجزائربقلم سعيد خطيبي في القدس العربي بتاريخ17/11/2017
15) نــفســـــــهــــــا
16) فقه الحافظ أحمد بن الصديق الغماري لأبو محمد الحسن الكتاني الأثري ص55 دار الكتب العلمية  ط2/2005 لبنان
17) تنبيه القارئ إلى فضائح أحمد بن الصديق الغماري : ص  9 ( المطبعة مجهولة)
18) إزالة الالتباس عما أخطا فيه كثير من الناس لأبي الفضل عبد الله محمد الصديق الغماري ص37/38  ط - 3/2004 الناشر مكتبة القاهرة - علي يوسف سليمان
19) التنكيل أو التقتيل لمن أباح التمثيل للحافظ أبي الفيض أحمد بن محمد بن الصديق الغماري دراسة
      وتحقيق لأبي عبدالله محمد الأنجري  منشورات علي بيضون لنشركتب الجماعة والسنة
20) إزالة الالتباس عما أخطا فيه كثير من الناس – ص41
21) ذهنية التحريم لصادق جلال العظم ص301/302 - ط2/ 2004 دار المدى للثقافة والنشر
22) الأصولية والعلمانية لمراد وهبة  سلسلة قضايا العصر (1) – ص 17- دار الثقافة / ط 1 /1995
23) تاريخية العلاقة بين المسرح والكنيسة الغربية في العصور الوسطى- ص26
24) بين الإسلام والمسيحية لأبي عبيدة الخزرجي حققه وقدمه محمد  شامـة - ص 12- مكتبة وهبة
     /القاهرة /1979
25) قول أهل التحريم مطلقا كالشيخ عبد العزيز بـن باز/ صالح الفوزان /عبد الله الغماري/ حمود   
      التويجري/ بكر أبو زيد/ أحمد الغماري /الألباني/..../
26) تاريخية العلاقة بين المسرح والكنيسة الغربية في العصور الوسطى : لمحمد سمير الخطيب – ص
       26  في مجلة مسرحنا ع 223 / بتاريخ  24/10/2011
27) المسرح الكنسي تجاوز الوعظ لفادي فوكيه – ص24 - في مجلة مسرحنا ع 223 / بتاريخ 
     24/10/2011
28) الإسلام والمسرح بين التحريم وسوق الفهم لجلال خوري- صحيفة الأخبار بتاريخ/ 05/ 01/  2013   
29) نــــفــســــهــا
30) المال والهلال الموانع والدوافع الاقتصادية لظهور الإسلام لشاكر النابلسي ص121 دار الساقي
     /2002





24
المسرح  و ذهْــنية التحــريم ( 1)
   
                                                                                                     
نـجـيـب طــلال
وقـــفــة :

إشكاليتنا والتي ربما لم ننتبه إليها جيدا؛ أننا نناقش قضايا مسرحية خارج سياق ما يحيط المسرح العربي من ملابسات  فنية / تقنية وإشكالات مفاهيمية ،  تجعله بعيدا كل البعد ككينونة  حاضرة وفارضة نفسها في البنية المجتمعية العربية والتي لا يمكن الاستغناء عنها ، باعتبار المسرح وجه الحضارة الإنسانية؛ فبانحطاطه تنحط القيم والمعايير؛ وبإشراقاته تنمو جمالية  روح الإنسانية في الإنسان؛ طبعا ما أنتجه الغرب شرقا وغربا من مفاهيم فكرية وتصورات تقنية يناقش وعلينا مناقشته  في الحدود النسبية وليس في المطلق؛ كما هـوحاصل ( الآن )لأن هنالك مواقـف وقضايا وأولويات في المجال الإبداعي وفنون الآداء عامة علينا طرحها على مائدة الحوار والمناقشة ؛ لأنها لازالت تتحكم في الذهنية العربية منها مسألة – التحـريم – فالمسرح العربي  لازال محكوما بمسألته ومقتضياته الفقهية ؛ بحيث هنالك فقهاء ومتفقهين؛ يلاحقون الإبداع بشتى ألوانه (...)  عبر الفتاوي والخطب والكتابة والتأليف ؛ إذ الأمر يحتاج لمواجهة تناظرية وحوارية  بين المسرحيين والفقهاء ؛ وهذا يحتاج في الحد الأدنى على ثقافة أصولية وفقهية يتسلح بها الفنان العربي؛ وهـذا غير متوفر بالشكل الذي يساهم في البرهنة والحجاجية ؛ من هنا يكمن ضعف [المسرحي] أمام سلطة الفقيه المدعومة بمرجعية دينية ؛ رغم أن المسرح أصول نشأته دينية ؛ ونابع من طبيعة الصراع ولولا دفع الله الناس بعضهم ببعض لفسدت الأرض ولكن الله ذو فضل على العالمين(1) إذ من الضروري أن تنوجد فئة تقابلها فئة أخرى مضادة أو قوة تقابلها قوة أخرى. وهذه الثنائية منذ صراع قابيل/ هابيل وهي متمظهرة وحاضرة من أجل الاستمرارية والاستقرار في العالم. وفي هذا الباب يقول الإمام  الشافعي : لا بأس بالمبارزة ( أي) الصراع . لكن (المسرحيين/ المبدعين)  شبه منهزمين أمام (الفقهاء/ العلماء) لأن طغيان الفكر السلفي بتصنيفاته مازال متحكما في دواليب البنى الإجتماعية ؛ رغم ادعائنا بالحَـداثة  وخاصة أن المسرح العربي يناقش ما بعد الحداثة أو ما بعْـد الدراما (؟) إنه سياق الوهم لملاحقة الركب؛ ونحن  لم نستطع مناقشة الفقهاء نـَدا بندٍ ، أو تفنيدا لطروحاتهم . دفاعا عن الإبداع الذي نؤمن به  ؛ لترسيخ المسرح كسلوك ثقافي/ اجتماعي فعليا وعمليا. ودفاعا عن النعوت القدحية التي تم استرسالها كالتالي: يعـدون هذه السفالة والنذالة وصفاقة الوجه والوقاحة من العلوم والفنون، ويسمـون الممثل السفيه الجاهل الأحمق الساقط الفاسق الفاجـر بل الملحد الكافر مفـسد أخلاق المسلمين ودينهم....( 2) ونـدلي بتموقف آخر يذكي ما سبق ويؤطر المسرح (الداء العضال)؟: وأن الغثاء والخونة الذين توافدوا على الغرب هُـم الذين جلبوا هذا الداء العضال ، من جملة الأدواء التي نكبوا بها الإسلام والمسلمين بدل أن يقدموا للأمة العلوم العصرية ، كالصناعات النافعة والاختراعات المفيدة (3) أما أخطر التموقفات تجاه الممثلين/المسرحيين هـو كالتالي: ... بدخـول قوافل الفـسقة والفاسقات والمفسدين والمفسدات ، معلمي الرذيلة ، ودعاة الفحشاء والمنكر .... لصوص الفضيلة ، وسراق الشرف والعفاف ، وقاتلي الحياء ، ومعدمي المروءة ، ومدمري الأخلاق، ومخربي الأفكار، ومثيري الغرائز ، ومهيجي الشهوات (4) وما أكثر من هاته النعـوت الجارحة والقذف الجانح الذي يعاقب عليه القانون الجنائي . ولكن ربما أغلب المسرحيين لم ينتبهوا لتلك الكتب الحاملة لعملية تحريم المسرح وخلافه . أو أن السبب المباشر يكمن في غياب أو شبه غياب لثقافة فقهية متنورة لدى أغلب المسرحيين( العرب) لمواجهة الفكر السلفي المحافظ ومقارعة ذهنية التحريم الحجة بالحجة ؛ هنا ليس مطلوبا أن يكون المسرحي المبدع أو الباحث متعمقا أو متخصصا في الأحكام الشرعية والمسائلَ الفقهية ؛ بل على الأقل التمكن بمبادئ عامة لمناهج التفسير والتأويل والتفنن في أساليب الحجاجية، للاستدلال بها على حكم التحريم تجاه المجال المسرحي مع الاستشارة واستقصاء أَهل الاختصاص. لأننا نغالط أنفسنا أن ذهنية التحريم لم تعُـد حاضرة بتلك القوة التي كانت ؛ أو أنها عديمة التأثير بحكم تطورات العصر. بالعكس فهي تتقوى في سياق الإسلام السياسي وتزداد ضراوة في البنية المجتمعية العربية ؛ وتتأسس عنكبوتيا في بوثقـة الجماعات و المنظمات والتنظيمات الحزبية – الإسلاموية - للسيطرة على الجماهير؛ وكذلك كان ولازال والمسرحيون العَـرب  شبه غافلين عن تمظهر ذهنية التحريم في عزوف الجمهور عن الحضور؛ فليس هنالك دراسة سوسيولوجية في قطر عربي( ما ) تحـدد لنا الأسباب الجوهرية عن العزوف للحضور للعروض المسرحية .مقارنة بعِـقـد الستينيات والسبعينيات من ( ق, م ) وإن كان فعل التحـريم يتمرر بشكل غـير مباشرفي كثير من الأحيان  عبر بعض المدارس والمعاهد وبعْـض المساجد وفي خطب الجمعة ؛ لأننا في مجتمع بنيته فقهية بالأساس . وهذا من المغالطات التي لم يفهمها العَـديد من المسرحيين/ الباحثين الذين تناولوا موضوع: المسرح والإسلام (5) وبناء على ذلك  ففي غياب مواجهة فكرية رصينة تجاه ذهنية التحريم التي تتحكم في البنية المجتمعية العَـربية  في معْـظمها لاشعـوري بالأساس. رغم إن حاولنا أن يقترن: (( التمثيل )) بـِنيَّة العبادة ، كمـن أقامه يدعو الناس به إلي الله تعالي ، ويرى أنه بذلك فعل قربة يؤجر عليها ، فإن تحريمه أشد والمنع منه آكيـد .فكما أنه معصية لله تعالي – كما سبق شرحه – فهو بهذه النية بدعة منكرة شنيعة ، تضاهي ما كان عليه اليونانيون الوثنيون ،والنصارى الضالون(6) هنا فـذهنية التحريم تسعى لغلق كل المنافـذ ليظل المسرح العربي يتأرجح بين الفعل واللافـعل ؛ فاقـدا جمهوره وفاقدا لصولته الحضارية كيف ذلك ؟
شــيء مــن تاريخ التحــريم :
من الملاحظ أن بعضا ممن ناقش أو تناول قضية تحريم المسرح/ التمثيل، إلا ويستند على معطيات قـديمة جدا ومن مصادر جاهـزة ومتداولة ؛ كأنه ليست هنالك مستجدات. تجعل من ذهنية التحريم منظورا كائن الوجود ومتغلغلا في مجتمع المعلوميات. أم أنه منعَـدم الفعالية والتغلغل. نتيجة حُـدوت قطيعة بما أوتي من جهد للسلفيين في نحـت  ومحاولة ترسيخ مفهوم علم تحريم التمثيل تعارضا بتطورات العصر ولاسيما أن الأَحكام الشرعية ، والمسائلَ الفقهية بحاجة بين لحظة وفترة زمنية  إِلى تصفية وغربلة. انطلاقا من الميكانزيم المتحكم في الأَحكام والفتـاوى التي تتغير بتغير الأحْـداث والأزمنة ؛ باعتبارنا أمة مسلمة .      إذ لازلنا نثير المعْطيات القديمة في العصر الحاضر كأننا شـعْـب لا يتحرك في سياق الإنماء البشري وعبر السيرورة التاريخية ؛ وبما أن الذهنية العربية؛ ذهنية  محافظة سلفية بالسليقة .فمن البدهي أن يتم استحضار - سعيد الغبرا-  الذي نسيه التاريخ في جوانب معينة ؛ وإن كان أفتى في حق أبي خليل القباني بأن التمثيل منافي للدين والاخلاق. بغية إغلاق مسرحه في (دمشق) وإحْـراقه فيما بعد. فالمسألة أعيدت للمشهد المسرحي بالقول: ولما عرف الشيخ سعيد الغبرا أنّ السلطان عبد الحميد سيصلي الجمعة في جامع أيا صوفيا انتظر موكبه هناك، وما إن هلّ الموكب حتى صاح الغبرا بأعلى صوته: أدركنا يا أمير المؤمنين، فإن الفسق والفجور قد تفشّيا في الشام، فهُتِكت الأعراض وماتت الفضيلة، واختلطت النساء بالرجال، فجاء أمر السلطان بإغلاق مسرح القباني، وما كاد الخبر أن يصل حتى هاجم بعض من العامة مسرح القباني، فأحرقوه... مثقفون ومسرحيون سوريون سيحملون غداً شموعاً ويتوجّهون إلى بيت أبو خليل القباني (1833 ــ 1903) في حي كيوان في دمشق. رائد المسرح العربي توفّي بالطاعون، بعد مكابدات في المنافي وحرق مسرحه في دمشق، إثر صدور فرمان من السلطان العثماني بإغلاقه (7) ولكن هاته البادرة طيبة  التي أقدمت عليها أن رئيسة «جمعية النهضة الفنية للمسرح والموسيقى» رجاء بنوت (الجهة المنظمة للتظاهرة) لكن أعيد النظر في قضية الشيخ الغبرا/ القباني من خلال كتاب: وقائع مسرح أبي خليل القباني في دمشق(8) الذي يثير معطيات بالغة الأهمية بالسند والوثيقة ؛ بحيث يكشف لنا الصراع الضمني بين الفني والسياسي؛ و استغلال المجال الديني لضرب  النشاط الفني وكذلك السياسي إن اقتضى الأمرفي غياب التوافقات والفشل في التحكم في المصالح بحيث :أثارت مسرحية «عطرشان وورد الجنان» ردود فعل غاضبة من قبل بعض رجال الدين، كونها جسّدت شخصية السلطان المملوكي نور الدين الزنكي، الذي كان بمثابة ولي من أولياء الله في عيون بعض متصوفة دمشق. في عام 1878 تسلّم مدحت باشا ولاية سوريا، وطلب من القباني إعادة افتتاح مسرحه (....) إلا أنه في عام 1883 سيُقال مدحت باشا، كما سيقوم بعض الشيوخ المناوئين للقباني بإرسال عريضة إلى نقيب الأشراف في إسطنبول أحمد العجلاني يطالبونه فيها بإغلاق مسرح القباني. وخلافاً للرواية التي تقول بأن قـدوم السلطان عبد الحميد الثاني كان بمثابة نهاية الحريات وأفكار التنوير، وبداية تحالف بين الاستبداد ورجال الدين المحافظين(...) وأن موقف سعيد الغبرا لم يكن هو الموقف الطاغي في المدينة / ففي مقابل رؤية الأخير نعثر على رؤية مقابلة للشيخ طاهر الجزائري، الذي كان يعَـد من ألمع علماء دمشق وأكثرهم نفوذاً وتأثيراً(9) وهذا يبين أن هنالك أصوات متعددة من الماضي مارست ترسيخ قضية تحريم الفن والإبداع من الشرق ليمتد عبر الجغرافيا العربية ؛ وبالتالي ما ألفه الحافظ أبي ال أحمد بن محمد بن الصديق " إقامة الدليل على حرمة التمثيل" وكذا أبو الفضل عبد الله محمد الصديق ـ [ إزالة الالتباس عما أخطا فيه كثير من الناس] تحصيل حاصل لما كان سائدا؛ وما إقامة الدليل إلا بذرة انغرست في المغـرب بتأثير الشرق طبعا؛ وتم أينعت ليتم إعادة إنتاج ذهنية التحريم للمسرح ؛ بخلاف بعض ممن جزم بالقول: لا يبدو أن معركة الفقيه ( يقصد أحمد بن الصديق) كان لها من الأنصار أكثر مما نسبه هو إليها في مقدمة كتابه، فتأثيرها ظل هامشيا، بل إننا لم نكد نقف على أي رد فعل مذكور، إذ سرعان ما نسيت وأهملت بل إن أنصار الاتجاهات الإسلامية المعاصرة ودعاتها أضحوا منشغلين بتطوير المسرح كأداة للتوعية ونشر الدعوة (10) كلام هكذا ينطلق دونما تحليل دقيق وبدون سند مرجعي لقضية التحريم التي أطلقها – أحمد بن الصديق  - ومدى اختراقها صفوف الجماهير. ولقد أغفل الباحث أن هنالك إخوته الثلاث وتلامذته وأتباعه على شاكلته من معاصريه وعلى سبيل المثال هناك عبدالله التليدي وهذا ( يعتبر وارث سره) محمد زاهد الكوثري / محمد بوخبزة /عبدالعزيز الكوثري /عبد الغني النابلسي / .../ والشيء بالشيء يذكر: فكتبه ما زالت منتشرة في كثير من بلدان العالم الإسلامي؛ ونحن نكشف ما  في كتبه وأراءه من ضلال وانحراف.... فلا يهمنا شخصه بقدرما تهمنا أقواله الفاسدة التي مازالت مسطرة في كتبه ويتسمم بها المسلمون ؛ وخاصة أن بعض الناس نشطوا في إحياء خرافاته وضلالاته وذلك بنشر كتبه  والدعاية الفارغة لها (11) للعلم أن كتاب (إقامة الدليل على حرمة التمثيل) وصل للطبعة (الرابعة ) ورقيا عن مكتبة القاهرة 2009 ويباع في الأسواق الإلكترونية (( كذلك)) حتى أن [علي جمعة ] قال : إن بعْـض المشايخ حرموا التمثيل ذاته لأنه كان عندهم هو نوع من الهزل والكذب، لدرجة أن الشيخ أحمد بن الصديق ألف كتابا أسماه "إقامة الدليل على حرمة التمثيل" (12) فـَلو لم يكن هنالك تأثير وترسيخ لذهنية التحريم في الذهنية العربية / الإسلامية . لما أثاره "مفتي الجمهورية السابق" وفي سياق كل هذا فالباحث الذي جزم [[...فتأثيرها ظل هامشيا، بل إننا لم نكـد نقف على أي رد فعل مذكور]] ربما لم يطلع على الكتب التي تحمل ذهنية التحريم للتمثيل/ المسرح ؛ وهي عَـديدة .                               
إذ سنحاول سردها فيما بعْـد؛ وأكيد أنه لم يطلع على إقامة الدليل في حرمة التمثيل ؛ الذي يقول : وأعجب من ذلك ؛ أنه لما كتب شقيقنا العلامة الواعية المطلع الغيور على الدين السيد عبدالله مقالا في مجلة الإسلام نبه فيه على عظيم منكر ما فعلوه فأقاموا لذلك المقال وقعدوا وأبرقوا له وأرعَـدوا وما آلو جهدا في سبِّه والاستهزاء به والسعي في أذيته..... (13)

الإحــــالات :
1) من سورة البقرة الآية 251
2) إقامة الدليل على حرمة التمثيل للحافظ أبي الفيض أحمد بن الصديق الغماري – ص11/ ط - 3/2004 الناشر مكتبة
   القاهرة - علي يوسف سليمان
3) إيقاف النبيل علي حكم التمثيل : لعبد السلام بن برجس بن ناصر آل عبد الكريم تقديم :الشيخ العلامة صالح بن فوزان
   الفوزان والشيخ العلامة ربيع بن هادي المدخلي - ص   السعودية / 1992( المطبعة مجهولة)
4) طـوفـان البلاء .. التمثيل والغناء إعداد : شريف بن علي الراجحي ص2/3 بدون تاريخ ولا مطبعة مذكورة
5) انظر الإسلام والمسرح لمحمد عزيزة (و) الإسلام والفنون لأحمد شوقي الفنجري.
6) إيقاف النبيل علي حكم التمثيل : لعبد السلام بن برجس بن ناصر آل عبد الكريم تقديم :الشيخ العلامة صالح بن فوزان الفوزان والشيخ العلامة ربيع بن هادي المدخلي - ص/50- السعودية /1992 ( المطبعة مجهولة)
7) مسيرة شموع «معارضة» إلى بيت أبي خليل القباني بقلم سامر إسماعيل – صحيفة الأخبار بتاريخ  27/03/2009
8) وقائع مسرح أبي خليل القباني في دمشق للكاتب الفلسطيني السوري تيسير خلف عن منشورات المتوسط – إيطاليا
    ونفس الكتاب نشرته الهيئة العربية للمسرح تحت عنوان" «نشأة المسرح في بلاد الشام»
9) استندت على مقالة  تحليلية لمحمّد تركي الربيعو بعنوان  ( أبوخليل القباني وصراع علماء دمشق على لباس الممثلين 
   "الافرنجي" في القدس العربي بتاريخ 26/10/2018
10) ملامح من تاريخ الخطاب التنظيري في المسرح المغربي. لعز الدين بونيت  في الثقافة المغربية  ص 47  /عدد  08 /1999
11) تنبيه القارئ إلى فضائح أحمد بن الصديق الغماري : جمعه ورتبه  - مصطفى اليوسفي. تقديم  محمد بن عبدالرحمان المغراوي ص 15/16 مراكش المحروسة بتاريخ 20/ يوليوز1996( المطبعة مجهولة)
12) علي جمعة للممثلين: اتقوا الله وكونوا ملتزمين : بقلم محمد شحته -  في صدى البلد بتاريخ 16/05/2017
13) إقامة الدليل على حرمة التمثيل للحافظ أبي الفيض أحمد بن الصديق الغماري – ص20/ ط – 3
      /2004 الناشر مكتبة القاهرة - علي يوسف سليمان
 

25
شيوع السرقات الفنية والأدبية
نـجيـب طــلال
إشــــارة عامــــة:
باستمرار نقف كما يقف بعضنا على سرقات أدبية / فنية / بحثية /.../ تارة من حيث اللفظ ؛ أومن حيث المعنى؛ وتارة أخرى من حيث اللفظ والمبنى والمعنى. وخاصة في مجال اهتمامنا( المسرح) قضاياه وإبداعاته؛ وفي بعض الأحيان يثير أحدهم في لقاءات خاصة أن (هَـذا) المنتوج المسرحي سواء نصا أو تصورا إخراجيا ( إنه) منحول أو مسروق ؛ ولكن يقفون هاهنا ولا يقدمون مصدره الأصلي ؟ هل هو  نوع من التشويه لفلان أوضغينة خاصة أو يرتبط بالعنعنة  ؟ وهاته الأخيرة : ما أكثرها في ساحتنا المسرحية المغربية – تحديدا- وبناء عليه فالسرقة الأدبية، ظاهرة معـروفة ومشاعـة في الوسط الثقافي العَـربي بالدرجة الأولى، والفرع الذي يبدو في أول وهلة هـو الأصل؟ قبل تمظهر وسائط التواصل والشبكة العنكبوتية، بحيث كم واحد منا وقـَف على تطابق سافر وفظيع بين منتوج الأصل من نصوص شعرية وقصصية ومسرحية... والأخطر في السرقات تلك البحوث الجامعية ؛ التي يتم انتحالها وانتسابها لأشخاص لهم رمزيتهم الثقافية في بلدانهم، مستغـلين مواقـِعهم وظروف عـدم الانفتاح الثقافي بين الأقـطار العربية، وفرض قيود الرقابة والتصدير على الكتب والدوريات وكـذا غـلاء رسومها الجمركية. مما يعُـوق عـدم خلق سوق حقيقية وفاعِـلة لتبادل الكتاب والمنشورات، رغم أن بعْـض المؤسسات الحكومية، كانت تسعى لخلق انتشار المنتوج الثقافي، ولـكنه محدود التوزيع وفي بعْـض العـواصم (فقط) عِـلما أن العَـديد من الكتب تـُمْنع من التداول لأسباب سياسية صِـرفة، فحتى انوجاد معارض للكتاب والدوريات هنا أو هناك، كانت ولا زالت لا تساهم في نشر الكتاب العَـربي؛  وبالتالي فالعديد من الأفراد الذين يؤطرون أنفسهم ( مبدعون/ باحثون/ مؤلفون /...) يختلسون وينتحلون ويسرقون أفكارا ويتبنونها كأنها عصارة جهدهم ومصدر إلهام خاص ؛ ربما طمعا في الشهرة أو  المال ؛ فتركبهم شخصية الوهم أنهم ( مبدعون) مما يظلون في ممارسة السرقة الأدبية والفنية؛ حتى أنهم يتفننون في عملية السرقة ؛ نظرا لإدراكهم أن لا أحد سيكتشف سرهم ؛ لأن الأغلبية تمارس نفس النوع ( السرقات)أم أنهم لايقرأون ؛ وهذا موضوع أثرناه (1 ) رغم أنه جاء بناء على موضوع أثاره الصديق والكاتب الجزائري – ياسين سليماني (2) بمعنى أن المسألة تتعلق بقطرين ( المغرب/ الجزائر) ) ولا أحد استطاع أن يفند ما قلناه وما أثرناه .؟؟  لا يهمنا ذلك، لأننا نحن نمارس شغبنا وفعلنا في التاريخ ، إذ الأسباب معْـروفة لدينا؛ ولقد أثرناها بشكل مباشر(3)
قـضية المقـالة :
كما أشرنا أننا باستمرار نقف كما يقف بعضنا على السّرقات .ولكن كنا نرجئ المكاشفة وعملية الفضح في أوقات لاحقة ؛  لأن هنالك أولويات ومواضيع لا يمكن إرجاؤها ؛  إضافة لسؤال جوهري ما جدوى فضح السرقات في عصر ( النقل واللصق/ copier-ET-coller) والأغلبية لم تعـد تهتم أو تقرأ ؟ إلا من آمن بمغزى القراءة والاهتمام وهناك نداء عجيب أثاره: الشاعر والمسرحي التونسي حكيم مرزوقي يدعو إلى إقامة «مرصد أدبي» يشهّر من خلاله بكل من يسطو على متاع الآخرين، وينسبه إلى نفسه في مختلف حقول الأدب والفكر والفن، أسوة بتلك المراصد التي تنشط في المجتمعات المدنية، وتتعقّب الانتهاكات الحقوقية فتفضح مرتكبيها في الدول والمؤسسات(4) إنه نداء أو دعوة هي صيحة في وادي الذئاب؛ بحيث لم يستجب لها أحد ولمناقشها أحَـد. وهذا لا يفرض علينا التكاسل أو ممارسة اللامبالاة؛ بل كل منا يحاول من جهته كشف هذا النوع المهين للثقافة العربية ؛ وفي سياق هذا ونحن نطلع على كتاب (( المسرح العربي المعاصر))(5) ل[ حكمت أحمد سمير] (6) حتى وصلنا للفصل الخامس عنوانه (( المسرح السياسي العربي) وفرع عنوان الفصل[[ الأدب والسياسة]][ص /131 إلى 149] وتعود بي الذاكرة أن هذا الفصل/الموضوع حرفيا يشبه دراسة سبق لي أن اطلعت عليها؛ لأعود للأرشيف وبعد عناء ضبطت الموضوع تحت عنوان [[المسرح والسياسة]] ليوسف الطالبي منشور في(7) إذ بالحرف والنقطة والفاصلة منشور في الكتاب ((( المسرح العربي المعاصر)))  بدون حياء وبدون مراجع التي أثارها – يوسف الطالبي التي وصلت إلى (62 مرجعا) عما أن الناشر يشير في بوابة الكتاب ما يَـلي (حقوق الطبع محفوظة للناشر-- يمنع إعادة نشرأو طباعة أو تصوير الكتاب أو محتوياته ويمنع سحب نسخ إلكترونية من الكتاب وتوزيعها ونشرها دون إذن  خطي من الناشر.                                                       وأي مخالفة لما ذكر يعتبر إساءة للحقوق الملكية الفكرية للناشر والمؤلف ويعرض للمساءلة القانونية والقضائية (8) في هذا الإطار من يجب في حقه المساءلة القانونية والقضائية هل (يوسف الطالبي) أم (حكمت أحمد سمير) أم (الناشر) أم (نحن ) الذين أثرنا هاته السرقة  التي لا تحمل أدنى رتوشات ولا تعْـديل حتى في الصيَّاغة أو الأسلوب ؟؟ اللهم أن العنوان الفرعي تحول من ( المسرح والسياسة) [إلى] (بين الأدب والسياسة) أما الموضوع  سطرا سطرا وحرفا حرفا . بدون  استحياء ولا أخلاقيات للمجهود الفكري لمن سبقه !! ويقول فقهاء القانون: لا جريمة ولا عقوبة إلا بنص قانوني؛ لكن جرائم السطو الأدبي استمرت وتستمر حتى بعد سن القوانين الخجولة في الملكية الفكرية التي ظلت  ترفا حضاريًّا في سوريا وغيرها من البلاد العربية ؛ مجرد نمر ورقيّ وبلا مخالبَ، كما غابت العقوبات إلا فيما ندر، ذلك أنّ هذه النصوص جاءت في البلاد العربية كنوع من ذرّ الرماد، والتبجّح بأننا أمة تحترم المبدعين، وتدافع عنهم....(8)
الإحـــالات :
 1 ) هـل الـمسرحيــون لا يقــرأون؟ (انظر) لصحيفة الجمهورية الجزائرية أو موقع ديوان العـرب بتاريخ         
      18 / 06/2018 
2) مسرحنا الجزائري إما مسروقا أو مهـانا..!! (انظر) في فضاء المسرح ل(صحيفة الجمهورية الصادرة بوهـران
     بتاريخ 12/ يونيو/2018
3) فلاش باك: آفة المسرح ( انظر) لصحيفة الجمهورية الجزائرية أوصحيفة الحوار المتمدن- العدد: 6040 بتاريخ 31 /10/2018
4) السرقات الأدبية مستمرة في أشكال وأقنعة جديدة.. و«حقوق المؤلف» نمر بلا مخالب - لسامر إسماعيل تحقيقات‬‬
     في مجلة فيصل بتاريخ 06/11/2016
5) المسرح العربي المعاصر عن دار الجنادرية للنشر و التوزيع/ الأردن ( سنة2015) وعن دار يافا العلمية للنشر
    والتوزيع / الأردن ( سنة 2016)
6) لم أعثر على بيبلوغرافيته ؟ كل ما توصلت إليه أن له ثلاث كتب مسرح الطفل ( سنة 2016) المسرح العربي
    المعاصر( سنة 2016) أطفال الروضة وتربيتهم ( سنة2017) مطبوعة في دار يافا العلمية للنشر والتوزيع .
7)مجلة فكر ونقد تحت عدد/68 ابريل 2005 أنذاك كان (محمد عابد الجابري) المدير ورئيس التحرير و(عبد السلام
    بنعبد العالي) سكرتير التحرير و(محمد إبراهيم بوعلو) المدير الإداري
8) المسرح العربي المعاصر  ص( 2)عن دار الجنادرية للنشر و التوزيع/ الأردن رقم الايداع 4283 في/9/2015
9) السرقات الأدبية مستمرة في أشكال وأقنعة جديدة.. و«حقوق المؤلف» نمر بلا مخالب - لسامر إسماعيل تحقيقات‬‬
    في مجلة فيصل بتاريخ 06/11/2016

26
باب ما جاء في عناوين الاحتفالية !!

                                                                                     
نــــجـيب طـــلال

مِـفتــاح الباب:

مبدئيا من أصعَب ما يعانيه أي مؤلف/ كاتب/ صحفي/ طالب/.../ في صياغة موضوع ما؛ اختياره لعنوان مناسب والدال على مرامي النص الرئيس؛ وصعوبته تكمن بأنه يُـعَـد من أهمّ مرجع يتضمّن بدواخله الرّمز و العلامة وكذا تكثيف المعنى، فمن خلاله يحاول / مؤلف/ كاتب/  أن يثبت مقصده برمته، بوصف العنوان النّواة المتحركة التي خاط عليها نسيج نصه. فمن هنا فهو في حد ذاته نص/ محيط أو موازي( paratexte ( حسب تعبير جيرار جنيت(Genette) ولكن لما لا نسميه النص المجاور الذي لا يمكن تجاوزه للنص/ المتن أثناء تحليله أوتفسيره أو تأويل النص ؛ لأنه يحمل شبكة دلالية عميقة جدا؛ في إطاره يعْـتبر حقلا خصبا للتفكيك والتحليل . ولاسيما أنه منفلت من عمق النص الأساس وروحانيته ، وبالتالي فهو بنية وظيفية دالة . يعلن منذ البداية  كأول اتصال نوعي بينه وبين المشاهد/ القارئ  يؤسس نقلة نوعية في وعيه ،وذلك من خلال مشروعيته القرائية وبحكم بروزه كإشارة أو علامة بارزة بشكل مادي محسوس أمام القارئ/ المتلقي ليجعله مبدئيا  يقتحم عوالم النص وفضاءه الرمزي وشخوصه الدلالية ؛ ليسهل عليه مسك بالخيوط الرئيسة للعمل المشاهَـد أو المقروء ؛ يساهم إلى حد بعيد في بناء تصور أولي عن حمولة النص من خلال النص المجاور- علما أنه: ليس هناك قاعدة ولا وصفة لإيجاد عنوان جيد للمسرحية؛ ولا حتى دراسات عامة عن اختيار العناوين. العنوان هو نص خارج عن النص الدرامي بحد ذاته. إنه ولهذا السبب عنصر توجيهي( فوق أو إلى جانب النص) لكن معرفته الإجبارية مازلنا نذهب إلى المسرح بسبب عنوان المسرحية (1) وبالتالي فاختيار العنوان وتدوينه واستقرار رأي الكاتب عليه ، ليس مسألة اعتباطية أو مزاجية  بل هُـوعَـتبة أو مفتاح إجرائي يمدنا بجملة من المعطيات والمعاني الدالة  تلك التي تساعدنا على فك شيفرات النص والدخول لمجاهليه وتشعباته . لأنه أساسا يحمل رؤية المبدع / الكاتب  ومدى حدسه الإبداعي ؛ وحسب رؤية - لوران بارت-  في المغامرة السيميولوجية ؛ بأن العنوان في حد ذاته عبارة عن أنظمة دلالية سيميولوجية يحمل في طياته قيما أخلاقية  واجتماعية وإيديولوجية . ومن تمة فـهو: يشكل مرتكزا دلاليا يجب أن ينتبه إليه فعل التلقي؛ بوصفه أعلى سلطة تلق ممكنة؛ ولتميزه بأعلى اقتصاد لغوي ممكن ولإكتنازه بعلاقات إحالة : مقصدية – حرة إلى العالم وإلى النص وإلى المرسل (2) فالمقصدية أساسا هي مقصديات مختلفة ومتنوعة بتنوع الأطراف والمبتغى . فالاختيار في حد ذاته قصدية ؛ لأنه عملية تخاطبية تواصلية في الحّـد الفاصل بين النّص والعالم، ونقطة تقاطع يمرّ من خلالها النّص إلى هذا العالم، مقابل هذا تعد خطا أو قنطرة  واصلة بين النّص والكاتب والمتلقي .لأن الأصل في الكلام القصد كما يعَـبربذلك طه ع الرحمان (3) وبالتالي : فالعنوان بما هو إشارة سيميائية تأسيسية ، قد يدفعك إلى أن تعيد قراءة شيء كان مألوفا لديك بل هو جزء من ثقافتك؛ ولكنه يغريك بإعادة قراءته لآنه يفجر فيك طاقات جديدة ؛ وكأنه مع العـنوان يبدأ فعل القراءة ومن ثم فعل التأويل ( 4) لكن من الملاحظ أن عناوين النصوص المسرحية تحْديدا؛ لم نوليها اهتماما؛ وهذا يتحمله البحث الأكاديمي. رغم أن الدراسات الأدبية والنظريات النقدية اهتمت اهتماما متزايدا دراسة العنوان تفكيكا وتحليلا ( علم العنونة / La titrologie ) فمن هنا كاد درسه يندرج ضمن سياق تطبيقي ونظري؛ وذلك استهدافا لمقاربة النصوص. بغية  فهم خصوصيتها وتحديد جوانب  من مقاصدها الدلالية والرمزية ؛ وإن كانت العملية معقدة جـدا: فثمة عناوين لا تسلم نفسها بسهولة؛ وإنما تظل متحجبة ومتمنعة عن الظهور، إلا باستخدام نظام تأويلي أو سيميائي يفـُك شيفراتها( 5) باعتباره العتبة الأساس والتي تفرض على الناقد أو الباحث أن يستنطقها ويفككها ، ذلك قبل الدخول لأعماق النص. بحكم أن العنوان هو الذي يسم النص، ويعينه، ويصفه، ويثبته ويحقق للنص كـَذلك اتساقـه . مما اعتبره – جنيت: من أهَـمِّ عناصر النص الموازي (paratexte )على اعتبار أنه لا اعتباطية في العنوان؛ ولاسيما أن الكاتب يجهد نفسه في اختياره لكي يلائم مضمون إنتاجه .مما يعطيه الكثير من الوقت والتفكير ليختاره بشكل ينسجم من حيث التركيب والدلالة نسبيا مع النص،  لكي يجذب إليه الأنظار. وذلك لاعتبارات إما نفسية أوفنية أو جمالية أو مذهبية أو تجارية حتى . لتمكن من تحريك شهيّة القارئ/ المشاهِـد ، فيُجلب بذلك اهتمامه والإيقاع به ، من خلال تفخيخ خطابه بنوع من الإثارة أو الإغراء لأنه : ففي العنوان مقصدية من نوع ما، ربما تقود هـذه المقصدية إلى مرجعية إما: ذهنية أو سياسية أو مذهبية أو إيديولوجية. فالعنوان في الوقت الذي يقود القارئ إلى العمل هو من زاوية يخبرنا بشيء ما(6) وبالتالي فالإخبار لا يتأتى استيعابه أو التحقق منه ؛ إلا بالدخول لعوالم النص بحثا عن إجابات مقنعة للتساؤلات التي فرضتها العتبة النصية على المشاهِـد/ القارئ.

