عرض المشاركات

هنا يمكنك مشاهدة جميع المشاركات التى كتبها هذا العضو . لاحظ انه يمكنك فقط مشاهدة المشاركات التى كتبها فى الاقسام التى يسمح لك بدخولها فقط .


الرسائل - مديحة الربيعي

صفحات: [1]
1
دكتور هشام الهاشمي.. بين الدم والحبر 
مديحة الربيعي
بمجرد أن تتصفح الشاشات في أيام أجتياح الاراضي العراقية من قبلج الدواعش تجد دكتور هشام يتحفنا بأرائه وخبراته، لايكل ولايمل وهو يشخص تحركات الدواعش فيصيب قلب الهدف، ويفصح عن مافي جعبته ليوضح مايدور للمشاهد من جهة ويتعاون مع القوات الامنية من جهة أخرى، ليؤدي دوره كعراقي حد النخاع ويضع بصمته الخاصة في التحليل
د هشام الأكاديمي اللبق صاحب الابتسامة والهدوء المعروفين يضع النقاط على الحروف، ويضع الجرح على الملح في كل مرة يطل على الشاشات ليشكل ظاهرة في التحليل بالأضافة لكونه باحث ؤمؤلف وخبير في الجماعات المتطرفة يحلل ويبحث حتى أصبح رقما صعبا على الشاشات، حتى جاءت ليلة أمس لتكون  الاطلالة الأخيرة للدكتور هشام فقد فجعت الأوساط الأعلامية والنخبوية بشكل خاص والشعب العراقي بشكل عام بأستشهاد الدكتور الهاشمي أثناء عودته الى منزله
رحل دكتور هاشم وترك حسرة وغصة وخسارة، لتبقى عبارات الأدانة والاستنكار كل  مايمكن أن نسمعه ونتمنى أن لايبقى الوضع كذلك فملف أغتيال الكفاءات  وإثارة الفتن يضع بصمته الاولى في عهد الحكومة الحالية وكانت الخسارة الأولى التي لاتعوض هي رحيل دكتور هشام الذي يمثل عين القلادة في مجال اختصاصه
من المؤكد أن الشارع العراقي لا يعول كثيرا على مجريات التحقيق لأنه اعتاد عبارة ضد مجهول لتبقى التساؤلات والتكهنات عن التصدي للخروقات الأمنية وكيفية التعامل معها في قابل الايام موضع شك ربما يتحول إلى يقين في أول اختبار للحكومة الحالية فيما يخص الوضع الأمني
دكتور هشام رحل ورصيده متخم بالعطاء بين بحوث ومؤلفات وخبرة في الجماعات المتطرفة  لكن رصيده بحب الوطن أكثر من ذلك بكثير   رحل دكتور هشام  ليترك بصمة في القلوب  وعلى أرض الوطن الذي طالما حلل له وكتب له وعنه لينزف قلمه خبرة وينزف قلبه على تلك الأرض التي طالما كتب لها بالحبر والدم

2
العراق في حضرة البطلين
مديحة الربيعي
جاء أعرابي الى الامام الحسين عليه السلام بقصد طلب المعونة فأخذ الإمام سلام الله عليه كل ما يملك المال في حينها ومقداره أربعة آلاف دينار لفها ببردته وأخرج يده من شق الباب حياء" من الأعرابي فأخذها الأعرابي فقال عليه السلام لعلك أستقللت ما أعطيناك قال الأعرابي لا ولكن كيف يأكل التراب جودك يا ابا عبد الله، وهكذا أراد الله لجود سيد الشهداء أن يبقى لذلك صار  جوده خالدا.
لا يخفى على احد مقدار الامكانيات الضخمة التي تفصح عن نفسها في اوقات الذروة والزيارة والتي تمثل كرم سيد الشهداء وأخيه أبي الفضل العباس عليهما السلام  وإحدى معاجز الثورة الحسينية ومدينة كربلاء المقدسة، الا أن العطاء يظهر بصورة أخرى وبأمكانيات ومقومات قل نظيرها لتشكل صورة يظهر فيها البطلين وهما يرفدان الحياة في بلاد الرافدين تارة كرم الحسين عليه السلام وبين فضل العباس عليه السلام لينسج عطائهما الابدي صورة وملحمة بدأت من الطف وقدر الله ان لا تنتهي ابدا فهما يتقنان البذل من اجل بقاء الإنسانية
لا يمر يوم الا ومنجز يتحقق من خيرات العتبة الحسينية ويردفه اخر من العتبة العباسية، وهكذا هو سباق العطاء
قبل أيام أنجزت العتبة الحسينية مستشفى الشفاء بمواصفات عالمية في العاصمة بغداد وهو الرابع من نوعه، وبمدة قياسية لا تتجاوز ال ٣٥ يوما لأستيعاب المصابين بفايروس كورونا، لتقدم العتبة العباسية عطاءها من خلال مشروع اروائي ضخم يتمثل باستخراج ما موجود في باطن الارض من مياه جوفية وإنشاء مجموعة من الأنهار كل واحد منها يكفي لتغذية ثلاث محافظات عراقية ليبقى العباس سلام الله عليه بعنوانه ساقي العطاشى ونهر الجود الذي لا ينضب
تلك المنجزات ليست بجديدة فأزمة مياه البصرة والخلل في محطاتها ألقت بظلالها على المحافظة واشعلت فتيل أزمة قبل مدة عجزت الحكومة عن الخلاص منها فكانت المرجعية والعتبة العباسية آنذاك أصحاب المبادرة وأخذو على عاتقهم النهوض بتلك المهمة، اما دور العتبات في رفد الحشد والجيش بتقديم الدعم وأستقبال النازحين فيعجز الذهن واللسان عن العد والوصف، كل تلك المنجزات لمن يسأل عن غفلة أو عمد بين الفينة والأخرى عن دور واموال العتبات لتأتي المنجزات واحدة تلو الاخرى في الشدة والرخاء تعلن عن نفسها بالنوع والكم.
رغم أن تلك المهام مناطة بالحكومة التي يظهر التقصير واضحا في مهامها الا أن العتبات المقدسة في كل مرة تضطلع بتلك المسؤوليات الجسيمة وتنهض بالأعباء مع أن تلك المهام ليست من تكليفها، والأهم من هذا هناك من يتسائل ويحاسب بدلا من أن يسأل أصحاب الشأن والتكليف ويشكر  المتفضل، وسرعان ما تأتي الإجابة سريعا لتجسد منجزا يضاف إلى سجل زاخر بالعطاء
الآن وفي ظل التداعيات والأزمات وبعد أن اتضح زيف الإنسانية المزيفة في أوروبا، نرى أن شوارع وأزقة العراق  تمتلئ  بالمساعدات، وتبنى المستشفيات وتقدم الحلول والمعالجات لشح المياه وتأمين احتياجات المحافظات، ليكون هذا الباب الالهي العظيم الذي أراده الله أن يكون في العراق صمام أمان اليد العون على مر التاريخ، ليستمر جود الحسين والعباس سلام الله عليهما كما أستمرت ثورتهما ليبقى سر أسرار العراق أنه دائما في حضرة وحمى البطلين




