عرض المشاركات

هنا يمكنك مشاهدة جميع المشاركات التى كتبها هذا العضو . لاحظ انه يمكنك فقط مشاهدة المشاركات التى كتبها فى الاقسام التى يسمح لك بدخولها فقط .


الرسائل - Taqi Alwazzan

صفحات: [1]
1
بين المأزق والمشاريع السياسية    
       

تقي الوزان

البرنامج السياسي الذي اتفقت عليه قوائم التوافق والحوار والعراقية وحزب الفضيلة , وبعض الأطراف من الأسلاميين والأكراد , حسب ما ورد في النشر غير الرسمي يوم 20070711 . يمثل طريق يمكن ان يؤسس عليه للخروج من المأزق العراقي الحالي . واذ تعترف الورقة بعجز القوى السياسية العراقية من التوافق وايجاد الطرق الجادة للتخلص من المحاصصة الطائفية والقومية التي اسست لهذه الكوارث , والعودة لتنشيط الأنتماء الوطني للعراق , تقترح ان تشكل لجنة من العراقيين والأمريكان وهيئة الأمم المتحدة لأختيار رئيس وزراء شيعي مقبول وغير طائفي , ووزراء تكنوقراط لاينتمون الى جهات سياسية , يقدمون استقالات موقعة وغير مؤرخة عند استيزارهم , وفي حالة اثبات فشل اي منهم في ادارة وزارته , تفعل هذه الاستقالة .

مما لاشك فيه ان تفعيل دور هيئة الامم المتحدة بالأشراف على تطوير العملية السياسية في العراق امر ضروري وهام جدا في المرحلة الحالية , والتي اكدت على انحياز سلطات الاحتلال لتقديراتها الخاصة , وتعاملها مع المكونات العراقية على اساس اجندتها فقط في الترك المقصود للوحدة الوطنية العراقية , وجعلها تتبعثر في تطلعات واهداف الاحزاب الطائفية والقومية . وكلنا نذكر تدخل الشهيد "ديميلو" ممثل الأمم المتحدة في تعديل مكونات مجلس الحكم وفرض اضافات ديمقراطية عليه , وعدم الأكتفاء على تشخيص متطلبات الاجندة الامريكية فقط .

ان بعض الاطراف التي طرحت الوثيقة , غير مؤهلة لتطبيق وسائل تنفيذها لصالح وحدة العنوان العراقي , بقدر رغبتها بالعودة الى السلطة .  وهذا توجه بعثي يمثله بوضوح صالح المطلك رئيس قائمة "الحوار" , وبعض الاطراف في قائمة "التوافق" . ولا ضرورة لتوضيح ماذا تعني الوحدة الوطنية للبعثيين , فهي ليست اكثرمن وسيلة يمارسون بها دموية السلطة مرة اخرى , اضافة لتطرف اطراف اخرى عملت على توسيع التمزق الامني , ومدت نفوذها عن طريق الجريمة والتطهير الطائفي . والبرنامج بالنسبة لهؤلاء ليس اكثر من وسيلة تستغل الانحدار الطائفي والقومي الذي وصلت اليه الاطراف الاخرى .
وتتحدث الورقة ايضا على موافقة وتأييد اطراف لها وزنها , مثل مرجعية السيد علي السيستاني . ويبدو انها حققت خطوات لايستهان بها , حتى دفعت علماني متشدد صرح كثيرا بضرورة فصل الدين عن السياسة لزيارة السيد السيستاني في النجف , لتأمين الموافقة على استيزاره في حكومة التكنوقراط المنتظرة , وهو الدكتور مهدي الحافظ وزير التخطيط السابق .

ان هذا التسريب غير الرسمي و"السريع" للوثيقة , يبغي التأثير في خلق الجو العام الايجابي حولها , قبل ان تتمكن اطراف جبهة "الاعتدال" من الحزبين الكرديين الرئيسيين والحزبين الشيعيين "المجلس الاعلى" وحزب "الدعوة" , من طرح برنامجها في دعم الحكومة الحالية . ويبدو ان هذا التأخير – ومثلما ذكر الدكتور عزيز الحاج في مقاله القيّم حول "الأعتدال" – هو بسبب عدم التمكن من صياغة مفهوم "الأعتدال" الذي يترفع على الممارسة الطائفية والقومية التي اصبحت طابع هذا التكتل , ويمكن ان يجذب له باقي الاطراف لتحشيد الزخم المطلوب لأفشال المشروع الآخر .
ويبدو ان تكتل "الاعتدال" اخذ يدور في التعصب لقوته في الحفاظ على انجازاته الطائفية والقومية على حساب الدمار والدموية التي لفت الشارع العراقي . الا ان ما يحرج الأكراد في هذا "الاعتدال" عدم موافاته في توحيد خطواته السياسية مع خطوات سلطات الاحتلال , والرغبة الامريكية .  ومن المؤلم ايضا , ان تتم الاستجابة للشروط الامريكية بالموافقة على قانون استثمار النفط الذي هو العصب الاقتصادي الرئيسي لأعادة بناء العراق , كرشوة لأقناع الراعي الامريكي مقابل الموافقة على استمرار المنجز الطائفي , والتغاضي عن التبعية السياسية للنظام الايراني بالنسبة للأحزاب الشيعية . وهذه الأزدواجية هي التي سرّعت في اعادة تعاون الأمريكان مع البعثيين , ولن يتهاون الامريكان بمد نفوذ النظام الايراني عدوهم الرئيسي في المنطقة . واذ كانوا اليوم يركزون هجومهم على التيار الصدري فقط , فبعده سيأتي الدور على باقي امتداد النفوذ الايراني , والأختراقات التي حققوها طيلة هذه السنوات في الاحزاب العراقية يمكنهم من معرفة اي الاحزاب الاكثر تنظيما والاخطر على وجودهم من التيار الصدري . ولابد لهم من العمل السياسي بدعم المشروع الآخر , كمحاولة لايقاف النفوذ الايراني بوسائل قد لاتكلفهم تضحيات عسكرية ان امكن .
Wz_1950@yahoo.com

2
زوبعة علاوي ومكامن الخطر على وحدة العراق
       

تقي الوزان

يعتقد البعض ان توجيه الخطوات – وليس توحيدها – مع التوجه العالمي , هو خضوع للسيطرة الامريكية , ويتناسى تأثير العامل الدولي في توجهات حركت الشعوب مهما صغر حجمها . واذ كانت الشعوب وقعت سابقا تحت مؤثرات صراع القطبين , وما تبع ذلك من شك وريبة , جعل من كشف بيانات حوادث المرور احد اسرار الدولة التي يعاقب عليها القانون . الا ان التقديرات تبدلت , ومنذ بداية التسعينات من القرن الماضي , اي منذ انهيار الاتحاد السوفيتي ومعسكر الدول الاشتراكية , وما رافقها من ثورة في المعلومات ووسائل الاتصال بين مختلف شعوب الارض , واصبح الاتصال حتى بمخابرات واجهزة امن دول اخرى مسألة طبيعية . وفي بعض الاحيان يتم التشرف بها على انها احد الميزات التي لايستطيع اي انسان من بناءها , وهذا ما اكده الدكتور اياد علاوي في عدة تصريحات , وان علاقته ليست مع المخابرات الامريكية فقط , بل مع مخابرات اغلب دول الاقليم التي يمكن ان تساعد في استقرار العراق .

والخوف ليس من اقامة هذه العلاقات "التي يمكن ان تساعد في استقرار العراق" . ولكن , كل دول الأقليم بدون استثناء لاتريد النجاح للتجربة العراقية , اما للخوف من التوجه الامريكي اليها بعد استقرار العراق , او الخوف من انعكاس النجاح الى مطالبات جماهيرية داخل مجتمعات هذه الدول . والجانب الآخر , التوجهات الملتبسة للدكتور اياد علاوي سواء في اندفاعه المبكر للعمل مع البعثيين بدون تمييز – ولو انه يؤكد في تصريحاته على البعثيين غيرالمجرمين - . وفي نظرة بسيطة لاتحتاج الى احصاء , تجد ان البعثيين بين صفوف الاحزاب الشيعية , والجحوش بين صفوف الاحزاب الكردية , أكبر من كل تنظيمات " الوفاق " التي يرأسها اياد علاوي . والأهم في هذا الالتباس هو الرغبة المكشوفة للدكتور علاوي بالعودة الى رئاسة
الوزراء , وقد تأخذ هذه الرغبة اذا تفاعلت مع مصلحة دول الاقليم مسار خارج اطار العملية السياسية , وهذا ما وضع تحركاته في اطار التآمر , بعد ان أكدت التسريبات بوجود بعثيين وجحوش يرفضون العملية السياسية بالأساس , يعملون معه .

ان زوبعة علاوي , ومن معه حتى من اطراف ما يسمون بالسنة  ويشتركون في العملية السياسية , لاتشكل تلك الخطورة القاتلة لسير العملية السياسية , وتبقى مكامن الخطر الحقيقي في عدم توحد الطريق لأعتبار: ان نجاح العملية السياسية لايتم الا بظل سلامة وحدة العراق . وبالنسبة للقائمة "الكردستانية" ما لم تعطى الأولوية" لسلامة وحدة العراق" قبل الحصول على ما يمكن الحصول عليه لصالح القضية القومية الكردية , تبقى ما حققته القضية الكردية موضع شك وخطر من قبل دول الأقليم والآخرين . والخطر القاتل الآخر , استمرار الأرتماء لبعض الاطراف الشيعية في حضن النظام الايراني وتنفيذ اجندته , وزيادة حدة الصراع الدموي بين الأحزاب الشيعية ذاتها لتوسيع مساحات نفوذها وسلطتها بالنسبة لقائمة"الائتلاف" .

ان سلب الحكومة المركزية لأغلب سلطاتها , والأبقاء على اسم العراق كعنوان يستر عري تمزقه , لايخدم مصلحة هذه الاطراف . وبالعكس , رفض مثل هذا التمزق , كلمة الحق التي رفعها البعثيون , وأريد بها باطل عودتهم الى السلطة , وكانوا اذكى من الآخرين . ان الحراك السياسي الكثيف الذي يجري حاليا بين مختلف القوائم , وتصريحات السادة رئيس الجمهورية ورئيس الوزراء وباقي القيادات الوطنية , تؤكد على الشعور العالي بالخطر . ويأمل العراقيون من هذا الحراك ان توضع سلامة وحدة العراق كحاوية تحمي وتحافظ على المنجزات القومية , وتضمن الحريات الديمقراطية لكل مكونات الشعب العراقي . ومن دونها لايمكن حل اشكاليات الدستور , واتمام الأتفاق على اقرار باقي القوانين المعلقة , ولا امكانية توحيد الأرادة  وفرض المصلحة الوطنية على سلطات الأحتلال .
Wz_1950@yahoo.com

3
المنبر السياسي / هاوية ألأمل
« في: 14:18 20/05/2007  »
هاوية ألأمل

 تقي الوزان

يعتقد الكثير من العراقيين أن لاخلاص للعراق ما دام النظام الايراني موجوداً , وسيستمر العراق ساحة لتصفية الحسابات بين ايران والولايات المتحدة الامريكية , حتى لو تم القضاء على عصابات القاعدة , وتم تطمين احتياجات البعثيين في ضمان عدم ملاحقتهم , واشراكهم الفعلي في السلطة , كما يجري عليه العمل حالياً . ويؤكد العراقيون ايضاً , ان الذي يخدم النظام الايراني في تعميق تواجده ليس الامتداد المذهبي الشيعي كما يحاول مرتزقة هذا النظام تسويقه , بل في دمج مصلحة النظام الايراني وتطلعاته القومية مع متطلبات الطائفة الشيعية العراقية , ويجعل من نفسه حامي للشيعة في كل مكان  .
ان اللقاء المرتقب على مستوى السفراء بين النظام الايراني والولايات المتحدة الامريكية في بغداد خلال الايام القادمة , يناقش كيفية مساعدة الحكومة العراقية في تحقيق الامن كما هو معلن , وربما مواضيع أخرى قد تصل الى المشروع النووي الايراني . ومع هذا الاعلان أخذ الدائرون في فلك المشروع الايراني يروجون لفكرة التعاون – ربما الستراتيجي -  الذي سيقام بين ايران واميركا , ومعهم الكثير من الطبالين العرب الذين يحركهم كرههم للأمريكان فقط , ويعتقدون انهم يثيرون مخاوف الانظمة العربية الرسمية , وبالذات الخليجية , لدفعها للتعاون مع الجارة المسلمة النووية , قبل ان يفوتهم القطار ويتم التفاهم على " سايكس بيكو " جديدة بين " العملاقين " النوويين ايران وأميركا . وتناسوا أصطفاف هذه الانظمة بكل امكانياتها خلف صدام في حربه على ايران , وكانو السبب الرئيسي في استمرار الحرب لثمان سنوات .
بهذه السطحية لبعض الخبراء والمحللين السياسين لهذه الأمة البائسة , يجري التعامل مع قضية الارهاب الدولي , ودول محور الشر , وصراع الحضارات . وكأن الصراع بين ايران وأمريكا هو صراع شخصي , تجري تصفيته بلقاء أو لقائين تزول فيها اسباب التوتر النفسي بين " الشقيين" ليعاودا بعدها اقتسام النفوذ و" الخاوة " من باقي ابناء المحلة . وليس صراع بين مشروعين كونيين , لابد ان ينتهي احدهما بأنتصار الآخر .
وبعكس الذين يكتئبون ويعتبرون ان مجرد الاجتماع هو نجاح دبلوماسي لايران , طالما بحثت عنه طيلة السنوات الماضية . أرى ان هذا الأجتماع هو بداية التحرك الجاد على طريق صدام المشروعين , والطرفان يدركان ان الاجتماع ليس الا أستشعار مباشر للتوجهات ضمن ما يسمى ب"صراع الارادات" . ويدركان ايضاً أن الورقة العراقية هي الاقوى بيد الايرانيين , ومن صالحهم ان يتم النزال في هذه الساحة التي كثر فيها التخبط الامريكي , وأصبحت العتبة الرئيسية للعبور, وتغيير المنطقة برمتها .
ان الامريكان يأملون من هذا اللقاء , ولقاءآت أخرى ستتبعه لتأخير لحظة الصدام الى فترة أخرى , يستكملون فيها تأثير العقوبات التي بدءت تظهر في داخل المجتمع الايراني . وحسب ما يورد الدكتور عبدالله المدني الخبير في الشؤون الايرانية في محاضرته في جمعية المنبر الديمقراطي التقدمي , ان نسبة البطالة في ايران أصبحت 25 في المئة , و40 في المئة من عدد السكان تحت خط الفقر , ويعاني اكثر من ستة ملايين ايراني من مشاكل الادمان على الافيون والحشيش , ومعدلات التضخم في اسعار المواد الضرورية 17 في المئة , وترزح الدولة تحت ديون خارجية تزيد على 25 بليون دولار اي ما يعادل ربع الناتج القومي الكلي , وتستورد ايران الغنية في النفط والغاز 40 بالمئة من حاجاتها من المشتقات النفطية والمحروقات مثل البانزين والمازوت من الخارج بسبب النقص الكبير في مصافي التكرير , وانفقت الدولة في العام الماضي نحو24 مليار دولار على استيراد المحروقات وزيوت الطبخ فقط .
ان النظام الايراني أخذ صبره ينفذ , ويستعجل لحظة التصادم ليضع اسباب التردي المذكورة على عاتق التدخل الخارجي "الامريكي" الذي لايريد لايران ان تزدهر, وطالما سوق للشعوب الايرانية فكرة ارتباط رخائهم بأكمال مشروعهم النووي . والنظام اخذ يدرك أستحالة السير بهذا المشروع , وهو بحاجة الى ضرب منشآت المشروع النووي فقط , للتخلص من مسؤولية الخسائر المادية الكبيرة طيلة هذه السنوات اولاً , وثانياً , للأحتفاظ بباقي ادوات قوته كالمؤسسة العسكرية , التي يستطيع ان يوجه بها الضربة الموجعة للتواجد الامريكي في العراق , كرد أعتبار يُنهض به المشاعر الوطنية الايرانية , ويعيد تسويق نفسه . والامريكان يدركون هذا جيداً , ويعملون على افشال مساعي النظام الايراني من تنفيذهذا التخطيط .
ان الافق المظلم الذي ينتظر العراقيين نتيجة غياب مشروعهم الوطني , واشتداد الصراع بين المشروعين , والسقوط المتوقع لأحد الطرفين , ورغم كل الخسارات التي لحقت بالعراقيين , والخسارات الكبيرة المتوقعة في هاوية هذا الصدام , يبقى الامل في لملمة باقي ركامات العراق , وعسى ان يكون درساً لايعيد العراقيون فيه غلطتهم في انتخاب هذه الشلل مرة أخرى , اذا بقي العراق .

4
المنبر الحر / تلك هي المسألة
« في: 12:44 05/05/2007  »
تلك هي المسألة
             

تقي الوزان

تلام الحكومة وكأنها كائن قائم بذاته , وليس تابعة لعملية المحاصصة , وكل وزير يقوم بتنفيذ مصلحة الطرف الذي يمثله اولاً . وليس لتنفيذ برنامج الحكومة اولاً , وحزبه يستفيد من بعدها . وهذا احد الأسباب الرئيسية لبقاء استمرار الحكومة معتمدة على رعاية الوجود الامريكي , مثل اي قاصر لم يبلغ سن الرشد .
واللوم في بقاء العراق يتخبط في هذا الوضع يقع على من تمثلهم هذه المحاصصة من احزاب طائفية وقومية , وليس على قوات الاحتلال التي يهرع اليها ممثلوا هذه الاحزاب في كل صغيرة وكبيرة . والتعكز في تبرير استمرار تدهور الوضعية لايمكن تحميله على الجانب الامريكي فقط , واعادة ترديد : حل الجيش , والاجهزةالامنية , واعتماد الطائفية والقومية في تقسيم المكونات العراقية , وكل الاخطاء التي رافقت عملية اسقاط النظام المقبور , هذا النواح لايجدي نفعاً في اعادة البناء . وكذلك التبريرات التالفة مثل : لولا جرائم البعثيين و" القاعدة" لما تنامت المليشيات الشيعية وفرق الموت , وكأن البعض من هذه المليشيات لم يكن موجوداً قبل اكثر من عشرين عاماً , أوممارسة السرقة , والأعتداء على الناس العزل , وارتكاب انواع الجرام, ومصادرة حرية الناس , وتحويل المدن الى حسينيات وجوامع . ما علاقتها بجرائم البعثيين والسنة التكفيريين و"القاعدة" ؟ ألم تخدمهم هذه الجرائم وتضعهم على قدم المساوات مع احزاب ومليشيات الشيعة  . هذه السلوكيات هي التي نزعت الثقة , وفرضت ان تطلق وبتأثير دول الجوار السني " وثيقة عهد وطنية للمصالحة الشاملة في كل ربوع العراق بأستثناء تنظيم القاعدة" . والمقصود " في كل ربوع العراق" للتخفيف من مع كل البعثيين , هذا ما صرح به وزير خارجيتنا هوشيار زيباري يوم 20070503 على هامش مؤتمر " شرم الشيخ " , وهذا يعني انتهاء متابعة البعثيين مهما كانت جرائمهم .
وفي الجانب الآخر , يجري التهليل لكل نزعة قومية متعصبة تعمق جذور الأنفصال – الغير طبيعي – خارج حدود الحق المشروع لطموحات الشعب الكردي في فيدراليته الحالية , وتشكيل دولته القومية لاحقاً مع اطراف باقي كردستان . أو استغلال الفجوات التي لم تكتمل بعد بجعل الفيدرالية نظام سياسي تمارسه الجماهير العراقية بتلقائية . هذا التهليل هو الذي يسلب الارادة من القيادة القومية للأحزاب الكردستانية من الدخول بكل طاقاتها لايجاد حل جذري للأزمة العراقية . فهي ثاني أكبر مجموعة في ادارة وتوجيه العراق , ومئة في المئة بأدارة وتوجيه كردستان , وهذا ثبت في الدستور , وأصبح من غير المعقول ترديد المخاوف التي رافقت سلب الحكومات العربية المتعاقبة على السلطة في العراق للحقوق القومية الكردية .
أن مؤتمر " شرم الشيخ " يلزم الحكومة انجاز المهمة الأكبر لأعادة النهوض بالعراق , مثل المصالحة , وحل المليشيات , ومراجعة الدستور وغيرها , مقابل الدعم الدولي لها . والحكومة بوضعها الحالي وسط كوابح المحاصصة الطائفية والقومية عاجزة عن انجاز الشئ البسيط من هذا الألزام كما اثبتت التجربة . والامريكان يضعون الحكومة العراقية في هذا المؤتمر امام أمرين لاثالث لهما , اما النجاح والنهوض بتنفيذ الألتزامات , أوالفشل , وكشف عجز هذه التوليفة الطائفية والقومية التي تقود السلطة امام انظار العالم . وتعلق كل أخطائها على شماعة فشل العراقيين , وتتخلص من الاحراج في الاقدام على خطوات أخرى تستعيد بها " السيادة " من العراقيين , بتأييد دولي جديد , وقرار من الامم المتحدة مرتاً أخرى .
أن المسؤولية الأكبر تقع على عاتق قائمتي " الائتلاف " و "الكردستانية " لكونهما تقودان السلطة . وما لم تتفهم أحزاب " الائتلاف " التفريق بين المصلحة الوطنية العراقية وبين مصلحة الفرس العراقيين , وليس المقصود العراقيين المتحدرين من اصول فارسية , بل العرب والاكراد والفرس والتركمان العراقيين الذين يلتحمون بالمشروع القومي الايراني المتلبس بثوب الطائفية الشيعية . فهؤلاءلاتهمهم مصلحة العراق , بل المشروع الايراني فقط . ويخطئ من يعتقد ان المشروع الايراني هو النووي فقط دون الرغبة الايرانية بالأستحواذ على المنطقة برمتها .
وما لم تتفهم القيادة القومية للأحزاب " الكردستانية " بأن حلم قيام الدولة الكردية لن يتحقق الا عبر مرحلة – واشددعلى كلمة مرحلة – قيام العراق الحرالديمقراطي الفيدرالي الموحد .
وما لم تتم معالجة هذين القضيتين بشكل جذري , والأستعجال بتصفية انعكاساتهما السلبية, تبقى باقي
 الخطوات مثل انسحاب حزب "الفضيلة" , والتغييرات الوزارية وغيرها رغم اهميتها , لن تتمكن من انجاز تحقيق التزامات الحكومة امام المجتمع الدولي . والعراقيون يدركون جيداً ان مصلحتهم تتوافق مع مصلحة النظام الدولي الذي تقوده اميركا في هذه المرحلة , ولا نستطيع ان نعيد بناء الدولة , ونعيد تنظيم مجتمعنا من دون هذا التوافق . والنظام الدولي لن يسمح بأستمرار وجود انظمة طائفية مثل النظام الايراني , وان لم يستطع من ازاحته , فسيعاديه على طول الخط .

5
المنبر الحر / عشية المؤتمر
« في: 12:24 02/05/2007  »
عشية المؤتمر 
       
تقي الوزان

لاشك أن الحكومة العراقية تخضع لضغوطات كبيرة من كل الأطراف , لاتتناسب مع حجم أمكانياتها , وهي التي تعاني من سرطان المحاصصة الطائفية والقومية . وأهتمامها يجري بأستمرار لمراعات هذا المرض الذي يمنعها ويشل قدرتها من الألتفات الى بناء مشروعها السياسي المعلن في بداية تشكيلها . ذلك المشروع الوطني الذي أصبح ألعوبة بيد أطراف الصراع الطائفي , وفتح الباب على مصراعيه لمصادرة هذا المشروع الوطني , وأصبح الصراع لحسم توجه العراق بيد تكالب أطماع دول الأقليم , وتوجهات السياسة الدولية بقيادة الولايات المتحدة الامريكية .
منذ بداية الثورة الأسلامية في ايران عام 1979 , عاد العراق ليكون في صلب آخر موجة صراع طائفي تستهدف وضع اليد عليه وأستمرت لحد الآن , بين ايران الشيعية ولها امتداد مذهبي كبير , وحقوق مرجعية تتمثل بالعتبات المقدسة ومراقد الأئمة الأطهار , ومستقر الحوزات العلمية . وبين الواجهة السنية التي تمثلت بوقوف أغلب الأنظمة العربية , وبالذات الأنظمة الخليجية خلف شن الحرب على ايران من قبل نظام المقبور صدام , وادامتها لثمان سنوات , حصدت فيها آلاف القتلى و أشد المآسي للشعبين الجارين .
ان دموية نظام صدام , والسيطرة البوليسية المطلقة التي فرضها على المجتمع العراقي , حالت دون وجود أختراقات ايرانية داخل العراق . وكان النظام العربي السني مكتفياً , ومطمئناً , لقساوة النظام الصدامي كمصد حقيقي يمنع تنامي نفوذ الثورة الأسلامية الايرانية بأتجاه العراق وباقي دول المنطقة . وجاء تناغم الدول الخليجية مع الامريكان بايقاف الدعم لنجاح انتفاضة العراقيين في آذار عام 1991 , واعادة الحياة لنظام صدام بهذا السبب ايضاً .
الا ان سقوط النظام الصدامي ,اسقط هذا المصد امام رغبة ومصلحة النظام الايراني الذي عجل في مد نفوذه , واستغل كل الوسائل الممكنة لتثبيت هذا النفوذ . والذي ساعده أكثر , عدم استيعاب الامريكان لطبيعة هذا التداخل المذهبي , وأمكانية تحويله الى أستحواذ طائفي لصالح ايران , وهذا ما حصل , أو لأعتقاد الامريكان بأمكانية اللعب على الورقة الطائفية لغرض احكام السيطرة أكثر على العراقيين . وفي الحالتين أكتفى النظام العربي السني بجبروت قوات الاحتلال للحفاظ على التوازن المطلوب . وقد فاته الفارق في معرفة مكونات الشعب العراقي لحفظ هذا التوازن بين نظام صدام العراقي , وبين قوات الاحتلال الغير عراقية . الى أن تبلورت مرجعية سنية – غير القاعدة وكبار مجرمي النظام الصدامي – ضمت بين أطرافها سنة وقوميين عرب وبعثيين متنفذين في حزب صدام . ووجدت هذه المرجعية في النظام العربي السني الجدار الجاهز الذي تستند عليه , وأنضم اليها بعض العلمانيين من الشيعة والسنة في مسعى لايقاف النفوذ الايراني , الذي جعل من النظام الايراني اللاعب الأقوى في الساحة العراقية . والطرف الآخر في هذه الخارطة العراقية هو أحزاب القائمة "الكردستانية" , والتي لاتزال تتريث , ولاتعطي دعمها الا للأقوى , وبشرط أن يمنحها الدعم الكامل في تحقيق تطلعاتها القومية .
بهذه اللوحة التي تفتقد لقوة المشروع الوطني تدخل الحكومة العراقية الى مؤتمر "العهد الدولي" في شرم الشيخ , وهي متوزعة بين ارادات مشاريع الامريكان والايرانيين والنظام العربي الرسمي , ورغبة كردية تنزع للأستقلال بين فجوات هذه المشاريع .
ان المؤتمرين في "العهد الدولي " ودول "جوار العراق" سيطالبون الحكومة العراقية بخطوات أكثر جدية , وأكثر وضوح , في المحافظة على وحدة العراق , والنهوض بأعادة بناء الدولة على اسس سليمة , وأنهاء المليشيات , وتحقيق الامن , واقتسام الثروات بالتساوي , واعادة النظر ببعض مواد الد ستور , والسير الاسرع بأتجاه المصالحة الوطنية . والخوف من عدم تمكن الحكومة مرتاً أخرى من انجاز هذه الخطوات رغم الدعم الذي ستحصل عليه من مؤتمر"العهد الدولي" بالذات , وهو الفعّالية التظامنية الدولية الأكبرحجماً في التاريخ , والتي أستطاعت اميركا بهيمنتها الدولية ان توظفها لصالح دعم المسيرة العراقية .
ان الرغبة الجادة للسيد رئيس الوزراء , وبعض الاطراف في الحكومة , لتحقيق شئ ملموس في طريق الوحدة الوطنية وأعادة بناء العراق , أصطدم بالأرادات المضادة التي عطلت حتى عمل اللجان المرافقة لدعم الخطة الامنية , والأحتيال لعدم الالتزام بحل المليشيات التابعة لها , والأصرار على الأستمرار في خلق أجواء عدم الثقة , وتنفيذ اجندة الدول الاخرى , مما جعل الحكومة تتخبط في عجزها رغم بعض الانجازات الامنية .
ان الاهتمام الدولي لايمكن ان يستمر بهذه الوتيرة الى ما لانهاية , وعلى العراقيين الاستفادة القصوى من هذا المؤتمر , وهذا الاهتمام . ومثلما تقول وزيرة الخارجية الامريكية "رايس" في رسالتها الاخيرة المبطنة بالتهديد الى الحكومة العراقية : " ان الزعماء العراقيين يعرفون أن ثوب الصبر الامريكي قد تمزق " وقالت " ان الولايات المتحدة تعطي دماً وكنوزاً في العراق , لكنها لاتستطيع ان تعطيهم عراقاً موحداً " .

6
المنبر الحر / آمال لن تندثر
« في: 12:56 23/04/2007  »
آمال لن تندثر

يردد البعض أن العراقيين أخذوا يرفضون الحياة تحت ظل الطائفية , وما تبعها من محاصصة حكومية فشلت في تنظيم حياتهم , وجلب الأمن لهم . ولو جرت انتخابات مبكرة لفشلت هذه الأحزاب في تحقيق النتائج التي وضعت كل هذه الساطة بيديها . والسؤال هو : من الذي سيفشل هذه الأحزاب ؟ ...الشعب . ومن هو البديل ؟ الجواب : لايوجد لحد الآن . والبديل ليس علبة طعام معلبة تفتحها متى تشاء . أنها عملية صراع قد تطول , وفي ثناياها سترتكب الجرائم – رغم موافقة الذين شاركوا في العملية السياسية على مبدء تداول السلطة سلمياً-  كلنا نذكر الأنتخابات الأخيرة , وما رافقها من تزوير , والتي سقط فيها الشهداء , وحرقت المقرات للأطراف الأخرى . فالذين مسكوا بالسلطة لن يتركوها بسهولة .
ففي الدائرة السنية والتي حاولت أغلب أحزابها – وهي داخل العملية السياسية – أن تحصل على الصفة الطائفية , وتهدف جميعها للأنفراد بصوت تمثيل السنة , بعد أن يأست من عودة الوضع السابق , والأنفراد مرتاً أخرى بالسلطة . وهذا ما دفع " القاعدة" والقتلة من البعثيين للدخول في صراع دموي مع هذه الأطراف.
فالقتلة من البعثيين لايقبلون بأي مشاركة للسلطة من الآخرين مهما صغرت هذه المشاركة , لأنها ستعرضهم للمحاسبة عن جرائمهم التي أرتكبوها في العهد المقبور ولحد الآن . و "القاعدة" لن تتمكن أيضاً من العيش خارج تكفيرها للآخرين , وتمثل وجود أمارة سنية , والأدعاء ببناء هيكل تنظيمي لهذه الأمارة , والتصعيد لوحشية الجرائم التي ترتكبها بحق حلفاء الأمس وباقي المواطنين , مؤشرات حقيقية تؤكد سرعة أندفاع الصراع الى نهايته المحتومة . وهذا الشرخ هو الأهم للتعجيل بنهاية هؤلاء القتلة .
الشرخ الآخر في الجانب الشيعي , والذي تمثل بتفجير الصراع في وحدة الأنتماء الطائفي , كونه " لايمثل الطريق الصحيح للنهوض بالعراق " كما صرح الدكتور الجابري رئيس حزب "الفضيلة" عندما ترك حزبه قائمة "الائتلاف" قبل اسابيع . والأهم هو الأستدراك الذي يجري في ساحة أحزاب "الائتلاف" للتميز بين المصلحة الوطنية , ومصلحة النظام الايراني . الذي أغرق أغلب هذه التنظيمات ب" بركات معوناته" , وبات البعض منها أسير هذه "البركات" .  ولاشك أن الضغوطات التي تمارس على حزب "الفضيلة" بسبب هذا الخروج , تؤكد ان الأنعتاق من الطائفية الايرانية – وليس المذهبية الشيعية -  صراع قد يصل الى عتبات دموية .
وهذا الشرخ لايعني " ضعضعة" المشروع الايراني في العراق , أو التراجع عن أعتبار العراق الساحة الرئيسية بالنسبة للنظام الايراني في صراعه مع الامريكان . الا أنه يشكل أنعطافة جريئة وحقيقية لنهوض العراقيين بمشروعهم الوطني .
أن الأقتراب من المواجهة المفتوحة بين المشروعين الرئيسيين الايراني والامريكي يكثف الضغوط على كل الاطراف , وزيارة وزير الدفاع الامريكي يوم 20070419للعراق , وتأكيده بأن الدعم الامريكي للحكومة العراقية له نهاية , والأهم الضغط بأتجاه الأسراع بالمصالحة الوطنية – وبغض النظر عن كون هذا " الأسراع" سيترك بعض الألغام التي قد تنفجر في سير أعادة البناء -   فأن الادارة الامريكية أمام ضغط الديمقراطيين في الكونكرس , وتوجهها لحسم الأشكالات العالقة بسياساتها في الشرق الاوسط , وبالذات الأنتهاء من المشروع النووي الايراني , بأعتباره رأس الحربة المضادة , يجعلها في عجلة من أمرها , وتستعجل أستخدامها لكل أدواتها قبل ان يتمكن النظام الايراني من فرض ارادته .
أن غياب تأثير المشروع الوطني العراقي , جعل من أدارة الصراع بين المشروعين هو العنوان الطاغي في الساحة العراقية . ومن المؤلم أن لاتتمكن القوى الوطنية من النهوض بمشروع موحد يضع مصلحة العراقيين بمواجهة المشروعين , ويمنع – قدر الأمكان – من أن تكون الساحة العراقية حلبة مستمرة للصراع الدموي بين الطرفين , والمتوقع أستمراره الى نهايته الكارثية .
ان الأرادات التي كسرت دوائر القرار الطائفي مثل حزب " الفضيلة "  , والبعض من السنة الذين يقفون اليوم بالضد من "القاعدة" وعصابات البعث , لم يظهر زخم أراداتهم في وحدة المشروع الوطني لحد الآن . وقد يكون أحد الأسباب الرئيسية عدم الوضوح في توجهات البعض من العلمانيين , والمتمثلة بالمبادرة التي طرحها الدكتور اياد علاوي , والضبابية التي أكتنفتها من تداخل الرغبة الشخصية في الهيمنة مع ضرورات قيام المشروع الوطني . والمشروع الوطني لايحتاج الى ذكاء , وتكتيكات , وطرق ملتوية . أنه يحتاج فقط ان توضع مصلحة العراق في الأولوية, قبل الذاتية , والطائفية , والقومية , والمصالح الايرانية والامريكية .
الطرق التي تتفرع من ساحة المواجهة التي تلوح في الأفق توصل جميعها الى العراق . الايرانيون والامريكان – بما يملكون – يتنافسون في تعبيد طرقهم , وجعلها أكثر أغراء لراكبي مشاريعهم بالحصول على العراق , ويبقى طريق المشروع الوطني هو الأقصر , ولكنه غير معبد , وفيه الكثير من المطبات والحفر . واللوم , كل اللوم ليس على اصحاب الطرق المعبدة , بل على أسطوات وعمال هذا الطريق .