مـتاهــة العُـنوان :

فمثلا – [عطيل الخيل والبارود] عنوان تركيبي  يبعث عن الغـرابة والدّهشة ؛ مما يثير في ذهن المتلقي/ المشاهد ، عِـدة تساؤلات واستنهاض رغبة الفضول هذا إن كانت له مرجعية أدبية / ثقافية ؛ تساعده على فهم مقاصد المؤلف من خلال [نظرية التلقي](:) ما علاقة (عطيل) كشخصية شكسبيرية ب (الخيل والبارود)؟ وفي  سياق عطف ومعطوف فـهو يحيل للفنتازيا أو من خلال التقطيع لكل مفردة ذات  دلالة حسب المرجعية الثقافية أو حتى الإجتماعية ( الخيل ) للشجاعة والعروبة ( البارود) للحرب والدمار؛ وبالتالي فالتركيب مفخخ بالدلالة والمجاز مما يفرض اقتحام أغوار النّص؛ لفهم التركيب النصي بحكم أن العنوان في حَـد ذاته سلطة توجيهية إغرائية إلى عالم النص داعية إلى الفضول لمعرفة واكتشاف مضامينه النص الفكرية والإيديولوجية. وبالتالي فالعلاقة بينهما تفرض علينا نفسها . وبالتالي فموضعته ( العنوان) يـعَـد واسطة مركزية في عملية ربط الخطاب الموجّه إلى القارئ/ المشاهد، وبالأساس هو تـَوجُّـه قصدي لجمع شَتات تأويلاته في دائرة محكمة لإنتاج المعنى . لأنه جزء هام من الإنتاج الإبداعي ، بل إنّه يهيمن على القيمة الخطابِية والتّاريخية للمؤلَّف. وأبعد من هذا يعطينا انطباعا ونظرة حول مضمونه ، لكونه مرآة عاكسة وذلك باعتباره علامة سيميائية تمارس التدليل. هنا فالمتمعن في العنوان[[عطيل الخيل والبارود]] سيجـده مزيفا كيف؟
لأن هناك تمظهر مكشوف لتناص بينه وبين (ست شخصيات تبحث عن مؤلف )/ للإيطالي – بيرانديلو- فهذا الأخير يقدم لنا حكاية أسرة مكونة من ست شخصيات تبحث لنفسها عن مؤلف؛ من أجل أن يكتب دراما حياتها ؛ في حين الأولى تقدم لنا كذلك ست شخصيات تبحث عن مخرج لكي تعمل معه. ما الفرق هنا مادام الخيال والمتخيل هو سيد الإبداع ؟ لا شيء ! سوى قلب (المؤلف لمخرج ) وإقحام شهريار والبوهو/المسيح كإحدى شخصيات فرجة البساط أو التفكه؛ والملاحظ أنها وظفت  كشخصيات( ثانوية) فقط. هل ليأخذ النص طبيعته ( الإهتبالية ) وليس (الإحتفالية / le carnavalisme) كمفهوم له جذوره التاريخية، باعتباره ظاهرة عامة يعيشها المجتمع الإنساني على مر العصور. وكل منا يستفيد منها، حسب موقعه وفي أي موقع كان. وبالتالي فهذا التناص كذلك مرتبط أساسا بعملية توظيف مفهوم (الحلقة) كشكل من أشكال الكتابة  والتحكم في تقنيـة الحكي التي وظفها- بيرانديلو- أي لعب داخل لعب؛ ولكنها لم تخرج عن الفضاء المغلق [ القاعة المسرحية ] بدل [الساحة العمومية ] مما يجعل (عطيل والخيل والبارود( مزيفا حتى على مستوى المتخيل فهل كان عطيل شخصية ( فلكلورية) وفي النص تمظهر كشخصية لها القدرة على القيادة والثقة في النفس لموجهة (المخرج/ ياغـو) إضافة لحضور       ( البـوهو/ المسيح) كما قلنا كشخصية ثانوية غير مؤثرة في سياق الحدث/ الصراع بين [عُـطيل/ المخرج] ربما بنى تصوره الواهم على النص الأصلي لشكسبير(7): حينما اعترفت - ديدمونة - لأبيها أن "عطيل" لم يستعمل معها أي سحـرأو عنف كما اعتقد في بداية الأمر بل (هي ) قـد أغـْرمت وأعجبت به عندما كان يأتي إليه ليقص عليه بعض المغامرات التي عاشها في صغره. ففي هـذا الباب لا يعني أن ( عطيل) قاص ( شعبي) / راوي حكايات. وإن علما أن التيمة الأساس تتمحور حَـول ( الخير والشر) وما ورد في النص ( عطيل الخيل والبارود) يتمركز حول ( الحقيقة والوهم) تلك التيمة التي نقبض عليها في كل نصوصه المسرحية ؛ موظفا بذلك دائما لعبة الأقنعة التي تخفي الحقيقة؛ لتحقيق البعـد – الكرنفالي/الإحتفالي / مهرجاني/ العيدي/le cérémonial / le festival / ) ولكنها ظلت حبيسة العلبة ( الإيطالية) ؟
وللإشارة في هـذا الباب ؛ فالفنان الطيب الصديقي هو صاحب الدعوة الحقيقية بتحقيق البعْـد الكرنفالي/ الإحتفالي/ للمسرح؛ بناء على تصور وطلب [ روسو] بالعودة للحفل الجماعي من خلال المسرح لتحقيق المشاركة الجماعية في الحفل الجماعي كوسيلة للتواصل بين أفراد المجتمع؛ وإن كانت جملة من الفعاليات العالمية انتهجت هذا الطلب: ك / جاك كوبو/ أدولف أبيا/ كردج كريج //..../ والباحث الفرنسي ألفريد سيمون ومن خلاله نادى بذلك" جـان فيلار" : والذي أخرج المسرح من علبته إلى الهواء الطلق؛ والذي أعاد للمسرح وظيفته المنسية، وجعل منها احتفالا يقام من أجل الأعداد الكبيرة (8) وهذا تم تطبيقه عمليا في (أفينيون)  للخروج من العلبة الإيطالية . وذلك لتحقيق ما طرحه ميخائيل باختين -    أن فكر الفرد والجماعة في الأجواء الاحتفالية يتحرر من القيود والمواضعات الاجتماعية، فهي الفضاء الذي يعكس حقيقة الثقافة والفكر لأن الاحتفال هو الصنف الأ ول والأبدي للحضارة الإنسانية ، هذا الصنف الذي نرى فيه جوهر الثقافة الشعبية وحقيقتها(9) وبناء على هذا فجوهَـر الطقس الاحتفالي في نصوص – برشيد- بقي غائبا أو بالأحرى منعَدما؛ بحكم شكلانية الشكل التي تمارس تأثير الغرابة والدهشة؛ من هنا لعب (صاحبنا ) عليه من أجل تدويخ وليس إدهاش المتلقي/ المتفرج . وبالتالي فلماذا تم تغيير عنوان( عطيل والخيل والبارود)إلى( لعبة الوهم والحقيقة ) ؟ وهذا نفسه نجده  في تيمة نص
(فاوست والأميرة الصلعاء) التي تحول عنوانها إلى (الحفل التنكري) فمنذ البداية والنص يدعو إلى تعرية وكشف شخصيات خلال أقنعة يلبسونها؛ لتحقيق مسرح داخل مسرح؛ ليقع التجاذب بين ( الوهم والحقيقة ونفس التيمة في ( منديل الأمان) الذي تحول عنوانه إلى( لعبة الوجوه والأقنعة ) التي تحكي عن رحلة لسبع شخصيات داخل قطار تتقنع بأقنعة مختلفة ومتنوعة،، فاتفقت لتختصر زمن الرحلة على أن تلعب لعبة الاعتراف . فنكتشف بأن كل شخصية تنطوي على الوهم والحقيقة ( أي ) تعيش واقعا و تحلم في الآن ذاته بالهروب و التخلص منه. نفس التيمة نجدها مسرحية [ حمار الليل] هناك سبع شخصيات رغبتها في الهجرة ، هذا إذا لم ندخل الراقصة ( دلال) التي كانت شخصية عرضية فقط. تلتقي في بَـهو (ميناء بحري) في انتظار الباخرة التي يحلمون بها للسفر. يبدأ البوح لتكشف كل شخصية عن نفسها،. فنكتشف كذلك أن كل شخصية تنطوي على الوهْـم والحقيقة . فهاته الثنائية الضدية المرادفة لثنائية ضدية أخرى ( الوجه/ القناع) واردة في أغلب النصوص؛ بحيث الاختلاف نجده في الشخصيات وفضاءات الحدث وهـذا (التناسل النصي) يبرره البيان الثالث  الذي يقول : إن النص المسرحي لا يعَـد مسرحية بقدر ما يعتبر مشروعا لمسرحية أو مسرحيات متعـددة .
وبما أن النص عند- برشيد- يعَـد مشروعا فلماذا تم تغييرعنوان النص الذي كنا بصدده إلى (عطيل دوميل ديزناف )؟هل نحن أمام غموض عنواني حقيقة لخلق جمالية خاصة ؛ إيمانا بتصور "إمبرتوإيكو/ U. Eco" حول العنوان حين قال: إن شأن العنوان أن يبلبل الأفكار لا أن يرتبها .فأي بلبلة أحْـدث والنص نفسه . فلوكان عكس ذلك لتمت الإجابة على سؤال ورد جدارية المخرج إبراهيم وردة بالقول((ما سبب تغيير العنوان هل من جديد في المسرحية القديمة)) (10) فالمؤسف لم يجبه أحـد؛ ولم ينتبه إليه أحَـد كذلك ؟

تغـييـر الـعـنوان :

مبدئيا فالعنوان حق أصيل للمؤلف؛ لأنه وُلد من تفكيره ومعاناته ؛ وذلك لتحقيق القصْدية القابعة وراء ذلك الاختيار؛ لأنه أولى عتبة القارئ التي يقيس به دلالته على جميع مضامين النص( بمعنى) : فهُـو مفتاح الدلالة الكلية التي يستخدمها القارئ الناقد ومصباحا يضيء به المناطق المعتمة (11 ) هنا هل يحق تغيير العنوان من نصه الأصلي؟
فإذا ابتعدنا قليلا عن التحليل الأدبي / الفني؛ ونظرنا للعنوان الشخصي للفرد؛ فهو أساسا هويته ولا يمكن تغييره/ استبداله،  إلا بمقتضيات قانونية . وبعـلـَّة معقولة تتحدد أساسا في استبدال المكان/الحي/ المدينة/ الموطن؛ تدون في طلب. فحتى تغيير موضوع الأطاريح والبحوث تحتاج لطلب مذيل بسبب مقبول لتغيير العنوان. فإذا عدنا لموضوعنا ؛ فطبيعي أن الإبداع لا يحتمل البيروقراطية وتعقيداتها ؛ولكن هنالك مسالك فنية تقتضي تغيير عنوان النص الأصلي ، والمُمثلة في الاقتباس والإعـداد التي هي بالأساس ظواهر إنسانية حضارية.
إذن فالاقتباس : هو عملية نقل أو تحويل أثر أدبي من نوع إلى آخر( من رواية إلى مسرحية مثلا) اٌلإقتباس أو المسرحة ( dramatisation) يستند إلى المحتويات السردية ( القصة والحكاية المثبتة بأمانة نوعا مـا... غالبا ما استعملت كلمة اقتباس بمعنى "ترجمة" أو بمعنى نقل أمين نوعا ما، من دون أن تسهل دائما رسم الحدود بين التطبيقين. المقصود ....(12) فهل نصوص – برشيد- المدونة باللغة الفصحى والتي ليست روايات أوقصص تحتاج إلى اقتباس ( تحويل) الذي يبيح للمقتبس حرية التصرف في النص الأصلي ؛ حتى يمكن تغيير عناوينها. مع العلم أن العنوان له حمولة فكرية دالة ؛ يسمح لنا بتفسيره من خلال النص ؛ وهذا الأخير من خلال العنوان؛ وفي هذا السياق يشير- ميشال هاوسر- (M. Hausser ) قبل النص هناك العنوان، وبعْـد النص يبقى العنوان. هنا [مثلا] أي عنوان سيبقى مادام (صياد النعام ) تحول إلى ( على قيد الحياة ) و ( أبو الغرائب في بلاد العجائب) إلى(رحلة أبو الغرائب )
 و ( الدجال والقيامة ) إلى (سيرك الدنيا ).... ؟ هنا لاوجود لعملية اٌقتباس؛ ولا لعملية الإعـداد الذي هو: بالمعنى الواسع للكلمة هو عملية تعْـديل تجري على العمل الأدبي، أو الفني من أجل التوصل إلى شكل فني مغاير يتطابق مع سياق جديد(13) كما حَـدث [مثلا ] مع مسرحية ( حكاية العربة) تحولت إلى (الدائرة) مع جمعية الشهاب البيضاوية وإلى( العربة93) مع جمعيه نادي المرآة بفاس. ومسرحية (شهرزاد) إلى (شهرزاد المراكشية) لجمعية  دراما / مراكش و(على بابا الوزير) إلى ( شابكة) لجمعية الأوركيد/بني ملال... إذ ربما هنالك خلل في بنية النص المسرحي؛ أو أنه لا يتلاءم مع وجدان المجتمع الذي يقدم على إنتاجه . مما يدعُـو لممارسة الإعداد عليه ( دراماتورجيا ) لتحقيق تمسرحه . هذا إذا ما تعمقنا في مفهوم الإعداد الذي هو: إعادة صياغة نص مسرحي ليتلاءم مع وجدان المجتمع الذي يقدم على إنتاجه؛ أو ليتلاءم مع فكر المخرج؛ أو لسبب قد يظنه المعد ركاكة في الصياغة الأصلية – بحق أو بغير حق- ويتخذه ذريعة لإضافة أو لحذف بعض فكر وأسلوب النص الأصلي ، وإبدالها من عنده بما يوافق مجتمعه ويوافق فكره وحالة مزاجه (14) وبالتالي فالملاحظ أن - برشيد- ( كان) يدافع باستماته على ( اٌلإحتفالية/ الإهتبالية) صانعا بذلك حروبا ورقية. غير أنه أمام نصوصه لم نشاهده يوما يفعل ذلك ولا يبدي تحفظاته رغم أنه يقول بالحرف: ولقد عبرت دائما عن رأيي الواضح والصريح في الاقتباس والاختلاس، وفي الإعداد والتوليف، وفي الترجمة الخائنة، وفي تهريب النصوص المسرحية، خصوصا منها تلك التي فقدت الصلاحية في أوطانها الحقيقية، وأصبحت مضرة بالصحة النفسية والوجدانية والعقلية والأخلاقية (للمستهلك)(15) ألا ينطبق هذا على نصوصه مادام الإعداد والتقطيع واستبدال العناوين مسألة مباحة إما نتيجة ترسيخ استحضار وجوده الفعلي/ العملي في الساحة الثقافية/ المسرحية؛ وإما نتيجة التعويضات( المالية ) التي كان يتقاضاها من الجمعيات؛ ولتفعل تلك ( الجمعية) في النص ما شاءت كما وقع في مسرحية (أبو الغرائب في بلاد العجائب) مع إحْدى الجمعيات( محترفة/ فاس) أوفي قرارة نفسه أن الإحتفالية ونصوصها هي خواء في خواء؛ لأن نصوصه الأخيرة.../ المقامة البهلوانية/ الحكواتي الأخير / أبو الغرائب في بلاد العجائب /شكوى المهرج الحكيم/.../هي بمثابة لواعج ومناجاة الذات للذات ؛ بحكم أنها لا تبتعد عن تجربته وحياته الخاصة والإبداعية ؛ ولنتمعن في هذا الحوار:
قارئة الكف‮:‬‮ ‬ تسألني‮ ‬لماذا؟ لأنه‮ .. ‬غير موجود‮ ..‬
أبو الغرائب‮: ‬ وكيف عرفت أنتِ هَـذا؟
قارئة الكف‮: ‬ ‮(‬وهي‮ ‬تنظر إلي‮ ‬كفه‮)‬‮ ‬يسألني‮ ‬كيف عرفت؟ كفك قال كل شيء‮ .. ‬أنت ليس في‮ ‬كفك إلا هذا الذي‮ ‬أقول،‮ ‬وتأكد بأنك لن تجد شيئا أبدا‮.. ‬هل تعرف لماذا ؟
أبو الغرائب‮: ‬ لماذا ؟
قارئة الكف‮: ‬ لأنك لا تبحث إلا عن الخواء‮ .. ‬أنت الآن ضائع وتائه‮.. ‬قـُلها ولا تخجل‮ .. ‬اعتبرني‮ ‬مثل أمك‮ ..‬ (16) ومثل هذا يتكرر في نصوصه ؛ لأنه ربما وصل للنتائج التي كانت تواجه مشروعه ( الوهمي مثل ما قيل: فالمسرح الاحتفالي عند الاخ الصديقي أو الآخ برشيد لم يستفد من الارث المسرحي المغربي؛ وبالتالي افرغ من تعامله المضموني من قضايا تلتصق بهموم الانسان المغربي؛ وسقط ضحية تقنية الديكور...واللغة الفضفاضة...( انبهار في الاخراج - انبهار في اللغة = احتفالا بعيدا عن هموم وقضايا الانسان المغربي) ومن هنا ابتعد عن جمهرة المتلقين(....)..وهـذا يضيع أهمية التركيز على الصراع وفـضح التناقضات... فيصبح النص الاحتفالي كتابة مغرية على الماء (17)

الإحــــالات:

1)  معجم المسرح لباتريس بافي - ترجمة ميشال ف. خطار ص571 المنظمة العربية
    للترجمة - ط 3/1980
2) مبادئ ألسنية عامة لأندري مارتنيه ترجمة ريمون رزق  ص 223 دار الحداثة   
    بيروت/ لبنان 1990
3) انظر لكتاب : اللسان والميزان - لطه عبد الرحمان المركز الثقافي العربي المغرب / 2002
4) سيمياء العنوان لبسام موسى قطوس-  ص 36 --عمان/ الأردن2001
5) نـفســــــه ص 41           
6) نــفســـــه ص31
7) انظر: نص عطيل – لوليم شكسبير- تعريب خليل مطران دار مرون عبود – بيروت- ط 8/ 1974
8) المسرح وقرينه لأنطوان أرتو– ترجمة - لسامية أسعد ص87 - دار النهضة العربية
9) Voir/ Alfred Simon : Les signes et les songes, Essais sur le théâtre
et la fête-  éd, seuil- Paris/1976 -2pp 169-170
10) سؤال طرحه الفنان عبدالمجيد سياع في جدارية المخرج إبراهيم وردة بتاريخ – 09/07/2019
11) دينامية النص: تنظير وإنجاز لمحمد مفتاح ص72 المركز الثقافي العربي- ط2/ 1990 
      لبنان/بيروت
12) معجم المسرح لباتريس بافي - ترجمة ميشال ف. خطار ص-69/70- المنظمة العربية للترجمة -   
      ط 3/1980
13) ماري إلياس / حنان قصاب حسن(في) المعجم المسرحي ص 44: مكتبة لبنان ناشرون/1997
14) حيرة النص المسرحي :لأبوالحسن عبدالحميد سلام ص-71- ط2/1992 مركز الإسكندرية للكتاب
15)  بيان عبد الكريم برشيد بخصوص مسرحية (ديالها) موقع هسبريس بتاريخ 04/07/2012
16) نص: أبو الغرائب‮ ‬في‮ ‬بلاد العجائب  مجلة مسرحنا- في- 20/10/2013
17) المسرح الهاوي بالمغرب والخطاب الفكري :للمسكيني الصغير مجـلة المدينة ع 6/ 1981 ص41

27
مهرجان الـهــواة بين الغـِواية والهاوية
                                                                                       
نـجـيب طــلال


إشــارة واضــحــة:
نعلم أن البعض يؤطرنا وسيؤطرنا آخرون من خلال هاته المواضيع في صف [ النوستالجيين] وهذا قـول مردود؛ لأن فيه نوع من الهروب للأمام بالنسبة للقوالين والكوالسيين؛ لأن الأغلبية تخلت عن دورها التاريخي/ الإبداعي الحق؛ وهرولت نحـو ( الأموال) مزاحمة خريجي المعهد والمتفرغين للممارسة المسرحية ! وماذا استفادت لحد الآن ؟ سؤال نرجو أن يكون من يعنيه الأمر أن يرد عليه بالحجة والمحاججة المنطقية ؛ وإن كانت قضية ( بطاقة الفنان) ستخرس من يعنيه ( الأمر) ذاك الذي تخلى وباع تاريخ مسرح الهواة ؛ هنا لن نكون عَـدمين بل من حق المرء أن يحسن وضعه المالي ولكن ليس على حساب بيع روحانية الإبداع وتشويه قيمة الإنسان الكائن في ذاك الإبداع  .وإيمانا بمنشور رقم 99/30 (1) الذي لم تفعله الجهات المسؤولة في حق المسرحيين؛ ربما لأسباب استراتيجية ستظهر فيما بعْـد. لكن الأهَـم عندنا هاهنا الإنزال المهرجاني الذي تطاول بشكل سافر على مسار تاريخي بأكمله ؛ فحبذا لو أعـطي للمهرجان صفة أخرى كمهرجان – الناشئة أو المستقل أو الرديف أو النواتي أو الشباب الحيوي أو المستقبل أو الطلائع....لخلق التميز وتلافي التطاول.                                           وذلك احتراما وتقديرا لتاريخ وعطاء مسرح الهواة بالمغرب؛ الذي يعتبر بحـق المؤرخ الحقيقي للحظات السياسية / الثقافية/ الاجتماعية. من هنا كانت له بالغ الأهمية والدورالـريادي فى إثراء الساحة الثقافية والإبداعية وتفعيل الواقع المسرحي تحديدا ؛ بتفاعله بالحركية الاجتماعية والسياسية محليا ودوليا . ولكن [ كـل] المسرحيين لم تهُـزهم الحمية الإبداعية ؛ وليس حنينهم ونوستالجيتهم على صرح أمسى يعيش الإندحاروالإنهياربسرعة برق ! عجبا لم تحركهم غيرتهم النضالية على تاريخهم الذي ضاع في دواليب الغواية ؛ من أجل طمس هويته واغتيال الـوجه الحقيقي للمسرح المـغربي لينهار الأمل في مسرح كان الصوت والوجه الحقيقي للقضايا الإجتماعية والسياسية للجماهير. إنها حرب مكشوفة على المسرح المغربي لكي يـتحـدد الإطار المستقبلي  كان مسرح كائنا بكينونة تجاوزها الزمن ولم يعُـد مواكبا للفكر العَـولمي ؟ ياله من طرح سيكون بليدا وليس استبلادا وهناك مهرجانات للهواة بصيغة ما هو متعارف عندنا ، لازالت قائمة الفعالية والحضور عبر العالم. ولها  جمهورها؛ كما كان للهواة جمهور غفير؛ بخلاف الآن فالمسرح (المدعم) يعاني ما يعانيه من غياب الجمهور.  وفي إطار هـذا وارتباطا بما يسمى مهرجان مسرح الهواة سواء في دورته الأولى ( مراكش) والثانية ( آسفي) يلاحظ  وبشكل جلي صمت مريب وإحجام أصوات وأقلام المسرحيين على تقييم علني  لدوراتيه ، ومحاولة كشف خبايا هذه التظاهرة التي لا تمتلك أسباب النزول ( ! ) وهو أمر موكول إلى رغبة الذين يطبلون للمسرح في الموائد والمنابر تلافيا  للعْـنة وغضب من يدبر خيوط الهيئة . الشيء الذي قد يحرمهم من إمكانية استضافتهم أو استفادتهم [ الدولارية ] وهل يستطيع أن يصرح من هم منتسبين للمسرح (الاحترافي) وينالون الدعم والترويج ؛ سبب تواجدهم في رحاب ما يسمى مسرح الهواة (د/2) بآسفي كـفاعلين ومساهمين؟؟ (2)                                                                                        أما على مستوى التحليل وتناول الظاهرة التي أنزلت في غفلة { ديونيزوس} لا أحد ترصد لها  اللهم مقالة (3) التي أبدت ملاحظات أولية على أمل الترصد للمهرجان في دورته الآولى؛ ولم يتم ذلك ؟ وهناك مقالة (4) اعتقدت أن بـِطولها ستكشف لنا بعض ما خفي أو بعض الملابسات التي اعترت الدورة الثانية؛ أو دفاعا عن المحتجين سلبا أو إيجابا. لكنها مجـرد [مقالة ] تقريرية / إخبارية لما جرت أطواره ليس إلا ( ! ) وما أشرنا إليه في تدوينتنا بالقول:( هل يستطيع أحد من أعضاء لجنة التحكيم في مهرجان مسرح الهواة(د/2) بأسفي :أن يتطوع لإغناء المشهد المسرحي؛ بقراءات للعروض المشاركة؟؟ (5) لكي نفهم المستوى المعرفي/ النقدي لأعضاء اللجنة ؛ وإن كان ليس من اختصاصهم . لكن مادام رئيسها اخترق أعراف ماهية اللجنة ؛ وتقدم ببيع كـتـُبه ( كِـدت أراه / رماد أمجاد) لأنهـا من منشورات الهيئة العربية للمسرح ! هنا فالمسؤولية مشتركة بينه وبين المبرمجين ! مقابل هـذا هنا من أطر مناقشة العروض؛ فلماذا لا يفيدوننا بقراءات منهجية ؛ لكي يستفيد الجميع .ونفهم هل هناك تطور نوعي ؛ إبداعي؛ شبابي أم اجترار لما يسمى عرض مسرحي ( ليس إلا) مادامت المناقشة اتخذت صيغة ( ندوة تأطيرية) كمصطلح وإن كان غير مضبوط  ولا منضبط في الجهاز المفاهيمي.
أسباب النزول:
في إطار الاحتجاج الذي نظموه مسرحيو مدينة – آسفي – على إقصائهم وتهميشهم ؛ أشرنا بالقول (6) ولماذا قبلوا حـوارا في الشارع العام مع [مدير إدارة المهرجانات] الذي مارس المواربة في حق المحتجين لحظة اختتام المهرجان؟                               فـعـبرَما هُـوموثق بالصوت والصورة (7)  يلاحظ أثناء دخول رئيس الهيئة العربية للمسرح  لتتبع اختتام المهرجان؛ اقتحم [مدير ادارة المهرجانات ] وقفتهم . وتلك طريقة لا تنم عن أسلوب حضاري لمناقشة مثل هاته القضايا؛ وتبرير الأخطاء التي وقعـت وبالإمكان تصحيحها في الدورة المقبلة ؛ مما يتبين أن له نسبة في إقصائهم ؟ وذلك من خلال طلب المحتجين أن يقف أمام الملأ  لكي يعتذر عن هـذا الخطأ. هنا السؤال الجوهري: كيف رفض الإعتذارعن الإقصاء والتهميش وهو في مقام [[مدير إدارة المهرجانات]]؟ لكن كما يقال الحقيقة تظهر من زلة اللسان، بحيث تبين حسب قوله أنه صاحب فكرة إنزال مسرح الهواة بصيغة - الهيئة العربية للمسرح – مؤكدا بالقول الصريح: أردنا أن نرجع للهواة شأنهم وقيمتهم؛ فقبلت الهيئة العربية مقترحنا؛ حتى أن وزير الثقافة رحب بالفكرة وأكد على إرجاع مسرح الهواة من جديد (8) فظاهـرالقـول ؛ ضرب صريح لتاريخ إبداعي ونضالي لا يستهان به من التضحيات والعطاء والفعاليات. وإن كان[[مدير إدارة المهرجانات]]؟ لم يكن يوما يشكل قوة في رحاب مسرح الهواة ؛ حتى أنه في سيرته الذاتية يذكر: أنه قـد بدأ مسيرته المسرحية ضمن مسرح الهواة (الفرق التمثيلية البيضاوية لبوشعيب رشاد (1968 – 1974) وحصل عام 1975 على التنويه به كممثل صاعد ، تولى في الفترة من1980 -1984 الإشراف الإداري والفني على مهرجان المسرحية القصيرة بالدار البيضاء (9)هـنا تم القـفـز على جمعية الشامل للمسرح وقفزات أخرى [ ذلك شأنه] ولكن الذين يتحـدثون عن التوثيق للحركة المسرحية المغربية ؛هل بإمكانهم إفادتنا  وأن يحققوا توثيقيا من هـم أعضاء (الفرق التمثيلية البيضاوية لبوشعيب رشاد ) ما بعـد توقفها سنة "1942/1955  ؟         لاسيما أن هناك اتفاق بين الهيئة العربية والنقابة المغربية لمهنيي الفنون الدرامية وذلك: تنفيذا للاستراتيجية العربية للتنمية المسرحية التي أعدتها الهيئة العربية للمسرح بمساهمة المبدعين المسرحيين العرب سنة 2012 وتثمينا للجهود التي تبذلها الهيئة في شتى مجالات المسرح وخاصة النشر والتوثيق، واستمرارا في إغناء مشروعها “خزانة ذاكرة المسرح العربي”(10) والسؤال المحير هل عملية التوثيق ستنطلق من بداية تمظهر المسرح المغربي كما وردفي الاستراتيجية أم ستكتفي بما هو كائن ومتداول في غياب الوثائق والمستندات؛ وبالتالي فهل فهذا المهرجان الذي تشرف عليه الهيئة سيندرج في السياق؛ رغم تمظهر الغواية والانحراف عن طبيعة مفهوم التظاهرات من غياب جمهور مسرحي وطلابي/ وتلاميذي كفئة مستهدفة من الأنشطة والعروض ذات طابع شبابي ؛ نظرا لتنظيمه  أثناء العمل والدراسة ؟ ربما أردوا أن يؤسسوا جمهورا من ( العاطلين/ المتقاعدين) إضافة لغياب ضوابط قانونية صارمة؛ هل هو مسرح للهواة أم لمحترفين أم للمتفرغين ؟ وللتذكير ففي سنة 1961 أصدرت وزارة الشبيبة والرياضة ؛ معية مركز الأبحاث المسرحية مذكرة صارمة تمنع المتفرغين/ المحترفين؛ المشاركة في إقصائيات مهرجانات الهواة . لكننا في هذا المهرجان نلاحظ حضورما لا يجمع حسب التظاهرة؛ التي اعتبرها [[مدير إدارة المهرجانات]]؟ امتدادا لمسرح الهواة وهناك قول مسؤول يفند هَـذا الامتداد بالقول:... وعليه فإننا نسعى ليكون هذا المولود الجديد إضافة نوعية للممارسة المسرحية الوطنية في تنوعها وتعدد اختياراتها الفكرية والجمالية. ولأننا نعتبر الهواية بمثابة القنطرة المفصلية التي تساهم وبشكل قوي في تعزيز ممارسة مسرحية سليمة مبنية على التكوين والبحث والمثابرة (11) إذ هذا قول واضح ولا غبار عليه؛ لكن يقابله قول - الشراكة - التي فيه نوع الغموض ؛ ولا ندري من الناسخ من المنسوخ من خلال ما يسمى ( مسرح الهواة) إذ يقول: فإن المغرب اختارأن يتوجه نحوهواة المسرح ليعيد بذلك الحياة لتلك المدرسة المسرحية الهاوية التي صنعت أمجاد المسرح المغربي في الستينيات والسبعينيات والثمانينيات حيث سطعت العَـديد من الأسماء المسرحية في الابداع والنقد والبحث والتي لازال بعضها يغذي الساحة ...إلى جانب الإطارات الشابة الجديدة من خريجي المعهد العالي للفن المسرحي والتنشيط الثقافي. وبذلك سنكون قد استعدنا ذلك الجسرالرابط بين الهواية والاحتراف (12) ولكن ما علاقة خريجي المعهد بالتظاهرة ؟ وهل التظاهرة فعلا محددة للهواة أم لرواده ؛ ومظاهـرالإنزلاقات نحو الهاوية بادية للعيان في دورته الثانية ؛ بحكم أن الوضع المسرحي المغربي ملتبس ؛ ومِـن التباسه تم اكتساحه.                                           فلماذايا ترى لم تتم شراكة مع مسرح الهواة الجزائري الذي عمر ل52 دورة بدل تنظيم ورشتين في مهرجان مسرح الهواة بمستغانم ؛ هل تحسبا لما وقع سنة2017 : أن عددا من المسرحيين الجزائريين كانوا قد عبروا عن استيائهم من عمل الهيئة في الجزائر ومن إقصائهم من المهرجان(..... )ومن ينتقدوننا من وراء الشاشات نقول لهم إنه لا زعامة في الثقافة وأتحداهم إن طلبوا منا شيئا ورفضنا بل منهم من فتحنا له الديوان الوطني طولا وعرضا (13) أم أنه يتوفر على استقلالية وليس تابعا لوزارة الثقافة ؛ كما هو الشأن للمسرح الهاوي بتونس الذي عمر زهاء(44- دورة) فلما لم يتم اكتساحه ؟ علما أن الأمين العام للهيئة العربية للمسرح الإماراتي شدد ، إسماعيل عن دور الهيئة في دعم المسرحيين الهواة العرب وذلك بقوله: إن الهيئة وبناء على عملها الاستراتيجي تولي اهتماما خاصا لمسرح الهواة وهواة المسرح، وقد بدأت منذ عامين وضع مشاريع تنمية هذا القطاع من المسرح موضع التنفيذ (14) فهل هاته الاستراتيجية ستعيد للمسرح الهاوي المغربي بهاءه وإشراقته، ليصبح ركيزة قوية تستند عليها الحركة المسرحية الاحترافية ؟ علما أن لدينا نزوات عابرة تقضى باسم يافطة تحمل صفة ( الاحتراف ) بدون روحه وضوابطة ومفاهيمه القانونية والتقنوفنية .
استـخلاص :
أما قضية [توطين] المهرجان في ( آسفي) وإن كان هذا المصطلح لم يناقش بعد؛ لأسباب مجهولة . فالآمر يعْـدو غواية مصيرها الهاوية ؛ نظرا أن التوطين يحمل في عمقه الإستقلالية المالية والإدارية؛ مقابل انوجاد بنيات تحتـية وفضاءات ملائمة لمفهوم التوطين المسرحي والإبداعي . لكن العجيب أن مسألة التوطين ذكرتني بمحاولة توطين موسم سيدي دانييل وأبنائه السبعة؛ بأساليب مثيرة جـدا ! فالمسفيويـون ربما يتذكرون ذلك جيدا . وحتى لا يكون موضوعنا مندرجا في الغواية ؛ نتمنى أن يكـون مجرد أضغاث أحلام ، ولكل امرئ ما نوى .