3
أربعون يوما...يا فارس الأربع العجاف
مديحة الربيعي
منذ اربعون يوما مضت مازالت الدموع تعرف طريقها جيدا حجي جمال فالعيون عبرى حتى صرنا نؤمن بعبارات العجائز (حلو ذوق المكابر تاخذ الزينين),عندما تتصفح الوجوه باختلاف المذاهب والمشارب تدرك كيف أجتمع واجمع الفرقاء على محبة شيبة المجاهدين ابو مهدي المهندس.
اذا أردت ان تسترجع مواقف الحاج ابو مهدي المهندس وهو يتجول بين أبناء العراق النازحين من بطش ستجد أن الامر اكبر من دور قائد يؤدي مهمة جزء يسير من حواراته يفصح عن نفسه (شسمك بابا حبيبي؟ عدكم أكل, شباب انطوهم ارزاقكم, حجية نريد عمرج طويل حتى نجيكم تطبخونة وتضيفونة ببيوتكم, رجعوهم لبيوتهم بأسرع وقت, حجي انت شايب مثلي بس تصبغ) اما عندما يتنقل بين المقاتلين (انت منين يابطل, خلونا نتبرك بترابكم, تعالو نصلي, تعالو اخذ صورة, هذي بركة دماء سيد الشهداء)
المهندس جمال الذي جادت به باسقات البصرة يثبت في كل مرة أنه يتفوق على ضجيج الذوات الفارغة, ونوازع النفس البشرية في مواضع الصراع على المناصب والكراسي, والبحث عن الابهة واستعراض محموم اشبه باستعراض الطواويس, يختار حجي جمال ان يفترش الأرض ويشارك المقاتلين طعامهم بلا مواكب, ولا سيارات فخمة ولا بدلات ماركة, ابو مهدي ضمير يمشي على قدمين في زمن الضمائر الممسوخة, ومبادئ تعلن عن نفسها في وقت المبادئ المعروضة للبيع في مزادات السياسية البخسة ووقت الرخص والسمسرة, ابو مهدي راية نصر في في زمن الخسارة والانكسارات التي أنتجتها تجار السياسة.
منذ اربعون يوما والسواتر تبحث عن مهندسها, والمقاتلون ينتظرون من يمسح التراب عن وجوههم, منذ اربعون يوما مضت حجي جمال والجرحى يترقبون أن تطرق ابوابهم, منذ تلك الايام المرة التي نشهد مثلها لم نسمع صوت صلواتك في الميدان, منذ اربعون يوما تبحث الانتصارات عن صوت فارسها وتبحث الميادين والخطط عن شيبة المجاهدين عقل الحشد وروح الضمير, كتلة الخلق التي تمشي على قدمين, وهو ينسج طيب احاديثه ويرسم أبتسامة على محياه ليشحذ الهمم ويساند ابنائه على السواتر.
 
 أخبروا السواتر ان حجي جمال لن يصلي عليها بعد اليوم فقد اختار مكانا  آخر, اخبروا الجرحى ان يضعوا الملح على الجرح فالحاج جمال في سفر طويل, أبلغوا البصرة أن أبنها قد اوفى كل ما عليه تجاهها وأوفى كل نذوره لفيحاء الجنوب, فارس الاربع العجاف لم نفجع بمثلك قط, ولا خسارة تعدل خسارتك, ننعى فيك الأنسان والخلق والضمير وكل تلك المضامين تستحق النعي في زمن تخلو فيه السلطة والسياسة من كل تلك القيم والمفاهيم, ولا عجب في ذلك فلست سياسيا بل مجاهد تقرب له اهل السياسة وترك لهم كل ما فيها من قبح, واختار لنفسه جمال العطاء فأوصى ان يكتب في شهادة وفاته (متطوع في الحشد الشعبي)!

 

4
صفاء السراي ..زفة بغياب الوالدة
مديحة الربيعي
يمة اذكريني من تمر زفة شباب هذا ما ردده أصدقاء صفاء في التحرير الان والدته لم تكن حاضرة في الأرض فتسمع وترد على جوابهم بالنحيب والدموع, كما هو حال الامهات المفجوعات بأبنائهم, فقد غيبها الموت بأربع سرطانات فجعت صفاء بوطنه الأزغر (ثنوة), بعد أن انهكته مصاريف العلاج, التي لم تجد نفعا كما هو حال العلاجات, التي نقدمها لهذا الوطن لعلنا ننعش قلبه.
صفاء الناشط الصحفي خريج التكنلوجية الطموح العصامي, المقبل على الحياة عرف الطريق الى علاج هذا الوطن ولم يتأخر, فقد أدرك أن اكسير الحياة لهذا البلد هو الدم في وطن لا يعرف جلاديه الا ذبح الابناء على أعتابه.
كانت زفة شباب منقوصة صفاء بغياب الوالدة, فلم تمش خلفك نعشك لكنها كانت تنتظرك في السماء, لا اعرف هل هي سعيدة لأنك التحقت بها ام أنهمرت دموعها حزنا على شبابك وشغفك في الحياة.
هذا الوطن الذي  ضيفه الدائم الموت أما أن تطير  فيه الرؤوس بسبب المفخخات وصراعهم على الكراسي او تنصهر فيه الأجساد في الكرادة او تكون مذابح شبابه جماعية كما حصل في سبايكر, أو يتسابق فيه الشباب على السواتر ,  وطن  يختنق بالدم والموت والبارود وحيدا كالحسين أثخنته الجراح!
وطن تتقاسمه الاحزاب ويعصف فيه الخراب, وتكون فيه زفة الشباب جنائزية ومقابرنا فيه جماعية, صفاء كأن صوتك يعلو في التحرير وانت محمولا على الاكتاف لسان حالك يقول في طوافك الأخير
وطني يتسابق فيك الجلادين على   
                                 ذبح الأبناء وقتل الحلم وسفك الدم
 من أيام مشانق صدام           
                                  وحتى ايام الكتل الحزبية   
كتل الصفقات تتقن جدا صنع البؤس       
                              وتقسيم غنائم في سهرات ليلية
 الموت لنا نحن الشعب والعيش فقط   
                            لأبناء المسؤولين وكل الطغمة والحاشية الحزبية
لتبقى تعلو اصوات التأبين في احياء الفقراء
                               وتبقى كل الصفقات ضمن الأطر دستورية
صفاء كيف سيتقنع زملائك بأن هذه الجمعة لن تكون في المتنبي بل في مقبرة وادي السلام؟, وكيف تترك التحرير التي غادرتها محمولاً في طوافك الاخير وأنت تتصفح الوجوه أصحابك وهم يصرخون "اكعد صفاء شوف العالم تبجي عليك"؟
كيف تترك  مدينتك الحزينة التي يشبها حزنها حزن ثنوة وهي تودع ابنائها واحدا تلو الاخر؟, وكيف تترك اخر عبارة لك كتبتها دون أن تتلقى الردود (خايبين شو طالع حلو هنا يربي بركات التظاهرة), من يجيب على كل هذه الاسئلة في رحيلك؟ ومتى يتوقف الموت في هذا البلد؟ ليبقى التحرير يتحدث عن الشهداء وعن قصة  (زفة صفاء شلون صارت بلة حضور الوالدة وقصة وطن منهوب طلعت أحرار تساندة).