7
مشاريع في طريق التنفيذ

تقي الوزان

لا أحد يشك برغبة السيد رئيس الوزراء نوري المالكي في الوصول بالعراق الى بر الأمان , والمالكي بمواصفاته الشخصية , والتوجهات الجادة التي اظهرها رغم قصر فترة رئاسته تؤكد صدق رغبته . الا ان صدق الرغبة وحده لايكفي , ومثلما هو معروف فأن المالكي مرتبط بعدة حلقات داخل قائمة "الائتلاف" , وأي قرار يتخذه يمر ب" فلترات " هذه الحلقات .
وبالذات القرارات التي لها علاقة بالوضع الأمني مثل حل المليشيات " الشيعية " , او التوجه الجاد لأنهاء الاختراقات في وحدات الشرطة والحرس الوطني وباقي المؤسسات الامنية .
من ناحية أخرى البعثيون وواجهاتهم " السنية " في مؤسسات رئاسة الجمهورية والوزراء والبرلمان لم يبقوا على طريقة لم يستخدموها في اعاقة العملية السياسية , واعاقة تشكيل باقي مؤسسات الدولة . ومثلما يقال : ان فقدان الصديق لايترك فراغا مثل فقدان العدو , فقد تمكنت عصابات البعث من لملمة صفوفها رغم فقدان النظام الصدامي وشكلت تحالفا مع " القاعدة " و" السنة التكفيريين " ليخوضوا أقذر الحروب ضد الشعب العراقي وبكل مكوناته .
هذه المكونات التي فقدت قدرتها بفقدان " النظام المقبور" ولم تتمكن من ايجاد مرجعية مؤسساتية تنظم عمل مشاريعها السياسية المختلفة . وتركت المجال واسعا لملئه بالمرجعيات الدينية التي أصرت على اجراء الأنتخابات وكتابة الدستور بالحدود التي تستطيع ان تحددها قبل ان تفلت لحظة الفراغ هذه وتستعيد الجماهير العراقية وحدة قياس مصالحها الحقيقية .
وتكررت اسباب فشل انتفاضة عام 1991 المتمثلة بغياب فاعلية وحدة القيادات الوطنية , والخوف من انزلاق العراق تحت سيطرة طائفية النظام الايراني .
فبعد عقد ونصف أعيدت ذات الأخطاء , ومثلما ترك صدام ليفتك بالأنتفاضة والشعب العراقي في المرّة السابقة , تعود اميركا ومعها ايضاً أغلب الجوار العربي لأعادة تأهيل البعث مرة أخرى , والموجات الدموية الأخيرة التي تفتك بالعراقيين تعميد لهذه العودة , والتي بدونها لايمكن قبول معادلة " عودة الأمن مقابل عودة البعث " .
كان من المؤمل ان ينهض المشروع الوطني المتمثل بالقائمة " العراقية " كمشروع بديل عن فشل المشروع الطائفي والقومي , وما تبعه من تحاصص يكاد ان يفتك بالوجود العراقي برمته . الا ان ضعف تماسك القائمة " العراقية " والتشرذم الذي رافق بعض مكوناتها وأخذ يراهن على المشروع الامريكي الداعم للبعث أضعف هذا المشروع كثيرا , وأفسح المجال واسعا للصراع الاكثر دموية بين المشروعين الرئيسيين النووي الايراني والامريكي المعاكس .
حكومة المالكي تجاهد في سبيل الحفاظ على استمرار وجودها في ظروف بالغة الدقة . فمن جهة سلطات الاحتلال تسلبها قوة فرض سيادتها وجعلها المرجع الحقيقي والوحيد لتطبيق القانون , وظهر ذلك واضحا للعراقيين كيف منعت القوات الامريكية القوات الحكومية من اقتحام عدة مناطق تتواجد فيها عصابات البعث والسنة التكفيريين , وكيف سمحت لهذه العصابات بالاجتماع والتظاهر والمطالبة بإطلاق سراح صدام . ومن جهة اخرى تطلب سلطات الاحتلال من الحكومة حزم اكثر لتطبيق ما وعدت به من اجراءات تجريد المليشيات من سلاحها وفرض سلطة القانون .
تقول الاخبار ان الولايات المتحدة الامريكية تمارس الآن ضغوطا على الحكومة العراقية لأصدار عفو " شامل " و" مؤلم " عن المتمردين في البلاد . وفي نفس الوقت يجري تكثيف اللوم من الادارة الامريكية وتحميل اسباب فشل سياستها على الحكومة العراقية فقط , وتصوير الانهيار الحاصل كونه صراع بين زعماء الطوائف التي استلمت حكم العراق ولم تتمكن من ادارته .
وان لم تتمكن حكومة المالكي من ضبط خطواتها مع التسريع الامريكي في وجهته الجديدة والقاضية بتعديل الدستور, وتعديل اجتثاث البعث واقتصاره على مجرمي الخط الاول فقط , وتنفيذ خطة القضاء على فرق الموت والمليشيات , وتوسيع قدرات القوات العراقية و" تنظيفها " من الاختراقات , والسيطرة على الجماعات المسلحة خاصة في بغداد .
وبدون هذا ستشهد الفترة القريبة القادمة سحب البساط من تحت اقدام حكومة المالكي كما يتوقع الكثير من المراقبين , ويتم تشكيل حكومة " انقاذ وطني" بالمواصفات الامريكية الكاملة , والتي ستلغي مسيرة العملية السياسية منذ سقوط النظام ولحد الآن .[/b][/size][/font]

8
بين الفيدرالية والتصويت في البرلمان

تقي الوزان

من الملفت للنظر ان البعض من الذين اقروا الفيدرالية كمبدأ لتقاسم السلطة في العراق, يظهرون ترددهم من قبول اقرار قوانين تطبيقها , ولعل التعود على اقرار فيدرالية كردستان فقط, وما رافقها من تقطع التواصل بين مكونات الوطن الواحد في ظل النظام المقبورهو الذي يضع الحاجز النفسي لتوسيع تطبيقها على باقي اجزاء العراق.
لقد اتفقت كل الأطراف السياسية الممثلة في البرلمان – بما فيها الأجنحة المتصارعة دمويا – على صيغة وسط لحل اشكالية ايهما الأول اقرار قانون الفيدرالية ام البدء بأعادة النظر في بعض مواد الدستور. والأتفاق هو اقرار قانون الفيدرالية, على ان يبدأ التطبيق بعد ثمانية عشر شهرا, وفي نفس الوقت البدء بعمل اللجنة المكلفة بأعادة صياغة بعض مواد الدستور. ورغم هذا الأتفاق حاولت بعض الأطراف اسقاط التصويت عن طريق عدم حضور جلسة التصويت ,
بدل مناقشة تفاصيل القانون , والضوابط التي وضعت لعدم جر القانون لتطبيقات طائفية . في مسعى منها للتنكر لمبدأ الفيدرالية ذاته .
رغم صعوبة الأدراك لبعض هذه القوى من استيعاب بناء نظام سياسي جديد يلغي احادية الأدارة والسلطة, ويجعلها موزعة بين الفيدراليات, بحجة الخوف على سلامة العراق , اي الخلط بين وحدة الأدارة ووحدة العراق. هذا " الخلط "
له وجاهته في ظل ظروف الأحتقان الطائفي الحالي , وفي ظل سلطة المليشيات والعصابات المنظمة وغير المنظمة , والصراع الدموي الذي يطغي على كل شئ .
ان التصويت لصالح الفيدرالية لايعني تجاوز الوضع السياسي الدموي الراهن. وتأجيل التطبيق لثمانية عشر شهرا وضع حل وسط بين الأطراف المتنازعة التي يدعو قسم منها للتطبيق الفوري في ظل سلطة المليشيات, وبين الداعي الى التأجيل لمدة خمس سنوات على الأقل. والأهم بعد ضوابط المحكمة الدستورية هو شرط موافقة الخمسين في المائة من ابناء كل محافظة مسجلين في لوائح الأنتخابات وليس الذين يصوتون. وهذا يعني صعوبة ان لم تكن استحالة تشكيل الفيدرالية الطائفية للوسط والجنوب .
لاشك ان القوى الطائفية الموالية لايران, والتي تهربت من اقرار الفيدرالية في لقاءآت احزاب " المعارضة " التي سبقت سقوط النظام, تتحمس اليوم وبأصرار لتطبيقها فوراً وتحت سلطة مليشياتها لتنفرد بقرار في اية وجهة تسير.
ومثلما هو معروف ان ايران صاحبة المصلحة الحقيقية في تدمير الفيدرالية القومية للأكراد , لحساسية المسألة القومية في ايران , والتي تعوّل عليها اميركا في تمزيق الوجود الايراني الذي يحتوي على ستة قوميات رئيسية, والقضاء على مشروعها النووي, ورغبتها في فرض سيطرتها على المنطقة النفطية الرئيسية في العالم .
عدم الأقرار يعني التنكر لوسيلة القضاء على عودة الدكتاتورية واحتكار السلطة, ولا تساعد في انهاء حالة التشتت في تحديد حدود الصلاحيات بين الأدارة المركزية والمحافظات, اضافة للتنكر لأقرارالحقوق القومية للشعب الكردي. ان البعثيين ومن لف لفهم اثاروا زوبعة الشكوك والمخاوف فقط, وحجبوا تفاصيل القانون الذي لن يمر دون موافقة الخمسين في المائة من المسجلين في لوائح الأنتخابات. وكتاريخهم في محاربة الشيوعيين, ركزوا في حملتهم السوداء هذه على الشيوعيين والقريبين منهم فقط, في الوقت الذي صوت عليه ثمانية من القائمة " العراقية ".
الشيوعيون والديمقراطيون صوتوا لصالح الفيدرالية تأكيدا لموقفهم المستقل , والذي رفع شعار الفيدرالية قبل ان ترفعه الأحزاب الكردية. وبغض النظر عن موقف باقي اطراف القائمة " العراقية " المتناغم مع الأطراف الرافضة للفيدرالية في جبهتي " التوافق " و " الحوار " واطراف " الفضيلة " و" التيار الصدري " في قائمة "الائتلاف ". وتبقى تفصيلات القانون هي الحاسمة في تشكيل اية فيدرالية يختارها الناخب العراقي .
ان الأعتقاد بأستمرار الظرف الدموي الحالي سنة ونصف أخرى بدون تغيير هو الذي جعل البعض يعتقد ان الشيوعيين والديمقراطيين يتناغمون مع طروحات السيد عبد العزيز الحكيم, وفهمها هذا البعض على انه انتصار لمشروعه الطائفي القاضي بفيدرالية "الوسط والجنوب ".
الوضع العراقي وخاصة الأمني لايتحمل المزيد, والأشهر القادمة ستكون حاسمة كما يتوقع اغلب المراقبين. ومشروع القوى اليسارية والديمقراطية والعلمانية لايتمتع الآن بقوة الحسم في صراع الأرادات, والصراع هو لتثبيت الرؤيا الوطنية لهذا المشروع الذي بدونه تستحيل سلامة العراق وطنا وشعبا.[/b][/size][/font]

9
بين الفيدرالية والحكومة المركزية

تقي الوزان

بعد مشكلة العلم جاءت مشكلة مسودة الدستور الكردستاني , ومشكلة عقود النفط . والسؤال البسيط هو : كيف ستتم الموافقة على هذه العقود والدولة العراقية بهذا الضعف , وتحت الأحتلال , والعقود ستظل قائمة لفترات قد تصل الى نصف قرن ؟! - والسؤال موجه لحكومة الأقليم والمركز - . هذا التخبط غير المعقول , وعشوائية التوافق وعدم تحديد الخطوط بشكل واضح , واستعجال الوصول هو الذي " لخبط " وضعية الفيدرالية , وأخرّ صياغة قوانين تثبيتها وأجلّ خطوات التنفيذ لسنة ونصف ستكون حبلى بأحداث يصعب توقعها والتحكم بها .
القيادة الكردية تداخل خطابها وممارساتها بين استغلال كل شئ يقربهم من حلمهم القومي في الأستقلال , وبين تأكيدهم البقاء في العراق الفيدرالي الموحد . عدم الوضوح في تحديد اي الطريقين يسلك في هذه المرحلة؟ ينعكس بضبابية ترهق وعي الشارع الكردي قبل الشارع العراقي , وتستنزف امكانيات الحكومة المركزية في توحيد خطواتها . والشارع الكردي وقيادته وكل مراقب يدرك ان الظروف غير ملائمة الآن للأستقلال , والتهديدات بالأنفصال التي تطلق بين فترة وأخرى , وعلى امور صغيرة لا تستوجب تعريض " التهديد " للأمتهان وتقليل شأنه , مثل تفسير بعض مواد الدستور المختلف عليها والتي هي من اختصاص المحكمة الدستورية . هذا التهديد لايزيد الا في بلبلة الشارع الكردي , ولا يضيف شيئا لعدالة القضية الكردية . الأستعجال في تظهير صورة الأستقلال لا يخدم الصورة ذاتها , والأستقلال سيظهر مشوها وليس بألوانه الطبيعية المقنعة , وبالعكس سيستفز باقي المكونات العراقية , والأنظمة الأقليمية التي يوجد على ارضها اكراد .
الفيدرالية الكردية تفقد الكثير من ثباتها مالم تطمئن مخاوف العناصر والجماعات والأنظمة السياسية في المنطقة , وهذا لايتحصل الا بالكف عن التهديد بالأنفصال , وكل ما يوحي له من خطوات . والتصدي للمطالبات الأخرى بأقامة الفيدراليات الطائفية التي اججت الصراع واعمال العنف المتبادل بين مليشياتها ووضعت العراق على ابواب الحرب الأهلية والتفكك . ومن هنا يتم استغلالها كذريعة لأفشال هذه التجربة الوليدة , ويجري تخويف الشعوب من تمزيق اوطانها .
ان المحافظة على سلامة المسيرة الديمقراطية العراقية , وهي الأغلى ثمنا من بين كل التجارب الديمقراطية في العالم , يستوجب دعم روحية التآلف الوطني والمحافظة على سلامة الحكومة , وتنشيط الأحترام لها كمرجعية وحيدة لأدارة شؤون البلاد . وقانون الفيدرالية والأقاليم الذي ينظم تقاسم السلطة لايعني الأستخفاف بالحكومة المركزية , والتطاول من قبل الديوك الطائفية والقومية على هيبة الحكومة المركزية والتقليل من شأنها لايشكل دليل حرص على مصلحة الطائفة او القومية التي يتحدثون بأسمها , ويدركون جيدا ان بقاء الحكومة المركزية بهذا الضعف او اضمحلالها سيؤدي الى تفكك العراق , وهذا ما لاتسمح به مجموعة الظروف الدولية والراعي الأساس للعملية السياسية في العراق "الأمريكان " . وأول ما ستنعكس سلبيتها على مشاريع الديوك التي لاتدرك ضرورة مدة الحضانة , وتستعجل تفقيس البيوض بتنقيرها, وكشف الأجنّة للموت المحقق .
العراق بحاجة الى كل العراقيين الحقيقيين للوقوف بوجه هذه التهويمات الطائفية والقومية , والتي تكاد ان تحجب العقل بالكامل تحت كثافة غيومها السوداء , وقطعا لم تفعّل حاجة العراقيين بأسترجاع نسيجهم ودفقهم الوطني بهذا البرلمان الملفق عن طريق المليشيات والتزوير ومصادرة الرغبات والأستغلال الطائفي , وعذراً للأعضاء الذين تتلوى وطنيتهم ألماً من شدة الطعنات الطائفية والقومية المنتفخة .
تعددت الطرق , وتشابكت فيما بينها , وازدادت المطبات , وهذا ما تريده سلطات الأحتلال . لأنها الوحيدة التي تملك طائرة السلطة , والتي تمكنها من رؤية كل الطرق من فوق , وتحدد بعدها الطريق الذي يوصلها لما تريد . ولم يبقى متسع من الوقت , ووحدة العراق وسلامته التي نريدها لاتبنى الا بسواعد الخيرين من ابنائه , وليست الوحدة والسلامة التي تريدها اميركا كقاعدة انطلاق لمشروعها الأمبراطوري الجديد .[/b][/size][/font]

10
باب البعث الدوّار

تقي الوزان

قانون "تحرير العراق" الذي اصدره الكونكرس الأمريكي عام 1998 في فترة رئاسة الرئيس الأمريكي السابق بيل كلنتون , كان يراد به " تحرير " العراق ليس من ايدي صدام وطغمته كما كان يصوّر , بل " تحرير " العراق من مجموعة القيّم التي تتحكم فيه , والتي جعلته عصيا على الكسر , وابرز هذه القيّم, الوطنية ,الاخوة القومية , الدين , التاريخ , الجغرافية ,النفط , الثروة , التمرد , رفض الظلم ..الخ . ولم يتيسر لصدام الدخول في هذا المشروع الأمريكي بعد ان ابدى استعداده وتوسل الأمريكان لذلك , لأنه لم يكن مثل القذافي في طموحاته المحدودة حتى تقبل استدارته , فقد اراد الدخول في نادي الكبار من خلال اجتياحه للكويت والتحكم بربع مخزون النفط العالمي , فأسقطت عنه الثقة بالكامل .
الحصار الذي فرض على العراق في بداية التسعينات كان البداية الحقيقية ل " تحرير" العراق على الطريقة الأمريكية . وتظافر الحصار مع الأساليب الدموية للنظام المقبور في تفكيك هذه القيم . ومنذ الأجتياح وسقوط النظام ازدادت سرعة وسائل " التحرير " وتنوعت اكثر , وكان ابرزها تنشيط الصراع الطائفي وايصاله للمشهد الدموي الحالي , وغض النظر عن جرائمه التي فاقت كل تصور . ولاشك ان العنف الشيعي جاء كرد فعل على العنف السني الذي يقف خلفه بهذه القوة والأستمرارية العنف البعثي الذي بدء يكشف عن نفسه في الفترة الاخيرة بشكل اوضح .
ولعل اخطر وسائل " التحرير " هذه هو وصول بعض قيادات الأحزاب السياسية الشيعية والكردية الى قناعة التمترس داخل منجزهم الطائفي والقومي , وتجردهم من الهم الوطني . في نفس الوقت الذي يجري فيه اعادة تأهيل البعث على رافعة المحافظة على وحدة العراق . ولا شئ اخطر من ان يكون للبعثيين برنامج عمل سياسي يستطيع ان يستحوذ على بعض التأييد , رغم معرفة العراقيين بدمويتهم , ومسؤوليتهم في وصول العراق الى هذا الدرك .
الفشل الذي رافق هذه القيادات طيلة الثلاث سنوات الماضية في الأنتشار على مجموع المساحة الوطنية مكن جلاوزة النظام المقبور من الحصول على هذه الفرصة في اعادة تسويق انفسهم . وهم يعرفون جيداً ان العناصر الديمقراطية والعلمانية التي تتبنى المشروع الوطني الحقيقي حوربوا وحجموا من قبل نفس الأطراف التي خلقت لهم هذه الفرصة " الذهبية ". ومثلما تمكن صدام من انهاء احزاب المعارضة وقياداتها , وحول الحركة السياسية العراقية الى حركة كسيحة .تعاد دورة الحياة وتعوّق هذه القيادات في رؤيتها الوطنية , وتفقد الجماهير مرةً أخرى البوصلة التي ترشدها للطريق الأسلم , بعكس البعثيين الذين وجدوا طريقهم بعمى الآخرين .
الأمريكان من جانبهم مستمرين في اساليب " تحريرهم " للعراق , وتحقيق رؤيتهم بجعل العراق القاعدة التي يتحركون منها للسيطرة الكاملة على الشرق الأوسط " الجديد " . ولا يوجد افضل من اشغال هذه الشعوب بصراعات دينية واثنية ومذهبية تبعدهم عن الصراع الحقيقي " الطبقي " , والفقر الذي اخذ برقاب الشعوب اكثر من اية فترة سابقة نتيجة السياسات الجديدة للعولمة . وحالهم حال اغلب شعوب الأرض التي انطلت عليهم هذه الأساليب بعد انتهاء الحرب الباردة وتفردهم " الأمريكان " بالساحة السياسية العالمية .
لم يخطر ببالي ولا واحد بالمليون ان يكون ظافر العاني احد الناطقين بأسم النظام المقبور حتى بعد التاسع من نيسان , ويتحول الى هارب مرعوب , ثم يتحول مرة اخرى وبهذه السرعة الى نائب في اول برلمان عراقي دائم , وناطق رسمي بأسم جبهة التوافق السنية " البعثية " , ويتحدث بأسم الوطنية العراقية التي " ترعرع " في ظلالها , و "رضع " حليب امومتها , و " تشمس " بشعاع عينيها , و " تدفأ " بنار شوقها وأمل العودة لأنسانيتها المفقودة طيلة الأربعين سنة الماضية , ونحن الذين ولغنا بدم العراق والعراقيين , وثكلنا النساء , ويتمنا الأطفال , وسممنا الماء والهواء , وجعلنا من العسل زقوماً لأبناء المقابر الجماعية , والأنفال , وضحايا الكيمياوي , وكل شهداء العراق بمن فيهم البعثيين الذين سقطوا على عتبة مقاومتهم لفاشية المنبوذ والمطرود يومياً حتى من قفص الأتهام . فشكراً لزعامات بعض الأحزاب , وكل من تموضع في كرسيه وزكى القتلة .
المحنة كبيرة , وكبيرة جداً , وليس الوقت وقت ملامة , ولكن أرونا حياً واحداً وليس مدينةً واحدة حالها أفضل مما كان عليه قبل سقوط النظام في كل الوسط والجنوب الذي تريدون اقامة الفيدرالية الطائفية عليه , وهو تحت سيطرتكم منذ سقوط النظام ولحد الآن .[/b][/size][/font]

11
حكومة المالكي والمشروع الوطني
تقي الوزان

جرت العادة في اميركا بتسريب خبر صحفي عن اي موضوع يريدون اثارته , والأمتناع عن ذكر المصدر الذي سربه, ثم تجري مناقشته في الصحف , والمنتديات , لتحشيد الأهتمام به قبل ان تعلن التوجهات الرسمية بشأنه . والتسريب الصحفي الأخير الذي نشره موقع "الناس" عن صحيفة "الشرق الأوسط" يوم الخميس 21 /9/ 2006 يقول " بدأ مسؤولون عراقيون وامريكيون كبار بالتساؤل في ما اذا كان نوري المالكي , رئيس الوزراء الحالي , يمتلك من القوة والحزم السياسيين ما يكفي كي يبقى العراق موحداً , مع وقوفه عند حافة حرب اهلية شاملة " ويتابع " وقال مسؤول رفيع سابق , طلب عدم الكشف عن هويته , لأنه غير مسموح له بمناقشة الحوارات الداخلية : الشئ الذي تسمعه غالبا هو ان المالكي لم يتخذ اي قرار . وهذا ما يزعج بوش كثيراً . فبوش لايقبل اي شخص يتحدث عن نيته بالقيام بمبادرات ما . ثم يرفض لاحقا اتخاذ الخطوة الأولى لتنفيذها ".
هذا التسريب يجب ان يؤخذ كأنذار حقيقي من الراعي الأمريكي للحكومة العراقية , لدفعها بأتخاذ خطوات اكثر جذرية بشأن حل المليشيات , ومثلها بموضوع "المصالحة الوطنية " , وايقاف الأنحدار الخطير للوضع الأمني . وبدونها ستفعّل خيارات أخرى , اهمها اسقاط حكومة المالكي المنتخبة واقامة حكومة" انقاذ وطني " . وهذه خسارة كبيرة لكل العملية السياسية التي بناها العراقيون بدمائهم منذ سقوط النظام ولحد الآن . الا انها وحسب ما يعتقد الكثيرون ستكون الوسيلة البديلة للمحافظة على وحدة العراق واستقرار امنه .
لاشك ان مسؤولية فشل الحكومة تقع على عاتق الأحزاب الرئيسية التي تشكلها , والتي تمكنت وبمختلف الوسائل من تغييب المشروع الوطني الذي دعت اليه الأحزاب الديمقراطية والعلمانية . وركضت وراء منجزها الطائفي والقومي , دون الألتفات لوحدة المصير المشترك الحامي الحقيقي لكل المكونات العراقية .
غياب المشروع الوطني , والتشتيت الذي تمارسه بعض الأطراف المتنفذة في خلط تسلسل الأولويات , خلق حالة من الفوضى الكبيرة والتي تصعّب من العودة الى مجرى الحياة الطبيعية . وبدل الأهتمام بضعف الحكومة وضرورة تقويتها , وانهاء الصراع الطائفي , والأنحدار الأمني , والقضاء على عصابات الجريمة المنظمة وغير المنظمة , وانهاء سلطة المليشيات , واعادة اجواء الثقة , وتوفير الغذاء والدواء و..و..والخ , وانقاذ الجسد العراقي من العطب الذي اصاب تفكيره, وشل مكونات اطرافه الأجتماعية والسياسية . بدل هذا يجري الأصرار على طرح الفيدرالية الطائفية من قبل اطراف باتت تعبر بشكل اوضح عن مصلحتها الشخصية .
لاخلاف على مبدأ "الفيدرالية" في ادارة العراق , وتقاسم السلطة بين اطرافه , مثلما ثبت في الدستور , واعترف به للفيدرالية الكردية . والخلاف لو اقرت الفيدرالية وبأي شكل من اشكالها بوجود سلطة المليشيات المتعددة , والصراع الدموي الذي اخذ يحكم علاقات ابناء المذهب الواحد . بلا فيدرالية وبدون اي غطاء قانوني تقاتلت المليشيات الشيعية , وسقط الكثير من القتلى والجرحى طمعاً في الثروة والجاه والنفوذ , وفي اغلب مدن الوسط والجنوب, بل وفي الحي الواحد , والعائلة الواحدة . فتجد احدهم يأخذ راتبه من " المجلس الأعلى " وأخيه من " التيار الصدري " , وآخر موال ل"الفضيلة " واخيه ل" ثأر الله ".
السيد عبد العزيز الحكيم رئيس " المجلس الأعلى " ورئيس قائمة "الائتلاف " يصر على فيدرالية" الوسط والجنوب "
لأنه يدرك جيدا ان الموجة المذهبية التي تفجرت بعد سقوط النظام نتيجة الكبت الدموي لها لعقود طويلة , والتي تضافرت مع توجيهات المرجعية الدينية في النجف تم تسخيرها لتكوين قائمة "الائتلاف " الطائفية , والتي حصدت كل هذه الأصوات وسط الفراغ و"الأنشداه " الذي تركه سقوط النظام المقبور , سوف لن تتكرر مرة اخرى , وكلما تعافى الجسد العراقي أبتعد عن الطائفية .
الأصرار على فيدرالية "الوسط والجنوب "وفي هذا الوقت سيكلف الشيعة وليس غيرهم اثمان يصعب تقديرها . فاذا كان الهدف لخدمة الشيعة كما تقول الشعارات الطائفية , فأن الصراع بين الأحزاب السياسية الشيعية سيكون على اوجّه لتوسيع مساحة النفوذ , خاصة وأن بعض القيادات الشيعية تعتقد ان الفيدرالية شكل من اشكال الأقطاعية اذا ما نفذت تحت سلطة مليشياتها . واما اذا كان الهدف هو سيطرة بيت الحكيم دون البيوتات الشيعية العريقة الأخرى على مقدرات الشيعة في العراق , فسيكون ذلك ضرباً من الجنون حتى لو حصلوا على تطمينات من حكومة " ولي الفقيه " في ايران , لأن الحرب الشيعية الشيعية سيكون لامفر منها .
ان المشروع الوطني العراقي يتداعى بين مصالح مثلث زاويته القائمة سلطة الأحتلال الأمريكي , وزاويتاه الحادتان الطائفية الشيعية والقومية الكردية المنتفخة , والبعثيين ومن لف لفهم لايشكلون اي شئ , ووجودهم في البرلمان والحكومة ليس اكثر من طلاب سلطة . وحكومة المالكي يرتهن استمرار وجودها بأمكانية اعادة المشروع الوطني الى الواجهة الأساسية , وانهاء السير بالمتطلبات الحرفية للمحاصصة . وهو المشروع الوحيد الذي سيعيد للعراق وجهه الحقيقي المشرق , ويعيد الأحترام والشرعية للسياسيين العراقيين وينقذهم من الوحل الطائفي والقومي الذي " ركسوا " فيه , وفقدوا مبررات وجودهم على رأس الجماهير العراقية .[/b][/size][/font]

12
المنبر الحر / للتذكير فقط
« في: 01:32 16/09/2006  »
للتذكير فقط

تقي الوزان

لايزال فشل انتفاضة عام 1991 يمثل جرحاً عميقاً في الجسد العراقي , وما تبعها من ايغال بطرق ووسائل القتل على ايدي وحوش مؤسسات النظام المقبور . واهم اسباب ذلك الفشل عدم وجود القيادة التي توحد جهود المنتفضين , والسبب الذي كسر ظهر الأنتفاضة هو دخول بعض الطارئين عليها ورفعهم شعارات شيعية طائفية اثارت حفيظة دول الجوار والأمريكان الذين شجعوا العراقيين على الأنتفاض , ووعدوهم بالمساعدة , وعلى لسان الرئيس الأمريكي بوش الأب .
هذه الشعارات التي اعتبرت محاولة لوضع العراق في الحضن الايراني . وايران لم يكن لديها المشروع النووي الحالي , فما بالك الآن ؟! فآثروا البقاء على صدام ونظامه , وليذهب الشعب العراقي الى الجحيم . وبدل مساعدة العراقيين ساعدوا صدام وسمحوا له بأستخدام الطائرات العمودية لسحق الأنتفاضة , والتي وقع على عدم طيرانها في شروط استسلامه في خيمة صفوان . فهل يلام الأمريكان على نذالتهم وغدرهم بتبديل وجه المساعدة التي وعد بها بوش الأب , وهم الذين لايعرفون غير مصلحتهم ؟
لقد قدم وكلاء ايران خدمة لم يكن يحلم بها صدام ونظامه المقبور , وفلت من المصير المحتوم الذي كان ينتظره على ايد ي المنتفضين وهم يسيطرون على اربعة عشر محافظة , ولم يبقى الا القليل . وتمكن من الأستمرار اثنا عشر سنة أخرى , أذاق فيها العراقيين امرّ ما يمكن ان يراه شعب بين شعوب الأرض قاطبةً .
لقد مرت ثلاث سنوات ونصف على سقوط نظام البعث , والسلطة اصبحت بيد ابناءه , وطريق اعادة بناء العراق اصبح واضحاً , الا ان الأنحدار ازداد خطورة , ومثلما لا يوجد عتب على نذالة الأمريكان في تخليهم عن مساعدة الأنتفاضة فلا يوجد عتب على عصابات البعث ومجرميه بممارسة دمويتهم المعهودة في محاولة ارجاع سلطتهم المفقودة , ولا على السنة التكفيريين ومن لف لفهم بأرتكاب اخس الجرائم بحق العراقيين بحجة مقاومة الامريكان .
العتب , كل العتب على ابناءه الشرفاء , وكلما زادت المسؤولية زاد العتب , وقائمة "الإئتلاف" هي الأكبر بتوجيه هذا العتب . فبعد كل هذه السنوات لم تستطع ان توحد موقفها بأتجاه طريقة اعادة بناء العراق , رغم دعم المرجعية الدينية لها , والدعم الشعبي الذي قل نظيره , بسبب الرغبات والمصالح الشخصية في توجيه الأحداث .
السيد عبد العزيز الحكيم رئيس القائمة يتجاهل فشل القائمة في ادارة الدولة , وانحدار الأمن , والبطالة , والأزمات الأخرى الى قعر القاع , وبات بعض الناس يترحم على ايام النظام المقبور . وبدل الأقرار بهذا الفشل , والتوقف لدراسة هذه الأمور ومعالجتها , جرى تسخين الصراع حول فيدرالية "الوسط والجنوب " الطائفية , والمرفوضة حتى من قبل اغلبية الشيعة .
هذا المشروع الذي تسعى ايران لأنجازه بكل الطرق لغرض افشال مشروع الفيدرالية القومية للأكراد , ومن خلاله تجزئة العراق , وفي نفس الوقت وضع "الوسط والجنوب " النفطي تحت السيطرة الايرانية الكاملة .
وهذا يتناغم مع طروحات بعض القوميين من الأكراد , والتي تعتقد ان اثارة الحرب الأهلية بين السنة والشيعة وتفكيك العراق , سيمنحها الفرصة "الذهبية" لأعلان الأستقلال دون اثارة حفيظة تركيا وايران وسوريا التي يتوزع عليها الأكراد , والمعارضة لهذا الأستقلال . خاصة وفي ظل استمرار حماية الراعي الامريكي لكردستان .
هذا مفهوم من بعض القوميين الأكراد , ولكن غير المفهوم ان يتساءل بعض الديمقراطيين واليساريين من الأكراد وبأستغراب عن عدم موافقة الآخرين على اقليم "الوسط والجنوب " الطائفي , وهم يعلمون جيداً ان الأصرار على هذا الأقليم هو لتفكيك العراق . وإلا لماذا لا تتم الموافقة على اقامة الفيدرالية لمحافظة او ثلاثة او اربعة اوحتى تسعة , ولكن برغبة الجماهير , وليس تحت ظلال حكم المليشيات , ورايات التهجير الطائفي , وفقدان الأمن . ومثلما اقرت كمبدأ في الدستور يجري تشريع القوانين له .
من المؤلم ان تستفيد بقايا عصابات البعث ومجرميه من اعادة ذات الخطأ , ومثلما حدث في الأنتفاضة يجري تجيير المذهبية الشيعية مرة اخرى لتشكيل اقليم طائفي تتوضح اليد الايرانية فيه يوماً بعد آخر . وسط مجموعة عوامل لايصب اياً منها في مصلحة الشعب العراقي , وأولها غدر الأمريكان ونذالتهم , وفشل سلطة قائمة "الإئتلاف " من حل اية مشكلة وتمزق وحدتها , والغيوم التي تحجب عملية "المصالحة الوطنية " وغياب وضوح مساراتها , واعادة تأهيل البعث , ومتطلبات هذا التأهيل . وكلها تشكل الأطار المبهم للصورة التي سيكون عليها العراق .[/b] [/size] [/font]


13
تجريف كردية الفيدرالية

تقي الوزان

مشكلة العلم ليست المشكلة الأهم, وتبقى رغم الحجم الكبير الذي استحوذت عليه لاتتجاوز في ثقلها النوعي اكثر من اشكالية تقاسم السلطة , ونوع النظام السياسي . واثارتها في هذه الفترة بالذات من قبل رئيس الأقليم السيد مسعود البرزاني يرجح لها للف الشارع الكردي , وتطمين ثقته بالقيادة السياسية التي تواصل السعي لأنجاز وتثبيت مكتسباته القومية . هذه الثقة التي تخلخلت في الفترة الأخيرة نتيجة عدم وجود تقدم حقيقي في الحياة المعيشية لأغلب جماهير كردستان رغم وجود الأمن الذي يفتقد في باقي مناطق العراق . وتجلت عدم الثقة هذه في المظاهرات الأخيرة التي عمت الكثير من المدن الكردستانية , وسقط فيها قتلى وجرحى وسجن اخرين .
استغلال قرار عدم رفع العلم من قبل مجموعات غير قليلة في الجانب العربي , والتحشيد العاطفي الذي رافق الأعتراض , وصوّر القرار كونه احد تجليات روحية الأنفصال عند القيادة الكردية , يشي برغبة التنكر من قبل بعض هذه الجماعات الى رفض مبدأ الفيدرالية ذاته , ووصل الأمر بالبعض البعثي مثل "صالح المطلك" بالتهديد  في الأنتقام عند استلام السلطة مرّة اخرى , وناسياً استحالة العودة الى عصرهم "الذهبي " . والمهم هو كيفية تثبيت الفيدرالية بالشكل الصحيح والذي لايترك مجالاً للتراجع عنها مرة أخرى , ونحن امام لجنة دستورية ستعيد النظر ببعض مواد الدستور .
بعودة قصيرة الى الوراء, وبالذات الفترة التي سبقت اسقاط النظام , واللقاءات والأجتماعات التي رافقتها في كردستان ولندن وواشنطن لأطراف الحركة الوطنية المعارضة للنظام المقبور , وطلب القيادة الكردية من الآخرين اقرار صيغة الفيدرالية لكردستان والتي هي امر واقع بالنسبة للخريطة السياسية العراقية . ونذكر محاولات التهرب من الأقرار بها بأتفاقات مكتوبة من قبل الأحزاب الأسلامية الشيعية , وكيف حوقلت النقاشات بعد النظرات بأنتظار اقرارها بعد التغيير .
وجاء التغيير , ومسكت السلطة باليد الامريكية التي وعدت الاكراد بالفيدرالية ايضاً . ولم يبقى امام الأحزاب المتلكئة او الرافضة لها الا الموافقة , وبدل ان تتجه القيادة الكردية لتبني واحتضان المشروع الديمقراطي العلماني , وبالذات برنامج الحزب الشيوعي العراقي الذي اقر الفيدرالية , وحق تقرير المصير, قبل اقرارها من قبل الأحزاب القومية الكردية , وبفترة ليست قصيرة , وتبعها بأجراء عملي يفصل فيه منظمته في كردستان لتكوّن "الحزب الشيوعي الكردستاني " , هذا البرنامج الداعي الى حل المسألة القومية الكردية بالشكل الجذري والعادل بأقرار الفيدرالية الكردية .
بدل هذا اتجهت القيادة الكردية لأقرار الفيدرالية بشكل عشوائي , وبدون تحديد لأسس خصوصيتها الكردية , في مسعى منها لكسب اعتراف بعض الأصوات الشيعية القوية "المجلس الأعلى " , او للأعتقاد بكونها الوسيلة الأسرع للوصول لحلم الدولة الكردية بعد ان يكون العراق قد تجزء . وهذا الأتفاق لأقرار هذه الصيغة , واستعجال تثبيتها في الدستور جعل من الفيدرالية اداة قلق اكثر مما هي اداة تثبيت لمسيرة واقرار الحقوق الديمقراطية لعموم الشعب العراقي .
هذا التجريف لكردية الفيدرالية انعكس مباشرة بطلب قائمة" الإئتلاف "التي يقودها السيد عبد العزيز الحكيم رئيس "المجلس الأعلى" بأقامة فيدرالية "الوسط والجنوب " الطائفية , ليتفجر "اللغم" وترفض من قبل احزاب شيعية وسنية , ويتشضى الموقف من جديد في مفهوم الفيدرالية , ويعيد قلق الشارع الكردي على منجزهم القومي .
يقول السيد عبد العزيز الحكيم في الذكرى الثالثة لأستشهاد شقيقه السيد محمد باقر الحكيم رحمه الله , الفيدرالية اما الكل يأخذها او يحرم الكل منها .
ولاننسى ان النظام الايراني يهدف لافشال" الفيدرالية الكردية " بكل الوسائل , ومثلما هو معروف ,ان الذي يهدد وجود ايران كدولة هي المسألة القومية , وايران تحوي ستة قوميات رئيسية , ونجاح الفيدرالية في العراق سيحفز القوميات الايرانية وبشكل سريع للحصول على حقوقها القومية . ولما لم يعد هناك مجال لايقاف الأعتراف بالفيدرالية الكردية في العراق , فاللجوء الى تفجيرها من الداخل ومحاولة اقامة الأقليم الشيعي , وبعدها الضغط على الأحزاب الشيعية التي تقود الأقليم لفصله واستقلاله عن العراق , وتكون نتيجة اقرار الفيدرالية هو تمزيق وحدة البلد . وهذا ما يطرح ك"كلام حق يراد به باطل " من قبل القوميين العرب والبعثيين .
قلق الفكر القومي للقيادة الكردية أراد الوصول بأسرع وقت لأنجاز الطريق , دون النظر الى وجوب صب الطريق بالأسمنت المسلح قبل اكسائه بالأسفلت , لأن هذا الطريق ستعبر عليه الشاحنات والأثقال القومية في كل المنطقة , بما فيها اثقال القومية الكردية المتوزعة على اربعة بلدان , وانجاز الطريق بدون الأساس الصلب يكون عرضة للتآكل السريع , وحفر المطبات , وهذا ما حدث في بداية السير عليه . والقيادة الكردية تعلم جيداً ان الوقت لايزال مبكراً جداً لتقرير المصير كما هدد به رئيس الأقليم السيد مسعود البرزاني . وتحولت القضية اقرب الى لعبة "جر الحبل " من تثبيت الأسس الديمقراطية الصحيحة لأقرار حقوق الشعب الكردي .[/b][/size][/font]

14
المنبر السياسي / التراقب القلق
« في: 02:06 08/09/2006  »
التراقب القلق
تقي الوزان