الإحــــالات :
1 ) منشور رقم 99/30 مؤرخ بتاريخ 10 شعبان 1420 (19 نونبر 1999) حول عدم الجمع بين الوظيفة والأنشطة الحرة
2) انظر للتعليقات حول التدوينة  في جداريتنا بتاريخ 01/10/2019
3 )ملاحظات حول مهرجان الدورة الأولى بمراكش لبوسرحان الزيتوني في موقع مساحات مسرحية بتاريخ18/04/2018 الغريب أن أرشيف هذا الموقع ممسوح ؛ والذي يشرف عليه بوسرحان الزيتوني نفسه .
4 ) اختتام فعاليات الدورة الثانية للمهرجان الوطني لمسرح الهواة بأسفي .. تتويج مسرحية «بيريمي» و» توطين» المهرجان بأسفي الكاتب : عبدالحق ميفراني عن جريدة الإتحاد الاشتراكي بتاريخ : 07/10/2019
5 ) انظر للتعليقات حول التدوينة  في جداريتنا بتاريخ 02/10/2019
6) مقالتنا حـربائيـة في مهــرجان هـــواة المسرح بالمغـرب !! بتاريخ 07/10/ 2019منشور في العديد من المواقع الثقافية والمسرحية
7 ) انظر( يوتيوب) لقناة اسفي الجنوب: تحت عنوان- مسرحيو آسفي يحاصرون مدير المهرجان الوطني للمسرح الهواة – مؤرخ بتاريخ 3 /10/ 2019 وإن لم يجـده فهو مثبت في جدارية – فاطمة بنكروم – زوجة الراحل – حوري الحسين
8) نـفس( يوتيوب) لقناة آسفي الجنوب:
9) سيرة ذاتية في مجلة الفنون المسرحية بتاريخ 21/ يوليوز/2017- المصدر مجلة الهيئة العربية للمسرح ومنشور( كذلك)  في موقع تافوكت بتاريخ27/يوليوز/2017
10) إعلام الهيئة العربية منشور في المجلة - بتاريخ 16/10/2018
11) كلمة السيد الوزير منشورة في كتيب المهرجان في دورته الثانية بآسفي
12) كلمة الهيئة العربية للمسرح منشورة في كتيب المهرجان في دورته الثانية بآسفي
13) تصريح لخضر بن تركي مدير الديوان الوطني للثقافة في جريدة الشروق الجزائرية بتاريخ 22/01/2017 /- بعد شهور تم إعفاؤه وإنهاء مهامه من المديرية العامة للديوان.
14) تصريح الأمين العام للهيئة العربية للمسرح المصدر:الشارقة : جريدة البيان الاماراتية بتاريخ 02/09/2019


28
حـربائيـة في مهــرجان هـــواة المسرح بالمغـرب !!
                                                                                      نــجــيـب طـــلال
قـبل الـوقــفــة :
نشيربأن أية إضافة نوعية في المشهد المسرحي والفني  فهي ضرورية ومحمودة  ومبارك بتفعيلها؛ لأن المهرجانات والتظاهرات الفنية والثقافية ، تقليد سائد في كل دول العالم .ويساهم في الحراك المسرحي نفسه ترسيخ هذا الفن الانساني الذي يفوق الطاقة الانسانية اعتبار أن التفاعلات  الابداعية والثقافية  بين الفاعلين فيما بينهم وبين المنفعلين والمهتمين جزءا لا يتجزأ من الحراك الاقتصادي والاجتماعي محليا وجهويا وعالميا. لكن الإشكالية كم كانت لدينا من مكاسب  وضاعت على أيدي وتصرفات المسرحيين أنفسهم .وفي سياق هذا نؤكد كما اكدنا مرات ومرات بأننا لا نحمل تصورا سوداويا لمجريات ما يقع في المشهد المسرحي المغربي؛ ولا نمتلك تموقفات عَـدائية أو سياسيـة تجاه أي جهة أو هَـيئة ؛ بقدرما نسعى اسهاما  تقديم صورة لما يقع وتحليل مظاهر الخلل الذي أصاب الجسد الفني والإبداعي . ولاسيما أنه الآن يلاحظ وبشكل جلي بأن  الأغلبية التزمت صمت العاجزين في الكتابة وإبداء الرأي؛ لسبب بسيط ؛ أنها انخرطت بوعي أو دونه في لعبة السمسرة  والانتهازية الفاضحة ؛ فابتلينا بشكل فاضح بمرتزقة المسرح ؛ الذين نجدهم في كل المواقع  يشرعون وفي التظاهرات يتكلمون زورا وتشويهـا للتاريخ الإبداعي وتزوير عطاء وتضحيات فعاليته . هؤلاء  نؤكد أن الساحة المسرحية طفحت بهم وأمست كسرطان يتحرك بين شرايين المشهد ؛ ففي الوﻻئم والجنائز وحتى في اﻷعْـراس والحفلات منوجـدون بالـقوة أو مدسوسين ! نتيجة التحولات التي أفرزت تأسيس نقابات مسرحية وإعْـلان ( الاحتراف) بدون شروط ومقـومات الاحتراف. وطبيعي أن يكـون الصراع والـجَـدل البناء وليس المجاني والاعتباطي ، وطبيعي أن يكون الوجه الآخر والكتابة المضادة ؛ من أجل خلق موازنة في تشريح الحالة أو الظاهرة التي انصب عليها القول والدعاية ؛ لأن الكتابة الأحادية والرواية الصادرة من معمعان أصحاب القرار؛ غير معمول فيها كتدوين للتاريخ وليست سندا للتأريخ . وبالتالي فأي تظاهـرة معرضة للنقد والتشريح ؛ شريطة المصداقية والموضوعية؛ لتحقيق الصوت الحقيقي الذي يسعى قـَدر المستطاع أن يشخص الهنات والسلبيات ؛ وإن كان يعلم مسبقا أن سيحارب وسيقصى بجهد الوجوه الخفية التي تسخرالمطبلين والمتملقين كواجهة لمحاربة صوت الحقيقة ، إما بطمسها أو تزويرها والبحث عن نقط الضعف لشويه صاحبها أو إقصائه من المشهد كلية :وبما أن كتابة الحقيقة أمر صعب، لأنها تضطهد في كل مكان، تعتقد الأغلبية أن كتابة الحقيقة أو كتمانها هي مسألة ضمير، واعتقادها هـذا ، أمر يحتاج لجرأة فقط (1) والتي تفرضها الاختيارات الثقافية والفكرية لمواجهة الانعكاسات السلبية والدنيئة التي تنغـرس ليست بقدرة قادر بل بأيادي الغثيان  - اللوبي-  الذي يهدف للمنافع والمصالح الشخصية؛ إذ في بعض الأحيان يجمعهم الفساد أو الخط الحـزبي وتارة ضعف الشخصية والجهل المركب ؛ من هنا يتأطرون كحربائيين وكائنات مشوهة التي تتـفنن في التملق وممارسة ( السُّخـْرة ) في الليالي وإخضاعهم للترويض لتشويه الأهْـداف ولباس الأقنعة بكل ألوانها ، صانعين مضحكات على ذواتهم ومسخـرة لتصرفاتهم في المشهد الثقافي عموما .
وقـــــفــــــة :
قبيل انطلاق ما يسمى بمهرجان [ مسرح الهواة ] بمدينة -  آسـفي  -  في [ دورته الثانية ]  تحت إشراف وزارة الثقافة الاتصال والهيئة العَـربية للمسرح ؛ نظم مسرحِـيو المدينة  وقفة احتجاجية ضد ما أسمـوه بالإقصاء والتهميش في حـقهم . ورغـم أن الوقفة كانت ضعـيفة من حيث العـدد والسـند ؛ لكنها أعطت مؤشرات لا تخلو من تساؤلات وتأملات مثل : لماذا لم يحضر وزير الثقافة للافتتاح؟ هل هناك مهام أهم من مهرجان المسرح الذي هو تحْـت إشرافه ؟ هل تلافيا للأحراج كمسؤول دبلوماسي أمام رئاسة الهيئة العربية للمسرح ؟ أم أنه لا يهمه المسرح الهاوي ؟ وهـذا مستبعد  لأن القرينة أنه حضر في الدورة الأولى(2018) التي نظمت بمراكش.
كشفت الوقفة أن المسرحيين بكل أصنافهم وأطيافهم ؛ يعيشون لذاتهم وليس لغيرهم؛ نظرا للامبالاة لما يجري وكيف جرى ؛ بحـيث لم يسرق سمعي بين جموع الشباب والكهول أن أحـدا طرح سؤالا عفويا أو فتح هامشا للنـقاش عَـن أسباب هاته الوقفة المسفيوية ؛ علما أن الوقفة بدورها تفرض سؤالا مباشرا عليها هل من حقها أن تكون أم لا ؟ وبالعودة للبيان الذي نشروه (2) يشير بصريح العبارة: ندين بشدة الطريقة التي تم اعتمادها في الإعـداد للمهرجان والتهميش والإقصاء الذي طال الفاعلين في الحركة المسرحية من جمعيات ونقابات مسرحية وممارسين. إذ نعتبر الخطوة التي اتخذتها وزارة الثقافة والهيئة العَـربية للمسرح ومهندسيها هي ضرب للديمقراطية التشاركية وتعامل غير سليم يميل إلى نبذ مجهودات كل المكونات المسرحية بالمدينة وهـذا ما نرفضه جملة وتفصيلا (3) هنا السؤال الجوهري الذي لم يستطع حتى المحتجون الإجابة عنه من خلال تصريحاتهم عبر قنوات ( اليوتيوب ) من أقصاءهم ومن مارس التهميش في حقهم هل المجلس البلدي أم الوزارة أم الهيئة أم أطراف مسكوت عنها في الهندسة واستراتيجية الاختراق؟ ولماذا لم تتحرك النقابات المسرحية ؛ مادامت مطروحة  في البيان؛ هل الأمر لا يعنيها مادام (هـو) مهرجان لما يسمى ( الهواة) ؟ لكن الحيرة الواردة لماذا بعض أعضائها انوجدوا في فضائه ودواليبه وساهموا بشكل أو آخـرفي محاولة إنجاحه؛ ولم يعط النتائج المتوقعة ورغم ذلك نالوا حقهم من( الدولار) لأن هناك اتفاقيات مع الهيئة العربية للمسرح  ! مما تم إغفال طرح المقتضيات القانونية والتنظيمية  ولو بسؤال كترويج : هل الجمعيات المشاركة في مهرجان الهواة- الدورة (2) تابعة: لوزارة الثقافة والاتصال؟ أم لوزارة الشبيبة والرياضة ؟ أم للهيئة العربية للمسرح ؟ أم للنقابة الوطنية للمسرح؟ أم لوزارة السياحة ؟ أم للمجالس البلدية ؟ أم لأحزاب سياسية ؟ (4) وفي نفس الحدث لا أحد تساءل عـن دخول الهيئة العربية للمسرح على خـط المسرح المغربي ؛ ولماذا أمست تحَـوم على مسرح ( الهواة ) هنا في المغرب/ موريطانيا / فلسطين/ الجزائر/ الأردن/هل لأن الكل أصبح بقدرة قادرتابعا لـها ؛ باخسا تمواقفاته وإرادته وشخصيته ؟ أم كما أشار أحدهم: هل انطفئت شمعة الهيئة العربية للمسرح ...؟؟ إذن مالي أرى الجوقة قـد خفت صوتها بعد أن كان صادحا ...!! عجبي(5) فهاته التدوينة وإن كانت لها قيمتها في محاولة الفـهم . فلا مناص :في هذا العصر، عصر التعقيدات والتغييرات الكبيرة، بحاجة لمعرفة المادية الديالكتيكية والاقتصاد والتاريخ. ويمكن الحصول على هذه المعرفة من الكتب وعن طريق المشاركة العملية، هـذا إذا توفرت الجدية الضرورية (6) لكي يمكن فهم ما يجري في الساحة المسرحية. وبالتالي فالمسرحييون المحتجون هل هم هواة أو محترفين ؟ فمن الطبيعي أن أغلبية المسرحيين المغاربة ( هـواة ) مع وقف التنفيذ  ومتطاولين على [ الاحتراف ] البعيد كليا عن المنظور اللوجستيكي والقانوني؛ وبناء على هاته الحقيقة المتجلية في الساحة المسرحية فاحتجاهم مقبول ؛ لكن السؤال لماذا لم تنخرط معهم جمعية – جسور- في الوقفة الاحتجاجية ؛ هل لأنهم مستفيدين من قاعة ( دار الثقافة ) بمنطقة [ كاوكي] أم أنهم محترفون؟ فإن أشرنا بأنهم كذلك سنكون أمام خلل في الجهاز المفاهيمي؛ لكن حضورهم في المهرجان شيء طبيعي؛ لمحاولة تكسير وتشويه الصراع بين الأطراف ؛ لأن المضحك بعض من المحتجين التحقوا لمشاهدة العروض المسرحية وإن كان البيان يؤكد: كما نرفض أيضا أشكال التبخيس؛ وأساليب النيابة عنا بالوكالة ولو من باب التحجير من طرف هيئات وغرباء لا علاقة لهم بهموم الفعل المسرحي بآسفي. إن اختياراتنا التاريخية (...) لا تتلخص في مهرجان عابر بصفقات عابرة. وإنما تنبني على بعْـد استراتيجي...(7) تموقف ورقي ليس إلا ؛ وهذا يذكرني بالعديد من الأحـداث والوقفات الاحتجاجية في مسرح الهواة ؛ والتي لم يترها من يتكلمون عن تاريخ المسرح المغربي؛ ولن يستطيعوا لأن أغلب الذين يتحدثون  بدون خجل  عن الهوية / الهواية/ الاحتراف/ التوثيق/ التأريخ/.../ كانوا أعضاء في دواليب ودهاليز[ الجامعة الوطنية لمسرح الهواة ] ويطبخون الطبخات مع الإدارة ؛ وهم الذين أهدروا دم مسرح الهواة ليصبح مبثورالامتداد التاريخي؛ والعطاء الإشراقي . ليعاد لدرجة الصفربصيغة بئيسة على يَـد وزارة الثقافة التي كانت سابقا وفي عهد وزيرها - سعيد بلبشير- (1981-1985) يحاول تبني ملف ( الهواة ) لكن كانت هنالك أطراف حربائية مدسوسة . منهم من يرفض تسليم ملف مسرح الهواة من هنا كطرف أول؛ وهناك من يمانع ويعارض إمساكه هناك في كطرف ثاني؛ ليظل المسرح بقرة حلوب عندهم. وبالتالي فأغرب احتجاج قامت به عناصر وجمعيات من – الدارالبيضاء- تحديدا ضد انوجاد جمعية  دكالة في مهرجان الفنون الدرامية الذي نظمته الجامعة الوطنية لمسرح الهواة سنة (1992) بالجديدة ؛ لكن رئاسة الجامعة  بمناوراتها وأساليبها هـدأت الأوزار بالأموال؛ وتم تمرير المهرجان في دورات أخرى  لتدعيم انوجاد جمعية – دكالة – أنذاك – باعتبارأن رؤية الجمعيات الكبرى التي كان يطلق جمعيات {السهول والوديان والجبال }في إطار الصراع السياسي أنذاك : كجمعية: رباط الفتح /أبي رقراق / البحر الأبيض المتوسط/ الأطلس الكبير/فاس سايس/ إيليغ/ أنكاد/.../ كانت تجد حضورها وقوتها في الأنشطة المسرحية وتنظيم تظاهرات فنية التي يغلب عليها طابع الشباب. حتى أنها كانت تنوب عن وزارة الشبيبة والرياضة .فلماذا هاته المرحلة ذات الاحتقان السياسي يقفز عليها الجميع وخاصة الذي يتحدثون عن التاريخ والتوثيق والـتأريخ المسرحي؟  بكل بساطة لأن تلك الجمعيات بسخاوتها وقوتها الاعتبارية ساهمت في تدجين العَـديد من المسرحيين؛ ودفعت بشكل أو آخر لإنجاز الملاحم الوطنية ؛ حتى أنه لم يعُـد لـِجُـل المبدعين تموقفات نبيلة وواضحة ورصينة لخدمة المسرح ولا شيء غير العطاء الفني والإبداعي. ولكن المؤسف أن هنالك مزايدات؛ ومن ضمنها ما ورد في البيان: نعلن للرأي العام  المحلي والوطني مقاطعتنا لهذا المهرجان في صيغته الحالية كجمعيات مسرحية ونتبرأ منه من منطلق غيرتنا على مسرح جيء به إلى مدينتنا (....) وقد تعرف الوقفة تمديدا طيلة أيام المهرجان في التوقيت المشار إليه أعلاه (8) وهـذا لم يتم فلماذا ؟ ولماذا قبلوا حوارا في الشارع العام مع [مدير إدارة المهرجانات] الذي مارس المواربة في حق المحتجين لحظة اختتام المهرجان؟ وهذا موضوع آخر سيناقش في ورقة أخـرى.

الإحـــالات :
1 ) خمس صعوبات لدى كتابة الحقيقة  لبرتولت بريشت ترجمة: نبيل حفار في مجلة أكسجين ع- 184
      بتاريخ 6 /12/ 2015
2 ) نشر بتاريخ 23/09/2019 بتوقيع : فرقة نوارس المحيط للفنون الدرامية- محترف مسرح أسيف –   
     محترف الوفاء للإبداع – جمعية فضاءات الثقافة والفن.
3) الفقرة الثانية من البيان المنشور في المواقع الإلكترونية؛ ولم يوزع على المشاركين وغيرهم ؟
4 ) انظر للتعليقات حول هاته  التدوينة  في جداريتنا المؤرخة بتاريخ 30/09/2019
5) شطحة مسرحية تدوينة  حمد الرقعي الرقعي (دبي) بتاريخ 25/09/2019
6) خمس صعوبات لدى كتابة الحقيقة - لبريشت  -
7) بيان إلى الرأي العام  المحلي والوطني في شأن المهرجان الوطني لمسرح الهواة - الفقرة - 5 –
8) نـــفــســهــا الفقرة - 6 /7 -




29
أدب / نص - ميتامورفوز
« في: 10:26 22/09/2019  »

30
حكايا سطح سيدي بلعباس
                                                                                     
نـجيب طــلال
سنوات عـدة لم أستمتع بمشاهدة عروض مسرحية للفرق الهاوية الجزائرية التي تحمل نكهة خاصة ؛ لكن شاءت الصدفة في مهرجان وجدة لدورته (6) أن نشاهد عملا لتعاونية فن الخشبة لمدينة سيدي بلعباس. عمل موندرامي تحت عنوان( أنا والسطح) كتابة وإخراجا  ل-  محمد الشواط – الذي تمرس على الكتابة الموندرامية رفقة الفنان- قندسي بومدين – بحيث يحاول أن يعكس الواقع الاجتماعي و المعيشي الحيّ على المسرح؛ وإن كان المسرح ليس هو الواقع في تجلياته الفيزيائية . ولكن المسرح الجزائري من خصائصه أنه يستند على الوقائع الآنية والأحداث الواقعية  ؛ وإن كانت بعض الأعمال تحاول ترسيخ الترميز وتوظيف الإشارات والرموز وليس [ الرمزية ] كاتجاه إبداعي. يظل العرض كاشفا واقعيته ؛ وهناك عروض تغرق نفسها في واقعية الواقعية ؛ مما تتيه في المحلية وتتلخبط أثناء خروجها من فضائها الخاص؛ وهـذا ما وقـع للعرض ( أنا والسطح) بحيث حاول الممثل الشاب- محمد بن رمضان- استنزاف كل طاقته وقدراته من أجل خلق تواصل فعال بين العرض / المتلقي. وإقحام بعض الإشارات ذات بعْـد( خاص) أكيد لا وجود لها في النص الأصلي ك:موازين/ النيبت/ شباب الزلطة/ الرقية /..../ وإن كان العرض فعلا حاول أن يحقق تواصلا معه جمهوروإن كان قليل العـدد؛ فذاك التواصل نتيجة عاملين أولهما سياسي: محاولة التواصل الحميمي بين الشعب الجزائري / المغربي؛ وهذا تجلى قويا في المقابلات الإفريقية ( مؤخرا ) والعامل الثاني التركيب الدرامي للحكايات؛ بطريقة جد ذكية . بحيث تم سرد ها انطلاقا من ملابس الشخصيات المنشورة فوق السطح ؛ وهذا توظيف دلالي عميق جدا ؛ ساهم في بناء سينوغرافيا العَـرض بجمالية خاصة رغم بساطتها . وتحكمت في  حركية وتموقعات - الممثل- والتلاعب بالإيقاع المسرحي ، حسب قوة كل حكاية . كل حكاية تكشف عن واقع الشريحة الإجتماعية  لمجتمع سيدي بلعباس . والسؤال الذي يطرح نفسه بعْـد انتهاء العرض هل سطح/ واقع : سيدي بلعباس  يتركب إلا من البسطاء والمهمشين( فقط) أليس هناك أغنياء / بورجوازيون/ رجال السلطة/ مسؤولين لهم وعليهم حكايا ؟ لأن ( السطح ) كسطح يبدو ظاهريا كأيقونة فوق الركح، من خلال الغسيل المنشور؛ لكن الوجه الحقيقي هو ( الواقع) الذي تم نشر غسيله بشكل سطحي دونما تعمق في حقيقة من أنتج تلك الحكايات ؛ وإن كانت هنالك إشارة حول ماهية تحسين الوضعية ،من خلال اللعب بأصابع اليدين  ( هذوا يبغو هذوا... هذوا وهذوا يتأمروا على هذوا ... هذوا ضد هذوا.... .الله يخلينا هذوا وهذوا) كإشارة إمـا للمسؤولين / احزاب/ لوبيات/ عصابات/ التي وردت في سياق حكاية الشخص ( الزاي) حول التعليم ؛ والتي تقمصها – الممثل – ذاك القاطن في السطح والذي يروي حكاية واقعه ، كاشفا أنه كان بطلا معروفا . ومن خلال قميصه الرياضي( الأخضر) والحامل لرقم [(3) ] يتبين ضمنيا أنه كان ضمن فريق[ اتحاد سيدي بلعباس لكرة القـدم ] ولكن لعفته/ أنفته فالزمان بقساوته  غـدر به ؛ مما ارتمى في ركن من أركان أحد السطوح؛ وهذه مأساة العَـديد من الرياضيين والمبدعين [ الشرفاء] في الوطن العربي؛ وليس في سيدي بلعباس ( وحدها ) رغم أنه تعلم؛ ونال قسطا من الدراسة ؛ والتي توضحها حكاية تكشف عن واقع التعليم الطبقي حسب جغرافية المنطقة؛ هنا كان الإلقاء مضطربا بحيث حاول تغيير الإيقاع الصوتي؛ فانخرط في لغة  المخمرين/ السكارى؛ وأسلوب هذا الإلقاء يتكرر في بعض الحكايا؛ وتلك مسؤولية ( الإخراج) وليس للممثل – محمد بن رمضان- الذي بدل أقسى جهده في تلوين الخطاب والإلقاء لكل شخصية على حـدة بدء من حليمة الشوافة ؛ وإن كان لباسها يوحي لإحـدى الراقصات؛ ولكن باقي الألبسة لها علائق وطيدة بشخصيتها ك (المعطف ) بالمقاوم ( عمي سعيد) الذي لم ينل حقه ونصيبه من الثورة ؛ كباقي المستفيدين والذين لم يقاوموا الاستعمار .فـظل يصرخ باحثا عن ( إنصافه) ؟ مرورا ب (رباطة العنق )كإحالة ل(عمي الطاهر) الذي يتقدم في كل دورة للانتخابات . ولم يفرح بفوز ولو مرة واحدة ؛ رغم تبذيره وصرفه لمئات وألاف الدينارات على شباب الحي ؟ أما ( الجلباب) فكان إحالة طبيعية للفقيه ( عمي علي) صاحب الرقية الشرعية. الذي اعتقل ثم سجن وبعدها أصيب بجنون ؛ بعْـدما توفيت فتاة على يديه ، محاولا إخراج ( الجن ) من جسدها ! وحسب ما أذكر أن هذا الحدث وقع سنة 2016 بسيدي بلعباس فعلا لسيدة في اواسط العقد الرابع ماتت في المستشفى؛ ففتح تحقيق بعد وجود علامات وكمدات وضرب مبرح على جسدها. فهاته الحكاية كانت من أقوى حكايا سطح سيدي بلعباس والتي تقابلها حكاية (عمي بوعلام) الذي تم توظيف ( العباية/ الدراعية / الرزة) كإحالة أنه من شيوخ ( القصبة/الأغنية البدوية) الذي تعامل مع أغلب شيوخ سيدي بلعباس بدء من الشيخة حبيبة والشيخة ريتمي والجنية ....؛ في الأعراس والحفلات وغيرها لكنه لم ينل حظه ؛ وظل ممنوعا من الظهور؟ مرورا بشخصية غامضة لها علاقة ب ( الصاك/ حامل للأمتعة الرياضية) المنشور في السطح . فكل ما هو معروف عنه  يعتقل باستمرار؛ كأن السجن مكان للفسحة عنده : فهل الصاك إحالة كتاجر للمخدرات أم الخمورأم ممارسة العنف...؟ فالمسرحية لم توضح ذلك .هنا تظهر حكاية المواطن/ السلبي/العاطل- البطال- الذي يعيش اللامبالاة والاستسلام معتبرا أن الوضع طبيعي ؛ وذلك من خلال ترديده  (  الحمدلله /الدعوة راها رايحة) تجاه كل ما يقع من أحداث . لكن الإشكالية  مرة أخرى تكمن  في الإلقاء هل ذاك المواطن عادي أم مخمور ؟ ولكن المثقف يدعو لليقظة والاستيقاظ بنوع من الهيسترية مهرولا بين الأزقة والشوارع؛ مما نسمع بشكل مفاجئ أغنية [ يا ويح من طاح في البير وصعاب عليه طلوعو ...] كإشارة أن الوضعية  الإجتماعية للشريحة المهمشة والفقيرة والبسيطة ؛ لن تتبدل وستزداد تفاقما؛ هنا سلبية العرض تتجلى ! وفي هذا السياق تأتي مكالمة هاتفية ( مجهولة) للمقيم في ( السطح) بأن ( السطح ) سيهدم وسيرحل للمجهول؛ لتزداد سلبية الواقع المجتمعي .فهذا الخبر وإن حاول – الممثل- التفاعل معه لحَـد الاندماج الكلي؛ لكن طاقته استنزفت وظهر نوع من الفتور وشبه عياء؛ وله عـذره بحكم صعوبة التشخيص ( المونودرامي) والإخراج لم يترك مساحات بيضاء كتقنية لكي يتنفس - الممثل- وإن كانت هناك مقاطع غنائية ؛ ولكنها مرتبطة بالفعل الدرامي؛ الذي فرض التعامل معها حركيا ؛ وليس استراحة . وفي إطار المقاطع الغنائية؛ أعتقد بأن إقحام الموسيقى الكناوية ( سيدي حمو) بمثابة حيرة النص ومخرجه من النهاية؛ بمعنى كيف يمكن إنهاء العرض ؛ لأن المقطع لم تصاحبه الإضاءة الحمراء  لتحقيق الترابط الجمالي والفكري بالموسيقى؛ وجذبة – الممثل-  التي كانت بشكل مفاجئ وبالأحرى بشكل عفوي،  وهو يحمل الشخصيات/ الملابس/ على كتفيه  لم يتضح مدى أهمية تلك الجذبة / الموسيقى هل هي إشارة لبقاء الاستعباد أم الانعتاق منه ؟
ومهما حاولنا ملامسة بعض الهفوات أو النقائص الجمالية والفكرية لمسرحية ( أنا والسطح) يبقى عملا له نكهته الخالصة من حيث تفعيل بانورامي لواقع الإجتماعي لفضاء سيدي بلعباس الذي هو جزء من الوطن العربي؛ وإن كان العمل غارقا في محليته .

31
بَــوْ ح الصَّـدمــة

                                                                                 
نـجيب طــلال

أخْـتـاه ويا أخـتـاه !! ….. يا رابطة الـدم بيننا... يا أختـاه ! يا أصغر إخوتي ! …ماكنتُ أتخيل أن يـرِّن ذاك الملعُـون؛ حاملا نعْـيكِ ! نعْي أوْ وفاة أو حـتف ٌ أوموتٌ ....سيان ! أمام  نهاية مفاجئة غير مفهومة ؛ نهاية أعادتْ  بسرعة برق لافِـت ؛ شريط  حياتك بيننا وخارجها ..وأتساءل بحُـرقة الوداع .ما كنت أتوقع أن تسقط ورقـَتكِ في عِـز القوة والحيوية ؛ رغم متاعب الحياة  وهمـوم أبنائك الثلاث ومتطلباتهم .! ثلاثة أبناء من الصعب تربيتهم في زمن تكلفته باهضة ؛ وارتخاء زوج  مُهمل في أداء عمله ! عمل يَـدر نقودا محترمة ؛ من ألبسة تقليدية بين يديه شهْـدا؛ لكنَ لعْـنة الكيف والمخدرات نخرت قِـواه؛ وأمسى كسولا وكسولا...ولا مباليا  ...لا مباليا بأسرته وحاجياتها؛ لكن روحك المعنوية ؛ وتربيتك الأصيلة؛ ما فـرطتِ فيه ولا في أبنائك ؛ بقيتِ مكافحة ؛ مناضلة ، من أجل لقمة عيش بالكاد .لم تتشكِ يوما من الخصاصة ولا من الجـِراح؛ لنا ولغيرنا؛ رافعة رأسك بشموخ أمام الجيران وأمام بعض أفـراد عائلتك التي كانت ترحَـل إليك لقضاء عطل الصيف شمالا ! مؤمنة بأن الشكوى مذلة ومنقصة ؛ لذا كنتِ تحاولين قـَدر الجهد طرد اليأس والحاجة؛ تخـْفين دموع طعنات غدر الزمان بك ؛ مُتشمرة على سواعدكِ بتقديم خدمات الدعم التعليمي لأبناء الحي وما جاوره ؛ولقد كانوا خير سند في دعمك روحيا وماديا؛ مقابل هـذا حاولتِ العودة لموهبتك في طرز وحياكة المنادل والأغطية لمن يرغب في ذلك . لكي تكوني سعيدة ! وتحقيق معْـنى لذاك الاسم المدون في الوثائق الرسمية – [سعـيدة ]- وما كنت ِسعـيدة حقا في دنياك ! تِلك أسماء خَـداعة : مـزيفة . أسماء لا تفي بمعناها ودلالتها تطبيقا وتفعيلا في أرض واقع مادي ملموس، واقع معـاش وعَـصي عن الفهم.
إذ تبقى هي تلك أسماء للتمييز بين هذا وذاك لحظة النداء؛ ومن يختارها يوم الذبيحة / العقيقة : يُخادع نفـسه ؟ وهل تلك الأسماء التي نحملها، تنطبق عليها (سورة النـجم 23) :  إن هي إلا أسْمَاءٌ سميتموها أَنتـمْ وَآبَاؤُكم مَّا أَنزَل اللَّه بِهَا مِن سُلطان إِن يَتبـعُونَ إِلا الظـنَّ وَمَا تَهْوَى الأنفُـس ....؟ لأن الاسم يبدو إثــما لحامله ؛ كأننا أوثان ملعونة ! وأصنام تتحرك في فـَلـَك يعاكس طموحات الإنسان ورغباته ! كيف لاسْـم {سعيدة } قـيْد حياتها يُصرَّف عمليا؟ و ما عَـرفتْ  صاحبته ُالسعْـدَ ولا الفـَرح ؟ يومَ ولدتْ في زمن النكسة / الهزيمة العربية  بشهرين توفي والِـدنا؛ وما حققتِ الصبابة في عِـناقِـه والاحتماء في حضنه والنظر في وجْهه الصلب  بروح الجندية التي غرستها فيه الثكنات (الفرنسية ) عشتِ وعِـشنا اليتـم ؟ رغم كفاح الوالدة  وتكالب عائلتها علينا ؛ ومحاولتها مرات ومرات بيع أثاثنا المُـلمع والمفضوض ! وما كانتْ تملكه من أساِورَ من ذهب خـالص! لكي نعـيش ونتعلم ! وإرضاء تكالب إخوتها الذين هم أخوالك وخالتك ! تلك الشرذِمة ما ساعـدونا ولا أسعـدونا يوما . بل ظلوا في منزلنا الذي اشتراه والدنا .ذاك المنزل المتواضع ؛ الذي لم يراه يوما ولم ينم فيه ساعة ؟ تلك الشرذمة !! كانتْ تنتظرما ستجود به القيادة العليا للجندية الفرنسية  ؛ من تحصيل معاش والدنا . إنَّه الطمع ُ ! حول غـنيمة التقاعد ذاك الذي كانت والدتنا رغم صغر سنها تتقاتل هنا وهناك من أجل الحصول عليه وإبقاء الأجر الشهري مـن بلدٍ لا يعْـرف إلا الصرامة والضبط الإداري.  هـنا فبوح الصدمة أعاد بي للطفولة ومجرياتها والسؤال المؤرق الذي كنتُ أردده مرات ومرات: أي منطق يمنطق كينونتنا هل نحْـن هنا أم هناك ؟ لأننا نعيش في بلـَد ونعـيش ونتربى بأموال بلد آخـر إنها لمفارقة  (؟)


تذكرين يا أختاه وإن كنتِ الآن تفترشين الـترى ؛ وتتلحفين بلـَـحْـد ولـُحود مرتبة على جسدك الذي فقد الحركة ؛ أنك يوميا – تقريبا- كنت تبكين ؛ ولا ندري لماذا ؟ لأن حضن الجَـدة كان يأويك بقـوة ؛لأنه كان شاعرا لما البكاء بدون سبب في نـظرنا ؟  لـكنْ اكتشفنا السبب بعْـد وفاة جَـدتك وأنت في المتوسط ؛ بأن زملاء قسمك الأول والثاني؛ كانوا ينادونك باليتيمة !  آه ثم آه... اليُـتـْم معْـيَرة وسـُبَّة يا تربة الإسلام ... !!
حاولتِ الاجتهاد وفـُزت بالثانوية العامة ؛ وانخرطت في شعبة التاريخ القديم ؟ رفضتُ هاته الشعبة لإيماني ما فائدة معرفة رموس وَ رُمولوس مؤسسو روما وديكتاتورية سولا....؟ والحاجة تنادي؛ والفقر ينشر جناحيه علينا بدون هوادة ؟ تلك الشعبة : لمن شبع بطنه ؛ كنت لا أنافقكِ يا أختاه .تلك شعْـبة الترف والمترفين لمن يريد معرفة كيف نمت ظاهرة العبيد الأجنبي واستفحال الإقطاع !! لأننا في الأصل لسنا مجتمعا معرفيا؛ بقدرما نحن مجتمع خبزي ؟ هكذا تأسست الدول العربية من عهد الخيمة إلى العمارة ! فكنت عنيدة لقرارك؛ فـَسقطت في المحظور؛ ولم تستطيعي إتمام دراستك لجفاء مادة التاريخ الروماني والبطليمي.
ففكرتِ الهجرة لإحدى دول الخليج ؛ دون علمي ! لكن افتضح الأمر حينما لم تتوصلي بجواز سفرك في الإبان؛ يوم كان الجواز لا يأخذه إلا الراسخون في المواطنة (؟) فالتجأت والدتي إليَّ؛ للبحث عن مصيره؟ فوجَـدناه في مديرية الأمن مركونا يحتاج لبحث خاص؟؟ والمسؤول كان صديقا قريبا من حَـارتِنا وقتئذ . فـقام بالواجب يومه الجمعة ؛ وكان سفـَـركِ غـدا (السبت) ولا أدري لماذا هاته المواربة؟ لكي لا أعارض ! ما كنت سأعارض؛ لأنني كنت مدركا أن العودة لامحالة. وكذلك كان: لم تمض ثلاث سنوات فهربتِ من أصحابِ العقال والإيمان السنوي ! مما رأيت ِ بأم عينيك من استبداد واستعباد أناسها للمهاجرين ( العرب) رغم أنك كنتِ في كـنـَفِ أميرة ترعَيْ أبناءها . فبعد الهروب بشهور، ارتميت في حضن الزواج غفـلة ً لتهاجِـر مدينتك نحو الشمال ؛ وأنتِ صغيرة السن والتجاربِ ؛ لأن أطرافا وشرذمة قوم تحالفوا بناء على: زُيِّنَ للناس حُبُّ الشهوات من النساء وَالْبَنِينَ والقناطير مِنَ الذَّهَـبِ وَالْفـضَّةِ ( ال عمران  14) لكي يتم زواجكِ لماذا؟ لا ندري ؛ لأنني لم أكن مساهما في الحضور؛ لأن تلك الشرذمة رفضت  حضور زوجتي ما الأسباب ؟ لأنها زوجتي ! وكفى !  ونسيتْ وأغفلـت ْ والدتنا- رحمة الله عليها- :وَزَيَّنَ لـهُمُ الشَّيْطَان أعمالهم فَصَدَّهُمْ عَنِ السبيل فَهُمْ لا يَهتدونَ (النمل 24) فوافقتْ وباركتْ زواجكِ ...ليبدأ مسلسل المآسي والفاقة والحاجة ؛ لكي لا تكوني سعيدة ولن ولم تعرفِ ما معنى سعـيدة  كمفهوم مُفعل في كينونتكِ ؟ إنه اسم بدون دلالة . عجبي فالاسم الوحيد ذو دلالة - الموت-  إنَّـه زَوالُ الحياةِ عَن كـلِّ كَائِن حَيّ .هل هي سنةُ الحياة أم لعْـبة قـَدرية  لكي لا نفرح بالحياة ؟ إذ الغريب في ليلة عيد الفطر؛ بدل أن تفرحي بمتـم الصيام ؛ ولجتِ  سكرات الموت؛ متقلبة بين الموت الأحمر والأسود! وإن كان في نظر الآخرين أنكِ أصبت بالمَوْت الزُّؤام ؛ باعـتباره زَوَالُ الحَيَاةِ فجـأَةً ؟ أي سرعة تلك ؛ وأنتِ أصبتِ بجلطة دماغية في الأغلب إشعار بزَوَال الْحَيَاةِ قَتْلاً (أحمر)! الْمَوْتُ وخَنْقا (أسود) ثلاثة أيام من الغيبوبة  مرفوقة بصِراع الذات لذاتها و صَرع بين الدماغ والجسَد ! لتكون النهاية ؟ والذي يستعصى عن الفهم والإدراك؛ مهما طال البوح ؛ جدتكِ ماتتْ بجلطة ! والدتنا توفيتْ بجلطة !  ربما والدنا بدوره توفي بجلطة ونحْـن لا ندري لأننا كـُنا صغارا لا نفهم ما معنى الموت أنذاك ....