5
عراق مصغر...قرب التعليم العالي
مديحة الربيعي
اعتصامهم يدخل يومه الثاني والستون ومازالوا بنفس التصميم وقوة الإرادة ووحدة الهدف, على الرغم من أن ايام العيد تمضي ببطئ بعيدا عن الاهل الا أن  أنتمائهم للأسرة الأكبر هون عليهم البعد الى حد كبير, حملة الشهادات العليا يفترشون الارض ويلتحفون السماء ومازالت الحكومة تصم أذنيها وتتعمد التجاهل في دولة محاصصة تعلن عن نفسها بصراحة  تحت شعار من لا حزب له لا وظيفة له.
رغم تجاهل أصحاب القرار للمطالب ورغم التحديات والمصاعب قوة وصبر ينموان بهدوء وثبات, هدف وصوت وطموح واحد رغم اختلاف المشارب والمذاهب والمحافظات والقوميات,  توحدهم الشهادة ومشروعية مطالبهم وحجم الظلم والاجحاف الذي وقع عليهم من الحكومات التي أصرت على ذلك بشكل تراكمي ومازالت تنتهج الأسلوب ذاته, فصاروا عراق مصغر لا يعلو فيه مذهب او قومية او انتماء بل يعلو فيه فقط صوت الحق والعدل والمطالبة برفع الظلم والحيف, وإعادة الحقوق التي سلبتها المحاصصة والاحزاب وهذا ما نأمل أن يكون عليه الوطن الذي لوثته الطائفية وارخى الفساد والظلم والحروب سدوله عليه, لكن كما هو العراق في كل مرة ينهض من جديد رغم التحديات.
التخمة وعدم وجود وظائف شاغرة هو عذر الحكومة الجاهز, فقد صار شعارا للنهج الحكومي  القائم على إبعاد وتهميش حملة الشهادات العليا تحت دواعي التخمة, تلك العلة التي أصابت الحكومة نتيجة لزج المتحزبين في الوظائف, وابعاد المستقلين لان الحكومة أصلا نتاج محاصصة, والاحزاب تستند على جمهور شرطها عليه الصوت الأنتخابي وشرطه عليها الوظيفة فأتخمت الدولة بمن هب ودب.
 الحكومة التي تدعي التخمة شهيتها مفتوحة بنهم كبير للمحاصصة الحزبية والواسطات,  مازالت تنتهج اسلوب العقاب الجماعي بالتزامها الصمت المطبق ازاء مظلومية حملة الشهادات العليا, واعتصامهم السلمي النموذجي, لاعتقادها ان الخريج او العراقي بشكل عام لن يتمكن من تحمل اجواء الصيف اللاهب متناسين انه يترك بصمته في كل موسم صيفي على كل عراقي بسب ازمة الكهرباء, لأن جواء الساسة تختلف الى حد كبير عن اجواء المواطن العراقي !
رغم دعم المرجعية وتعاطف ودعم كل ذي ضمير حي, مع حملة الشهادات والاعتراف بمظلوميتهم, مازال اصحاب القرار يغضون الطرف عن أهانة حامل الشهادة في العراق, وتعمد تهميش ابناء العراق من غير المتحزبين لكن لنخبة العراق قول فصل اخر, يفصح عنه لسان حالهم في الاعتصام السلمي الذي سيحفظه التاريخ, ليكون شاهدا على ما لحق بالعلم وأهله في ظل الصراع الحزبي على اقتسام غنائم الوطن!


6
حراك دبلوماسي.. وحديث عن أوراق المشهد المقبل!
مديحة الربيعي
حراك دبلوماسي تشهده البلاد خارج عن المألوف منذ عام ٢٠٠٣ بل حتى ما قبل ذلك التاريخ، بعد ان  كانت الزيارات ما قبل ٢٠١٤ تقليدية لا تعدو أطار المجاملات ربما فقط لكسر الجليد لا تغني ولا تسمن من جوع؛ الا انها لم تفلح في السيطرة على الحدود ومنع تسلل الإرهابيين، ويتضح ذلك جليا في القمة العربية التي عقدت في بغداد آنذاك.
في حقبة العبادي وتحديدا من عام ٢٠١٤ إلى ٢٠١٨ لا يمكن إنكار حقيقة الحراك الدبلوماسي من أجل الحصول على دعم عسكري ولوجستي من أجل تحرير الأراضي والقضاء على الإرهاب، وتلك المحاولات ساهمت إلى حد كبير في رفد المؤسسة العسكرية بالسلاح آنذاك وكسر العزلة التي كان يعيشها العراق، لكن بقيت  كثير من الملفات الشائكة التي لم تجد حلولا لأن الشغل الشاغل للحكومة آنذاك توفير الأمن وتحرير الأراضي، وسرعان ما بدأت تأثيرات تلك الملفات العالقة تفرض نفسها  وتؤثر على العراق بقوة منها ملفات المياه التي تسببت بأزمة جفاف ضربت الأراضي العراقية واضرت بشكل كبير بالواقع الزراعي والاهوار، بالإضافة إلى أزمة استيراد الطاقة والتبادل التجاري والاقتصادي.
الحراك الدبلوماسي الحالي أعاد ترتيب الأوراق من جديد وبصورة أخرى تماما حتى مع الدول التي كانت علاقتها مع العراق جيدة الى حد ما، وزيارة الرئيس الايراني روحاني  الأخيرة الى العراق وما نتج عنها من اتفاقيات تؤكد تلك الحقائق، وابرزها إعادة العمل ضمن اتفاق الحدود المائية  لعام ١٩٧٥ الذي يضمن للعراق ما تمت خسارته بسبب عوامل انجراف النهر تجاه العراق بما يقارب ٣ كم، يثبت ان البلد دخل مرحلة دبلوماسية مهمة قائمة على مبدأ السيادة المطلقة.
هذا ما أكد عليه سماحة المرجع الأعلى دام ظله  في حديثه عن  الترحيب بأي خطوة في سبيل تعزيز علاقات العراق بجيرانه وفقا لمصالح الطرفين وعلى أساس احترام سيادة الدول وعدم التدخل بشؤونها الداخلية في اشارات الى ما يذكر عن تدخل ايراني او امريكي في شؤون البلاد، لم يخل الحوار من ذكر الحرب التي خاضها العراق ضد التنظيمات المتطرفة وأبعاد الخطر عن المنطقة، وما تواجهه الحكومة من تحديات حقيقية كمحاربة الفساد الذي شرع كل أبواب الخراب والإرهاب ، وتحسين الخدمات التي بدأت تقرع جرس إنذار حقيقي على نفاذ صبر المواطن العراقي الذي مل الوعود والشعارات، وحصر السلاح بيد الدولة واجهزتها الامنية للتخلص من ظاهرة الفوضى والارباك والانفلات الأمني وما يشكله من عقبة حقيقة في طريق توفير الاستقرار.
 مطالبة  المرجعية الالزامية للحكومة بالتصدي لتلك الازمات يحتم عليها بذل الجهود لأعادة ترتيب أوراق المشهد السياسي المقبل لأستثمار حكومة الفرصة الأخيرة من جهة ، ومن جهة أخرى  يتطلب  ترميم  العلاقات الدولية مع العراق إلى حراك لأبراز ملامح المرحلة المقبلة ويذيب جليد العزلة السياسية، ويشرع أفق تعيد العراق لدوره الريادي، القائم على التواصل والحياد، تلك المرتكزات السياسية والدبلوماسية من شأنها أن تعيد التوازن إلى المنطقة، وحصاد تلك العلاقات التي لم يتمكن اي من الحكومات السابقة تحقيقها، من شأنها أن  تنعكس ايجابيا على النظام الاقتصادي وعلى الحوار الاعلامي، ويتضح ذلك من خلال صورة أخرى للعراق في الإعلام العربي واختلفت لغة الحوار وبدأت الانظار تتجه لملامح الحياة بعيدا عن اخبار الموت والطرف والفتن الطائفية.
مجموعة مؤشرات في حديث المرجعية توضح أبعاد المشاكل التي يجب على الحكومة أن تأخذها بعين الاعتبار، لتجاوز تلك التحديات وأستثمار الفرص المتاحة لتغيير الواقع السياسي برمته اذا ما توفرت النوايا المخلصة لذلك