يبدو ان حل الجيش العراقي , وباقي الأجهزة الأمنية , جاء نتيجة تخطيط مسبق . وليس كخطأ ارتكب من قبل الحاكم الأمريكي بول بريمر بشكل فردي كما حاولوا ايهامنا به . وذلك لمنع وجود اي جهاز عراقي يمكن ان يرصد حجم الأختراق الأمريكي في اعادة بناء وتشكيل اجهزة الدولة الجديدة , ويقف هذا الجهاز حجر عثرة امام تفتيت مكونات الوحدة الوطنية العراقية العريقة . بأعتباره احدى المرجعيات الوطنية المتفق عليها , وهذه الوحدة لو استمرت في تماسكها ستقف بالضد من التطلعات الأمريكية التي تبغي من العراق ان يكون واحة امريكية , قبل ان يكون واحة للديمقراطية في الشرق الأوسط .
وعلى الضفة الأخرى , نشطت ايران وسائلها حال سقوط النظام المقبور , واهمها العنصر المذهبي , والأحزاب السياسية الشيعية التي نشأت في الفترة السابقة برعاية الإيرانيين انفسهم مثل "المجلس الأعلى للثورة الأسلامية ", او التيارات والأحزاب التي نشأت بعد سقوط النظام مثل "التيار الصدري " . وكذلك التقارب الكبير بين الشعبين العراقي والإيراني , والتداخل العشائري والعائلي بين آلاف العوائل المشتركة , والتي سمحت بأقامة الكثير من الجسور الأقتصادية , و الدينية والأجتماعية بشكل لم يسبق له مثيل .
هذه الوضعية مكنت الحكومة الايرانية ان تجد نفسها , وبأيسر السبل , كلاعب اساس في المعادلة العراقية , وظفتها اكثر تماسك من الضفة الأخرى , واعتقدوا ان هذا التماسك سيمكنهم من اقامة رأس الجسر الذي يسبقون الأمريكان فيه .
والتراقب القلق بين الطرفين أدرك ان الشعب العراقي اصبح ضعيفاً بما فيه الكفاية , والجهد الذي سيحسم الصراع بينهم هو جهد احد المشروعين , الأمريكي او الايراني .
الامريكان يعرفون جيداً ومثلما يقول محمد حسنين هيكل في كتابه "العصر الامريكي" ان "أخطر مراحل اي مشروع نووي ان تكون اعباءه وتكاليفه قد دفعت لكن قدرته على الردع لم تكتمل بعد , وبالتالي يصبح المشروع في هذه الفترة من عمره نقطة ضعف اكثر من عامل قوة ". والمشروع النووي الايراني لايستطيع الصمود بأي حال امام التطور المرعب للتكنولوجيا النووية الامريكية , والتي مضى عليها اكثر من ستين عاماً .
ان الموجات الدموية الأخيرة وتزايد اعداد القتلى في الشهرين الأخيرين على ايدي مجهولين كما تصرح الحكومة العراقية , ليست بعيدة عن رغبة الطرفين في مسعى مشترك لإيصال العراقيين الى قناعة عدم صلاحية المسار الديمقراطي في تنظيم شؤون حياتهم . وبعض زعامات قائمة "الإئتلاف " لاتبالي بأسقاط حكومة المالكي التي هي حكومتهم , عبر اصرارها على عدم حل المليشيات , ومحاولة افشال مشروع الفيدرالية القومية للأكراد بأصرارها على اقامة فيدرالية الوسط والجنوب الطائفية والتي تمزق العراق , وتعثرها في تحديد اسس برنامج "المصالحة الوطنية" . فلا يعرف ماذا تريد , وطروحات اطرافها متناقضة .
من ناحية اخرى , ما ينتظره "المجلس الأعلى" من نتائج ستترتب على صدامات "التيار الصدري" بأعتباره خط المواجهة الشيعي الأول مع الأمريكان , واستغلال المرحلة القادمة بعد ان يكون الأمريكان انهوا "التيار الصدري" , وانهكوا ايضاً .عندها سيكون لقواتهم "فيلق بدر" الأكثر تنظيماً , والأشد فاعلية عسكرية , الدور الحاسم في انهاء الصراع لصالحهم , وهو ليس بعيداً عن تخطيط الأجهزة العسكرية الايرانية التي كونت ورعت "المجلس الأعلى" .
ولاشك ان هكذا تخطيط سيصطدم بالأمكانيات الواقعية لقوات الأحتلال . واولها امكانية اسقاط حكومة "الائتلاف" وتجريد اطرافها من اهم مقومات قوتهم , ومضي الوقت يخدم هذه الفكرة . فحكومة "الائتلاف" بقيادة المالكي لم تتمكن من ايجاد اي من الحلول للمشاكل الكبيرة , بالعكس اصبحت مستعصية نتيجة عدم التوافق بين اطراف "الائتلاف" ذاتها , وازداد الوضع الأمني سوءاً , وكذلك الفساد الأداري , وازمة النفط وسرقته , والوضع المعاشي المتدهور, والتدخل في الحياة الشخصية للناس , ومصادرة كل الحريات , حتى وصلت بأحد المراجع ان يحرم التدخين ...الخ .
من جهة اخرى تستطيع قوات الأحتلال الاتفاق مع اطراف في حكومة المالكي بما فيها رئيس الوزراء الذي يهمه نجاح ادارته بدون اخذ موافقة "الائتلاف" , في القضاء على عصابات الجريمة المنظمة , وانهاء المليشيات الحزبية , والخارجين عن القانون , وايقاف التهجير القسري , وتدوير العجلة الاقتصادية , والاتفاق على التفسير السئ لمبادرة "المصالحة الوطنية" وذلك بالعفو عن كل البعثيين , وسيتمكن الامريكان وبفترة قصيرة من تحقيق انجاز كبير لمشروعهم .
ان التردد , والتعثر , والمراقبة , لاتخدم وحدة "الائتلاف" ولا سلطتها , وستنعكس خساراتها على اطرافها بالتتابع , نتيجة انانية واستئثاربعض قياداتها , وخضوع بعضهم الكامل لتوجهات السياسة الايرانية .وهذه الوضعية اسرعت في اعادة العلاقات بين الامريكان وبقايا البعث في اتفاقات لايعلمها الا الله بما يبيتونه للعراق , وانعكس ذلك واضحاً في التصريحات الواثقة من بعض رموزه مثل صالح المطلك , والشروط التي اخذوا يضعونها قبل اي موافقة لهم , وبالذات بأتجاه "المصالحة الوطنية". ويبقى الشعب العراقي الذي اوصل هذه النخب السياسية الى سدة الحكم الخاسر الاكبر , وعليه دفع المزيد من الدماء ثمناً لهذا الأختيار غير الموفق .[/b][/size][/font]

15
المنبر الحر / على ذات الخطى
« في: 14:40 29/08/2006  »
على ذات الخطى
     
تقي الوزان

بعد مأساة لبنان الأخيرة , وما تركته الحرب من دمار على كافة الأتجاهات , والصمود البطولي لمقاتلي " حزب الله " في وجه الآلة العسكرية الجهنمية الأسرائيلية , والذي تحقق بفضل التفاف كل قطاعات الشعب اللبناني حول مقاتلي " حزب الله " بعد ان وقعت الحرب . خرج الرئيس السوري بشار الأسد بخطابه الشهير الذي اتهم فيه الأغلبية في البرلمان اللبناني بالعمالة لأسرائيل , وحاول قطف ثمار صمود مقاتلي " حزب الله " , واعتبره نصراً لزعامته التي وجهت مسار الأحداث , وهاجم ايضاً الرؤساء العرب والدول الغربية , اي انه لم يبقي على شئ غير نظامه والنظام الايراني .
وامام هذه الديماغوجيا البعثية جوبه بسؤال واحد لاغير وعلى كافة المستويات , الرسمية , والشعبية , ووسائل الأعلام , وكل مخلوق يمتلك ذرة من العقل , والسؤال هو لماذا لم تفتح جبهة الجولان لأبناء المقاومة ليتم تحريرها , ولم لم تطلق رصاصة واحدة لأكثر من ثلاثة عقود ؟! ومثلما هو معروف ظل يلف ويدور ولا يجيب على السؤال , وكان آخر حذلقاته الأعلامية : بأن الدول لاتمتلك وسائل وشرعية المقاومة , والمقاومة لاتحتاج الى اذن من الدولة .
وفي مهزلة يندر تكرارها الا مع الممارسات البعثية , حاول النظام السوري خلق منظمة وهمية لتحرير الجولان . وذكّرنا بمهزلة ادعاء نظام صدام المقبور بعد اجتياحه الكويت , من ان ثلة من ابناء الكويت قاموا بأنقلاب عسكري على البيت الأميري , وحولوا الكويت الى جمهورية برئاسة العقيد علاء , والأجتياح جاء بطلب من الثوار لتثبيت نظامهم الجديد الذي يطلب الوحدة الفورية مع العراق , ولبينا نداء رغبتهم الوحدوية , وتحولت الجمهورية الكويتية الى المحافظة رقم " 19 " بأدارة علي كيمياوي .  بهذا الغباء ارادوا ان يقنعوا العالم ب" صواب " دوافع الأجتياح .
وعلى ذات الخطى للشقيق المقبور نظام صدام حسين اقدم النظام السوري ليل السبت المصادف 26 /8/ 2006 من على شاشة قناة ابوظبي الفضائية تقديم شخص يدعى " مدحت صالح " يتعثر بكلماته , وممتلئ بعض الشئ , ويبدو عليه على علاقة يومية بأكل "الخواريف " , على انه مسؤول الهيئة الشعبية لتحرير الجولان . وقدم طروحاته التي هي طروحات النظام السوري , على ان هيئته ستستنفذ كل الطرق والوسائل لغرض ارجاع الجولان الى الوطن الأم , ولم يقل لنا متى ستستنفذ هذه الطرق ؟! وهي المجمدة منذ ما يقارب الأربعة عقود , وبعدها سيباشر رئيس الهيئة بالمقاومة المسلحة في الجولان.
وسأله المراسل في نهاية هذه المسرحية المعدة سلفاً : وهل ستكون المقاومة بالأتفاق مع الحكومة ؟ فأجابه رئيس الهيئة: بأن السيد الرئيس كان واضحاً في كلامه بأن المقاومة لا تحتاج الى اتفاق مع الدولة , ونحن الذين سنقوم بالمقاومة .
فرغم سراب فكرة المقاومة في الجولان الا انه كان حريصاً على ان السيد الرئيس حفظه الله ليس له علاقة بهذا السراب .كان صدام حسين يدعي بأن كل شئ يجري في العراق بأرادته , وكان يستمتع بهذا الأدعاء , والأسد يخشى ان يتهم حتى في سراب التحريض على فكرة المقاومة في الجولان . ويبدو ان سير التحقيقات في جريمة اغتيال الشهيد الحريري خلقت لديه الحساسية الكفيلة بكبح وهم الأستمتاع بالأدعاء .[/b][/size][/font]

16
الطريق  الاسلم رغم مرارته

تقي الوزان

مثلما تمكن المجرم صدام ونظامه المقبور من ايصال المجتمع العراقي واحزابه الوطنية الى قناعة بعدم التمكن من اسقاط نظامه , تمكن الامريكان وبأشكال مختلفة من خلق القناعة ايضاً بأن حامي التوازن بين مختلف المكونات وحامي وحدة العراق هي سلطات الأحتلال الامريكي . وطيلة الثلاث سنوات والنصف التي أعقبت سقوط النظام أضعفت أغلب المشاريع الوطنية .
ودخل صراع المكونات السياسية العراقية في آتون المشروعين الرئيسيين في المنطقة , النووي الإيراني الداعي لتصدير الثورة الأسلامية , وأدخال المنطقة تحت جناح حمايتها النووية , والأمريكي الداعي لمنع النووي الإيراني , وخلق شرق أوسط جديد بمواصفات العولمة الأمريكية .
ولا وجود فاعل للمشروع الوطني حالياً , وبهذا " اللاوجود " تسارع الأنحدار في كل الأتجاهات , والكل يركض لأقتناص أي شئ , وبكل الطرق . ولحظة التصادم بات الكل يشعر بقربها .
المشروع الأمريكي لف حوله أغلب الأحزاب السياسية العراقية المعارضة ايام النظام المقبور , والتحقت به في الفترة الأخيرة بقايا حزب البعث بعد ان تأكدت من عدم وجود تعارض بين مشروعها القاضي بعدم معاقبة أغلب مجرمي النظام السابق , وأستعادة السلطة , او قسم منها , وبين المشروع الأمريكي . اما الطرف الآخر لف تنظيمات "القاعدة" والسنة التكفيريين , وبعض الأطراف الشيعية المرتبطة بالمشروع الإيراني .
ومن هذه النقطة لايستبعد بعض المراقبين من تعاون ايران وجماعتها مع تنظيمات "القاعدة" لتنفيذ بعض التفجيرات الأنتحارية في مناطق شيعية مغلقة , لزيادة التوتر الطائفي , ودفع اكثرالبسطاء الشيعة لطلب حماية الأحزاب الطائفية, والقبول بتنفيذ مشاريعها السياسية مثل اقامة فيدرالية الوسط والجنوب الطائفية .
ان دوران الأحزاب العراقية في فلك سلطات الأحتلال صاحبة الأدارة الحقيقية , يوضح أملها في تثبيت تجربة الديمقراطية وتعميقها , وامكانية تحقيق مصالح اكثر جذرية للعراقيين بعد استتباب الامن وعودة الحياة الطبيعية الى الواقع العراقي .
والسؤال : متى ستسمح سلطات الاحتلال بهذه العودة ؟! . ورغم صعوبة التوقع فهي اهون من نفق الظلام الذي تنوي ايران ادخالنا فيه كما تقول بعض الأحزاب .
والتجربة اللبنانية الأخيرة توضح مسار الطريق المجهول الذي سيق لبنان اليه , اذ ان الجمر لايزال ساخنا بعد ان غلفه رماد ايقاف العمليات العسكرية , ولاتزال نفس التوجهات قائمة لجولة أخرى . فايران لم تستطع اعاقة تقدم مشروع محاسبتها على مشروعها النووي , وسورية لم تتمكن من الخروج من عزلتها وايقاف التحقيقات وانشاء المحكمة الخاصة بأغتيال رفيق الحريري المتهمة بها , وحزب الله الذي اظهر كل هذا الصمود والبسالة يلملم اشلاء الدمار الذي لحق بلبنان واهله , ويحاول تخفيف ثقل المأساة عن طريق بعض التعويضات المالية التي استلمها من ايران .
اسرائيل والأمريكان من جهتهم لم يتمكنوا من قص الجناح الايراني في لبنان , نتيجة تماسك الشعب اللبناني ووقوفه خلف صمود "حزب الله " البطولي في رد جبروت الآلة العسكرية الجهنمية الأسرائيلية .
الطرفان يستعدان لجولة جديدة , ولا يعرف هل ستكون بين اسرائيل و"حزب الله " مرة أخرى , ام بين "حزب الله " وباقي اطراف الحركة الوطنية التي تريد اخراج لبنان من دائرة صراع المشروعين الرئيسيين الايراني والامريكي , وهذا الاستعداد ظهر واضحا من خلال كلمة الرئيس السوري بشار الاسد الذي هاجم فيها الحركة الوطنية اللبنانية , وباقي الدول العربية , والغرب .
وكذلك من خلال تمنع ارسال قوات حفظ السلام من قبل دول ساهمت بشكل اساس في صنع القرار الأممي 1701 مثل فرنسا ,ايطاليا ,المانيا . والتي لاتريد ان تضع جنودها في الطاحونة التي ربما ستدور رحاها مرة اخرى .
والذي يهمنا عدم تكرار التجربة اللبنانية والسقوط بين فكي رحا المشروعين الايراني والامريكي , وتجنيب العراق خسائر جديدة لايقوى العراق على حملها . والحدود مع ايران ودخول قوات ايرانية لن يكون عامل نصر للمشروع الايراني بقدر ما هو سفك لمزيد من الدماء العراقية , وتدمير ما تبقى من مظاهر الحياة .
والطريق الوحيد للخلاص هو في مشروع " المصالحة الوطنية " الذي قدمه رئيس الوزراء السيد المالكي . رغم مرارته , وتسرب الكثير من البعثيين تحت جناحيه .
ان الصراع الدموي الطائفي الحالي سوف لن ينتهي بأنتصار احد الطرفين طالما توجد سلطة الاحتلال التي وجهت هذا الصراع وقادته ليكون بالصورة الحالية , والذي جاء متماشياً مع الرغبة الايرانية في الكثير من مراحله .
لقد ابتلت شعوب المنطقة بأنظمة حكم اشبه بالإيدز , قمعتها بشكل عنيف , وانهت مناعتها ضد مشاريع الأستغلال الأجنبية , ووجدت هذه الجماهير نفسها لاحول لها ولاقوة, ولا مؤسسات سياسية تدافع عنها , ووجدت التدخل الأجنبي هو المنقذ لتغير واقعها المزري , رغم الأنتشار السرطاني للعولمة الأمريكية , وما سيولده من مضاعفات تستنزف الجميع .[/b][/size][/font]

17
النفط وتداخل مقومات الأزمة
تقي الوزان

وزارة النفط تكاد ان تكون الوزارة العراقية الوحيدة المنتجة , وكلنا نذكر كيف حافظت عليها قوات الأحتلال دون غيرها من النهب والسرقة اثناء فترة سقوط النظام المقبور , وما تبعه من فرهود . والنفط درة التاج العراقي الذي يبحث عنه الأمريكان , وغيرهم . ونذكر ايضاً الصراعات التي لازمت عملية المحاصصة بين القوائم من جهة, وبين مكونات قائمة "الإئتلاف" من جهة اخرى للحصول على وزارة النفط . وحاول حزب الفضيلة ان يقايض بها انسحاب مرشحه من منصب رئيس الوزراء الا ان الدكتور الشهرستاني استقتل بالحصول عليها , وكادت ان تحدث مشكلة تهدد وحدة قائمة"الإئتلاف ".
مافيات الفساد الأداري بالتعاون مع شبكات اللصوص والمليشيات سيطرت على كل فعاليات توزيع النفط ومشتقاته في العراق . والمواطن يستقطع من قوته وقوت اطفاله لأشباع جشع هذه الوحوش , وتوقع الناس خيراً باستيزار الدكتور الشهرستاني وهو الذي سعى اليها بكل الطرق , وتبعته التصريحات الأسبوعية واليومية بقرب انتهاء الأزمة .
أزمة الوقود الحالية هي الأعنف منذ اكتشاف النفط ولحد الآن , وشلت حياة العراقيين في كل نواحي الحياة , وتركت بصماتها الخانقة حتى في الهواء الذي يتنفسونه في هذا الشهر الجهنمي . تركها السيد المعني حسين الشهرستاني وزير النفط وسافر الى شهرستان [ مدينة ] طهران .
والشهرستاني لم يبني استحقاقه السياسي على تاريخه الشخصي الذي لاغبار عليه , بل على مصاهرته للمرجع الكبير السيد علي السيستاني . وله في المصاهرة قدوة توضح الطريق , فعادل حداد رئيس البرلمان الإيراني والكاتم على انفاسه صهر السيد علي خامنئي المرشد الأعلى للثورة الأسلامية في ايران , وآصف شوكت رئيس المخابرات السورية والمتهم بأغتيال الحريري صهرالرئيس السوري بشار الأسد , ولا نريد ان نضرب المثال الأسوء خوفاً من احد اخوانناالشيعة الذي ربما يسحب التشبيه ويجعله بين السيد السيستاني جل قدره وبين الساقط صدام , وليس بين الشهرستاني وحسين كامل . والشهرستاني رغم اختصاصه العلمي [ ذرّة ] فهو يصرع أكبر الحجتية في توجهه الطائفي, وأثناء حملته لبناء حزب جديد بأسم "المستقلين "الأسلاميين أخذ يبشر بكونه شخص مبارك لأن السيد السيستاني أختاره مع خمسة آخرين لتشكيل قائمة "الإئتلاف" . ونحمد الله ونشكره لأنه لم يستطع منافسة الجعفري عندما رشحا سوية لرئاسة الوزراء . ولو فاز لأستحدث حتماً وزارة بأسم البركات , ودوائرها بين مديرية عامة للدعاء وورش تصنيع البخور .
أزمة الوقود ليست متعلقة بهذه العقليات التي تدير وزارة النفط فقط . الأهم هو فقدان أجهزة الدولة للحد الأدنى من وحدة تنظيم العمل , ففي الوزارة تجد ان الطابق الثاني لا يعرف ما يدور في الطابق الأول , والوزير لايعرف ما يدور في المديريات العامة , والمدير العام لايعرف ما يدور في الوحدات التابعة له . هذا التفكك هو القاسم المشترك في ادارة أغلب دوائر الدولة .
ألتفكك , وأشاعة الفساد الأداري , والطائفية , وفقدان الأمن , أركان سعت اليها سلطات الأحتلال لأعاقة أعادة بناء الدولة . وأعاقت أيضاً الكثير من التوجهات الجادة خاصة في المسألة الأمنية لأدامة فقدان البوصلة التي توحد جهود كل الأطراف العراقية , وتبقيها معلّقة بخيوط اللعبة التي تديرها . قبل ان يتم الأختراق الكامل للحياة العراقية وتشابكها المعقد مع دول الأقليم , وهو ما يسمونه بالشرق الأوسط الجديد .
لقد تضافرت رغبة عصابات بقايا النظام الصدامي المقبور في تدمير البنية التحتية للطاقة, مع مكونات الأزمة من الأطراف الأخرى , وجاءت كلها لتصب في اثارة الرعب من فقدانها وبالذات في المواضع التي لابد من وجودها مثل المستشفيات , وعدم ايجاد المؤسسة المركزية التي تشرف على تنظيم الطاقة لحد الآن , وبقاءها مبعثرة بين وزارات النفط والكهرباء والموارد المائية .
يبدو ان الأطراف الفاعلة في القضية العراقية وجدت نفسها متفقة لتدمير آخر ما تبقى من ارادة هذا الشعب المسلوب , وتحويله الى آلة طيعة تنفذ كل ما يطلب منها دون تفكير . رغم التضاد الظاهري بين هذه الأطراف . [/b] [/size] [/font]


18
بين الأ نحراف والتسلط الأمريكي

تقي الوزان

يعرف العراقيون جيداً ان سلطات الأحتلال الأمريكي شجعت الكثير من الأعمال السلبية مثل السرقة , الرشوة , التلاعب بالأموال العامة , انفلات الأمن , تأهيل الكثير من العناصر البعثية بأسم السنة . وساهمت في خلق الحالة المزرية التي يعيشها العراقيون الآن . ومنعت الكثير من الأجراءات الواجب اتخاذها للحد من التدهور الحاصل في كل نواحي الحياة , ولعل ابرزها عدم ايجاد الأدارة الموحدة والمركزية التي تربط عمل الأجهزة الأمنية والعسكرية, وانفرادها بأدارة الملف الأمني . مما ساعد على انتشار سلطات المليشيات , وانتشار الفساد على اوسع نطاق .
الأمريكان لايعرفون العدالة الا عندما تخدم مصلحتهم , وفي خطوة لافتة للنظر نشر موقع "الديوان العراقي" في 060730 الخبر التالي" أكدت مصادر حكومية عراقية مطلعة ان الأمريكيين ورئيس الوزراء العراقي نوري المالكي قاما باطلاق يد دوريات مفوضية النزاهة للقبض على المسؤولين الحكوميين العراقيين وأقاربهم المتورطين في ملفات الفساد الأداري بغية زجهم في السجن ومن ثم محاسبتهم قضائيا , على غرار المدير العام التنفيذي في مفوضية الأنتخابات العراقية عادل اللامي الذي زجت به مفوضية النزاهة العراقية في السجن بضوء أخضر امريكي . . وتسعى الولايات المتحدة وبعض السياسيين العراقيين الى معرفة فيما اذا كانت قد تمت عمليات تزوير في الأنتخابات الأخيرة وتم التستر عليها من قبل اعضاء في المفوضية . واذا استطاعت الولايات المتحدة إجبار اللامي على الأدلاء بأعترافه امام البرلمان وإقراره بعمليات تزوير ربما تكون قد حدثت , فأن ذلك سيحدث ضجة سياسية وربما سيفجر البرلمان من داخله ." وقالت المصادر ان من ضمن الأسماء التي ستنفذ تباعاً أوامر قبض بحقها , حازم الشعلان , باقر جبر صولاغ , عمار عبد العزيز الحكيم , سعدون الدليمي , الفريق احمد كاظم , ثائر النقيب وشقيقه فلاح النقيب , انتفاض قنبر . واسماء كبير اخرى.
لو صح هذا التقرير فأن "المجلس الاعلى " سوف لن يضحي بسهولة بأبرز رجالاته مثل السيد باقر جبر صولاغ الذي وضعه "المجلس" على رأس ثلاثة وزارات طيلة فترة تشكل الأدارة العراقية الجديدة بعد سقوط الطاغية , وفشل فشلاً كبيراً في الوزارتين الأوليتين . ويتهمه الكثير من المراقبين على انه احد المسؤولين الرئيسيين عن ما وصلت اليه الحالة العراقية الراهنة من دموية , وبسبب ادائه الطائفي في وزارة الداخلية . واليوم وزيرا للمالية , ولايعرف عنه شئ له علاقة بأدارة اموال بلد غني مثل العراق , وتتشابك فيه خيوط المشكلة المالية بخيوط الفساد الأداري , والسرقات , والتهريب , وعقود النهب من قبل الشركات الأمريكية , سوى ادعائه بأنه كان تاجراً . والغريب ان " المجلس الأعلى " يدعي ايضاً في طروحاته السياسية بأنه يمثل مصالح كل الشيعة , والشيعة ستين في المئة من الشعب العراقي . فهل من المعقول ان لايجد من يمثله في الوزارات السيادية من كوادر علمية ذات اختصاص, وتقوم بواجبها بنجاح غير السيد باقر جبر صولاغ الذي فشل المرّة تلو الأخرى . وسيكون الأمر محرجاً مجرد اتهام السيد عمار عبد العزيز الحكيم ثاني شخصية في " المجلس " بعد والده السيد عبد العزيز الحكيم , والمرشح لرئاسة اقليم الوسط والجنوب حسب ما صرح به مؤخراً . وسيكون مأزق " المجلس الأعلى " مثل مأزق "التيار الصدري " المتهم فيه السيد مقتدى الصدر زعيم التيار بجريمة اغتيال المرحوم " عبد المجيد الخوئي " . وهي تحت اليد , ويجري تحريكها عند الطلب , ولا يستبعد من الأمريكان ان يوضع السيد مقتدى الصدر في قفص الأتهام مثل صدام , وأمام شاشات التلفزة عند محاكمته .
من ناحية ثانية , قال السيد هادي العامري رئيس منظمة بدر في كلمته التي القاها في الذكرى الثالثة لأستشهاد السيد محمد باقر الحكيم رحمه الله " سوف لن نسمح بأسقاط حكومة المالكي . ولن نسمح بأقامة حكومة انقاذ وطني ." ويبدو ان التوجهات الامريكية ستعالج عجز حكومة المالكي ان فشلت بالنهوض بمهماتها , وبالذات حل المليشيات والسيطرة على الامن بحكومة انقاذ وطني . الا ان زيارة المالكي لواشنطن والكلمة التي القاها في الكونكرس , والتي قوطعت عدة مرات بالتصفيق , كانت تحتوي على جوهر الخطة الامريكية في مكافحة الارهاب , مما انعكس سلباً على موقف حلفائه في قائمة " الائتلاف " . بعدها مباشرة نشر موقع "صوت العراق"الموالي الى نفس الاطراف الشيعية في يوم 060730 مقال بعنوان"حقيقة الموقف الامريكي من حكومة المالكي ! " وبدل اسم الكاتب كلمة أفكار , وتدعو ضمناً الموالين الآخرين للكتابة بأفكار المقال, ومما جاء فيه" هناك من يرى ان المالكي اثبت كونه شخصية براغماتية من الطراز الصريح , فهو حاضر للاستجابة وفق مصالح بقائه واستمراره في الحكم , وبذلك تكون الولايات المتحدة الامريكية وجدت فيه بغيتها ومصالحها . " وهذه المرة الاولى التي يتهم فيها المالكي بالانتهازية من قبل الاطراف الشيعية ذاتها .
وفي نفس الأتجاه نشر موقع "الديوان العراقي " اليوم الأثنين 060807 خبر منقول عن تلفزيون العراقية الفضائي : هاجمت القوات الأمريكية والعراقية مليشيات المهدي التابعة لمقتدى الصدر في مدينة الثورة . وتم فيها استهداف بعض البنايات التابعة لمليشيا الصدر فيما هرعت سيارات الأطفاء الى المكان لأطفاء بعض الحرائق التي اندلعت .
ان الحملة التي تشنها القوات الحكومية والأمريكية لتصفية مليشيا " جيش المهدي " هي نتيجة الأتفاقات التي حصلت بين رئيس الوزراء وبين الأمريكان اثناء زيارة السيد المالكي الى واشنطن , وليس بموافقة قائمة "الإئتلاف " التي يشكل التيار الصدري احد اعمدتها الرئيسية . وهذا سينعكس سلباً على وحدة وتماسك القائمة . والخوف هو ان يتحول الصراع بين الأعمدة الأساسية في القائمة الى صراع مسلح , وهذه المرّة لن يسيطر عليه مثل المرات السابقة , وستكون الخسارة افدح بكثير ولأبناء الطائفة الشيعية بالذات .
ما من شك ان سلطات الاحتلال تنظر الى "المجلس الاعلى" وبعض الاحزاب الشيعية على انها اليد الايرانية في العراق , وستعمل على اضعافها بكل الطرق قبل ان يحتدم الصراع حول الملف النووي الايراني . وسيدفع الشعب العراقي مرتا أخرى ثمنا قد يفوق المرة الاولى عندما غدر به الامريكان بانتفاضة عام 1991 , وبعد ان حرض عليها بوش الاب , وتركوا صدام يفتك بالعراق نتيجة دخول بعض العناصر التي حاولت ان تحرف وجهة الانتفاضة لغاية خدمة المصالح الايرانية .[/b][/size][/font]

19
المنبر السياسي / الخطأ المقصود
« في: 12:32 31/07/2006  »
الخطأ المقصود
تقي الوزان

يجمع أغلب المراقبين السياسيين على توجه المشروعين الرئيسيين , النووي الايراني , والمعارض الغربي بقيادة الأمريكان , للتصادم بشكل أسرع . ولاشك ان الحرب الأسرائيلية على لبنان أحد مفاصل هذا الصراع . وقد صرحت الأدارة الأمريكية على لسان وزيرة خارجيتها رايس " بأن الحرب في لبنان بداية ولادة الشرق أوسط الجديد ." وتبعها بوش بحديثه الأذاعي الأسبوعي يوم السبت 060729 بالقول " ان لبنان أحدث نقطة ساخنة في صراع اوسع في انحاء المنطقة بين الحرية والأرهاب . . هذه المرحلة من الصراع في الشرق الأوسط مؤلمة ومأساوية . لكنها ايضا فرصة لتغيير اوسع نطاقا في المنطقة ."
الأحزاب الشيعية العراقية ستكون احدى وسائل الصراع الرئيسية بين ايران والأمريكان الذين يمتلكون السلطة الحقيقية في العراق . ولكي لا تتكرر تجربة " حزب الله " القاسية , وما جرته على لبنان من دمار ودماء , يستوجب اجراء مقارنة ولو بسيطة بين وضعية " حزب الله " ووضعية الأحزاب الشيعية العراقية .
* لبنان دولة مستقلة , والقرار اللبناني بيد ابناء لبنان . العراق تحت سلطات الأحتلال , وبتفويض دولي , وقراره ليس بيد ابنائه بشكل كامل .
* الشيعة اللبنانيون متوحدون تحت راية " حزب الله " وحركة " أمل " . في العراق الصراعات بين الأحزاب الشيعية وصلت الى حد المذابح الدموية , كما حصل في النجف والبصرة على سبيل المثال .
* التوحد المذهبي في لبنان أكبر بكثير من توزع مقلدي المرجعيات الشيعية في العراق .
* وجود شخصية " كرازماتية " وحدت أغلب جهود الطائفة الشيعية "السيد حسن نصر الله " . بعكس العراق الذي تمزقه رغبات البحث عن المصالح الشخصية للزعامات السياسية .
* أمكانيات " حزب الله" العسكرية , وخبرته التنظيمية , ومؤسساته الخدمية , التي قدمت الكثير من الخدمات الأجتماعية والمعيشية لأبناء الطائفة في لبنان . بعكس العراق الذي لم تكسب جماهيره من مليشيات الأحزاب الشيعية سوى التسلط , والتدخل في كل امور الحياة الشخصية للمواطنين . والأنجرار وراء ردود الفعل على جرائم عصابات البعث والسنة التكفيريين .
* " حزب الله " يمتلك ورقة تحرير الجنوب وطرد العدو الصهيوني . كأمتياز مارس أفضليته على باقي اطراف الحركة الوطنية اللبنانية , وهذا لايوجد لأي فريق سياسي عراقي .
* المجتمع اللبناني , والدولة , والتقاليد البرلمانية العريقة , واعادة بناء لبنان , مقومات أكثر أرتكازية من الوضع في العراق , الذي يبدو على حافة الحرب الأهلية . وهذه المقومات منحت اللبنانيين حصانة كبيرة حالت دون الأنزلاق الى تفجير الوضع اللبناني , رغم دموية وبشاعة العدوان الأسرائيلي .
* سيطرة "حزب الله" على وحدة قرار المقاومة يأتي من كونه حزباً . بعكس العراق , فأن القرار الشيعي بيد قائمة "الإئتلاف" وهي عدة أحزاب متصارعة فيما بينها على النفوذ وائتلفت تحت عباءة آية الله العظمى السيد علي السيستاني , ومظلة الحكومة الإيرانية . وهذه ليست أكثر تماسك من وحدة قرار الحزب الواحد .
كل مصادر القوة هذه لم تساعد "حزب الله " لتحقيق الأجندة الإيرانية من خلال اختطاف الجنديين الأسرائيليين . والذي كان متوقعاً منها تغيير اولويات الواقع السياسي في المنطقة . وأشغال صاحب القرار السياسي العالمي – ولو مؤقتاً – عن المشروع النووي الايراني .
رغم كل السلبيات والأعمال غير المشروعة التي خلخلت الثقة بين بعض الأحزاب الشيعية وبين قطاعات واسعة من ابناء الشعب العراقي , فقد انجزت الأنتخابات الأولى , والدستور , وأقيمت الأنتخابات الثانية , وأنجز تشكيل الحكومة الدائمة , وكلها جاءت في صالح الأحزاب الطائفية الشيعية . الا ان عدم وجود القيادات السياسية الحكيمة والمتوحدة , حال دون استنفاذ حدود الممكن من هذا الصالح وأستمرت تتعثر بالأنانيات والمصالح الشخصية لزعاماتها , والركض وراء الكسب غير المشروع . وفقدان المشروع السياسي العراقي لدى أغلبية فصائلها . وتوزع قواها على منافذ خدمة المشروع الإيراني .
وفي حالة تكرار تجربة " حزب الله " الدموية التي خدمت اجندة غير الأجندة الوطنية , سيكون الخطأ المقصود, والذي سيذبح الأمل الضئيل المتبقي بعدم قيام الحرب الأهلية , والتي سيشعلها الأمريكان أنفسهم . وعسى ان لايحدث هذا الأسوء , وينهض العراق مرة أخرى .[/b][/size][/font]

20
المنبر السياسي / رهانات خاسرة
« في: 00:49 18/07/2006  »
رهانات خاسرة
تقي الوزان

الخطوط العريضة التي وضعتها الأدارة الأمريكية لأحكام سيطرتها على منطقة الشرق الأوسط , أو كما تسميها [امريكا] تحديث انظمة المنطقة وجعلها ديمقراطية , وتمكن شعوبها من التنفيس عن بعض رغباتها التي سحقت بالكامل , وأصبحت معامل لتفريخ الأرهاب والتطرف . هذه الخطوط تحيط بكل وضعيات الأنظمة التي عليها أن تقبل ب"صداقة" اميركا "الحميمة" . وتراوحت بين القبول بأنقلاب النظام الليبي على كل عنترياته , ورفعه الراية البيضاء .
وبين تشجيع الأنظمة الأخرى الموالية للسياسة الأمريكية في اجراء بعض الأصلاحات, مثل مشاركة المرأة في الأنتخابات , أو أجراء انتخابات بلدية في بلد محكم بالقوانين السلفية بما فيها قطع يد السارق مثل السعودية , او الترشيح لأنتخابات رئاسة الجمهورية أكثر من واحد مثلما حدث في مصر . كل هذه الترقيعات تجد التهليل , والتصريحات الأحتفالية من كبار قادة الأدارة الأمريكية .
تبقى مسألة معالجة الأنظمة الراعية للأرهاب كما تصنفها اميركا هي الأهم . ومثل تصرف أي بلطجي عندما يبادر بضرب الأضعف , حتى يهز ثقة الأقوى بنفسه . أجتاحت اميركا ، العراق وقذفت بنظامه ورمزه المتغطرس صدام الى مزبلة التاريخ , بضربة سهلة وموفقة . لتتفرغ بعدها لملاحقة النظامين الإيراني والسوري , وقد ادركا بشكل مبكر بأن الضربة القادمة ستكون عليهما . فجرى توحيد جهودهما بالكامل , وحولا العراق الى بركة دم , عسى ان تمنع الأمريكان من التقدم في باقي خطواتهم .
الجرائم التي أرتكبت في العراق , والتي فاقت كل تصور في بشاعتها , والحرب الطائفية غير المعلنة - وحتى لو أعلنت - لم تتمكن من ايقاف المشروع الأمريكي بمطاردة وتضييق الخناق على النظامين المذكورين .
ايران لديها مشروعها النووي الذي ينفتح على آفاق واسعة في التكنولوجيا , وفي صناعة القرار السياسي العالمي , ووعود خلابة بالرفاه الأجتماعي أقنعت قطاعات مختلفة من الشعب الإيراني .
بعكس سورية التي تمتلك مشروع سياسي قومي أثبت فشله طيلة النصف قرن الماضي . وشعبها يدرك ان التشبث بهذا المشروع هو فقط للحفاظ على سلطة النظام. ومن هذه النقطة يكون النظام السوري تابع أيضاً لتوجه المشروع النووي الايراني , ولن يكون مؤثراً في الصراع أكثر من تأثير حماس وحزب الله . أمريكا وأسرائيل والغرب عموماً لن يسمح للنظام الإيراني ان يمتلك التكنولوجيا النووية السلمية . فكيف والنظام متهم بمحاولة أمتلاك السلاح النووي ؟!
لقد نجحت اميركا بشكل كبير في أدارة صراع الملف النووي الإيراني , وأستطاعت أن تنهي معارضة روسيا والصين في تقديم الملف الى مجلس الأمن للحصول على قرار يجبر ايران على ايقاف تخصيب اليورانيوم حسب البند السابع , وإلا تعرضت لعقوبات متتالية تبيح في النهاية التدخل العسكري .
هذا النجاح الأمريكي والذي تمكن من فصل قضية العراق عن المحاور الأخرى , دفع النظامين لتشغيل باقي أحتياطيهما في المنطقة , سواء في فلسطين أو لبنان , في محاولة لخلط الأوراق بالكامل , وأستحداث واقع جديد مهما تكن كلفة الخسائر فيه . وإيجاد أولويات بديلة عن الأولويات الحالية في إحالة ملف ايران الى مجلس الأمن , وتشكيل المحكمة الدولية لمحاكمة قسم من أقطاب النظام السوري على جريمة أغتيال الحريري وباقي الجرائم الأخرى .
توقيت عمليتي حماس في غزة , وحزب الله في لبنان في اختطاف الجنود الأسرائيليين , ورد الفعل الدموي الأسرائيلي المتوقع . كان بالتزامن مع اجتماع الثمانية الكبار في روسيا , في محاولة التأثير على جدول أعماله الذي كاد ان يعلن عن اتفاق الدول الثمان بشأن ايران وسورية وفق الرغبة الأمريكية.
لقد أنتهت مرحلة القطبين , وسقط الأتحاد السوفيتي الذي كان بأمكانه ان يوقف جرائم الصهاينة . وهذا ما لاتدركه لحد الآن بعض القوى الأقليمية . ولازالوا يراهنون على العنجهيات الفارغة التي لن توصلهم الا لخسائر أفدح .
ان المعارك مرشحة لشراسة اكثر خلال الأيام القادمة , في العراق وفلسطين ولبنان , ومن المرجح ان تجبر سورية على دخول معركة تكشف ضعفها بالكامل , وتترك آثاراً عميقة لن تمحى بسهولة من الجسد السوري . وإيران ستهاجم بأسرع مما تتوقع حسب ما تقوله المصادر الغربية .
ان توجهات السياسة الأقليمية ستحدد نهاية الصراع , ولن يبقى مفتوحاً كما كان في السابق . ولن يكون هناك جدوى للألتفات , وفهم المواقف الخاصة للفصائل التابعة مثل حماس وحزب الله التي هي اجزاء في حركة التوجهات الرئيسية الأقليمية .[/b][/size][/font]

