عرض المشاركات

هنا يمكنك مشاهدة جميع المشاركات التى كتبها هذا العضو . لاحظ انه يمكنك فقط مشاهدة المشاركات التى كتبها فى الاقسام التى يسمح لك بدخولها فقط .


الرسائل - كمال لازار بطرس

صفحات: [1]
1
المنبر الحر / رد: عامٌ آخر مضى ..
« في: 21:50 22/01/2022  »
أخي لوسيان ..
في البدء، أعتذر  عن هذا التأخير في الرد على تعقيبك على المقال، وذلك بسبب ظرف صحي طارئ، ألمَّ بي لأكثر من أسبوعين ..
وافر الشكر لكم على مروركم اللطيف، وتعقيبكم المسهب على المقال ..
لا شك في أن الماضي جميل، وكلٌّ منا يتمنى أن تعود به الأيام إلى الوراء، إلى ما مضى و انقضى من العمر ، إلى أيام الصبا و الشباب، ولكن هيهات ..
نعم، الماضي جميل، ولكن التعلق به نوع من أنواع الموت البطيء ..
مرةً أخرى أشكركم ..
لك عاطر تحياتي ..
                 

2
المنبر الحر / عامٌ آخر مضى ..
« في: 01:11 01/01/2022  »
تمر الأيام، وتمضي الأعوام ..
كلُّ عامٍ يمضي، نقترب من خط النهاية، فتنقص أعمارنا، وتتراجع صحتنا، وتخور قوانا ..
عامٌ آخر مضى من عمر الزمن بما حمله من كمدٍ و همومٍ و شجن، وعام جديد أقبل، لا نعلم إن كان مُجلِباً لبشائر الخير والفرح، أم لمزيد من الكوارث والمحن ..
عامٌ جديد، لا نعلم ما يحمله لنا، وعامٌ مضى، توشّح بالسواد شعبُنا ..
عامٌ مضى، وعامٌ أتى .. ودّعنا واحداً، ونستقبل آخر ..
وبين القديم الذي مضى والجديد الذي أتى، تضجُّ حياتنا، ويتردد صدى أمنياتنا ..
ومثل هذا التردد بين ماضٍ لم يعد لنا قدرة على التأثير فيه، وحاضر لا نملك منه شيئاً، ومستقبل لا يمكننا التكهن بما فيه، نبقى تائهين بين ماضٍ جميل، وحاضر مؤلم، ومستقبل مظلم، نرى أنَّ حاضرَنا أفضل منه، فالأمس أفضل من اليوم، واليوم أفضل من الغد ..
ثمّة عام جديد حلَّ .. ثمّة رؤىً وأحلام وأمانٍ حائرات، وثمّة خطط وقدرات وطاقات، وثمّة صخور وحواجز وعقبات، وثمّة إنسان يبحث عن السلام، ويحلم في العيش بأمان ..
كل يوم يمضي من العمر، يمنحنا الخبرة ويمكّننا من اكتشاف حقائق جديدة، ويجعلنا في حالة بحث مستمر من أجل حياة أفضل وواقع أجمل، حتى تصبح أمور حياتنا أكثر سلاسة وأسهل ..
إذن، لماذا يتشبّث الناس بالماضي دائماً، ويقولون إنّه أجمل من الحاضر؟
إنَّ ذلك ليس من باب التشاؤم ، بل الواقع يعبّر عن ذلك، فلو رجعنا للماضي وتفاصيله، وشاهدنا الحاضر وصوره، لقلنا أنَّ الماضي حقّاً كان أجمل وأفضل من حاضرنا، وهذا رأي الأغلبية التي تردد وتقول: ما أحلى أيام زمان، فهم في حنين واشتياق إلى الماضي البعيد، بما يحمله داخلهم من ذكريات وقصص جميلة.. فعلى الرغم من صعوبة الحياة وقساوتها في ماضي الزمان، إلّا أنّ  التواصل والترابط الأسري، وصلة الرحم كانت أقوى ممّا هي عليه الآن، لأنَّ ذلك يتناسب عكسياً مع التطور، فكلّما تقدمت الحياة وتطورت، تراجعت الروابط الإجتماعية، وضَعُفَت العلاقات الإنسانية ..
وحاضرنا يقول: رغم المعايير العالية للرفاهية، بفعل تأثير التقدم العلمي والتكنولوجي على مظاهر الحياة، ورغم سهولة التواصل بين الناس، إلّا أنَّ الترابط الأسري مفقود والروابط الاجتماعية في تراجع مستمر، حتى النفوس لم تسلم من الإصابة، ففي الماضي كانت النفوس نقية طاهرة، رغم الفقر والجهل والعوز، أما في وقتنا الحاضر، ومع تقدم العلم والانفتاح، أصبحت النفوس تمتلىء بالحقد والكراهية والبغضاء، ناهيك عن الشعور بفقدان الثقة والأمان، فقد سيطر هذا الشعورعلى الجميع وأدخلهم في دوامة، أفسدت عليهم حياتهم وكل إحساسهم بالأمان، في ظل ضغوط فظيعة وخوف من مستقبل مجهول وحاضر مقلق وضعف في الإيمان، ومع محاصرة العديد من الأزمات المتتالية والمتلاحقة التي كان لها تأثير مباشر على حياة الناس و شعورهم بالخوف من المجهول، وما أقسى هذا الشعور الغريب المؤلم، في أن نشعر بأنّنا وسط أمواج متلاطمة، نبحث عن الأمان ..
وهنا نتساءل :
لماذا نقبع في دائرة الأسوأ، كـ ( حاضرنا ) دائماً ؟
هل نحن لا نعرف كيف نعيش، أم أنّنا نعيش من أجل أن لا نتعلم كيف نكون في وضع أفضل من الماضي، أم أنّنا نركض دائماً وشبح الماضي خلفنا، يطاردنا ؟
لماذا ماضينا أحلى دائماً من حاضرنا ؟
إنّها مجرد أسئلة تبحث عن إجابة مقنعة .. 


   
 



3
أخي العزيز جان المحترم ..
قبل كل شيء أعتذر عن هذا التأخير غير المتعمد في الرد على مداخلتك ..
يطيب لي كثيراً شذى حضورك، ومرورك الدائم على مقالاتي، ويسعدني ويشرفني أكثر حرصك على التعقيب والتعليق عليها ..
وافر الشكر، وعظيم الامتنان لك على هذه الإضافة الجميلة، وعلى هذه المشاعر الطيبة المليئة بالصدق، التي تعكس نبل أخلاق صاحبها ..
لك كل الود والمحبة والتقدير ..
        أخوكم / كمال

4
شحّاذون من نوع آخر

أيام زمان، كان التسوّل يقتصر على أولئك الذين يعانون من وطأة الفَقر والجوع والمرض، أناس تقطّعت بهم سبل العيش، فلم يجدوا بُدّاً من ركوب الصعاب في صراع مرير مع قسوة الزمن، فلجأوا إلى هذا الأسلوب المهين حفاظاً على حياتهم من الهلاك، أو القضاء جوعاً ..
أما اليوم، فالصورة تختلف تماماً، إذ لم تعد الشحاذة تقتصر على أولئك الذين كانوا يفترشون الأرصفة، و يتسكعون في الشوارع أو عند مداخل الأزقّة الضيّقة، فقد دخل الميدان شحّاذون جدد، البعض منهم لم يعِش أو يعايش الفَقر من قبل، و لم يذقْ طعم الحرمان أو العَوَز في حياته ..
  تُرى ما الذي دفع بهؤلاء إلى هذا المُنزَلَق الخطير، أو إلى هذا الدرب الحقير؟!
إنّها عقدة المال التي تتحكم في النفوس المريضة، و لعلّها أخطر آفةٍ انتشرت في وسطنا الاجتماعي، الذي لا تعرف مَن فيه مع مَن، ولا مَن فيه ضد مَن، في ظروفٍ تتداخل فيها الشؤون والشجون مع بعضها تداخلاً غريباً إلى درجة تثير الريبة والشك ..
و هؤلاء الشحّاذون أنواع : منهم من يشحذ موقفاً لصالحه في قضية معيّنة ..
ومنهم من يشحذ الشهرة، ويهرق ماء وجهه على الأعتاب، وشيئاً فشيئاً يأخذ على ذلك حتى تتحول الشحاذة عنده إلى قاعدة، و رويداً رويداً يشعر أنّها شرف رفيع، وأنّها الطريق الأقرب والأسهل إلى جمع المال ..
وهناك من يشحذ المديح والتصفيق من بعض المنتفعين المصطَّفين حولَه، وبفعل التَّكرار، يخال أنّ الدنيا كلَّها تصفّق له، وأنّ الناس يُسبِّحون بحمده، وهذا النوع من الشحّاذين جدير بالشفقة والعطف لأنّه أتعس مخلوق بشري على وجه الأرض ..
 إنّ أكبر المتسولين، من لا تبدو عليه مظاهر التسول، أو لا يدل أي تصرف فيه على أنه متسول، بل على العكس، إنّ كلّ ما فيه وما يبدو عليه، يعطي الانطباع بأنّه بريء من هذه التهمة الوضيعة التي لَصِقت به ..
وأخطر المتسولين ذاك الذي يُتقن لغة الشحاذة ، ويجيد فن استدراج العواطف و استمالة القلوب ..
ومن سخرية القدر أن تتحول الشحاذة في هذه الأيام، من ذلٍّ قائم إلى عزٍّ دائم، عزٍّ مزيّف، يسعى إليه البعض ممن يعانون من عقدة الشعور بالنقص، وهم بذلك يناقضون أنفسَهم فيما يقدمونه من تنازلات على حساب كرامتهم، في سبيل أن يحصلوا على لقب ( الشحّاذ الأشطر ) أو ( الرأس الأكبر ) في الشحاذة !، وما أكثر الذين يتسابقون على حمل هذا اللقب التأريخي في هذه الأيام، وصاحب هذا اللقب الجديد عادة ما يُنرفز، ويُعنطز إذا لم تُكِلْ له المديح، أو لم تعطِهِ حقَّه من حلاوة اللسان، ويأخذ على خاطره منك إذا لم تَخلَع عليه صفة (الرأس الأكبر).
والرأس الأكبر هنا تعني : المخطِّط، والشحّاذ هو من أكبر المخططين، فهو يعرف في أيّ وقت يجب عليه أن يتحرك، ويتقدم خطوة إلى الأمام، كأنّه عالم نفساني، يدرس الوجوه بإمعان، يدرس الوجوه ثم يقترب من الهدف، يعرف كيف يختار أكثر الجمل تهذيباً وإثارة للمشاعر، يصطفي أبرع المواقف لكي يُقنِعَكَ إنّه شحاذ متمرّس، وحين تقتنع، أو تشفق عليه أو تسايره، يظن أنّك ( الفريسة التي كان يبحث عنها منذ زمن )، فيهيِّئ نفسَه للطعام، ويستعد للوجبة الدسمة ..
هؤلاء هم الشحّاذون الحقيقيون، أصحاب خبرة و ممارسة، شحّاذون محنّكون بكل المقاييس، ولكي تشاهدهم على الطبيعة، راقبهم من بعيد، و راقب تصرفاتهم، حذارِ أن تقترب منهم أو تحتك بهم، لأنك ستتلوث، فالشحاذة تصيب بالعدوى، الواحد يصيب رفيقَه، والرفيق يصيب رفيقَه الآخر، وهكذا دواليك، حتى لا يعود هناك مكان للصالحين، إلاّ قليلاً.. نعم، إلاّ قليلاً، فالصالحون موجودون دائماً،  موجودون في كل مكان وزمان، هم وجه الخير الدائم، هم هدير البحر وصوت الريح، هم دفء الشمس في أيام الشتاء الباردة ..
أمّا أولئك الشحّاذون الذين يسيرون في درب الشحاذة و رؤوسُهم مرفوعة، فهنيئاً لهم هذا العار الذي ألحقوه بأنفسهم، هنيئاً لهم هذا السقوط المروّع، وأياديهم ممدودة للاستعطاء، وألسنتهم ممدودة للاستجداء، وعيونهم ممدودة للنحيب والبكاء ..
فلْيُمرِّغوا أنوفَهم في التراب، ويبكوا ..
 لِيبكوا حتى يموتوا، ولْنَبْكِ عليهم، لا معهم ..
و لكن هل يستحقون أن نبكي عليهم؟
لا، فدموعنا أنبل بكثير من أن تُذرَفَ على أولئك الذين رفعوا شعار ( نعم للشحاذة، لا للكرامة ) ..


5
المنبر الحر / رد: صقيع النفاق
« في: 06:17 19/10/2021  »
أخي العزيز مايكل ..
تحية طيبة ..
سرّني كثيراً مروركم الكريم على المقال، وتعقيبكم الجميل عليه ..
أتفق تماماً مع ما ورد في معرض ردكم، فقد راقت لي عبارتكم ( قلِ الحقَّ دون أن تبالي بالزائغ ) .. نعم، فالحقُّ أبلج، والباطلُ لجلج ..
وافر الشكر لكم، مع مودتي .


6
المنبر الحر / رد: صقيع النفاق
« في: 05:27 17/10/2021  »
الأخ لأستاذ مال الله فرج المحترم ..
تحية طيبة ..
وافر الشكر لكم على مروركم البهي، ومتابعتكم الدائمة لكتاباتي ..
لا شك في أنّ حرصكم على متابعة مقالاتي وقراءتها، ومن ثَمَّ التعقيب عليها،  لهو دليل على تذوقكم لمواضيعي، وهذا ما يجعلني في حالة بحث مستمر عن الأفضل، لكي أكون عند حسن ظنكم وظن جميع القراء الأعزاء ..
مرةً أخرى أشكركم ..
تقبلوا عاطر تحياتي .

7
المنبر الحر / صقيع النفاق
« في: 05:49 06/10/2021  »
  لاشك في أنَّ الحياة الاجتماعية فيها نفاق، بل إنّها تبارك النفاق وتدعو إليه في كثير من الأحيان ..
 ففي حالات كثيرة يتحتم عليك أن تضحك لشخص لا ترتاح إليه، أو لإنسان  لايتمنى لك الخير، أو لواحد من الذين يقفون منك موقف عداء ويُضمرون لك الشر ..
وتشدك تلابيبك أن تجامل أشخاصاً تأنف أن تتحدث إليهم، أو أن تقدم إلتماساً إلى شخص معقد كخشب الصحاحير، ممسوح الكرامة، غارق حتى أذنيه في مستنقع الرذيلة، لكنّ القدر جعل أمور العباد في يده ..
  وتشاء الصدفة أن تجمعك بأحد أبطال حكايات الفضائح والسرقات والمخزيات، التي يُحكى عنها هنا وهناك، وهو يحمد في سرّه اللحظة التي جمعتك به من غير ميعاد ..
 وقد تضطر للتودد إلى اشخاص لم تسمع بأسمائهم من قبل، تلتقيهم في حفلة أو مناسبة يدعوك إليها أحدهم، وهذا النوع من الود والاستلطاف يجب أن تمارسه مرغماً عندما يقدمهم إليك صاحب الدعوة أو المناسبة إيّاها، على ضوء ما يفرضه بروتوكول العلاقات العامة وفن ( الأتكيت ) المتبع فيها ..
ومصلحتك تحتم عليك أن تضحك لأسخف نكتة يطلقها رجل لك معه مصلحة، وأن تستظرف ثقلاء الدم لأغراض لك أو لغاية في نفسك، تمليها عليك حسابات خاصة ..
ويمارس الناس التزييف في حياتهم فيصبح جزءاً مكملاً لشخصيتهم وطباعهم .. فالعامل الذي يقوم على خدمة الناس في الأماكن العامة، مطلوب منه أن يكون دائم الابتسامة مع الجميع  دون أن يشعر بأي حافز يدفعه إلى ذلك ..
وعندما يصبح لرجل مال كثير، يتسابق الجميع لاكتشاف مواهب له، كان المسكين يحلم ولو بواحدة منها قبل أن يستغني .. فهو مثقف وذكي ونبيه، لا تنقصه الفراسة ولا تفوته شاردة أو واردة.... إلى آخره من هذه الألقاب والصفات الحميدة، التي يغدقونها عليه ويرسخونها في ذهنه، حتى يحملوه على تصديقها مع أنّ الرجل براء منها جميعها ..
وقد نتعرف عن طريق الصدفة إلى مجموعة من الناس، الذين يفضلون الإشاعات على الخبر اليقين، أناس يتبادلون الغمز واللمز، بدلاً من أن يستقوا المعلومات من مصادرها أو منابعها، فيقوم بيننا استلطاف متبادل، ثم نصبح أصدقاء، وحتى نتفاهم ونصبح اصدقاء، يجب أن يكون وقود الصداقة المستجدة بسرعة البرق شيئاً ما، كجمع الفضائح أو النميمة أو بث الإشاعات المغرضة، نتبادل المعلومات حولها بمنتهى السعادة، وبلذة عارمة لا حدود لها، وكأننا وحدنا قادرون على النيل من الناس، وإنهم هم عاجزون عن النيل منّا أو أن يردوا لنا ( التحية ) بمثلها ..
إضافة إلى ماتم استعراضه، هناك صور ونماذج أخرى من النفاق، البعض منها مرئي وواضح، لايحتاج إلى جهد كبير للتعرف عليه أو الكشف عنه .. والبعض الآخر مبطَّن ومغلَّف، ليس من السهل ملاحظته أو اكتشافه قبل مرور بعض الوقت، كأن تعمل في مؤسسة تكره صاحبها أو كأن تقترع لأحد المرشحين في الانتخابات وهو غير جدير بالثقة ولا يصلح لشغل أي منصب أو مقعد نيابي، ومع ذلك  تجد نفسك مرغماً على التصويت له،  إرضاءً لصديق لك أو خضوعاً لضغوط تُمارَس عليك من هذه الجهة أو تلك ..
والحياة الدبلوماسية هي الأخرى لا تخلو من النفاق، بل إنّها حافلة بأعلى مستوى من النفاق، ولعلَّ ما نراه على شاشات التلفزة أصدق دليل على ذلك .. إنّ ما تعرضه هذه الشاشات من صور للقاءات تجري بين الأعدقاء ( الأعداء الأصدقاء ) من الزعماء والوزراء والسفراء، وهم يمدون أيديهم إلى بعضهم ليتصافحوا، ماهي، إلاّ غش وخداع وتمويه وضحك على الذقون، فلايظُنَنََّ أحدكم إنّها تعبّر عن الحقيقة أو الواقع، ففي الوقت الذي تمتد فيه اليد اليمنى لأحدهم لمصافحة زميل له، فإنّ يده اليسرى تخفي خنجراً مهيّأً للتذابح والاقتتال في أيَّةِ لحظة، وإنّ ما يجري ليس سوى المنطق الدبلوماسي الذي يفرض حدّاً أعلى من توطيد العلاقات العامة على حساب أي شيء آخر ..
وإزاء كل هذا وذاك، يجد المرء نفسَه حائراً، عاجزاً، يتألم وهو يستعرض هذه النماذج، وهذه الصور الحية للنفاق، الذي بات أمراً مألوفاً وشائعاً في هذه الأيام، ولكن عناده قد ينتهي ويستسلم، بعد أن ينال منه التعب من المقاومة، ويتأكد له بأنّ في عالم المجانين، العاقل وحده هو المجنون .       
     
[/color][/b][/b][/size]

8
المنبر الحر / رد: لعبة الحياة
« في: 06:01 12/07/2021  »
أخي وصديقي العزيز الإعلامي اللامع مال الله فرج المحترم ..
تحية معطرة بشذى الورد ..
في البدء، عذراً على هذا التأخير في الرد على تعقيبكم المسهب على المقال، وذلك بسبب كثرة التزاماتي و انشغالي ببعض الأمور الملحّة ..
سرّني كثيراً مرورك العطر، وردك الجميل وتعقيبك المفيد عليه ..
ما أروع قلمك حين يصول ويجول بين أحرفي وكلماتي ..
تعقيبك على أيّ مقال، يكفيه إنّه يحمل توقيعك، ليغنيه، ويزيده جمالاً وقيمةً، وأيَّةُ إضافةٍ يسطّرها

 قلمك الجميل، تسعد كاتب المقال وتشرفه ..
لك وافر شكري وتقديري مع خالص محبتي ومودتي ..

9
المنبر الحر / رد: لعبة الحياة
« في: 16:51 16/06/2021  »
أخي العزيز جان ..
شلاما و إيقارا ..
وافر الشكر لكم على متابعتكم المتواصلة لكل ما أكتب وأنشر في هذا المنبر الموقر ..
نعم، كما ذكرت، الحياة مسرحية، ونحن شخوصها.. الكل يؤدي دوره فيها، وقد يجيد دورَه هذا ويفلح في أدائه، وقد يخفق ..
زينتم صفحتي، وأنرتموها بحضوركم فيها ..
أترككم مع قدحٍ من شاي العصر الذي تحرسون على شربه هنيئاً ..
لكم كل التقدير مع مودتي .
    كمال / 

10
المنبر الحر / رد: لعبة الحياة
« في: 10:06 14/06/2021  »
أخي الفاضل صباح..
تحية طيبة..
قبل كل شيء أشكرك على مرورك الكريم، وتعقيبك على المقال، سواءً أكان سلباً، أم إيجاباً، فهو يفرحني..
 لنبدأ من الأخير، أقتبس هذا المقطع :
وفي النهاية أنا من أكتب أسمي في سفر الحياة وليس في اللوح المحفوظ , لأن اللوح المحفوظ  ليس من ثقافتنا وشكرا .
   المقصود باللوح المحفوظ هنا، هو مستودع أو مخزن ( إن صح التعبير )، وهو مصطلح عام، ورد ذكره منذ القدم، ولم يقتصر ذلك في العقيدة الإسلامية فقط، بل هناك ملل و أديان أخرى كثيرة فسرته حسب معتقداتها، فعلى سبيل المثال:
 السومريون اعتقدوا بوجود ألواح طينية محفوظة في السماء عند الآلهة ..
 والديانة الإيزيدية تؤمن بوجود لوح محفوظ عند إله الإيزيدية ..
أما في المسيحية فـ ( كما تفضلت ) يُذكر في الإنجيل مصطلح ( سفر الحياة )، الذي يعتبره البعض إنّه اللوح المحفوظ ..
 وفي اليهودية، هناك من ربط ( لوائح موسى ) باللوح المحفوظ، ففي رسالة العبرانيين ( 9 – 3 و 4 ) أنّ لوحي موسى حُفظا في تابوت العهد، الذي صنعه موسى حسب أمر الله، وهو ما معناه اللوح المحفوظ، أو بالأحرى، معنى اللوحين المحفوظين ..
نعم، من المؤكد أن لكل لعبة شخوصها وقوانينها، وأيضاً، لاننسى فنونها، وفيما يتعلق الأمر بالشخوص، فمن قال لك إنّهم ليسوا أفراداً ؟! و إنْ لم يكونوا أفراداً، فمن يكونون ؟ كائنات فضائية مثلاً !.. من الطبيعي هم : أنا، و أنت ، و هو، و هي، و هم ... وكل ضمائر الرفع المنفصلة الأخرى ..
أما ما يتعلق بتساؤلك ( لماذا لا نبدأ بـ ( الأنا )، و ( مالي ومال الناس )، فأقول : أنا في الكتابة أعرف حدودي تماماً، وملتزم بآدابها وقواعدها، ولم أتطرق في هذا المقال لسيرة أحد، بل تناولت فيه شواهد حية من واقع الحياة التي عشتها، فلم أطرح أفكاراً محلزنة أو جاهزة، بل تجربة شخصية، و دروس، وعبر، من خلال عرضي لنماذج من البشر يمكن أن يصادفها أيّ واحدٍ منا في حياته اليومية، لذلك بدأتُ عباراتي بـ ( منهم ، ومنهم )، باختصار شديد، هي تجربة ذاتية لإنسان في مشواره مع الحياة، صادف فيها الكثير من المواقف المعلنة، وأخرى مستترة، أو مدفونة تكشفت له بعد حين ..
مرةً أخرى وافر الشكر لك ..
أنرت صفحتي .



11
المنبر الحر / لعبة الحياة
« في: 02:07 11/06/2021  »
                                        لعبة الحياة 
 
هل فكر أحدكم في أن يسطّر على اللوح المحفوظ ما يتمناه اليوم أو غداً؟
في هذه الحال، ماذا سيكتب وماذا سيكتب الآخرون عنه، أو عن أنفسهم؟
أعتقد أنّنا لو كتبنا لأنفسنا أن نعيش إلى الأبد في نعيم، فسيكون هذا الأمر أكثر قسوةً ممّا هو مكتوب في لوح كل منّا ..
إنّ الحياة على الصورة التي يحياها كلٌّ منّا مغريةٌ له، مهما شابتها من عراقيل ومتاعب وقلاقل وآلام، هذا إذا عرف كيف يتعامل أو يتفاعل معها.
ولكن هل بقي في هذه الحياة ما يغري ؟
وهل كان فيها ما يغري من قبل ؟
ربما خبرة وتجربة، وكثير من الدروس والعبر ...
خبرة في لعبة الحياة، كيف تعيشها، كيف تتحايل عليها، كيف تسمح لها أن تتحايل عليك، كيف تأخذ منها بعض استقرار، بعض أمان، بعض اطمئنان، بعض تألق، مقابل ما تدفعه من عمرك وراحتك وصحتك ..
إنّها مسرحية من فصول متصلة، قد تطول أو تقصر، ولكن شخوصها كثيرون والدروس المستخلصة والعبر من تعاملك معهم كثيرة، والفرق شاسع ومدفون بين المُعلَن والمكنون ..
منهم من يطل عليك بوجه بشوش وبقلب أبيض تغمره الطيبة ..
ومنهم من تَعفَّنَ قلبه داخل أضلعه، ويُخبِّئ بين زواياه خبثاً و ريبة ..     
منهم من يدلّك عليه قلبك الأبيض، من دون عناء يُذكر، فيخبرك بصدق نواياه ومشاعره ..
ومنهم من تَعرِف مباشرةً، أو تكتشف بعد حين، إنَّه يعطيك من طرف اللسان حلاوةً والباقي منه منقوع في السم الزُّعاف..
منهم من يبخل في التعبير عن محاباته لك علناً، ويُكثر سرّاً في الدعاء لك بالتوفيق والخير والفلاح ..
ومنهم من يُغرقك في ( جحيم من القُبَل )، وتكتشف في سرّك إنّه جحيم فعلاً، لأنه يزرع دربَك بالأشواك، للنيل منك والإيقاع بك في هوةٍ سوداء، لا مخرجَ منها ولا خلاص ..
منهم من يقدّر لك عفّة اللسان، ونظافة اليد، وطهارة القلب، لكنّه مثلك لا خيلَ عنده يُهديه، ولا مال، وكثيراً ما يخذله، حتى النطق حين لا يُسعِف الحال!
ومنهم من يعتبر عفّة اللسان ضعفاً في الحنجرة، ونظافة اليد نقصاً في التجربة والخبرة، وطهارة القلب سبباً للاستغلال المربح وتحقيق مآرب شخصية ..
منهم من يحفظ لك أنّك آخيته، ولم تَنْسُج من مشاعره تجاهك سرجاً لشهواتك وغرائزك ..
ومنهم من يرد لك الحب أشواكاً تُدمي قلبك ما بقي لك من عمر، ويرد لك الجميلَ طعناتٍ نافذةً في خاصرتك ..
يجفُّ الحِبرُ ولا تنتهي المقارنات بين شخوص هذه المسرحية المتصلة، بين لحظة الميلاد وحتى الإغفاءة الأخيرة ..
إنّها الحياة تعطيك كثيراً، لكنّها تأخذ أكثر، تتنفسها شهيقاً بعد زفير، كلمة كلمة، وحرفاً حرفاً، وتتعلم في كل لحظة جديداً يضاف إلى قديمك ..
ولَئِنْ كانت الحياة هي الحياة، سواء أكانت تروق لك أم لم ترقْ، فإنّ بعض العزاء أن تستمد من خبراتك وتجاربك الصبر والقدرة على تحمل أعبائها، وأن تسامح أولئك الذين أساءوا إليك، فلا تفرح بالانتقام، إلّا النفوس الضعيفة .
ِ

12
إلى الأخ والصديق العزيز جان المحترم ..
يسرني كثيراً حضوركم البهي، وتواجدكم  الدائم في صفحتي ..
ينحني الشكر أمام إطرائكم، وكلماتكم الصادقة المعبرة، فرائحة حضوركم العطرة طغت على المقال، وزادته جمالاً في جمال ..
سَلِمَت يمناك على ما حملته لنا من هدية لطيفة، اتخذت لها حيّزاً في الذاكرة ..
قرأت كلماتكم الشعرية بشغف وحب، ورأيت أنّها تعكس روحاً رقيقة وشفافة تقف وراءها
 تحياتي القلبية لكم، مع خالص مودتي ..
 محبكم / كمال

13
      
                                      
( ويلٌ لأمةٍ كَثُرتْ فيها المذاهب وقَلَّ فيها الدين. )
كلّما قرأت هذا الكلام لـِ ( جبران خليل جبران )، تذكرت وطني الجريح، الذي ابتلى بالجنون منذ ما يزيد عن السبعة عشر عاماً ..
جنون الطائفية، والمذهبية، والفئوية، الذي أغرقه وما يزال في الدم والنار والدمار..
جنون ليس كأي جنون..
جنون انتقل إلى كل بيت، وشارع، ومدينة ..
جنون أصاب الجميع ..
جنون يزداد خطورةً مع الأيام  ..
وطني امتلأ بالمجانين يا سادة .. مجانين من كل صنف، ونوع، ولون ..
في وطني اجتمع كل المجانين.. مجانين الشرق والغرب، مجانين هذا العصر والعصور الغابرة، مجانين اليمين واليسار..
من قال: أنَّ نيرون قد مات..
ومن قال: أنَّ جنكيز خان مات..
وهولاكو، وتيمورلنك، والحجّاج بن يوسف الثقفي .. من قال هؤلاء ماتوا ؟
إنّهم ما زالوا أحياء يُرزقون، فقد ولِدوا من جديد في وطني..
أنظروا ماذا فعلوا بالوطن ..
فبدل أن يُنقذوه، أغرقوه في بحر من المآسي، ورموه في هوّةٍ من الألم والضَّياع..
بدل أن يسهروا عليه، أمعنوا فيه ضرباً ونهباً وشراسة، وتركوه فريسةً للضِباع..
بدل أن يُطعِموا أبناءَه من نِعَمِه وخيراته، تركوهم عُرياناً وعطشى وجياع..
فرّقوا عائلاتِه وشرذموا طوائفَه، وأضرموا إحمرارَ الحقد والبُغض والانتقام في قلوب بنيهِ..
وهبوا كلَّ ما في الوطن للموت، وسخّروا كل السواعد للقتل، وفخّخوا كل الإرادات والضمائر..
الحق أصبح للقوي رغم عائديته للضعيف، فلا نصيرَ له أمام غلبة الباطل والظلم ..
كلامهم شيء، وحقيقتهم شيء آخر ..
الكل يتحدث عن التسامح والحوار، والحوار اختفى في أقبية جاهليتهم..
الكل يتحدث عن الحرية، والحرية تُذبَح يومياً على مذبحِ ساديَّتِهم وجنونِهم..
الكل يتحدث عن العدالة، والعدالةُ تُداس بأقدام جشعِهم وهوسِهم..
الكل يتحدث عن عنفوان الوطن، والوطن يحترق بنيران حماقاتهم وحقدهم ..
في وطني، لا فرق بين ظالم ومظلوم!
في وطني، لم تبقَ هناك مِساحة للفرح، فكل المِساحات غطّتها الهموم!
في وطني، لا ابتسامات مرسومة على الوجوه، فكل الوجوه عَلَتها علاماتُ الوجوم!
هذا الواقع المرير يتحسّسه ويلمسه ويعيشه كل من جعل منه القدر أن يحمل اسم هذا الوطن في بطاقته الشخصية..
إنّها لعبة المجانين، لا يعرف أفانينَها، غير الشياطين، والهدف منها تخريب النسيج المجتمعي في هذا البلد، للقضاء على تقاليد الألفة والصفاء والمحبة والتعايش الأخوي بين أبنائه المخلصين..
أيّها الوطن المسكون بالجن والمجانين..
الحمقى باعوك في جُنح الدجى ..
باعوك يا أغلى وطن، باعوا الكرامةَ كلَّها وقبضوا الثمن ..
ماذا تنتظر، وبمن تستنجد؟
لن يكون لك معين ومنقذ سوى أبنائك الغرّ الميامين..
إرفع عنك غبار الزمن، وآنهض بقوة..
إنهض، وآصفع من داسك بأقدامه المتوحشة..
إرفع هامتك المديدة، وآصرخ في وجههم..
أنثر ترابَ الأرض في عيونهم لتجلوَ بصيرتُهم..
أرفض الحلول المزعومة والمؤامرات المحاكة على ظهرك المُحدَوْدَب، وقل :
لا نامت أعينكم أيّها السفلة، فإنّ أجلكم قد دَنا ..

14
                       
                           
 من سخريات القدر، أنّك عندما تزور معرضاً للكتاب، فأول ما يثير انتباهك، أنّك تلاحظ تجمهر الزوار أمام أحد الأجنحة بازدحام ملحوظ، فتقودك قدماك ( لا إرادياً ) إلى حيث الموقع، وهناك تصاب بالذهول، عندما ترى سلسلة لا تنتهي من الكتب البلهاء التي تعالج موضوع صنع الإنسان، و صنع أفكاره، وعواطفه، وعلاقاته، وإلى ما هنالك من أمور أخرى على صلة بحياته الخاصة..
 وتنخرط هذه الكتب في نظام واحد، إذ يبدأ عنوان كل منها بكلمة ( كيف )، يليها فعل الصناعة..
 وقد ترجم أصحاب دكاكين المنشورات إلى اللغة العربية معظم هذه البلاهات، انتفاعاً بسذاجة القراء واستخفافاً بأفكارهم وعقولهم..
 في آخر زيارة لي لأحد هذه المعارض قبل بضعة أشهر، رصدت عيني نماذج كثيرة من هذه الكتب، هذه عناوين بعضها:
 كيف تصنع الأصدقاء؟
 كيف تصنع الشهرة ؟
 كيف تنجح في المجتمع؟
 كيف تنجح في الحب؟
 كيف تصبح مليونيراً؟
 إلى آخر هذه الأهوال والتفاهات، التي هدفها زرع الوهم في نفوس المشترين..
 الشيء الأكثر غرابة شاهدته في ذلك المعرض، هو منظر رجل أشيب ذي لحية بيضاء وجبهة علياء، واقف هناك يتصفح في أحد هذه الكتب، فقلت في سري: يا ترى، إلى ماذا يتطلع هذا الشيخ الجليل؟، وكم بَقِيَ له من العمر حتى يصنع نفسه ويرسم مستقبله ؟!
 هذا المشهد عاد بذاكرتي إلى الوراء، إلى ماضي الزمان، فتذكرت شخصاً، كان مدمناً على قراءة هذه الكتب، التي لا تنفع ولا تشفع، وإذا عثر على واحد منها بعد عناء طويل، وجد في قلبه من السرور والسعادة ما لا يكاد يوصف..
 أذكر مرة اقتنى واحداً من هذه الكتب، يحمل عنوان ( كيف تصنع الأصدقاء ).. قرأه مراراً و تكراراً، وأخذ يطبقه حرفياً في علاقاته اليومية مع الناس، وكانت النتيجة التي حصل عليها في النهاية أنْ أصبح موضوع تندّر واشمئزاز معاشريه، وصورة من صور التصنّع القاتل في حركاته، في تصرفاته، في كلامه، حتى في طريقة مشيته، إلى درجة يصعب عليك التقدير، إنْ كان حقّاً يمشي أم يرقص ( الفالس )، وفي النهاية خسر جميع أصدقائه، وكانوا كثيرين، قبل أن يتعلم كيف يصنع الأصدقاء، وقبل أن يتعلم هذه الصناعة البالية..
 ولما يَئِسَ صاحبنا من ( صناعة ) الأصدقاء، تركها وبدأ ( صناعة ) أخرى هي ( صناعة ) العشق، فاقتنى كتاب ( كيف تصبح معشوقاً )، ثم كتاب ( كيف تنجح في الحب )، وقرأ الكتابين بنهم المتعطشين إلى المال الحرام، وطبّق ما ورد فيهما على علاقاته مع النساء، وكان قبل ذلك على علاقة حب مع واحدة من بنات حواء، فتاة مستورة على قدر كبير من الجمال و الدلال، قدمها أفهم من رقبة مؤلف هذه الكتب .. فلم يمضِ شهران على مباشرته هذه الصناعة، حتى شعرت الفتاة بالصدمة من جراء تصرفاته المريبة، فهجرته، حتى من دون أنْ تكلف نفسها أنْ تخبره بانتهاء العلاقة بينهما، احتقاراً منها لما ظهر عليه من بشاعة التصنّع وصقيع النفاق، وهو ( يصنع ) نفسه في الشهرين الأخيرين بناءً على توجيهات وإرشادات كتب (السايكولوجي) البلهاء..
ولَئِنْ كان صعباً عليه تحمل الفشل الذي لازمه في حياته، وبسبب عجزه الكامل عن تشخيص الخلل و مواجهته، فقد أصيب بحالة من الإحباط الشديد، نتج عنه تراجع حاد في صحته على نحوٍ كاد يودي بحياته، لولا التدخل السريع من قبل أهله وانقاذه..
 وتلك نتيجة طبيعية، بل حتمية، لأنه أراد يوماً أن يكون استثنائياً من دون سائر البشر، أبهرته عناوين كتب مضللة لمؤلفين عرفوا كيف يقودون الناس كالخرفان، كالعميان .. كتب تافهة، تروّج للأوهام، سلبت عقله، فأخذ ما في ثنايا سطورها محمل الجد، لترسم له مسار حياته، وتحدد له تصرفاته، حتى انتهى به الأمر إلى هذا الوضع المأساوي.. فكل شيء ما لم يكن طبيعياً كان رد فعله كارثياً. 
 
 



15
استضافت جمعية الثقافة الكلدانية مساء يوم الخميس الماضي  الثامن عشر من تموز / 2019 الدكتور( روبن بيث شموئيل ) مدير عام الثقافة والفنون السريانية في محاضرة بعنوان ( اللغة وطنٌ لمن لا وطنَ له )..
استهل المحاضر محاضرته معللاً سبب اختياره لهذا العنوان، فأجاب بأنه تعبير مجازي، فاللغة المحكية ( السورث ) تعد المعادل الموضوعي للوطن، وهي الرابط القومي الأقوى بين أبناء شعبنا في الشرق الأوسط، حيث مولدها منذ حوالي القرن الثامن قبل الميلاد، وتداولها في المنطقة نفسها إلى اليوم، وأشار المحاضر إلى أنّ عمر الشعوب يكمن في لغتها القومية، وأصول الشعوب مرهون بدراسة لغاتها، ثم تساءل: من أين جاءت ( السورث )؟، ولماذا بقاؤها في نفس الأرض الأم ( الجغرافيا / الوطن )، واستشهد بآراء الباحثين والعلماء في أقدمية ( السورث المحكية )، معزياً ذلك إلى أنَّ لغة الكلام أقدم من لغة الكتابة، والحوار بين البشر قد سبق التدوين، إذ تكلم الإنسان أولاً، ثم بعد آلاف السنين بدأ يكتب، وهو يتعلم اللغة الأم في البيت والمحيط قبل الذهاب إلى المدرسة، ثم تطرق إلى الآثار الأولى للغة ( السورث )، وشرح بإسهاب من أين جاءت التسمية، مؤكداً إنه اسم شعبي نابع من فكر وثقافة الشعب الناطق بها، وليس من خارجه، وترجع جذوره إلى حوالي القرن الثامن قبل الميلاد، كما عرّج على بعض التسميات التي أُطلقت من قبل الشعوب الجارة على لغة المسيحيين السريان ( فليحي، فه له )، حيث قال إنّها تحريف ونسب لمهنة الفلاحة، إذ كان المسيحيون بمعظمهم يمتهنون الفلاحة التي تدلل على أنهم أصحاب الأرض والعقار الأصلاء، لأن المسلم الوافد لم يزاول الزراعة.. بعد ذلك تحدث المحاضر عن التلاقح اللغوي الذي حصل بين اللغة الأكدية والآرامية، واللهجات المنبثقة كنتاج لهذا التلاقح، على سبيل المثال ( لهجة الرها السريانية الكلاسيكية، السورث، الطورويو، لهجة معلولا، لهجة الصابئة المندائيين )، ثم تحدث عن مراحل تدوين السورث، وصنفها إلى محاولات التدوين الفردية منذ نهاية القرن السادس عشر ( أدب الدوركياثا )، والمحاولات المؤسساتية التي جاءت بجهود وإدارة الإرساليات الأجنبية الوافدة إلى منطقة أورميا منذ الثلث الأول من القرن التاسع عشر، وتطرق إلى تطوير السورث الذي يكون بتقريبها من السريانية الكلاسيكية المتداولة في الكنائس الشرقية والمشرقية، أي تطورها يكون نحو التوحد والاتحاد مع الجذور والأصول السامية المشتركة، وذكر أنّ ( السورث ) ارتوت من ثلاثة منابع: الأكدية، الآشورية البابلية، والآرامية، واللغات المتاخمة.. وأخيراً ومن أجل الحفاظ على السورث وديمومتها، وعدم انقراضها ، اقترح شعاراً، وهو: كنْ، مواطناً في الشارع، وسورايا في البيت، بمعنى آخر، تكلم  بلغة البلد الرسمية ( العربية، الكردية، الانكليزية، الفرنسية، ... إلخ )، ولكن تكلم باللغة الأم ( السورث ) في البيت..
وفي ختام المحاضرة، كانت هناك مداخلات على شكل أسئلة واستفسارات، أجاب عنها المحاضر بكل رحابة الصدر..