7
رئيس الجامعة المستنصرية المستنصرية...عندما جف اللبن!
مديحة الربيعي
 بما أن الأحزاب المتنفذة تفرض سطوتها على المؤسسات, وتعيد الى الأذهان مشهد قبل عام 2003, الا أن الفرق الوحيد بدل هيمنة الحزب الواحد, أنشطرت الاحزاب وأصبح الصراع والنزاع أكثر وطأة على العراقي الذي يتفرج بصمت, من الطبيعي في تلك الظروف أن يكون البقاء للأقوى.
منذ عام 2008 ومع كل تغيير وزير أو رئيس جامعة أطرح قضية الاستحواذ على درجة وظيفية بحكم كوني الاولى على قسمي, وآنذاك رفض رئيس القسم منحي درجة وظيفية, بذريعة عدم تخصيص درجات من المالية, وتفاجأت بعد ذلك بالاستحواذ على الدرجة ومن ثم تكرر المشهد نفسه في الماجستير, لكن بدل الشخص الواحد تم تعيين ستة بذرائع مختلفة ويفترض أن يكون رئيس الجامعة أحد صمامات الأمان ومرتكزات تحقيق العدالة, وبين المراجعة المستمرة بين الوزارة ورئيس الجامعة المستمرة منذ عام 2008, كل يرمي الكرة في ملعب الاخر, تضيع الحقوق ببساطة في زمن الاحزاب المتعفلقة الجديدة
رئيس الجامعة بدوره يسأل اسئلة تثير الاستغراب وأجوبته هي الاخرى كذلك, أين كنت بعد كل تلك السنوات لا يمكن الحديث عندما جف لبن الدولة؟ عندما عرف أن المراجعة مستمرة ومتواصلة وعلى مختلف الأصعدة والمستويات, أن عرف ان الدرجة تم تخصيصها لشخص اخر يجيب ببساطة (بالعافية عل الاخذها)! بدل أن يتخذ رئيس الجامعة اجراءً يعيد الأمور الى نصابها يجيب بطريقة ساخرة, ليكمل رئيس القسم المسرحية  ويؤكد بأن القسم يعاني من تخمة, وهي حزبية بدون ادنى شك فهو لا يستطيع الأعتراض على زوجات المسؤولين وأقاربهم ممن تم تعيينهم عنوة!
 هكذا تدار الامور في زمن الديمقراطية الحزبية, ثم يتساءلون لماذا يستبعد العراق من التصنيف العالمي للتعليم؟ متجاهلين ملف الشهادات المزورة, وهيمنة الاحزاب على الجامعات, ووضع الشخص غير المناسب في مكان لا يستحقه, وغياب الرقابة والفجوة بين الموطن والمسؤول الذي يصل بشق الانفس ليتفاجأ بأن لبن الدولة جف بمجرد وصوله!
تلك الحقائق على الرغم من كونها تثقل كاهل المواطن العراقي, الا أنها في الوقت ذاته مثيرة للسخرية بسبب تصرفات وتعامل من يصل الى رأس الهرم, وتؤرخ لحقبة سوداء كفيلة بأن تكون شاهدة على الفوضى والخراب والتحزب والفساد والادعاءات بالديمقراطية, بكل الأحوال يبقى لبن العراق أما للحزب الاوحد أو للأحزاب المتصارعة والشعب يتفرج !

8
حملة الشهادات... قوانين  قد جف حبرها!
مديحة الربيعي
قبل أيقاف العمل بقانون التعيين المركزي لحملة الشهادات كانت الكهرباء تمثل مرضا عضال يصعب علاجه في العراق, حتى اضيف له رديف آخر هو إيقاف التعيين المركزي لتلك الشريحة مع أستمرار تخصيص المقاعد الدراسية, وفتح أبوب الدراسات في الداخل ناهيك عن بعثات الخارج, وكل ما تفعله الوزارة هو ضخ المزيد من العاطلين عن العمل من حملة الشهادات!
تصريحات واجراءات الوزراء في السنوات الماضية لا يمكن نسيناها أو تجازوها, فكل وزير سيحفظ التاريخ ماله وماعليه, فقد أعلن الوزير السابق الشهرستاني لن يحصل حملة الشهادات على تعيينات حتى لو احرقوا انفسهم بدلا من اطاريحهم ورسائلهم! وعلى هذا المنوال أستمر تكديس الخريجين وأستمرت السياسيات العدائية تجاههم
تحركات حملة الشهادات أثمرت عن تشريع قوانين بدعم من قبل بعض النواب الذين أخذوا على عاتقهم تبني مطالب تلك الشريحة المظلومة وبالفعل تم إقرار قانون تشغيل حملة الشهادات الذي بقي حبيس الأدراج وجف حبره ولم ير النور لأسباب منها: هيمنة بعض المتنفذين والمستفيدين من إبقاء الوضع على ما هو عليه, بالإضافة الى سطوة الاحزاب على الجامعات وتقاسم الغنائم, وزج الموظفين في الجامعات ممن لديهم درجات وظيفية مخصصة بعد حصولهم على الماجستير والدكتوراه في التدريس بدلا من حملة الشهادات, بالإضافة الهيمنة معظم  رؤساء الاقسام والجامعات على الدراسة المسائية وتخصيص الدرجات لأساتذة التدريس الصباحي بالإضافة الى الاستحواذ على الدرجات في الجامعات الاهلية!
بقيت الحلول مؤجلة والقوانين معطلة, وزخم الدراسات مستمر بدعوى ان وزارة التخطيط هي المسؤولة عن تخصيص عدد المقاعد, وإن التعليم العالي لاحول لها ولاقوة, وهي ليست مسؤولة عن تعيين حملة الشهادات بل هي ترفع المستوى الثقافي في البلد, علما أن وزارة التعليم تخرج مختصين أما المثقفين فمن يتولى شؤونهم وزارة الثقافة
لا يمكن أن ننكر أن الوزارة في الوقت الحالي تخطو خطوات جبارة في زمن الدكتور قصي السهيل, فهو يسعى قدر الامكان الى التخلص من كل التراكمات السلبية التي تمثل نتيجة طبيعية لسنوات عجاف عصفت بالتعليم وأهله فأبعدت العراق في هذا المجال من التصنيفات العالمية بعد إستبعاد الاوائل والكفاءات, وفتح الابواب أمام الاحزاب لتعيث بالجامعات فساداً
يبقى السؤال الاهم هل يتمكن الدكتور السهيل من القضاء على معضلة العصر الثانية وهي البطالة في صفوف حملة الشهادات التي أصبحت سمة بارزة في الشارع العراقي ووصمة عار في تاريخ التعليم العالي؟ ومتى ستطبق القوانين المشرعة لحل تلك الأزمة التي أصبحت مجرد حبر على ورق؟ وهل ستجد تلك الشريحة من ينصفها ويلبي مطالبها ويعيد لها حقوق سُلبت منها على مدى سنوات؟


9
رصاصات بين الحصانة والقانون!
مديحة الربيعي
حماية التشريعات القانونية مهمة البرلمان، كما هو متعارف والبرلماني بدون ادنى شك بصفته عضوا في مؤسسة تشريعية رقابية يصبح رقيبا على نفسه قبل الاخرين
تشريعات قانونية واجراءات قضائية أتخذت قبل مدة, بهدف لتقليل الخسائر بالأرواح لان لغة الرصاص أصبحت وسيلة للتعبير عن الحزن والفرح على حد سواء في بلد خفتت كل الأصوات وأصبح السلاح وسيلة تعبير
وسائل الضبط الاجتماعي هي الاخرى بدأت ادوارها تختلف من صيانة حرمات الى انتهاكها, واصبح شعار مطلوب عشائريا واجهة اعلانية بدلا من دار للبيع، فقد الفتها العيون ولم تعد من وسائل مبتكرة للتهديد, فكتبت على القبور من باب كسر الروتين!
ظاهرة الدكة العشائرية حسب الاحصائيات انخفضت نوعا ما، لكن الاحتفالات مازالت تحصد الارواح، فقط في العراق تزهق الارواح في اوقات الفرح ,كنا نأمل ان يخرس صوت الرصاص بعد الخلاص من الدواعش، الا انه مازال لغة العصر, ليستمر مسلسل أزهاق الأرواح.
بين الدكة والاحتفال والحزن، ومحاولة أيقاف زخات الرصاص اطلت النائبة وحدة الجميلي شاهرة سلاحها لتطلق الرصاص من باب الاحتفال ثم قدمت أعتذار!
عذر النائبة كان ( انها امرأة عشائرية) ومن هذا المنطلق بما ان كل العراقيين اولاد عشائر فالأبواب مشرعة على مصارعيها, وبالإمكان ان نتصور كيف ستكون الخلافات الاسرية بأعتبار ان كل النساء تنتمي الى عشائر!
الفرق بين النائب والمواطن, الحصانة والنائب يستخدمها للحفاظ على حياته في حالة كشف ملفات أو قضايا، لا ان يستخدمها لأطلاق الرصاص ويتحصن خلفها من باب( أمرأة عشائرية وكنت بمنطقة ريفية ), والمواطن بحاجة لنموذج يلزم نفسه بتطبيق ما يشرع
والمواطن الذي يبحث عن مبررات لخرق القانون وجدها جاهزة أمامه من باب ليش بس وشمعنى النائب، وفق المثل القائل اذا كان رب البيت.
في ظل تدهور التعليم وأختلاف المعايير ، وهيمنة الممارسات السلبية على المشهد العشائري، أصبح خرق القانون ممكنا لمن أراد ذلك من المواطنين لأن كل تلك الوسائل انفة الذكر منها ما هو غائب, ومنها ما هو مشوه, وهاهو المواطن يرى المبررات والدوافع التي تبيح له ما هو محرم, بقي أن نعرف رصاصات النائبة التي تلقت التشجيع ولقب الصيادة ممن كانوا حولها, كانت تستند الى الحصانة أوالى القانون!