21
المنبر السياسي / بين الخديعتين
« في: 13:39 15/07/2006  »
بين الخديعتين

تقي الوزان
الأنحدار الى الجحيم , وبهذه السرعة الجنونية , يدفع للأعتقاد بأن كل الأطراف المشتركة في جريمة تمزيق العراق في عجلة من أمرها . وكأنهم على موعد محدد ونهائي يريدون الوصول اليه .
سلطات الأحتلال وعلى مر التاريخ تبغي احكام سيطرتها من خلال خلق التناقضات وتعميقها بين مكونات المجتمع . وفي بداية الأحتلال تركت الباب مفتوحاً لتشكيل , وتقوية المليشيات . وحفزت هذه المليشيات للسباق فيما بينها لزيادة مساحة نفوذها , وتوسيع رقعة سيطرتها على أرض الواقع, بغض النظر عن عدم شرعيتها, وما حققته أحزابها من أصوات في البرلمان . ولو أخذنا على سبيل المثال لا الحصر سلطة " جيش المهدي " فهي أضعاف مضاعفة على حجم أصوات التيار الصدري في البرلمان ومجالس البلديات . هذه الحالة كانت سبب رئيس في خلق العداوات والتناحر , وكلنا نذكر الصراع الدموي الذي سقط فيه الكثير من الأبرياء بين التيار الصدري والمجلس الأعلى للثورة الأسلامية , وكلهم ابناء مذهب واحد , وقائمة أنتخابية واحدة .
سلطات الأحتلال أرادت من خلال العملية الديمقراطية وأجراء الأنتخابات,الحصول على حكومة تحقق لها المحافظة على العراق , وعدم أنزلاقه الى الحضن الايراني . وتحقيق شروط الأحتلال بشكل قانوني , وجعل الحكومة مصد للرفض الذي سيرافق أستغلال النفط بشكل غير منصف , ودمج الأقتصاد العراقي الضعيف بسوق الرأسمال الأمريكي العملاق عبر سلسلة من من القوانين يصدرها البرلمان المنتخب . أضافة للطلب ببقاء القوات الأمريكية في قواعد ثابتة تمكنها من فرض سيطرتها على كل المنطقة .
ايران من جانبها أستغلت رغبة سلطات الأحتلال القاضية [بغض النظر] عن توسيع سلطات المليشيات, وبشرط ان تبقى في حدود السيطرة , ودفعت بكل امكانياتها في تغذية أغلب مليشيات الأحزاب الشيعية الموالية لها . وجعلتها تمارس سلطات أكبر من [ حدود السيطرة ] وباتت تشكل خطراً حقيقياً على سلطات الأحتلال ذاتها . وبدل الدخول في مواجهات ساخنة مع هذه المليشيات , التي أخذت تعبر بوضوح عن رغبة النظام الإيراني في افشال المشروع الأمريكي في العراق.
توجهت سلطات الأحتلال الأمريكي لمد يدها لأحتياطيها الذي لن يتأخر , وأبن خطيئتها الأولى في العراق عام 1963 حزب البعث وتشكيلاته الدموية . وبهذا ترجع التوازن الأشد لضبط خيوط لعبتها السياسية , وتحصيل حقوق ديونها من العراقيين حيث أنقذتهم من حكم الطاغية صدام . وكذلك أفشال محاولة جعل العراق تابع لثاني دول محور الشر ايران . أضافة لتفكيك وحدة التحالف الذي نشأ بين منظمة القاعدة والسنة التكفيريين من جهة , والبعثيين المتضررين من فقدان السلطة من جهة أخرى . وسيكون البعثيين أدات الأمريكان ليس لمحاربة مجرمي القاعدة والسنة التكفيريين فقط , بل ومحاربة ايران مرتاً أخرى اذا طلب منهم ذلك .
التحالف القديم الجديد لهذه القوى , سلطات الأحتلال الأمريكي والقتلة من البعثيين سيحتاج الى وقت أكبر , ودماء أكثر للأعلان عنه . دماء عراقية بريئة خدعت مرتين . الأولى عندما أنتخبت من أدعى تمثيل مصالحها , وصدقت الشعارات الطائفية والقومية , وهي التي خرجت لتوها من عقود التجهيل والأستلاب . والثانية أنطلاء أدعاءات سلطات الأحتلال بتطبيق الديمقراطية , وتحقيق الرفاه والتقدم الأجتماعي . والى أن يجد هذا الأتفاق أو التحالف الجديد موضع القبول لدى العراقيين عن طريق هذا القتل والأحتراب الطائفي . كفر العراقيون بالأنتخابات , وبمن أنتخبوا . ولو كانت الظروف تسمح لخرجت الجماهير بمظاهرات تطلب من الأمريكان والأمم المتحدة حكومة أنقاذ وطني تلغي نتائج الأنتخابات , وتعيد لهم الأمن , وتكون لهم جسراً يعبرون عليه للضفة التي تعيد لهم أنسانيتهم , وتدمجهم مرتاً أخرى بحركة الشعوب .
سلامة العراق ليست مسؤولية سلطات الأحتلال الأمريكي , وعصابات القتلة من البعثيين والسنة التكفيريين , والطائفيين من الشيعة , ودول الجوار . أنها مسؤولية أبناء الحركة الوطنية العراقية, وورثة المقابر الجماعية , والأنفال , وعذاب ودماء الخمسة والثلاثين عاماً تحت ظل الحكم الفاشي .[/b]

22
وستبقى الأسئلة تدور


تقي الوزان
الهجوم الدموي الأسرائيلي على قطاع غزة غيّب الأهتمام عن تغيير موقف حركة حماس من وثيقة الأسرى . الأعتراف ب"وثيقة الأسرى" يعني الأعتراف الضمني بأسرائيل .
حماس التي تقود السلطة الآن أدركت – ولو بشكل متأخر – أن متطلبات المرحلة الحالية , ومستجدات الوضع السياسي العالمي , ومطالبات القوى الدولية , وأغلب الدول العربية , وقبل كل هذا متطلبات الشعب الفلسطيني المحاصر والمهدد بالمجاعة . فرض على حماس الأستجابة لتبديل موقفها والأعتراف بالوجود الأسرائيلي .
لقد دعمت حماس بموقفها الجديد مشروع بناء الدولة مع باقي أطراف الحركة الوطنية الفلسطينية . وسحبت البساط من تحت اقدام الزعماء الصهاينة الذين طالما تحججوا بعدم وجود الشريك الفلسطيني . وموقف حماس هذا أفقد الجانب الأسرائيلي أعصابه , ودفعه للتشبث بموضوع أختطاف الجندي الأسرائيلي ليشن الحملة الدموية الحالية , في مسعى واضح لأفشال أتفاق الفصائل الفلسطينية على "وثيقة الأسرى" . التي كشفت , وستكشف أكثر النوايا الحقيقية للسلطات الأسرائيلية العنصرية التي لم تبغي السلام الحقيقي طيلة فترة وجودها .
ومثلما تضرر قادة اسرائيل من الموقف الجديد لحماس , تضررت الكثير من القيادات السياسية الفاسدة في فتح وزوايا السلطة الفلسطينية . كانت تراهن هذه القيادات على الجمود الفكري الذي يلازم الحركات الأصولية الأسلامية . الا ان حماس احبطت هذه المراهنات بتبديل وجهتها التي أتسمت بالواقعية , وجعلتها بديلاً عن التهويمات المثالية .
موقف حماس هذا سيصطدم بالكثير من العوائق , ولن يمر بيسر وسهولة . وأول المعترضين قسم من ابناء حماس نفسها , وبمختلف الأسباب , وأهمها , عدم أدراكهم تغيّر المرحلة لحد الآن . سيرفض هذا الموقف وبدرجات متفاوتة بعض الأحزاب الشقيقة والصديقة . وفي اسباب بعضهم العجز امام قدرة حماس من تغيير موقفها بالكامل .
موقف حماس الجذري هذا , والغريب على واقع السياسة التقليدي , يذكرنا بموقف الحزب الشيوعي العراقي عندما شارك بمجلس الحكم والعملية السياسية الواقعة تحت سيطرة سلطات الأحتلال الأمريكي . ووجد الحزب ان من الخطأ الجسيم عدم المشاركة في ساحة الصراع الرئيسية بعد زوال سلطة صدام . وهي اعادة بناء الدولة , واعادة بناء العملية السياسية السلمية . حتى ولو بالمساحة الضيقة التي انتزعها مع باقي الديمقراطيين والعلمانيين .
كل موقف جديد على خلاف مع السياقات المتعارف عليها يقف ضده الكثيرون, وقسم منهم اناس شرفاء .نحن نعرف ان الحزب الشيوعي العراقي كاد ان يكون المعارض الوحيد لتغييرالنظام الصدامي المقبور عن طريق التدخل الخارجي فقط .الا ان موقفه هذا لم يشفع له . ولا يزال يواجه بالسؤال من الأحزاب الشيوعية واليسارية , العربية والدولية , عن كيفية العمل مع قوات الأحتلال , والعدو الأمريكي بالذات .
ان الكثير من اليساريين لم يدركوا لحد الآن ان مجرى النهر قد تحول الى أراض أكثر ليونة . وعليهم استغلال كل الوسائل الحديثة التي منحتها المرحلة الجديدة لأرواء الأراضي التي تقع على ضفتيه . والأستغلال الأمثل لمجرى النهر, والوصول الى أحد الموانئ الآمنة , وليس الى الميناء الأوحد الأمين, كما كنا نعتقد .
لايزال الكثير من اليساريين يعيشون في المياه الراكدة التي تركها المجرى القديم , معتقدين انهم لايزالون في المجرى الطبيعي للنهر . رغم تكاثر الضفادع , والأدغال , وأخضرار اللون . والى ان يقطع المجرى الجديد علاقته بهذه المسطحات , والتي ستتحول الى برك ومستنقعات قبل ان تجف . ستبقى الأسئلة اليقينية تدور , وتدور. ليس للحزب الشيوعي وحماس فقط . بل لكل موقف يضع مصلحة الشعب قبل كل المسلمات الإيمانية .[/b]

23
كل شئ بأذن الأمريكان
[/size]

تقي الوزان
طيلة سنوات وجود النظام الصدامي كانت هناك معارضة. ورغم ضعفها , وتشتتها , وعدم وجود برامج واضحة لدى بعض فصائلها , إلا أنها حملت شرف لواء معارضة النظام الدموي المقبور , ولاذت بسدها مجموعة القيم الوطنية والديمقراطية . وأستطاع الأمريكان من الألتفاف على الكثير من هذه الأحزاب الوطنية , مستغلة ضعف الحركة وتشرذمها, وعدم تمكنها من إسقاط النظام بقواها الذاتية المبعثرة . وعدا الحزب الشيوعي العراقي, وقسم من حزب الدعوة كان الكل متحمس للتدخل الأمريكي . وقد تعرض الحزب الشيوعي بسبب موقفه الرافض من تغيير النظام عن طريق التدخل الخارجي فقط الى إنتقادات كثيرة من بعض أطراف الحركة الوطنية , وحتى من بعض رفاقه الذين أضناهم طول النضال .

سقط النظام , وأندفعت الرغبات المكبوتة لعقود من السنين . لتعبر عن نفسها بتجليات قومية ومذهبية بمديات لم يسبق لها مثيل . كانت السلطة الحقيقية ولا تزال بيد الأمريكان , ولا توجد قوة سياسية أخرى تشكل خطورة جدية على سلطات الأحتلال . القوة الحقيقية الوحيدة التي يمكن أن تفرض أجندتها على سلطات الأحتلال هي قوة تنظيم الجماهير في مؤسسات المجتمع المدني , مثل النقابات المهنية والأحزاب السياسية وجمعيات حقوق الأنسان والجمعيات الأنسانية الأخرى . ويمكن لهذه القوة لو تشكلت أن تحدد أولويات بناء الدولة , وتحقيق الأمن , والموقف من الأحتلال .

غياب قوة الضغط هذه دفعت الكثير من الجماهير الشيعية للتشبث بالبدائل الفردية . وكان الشهيد محمد باقر الحكيم رئيس المجلس الأعلى للثورة الأسلامية في العراق الذي مهد لقدومه من ايران بأسابيع من التحضير والأستعدادات والشحن المذهبي أن يؤسس للمصلحة العامة , المذهبية والوطنية . قبل أن تتحول المذهبية الى طائفية منغلقة وتُستغل حسب الرغبات والمصالح الأنانية الشخصية .
لقد أتهمت أطراف كثيرة بإغتيال الشهيد محمد باقر الحكيم , كان على رأسها الأمريكان , السنة التكفيريين , عصابات النظام المقبور , ايران , أطراف شيعية قسم منها في قيادة المجلس الأعلى للثورة الأسلامية . وكل هذه الأتهامات قابلة للتصديق , لأن كل هذه الأطراف أستفادت من إستشهاده .

كان الأندفاع المذهبي الشيعي لا يزال في عنفوانه , وأستطاع أن يتوحد مرّة أخرى خلف عباءة آية الله العظمى السيد علي السيستاني . وبمرور الوقت وأستنفاذ حدود الممكن من شرعية المرجعية الدينية , وإستلام الأدارة الحكومية المتمثلة برئاسة الوزراء والوزارات الأخرى , تعززت الطموحات والنزعات الشخصية لزعامات الأحزاب الشيعية المؤتلفة في قائمة "الإئتلاف" , إضافة للأرادة الأيرانية المتخفية خلف مطالبات بعض الأحزاب الشيعية والتي منعت أيضاً من خلق تراكمات تؤدي الى بلورة ارادة وطنية وشعبية موحدة . ووجدنا أنفسنا وسط مجموعة من الجماعات المنفلتة , والتي تتقاتل فيما بينها للأستحواذ على الجاه والسلطة والمال الحرام . لتتحطم وحدة القوى المذهبية التي كانت يمكن أن تشكل خطورة على أجندة سلطات الأحتلال . حيث كان بأمكانها مثلاً الدعوة لأضراب عام , أو غيره من الفعاليات الأخرى.

قوات الأحتلال ومنذ البداية قسمت العراق الى أكراد وسنة وشيعة . وهو تقسيم أريد به تحفيز هذه المكونات للركض وراء أنجازاتها الفئوية والشخصية فقط . وترك الوطن وباقي مكونات الشعب لاحول لها ولا قوة .
الأمريكان جاءوا ليكملوا تهشيم مجموعة القيم التي بدء بتهشيمها صدام , جاءوا ليغيّروا مفاهيم الوطن والقومية والدين , ويجردوها من جوهر معانيها التي شكلت وجود وحدة الشعوب , ويفككوا نسيج علاقاتها , ويمزقوا نسقها التضامني , ويتحول كل فرد الى عالم خاص . وهذا أحد أوجه التحديث الذي يتحدثون عنه لمنطقة الشرق الأوسط .

لقد تمكن الأمريكان خلال الثلاث سنوات المنصرمة من تخدير الكثير من الزعامات السياسية التي كان يحسب لها الحساب لطول فترة نضالها ضد النظام المقبور عن طريق السلطة والنفوذ والمال . وأصبحت أغلب هذه الزعامات تلهث وراء القوات الأمريكية للحفاظ على مكتسباتها الشخصية . ومن جهة أخرى يجري تأهيل البعث مرة أخرى بأسم السنة , ومن قبل الأمريكان أنفسهم حتى يعادلوا الميل الطائفي لبعض الأحزاب الشيعية بأتجاه ايران . والقوى الديمقراطية واليسارية لم تتمكن لحد الآن من توحيد صفوفها . والزعامات الكردية ثقتها بأمريكا أكثر من ثقتها ببعضها , رغم توحيد الأدارتين . والشعب العراقي الذي طال فقدانه للأمن والضرورات المعيشية فقد المبادرة , والمبادرة بيد العصابات والمليشيات , وهذه يسهل القضاء عليها عند الضرورة . الشعب يتطلع للقوات الأمريكية بالحفاظ على وحدة الوطن بتنفيذ القرارالأممي المرقم 1546 والقاضي أيضاً ببناء الديمقراطية وصيانة حقوق الأنسان . ومجموع هذه النقاط هو النجاح الحقيقي للسياسة الأمريكية في العراق .

ورأي آخر يقول أن القوات الأمريكية ليست عاجزة عن ايقاف المسلسل الدموي اليومي في العراق . خاصة بعد تفاهم هذه القوات مع شراذم عصابات البعث , وكذلك مصرع الزرقاوي وما جره من ضعف على تنظيمات القاعدة والسنة التكفيريين . إلا أن الأمريكان يبغون الأستمرار في سلب الأمن لغرض إسقاط حكومة المالكي , والمجئ بحكومة أنقاذ وطني لقطع الطريق أمام النفوذ الايراني . وهذا أيضاً ليس ببعيد عن السياسة الأمريكية ما دام النجاح لايزال حليفهم في العراق .[/b]

24
المنبر السياسي / الداهية
« في: 02:36 14/06/2006  »
الداهية
[/size][/color]

تقي الوزان
حجة الاسلام والمسلمين السيد مقتدى الصدر شق طريق زعامته عبر دروب شديدة الوعورة . واول حجر كبير صادفه هو الشهيد " عبد المجيد الخوئي " اقتلعه من الاساس , ليكون عبرة لغيره ودرسا يمكن ان يمنع الاخرين من الوقوف في طريق برنامجه الداعي لبناء العراق الديمقراطي . وشاءت الظروف ان يتم تثبيت الجريمة برقبته بعد التحقيق القانوني الذي اجراه حاكم التحقيق السيد رائد جوحي . السيد مقتدى الصدر لم ينكرها لحد الان , ولم يمتثل امام اي هيئة تحقيقية . واصبحت عامل تهديد له, ودفعته لمساومات استغلت من قبل الاخرين . كان احد اوجهها الوعد الذي قطعه الدكتور ابراهيم الجعفري باسقاط الدعوى اذا تمكن من الحصول على ولاية ثانية لرئاسة الوزراء , حيث ستكون دائمة وصلاحياته كافية لاسقاط الدعوى . وعلى هذا الاساس اصر التيار الصدري على دعم ترشيح الجعفري للمنصب .

السيد مقتدى الصدر معروف للعراقيين بذكائه , وسرعة بديهيته , ولباقته , حتى انه ادخل لازمة "ان صح التعبير " الى اغلب فقرات خطابه لتحديد دقة المعنى الذي يبغيه . وقد منّه الله سبحانه وتعالى به على هذا الشعب المنكوب كاحد القيادات الشابة الموازية للقيادات التقليدية القادمة من الخارج , وبمساعدة الامريكان . انه الداهية السياسية في كل امور العراق . لقد اكد سماحته على ان ابو مصعب الزرقاوي ما هو الابضاعة امريكية يجري تسويقها لغرض خلط الحابل بالنابل . وتبرير للفشل الامريكي في الحفاظ على الامن والنظام , ولا يوجد شخص بهذا الاسم . كان هذا التصريح قبل عشرة ايام من مصرع الزرقاوي . ولا نعرف لحد الان اي من مستشاريه السفلة ورطه بهذا التصريح الصارخ . لان حجة الاسلام والمسلمين السيد مقتدى الصدر ومكاتبه المنتشرة في كل مكان لم تصدر لحد الان اي توضيح حول هذا التورط في التصريح . رغم ظهور نتائج فحص الحامض النووي للزرقاوي من المختبرات الامريكية . ولماذا لم يصدر هذا التصريح طيلة الفترة الماضية الا في هذه الفترة بالذات ؟! اي بعد تضييق الخناق على الزرقاوي قبل مصرعه .

وفي نفس سياق هذا السؤال , وقبل فترة قصيرة من بداية بطولة كاس العالم لكرة القدم المقامة حاليا في المانيا تورط داهية العراق بنبذه لكرة القدم , كونها تبعد الشباب والناس عن ذكر الله وتلهيهم عنه , وكذلك تحريمه لبس "الشورتات". وتولت احدى مجموعاته من جماعة "الامر بالمعروف والنهي عن المنكر" تطبيق هذا الامر او الفتوى بطرقهم الدموية المعروفة . لماذا كرة القدم بالذات ؟! ولماذا قبل بداية بطولة كاس العالم بايام قليلة ؟!

الرياضة اسمى رابطة بين الشعوب كما عرفتها كل دساتير العالم ووثائق هيئة الامم المتحدة . الرياضة لا تفرق بين الاديان ولا بين القوميات والالوان . انها المساوات باعلى مستوياتها , والعدالة باوضح صورها , وعبر مسار كل التاريخ . فعلاوة على الحكام بين الفرق المتنافسة وجود الجمهور الذي يشتري الحضور والمشاهدة باغلى الاثمان .اضافة للزوايا المختلفة للكاميرا التي تغطي كل اجزاء اللعبة وتنقلها لاكثر من مليار بشر في كل المعمورة . فهل رايت اعدل من هذه المحكمة ؟! وكم هو حجم المسؤولية التي يتحملها الحكام امام كل هذه الشعوب ؟ فهل تعلمتم وتعلمت محاكمكم الشرعية التي تقيمونها في الحسينيات والجوامع ولو واحد بالمليون من هذه العدالة . وهل تعلمتم وتعلم منتسبيكم من الاخلاق التي تشيعها كرة القدم عندما يسئ احد الاعبين لخصمه كيف يصافحه ويقبله ويعتذر منه . بدل صراع الديكة الدموي الذي يجري بين تياراتكم واحزابكم لاقتسام الجاه والنفوذ والمال الحرام . الدول ترشح افضل الاعبين لديها ليمثلوها امام فرق العالم الاخرى ليرفعوا اسم بلدانهم عاليا . ونحن نرشح الى الوزارات التي تقود البلد من لا كفاءة لهم , وفي خلال الايام المعدودة لتشكيل وزارة المالكي الحالية اقيل ثلاثة وزراء من التيار الصدري نتيجة عدم تناسب كفاءتهم مع مهمات الوزارات المناطة بهم . هذا ما جاء في صحيفة " الشرق الاوسط " ليوم 20060513  .

لاشك ان الكثير من المرافقين والحوشية لهذه الزعامات تستغل الغفلة وقلة التجربة لدى زعاماتها لتوجهها بالطريق الذي يخدم مصالحها الشخصية .[/b]

25
مسؤولون أمام الله في أهل البصرة
تقي الوزان

ائتلاف ، عراقي ، وموحد . كلمات تعني الأتحاد والأنتماء ووحدة الوجود . وفي ظلالها ، الرفقة والحب والتعاون والتضحية في سبيل الآخرين ، على الأقل للذين يشتركون في نفس التكوين ، والهدف السامي المنشود . وفي عنفوان المشاعر التي تثيرها هذه الكلمات ، يتموضع " الإئتلاف العراقي الموحد " الذي يقود السلطة لوحده في البصرة اليوم في ضمائر كل البصريين الشرفاء . وهم يرونه يدافع وحيداً عن أمن البصرة ، وتاريخها ، ونفطها ، وإنتماءها ، وخاصة عن طيبة أهل البصرة . شدة الورود التي أبدع الله في صنعها ، بتيجانها البيضاء والسوداء ، والعرائش التي طوقت الفكين . لاتبغي من تضحياتها الجسام الا رضا الله عز وجل ، ونبيه ، وآل البيت الأطهار ، والأئمة المعصومين .

هذه الشلة المباركة ، عالجت كل النواقص والمنغصات " السفور ، الكاوبوي ، الحلاقين ، إختلاط الجنسين ، سفرات الطلبة الجامعيين ، الموسيقى والغناء ، النوادي الليلية والمشروبات ، النوادي الأجتماعية وباقي النشاطات ." أخرسوا المشعوذين من السنة والعلمانيين ، والصابئة والمسيحيين . وأجبروهم على السكوت أو الهروب .

لقد تدافع الأشراف وشكلوا المليشيات ، وأمتشقوا الأسلحة التي حصلوا عليها من المعسكرات ، ومن الجارة العزيزة ايران . ليحموا البصرة بعد أن أنهارت الدولة وتبخر جيشها . أبناء الشمعة ، وال 555 المباركة ، والتي كشف سر قدسيتها السيد عمار الحكيم حفظه الله ورعاه . القائمة التي نسج إطارها ووجهها آية الله العظمى السيد علي السيستاني والمراجع الكبار الآخرين . كانت تهرع اليه كل زعامات القائمة عند كل صغيرة وكبيرة ، للإيحاء بالحصول على بركاته ، وإيهام البسطاء والسذج من الناس بأنهم يسيرون على الطريق المستقيم ، وبإشراف علمائهم ، وكبير مراجعهم .

اليوم سيطرت المليشيات على البصرة بالكامل . وليسوا بحاجة لاشراف علمائهم والرجوع لكبير مراجعهم , وحتى ان رغب العلماء والمراجع فلن يجدوا الأذن الصاغية . بل ويمنعونهم ، لأن السيد السيستاني والمراجع الكبار لن يقبلوا بسرقة أموال الناس ، وبيع النفط بأبخس الأثمان ، لن يقبلوا بإغتيال الآخرين ودع عنك لمجرد الشبهة ، لن يقبلوا بتهديد وتهجير الآخرين لكونهم سنة ومسيحيين وصابئة مندائيين . لن يقبلوا بمصادرة حريات كل الآخرين ، ولن يقبلوا بكل الضيم الأسود الذي يجثم الآن على صدور العباد .

لامجال لأن نعلق أسباب المشكلة على شماعة الأحتلال والصهيونية ، أو السنة التكفيريين وعصابات البعث المقبور المتحالفة معها . المشكلة محصورة فقط بمليشيات "الائتلاف العراقي الموحد " ، وأسبابها ليست خلافات فكرية أو إجتهادات سياسية لتطبيق الأصلح . الأسباب متعلقة وكما يعرفها الجميع بألجاه ، والنفوذ ، والمال الحرام .
اليوم السيد السيستاني والمراجع الكبار مسؤولون أمام الله ، وامام شيعة آل البيت الذين صوتوا ل"الائتلاف" بسبب توجيهاتهم . وفي أحسن الأحوال السكوت على أستغلال أسمائهم وهيبتهم .

الحكومة الحالية الجديدة التي يقودها "الإئتلاف" تواجه مشكلة حقيقية ، هي تشظي السلطة بين فصائل المليشيات وضياع تطبيق القانون ، والفلتان الأمني الذي يكاد أن يطيح بإنتماء البصرة ويفصلها عن الكيان العراقي . الحكومة العراقية أمام أمتحان عسير ، والبصرة أول أمتحان لقدراتها الأمنية وهي في طور التكوين وبناء المؤسسات الدائمية الفاعلة . وبحاجة للدعم الحقيقي من كل التيارات التي تنشد إعادة بناء العراق ودخلت العملية السياسية . وأول ما تحتاجه الحكومة الآن هو الدعم الحقيقي من السيد علي السيستاني وباقي المراجع الكرام . ليست الحكومة وحدها التي تستصرخكم لمساعدتها ، بل أهل البصرة وشيعة البصرة ، أهل العراق وشيعة العراق ، يطالبونكم بالتدخل والذهاب الى البصرة إن أمكن . البصرة بحاجة لرعايتكم الأبوية ، وعلى الأقل حتى تكشفوا الذين أستغلوا حنو أبوتكم .

أهالي البصرة يقولون إن قوات الأمن تواجه شبكة معقدة من العصابات والقتلة تضم موالين لصدام ومليشيات شيعية متحاربة تنتعش في الفوضى الدامية في المدينة النفطية . والكلمة التي قالها السيد رئيس الوزراء المالكي أثناء زيارته للبصرة وإعلانه حالة الطوارئ لمدة شهر ، من أنه " سيضرب بقبضة من حديد " ويعيد النظام والأمن الى البصرة . ليس المقصود بها إستعمال القوة فقط ، إنما تظافر كل الجهود الخيرة لأعادة التوازن والحياة الطبيعية للمدينة المنكوبة . "اليد الحديد" تعني إستخدام كل الوسائل الفكرية ، والثقافية ، والدينية ، والسياسية ، والعسكرية التي توقف وتمنع هذا التهري الذي أصاب البصرة . وقد ينتقل لكل الوضع الحكومي القلق في محافظات الجنوب . البصرة اليوم فوهة البركان الذي سيدمر كل العراق ، أن لم تسرع كل الأطراف المعنية لأطفائه .[/b][/size][/font]

26
عسى أن لايكون ألقادم أعظم

تقي الوزان

لم تمضي ستة أشهر على اجراء الأنتخابات الأخيرة , والتي أرست للحكومة الحالية الدائمة . وكلنا نذكر الدعاية الأنتخابية التي بنت على أساسها كتلة " الائتلاف العراقي الموحد " الدخول الى الأنتخابات . كان أبرز مرتكزات هذه الدعاية هو الهجوم على الدكتور أياد علاوي رئيس كتلة " العراقية" كونه كان بعثياً . وأتهموا الشيوعيين والديمقراطيين المتحالفين إنتخابياً مع علاوي العلماني بأنهم يبغون إعادة حزب البعث الذي فتك بهم قبل غيرهم الى السلطة , وليس عندهم أي هم آخر . متناسين ومتجاهلين ان أياد علاوي ناضل ضد صدام وطغمته أكثر من ثلاثين عاماً , وتعرض لحادثة اغتيال نجا منها بأعجوبة . وأغلب الأحزاب الشيعية العراقية تعاونت معه ومع تنظيمه " الوفاق " قبل سقوط النظام .
لانريد هنا ان نعمل دعاية لأياد علاوي الذي أكد أثناء رئاسته لمجلس الوزراء على التعامل مع البعثيين الذين لم تتلوث أياديهم بالدماء , وضرورة الفرز الواعي بين القتلة والمجرمين من البعثيين وبين من دخل البعث لضرورات معيشته . حتى لايتحول كل البعثيين الى أعداء لمسيرة العراق الجديد . وهذا ما يجري به العمل اليوم من قبل حكومة السيد المالكي التي تقودها كتلة " الائتلاف " .
للتذكير فقط , أن القائمة " الوطنية العراقية " برئاسة أياد علاوي لم ترشح أي وزير عليه علامة إستفهام ومشمول بأجتثاث البعث, أو كونه أحد مجرمي النظام المقبور. الوزراء الذين يمثلونها, هم من مختلف أطياف الشعب العراقي . سني رفض الأستيزار في الوزارة السابقة – وزارة الدكتور الجعفري – لكونها وزارة طائفية , وشيعي "معكَل" حقيقي من أهل العمارة , ومسيحية , وشيوعي , والشواهد كثيرة كون " الوطنية العراقية " لا تثبت الطائفية أو القومية كمقياس لصلاحية الشخص . بل الوطنية والكفاءة والتاريخ النظيف .
زعامات كتلة "الإئتلاف" التي أقامت الدنيا ولم تقعدها على جذور أياد علاوي البعثية , رشحت "شيروان الوائلي" لوزارة الأمن الوطني . و" شيروان الوائلي " حسب ما نشر موقع " الديوان العراقي " يوم 20060526 إعتماداً على صحيفة " الحياة " ومواقع أخرى موثوقة :
- كان مدير الأشغال العسكرية بالفيلق الثالث , وتم حبسه بتهمة سرقة 285 مليون دينار عراقي أيام النظام السابق . وأستطاعت زوجته التوسط برشوة مالية كبيرة لدى البنت الصغرى لصدام لأطلاق سراحه .
- من أشهر سرقاته قضية تهريب محركات الطائرات العراقية الى ايران .
- تلقى مبالغ لقاء التعيينات في دوائر الدولة العراقية الجديدة .
- نظيراً للخدمة التي يقدمها " شيروان الوائلي " للشيخ محمد باقر الناصري في تحصيل مبالغ ضخمة له – الشيخ الناصري قيادي في حزب الدعوة – تم إدراجه في قائمة " الائتلاف العراقي الموحد " رقم خمسة عن محافظة ذي قار , وترشح كنائب في الجمعية الوطنية , ثم عضو في البرلمان .
- بعد حصوله على عضوية " الجمعية الوطنية " أنطلقت المقاولات في شركة " العمر" التي يمتلك نصفها , لتشمل أقليم كردستان وبالتعاون مع الوزيرة " نسرين برواري " المتهمة بالفساد الأداري . لتصل حجم واردات " العمر " الى خمسة عشر مليون دولار في السنة .
الدكتور ابراهيم الجعفري رئيس الوزراء السابق أغلق ملف التحقيق مع الوزيرة "نسرين برواري" بأمر إداري منه . وتساءل الكثيرون بأستغراب في وقتها , كيف أغلق الدكتور الجعفري هذا الملف ؟! لكون المتهمة امرأة أولاً , وثانياً من قائمة أخرى يستهدفها الجعفري .
- تهريب النفط الى ايران أكثر من كل المهربين مجتمعين .
- مستشار عسكري لعلي كيمياوي عندما كان مسؤولاً عسكرياً عن المنطقة الجنوبية بداية التسعينات . وكان ضابط في الجيش العراقي السابق برتبة عقيد وعضو قيادة فرقة في حزب البعث المنحل .
من ناحية أخرى , قال السيد علي فيصل اللامي المدير التنفيذي لهيئة إجتثاث البعث في تصريح لصحيفة "الحياة " ليوم2006.05.29 : إن أربعة وزراء من أعضاء حكومة المالكي مشمولين بقرارات إجتثاث البعث بسبب شغلهم مواقع إدارية متقدمة وتمتعهم بدرجات حزبية عليا في عهد النظام السابق . وأضاف اللامي : أن ثلاثة منهم من كتلة " الائتلاف العراقي الموحد " والرابع من كتلة " التوافق " .
لاعتب على كتلة " التوافق " فهم البعثيون الذين عادوا الى السلطة بأسم السنة . ورشحوا وزيراً واحداً من المشمولين بأجتثاث البعث . نرجو من قيادة قائمة " الائتلاف " التي أقامت الدنيا ولم تقعدها بسبب جذور اياد علاوي البعثية , أن تقعدها الآن . بعد أن تأكد أنها رشحت فقط أربعة وزراء من مجرمي البعث لحد الآن .
لاشك أن تركة النظام المقبور , والقتلة من البعثيين الذين يحاولون إستعادة السلطة بأي ثمن , وجرائم الإحتلال , والمليشيات الحزبية المنفلتة أسباب رئيسية في دموية المشهد العراقي اليوم . الا أن فساد ذمة القيادات السياسية العراقية التي فضلت مصالحها وعلاقاتها الشخصية على كل شئ آخر السبب الأهم فيما وصلت اليه الحالة العراقية من تدهور . وعسى أن لايكون القادم أعظم .[/b][/size][/font]

27
فرصة حقيقية أخرى
تقي الوزان

أكثر من ثلاث سنوات مليئة بالدم والعذاب حتى تمكن العراقيون من تشكيل حكومتهم الدائمة . فرغم كل السلبيات والنواقص , والجرائم التي أرتكبت من بعض فصائل الحركة السياسية العراقية مثلما حدث من حرق مقرات أحزاب , وأغتيالات لأشخاص من أطراف أخرى تنافس في الأنتخابات فقط , وليس لسبب آخر . يبقى أنجاز تشكيل الحكومة الدائمة هو الهدف المنشود التي سعت اليه الأطراف السياسية العراقية , بدءاً بتفاعلها الإيجابي مع قوات التحالف التي أسقطت النظام ألمقبور , ومروراً بتشكيل مجلس الحكم ووزارته ثم وزارة أياد علاوي المؤقتة , وأجراء الأننتخابات الأولى وتشكيل وزارة أبراهيم ألجعفري الأنتقالية , والتصويت على الدستور وأجراء الأنتخابات الثانية التي أرست تشكيل الحكومة الدائمة .
كان العراقيون في العهد المقبور يعانون من عدم وجود أي حزب أو تنظيم سياسي آخر غير البعث , الذي صادر كل شئ , وصبغ حياتهم باللون الواحد لخمسٍ وثلاثين عاماً . وفجأة وجدوا أنفسهم أمام سيل جارف من الأحزاب والتنظيمات السياسية التي تدعي تمثيل كل شئ . وهم لايزالون في صدمة التغيير , وغير مصدقين ان صدام والبعث ذهبوا بدون رجعة . كان التوجس والخوف سيد ألتوجه , وطافوا على مياه كثيرة , تراوحت بين مياه العيون العذبة ألنقية , وبين مياه تفاوتت ملوحتها , وعدم نظافتها . وأخرى ثقيلة سوداء داكنة .
كان لفقدان ألأمن , وتوقف العجلة الأقتصادية , وأنهيار مؤسسات الدولة , وفقدان الأساسات الحقيقية لمجموعة القيم والمثل المتوارثة , والفراغ الذي تركه النظام الدموي ألمقبور , وتحالف بقاياه مع التكفيريين السنة وأرتكاب أبشع الجرائم , وأستغلال بعض الأحزاب الدينية لنفوذ مرجعياتها . أضافة لأفرازات سلطات الأحتلال , والصراع الدائر بين الأمريكان من جهة وايران وسورية من جهة أخرى بحجة مكافحة الأرهاب . كل هذه العوامل تضافرت لتشكل الوعي المتعثر لهذا الشعب المنكوب , فلم يتمكن من تحديد أولويات البرامج السياسية التي تمكنه من النهوض مرتاً أخرى , وتعود به لمسار الحياة الأعتيادية . أن الصراع الدموي الطائفي الحالي , والقتل على الهوية , هو النتيجة الطبيعية المتوقعة للأختيارات المشوهة والخاطئة التي أجبرت هذه الجماهير على أتخاذها .
يقول الشيخ ميثاق البطاط من مكتب الصدر في البصرة تعقيباً على الأحداث الدموية في البصرة في هذه الأيام , والمنشور في صحيفة "الحياة" يوم الأثنين20060522 " عصابة البطة الأجرامية تعمل تحت ستار مرجعية دينية أو سياسية أو حزبية . وعلى هذه الجهات أن تعلن موقفها من الظاهرة مثلما علينا أن نعرف ويعرف الشعب من يقوم بهذه الأعمال " وتابع "ما دامت كل الأبواب التي نطرقها مقفلة في وجوهنا . علينا تشكيل لجنة والذهاب الى المرجعية الدينية لمعرفة رأيها في ألأمر . . لو أتيح للناس أنتخاب ممثليهم من دون تدخل المرجعيات الدينية أو السياسية لكان الأمر مختلفاً الآن".
اليوم وصلنا الى حكومة " وحدة وطنية " بعد أن دفعنا الكثير من الدماء والأموال والزمن المفقود . ومثلما يقول البعض من أبناء شعبنا بألم : أن أيام النظام الفاشي المقبور كانت أفضل من دموية الأيام التي نعيشها الآن . نقول وبألم أيضاً : لولا سلطات الأحتلال لما توصلنا الى هذه الحكومة , ولما حافظنا لحد الآن على وحدة العراق " ربما يكون في أجندة الأحتلال أمور معاكسة أخرى تظهر مستقبلاً" .
أن حكومتنا الشرعية المنتخبة , والمحمية من قبل قوات الأحتلال . ليس مثل باقي الحكومات , فهي محملة بكل تركت النظام الفاشي المقبور , وما تبعه من سلبيات الحكومات التي قبلها , وما تفرضه سلطات الأحتلال من توجهات ستحد كثيراً من فاعلية الحكومة . الحكومة العراقية بحاجة جدية لدعم حقيقي من كل الأطراف المشتركة بالعملية السياسية لكي تستطيع الوقوف على قدميها لتحمي نفسها , وتحقق الأمن وباقي أهداف برنامجها المعلن .
من الملفت للنظر أن جميع الأحزاب العراقية خاصة الأحزاب التي ناضلت ضد النظام المقبور . أستمرت في العمل ببرامجها السياسية السابقة رغم مرور أكثر من ثلاث سنوات على سقوط النظام . وعدا الأجتماع الوطني "الكونفرنس"الحزبي العام الذي أقامه الحزب الشيوعي لدراسة الوضع العراقي الجديد قبل اكثر من سنة . لم يقم أي حزب آخر بأي نشاط على مستوى أجتماع أو مؤتمر وطني لدراسة وضع العراق بعد سقوط النظام . الى أن جاء أعلان "المجلس الأعلى للثورة الأسلامية " برئاسة السيد عبد العزيز الحكيم قبل أيام عن نية المجلس بعقد مؤتمر وطني يتم خلاله تغيير أسم المجلس , وتوسيع قيادته, ودراسة وضع العراق . وفي الوقت الذي نبارك فيه للمجلس هذا التوجه , نرى من الضروري أن تعقد جميع الأحزاب مؤتمراتها الوطنية لدراسة الأوضاع المستجدة على الساحة العراقية والعربية والدولية . والتغيير من اتجاهات برامجها السياسية القديمة الموضوعة قبل سقوط النظام . وبما يخدم المرحلة الحالية , وأستلهام روحية الدستور في بناء العراق الديمقراطي الفيدرالي الموحد , وتثبيت مبدء أحترام كل الحقوق السياسية والأنسانية لأبناء العراق الواحد كما جاء في الدستور .
لاشك أن أقامة الأحزاب لمؤتمراتها الوطنية , وبالشفافية المرجوة , وبمشاركة باقي الأطراف كضيوف في هذه الفعاليات ستخلق حالة من الثقة التي أفتقدناها نتيجة الصراعات الغير مبدئية , والتي كادت ان تفتك بوحدة العراق . أضافة لتحديد أتجاهات الكتل السياسية في أعادة بناء الوطن . وما يتبعها من ثبات الأرضية التي يتحرك عليها أبناء التنظيم الواحد .
أن أمام القوى السياسية العراقية فرصة حقيقية أخرى لأعادة بناء وحدة العراق . ومن خلال دعم برنامج حكومة "الوحدة الوطنية " والتي تشترك فيها أغلب الأطراف المنضوية تحت خيمة العملية السياسية . وتقلع بالكامل عن روحية التوجس والتآمر والأستحواذ التي زرعها النظام المقبور .[/b][/size][/font]