                                                                 تــطوان : 06/ يونيو/2019



32
النقابات المـهنــية على ضـوء اليوم الوطني للمسرح !!

                                                                                           
نـجيب طــلال 

أبـَــجـِــدْ : تأسيس   

مبدئيا فظهور النقابة  كإطار ارتبَط  أساسا بظهور الطبقة العمالية / البروليتاريا ؛ وذلك من أجل الدفاع عن مطالبها واحتياجاتها ؛ ورفع الحيف الذي يلحق  الشغيلة  من لدن الباطرونا ؛ وبالتالي  فحرية تأسيس النقابة ؛ يـعَـدُّ من الحقوق الأساسية التي نصت عليها القوانين والتشريعات الدولية و الوطنية ، والانتماء إليها  حَق مشروع طبقا لتلك القوانين والتي تم التنصيص عليه في الإعلان العالمي لحقوق الإنسان ؛ وخاصة في المادة 23 الفقرة الثانية منه؛ كما نصت الاتفاقية الدولية الصادرة عن المنظمة الدولية للشغل رقم : 87 لسنة 1948 وهي خاصة بالحريات النقابية وحماية حق التنظيم في مادتها الثانية : « للعمال … بدون تمييز الحق في تكوين المنظمات التي يختارونها بأنفسهم أو الانضمام إليها بدون حاجة إلى إذن سابق، ودون الخضوع إلا لقواعد هذه المنظمات فحسب. ولكن إن عدنا للوراء قليلا؛ فبالنسبة للمغرب فالنقابة لم تنشأ إلا في أواسط 1936  وقبل هذا التاريخ كانت تؤسس وداديات للموظفين  وجمعيات للمأجورين و تجمع مهني: و تبدو الحركة النقابية بالمغرب عند بدايتها – وستظل حالها كذلك– لمدة طويلة – كامتداد للحركة النقابية الفرنسية، مع بعض الخصوصيات المترتبة عن الطبيعة الاستعمارية  للبلد. فقد كانت هذه الحركة فيما بين 1919-1930- من إنشاء موظفين فرنسيين وجلبت شيئا فشيئا عمالا أوربيين ، لكنهم لم يلعبوا فيها إلا دورا ثانويا. أما الطبقة العاملة المغربية، فإنها لم تلعب أي دور لسبب بسيط ، هو أنها لم تكن موجودة آنذاك كطبقة (1) لكن حينما تقوت النقابة وخاصة ( الكونفدرالية العامة للشغل ): دخل المكتب في علاقة مع فيدرالية نقابات الموظفين التي يترأسها شارل لوران؛ والتي استعادت استقلالها الذاتي تحسبا لوقوع انشقاق في صفوفها، إذ أن العديد من أعضائها كانوا من أنصار الكونفدرالية العامة للشغل الوحدوي(2) فصدر ظهير بتاريخ 24 يونيه 1938 يحَـدد عقوبات زجرية بحق المغاربة الذين ينخرطون في النقابة ؛ فالتضييق الذي عرفه العمال والموظفين المغاربة ؛ لم يسمح لهم الاطلاع جيدا على آلية تفعيل العملية النقابية تنظيميا وتكتيكيا وتحاوريا. بحيث قبل سنة 1936 نجد قانونا : أصدر في سنة 1928 القاضي بمنع النقابات العمالية بالدخول إلى النقابات الفرنسية خوفا من التأثير الكبير عليها (3) ولكن قبل أن نضع ظهير المنع في إطاره ؛ فلقد: كان مجموع العمال يشكلون بروليتاريا من أصل قروي وغير منفصلة عن جذورها بشكل تام، وليس لها بعد وعي طبقي ولم يكن بإمكانها أن تتوفر عليه وبالتالي لم يكن بإمكانها أن تكون حاضرة بنوع ما في تنظيم مهني جنيني (4) فمن خلال المنبع والسيرورة التاريخية هاته حقائق بشكل أو آخر تنعكس على الحاضر؛ بأن المغاربة لا دربة لهم في المجال النقابي وبالتالي لماذا انشق ( الاتحاد المغربي للشغل) سنة 1955 عن النقابة الفرنسية الكونفدرالية العامة للشغل ؟
فمن خلال ما يشاع أن الضغوط وحملات القمع التي مارستها السلطات الاستعمارية في حق العديد من العمال؛ حاول بعض النقابيين تنظيم أنفسهم للانقلاب على النقابة الأصل وبالتالي : فميلاد الاتحاد المغربي للشغل لا يمكن فصله عن رغبة أطر الحركة الوطنية في تأسيس عمل نقابي من أجل خدمة النضال السياسي الحزبي، وفصل الحركة العمالية عن التأثيرات الممكنة للمناضلين الشيوعيين داخل الكونفدرالية العامة للشغل (CGT) وربط النضال النقابي بالنضال من أجل الاستقلال(5) ولكن من المغالطات أنه يتم القفز و ممارسة التضليل حول الصراع أو بالأحرى الانقلاب الذي أحدثه ( المحجوب بن الصديق) على(الطيب بن بوعزة ) هذا الأخير الذي انتخب  بالإجماع في المؤتمر التأسيسي؛ بدل منافسه الذي هدد بالانشقاق؛ لأن تصريح ( بوعزة) الذي يشير بالقول: أنا نقابي قبل كل شيء، وهذا بالضبط ما تسبب في إبعادي في وقت لاحق، لم يكن لدي هاجس سياسي أو مطامح سياسية، كنت أسعى دائما لتأسيس عمل نقابي صرف . يحظى بدعم الأحزاب ؛ لكن دون أن تتدخل في شؤونه  الخاصة. بيد أن هذا لم يكن رأي الأغلبية الساحقة من قيادي حزب الاستقلال. باستثناء عدد قليل من الشخصيات كمحمد اليزيدي الذي كان يحذر دائما من التفرقة واستحواذ السياسي على النقابي(6) وبالتالي أمسى ( المحجوب بن الصديق) الزعيم التاريخي؛ وإن كان هذا الأخير سعى لفصل السياسي عن النقابي فإن: الخلفية التي كان ينطلق منها سياسية محضة؛ وكدليل على ذلك حضور في فرنسا لتحضير المفاوضات إلى جانب الوطنيين، بحيث لم يعد للمغرب إلا يوما واحد، قبل المؤتمر التأسيسي للاتحاد المغربي للشغل ؛ في الوقت الذي كنت أدير فيه العمل النقابي(7) فهذا التصريح نشم منه روائح الطبخات السرية ؛ وما الانقلاب السريع إلا إشارة  توحي بأن النقابة في شخص ( الزعيم التاريخي) بشكل أو آخر ستخدم مصالح فرنسا وغيرها ؟ فالسؤال تجيب عنه  إحدى المقدمات بصيغة الفاهم يفهم : حيث قام الإتحاد المغربي للشغل بتجنيد كثير من الأطر التي التحقت حديثا بالحركة النقابية؛ والذين مثلت المسؤولية النقابية بالنسبة  إليهم امتيازا، ذلك أن الدولة وضعت رهن إشارة المنظمة النقابية منذ الاستقلال إمكانات كثيرة : كالمقرات والاعتمادات المالية؛ وأداء رواتب المئات من المداومين عن طريق التفرغ (8) فهذا الوضع أدى بتراجع مريب عن الاختيارات والمبادئ الأساسية ؛ التي كانت بمثابة  النداء الاول الذي وجـه الى الطبقة العاملة  التي دعاها الى الوحدة والتضامن لبناء مغرب حر وديمقراطي. فأمست البيروقراطية  واللاديمقراطية بصمة عارفي تاريخ النقابة المغربية ؛ مما أدى للانشقاقات؛ حينما خول قانون الحريات العامة الصادر في 16 يوليوز 1957 الحق للمواطنين في تأسيس جمعيات ونقابات مهنية. بحيث كلما ظهرت منظمة نقابية إلا وتعلل نشأتها بغياب الديموقراطية الداخلية والاستفراد بالتسيير وخلود الزعامات. وهذا في بداية الستينات من ( ق، م) ك: الاتحاد العام للشغالين- اتحاد نقابات القوى العاملة – اتحاد نقابات العمال الاحْـرار -......- مع العمل أن الحقيقة المرة في مسألة التعددية النقابية لم تكن وليدة صراعات اجتماعية او ضرورة نضالية مِـن أجل الأجَـراء بل هي نتيجة صراعات ذاتية وحسابات  شخصية ومساومات تحت الموائد... هنا لا نخون ؛ ولكن نبض التاريخ النقابي والواقع من خلال إفرازت أحداثه  ومعطياته يكشف لنا ماهية العمل النقابي بالمغرب.
فهل النقابات الفنية تخرج عن هـذا السياق ؟

هَــــوَز: تـفعيــل

نلاحظ عمليا بأن المشرع المغربي لم يعرف النقابة المهنية، و إنما اكتفى بتحديد وظائفها فقط مما يلاحظ تغييرا واضحا بين ظهير 16 يوليوز1957 و مقتضيات مدونة الشغل الجديدة رقــم : 99-65  وخاصة في المادة 396. حيث ينص الظهير في فصله الأول على: " أن القصد الوحيد من النقابات المهنية هو الدرس و الدفاع عن المصالح الاقتصادية و الصناعية و التجارية و الفلاحية الخاصة بالمنخرطين فيها" هنا نتساءل فالمجال الفني وفنون الآداء في أي خانة نضعه ؟ وإن كان الفصل الثاني من نفس الظهير ينص على أنه : « يجوز أن تتأسس بكل حرية النقابات المهنية من طرف أشخاص يتعاطون مهنة واحدة يشبه بعضها بعضا، أو حرفا يرتبط بعضها ببعض … ويمكن أن تحدث نقابات فيما بين الموظفين » فهل الفاعلين في المجال الفني يتعاطون نفس المهنة؟ بالتأكيد لا ولكن يجمعهم ( الفن/ الإبداع) فهاته الصفة غير واردة في مدونة الشغل ولافي الظهائر ولا في قانون العقود والالتزامات؛ ولاسيما أن أغلب المواد القانونية ؛من التشريع الفرنسي؛ ولا زال بعض من مواده سارية المفعول؛ ولكن لماذا لم لم يشرع للفن والإبداع المغربي كمقتضيات ؟ بكل بساطة فالمشرع الفرنسي لـم يعتبر المسرح وفنون الأداء  كمهنة في المُستعْمرة. وهذا ما أدى بالمسرحي- ع الواحد الشاوي- في بداية النداء من تحويل جوق التمثيل الفاسي إلى فرقة الاتحاد المسرحي؛ لكنه التزام الصمت عن المطالبة بتأسيس نقابة للمسرحيين  رفقة المهدي المنيعي الذي كان يترأس جمعية ثانوية مولاي ادريس .
من تلك الفترة لا وجود لنقاش أو إشارة حول النقابة الفنية ، إلى حدود 1961 استنهضت همة بعض المسرحيين المحترفين للمطالبة بتأسيس نقابة مهنية ؛ نتيجة صدورمذكرة تمنعهم من المشاركة في مهرجانات مسرح الهواة . إذ قوبل الطلب بالرفض من لدن بعض المسرحيين وبإيعاز من وزارة الداخلية التي كان يديرها أنذاك- امبارك البكاي- ونفد المنع رضا أكديرة الذي حل محل البكاي بعد موته (تاريخ مسرحي مسكوت عنه) فهاته التوضيحات المبسطة والتي ربما يجهلها العديد من المسرحيين تقودنا للسؤال الجوهري: هل المسرح المغربي يحتاج إلى نقابة ؟
طبعا الإجابة ستختلف؛ ولكن السؤال الحاسم للاختلاف: منذ عقود وعقود ولا وجود لنقابة للفنانين ؛ فأين كان المسرحيُّون ؟ فمن زاوية العطاء كان الإبداع يحمل نوعيته الإشراقية؛ رغم اختلاف المدارس والاتجاهات على مستوى المحترفين/ المتفرغين ؛ فكان لا داعي لرفع مستوى المهنة ولا لتنظيم مزاولتها والدفاع عن حقوق منتسبيها. من خلال تأسيس نقابة مهنية .لأن العطاء والإنتاج متوفر؛ وكل مبدع وفنان يدافع عن مهنته بطرقه الخاصة . طبعا فالمسرحيون المغاربة أغلبهم لا يتوفرعلى تأمين صحي وضمان اجتماعي أوأجرتقاعدي. نظرا لغياب قوانين ناظمة لحياتهم . ولنكن أكثر شفافية ؛ فمنذ تأسيس نقابة (المحترفين) والتي  تأسست على طمع (  1في المئة) المذكورة سنة 1999 وليس كما يشاع للدفاع عن حقوق الفنانين وإيقاف الاستغلال الريعي الذي مارسته بعض من الجهات مستغلة الفراغ القانوني؛ وتلعب خارج الضوابط القانونية المعروفة . مع العلم أن النقابة  التي تفرعت عنـها نقابات أخرى ؛ وتلك إشكالية( عظمى)  كلهم يتخبطون في البحث عن صيغ قانونية تحمي بها المنتسبين إليها كإنشاء التعاضدية الوطنية للفنانين سنة 2007 وسن قانون الفنان سنة 2003 ومراجعته وتعديله سنة 2016، وإحداث البطاقة المهنية والدعم المسرحي والدعم السينمائي ودعم الإنتاجات الدرامية المختلفة. كل هذا جميل.  لأنها تـعَد أوراشا عمقها  شراكة بين ( النقابة /الوزارة ) وبالصيغة النضالية بين( النقابة / الباطرونا) فإذا دققنا في الظهير الشريف رقم 1.16.116 الذي يحَـدد تعريفا للفنان: كل شخص ذاتي يبدع أو يشارك من خلال أدائه في إبداع أو إعـادة إبداع أعمال فنية؛ والذي يعتبر العمل الفني عنصرا رئيسيا في حياته ويساهم في تطوير الفـن والثقافة أو خريج إحدى المؤسسات المختصة  في التعليم الفني المعترف بشهادتها من طرف الدولة ؛ ويعتبر فنانا مهنيا كل فنان يمارس نشاطا فنيا بصفة دائمة أو متقطعة مقابل أجر فني أو في إطار القيام بعمل فني لحسابه أو لبيعه أو كرائه لصالح الغير وتصنف وضعية المهنية للفنان المهني من حيث طبيعة العقد وتعدد الأجر الفني بحيث يكون فنانا مشتغلا بصفة دائمة - مشتغلا بصفة متقطعة – يشتغل لحسابه الخاص – يشتغل مقابل دخل إضافي- (9) هنا التعريف واضح أن الفنان ذاك المتفرغ لمهنته وعمله . ولا علاقة للموظف أو الذي تقاعد وغيره بالنقابة الفنية ؛ وإن كان هنالك تصنيف يقول[يشتغل مقابل دخل إضافي] القصد منه ( الموظف) ولكن بشروط قانونية لأن الفصل 15من الظهير الشريف بشأن القانون الأساسي العام للوظيفة العمومية ؛ المعدل بالمادة الاولى من القانون رقم05-50 في شأن منع ازدواجية المهنة ؛ ومقتضياتها. وهناك منشور وزاري(10) الذي  يذكي الفصل 15 من الظهير والفصل73من النظام الأساسي العام للوظيفة العمومية ؛ مانعا ﺍﻟﺠﻤﻊ ﺑﻴﻦ  ﺍﻟﻮﻇﻴﻔﺔ  ﻭﺍﻷ‌ﻧﺸﻄﺔ ﺍﻟﺤُـﺮﺓ ( إلا ) بترخيص إداري. هنا الإشكالية محسومة في قضية من له الأحقية أن يتأطر كفنان محترف. وما دون ذلك فهو تطاول وانتهازية مكشوفة؛ علما أن صفة الفنان يؤطره الظهير الشريف رقم 1.16.116 بمثابة [ أجير] هنا النص  بشكل أو آخر يضع الفن في المجال الاقتصادي/ التجاري. وبالتالي سنكون أمام إشكال نقابي هل هو مهني أوفني أو عمالي؟ لأن الصفة والإطار يختلف قانونيا. فمثلا[ المحامي / الطبيب/...] مهني وليس فني أو عمالي . ويحكمه القانون الخاص .كما أن هنالك اختلاف بين الأجير/ الموظف/ العامل/ المستخدم . فمدونة الشغل وضعت تعريفا للأجير في المادة 6 التي تقول : يعـد أجيرا كل شخص التزم ببذل نشاطه المهني تحت تبعية  مشغل واحد أوعـدة مشغلين لقـاء أجـر أيا كان نوعه وطريقة أدائه. ويدخل في مفهوم الأجير أيضا ما يعبر عنه  بالمستخدم الذي يشتغل في مؤسسة عمومية أو شبه عمومية. وبالتالي فمن هو المؤاجر في هذا الباب هل المقاولة أم الشركة أم وزارة الثقافة ؟ لنعمق الرؤية  ونمارس الشفافية؛  ونسأل أنفسنا هل الأجير/ الفنان  هل هو ضمن أجـراء عاديين (الذي يستخدم لمدة معينة أو لعمل مؤقت أو عارض) أومن الأجَـراء الموسميون( الذي لا حق له تجاه الدولة، بعد انتهاء الفترة الموسمية التي استخدموا من أجلها، سوى التقديمات التي يستفيدون منها وفاقا لأحكام قانون الضمان الاجتماعي) ؟
فمادام الكل يتهافت على الدعم المسرحي والسينمائي ؛ فالفنان المغربي(أجير موسمي) باعتبار الدعم ( موسمي) فمن سيحمي الفنان من عوائد الزمان ؟ وإن كانت هنالك لخبطة في المفاهيم ومقتضيات مدونة العمل/ الشغل ؛ إذ هناك أكثر من ( عشرين مادة )تتعلق بحماية الأجير/ الفنان فمن سيحميه من الأخطار والأمراض المهنية كمثال ( الإضاءة ) وهَـذا الأمر لا يعْـرفه جيدا إلا من عانق الركح سنوات؛ بأنها تؤثر على بنية الجـسم ( هُـزال داخلي) وعلى الذهن والعينين ونسوق ما تقوله المادة 24 من مدونة العمل: يجب على المُـشَّغِل بصفة عامة ؛ أن يتخذ جميع التدابير اللازمة لحماية سلامة الأجراء وصحتهم وكرامتهم لدى قيامهم بالأشغال التي ينجزونها تحت إمرته. وأن يسهر على مراعاة حسن السلوك و الأخلاق الحميدة ؛ وعلى استتباب الآداب العامة داخل المقاولة ...لكن المادة 39 و40 تحدد علانية عن الأفعال والأخطاء الجسيمة التي هي منافية للأخلاق الحميدة (؟؟) إذ ما نريد قـوله أن الفنان المغربي يتخبط خارج المنظومات القانونية ومساطرها وبالتالي هل الفنان دخوله تندرج ضمن الوعاء الضريبي الذي  له علاقة بالأرباح التجارية؛ سواء أكانت أجورا أودخولا في حكمها. وحسب مقتضى الظهير الشريف المنظم للضريبة المهنية يشير [المادة الأولى]: يخضع لضريبة المهنة (الباتانتا) كل شخص أو شركة من جنسية مغربية أو أجنبية تزاول بالمغرب مهنة أو صناعة أو تجارة غير داخلة في المستثنيات المحددة بمقتضى الظهير الشريف(11) كل هاته الحيثيات القانونية بعيدة وبعيد عنها الفنان المغربي؛ لأن قضية ( الدعْـم)  ليست دخلا ولا يحتسب في الدخول التي في حكمها؛ لأنه بمثابة إعانة ومساعدة للنهوض بالحركة المسرحية  ليس إلا. بحيث في اليوم الوطني ( 14مايو) الذي يعتبر يوم إنزال للرسالة السامية للمناظرة الوطنية الأولى حول المسرح الاحترافي. وعلى ضوئها تحركت النوايا للاستفادة من مسألة ( 1 في المئة) التي حولتها وزارة الثقافة إلى عملية الدعم الذي: أعتبره الضربة القاضية التي وجهت للجودة والإبداع الحقيقيين، اللذان اعتمدا في السابق كمعيار لشراء العروض المسرحية وترويجها من طرف وزارة الثقافة ومسرح محمد الخامس ..إذ كرس الدعم بشكله الحالي مبدأ المحسوبية و الزبونية، وذلك بتخويله لعدد من الفرق لم يكن لها وجود في السابق، وإنما نبتت كالفطر بقدرة قادر(12) فتم ردم وهدم مسرح الهواة ؛ وانزلق الجميع إلى ( الاحتراف) الذي لازال يتخبط في عوالم عشوائية وغياب ترسانات قانونية تحمي ( المحترف) المهني ؛ حفاظا على حقوقه المهنية والاجتماعية : كالتقاعد/ التعويض عن العجز والمرض/ الضمان الإجتماعي/ هنا فما دور النقابة التي تشرذمت لنقابات ؛ وأنتجت صراعا من نوع آخـر منه  العـزوف عن حضور عُـروض من ينتسب لنقابة غير نقابته؛ استفحال ظاهرة الوشايات والنميمة التي غـزت مدرجات المقاهي والحانات ... فرغم تعدد النقابات المهنية/ الفنية  فلماذا لا يفكرون في خلق آلية لتنسيق العملي فيما بينهم ؛ رغم اختلاف وجهات النظر وليس المواقف ( حتى لا نغالط أنفسنا ) بحيث الهدف الأسمى ربط جسور التواصل لدعم جهود كل منظمة ومقترحاتها العملية تجاه النهوض بالممارسة الإبداعية والفنية نحو أفق أفضل؛ وتفعيل الترسانة القانونية وتطويرها لصالح الممارسة المسرحية والفنية والثقافية بدل الانفصال والمواربات فيما بينهم؛ وبالتالي  ماذا قدمت النقابات في اليوم الوطني للمسرح ؛ تجاه المسرح من جلسات وتنظيم موائد محلية وجهوية لمناقشة جادة وعميقة ، للوصول إلى كـُنه حقيقة هذا الوضع المسرحي الكارثي؛ ما طبيعة النقاشات البناءة التي ستخدم الفن عموما ؟ ها هي القوانين والمساطر؛ التي يمكن تفعيلها وكيف ؟.؟ وأسوق مثالا من فاس كجواب مكشوف( المدينة  نائمة/ هادئة ليلا بطعم صباحية رمضان الذي ربما أثر فيها؛ لا عرض مسرحي ولآ نشاط ولا لقاء بين الجمعيات أو أفراد النقابات لتدارس ما يمكن تدارسه) ؟  وفي هاته الأجواء التي لا تخدم الفن والإبداع كمظهر اقتصادي؛ حسب مجريات مظاهر العولمة ؛ لا مناص أن يطرح المسرحيون سؤالا عريضا ماذا نريد من النقابة المسرحية وماذا تريد هي  من المسرح ؟ لأن في اليوم الوطني لهاته السنة أفرز انفجارا غير مسبوق بالحدة التي تمت الآن تجاه الدعم في قضية ( الإنتاج / التوطين) إذ الكل يستنكر ويشجب ويوقع عرائض؛  فتلك الاحتجاجات فلما ذا لا تؤطرها النقابات لإحتضانها وتفعيلها كملف ضد الوزارة بدل تصريحات الفيدرالية  (؟)
إن النقابات الفنية وإن كانت حاضرة فهي اليوم غائبة أو مغيبة ! لا تمارس وظيفتها الحقيقية ، فإن كانت عكس ذلك فلماذا الانشقاقات حتى في مشاهدة العروض المسرحية ؛ ولماذا لا ترفع دعاوي ضد الحيف الذي وقع للجمعيات المسرحية حَـسب بياناتها وتصريحاتها . لأن القانون يبيح للنقابات حـسب الظهير في الفصل الثاني من مرسوم 5 فبراير 1958 أنه : « يمكن للنقابات أن ترافع لدى أية محكمة» لأنها أولا تتمتع « بالشخصية المدنية » كما تنص على ذلك إحدى فقرات ظهير 16 يوليوز 1951 فيجوز لها أن تمارس جميع الحقوق المحفوظة للمطالب بالحق المدني بشأن كل واقعة أو فعل يحلق ضررا مباشرا أو غير مباشر بالمصلحة الجماعية أو الفردية للمهنة التي تمثلها.
وثانيا : يجوز للنقابة ككل شخص معنوي أن تتقاضى لدى المحاكم للدفاع عن حقوقها وخاصة المادة 15 من ظهير 17 أبريل 1957 المتعلق بالاتفاقيات الجماعية تقول فيه: « النقابات والتجمعات المؤهلة للتقاضي، والمرتبطة باتفاقية شغل بإمكانها أن ترفع باسمها الخاص دعوى المطالبة بتعويض عن الضرر … » هل ستستطيع أمام انسداد أبواب الحوار وعدم التوصل إلى تسويات ملائمة للخلافات حول قضية ( الدعم) ؟ ما أعتقــد لأن الفنان يحكمه القانون الخاص ومساطره ومقتضياته . والوزارة يحكمها القانون العام ومساطر قانون الوظيفة العمومية . و حـسب مدونة الشغل فوزارة الثقافة لا تعـَد مُشغـِلا ( للفنان)  بل مساهمة في عملية النهوض بالمسرحي المغربي  من خلال الدعم المسرحي والسينمائي وغيرهما؛ هذا ما يجب أن نفـهمه. مقابل هذا مـا يستعَـصى عن الفهم فإن وزارة الثقافة والاتصال تضع نفسها موضع المُشـَّغل والمٌشـَّغـل: مادامت ستشرع في تنزيل مقتضيات قانون الفنان وتوفير الحماية الاجتماعية للفنانين. وتمكينهم من الاستفادة من مجموعة من الخدمات وخاصة الفنانين الحاملين البطاقة المهنية ؟؟؟

الإحــــــالات :

1 – الحركة النقابية في المغرب :لألبير عياش ترجمة: نور الدين سعودي /ج الأول 1919-1942 ص8 دار الخطابي-  د.س. ن
2 – نـــفـــســــــها ص14
3 –  تاريخ المغرب السياسي في العهد الفرنسي لمولاي الطيب العلوي ط – 1/2009   ص145 زاوية للفن والثقافية-  الدار البيضاء
4 –   الحركة النقابية في المغرب :لألبير عياش - ص24
5 –  أزمة العمل النقابي بالمغرب المظاهر- الأسباب- المخارج : لعبد السلام أديب في صحيفة الحوار المتمدن- عدد: 1186 - بتاريخ - 03/05/2005  /
6 – الطيب بن بوعزة يحكي مساره بقلم سامي لقمهري - مجلة زمان عدد18/أبريل 2015
7- نفـــســـــهـــا
8 – ميلاد الحركة النقابية العمالية الحرة بالمغرب :  الطيب بن بوعزة، ترجمة: عبد الله سعد، دار النشر المغربية، الدارالبيضاء 1992  - تقديم : ص7/8                                             
9 – انظر قانون 68.16  المتعلق بالفنان والمهن الفنية في الجريدة الرسمية عدد6501 بتاريخ 19 سبتمبر2016
10- ﻣﻨﺸﻮﺭ الوزارة الأولى ﺭﻗﻢ 99/30 ﺑﺘﺎﺭﻳﺦ 10 ﺷﻌﺒﺎﻥ 1420 (19 ﻧﻮﻧﺒﺮ 1999) ﺣﻮﻝ ﺍﻟﺠﻤﻊ ﺑﻴﻦ ﺍﻟﻮﻇﻴﻔﺔ ﻭﺍﻷ‌ﻧﺸﻄﺔ ﺍﻟﺤــﺮﺓ.
11 - الظهير الشريف رقم 1.61.442 بشأن: تنظيم ضريبة المهنة (الباتانتا) طاله النسيان؛ وتم تفعيله من خلال الظهير الشريف رقم 1.89.116 صادر في 21 من ربيع الآخر 1410( 21 نوفمبر 1989) بالعطف
12- اليوم الوطني للمسرح …أي شئ تحقق؟؟؟ بقلم بوشعيب الطالعي في موقع الناضور24 بتاريخ 10مايو2010


33
المنبر الحر / رحْــمـــة
« في: 07:43 28/04/2019  »
نجيب طــلال

ذات العمر العشريني ؛ تعلوها سحْـنة البداوة ؛ والبشرة الداكنة ؛ فارهة الطول ؛ وترتدي  أسمالا مرتقة . لم تطق وضع الاستعباد والسخرة ؛ في مَـدشر زوجها . زوجها توفي في ظروف غامضة ؟ فهاجرت ليلا بطفليها لإحـدى المدن؛ لتتقاتل مع الفضاء وهول أيام أزماتها ، فلم تستطع الصمود؟ فرحلتْ إلى إحْـدى المدن الصغرى؛ لتبتاع بعض الخضر التي تستجلبها من شقاء يومها من إحـدى الضيعات ...سنوات على هاته الحالة؛ وطفليها كبرا ؛ ولم يلجا المدرسة ؛ كأقرانهم ! ليس لديهم وثائق تبوث اللقب والنسب والازدياد ! فتشردا في الأزقة. هذا يبيع السجائر بالتقسيط تارة ! وذاك يحاول غسل السيارات التي يتوقف أصحابها للاستراحة ؛ لتناول لحْم مشوي أو محمَّر أو مفروم أو مدَخن أومُفـوَّر ! وتارة يحْمل صناديق المشروبات أو الخضروات لأصحابها. والآخر يمارس النشل والسرقة في لحظة كـَساد سلعـته، حتى اعتقل متلبسا .
لم تطق - رحمة - تصرفات ابنها ؛ وإن كانت تزوره في سجنه . وتـُسلـَّم له ما استطاعت شراءه من حاجيات يحتاجها . حتى انقضت مدة عقوبته ؛ فهاجرت لإحدى المدن العتيقة . مكثرية بين الجيران، غرفة متوسطة المساحة في إحدى الأحياء الشعبية  وسعت لطبخ الخبز البلدي وبيعه في بوابة السوق المركزي. وابنها الأكبر حاول أن يجد عملا في إحدى مصانع الخمور، والآخر تعاطى لبيع المتلاشيات في الجوطيات.
وهكذا ظل وضع – رحمة - هادئا ؛ لكنـه انقلب بشكل مفاجئ؛ حتى فكرت في الانتحار؟ بعدما تم اعتقال ابنها الأكبر؛ الذي عنف صاحب مصنع الخمور تعنيفا؛ لحظة طرده من عمله بدون تعويضات؛ ولحقه أخوه في سجْـنه ؛ بعْـدما اتهم ببيع المسروقات.
انقضت مُـدة عقوبة الأكبر؛ وبقي أخوه الأصغر في سجنه الأغبر. و- رحمة - تبحث عن الرَّحمَة والسكينة فما وجدتها؛ حينما طردها قائد المقاطعة من بوابة السوق المركزي.
ففكر ابنها ببيع الخمور للمتعطشين ولأصحاب الليل والمتشردين في الأزقة والحواري  باتفاق وترويج بعض أموال والدته – رحمة- فكان له ذلك: حينما نسَّق مع أحد اصدقائه من المصنع الذي كان يعمل فيه ؛ فانتعَـشت حياتهم ؛ وأمست - رحمة - تلبس جلابيب جديدة وتأكل مأكلا نظيفا وتسافر إلى الحامات القريبة من المدينة العتيقة . لتسخين عظيماتها من البرد الذي سكنها ... لكن ابنها لم يفهم قانون اللعبة ؛ فترصدت له شرطة منطقته؛ فاعتقلوه وتمت مصادرة ما تبقى من خمور تلك الليلة . فناب عنه أخوه في بيع الخمور؛ فتم اعتقاله ؛ والمصادفة جاور أخاه في مَعْقله ؛ لكن تجارة الخمور السرية باشرتها – رحمة – حتى لا تضيع الخيرات والنعم التي أمست تعيش فيها؛ وحتى يظل  الزقاق مزارا للسكارى والمعربدين.
أفـْرجَ على ابنيها في يوم واحـد . فَـسلمت المهام التجارية لصاحِـبها . بعدما استفاد وتعلـَّم في سجنه طريقة وأسلوب كيفية الهيمنة واكتساح المنطقة كلها . تحقق له  ذلك؛ ونمت تجارتهم؛ فظلت- رحمة- تشتري العقارات في إحدى المناطق الهامشية ؛ التي أصبحت ( الآن) حضارية .
 لكن للقدر مَـنطقه . فـقدت – رَحمة - صوابها؛ وأرسِلتْ بأمر قضائي للمارستان؛ كي تعالج  ! حـينما تمرغت في دماء ابنها الأكبر المطعون بطعنة سكين من أحد منافسيه في بيع الخمور بالتقـسيط .

فواصل الابن في البيع ، حتى لا تتوقف تجارتهم ؛ لكنها توقفت لحظة اعتقله  بوشاية بيع الخمور المغشوشة. فتضايق به الحال هاته المرة من السجن وطول عقوبته ؛ وأمسى يوميا يصرخ ويردد:
- ثـبا لزمان ولادتي... ما ذنبنـا أن نعيش بين الخوف والفقر والسجون ؟ قتلوه.. كلاب ... سفلة... الكلاب ... السفلة... جُـنَّـت والدتي... رحْمة بدون رَحمةٍ...قـدر أهبل... أهبل... أهبل...
تضايق منه السجناء والسجانون من صراخه اليومي ؛ المقلق؛ المزعج ؛ وترديد نفس النغمة ، التي لم يستحْـملها أحَـدهُـم. فصوب له ضربة طائشة لرأسه . افقدته الوعي ليعيش عوالم الإنعاش شهورا وشهورا. وفي ليلة ممطرة ؛ نهض متسللا وهو لا يدري ما اسمه ولا أين هو ؟ فخرج من المستشفى؛ ليسيـح  في الأرض هائما يستول ويعاقر الكحول السامة ؛ ولا يتذكر سوى:
- رحْمة بلا رحْمـةٍ.....  رحْمة ٌ بلا رحْمـةٍ..... 