10
المنبر الحر / نكسات برلمانية
« في: 20:04 27/12/2018  »
نكسات برلمانية
مديحة الربيعيِ
ما أن بدأ مجلس النواب الحالي ممارسة مهامه عكف على تشكيل لجان لمقاضاة من يتحدث عن البرلمان, أو يسيئ اليه على حسب تعبير بعض النواب, بينما اعلن رئيسه ان كلام يمس مجلس النواب يعتبر تجاوزا على السلطة التشريعية, عندما اعلن في اليوم ذاته عن مخصصات بدل إيجار كل هذا الحديث يدور في ما يمسى بزمن الديمقراطية.
كنا نأمل أن تشكل لجان لمتابعة ما تبقى من تعليم في العراق, وكيف تحولت وزارة الصحة  والمستشفيات الى مصدرة للجثث, فأي عملية بسيطة يحاول اجرائها المريض, يعلم ذويه انه سيخرج جثة هامدة بالإضافة للخدمات المتهالكة, وظاهرة التسول والكوارث التي تكاثرت على هذا الشعب المسكين, الذي يعيش ما يقارب نسبة 40 % من سكانه بأقل من دولار واحد في اليوم حسب تقارير البنك الدولي, بينما يشكو البرلماني من أن مرتبه لا يتجاوز ال 7 ملايين فقط!
 تحالف الاصلاح والاعمار في بيان له يعلن عن بوادر نكسة برلمانية فيما يتعلق بإختيار وزيرة التربية, فقد شكك التحالف بحصول المرشحة للمنصب على العدد الكافي للأصوات, لأن رئيس مجلس النواب لم يعتمد السياقات الصحيحة في احتساب عدد الاصوات من خلال الدائرة البرلمانية, واعتبر أن ماحصل تجاوز صارخ على النظام الداخلي للبرلمان, وله كل الحق في إتخاذ الإجراءات القانونية لإعادة الامور الى نصابها الصحيح.
يرى المواطن ان البرلمان الحالي لا يختلف كثيرا عن التجارب البرلمانية التي سبقته,  خصوصا مع  أعادة أنتاج الأزمات في تشكيل الحكومة, التي لم تكتمل حتى الآن, والتحالفات هي الأخرى بدأت ترى المشهد نفسه, نكسات برلمانية في بداية الفصل التشريعي للبرلمان الذي يفترض أن يتولى حماية الدستور بدلاً خرقه والالتفاف عليه!
من يضمن أن تطبيق القوانين مراقبة الأداء الحكومي والتشريعات ستكون في مأمن من التصرفات الشخصية والأهواء الفردية؟ والتي كان الأثر الأكبر في تدهور واقع العراق نتيجة تراكم الإخفاقات ولأن البرلمان في ما مضى تحول لساحة تصفية صراعات سياسية, وتنفيذ أجندات حزبية والمشهد ذاته يتكرر اليوم, ونتيجة الاربع سنوات القادمة ستكون كسابقاتها  أذا ما بقي الوضع على ما هو عليه, والشارع العراقي لا يحتمل مزيدا من الأزمات, فمن سيصحح مسار السلطة التشريعية؟

11

الواقعية السياسية.. بين التنظيروالتطبيق
مديحة الربيعي
 أختصرت معظم الأحزاب في العراق تجربتها السياسية بالشعارات دون العمل بها, فكل ما يمكن تقديمه تغيير الشعارات للأنتقال الى أربع سنوات أخرى, مع الإصرار على نفس المنهج لأن الهدف من أنشاء وقيام تلك الكيانات هو التربح وعقد الصفقات, أما خدمة الجمهور مجرد واجهة, وتلك أبرز اسباب ما يحصل من خروقات أمنية, وفساد أدراي وعجز اقتصادي!
 ما يدفع تلك الأحزاب للتصرف بتلك الطريقة الرهان على سذاجة الجمهور الذي كانت مواقفه الأنتخابية هذه المرة مخالفة لأعتقادات أصحاب الصفقات فأزيحت وجوه مخضرمة منذ عام 2003.
وهناك صنف آخر من الأحزاب أختزل تجربته الحزبية في التعامل مع المعضلات بسطحية, والبحث عن حلول خارج أطر التطبيق, مجرد طروحات تنظيرية لا تمت للواقع بصلة, وتلك الحلول تأخذ صداها فترة من الزمن وسرعان ما تصطدم بعقبات التطبيق فتفقد محتواها.
الأمثلة الحزبية آنفة الذكر سرعان ما تضمحل لأنها تعجز عن تلبية متطلبات الجمهور.
 التجارب السياسية المتجددة تؤمن بردم الفجوة بين التنظير والتطبيق, وأن مؤشرات النمو الحزبي والسياسي, لا يمكن أن تتحقق الا من خلال كسب ثقة وتأييد الجمهور, الذي يمثل السبب الرئيسي في بقاء أو فناء الأحزاب, أستثمار تراكم التجارب والخبرات السياسية, المرونة الفكرية والتخلص من قيود الروتين, وتقبل التغييرات التي تطرأ على مستوى طموحات الشارع, التصرف طبقا لمقتضيات الوضع الراهن تقويم المفاهيم المشوهة, وضخ دماء جديدة لشرايين الواقع السياسي, كلها مؤشرات للواقعية السياسية.
 تمثل تجربة خروج بريطانيا من الأتحاد الأوروبي مثالاً حي للواقعية السياسية, فرغم رمزيته للدول التي تندرج ضمن الأتحاد, الا أن البقاء لم يعد يناسب مقتضيات المرحلة السياسية البريطانية, في الوقت الحاضر, والأهم من ذلك لم يعد يناسب تطلعات الجمهور البريطاني, الذي قال كلمته خلال أستفتاء أجري بهذا الصدد.
 ما يفرضه المشهد السياسي الحالي في العراق بأحداثه المتسارعة, وتراكماته يحتم ضرورة الخروج من أفق الإحباطات والجمود, وتطوير سبل الأرتقاء بالعمل السياسي الذي ينعكس بصورة أيجابية فيما بعد على تقديم الأفضل للجمهور, ويخلق أنطباعات ومؤشرات رضا عن الأداء والنهج السياسي المتجدد.