28
لا أحد ينكر عظّمة القائد
تقي الوزان

مثلما ظهرت المؤشرات الدالة قبل أجتياح العراق , تظهر اليوم أغلب هذه المؤشرات على السلوك الأمريكي في طريقة تعامله مع ألملف النووي اَلإيراني . ومن هذه المؤشرات , تخصيص أكثر من سبعين مليون دولار أمريكي "معلنة" لدعم الأعلام , والجماعات المناوئة للنظام . كذلك توجيه دعوات الى أغلب ألنخب السياسية الإيرانية المعارضة لغرض تجميعها , وبلورة مشروع برنامج سياسي يتولى وضع خطة طريق لتغيير النظام الحالي . ومن الملفت للنظر تحرك منظمة "فدائي خلق " بهذا الأتجاه , بالرغم من وضعها في قائمة المنظمات الأرهابية من قبل الأمريكان أنفسهم .
ومن العلامات البارزة ايضاً , دعوة الشباب والمعلمين الإيرانيين في الدول الغربية للتدريس في الوحدات العسكرية الأمريكية والأنكليزية للمفردات الفارسية ألأكثر أستعمالاً , وكذلك للعادات والتقاليد ألأجتماعية الإيرانية .
الخطوة الأخيرة ألأوضح بهذا الأتجاه هو إعادة العلاقات الدبلوماسية مع ليبيا , والتطبيع الكامل معها , وخلال ستة أسابيع فقط .
لقد مضت ثلاثة سنوات على النهج الليبي المتراجع , والذي يسميه الأعلام الغربي ساخراً ب"الطريق الليبي ", الذي أستجاب للمتطلبات الغربية , والأمريكية على وجه الخصوص . المتمثل بالتراجع عن طموحات التسلح النووي , وعن أسلحة الدمار الشامل , وتسليم ما تمتلكه ليبيا من معدات وأسلحة غير تقليدية الى الأمريكان . والألتزام بقطع علاقاتها بالمنظمات "الأرهابية" من وجهة النظر الغربية , وعدم تقديم أي دعم لها . والأعتراف بحادثة سقوط طائرة الركاب في "لوكربي"وتسليم المشتبه بهم ومحاكمتهم , أضافة للتعويضات ألمجزية لضحايا الحادث .
كل هذا "الطريق الليبي " الجديد لغرض تجنيب ليبيا وزعيمها القذافي مصير العراق ومصير صدام حسين . الذي أصبح النموذج الذي تهدد به الولايات المتحدة الأمريكية كل الزعماء العرب وغيرهم ان هم امتنعوا عن السير في فلكها السياسي . إلاان الأمريكان لم يكتفو بهذا لغرض اعادة العلاقات الدبلوماسية , فقد كانت لديهم اجندة خاصة , وطويلة , لها علاقة بحقوق الأنسان , والحريات السياسية , واعادة الحقوق والأموال التي صادرتها الثورة الليبية من العوائل الهاربة . والطريق أطول مما أعلن عنه يوم الأثنين الماضي من أعادة العلاقات الدبلوماسية والتطبيع الكامل .
ان الذي خدم الحكومة الليبية , وأعفاها من سلسلة المطالبات الأمريكية المتبقية ـ التي لايهم الأمريكان تطبيقها ـ , هو الصراع الدائر بين الأمريكان وإيران حول مشروعها النووي , والتوجه الأمريكي في تأمين مصادر الطاقة البديلة لنفط الخليج , والذي سيتأثر ضخه حتماً مع أي تصادم عسكري في المنطقة . سواء ما هددت به ايران من ضرب وقطع أمدادات نفط الخليج التي تقع تحت مرمى نيرانها , أو بأرتفاع الأسعار والتأمينات التي تصاحب كل تصعيد عسكري .
ان النفط الليبي يضخ الى البحر الأبيض المتوسط مباشرتاً , وهو من النوعية الجيدة , والقريبة من مستوى سطح الأرض . ولا توجد أي مشكلة تعيق تدفقه في حالة نشوب حرب جديدة في الخليج , والذي زاد من سرعة القرار الأمريكي في تطبيع العلاقات هو فسح المجال لشركات النفط الأمريكية للأسراع بتطوير الحقول , وزيادة معدلات الأنتاج بأقرب وقت ممكن . والذي سيفسره الأعلام الليبي على انه أحد أنجازات القذافي الذي أجبر الأمريكان للأسراع بالتطبيع . ولا أحد من الشعب الليبي يستطيع أن ينكر عظّمة القائد وذكائه .
لقد استفادت ليبيا والعقيد القائد من كارثة العراق , وأعاد حساباته في المصير الذي ينتظره ان أستمر في تحديه الفارغ .
وتستفيد ليبيا اليوم من الكارثة المحتملة لإيران , فيرفع عنها الحصار الأقتصادي , وتعود للتواصل مع السوق العالمية بمختلف النشاطات . ورغم الخسارات التي تحملها الشعب الليبي لأكثر من عشرين عاماً مضت , إلا انه يبقى الطريق الأكثر سلامة من طرق الأنتحار التي تنتهجها ايران وسورية , ويجنب الشعب الليبي من كارثة تعصف به وبقائده , وتعيده خمسين عاماً أخرى الى الوراء مثلما حدث في العراق .[/b][/size][/font]

29
سوق"مريدي" للأوراق الوطنية
تقي الوزان

مريدي , تصغيرمن مردي . والمردي قصبة طويلة يستخدمها أهل الأهوار لقياس عمق الماء , ولدفع المشحوف أو القارب, وتوجيهه في مسارات الأنهر الصغيرة في الأهوار . وبهذا المعنى التسليكي إكتسب سوق "مريدي" في مدينة الصدر " الثورة " سمعته الحالية , والتي تفوق سمعة أكبر الأسواق في العراق ، ليس لكونه يمتلك تاريخاً عريقاً ببيع المواد المستعملة وصادرأسم " سوق الهرج " وأصبح بديلاً عنه . وفي فترات أخرى متأخرة, أصبح أكبر سوق لبيع المواد المسروقة .
رغم كل هذا التاريخ العريق للسوق , لم يتمكن أن يبرز كأحد المولدات الرئيسية للحياة العراقية الحالية لولا تمكنه من أن يكون مجموعة " دوائر" تصدر الوثائق " الرسمية " التالفة , أو المفقودة للعراقيين وغير العراقيين . فبعد سقوط النظام الفاشي , وإنهيار أجهزة الدولة ومؤسساتها , إستطاعت مجموعة من " وجهاء " هذا السوق من مصادرة وشراء, أو صناعة أختام دوائر الدولة المهمة , التي تصادق على صحة كل ورقة إثبات رسمية . إضافة لتوفير نماذج هذه الوثائق . فأنك تستطيع الحصول على جنسية , شهادة جنسية , جواز سفر , دفتر خدمة عسكرية ...ألخ . بتكلفة أقل من نصف ما تدفعه للدوائر الرسمية.
في أكثرالأحيان مستمسكات ووثائق سوق" مريدي " أكثر وضوحا , وخطها أجمل من وثائق دوائر الدولة . لأن بائعيها أكثر خبرة ومهارة من الموظفين الجدد في دوائر الدولة , وتجد الوثيقة " ملبلبة " ومثل ما تريد . ومن ناحية أخرى , أن بائعي هذه الوثائق يقسمون لك أغلظ الإيمان بأن وثائقهم غير مزورة وأختامهم أصلية . وهم صادقون فيما يقسمون , فأن الأختام نفسها أختام الدولة المنهارة , ونماذج الأوراق الرسمية نفسها أيضاً . ويقول البائعون ايضاً, أنهم يعملون هذه الوثائق في سبيل الله ,إضافة للأجور . حتى تستطيع الجماهير المنكوبة من تمشية أمورها الرسمية . لأن الدوائر الرسمية, إما عاجزة عن أكمال هذه الوثائق, أو يطلبون رشاوي عالية .
في سوق " مريدي " للأوراق الوطنية, تجد الكثير من هذه الوثائق المزوّرة , والكثير من باعة هذه الوثائق . وفي مهزلة يندر وجودها في التاريخ الأنساني , يستمر الصراع لخمسة أشهر على إجراء الأنتخابات, لتشكيل حكومة " الوحدة الوطنية " , والتي أبرز ملامحها لحد الآن, وثائق وباعة "سوق مريدي" من الطائفيين , والقوميين, والقتلة في الليل , وبائعي الوطنية في النهار من البعثيين . ويقسمون بأغلظ الإيمان على انهم وأحزابهم في خدمة العراق . وفي هذه الأنقاض , نسمع صوت السيد المشهداني رئيس البرلمان الجديد , بعد أن نبهه السيد حميد مجيد موسى سكرتير الحزب الشيوعي العراقي , الى ضرورة رفع بعض المفردات الدموية من الخطاب الأول لرئيس البرلمان في الجلسة الأفتتاحية , ما دمنا نبغي بناء عراق التسامح والمحبة . وبدل أن يشكره على هذه الألتفاتة الكريمة , يقول المشهداني على احدى القنوات الفضائية . أن الشيوعيين هم من علمنا ثقافة السحل . مردداً شعارات أسلافه البعثيين الذين أختطفوا العراق بهذه الشعارات نفسها . وهو يعرف جيداً أن الحزب الشيوعي العراقي هو أعرق من يساهم بالعملية السياسية اليوم , والشيوعيين العراقيين هم الوجه الناصع للوطنية العراقية لأكثر من سبعين عاماً .
وعلى نفس الأنقاض , نسمع القطب الآخر. في تصريح السيد بيان جبر وزير الداخلية لقناة "الجزيرة", ولاغيرها . رداً على سؤال حول قرار إنهاء المليشيات وحلها , فيقول : أنه أتصل بالحزب الشيوعي وأخبرهم بضرورة حل مليشياتهم . وستنتهي المشكلة . وقد ظن البعض ان جواب الوزير هذا للتخلص من حرج السؤال وتشتيته بالجواب الساخر, وغير المعقول . لأن الوزير يعلم قبل غيره ان الحزب الشيوعي ليست لديه مليشيات . والشيوعيون أول من أنخرط في العملية السياسية السلمية إيماناً منهم بوحدة العمل الوطني المشترك , ونبهوا منذ البداية لخطورة وجود الميليشيات على سلامة سير العملية السياسية وعلى سلامة العراق .
إن النجاح الذي حققه سوق " مريدي " في هذه المرحلة سوف لن يستمر طويلاً . وستنكشف كل الوسائل الخبيثة التي أستخدمت في تزوير الحقائق, وفي أقرب مما يتوقع المزورون . ولا يوجد أكثر من حزب البعث وصدام , زور التاريخ , وتجنى على الوجود . لكنه الآن يقبع ذليلاً في قفص الأتهام . وعسى أن يكون درساً أمام أعين المزورين , ومن فقد الضمير .[/b][/size][/font]

30
المنبر السياسي / الدوّامة
« في: 02:02 10/05/2006  »
الدوّامة
تقي الوزان

ألأمريكان وكأي قوة أحتلال عبر التاريخ , تبغي تأمين الظروف لأستمرار وجودها . ورغم الشرعية التي منحتها هيئة الأمم المتحدة لوجود هذه القوات في العراق , يبقى تحقيق أهداف هذاالوجود هو ألأهم . وما من شك ان الأجندة الأمريكية المعلنة في محاربة الأرهاب وتحديث أنظمة " الشرق الأوسط" السياسية بألاتجاه الديمقراطي , كون ألمنطقة هي ألحاضنة ألحقيقية لتوليد المجاميع ألأرهابية .
هي ليست كل ألأجندة . ألأهم , هو ترتيب أوضاع ألمنطقة بما يضمن سيطرة المصالح ألأمريكية على مصادر الطاقة , ليس في المستقبل المنظور فقط , وأنما بشكل دائمي .وما ستحتاجه هذه ألمسألة من إيجاد خريطة سياسية جديدة للمنطقة تتموضع فيها "أسرائيل" بموضع مريح , بأعتبارها رأس حربة النظام الرأسمالي الغربي في المنطقة , والمظهر ألأوضح لتعميم ألعولمة .
ألعولمة تعني في أبرز تجلياتها ألتجاهل ألكامل للحقوق القومية وألدينية والأنسانية للمجاميع البشرية , وتبقى القيمة ألأعظم ل"أقتصاد السوق" الذي يحرك مجمل العلاقات الأنسانية .
لقد أستطاعت أغلب ألأنظمة ألعربية والأسلامية "ألمولدة" للأرهاب من التكيف مع ألطروحات الأمريكية في مكافحة الأرهاب . فشرعت بعض القوانين الترقيعية مثل الترشيح لرئاسة ألجمهورية لأكثر من مرشح , أو أقامة أنتخابات بلدية, أو فسح المجال للمرأة بالمشاركة المشروطة ..ألخ . دون ألولوج في أقامة أصلاحات حقيقية .
من جهة أخرى نحن الشعوب ألضعيفة في هذه المنطقة . والتي أبت أنظمتها أن تمنحنا فرصة تشكيل أحزاب سياسية حقيقية . أحزاب ومنظمات تدافع عن مصالحنا , وتشد من وحدة مصالح هذه النظم نفسها , وتزيد من لحمة الشعوب لتكون مصد حقيقي للجانب الآخر من ألتوجه الغربي , والذي يبغي جعل " أقتصاد ألسوق" هو ألمعوض عن كل المكونات الحياتية لمجتمعاتنا .
نريد مايريده الغرب لتحديث ودمقرطة أنظمتنا السياسية . ولا نريد أن تضيع هويتنا ونغرق في هذا الكم الهائل من البؤس المنتظر . وحتى لاتفسر كلمة "هويتنا" بشكل سلبي أو مجتزء , المقصود هو الوضع الحقيقي لمجتمعاتنا في اللحظة الراهنة .
فلا زلنا في بداية الطريق , وينتظرنا الكثير للحاق بركب الحضارة العالمي .ومجتمعاتنا تفتقد للكثير من المقومات ألأنسانية, وفي جزء منها على سبيل المثال عدم وجود تأمينات للمعيشة والسكن والصحة ..ألخ مثلما هو موجود في مجتمعات غربية راسخة دخلت ابواب العولمة بدون هزات كبيرة تذكر.
أن من " يدافع" عن هذه الهوية أليوم هي أنظمة ومؤسسات سياسية يستهدفها الغرب والأمريكان بشكل خاص , ويسعون لأسقاطها . وهذه ألأنظمة والمؤسسات في الحقيقة تدافع عن نفسها وسلطتها , وليس لتجنيب شعوبها ما ينتظرها من هزات قد تكون مدمرة مثلما حدث في العراق .
فهي ليست متصالحة مع شعوبها من جهة , وليست متصالحة مع الغرب مثل باقي الأنظمة العربية والأسلامية الأخرى من جهة ثانية .
فايران بنظامها ألأسلامي ألشمولي , وطموحاتها النووية , في المقدمة . وتتبعها سورية ألبعثية , ألوارثة لكل سلبيات ألمرحلة ألقومية . واليوم جاءت حماس التي لا تعترف بالعمل السياسي , ومستمرة في برنامجها الداعي لأزالة أسرائيل من الوجود .
أن تصفية الحسابات الغربية والأمريكية مع هذه الدول وبعض المؤسسات الآخرى مثل "حزب الله"اللبناني , وما سيتبع هذه الأجندة من أخذ وعطاء وتغييرمواقف , سيدفع ألأمريكان بالمحافظة على هذا الوضع الراهن في العراق . أي إبقاءه بهذه الدوامة من القلق والعنف وعدم الأستقرار .
أن الأمريكان يدركون جيداً أن أي أستقرار في العراق ويتبعه تحرك على باقي الجبهات المعنية , سيعرض قطعاتهم العسكرية الى هجمات وأخطار كبيرة , آخذين بنظر الأعتبار ألأختراق الأيراني الكبير في العراق . وسيكون من الأصلح لهم ألبقاء على هذه الصراعات الدموية الطائفية , وتعميقها بين مختلف مكونات الشعب العراقي .
ومما زاد في تسهيل أجندتهم الدموية هذه , هو ألتحاصص ألطائفي والقومي لمكونات السلطة العراقية , والتي تقاتلت عليها مجموعة القوائم ألكبيرة ألفائزة في الأنتخابات .
والعراقي لايملك صوتاً ألآن, ويبقى يدور في دوّامة مصالح من أنتخبهم , وبين ألمشاريع الدموية ألأمريكية , وبشاعة جرائم الزرقاويين والبعثيين .[/b][/size][/font]

31
إدعاءات المرحلة
تقي الوزان

صالح المطلك رئيس جبهة " الحوار" يقول في مقابلة أجرتها معه صحيفة "الشرق الأوسط" في اليوم الأخير من نيسان"اليوم هناك برلماناً لايمثل أرادة العراقيين وأنعكس على تشكيل حكومة طائفية على خلاف ما كان متوقعاً . وعلى خلاف ما كان يقال أنه ستكون هناك حكومة وحدة وطنية".
ويقول"تمت مخالفة الدستور أكثر من مرّة . الأولى عندما تأخرت الحكومة ولم تشكل خلال أسبوعين . حيث كان يجب أن يعقد البرلمان جلسته وينتخب رئيساً له , وتتشكل الهيئة الرئاسية ليتم تكليف رئيس الحكومة بتشكيلها .
ثم أجتمع بعد المدة القانونية ولم ينتخب رئيساً له , وبقيت الجلسة الأولى مفتوحة وهذه المخالفة الثانية . المخالفة الثالثة كانت الصفقة السياسية لأن رئيس الجمهورية كان يعرف بأنه لن ينتخب أذا طبق قرار الثلثين , أذ لم تكن هناك صفقة متكاملة لأختيار نائبيه .
لذلك تمت مخالفة الدستور حتى تمر هذه الصفقة . الأكثر من هذا أن أنتخاب رئيس البرلمان غير شرعي أسلامياً , لأعترافه أنه رشى رئيس محكمة " الثورة" في عهد صدام .
وهنالك لعنة من الله على الراشي والمرتشي في الحكم . ومن يلعنه الله لايجوز أن يختاره الشعب . وكان يجب ان تحجب عنه رئاسة البرلمان بسبب هذه الحادثة ومن الجلسة الأولى .
لكنه فاز ضمن الصفقة الطائفية , وأن المشروع خطط له من قبل ايران , حيث كان رئيس البرلمان الحالي قد زار ايران قبل اختياره لهذا المنصب .وإلا كيف يمكن للمجلس الأعلى أن يقبل بالمشهداني رئيساً للبرلمان لو لم تكن هناك مباركة ايرانية ".
وجواباً على سؤال آخر مميزاً قائمته عن القائمة البعثية الثانية يقول " عندما تم اختيار المناصب الرئاسية قال أحد أعضاء جبهة " التوافق" – جماعة الهاشمي والدكتور عدنان الرعاش – نحن نمثل العرب السنة , ولا يمكن أن نعطي أي منصب مخصص للعرب السنة لغيرهم .
وكان المرشح علاوي لمنصب نائب رئيس الجمهورية . فسأله أحد الأخوان في جبهة " الحوار" : ألسنا من العرب السنة ؟ فقال له انتم وطنيون . وكأن العرب السنة غير وطنيين . وكأن الوطنية أصبحت عار على العراقيين". وعذراً لطول الأستقطاع .
بهذه الشفافية , وهذا الحرص والأمانة , والدفاع عن روح الدستور يتحدث هذا البعثي " الأصيل" . ونحسده على كل هذه الصفات . فقد أنتقد اللعب خارج الدستور , وانتقد التعصب القومي للأكراد , وأنتقد الطائفية عند بعض الأحزاب الشيعية وتبعيتهم لأيران , وترفع عن طائفية السنة وتشبثهم الأعمى في السلطة .
بهذه النظرة المجهرية لصالح المطلك فرحنا مرتين .
الأولى كونه بعثي "أصيل" وأخذ يدرك الوضع القائم الجديد , ويفضل الوطنية والحفاظ على سير التجربة الديمقراطية على أمتلاكه للسلطة السابقة . ويبدو للوهلة الأولى هذا حال الشريحة التي يمثلها المطلك وقائمته من البعثيين .
والثانية أن يوجد بين القيادات السياسية للقوائم الفائزة من يتحدث بهذا الوضوح وهذه الشفافية بكشف الأمور امام الجماهير , لتحدد هذه الجماهير الموقف الحقيقي من الذين انتخبوهم. ونفترض بهذه التصريحات صدق النية , والحرص الحقيقي لصاحبها .
وكم كنا نتمنى أن يستقر النظام العراقي الجديد وتستقر هيئات الدولة ومحاكمها , وتقام الدعاوى على كل القتلة والمجرمين ومن تسبب في دمار أي شخص من أبناء هذا الشعب المنكوب في العهد الصدامي المقبور أو في عهد الأنفلات الجديد .
وكم هي رغبتنا صادقة أن نطمئن على سلامة موقف المطلك ومن يماثله , بعد التأكد من تثبيت المحاكم على انه غير متورط بأعمال أجرامية . ويقطع دابر دموية ألأنتقام المنفلتة التي رافقت الكثيرين في الفترة الأخيرة نتيجة يأسهم من أقامة دولة العدل .
ويبدو أن أخلاق المطلك لاتسمح له بخداعنا مثل باقي السياسيين , وآثر أن يذكرنا بأسباب "شرعيته" من خلال عصابات القتل التي يمتلكها , وذكر في مقابلته جواباً عن علاقته " بالمقاومة" فيقول : أنا ألتقي بقسم من قادتهم والسفير الأمريكي "زلماي خليلزاده" قد التقى بقسم من قادتهم ايضاً" .
فأكد انه ابن البعث الأصيل الذي لايزال يعتمد على عصابات فدائيي صدام, وكل سفالات البعث التي رفعت شعار حرق العراق . حتى يتم الترحم على عهد جرذ العوجه .
العراقيون الحقيقيون أيها المطلك يدركون جيداً أن الأمريكان هم الذين أتوا بكم الى الواجهة السياسية مرتاً أخرى وبأسم السنة, حتى يعادلوا انجراف بعض قيادات الأحزاب الشيعية بأتجاه ايران . كلمة الحق التي ذكرتها في البداية كنت تريد بها الباطل بكامله .
لقد كتب الكثير , وحذر الكثيرون منذ سقوط النظام الفاشي ولحد الآن من مغبة الأنجرار والأرتهان الى الأرادات الدولية , خاصة الأمريكية وأ لإيرانية, وما ستتركه هذه الحالة من آثار مدمرة على الواقع العراقي . فأبت صنائع الأمريكان, القدماء والجدد , وصنائع الإيرانيين الا أن يضعوا كل بيضهم في سلال أولياء نعمتهم . نعم العراقيون يدركون الآن أن صوتهم غير مسموع , ويعرفون ان العراق لن ينعم بالأمان والأستقرار ما دام الصراع الأمريكي ألإيراني قائم , وساحته الرئيسية هو العراق .
ولكن العراقيين يدركون أيضاً , بأنهم سيقذفون بعملاء الأمريكان والإيرانيين الى مزبلة التاريخ , وفي القريب العاجل . وستكون انت وأمثالك من سيساقون الى المحاكم مرات ومرات لأجرامكم بحق العراقيين طيلة عمركم , وجريمة أخرى مضافة حينما جعلتم من انفسكم أداة دموية جديدة بيد الأرادات الدولية .
تصريحات المطلك رئيس قائمة "الحوار" , وطريقة تفكيره , نموذج حقيقي لأدعاءآت أغلب الأحزاب العراقية في هذه المرحلة خاصة الأحزاب التي تمتلك المليشيات .[/b][/size][/font]

32
الخدمة المجانية
تقي الوزان

سرعة توارد ألأحداث السياسية في العراق كذبت أغلب الأدعاءات الطائفية التي تتحدث بأسم العراق ومصالحه الوطنية. الدعاية الأنتخابية التي مارستها بعض الأحزاب الشيعية في قائمة "ألأئتلاف"أثناء فترة الأنتخابات حول تشكيل القائمة العراقية , والقائلة: بأن الشيوعيين والعلمانيين يبغون أعادة البعث الى السلطة من خلال رئاسة أياد علاوي للقائمة . وكأن هم العلمانيين الأول هو أعادة من قتلهم وقتل شعبهم " حزب البعث" الى السلطة , وليس لديهم أي هم آخر . بهذه الفكرة الساذجة تم تعبئة الكثير من جماهير هذه الأحزاب .
نحن نعرف , وكل العراقيين يعرفون أن البعث عاد الى الحياة السياسية بأسم السنة . وبتأهيل من الأمريكان , ولغرض معادلة الأحزاب الطائفية الشيعية . بعد أن وجد الأمريكان أن قيادة هذه الأحزاب تكاد أن تنزلق بالكامل الى الحضن الأيراني . وتصريحات الرئيس المصري حسني مبارك , وقبله ملك الأردن حول الهلال الشيعي,انعكاس واضح لهذه التصورات . جبهتي " التوافق والحوار " السنيتين هي الأشكال الحديثة للبعث , وتصريحات جبهة الحوار الأخيرة بعدم الدخول في حكومة طائفية لا تلغي صفتها السياسية .
أن التوافق الذي حصل بين قائمة " الأئتلاف"الشيعية وقائمة " التوافق" السنية حول أقتسام المواقع السيادية , يؤكد أن لا قيمة للشعارات التي رفعتها قائمة " الأئتلاف" في مسألة أجتثاث البعث . بل رفعت هذه الشعارات لغرض الكسب الأنتخابي . وبعد أن تبين أيضاً, أن الكثير من أعضاء الشعب والفروع في " حزب البعث" أحتوتهم قائمة " ألأئتلاف" بعد أن أعلنوا "توبتهم".
ألأتجاهات التي أظهرتها القوائم الأنتخابية خلال الفترة المنصرمة – بغض النظر عن التصريحات والشعارات البراقة – فقد بقيت "الكردستانية" كحركة تحرر تنشد الأنجاز القومي على حساب الأنجاز الوطني . أما "الأئتلاف" فلا زال الدعم الأيراني هو العامل الحاسم في الحفاظ على وحدة القائمة . وبالضرورة تتوافق مع سياسات الحكومة الأيرانية . ومثلما هو معروف , فالسياسة الأيرانية في العراق تبغي أولاً: أفشال المشروع الأمريكي المعلن والداعي الى دمقرطة أنظمة الحكم في الشرق الأوسط . وثانياً: أفشال التجربة الفيدرالية في العراق . حتى لو دعت الضرورة لفصل أقليم الوسط والجنوب وتفتيت العراق تحت ظل نفس اليافطة الفيدرالية . لتكون الفيدرالية نموذج سئ لتفتيت البلدان وليس لأقرار حقوق القوميات وزيادة لحمة الشعوب . منعاً للشعوب الأيرانية من المطالبة بحقوقها القومية . وتبقى جبهة " التوافق" ورغم ما أظهرت من مسايرة للعملية السياسية , تبقى اللغم الأكبر لتفجير الصراعات وأعاقة سير العملية السياسية بغية الوصول لأفشالها بالكامل . أملاً بأسترجاع كامل سلطتها , وسط تأييد باقي الأنظمة العربية .
أن مجموعة المجاميع الديمقراطية والعلمانية بما فيها القائمة العراقية لاتستطيع أن تشكل قوة ضاغطة وفاعلة بأتجاه المشروع الوطني . وأن ميزان القوى لايزال في صالح الطائفية , بل ويتعمق أكثر بهذا الأتجاه . ومن المخزي أن يجري التعويل على سلطات الأحتلال بالحفاظ على وحدة وسلامة العراق . ليس لشرف أو أخلاق تمتلكها قوات الأحتلال . بل عسى وأن تلتزم هذه القوات بقرار هيئة الأمم المتحدة المرقم 1546 والقاضي " عراق موحد , تعددي , ديمقراطي وفيدرالي يكون فيه أحترام كامل للحقوق السياسية وحقوق الأنسان " . والثمن الذي سيدفعه العراق بالبقاء فترة أطول تحت سيطرة ألأحتلال أ لأمريكي سيكون باهضاً جداً.
أن الفشل المتوقع لحكومة المالكي والهيئات السيادية الطائفية ستعجل بلا شك من أنجاز المشروع الأمريكي الداعي لأقامة حكومة أنقاذ وطني . بعد أن يظهر للعالم فشل المشاريع الطائفية والقومية , والركض وراء المصالح الشخصية للطبقة السياسية العراقية , وفشل هذه الطبقة بالحفاظ على وحدة العراق .
ومثلما تصب تصريحات القيادة الأيرانية المتمثلة بالمرشد الأعلى علي خامنئي ورئيس الجمهورية أحمدي نجاد في خدمة السياسة ألأمريكية , حينما أعلنا بأنهم سينقلون خبراتهم النووية الى دول ومنظمات أخرى . لتمنح الأدارة الأمريكية الذريعة الكافية للسير بمشروعها الذي ينوي مهاجمة ايران . فأن القيادات السياسية العراقية وبنفس الخدمة المجانية منحت سلطات الأحتلال ألأسباب الكافية للسير بمشروعها ألأحتلالي عندما أصرت على تبني المشروع الطائفي الهادف لزعزعة وحدة العراق .[/b][/size][/font]

33

لنخدم العلاقة الحقيقة بين الشعبين العراقي والأيراني
[/size]



تقي الوزان

لا أحد من العراقيين الذين كانوا في أيران أذ كان مهجراً أو لاجئاً ينكر المساعدة الكبيرة التي قدمت له من قبل الشعب الأيراني الطيب, أو من حكومة الثورة – قبل أن تتحول الى نظام شمولي - , وكذلك التوجيهات الأنسانية العميقة للأمام الراحل الخميني وحثه لمساعدة العراقيين . ولا أعتقد بوجود دولة في العالم أستقبلت من اللاجئين لدولة عدوة , وفي حالة حرب معها مثل الجمهورية الأسلامية في ايران . وروح السماحة هذه أستغلت من قبل النظام الصدامي المقبور وأرسل الكثير من عملائه وجواسيسه , وكانوا يسرحون ويمرحون على طول الأراضي الأيرانية .
ولا أحد من العراقيين ينكر التداخل بين الشعبين , وعلى الكثير من الصعد . أهمها المذهبي ,العشائري , الاقتصادي , ومدن تكاد تكون مستوطنات متبادلة . أن الذي زاد من حميمية هذا التداخل والخوف عليه , وحمايته من المؤثرات التي تعرقل أستمراره ونموه , هو حملات التهجير الظالمة من قبل النظام المقبور , وما تبعها من حرب أحرقت الأخضر واليابس , وأستمرت ثمان سنوات كما هو معروف , وما تركته من آثار عميقة في وجدان الشعبين .
مما لاشك فيه أن هذه الهواجس تجد أنعكاساتها في أغلب التنظيمات الشيعية العراقية . وتتوضح في ميلها الأكثر من الطبيعي في الأتجاه الطائفي . ومما لاشك فيه أيضاً أن أغلب هذه التنظيمات تجد متكأها وسندها في النظام الأيراني . وهذا ليس عيباً ما دامت هذه المساعدة تصب في مصلحة الشعب العراقي . سواء في التخلص من النظام المقبور أو في بناء دولته الحديثة . أن العلاقة بين الشعبين أمتن بكثير من بعض العلاقات بين الشعوب العربية ذاتها . وكل الوطنيين العراقيين يبغون تطوير هذه العلاقة نحو الأحسن ولصالح الشعبين الجارين . كل هذا مفهوم ومبعث فخر لشيعة العراق والحركة الوطنية العراقية .
الجانب الآخر لهذه المسألة هو أستغلال وتوجيه هذا التداخل بين الشعبين والمساعدات التي قدمت للأحزاب الشيعية لصالح بناء نظام ديني تابع أو مشابه لنظام ولاية الفقيه الأيراني . أن طموحات النظام الديني في التوسع نابع من طبيعته, وكأي نظام شمولي .
ألفوز بالسلطة والأحتفاظ بها من قبل قائمة "الأئتلاف" ليس السبب الوحيد في تماسك القائمة . والكل يعرف الصراعات الدموية بين أجنحتها , والطموحات الشخصية بين قياداتها , وعدم وجود برنامج سياسي يوحد أحزاب القائمة . كان السبب الأكبر في رأي الكثيرين هو أختراق النظام الأيراني لبنية هذه الأحزاب . وأنعكس ذلك بوضوح في بناء مليشياتها, وفرض مجموعة من النظم و"الآداب" على مجمل حياة المدن التي تقع تحت سيطرة هذه الأحزاب , ورفع شعار فيدرالية الوسط والجنوب لتطبيق نظام ولاية الفقيه فيه – ما دام لاتوجد الأمكانية لتطبيقه في كل العراق – وفي نفس الوقت أشاعة فكرة كون الفيدرالية نظام يمزق وحدة الأوطان . في سعي ايران المحموم لأفشال تجربة الفيدرالية الكردية بأي طريقة كانت . والتي ستؤثر بدورها ليس على ايران فقط , بل وعلى عموم دول المنطقة .
أن السيطرة المحكمة لأجهزة الأمن الأيرانية على بعض هذه الأحزاب والتي أخذت طابع التمويل بالسلاح , وأعطاء الرواتب الشهرية والمساعدات , وبناء المؤسسات والجوامع والحسينيات , وفتح القنوات الفضائية , وبث أعلام التجهيل والشحن الطائفي . وفي نفس الوقت الأستعدادات الشخصية لبعض زعماء هذه الأحزاب لخدمة أهداف مؤسسة الحكم الدينية, مكن الحكومة الأيرانية من المشاركة الفعالة في توجيه الأحداث في العراق . وجرجر التجربة الديمقراطية الوليدة الى حافات ستكون مهلكة أن لم يتم التوقف عندها . والعودة لطريق بناء وسلامة وحدة العراق .
السيد عبد العزيز الحكيم رئيس "المجلس الأعلى" ورئيس قائمة " الآئتلاف" صرح بعد زيارته الأخيرة للسيد علي السيستاني . والتي جاءت بعد أنتهاء الأنتخابات الأخيرة . بأن السيد علي السيستاني أوصى بضرورة أن تكون الحكومة القادمة حكومة "وحدة وطنية " , وأعتبرها مبادرة شيعية للم شمل الحركة الوطنية , وتجاوز السلبيات التي رافقت التحضير للأنتخابات وما تبعها من سلبيات أخرى . وأشراك جميع الأطراف في تحمل المسؤولية .
نحن نعرف أن أول من طرح مشروع حكومة "وحدة وطنية " هو وزير الدفاع الأمريكي رامس فيلد عند زيارته للعراق بعد الأنتخابات مباشرةً . بعد أن أكتشف الأمريكان أن التجربة الديمقراطية المنوي تثبيتها في العراق ليس كما خططوا لها . ولاتزال العوامل الطائفية والقومية وأساليب العمل غير الديمقراطية هي المقومات الأساسية للأنتخابات الأخيرة. ثم جاء هذا الطرح"حكومة وحدة وطنية " على لسان السيد رئيس الجمهورية جلال الطالباني . وتبعها زيارة السيد عبد العزيز الحكيم الى كردستان. والتصريحات المتبادلة بين مختلف زعماء القوائم الفائزة تصب في هذا الأتجاه , رغم الأختلافات الكبيرة في تقديراتهم لحجم التزوير الذي رافق الأعلان الأولي للنتائج الجزئية للأنتخابات . ألا أن حالة الشد المتصاعد بين ايران والغرب حول الطاقة النووية الأيرانية , والتهديدات المتبادلة بين الطرفين عجل بالطرح الجديد لقائمة "الأئتلاف" وعلى لسان السيد عبد العزيز الحكيم أيضاً . والقائلة بحكومة "مشاركة" بدل حكومة "وحدة وطنية" , وما رافق هذا الأعلان من تصريحات أخرى . مثل رفض أجراء أي تغيير على مواد الدستور , في تنكر صريح لما تم الأتفاق عليه , وفي مسعى واضح لعرقلة تشكيل حكومة " وحدة وطنية" , وأشارة لأمكانية تخريب كل ما تم التوصل اليه أذا أقتضت الضرورة . حكومة "مشاركة" تعني التفضل من قبل قائمة "الأئتلاف" الفائز الأكبر في الأنتخابات للقبول بمشاركة بعض الأطراف لها في تشكيل الحكومة , وما يتبع هذا التشكيل من ذيلية باقي الأطراف للقائمة الأكبر .
السيد عبد العزيز الحكيم يطلب أعترافاً سنياً ب"الواقع الجديد"كما نشر في موقع "صوت العراق" ومواقع أخرى يوم الجمعة الماضية . وأعتبر الحكيم أن شغل السنة "لهذا المنصب أم ذاك لن يكون له تأثير على الوضع الأمني في البلاد " مشيراً الى أن " المهم هو أن يؤمنوا [ السنة ] بأن هناك واقعاً جديداً في العراق " . وفي هذا الطلب نقول " كلك نظر ومفهومية " كما يقول الأخوة في مصر . ونحن أيضاً وعلى نفس المبدأ نطلب من بعض قيادات الأحزاب الشيعية , وعلى رأسها " المجلس الأعلى " بأعتباره أكبرهذه الأحزاب , والأقرب الى ايران, أن يؤمنوا بضرورة تطوير المصالح المشتركة للشعبين الجارين العراقي والأيراني بعيداً عن الأنجرار وراء المشاريع الأنتحارية للنظام الأيراني , ويؤمنوا بأعادة بناء العراق وفق أحتياجات الشعب العراقي.