34
                                                  باب ما جاء في احـتـفالية التـكريــــم !!
                                                                                                                                                                                                                 
                                                                                                                                                                  نـجـيـب طــلال

عــتبة ما في الباب :

في كثير من الأحيان؛ تتم قراءة موضوع ( ما ) من الزاوية الخطأ ، بناء على المنظور السلبي المحمول سلفا في ذهنية
قارئ ( أو ) من يعنيه الأمر. تلك هي منطلقات الذهنية ( العربية ) البعيدة عن العقلانية والاستقراء الممنهج والمتمكن
من تحليل الخطاب ، ومحاولة تشريح ذاك الموضوع وما أهميته في النسيج الثقافي/ المسرحي؟ ومن هذا الباب نجد
أسماء وأقلاما بعينها هي السائدة والمسيطرة على المشهد الثقافي/ الإعلامي ؛ بحكم علائقها وتجذر انخراطها في
لوبيات [ الهدم ] المُمارسة [ للردم / الحصار] إما مباشرة أو بالوكالة ؛ مما تم بالفعل إسكات/ إقبار العديد من الأصوات
وردم مواضعهم/ مقالاتهم/ بحوثهم/ حتى لا تكون لها مصداقية أو قراء وأتباع ينطلقون منها، كأرضية لفهم الرأي
الآخر. أو تصبح مرجعا يستندون عليها . كل هذا عندما يشعُـر[ الهدامون] بخطر حاذق أو لاحق من ذاك (الموضوع /
البحث) أو ما لا يلائم هـواهُم وخطة طريقهم ؛ نتيجة الارتباك والخوف الذي يحدثه ( ذاك ) وبالتالي فحضور أو استلاف
معاول المنع والهدم بشتى الطرق و ذات أساليب رهيبة . لا تمارسها حتى ( الدولة) أثناء تحريك آلية المنع أو مصادرة
( مجلة / كتاب/ رأي/ بحث/ صحيفة/...) لأن المسألة تتم بطرق قانونية ومؤشر عليها بمستندات . وبالتالي ما يمارسه
لوبي( الهدم ) يعَـدّمن ضمن الأسباب المباشرة في تمييع وتعتيم وتشويه الممارسة الإبداعية / الثقافية ! وفي نفس
الوقت تعيد بنا لتاريخ هَـيمنة فقهاء ذلك الزمن؛ على المشهد الثقافي/ الأدبي، وتلفيق التهم كالزنديق /الملحد /الكافر/
المحرض/.../ مستندين على جمهور ينساق وراء فتاوي مقرونة بالنوايا السيئة . لكل من يخالفهم أو يقف حاجزا أمام
منبع غنائهم ( السلطان/ الخليفة ) وحسب رأي [ نابليون بونابرت]:( قوام الحرب ثلاث : المال و المال و المال)
وهكـذا!! كأن تاريخنا العربي جامد لا يتحرك إلا صوريا ؛ مادام لم يتخلص (بَـعْـد) من هناته وسلبياته؟
إذن ؛ فالعَـديد من المواضع ! تبقى إشكالا كأنها [ طابو] وهي ليست بذلك. سواء من قريب أو بعيد. وفي سياق اشتغالنا؛
يلاحظ أنه من بين المواضع التي لم يستطع أحد من الفاعلين والمساهمين في المشهد الثقافي/ المسرحي ، فتحه
ومناقشته لحد الآن، أو إثارته حتى ! لماذا يُـنْعَـم على زمرة من المسرحيين بالامتيازات كالأسفار وعضوية اللجن في
عدة تظاهرات ، والتفرغ الثقافي والتكْـريمات والجوائز ,,, ولماذا يحرم ويمنع آخرون من أبسط الحقوق، وليس
الامتيازات ؟؟ هـذا الموضوع / الإشكال؟ بحاجة لمناقشته. انطلاقا من وقفة جـدية ومراجعة جريئة ، وإن كانت تحتاج
لوعي عميق ونفس طويل. لأن القضية ليست بهذه السهولة . فعملية إزالة التراكمات الخاطئة وإزالة آثار الفساد
المستشري في النسيج الثقافي/ الإبداعي، بحاجة الى وعي متكامل يسمح بنجاح هذه العملية الصعبة، وخاصة بعْـد
استفحال مظاهر التهافت نحو الفتات، واللهات وراء أتـفه الأشياء والشكليات؛ وبين التهافت واللهاث، هناك قوم يبدأون
يومهم/ ممارستهم ،بعيون زائفة وقلوب فارغة وعقول متمرغة في سُـوق اللهفة التي أصابت جل المسرحيين/
المثقفين؛ الذين لا يهمهم الإبداع ولا قضية الإنسان ، وبالتالي لا يبالون بمشاعر الغير ولا يلتفتون لما يسببونه من
مضايقات للآخرين ، كل ما يهمهم إلا أن يكونوا الفائزين بمال أو جائزة أو سفرية ، بحق غير مشروع ؛ مما أفـْقد
الإبداع جوهريته الحقيقية .وأفرز حساسية جد مفرطة للعديد من المثقفين والمبدعين والفنانين ! وخاصة ما أمسى
سائدا: قضيـة [ التكريم ] الذي تتقاطع فيه الماديات بالماديات؛ بحيث أضحى استسهالا عجيبا عند بعض الجهات ونمطا
محصورا في بعض الأسماء؛ مما تفرض هاته المسألة وقفة تأمل وتساؤل: هل التكريم ثـقافة أم نـزوة (1)؟

ماهِـية التـكـريـم :

لا خلاف بأن التكريم (hommage) أو إقامة حَفـلَة تَكْريمٍ هي ظاهرة إنسانية / حضارية / عالمية ؛ التصقت بنهاية
الخِـدمة الوظيفية ، كتتويج لكل عامل / موظف كيفما كانت درجته ومستواه. وذلك عربون محبة  واعتراف بين زملائه
وَتَنويها بشخصه ؛ قبل أن يكون تَعْظِيما وتَشْريفاً لهُ ولتضحياتهِ ومجهوداتهِ عبر مساره العملي والمهني وما أسداه
للمجتمع من خدمات في مجال تخصصه بكل صدق و نكران الذات.. ولاسيما أن للتكريم آثاره الإيجابية في نفسية
الموظفين والعاملين و تعطيهم دفعة الى الامام لتحقيق المزيد من التقدم إبان دخولهم في إشراقة جديدة ، بعد نهاية
الخدمة . وهذا يختلف عن التكريم المفاجئ؛ الذي تمارسه العديد من الدول التي تحترم إنسانية الإنسان. وهو إفراز
طبيعي لكل عناصر التحفيز والتشجيع التي يجدها العامل / الموظف /.../ في نزول وزير( ما ) أو رئيس مجلس إدارة /
شركة ( ما ) لمواقع العمل يشد على أيديهم، ويشحذ هممهم ويفاجئهم بالتكريم/ الاعتراف بمجهوداتهم عمليا، وذلك من
شأنه إذكاء الروح المعنوية وتفعيل المنافسة والإجادة بين جميع الفاعلين . مما ينعكس إيجابا على تقدم القطاع خدماتيا
وتواصليا؛ وتطوير إنتاجيته للأفضل؛ وليس ديماغوجيا أوبمثابة سيناريو انتخابي/ إشهاري؛ كما يقع في أغلب الدول
العربية. ولاسيما أن التكريم المفاجئ معْـدوم أو ناذرا ما يقام في القطاعات الخدماتية المختلفة في الدول العربية قاطبة
؛ نتيجة وَهْـم التراتبية الوظيفية وغياب وعي مؤسساتي لا يعرف ثقافة التشجيع والهدية أو التكريم بحيث: تُعـد ثقافة
تكريم المميزين وظيفياً، من أهم الثقافات الغائبة عن قطاع العمل، يعود في معظمه إلى نظرة خاطئة تتوهم أنّ التكريم
والتحفيز يقود إلى تراخي الموظف أو أن يصيبه شعور بأنه في مأمن من المساءلة، معتبرين ذلك فهما خاطئاً يضيّع أحد
عوامل مضاعفة الإنتاج وهو التحفيز(2) ولنا أن نتخيل شعُـور الامتنان والدفعة المعنوية التي يمنحها التكريم لمن
يستحقوه ، عندها يصبح أي مجهود مستساغا وممتعا أيضا. وبالتالي فالتكريم هو[ ثقافة ] مرتبطة بالمشاعر الإنسانية
أكثر من ارتباطها بنوعية العمل ومستواه؛ وإن كانت ماهيته تـكمن في التتويج طبقا لمعايير مضبوطة . في حق من
يمتلك التميزوالإنتاج المؤثر، الذي أرسى قيماً إنسانية في الواقع الاجتماعي والثقافي وحتى السياسي... وهذا سلوك
يعكس تقـدير الآخرين لجهودهم وتضحياتهم .لأن محور التكريم ودلالاته هو الإنسان، ولاسيما أن الشرائع السماوية
كَـرَّمـتْ بني آدم وأعطته المكانة التي تليق به ؛ وفضـلته على كثير من المخلوقات. والقرآن الكريم فيه عدة آيات تنص
على التكريم . وتم التركِيز على المتقين عن غيرهم: [ إِنَّ أَكْـرمَكمْ عِند اللَّه أَتـقَاكمْ ] (3) وتلك إشارة لها دلالة قوية
لماهية التكريم الذي يحظى به الصالحون والأتقياء والمخلصون. هاته الرؤية، شبه مغيبة بمفهومها الواسع والشامل
عندنا. وبالتالي فالتكريم يتأطر في نـزوة وليس ثقافة راسخة ، أو تسعى لترسيخ مقوماتها لتأسيس وبناء منظور بديل .
ينغرس في عمق الإنسانية .لأننا لا نمتلك جرأة المواجهة والاعتراف بفضل الآخر، أونبحث عنه أينما كان. ويما من
فعاليات ومجموعة كبيرة من الفنانين الموهوبين الحقيقيين مقبورين ! وهم لازالوا بين جنباتنا يتحركون ويعْـطون
العَطاء الأحـسن ! لكن النزوة الذاتية تعدم الموضوعية والشفافية الخلاقة، وتلغي تتبع خطوات وعطاء المبدعين، لكي
يتم التصنيف، على مستوى الحضور والتميز والتأثير الإنساني . لكن المصلحية و غياب العديد من المعايير، من بينها
ثقافة الاختلاف، وقبول الرأي الآخر، وبالتالي فالتكريم ( عندنا ) يظل ( نزوة ) كما أشرنـا.
فتحول من (hommage/ التكريم ) إلى (Dommage/ ضرر) وربما الترجمة أعطت المعنى البليغ الذي نريده ؛لأن
ما هـو مشاع ومعاش، نفس الأسماء والوجوه ( تكرم) لاعتبارات شخصية ومصلحية، في كل المحطات واللحظات،
كأنهم الوحيدون في ربوع (البلد ) وهم الذين أبدعوا وأنتجوا؟ وبالتالي فهم الذين يستحقون[ التكريم]. ربما أن لهم
غطاء حزبيا متمدد الشرايين، أو لهم غطاء إعلاميا وازنا، أومقربين لمواقع القرارأو متملقين أكثر من التملق نفسهُ...
وبالتالي فالأوضاع تبدو سوريالية ! لأنها مقلوبة الاتجاه والتوجه ؛ مما أضحى ( التكريم ) وسيلة وغاية ، لِكلا
الطرفين( المُكرَّم/الجهة) وفي نفس الوقت يصبح مادة إشهارية ، لخلق إشعاع لكلاهما دونما عناء، ومدخلا للانتهازية
والاسترزاق والمجاملات ؛ بدون ضوضاء. ومن ثمة يُفقد ولقد فـَقَـد التكريم؛ قيمته وأسسه الفلسفية ، ليصبح مضيعة
للجهد و للوقت ! عندما يتساوى فـيه الفاعل الحقيقي والمبدع الجَـسور بالمتآمرين والمنافقين والانتهازيين
والوصوليين...في منصات التكريم ومنصات توزيع شهادة الاعتراف والتقدير. وهنا ينطبق علينا المثل الروسي (عندما

يتكلم المال يصمت الصدق) فمن بين الغرائب( التكريمية) شاب في عمر( 27 سنة) يلقي شهادة في حق مكرم سِنُّـه (
67 سنة) أو (باحث) يدلي بشهادة حول أعمال المكرم،  ولم يشاهد ولو مشهدا منها . والأنكى من ذلك ظاهرة تكريم
الشباب ! بعد تقديم عمل أو عملين ليس ( إلا ) تلك مغـربات لا يمكن إلا أن تُحقـِّق التخلف المضاعف ؛ وتكريس عصر
الانحطاط وتحريف روح الإبداع ورجالاته عن مساره الحقيقي. وهكذا فأغلب المبدعين مساهمين بشكل مباشر في
تحويل التكريم من ثقافة إلى نزوة. ولا أبالغ إن قـلت إلى نزوة مرضية ! والتي ستفتح لنا الباب الذي نـريده .
في احـتـفالية التـكريــــم !!
الكل يعتبر نفسه مثقفا / مبدعا / ولكن أمام الطروحات وإثارة المواضع ؛ نجد نوعا من اللامبالاة أو المساهمة في نسف
ما يثار من أطروحات؛ لأننا لم نستوعب بعد التغيرات السريعة كحتمية للتطور والتفاعل التي لحقت بالمثقف / المبدع .
لأن الإشكالية تـكمنُ في الذات العربية التي تعـيش ظروفـا خاصـة علـى المستوى الثقافي والاجتماعي والسياسي. وإن
أتى زمن مثقف من طراز جديد، أكثر تواضعاً من المثقف الكوني، وأكثر فاعلية منه في الآن نفسه. إنه المثقف
الخصوصي الذي بدلاً من أن يتحدث محل الناس، يتحدث انطلاقا من محله، خبيراً وتقني معرفة، متخصصاً في هذا
القطاع أو ذاك من قطاعات الحياة. يقول فوكو " لا يتمثل دور المثقف في أن يحدد للآخرين ما يجب فعله. بأي حق يفعل
ذلك؟..... لا يتمثل عمل المثقف في تشكيل الإرادة السياسية للآخرين؛ بل في إعادة مساءلة البديهيات والمسلمات عن
طريق التحليلات التي يقوم بها في المجالات الخاصة به ، وفي زعزعة العادات وطرق العمل والتفكير، وفي استعادة
حدود القواعد والمؤسسات، وفي المشاركة انطلاقا من إعادة مشكلة هذه، حيث يقوم بعمله الخاص كمثقف، في تكوين
إرادة سياسية، حيث يلعب دوره كمواطن(4) فمن هذا الباب ومن خلال جرد عملي وبياني؛ لا نـجد ممن نال النصيب
الأوفر في عملية [ التكريم] عبر خـريطة العالم العربي؛ سوى فقيه ( الإحتفالية) أي[ 197 تكريما ] ابتداء من سنة
1990 إلى يوم الناس هذا . أي بمعدل [سبع (7) تكريمات] ونيف في السنة ! وهنا نؤكد اللهم لا حَـسـد،،، ولكننا
نكشف ما أملاه ضميرنا ورؤيتنا للفعل المسرحي. ومن خلالها نوضح ما يروج من زيف وتضليل في المشهد المسرحي(
المغربي/ العربي) زيف في الخطاب والفـعل، زيف في الأصل يساهم و ينسف الممارسة من الداخل ! ومن حق أي كان
أن يكشف زيفنا إن كنا مزيفين في المشهد، وبالتالي فشرعية اختيار هـذا الباب؛ لـه منظور بماهية العلاقات عندنا،
وأهدافها النفعية ؛ علاقات لها حدين متناقضين يحدوها قانون الجزاء الإيجابي/ السلبي، طبقا للالتزام بالنسق العام في
الأهداف أو الإخلال به ، حسب رؤيتك وفلسفتك وقناعتك؛ وبالتالي فالتكريم شرط لزوم من لدن المؤسسات الرسمية أو
المدنية، تجاه كل الفعاليات التي قدمت تضحيات عبر مسار تاريخي طويل جدا في مجالها وتخصصها ووظيفتها ؛ ولا
يمكن بخس حق الشباب في عملية التكريم؛ ولكن على الأقل أن يكون لهم رصيد مشرف ونصيب محترم من العطاء
الفني والسلوكي وغيره .لكن الإشكالية تفعيل وترسيخ الإجحاف( التكريمي) في حق كثير من المتميزين والفاعلين ؛
لدواع متعددة قد تكون إما علائقية أو عقائدية أو سياسية أو مهنية . إذ من عجائب الشعارات؛ ذاك الذي طرحته نقابة
المسرحيين المغاربة { أجيال وتجارب مسرحية ومشروعية الاعتراف}  من خلاله تم تكريم فقيه ( الإحتفالية) ولم
يتم فيما بعد تكريم غيره؛ هل المسألة مرتبطة بشخصه أو برئاسته للنقابة أنذاك(2015) أم لاحتفاليته ؟ لأن هاته النقابة
كررت تكريمه مرة ثانية في إطار انعقاد أشغال المجلس الوطني لاستثنائي لنقابة المغاربة وشغيلة السينما و التلفزيون
بالخميسات ! ماذا يعني هذا؟ أليس: المسرح المغربي يعيش اليوم أقصى درجات الفوضى والغموض والمحسوبية
والفئوية، وكل القرارات تطبخ طبخا في المطابخ السرية، ولا أحد من المسرحيين المعنيين بفنهم المسرحي يعلم شيئا
بخصوص أي شيء، فهل هناك سياسة ثقافية سرية لا يعلمها إلا علام الغيوب؟(5) فتكريم صاحب الإحتفالية ؛ هو ضرب
من السرية؛ فمن وراءها ؛ هل هو نفسه ؟ أم أطراف خفية تبرمج تكريمه لكي تظل أوهام الإحتفالية سائدة في المشهد؟
أم هي لعبة قذرة تساهم في دغدغة معنويات ونفسية المبدعين والمسرحيين المغاربة والعرب ؟ لأن هنالك ثغرات لم
تنكشف بعد من وراء فقيه ( الإهتبالية) بحيث يهاجم ويحرض المسرحيين المنبوذين ضد المؤسسات ويأكل من
ميزانيتها: أيها المسرحيون المبعدون، أيها المبدعون المنفيون، داخل الوطن وخارجه، أيها المثقفون المنبوذون، أيها

الفنانون المقصيون، أيها الصادقون الأيتام في مأدبة اللئام، تأكدوا بأن صمتكم لن يفيدكم في شيء، تماما كما لا يمكن
أن يفيد الحركة المسرحية المغربية حاليا، والتي أصبحت اليوم في كف عفريت، وإنني أدعوكم إلى مقاطعة وزارة ليست
وزارتكم، وأن تعلنوا في وجهها (العصيان الثقافي) (6) ألم يفكر المسرحيون في هذا النداء ؛ ويضعون عليه ألف
استفهام (؟) لأن تلك المؤسسات تكرمه بشكل مباشر أو غير مباشر؛ عن طريق دعم مالي ومعنوي لتلك الجهة التي
تكرمه ؛ وبالتالي فإن كانت تيمة نصوصه المسرحية تتمحور حول النقيض (الأسطورة/ الواقع) أو ( الوجه/ القناع) فهل
الإحتفالية [ وَجْـه] وصاحبها [ قناع] أم العكس؟ هل التكريم [أسطورة] والمُكرَّم [ واقع ] أم العكس؟ لأن مسألة تكريم –
ع الكريم برشيد- ليست محصورة في الجمعيات المسرحية ومؤسساتها بل على سبيل المثال:
جريدة ملوية بتعاون مع مؤسسة الأعمال الإجتماعية للمكتب الجهوي للاستثمار الفلاحي - لملوية (2004)
جمعية أبي رقراق / سلا (2004)
الـجـمعـية الـمغـربـية مـنـال لـحـقـوق الـطـفـل والمـرأة بالجـديـدة(2012)
نادي القصة/ سلا (2012)
المنظمة المغربية للكشافة والمرشدات فرع بركان(2014)
جمعية النوارس للتنمية والإبداع القصر الكبير( 2015)
جمعية مغرب الفن مهرجان «مغرب المديح»(2017)
وهنالك العديد من المحطات مثل ذلك ! والتي تفرض تعميق السؤال ؛ ما أهمية هذا التكريم المنحصر في شخص واحد؛
هل لتحقيق لعبة ( الوجه والقناع) ليظل المشهد المسرحي؛ متمركزا على ( الصنم) حتى لا يظهر وسط المسرحيين صنم
آخر مناقض ينسف لعبة ( الأسطورة/ الواقع) وإن كانت الرسالة الأولى من الإصحاح الخامس يشير(١ يوحنّا ٥: ٢١)
أيّها الأولاد احفظوا أنفسكم من الأصنام! ولكن الإشكالية نصنع الأصنام؛ رغم أنها تمارس الرياء والبهتان والتضليل؛
ولنا في هذا القول مكاشفة صريحة:هناك الذين يأكلون وحدهم، والذين يسافرون وحدهم، والذين يستفيدون وحدهم،
والذين يحضرون وحدهم، والذين يكتبون في مجلات وزارة الثقافة وحدهم، والذين ينالون الجوائز وحدهم، والذين
يكرمون وحدهم، والذين يحتكرون لجان الوزارة وحدهم، والذين لا يمكن أن تجد غيرهم(7) فكل ما تفـوَّه به وبلسانه
يستفيد منه مولانا ( الإهتبالي) وخاصة باب ما جاء في احـتـفالية التكريـم !! فعلى من يضحك ويتهكم ؟ ولاسيما أن العلم
يقتضي البحث والدليل ؛ وهذا الجرد المتعلق بسنة(2018) التي ودعناها منذ شهور؛ يعفي أي راغب في البحث والدليل
وإن كان الأفظع في سنة(2015 ) أكثر من عشر تكريمات:
* أبريل/ مهرجان المسرح المدرسي لمديرية مكناس الدورة (1).
* يوليوز/ مهرجان جمعية نورمينا للثقافة والفن الدورة (2)بابن جرير.
* يوليوز / المكتب الإقليمي لنقابة المغاربة وشغيلة السينما و التلفزيون على هامش انعقاد أشغال المجلس الوطني
الاستثنائي بالخميسات .
* شتنبر / مهرجان القاهرة الدولي للمسرح التجريبي الدورة (25).
* سبتمبر / ملتقى أيام القاهرة للمونودراما لمسرح الهناجر القاهرة.
* نونبر / مهرجان جمعية الزاوي للمسرح والتنشيط الثقافي والفني الدورة (4) بالدار البيضاء.
*نونبر / مهرجان دار الفن الدولي للمسرح وفنون الفرجة الدورة (2) بفاس.

وعلى ذكر مهرجان القاهرة للمسرح التجريبي في دورته (25) نشير بأنه تم تكريمه في سبتمبر 1991. وفي هذا الباب
يؤكد : تكريمي هذا، شيء لا يستغرب من مصر التي هي ملتقى كل المبدعين في العالم كله وليس الوطن العربي فحسب
، فمصر تحتفي بالمبدعين وتنزلهم منزلتهم الحقيقية ، وأنا دائما مكرما ومعززا في بلدي الثاني مصر(8) أليس في
المغـرب أو الأقطار العربية الأخرى إلا ((هـو)) ! حتى يتم تكريمه في نفس الشهر ونفس المكان بمصر؟ هل لكي تعطى
له دفعة الى الامام لتحقيق المزيد من التقدم أم هنالك مقايضات سرية لضرب العديد من التصورات المسرحية؛ المناقضة
للتوجهات الرسمية . يكشف عن بعض منها ( التكريم)؟ لإبقاء :ابتداع (المسرح الإحتفالي) التي أطلقها المغربي
(عبدالكريم بورشيد) التي تدخل في إطار تأصيل المسرح العربي أوتحقيق هوية له ، وراح( بورشيد) يصدر البيانات
الواحد تلو الآخر ... ولا يتطرق المسرحيون في الغرب إلى ما يسمى (المسرح الإحتفالي) والعرب وحدهم الذين ظلوا
يتمسكون بالتسمية....الاحتفال في الأصل مأخوذة من كلمة لاتينية هي (سيريمونيا) وتعني الصفة المقدسة أو هي العقل
التي ترمي إلى تكريس عبادة دينية ؛ كما القداس في الديانة المسيحية أو الشعائر الديانة أيام عاشوراء لدى الإسلام...
والاحتفال بكل أنواعه يستدعي المشاركة....وأشرنا في مقالة أخرى إلى مسرح المقهورين وإلى مسرح التحريض
وهنا نشير إلى كلا المسرحين المذكورين يعتمدان مبدأ من مبادئ الاحتفال ألا وهو المشاركة (9) فحقيقة مسألة التكريم
؛ يعَـد جزء أساسيا وحيويا ضمن ثقافة الاعتراف في الحياة قبل الممات؛ ولكن في حالة (الإحتفالي) مسألة مشكوك فيها
؛ فتحول من (التكريم/ hommage ) إلى (ضَـرر/ Dommage) مادامت هنالك مبالغة في قضية تكريمه ، دونما
غيره. ونركز على هذا القول؛ إن كان فعلا المسرحيون يدافعون عن القيم الأخلاقية وأسس بناء الديمقراطية الفعالة؛ فلا
مناص بأن يفكروا ما وراء باب – احتفالية التكريم- إذ لا نطعـن ولا نحسد. بقدرما نحاول إضاءة مشهدنا الثقافي/
المسرحي؛ من أمور تنسف روحانيته وبالتالي:... أنا ضد إقامة حفلات تقليدية فقط أريد أن نعمل أشياء تخلد هؤلاء
لأجيال قادمة.. إقامة المناسبات الظرفية مهم لتذكرنا بعطاء هؤلاء المبدعين، ولكن يبقى التكريم الحقيقي هو الحفاظ
على تراث المبدعين بشكل دائم(10) في تقديري هذا هو التكريم الحقيقي للمبدعين والفنانين والمثقفين أينما كانوا.
الإحـــالات
1) للتوسع في الموضوع انظر ما أشرنا إليه في موضوع: اليوم الوطني للمسرح - ثقافة التكريم- في الحـوار المتمدن-
ع: 4453 – بتاريخ 14/05/2014
2) تكريم المتميزين.. ثقافة عمالية غائبة- لعايض الشعشاعي في جريدة الشرق ع207/ بتاريخ 08
/08/2012
3) سورة الحجرات: الآيـة الكريمة – 13 --
4) المثقف والتغيير: لشفيع خضر سعيد عن منشورات صحيفة الطريق الإلكترونية بدون تاريخ
5) هناك ريع ثقافي وعلى الوزير الحالي الكشف عن أسماء المستفيدين من الدعم- حوار مع برشيد : اجراه الطاهر
حمزاوي لجريدة المساء المغربية في- 29/06/ 2012
6) برشيد عبد الكريم بين التكريم والتجريم :مجلة الهيئة العربية للمسرح بتاريخ 09/06/2014
7) برشيد: هناك ريع ثقافي وعلى الوزير الحالي الكشف عن أسماء المستفيدين من الدعم: ماروك بريس – المصدر
جريدة المساء المغربية في- 29/06/ 2012
8) برشيد: لا أستغرب تكريمي من مصر: تغطية أحمد أمين عرفات في صحيفة الأهرام العربي بتاريخ 17/09/2018
9) متى يكون المسرح احتفاليا ؟ لسامي عبد الحميد ركن كواليس في صحيفة المدى عدد 2821 س10 بتاريخ 18/
حزيران/2013

35
اليوم العالمي للمرسح

                                                                                         
نجـيب طـلال

تغير المصطلح {( المرسح : المسرح)} بعدما عمَّـر ردحا من الزمان شرق وغرب العالم العربي؛ ولم يتغير اليوم العالمي للمصطلح؛ وإن تغيرت الأحوال وتعاقب التطورات ؛ ولا زال المسرح العربي يعاني أزمته؛ وإن يبدو في حقب سابقة لم يكن المسرح العربي يعرف ما معنى الأزمة ، مثلما يعرفها  الآن. وبالتالي فكل مسرحي في الوطن العربي من المحيط للخليج؛ يفسر مفهوم الأزمة ؛ حسب ما يراه أو مقتنع به . فهل فـعلا يعيش مسرحنا العربي الآن أزمة؟ أزمة في النصوص/ قاعات عروض/ قلة النفقات والمصاريف / انعدام جمهور/ غياب السوق الفنية للترويج/..../ كل هذا يتردد باستمرار؛ وإن لم يكن هو عمق الأزمة ؛ التي هي  نتيجة لخلل كامن بين نتوءات النسيج المسرحي ؛ ربما كنتيجة لغياب سياسة / ثقافية /مسرحية أوانعدام تخطيط  محكم بين المسرحيين والمسؤولين في اتخاذ القرارات أو لأسباب أخرى عديدة قد تخرج عن سيطرة . ارتباطا بتموقفات غامضة هي في حاجة إلى تفسير. وفي تقديري لاعلاقة لها بانعدام مناخ الديمقراطية وتضييق مساحات الحرية  وما شابه ذلك. مادام المسرح  في روحه ؛ روح المقاومة في عز الشدائد والأزمات؛ لأن [ ديونيزوس] ولادته تمت في مرحلتين؛ واستطاع [زيوس] إنقاذ ه كجنين لاكتمال نموه ؛ بعـدما سقط من بطن أمه [ سيملي] وقاوم في رشده لعنة [هيرا] التي لاحقته بالجنون؛ بعدما حوله [زيوس] إلى جَـديٍّ لتمويه [هيرا] فيما بعد استطاع [ديونيزوس/ باخوس] أن يحرر (الباخانيين) من سجون ( إسبراطا) ويسلط الحمق على [ ليكورغ] الذي اعتقلهم ؛ باعتباره حاكم منطقة (تراس) وأخ ملك ( إسبراطا ) ومشرع لقوانينها. وهكذا راح [ديونيزوس ] ينشر تعاليمه في رحلة تراجيدية كل بلد يمر به، قبل أن يصعد إلى الأولمب لكي يستقبل من طرف الآلهة بعد أن استعاد كامل حقوقه. وأمسى رمزا للقوة والحيوية .
إذن؛ ففي اليوم العالمي للمرسح / المسرح ؛ الذي يعد يوما غيرعادي ولا معتاد في حياة المسرحيين غـربا وشرقا ؛ و فرصة من الواضح جداً ؛ ليست للتباكي والتشكي !بل يوما لإحياء روح [ ديونيزوس] الذي يسري في عروق كل فنان/ مبدع/ مسرحي/ [ قح ] وليس [ مزيفا ] كعملة [ إبليس ] أو ذهنية [ هيرا] وبالتالي فالاستذكار لتجديد طاقة الإشتغال في مجال إبداعي/ فني/ ثقافي/ ولاسيما أن المبدع / الفنان القح ؛ دائما يسعى لتطوير عطائه وحضوره والبحَـث عن إضافة نوعية  في مجاله . من أجل الحفاظ على شموخ شخصيته وعزة نـفسها ومؤمنا وواثقاً من رسالته الفنية / الجمالية / الفكرية : التي يُؤْمِن بها من أجل إسعاد الإنسان وتفعيل إنسانيته ؛ كمكون فلسفي في علائقه وإبداعاته وتصوراته ، وترسيخها في الكينونة البشرية والمجتمعية ؛ عبر القنوات التي تبيح التأثير والتأثر والتواصل والتفاعل ؛بكل صدق وإخلاص .و بلا مساومات وبلا مقابل . لأن الفنان المبدع: ذاك المؤْمِن برسالة فنية سامية ؛ سواء أكانت قولا مجسدا في الأوراق والبحوث؛ أم فعلا في السلوك والممارسة الإبداعية ؛ هو القدوة ؛ مهما اختلفنا عن مفهومها ! والمدافع عن التعبير الحُــرِّ خارج المُـؤسسات الرسمية إن أمكن. إذ بين القـول والفعل ، لا مناص من تجْسيد حقيقي لقضايا الإنسان وهموم المواطن، وبالتالي فالمسرح العربي لا يعيش أزمة بقدر ما يعيش الآن صدمة حضارية ؛ نتيجة التحولات والتطور التكنولوجي والتقني وآليات الإشتغال التواصلية والتفاعلية التي فرضت نفسها في عوالم الفعل المسرحي وغيره؛ هذا لم يستوعبه لحد اللحظة أغلب المسرحيين؛ فالملاحظ لحـد الآن ؛ لازال جل المبدعين يهابون ولا يتعاملون مع الشبكة العنكبوتية ( الأنترنت) قراءة /كتابة /تعبيرا. وهذا لوحده يحتاج لدراسات اجتماعية/ إبيستمولوجية ؛ لكي يفهم الجميع أننا نعيش صدمة حضارية كشعور؟
طبعا لا نغيب الحالة الراهنة التي عليها الوضع العربي؛ من رعب وذعر(ذاك) الناجم عن التهديد الخطير للمصالح والأهداف الجوهرية الخاصة بالمسرحيين العرب الحالية والمستقبلية ؛ لكن هنالك حركية إبداعية وتظاهرات مسرحية ولقاءات متعـددة المستويات؛ وهذا مثبت ومدون في عدة مواقع ثقافية / مسرحية ومجلات وصحف عربية .هنا لا يهُـم قيمتها وتقييمها؛ لأن هذا موكول في زمانية الفعل التظاهري. فالأهم هاهنا : أن اليوم العالمي للمسرح مناسبة جديرة ؛ بوقفة تأملية في كيفية إعادة روح الإبداع على ضوء مستجدات عصرنا ؟ فمثلا أغاني( هيب هوب) فرضت نفسها وإيقاعها ؛ جعلت من أغاني الرواد بمثابة أغاني صفراء ! هكذا نؤمن؛ بواقع الحال. دونما تفريط في تراثنا وعطاء رجالاتنا . إذ  واقع الحال الذي فرض نفسه ، يمكن أن يتم تقييمه في هذا اليوم ؛ وبسيط للغاية. وهكذا من خلال لقاءات مفتوحة وجلسات إعلامية عبر محطات عربية وتفعيل وسائط التواصل الاجتماعي؛ فكريا؛ وتحاوريا بعيدا عن النوستالجية ووضع أو تدوين تفاهات وتلصيق صور توحي بنرجسية مطبوعة بالفراغ القبلي والبعدي. لنؤمن أنه يوم للمصارحة ومطارحة الإشكاليات التي تعترض الممارسة المسرحية في راهنها ومستقبلها  ؟ وبالتالي فالفنان المسرحي اليوم في أمس الاحتياج إلى إعادة تحديد مفهوم المسرح وأليات اشتغاله ، وتسديد النظر إلى منزلته في العالم وقيمته بين المكونات المجتمعية.
فالوضع العربي يتشكل من جديد ؛ في مخاض الفوضى والانتفاضات والحروب التي فرضت نفسها في سياق التحولات العمرانية والتاريخية ... وإن أثرت على الأغلب الأعم بويلاتها وأحداثها التي  انعكست ، على البسطاء والمحتاجين؛ فرغم لون الدماء التي تهرق هنا وهناك ومشاهد الجثث المتناثرة بين الأزقة والدروب والأبنية المنهارة ؛بقنابل طائشة ورصاص مدمر لإنسانية الإنسان ولحضارة عربية !!  في غمار حروب طائفية وعشائرية وزعامتيه ؛ هنا هل المسرحي العربي؛ يحمل مشروع توظيف ما وقـع ويقع من دمار وخراب  ومواجهة قوى الإرهاب في كثير من بلدان المنطقة ، بمنظور متجدد له من الحداثة ما يلائم ؛ وليس بمنظور عقود الستينيات والسبعينيات من ( ق، م) لأن عجلة الزمان تتطور وبشكل سريع جدا؛ وهذا التطور كشف بكل تلقائية أن المسرح العربي خارج المنافسة الدولية والعالمية ، ولم يعد قادرًا على استقطاب الجماهير وإمتاعهم ! لأن متلقي زمن – الميديا- ووسائل التواصل الإجتماعي؛ ليس هو جمهور العقود السالفة ؛ التي كانت القومية والعروبية أرضية استقطابه ؛ بل هنالك قناعات وتصورات إبداعية بديلة للتعبير عن مخاوف المواطن العربي ومشاكله وهمومه وثوراته التي فرضها الربيع العربي... تلك قضايا هي  تختلف عما هو سائد الآن في مسارحنا العربية .
والمسرح  بحكم حيويته وتفاعله الروحي والفيزيولوجي ؛ مهمته الأساس، تفعيل كيميائية التحولات  التي فرضت نفسها على الكل. ولا خيار أن يكون [ ديونيزوس] محطة ليست للعود الأبدي؛ بقدرما هو عود لفهم الآتي باعتبار – ديونيزوس – في اليوم العالمي للمسرح : رمز للحياة الأبدية.
 تلك الحياة الكامنة في زمن التكنولوجيا ؛ وإعادة وضع المسرح في إطاره الذي يقتضي إيقاظ الهمم ؛ وقطع السبل عمن يستغل الظروف؛ ويلعب لعبة الوجه والقناع ؛بدهاء لا يتصوره العقـل ولا الإحْساس حتى، على ظهر المسرح ! ويمارسون حكاية دموع التماسيح ! إذ يستفيدون جهة اليمين وما تحته ؛ ويشتكون وينوحون جهة اليسار وما فـوقه؛ في غفلة التيه الذي يعرفه أغلب المسرحيين ؛ المتشبعين بالمصالحة بينهم وبين ذواتهم؛ ومتشبثين بروحانية [ ديونيزوس] .