16
الأخ والجار العزيز أبو مي المحترم..
سرّني وأسعدني كثيراً حضوركم البهي في صفحتي ..
متابعتكم لمواضيعي، تجعلها تستنير وتبتهج فرحاً بمروركم الجميل..
أشكركم على إطرائكم اللطيف، و تقييمكم الإيجابي للمقال ..
أخي وصديقي العزيز فريد .. كلٌّ له خياراته في الحياة، وهو حر فيما يشاء و يختار، ولكن أن نلعن الوطن و ندير ظهرنا له، و نطعن به، فإنَّ ذلك يتعارض مع القيم والأخلاق التي تربينا، وتربى عليها آباؤنا و أجدادنا..
شكراً لكم مرةً أخرى..
تقبلوا تحياتي، مع خالص تقديري لشخصكم الكريم ..
            أخوكم / كمال

17
السيد لوسيان المحترم..
وافر الشكر لك على مرورك الكريم، وتعقيبك، وتعليقك المسهب على المقال..
كان بإمكانك أن تكتفي بالأسطر الثلاثة الأخيرة منه، فقد اختصرتْ كل ما تريد قوله، لأن التكرار في اللغة العربية أمرٌ غير محبّذ، ويكون على حساب القيمة الأدبية للكلام.. فخير الكلام ما قلَّ و دل، ولا يمل.
تقبلوا تحياتي..
          أخوكم / كمال

18
إلى الأخ والصديق العزيز الكاتب القدير خوشابا سولاقا المحترم ..
سرّني ( كما في كل مرة ) حضوركم البهي في صفحتي ..
كل الشكر لكم على إطرائكم وإعجابكم، الذي جاء بعد قراءة ناصعة الأناقة منك للمقال، وما تضمنه ردكم عليه من ثناء، يحملني للسحاب ..
تواجدكم الرائع في صفحتي، ونظرة منكم لمواضيعي، هو الإبداع بنفسه..
كنت قد وعدتكم قبل أيام من خلال تعليق لي على منشور لكم في ( الفيس ) حول الوطن و الهجرة، بأنني في صدد كتابة مقال حول الموضوع الذي لطالما شغل و يشغل بالكم مذ عرفتكم، حتى أصبح زادكم اليومي، تقتاتون عليه، فكان هذا الجهد المتواضع الذي أتمنى أن يروق للقارئ الكريم ..
لكم مني كل التحية والود والاحترام ..
دمتم متألقين، مبدعين، متميزين ..
        أخوكم و محبكم
           كمال /

19
                     
علّمونا يوم كنّا على مقاعد الدراسة، أنّ الوطن أرض معطاء، ومياه، وسماء صافية زرقاء.. نولد فيه، و نعيش في كنفه، كما عاش آباؤنا الأولون.. نأكل من خيراته، ونشرب من مياهه العذبة. 
ظلت هذه المفاهيم عالقة في أذهاننا إلى حين، ثم دار الزمن دورتَه، فإذا بهذه المفاهيم تسقط وتصبح لغةً قديمة، طواها الزمن، ولم يعد لها بيننا أيّ وقعٍ أو نفع، وحلّت محلّها لغة أخرى أكثر حداثة وفلسفة، ربّما بسبب لعنة الدمار التي ارتوت منها الأرض وتضرجت بها الديار، نتيجة الحروب المتتالية التي أمعنت في الناس عنفاً و قتلاً و تدميرا، والمهانة التي لحقت بهم على امتداد سنوات تلك الظروف الصعبة، فأخذ البعض يبتدع مفاهيم أخرى جديدة لا تخلو من الغرابة، بُنِيَت على أساس التعليل و التبرير، لا على أساس العمق و التحليل، واعتمد هذا البعض على كلمات وعبارات جاهزة للتعبير عن أفكاره، منها على سبيل المثال لا الحصر، أنّ الوطن: هو أيّة بقعة في العالم تمنح الإنسان الخلود، ومنها: الفقر في الوطن غربة، والغنى في الغربة وطن. وكأنّ هذا البعض أصيب تفكيره بالتحجر والعفونة، وأصيبت حواسه بالعطل.
أما أولئك الذين تركوا وطنهم واختاروا المنفى، فما برح شوقهم يتلظى لسماء صافية بعيدة، ما فارقت القلب ولا غادرت الذاكرة، وإذا قيل في الماضي: لا كرامةَ لنبيٍّ في وطنه، فاليوم لا كرامةَ لمواطنٍ، إلاّ في وطنه. 
أنا هنا، لست في موضع المحلل، ولست في معرض الطرح الفكري للموضوع، و لكن أسأل فقط : 
 ما هو الوطن؟..
هل هو أرض ومياه وهواء؟
هل هو خريطة وطبيعة وسماء؟
هل هو حكم ونظام ورئاسة؟
جيش واقتصاد وسياسة؟
أم الوطن هو الإنسان، هو المواطن .
نعم، المواطن هو الوطن، وهو مبرر وجوده، وهو صورته العاكسة الصادقة، وعلى مثال ما يكون أهل البيت يكون البيت.
فالأرض أساساً، أية بقعة من الأرض، ماذا تنفع لولا الإنسان، وماذا تعني بطبيعتها ومياهها وسمائها، إنْ لم تكن مأهولة من الإنسان؟.
لماذا ندّعي لأنفسنا الحياد والشرف، فنتأفف ونقول: (ملعون أبو الوطن)، كلّما واجهْنا ظرفاً مزعجاً، أو وضعاً موجعاً، أو حدثاً مفجعاً؟
فأيُّ ذنبٍ اقترفه هذا البلد، كـ ( بلد )، بحقنا نحن الشعب البسيط العنيد؟
 وأيُّ دورٍ لعبه في تكوين ذاته و نحن بانوه و بنوه، و نحن صانعوه و حاكموه، و أمه و أبوه؟
هل تسلّل اليأس إلى نفوسنا؟
 لا، لا وجود لليأس في وطن يعيش فيه الأمل، ولا استيطان للخراب في أرضٍ زرعت فيها الحياة خلودَها.
صحيح أنّ المعاناة عظيمة.. عظيمة جداً في هذا الوطن، فهو مُثخَّن بالجراح، مدميّ الفؤاد، ولكن رغم الواقع المؤلم نرى شعبه يكابر على الكبوة، وينهض منها قوي العزيمة واثق الخطوة.. ولأنّ إرادته أكبر من المعاناة وأعمق من الجرح، فهو يستمر بالحياة رغم قسوة الظروف، ولأنّ الآثار المدمرة للحروب ترفض، إلاّ رضوخَه واستسلامَه لسلبيتها، فهي تلاحقه من مكانٍ إلى آخر بوسائلها المدمرة القاتلة، وتجرب فيه أبشع أساليب الإجرام. 
أيّها المواطن ..   
أنْ تنتقد بلدك فهذا من حقك، ولكن لا تنسَ أنَّ بلدك هو أنت..
إنه بلدك الذي عليك أن تفخر وتعتز بالانتساب إليه، بما له وما عليه، وتحبه، كيفما كان، تحبه..
ولكن من يملأ الصدورَ خجلاً واحتقاراً واستهجاناً بحجم كبير، بحجم الوطن، هم أولئك الذين يخونون بلدهم، ويطعنونه في الظهر..
ما الفرق بين أن يطعن الإنسان في بلده، أو أن يخونَه؟
ما الفرق بين أنْ يحتقرَ المواطنُ وطنَه، أو أنْ يبيعَه؟
لا فرق إطلاقاً.
لنرجعْ قليلاً إلى التأريخ ونأخذ هذه الحكاية العبرة..
ذات يوم جاء أحد مواطني دولة عدوة إلى نابليون وبحوزته معلومات عسكرية سرية عن بلده، على جانب كبير من الأهمية. أراد إفشاءَها للقائد الفرنسي.. وعندما تم له ذلك فوجئَ بالقائد التاريخي، يرمي له على الأرض كيساً من النقود مكافأةً له على عمله التجسسي، فما كان منه، إلاّ أنْ قال له بتودد: أنا يا سيدي ما جئتكم بهذه المعلومات سعياً وراء المال، إنّما لكي أحوزَ على شرف مصافحتكم فحسبْ...
فأجابه نابليون باحتقار واشمئزاز، وهو يولي له ظهرَه..
أنا لا أصافح إنساناً خسيساً مثلك، يخون وطنه.
 ونحن، وإنْ كنا لم نُنصِفْ وطنَنا، علينا ألاّ نطعنَ أو نلعنَ أو نخون، وإلاّ فلن يكون العتب على العالم إذا ما نظر إلينا نظرة احتقار و استصغار.         
 


20
أخي العزيز مال الله حفظه الله..
تحية طيبة..
في البدء، أعتذر عن هذا التأخير في الرد على تعقيبك الغني بالمشاعر الأخوية الصادقة، وذلك لانشغالي ببعض الأمور الملحة في اليومين الماضيين..
ينحني الشكر أمام كلماتك وطيبة قلبك التي أصبحت نادرة في هذه الأيام..
أخي العزيز.. هناك أشياء تود قتلَها، لكنّك كلّما صادفتها أردَتْكَ قتيلاً، والحزن هو أحد هذه الأشياء..
أنا أدرك تماماً، أنّ الموت هو الشيء الوحيد الذي لا يمكن تجاوزه، وأعلم جيداً، أنَّ الحزن، إذا استوطن في النفوس، شلَّ قدرتَها وأنهى وجودَها، ولكن المرء، أحياناً، لا يقوى على مواجهة الواقع، فإذا تجاهلت الحزن، كأنما لا قلب لي..
شكراً مرةً أخرى على مرورك الكريم، وعلى مشاعرك الأخوية الصادقة المعبّرة..
دمتم، ودامت صداقتكم أبدا.


21
الأخ نيسان سمو المحترم..
تحية طيبة..
شكراً لكم على مروركم الكريم، ومواساتكم وتفاعلكم مع المقال..
أنا أدرك تماماً ما تقول.. أدرك أنّ الموت هو الشيء الوحيد الذي لا يمكن تجاوزه، فلا بد من أن يشرب الجميع من هذه الكأس المرة، إنْ عاجلاً أم آجلاً، ولكن هي المشاعر التي يعبر عنها كل واحدٍ منا إزاء ما يعتريه من أحداث، وما يصادفه من حوادث في رحلته مع الحياة، وهو أمر من الصعب التحكم به، لأن مسألة المشاعر مسألة نسبية تتأرجح درجاتها، وتختلف من شخص إلى آخر..
دمتم أخاً وصديقاً.

22
                               

ليست الغربة مغادرة الوطن فحسب، بل مغادرة عزيز كان يستوطن في داخلك..
تمر اليوم الذكرى السنوية الأولى لرحيل المرحوم والدي.. ففي مثل هذا اليوم ( الثامن عشر من حزيران ) قبل عام، رحل عن هذه الفانية إلى دار الآخرة..
مرت سنة كاملة على فاجعة فراقك يا أبي .. عام مضى، ولم تفارق صورتك مخيلتي ولو للحظات..
ساعة فراقك، هي الساعة التي لا تُنسى، واللوعة التي لا تُمحى، فهي النار التي تشتعل في الأحشاء، ودموعٌ تُحرقُ الوجنات..
في هذه الذكرى القاسية، أبى قلمي، إلّا أن يسطّرَ شوقي لك، فبدأ ينثر حروفي باكياً فقدانك.. كيف لا، وقد مر العام وكأنّه الدهرُ كلُّه..
رحلتَ يا والدي، فتركتني وحيداً في صحراء الهجران بين جبال من الأحزان..
رحلتَ، وثارت براكين الحزن بداخلي، واهتزت أركان فؤادي..
رحلتَ، فأمطرت سحابة دمعتي.. بكيت كطفلٍ صغير، وبكت السماء معي..
رحلتَ، وما زال طيفك يزورني، فيُلهب مشاعري، ويؤجج نيران اشتياقي لك..
رحلتَ، وانطفأت أنوار آمالي في ظلام اليأس الذي أخذ مني، وغرقت أنفاسي في دموع الآهات، فنمَتْ جذور الألم ونبتت، حتى صارت تملأ طرقاتي..
 مرت سنة، ولكن لم تكن سنة اعتيادية كسابقاتها، كنت فيها أفتقد نفسي، أبحث عنها فلا أجدها، أنادي عليها فلا تسمعني..
مرت سنة، وعبق طيفك كان، وما زال يلوح بتواجده في أركان خيالي..
كم كان البيت جميلاً بوجودك يا أبي، فكيف لي أن أخفي لهفة ملامحي عند ذكر اسمك..
ما كنت يوماً حسوداً، ولم أسمح للحسد، ولو مرة واحدة، أن يطرقَ بابي فيتسلل إلى نفسي، ولكن قبل يومين أصابني الوهن، فأخذ طريقه إليَّ، لأول مرة، أخذني أسيراً إلى عالمه المجنون، كان ذلك في السادس عشر من حزيران الجاري، عندما احتفل العالم بـ ( عيد الأب )، فاشتعلت مواقع التواصل الاجتماعي بتقديم التهاني للآباء، كلٌّ بطريقته الخاصة، أما أنا فلم أجد من أقدم له التهنئة بهذه المناسبة المحبّبة المعبّرة، لأنني افتقدت أبي منذ حين، فأصبحت بلا أب..
لم تعد حياتي كسابقها بعد رحيلك يا أبي.. لقد فقدت الكثير في غيابك .. باتت أيامي باهتةً، خاليةً من كل شيء، إلّا من ذكراك، فقد كنت لي النعيم الذي سأظل أبكي على فقدانه عمراً.. فمن يخفف ألم رحيلك عني؟..
بعد رحيلك يا أبي، أيقنتُ أن لا حزنَ يؤلم أكثر من فراق الأب، فالشوق لك قد بلغ مداه، وفاق سعة الكون..
يقولون إنَّ البكاءَ يُتعب الميت، لكنني بكيتك كثيراً يا أبي، بكيتك في سري وفي علني، بكاءَ شوقٍ، لا بكاءَ اعتراضٍ على حكم القدر..
ليتك تفوق يا أبي ولو للحظة، لترى بأي حالٍ أمسيتُ، وكيف الصدمات تتوالى على قلبي..
لا يُفجع الروحَ، ولا يُفطّر الفؤادَ كما الفراق.. إنّ الفراق والفقدان من أكثر مسببات الآلام والأحزان..
 غاب والدي، فغابت شمس زماني إلى الأبد، وبدأت أشعر أنّ الحياة بدأت بالتوقف، لأنّ عزيزاً كان يملأ البيت، لم يعد حاضراً بيننا، فقد غادرنا إلى الأبد..
 غيابه غير أشياء كثيرة في حياتي، فلم يعد لدي القدرة على الاستمتاع بأي شيء.. أصبحت كذاك المبعثر في الأحاسيس، فأنا لم أستوعب حتى اللحظة إنّه قد رحل، فما زلت أفتش بين بقاياه عن أشياءَ منه، وما زال الحنين عالقاً بيني وبين النسيان..
في غيابه لفّ دنياي السكون، وبعد رحيله لم أعد أشعر بما حولي، فقد زرع الزمن وجع فراق أبي في قلبي، حتى نهاية عمري، فرحيله غصّةٌ في القلب، لا تموت مدى الحياة..
لقد رحلت يا أبي، ولكن صاحب الفضل لا يرحل، لأنّ ذكراه تظل حيةً في قلوب من يدينون له بالمحبة والاحترام..
في ذكراك الأولى، ليرحمْكَ الله يا أبي، يا من كنت فخراً نفتخر به طول العمر و أبد الدهر.
 
 


23
أخي وصديقي العزيز جان..
 تحية عطرة..
في البدء، أعتذر كثيراً عن هذا التأخير غير المتعمد في الرد، وذلك بسبب وعكة صحية مرت بسلام، ولله الحمد..
وافر الشكر، و فيض من الامتنان لكم على مروركم المنّان..
في كل مرة تدخلون بها صفحتي، تتزّين بمروركم البهي..
هنيئاً الشاي.. يبدو لي أننا في الهوى سوى، لأنني أحب الشاي أيضاً، كما تحبه وترغبه أنت.
تقبلوا فائق تقديري، مع اعتزازي بشخصكم الكريم..
       أخوكم ومحبكم / كمال

24
المنبر الحر / أنتِ هبة السماء..
« في: 07:14 21/03/2019  »
                           
 
في الحادي والعشرين من آذار من كلِّ عام يحتفل العالم بعيد الأم، وهي مناسبة من أحلى المناسبات، وأقربها إلى قلب كل واحد منّا، لأنّها تخصّ واحدة من أقدس الأحياء على وجه الأرض، فوجدتها فرصة لأكتب شيئاً متواضعاً، أهديه إلى كل أمٍّ بهذه المناسبة العظيمة، وإن كنت على يقين بأنّي لو جمعت كل ما في قواميس الدنيا من الكلمات النبيلة، لما كفتني تعبيراً عمّا أكنّه من مشاعر إنسانية وأحاسيس مرهفة إزاء أكثر خلق الله إنسانية في هذه الدنيا.. ولعلّ أبرز جانب يثير إنتباه الكاتب حين يتناول شخصية فريدة كهذه، هو ذلك الكم الهائل من العطاء الذي لا ينضب مع مرور الزمن، بل على العكس تماماً، كلما تقدم بها العمر وكبُرَتْ، فإنّ كلماتها ترِق أكثر وحنانها يزداد ويكبر، ودمعتها تزداد غزارةً عندما يُثني عليها أحدنا بكلمةٍ، تستحق أكثر منها بكثير.. إنّ صلواتها الصامتة، الرقيقة، لايمكن أن تضل الطريق إلى ينبوع الخير، فهي ينبوع المراحم المتدفق..
هي التي تسكب قوتها في ضعفنا لتعطينا القوة والصبر والإيمان.   
أيتها الأم المباركة المبجّلة ..
أنتِ شمعةٌ مقدسة، تضيء ليل الحياة بنورها الوضّاء المتوهج..
نحن دائماً نأخذ حقّنا منكِ، وننسى أن نعطيكِ حقّكِ ..
عفوكِ يا أمّاه .. كلّنا مشغول عنكِ، وحدكِ أنتِ مشغولةٌ بنا.
في عيدكِ الأغر هذا، نقف إجلالاً وبكل خشوع أمام وجهكِ الأبيض الناصع، لأنّكِ وحدكِ الباقية لنا في زمن الخسارة، فأنتِ لحظة الفرج الأخيرة حين يسرق الحزن كل اللحظات..
أنتِ الطريق المختصر لكل الأشياء الجميلة..
أنتِ الطمأنينة التي ليس لها آخر في زمن الفوضى والانفلات ..
أنتِ الحب الثابت والحقيقة الراسخة التي لا تتغير في زمنٍ كل ما فيه يتغير..
الكل يُسرع إليكِ عندما تضيق به السبل، وتوصد في وجهه الأبواب..
الكل يحتاج إلى قلبكِ، ليلقي عليه مواجع الأيام..
نحن ننتظركِ، ننتظركِ بشوقٍ كبير في محطة الحب الأبدي.
كل العظماء.. كل الفلاسفة والحكماء، وكل الشعراء اعترفوا بفضل أمهاتهم وتأثيرهنّ في مجرى حياتهم ..
 أوَليس أديسن القائل: أمي صنعتني.. وهكذا سقراط، وأبرهام لنكولن، وشكسبير، ونابليون، وأحمد شوقي، وحافظ إبراهيم، والقائمة طويلة .. طويلة جداً، لا مجال لذكر ما جاء على لسان كلِّ هؤلاء، فذلك يحتاج إلى صفحات..
وماذا يسعني أن أقول أنا إزاء ما قاله هؤلاء الكبار من زُخرُف الكلام بحقِّكِ، إشادةً منهم بدوركِ وعرفاناً بفضلكِ.
يا ست الحبايب .. يا حبيبة.
ليس في جعبتي ما أقدمه لكِ وللقاريء الكريم في يومكِ المعطر هذا، غير ما جاء في هذه الأسطورة القديمة من معانٍ إنسانية عميقة ومؤثرة.. هذه الأسطورة التي بلغت مسمعي منذ سنوات طويلة، يوم كنت لم أزل تلميذاً على مقاعد الدراسة، وقد جاء فيها، أنّ شابّاً شغف بحب داعر، طلبت منه ذات يومٍ أن يأتيها بقلب أمّه دليلاً على صدقِ هواه، فما كان من هذا العاق، إلاّ أن قتل أمَّه، وانتزع فؤادَها ليطرحه عند قدمي معشوقته، فحدثَ أنْ عثرت رجله ووقع على الأرض، فتدحرج قلب الأم على التراب وهو يقطر دماً، ولمّا نهض ليتناوله، سمع صوتاً صادراً من القلب يسأله بحُنو:
يا بنيَّ، هل تألمت؟ هل أصابك من ضرر؟
 


25
أخي الدكتور فرهاد المحترم..
تحية بعطر الورد..
لا شك في أنَّ مروركم الكريم قد أضاء هذه الصفحة، وزادها زهواً و جمالاً..
لكم وافر الشكر والامتنان على كلماتكم الرقيقة وأحاسيسكم الكريمة، وعلى هذا الإطراء، والتفاعل مع موضوع المقال..
أخي العزيز / واقع حالنا يقول: ( كُتِبَ عليكم العذاب )، هذا الواقع المرير أخذ يفرض نفسه علينا منذ حين، فطبع حياتنا، وصار يلازمنا،  وبتنا نعيشه يومياً وتفصيلياً، فما نراه ونلمسه من ظواهر سلبية مدانة، هو نتيجة حتمية، بل طبيعية لما آلت إليه الأمور في هذا البلد..
حفظكم الله والعائلة الكريمة من كل مكروه، وأغدق عليكم من نعمة الصحة وراحة البال ..
دمتم لنا ودامت مودتكم..
    أخوكم / كمال

26
الأخ شمعون المحترم..
تحية طيبة..
مروركم البهي يعطر هذه الصفحة على الدوام..
شكري الجزيل لكم على تفاعلكم الواضح مع المقال، وعلى إشادتكم به..
ما تناوله المقال إنَّما يعبر عن حالة الإحباط التي يعيشها المواطن، بعد أن تسلل اليأس والقنوط إلى داخله، في هذا الزمن المرتبك، زمن المخزيات، الذي اختلت فيه المقاييس، فانقلبت رأساً على عقب..
 نحن في زمنٍ، تراجعت فيه منظومة القيم بشكل رهيب، فتحول كل جميل إلى قبيح، والعكس صحيح، وصار اللون الأسود سيد الألوان، فلا مكان للون الأخضر بعد الآن..
تقديري لشخصكم الكريم..
   أخوكم / كمال

27
الأخ جان يلدا خوشابا المحترم..
تحية عطرة..
قبل كل شيء أعتذر كثيراً عن هذا التأخير، بسبب انشغالي في التحضير للاحتفال بمرور عشرين عاماً على تأسيس جمعيتنا ( جمعية الثقافة الكلدانية )..
كل الشكر والامتنان لكم على مروركم الكريم، وعلى هذا الكرم الحاتمي في اللطف، وعلى هذه السلة الجميلة من المشاعر النبيلة..
أما عن سبب شحة كتاباتي - في الحقيقة، أنا لا زلت تحت تأثير الفراغ الذي تركه المرحوم والدي في حياتي، وأحاول جاهداً التكيف مع الواقع الجديد الذي فرضه رحيله وغيابه.. من جهة أخرى، إنَّ طبيعة كتاباتي تفرض عليَّ التأني، وانتقاء النافع من المواضيع الهادفة التي تهم حياة الناس، أحاول من خلالها أن أنقل نبض الشارع إلى القارئ، لذلك تراني أختار مواضيعي وعناويني على مهل، بعناية فائقة..
كل التقدير لكم، مع أسمى مشاعري..
      أخوكم / كمال 

28
المنبر الحر / حوار من صلب الواقع
« في: 14:39 30/11/2018  »
 
                                 
 إنْ شئتم فانصتوا لهذه المحاورة التي جرت بين مربٍّ فاضل وابنه الوحيد، الذي بذل جهداً كبيراً في تربيته وتعليمه، على أمل أن يضمن له في المستقبل حياة فيها شيء من الكرامة، ولم يهدأ له بال، إلاّ بعد نيله شهادة مرموقة من إحدى الجامعات العريقة، ممّا جعله في حكم المتيقّن من أداء رسالته على أكمل وجه، ولكن وقائع هذه المحاورة تشير إلى عكس ذلك تماماً.     
 أنصتوا جيداً، فقد يكون أحدكم طرفاً فيها، أو طرفيها..
 يا أبي، لو صَحَّت مقاضاة الوالد لَقاضيتك!.
 * أنا ؟!
 ولَحكمت عليك بالفشل المؤبد ..
 * عليَّ ؟
 لقد جئتَ بي إلى هذه الدنيا في زمنٍ ليس زمني، وفي عصر ليس عصري، فأنا، ومن هو على شاكلتي من أبناء جيلي، غرباء، لا وجود لنا في هذا العالم التائه، المضلَّل..
 أ تذكر يوم غششت _ لأول مرة _ في الامتحان، كيف ضربتني ضرباً موجعاً، ترك آثارَه في أنحاءَ كثيرةٍ من جسمي؟
 *  أذكر..
 تلك كانت آخر مرة أغش فيها، فلم أغش بعدها أبداً..
 وهل تذكر يوم كذبت عليك وخدعتك، كيف منعت عني الطعام والشراب لمدة يوم كامل؟
 *  أذكر ..
 لم أكذب بعدها أبداً، ولم أخدع بعدها أحداً..
 و تذكر يوم مددت يدي إلى جيبك، فوضعتني في غرفة مظلمة حتى صباح اليوم التالي؟
 * أذكر ..
 توقفت عن السرقة بعدها، وقطعت عهداً على نفسي، ألّا أمدَّ يدي إلى مالٍ ليس لي..
 وهل تذكر يوم كنت تشجعني على القراءة، وعلى البحث عن المعرفة في الكتب، لكي أفهم الحياة أكثر وأعرف حقيقة الأشياء، وأدرك معنى الوجود؟ 
 *  أذكر
 لم أعِرْ التوافه بالاً منذ ذلك الحين، وسرت في طريق الجد، الذي لا يقبل بغير الاستقامة..
 أ تذكر.. وتذكر.. وتذكر .....؟
 * وهل هذه رذائل، يا بني؟       
 رذائل ؟ .. سمّها معوقات، عراقيل ، سمّها ما شئت..
 لقد نجح كل الذين غشوا، والذين انحرفوا، والذين اصطادوا في الماء العكر ..
 أما أنا وأمثالي، فنجلس كل يوم، نرمي صنّارات أمانينا في الهواء الطلق، فلا نصطاد غير الخيبة والفشل..
 أين المفر للصادقين في عالم كاذب، للأمناء في دنيا خؤونة، للأنقياء في زمن المخزيات ؟
 أين أضع استقامتي بين هذه الخطوط المتعرجة والملتوية ؟
 أين أهرب من الجد، الذي طبع حياتي فصار جزءاً مني ؟
 أين أخبِّئ نزاهتي في غابات المراوغة والاحتيال والوصولية، والغدر؟
 ما هو محلّي من الإعراب الاجتماعي والإنساني في عصـرٍ تدهور فيه الضمير، واندثرت فيه القيم الإنسانية؟
  * اسمع يا بنيَّ ، لن أعطيك جرعةً أخرى من فلسفتي العقيمة، كما تتهمني..
 لن أقول لك طوبى للغرباء، للأنقياء، للفقراء .. طوبى لطيّبي القلب والسريرة ..
 لن أقول شيئاً من هذا، ولكن سأوجز لك، وأترك لك أن تستشف من الإيجاز ما تستشف ..
 مُسهباً، كنت أعدك لبحبوحةٍ في الرزق .. لرغدٍ في العيش .. لغنىً في النفس .. لغنىً في العاطفة، وقلت لك: لا تسرق، لا تكذب، لا تخن، لا تغش، لا تظلم .. وسأظل أقول لك اليوم ما قلته لك بالأمس .. لن أتراجع ولن أندم، ولكن ما باليد حيلة يا ولدي من مواجهة الواقع .. الواقع، يا حبيبي وليس الحقيقة، فالواقع طارئ وزائل، والحقيقة أزلية، أبدية..
 كنت موقناً من أمر واحد، هو أنّ الأرض تدور، ولم أدرِ بعد هذه الحفنة من السنين أنّ كلَّ شيءٍ وُضِعَ في حلبة الدوران، وصار يدور، فليست الأرض وحدها هي التي تدور، بل الناس، والأشياء، والأفكار، وحتى القيم والمثل، هي الأخرى أخذت تدور.. كل شيء يدور، يدور، ولكن للأسف الشديد، إلى الوراء!

 

29
عزيزي عبد..
شكراً على العودة ثانيةً، وعلى تعقيبك المسهب..
 كان الله في عونك أخي عبد، فإذا كانت تجثم على صدري أحمالٌ، فعلى صدرك تجثم حُمولٌ..
حقّاً، من يقارن مصيبته بمصيبة غيره، تهون عليه، ولكن أين نعمة النسيان، هذه التي يتحدثون عنها ؟.. يبدو أنّها ضلّت دربَها، فلم تعرف طريقها إليَّ، أو لا تريد..
أخي العزيز..   
الوفاء من شيم الأصدقاء، وهو من أهم الشروط الأساسية في عقد الصداقة الحقّة، ويأتي في مقدمة أحكامها.. وكل ذكرٍ، أو تأكيد على هذه الصفة المحببة، لا يعني مجاملة إطلاقاً، لأن المجاملة تدخل أحياناً في خانة التملق والنفاق، وبذلك تتخذ شكلاً من أشكال الكذب والتزييف، بينما الوفاء نابع من الصدق، فإذا عجز القلب عن احتواء الصدق، عجز اللسان عن قول الحق، لذلك يجب إطلاق سراحه، فإن عاد إليك، أصبحت أنت المالك الشرعي له إلى الأبد..
لم يبقَ لي، غير أن أعتب على الزمن الذي ترك الوفاء يغرق بعيداً، دون أن ينقذه من غدر الأيام ..
تحياتي لكم، وللعائلة الكريمة..
        أخوكم / كمال

30

إلى أخي الحبيب عبد فرنسي المحترم ..
تحية طيبة..
 يمكنني أن أنسى من شاركني الضحك، ولكن مستحيل أن أنسى من شاركني البكاء..
ينحني الشكر أمام كلماتك، ويعجز لساني عن التعبير، وتعجز كلماتي عن التقدير، إزاء إخلاصك وطيبة قلبك، التي أصبحت نادرة في هذا الزمن، فقد كنتَ معي، ورافقْتَني في رحلة علاج الوالد، منذ أن داهمه المرض اللعين قبل سنوات .. 
كنتَ دائماً تأخذني إلى برالأمان ، وأنا على وشك السقوط، فماذا يمكنني القول بعد كل هذا المعروف..
هكذا هم الرجال الحقيقيون، يظهرون في وقت الشدائد، وأنت دائماً في مقدمتهم..
أنا أدرك تماماً، أنَّ الموت هو الشيء الوحيد الذي لا يمكن تجاوزه..
وأصبحت أدرك الآن، أنَّ رحيل الأب أو الأم غصّة، لا تموت حتى الموت..
لم أكن لِأتخيّل أبداً أن أكتب يوماً ما في رثاء أبي..
إنَّ ما قدمته للمرحوم ( الوالد )، لا يعادل قطرة من بحر عطائه، وما قدمه هو لنا، وأنت تعلم بذلك جيداً، فقد ضحى بحياته من أجلنا، فكيف نستطيع أن نفيه حقَّه، ونسدد ولو الجزء اليسير من الدين الذي في أعناقنا.. 
أخي العزيز ..
مؤلم جداً أن تتصنع الصبر وضلوعك تكاد تنفجر، فإذا تجاهلتُ الحزن كأنّما لا قلب لي، ثم، كم من الوقت سأتظاهر بالقوة وأنا بداخلي وجع؟..
مؤلمٌ هو موت أبي، فقد تأكد لي، أنَّ هناك جُرحاً، لا تشفيه كل كلمات المواساة..
أحد الإخوان تمنى عليَّ من فرط محبته لي، أن أستعيد ابتسامتي التي غابت إلى الأبد !.. 
كيف أبتسم، وفي قلبي أحمالٌ من الحزن ؟..
كيف أبتسم، وفي قلبي مجلس عزاء ؟..   
كيف لي أن أخفي وجعي، وأتصنّع الفرح.. إنَّ إخفاء الوجع، وجع أكبر..
شكراً لكم مرةً أخرى .. شكراً لمواقفكم النبيلة، مع كل الود..

      أخوكم / كمال

31
الأخ العزيز كوركيس أوراها منصور المحترم..
أعبّر لكم عن جزيل شكري وامتناني وتقديري على رسالتكم الأخوية الصادقة، وما حملته من تعازٍ و مواساة كريمة لنا في مصابنا الجلل، برحيل الفقيد الغالي والدنا عن هذه الفانية ..
أقدرعالياً مشاعركم الصادقة ودعواتكم المخلصة بالصلاة والدعاء له، لينعم عليه الرب المحي برحمته الواسعة..
لا شك في أنَّ شعوركم الإنساني النبيل هذا، سيساعد في بث روح السلوى في نفوسنا، ويخفف عنّا الشيء الكثير من الألم..
إنَّ المصاب في فقد المرحوم كان جللاً والألم كبيراً، ولكن كلّنا إيمان من أنَّه لا مهرب ممّا هو مكتوب لنا من قبل الخالق، وعليه، فلا يسعنا هنا، إلّا أن نستسلم لمشيئته وإرادته وحكمته، وأن نشكره ونحمده على كل شيء..
أعزّكم الله، وأدامكم..
آسف عن هذا التأخير في الرد، لأن الإنترنت لم يكن متاحاً، بسبب مشكلة عامة في خط ( الفاست لنك )..
          أخوكم / كمال

32
الأخ العزيز هنري سركيس المحترم..
 نتقدم إليكم بجزيل الشكر والامتنان، والتقدير والعرفان، على تعزيتكم ومواساتكم لنا في وفاة والدنا المرحوم.. نسأل الباري عزّ وجلّ أن يحميكم، ويمد في أعماركم، وأن يبعد عنكم وعن ذويكم كل شر ومكروه..
أخوكم / كمال

33
الأخ الفاضل قشو إبراهيم نيروا المحترم..
أشكركم كثيراً على تعزيتكم ومواساتكم لنا في مصابنا الجلل، وعلى دعواتكم الطيبة بالثواب والرحمة على المرحوم..
أحييكم، وأحيي فيكم روح المواظبة في الكتابة بلغة الأم..
نسأل الله عزّ وجلّ أن يثبّت على طريق الخير مسعاكم، وأن يرحم موتاكم، وألّا يريكم سوءاً في أنفسكم، ولا أي مكروه في عزيز أو قريب لكم، ونسأله أن يزيدكم من فضله، ويفتح لكم أبواب خيره..
تقبلوا محبتي وتقديري..
    أخوكم / كمال

34
الأخ العزيز أنطوان المحترم ..
 أتقدم إليكم بخالص عبارات الشكر والتقدير على تعازيكم ودعواتكم الطيبات، وعلى مشاركتكم إيّانا ومواساتكم الكريمة لنا في هذا الفقد الجلل..
قرأت تعليقكم الكريم، وقد لامسني بشكل عميق، و ترك أثراً طيباً في نفسي..
جزاكم الله خير جزاء على هذه الكلمات الطيبة، وأطال في عمركم، وأنعم عليكم بالصحة والعافية..
محبتي وتقديري لكم..
   أخوكم / كمال

35
الأخ العزيز شمعون المحترم..
كلماتك تلامس شغاف القلب، سواء ما ورد منها في صفحة التعازي، أو ما عبّرت عنه في هذه الصفحة..
أشعر أنَّك قد استوعبت كلامي، واستوعبت ما في داخلي، فكأنك تجس نبض قلبي وتحاكيه..
أنت تعلم جيداً، لا يتألم، إلّا من كان صادقاً ووفياً مع من يحب، أيّاً كانت العلاقة التي تربطه به، فكيف إذا كان الأمر مع الوالدين..
أخي شمعون.. قاسية هي الحياة، عندما تصدمك بواقع مؤلم، لم يكن لتتخيله..
صحيح أنَّ المرحوم غاب عن عيني، لكنّه حاضرٌ في قلبي وذاكرتي.. بعيد عني في السكن، لكنّه يسكن قلبي وأحاديثي.. لا يمكن لي أن ألمس جسده، وهو يلمس مشاعري في كل وقتٍ وحين..
مؤلمٌ حين يتغير مزاجنا فجأةً، ونشعر بالحزن ونتذكر الأشياء التي تؤلمنا، وحينها فقط لا توقظنا، إلّا دمعة..
مؤلمٌ أن تحزن في المكان الذي ابتسمت فيه كثيراً..
ليتني كنت مخلوقاً بشرياً، لا يشعر، لا يحزن، لا يتألم، كما هو حال بعض البشر..
لا يسعني، إلّا أن أشكركم، فقد عبّرتم عمّا في القلب من شؤون وشجون، ومن ألم ووجع، و حزن لا يهون.. 
 شكراً لتعازيكم ومواساتكم، وكلماتكم الرقيقة، ودعواتكم المخلصة الصادقة..
شكراً لرهيف يراعكم، وجميل خمائلكم، مقدراً مشاعركم النبيلة التي حملتها إلينا كلماتكم الرائعة، كما عودتنا دوماً..
أعتذر عن هذا التأخير في الرد، فما زالت جموع المعزّين تتوالى على بيتنا، لتقديم واجب التعازي..
تقبلوا تحياتي..

أخوكم / كمال 
 
 


36
  ابن عمي العزيز نظير سولاقا بطرس المحترم..
في العتمة، ما أجمل الإحساس، أن يكون هناك شمعة تضيء المكان، وأنت، أنت الشمعة التي تنير الوجود، وتعطي بلا حدود، بتواصلك معنا عبر الهاتف، منذ دخول الوالد المستشفى ولحد الآن، ويقيناً تصرفك هذا لم يكن مفاجئاً لنا، فقد تعوّدنا منك في السابق مثل هذه المواقف، ومشهودٌ لك بأنَّك تقف إلى جانب أقربائك ومعارفك في كل الظروف، سواء الميسّرة منها، أو المعسّرة.. وفي زيارتك الأخيرة في شهر نيسان الماضي، وكعادتك في كل مرة، جئت لزيارة المرحوم عمك في اليوم الثاني من وصولك إلى عنكاوا، وصوّرت معه، وكانت هذه آخر صورة له، وكان كما لاحظت بصحة جيدة جداً، بعد ذلك بما يقارب الشهر، جاء لزيارته الأخ نجيب ( القادم من أمريكا )، فعرفه على الفور، وغمرته الفرحة رغم تغيّر ملامح ( نجيب )، وغيابه عنه لسنوات..
أخي العزيز نظير.. لا تلمني على ضعفي، فصعوبة الفراق تزداد عندما يكون إلى الأبد، وعندما يكون الشخص الذي يفارقك من أعز الناس، بل أعز ما في الوجود، وبينك وبينه عشرة عمر تمتد لعقود..
كل ما جاء في معرض ردك على المقال من كلمات وعبارات، لامس شغاف قلبي، وأثار شجوني، وأعادني إلى الوراء كثيراً، فكأنَّ الأحداث قد مرّت بي اليوم، رغم مرور عشرات السنين.. عادت كأنّما هي بالأمس أو باليوم أقرب. تذكرت مواقف كنت أظن أنَّ الزمن قد أنساني إيّاها، ولكن هيهات للقلب أن ينساها..
شكراً لمن حاول، ويحاول طرد الألم من داخلي، ويزيح ثقلاً موهناً عن كاهلي..
 أدعو الله أن يحفظك ويرعاك، وأن يمنَّ عليك بالصحةِ ودوامِها، وبالعافيةِ وتمامِها..