[/font][/b]

34
لنخدم العلاقة الحقيقة بين الشعبين العراقي والأيراني

تقي الوزان

لا أحد من العراقيين الذين كانوا في أيران أذ كان مهجراً أو لاجئاً ينكر المساعدة الكبيرة التي قدمت له من قبل الشعب الأيراني الطيب, أو من حكومة الثورة – قبل أن تتحول الى نظام شمولي - , وكذلك التوجيهات الأنسانية العميقة للأمام الراحل الخميني وحثه لمساعدة العراقيين . ولا أعتقد بوجود دولة في العالم أستقبلت من اللاجئين لدولة عدوة , وفي حالة حرب معها مثل الجمهورية الأسلامية في ايران . وروح السماحة هذه أستغلت من قبل النظام الصدامي المقبور وأرسل الكثير من عملائه وجواسيسه , وكانوا يسرحون ويمرحون على طول الأراضي الأيرانية .
ولا أحد من العراقيين ينكر التداخل بين الشعبين , وعلى الكثير من الصعد . أهمها المذهبي ,العشائري , الاقتصادي , ومدن تكاد تكون مستوطنات متبادلة . أن الذي زاد من حميمية هذا التداخل والخوف عليه , وحمايته من المؤثرات التي تعرقل أستمراره ونموه , هو حملات التهجير الظالمة من قبل النظام المقبور , وما تبعها من حرب أحرقت الأخضر واليابس , وأستمرت ثمان سنوات كما هو معروف , وما تركته من آثار عميقة في وجدان الشعبين .
مما لاشك فيه أن هذه الهواجس تجد أنعكاساتها في أغلب التنظيمات الشيعية العراقية . وتتوضح في ميلها الأكثر من الطبيعي في الأتجاه الطائفي . ومما لاشك فيه أيضاً أن أغلب هذه التنظيمات تجد متكأها وسندها في النظام الأيراني . وهذا ليس عيباً ما دامت هذه المساعدة تصب في مصلحة الشعب العراقي . سواء في التخلص من النظام المقبور أو في بناء دولته الحديثة . أن العلاقة بين الشعبين أمتن بكثير من بعض العلاقات بين الشعوب العربية ذاتها . وكل الوطنيين العراقيين يبغون تطوير هذه العلاقة نحو الأحسن ولصالح الشعبين الجارين . كل هذا مفهوم ومبعث فخر لشيعة العراق والحركة الوطنية العراقية .
الجانب الآخر لهذه المسألة هو أستغلال وتوجيه هذا التداخل بين الشعبين والمساعدات التي قدمت للأحزاب الشيعية لصالح بناء نظام ديني تابع أو مشابه لنظام ولاية الفقيه الأيراني . أن طموحات النظام الديني في التوسع نابع من طبيعته, وكأي نظام شمولي .
ألفوز بالسلطة والأحتفاظ بها من قبل قائمة "الأئتلاف" ليس السبب الوحيد في تماسك القائمة . والكل يعرف الصراعات الدموية بين أجنحتها , والطموحات الشخصية بين قياداتها , وعدم وجود برنامج سياسي يوحد أحزاب القائمة . كان السبب الأكبر في رأي الكثيرين هو أختراق النظام الأيراني لبنية هذه الأحزاب . وأنعكس ذلك بوضوح في بناء مليشياتها, وفرض مجموعة من النظم و"الآداب" على مجمل حياة المدن التي تقع تحت سيطرة هذه الأحزاب , ورفع شعار فيدرالية الوسط والجنوب لتطبيق نظام ولاية الفقيه فيه – ما دام لاتوجد الأمكانية لتطبيقه في كل العراق – وفي نفس الوقت أشاعة فكرة كون الفيدرالية نظام يمزق وحدة الأوطان . في سعي ايران المحموم لأفشال تجربة الفيدرالية الكردية بأي طريقة كانت . والتي ستؤثر بدورها ليس على ايران فقط , بل وعلى عموم دول المنطقة .
أن السيطرة المحكمة لأجهزة الأمن الأيرانية على بعض هذه الأحزاب والتي أخذت طابع التمويل بالسلاح , وأعطاء الرواتب الشهرية والمساعدات , وبناء المؤسسات والجوامع والحسينيات , وفتح القنوات الفضائية , وبث أعلام التجهيل والشحن الطائفي . وفي نفس الوقت الأستعدادات الشخصية لبعض زعماء هذه الأحزاب لخدمة أهداف مؤسسة الحكم الدينية, مكن الحكومة الأيرانية من المشاركة الفعالة في توجيه الأحداث في العراق . وجرجر التجربة الديمقراطية الوليدة الى حافات ستكون مهلكة أن لم يتم التوقف عندها . والعودة لطريق بناء وسلامة وحدة العراق .
السيد عبد العزيز الحكيم رئيس "المجلس الأعلى" ورئيس قائمة " الآئتلاف" صرح بعد زيارته الأخيرة للسيد علي السيستاني . والتي جاءت بعد أنتهاء الأنتخابات الأخيرة . بأن السيد علي السيستاني أوصى بضرورة أن تكون الحكومة القادمة حكومة "وحدة وطنية " , وأعتبرها مبادرة شيعية للم شمل الحركة الوطنية , وتجاوز السلبيات التي رافقت التحضير للأنتخابات وما تبعها من سلبيات أخرى . وأشراك جميع الأطراف في تحمل المسؤولية .
نحن نعرف أن أول من طرح مشروع حكومة "وحدة وطنية " هو وزير الدفاع الأمريكي رامس فيلد عند زيارته للعراق بعد الأنتخابات مباشرةً . بعد أن أكتشف الأمريكان أن التجربة الديمقراطية المنوي تثبيتها في العراق ليس كما خططوا لها . ولاتزال العوامل الطائفية والقومية وأساليب العمل غير الديمقراطية هي المقومات الأساسية للأنتخابات الأخيرة. ثم جاء هذا الطرح"حكومة وحدة وطنية " على لسان السيد رئيس الجمهورية جلال الطالباني . وتبعها زيارة السيد عبد العزيز الحكيم الى كردستان. والتصريحات المتبادلة بين مختلف زعماء القوائم الفائزة تصب في هذا الأتجاه , رغم الأختلافات الكبيرة في تقديراتهم لحجم التزوير الذي رافق الأعلان الأولي للنتائج الجزئية للأنتخابات . ألا أن حالة الشد المتصاعد بين ايران والغرب حول الطاقة النووية الأيرانية , والتهديدات المتبادلة بين الطرفين عجل بالطرح الجديد لقائمة "الأئتلاف" وعلى لسان السيد عبد العزيز الحكيم أيضاً . والقائلة بحكومة "مشاركة" بدل حكومة "وحدة وطنية" , وما رافق هذا الأعلان من تصريحات أخرى . مثل رفض أجراء أي تغيير على مواد الدستور , في تنكر صريح لما تم الأتفاق عليه , وفي مسعى واضح لعرقلة تشكيل حكومة " وحدة وطنية" , وأشارة لأمكانية تخريب كل ما تم التوصل اليه أذا أقتضت الضرورة . حكومة "مشاركة" تعني التفضل من قبل قائمة "الأئتلاف" الفائز الأكبر في الأنتخابات للقبول بمشاركة بعض الأطراف لها في تشكيل الحكومة , وما يتبع هذا التشكيل من ذيلية باقي الأطراف للقائمة الأكبر .
السيد عبد العزيز الحكيم يطلب أعترافاً سنياً ب"الواقع الجديد"كما نشر في موقع "صوت العراق" ومواقع أخرى يوم الجمعة الماضية . وأعتبر الحكيم أن شغل السنة "لهذا المنصب أم ذاك لن يكون له تأثير على الوضع الأمني في البلاد " مشيراً الى أن " المهم هو أن يؤمنوا [ السنة ] بأن هناك واقعاً جديداً في العراق " . وفي هذا الطلب نقول " كلك نظر ومفهومية " كما يقول الأخوة في مصر . ونحن أيضاً وعلى نفس المبدأ نطلب من بعض قيادات الأحزاب الشيعية , وعلى رأسها " المجلس الأعلى " بأعتباره أكبرهذه الأحزاب , والأقرب الى ايران, أن يؤمنوا بضرورة تطوير المصالح المشتركة للشعبين الجارين العراقي والأيراني بعيداً عن الأنجرار وراء المشاريع الأنتحارية للنظام الأيراني , ويؤمنوا بأعادة بناء العراق وفق أحتياجات الشعب العراقي .[/b][/size][/font]

35
ماذا سيبقى للعراقيين من العراق ؟!

تقي الوزان

الأطراف التي تغيبت عن الأنتخابات الأولى , والمعروف بعضها بتأييد العمليات الأرهابية . شاركت في الأنتخابات الأخيرة وحصلت على نسبة جيدة من الأصوات . الا أنها لم تصدر لحد الآن بيان سياسي يدين هذه العمليات الدموية . مما دفع السيد رئيس الجمهورية جلال الطالباني لتوجيه نقد لهذه الأحزاب والحركات بشأن هذه المسألة .
السيد عدنان الدليمي رئيس جبهة التوافق أستغرب من تصريح رئيس الجمهورية , وأعتبره "كفر" بحق مجموعة هذه الأحزاب والكتل . وتساء ل أيضاً , كون أصحاب هذه التصريحات لايقرؤون البيانات الصحفية التي تصدر بعد العمليات الأرهابية . وكأن هذه الأحزاب تمتلك شرف الكلمة التي تصرح بها . والعراقيون يعرفون أن أحزاب قارعت النظام المقبور ولسنوات طويلة , ولم تكن أدات من أدواته لاتمتلك شرف مثل هذه الكلمة . فكيف بمن كان يخدم النظام ؟
يبدو أن الدليمي لايفرق بين بيان سياسي يوضح النهج الذي سيسلكه هذا الحزب أو الكيان , وكونه برنامج عمل لمرحلة معينة , وبين تصريحات صحفية خجلة لأدانة هذه الجرائم . أن القبول بدخول العملية السياسية والمشاركة في الأنتخابات يعني تثبيت قطع الصلة والنبذ الكامل لكل الأعمال الأرهابية التي تعيق سير العملية السياسية السلمية . ويعتقد الدليمي أن هذه التصريحات هي الأساسات السياسية التي على ضوئها يستطيع تثبيت أي موقف , وتبقى الأرضية الدموية على ما هي عليه . على نفس النهج البعثي الذي سار عليه النظام المقبور والذي لا يفرق بين القانون وما يقوله ويرغبه صدام .
البعثيون نفسهم صادروا رأي السنة , وأخذوا يتحدثون بأسمهم عندما تكون المحاصصة في العملية السياسية طائفية. ويرفضونها عندما تتحول هذه الطائفية الى سياسة واقعية ستحرمهم من الواردات الغنية للأقاليم العراقية الأخرى .
خلف العليان الأمين العام لمجلس الحوار الوطني قال وبالتزامن مع تفجيرات كربلاء الأخيرة : لماذا عندما نطالب بحقوقنا تعتبرونه أرهاباً. قالها وبهذا الوضوح . العليان والقتلة من البعثيين يعتقدون أن الجرائم البشعة والعشوائية هي الطريق الأضمن لتحقيق وجودهم, والمظلة التي تدعم طروحاتهم السياسية .
كلنا نذكر الشهور الأولى التي أعقبت سقوط النظام . وكيف لاذ الجبناء بجحورهم , وأنتقلوا الى مدن أخرى , والى الأرياف , وغابوا عن أنظار ضحاياهم . ألا أن الأخطاء الفادحة لسلطات الأحتلال , وتلكؤالعملية السياسية , منحهم الوقت الكافي لأعادة تنظيم أنفسهم . كان هؤلاء القتلة يحلمون بالجلوس مع أناس حقيقيين أفنوا سنوات عمرهم في مقارعة النظام المقبور . ومع الأسف تراجع بعض هؤلاء"الحقيقيين"بعد أستلام السلطة ومواقع القرار الى أصولهم الطائفية , وشحذوا حراب مليشياتهم لمصادرة وسلب حرية الآخرين . وناسين شهداء وتضحيات العراقيين الجسيمة طيلة عقود البعث المظلمة . ووضعوا أنفسهم في كفة الميزان المعادلة للقتلة من البعثيين .
كان التوقع أن تشكل حكومة توافق وطني كما صرحت به كل الأطراف . وكان من المتوقع ايضاً أن تستمر حالة التربص بين الأطراف الموالية لأيران من جهة والقوات الأمريكية من جهة أخرى . ألا أن أرتفاع حدة الصراع الأيراني الغربي حول المشكلة النووية الأيرانية سخن الحالة العراقية بشكل سريع , وبعد أيام معدودة على تطمينات تشكيل حكومة الوحدة الوطنية .
تصريحات السيد عبد العزيز الحكيم النارية في لقائه الصحفي مع السيد محمد عبد الجبار الشبوط المنشورة في صحيفة "الصباح" و"عراق نت"في الرابع عشر من هذا الشهر تزعزع الثقة بكل الأتفاقات السابقة, ومواد الدستورالذي صوت عليه العراقيون.
ومما جاء في هذه التصريحات أن منصب رئيس الوزراء يجب أن تكون القائمة هي المتحكمة به , وتستطيع أن تعزله وقت ما تشاء . وليس مجلس النواب الذي يسحب الثقة منه بتصويت الثلثين من أعضائه كما أقره الدستور . في أجراء يراد منه ألزام رئيس الوزراء أو الوزير بالتمثل الكامل لماتصدره قيادة القائمة من توجيهات , ويجرده من صلاحيات رئيس السلطة التنفيذية . وتعكس هذه الرغبة القلق وعدم الثقة بين رئاسة القائمة ومرشحها . ومن ناحية أخرى تطبق نظام ولاية الفقيه على نصف الحكومة الخاضع لقائمة "الأئتلاف". وهذا يوجد أكثر من نظام في الأدارة ويعرضها لشلل كبير.
وتحول عنده مفهوم "التوافق الوطني " في تشكيل الحكومة الى مفهوم "حكومة مشاركة" ويعني أن باقي الأطراف تكون تابعة , وذيلية , لما تقرره القائمة الأكبر "الأئتلاف".
ويقول السيد الحكيم , وخلافاً لكل الأعراف الديمقراطية واللغوية بأن مفهوم الكتلة الأنتخابية الأكبر , ليس ما تشكله تحالفات القوائم الفائزة في الأنتخابات داخل مجلس النواب . بل القائمة التي حصلت على أكبر عدد من الأصوات . ناسفاً ضرورات التحالف بين القوائم على برامج سياسية محددة وتشكيل كتل برلمانية كبيرة تضمن تحقيق هذه البرامج .
السيد الحكيم يرفض أجراء أي تعديل يمس جوهر الدستور , وهو الشرط الذي أقر لغرض تمرير التصويت على مسوّدة الدستور في الفقرة "140"والتي تنص على أعادة كتابة بعض مواد الدستور . وتشكيل لجنة من مجلس النواب الجديد وخلال الأربعة أشهر الأولى . وكان هذا الأقرار لجر المقاطعين للعملية السياسية من "السنة" للمشاركة , وبكفالة السلطة الأمريكية .
ويقول السيد الحكيم : أنا أؤمن بالديمقراطية بمعنى حكم الأغلبية وأحترام التصويت على وفق آليات نسعى من خلالها الى تحقيقها . ويبدو اننا سنحتاج مرّة أخرى الى حميدة نعنع لتفسير هذه الطلاسم .
الجربة وحثالات البعث الساقط ليسوا بحاجة الآن الى أن تظلل مطاليبهم بتفجيرات وجرائم جديدة . لأنهم سيكونون الورقة الرابحة في المسلسل الديمقراطي الأمريكي . والعراق سيطحن من جديد بين مطرقة المصالح الأمريكية وسندان الطائفية وممثلي النظام الايراني . ولا نعرف ماذا سيبقى للعراقيين من العراق ؟![/b][/size][/font]

36
أستحقاقات سيؤجل حلها




تقي الوزان

يعرف العراقيون جيداً أن سبب غدر الحكومة الامريكية بهم وعدم مساعدتهم في انتفاضتهم الجبارة عام 1991 بعد أن حرضوهم عليها هي بسبب الوجوه التي رفعت الشعارات الطائفية , وحاولت أن تصادر الانتفاضة وتحرفها عن الاهداف التي قامت من أجلها .أضافة لدخول رجال الحرس الثوري الايراني وتصدرهم للمشهد في الجنوب . مما أثار مخاوف الامريكان ودول الجوار من ان ينتهي العراق بيد النظام الطائفي الايراني . فتركوا صدام وقواته للفتك بالمنتفضين . وكلنا نذكر الوحشية التي مارستها قطعان الحرس الجمهوري في القضاء على الانتفاضة . وذكر الاعلام الامريكي والعربي في وقتها وبكل وضوح : عدو ضعيف ومعروف أفضل من عدو غير معروف وخلفه ايران .
كنا نعتقد ان البشاعة التي مورست في قمع الانتفاضة , والجرائم التي ارتكبت على مدى سنين حكم البعث , والدماء التي فُجرت من شرايين الوطن المذبوح ستكون العلامات المضيئة , والهادية , لسلوك الدروب الانسانية التي تقنع الأخرين بمساعدتنا في الوصول الى تخوم معيشة البشر , والتي افتقدناها لما يقارب النصف قرن .
وعادت دورة الأخطاء , وتسلم مسؤولية أتخاذ القرار من يعتبر الدولة جزء من ممتلكاته الشخصية , والأنتخابات وسيلة لخداع وأقناع الاخرين . والامريكان من جانبهم ليسوا على عجلة من أمرهم . وخسائرهم لاتزال تحت السيطرة , وليس كما يصورها الاعلام , والامريكان لن يجبروا شعب وجه ناخبوه لأنتخاب زعماء لايدركون حقيقة الصراع الدولي الجاري على ساحتهم . وسرعان ما أخذوا يتصارعون على النفوذ والمراكز والكسب غير المشروع . وتتسابق مليشياتهم لفرض شروط أقسى على واقع المجتمع , ولتثبت لولي الامر أيهم الاسرع في تطبيق سيناريو الثورة الايرانية , وأقامة نظام ديني موالي لأيران . وبعكس ما أراده المراجع الكبار في النجف , وعلى رأسهم السيد علي السيستاني وما أكدوه على وحدة وسلامة العراق .
الامريكان أعادوا نفس اللعبة , ومدوا أيديهم الى القتلة من البعثيين , والمتضررين من سقوط النظام السابق . وأذ فهم العالم موقف الامريكان في المرّة الأولى وأتهمهم عن حق بالغدر والنذالة عندما تركوا المنتفضين وحدهم يواجهون مصيرهم الدموي المحتوم مع صدام بسبب رفع الشعارات الطائفية . اليوم يتفهم العالم أيضاً حقيقة موقفهم بالدفاع عن مصلحتهم ومصلحة المنطقة ووحدة العراق المهددة . ونافياً عنهم صفة الغدر والنذالة رغم أحتلالهم للعراق . ولا أحد قدم خشبة الأنقاذ للقتلة من البعثيين أكثر من سياسات بعض الطائفيين من الشيعة .
الصراع الايراني الامريكي أحد العوامل الرئيسية المؤثرة في سير العملية السياسية في العراق . والتجاذب بين مصالح الدولتين يجد أنعكاسه الواضح في تموج هذا السير , ويحيطه بالكثير من الادوات التي يمكن أستخدامها حسب حاجة كل من الدولتين . وبدون أي أعتبار لمصلحة الطرف العراقي . وما من شك من أن التجاذب الذي يتصاعد حول الملف النووي الايراني مثلاً , سيجد أنعكاسه في تفاعلات العملية السياسية العراقية .
أن تلاقي الدعوات لأقامة حكومة وحدة وطنية من قبل هذه الاطراف المتصارعة . هو لتجميد حالة الصراع , أو تأطيره بالتريث لغاية ما ستسفرعنه تفاعلات الشهورالقادمة . وعلى الأرجح سيتم تشكيل حكومة الوحدة الوطنية , وبغض النظر عن أعتماد الأستحقاق الأنتخابي أو عدم أعتماده . وستكون حالة التربص ومراقبة الاخر هي الأهم .
الديمقراطيون والعلمانيون يعوّلون من جانبهم على تشكيل مثل هذه الحكومة . أملاً منهم بتثبيت أسس وتقاليد ديمقراطية تساعد في أنقاذ الناس من دهاليز الظلام التي دفعوا أليها . وتؤسس لقيام دولة قوية تستطيع تطبيق سلطة القانون وتنتشل المجتمع من سلطة المليشيات, وتسير بالعراق نحو الافق الارحب .
وفي كل الأحوال ستبقى الحالة قلقة ما دام التربص هو سيد الموقف . ولن تكون حالة تأسيس وتثبيت كما يرجى لها . وستكون أمتداد للمرحلة الأنتقالية , وتأجيل حل الكثير من الأستحقاقات . وأهمها ايقاف المشروع الطائفي الهادف الى تقسيم العراق , ومعالجة الوضع الأمني , والمعيشي , ومكافحة الفساد .
والخوف هو أن يتصور زعماء بعض الأحزاب الشيعية الممثلين للجانب الايراني من أن مليشياتهم تستطيع أن تلحق الهزيمة بالقوات الامريكية عندما يطلب منها ذلك . وتقودنا الى حرب خاسرة جديدة , تكون دوافع صدام في شن حروبه العبثية أكثر معقولية منها .

37
"التيتي" الامريكي زلماي خليلزاده



              تقي الوزان

Wz_1950@yahoo.com

يتفق الكثير من العراقيين والعرب والاوربيين على ان الامريكان سلموا العراق لقمة سائغة الى الايرانيين . والذي يزيد من هذا الاعتقاد الممارسات والسلوكيات المشينة التي تقوم بها بعض الاحزاب والمنظمات الشيعية الموالية للحكومة الايرانية . والتي وصلت الى ان الفرد العراقي لايستطيع ان ينتقد ممارسات النظام الايراني الطائفية علناً وفي قلب بغداد مدينة الصدر . او تطالعك لافتات الترحيب عند مداخل المحافظات والمدن في الوسط والجنوب بأسم المنظمات مثل "منظمة بدر ترحب بكم "وليس بأسم البلديات او الاهالي وقسم منها باللغة الفارسية . لقد كتب الكثير عن التدخل السافر لهذه المنظمات والمليشيات في شؤون الادارات الحكومية والمؤسسات العلمية والادبية وحياة الناس الشخصية , وهو أكثر شدة وقساوة من ما يفرضه نظام الملالي في ايران .
مع تطور هذه الحالة التي اصبحت نظام يحكم مدن الوسط والجنوب , وتدهور الوضع الامني , وزيادة معدلات الاغتيال , والتي جاء قسم منها كرد فعل على الجرائم الدموية من قبل بقايا القتلة من البعثيين ومن يساندهم من التكفيريين السنة . وقسم آخر انتقاماً من طيارين وعسكريين شاركوا بالحرب العراقية الايرانية . هذه التداعيات خلقت حالة من القلق والخوف من الانزلاق الى حرب اهلية تقسم العراق , وتنعكس آثارها الكارثية على مجمل أوضاع المنطقة النفطية الحساسة. لقد  دفعت هذه الحالة الكثيرين للاعلان عن مخاوفهم . وكانت تصريحات وزير الخارجية السعودي بداية الانطلاق لحملة مضادة تهدف لوقف أنزلاق العراق للحضن الايراني , وتجعل ايران اكبر قوة نفطية تهدد المصالح الغربية والاقليمية , أضافة لمشروعها النووي المكمل لهذه الطموحات .
الامريكان أعتبروا الطائفية التي ساعدوا على تثبيت مفاهيمها وممارساتها , على انها العصا السحرية التي سيضبطون من خلالها ايقاع الحياة السياسية, طالما تكون هذه الطوائف بحاجة اليهم أسوة بباقي المجتمعات . ولكنهم لم يقدروا سعة الاختراق المذهبي والسياسي الايراني للعراق . من هنا جاء التحرك الامريكي ومعه الانظمة العربية وجامعتهم العتيدة وأمينها العام لعقد مؤتمر "الوفاق الوطني" العراقي في القاهرة في شهر تشرين الثاني من العام الماضي . وتم الاتفاق على عقد المؤتمر التأسيسي في بغداد نهاية شباط المقبل او بداية آذار , وبمشاركة جميع الاطراف .
كان من المؤمل أن تجري الانتخابات الثانية بمبدء تكافؤ الفرص , وروح ديمقراطية حقيقية . وقد تأمن مشاركة أغلب الاطراف السنية المقاطعة للانتخابات الاولى . وكان من المؤمل أيضاً أن يجري الحوار بين مختلف الطوائف لحل الاشكالات الوطنية تحت قبة البرلمان . وتتم االاستعاضة عن المؤتمر المزمع عقده في شباط او بداية آذار , ويتم عزل القوى التي قاطعت الانتخابات الحالية والقوى المتحالفة معها من القتلة البعثيين والتكفيريين وحصرهم في الزاوية التي سيبادون فيها . الا أن ما رافق الانتخابات من ظروف سلبية , وتزوير , أثر على نتائجها ودفع الامم المتحدة للقيام بتدقيق يؤخر الاعلان عن نتائجها النهائية , ويؤخر ألتئام جلسات البرلمان وتشكيل الحكومة الجديدة . مما يجعل عقد المؤتمر التأسيسي في شباط او آذار شئ لابد منه . وهذا ما سيمنح هذه القوى دفعة جديدة للتشبث بمواقفها .
من جانب آخر أن الاحزاب الطائفية السنية ومن يقف خلف بعضها من القتلة البعثيين أخذت تميل للتسميات الوطنية . ليس حباً بالوطنية التي أغتالها المجرم القابع في قفص الاتهام , ومن سانده , ويدافع عنه اليوم . بل وجدت ان الاستمرار بتعميق الطائفية سيجعلها أقلية ويجرجرها الى مواقع لم تعتاد عليها .
الامريكان يعتقدون ان قيادة القاطرة العراقية من خلال الماكنة " السلطة " التي بأيديهم هي الاهم في حل مشاكل العراق. وهي التي ستوصل مجموع العربات "الشيعية , السنية , الكردية , الوطنية , باقي خليط الراكبين في العربات الاخرى" الى المحطات القادمة التي يبغيها السائق الامريكي . وسوف لن يقف في كل المحطات , بل في المدن التي أنشأها ويعرف طرقها وأماكن راحته فيها , المحطات المنظمة بقيم الرأسمالية والتجارة الحرّة , والوطن المقدس هو ما يوفر الغذاء والسكن فقط . ولن يقف في محطات القيم الدينية والقومية والتراث ونسيج العلاقات الاجتماعية والوطنية والسيادة وكل القيم الخاصة التي تميز الشعوب عن بعضها . انه الدين الجديد والقومية الجديدة  والوطن الجديد , المال , هذا الرب الجديد الذي يقود الحضارة الحديثة . ومما ساعد الامريكان في ترسيخ نظرتهم هذه هو وجود المجتمع المهشم , والخارج لتوه من جحيم الفاشية التي انستهم كل شئ ولعقود طويلة .
الجوع والذل والحاجة للمال , المال الذي تسعى السياسة الامريكية ان يكون هو العامل الوحيد الموجه للحياة العراقية . لقد أستخدمت السياسة الامريكية في العراق كل الوسائل لغرض تنمية طبقة رأسمالية تكون هي القاعدة التي يرتكز عليها النظام الجديد . أن غض النظر عن السرقات والرشاوي والفساد الاداري وأكمال مرحلة " الحواسم " التي بدأت عند اول يوم سقوط النظام أحد أوجه هذه السياسة . والدعوة لعقد مؤتمر المصالحة الوطنية العراقية , والحرص على نجاحه هو لأدخال اللصوص والقتلة من البعثيين الذين صادروا أموال العراق ودمجهم في العملية الاقتصادية السياسية . النجاح بالنسبة للامريكان هو في كيفية وضع العراق في السكة الرأسمالية الامريكية . وليست عندهم مشكلة لما حدث في العراق من آلام ومآسي , وايجاد الطرق الصحيحة والحقيقية لمعالجة جراحاته العميقة . لذا نجد مراقب فحص التذاكر " التيتي " الامريكي زلماي خليلزاده في حركة دائبة بين كل عربات القطار لغرض التأكد من قطع التذاكر الامريكية . وبغض النظر عن كون صاحب التذكرة مناضل شريف أفنى سنوات عمره في مقارعة النظام الساقط , أو مجرم بعثي ولغ في الدم العراقي , وحالياً للاخير الافضلية . ومن هذه النقطة ، على العراقيين الشرفاء من كل المذاهب والقوميات التقارب على اسس وطنية حقيقية تجعل من التنوع العراقي الاساس البديل لما تبغيه سلطات الاحتلال من تأسيس أساسات طائفية وقومية تسهل لها الادارة , بعد أن تجعل كل طائفة تغني على ليلاها . وأنهاء الاساس الذي يبغي توحيد الطبقة الغنية من كل الاتجاهات , وبدون معالجة الجراح الفاغرة والمعرضة للنهايات القاتلة .






38
تصريحات لاتخدم وحدة العراق
 



تقي الوزان

لم نكن نعرف احداً قبل سقوط النظام من كل الفصائل العراقية المعارضة رفع يوماً شعار أقامة نظام دولة دينية في العراق. كان الكل متفقين , علمانيين قوميين وأسلاميين على أقامة دولة العدل والقانون . ونظام سياسي فيدرالي وديمقراطي يضمن تكافؤ الفرص لكل الاطراف . كانت هذه العناوين الابرز لمؤتمر لندن الذي سبق سقوط النظام .
جاء التغيير على يد القوات الامريكية وحلفائها , ولم تتغير هذه العناوين . رغم التمدد الذي اخذ حدود الممكن لكل الاطراف السياسية , وكل طرف حسب امكانياته , والجهات التي تدعمه .
لاشك ان الاندفاع المذهبي والقومي كانا الاقوى كرد فعل على كبت جائر استمر لثلاثة عقود ونصف . ويجد متنفسه لأول مرّه . وبدل من ان توجه هذه الطاقة الجبارة المتدفقة من وقود القهر والذل . وتكون أحدى الرافعات الحقيقية لبناء العراق الحر المعاصر . جرى استغلالها , وتعبئتها بأتجاه طائفي وقومي متعصب, لتصب في خدمة اهداف فئوية وقتية , وفي كثير من الاحيان شخصية . مستغلين الفراغ الكبير من غياب وأضمحلال مؤسسات الدولة , وما ترتب على هذا الغياب من ضياع البوصلة الحقيقية لتنظيم الحياة في ظل سلطة الاحتلال .
في أجواء هذه الفوضى , كان الاصرار لأقامة الانتخابات الاولى , بضلال وتوجيهات المرجعية الشيعية المتمثلة بأبرز رجالاتها السيد علي السيستاني , وتبنيه المعروف لقائمة "الائتلاف" . وهذا لايعني ان السيد علي السيستاني لا ينشد وحدة وسلامة العراق . بالعكس , كانت توجيهاته صمام الامان لأنهاء الكثير من الفتن , ونزع فتيل الحرب الاهلية .
كانت قائمة"الائتلاف" في الانتخابات الاولى تضم بين جناحيها شيعة علمانيين , سنة , اكراد , تركمان ...الخ . لتوحي بشموليتها العراقية , وترفع الحرج عنها , كون القائمة ليست طائفية . النجاح الكبير الذي حصلت عليه القائمة في الانتخابات الاولى مكنها من تشكيل الحكومة المؤقتة بالأتفاق مع القائمة الكردية كما هو معروف . وبدل الاتفاق السابق على حل الميليشيات . جرى تقوية هذه المليشيات , وجعلها هي السلطة الفعلية لأدارة وفرض اللون الديني المذهبي على مجمل الحياة الاجتماعية , ومصادرة الحريات الشخصية الهامشية المتبقية من سلطة النظام المقبور في الوسط والجنوب . وخلق حالة من الصراع الدموي في بعض الاحيان بين هذه المليشيات , بدافع توسيع دائرة الجاه والنفوذ , والكسب غير المشروع للكثير من ضعاف النفوس الذين أستغلوا أنفلات هذه المليشيات وتداخلها مع أجهزة الدولة ووزارة الداخلية بالذات . ولاشك ان جرائم القتلة من بقايا البعث المقبور , والتكفيريين السنة والقادمين من خارج الحدود . زاد من أنفلات هذه المليشيات , ودفعت طائفيتها الى مديات أبعد .
هذه الممارسات وغيرها دفعت البعض للانسحاب من القائمة . وأبرز المنسحبين كتلة الكفاءات برئاسة الدكتور علي الدباغ , والمؤتمر الوطني العراقي العلماني بقيادة الدكتور احمد الجلبي . وقالها الجلبي بكل وضوح : بأن القائمة تبغي قيام نظام ديني . مما دفعه للانسحاب . وهذه الانسحابات خففت عنها الظلال العراقية , وقوت الظلال الطائفية , والتي افصحت عنها القائمة بشكل اوضح في الفترة الاخيرة .
وهذه المليشيات تبنت الدعاية الانتخابية في الانتخابات الثانية . وبوسائلها المعروفة , تهديد , أجبار , أغتيالات مرشحين وناشطين , حرق مقرات احزاب من قوائم اخرى , استغلال الدين , وتزوير جعل الانتخابات ونزاهتها موضع شك . بعد توثيق اعداد كبيره من الشكاوي , والتي دعت هيئة الامم المتحده للتحقيق بنتائجها . والكلام ليس عن اخلاقيات اشخاص وقيادة . المقصود هو النزعة الفكرية والايديولوجية التي تسيطر وتسّير وجهة عمل القائمة , وبغض النظر عن الصراعات بين اجنحتها .
لقد كتب الكثير من المراقبين , وبشكل مبكر , حول موضوع طائفية قائمة "الائتلاف". وكيفية محاولة أعادتها لسيناريو الثورة الايرانية , وكيفية الالتفاف بمراحل على باقي اطراف الحركة الوطنية الايرانية والتي ساهمت بشكل فعال بقيام الثورة . وتجريدها الواحدة بعد الاخرى من كل مقوماتها , لتحصر السلطة قطعاً بيد ولي الفقية .
في صحيفة" الحياة " ليوم الاثنين, الثاني من هذا الشهر. ومع تهويمات الفوز الكبير لقائمة "الائتلاف" , يقول السيد علي العضاض القيادي في "المجلس الاعلى " الى ان "الائتلاف" سيتولى ادارة الدولة خلال السنوات الاربع القادمة [مايتطلب ايجاد مرجعية سياسية لجميع الاطراف من داخل الائتلاف وخارجه لحل القضايا الكبرى ] وأضاف ان "المجلس" يرى ان زعيمه عبد العزيز الحكيم [هو الاصلح لتولي رئاسة الكتلة . ولعب هذا الدور ليعد بمثابة ولي الامر المتصدي للعملية السياسية ] ولفت الى ان حصول الحكيم على هذا الموقع يعني تخليه عن ترشيح عادل عبد المهدي لمنصب رئيس الوزراء لصالح ابراهيم الجعفري .
لو اكتفى العضاض بالقول " ايجاد مرجعية سياسية لجميع الاطراف من داخل الائتلاف" فقط . لفهم الكلام على انه اجراء ينظم صدور القرار السياسي في القائمة . اما ان يوضح الاتجاه بهذا الوضوح . فهذه مسألة اخرى وخطيرة .وأبسط سؤال اين ستضع هذه السلطة الجديدة المطلقة , والمرجع لكل السلطات الاخرى [ القضاء, رئاسة الجمهورية , رئاسة الوزراء , الجمعية الوطنية , رئاسة وادارة اقليم كردستان , المحكمة الدستورية ] . هذه السلطات التي اقرها الدستور الدائم والذي انتم وضعتموه . ولم يبدأ العمل به لحد الان . نرجو ان لاتكون هذه التصريحات هي بوصلة "التقية" لبعض اطراف قائمة الائتلاف وهم في السلطة .. وأن لا تعمي سلطة المليشيات , وبعض العصابات. و[الانتصارات ]التي حققتها في هذا الموقع او ذاك . وتمنع النظر لمستقبل العراق .
العراق, وكما قلتم انتم قبل سقوط النظام , وفي بداية العملية السياسية : أن المجتمع العراقي ليس طائفياً مثل المجتمع الايراني . وفيه من القوى الوطنية الحية , والسنة , والاكراد , وباقي التنويعات الاخرى الشئ الكثير . ولا تزال السلطة الحقيقية بيد قوات الاحتلال , وبتفويض دولي صريح من هيئة الامم المتحدة . ونرجو ان تكون هذه التصريحات اجتهادات فردية فقط . او حرفت عند نقلها . دون الدخول الجدي في مغامرة تقسيم البلد .
 


39
هل سنعيش مرحلة الأنتقال الى مالا نهايه ؟!