36
بــاب مــا جــاء  في احــتــفالية الــدعــــــم !!(02)

                                                                                                                     
نــجـيـب طـلال

المـــِزلاج :

بداهة أية باب تحتاج لمزلاج (fermeture) من أجل صيانة ما بالداخل وحمايته من العبث/ السرقة/ التشويه/ استيلاء/ .../ وفي كلا الحالات فالمزلاج/ ( قـُفـْل) مغلاق لا يفتح إلا بالمفتاح ( أو) باليد ؛ وفي إطار التشبيه ؛ فالمسرح المغربي لا يتوفر على مزلاج لحفظ ذاكرته من المزايدات والافتراء؛ بل بابه مشرعة لكل شيء؛ ولكل تاريخ مزيف؛ ولكل حـدث لا وجود له ؛ وبين المزيف واللاموجود لا يمكن أن تنفيه أو تفنيده ؛ هـكذا كلام ! نظرا لانعدام المزلاج المتحكم في خزان الذاكرة / الأرشيف ؛ فكيف يمكن أن نضبط مسار الدعم وإشكاليته؟ بالعـودة لأرشيف وزارة الثقافة ؟
هنا المعضلة ؛ والتي يصادفها أي باحـث أو مهتم ؛ يريد إما الاشتغال أو التأكد من معلومات ( ما ) ! فلاوجود لأرشيف ( الدعم المسرحي) من خلال موقعها الإلكتروني؛ الذي لا يتطلب إلا الصيانة والمراقبة من لدن مختص ؛ فمثلا  سنة2000 ليست ببعيدة مقارنـة بالبعـد التاريخي؛ فلا وجود للأعمال الفنية ؛ المقترحة والتي استفادت من الدعم أو الترويج المسرحي؛ ومن هم أعضاء لجنة الفرز؟ وأبعـد من هـذا أين هي عروض وصور المهرجان الوطني للمسرح( الاحترافي) في دوراته التي كانت تقام بمدينة ( مكناس) وأضعها بين قوسين؛ لأنها لم تستطع  أن تحتفظ بما ترسخ كتقليد سنوي/ إبداعيا / سياحيا / معرفيا /.../بحيث لم يلتزم مسؤولو المدينة بما التزموا به، نحو المهرجان الذي عمر (16دورة) وبالتالي طار أو حسب ما يروج بين الساكنة تم تهريب المهرجان إلى تطوان؛ ولاسيما : بعد الرجوع إلى الأصل انتقلت ملكية هـذه التظاهرة إلى الجماعة الحضرية بمكناس بقوة القانون؛ فيما ظلت وزارة الثقافة حسب بعض المصادر مجرد شريكة فيها.... فأقدمت وزارة الثقافة... حتى دون استشارة الطـرف الأخر الرئيسي على تهريبه إلى تطوان لعقد طبعته رقم17(1) فمثل هاته الإشكاليات التي يتداخل فيها الحزبي بالمصلحي؛ والمصلحي بالسياسي؛ تضيع الذاكرة المسرحية. حتى الذين يدعون أنهم يوثقون للذاكرة المسرحية المغربية؛ أجزم أنهم لا يتوفرون على حيثيات وأطوار الدورة الأولى للمهرجان ( الاحترافي) الذي انطلق في 1999 لسبب بسيط جدا؛ أنهم لم يكونوا يدونون ولايؤرشفون؛ حتى ظهرت فكرة [مركز التوثيق الوطني] الذي أبدت وزارة الثقافة في  استعدادها لإنشائه كجناح ضمن مشروعها ؛ والذي خصصت له أكثر من مليون درهم من أجل إخراجه إلى حيز الوجود وجعله وجهة لا محيد عنها للباحثين المسرحيين ومن أجل حفظ الذاكرة المسرحية؛ وهذا المشروع التي دخلت عليه الهيئة العربية للمسرح  كشريك ومثمنة إياه كجزء مهم  من جهود مركز التوثيق العربي .  لا يمكن أن ينكر المرء أن هناك مجلة[ الإحصائيات الثقافية] ولكنها تعتمد على الأرقام والإحصائيات؛ التي ليست هي التوثيق
إذن في غياب المزلاج ؛ الذي يساهم في نظام التخزين؛ واسترجاع البيانات عند الحاجة .فكيف يمكن أن يتم التوثيق/ الأرشفة؛ لما خلفه ( الدعم المسرحي) الذي يحمل موادا دسمة . تؤرخ عمليا لحقبة فارقة في تاريخ المسرح المغربي ؛ ولفعاليات وأسماء خلفت إنجازات وملابسات  وصراعات وأوهام وردود فعل مدونة في الصحف والمواقع الإلكترونية ؛ ناهينا عن الفوضى التي خلفها ولا زال يخلفها ؟

باب احــتــفالية الــدعــــــم !!

فمن هاته الفوضى؛ تعلو أصوات واصوات تحتج  وتهدد وترسل تظلمات وتصرخ وتعتصم بطرق كرنفاليه ؛ حتى أن بعضها وصلت لأدراج المحاكم :!! بحيث لم ينل أي موضوع مسرحي من الاهتمام والكتابة بقدرما ناله ( الدعم)؟ فإن كانت هنالك دور للنشر تهتم بمثل هاته المواضيع لجنت أرباحا مما كتب عنه ! علما أن دفتر التحملات يشير للمستفيدين من الدعم كالتالي: الفرق المسرحية بما فيها فرق مسرح الشارع، على شكل جمعيات أو شركات أو وكالات أو تعاونيات فنية ؛ مؤسسات الإنتاج الفني ولاسيما إنتاج وترويج العروض المسرحية الاحترافية (2) ففي هذا السياق؛ فصاحب ( الإحتفالية) أشرنا إليه في موضوع (3) أن عُـقدته التي يتحَـرك فيها هي الدعم المسرحي (؟) الذي لم يعُـد يستفيد منه كل سنـة وبانتظام ؟ وعقدته الثانية تتشكل في وزير الثقافة الأسبق- محمد الأشعري- فمن خلال عقدة [ الدعم] نتساءل بكل أريحية : هل هو وكيل فني/ مسؤول عن شركة أو وكالة أو تعاونية فنية أم رئيس جمعية مسرحية أو متعهد حفلات ؛ لكي يصرخ ويحتج ضد الدعم المسرحي؟ ربما (الإحتفالية ) يعتبرها وكالة فنية ! وليست كما يدعي ( مشروع ) تنظيرا وفلسفة مسرحية ؛ فمن المفارقة سنكون أمام ( الإهتبالية) مادام يشير: أن هذا الدعم حق، وليس منحة ولا هبة ولا صدقة، وأنه أيضا ليس شكلا من أشكال الرقابة الخفية التي تتوخى التحكم في خارطة الإبداع المسرحي، بحيث يحجب هذا الدعم عن الضالين والمضلين، ويعطى لمن لا يقول من الكلام غير "آمين".... بحيث أصبح منح هذا الدعم تزكية وجزاء للتابعين ولتابعي التابعين وللمقربين في الأسرة وفي الصحبة وفي الحزب، وأصبح عقابا للفوضويين وللمهمشين وللمنبوذين ولكل الذين أجبرهم روح الفن الصادق أن يكونوا أحرارا وأن يسبحوا ضد التيار الجارف(4) من هاته الزاوية نتساءل كذلك : كيف يعقل أو نفـسر لمُنظر مَـسرحي، ويعلن أنه  مسكون بهاجس البحث والتنظير؛ وأن احتفاليته تـعَـد مشروعاً مسرحيا جمالياً ومعرفياً ، وكذلك موقفاً فكرياً وجدانياً انقلابياً ! أن ينزل للدرك الأسفل من الهزيمة والانكسار، حينما لم تعـد نصوصه تستفيد من الدعم المسرحي؟ ورجوعا للوراء ؛ وتحديدا بعد ظهور سياسة الدعم المسرحي  تم تدعيم العديد من مسرحيات:
1998"صياد النعام" تقديم  جمعية نادي المرآة " فاس"
1999  "  حمار الليل" تقديم  جمعية نادي المرآة " فاس"
 2000" ليالي المتني" تقديم فرقة التأسيس " تـازة"
2002"الحكواتي الأخير" تقديم فرقة الفوانيس" تازة "
2005" يا ليل يا عين" تـقديم فرقة المبادرة" سلا"
2011"شهرزاد المراكشية " تقديم  فرقة مسرح دراما" مراكش"
2015"الصعلوك" تقـديم فرقة أنفاس للمسرح والثقافة "الداخلة"
2015 "يا ليل يا عين"   تقديم فرقة محترف فاس لفنون العرض "فاس"
2016"المقامة البهلوانية" تقديم فرقة أبعاد " الدار البيضاء"
2017"السرجان والميزان "تقديم مسرح التأسيس "تـازة"
2018"على باب الوزير"تقديم فرقة  الأوركيد" بني ملال"
إذن ربما أغفلت بعض الأعمال ؛ ولكن لنتمعن بين الحقيقة والزعيق( الإحتفالي) فكل هاته الأعمال رغم تكرارها؛ تم دعمها ! ولا فرق هاهنا بين [الدعم والترويج والتوطين والجولات] فـَلاشيء خارج السياق ؛ وهـذا الأخير كفيل بإنتاج المعنى .وحينما أشرنا إليه ب ( الفنكوشية) بدل ( الإحتفالية)  ندرك منطق ما تفوهنا به ؛ بحيث أخونا – برشيد- يمارس الهجوم لتشتيت العقل والأنظار على سلوكيات ومسلكياته؛ مؤمنا بأن الأغلبية لا تطلع على بواطن الأمور؛ عبر المتابعة والقراءة المعقلنة ؛ لتبقى تلك ( النظرية) وَهْـما ( فنكوشيا )  مسيطرا على ذهنية الممارسين المسرحيين وغيرهم ! وإذا كانت بعض الجمعيات جريئة  ولا مناص أن تكون كذلك ؛ وتهدف لبناء مسرح مغربي له كلمته بين المسارح ؛ تدلي بكم تفاوض معهم صاحب النص ( الإحتفالي)؟ للعلم أن نصوصه تتغير عناوينها حسب الطلب؛ وهذا موضوع سنفتح له بابا خاصا.
وهنا سأعطي مقدارا تقريبيا  25000.00درهما تسلمها من إحدى الجمعيات المسرحية ؛ لبيعه  إحدى نصوصه التي باعها لهم  ؛ ورغم ذلك  يهتبل قولا أكثر سخرية لمن يعرفون دهاء – برشيد- بحيث يقول بدون تحفظ: وإلى حدود هذا اليوم، فإن المبالغ المهولة التي صرفت على هذا الدعم ليس لها ما يبررها منطقيا، ولا ما يمكن أن يوازيها من إبداع كبير وخطير، لقد كنا أمام طواحين مسرحية تدور وتدور، ولكنها لا تطحن إلا الهواء(5) فلو ظل يستفيد من الدعم المسرحي؛ وبقيت غشاوة هالة المقدس تحيط به وبما يسمى ( احتفالية) لما سمعنا إلا بلاغة البيان للجهات المسؤولة؛ وبلاغة البديع للفعاليات والأشخاص المساهمة في وجوده ؛ وبالقرينة ينتفي العجب بحيث يقول عن قرار إلغاء مهرجان القاهرة للمسرح التجريبي؛ بعد 22 سنة من الاستمرارية : هذا المهرجان بدأ بداية رائعة وواعدة، ولكنه أخلف وعده في السنوات الأخيرة من عمره، وأصبح مستواه في النزول، وأخذ يقدم أي شيء باسم التجريب، وأصبحت الرداءة تجريبا، وأصبحت الأمية المسرحية تجريبا، وأصبح الاعتداء على المسرح تجريبا، وأصبح تشويه إبداع أعلام الكتابة الدرامية العالمية تجريبا...ولأن ها المهرجان لم يستطع أن يجدد أسئلته، فقد انتهى إلى الموت(6) ولكن المفارقة بعد سنوات قليلة عبر بدون تحفظ أو انتباه لما قاله سلفا معلنا: عن سعادته وامتنانه لهذه الالتفاتة من منظمي المهرجان الذي دأب على حضور مختلف دوراته، حيث شارك فيه منذ دوراته الأولى.وأنه واكب ولادة ونمو وتطور هذا المهرجان منذ دورته الأولى حتى الدورة الحالية (الدورة 25) حيث تم تكريمه وشارك في لجنة التحكيم كما شارك فيه بأعمال مسرحية (7) فهذا الشكر والامتنان قابل للنقض، حينما لن يتم استدعاؤه في ( الدورة26) وهاته الحربائية كيف يمكن أن يوثق لها؛ وهي من صلب الفعل والممارسة المسرحية ؛ ونسوق رأيا/ موقفا آخر له علاقة وطيدة بموضوع – احتفالية الدعم – فحينما اختير (مولاي عبدالكريم برشيد ) رئيسا للجنة التحكيم : ... راهنا نعيش فترة جديدة تتسم بتوسع فضاءات العرض، شيد مؤخرا مسرح كبير بوجدة، وهناك مسارح في طور التشييد بكل من الدار البيضاء والرباط ومجموعة أخرى من المدن المغربية، هناك معهد عالي للفن المسرحي والتنشيط الثقافي، هناك خريجون جدد كل سنة، وهناك مجال لدعم الإنتاج والتكوين والمسرحي وغير ذلك من المبادرات الداعمة للمسرح، بذلك يمكن القول إن المسرح المغربي بعد مائة سنة استطاع أن يقف على قدميه وأن يعيش كما ينبغي(8)  فمثل هاته التصريحات التي تكشف عن انتهازية فاضحة؛ ولكنها مغلفة بهالة حضوره كفاعل في النسيج المسرحي عربيا؛ ولكن هَـذا لا يشفع له ؛ بأن يتلاعب حسب ظرفية الامتيازات؛ وفرض الذاتية/ النرجسية على المشهد المسرحي؛ لأن المسرح  ليس مِلكـا لأحد ؛ ولكن بمثل هاته المفارقات؛ التي ليست مزاجية ؛ يقدر ماهي استراتيجية ؛ ليبقى منوجدا في المشهد بالقوة ؛ وبنواجده تظل ( الاحتفالية) لعبة تحمل الوجه والقناع كمرجع ومصدر للمسرح المغربي والعربي؛ لأنه منها يستفيد ( ماديا ) وليس ( معنويا  ) !
كيف نفسر أنه يكرم هنا وهناك ؛ وأعماله تستفيد من الدعم/ المال العمومي؛ ويدعي بكل جرأة أنه محاصر:.. فعلاً تعرَّضت للحصار، ولكلِّ أنواع الإبعاد والتهميش والإقصاء، وما زالت تداعيات ذلك الحصار الجائر والظالم تلاحقني إلى اليوم، وكلُّ هذا لماذا؟ فقط لأنَّني كاتبٌ يكتب، بمداده وقلمه وبأفكاره ومعانيه (9) أليس هـذا فيه نوع من الحماقات؛ والاستفزاز الوهمي؛ فماذا يقول مبدعون لهم مواقف مشرفة ؛ و فعلا عاشوا ويعيشون أقسى أنواع التهميش والحصار؟ هل يحق لهم أن يعلنوا كما أعلن صاحب ( الفنكوشية): إذا استمر الحصار؛ فأنا مستعـد للنشر في إسرائيل(10) فمن منعك ؛ هـل وطنيتك أم غيرتك ونعرتك  العربية ؟ أم خوفا من انسداد منابع العوائد والفوائد المستخلصة  من خزائن المجالس والجمعيات ووزارة الثقافة وبعض المواقع الإلكترونية التي نصبتك رقيبا ...؟ هنا أليس هـذا (الاحتفالي) مصاب بما أصاب فاوست  ؟ أليس هـذا (الإهتبالي) فيه مـس من جنون العظمة ؟ ودائما يبحث بطرقه الخاصة؛ وبالمنظومة التي تتحكم في الإحتفالية في الخفاء ؛ عن التوسع لبقاء تلك الهيمنة التنظيرية للإحتفالية؛ باعتبارها تخدم المشروع الليبرالي المتوحش .
وبالعـودة للدعـم المسرحي. نسمع كلاما غريبا وانتقادات أكثر استغرابا  يوجهها صاحب ( النظرية/ الإهتبالية ) للجنة الدعـم المسرحي : هي لجنة تقوم بدور الرقابة والعمل البوليسي؛  وهي في غالب الأحيان مركبة من أناس فاشلين في العمل المسرحي؛ وعلى افتراض أن هذا الكلام صحيح فإنه يطبق أول ما ينطبق على عبدالكريم  برشيد نفسه . فقد كان عضوا في لجنة الدعم الوطنية للمسرح ؛ وعمل فيها لسنوات ولم يتحرج في الدفاع عن دعم مسرحياته التي قدمتها أنذاك بعض الفرق المسرحية ؛ رغم أنه عضو في اللجنة التي يجب أن تبقى محايدة . واعتبر هَـذا الأمر في حينه  خرقـا لأخلاقيات العمل الثقافي . مما دفع وزارة الثقافية آنذاك إلى إصدار قانون  ينظم الدعم المسرحي؛ ويمنع أن يكون في عضوية اللجنة (11) أليست هاته فوضى/ حماقات/ تشويه للممارسة المسرحية ؛ من لدن من يدعي التنظير ويتبجح بإنجازاته الإبداعية ؟ أليست هاته حرب حاقدة ومريضة على الحقيقة ، والأنكى من ذلك؛ أنه دائما يتهم من يبدي رأيه / موقفه من ( الإهتبالية) أنه مخبر/ بوليسي؛ وهـذا الهاجس الذي يسكنه ستأتي الأيام ليتم الإفصاح عنه؛ ولقد أشرنا لبعضه  تلميحا بسؤال مفاده:  من كان وراء اعتقال بعض العناصر النشيطة  ثقافيا/ مسرحيا/ سياسيا/ في جمعية النهضة بمدينة الخميسات ؟ ومن خلال ردوده معنا عبر ( الفايس بوك) الذي منح لنا بكل صدق العودة لفعل المشاغبة اللذيذة ومحاولة تصحيح ما يمكن تصحيحه ؛ حسب قدراتي؛ فتح أبواب حول ( الإحتفالية) التي تعيش هاجس الكولسة والبوليسية ؛ بحيث رد علينا هكذا:...على الاقل عرفني بنفسك، من أنت؟ ولحساب من تشتغل؟ ومن يدفع لك أجر مهاجمة الاحتفالية؟ وكم يدفعون لك؟ واعرف انك جزء من حرب على الاحتفالية ؛ استمرت اكثر من اربعين سنة، ومضت اسماء حقيقية وانتهت كلها الى مزبلة التاريخ، وقبلك اشتغل كثير من المرتزقة مع وزراء الثقافة المغربية، اين هم الان؟ ستربح مالا أنت ايضا ؛ ولكنك ستخسر نفسك بكل تأكيد؛ ولم تجب عن سؤالي: هاتوا برهانكم إن كنتم صادقين(12) يبدو أن عامل – الزهايمر- أمسى يلاحق المناضل (برشيد ) فاختلطت عليه الأمور؛ مما ظل يسألني أسئلة بوليسية؛ وليست ثقافية وفكرية ! والأعجب من كل هذا يتهم المخالفين لما طرحته ( الإحتفالي) بأنهم عناصر مدسوسة في الجسم المسرحي؛ وهـم جزء من مخطط فيه خيوط كثيرة خفية، وفيه حسابات لا علاقة لها بالفن ولا الفكر، وبالتأكيد فيها كثير من الكراكيز ومن الدمى ومن الذين يهرفون بما لا يعرفون. أجل لا يعرفون بأن (الاحتفالية) هي المخطط و المؤامرة . مخطط لهدم مسرح لا يراد لـه أن يكون؛ مسرح غير مرغوب فيه  اواسط السبعينيات من (ق؛ م) وبالتالي هي التي صنعت المؤامرة؛ ضد أغلب المسرحيين؛ الذين هم الآن ملتزمين الصمت؛ لأسباب مجهولة !بعيدين عن الاسترزاق والزبونية والمحسوبية . فتلك ( الإحتفالية) تمارس حربا مكشوفة على ظهر المسرح المغربي وتهاجم بأسلحتها المعروفة وغير المعروفة ؟  مقابل هـذا تتشدق بلغة ناعمة / رومانسية ؛ حسب المقام الذي تحضر فيه الاستفادة والشعور بالريادة مثل ما حَـدث في الملتقى الوطني حول المسرح الاحتفالي الذي نظمته جمعية أبي رقراق بمدينة سلا؛ وتم (تكريمه ) بعدما أصبح المخرج- عبدالمجيد فنيش  النائب الثاني للكاتــب العــام للمكتب التنفيذي للجمعية في2003 فقال: إن الثقافات لا تتحارب لأن المثقف لا يحارب، وإنما هناك حوار الثقافات، لأن الحرب ليست خصلة ثقافية وإنما هي غريزة حيوانية، والحرب تعني أننا عجزنا عن التواصل والحوار وعَـن الإقناع. لأن فنا بدون أخلاق وبدون مبادئ وبدون استشهاديين في الميدان ليس فنا أبدا(13)
للإشارة أن هذا الملتقى الأول والأخير؛ ولم يتم إدراجه ضمن المهرجانات الكبرى /المهمة؛ في مسار الجمعية (14)أليست هذه سخرية على أفكاره قبل سلوكه ومسلكياته ؛ وانعكاس لفلسفته المسرحية ونوعية الإبداع المسرحي الذي ينتجه ! ولاسيما أن الذي أفسد المسرح المغربي إبداعيا وإشعاعيا وتنظيميا وتأطيرا ، ازدواجية المعايير وأقنعة الظرفية؛ التي تنهج النهج الاستئصالي ؛ من أجل للالتفاف بشكل تآمري على الجهود المضنية التي قام و يقوم بها رجال المسرح الاحترافي والمتفرغين الحقيقيين؛
 
إقــفــال الباب :

الاحتفالية (Célébration  ) أو(carnavalisme )أو (cérémonie) المعاني بالفرنسية متقاربة جدا؛ بخلاف أصلها العربي؛ فهي تمارس التمويه في سياقات المعاني؛ مما تصبح زئبقية في الفهم الدقيق؛ من هنا تحضر البلاغة بمكوناتها والتي وظفها برشيد ؛ لتعتبر نفسها مشروعا تنظيريا. حتى أنه : بلغ هيام برشيد بالاحتفال الى درجة الاعتقاد بأن المسرح العربي يدخل، بفضل مشروعه، عصراً جديداً أطلق عليه اسم (العصر الاحتفالي)! وفي سياق رفض الاحتفالية للتجربة المسرحية العربية المقتبسة من تجربة المسرح الغربي، دعت الى تغيير كل المفاهيم المتعلقة بالتمثيل والأداء والإلقاء، وذلك لأن المسرح لم يعد، من وجهة نظرها، وهماً وخيالاً(15) ولكن هـذا المشروع  ببياناته وجوقته التي افرنقعت لأسباب مجهولة ؛ لقد أساء جـدا للمسرح والمسرحيين؛ أكثر مما خدمهم وخـدم المشهد المسرحي؛ ولكن خدم ( الفقيه) الذي شـيَّد أمجاده وثرواته على حساب المسرح ؛ فيوم كانت  ما يسمى (الاحتفالية) ترتاع في الساحة ؛ وتغتنم الفرص والمناسبات والريع ؛ كان عند ( فقيهها ) المسرح بخير؛ ويوم انقلبت الرؤية؛ وتبدلت الأوضاع ؛ وانقلب السحر على الساحر؛ أضحى (شيخها )يحرض مقاطعة وزارة الثقافة ويحرض ضد الدعم : نعم، هناك ريع ثقافي، وهناك كائنات ثقافية تعيش عليه، وهناك مناخ غير صحي وغير ديمقراطي تعيش فيه الثقافة المغربية حاليا، ولعل أهم ما يميز هذه الكائنات الثقافية الريعية أنها متطفلة ومدسوسة على العمل الثقافي، ودخلت الثقافة من باب الحزبية، أو من نافذتها. ويكفي أن تلقي نظرة على الخريطة الثقافية المغربية لتعرف الحقيقة المرعبة التالية، وهي أن الصفوف الأمامية هي اليوم للوصوليين وللمُتخلـّفين والهتـّافين، وأن الفنانين الحقيقيين يموتون في صمت، وأن الذين يُدبّرون شأننا الثقافي موجودون وراء الأبواب المغلقة، ويشتغلون في المكاتب السرية، بدون إشراك المعنيين بالأمر وبدون استشارتهم (16) فمن عجائب الأمور من كان في الصفوف الأمامية ؟ أنا أو لا أحـد؛ ذاك ما جاء في سهم  باب احتفالية الدعـم ! ولكن هذا السـهم الذي نطق ؛ هل يعـد منطقا للعقلاء؛ وللذين  يؤمنون بإنسانية الإنسانية؛ وللذين يستغلون المنابر والصحف للدعاية أن ( الإحتفالية ) جاءت لتحقق للإنسان المغربي/ العربي انتماءاته الحقيقية ،انتماءه لنفسه وللآخرين معاً، وانتماءه لروح العصر الحديث : هو نوع من الاسترسال الإنشائي، أو التعبير التقليدي الفضفاض الذي نجده في العديد من البيانات، او التنظيرات الأيديولوجية التي تتضمنها دساتير الحركات السياسية في العالم العربي وبرامجها، ويرتبط بشكل أو بآخر بالحلم الطوباوي الذي أشرنا اليه؛ فبعد ربع قرن من ظهور الاحتفالية هل حققت لعدد محدود من المغاربة أو العرب تلك الانتماءات التي بشرت بها؟ (17) بالعكس فمظاهر تـهافت التهافت على الدعم المسرحي؛ جواب عن أوهامها وهـذا ما نطق به سـهمها  من  شهر رجب  المحتفل ببرج السرطان؛ الذي يعتبر برجا أنثويا / ليليا/ مائيا .

الإحــــالات

1) أخبار مكناس 24- متابعة :نـبيه عبداللطيف في 01/04/2016
2)  وزارة الثقافة والاتصال – قطاع الثقافة - طلبات عـروض مشاريع المسرح /2019  -  ص5 -
3) انظر – باب ما جاء في احتفالية الوزير(02) لنجيب طلال - في بعض المواقع الثقافية كصوت 
    العروبة بتاريخ -13/02/2019
4) المسرحي ضمير المجتمع: حوار مع برشيد موقع الجزيرة حاورته: سناء القويطي في 18/02/2018
5) نــفــــســـــها
6) حوار مع المسرحي المغربي عبد الكريم برشيد. حاوره: عبد الله المتقي في صحيفة- أنتلجينسيا-     
     في 28/05/2016
7) تصريح  لوكالة المغرب العربي للأنباء بمناسبة تكريمه في المهرجان المسرح التجريبي بالقاهرة .
     بتاريخ 24/09/2018
8) مع رئيس لجنة التحكيم عبد الكريم برشيد- جريدة – بيان اليوم في 03/11/2015
9) المســرح حاجــة لكــن يمكــن تزييــفها – حوار مع برشــيد: في صفحات سورية حاوره/ أنوار محمد 
      في / 5  /أبريل 2009/ 
10) هل يريد المسرحي المغربي عبد الكريم برشيد التطبيع مع إسرائيل - لأحمد الصديق صحيفة القدس
     العربي  س18 عدد5325 ص16 في- 12/يوليوز/2006
11) نـــفــــســـــه
12) رد عبدالكريم برشيد في جـدارية – جناح التهامي- في 08/10/2018
13) الملتقى الوطني حول المسرح الاحتفالي بمدينة سلا : تغطية لجريدة التجديد يوم 29 - 01 - 2004
14) افتح مزلاج الموقع الإلكتروني لجمعية أبي رقراق – وانظر لتبويبات ( المهرجانات)
15) قراءة في الاحتفالية (1-2) لـعواد علي - موقع إيــلاف  بتاريخ-22 ديسمبر 2005       
16) يتحدث المؤلف المسرحي عبد الكريم برشيد عن الريع الثقافي- في جريدة المساء- حاوره الطاهر حمزاوي بتاريخ- 29 - 06 - 2012.
17) قراءة في الاحتفالية (2/2)  :لـعواد علي موقع ايلاف الجمعة 30 ديسمبر 2005
 
     






37
بــاب مــا جــاء  في احــتــفالية الــدعــــــم !!(01)
 
                                                                                                                 نــجـيـب طـلال



    عـتـبة الاحتفال :

في نـظـر ما يسمى( الإحتفالية ) المسرح حفل واحتفال وتواصل شعـبي ووجداني بين الذوات . فمن هـذا المنظور فمسألة  ( الدعـم المسرحي) حفل واحتفال ! - احتفال-  قبلي؛  ما دمت الجمعية المسرحية ؛ تستعِـد لخوض غماره ؛ بكُـل نشـوة وفـرح ؛ من أجل تقديم المتعة  والفائدة الفنية / الجمالية ؛ بناء على إنجاز ملفها كمشروع  مقترح ومختار:  نصه وسينوغرافيته وملابسه وممثلوه سلفا ؛ وباتفاق كل الأطراف المساهمة ؛ في العمل المسرحي ؛على نسبة التعويضات وأجور العاملين في المشروع باستثناء الممثل؛ هـذا الأخير ؛ يتقاضى أتعابه وحقوقه المالية  في مرحلة العروض المقدمة والمقتطعة من الميزانية المخصصة للإنتاج الذي ستناله الجمعية ( الشركة / محترف/ وكالة / فـرقة /  وكيل فني....)!... ويزداد أوج الاحتفال حينما تحظى تلك وهذه الجمعية من الدعم المسرحي؛ مقابل هـذا فالتي لا تنال الدعم  بدورها تمارس الإحتفال؛ من خلال الغضب والاحتجاج والصراخ بين المقاهي والأندية؛ وتدوين العرائض؛ والتهديد بكشف المستور بين هـذا وأعضاء اللجنة ؛ أو استخراج المكالمات الهاتفية السرية بين اللامدعم وأعضاء أصحاب الدعم !  وفي كلا الحالتين المدعم واللامدعم يمارسون احتفاليتهم ( لأن الاحتفال هو أصدق تعبير عن الحسّ الجماعي، نحن نحتفل تعبيرًا عن حالات الفرح والحزن والغضب والفقد.( هكـذا قالت :الإحتفالية ) والله أعلم . وبالتالي من صـنع هـذا الاحتفال ؟ أليست وزارة الثقافة والاتصال . فهاته الوزارة منطقية في تدبيرها؛ بحيث لم تصنع الإحتفال/ الكرنفال/عيد جماعي؛ كوَهْـم له علائق بالساحات و الاسواق و المواسم ؛ بل حقيقة مرتبط بخزينة الدولة ( المال العام) ومحاولة التهافت عليه كل حسب خِـبراته وأساليبه وطرق مناوراته. مادام الدعم في نظر البعض لعبة اللاعبين؛ في زمن سنوي محدد؛ وله شروطه المشروطة ومحكومة بقواعد مسطرة في دفتر التحملات .       إذن؛ في كل الأحـوال. لنقبل ونـتقبل قرارات لعْـبة ( الدعـم) سواء استفدنا منه أم لا. لأن كل المسرحيين وافقوا على لعبة اللآعبين وتهافتوا على شق ما يسمى ظلما وجورا في بلادنا ب ( الاحتراف) منذ ظهور سياسة الدعم المسرحي في 1998؟
فمن هـذا المنطلق؛ لا بدّ من فصل المقال. وبغير هذا الفصل، فستصبح تجربة – الدعْـم -  خارج سياقها التاريخي و شروطها الذاتية والموضوعية ، مؤكـدين على أن هـذا هـوليس الواقع الحقيقي للمسرح المغربي، ومن أراد أن يؤمن بواقع آخـر فله ذلك، وسيظل الفاعل المسرحي خارج المنطق وخارج التاريخ . من هنا فالكـل انـجـر وراء اللامنطقي واللاتاريخ ؛ بما فيهم دعاة التنظير للمسرح المغربي؛ الذين كانوا يوهمون ( ديونيزوس) أنهم يساهمون ويُفعِّـلون الحركة المسرحية ! لكن مسألة دعْـم [الإنتاج والترويج ] كشفت عورة وسلوكات ومسلكيات الأغلب الأعم من المسرحيين/ اللاعبين/ الانتفاعيين؛ بعْـدما مارسوا عملية العبور التعَـسفي؛ من تجربة الهواية إلى تجربة الاحتراف؛ لتكون بداية البدايات للمسرح ؛ أو العَـودة لدرجة الصفر في تاريخ المسرح المغربي. مزاحمين بذلك مجموع خريجي المعهد المسرحي؛ والمتفرغين الذين راكموا تجربة وتاريخا لا يستهان به .
 طبعا المسرح / الدعم ! ليس ملك لأحـد؛ مادام هو – احتفال- وصادر من مؤسسة تراعي المجال الثقافي؛ ايمانا بأن عصب التنمية البشرية هو الثقافة الواسعة ؛ ذات حمولة قيم للمواطنة والارتقاء بالحس المدني وغرس تربية الجمال وعشقه.. . وبالتالي فسياسية الدعم في بعدها الأعـم، الحـد من المحسوبية و الإقصاء ؛ الذي كانت تعاني من أغلب الجمعيات المسرحية ؛ وبثـْر عملية الريع المطلق ؛ وما كان يُـقدم للمحظوظين /المقربين وذوي العلاقات الشخصية... من دعم بدون شروط وخارج المساطر المالية/القانونية؛ ولا متابعة ومحاسبة للمستفيدين منه . يكفي أن تكون مواليا لحزب الوزير أومن فصيل (ذاك) المجلس البلدية وحتى القروي أو من المقربين للسلطة.
إذن ؛ فوضى الريع الذي عمَّر طويلا واغتنى منه العَـديد من المسرحيين/ اللاعبين ، هَـل فعلا سياسة دعْـم [الإنتاج والترويج المسرحي] أوقـفت هـذا النزيف المالي ؟

 بــاب الدعـــم :