37
الأخ والصديق العزيز خوشابا سولاقا المحترم..
شكراً بحجم طيبة قلبك على مواساتك، ودعواتك الصادقة بالترحم على الوالد..
روحك الطيبة الثرية بالإخلاص والوفاء، تظلّلني بتوهج حروفك، وصدق مشاعرك ولطفك..
إحساسي بالامتنان لك أكبر من الوصف.. فأنت نِعمَ الأخ، ونِعمَ الصديق الوفي..
جزاكم الله خير جزاء، وجنّبكم وعائلتكم كل سوءٍ ومكروه..
تقبلوا تحياتي، مع خالص محبتي واعتزازي بشخصكم الكريم..

38
   الأخ العزيز جاك يوسف الهوزي المحترم..
لكم خالص الشكر والامتنان، وأسمى آيات التقدير على تعازيكم ومواساتكم لي، ودعواتكم الصادقة بالترحم على الوالد، والتي كان لها الأثر الطيب في نفسي، ورفعت كثيراً من معنوياتي..
لعلّكم أقرب الناس إلى إحساسي، وما أعانيه من شعور بالإحباط والانكسار النفسي، فقد سبق لكم أن ذقتم طعم المرارة في رحيل العزيزة والدتكم ( يرحمها الله )، وكنت وقتها قد عبرت لكم عن مواساتي في مصابكم، والحمد لله الذي جعل صبركم على قدر المصيبة.. الآن فقط، أدركت حجم الآثار النفسية الفظيعة التي يتركها رحيل الآباء والأمهات في نفوس أبنائهم، فلا يشعر بطعم مرارة الرحيل، إلّا من ذاقه..
مرةً أخرى لكم مني نهر شكرٍ وامتنان لا ينضب ..
جزاكم الله خير جزاء، ولا أراكم مكروهاً بعزيز لكم..
دمتم أخاً كريماً، وصديقاً متواصلاً ..
           أخوكم / كمال

39
الأخ والصديق العزيز بطرس نباتي المحترم..
عظّم الله أجركم فيما عزّيتم وواسيتم..
مروركم الكريم ترنيمة حب وأمل بالنسبة لي..
شكراً لنبض قلبكم الصافي، ولسانكم الذي يلهج بعذوبة كلمات أخوية صادقة..
لكم مني كل الاحترام والتقدير، والدعاء دوماً بالصحة والسلامة وطول العمر..
تقبلوا تحياتي.   

40
الأخ الفاضل نيسان سمو الهوزي المحترم..
شرفني حضوركم، وتعقيبكم على المقال.. نعم، كما تفضلت، الكل ذاق أو سيذوق مرارة فقد أحد الوالدين أو كليهما.. تلك هي سنّة الحياة، فالأجيال تتعاقب، والحياة تتجدد، ونحن أيضاً، سنغادر هذه الفانية، يوماً ما إلى الديار الأبدية، كلٌّ في أوانه، وليس باستطاعة أحد أن يمتنع عن الشرب من هذه الكأس، ولكن تبقى مسألة المشاعر، وهي مسألة نسبية، تتوقف على نوع ودرجة العلاقة بين الآباء والأبناء، ودور وتأثير كل منهما في الآخر، وهذا بحد ذاته موضوع اجتماعي عميق ودقيق ، يحتاج شرحه إلى صفحات، إذا ما أردنا التحليل و التفصيل..
شكري وتقديري، لدفء مشاعركم، وجميل مواساتكم..
حفظكم الباري ومحبيكم من كل سوءٍ ومكروه.. دمتم أخاً، وصديقاً مقرّباً.

41

أخي العزيز الإعلامي الكبير الأستاذ مال الله فرج المحترم ..
لا شك في أنَّ نميرَ ينابيع قلبك النقي، أسعدت نبضات قلبي الموجوع، وقناديل محبتك، أضاءت عتمة حزني ..
شكراً لكرم خلقك، وجميل مواساتك، وعذبِ كلماتك، وصدقِ مشاعرك ..
تقبل تقديري ومحبتي واعتزازي بمرورك الكريم ..   

42
 أنا والحزن صديقان..
أرضه هي وطني ..
 سماؤه هي دموعي ..
 شبابه هو عمري ..
عشقت حروفَه، وتعلمت لغاتِه..
نهرُه يجري في شراييني، ويصبُّ في قلبي..
سفنُهُ تُبحر في بحار حياتي، وترسو في مرافئ أيامي..
جاءني الحزن قبل أيام، ليفتح بابي بلا استئذان..
صفع براحته خدي، وسدّد بخنجره طعناتِهِ النافذة إلى قلبي..
فها هو الموت الأسود يخطف عزيزاً، يخطف حبيباً.. يخطف أحب الناس على قلبي..
ها هو الموت الأسود، قد سلبني أغلى ما عندي..
 ها هو والدي، قد استقلَّ قطار الرحيل..
فسقطت دمعتي في اللحظة التي فارق فيها الحياة، وتساقطت بعدها الدموع غزيرةً، واختنقت تلك النبضات في قلبي، وما زالت إلى الآن تشهق روحي تلك الأنفاس المؤلمة..
لست أنا الوحيد من بكى لرحيلك، يا أبي، فقد بكى معي كل من عرفك، وكل من لم يعرفك.. بكتكَ حديقة الدار، التي كنت تشرف عليها ليل نهار، حتى جعلتها تأسر الألباب وتخطف الأبصار، فيأتي إليها من هنا وهناك الزوار، ليمتّعوا نظرهم بأصنافٍ فريدة وألوانٍ من الورد والأزهار ..
حديقتك تبكي رحيلك، يا أبي، فقد غدت في حالٍ يُرثى لها.. تبكي، لأنها أخذت تشعر بوحدة قاتلة.. تبكي، لأنها صارت في طي النسيان، فالورد أمسى شاحباً، والأزهار قد ذاب فيها عطرها بعد أن ضاع حبيبها، أما أشجار الحمضيات التي كنت تعشقها، فقد أدماها رحيلك.. فمن يحاكيها في غيابك؟.. من يرعاها؟.. من يسقيها؟
يسألونني عن سبب الحزن في عيني؟
ألم يُدركوا بأنَّ فقدان الأب يقتل؟!
لقد انطفأت الشمعة التي لطالما أنارت البيت لعقود، فحلَّ بيننا النواح، واستحالت الأفراح..
من يستطيع أن يزيل السحابةَ الدكناء من حولي؟
فقد اكتسى الكون من حولي بظلامٍ، وعتمة صمّاء، واستحال الأبيض والأصفر إلى سوادٍ عظيم مرصّع بالحزن العميق، عصر ذلك اليوم المشؤوم، الذي طوى معه وجهاً، لم يعرف الحقد طريقه إلى قلبه.. وهب حياته لخدمة أفراد أسرته، وصرف كل طاقاته لخدمة بلدته (عنكاوا )، التي ظلت تشغل بالَهُ، حتى الرمق الأخير من حياته..
يقولون لي، أنَّ الله أنعم على عباده بنعمة النسيان.. نعم، ولكن كيف أنسى، فكل ركنٍ من أركان البيت له فيه ذكرى بالنسبة لي: مكان نومه، مكان جلوسه.. كل زاوية ٍ في بيتنا تذكّرني به.
صور كلامه وحديثه ماثلةٌ أمامي، ولا تفارق خيالي، وتأبى أن يحوم حولها النسيان..
كلّما وقع نظري على لوحة التسجيل ( 93 / أربيل )، التي اقترنت بـ ( اسمه ) منذ خمسينيات القرن الماضي وحتى يومنا هذا، ترقرقت الدموع في عينيّ.. فكيف لي أن أنسى أبي!..
 كم يزداد بي الشوق إليك، يا ملهمي، ويا مصدر عزّتي وكبريائي وشموخي..
يا راحتي وهدوئي، وأماني وسكينتي.. كنت لي القلب الحنون الذي فقدته للأبد، ولكنك باقٍ في ثنايا جسدي، وزوايا أضلعي، فليس لي سوى ذكراك، لأعيش بها في حياتي، تلك الذكرى التي يهتز لها كياني ومشاعري وأحاسيسي..
ما أصعب الشوق لمن فارق الحياة.. 
كلمات الدنيا قليلة بحقك، يا أبي..
مهما تكلمنا وقلنا، فلن نوفيك حقك، ولا أحد عرف قيمتك، إلّا بعد رحيلك وفقدك ..
فالكلمات في رثاء العزيز تصبح عقيمة، باردة، لا تُنبئ عن الحقيقة، ولا تفي بالغرض، ولا تفيد في وصف..
مذ لحظة رحيلك، وأنا أبحث عن شيءٍ، لأكتب عنك.. قلبت جثث الكلمات مرات ومرات، ولم أفلح..
فقد تشتّت ذهني وخانتني أفكاري..
ماذا لي أن أقول، والأسى أثقلني، وقيّد لساني؟..
 فالصدمة لرحيلك أسرتني، والحيرة أخذتني..
أيّة صرخةٍ توازي الفاجعة؟
لن أبكيك بدمع عيني، يا أبي، بل سألتقط من دموع قلبي بعض الكلمات..
الكون كله أدار لي ظهرَه من بعدك، وأنا أتقمص لون الذكرى، وأتابع وأتلبّس الماضي الجميل، و أتدفّق " أسئلةً ".. كيف رحلتَ؟
رحلتَ، فرحل معك كلُّ شيءٍ جميل في هذه الحياة..   
رحلتَ لتسلبني الدفءَ ما حييت..
عزائي فيك، يا أبي، أنَّكَ كنت دائماً تحمل في صدرك ذخائر الإيمان والتقوى، وكانت لك شهرة طائرة  بالإيمان الوطيد، والتديّن الأكيد..
وإذ أستأمنكَ بين يدي الخالق، فنم قريرَ العين، أيّها الحبيب، ولترقدْ روحك بسلام..
 
 

 


   

43
الأخ والصديق العزيز الكاتب القدير خوشابا سولاقا المحترم..
تحية طيبة
تواجدكم الرائع ونظرة منكم لمواضيعي هو الإبداع بعينه..
كالعادة، أسعدني وشرفني مروركم وتعطيركم لهذا المقال..
وافر الشكر لكم على كلماتكم التي تعبق بالحب والخير والجمال..
نعم، أخي العزيز خوشابا، البعض ممن تواجد هنا (في هذا المنبر) خلسةً، هو مستهلك، لا ينتج من الكلام، غير السب والشتم والتشهير.
إنَّ على هؤلاء أن يدركوا، أنَّ الحرية هي أساس المسؤولية.. وغير ذلك، ليبحثوا لها عن اسم آخر، غير (الحرية)، وعليهم ألّا ينسبوا ما ينشرون للحرية، التي هي بريئة مما يكتبون..
لسان حالنا يقول لك أنّنا أصبحنا عبثيين.. أغلبنا شخصية (نرجسية) غاية في الأنانية، غارقة في حب الذات والملذّات.
الغالبية ممن أقرأ لهم في هذا الموقع، صاروا علماء في كل العلوم ومتخصصين في جميع الميادين، ولا واحد منهم قال في ختام اتهاماته و(خزعبلاته) الهدامة: الله أعلم.. الكل يدّعي إنّه يمتلك الحقيقة المطلقة، وينسبها لنفسه. سبحان الله!..
ما أحوجنا في هذا الظرف العصيب إلى وقفة تأمل مع أنفسنا.. نحن بأمس الحاجة إلى الصلح مع الذات، فلا أعتقد أنَّ ما ندعو إليه (شفهياً) سيتحقق، من دون هذه المصالحة.. وتلك حقيقة مجردة، لا تحتاج إلى تحليل أو تنظير.
علينا أن نختار من فهرس الكلمات النبيلة، التي تبني بيننا أواصر التآخي، بدل عوامل الفرقة والتشرذم والشتات..
نحن بحاجة للتسامح ونبذ الخلافات، قبل الكلام عن أي شيء آخر..
في الختام، لكم وللعائلة الكريمة، كل الود والمحبة والاحترام.
                    أخوكم / كمال
   

ِ

44

الأخ الفاضل شمعون المحترم..
تحية طيبة..
قبل كل شيء أعتذر عن هذا التأخير غير المقصود، بسبب ضيق الوقت، فقد واجهتني في اليومين الماضيين بعض الأعمال، كان عليَّ إنجازها على عجل، فسلبت كل وقتي..
أخي شمعون:
إذا قلتَ في شيء نعم، فأتممْهُ..
لأنَّ (نعم) دينٌ على الحر واجبُ
وإلّا، فقلْ (لا) و آسترحْ، تُرِحْ..
لِئَلّا يقولَ الناسُ أنَّكَ كاذبُ
منذ نعومة أظفاري كان هذا شعاري.
بعد نشري لمقالي السابق (بعض الأخطاء الشائعة في اللغة العربية مع تصويباتها) ، طلب إليَّ العشرات من الإخوة والأصدقاء، وجلّهم من النخبة المثقفة - وكان شخصكم الكريم أحد هؤلاء - نشر المزيد من تلك الأخطاء، وكنت قد وعدتهم خيراً، ونزولاً عند رغبتهم، كان هذا المقال.
بالمناسبة، هناك فرق بين (الطلب من) و (الطلب إلى)، فالطلب إلى، بمعنى (رَغِبَ)، أما الطلب من، بمعنى (سؤال)، فإذا كان من فوق إلى أدنى، فهو (أمر)، وإذا كان من أدنى إلى فوق، فهو (دعاء)..
شكراً على مروركم الدائم، ودعمكم الكريم المتواصل..
كل الشكر لكم، على فيض مشاعركم الصادقة النبيلة..
تقبلوا خالص محبتي وتقديري ..

45


الأخ الفاضل نيسان سمو المحترم..
تحية طيبة..
تشرفنا بمروركم اللطيف على المقال..
نحن بدورنا نتابع كتاباتكم الساخرة التي يغلب عليها الطابع الهزلي، ولكن (مجرد همسة في الأذن)، حاول بعض الشيء التخفيف من هذا الأسلوب، حتى لا يؤثر ذلك على القيمة الأدبية لما تكتب، مع الأخذ في الاعتبار، أنَّ لديك مهارة كتابية، قد لا تتوفر عند الكثيرين ممن يكتبون في هذا الموقع..
إنّها ليست نصيحة، بل دعوة مخلصة من شخص يكنُّ لك كل الاحترام، فأنا من طبعي، لا أسدي النصائح لأحد، مهما كان شأنه، فقط أفصح عن رأيي،  ليس إلّا، وللمقابل كل الحق في قبوله أو رفضه..
فيما يخص (ضم التاء، وفتح النون، و...)، التي أمعنت في تكرارها في أكثر من موضع، فأنا لم أدعُ إلى ذلك، إذ ليس من الوارد في لغة الصحافة والإعلام الاستعانة بحركات الإعراب، إلّا عند الضرورة، لمنع الالتباس عند القارئ، لا أكثر..
عد إلى رابط مقالي الأول، الذي تقول أنّك تحتفظ به، فقد ذكرت في مقدمته ما يلي:
(سأتناول هنا أهم هذه الأخطاء وأكثرها شيوعاً، وسيكون تركيزي في هذا الجهد المتواضع على السماعية منها، وأقصد بها الأخطاء التي لا نشعر بها حين نقرؤها، بل حين نسمعها، لأن عدم ضبط الألفاظ بالحركات على الحروف يجعل كلاً من المصيب والمخطئ ينطقها على طريقته.. وكل كلمة لم يتعلم المرء نطقها الصحيح فهو معرض لأن يُخطئ فيها، ناهيك عن تلقّن نطقها مغلوطة من معلميه. وعندئذ قد يكتبها صواباً، ولكن يقرؤها خطأً)..
لاحظ العبارة الأخيرة (يكتبها صواباً، ولكن يقرؤها خطأً)..
       
أيضاً، لاحظ كلمة (نقاط) في المقال أعلاه، قلت: ينطقونها، ولم أقل يكتبونها (بضم النون)، وفي نفس السياق فيما يخص الكلمات الأخرى، أي، كان هدفي التركيز على الأخطاء المنطوقة (المسموعة)، لا الأخطاء المكتوبة..
أما الأخطاء المكتوبة، فهي غالباً ما تأتي على شكل تراكيب لغوية، وقد تناولت بعضاً منها في مقالي الأول والثاني..
أرجو أن تكون الصورة الآن صارت واضحة لديك، وزال الالتباس الذي حصل عندك..
أما بخصوص سؤالك عن الأخطاء التي وردت في معرض ردك، فأرجو المعذرة.. فلست أنا من يقيّم الآخرين، ولن أكون، ولكن دعني أقول لك، إنَّ أغلب الكتاب على مستوى الوطن العربي – ومنهم من ذاع صيته، وشاع اسمه وذاع وملأ الأسماع - كانوا وما زالوا يستعينون في كتاباتهم بمنقحين في اللغة العربية، وهذا لا يعتبر عيباً، أو انتقاصاً من قيمتهم الأدبية مطلقاً، إذ ليس بالضرورة كل من لديه موهبة أو مَلَكة في الكتابة، أن يكون ملماً بقواعد اللغة والنحو والصرف..
في الختام تقبل كل الاحترام..
أرجو التواصل، مع فائق التقدير. 








 




































 






 
 

   

46
الأخ العزيز جان المحترم..
تحية طيبة..
قبل كل شيء، أعتذر عن هذا التأخير، بسبب ضيق الوقت..
هنيئاً ( الشاي الآثوري الثخين )، صحة و عافية ..
في المرة القادمة جرّب الشاي الآثوري المطعم بـ (الهيل الكلداني) العالي الجودة، بنكهته الفريدة، لعلَّك بذلك تساهم في تقريب وجهات النظر بين من فرقتهم السياسة والمصالح!..
غداً، سيروِّج أحدهم للشاي الكلداني  – على عنادك – والله إنَّها لَمصيبة.. هذا ما كان ينقصنا!..
لا عليك.. هذا كله من باب المزح، لأنه يبدو لي من خلال كتاباتك، أنّك خفيف الظل ومرح، وتحب المزح..
على أية حال، أشكرك جزيل الشكر على كرم مرورك العطر الجميل، وعلى هذا الحضور المشرق المميز الذي تعوّدنا عليه..
لك أرق التحايا وأعذبها..
مع خالص التقدير.

47
الأخ وليد المحترم
تحية
لو كان تحقير المرأة من خلال مصطلح وصفي في اللغة، أو بإطلاق صفة ذكورية عليها بعد تسقيط تاء التأنيث منها، كمصطلح (عضو) مثلاً، لهان الأمر عليها، واستسهلته، مقارنةً بما قيل في حقها من أحاديث، أقل ما يقال عنها إنّها لا تليق بمخلوق بشري، عبارات كلها إهانة وإذلال وتسفيه، تحط من قيمة المرأة وتقلل من شأنها.. بإمكانك أن ترجع إلى مقال (ناقصات عقل ودين)، للكاتبة (نهرين) التي ظهرت فجأةً في هذا الموقع ثم توارت، المنشور في المنبر الحر في الصفحة الرابعة، وربما يكون قد عبر إلى الصفحة الخامسة، وكنت أنا أحد المعقبين عليه.. 
أخي وليد: مع تطور وتغيّر الحضارة الإنسانية، تطورت وتغيّرت المجتمعات، وتطورت وتغيّرت المفاهيم، وتطورت وتغيّرت كذلك الوظائف والأعمال التي يقوم بها كل من الذكر والأنثى، وتغيّرت صفات تلك الأعمال من تذكير وتأنيث، الأمر الذي أحدث إرباكاً وبلبلة في لغة الناس، فظهرت التناقضات مع القواعد اللغوية التي وضعت من أجل حماية اللغة من التغير، ومنعها من الانحلال والتدهور، وكثر خروج الناس في عصرنا على قواعد اللغة، وكثرت الأخطاء اللغوية التي اصطلح اللغويون على تسميتها بـ (الأخطاء الشائعة).
ومما لا شك فيه أنَّ مهام الأنثى (المرأة) ومجالات عملها كانت محدودة جداً، سواءً في الماضي القريب أو في الماضي البعيد، فقد كان عملها ينحصر في أمور البيت والعناية بالأطفال وتربيتهم.. أما الذكر (الرجل)، فقد كان متخصصاً في العمل خارج البيت، فيعمل في مختلف الأعمال والمهن والوظائف التي كانت في الماضي مقتصرة على الرجال، فهو الحدّاد وهو النجّار وهو البنّاء وهو الطبيب وهو القاضي وهو الحاكم، وهو النائب، وهو الوزير، وهو المدير، وهو الرئيس، ولم تعتدْ الأذن الإنسانية على سماع الكلمات المؤنثة لمعظم هذه المهن التي كانت من تخصص الذكور، فكان الناس يستغربون وما يزال بعضهم لدى سماعهم الصفات المؤنثة مثل: حدّادة أو نجّارة أو بنّاءة أو طبيبة أو قاضية أو حاكمة أو نائبة أو وزيرة أو مديرة أو رئيسة، لأن تلك الصفات كانت مناصب ووظائف ومهن وحرف وأعمال وألقاب ورتب، يقتصر استخدامها على الذكور من دون الإناث.
لذلك فقد كانت القاعدة اللغوية تقول:
إنَّ صفات الأعمال المشتركة بين الذكر والأنثى، تلك التي يستطيع كل منهما القيام بها، يمكن أن تُذكَّر أو أن تُؤنَّث، بحسب الفاعل ذكراً كان، أم أنثى.. أما صفات الأعمال التي تختص بها الأنثى دون الذكر، وكذلك صفات الأعمال التي يختص الذكر بعملها دون الأنثى، فممنوعة من التأنيث، ولا يجوز تأنيثها.
لقد ذكرت أعلاه أمثلة كافية على صفات الأعمال الذكورية التي كانت في الماضي حكراً على الذكور دون الإناث ولم تكن الأعراف تسمح للإناث بممارستها، لكنها أصبحت تمارس اليوم من قبلهن، وقام الناس بتأنيثها خروجاً على الفصاحة، وخروجاً على القواعد اللغوية التي تحث دائماً على الأفصح. وقد أصبح الناس، لا يستغربون عند سماعهم صفات المناصب والوظائف والمهن والحرف والأعمال والألقاب والرتب مثل: الطبيبة والدكتورة والمعلمة والنائبة والوزيرة والمديرة والرئيسة والمفتشة والسفيرة.
و أوَد هنا أن أذكر بعض الاستثناءات التي تشذ عن القاعدة المذكورة في أعلاه، فهناك في اللغة بعض الصفات المحدودة المشتركة بين الذكر والأنثى، لكنها تشذ عن القاعدة التي تقول بوجوب التأنيث في هذه الحالة مثل: زوج، و ولد، و أرمل، إذ ليس في فصيح اللغة زوجة، و ولدة، و أرملة. بالإضافة إلى بعض الصفات المشبهة والصيغ التي يستوي فيها المذكر والمؤنث ولا تؤنث، مثل: الصفات المشبهة على وزن (أفْعَل) الذي مؤنثه (فَعْلَاء) كـ (أبيض)، فلا نقول: أبيضة، وإنما تأنيثه (بيضاء). وكذلك (فَعْلَان) الذي مؤنثه (فَعْلَى)، كـ (غضبان)، فنقول: (غضبى)، ولا نقول: غضبانة. وكذلك بعض الصيغ على وزن (فَعول، و فَعيل، و  مِفعال) فنقول: رجلٌ صبور، وإمرأة صبور، ورجلٌ جريح، وإمرأة جريح، ورجل مهذار، وإمرأة مهذار، ولا نقول: صبورة، وجريحة، ومهذارة، فهي من الصيغ التي يستوي فيها المذكر والمؤنث، لكنها ممنوعة من التأنيث استثناءً، وكنت قد تطرقت إلى ذلك في مقالي السابق.
ومن الاستثناءات أيضا لفظة عضو، وأعضاء التي تستخدم أساساً لأجزاء الجسد التامة، الوحيدة من جنسها أو أجزاء أي شيء آخر، فالأفصح أن تُذكَّر، ولا تُؤنَّث إذا كانت وحيدة من جنسها، لأنها بمعنى (جزء)، مثل (الرأس، والأنف، والقلب، والبطن ... إلخ).. أما إذا تعددت في الجسد، وكان منها اثنان أو أكثر، فيكون الأفصح هو التأنيث، مثل (العين، والأذن، واليد، والرجل، ... إلخ)، وعندما يتم إطلاق لفظة (عضو) مجازاً على الإنسان باعتباره عضواً في المجتمع، يكون الأفصح هو التذكير للجنسين، فالرجل عضو والمرأة كذلك.
و قد يثير استغرابك إذا قلت لك أنَّ هناك قاعدة تُمنَع بموجبها الأسماء والصفات التي تنفرد أو تختص بها الإناث دون الذكور من التأنيث، أي أنَّها لا تُؤنَّث، مثل: حامل، طالق، طامث، عاقر، قاعد، كاعب، مُرضع، ناشز، و ناهد... إلخ.
عذراً للإطالة، ولكن كان لا بدّ لي من الاسترسال في سبيل الإيضاح..
            مع فائق التقدير.

48
عندما فكرت في نشر مقالي السابق (بعض الأخطاء الشائعة في اللغة العربية مع تصويباتها)، في هذا الموقع الكريم، لم أكن لأتصور أنَّه سيلقى كل هذا الصدى وهذه المتابعة غير المتوقعة من قبل القراء الأعزاء، نظراً لتعوّد الناس على هذه الأخطاء، فقد ألِفوها وأخذوا عليها، حتى أنَّهم باتوا يستهجنون الصواب ويرفضونه، وذلك ليس بالأمر الغريب، فمن يتعود على الخطأ في أول الأمر، يبدو له الصواب إذا عرفه فيما بعد هو المستغرَب المستنكَر، ثم لماذا نلقي اللوم على المتلقي، إذا كانت بعض المعاجم، وأخص بالذكر الحديثة منها، قد حوت على متنها الكثير منها..
 غير أنَّ ما أثار دهشتي هنا، أنَّ (جوجل)، هو الآخر قد استوعب هذه الأخطاء، فأخذ عليها، وصار يحتج ويؤشر بالأحمر تحت بعض الكلمات لدى قيامي بتصحيحها، معلناً رفضَه وعدم استساغته لها.. يبدو إنّه قد تلقّن جمهرةً منها، في الوقت الذي لم يكترث اللغويون بهذا التخريب اللغوي.
 وما كنت لأتصدى لهذا الموضوع، لولا تكاثر الأخطاء الجديدة التي ابتدعها الجيل الجديد، ولم يسبق أن نبّه عليها الأسلاف، لأنها لم تظهر في زمانهم، فقد تكاثرت هذه الأخطاء في الأعوام الأخيرة إلى حد، صار المهتم ( من أمثالي)، لا يحتاج إلى طول عناء لاستحضارها، حتى جعلت تنثال على ذهني، فاجتمعت لي منها طائفة أخرى، سأوردها هنا، تلبيةً لطلب الكثير من الإخوة القراء والمتابعين الذين رغبوا في الاستزادة منها، وبخاصة أولئك الذين مرّوا على مقالي السابق وعقبوا عليه من خلال ردودهم اللطيفة الجميلة، فلهم ولكم أجمعين كل الشكر والامتنان..     
 إليكم هذه الأخطاء:
 نقاط: جمع (نقطة) ينطقونها بضم النون، والصواب (نِقاط) بكسر النون.
تكرار: بكسر التاء خطأ. الصواب (تَكرار) بفتح التاء.
رُعاع: بضم الراء خطأ. الصواب (رَعاع) بفتح الراء، ويأتي استعمال الكلمة للتحقير (قومٌ رَعاع، أو رَعاع البشر)، أي السافلونَ من الناس.
جمع (بائس)، أي (المفتقر) على (بؤساء) خطأ. الصواب: بائسونَ (جمع مذكر سالم)، أما (بؤساء) فجمع (بئيس)، وهو الشجاع القوي.
ورود: جمع (وردة)  خطأ. الصواب: وَردٌ.
نفط: بفتح النون خطأ. الصواب (نِفط) بكسرها. 
عراقيل: خطأ. الصواب (عراقِل) بكسر القاف، من دون ياء، لأنَّ كلمة (عرقلة) لا تحتوي على حرف المد، وبالتالي لا يمكن جمعها على (عراقيل) بالياء، فهي زِنة (وسوسة)، وجمعها (وساوس).. ولا تُزاد الياء، إلّا في جمع المفرد الذي يحتوي على حرف المد (الألف)، نحو: مسمار، وجمعه (مسامير)، أو (الواو)، نحو: عصفور، وجمعه (عصافير)، أو (الياء)، نحو: قنديل، وجمعه (قناديل)، ولا يوجد أيٌّ من هذه الأحرف في (عرقلة)، ولا توجد في العربية كلمات مثل: (عرقال، و عرقول، و عرقيل)، حتى تُجمع (عراقيل).
أعزب: شاب أعزب خطأ. الصواب: شاب عزب.
هوية: بفتح الهاء خطأ. الصواب: هُوية بضم الهاء. أما هَوية بفتح الهاء فهي البئر العميقة.
طرق التدريس: خطأ، لأنَّ طرق جمع (طريق). الصواب: (طرائق) جمع (طريقة)، فنقول: طريقة التدريس، وطرائق التدريس، ونقول: الطريق مسدودة (لأنَّ الطريق لفظ مؤنث)، والطرق مسدودة.
طازِجة: فاكهة طازِجة بكسر الزاي خطأ. الصواب: طازَجة بفتحها.
مبروك: خطأ. الصواب (مبارك) اسم مفعول من الفعل (باركَ)، أما (مبروك)، فهو اسم مفعول من الفعل (بركَ)، وشتانَ بين باركَ و بركَ، فالله يبارك ولا يبرك.
نسائم: (نسائم الصباح) خطأ، لأنّ (نسائم) جمع (نسيمة)، لا (نسمة). الصواب: (نسمات الصباح) جمع مؤنث سالم لـ (نسمة)، بعد حذف التاء وزيادة ألف وتاء مبسوطة (ات).
ملاحظة: مصطلح خطأ. الصواب: ملحوظة.
فتاوي، دعاوي، شكاوي... بالياء: خطأ. الصواب: فتاوى، دعاوى، شكاوى... بالألف المقصورة.
تحاليل، تمارين، مشاريع، مواضيع، عناوين: جمع (تحليل، تمرين، مشروع، موضوع، عنوان) خطأ. الصواب: تحليلات، تمرينات، مشروعات، موضوعات، عنوانات. حسب القاعدة التي تقول: ما زاد من المصادر عن ثلاثة أحرف يُجمع جمعَ مؤنثٍ سالماً، بزيادة ألف وتاء مبسوطة (ات) على آخره.
مصائر: جمع (مصير) خطأ. الصواب: مصاير. بالياء، لا بالهمزة.
وريث: خطأ. الصواب: وارث.. اسم فاعل من (ورِثَ). لأنَّ كلمة (وريث) لا أثرَ لها في معاجم اللغة العربية.
استمارة: خطأ. الصواب: استبانة، لأنَّ لفظة (استمارة) لا أصل لها في اللغة.
مجوهرات: خطأ. الصواب: جواهر، لأنَّ كلمة (مجوهرات) لم ترد في اللغة العربية.
نزيف:  (نزيفٌ دموي) خطأ. الصواب (نَزْفٌ دموي) من دون ياء.
بنادق: جمع (بندقية) خطأ. الصواب: (بندقيات)- تُجمع جمعَ مؤنثٍ سالماً، بعد حذف تاء المفرد (بندقية) بحسب القاعدة، ثم إضافة ألف وتاء مبسوطة (ات) إلى المفرد.
حُضن: حُضن الأم: خطأ. الصواب: (حِضنُ) بكسر الحاء، لا بضمّها.
جُعبتي: في جُعبتي: خطأ. الصواب: (في جَعبتي) بفتح الجيم، لا بضمّها.
مدراء: جمع (مدير) خطأ. الصواب: مديرونَ، وقد يحتاج ذلك إلى بعض الشرح، فـ (مدير) اسم فاعل من الفعل الرباعي (أدارَ)، واسم الفاعل من الرباعي عادةً على وزن مضارعه مع إبدال ياء المضارعة بميم مضمومة وكسر ما قبل الآخر، مثل: (أنجَزَ – يُنجِزُ – مُنجِز، و أبدَعَ – يُبدِعُ – مُبدِع)، و مثلها (أدارَ – يُديرُ – مُدير)، وعند جمع مُنجِز، و مُبدِع  نقول: مُنجِزون، و مُبدِعونَ، وكذلك الحال مع مُدير، فنقول: مديرونَ، لا مدراء، أما جمع التكسير على وزن (فُعلاء)، نحو: (أُمراء، وزراء، سُفراء...إلخ)، فمفرداتها مأخوذة من أفعال ثلاثية، لا رباعية، فـ (أمير) من أمر، و (وزير) من وزر، و (سفير) من سفر.
أخصائي (طبيب أخصائي) خطأ. الصواب: طبيب اختصاصي، من الفعل (اختصَّ)، أي تعمّق في دراسة فرع من فروع الطب، واختصَّ فيه.
زرع الشجرة: خطأ. الصواب: غرس الشجرة، لأنَّ البذور هي التي تُزرَع، أما الأشجار والشتلات، فتُغرَس في الأرض.
لا يلقى أذناً صاغية: هذا التعبير خطأ. الصواب: لا يلقى أذناً مُصغية. من الفعل (صغا) الثلاثي المجرد، بمعنى: مالَ إلى.
قَيدُ أُنملة: بفتح القاف خطأ. الصواب: ( قِيدُ أنملة) بكسرها.
تنازل عن حقِّه: خطأ. الصواب (نزل عن حقَّه).
سؤالٌ بسيط: خطأ. الصواب: سؤالٌ سهل، لأنَّ (بسيط) بمعنى منشرح.. يقال رجل بسيط الوجه، إذا كان متهللاً منشرحاً، لأنَّ الإنسان إذا سُرَّ انبسط وجهُهُ.
جُرمٌ سماوي: بمعنى (كوكب)، بضم الجيم خطأ. الصواب: (جِرمٌ سماوي) بكسر الجيم.
عَن كَثَبْ: خطأ. الصواب (مِن كَثَبْ).
بدون شك: خطأ. الصواب: من دون شك.
بالرغم: خطأ. الصواب: على الرغم.
تلميذٌ شاطر: خطأ. الصواب: تلميذٌ نبيه، لأنَّ (الشاطر): هو الذي يُعْيي الآخرين بخبثه.
ناكر الجميل: خطأ. الصواب: (مُنكِرُ الجميل) - اسم فاعل من الفعل (أَنكَرَ - يُنكِرُ)، فهو مُنكِر، بعد استبدال ياء المضارعة بـ (ميم مضمومة).
اعتذر منه: خطأ. الصواب: اعتذر إليهِ.
عديم الفائدة: خطأ. الصواب: معدوم الفائدة.
في هذا الحال: خطأ. الصواب: في هذه الحال، لأنَّ (الحال) لفظ مؤنث.
يحظى بالقُبول: خطأ. الصواب: يحظى بالقَبول. بفتح القاف.
حاز على الشهادة: خطأ. الصواب: حاز الشهادةَ، لأنَّ الفعل (حازَ) متعدي، ينصب مفعولاً به (الشهادة)، فلا حاجة لحرف الجر (على).
أُبيدوا عن بكرةِ أبيهم: خطأ. الصواب: أُبيدوا على بكرةِ أبيهم، أي، أُبيدوا جميعاً ولم يبقَ منهم أحد.
الرضوخ للأمر: خطأ. الصواب: الخضوع للأمر، أو الإذعان للأمر، أو الامتثال للأمر، أو الاستجابة للأمر. لأنّ (رَضَخَ) بمعنى: أعطى.
مما يؤسَف له: خطأ. الصواب: مما يؤسَف عليهِ.
سويّاً، (حضرنا سويّاً): خطأ. الصواب: حضرنا معاً، لأنَّ (السويّ) في معاجم اللغة هو (المعتدل)، ولا تدل الكلمة على المصاحبة.
وأخيراً، لا بد لي من الإشارة إلى خطأ يتداوله الناس على وجه الكثرة في هذه الأيام، فيَرِد على بعض الألسنة والأقلام استعمال مصطلح (عضوة) في حق المرأة التي تتمتع بعضوية مجلس، أو نقابة، أو مؤسسة، والصواب: (عضو)، لا (عضوة)، كما أنَّ الأذن عضو، والأنف عضو من أعضاء جسم الإنسان.
وفي الختام أشكر كل الإخوة الأفاضل، والأخوات الفاضلات على هذا التجاوب مع الموضوع، وأسأل الله أن يجعل في مقالي هذا النفع والفائدة، ومن كان له تعقيب أو إضافة فلا يبخل بها علينا.. 


49
المنبر الحر / رد: قصة عشق قصيرة
« في: 07:55 11/06/2017  »

أخي العزيز شمعون المحترم..
تحية نابعة من القلب..
 أوف راجعة.. راجعة أوف
قالوا ابعدي بتنسيه وبتنسي هواه
وبتستريحي من عذابه ومن شقاه
قالوا ابعدي والبعد يخلي الجريح
ينسى جروحاته ويعود لهناه 
أغنية من الزمن الجميل.. كلمات رائعة، ولحن أروع.. هذه الأغنية من كلمات وألحان الأخوين رحباني، كما هي معظم أغاني فيروز .. والرحابنة:هم عاصي (زوجها الذي انفصلت عنه لاحقاً)، و منصور، وهما المعنيّان بـ (لأخوين رحباني)، وشقيق ثالث (إلياس)، هو الآخر كان علماً من أعلام الأدب والثقافة والفنون في لبنان..
 أخي شمعون: قديماً، كان مخرجو الأفلام السينمائية يستعينون ببعض المطربين في أفلامهم، لأنَّ أغانيهم كانت تخدم الخط الدرامي لأحداث الفيلم، ولكن شيئاً فشيئاً تطور الغناء العربي وبدأت تتغير ملامحه، حتى ظهر ما يسمى بالأغاني القصصية، كهذه الأغنية، وأغنية (أيظنُّ) لنجاة الصغيرة، من كلمات نزار قباني وألحان محمد عبد الوهاب، وكذلك أغنية (فاتت جنبنا ) لعبد الحليم حافظ، من ألحان محمد عبد الوهاب، أيضاً.. هذه الأغاني، وأغانٍ أخرى غيرها، لا تحتاج إلى أن تكون في سياق فيلم لتعبر عن قصته، بل أصبحت لها قصتها الخاصة، التي تتضمن المقدمة والحبكة الدرامية والنهاية..
بالمناسبة، أغنية (أيظنُّ) حصلت على جائزة أفضل أغنية عربية في مهرجان الأغنية العربية، الذي أقامه في لبنان سنة 1961 صاحب دار الصياد للطباعة والنشر (سعيد فريحة)، ومن إصدارات هذه الدار مجلة (الشبكة)، وهي مجلة فنية اجتماعية متخصصة، ما زالت تصدر حتى يومنا هذا..
أخي العزيز: إليك مطلع هذه الأغنية الرومانسية القصصية، التي تتشابه في أحداثها وبنائها الدرامي مع أغنية السيدة فيروز التي استلهمتَ من وحيها فنسجتَ خيوط قصتك القصيرة بأسلوبك الجذاب..  حتماً إنَّك تحفظ كلماتها، فذائقتك وإحساسك المرهف خير دليل على ذلك..
أيظنُّ إنّي لعبةٌ في يديهِ
أنا لا أفكّرُ في الرجوعِ إليهِ
اليومَ عاد، كأنَّ شيئاً لم يكنْ
 وبراءةُ الأطفالِ في عينيهِ
ليقولَ لي إنّي رفيقةُ دربهِ
وبأنّني الحبُّ الوحيد لديهِ
 ثم تتوالى الأحداث حسب السياق الدرامي للقصة، وتنتهي بتفكيك العقدة، أو بحل المشكلة، فتقول نجاة في النهاية:
ونسيتُ حقدي كلَّهُ في لحظةٍ
من قال إنّي قد حقدتُ عليهِ
كم قلتُ إنّي غيرُ عائدةٍ لهُ
ورجعتُ، ما أحلى الرجوعَ إليهِ
أما أغنية (فاتت جنبنا)، فهي رائعة أخرى من روائع الزمن الجميل، وفيها يروي عبد الحليم قصة حبه غناءً.. فتاة مرت به وبصديق له، وهي تبتسم للاثنين معاً، فتعلق قلبه بها، وشغف بحبها، إلّا أنَّ الشك ساوره، فأخذته الحيرة، لعدم تيقّنه إنْ كانت الفتاة قد قصدته هو بضحكتها، أم قصدت صديقه، فلم يكن أمامه خيار غير أن يبعث لها برسالة مستوضحاً الأمر، فجاءه الرد على الفور، قالت لي: (أنا من الأول باضحكلك يا أسمراني)، فغمرت الفرحة قلبه كأنّه ملك الدنيا بما فيها..
عذراً للإطالة..
مع تحياتي

50
الأخ العزيز خوشابا سولاقا المحترم..
بأسف بالغ وحزن عميق، تلقينا الخبر المفجع برحيل شقيقكم الأصغر (شمشون) رحمه الله..
نقدم لكم وللعائلة الكريمة وللوالدة المفجوعة، خالص تعازينا وعظيم مواساتنا بهذا المصاب الجلل.. نطلب من الرب المحي أن يشمل المرحوم بواسع رحمته وغفرانه، ويتقبله في عداد الصالحين من عباده، ونسأله أن يجعل الفردوس الأعلى داره وقراره، ولكم جميل الصبر والسلوان.
أخوكم / كمال

51



 
أخي وصديقي العزيز صاحب القلم المبدع خوشابا سولاقا المحترم..
تحية طيبة..
أسعدني وشرّفني مرورك الرائع، وردك الأروع..
كما تعودنا منك في كل رد، نجد أطيب الكلمات الزاخرة بالمعاني الجميلة، الحاملة إلينا أصدق المشاعر النبيلة..
دائماً تشدنا إلى ردودك العطرة وكلماتك المعبرة.. هذه الردود ما هي، إلّا أوسمة أتقلدها على صدري، لروعة ما تتضمنه من تعابير لطيفة ونقية..
أخي خوشابا: تواجدك بين مشاركاتي المتواضعة شرف لي، ومرورك العطر موضع اعتزازي، ومبعث السرور في نفسي..
شكراً جزيلاً على دعمك المتواصل، من خلال ردودك الكريمة هذه  .
دمتم أخاً وصديقاً عزيزاً، ودام قلمكم الذهبي اليراع..
    مع تحياتي المخلصة لكم وللعائلة الكريمة.
                   أخوكم / كمال

52

الأخ والصديق العزيز الإعلامي الكبير مال لله فرج المحترم..
تحية من أعماق القلب..
أنا البحرُ في أحشائه الدُّرُّ كامنٌ        فهل سألوا الغواصَ عن صدفاتي
أخي العزيز مال الله: حاولت أن أعبر لك عما يدور في نفسي من مشاعر وأفكار..
حاولت أن  أغوص في بحر (اللغة العربية) لأنتقي اللآلئ والأصداف (الكلمات)، ولكن عبثاً، فكلما كتبت كلمة، أعود فأمسح كلمات..
اعتصرت عقلي مرات ومرات، لكي أفوز بما يناسب ردك من كلمات ومفردات وعبارات..
 كلُّ كلمات الشكر تقف عاجزة أمام روعة حروفك، فحروفك تأخذني معها إلى حيث فضاء الثقافة الواسع، وردودكم دائماً تزيد الثقة بالنفس وترفع المعنويات..
 يسعدني ويشرفني مرورك الراقي ..
 صعبٌ على المرء أن يجاريه، فتنحني الحروف خجلاً، وتتلاشى الكلمات..
أشكرك على كل هذا اللطف منك..
لك مني كل المحبة والتقدير، وأعطر التحيات.
دمتم ودام قلمكم الذهبي..
     أخوكم / كمال

53
أخي العزيز شمعون المحترم..
تحية نابعة من القلب..
أقدر عالياً مرورك العطر على المقال، و اهتمامك به، وتعليقك عليه..
وافر الشكر لك على حضورك الجميل لكل جديدي، ولردودك الرقيقة التي تزيد حروفي وكلماتي جمالاً ساحراً وعبيراً وردياً..
تفاعلك مع موضوعي أفرحني، وأدخل البهجة إلى قلبي، وكلماتك تركت أثراً كبيراً في نفسي..
سأحاول أن أنشر كل ما يفيد زوار هذا الموقع الكريم، إذا بقِيَ لنا في الحياة نصيب..
مرةً أخرى أشكرك على جمال كلماتك التي ينحني لها قلمي..
دمتم بحفظ الله ورعايته..                           