   

12
التشظي السياسي... رؤية واحدة وتحالفات مختلفة!
مديحة الربيعي
التنوع السياسي في بلد يضم أطياف ومكونات متعددة أمر إيجابي فالتعددية الحزبية والسياسية من مظاهر الديمقراطية, أذا ما كانت فعلا تندرج تحت هذا العنوان, لكن أذا ما تحولت الى أدوات للصراع والطائفي والأنقسامات الفئوية عندئذ ستتحول الى معاول هدم, تهدد أركان الدولة والتعايش السلمي
مرحلة ما قبل داعش والصراع السياسي الذي أنتج الطائفية كانت نتائجه واضحة, المواطن العراقي بغض النظر عن إنتمائه هو المستهدف في حرب السيارات المفخخة, وهو نفسه المتضرر من إجتياح الأراضي من قبل الدواعش, والرابح من كل تلك المآسي أصحاب الكراسي ممن يحرصون على ضخ الدم في عروق الطائفية.
في الأنتخابات الأخيرة كانت بصمة الجمهور العراقي واضحة, المشارك منه والمقاطع, فالأول ساهم في أختيار وجوه جديدة قدر الإمكان من مبدأ المجرب لا يجرب, والثاني أنذر بقرب نهاية ما يعرف بالعملية السياسية التي أن وجدت فهي مشوهة, وأنتج ما يعرف بالفرصة الأخيرة.
الموقف السياسي ما بعد الأنتخابات إختلف بشكل أو بآخر, فالإصطفاف الطائفي بدأ يتلاشى نوعا ما, وأنبثق تحالفان يندرج تحت لوائهما أغلب الأحزاب, على إختلاف مشاربهم ومذاهبهم وهذا يؤكد بداية مرحلة سياسة جديدة, لاسيما إذا بنيت تلك التحالفات وفق أسس صحيحة.
أقطاب العملية السياسية وفق هذا التصور والنهج الجديد تسير في أتجاهين لا ثالث لهما, تحالف مؤيد والآخر معارض.
 هذا  التوجه من شأنه أن يقلل أو ينهي مرحلة التشظي السياسي, ويخفف من حدة الصراع, ويطوي صفحة القوائم المتعددة, التي يتنوع قادتها ومستشاريها, ومن يتحدث بأسمها الخ من الصفات والمسميات, وتلك ورؤية واحدة أجمعت عليها معظم الأحزاب, أياً كان مكانها في التحالفات الثنائية المختلفة سواء كانت في التحالف الحاكم أو المعارض.


 

13
عام على النصر, ومالم يحسبه جنرالات الحرب!
مديحة الربيعي
ما يحدث في بعض دول المنطقة العربية, فتح شهية الدول الداعمة للإرهاب لإضافة العراق على اللائحة, فتغيرت خطط الحرب من سيارات مفخخة الى أجتاح أراضي, سيناريو له بدايته معلنة, ونهايته مبهمة, ليكون نسخة طبق الأصل من مما يحدث في سوريا وليبيا, حرب إستنزاف طويلة الأمد  هكذا كانت المخططات.
في لغة الحروب الهزائم والإنتصارات أمر وراد, لكن في الصفقات يحدث كل ما هو خارج الحسبان, فغاب فجر الموصل وتخلت عن ربيعها مبكراً وسرعان ما أختنقت بالدم, وتخلت عن ربيعها مبكرا, بين نازح شهيد, وأرملة وسبية, ومجرم وضحية, وبين نخاسة وخساسة, نُسفت المراقد, وتحولت المعابد والمساجد الى مسالخ ومحاكم, علقت المشانق نُهبت ودمرت الأثار, فأعلنوا خلافة!
 مثل كل ما هو إعجازي في بلاد الرافدين, من قباب شامخة تتحدث عن صولات علي عليه السلام, وصوت من كربلاء يتجدد عبر التاريخ " مثلي لا يبايع مثله", وصباح عراقي ينفض عن نفسه هموم ليل طويل, كانت الفتوى التي لم يدرسها جنرالات حروب تقسيم المنطقة وصُناع الأرهاب, أو يصدقها من وضع الخطط.
جحافل وقوافل غصت بهم المواقع والمعسكرات, بين عامل وكاسب وطالب, شباب وكهول, إختاروا أن ينسجوا خيوط فجر جديد, وأمتزج الدم العراقي تحت لواء الكرامة, ليعلن علي النداوي " والله هذا يومكم" وتلبي النداء سريعاً أمية جبارة, ويعلن مصطفى العذاري عن  شموخ عراقي مع أخر رصاصات في سلاحه, ويكمل أبو بكر السامرائي مسيرة الرؤوس الشامخة والنفوس الأبية, ويعلن وجع سبايكر عن نفسه ليجد صداه سريعا في شيمة ونخوة أم قصي.
بعد عام من النصر تمر صور الموت ونذكر صُناع الحياة, وتترسخ في الأذهان صور العمائم وهي تتسابق على جبهات القتال, فهي أمتداد لعمامة شحذت الهمم وإنتصرت للمبادئ والقيم.
 كسر الرهانات وتحقيق المعجزات كان المشهد الأبرز الذي توثقه الذاكرة العراقية, فبدلا من تحرير المناطق في مدة 3 سنوات طبقا لخطط التحرير البطيئة, تم تحريرها ب 3أشهر فقط, والمدن والقرى البسيطة التي كان من المخطط لها أن تسقط سجلت أروع صور الصمود وآمرلي تتحدث عن نفسها.
التحدي والعطاء صورة سيحفظها التاريخ عن ظهر قلب, ما بين تبرعات للجيش والحشد, ومواكب تحولت الى خطوط أمداد للقطعات العسكرية العراقية, وحديث عن شباب بعمر الزهور يتسابقون للشهادة, وأمهات الشهداء تعلن عن نفسها بين فخر وصبر, بعد عام من النصر كل تلك الصور تروي قصة شعب أراد الحياة, لتبقى مصدر حيرة للمخططين وكل من يجهل أسرار الفتوى.
 


14
سيد القوافي...بقاء أم رحيل؟
مديحة الربيعي   
في فوضى الأستعراض الطاغي وتضخم الذوات الفارغة, وضجيج الأنا الغارقة في التصنع, ونماذج صنمية متشابهة, بملامح باهتة باردة, وجوه وشخوص  بلا مضامين, يمضي هؤلاء بهدوء وكأنهم لم يمروا في هذه الحياة, وأن مرو فمجرد عابرين, ويرسخ في الأذهان الكبار, تلك الاستثناءات التي تعرف تشق طريقها عبر التاريخ, وترسم مسارها في رحلة الخلود.
التعامل مع شاعر أو مثقف أوطبيب او سياسي أو أية مهنة أو صفة كانت  يتضمن جنبة أخرى هي البحث عن الأنسان, وهو أكثر ما نتفقده في أيامنا هذه, فكل ما سواه مجرد القاب, تخفي خلفها ما هو مجهول.
خسارة الأنسان بعد رحلة البحث تلك لا يمكن أن تعوض, كيف سيكون الحال والعراق يفقد هرم إنساني لا يتكرر؟ وشاعر لن تجد القوافي بعده من ينظمها ببراعة عريان, الممتلئ في زمن الفارغين, والأنسان في زمن البشر المتصنعين!
 أبو خلدون العراقي حد النخاع وملئ الجفون, لم يقف على أبواب السلاطين ويكتب الشعر تقربا وزلفى, بكل كتب للحزن العراقي وللأمهات الثكالى, وللأبناء المغادرين في رحلة الموت الى اللانهاية, يكتب للفقراء للجياع وللشرفاء, وينسج النصوص ليميط اللثام عن وجه اللصوص, يخيط ببراعة جرح العراق, وينزف أبياتاً وقوافي من وجع.
كم مرة يموت الشاعر أبا خلدون وهو يوثق قصة بلدِ يختنق بالدم والبارود, وتتقاسمه المآسي؟ وتتوالى عليه الطغاة؟
بين حيرة نعي الهرم الإنساني أوالشعري, أو المواطن العراقي الذي ينزف حباً وألماً وهو يكتب عن شعبه ووطنه حتى سمي شاعر الشعب, كل تلك المهام والصفات تؤكد حجم الخسارة والمرارة, لتبقى الأسئلة سيدة الموقف كيف ننعى الكبار والأنسان؟ وكيف ننعى الشعراء؟
 تحسم المواقف نزاعها وتفصح عن نفسها لا مجال لنعي الكبار أبا خالدون فكل شيء يبدو صغيراً أمامهم, أنما هو عزاء للنفس برحيل لا يعوض, وقوافي تنعى سيدها في رحيل بين دموع ومطر, وهوية عراقية تفقد مدافعا آخر عنها في زمن تتصارع فيه المسوخ على محوها, ووطن يبكي شاعره الذي يغمره بقصائده ويذود عنه, فالعراق يجد العزاء والدواء في شعره الذي يخفف عنه وطأة سيوف غُرزت في خاصرته على مدى سنوات.
كل يرسم طريقه ويختار مكانه, قلة قليلة يتربعون على عروش القلوب, ويرسمون مسارات أخرى للحياة ومعاني مختلفة للوجود, ويبحثون عن أسرار الخلود, فقط هؤلاء من أدركوا معاني الإنسانية, وتركوا بصمات واضحة لمن يقتفي أثرهم عبر السنين, سيد القوافي هكذا يكون البقاء على مدى التاريخ رغم الرحيل.