من المغالطات السائدة أن سياسة الدعم المسرحي ؛ هي وليدة 1998( حكومة التناوب) بالعكـس؛ لأن مصدر الدعم /التنمية "الصندوق الوطني للعمل الثقافي" هذا الحساب تم فتحه برسم السنة المالية 1983 لتغطية كل المجالات والعمليات المرتبطة بالعمل الثقافي؛ وتم تعديله : بناء على الفصل 33 من قانون المالية رقم 24.82  لسنة 1983 الصادر بتنفيذه الظهير الشريف رقم 1.82.332 بتاريخ 15 من ربيع الأول 1403 (31 ديسمبر 1982) كما وقع تغييره وتتميمه ولاسيما بالمادة 53 من القانون المالي رقم 12.98   للسنة المالية 1998- 1999وبالمادة 36 من القانون المالي رقم 26.99   للسنة المالية 1999- 2000 (1) والذي يرسخ هـذا التعديل [المادة الرابعة] تقول : ترصد ميزانية دعم الإنتاج وترويج الأعمال المسرحية وكذا ميزانية دعم نشر الكتاب المغربي ضمن الاعتمادات المفتوحة في الحساب المرصد لأمور خصوصية المسمى " الصندوق الوطني للعمل الثقافي(2) فمن هـذا الصندوق كان الريع مستفحلا بين المقربين وذوي الحظوظ ؛ ولا يمكن القفز على هاته الحقبة من ظاهرة الريع الثقافي! والتي كان المال العام يتسرب من الوزارة بدون أي وجه حق والذي يتعارض مع القانون ومع الشفافية والحكامة الاقتصادية الجيدة! ولا علاقة له بالاستحقاق والجهد والمنافسة ! مما خلف وراءه قيما وسلوكات غير مشرفة في النسيج المسرحي وغيره؛ زادت في بهدلة الفنانين؛ مما تم تأطيرهم في برواز ، كفئة تسعى لامتيازات؛ خارج الضوابط واحترام المجتمع ؛ لأن في الأصل ، فاقتصاد الريع كسب قائم على منح الامتيازات واكتساب الولاءات حسب طبيعة النوعية والاهتمام ؛ مقابل هذا فـهو عـدو همجي على السوق المبني على العرض والطلب ؛ وشَـرٌّ رهِـيب على الحقوق الاقتصادية والاجتماعية ! ولا ننسى أن للريع الثقافي جذور: قبل حكومة التناوب كان هناك ريع بكل تأكيد، لكنه لم يكن بهذه الفظاعة ولا بهذه الفئوية والحزبية الضيقة ، إذ كانت جمعيات السهول والجبال والأنهار عنوانا كبيرا لهذا الريع، ولكن الأمر لم يكن بهذا الغموض الذي جاء مع حكومة التناوب (3) وبناء عليه فالعديد من الفعاليات والجمعيات الثقافية والمسرحية ؛ استفادت من الريع الثقافي واغتنت منه ؛ وفي سياق موضوعنا فما يسمى ( الإحتفالية ) بدورها كانت تتغذى وتنمو من الصندوق الوطني للعمل الثقافي .وكانت تتعشى وتتمدد من صندوق تابع لمركز الأبحاث المسرحية ؛ والقليل يعرف أن ذاك الصندوق؛ من ثرواته كان يقام المهرجان الوطني لمسرح الهواة ؛ الذي لم يستطع أحد أن يجيب [ من أهـدر دمه] ؟
إذن ؛ فطبيعة التحولات الاقتصادية فرضت تعْـديل / تغيير العديد من المساطروالقوانين؛ لملآمتها بمشاريع الخوصصة و تحرير الاقتصاد ومواكبة روح العولمة التي تندرج منها - اقتصاديات الثقافة - كرهان استراتيجي لتحسين حكامة الشأن الثقافي لمحاولة القضاء على مظاهر الريع الثقافي بوضع معايير موضوعية للدعم الثقافي على أساس دفاتر تحملات ذات التزامات واضحة.لأن اقتصاديات الثقافة تمثل في : مجموعة الأنشطة والتبادلات الثقافية الخاضعة لقواعد اقتصادية، من إبداع وإنتاج وتوزيع واستهلاك لسلع ثقافية. ومن أهم خصائص اقتصاديات الثقافة تبرز طبيعتها المزدوجة ؛ الاقتصادية  )خلق الثروة وفرص العمل ( والثقافية ) إنتاج القيم والمعنى( تندرج ضمن تقاطع جدلي ما بين الاقتصادي والثقافي، بحيث يجعل من الإبداع والابتكار والتجديد في قلب النشاط أو المنتوج. ويتميز عن باقي القطاعات الاقتصادية بتنظيم مختلف من حيث طبيعة العمل.ويتشكـل في الغالب الأعم  من مقاولات صغرى ومتوسطة (4) الإشكالية هـنا؛ فالمسرح لا يتوفر على مقاولات بل على جمعيات خاضعة للظهير؛ علما أن التقرير يؤكد بأن المقاولات الثقافية تشتغل في السينما و السمعي البصري. وإن كان الدعم في كليته ؛  لا يشجع المقاولات على الاستثمار في الشأن الثقافي، نجد مقابلها في المسرح (جمعية /محترف/ فرقة/ شركة/ وكيل فني/...) يبدو لي أن هاته مجرد يافطات للحصول على الدعم المسرحي؛ لأن المجلس الأعلى للحسابات ؛ يشير صراحة حول الدعم الموجه للجمعيات بهدف تنشيط الحركة الثقافية بالقول التالي: عـدم إدلاء الجمعيات التي تتلقى الدعم من وزارة الثقافة بصفة منتظمة بميزانياتها وحساباتها كما هو منصوص عليه في المادة 32 من الظهير الشريف رقم 1.58.376 بتنظيم الحق في تأسيس الجمعيات(5) فلم يقل (تعاونية/ شركة/مقاولة/...) ففي هـذا الإطار هل الدعم يندرج ضمن اقتصاديات الثقافة ؛ وهُـو مُوجَّه للجمعيات/ الفـرق؟ بدون مواربة فالدعم المسرحي لن يحقق ذلك ؛ لأنها: تَجمع اقتصاديات الثقافة بين الشروط المؤسسية والمادية ونمط التدبير، وبين ديناميات التنشيط للقطاعات المرتبطة بالثقافة، بحيث من خلالها يتمّ الترويج للمنتوجات الثقافية، وتحريك سوق لها تسمح بخلق التوازن بين العرض و الطلب، وبين الإبداع ومقتضيات التدبير، والإنتاج والتوزيع في هذا المجال(6) ففي شبه غياب الشروط المؤسسية والمادية ونمط التدبير؛ فمن الصعب جدا خلق الثروة وفرص العمل. علما  أن الانتاج المسرحي بوصفه شكل من أشكال النشاط الاقتصادي ينطوي على حساب الكلفة والتكلفة والربح والخسارة ؛ قبل هذا تهيئة مستلزمات العمل المادية والبشرية والادارية والتقنية ؛ التي لامناص من تخطيط و دراسة الموازنة الانتاجية اللازمة لتأمين عملية الترويج له وتسويقه في السوق الثقافية. وبالتالي ما هو كائن !  فالدعم المسرحي يبقى ضرب من العبت ومضيعة للمال العام؛ وإن كان في الأصل تم تعديل صندوق الدعم من أجل خريجي المعهد المسرحي؛ كمتنفس أولي للشغل؛ وبشكل آلي يلاحظ تقديم  خريجي المعهد على الفرق المقدمة لطلب الدعم بواسطة قانون الدعم و دفتر التحملات ، والتنصيص على وجوب إشراك الكفاءات الشابة من خريجي المعاهد الفنية وتشغيلهم من طرف الفرق المرشحة للدعم . لكن أغلب المسرحيين انخرطوا في العملية وأضحـوا متدافعين ومندفعين نحو( الدعم/ الريع) بدل الانتاج والعطاء الفني والإبداعي. وأصبح البعض ينتظر كل عام لتلك المبالغ الخرافية ؛متحايلا على الظرفية؛ وهناك قضايا كثيرة في هـذا المضمار( مثلا ): بعد الشنآن الذي حصل بين فرقة مسرح البدوي والوزارة الوصية... والتي أصدرت بيانا توضيحيا في الموضوع، شرحت فيه أن ما جاء في بيان فرقة البدوي هو "ابتزاز غايته الحصول على الدعم فقط"(7)  لكن بعض المسرحيين الذين حذروا من الريع الثقافي؛ بعد فترة سقطوا فيه واستفادوا منه وقامت عليهم ضجة ( احتفالية ) ولكن لا أدري لماذا لم تقم الضجة على البعض الآخر؟  فالذي يهمنا في هذا الباب ؛ بأن الدعم المسرحي؛ خلق إشكالات متعددة  وتساؤلات مثيرة للجدل ؛ كهل هناك فعلا شفافية وحكامة أم الأمر يعْـدو مدخلا لما بعْـد الاستثناء الثقافي؟ وبالتالي هل بالتأكيد يُحارب المسرح بطرق متعددة  مدخله [ الدعم] كوسيلة وصك لإدخاله السوق  ليخضع للمنطق التجاري كباقي المنتوجات . لما للمسرح من  قوة جماهيرية ؛ وتواصل مباشر ؟ فلماذا هرول الانتهازيون والانتفاعيون  من كل حدب و صوب . ووقف بعض المبدعين وقفة تأمل؛ و منهم من غادر ومنهم من يحاول الاستمرار؟ خارج لعبة الدعم ! لأن هنالك حججا لا يمكن الطعن فيها وخاصة ملاحظة المجلس الأعلى للحسابات حول دعم الفرق المسرحية:
- غياب مجموعة من والوثائق المكونة لملف الدعم: بطاقة نموذجية تعبأ من طرف لجنة الانتقاء، وعقد الدعم،
   وجذاذة مفصلة لصرف الدعم...الخ؛
- عَـدم احترام بعض بنود عقد الدعم، كتقليص عدد الممثلين الواردين ضمن اللائحة المرفقة بالملف المقدم للجنة
   الانتقاء أو تغييرهم .
- عَـدم احترام البرنامج المفصل للعروض المتفق عليه في عقد الدعم وعدم تحديد جدول زمني لهذه العروض.
- عَـدم احترام مقتضيات المرسوم رقم 2.00.354 المؤرخ بفاتح نونبر 2000 والمتعلق بمنح إعانات مالية في
   الميدان المسرحي، حيث أن هناك بعض المستفيدين من الدعم يراكمون عدة مهام في إطار مشروع واحد(مؤلف
   وممثل وحيد ومخرج) وينتج عن ذلك استحواذ شخص واحد على قرابة 50 % من مبلغ الدعم الممنوح(8) وهذا
   يكشف عن انوجاد فوضى في  صرف المال العام المخصص لدعم المسرح المغربي. فهل هاته الفوضى؛ لها علاقة 
   وطيدة بالفوضى الخلاقة ؟


الإحــــالات

1) انظر الجريدة الرسمية عدد 4848 بتاريخ 16/11/2000 الصفحة  3026 ما يتعـلق بمنح إعانات مالية في
   ميداني المسرح والكتاب
2) نـــفـــســه
3)هناك ريع ثقافي وعلى الوزير الحالي الكشف عن أسماء المستفيدين من الدعم - حوار مع برشيد: جريدة المساء
         حاوره – الطاهر حمزاوي بتاريخ 29/06/2012
     4) اقتصاديات الثقافة تقرير المجلس الاقتصادي والاجتماعي والبيئي-  ص12 - إحالة ذاتية رقم 25 / 2016
     5) التقرير السنوي للمجلس الأعلى للحسابات برسم سنة 2015 ص52
     6) اقتصاديات الثقافة ص21
     7) مسرحيون يحذرون من الريع الثقافي بسبب قضية "البدوي والصبيحي" موقع هسبريس -  متابعة لعبد الصمد 
         الراجي في 12/07/2013 
     8) التقرير السنوي للمجلس الأعلى للحسابات برسم سنة 2015 ص56










38
دمـــــوع شــــهــرزاد
 *  في ذكـــــرى اليـــوم الــعالمي للمـــــرأة *
                                       
                                                                                   
نـجـيب طــلال


في زحمة الأيام وحمولة أسـعارهـا وهمومها ومعاناتها وإكراهاتها، المنقذفة على كاهل أغلبية العباد من عرب وعاربة ومستعـربة شرقـا وغـربا !  ينقشع اليوم ( العالمي للمرأة ) يوم له دلالته ؛ دلالة التقدير لتلك: الأم / الأخت / الصديقة / الجَـدة / الزوجة / في عطفها وحنانها ونضالها وكفاحها وعطائها وإنجازاتها الاجتماعية والتربوية والاقتصادية.
لكن بتعقـد الحياة والتطورات السريعة ؛ والتي يقابلها التخلف الاجتماعي والفكري والتعَـصب الديني في عصر الاتصال الإلكتروني؛ والغـزو الوسائطي في حياة الأمم . فـَدلالة اليوم العالمي للمرأة ؛ يظل مشكـوكاً في أمـره وماهـية احتفاليته .

( تلك )شهرزاد ! هـزمتْ شهريارعبرالحكاية ؛ ولكن حكاية الواقع المعاش (الآن) أقـوى من شهرزاد ( هـذه ) والتي تحاول مقاومته بكل الأشكال والمسارات ليصبح واقعا منسجما أو متقاطعا وحقوق المرأة أينما كانت. لكن مكبلة وبين جسديها وكينونتها أشكال شتى من المعاناة والاضطهاد سواء الفكري والنفسي والثقافي. كل هـذا وغيـره يساهِـم إلى أبعَـد الحدود في ازدياد انهمار [ دموع شهرزاد] انهمارا ؟

فـرغـم ما يلاحظ من تطور في مسار المرأة العربية ؛ من تقلدها وظائف ومناصب رفيعة وانخراطها في الحياة العامة بشكل متميزوبأداء عَملها وواجبهـا بمهنية عالية ؛ في المعامل والشركات و قطاع التربية والتكوين ومجال التمريض والتطبيب ومجال القضاء والمحاماة ومجال السلطة الإدارية والأمنية .... فهذه تغيرات محمودة وإيجابية في حياة المرأة ، لكن  كـثيرا من النساء يعانين من همسات ونظرات غير واقعية وسلبية  في أقصى الـحُـدود. تلك النظرات والهمسات التي يمارسها الفكر الذكوري؛ حـتى في الأماكن المختلطة التي تتطلب تعامل المرأة تعاملا مباشرا مع الشباب والرجال ؟
 إذ كثيرة هي العوائق التي تحيط بالمرأة ؛وتحتاج لـوقفة جـِدِّيةٍ عمليةٍ وقانونيةٍ في موقع الدفاع عن الذات؛ ذات المرأة من الإضطهاد الأسري والوظيفي والمجتمعي؛ بحكم ذكورية الفكر المسيطر في الواقع ؛مما لازالت الممنوعات والمعيقات و مظاهـر ذات إرث تقـلداني؛ تساهم في استعبادها وتحاصرحركيتها وحريتها؛ وتدعـمُ في إبعاد المرأة العربية ؛ سـواء في المدينة والقرية والمدشر عَـن ممارسة دورها وحقها الشرعي للمساهمة  الفعـالة في تقـَدم مجتمعهـا.
فـفي كل الأمكنة والفضاءات؛ دموع شهرزاد تنهمرُ وَ تـَنـهمرُإمـا عـلنا ً أوخلسة ً أو في أعماقها الداخلية ؛ قرب بوابة المحاكم ومحاكمِ الأسرة أو قـرب مكتب من مكاتب الإدارة أو المستشفيات أو في أقبية السجون ومخافر الشرطة؛ جَـراء الإضطهاد أوالميزالجـنسي أو الإساءة لأنوثتها أوالتعنيف أوالعنف الأسري أو التحرش لفظيا أو جسديا أوالمضايقات بأشكال مختلفة أوالمساومات الجَـسدية ؛ حسـَب طبيعة التعامل ومكان الشغل ....وبالتالي فظاهِـرة الفقر



والعـوز والحاجة  والعنف والاضطهاد واستغلال المرأة  استغلالا بشعـا . ليست بالقضية الفردية ، بـقـدر مـاهي قضية مجتمعية / إنسانية  بالدرجة الأولى .
إنه واقع لا يمكن أن ينـكـره أحَـد أويمحيه أي كـان أو يزركشه و يزينه مـن لـه سلطة القـرار؛ بتخريجات بلهاء ومضحـكة؛ كما يفعل بعض السياسويين؛ الذين يستغلون ظرفية الخطاب ؛ لممارسة الحَـروب الصبيانية ؛ وليست الرجولية  ضد النساء !!
فهل يمكن أن يـنكر أحـد ما يقع للعَـديد من النساء العَـربيات في عـدة مناطق عربية وفي مناطق التوتر والحروب الطائفية والاستعمار أو الإحتلال الجَـديد/الإمبريالي الجاثم ( الآن) في أغلب  مناطق الشرق ؟

* شـهرزاد (الآن): جـسدهـا مستباح لكل أنواع التعـذيب والاغتيال برصاص الجماعات المسلحة أوالعَـشائر !أوبسكاكين وأسلحة طائشين وعصابات الجريمة المنظمة !  تلك كارثة حقيقية ؛جـراء ويلات الحَـرب أوالحُـروب العبثية وأعمال العنف الطائفي والقبلي والعشائري ؟

* شهـرزاد (هـذه) : جَـسدهـا مستباح لكل أنـواع الاغتصاب والإتجار؛ تجارة في الجـسد وفي الرقيق الأبيض؛ تمارسه عصابات منظمة ومهربون محترفون ! من أجل استغلالهن كسلعة لكسب الزبائن؛ ولكسب أصحاب المتعة وقلة الحياء وما أكثرهم بيننا غـربا وشرقا ؛ ليتم التمتع بهنً وبأجـسادهـنَّ ، ثم تركهنَّ في أسواق النخاسة المفتوحة ؛ على بورصة اللذة من الماء إلى الـواحات ؟؟

* شهـرزاد ( الآن / هـذه ): ألم تتوصل برسائل تهديد؛ من جهات (ما) لمحاولة إجبارها الصمت أوالتزام شقـتها، إن كانت لديها شقة ؟ ألا تعـيش حملات اعتقالات تعسفية وإخـفاءات قـَسرية في الأقبية والسجون والدهاليز المنـسية. في أغلب المناطق [العـربية] والتي رفعت فيها صوتها لتحكي، ليس ل[شهريار] بل تحكي  للعالم : كفـى من التحرش واستغلال  فـَصيلها ؛ ولامناص من تحسين واقعهـا؛ بـغية التطور والنماء وتخليق الحياة العامة بالمرأة كشريك مجتمعي؛ بدل طمس هويتها وهـدر وردم كرامتها واستغلالها بشكل بشع ؟

 إذن؛ بين التعـذيب والاغتيال وبين الاغتصاب والإتجار وبين التهديد والاعتقال ؛ أليست مسألة ( بَـيْـنَ) تدعُـو وتبشر بواقع عربي؛ يعيد أو سيعيد :إنتاج زمن قتل/ وأد [ شهرزاد] أوالعودة لعصورما قبل التاريخ !!
فمن سيكـفـف دمُــوع شهرزاد (هـذه) في يومها العالمي ! قبل أن تـقتل عمليا في الأرياف والأضرحة المنسية والقرى والجبال الوعـرة والسجُـون والمداشر والأزقة الملتوية والفضاءات الهامشية والمهمشة  ؟؟؟



39
الــتـَّــحـــيَّــــــة

                                                                   
نـجـيب طـــلال


غـَادر شقـتـه  كـعادته ؛ مـرح السريرة ؛ بشوشَ الـوجْـه . متوجها نـحْـو مصعَـد العمارة .بعْـدما قضى مآربه وحاجياته؛ وتناول وجْـبته الصباحية . ضغط عـلى الـزر؛ فانفتح بابه ، فتلفظ بصباح الخير لجاره . فلم يـرد عليه الـتـَّحـيَّـة.
كـظـَم جفاء جاره ؛ متوجها إلى عمله ؛ فصادف أحَـد الساكنة ؛ فحَـيَّاه بصباح الخيـر فلم يـرد عليه الـتـَّحـيَّـة ؛ كما فعل جاره ؛ فاستغرب في الأمـر ! وظل يتساءل في دواخله عن السبب ، حتى وصل لبوابة الإدارة؟
نظر للحارسين نظرة تأمل؛ وبسرعة فكر هل يُحَـيِّـيهما أم يعْـرض عَـن تحيتهما ؟ لكن لباقته وأخلاقه . فـرضت عليه عكس ذلك ؛  فـتـَلفظ بصباح الـورد والياسمين ؛ لكـنَّ أحـَدهما أدار وجـهه ؛ والآخـر ردَّ عليه :
- وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته .
ابتسم ؛ وصعِـد المِصعَـد نـحو جَـناح مكـْتبه ؛ فصادف جاره الذي لم يحَـيِّيه ؛ جالسا على مقعـد الانتظار؛ ماسكا تسبيحـة الزهراء :ربما يلعب بها أو يُسبِّـح لله أن تقضيَ حاجته الإدارية ....؟
اقـترب إليه يسأل حاجته وسبب وجوده في بهو الإدارة ؟  دون أن يحَـيِّـيه ؛ فانفعل جاره وصرخ في وجهه كأنـه ابـنـُه  :
- يـا أخي ؛ قـل السلام عليكم أولا؛ فهي تدعـو لسلامة الدين والعقيدة.
كعـادته ابتسم في وجـهه ؛ وحَيَّـاه بتحِـيته المعتادة .
- يا أخي ؛ إنك تخالف تًـحـيَّـة الإسلام !
-   صباح الخير أوصباح الفل... أليست تـحـيَّـة ؟
- كلا ؛ إنها بـدْعة من بـدَع المشركين ؛ وخاصة هي تحية مجوسية ! والكلمة تجذب الشياطين ! ولهذا السبب لم أرد عليك صباحك ونـحْـن في المصـعَـد !
-  من قال :إن صباح الخير تجْـذب الشياطين ؟!
- عُــلماؤنا الأجـلاء .
- هـؤلاء العلماء ؛ ألا يتكلمون اللغة العَـربية ؟
- المهـم صباح الخير ليست تحيـة المسلمين !
- لم يكن في عِلمي؟  ولكن هل في عِلمك أن صباح الخير يقصد بها إشراقة يوم جديد وهي إلاهية المعْـنى ؟
- اثق ربك يا رجل؛ ولا تـكُـن مـثلهـمْ .
- اثق ربك أنتَ ؛ واسمع لي جيدا؛ فهل الصباح صباح علمائك أم صباح ربِّ العالمين؟ هَـل أنت َ
   صاحب الخـير أم ربُّك ؟
نظر إليه جـاره في صمت ؛ لكن بلباقة أخَـذ مـن يـده الورقة التي جاءتْ به لمصلحة الضرائب؛ وابتسم كعادته .
- انظـر لاستدعائك ؛ هاهي الإدارة تسلم عليك بصباح الخير باللغة الفرنسية !؟

40
باب ماجاء في احتفالية الوزير !! (02)
         
                                                                                             
نـجـيـب طــلال
اســتـدراك:

هُـنا لا ندافع عـن ( الوزير) أو نتعاطف معه ؛ ولا ننشر غـسيلا ؛ ولا نتحامل ؛ بقدرما نضع سياق المعطيات التاريخية  في نسقها الطبيعي الذي كانت عليه ؛ كاشفة جانبا من الوجه الخفي الذي يتحَـرك جوانية الممارسة المسرحية ؛ ذاك الوجه الثاني للاحتفالية و( فـقيهها) من زاوية ما نـراه ؛ وحَـسب ما نطقت به الأبواب ؛ وليس  كيف ما يراه الغاوون؛ وإن كان البعْـض ولازال يتعامى ويقفز على عـدة محطات أساسية ؛ محطات كانت عطبا في صيرورة ومصير الحركة المسرحية ببلادنا ؛ فالمبدع الحقيقي أو المثقف الحقيقي لا يمكن إلا أن يكـون معارضًا، فهو الحكيم والعَـرّاف والمعالج، وهل ثمة حكيم لا يعارض الحمق والجنون؟ وهل ثمة طبيب لا يخاصم الأمراض ولا يعارضها ولا يفكر في استئصالها؟
إذ مصيبة المسرح المغربي في مملكة رب العالمين ! أنه فرز جملة من العميان ؛ أغمضوا أعينهـم على بهتان (الإحتفالية) و( صاحبها ) إما جهلا أو شراء أو مساومة ؛ ولكن لا نبخَـس حقَّ البعْـض؛ وهم موجودون في كتاباته ؛ وإن كانوا على الهامش؛ كمرجع لبناء المضاد من القول. لأن هنالك أجيالا تعاقبت وممارسون مسرحيون ؛ أفرزتهم مرحلة الثمانينيات وما بعْـدُ من ( ق، م ) لا تمتلك  مصادر الخيوط المتشابكة والتي تلاعَـبتْ وساهمتْ إلى أبعَـد الحُـدود في تضبيب تاريخية الحركة المسرحية ؛ لأن الإشكالية تكـْمن في عمق  العملية المسرحية ببلادنا وذلك: بسيادة مفاهيم ومقولات خاطئة كثيرة؛ انتشرت بين الناس ولا تزال عالقة في أذهانهم؛ وبات من الضروري وضعها على طاولة الفحص والمعاينة الموضوعية بعيدا عن الأدلجة وقولبة الأمور(1) هذا سعينا له فيما مضى؛ ولكن انطلاقا من التدوينة التالية (( شيخ ما تسمى الاحتفالية كان رئيسا للجنة الدعم السينمائي ويدعو لمحاربة الدعْـم المسرحي))(2) فتحت لنا بوابة النقاش؛ فثارت ثائرة الأخ – عبد الكريم برشيد – ولم يستحمل هاته الإشارة؛ التي كان بإمكانه مناقشتها بهدوء ؛ وفي سياق جـدل مُـعقـلن ؛ لكن وصلتْ به سفائف الأمور من خلال ردوده علينا. ردود متشنجة ومنفلتة عـن عقالها لفقيه ( الاحتفالية) الذي أضحى يجتر ما قاله سنوات وسنوات؛ ونفس الخطاب يتردد في ردوده؛ وقبل هاته الردود. وإن سعينا نقاشه فكريا وفلسفيا؛ لكِـن عُـقدته التي يتحَـرك فيها هي الدعم المسرحي (؟) الذي لم يعُـد يستفيد منه كل سنـة وبانتظام ؟ وعقدته الثانية تتشكل في وزير الثقافة الأسبق- محمد الأشعري- ( ؟ ) ومن خلال هاته العقـدة ( المتفردة ) اتهمني بالحـرف بأنني مُسخَّـر من طرف ( الوزير) ؟ عجائب حتى في الوهْـم ! ومنه قال: (...والمهم هو البحْـث عن أرض غير أرض عَـرفتُ فيها الحصار من طرف سيِّـدك وولي نعمتك المدعو محمد الاشعـري.... كما أن مسرحيتي ( يا ليل يا عين) والتي لم تكن مدعمة من وزيرك، والتي أقصيت من المهرجان الوطني بتطوان ، ذهبتْ الى المهرجان الدولي بالجزائر.... وفي تلك الأيام السوداء، والتي حاربت فيها وحدي، كان الجميع يتفرج ويتغـذى ويتعشى على مائدة الوزير، أو على فتات مائدته التي هي من المال العام...)(3) فهذا القول: هل يمكن أن يصدر ممن يَـدَّعي التنظير؟ ولكنه صَـدر من [ عبدالكريم برشيد] أمثل هذا الكلام التافه ؛ ألا يفـْرض الضحك والتـفكه ، وضرب الأنخاب ! على أنه فعلا أمْـسى الحمق أو الجنون يدنو بشكل علني لفقيه ( الإهتبالية) لأسباب لا عَـلاقـة لي بها شخصيا (؟) ولكي نستوعب أبعاد عقدته مع ( الوزير) حينما سيتمعن المرء في هذا المقطع الذي له ارتباط تاريخي ب (الإحتفالية) لأنه لا يمكن تمفصل الماضي عن الحاضر( افتتحت المندوبية الإقليمية للثقافة بالخميسات يوم 9/7/1996. وكان عبد الكريم برشيد أول مسؤول إداري تم تعيينه لتسيير هذه المندوبية.لكن في غشت سنة 1997 تم الاستغناء26عن خدماته. مازالت أسباب وتفاصيل هذا الاستغناء الموثقة غير معروفة ، لاسيما وأن هذا الاستغناء كان لفترة محْـدودة . فقـد عين عبد الكريم برشيد على رأس هذه المندوبية مرة أخرى سنة 1999.وقد كان تسليم المهام يوم الجمعة 29 يناير 1999.هذه العَـودة الثانية كانت لما كان محمد الأشعري وزيرا للثقافة. بقي عبد الكريم برشيد في موقعه الإداري هذا إلى حين حصوله على التقاعد الوظيفي بداية سنة 2004. ويبدو أن عبد الكريم برشيد كان يرغب في التعاقد معه من أجل الاستمرار في المنصب الإداري، لكن رسالة "شكر وتقدير" بعد الإحالة على التقاعد، موقعة من قبل وزير الثقافة السابق السيد محمد الأشعري ومؤرخة ب 26 ابريل 2004 وضعت حـدا لهذه الرغبة(4) طبعا هاته الفقرة سيؤولها كعادته ؛  ولقد أوَّلـَها باتهمنا وبكل وقاحة ( وعليه ، فإنني أدعُـو للارتقاء بهذا السؤال البوليسي والاستخباراتي، حتى يصل الى درجة العلم والفكر، وأن يناقش الافكار الرمزية بدل ان يبحث في اسرار الناس الخفية، وان يظل في حـُدود النميمة الثقافية)(5) فهل الذي يُنـظـِّر أو يدعيه ؛ يتهم من يحاجج بالأدلة والبرهان؛ باتهامات ( تلك) والتي عِـشناها في زمن الرصاص والحصار؟

مـا نــطـق بــه الــتـاريخ :

الملاحظ أن المونوغـرافية أغـْفلت السؤال الجَـوهري؛ هل كان – برشيد- تابعا لوزارة التربية الوطنية كمدرس للغة العـربية ؛ أم تخلى عن وظيفته ليصبح موظفا في وزارة الشؤون الثقافية وقتئذ؛ أم كان ملحقـا بها ( أو) متعاقـد ا معها ؟ إذا ما نظرنا أنه في سنة 1983 كان مستشارا لوزير الثقافية السيد [ سعيد بلبشير ] وبعْـد ذلك تقلد منصب {مندوب عام } في عهد الوزير السيد[ محمد بنعـيسى]  وعين بمدينة ( مراكش) وكان يدافع بشراسة عَـن الوزارة  وأنشطتها.  ومن الحنين المفقود ؛ توحي لنا خَـرجاته بأنه يستمرأ حلاوة دهاليز وزارة الشؤون الثقافية.                                                                                                      وموارد ثرواتها ! كما أشرنا ؛ حينما يتأمل المرء ردود أو حتى خطاب فقيه (الاحتفالية) يستشف الاجترار والتكرار؛ وإنتاج نفـس الخطاب هنا وهناك؛ بحيث يحفظ ذلك عن ظهر قلب ويعيده !!  متوهما أن الناس لا تـُدون في ذاكرتها ومفكراتها ما يقال. ونعْـطي مثالا للذين يتدخلون؛ وهـم لا يقرأون ولا يعـرفون ما دوَّنـَه مولاهُـم ( برشيد) في نشرة  ربيع المسرح ( ... إن هـذا الربيع ؛ قد واكبته وجوه وأقنعة؛ واكبته نماذج بشرية حقيقية وأخرى مجرد دمى قرقوزية؛ فقط دُمَـى تحركها عصي أو خيوط خفية. ولذلك  فقد كان هناك من فضل الوقوف في العتمة، مكتفيا بتحريض بعض( الصحفيين)على الكتابة؛ ولعل علاء الدين محسن هو خير مثال على هؤلاء... فهو دخل حربا ليس له فيها عاطفة ولا نافطة. الشيء الذي يفجر الأسئلة التالية: وهـذه الكتابة لمن؟ ولحساب من؟ وما هُـو ثمنها؟)(6) نفسه قيل في حقنا؛ وفي حق الفنان عبد القادر البدوي؛ ولكن بصيغة أخرى وهـذا موثق في النشرة ؛ وقبل هـذا وذاك؛ لنتأمل المفردات القدحية والمجترحة عـن القيم الأخلاقية والمعرفية والحاملة لنوايا السوء ؛ والتي تكشف ( أنا ولا أحد) وبالتالي فكل من مارس رأيه: يعتبره حَـربا ضـده : سبحان الله. فالصحفي علاء الدين محسن والمسرحي البدوي ؛ أليس من حقهما أن يعَـبرا وينتقدا – مهرجان ربيع المسرح العربي ؟  وللعلم أن هذا المهرجان  كان تحت إشراف وزارة الشؤون الثقافية التي كان وزيرها : محمد بنعيسى؛ وضمنيا كانت أيادي حِـزب: الأحرار منوجدة فيه ؛ والذي كان مندوبه العام ؟ عـزيزهم  - برشيد- والمضحك أنه يدعو بالحرف (...وأن يكون هـذا الحوار بيننا واضحا وشفافا؛ يظهر الأشياء وما خلفها ويرفع الحجاب عن المسكوت عنه؛ ويجهر بالمهموس به. وأتساءل الآن؛ ومن حقي ذلك: هل هناك من يخشى مبدأ الحوار؟)(7)  التاريخ يسجل من كان يخاف ويُـرهبه مبدأ الحوار؛ وبالتالي فاحتفالية ( تلك) المفرد في اللآجماعة ؛ تتوهم أنها نظام/ مشروع شمولي ! ولاسيما أن الاختلاف ممنوع في الأنظمة الشمولية ؛ لكي لا يبحث المرء عن الحقيقة ؛ وحقيقتكم تكمن في مسار تاريخكم الذي لا يتمفصل عن اهتباليتكم ؛ التي كانت تسعى ممارسة الإرهاب المسرحي بأساليب خاصة ؛ وبلغـة ماكرة ؛ أساسها تحريض زبانية من كانوا يتلهفون للسفريات والإكراميات لممارسة التصدي لأي حِـوار كاشف وغير مهادن؛ لكن حمدا انتهت تلك الزبانية ؛ وانقلب السحر على الساحر حَـسب قولك:... ووجدتُ كثيراً من أصدقائي ورفاقي القدامى يُساهمون في الحملة على شخصي وعلى تجربتي المسرحية وعلى الاحتفالية، تنظيراً وإبداعاً وتاريخاً، وسار في رِكاب هذه الحملة الصليبية أو المتصابية كثيرٌ من الصحافيين وكثيرٌ من المنابر الإعلامية المأجورة، وكانت النتيجة بعد ذلك، أنَّ هذا الوزير سقط في الانتخابات سقوطاً مدوياً، ولعنَته الجماهير في التجمُّعات الانتخابية، وتبرَّأت منه الدولة (**) وسحبت من تحت مؤخرته كرسيَّ الرئاسة، وألقـت به إلى مزبلة التاريخ (8) فتحليل هذا الكلام يحتاج لصفحات عِـدة ؛ ولكن نختصره بأن أغلب الذين كانوا احتفاليين/ مصلحيين افـْرنقعُـوا عَـن { الوالي وموسمه ! } بعْـدما انتهت مُـدة صلاحية البضاعة ( الفنكوشية) وهَـذا طبيعي؛ لأن (الاحتفالية ) ظهورها بُـنيَّ على باطل لأسباب سياسية مُـدمجة في الفعل المسرحي؛ في أواسط السبعينيات من (ق ؛ م ) تلك الظرفية التي كانت متـَّسمة بالاحتقان والتوتر، فمن خلالها تقـوى المسرح التجريبي/ الهاوي؛ وأمسى وسيلة فنية وجماهيرية للنضال. ولاسيما اندماج الفصيل الطلابي بشكل مكثف  وحضور الأحزاب التقدمية واليسارية بشكل أو آخـر في الجمعيات المسرحية ؛ فمن الطبيعي أن يتم البحْـث عن صيغة للاختراق والتشرذم؛ فكانت ( الإحتفالية) لتمييع المسرح من توهجه وحَـركيته إلى نموذج كرنفالي/ شعْـبوي: يُـفعِّـل أشكالا ما قبل التاريخ ( البشري) مما أبيح لها أن تتحـرك ( كـذلك) بين ملفات ودهاليز وزارة الثقافة؛ بحيث كان ( الحضور المتكرر لأسماء تتقاسم مع عبد الكريم برشيد رؤيته للمسرح..... وانطلاقا من معطيات أخرى، يتضح أن عبد الكريم برشيد لم يكن يتصرف باعتباره مندوبا إقليميا يزاول عملا إداريا، يفرض عليه مراعاة اختيارات الدولة فقط ، ولكنه كان يتصرف كذلك بوصفه صاحب "تنظير"  وهَـذا هو السبب في تردد ... لإلقاء ما كانوا يسمونه "محاضرات" وهي في الواقع العملي عبارة عن كلام مرتجل، كله إطراء لعبد الكريم برشيد ودفاع عَـن" التنظير" وبطبيعة الحال بمقابل مادي يستخلص من ميزانية وزارة الثقافة (9) هُـنا من سمح له بالتصرف في المال العام ؛ أليس ( الوزير) الـذي يقوم مقامه في المدينة ؟ أليس مدير ديوان الوزير له العلم أن – برشيد- كان يعمل على استمالة فعاليات محلية بدعْـوتها إلى المشاركة في "نـدوات" أو إلقاء "محاضرات" أو أشعار وزجل. وكانت هذه الفعاليات تبدو مدافعة عن عبد الكريم برشيد و"التنظير" رغْـم أن كـثيرا من هـذه الفعاليات لا عَـلاقة لها بالمسرح (10) أليس الأمر يدعـو للاستغراب ؛ لأن تلك المعطيات من واقع معاش؛ وفي فضاء معلوم؛ لكن الأخطر في بقية الهامش؛ صور سوريالية  من صانعها ؟ كمحاولة لإبقاء- برشيد- في الوزارة بأسلوب التمديد: ( لكن هذا الدفاع زال بعْـد استقرار عبد الكريم برشيد بمدينة الدار البيضاء لما أحيل على المعاش ابتداء من سنة 2004 باستثناء واحد مازالت مصلحته مرتبطة به. وقد بعثت مجموعة من هذه الفعاليات رسالة رسمية إلى وزارة الثقافة تلتمس من خلالها التمديد لعبد الكريم برشيد على رأس المندوبية الإقليمية لوزارة الثقافة بالخميسات. هذه الرسالة كانت "من رؤساء الجمعيات الثقافية" وأسفل هذه العبارة وردت عبارة "مثقفي إقليم الخميسات" حسب الرسالة. وهي صيغة عامة لا تعكس الحقيقة ، إذ لم توقعها على سبيل المثال "جمعية الجرس للمسرح والموسيقى" وجمعية "مسرح نون" ووقعها أحدهم بوصفه " فاعِـلا جمعَـويا " حسب الرسالة. أما آخر فوقعها مرتين وبصفتين. الصفة الأولى هي:" مثقف وزجال وباحث" والصفة الثانية تتعلق بمسئولية إدارية هي "مدير مركز اليونسكو بالمغرب" ولذلك فصفة "مثقف" لا توجد إلا بالنسبة إلى هـذا الشخص في الرسالة. ومع ذلك استعملت في هذه الأخيرة عبارة "مثقفي إقليم الخميسات" وأنا هنا أسجل الوقائع النصية فقط..(11) وبدورنا نسجِّـل مـا نــطق بــه الــتـاريخ ! لكي يفهم أي مهتم كـيْف  نمت (الاحتفالية) وكيف كانت  حَـركية المسرح المغـربي  من خلال الوجه الثاني؟ لمحاولة القبض على منطلق الخيط المتشابك ؛ ممن يعتبرهم البعض رموزا مسرحية !! وبالتالي فعـدم التمديد تحَـول إلى وهْـم الصراع مع الوزير :