54
الأخ والصديق العزيز جان يلدا خوشابا المحترم..
تحية عطرة..
شكر وفير وتقدير كبير على كرم مدحكم وصدق مشاعركم، وعلى كلماتكم الطيبة المعبرة عن طيبة قلبكم..
تعجبني عبارتكم الشهيرة (البقية تأتي) التي تختمون بها كتاباتكم وردودكم على الدوام.. وأنا بدوري أقول لكم: البقية تأتي.. سأقوم بنشر مجموعة أخرى من هذه الأخطاء قريباً، تلبية لطلب عدد كبير من الإخوة القراء الأعزاء..
لكم كل المودة والاحترام..
  أخوكم / كمال                           


55
إلى أخي وصديقي العزيز الكاتب القدير لطيف نعمان المحترم..
تحية مفعمة بالمحبة..
وافر الشكر لكم على اهتمامكم وردكم المميز على المقال، وعلى الكلمات الجميلة التي سطرتموها بنبل أخلاقكم ووفائكم وشهامتكم..
أخي العزيز: إنَّ ماتم عرضه في المقال من أخطاء لغوية، لا يشكل  غير 1 % مما تختزنه حافظتي من هذه الأخطاء، وكان في نيّتي جمعها وعرضها في كتاب، ولكن بسبب ضيق الوقت، وبعض الظروف الصعبة الضاغطة، أغضضت النظر عن الفكرة في الوقت الحاضر، عسى أن أتمكن من تحقيقها في المستقبل، إذا شاء القدر..
يشرفني كثيراً تقديم يد العون لكم، والإجابة على أي سؤال أو استفسار يتبادر إلى ذهنكم فيما يخص اللغة العربية.. أرجو ألّا تترددوا في ذلك.
مرةً أخرى أشكركم.. أطال الله في عمركم، ودمتم لنا ذخراً، وصوتاً للحق ونبراسه، نستضيء به، ونستفيد من حكمته..
 مع خالص الود والتقدير لكم وللعائلة الكريمة.
          أخوكم / كمال


56

إلى أخي وصديقي العزيز الكاتب البارع خوشابا سولاقا المحترم..
تقبلوا مني أرق التحيات وأصدق عبارات الود والاحترام..
 أخي العزيز: كعادتك.. كل موضوع تتناوله، تعطيه حقه من الشرح والتفسير والتحليل.. تحلل الواقع المرير الذي يعيشه شعبنا، وتحاول عبثاً إيجاد الحلول للمشاكل والهموم التي يعاني منها..
فقد عهدناك كاتباً مثقفاً يأبى الصمت.. كاتباً ينتمي لما يكتبه، وكتاباته تنتمي إليه..
عرفناك كاتباً غيوراً، يتوجع قلبه ألماً، ويعتصر مرارةً.. مرارة قلب يحب وطنه، يذوب فيه، ويعتصر ألماً على ما آلت إليه أوضاع شعبه..
 كتاباتك صرخة ضمير، وجرس إنذار..
 صرخة ضمير لمن أعطوا لضميرهم إجازة، أو لمن لا ضمير لهم..
 صرخة في وجه ساستنا الشغوفين بالنقاش والحوار والجدل، وإثارة المشاكل بلا وجل..
 صرخة ضد الظلم، وضد الضمير الإنساني الميت، وضد الجهلة والقتلة، والطامعين بأرضنا..
 وجرس إنذار لأبناء شعبك، تحذرهم من خطورة المستقبل القاتم الذي أخذت ملامحه تلوح في الأفق، وتظهر شيئاً فشيئاً..
طرح مكتمل بجميع جوانبه، جعل قلمي يقف عاجزاً عن الإضافة، ولكن سأحاول..
أخي خوشابا: ضمانة أي شعب في قوته، وقوته في وحدته، فإذا لم يتوفر له هذا الضمان، فلن يكون قادراً على العيش أو المقاومة ..
إنَّ مصير شعبنا ومستقبله قد أصبحا في خطر نتيجة فقدانه للمناعة. ولا أمل لهذا الشعب من مصير الانحلال والاضمحلال، إلّا بتجرع وصفة العلاج..
الأمل الوحيد لكي ينجو من الهلاك هو أن يتجرع الدواء الكفيل باستعادة مناعته وجعلها قادرة على مقاومة الأوبئة القاتلة والخلايا السرطانية الخبيثة.. هذا هو العلاج الشافي وإلّا فمصيره إلى الزوال والانقراض.
مناعته، برأيي المتواضع تأتي من الداخل، من قوته وفاعليته ووحدة نسيجه الاجتماعي.. من قِيَمهِ الروحية، ومن فضائله الحضارية ومُثله العظيمة.. من تشبثه بأرضه، ومن ثقته بنفسه وبما يمتاز به من خصائص ومواهب وقدرات. فإذا اعتصم هذا الشعب بوحدته وبقوة إرادته الفاعلة، فهو قادر على المقاومة، وقادر على الدفاع عن حقه والتحرر من العوامل السالبة لِإرادته.
ولا ننسى، أنَّ مناعة أي شعب تقوى بمعرفة تأريخه الحضاري، وباستنباط العبر منه، تزيل عنه أوهام الخوف والعجز والتراجع والخيانة.
كل المحبة والتقدير لكم، وللعائلة الكريمة..
               أخوكم / كمال
   
   .
 
 
 
 
 
 
 
 







 


57
الكلام الصحيح سليقة أكثر منه تعلُّم، والسليقة إنّما تتكون من كثرة ما يسمعه المرء من الفصيح الصحيح، فما جدوى دروس العربية النظرية الجافة إذا كانت (الدروس) التطبيقية في ميادين العمل، سواءً في الإذاعة والتلفزيون أو في الصحافة، أو القصص والروايات المترجمة وغير المترجمة، تجرف من ذهنه كل ما تعلمه في حياته الدراسية؟ حتى أنا الذي كانت سليقتي منذ أيام الحداثة سليمة قويمة لكثرة ما قرأت من لباب الأدب العربي في أحسن أساليبه.. أراني اليوم قد أَلِفت الأخطاء لكثرة تردّدها على سمعي من الإذاعات ومحطات التلفاز، وقراءةً في الصحف والمجلات، حتى صار بعضها، أي - الأخطاء – يغافلني فيندس في كلامي، ويجري على قلمي حين أكتب أو على لساني حين أقرأ أو أتحدث..
 وليس بالإمكان استقصاء كل الأخطاء، فإذا كان المرء جاهلاً باللغة فكل الأخطاء ملك يمينه.. لهذا سأتناول هنا أهم هذه الأخطاء وأكثرها شيوعاً، وسيكون تركيزي في هذا الجهد المتواضع على السماعية منها، وأقصد بها الأخطاء التي لا نشعر بها حين نقرؤها، بل حين نسمعها، لأن عدم ضبط الألفاظ بالحركات على الحروف يجعل كلاً من المصيب والمخطئ ينطقها على طريقته.. وكل كلمة لم يتعلم المرء نطقها الصحيح فهو معرض لأن يُخطئ فيها، ناهيك عن تلقّن نطقها مغلوطة من معلميه. وعندئذ قد يكتبها صواباً، ولكن يقرؤها خطأً..
وإليك عزيزي القارئ بعض هذه الأخطاء:         
تجربة: نطقها يكون بكسر الراء، وليس بضمها (تجرِبة)، وجمعها أيضاً بكسر الراء (تجارِب ).
قمّة: بكسر القاف (قِمّة)، وليس بضمها.
إرباً إرباً: ينطقها بعضهم بفتح الراء زِنَة (عِنَباً)، والصواب بتسكين الراء وليس بفتحها (إرْباً إرْباً).
اضطرَّ إلى الشيء: فتح الطاء خطأ. والصواب (اضطُرَّ) بضم الطاء.   
أعجب بنفسه: فتح الهمزة بصيغة المعلوم خطأ. والصواب: أُعجِبَ بنفسه، بصيغة المجهول، فهو مُعجَبٌ بنفسه.
أكفاء: يقرأونها بالتشديد زِنَة (أحِبّاء و أعِزّاء)، وصوابُها بالتخفيف (أكْفاء)، زِنَة (أبناء و أسماء).
بخور، فطور، سحور: هذه الكلمات ينطقونها بضم الأول، والصواب: بَخور، فَطور، سَحور، أي بفتح أولها.
بلعوم: الصواب نطقها بضم الباء (بُلعوم)، لا بالفتح.
حلقوم: الصواب نطقها بضم الحاء (حُلقوم)، لا بفتحها.
بنية: بكسر الباء (بِنية)، وليس بضمها.
ترجمة: يُخطئ من ينطقها بضم الجيم، فالصواب (ترجَمة) بفتحها.
تعالي: نداء للأنثى، ينطقونها بكسر اللام. والصواب (تعالَي) بفتحها.
عبوة: عبوة ناسفة، بعضهم ينطق عُبُوَّة زِنَة (فُتُوَّة) بالضم والتشديد. والصواب (عَبْوَة) بالفتح، زِنَة (رَبْوَة).
ثغرة: ينطقها الأكثرون (ثَغرة) بالفتح. والصواب (ثُغرة) بالضم.
ثكنة: نطقها بالفتح زِنَة (سَمَكة) خطأ. الصواب: (ثُكْنة) بالضم، زِنَة (غُرفة).
جلطة: يكثر الحديث عن الجَّلطة الدموية (الدماغية)، أو الجَّلطة القلبية بالفتح. والصواب: (الجُّلطة) بالضم.
شمال: بمعنى الجهة الجغرافية المقابلة للجنوب، هي (شَمال) بفتح الشين. أما بمعنى اليسار المقابل لليمين فيُنطَق (شِمال) بالكسر.                             
جنوب: بمعنى الجهة الجغرافية، صوابُها: فتح الجيم (جَنوب).. أما (جُنوب) بالضم، فهو جمع (جَنْب).
عينة: ينطقونها زِنَة (سيّدة) بفتح العين وتشديد الياء. والصواب: بكسر العين، وبدون تشديد، زِنَة (حِيلة).
حرفي، أي مهني: ينطقونها (حِرَفي)، بفتح الراء، كأنّها منسوبة إلى (حِرَف)، جمع (حِرْفة). والصواب أن تُنسب إلى حِرْفة ومهنة، بتسكين الراء في الأولى، والهاء في الثانية، أي حِرْفي و مِهْني.
حلقة: نطقها بفتح اللام خطأ. والصواب: (حلْقة) بتسكين اللام.
مسودة: البعض ينطقها (مُسْوَدَّة) بضم الميم وتسكين السين وتشديد الدال، والصواب: (مُسَوَّدَة) بضم الميم وفتح السين وتشديد الواو، من الفعل (سَوَّدَ).
منتزه: خطأ، فلا وجود للفعل (انتَزَهَ) في اللغة العربية. الصواب: مُتَنَزَّه من (تَنَزَّهَ)، وهو اسم مكان (مكان التنزُّه)، مصاغ على وزن اسم المفعول، أي بتحويل المضارع المبني للمعلوم إلى المبني للمجهول، ومن ثَمَّ استبدال ياء المضارعة بـميم مضمومة (تَنَزَّهَ  يَتَنزَّهُ  يُتَنَزَّهُ  مُتَنَزَّه).
حلويات: النطق الشائع فتح الحاء واللام مع تشديد الياء (حَلَوِيّات) خطأ. والصواب: (حَلْوَيات) لأنه جمع مؤنث سالم لـِ (حلوى)، تُقلب الألف المقصورة إلى الياء و من ثَمَّ زيادة ألف و تاء مبسوطة (ات) في الآخر، لكونه اسم مقصور عدد أحرفه أكثر من ثلاثة.
حنجرة: بعضهم ينطقها بكسر الحاء. والصواب: (حَنجرة) بالفتح.
الخصر: بضم الخاء خطأ. والصواب: بالفتح (الخَصر) زِنَة النَّصر.
خطبة: بمعنى طلب يد امرأة للزواج.. يقرؤها الكثيرون بضم الخاء. والصواب إنَّها (خِطبة) بالكسر، أما الخُطبة بالضم، فتعني الخَطابة، والخطاب الذي يتفوه به الخطيب.. والخَطابة أيضاً ينطقونها (الخِطابة) بكسر الخاء، وهذا خطأ. والصواب فتحها.
تكرار: بكسر التاء خطأ. والصواب بالفتح (تَكرار).
الدولي: ينطقونها بفتح الدال، نسبة إلى الدولة، بينما المقصود نسبتها إلى الدول، لذلك كان الأصوب نطقها (الدُّوَلي) بالضم.
ساذج: صوابها بفتح الذال (ساذَج)، وليس بالكسر.
صمام: ينطقونها بفتح الصاد وتشديد الميم (صَمّام). والصواب بكسر الصاد وتخفيف الميم (صِمام)، زِنَة (سِلاح).
بردٌ قارص: خطأ، لأن (قارص) بمعنى لاذع. الصواب: بردٌ قارس. بالسين، بمعنى شديد.
وجدان: بضم الواو خطأ. والصواب بكسرها (وِجدان).
مُسْبَق: زِنَة مُطْلَق خطأ. والصواب: (مُسَبَّق) زِنَة (مُعَلَّق) بتشديد الباء.
معرض: بفتح الراء خطأ. والصواب (مَعرِض) بكسرها، لأن الفعل المضارع (يَعرِض) مكسور الراء، لذا فإنَّ اسم المكان منه يكون على وزن (مَفعِل). معرِض: بمعنى مكان العرض.
علاقة: بعضهم ينطِقها بفتح العين، وبعضهم بكسرها، دون تمييز بين معنَيَيها المادي والمعنوي. فهي مكسورة، إذا كانت (العِلاقة) مادية، ومفتوحة، إذا كانت العَلاقة (معنوية)، وبالنظر لندرة استعمالها بالمعنى المادي، فإنَّ الاستعمال المستمر يبقى بفتح العين، بمعنى الصلة المعنوية.
أهرامات: خطأ. صوابها أهرام، ومفردها (هَرَم)، فجعل المفرد جمعَ تكسير (أهرام)، ثم جمعه مرةً أخرى جمع مؤنثٍ سالم (أهرامات) خطأ كبير، فلا يجوز جمع الجمع.. ومثل هذا الخطأ يسري على (رسومات، شروحات، فحوصات، كشوفات، حجوزات، بحوثات، فروقات.... إلخ).
خدمات: خدمات البلدية. ينطقها الأكثرون - حتى بعض المختصين - بفتح الخاء (خَدَمات)، وهذا خطأ مزدوج، فمن ناحية، لفظة (خَدَم) جمع (خادم)، وقد تم جمع اللفظة مرةً أخرى جمع مؤنث سالم، بزيادة ألف وتاء مبسوطة (ات)، وهذا لا يجوز كما أسلفنا. ومن ناحية أخرى، (البلدية) تقدم خِدمة، وجمعها (خِدمات)، ولا تقدم خادماً أو خَدَماً أو خَدَمات.
طابور: يقولون (الطابور الخامس)، و(الطابور) لشراء السلعة.. هذه الكلمة دخيلة على اللغة العربية، أي أصولها وجذورها ليست عربية، فلا أثر لها في القواميس والمناجد. وصوابها: (الرَّتَل)، زِنَة العَمَل. فقل منذ الآن: الرَّتَل الخامس، بدل الطابور الخامس.
هناك صفات يستوي فيها المذكر والمؤنث، فلا حاجة إلى تأنيثها بالتاء، لأنَّ في ذلك خطأ، فعلى سبيل المثال نقول: إمرأةٌ جريح، لا (جريحة).. نذكر هنا بعضاً من هذه الصفات، وهي كثيرة ولها عدة أوزان، مثل: صبور، غيور، مسكين، قتيل، عدل، سجين، حسود، حقود، مهذار، فخور، خطيب، وقور، ودود، عقيم، شكور...
استلمَ الرسالة: خطأ. والصواب: تسلَّمَ الرسالة، أما الاستلام، فمعناه: اللمس.
باشر بالعمل خطأ. الصواب: باشر العمل.
ثُمَّ: حرف عطف، إذا جاء بعد حرف الجر (مِن) المسبوق بـ (واو)، وَجَبَ فتح الثاء، ليصبح نطقها (ومِن ثَمَّ)، لا (ومِن ثُمَّ).
توفير الإمكانيات: خطأ. الصواب: توفير الإمكانات، من الفعل (أمكَنَ)، ومصدره (إمكان)، وجمعهُ (إمكانات) بحسب القاعدة التي تقول: ما زاد من المصادر عن ثلاثة أحرف يُجمع جمعَ مؤنثٍ سالماً.
تخرَّج مِن: خطأ. والصواب: تخرَّج في، وكنت قد أشرت إلى هذا الخطأ في مقال سابق.
شيء ملفت للنظر: خطأ. الصواب (شيء لافت للنظر)، لأن الفعل (لَفَتَ) ثلاثي، واسم الفاعل منه على وزن (فاعل)، أي (لافت).
عمل مشين: خطأ. الصواب (عمل شائن)، لأن الفعل الثلاثي (شانَ) مضارعه (يشينُ)، واسم الفاعل منه (شائن) على وزن (فاعل)، مثل: شاعَ - يشيعُ - شائع.
كلامٌ شَيّق: خطأ. الصواب (كلامٌ شائق)، لأن شيّق: بمعنى مشتاق.
سُوّاح: خطأ. الصواب (سُيّاح)، وهو جمع (سائح)، والمصدر (سياحة)، وليس (سواحة)، عليه فالجمع يكون بحرف الياء، لا بحرف الواو.
حرف الجر (في) يستعملونه أحياناً بدل (من) في مثل قولهم:
إنَّه متضلِّعٌ في علوم الطبيعة. الصواب: متضلِّعٌ من علوم الطبيعة، لأن (المتضلِّع) لغةً: هو الممتلئ، والمتضلِّع من العلم: هو الممتلئ منه، لا الممتلئ فيه.                 
الباء والفاء: أحياناً يستعملون كلّاً منها في مكان الأخرى، فمن استعمال الباء بدل الفاء مثلاً:
انهمك به. صوابها: انهمك فيه.
استغرق بالنوم. صوابها: استغرق فيه.
رغِبَ بالشيء. صوابها رغِبَ فيه.
يفكر به. صوابها: يفكر فيه.
وعكس ذلك يستعملون الفاء بدل الباء، في مثل:
يثق فيه. صوابها: يثق به.
يرضى فيه. صوابها: يرضى به.
يعتز فيه. صوابها: يعتز به.
يهتم فيه. صوابها: يهتم به.
وهناك أخطاء أخرى كثيرة، من الصعب حصرها وعرضها هنا، فهي تحتاج إلى مساحة أكبر، أو إلى أكثر من مقال، لذا سأكتفي بهذا القدر.. عسى أن يترسخ الصحيح في أذهان القراء، حتى يساعد ذلك على مكافحتها والقضاء عليها.
 

 

58
إلى أخي وصديقي العزيز الإعلامي القدير مال الله فرج المحترم..
تحية من أعماق القلب..
كل الشكر لكم على هذا المرور اللطيف الذي أنار هذه الصفحة فزادها جمالاً..
ردكم المعبر على المقال ينم عن قراءة دقيقة و وافية من جميع النواحي، حيث توقفتم عند الكثير من المحطات، فوضعتم النقاط على الحروف، وكأنكم عشتم كل ما جاء في المقال من تفاصيل وأحداث، وعشتم الواقع على الأرض..   
أخي الكريم مال الله : نعم، كما تفضلت، هي ليست رسالة واحدة، بل رسالتان : الرسالة الأولى موجهة لي، وهي رسالة افتراضية (من وحي الخيال)، صوّرها قلمي، حتى أجعل منها وسيلة لبلوغ الهدف أو الغاية في توجيه الرسالة الثانية، وأقصد بها رسالتي الجوابية الموجهة إلى من يهمه الأمر، وهي تعبّر عن موقفي الشخصي (الثابت)، الذي لا يمكن التراجع عنه قيد أنملة، والمعارض بشدة لما حدث ويحدث في بلدتنا من ظواهر سلبية، ومن فضائع وتجاوزات، أدت إلى طمس هويتها وتشويه خصوصيتها، ورسالتي هذه اختصرتها بـ (ثلاث كلمات)، يفصح عنها عنوان المقال، ترفض رفضاً قاطعاً كل ما جاء في فحوى الرسالة الأولى..
أما أولئك الذين توجهت إليهم برسالتي (وهم لا يرغبون في اصطفافي مع الخيرين من أبناء هذه البلدة في الدفاع عنها، وعن خصوصيتها)، فهم فئتان كلٌّ بحسب نواياه:
الفئة الأولى منهم تنطلق من دافع حرصها على شخصي وخوفها مما قد يلحق بي من أذى وضرر إذا ما سلكت هذا الإتجاه، وتماديت فيه..
والفئة الأخرى، لا تريدني أن أكون حاضراً في الساحة، لأنها تشعر بالخطر من تواجدي فيها، فمن شأن ذلك أن يلحق الضرر بنواياها ومصالحها..
هذا هو المغزى والهدف العام من المقال..
لكم كل المحبة والمودة، وخالص الاحترام..
             أخوكم / كمال
 

59
الأخ جان يلدا خوشابا المحترم..
 تحية طيبة..
أسعدني كثيراً مروركم  الطيب على المقال والتعقيب عليه.. 
 لكم وافر الشكر والامتنان على كلماتكم الجميلة وأحاسيسكم الكريمة..
تفاعلكم مع موضوعي أفرحني، وأدخل السرور إلى قلبي..
أنا أيضاً أتابع كتاباتكم ومداخلاتكم، ومنها رحلتكم الأخيرة.
تشرفني صداقتكم.. مرحباً بكم في صفحتي على الدوام..
لكم خالص المودة وعميق الاحترام..
       أخوكم / كمال

60
أخي وصديقي العزيز الكاتب المرموق خوشابا سولاقا المحترم..
تحية نابعة من القلب..
مرور طيفكم الراقي يبعث الفرح في نفسي، ويرسم الابتسامة على وجهي..   
يبهرني دائماً حضوركم المميز، فكلماتكم لها بريق خاص، وحروفكم مليئة بالإحساس الذي لا يشبه أي إحساس..
ينتابني الصمت دائماً وأنا أطالع ردودكم الجميلة المعبرة، حيث تتوارى حروفي خجلاً، وتعجز كلماتي عن مجاراة ما تحمله من عبارات الثناء والإطراء، التي تحرجني كثيراً، فأنا لست، إلاّ نقطة من بحور إبداعاتكم، وأتمنى أن أكون جديراً بما سطره قلمكم..
لكم مني كل الشكر، وكل كلمات الثناء والتقدير، التي تقف يائسة حائرة، تحاول النهوض أمام تألق كلماتكم وسحر حروفكم..
حفظكم الله والعائلة الكريمة من كل مكروه، وأغدق عليكم من نعمة الصحة وراحة البال ..
دمتم لنا ودامت مودتكم..
       أخوكم/ كمال - عنكاوا
   
 
 
 


61
أخي وليد..
تحية عطرة..
في التعامل مع الآخرين، لا يؤخذ ُالمرءُ بذنبِ غيرهِ..
مُرَحَّبٌ بك في هذه الصفحة في كل وقت وحين، ولي الشرف بالتحاور معك، شريطة ألّا يتخطى حوارنا حدود موضوع المقال، فأنا بطبعي أكره الانجرار للقضايا الجانبية، وأكره اللسعات الكلامية، والتشهير بالآخرين، ولا أتفوّه بحرف واحد، ما لم أكن على يقين من أمري، حتى لا يكون لكلامي أثر سيء في النفوس، ولا أحبّذ لعبة الشد والجذب في الكلام، المنتشرة في هذه الأيام، حتى تحولت إلى ظاهرة، يستلذ البعض  بها في حواراته مع الآخر، من دون أي اعتبار للمشاعر، متجاوزاً بذلك كل القواعد والأعراف، التي تندرج في إطار فن التخاطب بين البشر، وبسبب ذلك، كنت قد تركت الكتابة في هذا الموقع لمدة تزيد عن السنة، رغم إنّه لم يحصل معي شيء من هذا القبيل، ولكن عند قراءتي لبعض الردود على مقالات الآخرين، تصيبني الدهشة، وأتأسف كثيراً، فهم ( أقصد المتحاورين )، يبدأون حواراتهم بالتحية والسلام، ثم يتقاذف بعضُهم بعضاً بسفيه الكلام، ويختمونها بخالص المحبة والاحترام!!.
إنّها بحق مهزلة..
أرجو ألّا تركب هذه الموجة، خاصة أنّك تمتلك من المؤهلات ما يمنعك من الانجراف إلى هذا المنحدر، كما أرجو أن يكون هذا الرد خاتمة الحوار بيننا فيما يخص هذا الموضوع حصراً..
نتواصل لنتفق على كل ما هو خير الأمور..
 وأتركك على خير، مع فائق احترامي..
                  كمال /   

 


62
أخي العزيز بطرس..
تحية عطرة..
بهذه المناسبة أهديك هذين البيتين من الشعر:
   إذا سـرق الفقيـرُ رغيفَ خبـزٍ           ليأكلَه .. سقوه السمَّ ماءَ
  ويسرقُ ذو الغنى أرزاقَ شعبٍ           بأكملهِ.. ولا يلقى جزاءَ
   مع كل الود...
 

63
الأخ وليد المحترم..
تحية طيبة..
أظن، أنّك ذهبت بعيداً في قراءتك للمقال، فقد ذهبت بعكس الاتجاه تماماً!..
إنَّ فكرة المقال تتلخص في وجود صديق مفترض ( غير حقيقي )، بعث لي برسالة، يريد من خلالها أن يوجّهني توجيهاً خاصاً، ويطلب مني أن أَحيد عن الطريق الذي ارتسمته لنفسي، و تغيير اتجاهي في بعض الأمور التي تخص بلدتنا الحبيبة ( عنكاوا )، ويقترح عليَّ بعض المقترحات والبدائل التي تتفق مع رؤاه وفلسفته ، تاركاً لي حرية الاختيار وانتقاء النافع والمفيد منها، ولكن طلبه هذا قوبل بالرفض، وتم رد الرسالة إلى صاحبها، من خلال ثلاث كلمات ( رسالة أخطأت العنوان )، اخترتها لتكون عنواناً للمقال..
تلك هي الفكرة العامة للمقال والهدف منه.. وكل من قرأه، خرج بهذا الانطباع، وكان هذا استنتاجه..
يبدو لي، حتى أجعل مقالي ينسجم مع ردك، ولكي يستقيم المعنى، عليَّ أن أغيِّر عنوانه وأجعله ( رسالة لم تخطئ العنوان )!.
 لا أدري على ماذا استند اتهامك لي، بأنني أحاول التضييق على الآخرين، ومنعهم من حرية التعبير عن آرائهم.. هل تضمِّنَ المقال ( مثلاً ) جملة، أو عبارة، توحي لك مثل هذا التصور؟!
لست أنا من يفعل ذلك، ويحزّ في نفسي أنّ ابن بلدتي لا يعرف حقيقتي، ولا يعرف شيئاً عني، في الوقت الذي يعرفني، ويعرف مواقفي عن كثب، الكثير ممن لم ألتقِ بهم ولم أتشرف بمقابلتهم..
عد إلى مقالي السابق الذي يحمل عنوان (حرائق زمن الانهيارات)، المنشور في هذا الموقع، ومقالات أخرى كثيرة، تم نشرها في وقت سابق، لتعرف من يكون كاتبها، وكيف يفكر، عسى أن تتوضّح لك الصورة أكثر، ويزول اللغط إلى الأبد..
      مع كل الاحترام..
            كمال /

 


64
الأخ شمعون المحترم..
تحية طيبة..   
طاب لي شذى حضورك ومرورك على المقال..
رائعة هي ردودك، كما هي مميزة كتاباتك..
حروفك دائماً مليئة بالصدق، لا يكتبها، إلّا شخص متألق في سماء الإبداع..
لا يسعني، إلّا تقديم الشكر لك على هذه الكلمات المعبرة الجميلة، وعلى هذه المشاعر الطيبة..
لكم كل الود والمحبة والتقدير ..
      أخوكم / كمال

65
المنبر الحر / رد: ناقصات عقل ودين
« في: 09:47 02/05/2017  »
إلى الأخت نهرين..
تحية طيبة..
راق لي هذا الأسلوب البارع، وهذا السرد الرائع والتوصيف الجميل ..
رقة وعذوبة في التعبير، إبداع ومهارة في التصوير.. كلمات تتهادى كأنّها نسائم الصباح تداعب الوجه، ولغة عربية سليمة خالية من كل التواء أو خطأ، سواء أكان قواعدياً، أم إملائياً. 
سيدتي...
ليت توقف الأمر عند هذا الحد في تحقير المرأة والتقليل من شأنها عند الآخرين، فليس كل ما ذكرت ما قيل في حقها.. هناك العشرات من الأقوال والأحاديث الفظيعة، كلّها تحتقر المرأة وتحطّ من قيمتها في المجتمع، سأحاول أن اقتطف هنا بعضاً منها: 
 1ـ المرأة تأتي على صورة شيطان.. فإذا رأى أحدكم امرأة فأعجبته، فليأتِ أهله، فإنَّ ذلك يرد ما في نفسه.
 2- للمرأة عشرُ عورات: فإذا تزوّجت ستر الزواج عورةً، وإذا ماتت، ستر القبر التسعَ الباقيات.
3 ـ المرأة عورة، فإنْ خرجت استشرفها الشيطان.
4 ـ النساء حبائل الشيطان.
5 ـ إذا كان الشؤم في شيءٍ؛ ففي الفرس والمرأة والدار.
6- لن يفلحَ قومٌ ولّوا أمرَهم امرأة .
7ـ الحصير في البيت خيرٌ من امرأة لا تلد.
       سَلِمَ قلمُكِ مع تقديري..
                كمال /

66
 
معذرةً صديقي..
أرجوك، لا نريد مشاكل، لا نريد قلاقل..
لا وقت لدينا لنستمع إلى كلماتك الرنّانة، فنحن في غنىً عنها..
لا نريد نصائح، و توجيهات..
لا نريد مماحكات، و مشاحنات..
لا نريد تحليلات.. لا نريد تخمينات، وتوقعات..
ما أنت إلاّ مخلوقٌ بشري ضعيف في حقبة زمنية حُبلى بالأحداث، تتمخض كلَّ ساعة.. وكلّ ساعة تأتينا بالجديد، بالعجيب، بالمفاجآت.. فقد تلد نمراً أو ضبعاً أو فيلاً، لكنّها كفَّت منذ زمن، أنْ تلدَ مولوداً سويّاً أو منطقياً!
يا صديقي.. نحن نعيش في زمن اللامنطق، فلماذا يُطلَبُ منّا أن نكون منطقيين و واقعيين.
اكتب موضوعات تُلهي الناس، تُنسِّيهم أوجاعَهم، تُنسِّيهم أنفسَهم، تُخدِّرهم، تُحوِّلهم إلى مخمورين.
اكتب موضوعات تُضَحِّك الناس أو تضحك أنت فيها على الناس.
مَنِّهمْ، لا تَعدْهم.. امشِ وراءَهم، لا تَقُدْهم.. نَسِّهمْ همومَهم، لا تُذكِّرْهم.
حاول السخريةَ من الأحداث بطرقك المبتكرة، فليس غير السخرية أسلوباً ينفع في هذه الحقبة الجوفاء من الزمن.
كُفْ عن الطَّرق على الموضوعات الملحّة أو الجادّة، وآتركها لأصحابها، من ذوي الشأن.
اضحك على ذقون الناس بدلاً من أن تضحك على نفسك..
اضحك عليهم، اخدعهم، حتى تروقَ لهم.
اعتمد هذه التكنولوجيا الحديثة، التي ترسم ملامح العلاقات بين الناس في عصر الانحطاط.. أَوَلسنا نعيش في الزمن التعيس، في زمنٍ انقلبت فيه كل المعايير و المقاييس؟!
إذن، ماذا تنتظر؟
ارفع حمل الهموم عن كاهلك، وآضحك، فالعالم لا يعترف، إلاّ بمن يهذي و يترحرح و يضحك!..
اضحك على جنونه، على صَرعاته، على صراعاته و خيباته...
كَفى الحديث عن المشاريع ذات الجدوى، فلا شيء ذو جدوى، إلاّ اليوم الذي أنت فيه. 
منذ مدة وأنت مدمن على الكتابة عن أحزان المدينة، وعن هموم الناس و شؤونهم و شجونهم، وبقيت وحدك تطلق النداءات، تطلق الصرخات، حتى بحَّ صوتك و جفَّ ريقك.
 فهل استجاب أحد لصراخك؟
 وهل لبّى أحد نداءَك؟
 وهل هَمَّ أحد لنجدتك؟
 منذ مدة و أنت تنوح، و تندب حظ البشرية المبتلاة بالجشع و الطمع و سوء الإدارة، فما سَمِعَ نُواحَكَ أحد ولا رفَّ لأنينك جفنُ مخلوق.
 ماذا جنيت من تصرفك الأخرق هذا، غير الرجم بحجارة الألسنة؟!
 عدْ إلى رشدك، وآنظر كيف يتخلى صاحب الدار عن داره طواعيةً..
 لماذا تحاول الدفاع عن حقٍّ، يتخلّى عنه صاحبُه بملءِ إرادتهِ؟
 لماذا تحاول أن تكون ملكياً أكثر من الملك؟
 كُفْ عن بذار الطيّبات، فهذه الأرض لا تُنبت، إلاّ الشوك، و زهور الدفلى.
 احكِ لنا عن الحبور و حلاوة الزهور و سجع الطيور، بدل الحديث عن أفكارٍ تثير الشجن و الحزن و الأسى..
 انظر إلى ألوان الطبيعة.. المَح كلَّ الألوان حولك، وآنتقِ لك لوناً بهيجاً زاهياً من هذه الألوان، وآظهر به أمام الناس، وآترك موضوع إمّا (أبيض أو أسود)، فتحت كلِّ كرسيٍّ من كراسيهِ لَغَمٌ، و فوق كلِّ أريكةٍ من أرائكهِ شركٌ أو مصيدةٌ.. 
 انبذ حكمة الأجداد و أفكارَهم البالية، فقد أصبحتْ شيئاً من الماضي، ثم من قال لك، أنَّ ما يأتي في العتمة، يذهب مع النور؟.. و من قال لك، أنَّ مال العابثين إلى النار؟.. فما النار وما الجنّة، غير الساعة التي أنت فيها، و غير الأرض التي أنت عليها. أمّا تلك التي في السماء فعلمها عند الله..
ومادام الله غفورٌ رحيم، فآطمعْ في مغفرته و رحمته، وآترك الباقي عليه، وآضحك، فهُنيهات العمر، قصيرة..
 قصيرة، يا قصير النظر.