 
تقي الوزان

Wz_1950@yahoo.com

جرت الانتخابات وكنا نظن بأننا سنودع المرحله الانتقاليه . الا ان ما شاب هذه الانتخابات من تزوير , ومصادرة اصوات , وترهيب , وحرق مقرات احزاب , واغتيال مرشحين ونشطاء. أحدث هزه كادت ان تطيح بكامل العمليه السياسيه .
جاء وزير الدفاع الامريكي رامسفيلد وطرح افكار امريكيه بشأن هذه المشكله , ومستقبل العراق . ومن هذه الافكار ان تكون الحكومه العراقيه القادمه قويه , تحكم العراق من بغداد وتفرض سيطرتها على باقي الاطراف , ولكي تكون الحكومه قويه فيجب ان تشارك فيها كل الاطراف . وتتصدى لمحاربة الفساد , وحل الميليشيات . هذه الافكار جاءت بالتزامن مع تصريحات السفير الامريكي زلماي خليلزاده , والقاضيه بضرورة ان تكون وزارة الداخليه والدفاع لأشخاص ليست عليهم صبغه طائفيه . بأشاره لوزير الداخليه السيد بيان جبر , وما اكتشف من حالات تعذيب في سجون سريه تابعه لوزارة الداخليه .
بعدها جاءت مبادرة السيد رئيس الجمهوريه جلال الطالباني بدعوة كل الاحزاب للتحاور , وأحتواء الازمه الناتجه عن الانتخابات , وتشكيل حكومة وحده وطنيه كطريق واقعي لتجاوز الاثار السلبيه للعمليه الانتخابيه , والنهوض بالعراق لمرحلة الثبات . وتزامنت هذه الدعوه مع زيارة السيد عبد العزيز الحكيم رئيس قائمة" الائتلاف "الفائزالاكبر في الانتخابات الى السيد علي السيستاني في النجف . صرح السيد الحكيم بعدها , بأن السيد السيستاني يؤيد تشكيل حكومة وحده وطنيه . أضافة لصدور تصريحات لممثلي القوائم الفائزه الاخرى بتأييد تشكيل حكومة وحده وطنيه .
تحت هذا التوافق الظاهري في التصريحات يكمن صراع دولي وأقليمي وطائفي كما اشار الكثير من المراقبين . فقائمة "الائتلاف" تبغي تشكيل حكومة توافق وطني منها ومن الاكراد والسنه . وأستبعاد قائمة" العراقيه الوطنيه" بقيادة الدكتور اياد علاوي بأي ثمن . وكان هذا واضحاً من خلال تصريحات بعض رجال قائمة "الائتلاف". وما جرى في الايام التي سبقت الانتخابات , وما رافق الانتخابات من سلبيات أصبحت معروفه لكل العراقيين والمراقبين . ويعود هذا الى ان القائمه"العراقيه الوطنيه" تعتبر المنافس الجدي الوحيد ل"الائتلاف" في الوسط والجنوب من ناحية الصوت الانتخابي .
ومن ناحية اهم البرنامج السياسي العلماني الذي هو بالضد من التوجهات الطائفيه , والساعي لفصل الدين عن السياسه . وتعتقد بعض اطراف قائمة "الائتلاف" ان ابعاد علاوي وقائمته هو ابعاد للنفوذ الامريكي وهزيمة له . وهذا ماتريده الحكومه الايرانيه .
قائمة "الائتلاف" بمجموع تشكيلاتها أعرف بأحتياجات العراق لو تركت وحدها لتحديد الاولويات , وبدون تأثيرات خارجيه على بعض اجنحتها المتنفذه . وهذا أخطر ما يواجه سلامة وحدة القائمه . ولو بقيت العلاقه بين "الائتلاف" والامريكان فقط , فلا وجود لتعارض يضر بسلامة العراق . وما يؤكد ذلك موافقة السيد ابراهيم الجعفري على التمديد للقوات الامريكيه حتى بدون الرجوع الى الجمعيه الوطنيه .
زيارة السيد عبد العزيز الحكيم الى كردستان لأستطلاع الرأي . وكلمته في البرلمان الكردي . وتحمسه لأنجاز مشكلة كركوك خلال عام 2006 يشي بهذا التوجه المشار اليه . أذاً , لماذا تم التأخير طيلة هذا العام ؟! وعدم صرف المخصصات الماليه للجنة كركوك لتباشر عملها , رغم اقرارها بموازنة عام 2005 من قبل الجمعيه الوطنيه . الاكراد من جانبهم أشتكوا أكثر من مرّه من تحالفهم مع "الائتلاف" خلال الفتره الماضيه , وخاصة بمسألة كركوك . والاكراد ليست لديهم ارتباطات بمشاريع اقليميه , واوفياء لمن منحهم الحمايه من النظام المقبور منذ عام 1991 , وأزاحة طغمة صدام بعدها . والأهم ان مصلحة الاكراد الستراتيجيه بالتحالف مع القوى العلمانيه والديمقراطيه لتثبيت الهيكل الفيدرالي للعراق على اسس قوميه وديمقراطيه حقيقيه . بدون هاجس العوده عن الاتفاق فيما اذا ثبت هذا الهيكل على اسس طائفيه تؤدي لتمزيق وحدة العراق . وعندها ستكون الفيدراليه بنظر شعوب المنطقه السبب الرئيسي في تمزيق وحدة الاوطان .
اما السنه فالموقف سيكون معهم اصعب . ذلك انهم لايمثلون موقف واحد متماسك مثل الاكراد . ورغم وجود الهشاشه التي سيجدها مفاوض "الائتلاف" عند البعض منهم , سيقبل هؤلاء البعض بمجرد عرض بعض الوزارات عليهم . الا ان الصراع الطائفي الذي ولغ في الدم العراقي ليس مسؤول عنه قسم من الطائفيين السنه , وبقايا البعث المقبور والتكفيريين القادمين من الخارج. بل بعض من الطائفيين الشيعه ايضاً . وسيبقى هذا أحد الشروخ الحقيقيه لمرحلة ما بعد صدام . والتي تحتاج الى فترة أطول , ونيات أسلم لأعادة الثقه المذهبيه .
يتساءل بعض الاخوه من دعاة قائمة"الائتلاف" : مافائدة الانتخابات اذا تم اشراك الكل في الوزاره ؟! اي ان التشكيل يجب ان يتم من قبل قائمة الاكثريه ومن يتفق معها في تشكيل النسبه المطلوبه . وكم تمنينا ذلك لو جرت الانتخابات بشكل طبيعي , ولم ترافقها كل هذه السلبيات التي زادت من التعقيدات التي لايمكن الانفراد بحلها . ونفس السؤال على لسان الاخرين : ما فائدة الانتخابات ؟! أذ يتم الالتفاف على نتائجها بطرق اكثر التباساً من طرق التحضير لها . وتجري مصادرة مبدء تكافؤ الفرص مرتاً أخرى في الجمعية القادمه عبر التلويح لهذا الطرف بوزارة معينه , ولطرف آخر بحل مسألة كركوك بشكل يوحي بتنازل معين . ويجري الالتفاف على الحلول الوطنيه التوافقيه لأكبر مشاكل العراق لصالح الحلول الفئويه [ هذا ألي , وهذا ألك] . وهذا ما سيجعلنا نعيش مرحلة الانتقال الى ما لا نهايه .
المشكله الاساس التي تحرك كل هذا الحراك في رأي الكثيرين . هو الاصرار غير المعلن على تحقيق دستور دوله دينيه , وعبر مراحل وهذا ما لاتسمح به الظروف الدوليه والاقليميه والمحليه . [/b]

40
جماهير العراق هي التي أنتخبتكم

تقي الوزان
Wz_1950@yahoo.com

توقع الكثير من الكتاب والمراقبين للوضع العراقي قبل الانتخابات بفوز كبير لقوائم الائتلاف في الوسط والجنوب , والكردية في كردستان , والتوافق والحوار في بعض مناطق الوسط وغرب العراق . أي في مناطق تواجد ونفوذ هذه القوائم . ولاشك ان الانتماء المذهبي والقومي لايزال هو العامل الحاسم , والمظلة التي يحتمي بها الانسان العراقي . بعد أن خرج مهشماً من طول فترة ظلم , وعذاب , وفقدان أمل , وقسوة نظام قل نظيره في العالم وفي التاريخ . ومن الطبيعي أن يشعر الفرد الشيعي , وقبله الفرد الكردي لأول مرّة بحلاوة الانتماء المذهبي أو القومي . بعد أن كان الجهر بهذا الانتماء قد يكلف صاحبه الموت . وهذا لايعني ان سبب دموية النظام المقبور وجرائمه بسبب المذهب والقومية فقط . بل كانت القومية والمذهب عناوين بارزة في المشهد الدامي الذي طال كل الشعب العراقي . وبدافع اساس يعرفه كل ابناء العراق , وهو الدفاع عن السلطة وامتيازاتها .
كان الفوز حليف القوائم الكبيرة أيضاً لو جرت الانتخابات بشكل ديمقراطي حقيقي . وترك هامش معقول لباقي القوائم , لتمثل بحجومها الحقيقية في البرلمان . الا ان التزوير , والاجبار , وأستخدام الطرق غير الشرعية للالتفاف على صوت الناخب , ضغط على هذا الهامش , وجعله أضيق بكثير من المساحة التي كان يجب أن يشغلها , ونقل أصوات ناخبيه الى القوائم الكبيرة لتزيد من سعة الفارق الانتخابي .
من المؤلم أن يتصدر الكثير من المستفيدين من رفع الشعارات المتطرفة , سواء المذهبية أو القومية , ويستفيدون من فرص التزوير , وينجحون في تهميش ومصادرة تكافؤ الفرص للكيانات السياسية , وهم مجموعة ليست بالكبيرة من اللصوص وأصحاب التواريخ المشكوك بولائها للعراق . وتلصق هذه التهمة بمجمل الكتل السياسية الفائزة . وبأتهامات يختلط فيها الحق بالباطل . وكان على المسؤولين عن هذه القوائم وزعمائها الذين تهمهم مصلحة العراق , أن لا يسمحوا لهؤلاء اللصوص والمرتزقة القيام بهذه الاعمال التي اساءت للعملية الانتخابية , وزيفت ديمقراطيتها , حتى ولو جاءوا بأصوات أكثر للقائمة . وهذه القوائم ليست بحاجه لهذه الاضافات البسيطة , الا أن المرض الصدامي بالسيطرة على كل شئ , هو الذي أباح لهؤلاء المرتزقة عملهم .
أن مجموع الاصوات التي شملها التزوير يقدرها الكثير من المراقبين بأنها نسب لا تؤثر كثيراً على حجم الكتل البرلمانية لو تيسرت النيات الصادقة . وهذه النسب عندما تتوزع على كيانات كثيرة , لاتشكل خطورة على مساحات الكيانات الكبيرة . خاصة اذا علمنا ان الكثير من هذه الكيانات الصغيرة ستلوذ بظل القوائم الكبيرة لضمان صوتها ومكاسبها .
في المقابل هناك الكثير من القوائم التي أعترضت على النتائج الاولية للانتخابات , والمتضررة من التزوير ووسائل السلب الاخرى . ولهم الحق في ذلك . ولا يخفى على أحد ان الكثير من المعترضين لايشك احد في نزاهتهم , وتاريخهم العريق في مقارعة الظلم , ودكتاتورية صدام حسين بشكل خاص . الا ان هذا الاعتراض والتشكيك بصحة نتائج الانتخابات أستغل من بعض فئات ضعاف النفوس ليشكك بالعملية الانتخابية برمتها . وهذا البعض الذي لايمتلك تاريخ وطني نظيف , وله تاريخ حافل بالسرقات والخداع , وحتى في خدمة النظام المقبور . تمكن من ان يضع أسمه تحت لافتة المعترضين . وأخذ يصرح بآراء تثير النعرات الطائفية , ولا تقل خطورة عن من سوق نفسه بالتزوير والطرق غير المشروعة تحت لافتة القوائم الكبيرة .
العراقي الحقيقي ليس بحاجة الى النسب الصدامية للفوز , والتي تأتي حتماً عن طريق التزوير والخداع . والعراقي الحقيقي ليس بحاجة لأن يضع أسماء حثالات البعث ضمن قوائم الاحتجاج ليضاعف حجم المحتجين .
نناشد كل العراقيين الحقيقيين في كل القوائم , والذين هم اقرب لبعضهم من حثالات البعث وحثالات الطائفية في قوائمهم , أن لا ينساقوا وراء رغبات وأفانين القتلة واللصوص . والشرفاء الحقيقيون كثيرون , ولا يزال القرار بأيديهم . العراق والعراقيون أمانة في أعناقكم , وأن ذهب العراق فلن يعود مطلقاً .
لا عتب على القتلة البعثيين ومن عمل في ماكنتهم . لا عتب على ظالم فقد السلطة ويعيد البحث عنها . العتب على من سيضيع عقود الظلم التي لحقت به و بأهله . العتب على المظلوم الذي يمارس سطوة البعث عندما تهيأت له الظروف .
لايزال الامل موجوداً بحكومة توافق وطني حقيقي تنهض بالعراق من المستنقع الطائفي الذي وضعنا فيه . وليس توافق يعتمد بوس اللحى وأقتسام المغانم . فلا الأنظمة العربية المهترئة , ولا الامريكان وعملائهم , ولا ايران ومرتزقتها ستعوضكم عن العراق . وجماهير العراق هي التي أنتخبتكم , وأوصلتكم .[/b][/size][/font]
 

41
العراق وشعبه قبل اي شئ آخر
تقي الوزان
 Wz_1950@yahoo.com
 
 الخطاب الاخير للرئيس الامريكي بوش , والذي جاء حصيلة اربعة خطابات متتالية حول الوضع في العراق . خلص الى ان امريكا والعالم الحر تخلص من نظام صدام احد اعمدة نظم محور الشر في العالم . وأن العراق في طريقه لبناء نظام ديمقراطي راسخ . وأشاد بالانتخابات العراقية الاخيرة لتوديع المرحلة الانتقالية . وقال ايضاً , ان اميركا وحلفائها سوف لن ينسحبوا من العراق الا بعد ان يتأمن جيش وقوات أمن عراقية قادرة على حفظ النظام . ولن يتركوه لبقايا عصابات النظام المقبور , وعصابات الزرقاوي والتكفيريين الاسلاميين لاقامة إمارات إرهابية على أراضيه .
 كل هذا صحيح وجيد . ولكن السيد بوش وإدارته يعلمون جيداً إن لا عودة للبعث مرة اخرى مع شعب ذاق مرارتهم وظلمهم لثلاثة عقود ونصف .
وبمجرد ان كسرت حلقة سيطرة صدام , فلن تكون له عودة ثانية . رغم كل ما يقومون به من جرائم بشعة سماها البعض مقاومة " شريفة " أما الزقاوي وتكفيرييه فأن شأنهم أقل بكثير . لأنهم يعتاشون على متضرري إزاحة النظام المقبور , ويفتقدون لتحديد أي هدف إنساني . وأي تحسن في الوضع الامني يأتي من إنهاء حالة الاحتقان الطائفي والقومي . ويأتي بدلا عنه التنافس الحر للمكونات السياسية العراقية , سينهي هذه المجاميع , حتى بدون قتال .
 السيد بوش أشاد بالاقبال الكبير للعراقيين على الانتخابات . وأعتبره أكبر علامة لنجاح السياسة الامريكية في العراق . وتجاهل النتائج المترتبة على مثل هكذا أنتخابات , والتي تعتبر هي المحك الحقيقي للنجاح , فيما أذا وضعت العراق في الطريق الصحيح لبناء الديمقراطية , أم وضعته في الطريق الآخر الذي يمزق العراق ويمزق وحدته الاجتماعية .
 النتائج الاولية للانتخابات أكدت بما لا يقبل الشك , أن هذه الانتخابات لا تختلف عن انتخابات صدام أو الانظمة العربية الاخرى بنسبها التسعينية , ووسائل الخداع , وشراء الذمم , والتزوير الذي رافقها . بل وحتى جرائم قتل بحق قوائم اخرى منافسة . مثلما حدث لشهداء القائمة العراقية الوطنية .
واذا كانت نسبة التسعينات تعود لحزب السلطة فقط عند صدام والانظمة العربية الفاسدة الاخرى , مما جنبها الصراع الدامي على السلطة ، فأن نسبة التسعينات في هذه الانتخابات حدثت للاقطاعات الثلاث الشيعة , السنة , والاكراد في مناطق نفوذها . مما زاد في عمق الاحتقان الطائفي الذي كرسه الحاكم الامريكي السابق " بريمر " لمجتمع هش عانى ما عانى من سلطة غاشمة . والذي زاد من الصراع للحصول على أكبر قدر ممكن من السلطة , أن الاصوات الانتخابية هي اللاعب الوحيد في العملية السياسية , دون توفر الاركان الاساسية الاخرى , بناء الدولة , الامن , الاستقرار , إنهاء البطالة , الاقتصاد , السكن , الوعي الاجتماعي والسياسي .......الخ .
 كل هذه النواقص , مع العجلة الامريكية في إقامة دولة ديمقراطية تكون نموذجاً لباقي الانظمة في الشرق الاوسط , جعل من العراق ساحة صراع دولية . وكل دوله تدعم الفئة التي تخدم مصالحها . والصراع الابرز والاشد خطورة على وحدة العراق والعراقيين هو الصراع الايراني الامريكي .
والذي تجسد في النتائج الاولية للانتخابات الاخيرة , والتي عبرها بوش ولم يشر اليها في خطابه كونها العلامة الابرز في فشل السياسة الامريكية في العراق . وأشاد فقط بالمشاركة الكبيرة للعراقيين في الانتخابات .
 الايرانيون ومنذ اليوم الاول لسقوط النظام , دخلوا العراق بكل قوتهم . محددين هدفهم بكل وضوح , أن يكون العراق تابعاً لهم , ويكون الورقة الاقوى بيدهم في تعاملهم مع الغرب وبالذات الولايات المتحدة الامريكية . ومثلما فعلوا عام 1991 عندما دخل بعض رجالهم وحاولوا أن يجيروا الانتفاضة الجبارة لشعبنا لصالحهم برفع بعض الشعارات الطائفية . وكان ذلك قبل سقوط النظام , مما دفع قوات التحالف للتريث بأسقاط النظام , وتركوا صدام ليفتك بالشعب العراقي , وأنسحب الايرانيون الى داخل حدودهم . هذه المرّة دخلوا العراق يوم سقوط النظام .
 لقد دعمت ايران بعض الاحزاب في قائمة الائتلاف الشيعية التي نشأت وتطورت ولا زالت تأخذ رواتب منتسبيها من الاستخبارات الايرانية . وأستخدمت لذلك كل الوسائل ليضمنوا فوز قائمتهم بهذه النسبة الصدامية التي تمكنهم من تشكيل الحكومة . الامريكان الذين شجعوا هذا الانحياز الطائفي في البداية , ظناً منهم بأنه سيمكنهم من لزم العصا العراقية من الوسط , ويتم التحكم من خلاله بباقي الاطراف , ولم يدركوا حجم الاستغلال الايراني للمسألة الطائفية .
 أنكشاف الخسارة الامريكية بهذا الوضوح أمام الانتصار الايراني البين , وضع الادارة الامريكية في موقف لا تحسد عليه . وأعاد الكثير من الأسئله المحرجة , وأولها : لماذا الحرب ؟! ما دام أزاحة صدام سيضع العراق بيد ثاني دول محور الشر ايران . فماذا فعلنا ؟!
 الاختراق الايراني في العراق كبير . والسلطة الحقيقية في العراق بيد الامريكان وحلفائهم , وبتفويض من الامم المتحدة . وزير الدفاع الامريكي رامسفيلد في زيارته قبل يومين الى العراق قال لجنوده بالاستعداد والتمترس بمعسكرات حصينة , وأن الظروف في العراق ربما ستكون صعبة في الايام القادمة , في أشارة لتوقع صدامات كبيرة . وقبل عدة ايام جرت مناورات مشتركة بين القوات العراقية وقوات التحالف على الحدود الشرقية مع ايران .
ويبدو أن تصريح السفير الامريكي زلماي خليلزاده بوجوب أن لا يكون وزير الداخلية القادم طائفي . وتسريب الاخبار عن أعتقال القوات الامريكية لوزير الداخليه السيد بيان جبر لعدة ساعات , والتحقيق معه في عدة أمور , كان أهمها التدخل الفاضح لقوات الامن والشرطة في الانتخابات لصالح قائمة الائتلاف , أول رد فعل أمريكي على هذه الخسارة . والتي يدفع ثمنها العراق وشعبه قبل كل شئ آخر .[/b][/size][/font]
 

42
لن يبقى العالم مشغولاً بالعراق الى ما لا نهايه




تقي الوزان
Wz_1950@yahoo,com

الاحتمال الكبير في هذه الانتخابات هو عدم حصول قائمة "الائتلاف" على الفوز بالنسبة " الساحقة " من الاصوات كما حصل في الانتخابات الاولى . وقد حددت الاسباب لتدني هذه النسبه من قبل الكثير من المراقبين والكتاب , وأهم هذه الاسباب : سحب تأييد المرجعيه الدينيه في النجف , والتأكيد على حرية الناخب بأنتخاب ما يراه صالحاً لخدمة الناس والوطن , وبغض النظر عن انتمائه . ثم يأتي فشل الحكومه التي شكلتها قائمة "الائتلاف" وعلى كافة الصعد . وأهمها أستفحال حالة المليشيات التي تم الاتفاق على حلها سابقاً . وأدى هذا الاستفحال الى تدهور امني خطير , لم يكتفي بالأعمال الارهابيه للقتله من البعثيين والتكفيريين , بل اوجدت سلطات متعدده تعود لهذه المليشيات , ومتوازيه مع سلطة الدوله . وتجد هذه السلطات متجاوره ليس على مستوى حي سكني وآخر , بل في الحي الواحد , وفي كثير من الاحيان في الشارع الواحد تجد مفرزه تعود لأحد الأحزاب توقف وتفتش وتبحث عن مسأله معينه , وبعد خمسين متراً تجد مفرزه أخرى توقف وتفتش وتبحث عن مسألة أخرى . والمواطن لم يجد طريقاً واحداً سالكاً , بل سدت عليه حتى الطرق الفرعيه والازقه . مما كفره بالكثير من مقومات قائمة " الائتلاف" التي تقود الحكومه . وسبب آخر مهم ايضاً, وهو عودة أغلب المقاطعين للعمليه السياسيه في المنطقه الغربيه , ودخولهم في العمليه الانتخابيه . وبالتأكيد سيحصلون على نسبه من الاصوات يتم استقطاعها من نسب القوائم الاخرى .
من ناحيه أخرى الخلافات والصراعات بين مكونات قائمة "الائتلاف" نفسها . وهذه الصراعات ليست نتيجة برامج وأيدولوجيات مختلفه كما حصل لجماعة المؤتمر العلمانيه وأعلنت أنفصالها عن القائمه . بل نتيجة صراعات شخصيه , وطموحات غير مشروعه في الكثير منها . وقد جّرت هذه المليشيات الى القتال فيما بينها في كثير من الاحيان . والتوافق الذي يلف القائمه في الوقت الحاضر هو لضروره أنتخابيه , غرضها الحصول على أكبر قدر ممكن من الاصوات . وأشار بعض الكتاب لوجود اداره خفيه توجه القائمه وتتحكم بتحديد مساراتها في المنعطفات الحاده مثل الانتخابات . وهذه الاداره أكبر حجماً , وأكثر سطوه من أدارة الاحزاب المؤتلفه في القائمه , بأشاره الى ايران .
على هذه الخلفيه يقول السيد عبد العزيز الحكيم رئيس قائمة" الائتلاف " : هناك خشيه حقيقيه من وقوع حاله من التزوير والتلاعب بأصوات العراقيين . موضحاً ان هذه الخشيه تأتي من عد الاصوات بعد اجراء الانتخابات . ونحن نضيف ان الخشيه الاكبر هو من مصادرة اصوات العراقيين اثناء عملية الانتخاب . ان تخويف وترويع الناخبين , والاساءات للمرشحين للتنفير منهم . وترويج الشائعات حول نشوب اضطرابات في بغداد ومدن وسط وجنوب العراق في حال عدم فوز قائمة "الائتلاف " الشيعيه لتخويف الناخبين ومنعهم من التصويت لقوائم اخرى منافسه . كلها وسائل بعيده عن الديمقراطيه" لكسب" الاصوات . كذلك ازالة الملصقات الانتخابيه الخاصه بالقائمه" العراقيه الوطنيه" برئاسة رئيس الوزراء السابق اياد علاوي يهدف منع الناخبين من الاطلاع على برنامجها الانتخابي .
في الانتخابات الاولى كان الخطر من تهديد القوى الارهابيه الوافده بأسم الدين , وبقايا النظام المقبور , والقوى التي قاطعت العمليه السياسيه وأرادت افشالها بكل الطرق . ولم تكن هناك عمليات اغتيال بين اطراف العمليه الانتخابيه نفسها للناشطين في قوائم منافسه اخرى . كما حصل لبعض الناشطين في القائمه" العراقيه الوطنيه " .
في الانتخابات الاولى جرت المصادره لصوت الناخب عن طريق غطاء المرجعيه أو تزوير الاوراق الانتخابيه , اووضع أكثر من علامه على الورقه لغرض اسقاطها . وكذلك في احتساب عدد الاصوات ولفلفتها لصالح القوائم الكبيره وعلى رأسها قائمة " الائتلاف" . في وقتها قالت المفوضيه العليا للانتخابات بأنها لاتمتلك الخبره والآليه لايقاف هذه التجاوزات . واليوم تمتلك الخبره ولكنها لاتمتلك الآليه لايقاف هذه التجاوزات وفي ظل جديد أقوى وأشرس من الظلال التي سبقته . الا وهو ظل المليشيات .
السيد عبد العزيز الحكيم طالب قوات الاحتلال وعلى رأسها القوات الامريكيه بعدم التدخل في العمليه الانتخابيه , وذّكر بكلمات الرئيس الامريكي بوش بضرورة بناء الديمقراطيه في العراق . ونحن نضيف صوتنا اليه ونطالب بعدم التدخل من كل القوى الاجنبيه وعلى رأسها ايران . وأن يترك الخيار حراً للناخب العراقي بعيداً عن التهديد والارهاب .
فهل سنكون بمستوى شرف طلباتنا ؟! وتجري العمليه الانتخابيه بيسر , ونودع المرحله الانتقاليه بأمان . ان قوات الاحتلال والعالم لن يبقى مشغولاً بالعراق الى مالا نهايه . واللحظه التاريخيه التي وجد العراق نفسه بها لن تتكرر , ولن تستمر أطول . وعلينا أستغلالها بحدود الممكن . ونبني دولتنا المعاصره على اسس الحضاره الحديثه والمتماشيه مع اهداف تحرير العراق التي ناضلنا سوية لأجلها . وليس لأجل استبداد آخر . وحتى لاننسى شهداء انتفاضتنا الجباره في عام 1991 , وكيف تركت قوات التحالف وقتها صدام ليفتك بها بعد ان رفع بعض المتسللين اليها شعارات بعيدة عن الوطنيه .

 [/b]

43
الله في عون العراق
تقي الوزان
Wz_1950@yahoo.com

يقول بعض الاخوة من دعاة قائمة "الائتلاف" سواء بكتاباتهم أوتصريحاتهم أن الامريكان ضخموا وهولو من شأن سجن ملجأ الجادرية . وجعلوا منه فضيحة يستندون عليها في محاربة الحكومة العراقية التي تقودها قائمة "الائتلاف" لغرض إسقاطها , ووضع العراقيل أمام قائمة الائتلاف وتشويه سمعتها ونحن على أبواب الانتخابات الثانية .
الكل يعرف الادارات الامريكية المتعاقبة الديمقراطية منها أو الجمهورية , بأنهم يمثلون مصالح أعتى رأسمال عالمي . ويستخدمون كل الوسائل الشريفة وغير الشريفة لتحقيق هذه المصلحة . فلا وجود للاخلاق عندهم . ومثلما يستخدم بعض الاسلاميين " الحيل الشرعية " للالتفاف على تعاليم الاسلام الحنيف , ومن بينها عدم تعذيب الاسير والسجين .
يستخدم الامريكان كل الوسائل للالتفاف على الاتفاقيات التي وقعوها مع المؤسسات الدولية مثل " حقوق الانسان" وغيرها .ولذا نجد الاحتجاجات والمظاهرات ترافق إجتماعات ونشاطات الرئيس الامريكي أينما حل وفي أي بلد يذهب اليه . خاصة النشاطات المتعلقة بالعولمة , والتي تهدف لسلب وإقتسام العالم في أغلب جوانبها .

المشكلة ليست بما يقوله الامريكان , بل بالواقعة الفضيحة نفسها . فهل لا يوجد السجن , والسجانين , والمسجونين ؟! وآثار التعذيب , والكلام عن "الدريل" والمنشار الكهربائي , والاهم الادارة السياسية لهذه الممارسة , وذهنية البطش والانتقام .
يقول المسؤولون عن هذه الفضيحة , وتحديداً وزير الداخلية : أن مجموع الذين عذبوا لايتجاوز عددهم سبعة عشر شخص . ويسأل مستغرباً : فعلام هذا الصخب ؟! .. عندما سؤل طارق عزيز عن مصير الستمائة أسير كويتي من قبل لجنة متابعة الاسرى المشكلة من قبل هيئة الامم المتحدة . هز يده وسأل مستغرباً أيضاً : ست ميه شنو ؟! إحنه راحو من عدنه ست الاف وما حجينه .
والمثير أكثر للقلق أن السجناء لا تعرف بهم أية جهه قضائية , ولا المسؤولين الكبار في الدولة . بما فيهم رئيس الوزراء الذي أمر بتشكيل لجنة لمعرفة ملابسات القضية , وتخليص ذمته منها . ويقولون أيضاً أن هؤلاء المساجين من المجرمين والقتلة وبقايا النظام المقبور الذين يقومون بأعمال التمرد وقتل الابرياء .
وليكن هذا صحيحاً . فعلام لاتعرف الجهات القضائية , ومسؤولي الدولة الكبار ؟ وما ضرورة التعذيب بهذه الوحشية ما دام الوزير يقول أن لديه الادلة الدامغة بأدانتهم .
ويضيف قائلاً : أنه أصدر الاوامر ل"ضباطه" كما يسميهم – وليس ضباط وزارة الداخلية – بعدم ضرب أي مواطن . اذاً من الذي فعل هذه الافعال المشينة , والتي لا يفعلها الا السقطة من ذئاب الامن العامة والمخابرات البعثية وفدائي صدام .
في أتعس تبرير لبعض دعاة قائمة "الائتلاف" :أن الذين يشرفون على هذا المعتقل السري هم من ضباط النظام السابق . الذين جاء بهم أياد علاوي , وأعادهم للخدمة . ونحن نعرف أن "التطهيرات" التي قامت بها قائمة " الائتلاف" للوزارات شملت ليس المدراء العامين والموظفين فقط . بل حتى " الجايجية" . فكيف توجد مثل هذه المؤسسة السجنية الكبيرة ولم تعرف بها وزارة الداخلية التي استقتل " المجلس الاعلى" للحصول عليها أثناء تشكيل الوزارة , وتحاصصها ؟!
الامريكان رغم "سفالتهم" فقد إعترفوا وأدانوا التعذيب في سجن "أبو غريب" . وأن السجناء ايضاً من المجرمين والقتلة وأدوات البعث المقبور في سفك دماء أبنائنا . والذي كشف فضيحة التعذيب في أبي غريب هم الامريكان أنفسهم . والامريكان ايضاً من كشف فضيحة التعذيب في الجادرية . الامريكان حاكموا وأصدروا عقوباتهم بحق من إرتكب جرائم التعذيب رغم "سفالتهم" . السيد وزير داخليتنا لايزال يدافع عن " ضباطه " ومنتسبي أدارته في هذه الفضيحة .
أن مرارتنا وخيبتنا لم تأتي من سفالة الامريكان وممارسات وزير داخليتنا وضباطه . فهذه نعرفها جميعاً . بل من أعمدة قائمة "الائتلاف" وخصوصاً من عمل في مجالات" حقوق الانسان " . وما يلفت النظر إن شخصاً مثل الدكتور أكرم الحكيم الذي عمل أغلب سنوات غربته في منظمات حقوق الانسان , وعرف بدفاعه المستميت عن مظلومية الشعب العراقي .
وكنا نقرأ مقالاته المسبوكة والمرصوفة بالدفاع عن كل المظلومين . كان هذا أيام البعث المقبور . وحتى في أيام وزارة علاوي , فقد نشر رساله بعث بها الى وزير حقوق الانسان السابق السيد بختيار أمين يطالبه فيها بالاستقالة احتجاجاً على التعذيب " الوحشي" الذي تعرض له سجناء " أبو غريب" . وقال له بالنص : "عار عليك البقاء في الوزارة " . ويذكره بأيام النضال التي جمعتهم سويه بالدفاع عن حقوق الانسان العراقي المظلوم .
بعد الانتخابات الاولى , ومجيئه كأحد أعمدة قائمة "الائتلاف" الى الجمعية الوطنية تغيرت الصورة بالكامل . حتى أسلوبه في الكتابة تغير . وبدل الرصانة والسبك الجيد , كتب مقالة هزيلة في الفترة الاخيرة يوضح فيها ويؤكد وجود صفقة مالية بين رئيس الجمهورية جلال الطلباني ورئيس الوزراء إبراهيم الجعفري من جهة , والمجرم برزان التكريتي من جهة اخرى .
وأن مرض برزان كذبة . وبرزان هو الشخص المسؤول عن أغلب أموال النظام المقبور , ولا يجري صرف هذه الاموال من البنوك السويسريه الا لصاحب المال ذاته .
ما ينبغي قوله أن أبرز الاعمدة"الانسانية " لقائمة "الائتلاف " هو الدكتور أكرم الحكيم . ونترك مسألة عدم ادانته للتعذيب في الجادرية – حتى ولو لذر الرماد في الاعين – لأنها لا تأتي ضمن اهتماماته الان . ولكن لم يسلم منه حتى زميله الذي هو من أبرز الاعمدة في قائمة " الائتلاف" ورئيس الوزراء الدكتور إبراهيم الجعفري , وأتهامه بهذا الشكل. ويقول البعض مبرراً هذا الهجوم : أن الدكتور الحكيم يسعى لان يكون هو المرشح لرئاسة الوزراء إن فازت قائمة "الائتلاف" في الانتخابات القادمة .
اذا كان الاداء بين أعمدة "الائتلاف" بهذا الشكل ؟! فما بالك بالاخرين ؟! ويصبح مفهوماً سلوكيات مليشيات أحزابها التي رفضت أن تحل نفسها . الله في عون العراق والعراقيين أن فازت هذه القائمة مرةً أخرى بالنسبة " الساحقة " .[/b][/size][/font]


44
تضامناً مع أحتجاجات أربيل
تقي الوزان
Wz_1950@yahoo.com

الاكراد شعب الله المختار , ولكن للحرمان والمرارات وسلب الحقوق . منذ أكثر من ستين عاماً والشعب الكردي في العراق يخوض غمار الحروب. عدا بعض الفترات القصيرة. فمنذ الثورة الاولى لأب الحركة الوطنية الكردية المعاصرة المرحوم الملا مصطفى البرزاني والشعب الكردي لم يبخل على الثوار والمقاتلين بأي شيئ .
ولولا وجود مثل هذا الشعب الوفي , والذي يمتلك كل مقومات الخير والأمل لما أستطاعت القوى السياسية وحركاتها المسلحة من الاستمرار في النضال طيلة هذه العقود .
الشعب الكردي نموذج حقيقي لنفسية العراقي البسيط , الطيب , المتعايش بود مع كل التنوعات التي نشأ وسطها . وقد خدم الشعب الكردي في المحافظة على أغلب هذه الصفات ، خروجه المبكر من سيطرة النظام الفاشي المقبور منذ بداية التسعينات على اثر انتفاضة عام 1991 التي عمت أغلب المدن العراقية . والتي جاءت كرد على ظلم النظام وعلى عار الهزيمة المدوية لجيوشة في الكويت على يد قوات التحالف .
أنتقاماً لهزيمته .
أجتاحت قطعان قواته من الحرس الخاص كل المدن المنتفضة بحملة دموية قل نظيرها في التاريخ المعاصر . كانت حلبجه والانفال البداية المروعة لما يمكن ان تكون عليه حرب ابادة الشعوب . ومع شراسة حرب الابادة لكل ما يشعر به انه يشكل خطورة على بقائه في السلطة , أضطرت دول التحالف لفرض مناطق محمية من طيرانه الحربي في الشمال والجنوب .
في الشمال وفي كردستان تحديداً لم تتمكن قواته الارضية من فرض سيطرتها كما في الوسط والجنوب , لوجود قوات البيشمركه وتمركز قيادات الاحزاب الكردية والحزب الشيوعي في جبالها المحصنة . ويعني هذا عدم خلو الساحة من التنظيمات السياسية التي تشكل العمود الفقري لكل حركة وطنية .
أمام هذه الصعوبة في السيطرة على كردستان سحب النظام المقبور كل أجهزة الدولة الادارية . ظناً منه بأن حالة الفراغ التي سيتركها في الاقليم ستدفع المكونات الحزبية والعشائرية الى حرب أهلية لا تبقي على شئ .
وبعد استنفاذ كل الطاقات في هذه الحرب سيعود للسيطرة عليها وأدارتها بالشكل الذي يريده . الا ان وعي الشعب الكردي وتنظيماته السياسية تمكنت من إيجاد صيغ إدارية ولو بشكل بسيط عوضت عن فراغ الادارات الحكومية . وتمكن الشعب الكردي من تجاوز هذه المعضلة رغم كل النواقص التي رافقتها .
الادارات الجديدة أخذت أشكال السيطرة الحكومية لصالح تمركز الحزبين الكبيرين . الاتحاد الوطني الكردستاني بقيادة جلال الطالباني في ادارة السليمانية , والحزب الديمقراطي الكردستاني بزعامة مسعود البرزاني في ادارة اربيل ودهوك .
وتمكنت هذه الادارات من إجراء الانتخابات الاولى .
في هذه الانتخابات التي اتسمت بالاستئثار الانتخابي بعد تذوق حلاوة السلطة والجاه . جرى اقتسام الاصوات الانتخابية بأتفاق غير معلن وغير مكتوب بين الحزبين الكبيرين , لتعلن النتائج المعروفة وقتها " فيفتي فيفتي " الشهيرة .
ويتم تجريد باقي الاحزاب الكردية من ايجاد ممثليها داخل البرلمان, نتيجة الاتفاق بين الحزبين الكبيرين ايضاً على وضع نسبة مئوية عالية للفوز كشرط لدخول البرلمان . وهنا وقع المحذور , فقد تمدد الاستئثار بعد تشكيل البرلمان والحكومة ليشمل بسيطرته باقي مكونات الحياة الكردستانية .
تصادم المصالح الحزبية والشخصية الضيقة أشعل الاقتتال بين الاخوة في الحزبين الكبيرين , وترك مآسي وجروح لاتقل بشاعة عما تركته سنوات النظام المقبور . وحرمت الشعب الكردي من فرصة حقيقية لبناء وحدته القومية في كردستان العراق . وطيلة سنوات الاقتتال جرت وساطات وطنية كثيرة لأنهاء هذا الصراع , وبدون جدوى .
الى ان حصل التدخل الامريكي بعد اقرار قانون تحرير العراق في الكونغرس الامريكي عام 1998 , والتمهيد لاجتياحه من خلال عدة خطوات كان أولها إنهاء النزاع المسلح بين الحزبين الكبيرين .
جرى في الفترة الاخيرة إستقبال الرئيسين جلال الطالباني ومسعود البرزاني في البيت الابيض الامريكي . ونوقشت معهما خطوات تطور العملية السياسية في العراق , وأعادة تأسيس وتأهيل المؤسسات الحكومية . وجرى التطرق الى ضرورة توحيد الادارتين .
وتسربت الاخبار بأن توحيد الادارتين سيتم , ولكن بدون توحيد أربعة وزارات هي "البيشمركه, الداخلية, المالية, العدل" فأي توحيد هذا؟! الامريكان على عادتهم يريدون ما يخدم مصلحتهم . وأن يؤكدوا نجاحهم بالمحافظة على وحدة العراق تحت رعايتهم وإحتلالهم . ولتبقى كل الالغام لأستعمالها عند الحاجة اليها بما فيها الادارتين الكرديتين .
نحن نعتقد بأن هذه الوزارات الاربعة هي جوهر التوحيد , وتمثل القلب النابض لوحدة الشعب الكردي في الاقليم الواحد .
أضافه الى ان أحد أسباب تأخر تنفيذ المادة "58" من قانون ادارة الدولة , والخاصة بحل مشكلة كركوك يتطلب تشكيل لجنة وزارية مشتركة من الحكومة المركزية وحكومة الاقليم . وفي عناوين هذه اللجنة وزارات الداخلية والمالية والعدل . فكيف سيتم تشكيل هذه اللجنة المشتركة ؟!
نضم صوتنا للاصوات المحتجة على الفساد الاداري والسياسي في أربيل . ونطالب بتوحيد الادارتين بشكل حقيقي , وبعيداً عن المصالح الحزبية والشخصية الضيقة . وبعيداً عن الاملاءات الامريكية التي أقتضت تحويل عاصمة كردستان العراق من " قدس الاقداس" كركوك الى أربيل قبل معرفة نتائج تنفيذ المادة"58"الشهيرة . [/b] [/size][/font]

45
الأنتخابات بين "الدين والدنيا" وحراب المليشيات
تقي الوزان
Wz_1950@yahoo.com

منذ الانتخابات الاولى ولغاية الانتخابات الثانية التي ستجري في الخامس عشر من كانون الاول القادم يكون قد مضى ما يقارب السنة . وفي هذه الفترة القصيرة جرت مياه كثيرة وسريعة . وروافد عدة نرجو لها ان تستمر في تواصلها وصبها في النهر الديمقراطي العراقي . الذي سيوصلنا حتماً لبناء العراق الحر المعاصر . ونرجو ان يكون هذا التواصل بالشكل الصحيح ولا تسرق مياه الروافد لهذه الجهة أو تلك , أو تحرف مجاريها لهذه الدولة او تلك .                                 
مثلما هو معروف فقد جرت الانتخابات الاولى بشكل سريع . ولنخب سياسية لم تشارك في اسقاط النظام بشكل مباشر . فإسقاط النظام تم على يد قوات الاحتلال,  وبمساعدة الجيش العراقي الذي تخلى عن صدام وتسرب منتسبوه الى مدنهم وعوائلهم .   
جرت الانتخابات في ظل بروز السيد علي السيستاني كسلطة روحية بديلة عن السلطة الغاشمة . توجه وتقود أغلب العراقيين في الوسط  والجنوب . والذين خرجوا لتوهم من جبروت النظام المقبور , ووجدوا في الاندفاع المذهبي تعبيراً عن حريتهم وخلاصهم , ليلحقوا بالاخوة الاكراد الذين سبقوهم بحريتهم القومية . وتمكن السيد السيستاني من توحيد قائمة الائتلاف , وإنهاء , أو تجميد التناقضات بين مكوناتها من جهة ، ومن جهة أخرى أستطاع القضاء على محاولات الجماعات السلفية من التكفيريين السنة وعصابات البعث المقبور لإشعال نيران الحرب الاهلية .                     
الأنتخابات الاولى التي أصر السيد علي السيستاني على أجرائها مبكراً , يمكن أن نسميها أنتخابات السيستاني . وهذا ليس تقليلاً من شأنها . . بالعكس , فقد كانت الخطوة الاولى في المسيرة الجماهيرية رغم كل النواقص التي رافقتها . وبمباركة السيد السيستاني توجهت أعداد كبيره من الناخبين مخاطرين بحياتهم لتمنح أصواتها للنخب الجديدة , وتعطيها الشرعية.