ما جاء في احتفالية الوزير:

 منطقيا ليس كل الرغـبات الخارجة عَـن طبيعتها أو قانونها ؛ يمكن أن تتحقق. لكن السيد – برشيد- يريد أن يكون كل شيء ؛ وجوانية الأشياء كينونته ؛ لكن توقفت كينونته بعَـدم التمديد. والغريب جدا أنه اعتبره قرارا أحمقا و مضحكا !!                                                                                                                       إذن " فكُـل من أحيل على التقاعد (عليه) أن يعلن حَـربا ضد إدارته " وفعلا أعلنها حربا( دونكيشوتية) معلنا أنه تعَـرض للحصار(ولكلِّ أنواع الإبعاد والتهميش والإقصاء، وما زالت تداعيات ذلك الحصار الجائر والظالم تلاحقني إلى اليوم، وكلُّ هذا لماذا؟ فقط لأنَّني كاتبٌ يكتب، بمداده وقلمه وبأفكاره.... كلَّ هذا الخوف المرضي، من الكلمة وأهلها ، لم يأت من أهل الجاه والسلطان، ولكنَّه أتى من مثقَّفٍ قديم وغشيم... مثقف تسلق أعتاب وسلالم السلطة، بدل أن يرتقي مدارج الخلق والإبداع، وفي لحظة حمقاء وعمياء وصمَّاء...أصبح هذا المثقَّف المتسلِّق مسؤولاً كبيراً في غفلة من العقل والمنطق، وبين ليلة وضحاها، ومن غير مقدِّمات ولا حيثيات، ومن غير أهلية ولا خبرة ولا شواهد علمية، وجد نفسه وزيراً، يقول كلاماً تافهاً ويسمع السامعون، ويأمر أوامر قرقوشية ويطيع الطائعون، ويصدر قرارات حمقاء مضحكة ويصفِّق الهتاَّفون.... وقـد وجدتُ نفسي بعد ذلك أدفعُ ثمن صدقي، ووَجَـدتُ الكـذَّابين والمنافقين والمتملِّقين ينالون الجَـزاء الأوفى (12) هنا نتساءل قبل أن يكون رئيسه في وزارة الثقافة ؛ كان رئيسه في اتحاد كتاب المغرب عام 1989 وبقي على رأسه لثلاث ولايات متتالية. آنذاك هل كان  قبل أن يصبح وزيرا: يقول كلاماً تافهاً ويسمع السامعون، ويأمر أوامر قرقـوشية ؟ هل فعلا كان مثقَّفا قـديما وغشيما ؟  ألمْ  يرتقي مدارج الخلق والإبداع ؟ إذن كيف أصبح رئيسا للاتحاد ؟ بغض النظر عن الملابسات المتداخلة بين الأحزاب واتحاد كتاب المغرب ( أنذاك)؟ الإشكالية هاهنا؛ تفرز لنا الخط البياني للحَـركة الثقافية والمسرحية ! لأنه في ظاهـركلام ( الإحتفالي) يبدو أنه هجوم وحَـرب ضد الوزير السابق محمد الأشعري، وتعْـرية أوراقه ! بالعكس فالوضعية تتخـذ خطين محـورهما ( الاستغناء عنه/ تقاعـد ) -                                                                                     
1) لفت الأنظار على أنه الأحق بوزير الثقافة في المغرب عـوض الأشعَـري؟  وهـذا ما هَـمس وصرح به العـديد من المثقفين أنذاك. لأن طموحه كان كذلك ؛ وبالقرينة ينتهي أي تحليل وتـفسير بحيث يقول: من خلال سؤال مفاده: هل تقبلون في يوم ما بتقـلد منصب تيقنوقراط في وزارة للثقافة ؟ : كان من الممكن أن أقبل؛ لـَوْ أن هـذا كان قبل عشر سنوات؛ أم الآن؛ وقـد أصبح وضع الثقافة المغربية مميعا بالصدقات والعطايا وبالصفقات المشبوهة؛ وأصبح للإبداع الأدبي والفني سوق كبير؛ وأصبح لهذا السوق تجار و سماسرة يفهمون في الأرقام ولا يفهمون شيئا في الأفكار والمعاني؛ فلا أعتقـد أنني من الممكن أن أقبل. ولقد أعلنت مؤخـرا انسحابي من هـذه الوزارة ، ووضعت في اعتباري الحقيقة التالية؛ وهي أنه لا وجود اليوم لشيء يسمى وزارة الثقافة في المغرب (13) لنتذوق ما بين الحـروف؛ ليفهم اللبيب والمتمكن في أسرار اللغة ؛ حقيقة المضمر من الحوار ! ولكن الجميل أن منطوق وهْـم ( الأنا ) حاضرة بقوة  في لفظة أعْـلنتُ (انسحابي) وإن كان في الأصل ( تقاعـدا) فلماذا يطلب الاعتذار من الوزارة مادام أنه انسحب منها؟ :(... ويعتقد أن من حقه على تلك الوزارة أن تعتذر له وأن ترد له اعتباره بعْـد عشر سنوات من الإقصاء" (14) والمضحك . لماذا الاعتذار من أصـلِـه إن كان ينفي وجـود (الوزارة) أساسا؟ (...وضعوا في أذهانكم أنه لا وجود في هذا المغرب الجَـديد لأي شيء يمكن أن يسمى وزارة الثقافة، وما هو موجود هو مجرد ملحقة تابعة لحزب سياسي، وذلك في هذا المغـرب الغـَريب، والذي أصبح يقترب من أن يكـون لكل عشيرة فيه حزبها الخاص(15) فهذا القول فيه ما فيه منَ لـعبة { العصيان الثقافي} مبتغاه الحقيقي هـو إضفاء صفة المتمرد والمنقـذ للثقافة المغربية من براثين الفساد من رجل/ مسرحي ( لكنه) متماه مع السلطة. ولاسيما أنه يصرح علنا  (...ولقد  كنت دائما ليبراليا متحررا، ولم يُـسجل علي يوما أنني كنت اشتراكيا أو ماركسيا، فأنا لا أومن بالطبقية، ولا بالصراع الطبقي(16) تصريح جميل؛ ولكن الأجمل  أنه  لم ينـجَـر أو يتبعه أحَـد في أوهامه؛ معتقدا أن المسرحيين  المغاربة سيجـسدون ( فاوست) المؤمن بالأوهام التي قد تكون معـرية ولها غوايتها ، تلك الأوهام التي يُـشكِّـلها ويغُـلـّفها الشيطان بالجمال الثقافي والاجتماعي، لكي يبيع فاوست نفسه للشيطان في لحظة ضعْـف ! ومن هذا الباب انفضت وافرنقعتْ جَـوقة ( الاحتفاليين) ولاسيما أن هـذا العصيان أصدره قبل سنوات في وثيقة عنونها ب (المسرحيين المغاربة.. المسرح المغربي: فشلُ سياسة أم فشلُ مرحلة؟) وفصلنها نحن تحت عنوان( اهتبالية وثيقة المسرحيين)(17) فمن خلال هاته الوثيقة ؛ نقبض على الخط الثاني من خفايا( التقاعـد) وليس(الانسحاب) كما يدعي  :
2) ضمنيا شكـوى وانحناء؛ للجهات المسؤولة . لأن الأمر لم ينحَـصر مع الوزير السابق- الأشعَـري- فلو كان كذلك؛ نجد مبررات وتخـْريجات مقبولة ؛ بل : (بدا متحاملا على وزارة الثقافة كإدارة، واعتبر الكلام القائل بتكريم الفن والمرأة المغربيين بتعيين جبران وزيرة للثقافة "مجرد إنشاء، والأساسي في نظره هو النتائج"، مشيرا إلى أنه "لا يقبل أن يكون أي شخص على رأس أي وزارة إذا لم يكن منفتحا وله علاقات جيدة"(18) وبلفظة ليست عابرة نستشف المواربة والمداهنة (...ويبقى أن يكون لها طاقم من الذين لهم غيرة حقيقية على الإبداع والثقافة المغربيين(19) هنا لم تتم الاستجابة لشكواه ؛ فتحامل على الذي بعْـدهـا(... آملا أن يهذي الله "إخواننا الرفاق" حسب قوله، وأن "يترفقوا بنا وبالثقافة المغربية" وأن "يستحيوا مما يفعلون".... وليس مِلـْكيَّـة باسم التقدم والاشتراكية..... يتضح أن برشيد يقصد بكلامه وزير الثقافة المحسوب على حزب التقدم والاشتراكية المنتمي لحكومة بنكيران(20)  يبدو لي : فهذا ليس شكـوى ولا تحـاملا ؛ حَـسب الاستنتاجات  بل أراد أن يكـون معمرا (ك)[سيدنا نوح ]عليه السلام في قلب وزارة الثقافة والاتصال ؟ وبالتالي فهل (المنظر) ينزل لهذا المستوى من الانحطاط الثقافي والسلوكي؟ أين العـزة والكبرياء ؟؟
قـبل  إقـفـال الـباب :

 الوزير السابق؛  ولج غمار الكتابة المسرحية ؛ هل غواية أم هواية أم نكاية ؟ فألف نصا [اشكون أنت ؟](21) تلك مفاجأة ؟ إذ اعتبر البعض العمل أنه ينتـقـد استبداد السلطة ؛ والبعض اعتبره محاولة ( لتفكيك الأبعاد النفسية لجنون السلطة من خلال نموذج حي ...وأبعد من فضح تداعيات ممارسة السلطة وتجلياتها في من يخضعون لنيرها، ينحو نص "شكون انت؟" لاعتبار مجنون السلطة أول ضحاياها، إذ ينتهي إلى أكل نفسه بعد أن تخونه تقلبات الزمن السياسي وتلقي به إلى الهامش، وينحدر إلى درك الريبة والوساوس والهلوسة الفصامية، وصولا إلى موت نكرة (22) إذ المسرحية في عرضها كانت مناسبة لعبد الكريم برشيد؛ أن يشحـذ أفكاره وبلاغته؛ تجاه العمل وقبل أن يصنفه خارج ( الإحتفالية) ولا يمثل المسرح المغربي في شيء؛ كان عليه أن  يعَـري جملة من الملفات ضد الوزير؛ لكن ربما وجد نفسه معني/ مقصود: في سياق العمل؛ ولم يقترب إليه بالنقد ؟ لأن المسرحية أساسا ليست محاكمة سياسية بل تأملا في تراجيديا السلطة التي تصنع وحوشاً؛ وبالتالي يقول: عبدالمجيد الهواس، مخرج المسرحية ( إن نص الأشعري يتقدم بسؤال جوهري عبر العنوان: “اشكون انت؟ سؤال فلسفي وجودي يتمركز حول الهوية. “إن سؤال: “من أنت؟” يخفي ضمنيا سؤال “الأنا”؟.. الأنا المتعددة والملتبسة والتي تبرز في شخصية رمسيس. يقدمها لنا الكاتب في طبيعتها المتحولة. إننا أمام رمسيس1 ورمسيس2 وربما هو شخص ثالث. لعبة الأصل والنسخة .... يتحول هذا السؤال إلى مادة جوهرية لاشتغالنا، فهو يقودنا إلى لعبة المرايا التي تصبح جوهرية في تصميم الفضاء ومن تم فإننا نرى في "الانعكاس" الصورة الدفينة للشخصية...(23) تلك الشخصية هي ( رمسيس) لأن الوزير السابق؛ لم يرد ولو بكـلمة على تهجمات صاحب (الإحتفالية) ربما ترفـعا لمقامه؛ أو كان يستجمع طريقة الرد على ( باب الوزير) بأسلوب مسرحي؛  لأن العمل وفي مؤتمره الصحفي الذي عقد في نادي الصحافة بحضور مخرج العرض، قال الأشعري:( إن العمل بدأ في التسعينيات كنص ذهني ونوع من التفكير في تراجيديا السلطة التي تصنع وحوشاً، وذهب إلى محاولة كتابته في تلك الفترة، لكن عَـدم توافر المسافة الكافية حول الظاهرة وأيضاً لدواعي فنية تأجل المشروع ليعود منذ سنة ونصف السنة لإنجازه، وقد قارب من خلاله علاقة وحش السلطة بالآخرين بنفيهم من حقهم في التعبير والوجود أيضاً، وأضاف إنه لا يعتبر المسرحية التي كتبت بسخرية سوداء محاكمة سياسية، بل هي عبارة عن تأمل في ظاهرة إنسانية، فالوحش تغـذى من نفسه ويأكل نفسه ويولد من نفـسه (24) من هو الوحش هل الممارس للسلطة أم الباحث عنها؟ المفارقة أن المسرحية قدمت مواقف سياسية كذلك من خلال التركيز على شخصية ( رمسيس) وبالتالي( مسرحية “شكون أنت؟! تضعنا أمام بورتريه لشخصية رمسيس الغامضة المركبة “إنه فرعون صغير خبر وتدرج في الدهاليز المظلمة للحكم (25) وفي تقديري بما أن الإحتفالية أكذوبة تنظيرية؛ فصاحبها من خـلال طروحاته يبدو شخصية غامضة .....

إحـــــــــــــــــــــــــــالات :

1) ثورات القرن الماضي بين الحقيقة والتزييف:لحواس محمود في مجلة رصيف 22 بتاريخ  26 /01/2019
2) نشرت في جـداريتي بتاريخ - 03/10/2018
3) رد عبدالكريم برشيد في جـدارية – جناح التهامي- في 04/10/2018
4) منوغـرافية : تاريخ الممارسة المسرح بمدينة الخميسات - ص16 إنجاز الباحث ( أ. ب) سنة 2007
5) رد عبدالكريم برشيد في جـدارية – جناح التهامي- في 08/10/2018
6) نشرة ربيع المسرح العربي عدد6/7 ركن - في الشفافية المسرحية - 4 - ص14- بتاريخ 29/06/1990
7) نـــفـــســــــهـــا
(**) عـينه الملك الحسن الثاني وزيرا للثقافة في حكومة "التناوب" بقيادة عبد الرحمن اليوسفي في  مارس 1998
       وجدد الملك محمد السادس تعيينه - في تعديل للحكومة المذكورة- في وزارة الثقافة، وأضيفت له حقيبة الاتصال 
      (وزير الثقافة والاتصال) ثم عينه وزيرا للثقافة في حكومة إدريس جطو في 2012 
                                                                                                                                    8) المســرح حاجــة لكــن يمكــن تزييــفها - حوار مع عبــد الكريــم برشــيد: في صفحات سورية حاوره/ أنوار محمد بتاريخ 5/04/ 2009
9) منوغرافية : تاريخ الممارسة المسرح بمدينة الخميسات - ص18/19
10)   تاريخ الممارسة المسرح بمدينة الخميسات - من هـوامش منوغرافية تحت عـدد34:
11) نـــفـــســــــهـــا
12) المسـرح حاجـة لكـن يمكن تزييـفها – حوار مع برشيد: في-  صفحات سورية - حاوره / أنوار محمد
       بتاريخ 5/04/ 2009
13) مجلة اتحاد كتاب الأنترنت المغاربة- حوار مع برشيد أجراه: عبده حقي في 12/05/2015                        14) وجهات نظر المثقفين في استوزار ثريا جبران: بقلم حكيمة أحاجو/أسبوعية المشعل في 19/11/2007       15)المسرحي برشيد يُطلق النار على وزير الثقافة - الكاتب : رشيد صفر- صحيفة أنفاس: في 09/06/2014                             
16) انظـر حواره في مجلة الهيئة العربية للمسرح بتاريخ 24/ 07/2012 
17) تصفح: اهتبالية وثيقة المسرحيين بقلم : نجيب طلال صحيفة دنيا الرأي في 10/12/2008
18) وجهات نظر المثقفين في استوزار ثريا جبران: بقلم حكيمة أحاجو/ في أسبوعية المشعل 19/11/2007
19) نــفـــــســـــــهــــــا
20)المسرحي برشيد يُطلق النار على  وزير الثقافة - الكاتب : رشيد صفر- صحيفة أنفاس: في 09/06/2014   
21) اشكون أنت ؟ عـمل أنجزته فرقة مسرح أفروديت من إخراج [ عبد المجيد الهواس] سنة 2013
22) موقع الجزيرة "شكون انت؟".. فنتازيا تسبر أعماق المتسلط بقلم  نزار الفراوي- الرباط- في 17/02/2013
23) موقع كود-“أفروديت” تجر محمد الأشعري إلى المسرح. الأشعري يصفي حساباته السياسية على الخشبة في 22/01/2013
24) مجلة سيدتي :وزير مغربي ينتقد الاستبداد في مسرحية متابعة ـ فتيحة النوحو في 19-01-2013
25) عبدالكريم الجويطي موقع كود-“أفروديت” تجر محمد الأشعري إلى المسرح. الأشعري يصفي حساباته السياسية   
     على الخشبة في 22/01/2013

41
باب ما جاء في احتفالية الوزير !! (01)

نـجيب طــلال

                                                                                             
شـعَــــاع :

في أي مجال  إبداعي/ فني/ ثقافي ؛ فالمبدع / الفنان القح ؛ دائما يسعى لتطوير عطائه وحضور ه والبحَـث عن إضافة نوعية ؛ في مجاله ؛ من أجل الحفاظ  على شموخ شخصيته وعزة نـفسها ومؤمنا وواثقاً من رسالته الفنية / الجمالية / الفكرية : التي يُؤْمِن بها من أجل إسعاد  الإنسان وتفعيل إنسانية ؛ كمكون فلسفي في علائقه وإبداعاته وتصوراته ، وترسيخها في الكينونة البشرية  والمجتمعية ؛ عبر القنوات التي تبيح التأثير والتأثر والتواصل والتفاعل ؛بكل صدق وإخلاص .و بلا مساومات وبلا مقابل . لأن الفنان المبدع: ذاك المؤْمِن برسالة فنية سامية ؛ سواء أكانت قولا مجسدا في الأوراق والبحوث؛ أم فعلا في السلوك والممارسة الإبداعية ؛ هو القدوة ؛ مهما اختلفنا عن مفهومها ! والمدافع عن التعبير الحُــرِّ خارج المُـؤسسات الرسمية إذ بين القـول والفعل ، لا مناص من تجْسيد  حقيقي لقضايا الإنسان وهموم المواطن، ولكن هناك من يستغل الظروف؛ ويلعب لعبة الوجه والقناع ؛بدهاء لا يتصوره العقـل ولا الإحْساس حتى !  بحيث يظهر أنه متمرد ومتنطع لأي قرار كيفما كان؛  وخاصة  ذاك الذي فيه روائح الاستبداد ولعْـبة الكـَولسَة والزبونية حَـسب رأيه وبعض تصريحاته هنا أوهناك؛ وبالتالي يتمظهر أنه يمارس لغة الرفض للعديد من التجاوزات والممارسات  الشططية والتي تنبع منها سياسة التهميش والإقصاء؛ وغالبا ما يقحم المرء ذاته في الموضوع ؛ بأنه مغبون ومضطهد؛ في العديد من المظاهر يركب على بعض الملابسات التي يعيشها الآخر ويستغلها لأغراضه كأنه في وضعية التهميش؟ وما أكثر هؤلاء على هاته الشاكلة في العالم العربي ؛ الذين يستغلون الظروف؛ ومن خلالها يمارسون حكاية دموع التماسيح !  إذ يستفيدون جهة اليمين وما تحته ؛ ويشتكون وينوحون جهة اليسار وما فـوقه !
 ومن المفارقات أن بعْـضا من هؤلاء ؛ والذين ساعَـدتهم ظروف الولاء السياسي؛ أو الانتماء الحزبي ؛ أو عـملية المصاهرة... أنهم حينما كانوا في موقع المسؤولية ؛ أو ما جاورها ثقافيا وفنيا ؛ ساهموا في إقصاء وتهميش العـديد من أصدقائهم في الميدان الإبداعي وهنالك شواهد ووقائع مدونة هناك وهنالك  وموقعة بأسماء وازنة: قام النظام بالتضييق على كثير من المثقفين، لكن نحن يجب علينا أن نقول أنه في تلك الفترة مارس المثقفون نفس الدور على غيرهم وأيضاً تبنوا جوهر هذا الخطاب. بمعنى كل شخص كان لا يقول يا عمال العالم اتحدوا لم يكن له قيمة إبداعية. وكل من لا يقول كل فقير إنسان جيد وكل غني إنسان سيء كان أيضاً يمارس عليه نوع من الاضطهاد ونوع من التهميش. وكذلك إذا كنت تُعتبر من المثقفين الثوريين ودخلت في هذه القبيلة فيجب عليك أن تستمع إلى عبد الحليم سراً، وأم كلثوم سراً، لأنهم إذا عرفوا أنك تستمع إليهما؛ فأنت إذاً مثقف برجوازي صغير تافه. التاريخ له فائدة واحدة وليكن درسا مستفادا منه. يجب أن نَصف الحالة بحذافيرها، كيف كانت من زاوية السلطة وكيف كانت زاوية المثقفين والمعارضة. لقد مورس نوع من الترهيب ونوع من الاضطهاد على البعض. ما كان بوسع أحد أن يوجه الانتقاد لنص كتبه سعد الله ونوس مثلاً. كان انتقاد نصه بالنسبة لشريحة المثقفين الماسكين زمام النقد الأدبي يعادل النقد للزعيم السياسي في سوريا بالنسبة لرجال السلطة. الكل يمارس الترهيب والاضطهاد ضمن الإمكانيات المتاحة بين يديه (1) وهاته حقائق يعيشها كل قطر عربي ؛ بصيغ مختلفة؛ وأساليب متنوعة، حسب طبيعة البناء السياسي والإيديولوجي؛ فاستقراء لما تحمله الخريطة العربية ؛ نستشف  يما من مثقف/ مبدع: تقلد منصب وزارة الثقافة أو الشباب أو الإعلام أو يمثل الوزارة كمندوب / وكيل أو مستشار لوزير الثقافية أو مدير الديوان...فالموقع في حـد ذاته ؛  يوهم بممارسة لعبة التعالي التي أصيبت بها الذهنية العربية ، كنوع من مخلفات  جذر القبيلة او السلالة ؛ مما يحتدم الصراع بين الوزارة والمقصيين والمهمشين من المثقفين والمبدعين . لكن مقـْصيين مماذا ومـهمشين كيف ؟ : الرواد يعـيشون التهميش بكل ما للكلمة من معنى ومن العمق. تهميش مادي ومعنوي، تهميش على مستوى العروض والمهرجانات والدعم وخلافه من سبل إنتاج وبروز الأعمال المسرحية، لذلك لا يمكن للرواد المساهمة في إنقاذ المسرح المغربي الذي صار بين أيدي من يريدون إقصاءهم وتهميشهم ويمْعِنون في ذلك(2)  الخلاصة أن عمق السؤال يمكن في الاستفادة '' المالية " لا  أقل ولا أكثر؛ ولاسيما أن المتمكن في ماهية منصب :وزير الثقافة في الدول العربية، وخصوصا محدودة الإمكانيات منها، منصب مظلوم. لا أحد يعرف بالضبط ما هو المطلوب من هذا المنصب. كُـل يفصله كما يرى أو مثلما يريد.... هل يستطيع الوزير المعين القيام بهذا الدور لأنه رسام أو فنان تشكيلي أوعازف آلة فلوت في

أوركسترا المدينة، أم سياسي محترف يستطيع القيام بفعل التوازن بذكاء وموضوعية ؟ هـذا سؤال لم تتمكن الكثير من الحكومات العربية الرد عليه لأنها هي نفسها لا تعرف ماذا تريد من الثقافة (3) وإن كنا نقتنع بهذا الطرح ؛ لما للثقافة من دور ثانوي في الحَـياة المجتمعية العربية أو تلك العجَـــلة الخامِـسة في المركبة المجتمعـية ؛ وهـذا يكْـتشفه تـدني وضعْـف الميزانيات العامة لوزارة الثقافة ؛ في كل الأقطار العربية ؛ لا يمكن أن نغفل النزوع الذاتي للسلطة ؛ التي يمارسها بعض المسؤوليين عن الشأن الثقافي ؛ وإن كان المنصب: مرتبط بقرار سياسي وسيادي في نفس الوقْـت؛ إن كُـنا نؤمن بدولة المؤسسات؛ وإن اختلف حوله العديد من المحللين في مسألة اختيار الوزراء: فإن السياسيين يقولون ؛ هناك معايير متعددة ومتنوعة؛ ولكنها موجودة؛ أما أساتذة العلوم السياسية ؛ فيقولون إن هناك معايير؛ ولكنها ليست موضوعية تماما؛ وإنما هي ذاتية بأكـثر مما ينبغي من لـلذاتية أن تلعـب دورها في مثل هَـذا القَـرار المصيري) 4) فرغم هاته التحليلات التي اعتبرها شطحات فكرية؛ والتي لا تساهم في تشريح واقع المناصب ومدى ملاءمتها بالأشخاص وطبيعة سلوكهم؛ لأننا نغيب إيديولوجيا ( الذات)التي تتجاوز في كثير من الأحيان إيديولوجيا الحزب ''أو'' النظام . وبالتالي لم يعد ذاك ( المسؤول) منضبطا لمنصبه الخـدماتي تجاه حاجيات الشعب. وهنا نسوق مثالا ؛ ليس غريبا ولكنه تجسيد لإيديولوجيا ( الذات):...حتى أصبح وزيرا للثقافة لم يسمح لأحد من كوادر الهيئة ان يمارس تخصصه, فشتتهم بل مزق كوادر وكفاءات الكتاب شر ممزق وصادر حقوقهم؛ ولهف مكافئاتهم وجردهم حتى من مكاتبهم . أما صفقاته في المتاجرة بالكتاب وطباعته, فتلك قضية أخرى مليئة بالقصص والحكايات المخجلة بين بيروت والقاهرة (5) هنا من المسؤول عن هـذا الشطط وفصوله المؤلمة للجسد الثقافي الذي تعيشه عدة  دول عربية  ؟  هل الوزير أم بطانته أم المداحين ومرتزقة الكتابة ؟ أم نتيجة للفـساد الإداري والسياسي ؟
حقيقة من الصعب الإمساك عن إجابة شافية ؛ نظرا لتداخل عـدة عوامل ومعْـطيات ؛ ولكن ما يمكن أن نركـزعَـليه كـفـَرضية ثابتـة . طبيعة العلاقة بين المثقف والمسؤول حـسب موقعه في إطار المسؤولية الثقافية ؛ سواء محليا أو جهِـويا أو وطنيا ؛ تحمل عـدة خيوط متشابكة ومشاكل متعَـددة؛ بين الطرفين؛ وخاصة المعارضون للتصورات أو للتموقفات السياسية ؛ نتيجة للطرد والمنع والإقصاء أو اللامبالاة ؛ ويمكن أن نستخـلص هَـذا الوضع كالتالي : طردت «حظيرة الثقافة» الكثيرين ممن اختلفوا مع النظام الحاكم، أو مسؤولي الوزارة، من كل ما له علاقة بهيئاتها وأجهزتها وإدارتها وامتنعت عن نشر أعمالهم أو الوقوف إلى جانبهم في أوقات الشدة. ويبرز الكاتب والشاعر والمترجم والنقاد والممثل المسرحي «نجيب سرور»، باعتباره النموذج الصارخ على «سياسة الحظيرة»، فالرجل الذى كان على خلاف دائم مع النظام الحاكم وضيفاً دائماً فى المعتقلات . لم يجد من الوزارة إلا المنع والطرد حتى وفاته ... وأثناء تولى يوسف السباعي وزارة الثقافة تعرض الكثير من المثقفين إلى المنع والطرد والنفي الاختياري. وكان من بين الذين تعرضوا لهذه الممارسات: الأديب بهاء طاهـر....فطرد من عمله ومُنعت كتاباته من النشر حتى اضطر فى النهاية إلى مغادرة البلاد ... وفى نفس الفترة كان الناقد «رجاء النقاش» يتعرض لنفس الأسلوب أثناء عمله فى مجلة «الهلال» واضطر فى النهاية للسفر إلى قطر(6)

عـتبة ما جــــاء في الــباب :

سياق الشعاع  تسليط بعض من الوضع في المجال الثقافي تسييرا وتدبيرا؛ وعلاقته المتشنجة بين مُـدبِّر الشأن الثقافي والفاعلين. ففي كل قطر عَـربي؛ دونما استثناء؛ صراعات واعتصامات وتصريحات نارية ضد ( وزير/ وزارة الثقافة) فانطلاقا من المسح الجغْـرافي لــبُـؤر الصِّراع فالقطر [[المصري]] نال الصدارة في هـذا الاحتدام ؛ مما ينم أن هنالك خللا ثقافيا ( ما ) أو هناك خلل في السياسة الثقافية عامة ؟ بحيث: تتصاعد الأزمة بين المثقفين ووزيرالثقافة في أكثر من باب ومجال، فيما أدت تصريحات الدكتور علاء عبد العزيز وزير الثقافة... حِـدة الصراع؛ حيث اتهم عبد العزيز المعتصمين بوزارة الثقافة أنهم ليسوا بمثقفين حقيقيين لأنهم منعـوه من الدخول إلى مكتبه ، وأنه على استعداد للحوار مع من هم مثقفين حقيقيين وليس مع هؤلاء، مما آثار غضب المثقفين المعتصمين، وأثار ضحك بعـضهم (7) فمن البدهي؛ أن الضحك هو الحوصلة النهائية؛ لطبيعة الصراع ؛ نظرا أنها لعبة المواقع وصراع المصالح ليس إلا؛ باعتبارأن مسؤولا (ما ) يوم كان خارجها؛ كان يندد ويصرح تصريحات نارية ضد الشأن الثقافي؛ ويأجج أفرادا وجماعات ضد ذاك المسؤول؛ ولربما يُـقـَوِّلـه ما غير موجود بالمرة من ممارسات أو سلوكات ( ما ) إذ الإشكالية الكبـرى في البنية الذهنية العربية ؛ إشكالية [ الأنا / حب التملك ] وفي سياق ما أشرنا إليه نجد: إن فكرة الاعتصام هـو جربها وأدلى بتصريح فيما سبق بأن الاعتصام داخل الوزارة أمر شَـرعـي ؛ عندما كان معتصما أثناء معْـركته مع الدكتور سامح مهران (8) هُـنا ألا يعْــدو بأن الأمر فيه استهتار بالمسؤولية أولا ! وبالمواقف الفكرية والثقافية التي كان عليها المثقف قبل أن يكـون مسؤولا ؟ ولربما تموقفات ( الوزير) لها مبرراتها؛ للحد من الفساد الثقافي أو ما شابهه .لكن الأمر الأخطر؛ حينما يعيش المرء صراعا وهميا مع ( وزير) كان رئيسه ؛ أحاله على ( التقاعد) بعْـدما استفاد من وزارة الثقافة ما لم يستـفذه ( أي) وزير تقلد (ذاك) المنصب ؛ ولا شبهة سياسية له مع النظام ؛ بل خادم مطيع ؛ ولاسيما أنه بنى عَـرشه على ظهر [ وزارة الثقافة ] وأمسى منظرا / مسرحيا له شأنه في الساحة العَـربية ! من هاته الزاوية نتساءل : كيف يعقل أو نفـسر أن ينزل مُنظر مَـسرحي، للدرك الأسفل من الهزيمة والانكسار؛ حينما لم يعـد موجودا في طاقم الوزارة ؟ ولم تعـد نصوصه تستفيد من الدعم المسرحي؟ فمنذ إحالته على التقاعـد الوظيفي ( هُـوَ ) بالصراخ والولولة على منشود مفقود ؟ وكل من مسَّ (الفنكوشية/ الإحتفالية) قراءة أو إشارة لا تروق مزاجه ؛ إلا ويُتـَّهم أنه من بطانة ( الوزير) ومحرضه وتابع له ! وفي هـذا الباب إذ يبدو لنا أن صاحبنا أصيب بالاكتئاب ؛ وكـل مشاعره مصابة بالقلق والحزن والتشاؤم والذنب ! ولكن في واقع الأمر؛ تلك مجرد ألاعيب تمارس عبر الخطاب؛ المنفصل عن السلوك؛ لأن المكتئب غالبا ما يشعـربانعدام أية رغبة في الحياة. لكن الظاهر أن صاحب ( الإحتفالية ) يمارس ( الإهتبالية) وهـو أشد المتمسكين بالحياة. وهـذا حقه وحَـق غيره ؛ ولكن لماذا التصنع واستِـدرارالاستعطاف والبحث عن المآزرة ؛ هذا إن كان للإحتفالية  - جـوقـة - ؟ هنا يفرض علينا أن نقتحم باب ما جاء في احتفالية الوزير؛ لكي نفهم أكثـر نوعية الصراع الوهمي الذي خلقه بين المسرحي ( عبد الكريم برشيد ) والوزير !!

إحـــــــــــــــــــــــــــالات :

1) ) مجلة مقاربات حوار مع الفنان جمال سليمان أجراه: ناصر الغزالي 2007
2 ) ) مع الفنان محمد خـدي: جريدة العلم المغربية في 8/07/2017.حاورته حكيمة الوردي
3) ) لا تظلموا المثقفين ولا يظلمون وزراء الثقافة مجلة الجديد بقلم هيثم الزبيدي01/02/2018
4) ) كيف أصبحوا وزراء: لمحمد الجـوادي –  ص 8 مطبعة دار الخيال ط1 /2003
5) ) الوزير المثقف..عنترشايل سيفه : بقلم/ سالم محمود ناشر لموقع - شهارة نت ( اليمن ) في 2017-03-27
6)) «حظيرة الثقافة»..« ظل الحكومة»: كتبه : أحمد الهواري لصحيفة المصري اليوم في- 12/06/2013
7) ) تصاعد معركة المثقفين والوزير.. كتبه: بلال رمضان و ياسر أبو جامع وعبد الوهاب الجندي في صحيفة
        اليوم السابع المصري في/ 07/06/2013
8) ) نــفـســــــه

صفحات: [1]