67
إلى أخي وصديقي العزيزالكاتب المقتدر خوشابا سولاقا..
تحية بعبق الورد..
نبض من الجمال يتدفق بمروركم الرائع على كتاباتي، فتستنير به مواضيعي، وتبتهج فرحاً..
يسعدني دائماً هذا الحضور الدائم المميز، وهذا الثناء والإطراء الذي يقف أمامه منطقي حائراً، لعدم توافر ما يناسبه من الكلمات، والتعبير يقصر دونه، لما يحمله من تعابير نقية و وفية ومخلصة..
شكراً لكم من الأعماق على كلماتكم الطيبة الراقية المعبّرة، التي دائماً ما تجعلني أقف احتراماً و إجلالاً لكم..
أخي العزيز خوشابا / نعم، (عنكاوا) هي بلدتكم، وبلدة كل إنسان مخلص شريف، يحمل في جيبه بطاقة الغيرة والنخوة والشرف..هي بلدة كل إنسان ينتمي إلى هذه التربة، وحريص على البقاء فيها، كما هو حرصه على أبناء شعبه، ومسؤولية المحافظة عليها تقع على عاتق جميع الخيّرين من أبناء شعبنا، لأن بسقوطها (لا سامح الله)، يسقط الجميع، فهي الدرع الواقي والحصن المنيع، والساتر الأخير الذي يضمن لنا البقاء في أرضنا والعيش فيها بكرامة، فوجودنا مرهون بوجودها حرة، لا يعكّر سماءَها دخان أسود، أو أيّة غيوم داكنة..
تقبلوا خالص احترامي وتقديري..
لكم كل المحبة، ودمتم والعائلة الكريمة بخير وسلام..
                        أخوكم / كمال

68
إلى صديقي العزيز وجاري القديم الأخ الكبير فريد قرياقوس المحترم..
أسعدني كثيراً مروركم الكريم على المقال وتعقيبكم عليه..
كل الشكر لكم على تواجدكم الجميل في هذه الصفحة، وردكم الرائع المفعم بالمحبة، وثنائِكم الذي يحملني للسحاب..
تأكد يا أخ فريد، أنَّ الحالمين يصعب عليهم الرضوخ تحت أشد الأضواء سطوعاً..
ليس لنا نحن أبناء (عنكاوا)، غير الاستعانة برب العالمين، لينتقم ممن أساء وتطاول على هذه البلدة الوديعة..
تحياتي القلبية لك وللعائلة الكريمة، وتحية خاصة للعزيزة ( مي ).
لكم خالص احترامي..
   أخوكم / كمال

69
الصديق العزيز بطرس نباتي..
تحية عطرة..
أشكر مروركم الكريم على المقال والتعقيب عليه..
نعم، النص طغى عليه الأسلوب الأدبي، وهي محاولة مقصودة مني لإضفاء جمالية زائدة إلى المضمون، وكما تفضلت، كان عليَّ نشره في حقل الثقافة والأدب، إلّا أنَّ عدد زوار هذا الحقل - للأسف الشديد - هم قلّة، ربّما لأنه مخصص للنخبة، وبغية فسح المجال لأكبر عدد ممكن من القراء للإطّلاع عليه، ارتأيت نشره في المنبر الحر.. 
أخي بطرس / ماذا عسانا أن نفعل: أنا، وأنت، ومن كان على شاكلتنا، إزاء الهجمة البربرية التي تتعرض لها بلدتنا (عنكاوا)، التي هي إرث الآباء والأجداد، وأمانة السلف الصالح في أعناقنا.. لا نمتلك غير هذا القلم سلاحاً للدفاع عنها في وجه قذائف الحقد التي بدأت - منذ ردحٍ من الزمن - تنهال عليها من كل حدبٍ و صوب، وكلّما كان هذا السلاح مشحوناً بالعاطفة، كان وقعه أكبر وتأثيره أسرع في تأجيج المشاعر وكسب الأصوات الرافضة لهذا المخطط الجهنمي المشبوه... لا أريد أن أطيل أكثر لأنني متيقّن و واثق من مشاعرك..
مرة أخرى تقبل شكري مع فائق الإحترام...
                أخوكم / كمال

 
 

70
من البعيد نرى العروس مرتدية حرائق زمن الانهيارات!
 فجأة، ذاب فرحها العتيق..
 فجأة، تناثرت بهجتها وصمتت ضحكتها، وسقط الإكليل الأبيض من فوق الرأس الفاتن!
 أين كانت تنتظركِ كلّ هذه الحرائق؟..
 أين كانت تنتظركِ كلّ هذه الأصابع المحشوة بالرماد؟..
 كان ماضيكِ طوق ياسمين على كلّ عنق..
 كان حاضركِ أكداس ضوءٍ تتجمع في كلّ عين..
 اليوم، أنتِ متَّشحة بالسواد.. وجهكِ مسوَّرٌ بالانكسار.. صدركِ محشوٌّ بالصراخ، والفم مملوء بتراب التلاشي..
أين كان ينتظركِ كل هذا التمزق؟
أين كان ينتظركِ كلّ هذا التفتت؟   
كنتِ باباً مشرعاً أمام القاطنين في كلّ زمان..
كنتِ ملجأ أمان للهاربين من وجع الأيام..
اليوم، أنتِ  ساقطة في جوف المرارة.. أحلامكِ مبعثرة.. آهات نشوتكِ مخنوقة، والعين تبكي الفرح الذاهب والوجع الذي أتى..
أيُّ زمنٍ سيصغي إلى صوتكِ الحزين؟
أيُّ زمنٍ سيصغي إلى صراخكِ، إلى الأنين؟
وأيُّ حب هذا الذي يشدّنا إليكِ؟
ذات يوم انطفأت أنوارنا.. تكدّس اللون الأسود حول أنظارنا وقلوبنا، والقهر ارتدى أوقاتَنا.. كَبُرَ ضجرنا.. كَبُرَت المرارة في حلوقنا..
ربما كان النور يأتي ويذهب، غير أنّ اللون الأسود كان أكبر، كان مصمّماً على ابتلاع قدرتنا الصابرة بشراهة عجيبة..
يومها ذهبنا إليكِ حالمين بالاتكاء على كتف الأمان، حالمين بالاتكاء على كتف بهجتكِ المقيمة..
 ويومها انفكَّ حصار اللون الأسود، وبُعِثَ الرجاء بعدما غاب الرجاء!
أيتها الفاتنة.. الساحرة...
تذهبين أنتِ، و تبقى ذكرياتنا معكِ..
تُسوِّركِ أوقاتُ التلاشي، وتبقى نظرتنا البعيدة إلى العروس المرتدية حرائق زمن الانهيارات!
ولكن، هل أنتِ ذهبتِ؟..
لِننظر عبر زمنكِ الراحل...
كتاب أيامكِ مملوء بالوجع!
الصفحات ممهورة ببصمات الأيدي المجهولة، والأرض تكشف عن مواقع أصابع شديدة الوخز..
لم تكن الأيام مسكونة بالشفافية، لكنكِ كنتِ مسكونة بالصلابة..
وجهكِ المشع سيهزم كل رغبات الطعن.. ابتسامتكِ المشرعة ستصرع كل نزعات الغدر، ويدكِ الحانية ستُنزل الأسواط من فراغ الدخان الأسود الكثيف!
لذلك، نتذكركِ ونسأل: هل أنتِ ذهبتِ؟
 أبداً...
أنتِ باقية.. باقية فينا، وباقية على رصيف الزمن الآتي..
نعم، انتظاركِ يكبر، لكنَّ انتظاركِ صلب الكيان.. انتظاركِ أكثر صلابة من مفاجآت هذه العصور المرتبكة، والأمس الضاج بالزهو سيعود، وسترتدين بياضكِ العتيق مرةً أخرى ..
نعم، عيناكِ تمتلآنِ بالدهشة والاستغراب، وبدمعٍ متجلّد، لكنَّ راحة كيانكِ آتية، لأنكِ لم تألفي القبول أو الخضوع أو الاستسلام..
ستمتد أصابعكِ لتأخذنا إلى حلمكِ الأبيض، وستستعيديننا، نحن أبناء الأرض الراكضين وراء سراب الصفاء الشامل..
ستمتد أصابعكِ لتأخذنا إليكِ نحن عشاقكِ الأبديين الذين لم تبدلنا عليكِ الأيام..
يا عروس الزمان...
من أجلنا سيحتوينا وجهُكِ لتعود إليه ابتسامته المشرقة..
من أجلكِ أيتها الفاتنة المحترقة سيحتويكِ شغفُنا بكِ..
فكلّ عرائس هذا الزمن الجاحد يرفضْنَ استعادة وجوههنَّ..
كل فاتنات هذه الدنيا تسربلْنَ بالأوقات المخنوقة، وأنتِ، أنتِ وحدكِ القادرة على استعادة وجهكِ، و وجوهنا..
عنكاوا.. أنتِ فخرنا..
 
 
 




                                                                     

                               
 
 




                                                                     


71
إلى الصديق ناحوم شاؤول المحترم..
تحية بعطر الورد..
شكراً على مرورك للمرة الثالثة على المقال..
نعم، كما تفضلت، الهمزة المتطرفة تُكتب على السطر، لأنها مسبوقة بـ (ساكن)، وكنت قد لاحظت ذلك، لكنني لم أشأ التنويه للخطأ المذكور في معرض ردي على تعقيب الأخ (خوشابا)، لأن الرجل يعترف، بأنّه ليس ملماً باللغة العربية وقواعدها، ( بإمكانك العودة إلى تعقيبه وملاحظة ما جاء فيه )، رغم كونه من أفضل الذين يكتبون في هذا الموقع، إنْ لم يكن أفضلهم على الإطلاق، هذا إلى جانب تواضعه الذي يعلن عن  نفسه ولا يحتاج منّا إلى تعليق، عندما يصرّح ويقول إنّه ليس عليماً، بل يتعلم من الآخرين..
على أيّة حال موضوع الهمزة يحتاج إلى مقال مطوَّل، أو إلى أكثر من مقال، كما كنت قد ذكرت ذلك في مقالي أعلاه، وسأُقدم على هذه الخطوة إن شاء الله، إذا سنحت لي الفرصة في قادم الأيام...
           مع فائق تقديري..
                  كمال / 

72
الله لا يحيّر عبده أستاذ بطرس، أسهل منها ماكو.. نجمع الرقمين، وحاصل الجمع نقسمه على اثنين، والله يرحم الوالدين..
لا تدوّخ رأسك.. إقرأ هذين البيتين ونَمْ قرير العين:
                        فدنيانا الــتصنّع والترائي       ونحن فيها نرائي من يرانا
                        يعافُ الذئبُ أكلَ لحم ذئبٍ       ويأكـــلُ بعضُنا بعضاً عَيانا
نحن شعبٌ واحد إلى إشعارٍ آخر!
      مع تحياتي..
         كمال /

73
الأخ الكريم ناحوم المحترم..
تحية معطرة بشذى الورد..
أشكرك على استجابتك لطلبي بهذه الإجابة الوافية على استفساري، التي بدا لي من خلالها أنّك الآن في السادسة والسبعين من العمر (أطال الله في عمرك، ومنحك الصحة والعافية)..
أهنئك على هذه الذاكرة القوية، وأثمّن فيك هذا التعلق الوجداني بمدينتك ( الموصل)، التي اجتاحتها ريح صفراء، وغطّت سماءَها سحب سوداء..
 مرةً أخرى أشكرك، وأرجو لك كل خير وسعادة، مع فائق احترامي وتقديري لشخصك الكريم.
                      كمال /   

74
الأخ الفاضل نذار عناي المحترم..   
تحية نابعة من القلب..
قبل كل شيء أعتذر عن هذا التأخير غير المتعمد، بسبب ضيق الوقت..
أشكر مروركم اللطيف على المقال والتعليق عليه.. أعجبتني حكايتك عن شاعر العراق الكبير المرحوم الجواهري، ولكن دعني أقول لك شيئاً، إنّه من خلال متابعتي لكتاباتك وردودك على بعض المقالات، أستطيع القول بأنّك من الكتاب الجيدين، لما تمتلكه من مهارات كتابية، ومفردات وتراكيب لغوية جميلة لا تتوفر عند الكثيرين ممن يكتبون في هذا الموقع، فقط، تحتاج عند الكتابة إلى بعض التركيز على محل كل كلمة من الإعراب، فقد توضّح ذلك لي من خلال ردك، فتم نصب بعض الأسماء المرفوعة من دون سبب، ولكي تتجنب مثل هكذا أخطاء قم بإعراب ما تكتب، مستنداً في ذلك على المعنى، لأنَّ الإعراب يؤخذ من معنى الكلام..
وعن ملاطفتك، أقول: نعم أنت محق، هم السابقون ونحن اللاحقون، فكل المعطيات على الأرض وكل الدلائل تشير إلى ما تفضلتم به، فموجة الهجرة غير المنتظمة قد بدأت فعلاً منذ سنوات، وأقول غير منتظمة مقارنة بهجرة اليهود، فهم، أي اليهود هُجِّروا، وجرى استيطانهم في بقعة أرض تسمى (إسرائيل)، أما شعبنا فيتشتت أبناؤه في بقاع العالم على نحو غير مسبوق، وهكذا تكون قد تحققت نبوءتهم، أي نبوءة اليهود لنا، يوم هاجروا مرغمين غير راغبين..
مرةً أخرى أشكركم، وأتشرف بصداقتكم، مع خالص احترامي وتقديري..
أخوكم / كمال
 
 

75
الأخ دومينوس قوزي المحترم.. ( أعتذر إذا كان هناك خطأ في كتابة الاسم )
تحية بعطر الورد..
أشكر مروركم الكريم على المقال..
 وبعد، فقد أخطأتم في مدخل ردّكم، إذ قلتم في سبعينات القرن الماضي، بينما الصحيح : في سبعينيات القرن الماضي)، وكنت قد تطرقت إلى هذا الخطأ الشائع في مقالي.. يبدو أنّك لم تستفدْ من قراءته، أو أنّك لم تقرأه بشكل جيد..
أخي الكريم: لنفرض أنَّ الخطأ الشائع خيرٌ من الصحيح الضائع، على ذمة أستاذك في اللغة العربية، ولكن أليس الأجدر بنا ألّا ندعه يضيع، أو على الأقل نحاول البحث عنه، فالمحاولة أفضل من اللا محاولة، كما يقول المثل الإنكليزي: أنْ تحاول بعض الشيء فذلك أفضل من أنْ لا تحاول أبدا.
.To try something that's better than nothing
أشكركم مرةً أخرى، وأهلاً بك كصديق في هذه الصفحة..   
 
 
 

76
أخي العزيز فلاح عظمت المحترم..
تحية عطرة..
شكراً لمرورك الطيب، وشكراً على الكلمات الجميلة التي سطّرتها بنبل أخلاقك ووفائك وشهامتك..
لك مني وافر التقدير والمحبة.. دمتم سالمين غانمين، محروسين من الباري عزّ وجل أنتم والعائلة الكريمة..
أخوكم / كمال

77
الأخ ساجد القطان المحترم..
تحية أخوية..
أشكر مروركم الكريم على المقال، وأهلاً بكم صديقاً جديداً في صفحتي.. مع كل الود والتقدير.

78
الأخ الفاضل ناحوم المحترم..
تحية طيبة..
أشكر مرورك على المقال، وأقدّر عالياً هذا الشعور الطيب تجاه وطنك (قديماً) العراق، ومدينتك الموصل الحدباء..
 كم جميل أن يتذكر المرء جذوره، ولا ينساها، أو يتناساها.. حقّاً، تلك هي الأصالة بعينها..
أنا معك، أيضاً أشد على يد الأخ شمعون على مبادرته بكتابة مقال عن الأخطاء الشائعة في الكتابة باللغة العربية.. ويبدو أنّك استفدت قليلاً من مقالي، فقد ذكرتَ بأنّك تخرجتَ في جامعة حيفا، ولم تقل تخرجتُ من....، لكنك كررت الخطأ في عبارة (أغلاط شائعة....)، فهي أخطاء، وليست أغلاط.. وأيضاً خطأ آخر حين  قلت (تصليحها)، فالأخطاء تُصحَّح، ولا تُصلَّح، فالتصليح لـ (المكائن، والأجهزة، والمعدّات، والأدوات).. على أية حال، هي فرصة طيبة للتعرف على شخصك، ولي الشرف بدخولك إلى صفحتي مختاراً، فأهلاً بك، ومرحباً بصداقتك..
 يبقى عندي سؤال لو سمحت، وأنت حر بالإجابة من عدمها:
لطفاً، متى غادرت العراق؟

79
أخي العزيز شمعون ..
تحية عطرة..
أما بعد، فقد سرّرت كثيراً بردك الأخوي المعبّر الهادئ..
أخي الفاضل / إذا كان توضيحك موجهاً لي، فما أنا بحاجة إليه، لأنّ كل شيء واضح وجلي بالنسبة لي، وأعي تماماً ما الذي دفعك إلى اختيار هذا الموضوع، وما كنت تروم إيصاله إلى القارئ، فأنا متيقن من هدفك، ومتأكد من نبل غايتك، وقد ذكرت في جانب من ملاحظاتي ما أنا مطّلع عليه فيما يتعلق بشخصك الكريم، وقلت في ذلك كلمة حق غير مبالغ فيها، بإمكانك العودة إلى المقال ومراجعة ذلك..
 أخي شمعون / لم أكن لأكتب ملاحظاتي حتى أستعرض عضلاتي وأكشف عن قدراتي، بل الغاية من وراء ذلك هي أن نجتمع على مبدأ التعاون والإخاء وتطوير الذات وتنمية القدرات والاستفادة من بعضنا البعض..
وفيما يخص الفعل (يتسنّى) المجزوم بـ (لم)، نعم يجب حذف الألف، وليس الياء (كما ورد في معرض ردكم)، وقد أثار ذلك استغرابي، خاصةً وأنا كنت قد عرّجت على هذه الأداة، و قارنتها بأختها (لمّا)، لدى تقديمي شرحاً موجزاً عن موضوع الجزم، والأغرب من ذلك، عند رجوعي إلى مسوَّدة المقال، لم أجد لها أي أثر، فربّما سقطت سهواً أثناء عملية الطبع، ولكن كان عليَّ أن أقوم بالقراءة الأخيرة للمقال، كما عودت نفسي على ذلك في كل مرة، قبل إرساله إلى الموقع، ولكن بسب عامل الوقت الذي داهمني، والتأخير الذي نتج عن ظروف خارجة عن إرادتي، حال دون قيامي بذلك، والأمر نفسه جعلني أستعين في عملية الطبع بأحد موظفي قسم الإعلام في جمعية الثقافة الكلدانية، خلافاً لما هو معتاد في قيامي بتلك المهمة بنفسي، فكان من نتيجة ذلك هذا السهو الذي قمت بمعالجته على عجل، وأنا أشكرك جزيل الشكر على ملاحظتك هذه، وقيامك بتنبيهي على وجه السرعة.. وفي المقابل أطلب منك مراجعة ما جاء في السطر الرابع فيما يخص الفعل، فلا يوجد فعل مفرد، وفق قاعدة: أنَّ كلَّ جمع له مفرد، وبما أنَّ الفعل لا يُجمع، فليس له مفرد..
 في الختام تقبلوا خالص ودي و احترامي، ودمتم والعائلة الكريمة بخير وسعادة وصحة دائمة..
   أخوكم / كمال

 

80
أخي وصديقي العزيز الكاتب الكبير خوشابا سولاقا المحترم..
تحية مفعمة بالإخلاص والمودة..
في البدء، أشكركم جزيل الشكر على تهانيكم الرقيقة لي بمناسبة رأس السنة البابلية الآشورية (أكيتو)..
دفق من الأمنيات بأن تكون هذه السنة سعيدة عليكم وأنتم محاطون بطقوس الفرح الملون..
أخي خوشابا / دائماً عودتنا على نثر كلماتك بكل محبة و إخاء، و صدق نابع من القلب.. كلمات جميلة وعبارات رائعة، نلمسها ونراها في ردودك الهادئة المتكررة..
 توقفت كثيراً أمام ما خطّته يدك من عبارات أخجلتَ بها تواضعي.. شكراً على هذه المشاعر الطيبة.. شكراً على هذا الرد الذي يحمل بين طياته الخلق العالي والذوق الرفيع الذي تعودناه منك، فقد عهدناك أخاً وصديقاً عزيزاً فاضلاً..
ومن مبدأ الأخوة والصداقة التي تربطنا، أشكر فيك الروح الطيبة التي يملأها الصدق والخير والوفاء للأصدقاء..
تقبلوا فائق احترامنا وتقديرنا، ودمتم والعائلة الكريمة بحفظ الله ورعايته..
            أخوكم وصديقكم بالمحبة / كمال لازار بطرس
 



 
 

81
الأخ العزيز شمعون المحترم...
تحية نابعة من القلب..
سبق وأن أبديت رأيي بما تكتب، كان ذلك في تعقيب لي على مقال كنتَ قد نشرتَه في هذا الموقع،  قلتُ فيه بأنّ لغتك سليمة في الكتابة، وأسلوبك شيّق في التعبير، ويتميز بالفصاحة التي يفتقر إليها غالبية الذين يكتبون في هذا الموقع، وما لفت انتباهي في مقالك (أغلاط شائعة في......) هو كثرة الردود عليه، وكل هذا الاهتمام من لدن القراء بما تناولته فيه، باعتبار أنَّ مادة القواعد - في نظر عامة الناس – مادة جافة إلى درجة تثير نفور المتلقي وعدم استساغته وتقبله لها..
 أخي شمعون، اسمح لي بإبداء بعض الملاحظات حول ما جاء عرضه من معلومات في مقالك (أغلاط شائعة.....)، البعض منها سبقني إليها الأخ (صباح برخو)، ولكن، لا بأس، سأحاول التبسيط قدر المستطاع، وأرجو أن يتسع صدرك لذلك، لأنّ هدفي في النهاية هو التوضيح، وليس الانتقاص من قيمتك في الكتابة، لا سامح الله  ..
 1- لا توجد أغلاط شائعة، بل أخطاء شائعة، لأنّ المرادفات (غلط، سهو، خطأ) كلٌّ لها استخداماتها فكلمة غلط، وجمعها (أغلاط) تصاحب الفعل أو العمل أو التصرف في حياتنا اليومية، خذ على سبيل المثال، هذا البيت من الطقطوقة المصرية:
جيتلك بنفسي و قلتلك غلطان      حقّك عليَّ و سامح الندمان
2- الجمع / اسم يدل على أكثر من اثنين أو اثنتين، وهو ثلاثة أنواع، ولكل نوع قواعده الخاصة به، و الأفعال لا تثنى، ولا تُجمع، بل تُسند إلى الضمائر (ألف الاثنين، واو الجماعة، ....)
 ففي الجملة الفعلية (وهي التي تبدأ بفعل، وتتكون من الفعل والفاعل)، يبقى الفعل للمفرد، أي (للفاعل المفرد) سواء أكان الفاعل مفرداً أم مثنى أم جمع، نحو:
        نجح الطالبُ.    نجح الطالبانِ.    نجح الطلابُ..
  أما في الجملة الاسمية {وهي الجملة التي تبدأ بـ (اسم)، وتتكون من المبتدأ والخبر}، والخبر هنا جملة فعلية في محل رفع، فعلها يتبع المبتدأ، فإذا كان مفرداً، الفعل يبقى للمفرد، وإذا كان مثنى، يُسند الفعل إلى ألف الاثنين، وإذا كان المبتدأ جمعاً، يُسند، أي الفعل، إلى واو الجماعة، نحو:
الطالبُ نجح.    الطالبانِ نجحا.    الطلابُ نجحوا.
3- يُرفع الاسم المثنى وعلامة رفعه الألف، وليس (الألف والنون)، ويُنصب و يُجر بـ (الياء)، وليس بـ (الياء والنون).. وفي السياق نفسه، يُرفع جمع المذكر السالم وعلامة رفعه الواو، وليس (الواو والنون)، ويُنصب و يُجر بـ (الياء)، فعلامة الإعراب غيرُ علامة الصياغة.
4- وزيادة في المعلومات، النون المكسورة في المثنى، والنون المفتوحة في جمع المذكر السالم تُحذفان عند الإضافة، سواء كانت الإضافة إلى اسم ظاهر أو إلى ضمير، وفي جميع الحالات الإعرابية، أي في (الرفع، والنصب، والجر)، نحو:
مهندسا المعملِ ماهرانِ.. إنَّ مهندسي المعملِ ماهرونَ.. يداك نظيفتانِ.. التقيت بمدرسيكَ، ....
5- لا النافية / لا تؤثر في الإعراب، بل تنفي المعنى فقط، نحو: لا ينجحُ الكسلانُ، أما (لا الناهية)، فهي من أدوات الجزم، تجزم الفعل المضارع الذي يأتي بعدها، والنهي بمعنى طلب ترك الفعل.. ومن أدوات الجزم الأخرى (لام الأمر)، وهي عكس (لا الناهية)، وتفيد طلب القيام بالفعل، نحو: لِنقمْ بعملٍ صالح.       لِنتعاونْ فيما بيننا.
وإذا كانت مسبوقة بالفاء أو الواو تُقلب الكسرة إلى السكون: فلْنقمْ ...، ولْنقمْ... .
ومن أدوات الجزم الأخرى (لم)، وهي أداة جزم، و نفي، و قلب، أي قلب المعنى من المضارع إلى الماضي، فعندما تقول : لم ينجحْ الكسلانُ. أي، بمعنى رسبَ.
وهناك أداة جزم تماثل (لم) في عملها وهي (لمّا)، لكنها تختلف عنها في أنَّ ما يأتي بعدها أمر ممكن التحقق، أما ما يأتـي بعد (لم)، فأمر صعب التحقق، نحو:
لم يعد المسافرُ.  / هنا عودة المسافر غير ممكنة..
لمّا يعد المسافرُ. / هنا ننفي عودة المسافر، ولكن عودته متوقعة في أيّةِ لحظة.
والجزم بمعنى: القطع، أي قطع الحركة بـالسكون على الحرف الأخير، إذا كان الفعل المضارع المجزوم صحيح الآخر، وقطع حرف العلة، إذا كان معتل الآخر..
 و أحرف العلة ثلاثة، هي: (الألف، الواو، الياء)، وتحتل الفتحة مكان الألف المحذوفة، لأنها على نفس النسق اللفظي، وهكذا بالنسبة للضمة بدلاً من الواو، والكسرة بدلاً من الياء، نحو:
لا تسعَ... . لا تدعُ... . لا ترمِ... .
وإذا كان الفعل المضارع المجزوم من الأفعال الخمسة، يُجزم بحذف النون، وإملائياً تُكتَب (ألف ممدودة) بعد (واو الجماعة)، ولكن لا تُلفظ، نحو:
لا  تكذبا... . لا تكذبوا... . لا تكذبي... .
والألف نفسها نلاحظها في الفعل الماضي وفعل الأمر المسندين إلى (واو الجماعة)، نحو:
 درسوا، نجحوا، فرِحوا
اسمعوا، اذهبوا، ساعِدوا،
و أيضاً في الأفعال الخمسة التي تأتي بعد حرف ناصب من الأحرف التي جاء ذكرها في المقال، ما عدا ( لكي) المشكَّلة من (لام التعليل + كي)، نحو:
ادرسوا كي تنجحوا.
وتجدر الإشارة إلى أنَّ (لام التعليل) التي ذكرتها، هي من حروف الجر، والفعل المضارع الذي يأتي بعدها يُنصب بـ (أنْ) مضمرة (لا تُذكر في الكلام) تأتي بعدها، نحو:
 سافرتُ إلى بغدادَ لِلدراسةِ. / هنا الدراسة هي العلة أو سبب في الذهاب إلى بغداد
نذهب إلى المدرسة لِنتعلَّمَ. / وهنا التعلم هو العلة أو سبب الذهاب إلى المدرسة، والتقدير: لأن نتعلَّمَ.. وكذلك الحال مع الحرفين (حتى)، و(لام الجحود) اللذين لم تذكرهما، فهما من حروف الجر أيضاً، و يُنصَب الفعل المضارع بـ (أنْ) مضمرة، إذا جاء بعد كل من (أو ، فاء السببية، واو المعية) 
ومن الأخطاء الإملائية الشائعة، كتابة الألف بعد الواو في غير المواضع التي تم عرضها، كما في الأفعال الآتية:
أرجوا، و نرجوا، أدعوا، و ندعوا ...  والصواب: أرجو، و نرجو، أدعو، و ندعو
وأيضاً، من الخطأ أن تُكتب الألف بعد الواو في جمع المذكر السالم (المحذوفة نونه المفتوحة) بسبب الإضافة، نحو:
حضر فلاحوا القرية.  الصواب / حضر فلاحو القرية.
6- فيما يتعلق بالخطأ الإملائي في كتابة الأسماء الموصولة (الذي، التي، الذين)، يُعزى ذلك إلى أنّها هكذا وردت في القرآن، فلا يجوز المساس بها..
7- ما ذكره الدكتور زهير بني في تعقيبه على المقال صحيح، لأنّ (غير) اسم نكرة مضاف إلى اسم معرفة الذي يكتسب منه التعريف، ويُعرب الاسم المعرف بـ (الـ) الذي يأتي بعده مضافاً إليه.
8- كل ما جاء ذكره في تعقيب الأخ هاني مانويل صحيح، لا غبار عليه، بشرط أن يكون الاسم الذي يأتي بعد ضمير الرفع المنفصل (نحن) معرّفاً بـ (الـ)، فإذا لم يكن كذلك، يكون مرفوعاً ويُعرب خبراً، نحو:
 نحن المسيحيينَ.... .    نحن مسيحيونَ.         نحن العراقيينَ.... .     نحن عراقيونَ.
موضوع الهمزة موضوع واسع و متشعب، لكثرة المذاهب و الاجتهادات فيه، ويحتاج شرحه إلى أكثر من مقال..
وعلى ذكر الهمزة، ومن باب الفائدة، أذكر هنا ستة من أشهر المواضع التي توجد فيها همزة الوصل، وهي التي يتم النطق بها، ولكن لا تُرسم على الحرف مثلما يفعل الكثير ممن يكتبون في هذا الموقع، وغيره من المواقع الإلكترونية الأخرى. هذه المواضع هي:
ابن، ابنة، امرأة، اسم، اثنان، اثنتان، كما لا تُرسم الهمزة على الألف في (الـ) التعريف   
ومن الأخطاء الشائعة ( مثلاً)، عندما نشير إلى الحقبة الزمنية الممتدة من 1970 – 1979 نقول: في سبعينات القرن الماضي، والصواب: في سبعينيات القرن الماضي، لأنّ سبعينات جمع سبعين، وليست السنوات العشر الممتدة بين 1970 و1980
وخطأ شائع آخر يقع فيه الكثير من الكتاب عندما يذكرون حرف الجر (من) بعد الفعل (تخرج).. فمن الخطأ أن نقول مثلاً:  تخرج من جامعة بغداد. والصواب: تخرج في جامعة بغداد. أي إنّه دخل محراب الجامعة وأمضى فيه كذا سنة من الدراسة ثم تخرج فيها، فحرف الجر(من) يأتي بعد (خرج)، ولا يأتي بعد (تخرج).
أخي شمعون / أنا على يقين بأنّك ملم بكل ما عرضته في هذا (التعقيب) من معلومات وغيرها، وإلّا ما كانت كتاباتك بهذا المستوى من الرقي، وإذا كان هناك من خطأ أو سهو ورد فيها، فذلك بسبب أسلوب وطريقة عرضها، وهذا ليس بعيب طالما لست مختصّاً في اللغة، وفي النهاية (فوق كلِّ ذي علمٍ عليم)..
وفيما يخص هذا التعقيب، كان الأجدر أن يأخذ حيّزاً في صفحتك، ولكن لأنّك تطرّقت في مقالك لأكثر من موضوع، وكل موضوع يحتاج إلى صفحات، لكي تعطيه حقه في الشرح، فلم يتسنَّ لي تجنب الإطالة رغم الاختصار الشديد الذي اعتمدته في العرض، وعليه لم يكن لي خيار آخر، غير نشره في صفحتي، فأرجو المعذرة..       
 
 
 


82
 بقلوب ملؤها الحزن والأسى وعيون دمعى، تلقينا الخبر المشؤوم برحيل أخينا وحبيبنا الأستاذ ( حبيب تومي )، هذا الرجل الذي عانى كثيراً من شرور هذه الدنيا الفانية، ومساوئ هذا الزمن الرديء، وقسوة الحياة، وأيضاً قسوة الكثير من الزملاء ممن يكتبون في هذا الموقع الأغر، فلم يألوا جهداً في مهاجمته ( بمناسبة، وبدونها ) للنيل منه ومن مواقفه الثابتة تجاه شعبه وأمته.. يقيناً إنَّ الكثير منهم يشعر الآن بالذنب بعد هذا الرحيل المفجع المفاجئ للجميع، وما هذا الكم من برقيات التعازي من أولئك الذين اختلفوا معه وهو على قيد الحياة، إلا دليل على صحة هذا الكلام، ولكن ماذا تجدي الكلمات الصمّاء بعد فوات الأوان، فكل شيء مضى وانقضى..
تلك هي مصيبتنا.. لا نشعر بقيمة غيرنا، إلّا بعد أن يكون قد غادرنا ورحل عنّا من دون وداع..
لتكن هذه الفاجعة عبرة لنا، فنعيد حساباتنا، ونلفظ الحقد والبغض والكراهية من قلوبنا، ولْتصفُ النفوس إلى الأبد، فليس لنا غير ذلك سبيل إن أردنا العيش بكرامة..
كان المرحوم حريصاً على زيارة ( جمعية الثقافة الكلدانية ) في كل مرة يعود فيها إلى أرض الوطن، ويكرر تلك الزيارة على مر الأيام التي يتواجد في بلدته الثانية ( عنكاوا )
باسمي وباسم إخواني في الهيئة الإدارية للجمعية ( التي كانت لها معزَّة خاصة لدى المرحوم ) نقدم خالص تعازينا وعظيم مواساتنا للجميع بهذا المصاب الجلل، داعين الرب أن يشمل الفقيد بواسع رحمته وغفرانه، ويتقبله في عداد الصالحين من عباده المنعَم عليهم بالجنّة، ولأهله وذويه وأصدقائه كافة جميل الصبر و السلوان..
          كمال لازار بطرس
 رئيس جمعية الثقافة الكلدانية - وكالةً

83
إلى أخي وصديقي العزيز الدكتور رياض فرنسيس جزيل الاحترام..
   تحية عطرة..
أسعدني كثيراً مروركم الكريم على المقال، كما أسعدني تعقيبكم الغني بالمعلومات الذي ثبت لي من خلاله أنكم موهوبون في الكتابة، ولكن أنتم غافلون عن هذه الملكة !، لا أدري ما المانع من إخراجها إلى العلن.. أنا لا أفهم، لماذا تُبرِّئون أنفسكم من هذه التهمة ( الحميدة )، خاصةً إنَّ الكثير ممن يكتبون في هذا الموقع يفتقر إلى الحد الأدنى مما تفصح عنه هذه الأسطر القليلة التي جاءت في معرض ردكم والتي تدل على عمق المعاني والصور الجميلة التي تحملها إلينا أفكاركم ..
إنَّ المفردات الجميلة المعتمدة في هذا الرد، إلى جانب اللغة السليمة المحبوكة بشكل جيد واعتماد  أسلوب السهل الممتنع في الكتابة، كلها شواهد على أنّكم مشروع كاتب ناجح إلى جانب أكاديمي متميز.. فهل يا ترى تحرمنا، وتحرم القارئ من كتاباتك في المستقبل؟
أرجو أن تفكر في ذلك، وتعيد النظر في أمر البراءة التي تدّعيها..
بخصوص تضمين المقال الإضافات التي ذكرتها، والتطرق إلى الحيتان والقطط السمان، ومن كان السبب في الحسبان، أقول: ما كنت يوماً لأتجاهلهم، فقد تناولتهم في مقالات كثيرة لي، نُشرت في الصحف، ولكن بالتلميح، وليس بالتجريح، التزاماً مني بآداب وقواعد الكتابة، ولكن ماذا كانت الفائدة، فقد اكتشفت بعد حين إنّني أشبه بذاك الذي يطرق على الحديد، أو كمن ينادي في الوادي بين عَلَمَين، لا يسمع غير صدى صوته المبحوح الحزين..
دمتم لي أخاً وصديقاً عزيزاً، مع فائق تقديري لكم وللعائلة الكريمة..
تحياتي إلى كل من تصادفونه من أبناء بلدتنا الحبيبة في المملكة المتحدة..
       أخوكم / كمال

   
 

84
ألف مبروك للسيد جوزيف بويا كوندا ( ابن عنكاوا الأصيل ) هذا التكريم المستحق، وهو قليل بحقه، متمنين له ولعائلته الكريمة دوام الصحة وطول العمر، مع تحياتي لك يا أخ كامل..
    أخوكم / كمال

85
أخي العزيز شمعون..
تحية و محبة..
شكراً على اهتمامكم بما أكتبه من مقالات و ردود في هذا الموقع، وشكراً على تقييمكم النوعي لنا..
فقط أريد أن أنوّه إلى أنَّ والدي -  ولله الحمد - مازال على قيد الحياة، كذلك والدتي، وأنا أسهر على خدمتهما  ليل نهار، مرضاةً لضميري، وطمعاً في رضا الله عني.. أطال الله في أعماركم، وأعمار كافة أفراد العائلة أجمعين..
      دمتم أخاً عزيزاً.. مع فائق احترامي لكم وللعائلة الكريمة.
                          أخوكم/ كمال

86
 الأخ شمعون، أو ( سيمون ) المحترم..
تحية طيبة..
لا أدري إن كنت تتذكّرني، أم لا، فنحن لم نلتقِ منذ عشرات السنين.. كانت آخر مرة التقينا فيها في أوائل السبعينيات من القرن الماضي، لكنّني أتابع دائماً ما تنشره من مقالات في هذا الموقع ، وفي فترة ما، قبل أشهر، سألت نظير ( ابن عمي ) عنك، فقال لي، إنَّك مقيم ( معه ) في فرنسا..
أخي شمعون/ كتاباتك السردية تعجبني، لأنّها تتسم بالسلاسة وبعيدة عن التكلّف، ولغتك فصيحة وسليمة، خالية من كل خطأ أو التواء..
 أعجبني حوارك الهادئ الذي نقلته إلينا عبر مقال هادف، و بصياغة لغوية معهودة جميلة، ولدي تعقيب بسيط على ما جاء فيه..
من الصعب جداً، بل من المستحيل الجمع بين متناقضين، فكما تعرف ( لا يلتقي جبلان ).. ولأنَّ الكافر و المؤمن أشبه بخطّين متوازيين لا يلتقيان، فحوارهما أقرب ما يكون إلى حوار ( الطرشان ).. مهما حاول أحدهما أن يُقنع الآخر، فلن يستطيع، لأنّ لكل منهما قناعاته الراسخة في ذهنه ( كما تفضّلت )، سلَّمَ وآمن بها بفعل عوامل عديدة.. تلك القناعات ليست وليدة الصدفة، أو تأتي من الهواء، بل تصنعها أحداث ومواقف ومحطات، يمر بها المرء في مشواره مع الحياة، ولكن قد تهتز تلك القناعات وتتغير إذا ما اصطدمت بفعل مؤثر، أو بواقع جديد، أو بحقائق جديدة، تجعل صاحبها في موقف المواجهة مع الذات، في إجراء كشف حساب دوري مع النفس .. هذا الإجراء الشجاع وحده، هو الكفيل بتغيير تلك القناعات، وسيكون ذلك بمثابة نقطة التحول في مسار حياة كل إنسان..
أيضاً، أعجبتني مداخلة السيد شوكت توسا، وما جاء في معرض ردك على تلك المداخلة اختصر الفكرة، وأوجز كل ما أردت نقله إلى القارئ الكريم، وكأنَّك به وضعت النقاط على الحروف..
           دام قلمكم الأنيق..
   مرةً أخرى تقبلوا خالص تحياتنا..
           أخوكم/ كمال

87
الأخ العزيز الأديب المتألق هيثم بهنام بردى المحترم..
تحية نابعة من القلب، مفعمة بالحب..
أنا البحرُ في أحشائهِ الدُّرُّ كامنٌ         فهل ساءَلوا الغواصَ عن صدفاتي
تلكُمُ هي اللغة العربية.. لا يستطيع الكشف عن صدفاتها وما فيها من لآلِئ وأحجار كريمة أخرى، إلّا من كان يجيد السباحة والغوص في أعماقها..
تلكُمُ هي اللغة العربية.. فهي تعلن عن نفسها من خلال لوحة سريالية جميلة، تحتاج إلى تأمّل لفك رموزها، رسمها بالكلمات أديب لامع، معروف عنه ولعُهُ الشديد بالأدب وشغفه الكبير بالثقافة بكل مفاصلها، يمارس هوايته بكل هدوء، بعيداً عن الأضواء والضوضاء..
يقيناً، لو كان شاعر النيل ( حافظ إبراهيم ) حيّاً يُرزق، اليوم، لتردد كثيراً في ذكر بعض أبيات تلك القصيدة المشهورة ( لغتنا الجميلة )، وفيها يعبّر عن لسان حال اللغة العربية وهي تنعى حظّها العاثر، وتشكو حالها الناثر، جرّاء ما أصابها من حيف وإهمال، وعدم اكتراث، فأين ذلك الإهمال المزعوم في هذه اللوحة الأدبية الجميلة، وكأنَّها ( زُخرُفة ) من مفردات وكلمات وعبارات، تعبّر عن اهتمام صاحبها باللغة العربية واقتفاء أثرها ..
صديقي العزيز/ أهنئك من الأعماق، وأشد على يدك، لما بلغه قلمك من رقي في البحث الأدبي، وأنت لم تدرس اللغة، لكنّ شغفك بها جعلك تقارع الأمواج سباحةً في بحرها، فأسلوبك الأدبي الراقي يخلب الألباب، ويشد إليه القارئ..
شكراً على مروركم الكريم.. وإشادتكم بنا شهادة فخرٍ نعتز بها..
دمتم لنا أخاً وصديقاً عزيزاً، ودام قلمكم سيّالاً..
           أخوكم/ كمال

