قضية المضايقات المتكررة على أهالي القرى الآشورية في نهلة.
أنني لست غريبآ عن هذه القرى،لقد زرتها في بداية الستينات من القرن الماضي عندما كانت قوة الشهيد هرمز مالك جكو في المنطقة،كما زرتها قبل عدة سنوات والتقيت مع بعض الأخوان في الهيئة التدريسية،وزرت معهم معمل الراشي المشهور في المنطقة الذي يعمل بقوة الماء فقط،لذلك أجِدُ من الضروري أن أعبر عن رأي حول الموضوع.
ان العراق ليس البلد الوحيد في العالم الذي توجد فيه خصوصيات قومية ودينية،وتوجد فيه مذاهب وطوائف ضمن الأديان،ومن الصعب جدآ أن تجدُ بلدآ واحدآ بدون هذه الخصوصيات،كما يوجد هناك في دولة واحدة وضمن الدين الواحد قوميات متعددة، وهكذا هو شأن العالم،وجميع هذه القوميات تتمتع بحقوقها القومية والوطنية الى حدِ ما.أما في العراق اليوم تمارس هذه الخصوصيات بتَعَصُبٌ شديد، ويتم التصرف في أجوائها تاركآ دورهم الوطني والقومي والأنساني،وهذا التعصب في الخصوصيات تمنعهم من أن يتعاملوا مع الحياة ومع وحدة الشعب في أطارها الوطني الصحيح.
نحن كقومية آشورية تضم (الكلدان السريان الآثوريين)،نتصرف من منطلق وطني وأنساني بعيدآ عن التعصب القومي والطائفي،بعكس مما هو لدى الآخرين من مكونات الشعب العراقي وهذا ما نلمسه منهم،ونحن نطالب بحقوقنا القومية المشروعة منذ سقوط النظام أي منذ ما يقارب العشرين عامآ،ولكن لم نجدً هناك آذانآ صاغية لمطالبنا،أنما كنا نسمع من المسؤولين كلام جميل جدآ ووعود شفهية كثيرة ولكن من دون تنفيذ.
أن ما يجري بالقرى الآشورية الواقعة في (دشت نهلة) قضاء عقرة،هو أعتداء سافر على الناس الآمنين،بسبب التعصب القومي والديني،وأن حجج ومبررات هذا الأعتداء الأخير !!!وليس آخرآ،لا يصدقه العقل البشري،وعلى سبيل المثال،يدَعون.. بأن مقاتلي منظمة p.K.K. يحصلون على مواد غذائية وغيرها من أهالي هذه القرى التي لا تملك قوتآ لنفسها،وهذا أتهام باطل لا أحد يصدقه،وبنفس الوقت هو أهانة لهؤلاء الثوار الذين مضى على حركتهم أكثر من أربعين عامآ،ولهم أكثر من مائة ألف شهيد، ينظر اليهم كأنهم عصابة من بضع أشخاص يتسللون الى القرى والأرياف للحصول على قوت يومهم،بينما ينتمي الى هذه المنظمة (p.k.k) ويوآزرها ملايين من الشعب الكوردي المناضل،بما فيهم عشرات من أعضاء مجلس النواب التركي،ولهذه الحركة أموال تقدر بمئات الملايين من الدولار،وهذا بأعتراف عدوهم ..الحكومة التركية،ويملكون أسلحة متطورة حديثة،لاتملكها قوات البيشمه ركة في منطقة قضائَي عقرة وعمادية،ولو فرضنا أن تهريب المواد الغذائية يتم من تلك القرى،فهل من المعقول أن قوات البيشمه ركة ،وقوات الآسايش ،وتنظيمات الحزب في المنطقة، لا يستطيعون تأمين الحماية لعدد من القرى الصغيرة التي لا يتجاوز عدد نفوسها ألفي نسمة ،بالأضافة الى أن جغرافية المنطقة مسطحة بسيطة،لا تتجاوز مساحتها عشرون كيلو متر مربع ،وهذا أهانة للوحدات العسكرية المتواجدة في المنطقة،أنها حقآ كارثة،ولو أننا أردنا أن نصارح أنفسنا ونضع أيدينا على موضع الخلل الجوهري ولا يخفي على أحدٍ ذلك،أقول أن هذه المضايقات محصورة فقط بين أهالي ناحية باكرمان وهذه القرى ،ويبدو أن أهالي باكرمان لهم نفوذ سائد في المنطقة،وينتمون جميعهم الى عشيرة الزيباريين التي يرأسها هوشيار زيباري وأولاد أخيه ومنهم شمال زبير زيباري،ولكن لا أعتقد.. ولا يمكن للسيد هوشيار أن يؤيد أو يدعم هؤلاء المعتدين ولو أنهم من عشيرته،لأنه رجل دولة وأرفع من هذا المستوى،على أية حال أن هدف هذه المضايقات هو تهجير أهالي هذه القرى بشتى الوسائل من المنطقة،لأن هذه القرى غنية بالمياه الوفيرة العذبة،وبالأراضي الزراعية الخصبة ،وهذا هو السبب الرئيسي من هذه المعوقات والتجاوزات المتكررة،وأذا وجِِِدَ حلآ لهذه المشكلة اليوم،حتمآ سيبحثون غدآ عن سبب آخر لمشكلة جديدة،وهذا ما نلاحظه ونلمسه منذ سقوط النظام والى يومنا هذا،أن المشاكل في هذه المنطقة لم تنتهي ولن تنتهي.لأن مدينة باكرمانالواقعة على سفح جبل القريبة جدآ من هذه القرى،تفتقر الى المياه ولأراضي الزراعية الخصبة والمراعي،وهذا هو السبب الرئيسي في خلق هذه المشاكل وغيرها.
أنني واثق بأن القيادة السياسية في الأقليم لا عِلمَ لها بما يحصل من مشاكل في هذه المنطقة،ولا أعتقد يسمحون بذلك،ونطالب ممثلي شعبنا في برلمان أقليم كوردسان وفي الحكومة، بعرض الموضوع أمام رئيس الحكومة السيد مسرور البارزاني،وهو الذي وعدَ وفدآ من أبناء شعبنا لدى لقائه معهم أثناء زيارته الى واشنطن قبل عدة أسابيع،تعهد لهم بتحقيق الحق والعدالة بين المتخاصمين في الأقليم دون تميز .وسوف يضع حدآ لهذه التجاوزات المتكررة.
من القضايا التي سيظل الأنسان يعدها قضية مهمة جدآ،جليلةَ القَدرِ رفيعة الشَأنِ في حياتهِ هي قضية الأرض والوطن، ومرجع ذلك أن هذه القضية تؤثر بشكل مباشر على حياة ومصير الأنسان نفسه ،ونلاحظ هذه الأيام الحرب الطاحنة في غزة وسببها أيضآ الخلافات على الأرض والوطن.
داود برنو
18/3/2024