   



15
 
خدمات ما بعد الكارثة..  متى ستصبح قبلها؟
مديحة الربيعي
يفترض أن نتخذ كافة الإجراءات, يجب أن نقوم بشق جداول, سنضع الخطط اللازمة, تلك أبرز التصريحات التي أدلى بها القائمين على الوضع الخدمي, والتي بينت حجم الكارثة من ضعف خدمات وسوء تخطيط, فكما هو متعارف يفترض أن توقيت الإستعدادات لمواجهة فصل الشتاء قبل حلول الموسم, لا بعد موجة المطر الثانية أو الثالثة تدرس الحلول والبدائل!
زخة مطر واحدة كفيلة بإماطة اللثام عن الوجه الحقيقي للواقع الخدمي وشعارات الإنجاز والموازنات المخصصة التي نسمع عنها ولا نراها!, تلك السيناريوهات تتكرر في كل مرة ومنذ 15 عام, فلا يكفي أن تجترها الذاكرة العراقية, بل تصر الحكومات المتعاقبة وتحرص على أن يعيشها المواطن العراقي بكل تفاصيلها.
 النتائج المترتبة على كل تلك التراكمات أن الشعب العراقي هو المتضرر الوحيد من تردي الخدمات, يواجه أزمة شح المياه صيفاً, وخطر السيول شتاءً!
 موجة الأمطار الأخيرة ألحقت أضراراً جسمية بالمواطنين, ولو أن التدابير اللازمة تم أتخاذها مسبقاً لكانت على الأقل ساهمت في تقليل الخسائر بالأرواح والممتلكات, أن لم تكن قد أنهت المعاناة بشكل كامل, وحولت موسم الأمطار الى مثمر بدلاً من مدمر.
 ورثت الحكومة الجديدة تركة ثقيلة, خدمات شبه معدومة وبنى تحتية متهالكة, لذلك ما يجب التركيز عليه في الوقت الراهن توحيد الجهود لدعم المتضررين, وكانت المبادرات الأولى من أبناء المحافظات الجنوبية وجمعية الهلال الأحمر التي إستنفرت جهودها لمساعدة الأهالي في المناطق المتضررة.
 بداية الموسم الشتوي تنذر بالمزيد, وهذا يُحتم على الحكومة الحالية أن تنتهج سياسية مختلفة في متابعة ملف الخدمات, بأعتباره يمثل أهم مؤشرات النجاح والتغلب على التحديات بالنسبة لها, وقبل كل هذا إنهاء معاناة المواطن, وأستثمار الموسم لزيادة مناسيب المياه.
نقطة تحول ربما تكون موضع رهان في تحويل ملف الخدمات من طارئة فيضانية بعد الكارثة, الى اجراءت وقائية أستباقية في وقتها الصحيح وعسى أن يكون ولو ملف واحد في زمانه ومكانه المناسب, على أمل أن لا نرى منزلاً يسقط على ساكنيه, أو مناطق سكنية تتحول الى مستنقعات, أو سقوف صفوف تنهار على رؤوس الطلبة!










16
حكومة الفرصة الأخيرة... لا زعيم الا الزعيم !
مديحة الربيعي
لم يعد يخفى على أحد النقمة الشعبية والمأزق السياسي العراقي, مظاهرات البصرة التي كانت مختلفة عن أية إحتجاجات سبقتها, بالإضافة الى وضع البلاد ما بعد تحرير الأراضي من داعش, وتراكمات 15 عام من المهازل والفوضى, والأهم من هذا كله تغير نمط التفكير لدى الفرد العراقي وجيل ما بعد عام 2003 الذي تفوق على الصنمية والخطوط الحمراء.
العجز الذي أصاب العقل السياسي العراقي يجهل حقيقة التغيير لدى الجمهور, أو يرفض الإعتراف به, أو يغفل عنه, أياً كانت الأسباب فالنتائج  محسومة, وأن كانت صحوة الشعب متأخرة لكن وجودها يبقى أفضل من عدمه.
حكومة الفرصة الأخيرة أو هكذا أصبحت تسمى, تراوح في مكانها دون أي تغيير يذكر, ومن الواضح أن قادة الكتل غير عائبين بأغتنامها لتصحيح الواقع السياسي البائس, ظناً منهم أن فكرة سياسي سابق وملياردير لاجئ تمثل حلاً لكل التهديدات, فالإمبراطوريات التي أقيمت في الخارج والجنسيات المزدوجة حل أمثل, ولابأس بضخ مزيد من الأموال من كعكة الحكومة الحالية!
 غربان الصراع السياسي تحسب الأمور بهذه الطريقة, فنعيقهم على خراب الحكومة الحالية بدأ يعلو وكل متمسك بحصته ومرشحه, تحت شعار لا زعيم الا الزعيم, لتعيد الى الأذهان المشاهد المثيرة للسخرية في مسرحية الزعيم لعادل إمام التي تشبه الواقع السياسي العراقي.
بين فيضانات وحرمان, وأنعدام خدمات وبطالة وأوبئة تفتك بالثروات الحيوانية ونزوح وغرق مليارات بالنسبة للمواطن العراقي, وأمتيازات للسلطة التشريعية وبدل إيجارات, وصفقات ومزايدات على بيع الوزرات وتعيينات للنخبة, وفضائح في القنصليات وكوارث سياسية لم تعلن بالنسبة لصناع القرار, تبقى الحصص الحزبية تفرض سطوتها بلا جديد أو تجديد سوى تغيير أسماء!
 
 
الأزمات الحزبية ستبقى عائقاً في طريق أكمال التشكيلة الوزارية, وتلك عقبة أولى, وفي قابل الأيام ستكشف الكتل السياسية المتصارعة عن ما في جعبتها من عراقيل وخطط كفيلة بإبقاء العراق تحت سطوة الدولة العميقة  التي ترفض فكرة وجود حكومة تخدم المواطن لا الأحزاب!
 أذا ما بقي الوضع على ما هو عليه فما لا يحمد عقباه قادم دون أدنى شك وأيام المهلة الممنوحة للحكومة بالونة أختبار, لن تصمد طويلاً أمام وضع متفاقم, وصراع  حزبي سياسي قائم, يأكل  في طريقه الأخضر واليابس فكل الدلائل تؤكد أن العراق بعد التحرير لن يكون غنيمة للمتصارعين.