88
الأخ الفاضل، الإعلامي القدير مال الله فرج المحترم..
  تحية من صميم القلب..
شكراً لإطّلاعكم على المقال والتعليق عليه، وشكراً على ثنائكم و إطرائكم..
أخي العزيز: معروف، أنَّ الإنسان عندما يكون محكوماً بالألم، يتشبّث بحبل النجاة، ويبحث عن وسيلة للخلاص، فإذا ضاقت  به السبل والوسائل، يلجأ إلى ربّه كحلٍّ أخير، ليطرق بابَه طلباً للنجدة والخلاص.. تلك هي طبيعة متجذِّرة في الإنسان، منذ الأزل، لا يذكر ربَّه، إلّا عند الشدائد و المحن، فيكثر من الدعاء والطلب، كما أوضحت ذلك في المقدمة.. والطلب من حيث اللغة نوعان:  ( أمر ) و ( نهي )، سواء أكان ذلك التماساً، أم لم يكن.. وبعيداً عن فلسفة الأمور، سأوضّح ذلك ( لغويّاً ):
 فعندما ندعو الله ونقول: أعطِنا خبزَنا كفاف يومنا، فهذا طلب، من نوع : الأمر، كذلك الحال عندما نقول: ( نجِّنا من الشرّير )، و ( أغفر لنا خطايانا )، أمّا إذا كان الدعاء مسبوقاً بـ ( لا ) الناهية، عندئذٍ يكون نهياً وليس أمراً، نحو: لا تُدخلنا في التجارب.
والالتماس ( غالباً )، لا يأتي شفهياً، بل تحريرياً على ورق، وعادةً يبدأ بالرجاء، نحو: ( أرجو التفضّل بـ .... إلخ )، وإذا جاء شفهيّاً يجب أن يكون الفعل على وزن ( أستفعلُ أو نستفعلُ )، نحو: ( أستغفرُ، نستغفرُ )، أي أطلبُ، أو نطلبُ الغفران.. هذا باختصار شديد، والموضوع أعمق من هذا بكثير، ويقبل التأويل في بعض الأحيان..
      أمّا بخصوص الملاحظة الثانية، فأنا أتفق معك فيما ذهبت إليه، فعلاً، إذا كنّا لا نزال نسير على نهج السلف الصالح، ولكن للأسف الشديد واقع الحال يقول لك غير ذلك، ويختلف عمّا كان عليه في سالف الأزمان..
إنَّ الإنسان الطاهر النقي لم يعد له وجود في هذا الزمن.. اليوم، بلاء الإنسان من الإنسان نفسِهِ، بعد أن أدار ظهره للقيم وغادرها، وتخلى عنها بمحض إرادته..
إنَّ الأشياء التي ذكرتها ( الإرادة، الإيمان، العزيمة، الخيارات، الإنسانية )، هذه المعاني السامية كانت من شيم الآباء والأجداد، لكن بمرور الزمن وتطور الحياة، تراجعت، وآختفت، فلم يعد لها أثر في قاموس الحياة الجديدة، بعدما أصبح الإنسان أكثر شهوانية، وصار أسير رغباته المادية التي لم يعد بالإمكان السيطرة عليها..   
       دام حضوركم بهياً.. شكراً لكم مرةً أخرى.
                    أخوكم / كمال

89
صديقي العزيز بطرس..
تحية نابعة من القلب..
نعم، كما تفضّلت أخي بطرس، انقسم النقاد في تصنيف و توصيف  آثاره الأدبية، لأنّها تجمع بين النقيضين: الكفر، والإيمان بالله..
هذا هو عمر الخيام.. رجل تعرف سيرة حياته من خلال أشعاره.. حكيمٌ فارسي آمن بالله و باليوم الحاضر:  وحاضره كان حبّاً و خمراً و نشوةً، و أُنساً و ناياً و شعراً... كان يعيش ليومه السعيد كأنّه راحل ٌ غداً إلى بعيد، لذلك نهب اللذات نهباً، وعذره في ذلك، أنَّ الله - سبحانه وتعالى- غفورٌ رحيم...
وكانت آخر وصاياه: دعوة الإنسان إلى الاستمتاع بالحياة مادام حياً، والانغماس في الأطايب مادام قادراً، والاتّكال على الله مادام مؤمناً، وكان آخر ما قاله:
دعْ عَنكَ درسَ العلومِ أجمعِها
وآشفِ بأصداغِ شادنٍ سقمِكَ
وآهرقْ بكأسِ دمِ الزجاجِ و طِبْ
من قَبلِ أن يهرقَ الزمانُ دمكَ
وما جَعلَنا نحن ( أبناء الشرق ) نركض وراء أشعاره، إنَّما الفضل في ذلك يعود إلى رباعياته المذهلة التي ترجمها شاعر الحب والشباب ( احمد رامي ) من الفارسية إلى العربية ولحّنها عبقريّ الموسيقى ( رياض السنباطي ) بالعربية و الفارسية، وغنّتها أُمُّ كُلثوم بلغة العالم كلِّهِ، فكل من يستمعْ إلى هذه الأغنية يثملْ من الخمرتَين: خمرة الشدو الكُلثومي النشوان، وخمرة الشعر الخيامي السكران، الذي يتفجّر عن كل ما في العقل و القلب من وعي الوجود الحقيقي للإنسان..
عزيزي بطرس/ ولو ابتعدنا قليلاً عن موضوع المقال، ولكن لا بأس، طالما يروق لك الحديث عن شاعر الوجود، وعاشق الحياة (عمر الخيام ).
          طابت أوقاتكم، دمتم أخاً و صديقاً عزيزاً..
                       أخوكم/ كمال

90
 إلى أخي وصديقي العزيز الكاتب القدير خوشابا سولاقا المحترم...
   تحية معطّرة بشذى الورد..
أسعدني كثيراً مروركم واطّلاعكم على مقالي المتواضع المنشور أعلاه..
 كم سحرتني مداخلتكم الرائعة بكل ما حملته من صور تعبيرية جميلة، وكم أسعدني تفاعلكم المرهَف مع المقال ..
لقد أشجيتني كثيراً بهذه المداخلة التي أحسّها تغريدة حالمة، لا أستحقّها.. بحق، إنَّكَ أثلجتَ صدري بهذا المديح الغامر وبهذا الإطراء الطافح بالمودة، فكم شعرت بالفخار وأنا أقرأ كلماتكم الرصينة الراقية.. يقيناً، إنَّها عمّقت مضمون المقال وأعطته نكهة خاصة.. كيف لا، وهي مسطَّرة بقلم كاتب مبدع، مثقف، و متنوّر..
صديقي العزيز/ أنا معك فيما ذهبت إليه في معرِضِ ردّك، من أنَّ العيب يكمن فينا، و لي أكثر من مقال منشور في الصحف، يسلّط الضوء على هذا الجانب، ويدعو إلى معالجة هذا الخلل أو هذه النقيصة، وفي هذا السياق أودّ أن أهدي إليكم هذه الأبيات للإمام ( الشافعي )، عسى أن تروق لكم..
يقول الإمام:
   نُعيبُ زمـانَنا والعـيبُ فينا         وما لزمانِنا عَـيبٌ ســـوانا
   نهجو الزمـانَ بغيرِ جــرمٍ         ولو نطـقَ الزمــانُ  لَهجانا
   فدنـيانا التصنّعُ و الـترائي         ونحن فيها نعاتب من يرانا
   يَعافُ الذئبُ أكلَ لحم ذئبٍ         ويأكلُ بعضُنا بعضاً عَـيانا
دمتم صديقاً عزيزاً، ودام قلمكم الزاخر بالعطاء والإبداع..
 مع تمنياتي لشخصكم الوقور، و للعائلة الكريمة بموفور الصحة و العافية..
                            أخوكم ومحبّكم
                                 كمال
     

91
 الأخ العزيز أنطوان المحترم.
 تحية نابعة من القلب..
سرَّني كثيراً مروركم على المقال وتعقيبكم عليه، أما إشادتكم به، فهي نابعة من متابعتكم المتواصلة لكل ما يتعلق  بشعبكم من شؤون و شجون، وحرصكم الدؤوب على مصالحه، هذا على الأقل ما أستشفه من كتاباتكم، وما ألاحظه في معرض ردودكم على كل مقال يتناول كاتبه هموم ومعاناة هذا الشعب، التي على ما يبدو أنّها لن تنتهي، بل ستطول وتتفاقم يوماً بعد يوم، فما زال سفر الآلام يطارد أبناء شعبنا، و قنابل الوجع تنهمر فوق الرؤوس من كل حدب و صوب، وأخشى أن يكون ذلك ( كما جاء في معرض ردّكم ) الحلقة الأخيرة من سلسلة المحاولات الرامية إلى تصفية البلد من هذا المكون الأصيل، ولكن رغم أنف الحاقدين نحن صامدون، وسنبقى في هذا البلد، ولن نغادره..
            أخوكم / كمال

92
الأخ العزيز بطرس..
أشكركم على مروركم، وتعقيبكم الظريف على المقال..
أخي الفاضل/ الربّ موجود في كل مكان و في كل أوان، لكنِّ العيب يكمن فينا ( نحن البشر )، فلا نتذكّره و نذكر اسمه الممجَّد، إلّا في الأوقات العصيبة، أو عند الشدائد، طمعاً في رحمته، في تجاهل طاعته، إقرأ معي هذه الأبيات لـ ( عمر الخيام ) من قصيدته الخالدة ( رباعيات الخيام )، التي غنَّتها كوكب الشرق الراحلة ( أُمُّ كُلثوم ) في خمسينيات القرن الماضي:
    يا مَن يحارُ المرءُ في قدرتِـكْ           وتطلبُ النـفسُ حِمى طـاعـتـِكْ
    أسكَرَنـي الإثـمُ ولكنّني صَــــ            حَوتُ بالآمـــالِ في رحـــمتـِكْ
    إن لم أكنْ أخلصتُ في طـاعَـ           تِكْ فإنَّني أطمــعُ في رحـــمتـِكْ
    تُخفي على الناس سَنا طلعَتـِكْ           وكلُّ ما في الكونِ من صَنعتـِكْ
               تقبّل تحياتي
           صديقكم و محبكم
                كمال/
   
   

93
إبتهالات ابن المدينة

كمال لازار بطرس

ما أصعبَ الدوّامة عندما تتخطى حدود الفرد لتلفَّ الجميع بردائها القاتم. تتغلغل آثارها في النفوس، فترتمي من عليائها وتغرق في حفرة الرمال المتحركة. تحاول التمسك بأي شيء. تحاول التشبث بالخلاص، فتتلوّى نحو الأسفل. تنادي وتصرخ صرخة محتضرٍ يطلب النجاة..
 ما أصعبَ محنتنا اليوم!..
 ما أصعبَ معاناتنا وسياط الدوامة تُلهِبُ نفوسَنا!..
يا إله الكون: أنت الخلاص، بك نستغيث، بك نستعين.. أنت الملجأ الأخير ساعة اليأس.. نلجأ إليك حتى تُخرجَنا من مستنقع الحزن والركود إلى فضاء الحرية والفرح.. نلجأ إليك ونحن نذرف دموع السعادة الهاربة، لأنّ كلّ واحدٍ يعيش في هذه البلدة الوديعة الهادئة، صار بعيداً عنها.. صار غريباً.. غريباً عن أرضه، غريباً عن داره، غريباً عن ذاته.. تحوّل إلى نكرة، وصار يئنّ، يتحسّر، يستشيط غضباً، يبتهل إليك ويقول: 
    * يا ربّ : اجعلنا نمشي بإرادتنا، وليس بإرادة غيرنا.
    * يا ربّ : لا تتركنا بدون أرض، ولو تركتنا بدون بيت.   
    * يا ربّ : اقطع كلَّ يدٍ تتطاول على حرمة بلدتنا، وكرامة بنيها، ومستقبل أطفالها.   
    * يا ربّ : ساعدنا، حتى نتمكن من السير على الأرض التي منحتنا شرف الانتماء، لنحملَ اسمها بكبرياء.   
    * يا ربّ : ساعدنا على الاحتفاظ بأرضنا العزيزة، لأنّها أمانة الأجداد في أعناقنا.   
    * يا ربّ : ذكّر الطيور المهاجرة، بأنّنا نتحمّل حضور الحبيبة ( عنكاوا )، فعسى أن يتحملوا هم  فراقَها. 
    * يا ربّ : إجعل هذه البلدة بحجم جراحها، كي تقوى على الصمود والمقاومة.
    * يا ربّ : لا تَدَعْ هذه البلدة تقع ضحية الاستيطان القسري، بعد أن وقعت ضحية الاستيطان الفكري في الحقب الماضية.   
    * يا ربّ : ماذا سيبقى من جمال بلدتي بعد اغتصابها، كاغتصاب عروسٍ في ليلة زفافها؟!
    * يا ربّ : احفظ جغرافيتَنا، كي لا يضيع تأريخَنا.
    * يا ربّ: اقطع يد كل من يحاول عنوةً أن ينزع عن بلدتي ثوب الطهارة، ويُلبسها ثوب الدعارة.
    * يا ربّ : ساعدني في تجنب كل من يعرف الحقيقة ويتعمد التشويه، لأنني أخشى صداقة الشيطان.
    * يا ربّ : ابعد عنّا كل من يذكر الله في العلن، ويتعاون مع الشيطان في الخفاء.
    * يا ربّ : خذ إليك كل من جاء ليأخذ، وآترك لنا كل من جاء ليُعطي.
    * يا ربّ : قف بقدرتك الإلهية ضد كل ضعفٍ في القدرة البشرية. 
    * يا ربّ : قف في وجه كلّ من يُقدِم على المغامرة بدافع المكابرة.
    * يا ربّ : ساعدنا، حتى لا نموت من أجل الشعارات، بل لتموت الشعارات من أجلنا.
    * يا ربّ : أنت الذي غضبت على بعض الملائكة فتحولوا إلى شياطين، فهل كانت إرادتك ( كما في السماء كذلك على الأرض)؟.
    * يا ربّ : لا تجعل ضحكَنا اصطناعياً، وبكاءَنا طبيعياً. 
    * يا ربّ : إذا كنّا غير قادرين على الإتفاق فيما بيننا، فلا تفرّق شملَنا.
    * يا ربّ : هل أنا مخطئ، لأنني أكره كلَّ من يتلذّذ برؤية خروفٍ يُذبَح؟!
    * يا ربّ : يبدو أنّك لا تحب الرجال الذين لا يتألمون، وإلاّ، ما معنى ( كلّما تألم الإنسان ذكر ربَّه )؟.

94
تتقدم جمعية الثقافة الكلدانية بأحر التعازي وعظيم المواساة إلى سيادة المطران { مار بطرس موشي }
الجزيل الاحترام في رحيل المغفور له الخور أسقف { لويس قصاب }، و إلى ذوي الفقيد، و إلى أهلنا
 المهجَّرين من { بخديدا } المنكوبة خالص العزاء و المواساة..
 كانت أمنية المرحوم أن يعيش لحظات تحرير بلدته الكئيبة، ويُسدل الستار على معاناة أبنائها
 الصابرين، و أن تنتهي رحلتهم مع سِفْرِ الآلام و العذاب و التشرّد، و يعودوا إلى ديارهم معزّزين
 مكرَّمين، ولكن شاءت العناية الإلهية دون تحقيق هذه الأمنية ..
 نرجو من الباري عزّ و جلّ أن يشمل الفقيد بواسع رحمته وغفرانه، و أن يسكنه في ملكوته السماوي
 مع المنعَمين عليهم من الصدّيقين و الأبرار، و أن يمنح أهله و ذويه جميل الصبر و السلوان ..
      كمال لازار بطرس
        نائب الرئيس

95
يا ريبين..
ألف مبروك انضمامك للنادي الجديد.. لم يبقَ أمامك سوى خطوة واحدة لتمثّل المنتخب السويدي، وأنت أهلٌ لهذه المسؤولية، لترفع اسم بلدتك، وتشرّف أهلها الأكارم.. على أمل أن نسمع الخبر المفرح في المستقبل القريب إن شاء الله.. أنا على يقين سيتم استدعاؤك لمنتخب العراق عاجلاً، أم آجلاً..
     تحياتي لك وللأهل كافة..
        ابن عمك / كمال

96
 
الأخ والصديق العزيز الكاتب المبدع خوشابا سولاقا المحترم..
تحية عطرة..
كعادتك، تتحفنا بمقالات رائعة، خالية من أيّة ثغرات أو هفوات، تتسم بالصدق والصراحة والجرأة في الطرح، فهي تحاكي المنطق وتعكس الواقع، وتكشف الحقائق، لكأنّها تعرّيها من كل رداء أو غطاء مزيّف..
لا أريد أن أعقّب على ما جاء في هذا المقال، فقد ( وفّيت و كفّيت )، كما يقول المثل الدارج، فقط إسمح لي أن أورد هنا مقالاً مقارباً لهذا الموضوع تحت عنوان ( كذّابون بمرتبة الشرف )، كنت قد نشرته قبل أكثر من عام في هذا الموقع، ربّما لم تسنح لك الفرصة للمرور عليه، وكلّي أمل أن يروق لك..
                        كذّابون بمرتبة الشرف
في هذا الزمن، المرء يقف مذهولاً إزاء ما يتراءَى له من ظواهر وسلوكيات إجتماعية شاذّة وغير طبيعية، فالمرفوض بات مقبولاً، والمنبوذ صار مرغوباً ومطلوباً..
تحولت الحسنات إلى سيّئات، والسيّئات إلى حسنات..
 أكذب، ثم أكذب، ثم أكذب، حتى يصدّقوكَ الناس. ( مثلٌ مشهور )، نسمعه من هذا وذاك، وتردده الألسنة هنا وهناك.
هذا المثل القديم، بالرغم ممّا يتضمنه من تحريض واضح على الكذب الفاضح، إلاّ أنّنا في السابق، كنا نعايش الكذبَ في لحظة زمن، أمّا اليوم فبات الزمن كلُّه كذباً ونفاقاً..
إحدى وصايا الله العشر لبني البشر هي ( لاتكذب ) إلى جانب لاتقتل، لاتسرق، لاتزنِ...إلخ. يعني أنَّ الكذبَ سماويّاً، هو بمرتبة القتل والزنى، لافرق.
 لهذا فإنّ الكذبَ غير مسموح به على الإطلاق، ولايجوز التسامح مع الإنسان الكاذب، لأنه لصٌّ يسرق الحقيقة من الآخرين، فيستولي على حقّ ليس له..
كان الناس القدماء يكنّونَ كلَّ الإحترام لوصية الله هذه، ويلتزمون بها أشد الإلتزام، وهم في ذلك، حدّيون حدّ السيف، لايساومون ولايهادنون.
أما الحكام، فكانت لكلٍّ منهم طريقة خاصة، يقتصّ بها من الكاذب، حتى يحكم عليه بالموت أحياناً..
 عند الرومان، مثلاً، كان يُحرَق جبين الكاذب بحديدة مُحمّاة إلى درجة الإحمرار، ليبقى أثرها واضحاً، لاتمحوه الأيام، وتبقى شاهِدَ إثبات، ووصمة عار، تلازمه وتفضحه ما بقي حيّاً..
 الأمبراطور الروماني ترايانس ( 117م )، الذي اشتهر بحبه للصدق وبكرهه الشديد للكذب، كانت له طريقة مختلفة في التعامل مع الكذّابين، إذ كان يضعهم في سفينة بلا شراع، ولا مجذاف، لتعبث بهم الرياح والأمواج العاتية، إلى أن يقضوا غرَقاً أو جوعاً أو عطَشاً..
 أما الإمبراطور مكرينس ( 318م ) فكان يحكم بقتل المشتكي الكاذب، العاجز عن إثبات حقيقة شكواه وصحة دعواه..
وعلى عهد الإمبراطور كارلوس الخامس (155م ) كان يُحكَم على النمّام الكاذب، بأن يزحف على يديه ورجليه، وينبح كالكلب مدة ربع ساعة بمرأى من الناس.
بهذه النظرة الدونية كان يُنظر إلى الشخص الكاذب، وعلى هذا الأساس كان التعامل معه.
أمّا في وقتنا الحاضر فقد اختلفت الصورة تماماً، وصار الكذب موضة العصر، لا بل جعلوه شهادة حسن السلوك، يجب أن يحصل عليها كل من يريد أن يرتقي سلّم المجد بسرعة البرق، أو كل من كان هاجسه منصباً رفيعا،ً يروم تحقيقه بشتّى الطرق والوسائل.
 وفي زمن الإنحطاط الذي نعيشه، تغيرت نظرة الناس للشخص الكاذب، فصار مرغوباً ومحبوباً ومفضلاً أكثر من غيره، فهو بهلوان عصره، وسلطان زمانه، وهو الشاطر، والماهر، وهو السياسي الحاذق.. وكلّما كان مخادعاً وموارباً ومحتالاً، كان في نظر أهل النفاق، أقوى، وأهم، وأكثر إحتراماً..
 وأهل النفاق هؤلاء، لم يألوا جهداً في مقاومتهم ومحاربتهم لأهل الصدق، أهل الحقائق الصريحة، الذين لايأخذون بالوجوه وينخدعون بالأباطيل والبدع الكاذبة، ويبدو أنّهم أخذوا الحكمة و العبرة من الأساطير القديمة، التي تقول إحداها، أنَّ الكذبَ والحقيقة، ذهبا في أحد الأيام ليستحمّا في ينبوع ماء متدفق، فخرج الكذب من الماء أولاً، وآرتدى ثوب الحقيقة وآنطلق، فلمّا خرجت الحقيقة ولم تجد ثوبها، أبت أن ترتـدي ثوب الكذب، فسارت بين الناس عارية، فأخذوا يرمونها بالوقاحة، ويقذفونها بأسوأ الكلام، ويطردونها شرَّ طردة. أما الكذب فقد لاقى قبولاً وحبوراً وآستحساناً من الجميع، لأنهم خُدِعوا بمظهره، وبثوبه الذي سرقه من الحقيقة.
نحن اليوم ما أحوجنا إلى أمثال ذلك العالم الجليل، الذي دعاه الخليفة المنصور ذات مرّة، ليعهد إليه منصب قاضي القضاة، فآعتذر الرجل عن قبول المنصب الجديد، ولمّا ألحّ عليه المنصور قال:
 يا مولاي إنّني لا أصلح أن أشغل منصباً مهماً كهذا، لأنني لا أرى في نفسي الشخص المناسب لهذا المنصب، فقال له المنصور:
  إنّك تكذب، لأنّك من خيرة الرجال وأكفئِهم، فقال الرجل:
 كفى أنَّ سيدي أمير المؤمنين يشهد بأنّني كاذب.. والكاذب لا يصلح أن يكونَ قاضياً..
                 محبّكم دائماً
                أخوكم / كمال
                         

97
 إلى الأخ والصديق العزيز، الكاتب المثقف خوشابا سولاقا المحترم..
تحية نابعة من القلب، مفعمة بالحب..
في البدء أشكركم على مروركم الكريم، وعلى هذه المتابعة الدائمة من قبلكم، لكل ما أكتبه وأنشره في هذا الموقع..
في الحقيقة، إنَّ ما يثير انتباهي في ردودكم، هو هذا التحليل العلمي الدقيق لأي موضوع يتناوله كاتب مقال ( أي كاتب )، يردّ، أو يعقّب عليه قلمكم الذهبي، وهذا مرده سلامة الذوق ودقّة الإحساس، بالإضافة إلى قدرتكم العالية على تحليل الألفاظ والجمل والتراكيب، ممّا يمكّنكم من كشف اللثام عن أسرار المعاني القائمة في ضمير مُنشئها، ولعمري إنَّ هذه الميزة لا تتوفر عند غير المثقفين، وهذا ما جعلني أخاطبك بـ ( الكاتب المثقف )، وهذا النعت يليق بكل من يَخلص إلى قراءة أي نص، أو مقال، قراءة صحيحة واعية، تفصح عن فهمه له، وإحساسه به، ووقوفه على مضمونه..
أشكركم مرةً أخرى.. كل عام وأنتم، والعائلة الكريمة بألف خير..
أخوكم ومحبكم
    كمال /

98
 الأخ حميد مراد المحترم..
تحية طيبة..
أشكركم على مروركم وتقييمكم الإيجابي للمقال، و أشكركم مرةً أخرى على تهانيكم الرقيقة لي بمناسبة العيد..
دفق من الأمنيات بأن يكون هذا العيد سعيداً عليكم وأنتم محاطون بطقوس الفرح الملون..
كل عام وأنتم بألف خير..
     أخوكم/ كمال

99
الأخ جاك المحترم..
نشاطركم الحزن، ونشارككم العزاء و المواساة بهذا المصاب الأليم..
أن يفقد الإنسان أعز الناس على قلبه، ويفقد الصدر الحنون و العيد على الأبواب، فتلك حقّاً لَفاجعة كبيرة، وألمٌ يعتصر القلب..
علمت بالخبر الحزين وأنا أقرأ عنوان مقالكم، بينما كنت أتابع نشر مقالي الجديد الذي يحمل عنوان ( نُعَيِّد والدموع تترقرق في العيون ) في المنبر الحر، وفجأةً شعرت بإحساس غريب وكأني قد كتبته خصّيصاً لك، كان ذلك بعد خروجي من قدّاس منتصف الليل، الذي أقامه نيافة المطران ( مار بشار متي وردة )، فأبت نفسي، إلّا أن أواسيكم في مصابكم الجلل هذا، في تلك الساعة  المتأخرة من الليل..
رحم الله الوالدة الحنونة، وأسكنها في فردوسه الأبدي، وألهمكم جميل الصبر والسلوان..

100
 
نُعَيِّد والدموع تترقرق في العيون
كمال لازار بطرس
عندما تُقرع أجراس منتصف الليل معلنةً ولادة الطفل ( يسوع ) في مذود بيت لحم، تتهادى مع النجوم الرسالة التي جاء من أجلها المخلّص..
 جاء ليخلّص البشرية من الخطيئة، ويلقي عليها نور الحق والخير والجمال، وينشر بين البشر روح المحبة و التسامح و الوئام..
في هذا الميلاد أيضا نُعَيِّد والدموع تترقرق في العيون، فمازال وطننا ينزف، ومازال سفر الآلام يطول، ومازال شعبنا مهجَّر، يتوجّع، ويتألم، ويتعذب..
ومع أنّ أيام العيد تمرّ مثقَّلة بهموم الوطن، إلاّ أنّ العيد يأتي، ويغيّر بعض الأمور في حياتنا اليومية.. فكل شيء يتغير في الميلاد، حتى علاقة الأرض بالشمس تتغيّر، لإنّ العيد، وإنْ كان في فصل الشتاء، إلاّ أنّ النهار يبدأ يطول على حساب الليل، فيهلّ الربيع في عزّ الشتاء.
بردٌ، وشتاء، ومَوقد، وشجرة الميلاد، وزينة، وأضواء تزهو بألوانها...
في ظل هذه الأجواء، وفي ليلةٍ كلّ شيء فيها يتغير، حتى ( ما في النفوس ) يتغيّر، نحاكي طفلاً في مذود صغير، ونحن نفكر بالظروف التي يمر بها بلدنا، فتتحجّر دموعٌ في حدقات العيون، وتدق الفرحة باب القلب مع دقات أجراس منتصف الليل، ولا ننتظر الإذن لنلامس السعادة، ويبقى لقاء الأحبة جميلاً، رغم كلّ غصّة.
يا أجراس العيد...
إنَّ صوتك العذب يذكّر الناس بجمال الحياة، فلا تكفّي عن الدق..
صباح الخير يا عيد الميلاد، يا من تأتي إلينا على زغاريد أجراس الكنائس، وأهازيج الملائكة.
إنّك تأتي في زمن الإنكسار، تَشُقُّ الغبارَ على صهوةِ جوادٍ أبيض..
تتألم لأجل المتألمين على الأرض، لأجل الإنسان تتألم..
لأجل الأبرياء الذين يسقطون في كلّ يوم..
لأجل الأطفال اليتامى والأرامل..
لأجل الإنسان المحتاج، المشرَّد، المقهور..
إنْ تنجرحْ ذكراك في عودتها، فلأجل المجروحين في أجسادهم، في كرامتهم، في طمأنينتهم، في حقّهم المقدس بالعيش الكريم.
لا يرضى عيدٌ أن يمرَّ بمواكبَ هازجةٍ، تحت أنظار الأطفال المنتظرين على الأبواب، وتحت ضوء القمر، إنتظارَ الجفاف للمطر.
عندما يُمنى الفقراء بعيد سعيد، يكون هناك العيد..
ولكن، هل حدث من قبل، أن مرّت ذكرى عيد ولم تصادف في طريقها إحياء بؤسٍ، وقهرٍ، وانعدام؟
عزاء العيد، لو تعزَّى لأجلنا، إنّه يأتي، ويمر، ويمضي، ونحن ننعم بعطايا الله في الصحة والخير والبركة، لا بعطاءات البشر..
والحديث عن العيد لا يكتمل من دون الإشارة إلى شجرة الميلاد، فلا بدَّ من أنْ نعرفَ شيئاً عن هذا التقليد اللطيف الوافد إلينا من الغرب، ومن ( المانيا ) تحديداً، فالأسطورة التي عمرها ( 12 قرناً )، تقول: إنّ كاهنَ رعيّةٍ في بريطانيا اسمه (مانفريد)، انتقل إلى المانيا لغرض التبشير، فرأى طفلاً مربوطاً إلى جذع سنديانة، تحاصره الجموع لتقدمه ذبيحةً للإله ( ثور )، لكنّ مانفريد حرّر الطفل بقطعه السنديانة، وبمساعدة العناية الإلهية، نبتت في مكان السنديانة ( صنوبرة )، فسمَّوها (شجرة الحياة)، ومنذ ذلك الحين أضحت تقليداً لا يُستغنى عنه في البيوت، وتيمُّناً بهذا الطفل، ولغرض التذكير به، يضعون في المانيا ملاكاً بدلاً من النجمة المزيّنة على رأس شجرة العيد..
عيد ميلاد سعيد، يا أصدقائي.. كلّ عام وأنتم بخير وسلام وأمان.


101
إلى الأخ العزيز فريد ( أبو مي ) المحترم..
تحية عطرة..
سرّرت كثيراً بمروركم، وتعقيبكم الهادىء على المقال، وعلى هذه الإضافات والإيضاحات الجميلة التي أغنته وصقّلته، وجعلته أكثر قيمة، كما أشكركم على هذا الثناء، وهذا الإطراء الذي ربما لا أستحقه..
أنتهز هذه الفرصة لأقدم لكم أجمل التهاني مقرونة بأطيب الأماني بمناسبة حلول عيد الميلاد المجيد، ورأس السنة الميلادية الجديدة.. كل عام وأنتم والعائلة الكريمة بألف خير.. تحياتي إلى الأخت تيريزا، ومي، وبقية أفراد العائلة.. أرجو التواصل.
   أخوكم/ كمال

102
الأخ الفاضل الأستاذ هنري سركيس المحترم..
تحية نابعة من القلب..
لقد سرني كثيراً مروركم الكريم على المقال..
شخصياً أتابع كل ما تنشره من كتابات وردود، خصوصاً تلك التي تعقّب من خلالها على مقالات أخينا الأستاذ خوشابا سولاقا..
أخي هنري.. الطائفية لا تمطر ذهباً وفضة، كما يتوهم البعض، إنَّها لا تجلب غير الكوارث والويلات، وتجربة لبنان ماثلة للعيان، كما ذكرت ذلك للأخ خوشابا..
أنا أتفق معك في كل ما جاء في معرض ردك على المقال، ولا غبارَ على ما ذكرته من حقائق.. وفقك الله فيما تصبو إليه، وكل عام وأنتم والعائلة الكريمة بألف خير..
  أخوكم/ كمال

103
الأخ  والصديق العزيز الكاتب القدير خوشابا سولاقا المحترم..
تحية طيبة..
إسمح لي أن أشكركم، وأشكر مروركم المتواصل على كل ما أنشره من مقالات في موقعنا الحبيب ( عنكاوا كوم )..
لك أن تعرف كم تسرني وتفرحني ردودكم وتعليقاتكم على كل ما أكتبه من موضوعات، رغم تنوعها واختلاف مضامينها ومحتواها.. ذلك إن دلَّ على شيء فإنَّما يدل على فيض كرمكم، ونبل أخلاقكم..
بخصوص غيابي الذي تسألني عنه في معرض ردك، لا تقلق، فأنا بخير والحمد لله، فقط مضغوط بعض الشيء، وأعاني من ضيق في الوقت، بسبب انشغالاتي اليومية..
في الحقيقة، إنَّ ما دفعني إلى الكتابة حول هذا الموضوع، هي حالة الاحباط الشديد الآخذة في الازدياد لدى كل من جعله القدر أن يعيش على تراب هذا البلد، بعد أن تسلل اليأس والقنوط إلى داخله، حتى فقد الأمل في كل شيء..
لك أن ترى ماذا فعل أولئك المجانين بهذا البلد، لقد مزّقوه بأنيابهم وأظافرهم، وحولوه إلى أشلاء مبعثرة، فبفضلهم، مروجه صارت مقابر، وحقوله تحولت إلى مستنقعات من الدم، صخوره صارت جماجم، غاباته أكلتها النيران، وشمسه أخذت تحترق من الهم..
 ماذا جنى اللبنانيون من تجربة نظامهم الفاشل في الحكم، غير الكوارث والويلات، فمنذ أن تحرر هذا البلد الصغير من نير الاستعمار الفرنسي ونال الاستقلال في سنة 1946، خاض أبناؤه ثلاثة حروب أهلية مدمرة أتت على الأخضر واليابس، وكل المعطيات تشير إلى أنَّ العدد مرشح للزيادة، فلن يستقر هذا البلد ولن ينعم بالسلام، لأنَّ نظام الحكم فيه أساسه خطأ، وكل ما يُبنى على خطأ فهو خطأ، وما يُبنى على الصواب فهو عين الصواب..
أقول: ماذا جنى اللبنانيون من تجربة حكمهم، حتى تروق تجربتهم لسياسيينا الأفاضل وتعجبهم، فيستنسخوها عندنا، طبعاً مع الأخذ في الإعتبار الفرق الشاسع بين البلدين في كل المجالات، وفي كل التفاصيل الأخرى، لذلك ذكرت في مقالي أن لا قيامة لهذا البلد، إلّا بمعجزة من السماء يكلأها الله برحمته، فيرحم المعذبين على أرض العراق، ويبعد عنهم براثن السحق والمحق والدمار، ويوفر لهم أبسط حقوقهم في الحياة: العيش بأمان..
شكراً على تهانيكم الرقيقة، بمناسبة أعياد الميلاد ورأس السنة الجديدة، دامت أيامكم أعياداً وأفراحاً ومسرات.. كل عام وأنتم بألف خير..
   أخوكم ومحبكم إلى الأبد
           كمال/

104
السيد آشور رافدين المحترم..
شكراً على مرورك على المقال وتعقيبك عليه..
ذكرت في نهاية المقال، أن لا قيامة لهذا البلد، إلّا بمعجزة من السماء، أما الحل الأرضي، فهو بيد أمريكا، لأنّها هي التي جلبت هذا الداء إلينا، ومثلما أتت به، لا بدّ من أن يتوفر عندها علاج ودواء له.. وأما عصر الثورات والإنقلابات، فقد ولّى وأصبح من الماضي، لتراجع الغيرة والشهامة أمام بريق الدولار، ونمط الحياة العصرية المغلفة بالترف..
   تقبّل تحياتي..
      كمال/

105
ويلٌ لأمةٍ كَثُرتْ فيها المذاهب وقَلَّ فيها الدين.
كلّما قرأت هذا الكلام لجبران خليل جبران تذكرت وطني الجريح، الذي ابتلى بالجنون منذ ما يقرب من اثني عشر عاماً .
جنون الطائفية والمذهبية والفئوية، الذي أغرقه وما يزال في الدم والنار والدمار..
جنون ليس كأي جنون..
جنون انتقل إلى كل بيت وشارع وزقاق ومدينة..
جنون أصاب الجميع ..
جنون يزداد خطورة مع الأيام ..
وطني امتلأ بالمجانين يا سادة.. مجانين من كل صنف ونوع ولون..
لقد اجتمع في وطني مجانين الشرق والغرب، مجانين هذا العصر والعصور الغابرة، مجانين اليمين واليسار..
من قال: إنَّ نيرون قد مات..
ومن قال: إنَّ جنكيز خان مات..
وهولاكو، وتيمورلنك، والحجاج بن يوسف الثقفي، من قال: هؤلاء ماتوا؟.. إنَّهم مازالوا أحياء في هذا الوطن يُرزقون..
لقد ولِدوا جميعاً من جديد في وطني..
بدل أن يُنقذوا الوطن، أغرقوه في بحر من المآسي، و رموه في هوة من الألم والضياع..
بدل أن يسهروا عليه، أمعنوا فيه ضرباً ونهباً وشراسة، وتركوه فريسة للضباع..
بدل أن يُطعموا أبناءَه من نعمهِ وخيراته، تركوهم عرياناً وعطشى وجياع..
فرّقوا عائلاته وشرذموا طوائفه، وأضرموا احمرار الحقد و البغض والانتقام في قلوب بنيه..
وهبوا كل ما في الوطن للموت، وسخّروا كل السواعد للقتل، وفخّخوا كل الإرادات والضمائر..
كلامهم كلام عقلاء، أما افعالهم فأفعال مجانين..
الكل يتحدث عن التسامح والحوار، والحوار اختفى في اقبية جاهليتهم..
الكل يتحدث عن الحرية، والحرية تُذبح يومياً على مذبح ساديّتهم وجنونهم..
الكل يتحدث عن العدالة، والعدالة تُداس بأقدام جشعهم وهوسهم..
الكل يتحدث عن عنفوان الوطن، والوطن يحترق بنيران حماقاتهم وحقدهم ..
في وطني لا فرق بين ظالم ومظلوم!
في وطني لم تبقَ هناك مساحة للفرح، فكل المساحات غطّتها الهموم!
في وطني لا ابتسامات مرسومة على الوجوه، فكل الوجوه عَلَتها علامات الوجوم!
الظالم اليوم، مظلوم غداً..
والخائن اليوم، بطل غداً..
واللص اليوم، شريف غداً..
والمجرم اليوم، ملاك غداً..
والعكس دائماً صحيح ..
هذه الأفكار (المُحَلزَنة) لم تكن يوماً ما جزءاً من ثقافتنا، لا ندري من أي إتجاه أتت، ومن أي كوكب هبطت، فهي تتعارض وتتقاطع مع القيم الأصيلة التي نشأنا وتربينا عليها..
مفاهيم غريبة على بيئتنا لم نألفها من قبل، دخلت حياتنا خلسةً، فجعلت المواطن العادي يشعر أنّ كلّ ما في هذه الحياة فقد بهجته ورونقه ونضارته، وأنَّ بياض المرئيات تحول إلى سواد وظلمة، والحق أصبح لا نصير له أمام غلبة الباطل والظلم، والناس فقدوا مواهبهم، ما عدا سطوة بعضهم على البعض الآخر وظلمهم لهم وانتزاع حقهم منهم، والتراحم والتعاطف قد أقلعا إلى غير رجعة، والحق أصبح للقوي رغم عائديته للضعيف.. أضف إلى ذلك أنّ كل المؤسسات التي وجِدت لحماية الضعيف وردع المعتدي لم تعد تستطيع حتى أن تصرّح برأيها، فضلاً عن حماية ذلك الرأي وفرضه بالقوة.
هذا الواقع المرير يتحسّسه ويلمسه ويعيشه كل من جعل منه القدر أن يحمل اسم هذا الوطن في بطاقته الشخصية.
إنّها لعبة الشياطين، الهدف منها تخريب النسيج المجتمعي في هذا البلد، للقضاء على تقاليد الألفة والصفاء والمحبة والتعايش بين أبنائه المخلصين.
أيّها الوطن المسكون بالجن والمجانين.. لن تكون لك قيامة بعد الآن، إلّا بمعجزة، معجزة من السماء، يكلأها الله برحمته، فيرحم المعذبين على هذه الأرض العطشى إلى الحياة..
                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                      

106
الأخ الدكتور عامر ملوكا المحترم..
بإسمي وبإسم إخواني في الهيئة الإدارية لجمعية الثقافة الكلدانية في عنكاوا، نتقدم إليكم بأخلص التهاني والتبريكات، بمناسبة تكريمكم من قبل الحاكم العام لولاية فكتوريا الأسترالية..
يقيناً أنَّ هذا التكريم لم يكن إعتباطياً، ولم يأتِ من فراغ، بل هو ثمرة جهود مضنية بذلتموها في مجال إختصاصكم  والأنشطة الأخرى الكثيرة التي تمارسونها خارج هذا الحقل و تلك الدائرة، والتي تأتي بالنفع العام لصالح البشرية جمعاء..
إنَّه لشرف عظيم لكم ولنا، نيلكم لتلك الجائزة التقديرية الكبيرة التي رفعتم بها رأس أبناء جلدتكم..
مرةً أخرى مبروك لكم هذا التكريم الرفيع، وإلى مزيد من العطاءات والإبداعات في كافة المجالات وعلى كل الصعد ..
        كمال لازار بطرس 
      جمعية الثقافة الكلدانية
             عنكاوا