أمام هذه اللوحة جرى إختزال الوحدة الوطنية - بالتناغم مع رغبات قوات الاحتلال - الى مكونات ثلاث [ السنة والشيعة والاكراد] . السنة قاطعوا الانتخابات للاسباب المعروفة . فظهر فوز القائمتين الكبيرتين على التوالي الشيعية والكردية. ولم تتمكن القوى العلمانية واليسارية والليبرالية في وقتها من توحيد صفوفها , مما شتت اصواتها .                         
لقد تأخر تشكيل الحكومة بين القائمتين الفائزتين الشيعية والكردية لأكثر من ثلاثة أشهر . وعكس هذا التأخير بشكل مبكر حقيقة التناقض بين القائمتين . وتجلى ذلك واضحاً في الفشل الكبير الذي رافق أداء حكومة الدكتور ابراهيم الجعفري طيلة الفترة السابقة .
ليس بتدهور الأمن والحالة المعيشية والخدمات فقط ،  بل بتقاسم النفوذ والسلطة بين مليشيات الاحزاب المكونة للحكومة . والتي رفضت أن تحل نفسها حسب الاتفاق السابق . وهذه النقطة هي الاخطر على مسيرة الديمقراطية في العراق .
خاصة إذا علمنا إن بعض هذه المليشيات مخترق من قبل المخابرات الايرانية . ويجري تسيير هذا البعض وفق مصلحة حكومة ولاية  الفقيه الايرانية.                                                                     
اليوم وقد أنجز الدستور , وتمت الموافقة عليه . وبإنتظار الأنتخابات القادمة التي سنودع فيها المرحلة الانتقالية وننتقل لمرحلة الثبات وإكمال البنى القانونية للدستور . ومع كل تطور وإنجاز يصاحب عملية بناء المؤسسة السياسية العراقية ترتفع درجة الصراع مع القوى المتضررة من بقايا النظام المقبور , والتي تحاول إيقاف عملية التطور بأي ثمن . وكذلك الصراع القائم بين مكونات الحركة الوطنية التي دخلت العملية السياسية السلمية .                                           
ومن أهم المياه التي جرت ونحن على أبواب الانتخابات الثانية هو سحب تأييد السيد علي السيستاني والمرجعية في النجف لأي قائمة أو جهة أو حزب يدخل الانتخابات . في خطوة موفقة لترك الناس بإختيار ممثليهم وعدم مصادرة حريتهم. كان ذلك من خلال بيان السيد السيستاني الذي حث الشعب فيه على انتخاب من يمثله في [دينه ودنياه] .[ دينه ودنياه ] ستؤل على أنها إشارة وتحبيذ لقائمة الطائفة الشيعية "الأئتلاف".
وعليه يرجى إلحاقها بفتوى أو بيان آخر أوضح يؤكد عدم إنحياز المرجعية لأي جهة سياسية . وحتى لايبقى الناخب الشيعي في حيرة من أمره أولاً , وثانياً أن لا تستغل المرجعية مرةً اخرى من قبل دعاة قائمة الائتلاف التي أحبطت آمال المرجعية في إدائها الحكومي الفاشل , بعد إنحياز المرجعية لها في الانتخابات الاولى .                                                                                             
يندهش الكثيرون كيف تمكنت قائمة "الائتلاف" بالدخول مرة ثانية الى الانتخابات رغم كل التناقضات التي بين مكوناتها. والتي وصل الصراع بين بعض أطرافها الى لغة السلاح. ويرجع أحد الاخوة الكتاب الى امكانية السيد عبد العزيز الحكيم السياسية في لم شمل القائمة .
وما من شك أن السيد عبد العزيز الحكيم فاشل بكل معنى الكلمة من الناحية السياسية . وحتى لا يؤول الكلام بشكل سلبي. نعرف ان السيد عبد العزيز الحكيم هو شخص عالي المبدئية .
والصلابة المبدئية هي عكس المرونة السياسية. ومبدئية السيد الحكيم في انتمائه المذهبي ليست بحاجة الى دليل. وكلنا نذكر رئاسته في الدورة الشهرية لمجلس الحكم المنحل. وأبرز ممارستين له .
الاولى مطالبته بتعويض إيران بمائة مليار دولار. والثانية إصدار القرار 137 الذي يحرم المرأة من حقوقها التي حصلت عليها إبان ثورة تموز قبل ما يقرب النصف قرن .         
يقول البعض الاخر أن إستمرار قائمة الائتلاف يعود الى جهة اخرى لها إمكانية السيطرة والتوجيه أكثر من امكانية الأفراد. 
وما دامت الاتجاهات غير معروفة النتائج كما جرى في الانتخابات الاولى . فسيكون للمليشيات التي رفضت حل نفسها , والتي تعمل تحت ظل الحكومة ، اليد الطولى في تحديد وجهة الناخب . ولن تستطع المفوضية العليا للانتخابات , ومراقبي الامم المتحدة والهيئات الدولية , وممثلي الكيانات السياسية العراقية أن تفرض شروط النزاهة على الانتخابات , طالما تبغي هذه المليشيات الحصول على النسبة الاكبر للاصوات . سواء بتخويف الناس أو بالتزوير أو إستخدام السلاح اذا إقتضت الضرورة . ولابد من إيجاد صيغه تمنع وجود هذه المليشيات في المراكز الانتخابية .
وحبذا لو أصدرت المفوضية العليا للانتخابات قانون يسقط  مجموع الاصوات التي تحصل عليها أية قائمة تستخدم مليشياتها في المنطقة المحددة لهذا الاستخدام . والا سيطعن في شرعيتها ليس لكونها تجري تحت سلطات الاحتلال . بل تحت حراب المليشيات .  [/b] [/size] [/font]

46
المنبر السياسي / طريق الحريري
« في: 22:06 24/10/2005  »
طريق الحريري
تقي الوزان
Wz_1950@yahoo.com

أدعو كل العراقيين من كل الاديان والمذاهب لقراءة سورة الفاتحة أو أشعال شمعة  ترحماً لروح الشهيد رفيق الحريري .
رفيق الحريري الذي كان وراء أصدار القرار 1559 من مجلس الامن أو بدعم منه . القرار الاممي الذي ينتصر لاستقلال لبنان ويخرجه من دائرة التبعية السورية . رفيق الحريري الذي رفض التمديد غير المشروع لدورة رئاسية جديدة للرئيس اللبناني الحالي , وترك رئاسة الوزراء انتصاراً للارادة اللبنانية الحرة , ورفض الارادة الغاشمة لسلطة البعث السوري .
أقل من هذه المواقف بكثير تدفع النظام الفاشي لاتخاذ قراره بالتخلص من هذه الشخصية الفذة بأرتكازها على الصخرة اللبنانية الثابتة . كانت معادلتهم اما لبنان او الحريري . ولم يعرفوا أن الحريري هو لبنان . أغتالوا الحريري فأنتفض لبنان .
وجاء القاضي الالماني مليتس مفوضاً من هيئة الامم المتحدة للتحقيق في حادثة الاغتيال . وتمت الموافقة عليه من كافة الاطراف , بما فيها الطرف السوري . وبعد اجراء التحقيق , توصل لتأكيد الشكوك التي رافقت سلوكية النظام السوري خاصةً في السنوات الاخيرة . وأثبت التحقيق مسؤولية الجهاز الامني السوري وتابعه اللبناني عن عملية الاغتيال . ووضع التقرير النظام السوري برمته في النفق المظلم , ولا تكفي الفتحة التي في نهايته لخروج النظام السوري البعثي منها سالماً . بل تكفي لخروج الافراد بما فيهم رئيس الجمهورية بشار الاسد . وفي نفس الوقت يضع في حسابه للذي ينوي الخروج أن ميلتس يقف خلف الفتحة أيضاً . لأن الامم المتحدة مددت مهمته للشهرين القادمين .
نحن الان بأنتظار نهاية العد الى العشرة , بعد ضربة ميلتس التي أسقطت النظام السوري أرضاً . وكيف سيقف مترنحاً بأنتظار ما تقرره لجنة الحكام في هيئة الامم المتحدة . والتي ستنهي النزال بسبب عدم اهلية النظام السوري لمواصلة اللعب .
أذا كان تقرير مليتس قد انتصر للشعب اللبناني وجرم قاتلي الشهيد رفيق الحريري . وعمق من تثبيت الحقوق المشروعة لحرية لبنان واستقلاله . فقد زاد من فسحة الامل التي تراود الشعب السوري الشقيق في التخلص من جبروت النظام الفاشي الذي كبس انفاسه لاكثر من اربعين عاماً . واذا كان تأثير التقرير على الشعب اللبناني والسوري بهذا الحجم فأن أنعكاسه على الوضع في العراق سيكون أسرع في تأثيره الايجابي المنشود .
منذ سقوط توأمه الفاشي في العراق في 9 نيسان 2003 والنظام السوري لم يدخر جهداً في تصدير الموت المجاني للعراقيين . سواء بتوفير الملاذ الامن لبقايا قيادات البعث والمخابرات الصدامية وتقديم الدعم اللازم لهم للاستمرار في اعاقة تقدم العملية السياسية في العراق , أو بأستقبال أغلب المتطرفين التكفيريين في مطار دمشق وتسريبهم الى داخل العراق ليكونوا قنابل موقوته تفجر وسط التجمعات العراقية .
لقد طالب مجلس الحكم المنحل وبعده حكومة علاوي , ثم الحكومة المنتخبة الحالية , ومعهم الحكومة الامريكية وحكومات قوات التحالف بالكف عن هذه الممارسات الدموية . والكف عن كل هذا الحقد والعداء . وأن عدم الاستقرار في العراق سينسحب في النهاية على كل المنطقة , وأول المتضررين هي الشقيقة سوريه .
وبدون اية فائدة , جرى نكران كل شئ . مثلما تم نكران اية علاقة بأغتيال الحريري ورفاقه والصحفي سمير قصير وجورج حاوي والاعلامية مي شدياق التي فقدت نصف جسدها .
اليوم جاء تقرير مليتس ليخلصنا من فوهة النار هذه . وسيكون ابرز انعكاساته في هبوط الروح المعنوية لحثالات البعث الفاشي المقبور وعصابات السلفيين . اليوم البعث السوري مترنحاً ومدافعاً عن نفسه وليس لديه الوقت لامداد القتلة خارج ساحته .
ومن المحتمل انه سيستقتل سويةً مع هؤلاء القتلة . وهذا احتمال ضعيف لانه يدرك ان هذا سيعجل بانتحاره . ستشل وتقطع اهم امدادات الارهاب في العراق وفي الزمن المنظور . من الان فصاعداً سوف لن نحتاج الى هيئة اجثاث البعث . لأن هيئة الامم المتحده ودول التحالف ستتبنى هذه الفكرة , وسيقلع من جذوره السورية . ستتراجع كثيراً متطلبات حثالات البعث – التي اختطفت اسم السنة – من الحركة الوطنية العراقية .
واحتمال كبير قائم لنجاح مشروع عمر موسى لأن مطاليبهم التي كانت ليست لها نهاية , ستكون معقولة هذه المرّة بعد تقرير ميلتس وتداعياته خلال هذا الشهر . وعلى الساسة العراقيين المشاركين في هذا اللقاء ان يدركوا هذا التراجع حتى يجري تحجيمهم وحصرهم في الزاوية التي يستحقونها , ودق الاسفين بين من يدعي النظافة وبين القتلة المجرمين . كثيرة هي تداعيات تقرير مليتس على الساحة العراقية , والتي ستكشفها الايام القادمة .
نأمل أن يتمكن الشعب السوري الشقيق من تحقيق نظام حكم ديمقراطي بأسرع وقت ممكن . ونأمل من الحكومات الديمقراطية القادمة - كما تدل المؤشرات – في العراق وسوريه ولبنان من انشاء الطريق البري الحديث الذي يربط الدول الثلاث ويسمى " طريق الحريري " تخليداً لذكرى هذا السياسي الشريف الذي خدم المنطقة حتى في استشهاده خدمة قل نظيرها . [/b] [/size] [/font]

47
لايوجد غير الأدعاء

تقي الوزان
wz_1950@yahoo.com

لاشك أن السيد ابراهيم الجعفري رئيس الوزراء يرغب ان يقف العراق على رجليه . وأن تتحسن اوضاعه الامنيه , والاقتصاديه , والصحيه – خاصه وانه طبيب - ورغبته ان يقترن هذا النجاح بشخصه . بأعتباره أول رئيس وزراء عراقي منتخب . ولا احد يشك بذكائه , ووطنيته , ولباقته في الكلام . وكلنا نذكر السباق المارثوني الذي دخله للحصول على المنصب . لقد قطع الوعود الكثيره لمكونات قائمته "الائتلاف" الشيعيه , من احزاب وشخصيات متنوعه . جهد القائمون عليها ان يكون ديكورها من كل مكونات الشعب العراقي . لتوحي بشمولية التعبير عن مصالح كل الفئات العراقيه . أضافه للوعود التي قطعها للقائمه الكرديه المؤتلفه معه في تشكيل الحكومه . الا ان القائمه الكرديه علمانيه ,
لذا قرنت الاتفاق بوثيقة عمل موقعه من قبل الطرفين , ولم تكتفي بالقسم والذهاب الى مراقد الائمه لتثبيت الاتفاق . كما كان يفعلها احمد حسن البكر وصدام عندما ذهبا الى مرقد العباس وأقسما على عدم خيانة احدهما للأخر . لذا تمكنت القائمه الكرديه ان تحاسب السيد رئيس الوزراء , وتوقفه عند حده عندما اخل بشروط الاتفاق . وأخذ يتصرف بفرديه , وتسابق مع رئيس الجمهوريه لمن يحظي بأبهة تمثيل العراق في الخارج . بعكس بعض الاطراف الحليفه عن طريق القسم ومراقد الائمه التي لم تستطع ان تحرك ساكناً عندما حرمها مما وعدت به . عدى الاطراف القويه والقائده في القائمه .
ويبدو ان السيد الجعفري لايتألم لهذا الفشل الكبير الذي يرافق عمل الحكومه , وأنعكاساته المأساويه التي عمقت في حرمانها الكثير من المستلزمات الضروريه لمعيشة البشر عن ايام النظام المقبور . لأنه مشغول بأمور أكثر جوهريه . ان اهتمامه المتواصل بملئ أفق أبهة السلطه جعله يضحي بالكثير من رغباته الدفينه لمساعدة هذا الشعب المنكوب . وفي التراث الشيعي الكثير من اللوعات المتبادله بين موقفين . ويروى أن فاطمه بنت الحسين قالت : دخل علينا العامه الفسطاط – بعد مقتل ابيها – وأنا جاريه صغيره وفي رجلي خلخالان من الذهب . فجعل رجل يفض الخلخالين من رجلي وهو يبكي .
فقلت : ما يبكيك يا عدو الله ؟
قال : كيف لا أبكي وأنا أسلب أبنة رسول الله !
فقلت : فلا تسلبني .
فقال : أخاف أن يجئ غيري فيأخذه .
ولا اعتقد ان خلخالين أبنة رسول الله أهم من رئاسة وزراء هذا الشعب المنكوب .
ويبدو ان الفشل الذي رافق حكومة الجعفري من اول يوم تشكيلها ولحد الان في اهم الملفات وأكثرها سخونه الامن , الفساد , المليشيات ...ألخ . سيدفع هذه الحكومه للاستحواذ , او أدعاء نجاحات غيرها . مثل أنجاز كتابة الدستور , وأجراء الاستفتاء عليه . وهو الانجاز الذي يسجل للجمعيه الوطنيه التي انتخبت لاجله . وكذلك البدء بمحاكمة صدام .
فهو انجاز للحكومه الامريكيه التي اطاحة بصدام ونظامه . وجاءت المحكمه متمشيه مع رغبة الاداره الامريكيه في تحديد أولويات الدعاوى على الجرائم التي اقترفها . فقد صرح ليث كبه الناطق الرسمي لرئيس الوزراء و – المدلل أمريكياً, والنجم الساطع في الانتخابات القادمه – بأن الدعوه الاولى هي قضية الدجيل . ومن المحتمل أن يصدر بحقه حكم الاعدام وينفذ بعد ثلاثين يوماً . بعدها تسقط باقي الدعاوى عليه , وتستمر محاكمة اعوانه .
قضية الدجيل تكاد تكون الوحيده بين القضايا الكبرى التي ليست لها ذيول او امتدادات سياسيه . فهي قضيه جنائيه بحته كما اكد الكثير من الكتاب . أرتكبت فيها جرائم القتل والاعتقال والنفي وسلب الاموال وتجريف الارض بدون اي اسباب سياسيه . والاعدام عقوبتها لامحاله . أما جرائم كبرى اخرى مثل الانفال , القمع الدموي لانتفاضة 1991 , حلبجه , اجتياح الكويت , الحرب العراقيه الايرانيه . كلها ستكون لها امتدادات سياسيه , والبدء بها سيكشف الكثير من الفضائح الدوليه والاقليميه نتيجة التعاون مع صدام في بناء ترسانته العسكريه , ودعمه في الكثير من جرائمه . وستحرج الكبار امريكا , فرنسا , بريطانيا , المانيا , روسيا قبل ان تحرج اللاعبين الاقليميين الصغار . وتقديم قضية الدجيل هي للتنصل من السياسات الدمويه التي رافقت السياسه الامريكيه قبل غيرها بحق العراق والعراقيين .
والذي يريد ان ينجح في العراق من الساسه العراقيين عليه ان يكون لاعباً اصلياً , ويمتلك المهارات التي تكفل له اللعب وسط جمهوره الذي سيطالب به . لاان يستجدي عطف المدرب سواء كان امريكياً او ايرانياً ويدخله ليلعب عشر دقائق او اكثر . او يكون كرة يتقاذفها الجميع .

. [/b] [/size][/font]

48
بين الوهم والحقيقه
تقي الوزان
Wz_1950@yahoo.com

رافق الانتخابات الاولى في كانون الثاني الماضي الكثير من النواقص والسلبيات , سواء كانت مقصوده أو غير مقصوده. مما ترك شكوك كثيره حول نزاهتها . وآثار كبيره على نتائجها في تشكيل موازين القوى داخل الجمعيه الوطنيه , والافرازات التي تبعتها في تشكيل الحكومه , وفي كتابة الدستور . أن النقاش"الصراع" الغير مبرر في أغلبه الذي دار بين القوى الفائزه لتشكيل الحكومه , والخلافات التي رافقت الحكومه في عمرها القصير , أستنزفت الكثير من الوقت الثمين . وأدت الى النتائج المعروفه التي انعكست سلباً على الواقع اليومي لعموم الشعب العراقي . ولسنا بحاجه للتذكير بالانحدار المخيف للامن , الفساد , المليشيات , الاقتصاد , الماء , الكهرباء , المحروقات....الخ .

مما لاشك فيه ان الارهاب الذي مارسته وتمارسه عصابات البعث الفاشي والسلفيين التكفيريين كانت له اليد الطولى في اعاقة سير العمليه الانتخابيه بشكلها الصحيح . خاصه في مناطق غرب العراق . أضافه للكثير من المعوقات التي لها علاقه بالاستعدادات للعمليه الانتخابيه نفسها . مثل تشكيل اللجان الكافيه من الكيانات السياسيه والمنظمات المستقله لمراقبة نزاهة العمليه الانتخابيه , وفرز الاصوات , وحرمان مناطق باكملها في الشمال من التصويت . اضافة للتزوير , والتهديد في بعض الاحيان .
أسباب اخرى لها علاقه بتركيبة اللجنه المستقله المشرفه على الانتخابات . فالقصور الذي رافق اداء المفوضيه العليا للانتخابات نتيجة عدم الخبره احياناً , واحياناً الموالاة لطرف معين , زاد من صعوبة هذه العمليه . فالموقف المتفرج من قبل المفوضيه أمام مسألة استخدام الطرق غير الشرعيه في الدعايه الانتخابيه كما حصل مع قائمة الائتلاف [169] عند استخدامها للرموز الدينيه . وخاصه صورة المرجع الشيعي الكبير السيد علي السيستاني في " البوستر " الانتخابي. أوحى , أوأكد تأييد السيد المرجع لأنتخاب هذه القائمه . وفي نفس الوقت الدعايه الشفاهيه من قبل قيادات القائمه , ووكلاء السيد السيستاني عبر كل وسائل الاتصال بالجماهير / تلفزيون , اذاعه , صحف , ملصقات , لافتات , جوامع , حسينيات , ندوات جماهيريه ...الخ. كلها تؤكد تأييد المرجعيه لها . مستغلةً رد فعل الانفلات المذهبي الذي رافق عملية ازاحة النظام المقبور . ودعمت هذه الحمله بفتوى علنيه تقضي " بلزوم المشاركه في الانتخابات" وتكمله سريه للفتوى عن طريق المبلغين تقضي " للقائمه [169]". ومن لم يشارك فجهنم بأنتظاره. في الجانب الاخر واصلت المهزله سيرها. فقد أصدر علماء السنه من البعثيين الفاشيين , والتكفيريين السلفيين فتوى مضاده " تحرم الاشتراك في الانتخابات " . والذي يشترك مصيره النار . وجعلوا من رب العالمين اداة لرغباتهم غير المشروعه . كل هذا جرى والمفوضيه العليا للانتخابات تدعي بأنها لاتعرف كيف تتصرف . او لاتوجد ماده قانونيه في لوائح الانتخاب تمنع استخدام الرموز الدينيه .

السيد علي السيستاني من جانبه , وحاله كحال كل القيادات الروحيه في العالم . يبقي على مسافه بينه وبين الجمهور . ويكون الاتصال عبر وكلائه . لضمان جو الغموض الذي يحيط بشخصيته . وهذا الغموض يساعد بتركيز الولاء . وهذه القيمه النفسيه ليست حكر على القيادات الدينيه فقط . بل يمارسها الكثير من قيادات الاحزاب السياسيه التي تبغي الرواج لنفسها دون الارتكاز على برامج سياسيه واضحة الخطوات . وفي هذه الوضعيه لم يخرج علينا السيد علي السيستاني ليؤكد او ينفي تأييده للقائمه [169] . هل هو مع هذه المجموعه التي أختارلها السيد الشهرستاني للتنسيق ما بين اطرافها . أم هومع ابوته لكل العراقيين كما يصرح وكلائه بين تأييد وتأييد لقائمة الائتلاف .

في الثالث عشر من الشهر الجاري , وقبل يومين من التصويت . أصدرت المرجعيه فتوى تدعو للتصويت ب[نعم] للدستور . والفتوى رغم "ايجابيتها" تعكس الرغبه في الاستمرار بالتأثير على حرية الناخب . في نفس الوقت أصدر مكتب السيد علي السيستاني توضيحاً يؤكد فيه : ان السيد السيستاني سوف لن يدعم اية قائمه في الانتخابات القادمه . وسيرعى بأبوته كل العراقيين . وأصدر أمراً لوكلائه بعدم الترشح مع اية قائمه . وأن صح هذا , فسيكون ثاني أكبر أنجاز للسيد علي السيستاني بعد أنجازه الكبير في حقن دماء العراقيين , ومنع قيام الفتنه الطائفيه التي خطط لها كل اعداء العراق ومعارضي مسيرته السياسيه . اما اذا كانت هذه الابوه مثل الابوة الاولى . فلا زال يوجد متسع من الوقت لتدارك ما يمكن تداركه لتداعيات الابوة الثانيه . وحتى لا نبقى معلقين بين الوهم والحقيقه , يرجى جلاء الموقف بشكل أوضح من السيد السيستاني نفسه . والسيد علي السيستاني – وبعيداً عن مرجعيته الكبرى للشيعه - فأنه رجل حكمه كبير , وسبق له وأقترح أجراء الانتخابات بشكل مبكر , وأصر عليها . وعندما تحقق الفوز لقائمة الائتلاف التي سميت قائمة السيستاني . طلب منهم ترك مناصب الدوله وعدم الانجرار لها , والتفرغ لكتابة الدستور , لأنه الأهم . فهو يعرف جيداً مناسيب العراق السياسيه , ويعرف في أي المياه تسير سفينته .

العراق أصبح ساحة حرب , وتصفية حسابات دوليه . وأبرز هذه الصراعات حالياً هو الصراع الامريكي الايراني . والخوف أن يكون احد المراجع الكبار في النجف متورط بهذا الصراع . حتى ولو بأسم الانحياز حسب المثل الفاشي القائل " أنصر أخاك ظالماً أو مظلوماً " . عندها سيكون لامعنى لآمالنا التي سارت بهذا الاتجاه . أتجاه عدم التدخل في حرية الناخب , وستنسف كل الرغبات الصادقه في حقن دماء العراقيين . [/b] [/size][/font]

49
عشية التصويت على مسوّدة الدستور
تقي الوزان
Wz_1950@yahoo.com

التصويت ب[لا] لمسودة الدستور سيعطي فرصة نجاح للبعث الفاشي من بقايا النظام المقبور , وحثالة المتطرفين التكفيريين من السنه سواء من داخل الحدود او من خارجها فرصه لم يحققوها لايقاف تطور العمليه السياسيه في العراق رغم استخدامهم لاقذر اساليب الجريمه طيلة السنتين والنصف الي مضت . والتصويت ب[نعم] سيعطي نصف فرص النجاح للاسلاميين المتموضعين في الشريعه من السنه والشيعه , عبر مواد حرمان المرأه من مساواتها بالرجل , وعدم تشريع أي ماده تعارض تعاليم الشريعه الاسلاميه , والتنصل من الاتفاقيات والمعاهدات الدوليه الخاصه بحقوق الانسان .
وهذه المجموعه لو كان بأمكانها قيام نظام سياسي ديني , لما تأخروا في ذلك . والتصويت ب[نعم] سيعطي نصف فرص النجاح ايضاَ للجانب العلماني والديمقراطي في العمليه السياسيه . من خلال تأكيد مسوّدة الدستور على اقامة نظام جمهوري اتحادي ديمقراطي , واقامة دولة القانون , التداول السلمي للسلطه . وتكافؤ الفرص والمساواة في الحقوق , وضمان الحريات الخاصه والعامه .
رغم ما قيل من تخلف المجتمع العراقي بسبب بقائه ولفترة طويله تحت سلطة النظام الفاشي , وانقطاعه الحضاري الطويل . ورغم ما قيل ايضاَ في سرعة اقامة الانتخابات , وسرعة انجاز الدستور . وكون المجتمع العراقي بحاجه الى فتره انتقاليه اشبه بفترة النقاهه حتى يتمكن من ممارسة وعيه الحقوقي والسياسي بدون مصادره لصالح العواطف الطائفيه والقوميه التي خرجت لتوها من قمقم القمع .
رغم كل هذا فمن المرجح التصويت ب[نعم] لصالح مسودة الدستور . وسيبقى الصراع مستمراً حتى بعد التصويت لتثبيت الوجهه التي سيستقر عليها تفسير بعض المواد , خاصةً المواد التي تحمل اكثر من وجه . وسيكون ذلك مرتبطاً بشكل جذري بما ستفرزه الانتخابات القادمه من موازين قوى لسن مجمل القوانين التفصيليه التي ستحدد حجم مساحات البناء الداخلي للدستور , وهي كثيره . وهذه المرحله ستكون الاهم من بين كل المراحل لاعادة بناء الدوله .
العناوين التي عمقت تثبيتها سلطات الاحتلال , وبالتعاون مع الاحزاب المستفيده من هذا التعميق . جعلت اللوحه السياسيه تحت عنوان الشيعه , السنه , الاكراد . وجرى تغييب المكونات الحزبيه للحركه الوطنيه العراقيه . وتصرف الفائزون في الانتخابات تحت هذه المسميات في تشكيل الحكومه المؤقته وفي كتابة الدستور على وجهتين . الاولى , تصرفوا وكأنهم يقنصون الوقت بين شوطي مبارات , وعليهم أستغلال حدود الممكن في تثبيت الانجاز الطائفي بالنسبه للشيعه , والقومي للاكراد . وكأن السلطه الفاشيه ستعود مرّه ثانيه . والوجه الاخر , هو الاستئثار بالفوز الانتخابي , والتفرد بالقرارات وتشكيل الوزاره وأستبعاد باقي الاطراف . بعكس ما جرى الاتفاق عليه سابقاً من مبدأ " التوافق".

الاكراد ميّلو الجانب القومي على الوطني والعلماني , الذي هو السند الاساس لانتصار القضيه الكرديه . وظهر ذلك جلياً في الاصرار على بعض الصياغات المتعلقه بتعريف أسم العراق , والتنازل عن أحقاق حقوق المرأه , وبعض المواد المتعلقه بالثروات والمياه . وكأن الدستور عقد شراكه تجاريه وليس عقد اجتماعي لكل العراقيين .

أما الفائز الاكبر وهم الاحزاب الطائفيه الشيعيه , فرغبت أن تصادر الوسط والجنوب العراقي من خلال سيطرة مليشياتها المدعومه من المخابرات الايرانيه , ومصادرة الحريات المتبقية من النظام الصدامي المقبور . بحجة مخالفتها للاخلاق والشريعه الاسلاميه . بمساعدة و" تغليس" الحكومه مرّه , ومرّه أخرى عدم تمكنها من فرض سيادة القانون . فوزارة السيد ابراهيم الجعفري وبسبب هذه المحاصصه الطائفيه والقوميه فشلت فشلاً كبيراً في أغلب الملفات التي أستلمتها . بل " وزادت الطين بله " في أهم هذه الملفات وهي : الامن , الفساد الاداري والشخصي , الاقتصاد , البطاله , الصحه , الكهرباء , الماء , المحروقات …ألخ.
الاحزاب الشيعيه لا تخفي نزوعها لتأسيس نظام سياسي ديني . وحاولت فرض وضع خاص في الدستور للمرجعيه الدينيه , شبيه بوضع نظام ولاية الفقيه في ايران .
وسبب العرج في مسودة الدستور هو بسبب هذه الاحزاب , ليس فقط بعدم اقرار حقوق المرأه والتنصل من المواثيق الدوليه لحقوق الانسان . بل في الكثير من الصياغات الطائفيه التي اثقلت المسوده بدون اي سبب حقيقي لتثبيتها سوى تثبيت حق الفوز . لقد كتب الكثير في تحليل مسودة الدستور , ووصلت الى ما وصلت اليه , وعلينا بالمستقبل الذي ينتظرها . وقائمة الائتلاف الشيعيه ينتظرها الكثير من التصدع , لانها في الاساس لم توحدها اهداف وبرامج سياسيه , بل وحدتها عباءة السيد علي السيستاني . وأن صح ما صدر عن مكتب السيد علي السيستاني مؤخراً , بعدم تأييده لأي قائمه في الانتخابات القادمه , وبقائه لأبوة كل العراقيين . فأن هذا الموقف سيرفع الحرج عن الكثير من المنضوين تحت اسم القائمه , نتيجة التناقضات الشخصيه الحاده , والأستئثار بالقرار من قبل قيادة القائمه .
أما السنه وهم الطرف الغائب الحاضر في العمليه السياسيه , فلحد الان لم يتمكنوا من تحديد تسميتهم . يوم السنه , ويوم آخر المقاطعين للانتخابات أو المغيبين , وبعدها أهل العراق وغيرها من التسميات . أضافة الى عدم تحديد أي مرجعيه تربطهم , عدى المرجعيه الوحيده للبعثيين الفاشيين وهي أفشال التصويت على الدستور , وأفشال العمليه السياسيه برمتها . والعوده للمربع الاول , عسى أن يعيدوا دورة التاريخ . وهذا المستحيل .

وتبقى مسألة تشكيل الجبهه العلمانيه من مجموع القوى والاحزاب التقدميه واليساريه والليبراليه, هي الامل الذي يعول عليه لاعادة العناوين الوطنيه والسياسيه الحقيقيه للنهوض والسير بعراق يضمن الحريه للجميع , ويلحق بالركب الحضاري العالمي . ورغم الصعوبات الكبيره التي تواجه قيام مثل هكذا جبهه , الا ان الحاجه الماسه اليها , والمدركه من قبل اغلب الاطراف , سيجعلها ممكنه . خاصه في المرحله القادمه التي ستؤسس لتنظيم البيت الداخلي للدستور , وملئه بالقوانين العصريه المناسبه لراحة ساكنيه من العراقيين الذين ذاقوا المستحيل من الدمار والخراب . [/b] [/size] [/font]

50
المنبر السياسي / صواعق الذكاء
« في: 03:22 24/09/2005  »
صواعق الذكاء
 
تقي الوزان
Wz_1950@yahoo.com

الحزب الشيوعي العراقي مؤسسة فريدة من نوعها في مواصلة النضال , وتمكن من قيادة نضال الشعب العراقي لعدة عقود , وابرزها عقد الخمسينات الذي توج بأنتصار ثورة تموز عام 1958 . وأستمر في طليعة النضال لاكثر من سبعين عاماً , رغم الانحسار الذي رافق عمله في العقدين الاخيرين , وكان السبب في جانبه الاكبر للارهاب الشامل الذي مارسه النظام الفاشي المقبور .
أن التأثير المتشعب الذي تركه في البنيه السياسيه للمجتمع العراقي من خلال تأسيس الاحزاب , وبناء المنظمات المهنيه والديمقراطيه , والنشر الواسع للافكار الاشتراكيه والتقدميه , جعلت منه احد المراجع الحقيقيه للحركه الوطنيه العراقيه.
أن الصمود الاسطوري للشيوعيين العراقيين والذي أستمر عشرات السنين , مر عبر دروب الرعب اليومي في السجون والمعتقلات , وحملات الاعدام التي طالت حتى عوائلهم من النساء والاطفال والشيوخ , وثقل السلطه الدمويه لمن عاش في الداخل , والسؤال الذي يكاد ان يكون يومياً عن الابناء الغائبين . والانصار الذين حملو دمهم على اكفهم لسنوات طوال في كردستان , وما اجترحوه من بطولات تفوق الخيال . والصبر البطولي الذي اصبح احد السمات المميزه لمن ترك العراق ومنع حتى من سماع اخبار الاهل والاحبه لاكثر من ربع قرن . وكثيره هي الدروب الصعبه التي سلكها الشيوعيون العراقيون , والتي فولذت ذواتهم بتجربة قل نظيرها من العمق والصلابه
واذا كنا نفهم ما يطرحه الشيوعيون الحقيقيون سواء من داخل التنظيم او من خارجه من تساؤلات – مهما تكن حدتها – حول مستقبل حزبهم وحركتهم اليساريه بشكل عام . لكننا لانفهم مطالبة من ترك الحزب وأنتقل ليجلس في حضن النظام الصدامي المقبور , ووسط مديريات امنه ومخابراته ليدلهم على مكامن القوه في الحزب والحركه الوطنيه العراقيه .
في مقاله بائسه  نشرها قبل ايام تحت عنوان " من عوامل الجزر في التنظيم الثوري " حاول آرا خجادور من البدايه ان يوحي بأنه لايزال أحد قادة الحزب الشيوعي العراقي . يتحدث عن "حرامي البيت", وهل يوجد أحد ينطبق عليه هذا الوصف أكثر منك ؟! وماذا تسمي الانتقال الى صفوف العدو؟! أنت ومن طاف معك على ماء البعث عليكم ان تشكروا المحتلين الامريكان الذين غيرو النظام وتركوكم . ولو تم التغيير على يد ابناء الحركه الوطنيه , لتمت محاسبتكم مثل القتله والمجرمين من قيادات البعث وكوادره .
آرا خجادور ومن يماثله ممن كانو في قيادة الحزب يحاولون جاهدين أن يلصقو بالحزب تأييده للاحتلال . وحتى الاعداء يعترفون بصواب موقف الحزب الرافض للحرب , وتحذيراته المبكره من نتائجها الكارثيه . وكم تعرض موقفه هذا للنقد من قبل كل الاطراف التي نفذ صبرها من استمرار النظام المقبور , بما فيهم الكثير من رفاقه .
وفي صاعقة ذكاء لاتضرب البشر الاسوياء يقول آرا , أن ضعف الحزب من الناحيه العدديه بسبب سياسة القياده الحاليه التي لايوجد أحد فيها من القياده القديمه . في اعتراف صريح لتبرءة القياده الحاليه من كل السلبيات التي رافقت عمل القياده القديمه "المرموقه" كما يسميها . وناسياً أن الكثير من الشيوعيين الحقيقيين تركو الحزب وكفرو بتاريخهم النضالي بسبب تسلط آرا ومشابهيه على قيادة الحزب . الحزب اليوم يملك أكثر من مائة مقر تتوزع في كل انحاء العراق.
الحزب اليوم يرمم ما خربتموه طيلة سنوات انفرادكم بقيادته . اليوم تخلص من سلم الصفات الحزبيه البيروقراطيه التي وضعتموها لخنق الاصوات الشريفه , ولا ترشحون لها الا من يواليكم . وبدلها ترسخت الانتخابات الحزبيه وعلى كافة المستويات . لقد انتضمت اعمال المؤتمرات , والاجتماعات الموسعه"الكونفرنسات", والاجتماعات الدوريه للجنته المركزيه . اليوم يقف سكرتير الحزب ويقول : أن لديه تحفظ على قرار ما , والذي أتخذ برأي الاغلبيه في الهيئه القياديه, ولا يستطيع ان يفرض رأيه . هذه بعض مقومات العمل الحزبي اليوم , والتي ستنهض بالحزب في السنوات القادمه .  أعضاء اللجنه المركزيه اليوم يعيش اغلبهم بموارده الشخصيه , ولا يعاملون كوزراء مثلما كانت القيادات "المرموقه" أيام زمان الاتحاد السوفيتي ومعسكر الدول الاشتراكيه .
ومن الملفت للنظر انه يعرض مع مقالته أحد رسائل تنظيم الخارج , المرفوعه اليه قبل سبعة عشر عاماً , عندما كان قائداً "مرموقاً" ولم يسلمها الى الحزب ليثبت كونه " حرامي البيت" . وتكشف هذه الرساله عن هشاشة الوضع الحزبي لمنظمات الخارج . ويرحل هذه الهشاشه الى القياده الحاليه . لماذا ؟! لايجيب على ذلك .
لقد عاد بعض الشيوعيين ومنهم بعض القاده الى العراق في ظل النظام الفاشي  , وبمختلف الدوافع . وابرزها حالة التعب واليأس التي رافقتهم . ولكنهم حافظوا على نظافتهم , ولم يتعاونو مع السلطات الفاشيه . لذا بقو موضع احترام وتقدير كل من يعرفهم .
وحتى لايتحول الموضوع الى الانجرار وراء الاتهامات كما يريدها آرا خجادور , فأن الحزب الشيوعي ليس عاجزاً عن تحمل كامل المسؤوليه عن تاريخ الشيوعيين العراقيين المجيد . وخط حزبهم السياسي بكل نجاحاته واخفاقاته , ولن يتبرء من ما الحقه به الانتهازيون والخونه من مواقف ضعف . وسيأتي اليوم الذي توضع فيه النقاط على الحروف , وهذا اليوم قريب .  [/b][/size][/font]

صفحات: [1]