107
المنبر الحر / رد: نحن والذئاب
« في: 05:51 11/08/2014  »
 الأخ والصديق العزيز الكاتب القدير خوشابا سولاقا المحترم..
تحية نابعة من شغاف القلب ومعطّرة بشذى الورد..
قبل كل شيء، أعتذر عن هذا التأخير غير المتعمّد، بسبب إنشغالي بواجب رعاية ( النازحين ) من البلدات الخاصة بأبناء شعبنا في ( سهل نينوى )، فقد انبثقت لجان خاصة لهذا الغرض، عن الكنيسة، تضم منظمات المجتمع المدني العاملة في عنكاوا، ومنها (جمعية الثقافة الكلدانية)..
وما يؤكد ضيق الوقت لدي، هي الساعة التي كتبت فيها هذا الرد..
أخي العزيز خوشابا / يسرني كثيراً مرورك الدائم على ما أنشره من مقالات في موقعنا الحبيب ( عنكاوا كوم )، ويهمني أكثر أن يكون لي قرّاء بهذا المستوى الرفيع من الثقافة والعلم، لهم القدرة على التحليل والتمحيص، وقراءة ما بين السطور.. وكما هو معلوم لديك، فإنَّ كل مقال، يُكتَب مرتين : مرةً بإسم صاحبه، ومرةً أخرى بإسم قارئه ( ليس أيّ قارئ، طبعاً )، وأنت خير من يترجم هذا الكلام، ويجسّد هذا المعنى..
صديقي العزيز/ قدرنا كمسيحيين في هذا البلد قدر صعب، ولكن علينا أن نصمد ونقاوم، لكي نعطي للعالم الصورة الحقيقية لشعب يرفض الموت، وينتظر الخلاص، ويحلم بالسماء.. ومن هذا المنطلق أنا لست مع الهجرة، وأتفق معك تماماً في هذا الجانب، وقد أختلف معك بعض الشيء فيما ذكرت، أنَّ علينا أن نكون ذئاباً حتى نستطيع مقاومة الذئاب، وأقول لك في هذا الصدد: صحيح أنّنا نعيش في غابة من الحيوانات المفترسة، ومحكومون بقوانينها.. ومن يعِشْ في غابة من الذئاب، فعليه أن يستأذب، على وفق المقولة الشائعة : إنْ لم تكن ذئباً أكلتك الذئاب، إلّا أنّنا غير قادرين على التحرر، لا أقول من القيود، بل من التعاليم السمحاء والمفاهيم الإنسانية النبيلة، التي زرعها فينا ( المعلم ).. فالسيد المسيح ( له كل المجد ) لم يتطرق في تعاليمه ولو مرة واحدة، إلى منطق القوة، ولم يزرع فينا بذرة الشر، ولم يحرّضنا على العنف والقتل.. وعلى هديِّ تعاليمه هذه، نتحدّى إرادة الشر، بنشر السلام والمحبة والوئام في أي بقعة من العالم تطأها قدمنا..
        دمتم لنا أخاً وصديقاً عزيزاً..
      أخوكم ومحبكم إلى الأبد / كمال 




108
المنبر الحر / نحن والذئاب
« في: 20:00 06/08/2014  »
نحن والذئاب
نحن الشعب الغنم..
 كلّنا غنم، ويا ليتنا..
لا يتصور أحد إنّه بعيد الشبه، أو فوق هذا التشبيه، أو تحت هذه الشبهة..
قد يكون كلامي غير مقبول، ويثير مشاعر البعض، لكنَّ حجّتي ليست جوفاء..
فالشعب الذي تُصادَر ممتلكاته، وتُنتهَك حرماته، وتُسلَب إرادته، وتُهان كرامته، ماذا يكون؟
والشعب الذي يُطرد من دياره، ويُهجَّر قسراً على مرأى ومسمع من العالم، ماذا يكون؟
والشعب الذي يُقطّعون أوصاله، ويعلّقونه للبيع، أو للمقايضة في الأسواق المحلية والإقليمية والدولية، ماذا يكون؟
نحن أبناء الفرح والحرية والحب، وصلت بنا الحال إلى سحق الأمل، بعد أن ذوت في قلوبنا كل ورود اليسر، وسُدّت في وجوهنا كل منافذ الرجاء..
من باعنا للذئب، من اشترانا؟
إلى متى سنبقى لقمة سائغة في أفواه الآخرين؟
إلى متى نواجه هذه الطعنات الغادرة، وهذا الحقد الدفين ؟
ما أضيق العيش في بلد، تُسفَك فيه دماء الأبرياء، ويُحلّل فيه موت الأتقياء، وتُلوّث نفوس الأنقياء..
اليوم، انطفأت أنوارنا، تكدّس اللون الأسود حول أنظارنا وقلوبنا.. كَبُرَ ضجرُنا، كَبُرَت المرارةُ في حلوقنا..
اليوم، شعبنا يغرق مرة أخرى في ترف الحزن اللامتناهي، و ضاقت به السبل..
إلى أين يهرب من وجع الأيام؟
ماهي الخيارات المتاحة أمامه؟
هناك من يقول: ليعتصمْ، أو يتظاهرْ، أويحتجْ على الأقل..
وهل سمعتم في حياتكم، أنّ قطيعاً من الأغنام يعتصم ويحتج؟!
وهناك رأي آخر يدعو إلى الصمود والتشبث بالأرض، حتى يأتي الفرج وينبلج الفجر..
وأيّ فرج سيأتي بعد كل الذي جرى، و صمود الناس هو النزق بعينه؟!
وهناك من ينادي بالرحيل، أو الهجرة إلى عالم آخر، عالم كلّه ألفة، ومحبة، وتسامح، وفرح..
ويرى هؤلاء، أن لاجدوى من البقاء هنا، فلم يبقَ في هذا البلد أيُّ نفعٍ، أو مُرتجى، أوغاية..
هنا، يُستعان بالسلاح الثقيل في القضاء على الفراشات الملونة..
هنا، لا فرق بين الحمام الوديع وبوم الشؤم..
هنا، تُباد كل الأشياء الجميلة، فلا جمال بعد اليوم ولا بسمة، بل دُمامة، ونحيب، وبكاء، وصياح، ونُواح، وعويل، ودخان أسود..
هنا، كل شيء طائفي ومذهبي، حتى الهواء صار طائفياً..
ولكن، إلى أين يتجه ويهرب؟
إنَّ كل ما سيجده لاحقاً سيشعره بالمهانة والضياع والتشرّد، لأنَّ البعد عن الوطن عقوبة، ومن أشد الأشياء شجناً ولوعةً ووجعاً على النفس والقلب، بل هو الشقاء الذي لا شقاء بعده..
قد لا نكون نحظى بشرف التشبّه بالغنم في ثلاثة أشياء:
في أنّ الغنم، لا تتنافس، ولا تتصارع، ولا تتقاذف بالكلام، ولا يستنزف بعضُها بعضاً، لا جسدياً، ولا مادياً..
في أنّ الغنم، وإذْ ذُبحت، فهي تُعلَّق في أمكنة نظيفة، لائقة، ومبرَّدة، على عكسنا نحن الذين نُذبح ونُرمى في مزابل الطرقات والأزقّة، وليس هناك من ينتشلنا أو يهتم لأمرنا..
وأخيراً، صحيح أنّ الأغنام ذاهبة في النهاية إلى المجزرة، ولكن ما نحسدها عليه، هو أنّها تلقى كل الإهتمام والعناية والرعاية اللازمة من قبل جزّاريها، قبل أن يذبحوها..
أمّا نحن، فإنّ جزّارينا، يتعمّدون تعذيبنا، ويتفنّنون في إلحاق الأذى بنا، قبل أن يكتموا أنفاسَنا وينتزعوا أرواحَنا..
ويبقى السؤال:
من يدحرج الحجر الثقيل عن صدورنا؟

109
إلى الأخ أمير المالح المحترم..
إلى ذوي المرحوم، وآل المالح المحترمين..
الفاجعة كبيرة و الخسارة أكبرمن قدرة المرء على التحمل..
الوجوه هنا، تغيّرت سحنتها بعد أن بلغها الخبر المشؤوم، فبدا عليها الوجوم وأخذتها الدهشة من أثر الصدمة..
ها هو طائر الشؤم، يعود مرةً أخرى ليحلّق في سماء بلدتنا الحزينة..
ها هوشبح الموت، يخطف فارساً آخر من فرسان الكلمة..
ها هو الحزن، يدق بابنا من غير ميعاد..
ليس من السهل عليَّ أن أنسى تلك اللحظات الجميلة التي كنا نقضيها ( أنا والمرحوم )، ونحن نتبادل الأفكار، ونتباحث عبر الهاتف في شؤون اللغة العربية وشجونها، نغوص فيها، ونبلغ الأعماق، بحثاً عن اللآلىء والأصداف والأحجار الكريمة..
كان المرحوم بارعاً في هذه اللغة ( لغة الأدب والثقافة والفنون )، حتى قواعد التنقيط والترقيم كان ضليعاً فيها أكثر من أي شخص آخر متخصّص في هذا الفرع من اللغة..
في الختام لا يسعني، إلّا أن أعزّيكم، أصالةً عن نفسي، ونيابةً عن الأهل كافة، ونعزّي أنفسنا بهذا المصاب الجلل..
للمرحوم الرحمة والغفران في مثواه الأخير، ولكم جميل الصبر والسلوان..
          أخوكم/ كمال لازار بطرس
 

110
 الأخ العزيز أبو سنحاريب المحترم..
شلاما..
هذه مقتطفات من مقال لي، كنت قد نشرته في ( جريدة بيث عنكاوا ) في يوم وفاة شيخ المدربين ( عمو بابا ) قبل خمس سنوات.. اسمح لي بنشرها في صفحتكم، مع التقدير..
 
 من أكثر الأشياء صعوبةً في الحياة أن يصنع المرء اسماً لنفسهِ، ومن ثَمَّ يحافظ على هذا الاسم. والمرحوم عمو بابا، صنع لنفسه اسما، وحافظ عليه، حافظ على عطائه، حافظ على إنجازاته، وما أكثرها، وهي معروفة لدى القاصي والداني.. 
هناك من يعيش حياته ويمضي فلا يترك أثراً بعدَه، ولا يكاد مجلس العزاء ينفضُّ، إلاّ وقد طواه النسيان، وكأنّه لم يأتِ إلى
هذه الدنيا أبدا.
وهناك من يعيش حياة حافلة بالتضحية والوفاء والعطاء بلا حدود، فيرسّخ وجوده ويطبع ملامحه الخاصة على صفحة الحياة،
وعطاؤه هذا يؤثر في نفوس الآخرين.
 كلمة واحدة رقيقة يُصغي إليها المرء وهو حي، خيرٌ من صفحات كاملة في جريدة كبرى تمجِّده حينما يكون قد مات..
يا تُرى ماذا كان سيقول الراحل الكبير عمو بابا وهو محمول على الآلة الحدباء، لو عَلِمَ بمراسيم التشييع المهيبة التي أقيمت له؟
ماذا كان سيقول لو عرف أنّ  صوره غطّت صفحات كل الجرائد، وأنّ خبر وفاته احتل بكثافة غير معهودة كل الأعمدة فيها؟
ماذا كان سيقول لو علم أنّ وسائل الإعلام المختلفة المرئية منها والمسموعة، خصصت الكثير من برامجها للحديث عنه وعن انجازاته؟
كيف كان سيرد على كلمات أولئك المسؤولين، لو بلغت مسامعه في يوم تشييعه، وهم أنفسُهم تجاهلوه وتركوه فريسة للمرض؟ 
أما كان الأجدر بأولئك المسؤولين أن يتفضلوا عليه بقدر بسيط من هذا الاستحقاق وهو على قيد الحياة؟
طوبى لمن يقدمون أنفسهم قرابين على مذبح وطنهم ..
مساكين هم أهل الإبداع في هذا البلد، لا أحد يُشفق عليهم، لا أحد يُنصفهم، لا أحد يشعر بقيمتهم، إلاّ بعد أن يكونوا قد رحلوا.
وقبل أن أختتم ردّي هذا، لابد لي أن أقف عند كلمة الذكرى، لأعود بالذاكرة إلى اليوم الذي جاء فيه عمو بابا إلى عنكاوا، وزار مقر جمعيتنا ( جمعية الثقافة الكلدانية )، كان ذلك قبل رحيله بثلاث سنوات، وكان الرجل يعاني من وطأة المرض عليه، فبدا شاحباً، ثقيل الخطى، وفي قلبه غصّة، فتأكد لي بأنّ مساحة الحزن في حياته كبيرة، ولكن شيئاً فشيئاً بدأت سيماء الارتياح تظهر على وجهه، لِما لاقاه من ترحيب حار وحفاوة بالغة وحسن الاستقبال من لدن اعضاء الجمعية.
مازلتُ أذكر حديثه المطوّل عن مآسيه وعذاباته مع المرض، ودموع تترقرق في عينيه حين يتحدث عن الإهمال المتعمد له من قبل الدولة.
كلنا إلى الفناء، وإذ نسقط في وادي الرحيل، فينهال التراب على الناس العاديين، لكنه أبداً لا يداني الناس النادرين، الذين يصبحون مع الأيام خالدين.
رحم الله موتاكم..
رحم الله عمو بابا.
¬¬¬¬¬¬¬¬¬¬¬

111
الأخ أبو سنحاريب ( صاحب الوجه البسّام ) المحترم..
دعوتكم الكريمة هذه، لا تخلو من الصدق والصراحة، فهي تنمّ عن حرصكم الدائم على أبناء شعبكم...
أضم صوتي إلى صوتكم، في ضرورة أن تحذو بقية كنائسنا حذو سيادة البطريرك (مار لويس الأول ساكو)، الذي يعمل كل ما في وسعه من أجل الثبات على الأرض و التشبث بها، وضرورة عدم تركها أو التخلي عنها، مهما بلغت الصعوبات أشدّها، فلا بدّ من اليسر اليسير بعد ذياك العسر العسير..
إنَّ سيادة البطريرك الجليل، ينظر إلى الأمور نظرة ثاقبة، فيدق ناقوس الخطر قبل وقوعه. حان الوقت كي تصب كل الجهود في هذا الإتجاه، من أجل إنقاذ ما يمكن إنقاذه، لأنَّ في النهاية كلنا واحد، مصيرنا واحد، آلامنا وآمالنا واحدة..
بوركتم على هذه الروحية العالية، وعلى هذا الشعور بالمسؤولية الذي تنطق به كتاباتكم على الدوام..
لكم كل الشكر على هذه المشاعر النبيلة تجاه أبناء شعبكم في الداخل..
                                دمتم سالمين
                               أخوكم/ كمال

112
إلى كل الذين قرأوا ويقرأون هذا المقال...
إلى كل الأصدقاء والمعارف في الداخل والخارج..
إلى جميع أبناء شعبنا مهما كانت التسميات والمسمَّيات..
دفقٌ من الأمنيات بأن يكون عيد القيامة سعيداً عليكم وأنتم محاطون بطقوس الفرح الملون..
كل عام وأنتم بألف خير..

113
الأخ الدكتور عامر المحترم..
تحية طيبة..
طرحك جميل و محايد، ويعبّر عن نَفَس نقي لأكاديمي، اعتمد في تحليله للواقع الراهن على ما يرصده نظره من معطيات على الساحة، بعيداً عن العاطفة، كما أشار الأخ سيزار.. ما ذكرته، إنّما هو تحليل دقيق ومنطقي من مراقب للأحداث، ينظر إلى الموضوع نظرة ثاقبة من كل الزوايا والإتجاهات..
أشد على يديك.. كنت موفقاً جداً في المقارنة..
أضم صوتي إلى صوتك، وصوت الأخ سيزار في ضرورة الذهاب إلى مراكز الإنتخابات بكثافة، لإختيار المرشح الأنسب و الأكفأ، لأنَّ ذلك واجب وطني و قومي، علينا جميعاً أن نحرص على أدائه..
       لكم كل التقدير..
      كمال لازار بطرس
     جمعية الثقافة الكلدانية
             عنكاوا

114
الأخ الفاضل حميد مراد المحترم..
تحية نابعة من صميم القلب..
نشكركم على مروركم الدائم، وتصفّحكم لمقالاتنا في كل مرة..
نرجو أن نكون قد وفقنا في تلبية بعض مما يبحث عنه القارىء، ويجده فيما نطرحه من مواضيع تنال رضاه وتُشبع رغبته.. وذلك أقصى ما يطمح إليه كل كاتب حريص على اسمه..
وما التوفيق، إلّا من عند الله.
       مع خالص شكري وتقديري لشخصكم الكريم..
                              أخوكم/ كمال

115
الأخ الفاضل الأستاذ جلال المحترم...
تحية من القلب..
 مروركم الكريم بعث السرور في نفسي، ذلك لأنَّ له عندي مذاق، وطعم خاص...
أتفق معكم في كل ما ذهبتم إليه، من أنَّ مواجهة النفس تحتاج إلى شجاعة، كأيَّة مواجهة أخرى..
إنَّ الشجاعة تأتي من الإرادة والعزيمة، فمتى كان للمرء إرادة، كان شجاعاً ومقداماً.. وأفضل الشجاعة: الإقرار بالخطأ والتراجع عنه، والصراحة في قول الحق و الجهر به، سواء، أكان معك أم عليك..
ومتى أيقن المرء إنَّه على خطأ فتراجع عنه، فتلك فضيلة.. والشجاعة كما نعرف، نوع من الفضيلة، لأنّها القدرة على مواجهة الحقيقة والواقع، وتقف وراءها قوة نفسية و روحانية..
                  لكم كل الشكر و التقدير
                         أخوكم/ كمال

116
أيّها المسؤولون الأكارم، اقتدوا بـ (يحيى)
                        
العقلاء، النجباء، الباحثون عن الرفعة والكمال في هذه الدنيا، هم الذين يراجعون أنفسهم من حينٍ إلى آخر، في محاولة منهم للتخلص من أخطاء ارتكبوها في رحلتهم مع الحياة.. أخطاء انعكست سلباً على حياتهم وحياة الآخرين، في المحيط الذي يعيشون فيه..
 بعبارة أخرى، كلُّ فرد منهم يقوم بإجراء كشف حساب مع نفسه، فيسأل نفسَه هذا السؤال:
 ماذا تقول للإنسان في داخلك؟، في مواجهة حقيقية مع الذات، وتوجيه النقد لها ومحاسبتها..
وكلّما حاول التخلص من خطأ، شعر بأنّ مثقالاً من الهموم قد أزيح عن صدره، فخفق قلبه، وآنتعش فؤاده، وشمخ عنقه، وعاش في جو من الصفاء الوجداني والفكري..
خطوة كهذه، من شأنها أن تؤدي إلى سعادة النفس البشرية، وإراحة الضمير الحي، والسير قدماً في موكب النور، الذي يشعّ ضياؤه في غياهب الليل، فيستنير به من يعيش في الظلمات.
 في المقابل، هناك من لا يكلّف نفسه التفكير بهذه الخطوة الحكيمة، ولا يحاول، ولو مرة واحدة في حياته، أن يخلد إلى نفسه ويجري هذا الكشف، أو هذه المصارحة الضرورية مع الذات، رغم معرفته التامة وعلمه بما قد عَلِقَ بها من أدران، فلوّثتها، وقضت على كل جميل فيها.
لا شك في أنَّ من يقدم على هذا التصرف، ويفكر في محاسبة نفسه، إنّما ينطلق من شعوره بالواجب وحرصه الشديد على أن يظهر إلى الناس بمظهر المخلوق البشري السامي، كأغلى قيمة في الوجود، وهو يحاول أن يجسّد إنسانيته وآدميته، ويعبّر عن صفاء نفسه ونقاء سريرته.. ومتى شعر بأنه قد فقد عنصراً واحداً من مكونات شخصيته، أو أنّ سياج كرامته قد تعرّض إلى اهتزاز أو اختراق، وما قد يترتب على ذلك من تأثير على أهليته وكفاءته، عندئذ لا يتأخر في إعلان ذلك على الملأ، من دون أي تردّد أو تحفّظ، فيؤثر الإنسحاب بكل هدوء، مُقِرّاً ومعترفاً بعدم صلاحيته، ويتّخذ ذلك درساً آخر، وتجربة أخرى، تضاف إلى سلسلة التجارب في مشوار حياته الطويل..
إنّ أكثر الناس حاجةً إلى إجراء مثل هذه المكاشفة مع النفس، هم المسؤولين الإداريين، في كل الحلقات الإدارية، وعلى كل المستويات، لأنّ ما يتفوّه به المسؤول ويقوله، يخصّه، ومردوده ينعكس عليه، سواء أكان ذلك سلباً أم إيجاباً، ولكن ما يقوم به ويفعله يخصّ الناس. فليس من الحكمة أن يقع شخص ما في خطأ ويدفع الآخرون الثمن عنه غالياً..
 ما يثير الدهشة في هذه الأيام، أنَّ أيَّ مسؤول إداري حين تبادره بسؤال حول فضيحة إدارية أو خلل ما في إدارته، يتعلق بالفساد، فلا يجد غضاضةً في القول، أنَّ الأمر ليس بيده، وأنّ هناك ضغوطات كبيرة تُمارَس عليه من جهات فوقية متنفذة، تتدخل في شؤونه وتحركه كيفما تشاء، مثل( الدمى ) تماماً، وهو يعلن براءة ساحته من كلّ ما جرى ويجري، بل ويذهب بك إلى أبعد من ذلك فيعلن تضامنه معك، ويؤيد كلّ ما تقوله وتفكر به...
على هؤلاء السادة الكرام أن يعتبروا من حكاية ( يحيى بن أكثم ) مع الخليفة ( المأمون )..
تقول الحكاية:
في عهد المأمون كان في بغدادَ قاضي قضاة يدعى( يحيى بنُ أكثم)، اشتهر بنزاهته ورصانته وتمسّكه بالحق الذي لا يخشى فيه لومة لائم .. وأراد المأمون ذات مرة أن يتدخل في القضاء، ويوجه قاضي قضاته إتجاها خاصاً في إحدى القضايا، فرفض يحيى إلاّ أن يقضي بالحق، ولو على قطع رأسه، فحقد عليه المأمون وأراد أن ينتقم منه شرَّ انتقام، فدبّر لهُ مكيدة توقعه في التهلكة، فأرسل إليه ثلاثاً من جارياته، تَوَزَّعْنَ عليه بين عزفٍ ورقصٍ وغناء، وضللنَ بهِ حتى صرعْنه من النشوة...
ولمّا اطمأنَّ إليهنَّ، دعاهنَّ ذات ليلة حلوة جميلة، وراح يرتشف الخمرةَ من شفتي إحدى الجاريات التي تُحسن السُّقيا وصناعة الحب.. وفي هذه اللحظة بالذات فاجأه المأمون وضبطه بالجرم المشهود...
وسقط قاضي القضاة،  ولم يجد بدّاً من أن يرفع إليه إستقالته على الفور، مصوغة في هذه الأبيات من الشعر:

يا مولايَ و أميرَ الناس كلِّهم
            قد جار في حكمه من كان يسقيني
إنّي غفلت عن الساقي، فصيّرني
            كما تراني: سليب العقل والدينِ
اختر لبغدادَ غيري، فأنا رجلٌ
            الراحُ تقتلني، والعود يُحييني


 


 

117
غبطة أبينا البطريرك مار لويس الأول ساكو السامي الإحترام...
أصحاب النيافة المطارنة الأجلّاء المحترمون..
الآباء الكهنة الأفاضل المحترمون..
أصالةً عن نفسي ونيابةً عن إخواني في جمعية الثقافة الكلدانية/ المقر العام في عنكاوا، نتقدم إليكم بتعازينا الحارة، بخسارة الكنيسة الكلدانية لأحد رموزها الكبار، غبطة البطريرك السابق للكنيسة، الكاردينال (مارعما نوئيل الثالث دلّي).. الرجل الذي قاد كنيسته في أحلك الظروف، رغم كبر سنه ومرضه، ورغم الصعوبات التي كانت تحيط به من كل جانب، لكنَّه بقي صامداً في وجه تلك الرياح العاصفة، حتى أحيل على التقاعد بناءً على طلبه..
تغمّد الله الراحل الكبير بواسع رحمته، وأسكنه في فردوسه الأبدي مع الصدّيقين والأبرار، وألهمكم، وأهله وذويه الصبر والسلوان..
المجد، كل المجد لكنيستنا المقدسة.. دمتم في رعاية الله وحفظه..
               كمال لازار بطرس
               رئيس الجمعية وكالةً

118
الأخ الفاضل مال الله فرج المحترم..
   تحية طيبة...
قبل كل شيء، أعتذر كثيراً عن هذا التأخير غير المتعمد، وذلك بسبب ضيق الوقت...
بخصوص ما جاء في ردكم من ملاحظات وتساؤلات أقول ما يلي:
أولاً / فكرة المقال تدور حول (فقراء المحبة)، وهو، أي المقال، دعوة صريحة للعودة إلى تقاليد الألفة والصفاء والتعايش السلمي. فإذما شدا كل لسان بالحب، فإنَّ الحروبَ تولّي الأدبارَ، وكل الأمور الأخرى تعود إلى مسارها الصحيح.. هذا هو جوهر الموضوع، أما ما جرى استعراضه من (أنواع الفقراء)، في المقدمة، فهو استهلال، كان لا بدّ منه كـ (مدخل) إلى الموضوع، ولا أعتقد كان هناك ما يستوجب التوقف عند كل نوع من أنواع الفقراء أو المحطات التي ذكرتها في معرض ردك على المقال، لئلّا يتشتّت ذهن القارىء، وتختلط عليه الأمور أثناء القراءة..
ثانياً / لماذا ذهبتم بعيداً في تفسيركم لعبارة (إنَّ الفقير الحقيقي، هو الذي لا يعرف كيف يكتفي بما يملك)، مع أنَّ العبارة واضحة، وضوح الشمس ولا تقبل أي تأويل، والمقصود بها، ذلك الذي استولى عليه سلوك الجشع والطمع فأوقعه في مستنقع الرذيلة والخسّة، وهو المعني بالكلام وليس غيره، أما الذي لا يملك ما يكفي حاجته ويسد رمقه، فمن أين له (المُلك)، حتى لا يعرف كيف يكتفي به؟!!
ثالثاً / استغربت من قراءتكم المجتزأة لعبارة (إنَّ الفقر يُكره الفقراء على ممارسة الفضيلة، نظراً لقصر باعهم في اقتطاف اللذات)، فإذا كان الإكراه (نتيجة)، فسببه (قصرالباع)، على أساس أنَّ لكل نتيجة سبب. وقصر باع الفقراء في اقتطاف اللذات يأتي بسبب افتقارهم إلى ما يُسعفهم على القيام بذلك، وأقصد به (المال)، وحتى تتضح الصورة أكثر لدى القارىء، ومن باب المقارنة، أتيت على ذكر سيرة الأغنياء الذين يساعدهم مالهم على تلوين معيشتهم، حتى يستمتعوا بالحياة، فإذا بالبعض منهم ينغمس في الفسق والفجور،فيبتعد عن فضيلة الأشياء..
أخي الكريم أبو أسيل/
         مهما كانت آراؤكم وملاحظاتكم، فهي تعني لنا الكثير..
                        طابت أوقاتكم، ودمتم أخاً..
                              أخوكم/ كمال

119
الأخ الفاضل حميد مراد المحترم...
   تحية نابعة من صميم القلب..
كل الشكر لكم على مروركم المتواصل وإشادتكم بمقالي المتواضع هذا..
أطمئنكم، هناك المزيد من المقالات النوعية، ستأخذ طريقها إلى النشر في هذا الموقع الأغر في المستقبل..
إبقَوا على تواصل دائم معنا..
                           مع فائق إحترامي وتقديري لشخصكم الكريم..








120
     إلى الأخ الأكرم والصديق العزيز، الكاتب القدير خوشابا سولاقا المحترم..
     تحية عطرة، تختصر بين جَنَباتها غابات من كلمات الود والمحبة والإحترام...
     أما بعد...
فقد سرّني كثيراً مروركم على مقالي المتواضع، المنشور في هذه الصفحة، وإنّني لَأعترف لكم بأنَّ قلمكم الرائع و ردودكم المعبّرة الجميلة، هي التي تعطّر حبر كلماتي وعباراتي في كل مرة، وما ثناؤكم وإطراؤكم هذا، إلّا دليل على فيض كرمكم، ونبل أخلاقكم، وسمو مقامكم...
أشكركم على هذا التعقيب اللطيف المعبّر، وعلى هذه الإضافة الكريمة، وأود أن أوضّح لكم، إنَّ سبب تركيزي على (فقراء المحبة) هو أنَّنا نعيش في زمنٍ قد لفظ الحبَّ بعيداً عنه، وآستبقى الأنانيةَ والمكرَ والمنافعَ الذاتية، ورغم هذا فنحن لم نيأس، فما زلنا نفتش عنه في قلوبنا وعقولنا، نستقبله  بفرح الإنتظار ونكلّله بتاج الإستقرار..
أقول هذا، لأنّني أرى الأشواك تحيط دائماً بالورود، والأشواك وإنْ كان بعضها سامّاً، إلّا أنّها لا تطغى على جمال الورود...
نحن نعيش في هذا العصر، ولسنا من تلك العصور الغابرة، التي كان فيها الحب بين الناس طبيعة، لا نقاش فيها، ولا شكوك حولها. وإنسان اليوم يختلف عن إنسان الأمس، لأنه يفتقر إلى المحبة، بعد أن تخلّى عن نزعته البدائية، وبعد أن فقد شعوره الإنساني العفوي...
                      مرة أخرى أشكركم..
       دمتم.. كل عام وأنتم والعائلة الكريمة بألف خير..

121
الأخ العزيز الشاعر المبدع عوديشو سادا المحترم..
     تحية نيسانية عطرة..
  من قام باسم (أكيتو) يدعو مفرّقاً، فدعواه في أصل الوحدة بهتانُ..
أكيتو رمز وحدة هذا الشعب، فإذا كان هناك من يجيّر هذه المناسبة العزيزة على قلوب أبناء شعبنا (المتعطّشين) إلى الفرح، لمآرب شخصية ومصالح ذاتية ضيّقة، فلا خير في هكذا مسؤول، أيّاً كان لونه، ومهما كان شكله وانتماؤه..
هؤلاء يستكثرون علينا حتى الإبتسامة، في الوقت الذي نحن بأمس الحاجة إلى الإنشراح والفرح والضحك، بعد كل هذه المعاناة والأوجاع والآلام التي تحيط بنا من كل الإتجاهات، فبدلاً من أن يبلسمون جراحاتنا، يصبّون (الأسيد) عليها، ليشتد الألم أكثر فأكثر، ويتعالى صوت صراخنا، ولا من مغيث قريب، أو بعيد..
              كل أكيتو وأنتم بألف خير وصحة وعافية..
                            لكم كل الود..
                           أخوكم/ كمال

122
الأخ العزيز خوشابا المحترم...
    تحية نابعة من القلب..
بقدر ما يتعلق الأمر بالتطرف، فهو جمود في العقل.. وكل جمود في العقل (كما هو معروف)، نتيجته سلبية وغير محمودة..
بعبارة أخرى، التطرف، هو الإلتزام بحرفية ما يعتقد ويتصور أي فرد أو جماعة من أفكار ومباديء وعقائد، يُنظَر إليها كـ (حقائق مطلقة)، لا تقبل أي نقاش أو جدال، في غياب دور العقل، أي (عدم الإعتراف بأعمال العقل)، وهذا هو الإنغلاق بعينه..
هذا (التيوب) من البشر، عادةً، لا يؤمن ولا يعترف بالحوار الهادىء البنّاء، ويرفض فكرة المناقشة، من خلال التشبّث المقيت برأيه، والتزمّت الشديد بأفكاره..
إنَّ الحركات المتطرفة، هي التي تعتقد أنَّها تمتلك الحقيقة المطلقة. وكل من يمتلك الحقيقة المطلقة، يعتقد أنَّ من يخالفه في الرأي، إنَّما يخالف الحقيقة المطلقة، لأنَّ هذه الحركات تعمل من خلال المطلقات، وترفض الحلول النسبية، فلا وجود لمفردة (الإعتدال) في قاموسها...
استمتعت كثيراً (كالعادة)، بقراءة مقالكم الرائع. ولو كانت الأكثرية من أبناء شعبنا، لها نفس هذه الأفكار النيّرة التي لديكم، لكنّا بحال أفضل ممّا نحن فيه الآن، ولكن للأسف الشديد...
سلِمت يدكم، وعاش قلمكم الذهبي الحرف..
دمتم نبراساً، تنيرون درب التائهين من أبناء هذا الشعب الموجوع..
لكم كل الود والمحبة والإحترام، وللعائلة الكريمة الطمأنينة والسلام..
                 أخوكم/ كمال

123
كفّوا عن لعبة النار والدمار..
الفقراء في هذه الدنيا أنواع:
هناك فقير المال..
 وهناك فقير العقل..
وهناك فقير العلم..
 وفقير الشجاعة، وفقير السلطة، وفقير الحيلة، وفقير الحب... ثم هناك فقير القناعة.
ولا شك في أنَّ القناعة هي عدوة الفقر الأولى، ونصيرة الغِنى الحقيقي، لأنها كنز لا يفنى..
وكل من يفكر في الغِنى، عليه أن يطلبه بالقناعة، حيث أنَّ المرء، إذا لزِمَ القناعة، زال فقره وآستغنى..
إنَّ الفقير الحقيقي، هو الذي لا يعرف كيف يكتفي بما يملك..
هو كل من ركب هواه ونَسِيَ مبتداه ومنتهاه..
هو كل من لا يعلم، ولا يؤمن بأنَّ عقله وخياله وقلبه يساوي كنوز الدنيا..
إنَّ للفقر مميزات كثيرة، منها على سبيل المثال:
إنَّه يُكره الفقراء على ممارسة الفضيلة، نظراً لقصر باعهم في اقتطاف اللذات، بعكس بعض الأغنياء الذين يساعدهم مالهم على تلوين معيشتهم، حتى يستمتعوا بالحياة، فإذا بهم ينغمسون في الفسق والفجور، فيبتعدون بذلك عن فضيلة الأشياء..
ومنها، إنَّه يعزّز الوجود المستمر لليد العاملة التي لا يأتي بها، إلّا من كان فقيراً..
ومنها، إنَّه يحث الفقراء على الكفاح المستمر، ليصلوا إلى مرتبة أفضل، حتى إذا ما نجح أيٌّ منهم، حمل لقب (عصامي)..
ومنها، إنَّه يجعل الفقير يتعاطف مع الفقراء، ويشعر ببؤسهم، ويحس بإحساسهم، فإذا به يرتقي سدة المناصب الإنسانية...
غير أنَّ الفقير الأكبر في هذه الدنيا، هو فقير الحب، فهو يعيش في هوة من الألم والضياع، لا تدغدغ مشاعره أية عاطفة إنسانية، أو وجدانية، وهو الذي يجعل من حياته فضاءً تحلّق فيه غربان المصائب بدلاً من طيور الحب..
 وهو لا يرى في الوجود، إلّا ظلام الدنيا، فلا يُبصر إشراقة الشمس، ولا يرى منظر الغروب، ولا يستمتع بوجه جميل، ولا يُطرب لصوت رخيم. هذا النوع من الفقر هو البؤس بعينه..
وقد يتحول البؤس هذا إلى غلاظة في القلب، فيتحول صاحبه إلى مجرم، إذا كان هاوي جريمة، ومستبد وظالم، إذا كان هاوي سلطة أو قيادة..
يبقى لكل فقر علاج ، إلّا علاج فقير القلب والحب والفضيلة..   
فما نراه في حروب هذا العصر، إنّما كان شرارتَها الدائمة سلطانٌ، ابتلاه القدر بفقر الحب.. فالذي يحب لا يكره، والذي لا يكره لا يقتل، ولا يُسيل الدماء..
كم نحن بحاجة إلى يوم عالمي لغسل القلوب من الأحقاد، ومشاعر الكراهية والبغضاء!!
كم نحن بحاجة إلى غسل أرواحنا مما يعلق بها من كراهية، عشّشت في قلوبنا، طاردةً المحبة من شغافها..
متى تتشابك أيدينا وسواعدنا، وننشد للحرية، والعزّة، والكرامة؟..
متى نبحث عن الحب، والمحبة، والجواهر الخبيئة؟..
متى نبحث عن النقاء، والصفاء، والطيبة؟..
يا من أطفأتم في قلوبكم شعلة الإيمان والمحبة، وأضرمتم نيران الحقد والكراهية في النفوس..
يا من هرّبتم الطفل الساكن في الجفون الناعسة، وأعصبتم العيون بحرير أسود..
يا من تسربت إلى قلوبكم صفات النفاق، والظلم، والغرور..
باسم الإنسانية، كفّوا عن لعبة النار والدمار..
 تعالوا إلى الفرح النابض في الأعماق..
أغسلوا قلوبكم من لعنة الدماء التي إرتوت منها الأرض، وتضرّجت بها الديار..
إفتحوا الصدور وآحرقوا الحقد..
 أحرقوا الحقد..


124
المنبر الحر / رد: لماذا قتلوه؟!
« في: 09:16 23/03/2014  »
الأخ العزيز خوشابا سولاقا المحترم..
تحية مفعمة بالمحبة ومعطّرة بعطر الياسمين...
إنّه لمن دواعي الفخر والإعتزاز والسرور أن يأخذ اسمي حيّزاً في سجل الصداقة الخاص بكم...
صحيح أنّني لم أتشرف بمقابلتكم، ولكن أعرفكم حتماً من خلال سيرتكم المشرّفة ومقالاتكم الهادفة الرائعة، فقد كنتُ من المتابعين المدمنين على قراءة كل ما يُكتب في هذا الموقع المحترم، منذ تأسيسه ولحد الآن، وكنتَ أنت واحداً من الذين أحرص على قراءة مقالاتهم..
أما سبب عزوفي عن الكتابة، رغم إلحاح الأصدقاء (وما أكثرهم)، وفي مقدمتهم الأخ أمير المالح (مدير هذا الموقع)، فيعزى إلى ما كان يرصده نظري، ممّا يرد في بعض المقالات من مهاترات وتجاذبات، تسيء إلى الذوق العام في القراءة، وتشكّل إنتهاكاً صارخاً لقوانين وقواعد وآداب الكتابة.. أمورٌ تأباها نفسي ويرفضها عقلي، حتى يصل الأمر بالبعض إلى الاستقتال والقذف بحجارة الألسنة، وإستعارة كل ماهو بذيء ومخجل، ليرمي به أخاه، في وقتٍ نحن بأمس الحاجة فيه إلى التضامن والتكاتف والتآزر، حتى نقدر على المقاومة، ونستطيع إنقاذ ما يمكن إنقاذه، لضمان وجودنا على أرض الأجداد..
فيما يخص تعليقكم الرائع على المقال، أقول:
نحن إذا تكلمنا عن فعل الشهادة، فقد نحتاج إلى مساحات كبيرة، حتى نقف على مدلولاتها ونفهم معانيها ومغازيها، وقد تجف أقلامنا ونعجز عن إيفاء الموضوع حقّه من الشرح والإسهاب..
 قلة الكلام في إيجاز المعنى، حين قلتَ: (إنَّ الشهادة تاج على رؤوس الأحياء)..
بالمناسبة، كنت أحد الذين تضامنوا معكم في محنتكم الأخيرة، وكنا نحن (مجموعة من أهل عنكاوا)، قد وقّعنا على وثيقة إستنكار ضد إدانتكم...
            لكم كل الود..
           أخوكم/ كمال



125
مرةً أخرى الحزن يدق بابَنا، برحيل رمز رفيع آخر من رموزنا الدينية...
كان الفقيد مثالاً لرجل دين شامل، يؤمن بالوحدة المسيحية، فكرّس حياته من أجلها، لأن المسيح واحد، والدين واحد، وكل ما عدا ذلك باطل..
رحمه الله وأسكنه في جنانه الخلد، إلى جانب الصدّيقين والأبرار، وألهم كنيسته وأهله وذويه، ونحن إيّاهم، الصبر والسلوان وهدوء البال...
                                       كمال لازار بطرس
                                    جمعية الثقافة الكلدانية
                                             عنكاوا

126
المنبر الحر / رد: لماذا قتلوه؟!
« في: 02:11 22/03/2014  »
الأخ حميد مراد المحترم...
أشكركم على مروركم، وإشادتكم بالمقال، وأعتذر عن هذا التأخير في الرد، لضيق الوقت..
حقيقةً أنَّ الرجل يستحق أن يُكتب عنه في كل يوم، كما تفضّلت، لأنّ أعماله كانت جليلة، ومناقبه كثيرة، كان (رحمه الله) يؤمن بأنَّ التسامح هو أجمل عقاب للمرء، وأنَّ الإنتقام هو فرح النفوس الضعيفة، وشعاره كان المحبة ثم المحبة..
           تغمّده الله بواسع رحمته وأسكنه في جنّاته الخلد، وألهم أهله وذويه جميل الصبر والسلوان...
                        لكم كل الود..
                        أخوكم/ كمال

127
الأخ خوشابا سولاقا المحترم...
      تحية طيبة..
نعم، أصبح الناس يترّحمون على النظام السابق، رغم أنّه كان نظاماً شوفينياً دموياً بآمتياز.. فهذا البلد أصبح سائباً، يملكه المحتكرون بأيديهم وأرجلهم، ويمزّقونه بأنيابهم وأظافرهم. يطوّقونه من كل الجهات، كما يطوّق الأخطبوط فريستَه. يضربون بحوافرهم جبينَه، حتى حوّلوه إلى مملكة للإحتكار في أحقر أشكاله.. ومع ذلك يطيب لهم أن يسموه دولة، ثم يصرّون على أنَّ هذه الدولة ديمقراطية!!!..
أما العاصمة (بغداد)، فيا عيني، لقد حوّلوها من مدينة جميلة من أجمل العواصم إلى (كابول) ثانية، خلعوا عنها ثوب عرسها المزركش، وألبسوها (عنوةً) الأسود، كتلك الأرملة المنكوبة المتّشحة بالسواد...
وأما الشعب، فقد صار وضعه كما يصوّره الشاعر في هذا البيت من الشعر:
                    بكيتُ من حالٍ كنتُ فيه      فلمّا صرتُ في غيره بكيتُ عليه
ولا أعتقد أنّ هناك فرصة حقيقية للتغييىر، على الأقل في المستقبل المنظور، في ضوء المعطيات القديمة الجديدة على أرض الواقع. فطالما الأسباب باقية، فالنتائج هي هي، لن تتغير...
                                         تقبلوا فائق تقديري..
                                                 كمال/

128
المنبر الحر / رد: لماذا قتلوه؟!
« في: 03:54 14/03/2014  »
الأخ العزيز عوديشو المحترم..
تحية بعطر الورد..
نعم أُتقن لغة الأم (السورث)، ولكن لست متبحّراً مثلك فيها، لأنه على أيامنا، لم تكن هناك حصص مخصّصة لهذه اللغة ضمن المنهاج الدراسي، لا في مرحلة الإبتدائية، ولا في مرحلتي المتوسطة والإعدادية، كما هو الحال في وقتنا الحاضر..
نعم قرأت الترجمة، (سلِمَت يدك)، ولكن أعترف بأنّني وجدت صعوبة بالغة في تلفّظ بعض المفردات، ربّما بسبب اختلاف اللهجات، لا أكثر..
ما قصدته في ردّي، أنَّك حسناً فعلت عندما خطرت فكرة (الترجمة) على بالك، وأحثّك على الاستمرار في هذا النهج، وكنت قد ذكرت كلمة (المستقبل) بين قوسين، للدلالة..
أما، لماذا أقوم بتشجيعك على هذه الخطوة؟..
لأنه صدّقني، أنَّ الترجمة أصعب بكثير من الكتابة نفسها، إذ من السهل أن تعبّر عن أفكارك بأسلوبك الخاص، ولكن من الصعب جداً أن تصوّر خيال الآخرين، وتنقل أفكارَهم بنفس الأسلوب، وأنت جدير بما تفعل..
       بوركت جهودكم، مع عميق شكري...
                      أخوكم/ كمال

129
المنبر الحر / رد: لماذا قتلوه؟!
« في: 20:41 13/03/2014  »
الأخ عوديشو  المحترم..
تحية عطرة...
سرّني كثيراً مروركم وتعقيبكم على المقال، كما سرّني قيامكم بترجمة مقالي(كذابون بمرتبة الشرف)، إلى لغة الأم (السورث)، ونشره في هذا الموقع، ويسرني أكثر لو تشيرون إلى اسم كاتب المقال الذي تقومون بترجمة مقاله (في المستقبل)، وأنتم مخوّلون بما ترونه مناسباً..
            دمتم ودامت محبتكم..
                 أخوكم/ كمال

130
المنبر الحر / رد: لماذا قتلوه؟!
« في: 02:13 13/03/2014  »
أخي وصديقي العزيز أنطوان المحترم...
   تحية طيبة..
أخي العزيز
مهما شوّهوا صورتَنا، وطمسوا حقيقتَنا، ولوّثوا أرضَنا، ومزّقوا شعبَنا...
مهما زعموا، وآدّعوا، وتمادوا، وتواقحوا...
فلا بدّ من أن تنتصر إرادة الخير على الشر في النهاية، ولا بدّ لهذا الشعب من أن يعيش بكرامة..
نحن لسنا من الهدّامين أو من حفّاري القبور، بل بناة حضارة، وبناة أوطان، ودعاة محبة، وطلاب سلام...
تراثنا زينة هذا البلد، وتأريخنا سمعة هذا البلد، وأخلاقنا رصيد هذا البلد...
شكراً على مروركم الكريم..
شكراًعلى الكلمات المعبّرة الجميلة..
ولا يسعني هنا، إلّا أن أقدم لكم إعتذاري، لعدم تمكني من الرد على مروركم في مقالي حول (مؤتمر أصدقاء برطلة)، لأسباب فنية خارجة عن إرادتي في ذلك الحين..
                
              
                            لكم مني كل التقدير..
                                  دمتم أخاً..
                                   كمال/

131
المنبر الحر / لماذا قتلوه؟!
« في: 01:18 12/03/2014  »
   
لماذا قتلوه؟!




 في البال..
هو في البال، وسيبقى..
في القلب عندما نتحدث عن المحبة والعطف والحنان..
وفي الحنايا، عندما نتأمل كلماته الدافئة، وفعلها المؤثر في النفوس..
هو في الروح والضمير والخيال، منذ أن ترك هذه الأرض في ذلك اليوم الحزين، الثاني عشر من آذار/2008ـ
لماذا قتلوه؟
 لم يكن سياسياً ولم يتعاطَ السياسة في يوم من الأيام، ولم يكن نصيراً لطرف على حساب طرف آخر في المعادلة السياسية الشائكة في هذا البلد..
كان يقف على مسافة واحدة من الجميع، ويدرك تماماً الفروق الدقيقة بين الدين والسياسة وبين الدين والطائفة، فلم يتخلَّ قط عن رسالة موقعه الديني الكبير، ولم يتطفل على مواقع السياسيين أبدا..
لم يعرف التعصب طريقاً إلى قلبه ووجدانه، ولم يكن خصماً أو عدواً لأحد، بل على العكس، كان أخاً كريماً محباً للجميع، ونصيراً للحق والعدل..
عُرِفَ بوجه واحد، فكل ما كان يُضمره كان يُظهره، ويكشف عنه في وضح النهار..
كان واعياً على الدوام بدوره، وهو (دور العقل)، منفتحاً على الآخرين، دون تفريط في حقوق الله والإنسان، مستمداً قوته من إيمانه الذي ملأ قلبه وجعله يهدم كل هياكل الخوف والقلق والتردد..
لم يهرول إلى تفجير المشاكل سراً أو علناً، لأنّه كان يعلم أنّ كلمة هنا وحرفاً زائداً هناك، سيؤجج نار الفتنة التي طالما دعا إلى إخمادها..
أمّا شعاره فكان، المحبة، ولا شيء غير المحبة التي روّج لها وسعى إليها على طريقة سيده. وهو مؤمن بأنّ المحبة الحقيقية كالنبع السخي، يتدفق بفيض عطاء، وإنْ ارتفعت في مجراه السدود، وإنْ تحكمت في مسيرته التيارات المعاكسة..
لم يتردد في الجهر للعراقيين جميعاً (على اختلاف انتماءاتهم الدينية والطائفية والمذهبية)، أنَّ الخوف وهمٌ، تبدده المواطنة الصحيحة الشريفة، مواطنة المساواة في الحقوق والواجبات، مواطنة، تلغي كل الفوارق المصطنعة بين أبناء الشعب الواحد..
ويبقى السؤال:
لماذا قتلوه؟
قتلوه لأنّه كان يدعو إلى نشر ثقافة التسامح بدلاً من ثقافة العنف والقتل والذبح..
لأنّه كان يقول: نعم للتفاهم، لا للتصادم..
لأنّه لم يكن مع منطق القوة، بل مع قوة  المنطق..  
اعتبروا أقواله تلك جريمة يستحق عليها الموت، فقتلوه، ورموه كالطير المذبوح على قارعة الطريق، فريسةً للحيوانات السائبة. فآنظم بذلك إلى قافلة الشهداء من رموزنا الكبار، مسجلاً اسمه في الصفحات البيض من تأريخ شعبنا ..
أما خسارتنا فيه، فلا تعوّض، فقد خسره الجميع، وفي مقدمة من خسره القتلة أنفسهم، لأنّه كان يصلي من أجلهم ويدعو لهم بالرحمة والمغفرة.
سلاماً على رجل دين، لم يسعَ في حياته إلى مكسب أو مغنم أو مال..
سلاماً على روح الشهيد المطران بولص فرج رحو(رحمه الله)، في الذكرى السادسة لإستشهاده..
سلاماً على أرواح كل  الشهداء من أبناء شعبنا..
سلاماً على شهداء السلام..
الخزي والعار لعبدة القتل والدمار وسفك الدماء ..


تنويه/ نُشر هذا المقال في جريدة (بيث عنكاوا) في نيسان/ 2008ـ بمناسبة أربعينية شهيد الكنيسة، المطران بولص فرج رحو(رحمه الله)، ويعاد نشره هنا، في هذا الموقع، بعد إجراء تنقيح بسيط عليه..

132
أخي وصديقي الأستاذ مال الله المحترم..
    بدايةً، أعتذر عن هذا التأخير في الرد على مروركم الكريم، لإنشغالي ببعض الإلتزامات اليومية..
أما بعد، فقد أخجلتموني، وأخجلتم تواضعي بما جاء في مستهل ردكم على مقالي من ثناء وإطراء، وأعتبر ذلك وسام شرف، يزيّن صدري ما حييت..
ولعمري أنّ مثل هذه الكلمات لا تصدر، إلّا عن الكبار فقط.. كبار في كرم الأخلاق، كبار في إحترام الكلمة، كبار في إحترام عقل القارىء...
ولا شك، في أنّكم بكلماتكم هذه، إنّما حمّلتموني مسؤولية إضافية في أن أكون أكثر حرصاً في إختيار كلماتي، وأكثر دقة في إختيار عباراتي، وأكثر صبراً في إختيار مواضيعي.. أرجو الله أن يعينني، ويوفقني في تحمل هذه المسؤولية..
شكراً على تعقيبكم، وعلى إيضاحكم وعلى مروركم الكريم هذا..
 أما فيما يخص ملاحظتكم حول (التسول السياسي)، فإنّني كنت قد تطرقت في مقالي إلى ثلاثة أنواع من شحاذي هذا الزمان، وألمحت إلى النوع الذي تقصدونه، في عبارة (وهناك نوع آخر، يشحذ الشهرة، ويهرق ماء وجهه على الأعتاب...)، ولم أشأ التصريح، أو الوقوف طويلاً للتعليق على هذه العبارة، فقد تركت هذه المهمة للقارىء، ليكتشف بنفسه ما في ثنايا تلك الكلمات.. هذا من جانب، ومن جانب آخر لإبعاد شبح الملل عنه أثناء القراءة..
         مع خالص شكري وتقديري..
                  أخوكم/ كمال




























133
الأخ رعد الحافظ المحترم..
يقتلوننا، ويسيرون في جنازاتنا..
يدّعون حمايتنا، وينقضّون علينا بخناجرهم المسمومة..
لا ذنب لنا.. لاحيلة لنا.. لا خيار آخر لنا..
انهمري يا قنابل الوجع، فسفر الآلام طويل..
أمطري يا سماء حديداً وباروداً، فالأرض عطشى إلى دم القتيل..
إعزفي يا حمم الموت سمفونياتك الجنائزية، فالحمام أعياه الهديل..
إحرقيني يا نيرانَهم الفاجرة، فلن أنصاعَ، ولن أكونَ الذليل..
عزاؤنا الوحيد يا أخ رعد، أنَّ لنا أصدقاء يتحسّسون آلامنا، ويبلسمون جراحاتنا..
 يسعدنا أن تقبلوا دعوتنا بزيارة (جمعية الثقافة الكلدانية) في عنكاوا، إن كنتم داخل العراق، لإلقاء محاضرة، ولكم أنتم أن تختاروا موضوعها..
                    مع فائق إحترامي وتقديري...

134
الأخ حبيب تومي المحترم...
فوجئت بخبر إجراء العملية من خلال مقالكم المنشور على موقع عنكاوا...
حمداً لله على نجاح العملية..
ألف ألف سلامة..
                   أخوكم/ كمال
         ن. رئيس جمعية الثقافة الكلدانية
                       عنكاوا

135
الأخت العزيزة خالدة..
تحية ومودّة خاصة...
شكراً لكِ على مرورك، شكراً لكِ على لطفكِ...
سُرِّرت كثيراً، لأنكِ تقرأين ، وسُرِّرت أكثر، لأنكِ تطالعين، وتتابعين مقالاتي..
ما هي أخباركِ، وأخبار زوجكِ والأولاد..أرجو أن تكونوا جميعاً بخير....
                   مع فائق تقديري وإحترامي..
                            أخوكِ/ كمال

136
الأخ العزيز عوديشو المحترم..
كل الشكرعلى مروركم الكريم، وعلى تعقيبكم اللطيف..
ما من شك أنَّ ذلك يدل على ذوقكم الرفيع، وعلى كرم أخلاقكم ، ونبلكم..
عجبتني عبارتكم:(اخترت السفر بعيداً عن الشحّاذين الذين لا يحترمون ولا يكرمون الشعراء والأدباء....).
فعلاً، إنَّ ما ذهبتم إليه في ردكم صحيح، فمثل هؤلاء لا وقتاً كافياً لديهم، ليفكروا بك، وبأمثالك من الأدباء والشعراء.
هم مشغولون بأنفسهم.. الأنانية أعيتهم، وقضت على كل جميل في داخلهم، فلم تبقَ هناك مساحة لفعل الخير والفضيلة فيه..
أما ميولهم وإتجاهاتهم والأمورالأخرى، فقد ذكرتها في مقالي، فلا داعي للتكرار..
وبخصوص سفركم، أقول:
لاشك في أنَّ كل إنسانٍ طيب يغادر أرض الوطن، يترك فراغاً كبيراً وراءَه، وهجرانه يبعث على الأسى والأسف في نفوس أصدقائه ومحبيه، فهذه الأرض بحاجة إلى كل جهدٍ مخلص بنّاء، حتى تزداد إخضراراً وعطاءً ونماء..
في الختام، لا يسعني، إلّا أن أطلب لكم التوفيق فيما أنتم تخططون له وساعون إليه..
                           تقبلوا فائق إحترامي...  

                               أخوكم/ كمال

137
الأخ جاك المحترم..
تحية...
شكراً على مروركم الكريم، وعلى تعليقكم وتقييمكم الإيجابي للمقال، وشكراً أيضاً، على ملاحظتكم..
بقدر ما يتعلق الأمر بعنوان المقال، أقول ما يلي:
إنَّ صياغة العنوان أحياناً أصعب بكثير من صياغة المقال نفسه، لأنه المرآة التي تعكس الفكرة العامة للمقال، ويجب أن يتفق، أي (العنوان) مع المقدمة أو المدخل في الهدف، ويدل على فكرة الموضوع، وفي نفس الوقت، يثير القارىء، ويحقق عنصر الجذب والتشويق في ضرورة الإطلاع عليه، أي على الموضوع..
ولأن المفردات أو الكلمات التي يتم إختيارها تستدعي أجزاءَها، وتُلِحُّ في طلبها بمعرفة ما يُخفيه العنوان، فهذا ما يجعلني أختار عنوان أي مقال من مقالاتي بعد الإنتهاء من الكتابة مباشرةً، و على ضوء الأسس التي بينتها أعلاه..
              تقبل فائق تقديري...

138
شحّاذون، لكن ليسوا فقراء!

كان التسوّل فيما مضى، يقتصر على أولئك الذين يعانون من وطأة الفَقر والجوع والمرض، أناس تقطَّعت بهم سبل العيش، فلم يجدوا بُدّاً من ركوب الصعاب، في صراع مرير مع قسوة الزمن، فلجأوا إلى هذا الأسلوب المهين، يسألون الصَّدَقة والإحسان بـ (إلحاح)، حفاظاً على حياتهم من الهلاك، أو القضاء جوعاً..
أما اليوم، فقد اختلفت الصورة تماماً، إذ لم يعد التسوّل يقتصر على أولئك الذين كانوا يفترشون الأرصفة ويتسكعون في الشوارع، أو عند مداخل الأزقة الضيقة، فقد وَلجَ عالم الشِّحاذة متسولون جدد، البعض منهم لم يعش، أو يعايش الفَقر من قبل، ولم يذق طعم الحرمان أو العَوَز في حياته..
إذن، ما الذي يدفع بهؤلاء إلى هذا المنزلق الخطير، أو إلى هذا الدرب الحقير؟!
إنّها عقدة المال التي تحكّمت في النفوس المريضة. هذه الآفة الخطيرة التي انتشرت في وسطنا الإجتماعي، الذي لا تعرف فيه من مع من، ولا من فيه ضد من، في ظروف تتداخل فيها الشؤون والشجون مع بعضها، تداخلاً غريباً، إلى درجة تثير الريبة والشك..
 وشحّاذو هذا الزمان أنواع :
 منهم من يشحذ موقفاً لصالحه في قضية معينة، يسعى إلى كسبها، حتى لو كان ذلك على حساب كرامته وشرفه..
ومنهم من يشحذ الشهرة، ويهرق ماء وجهه على الأعتاب، ويأخذ على ذلك شيئاً فشيئاً، حتى تتحول الشِّحاذة عنده إلى حالة مرضية، لا تنفع معها كل العلاجات..
وهناك، نوع آخر، يشحذ المديح والتصفيق من بعض المنتفعين المصطفين حوله، وبفعل التكرار، يخال أنّ الدنيا كلّها تصفّق له، وأنّ الناس يُسبِّحون بحمده.. وهذا النوع من الشحّاذين جدير بالشفقة والعطف، لأنه أتعس الناس على وجه الأرض.
 إنّ أكبر المتسولين، من لا تبدو عليه مظاهر التسول، أو لايدل أي تصرف فيه على أنه متسوّل، بل على العكس، إنّ كلّ ما فيه، وما يبدو عليه ، يعطي الإنطباع بأنّه بريء من هذه التهمة الوضيعة التي لصقت به..
وأخطر المتسولين، ذاك الذي يُتقن دغدغة المشاعر، فيعتمد أكثر الكلمات تأثيراً في استدراج العواطف واستمالة القلوب..
إنَّها لَمفارقة عجيبة، حقّاً، أن تتحول الشِّحاذة في هذه الأيام إلى شرفٍ رفيع، يسعى إليه البعض من ذوي العاهات، الذين يعانون من عقدة الشعور بالنقص، وهم بذلك يناقضون أنفسهم فيما يقدمونه من تنازلات على حساب كرامتهم، في سبيل أن يحصلوا على لقب (الشحّاذ الأشطر) أو( الرأس الأكبر) في الشِّحاذة!
 وما أكثر الذين يتسابقون على حمل هذا اللقب التأريخي في هذه الأيام..
وصاحب هذا اللقب الوضيع، عادة ما ينرفز ويعنفص، إذا لم تُكِل له المديح، أو لم تعطِهِ من طرْفِ اللسانِ حلاوةً، ويأخذ على خاطره منك، إذا لم تخلع عليه صفة (الرأس الأكبر)..
والرأس الأكبر هنا، يعني المخطّط.. والشحّاذ، هو من أكبر المخطّطين. فهو يعرف في أي وقت يجب عليه أن يتحرك، ويتقدم خطوة إلى الأمام. كأنّه عالم نفساني، يدرس الوجوه بإمعان.. يدرس الوجوه، ثم يقترب من الهدف.. يعرف كيف يختار أكثر الجمل تهذيباً وإثارةً للمشاعر.. يصطفي أبرع المواقف، لكي يقنعك بأنَّه شحّاذ متمرّس. وحين تقتنع أو تُشفق عليه أو تُسايره، يخالُكَ (الفريسة التي كان يبحث عنها منذ زمن)، فيهيِّىء نفسه للطعام، ويستعد للوجبة الدسمة.
هؤلاء، هم الشحّاذين الحقيقيين، أصحاب خبرة وممارسة، فنانون في أساليب الاستجداء.. ولكي تشاهدهم على الطبيعة، راقبهم من بعيد، وراقب تصرفاتهم، ولكن حذاري أن تقترب منهم، أو تحتك بهم، لأنك ستتلوث، فالشِّحاذة، مرض سريع العدوى، الواحد يصيب رفيقه، والرفيق يصيب رفيقه الآخر، وهكذا دواليك، حتى لا يعود هناك مكان للصالحين، إلاّ قليلاً. نعم، إلاّ قليلاً، فالصالحون موجودون دائماً، موجودون في كل مكان وزمان.. هم وجه الخير الدائم. هم هدير البحر وصوت الريح. هم دفء الشمس في أيام الشتاء الباردة..
أمّا أولئك الشحّاذون الذين يسيرون في درب الشِّحاذة ورؤوسهم مرفوعة، فهنيئاً لهم هذا العار الذي ألحقوه بأنفسهم. هنيئاً لهم هذا السقوط المروّع، وأياديهم ممدودة للإستعطاء، وألسنتهم ممدودة للإستجداء، وعيونهم ممدودة للنحيب والبكاء.
فلْيُمَرِّغوا أنوفَهم في الوحل، ويبكوا حالَهم..
 ليبكوا، حتى تجفَّ مآقيهم.. ولْنبكِ عليهم، لا معهم.
و لكن، هل يستحقون أن نبكي عليهم؟
لا، فدموعنا أنبل وأغلى بكثير من أن تُذرَفَ على أولئك الذين ركبوا العار، ورفعوا شعار: ( نعم، نعم للشِّحاذة، لا، للكرامة)..              

139
الأخ عوديشو ساده المحترم...
شكراً لك على قراءَتكَ للمقال والتعقيب عليه، وشكراً على مشاعرك الطيبة...
أين أنت، يا أخي عوديشو؟ أين استقر بك المقام؟ منذ مدة وأنت لم تزُرنا في الجمعية..
هل أنت الآن، داخل العراق، أم أنَّك سافرت إلى الخارج؟


الأخ سامي المحترم..
ردّي كان واضحاً، أنا لم أذكر فيه أنَّك ذهبت هذا المذهب، ولم أُقوّلْكَ كلاماً لم تقلْه، بل أنا من قال أنَّ الموضوع ليس إنشاءً، لكي  أوضّح لك أمراً واحداً، وهو أنَّ موضوع المقال ليس عن (الكذب)، و (الجواب باين من عنوانه)، كما يقول المثل المصري، أما عبارة: ( لا تكذب )، فأكرر مرةً أخرى، إنَّها المدخل للموضوع، وليست الأساس.. والأساس هو الأهم كما تعلم ..
شكراً جزيلاً على اهتمامك، ومداخلاتك التي أغنت الموضوع ..
أرجو التفضل بقبول دعوتي لزيارة جمعية الثقافة الكلدانية في عنكاوا، للإطّلاع على نشاطاتها، إن كنت داخل العراق، وكانت لديك مثل هذه الرغبة..
         مع كل الود...


140
الأخ سامي البازي المحترم...
أنا معك فيما ذهبت إليه في مرورك الثاني، بأنَّ الكذب حالة عامة، ولكن المقال ليس موضوعاً إنشائياً عن الكذب فحسب..
أما عبارة:( لا تكذب )، التي تبدأ بالنهي، فهي المدخل أو المقدمة للموضوع، كان لابدّ منها ..
عنوان الموضوع واضح. إقرأ بين السطور، مع التركيز على الخاتمة..
                         تقبَّل فائق احترامي وتقديري...

141
الأخ سامي البازي المحترم...
بدايةً، أشكر مروركم، وآهتمامكم بموضوع المقال..
للتوضيح فقط، إنّني لا أهتم بالمبنى بقدر إهتمامي بالمعنى..
على أيّة حال، عبارة ( لاتشهد بالزور )، تعني القفز على الحقيقة، والقفز على الحقيقة، بحدّ ذاته، هو (كذب)، أو هو شكل من أشكال الكذب، كما أنَّ التملق والنفاق من أشكال الكذب،أيضاً..
                       مع فائق تقديري..


------------------------------------------------------------------------------------------------

الأخ لوسيان المحترم..
أشكر مروركم، في كل مرة..
عذراً، لم أتمكن من الرد على مداخلتكم في المرة قبل السابقة، لأسباب فنية خارجة عن إرادتي..
                       دمت أخاً..

142
كذّابون بمرتبة الشرف

في هذا الزمن، المرء يقف مذهولاً إزاء ما يتراءَى له من ظواهر وسلوكيات إجتماعية شاذّة وغير طبيعية، فالمرفوض بات مقبولاً، والمنبوذ صار مرغوباً ومطلوباً..
تحولت الحسنات إلى سيّئات، والسيّئات إلى حسنات..
 أكذب، ثم أكذب، ثم أكذب، حتى يصدّقوكَ الناس. ( مثلٌ مشهور )، نسمعه من هذا وذاك، وتردده الألسنة هنا وهناك.
هذا المثل القديم، بالرغم ممّا يتضمنه من تحريض واضح على الكذب، إلاّ أنّنا في السابق، كنا نعايش الكذبَ في لحظة زمن، أمّا اليوم فبات الزمن كلُّه كذباً ونفاقاً ورياء..
إحدى وصايا الله العشر لبني البشر هي ( لاتكذب ) إلى جانب لاتقتل، لاتسرق، لاتزنِ...إلخ. يعني أنَّ الكذبَ سماويّاً، هو بمرتبة القتل والزنى، لافرق.
 لهذا فإنّ الكذبَ غير مسموح به على الإطلاق، ولايجوز التسامح مع الإنسان الكاذب، لأنه لصٌّ يسرق الحقيقة من الآخرين، فيستولي على حقّ ليس له..
كان الناس القدماء يكنّونَ كلَّ الإحترام لوصية الله هذه، ويلتزمون بها أشد الإلتزام، وهم في ذلك، حدّيون حدّ السيف، لايساومون ولايهادنون ولايتراجعون..  
أما الحكام، فكانت لكلٍّ منهم طريقة خاصة، يقتصّ بها من الكاذب، حتى يحكم عليه بالموت أحياناً..
 عند الرومان، مثلاً، كان يُحرَق جبين الكاذب بحديدة مُحمّاة إلى درجة الإحمرار، ليبقى أثرها واضحاً، لاتمحوه الأيام، وتبقى شاهِدَ إثبات، ووصمة عار، تلازمه وتفضحه ما بقي حيّاً..
 الأمبراطور الروماني ترايانس ( 117م )، الذي اشتهر بحبه للصدق وبكرهه الشديد للكذب، كانت له طريقة مختلفة في التعامل مع الكذّابين، إذ كان يضعهم في سفينة بلا شراع، ولا مجذاف، لتعبث بهم الرياح والأمواج العاتية، إلى أن يقضوا غرَقاً أو جوعاً أو عطَشاً..
 أما الإمبراطور مكرينس ( 318م ) فكان يحكم بقتل المشتكي الكاذب، العاجز عن إثبات حقيقة شكواه وصحة دعواه..
وعلى عهد الإمبراطور كارلوس الخامس (155م ) كان يُحكَم على النمّام الكاذب، بأن يزحف على يديه ورجليه، وينبح كالكلب مدة ربع ساعة بمرأى من الناس.
بهذه النظرة الدونية كان يُنظر إلى الشخص الكاذب، وعلى هذا الأساس كان التعامل معه.
أمّا في وقتنا الحاضر فقد اختلفت الصورة تماماً، حيث صار الكذب موضة العصر، لا بل شهادة حسن السلوك، يحتاج إليها كل من يريد أن يرتقي سلّم المجد بسرعة البرق، أو كل من كان هاجسه منصباً رفيعاً، أو مركزاً وظيفياً مرموقاً يطمح إليه، ويرغب في تحقيقه بأيّة وسيلة ممكنة.
 وفي زمن الإنحطاط الذي نعيشه، تغيرت نظرة الناس للشخص الكاذب، فصار إنساناً مرغوباً ومحبوباً ومفضلاً أكثر من غيره، فهو بهلوان عصره، وسلطان زمانه، وهو الشاطر، والماهر، وهو السياسي الحاذق.. وكلّما كان مخادعاً وموارباً ومحتالاً، كان في نظر أهل النفاق، أقوى، وأهم، وأكثر إحتراماً..
 وأهل النفاق هؤلاء، لم يألوا جهداً في مقاومتهم ومحاربتهم لأهل الصدق، أهل الحقائق الصريحة، الذين لايأخذون بالوجوه وينخدعون بالأباطيل والبدع الكاذبة، ويبدو أنّهم أخذوا الحكمة و العبرة من الأساطير القديمة، التي تقول إحداها، أنَّ الكذبَ والحقيقة، ذهبا في أحد الأيام ليستحمّا في ينبوع ماء متدفق، فخرج الكذب من الماء أولاً، وآرتدى ثوب الحقيقة وآنطلق، فلمّا خرجت الحقيقة ولم تجد ثوبها، أبت أن ترتـدي ثوب الكذب، فسارت بين الناس عارية، فأخذوا يرمونها بالوقاحة، ويقذفونها بأسوأ الكلام، ويطردونها شرَّ طردة. أما الكذب فقد لاقى قبولاً وحبوراً وآستحساناً من الجميع، لأنهم خُدِعوا بمظهره، وبثوبه الذي سرقه من الحقيقة.
نحن اليوم ما أحوجنا إلى أمثال ذلك العالم الجليل، الذي دعاه الخليفة المنصور ذات مرّة، ليعهد إليه منصب قاضي القضاة، فآعتذر الرجل عن قبول المنصب الجديد، ولمّا ألحّ عليه المنصور قال:
 يا مولاي إنّني لا أصلح أن أشغل منصباً مهماً كهذا، لأنني لا أرى في نفسي الشخص المناسب لهذا المنصب، فقال له المنصور:
  إنّك تكذب، لأنّك من خيرة الرجال وأكفئِهم، فقال الرجل:
 كفى أنَّ سيدي أمير المؤمنين يشهد بأنّني كاذب.. والكاذب لا يصلح أن يكونَ قاضياً.
                          

143
الأخ بابل2010

أشكر مروركم، وتقييمكم الإيجابي للمقال...
دمتم أخاً عزيزاً، مع تحياتي وتقديري لشخصكم الكريم ..

144
المنبر الحر / فيضان نهر الحقيقة
« في: 21:38 26/01/2014  »
فيضان نهر الحقيقة


ثمّة مثل يقول: (( تستطيع أن تخدع بعض الناس بعض الوقت، ولكنك لا تستطيع أن تخدع كل الناس كل الوقت )).
هل يمكن أن يصل الزيف في حياة الإنسان إلى درجة تجعله يعيش هذا الوهم الكبير، ويصدق حتى كذبه على نفسه؟
وهل صار الحقد في هذه الدنيا أهم ما يخفيه الإنسان في داخله؟
في زمن، يتحالف فيه الجهل مع التخلف، والعنف مع التعصب والتطرف، ما أحوجنا إلى صوت جريء وهادىء في آنٍ معاً.
ما أحوجنا إلى صوت يهدر في الضمائر، ويكون متراس دفاع ورسالة بناء لغدٍ أفضل، صوت لا يعرف الخفوت أو المهادنة، قادر على أن يعلو على ضجيج الظلامية في أي مكان، صوت مميّز و معبّر عن موقف شجاع.
 ما أحوجنا إلى العصا المستقيمة في زمن الالتواءات والانحرافات.
 ما أحوجنا إلى الكلمة الهادفة المؤثرة في حياة  المجتمع، إلى صوت المثقف الذي يطمح في أن يكون مؤثراً في حياة الناس، ويكون نقطة استدلال يمكن العودة إليها في حالات التيه.
 نحن بأمس الحاجة إلى صوت لايعرف التراجع أبداً، إلاّ إذا تعثّر أو أخفق، بعد أن يكون قد استفاد من التجربة.
ما أحوجنا إلى قلم يندّد ويحذّر ويقدم نقداً موضوعياً بنزاهة قادرة وجرأة أكيدة، بالمنطق الرزين، بهدوء وبدون فتح نار، بكثير من التأني، بعيداً كل البعد عن التشنج أو العصبية، وبعيداً عن التذبذب في الموقف، مع التسليم بأنّ هذه المهمة ليست سهلة أو حتى ميسّرة أساساً، وأنّ من يسلك هذا الدرب الوعر لابد من أن يتعب ويتحمل ويقاسي، بسبب الصعوبات البالغة التي قد يواجهها وسط أحابيل السياسة ومكائدها وإغراءاتها أيضاً. وعلينا أن نتحسب بأنّ الناس ليسوا سواسية بالنوازع، وإن كانوا سواسية بالخلق، فمنهم من يعرف الحقيقة لكنّه يتعامى عنها، ويتعمد تشويهها، بدافع الحقد والضغينة والكراهية، أملاً في التشفي. ومنهم من لايعرف الحقيقة، لأنه بعيد عنها، فيجهلها. كما أنّ هناك من لا يريد أن يعرف الحقيقة ،لأنها لا تعنيه، فلا شأن له بها . وهناك أيضاً، من لا يميّز بين الألوان والمواقف والمسمّيات: الأبيض والأسود، الصافي والعكر، الحلو والمر. كلّها سواء بالنسبة له، لأنه عديم المذاق والإحساس. المهم عنده إشباع رغباته وطموحاته، حتى لو كان ذلك بشكل رخيص. فالحياة عنده فرصة يجب استغلالها واستثمارها بأية وسيلة، و إنْ كانت وسيلة قذرة أو غير شريفة.
لكل صنف من هؤلاء ردوده الخاصة به، تقرّه وتحركه نوازعه، ولكن باتجاهات مختلفة ودرجات متفاوتة. أيّاً كانت ردود الأفعال تلك، يجب عدم الالتفات إلى الوراء، بل السير قدماً بخطىً حثيثة نحو الأمام، حتى تنتصر إرادة الحق على الشر، و نحافظ على القيم والمبادىء التي ورثناها عن الآباء والأجداد، وحتى تبقى لفتة العز والشموخ إلى الأبد. فلابد لنهر الحقيقة أن يتفجّر يوماً ما، فتجرف مياهه بعيداً كل من يحاول إحباط الهمم وثبط العزائم، وكل من يحيك الأكاذيب وينسج الأضاليل وينشر الإفتراءات، هنا وهناك.

145
مؤتمر أصدقاء برطلة وشعاع من الأمل

سنحت لي الفرصة مؤخراً بالمشاركة في (مؤتمر أصدقاء برطلة) الذي انعقد في قاعة الشهيد سعد عبدلله بأربيل، للفترة من 23-24/11/2013- وكانت فرصة طيبة، لكي أضع إرادتي موضع الإختبار، فأنا من طبعي شحيح المشاركة في مثل هذه المناسبات، لأنني أدرك تماماً أنّ في النهاية ستصدر عنها توصيات غاية في الجمال والأهمية، ولكنها تبقى حبيسة الأدراج، ينتهي العهد بها عند تلاوتها في نهاية المؤتمر، فليس كافياً أن نتمنى أو نرسم أو نكتب لأنفسنا أهدافاً، إنما يجب أن نسعى لتحقيقها.
في الحقيقة، ما حفّزني على المشاركة في هذه المرة، إضافةً إلى الأهداف المعلن عنها، والتي من أجلها انعقد المؤتمر، هو مشاركة عدد من الأسماء الكبيرة فيه، ومساهمتهم الفعّالة في إعداده وتوفير الأجواء والمناخات الملائمة التي تكفل نجاحه، حتى يبلغ الأهداف التي رُسمت له، ويخرج بتوصيات عملية، قابلة للتنفيذ على أرض الواقع.
أجل، هذه المرة تسلل إلى داخلي شعاع من الأمل بعد أن التقيت بأشخاص متحمسين لقضايانا ومشاكلنا، أناسٌ نذروا أنفسهم للعطاء والتضحية من أجل تكريس قيم الحق والخير والجمال. جاءوا ليدافعوا عن كرامة ووجود ومستقبل شعب مهدد بالاقتلاع من جذوره، وتلك لعمري رسالة واضحة في مواجهة الباطل والشر والتطرف وكل أشكال الفتن. هامات عالية شاركت في هذا المؤتمر أمثال: الدكتور كاظم حبيب، والقاضي زهير كاظم عبود، والدكتور رشيد الخيون، وغيرهم ممن حضر وأعدّ له.
هؤلاء الناس جاءوا في عصر غابت عنه معاني البحث عن الحق.  جاءوا متبرعين للدفاع عن حقوقنا، وكانت مرافعاتهم صرخةً مدوّية من أجل الدفاع عن وجودنا والمحافظة على هويتنا وخصوصيتنا.
كل هذا يحصل ونحن غارقون في نوم عميق، أدمغتنا مشلولة، وإرادتنا معطّلة.
إنّها حقاَ لمأساة كبيرة أن يأتي الآخرون لنجدتنا، ونحن نتفرج ..
أي عاقل يروق له هذا المشهد؟!
متى نستفيق من هذا السبات الطويل؟، كما قال أحد المطارنة الأجلاء في مستهل كلمته التي ألقاها في المؤتمر.
لا أريد سرد ما جاء في جلسات المؤتمر، فوسائل الإعلام غطّت جانباً كبيراً منه، ولكن لابد لي من الإشارة إلى أنّ المؤتمر أعطى الفرصة للمتحاورين للتعبير عن آرائهم. حصل هذا في اليوم الأول، بعيداً عن مجمل المحاور التي ستناقش من قبل لجان العمل المنبثقة عنه، خاصة، أنَّ الحوار بحد ذاته يُعتبر عصفاً ذهنياً للتنفيس بحرية مطلقة، وفي أجواء صريحة وشفافة. وأعتقد أنّ المشاركين لمسوا من خلال تواجدهم في الجلسات مدى حرية المتحاورين في التعبير عن آرائهم من أجل معالجة القضية المطروحة للنقاش.
وقد سجّل المؤتمر حضوراً واضحاً للإخوة الشبك، وهم الخصم المفترض- إن صحّ التعبير- فكان لحضورهم الأثر الواضح في إثراء المناقشات والمداخلات التي تخللت الجلسة الحوارية المسائية في اليوم الأول. وفي تقديري أصاب منظمو المؤتمر الهدف في الصميم بتوجيههم الدعوات للطرف الآخر لحضور المؤتمر. ويعتبر هذا نجاحاً آخر للقائمين عليه.
إنّ ما نشهده في مناطق تواجد شعبنا من ظواهر التغيير الديموغرافي، لَهو مشهد خطير, يقلقنا كمسيحيين، والأخطر أنّ هذه المحاولات لها ارتباطات بمشاريع كبيرة إقليمية ودولية.
إنّ قوى الجهل والتطرف في بلادنا التي لا يردعها رادع قانوني أو أخلاقي أو إنساني، كانت ولا تزال أداة لمشاريع الفتنة والتمزيق والتخريب. وللأسف، فإنّ هناك قوى محلية تدعم التطرف وتموله، لإشعال النار وجعل أبناء شعبنا وقوداً لهذه النار.
إنّ التغيير الديموغرافي الذي حصل في (برطلة) ليس الأول من نوعه، ولن يكون الأخير. فمحاولات التغيير هذه جارية، ومستمرة في البلدات والقرى العائدة لأبناء شعبنا. بدأت في سهل نينوى، وفي تلكيف على وجه الخصوص، ثم انتقلت إلى بخديدا، والآن جاء دور برطلة.
ولم تسلم بلدتنا عنكاوا من هذه المحاولات المشبوهة. فما جرى ويجري في هذه البلدة يعلم به القاصي و الداني.
لعلّ البلدة الوحيدة التي استطاعت أن تقف في وجه هذه الريح الصفراء، و تنأى بنفسها بعيداً عمّا يحصل، هي بلدة (ألقوش)، بفضل أهلها الغيارى، الذين ظلوا محافظين على هويتهم وخصوصيتهم، فهم يستحقون منّا أن نرفع لهم القبعات احتراماً.
كنت أتمنى أن ينعقد هذا المؤتمر قبل سنوات خلت،  تحت عنوان أشمل ومساحة أكبر، آخذاً بنظر الإعتبار التجاوزات التي حصلت في جميع مناطق شعبنا الكلداني السرياني الآشوري, ولكن ...
 في النهاية، أتمنى أن يحقق هذا الملتقى المبارك كل النجاح، و أن تكون قراراته وتوصياته فاعلة ومجدية، تأخذ طريقها إلى التطبيق العملي. فنحن بأمس الحاجة إلى الأعمال، لا إلى زُخرُفٍ من الأقوالِ...

صفحات: [1]