17
عبد المهدي ..هل طارت عصافير التغيير؟
مديحة الربيعي
موازنة عام 2019 تخلو من الدرجات الوظيفية, والكتل السياسية هي من تكفلت بتقديم المرشحين, والبوابة الالكترونية لم تكن المنفذ لتشكيل الحكومة, صراعات ومزادات على ما تبقى من وزارات والدوامة مستمرة والخطوات والملامح مشابهة الى حد كبير ما سبقها من حكومات.
أزمة فالح الفياض وترشيحه لوزارة الداخلية مازالت تعصف بأوراق رئيس الوزراء, ومطب ترشيح شخصيات تحوم حولها شبهات فساد في بالتشكيلة الوزارية الحالية, وخيار عن الذهاب الى الغاء تكليف عدد منهم ناهيك عن الوزرات الشاغرة التي بقيت معضلتها تراوح في محلها.
التطلعات بدأت تتضاءل لدى عموم الشارع العراقي, فالعاطلين عن العمل فقدو الأمل بفرصة الحصول على وظيفة بعد خيبة أمل الموازنة, والمزايدات التي ستحصل على درجات الحذف والأستحداث هي الاخرى ربما سيكون لها سيناريو يشبه الى حد كبير ما يجري في الكواليس السياسية, التي كأنها نسخة طبق الأصل من خيبات الامل التي جرت في السنوات السابقة.
هل يبقى ثمة رهان على تغيير ملموس في الصحة والتعليم؟ والكهرباء والخدمات ومفردات البطاقة التموينية, وتقديم الخدمات والارتقاء بمستوى المعيشة؟ مادامت الأحزاب قدمت مرشحيها وأصرت على المحاصصة فالنتاج طبيعي وواضح وبوصلة التغيير أخذت تتجه مؤشراتها نحو رتابة وروتين وصراع سياسي حزبي, لن يكون له من ضحية سوى المواطن الذي بدأ صبره ينفذ من كل هذا الواقع المتردي والنفق الطويل المظلم الذي لا يلوح في نهايته ضوء ما.
أحاديث الذهاب للمعارضة التي أعلنتها الكتل تبخرت, ولم تصمد كثيراً أمام سباق أقتسام الغنائم, والأهم من هذا لم يعد الواقع العراقي يحتمل مزيداً من الخسائر أمام المآسي البصرية, والأزمات الخدمية والأقتصادية في عموم العراق, وتردي المستوى المعيشي وتفشي البطالة وإنتشار المحسوبية والفساد والصفقات, والتخمة الحزبية والجوع الذي يعصف بالشعب العراقي الذي يتهم بالتخمة والمبالغة بالشكوى من البطالة والفقر, رغم انه يفتقر للسكن والعمل والخدمات الصحية فأي مستوى معيشي والعراق يتجه للخصخصة في كل شيء؟
ماهي رهانات رئيس الوزراء للمرحلة المقبلة؟ لاسيما أن المشهد السياسي أصبح واضحا, بعد أن ازيح الستار عن كواليس المشهد السياسي الحالي, وهل أراد عبد المهدي ان يلقي بالكرة في ملعب الكتل السياسية ليلقى باللائمة فيما بعد على كل كتلة قدمت مرشحها اذا ما أخفق؟ أم أن الفرص أمامه أصبحت ضئيلة, ولم يجد خيارات أخرى وطارت عصافير التغييرالمنشود؟

 
 


18
وزير الرصانة ...طلعت ريحتكم!
مديحة الربيعي
 في جزء من حديث للأمام الحسين عليه السلام "مَنْ رأى سلطانًا جائرًا، ثمّ لم يُغيِّر بقول ولا فعل، كان حقيقًا على الله أن يدخله مدخله", يعتقد العيسى أن شعارات تطبيق القانون والرصانة التي صدع رؤوسنا بها على مدار اربع سنوات يصدقها الشارع العراقي, أو يمكن أن تنطلي على الأوساط الاكاديمية.
 رغم كل الإجراءات التعسفية التي إتخذها من تعتيم إعلامي وفصل اي موظف يكتب عن الوزارة, فالأخبار كانت تتوارد عن تعيينات مشبوهة ومخالفات اميط عنها اللثام منذ أن كان في منصبه.
كان العيسى أحد المثالب على رئيس الوزراء الأسبق حيدر العبادي, ورغم كل الأصوات والأعتراضات كان العبادي يغض الطرف, وأنقسمت الآراء حول تصرفه هذا, منهم من علل سكوته إزاء تلك المخالفات أن الامر بيد مجلس النواب, ورئيس الوزراء ليس بيده حيلة, ومنهم من رجح السبب أنه من حزبه وخليفة الشهرستاني لذلك التزم العبادي الصمت.
كل الحكومات على مدار 15 سنة تكرر نفس أخطائها, ومخالفاتها لا برلمان يحاسب, ولا دستور يحمي ولا قضاء يحرك ساكنا, فأموال العراق التي هربت, والحقوق التي سلبت, وأحلام الشباب التي غرقت بين تركيا واليونان, وتضحيات الاهالي والطموحات التي ذهبت ادراج الرياح, والفساد المحسوبية, الاستحواذ الحزبي على الدرجات الوظيفية, كلها تعيد نفسها في المستنقع السياسي.
المخالفات سرعان ما تختفي وسط مجاملات الكتل, والاتفاقات على تشكيل الحكومة, والحصص الجديدة كفيلة بأن يغطي كل منهم على الاخر, من يحاسب العيسى وامثاله أذن؟ ولماذا تسن القوانين على الخريجين ممن لاحول لهم ولا قوة ولا ذنب لهم سوى أنهم مواطنين, في بلد تقتسمه الاحزاب, ومن منح الحق للعيسى للتحكم بمصائر الطلبة؟ وطموحات الخريجين وأحلام حملة الشهادات؟
الأهم من كل تلك التساؤلات لماذا يتم ترشيح وزير من دولة القانون في كل مرة؟ رغم الخراب الذي حل بالتعليم واهله؟ كما حل بقطاع الكهرباء التي صدرناها في زمن الشهرستاني لدول الجوار! ولماذا كل وزير تعليم يعين اهله ومعارفه واقاربه وحاشيته؟ ويمنح درجات ويقدم على مخالفات والبرلمان والقضاء والكتل  كلها تتخذ موقف المتفرج؟
في كل الاحوال ياوزير الرصانة ,والرصانة زعلانة بدأت المستور يطفو على السطح (طلعت ريحتكم) كما يقال, يبدو أن كل كتلة تحاول الخروج بأقل الخسائر وتغطي ما تكشفه الايام, لتبقى شعارات الرصانة خلف لسلف يأتي بعدك من نفس الكتلة, يكمل ما بدأته من خراب وضياع مستقبل الشباب, ويمضي قدما في مشوار الشعارات!



19
في قلب التاريخ أو في مزبلته ؟
مديحة الربيعي
بعد أن انتهى عمر الحكومة ومرت أربع سنوات كلٌ حمل أمتعته وترك مكانه لغيره, فلو دامت لغيرك ما وصلت اليك, فقد إنقضت أيام التكليف والسلطة والحمايات والسيارات, إنتهى مالهم وبقي ما عليهم وهذا هو الأهم ما تركوا من إرث خلفهم للتاريخ, الجاهل من يفرح بماكنز والعاقل يفتخر بما أنجز, فكل شيء تأكله الأيام, ماعدا الاثر الذي تركه كل في منصبه ومكانه يحفر في ذاكرة التاريخ.
وحده من يتولى المسؤولية يقرر ذلك , أما فرصة يصنع منها مجد, او عار يلاحقه ويلاحق ابناءه وأحفاده الى أبد الابدين, فهو يحدد مكانه في قلب التاريخ أو في مزبلته.
في حكومة العبادي هناك أسماء حفرت في ذاكرة العراقيين بما قدموا وانجزوا فنالوا احترام شعبهم, وتركوا ارثا لا يمكن نكرانه ونسيانه, محمد سالم الغبان, قاسم الاعرجي, خالدي العبيدي, عبد الحسين عبطان, وشياع السوداني, أبرز الاسماء التي نالت رضا الناس وحفروا اسمائهم في تاريخ العراق, في زمن الشبهات والفساد والازمات, النزاهة والانجاز يتحدثان عن نفسهما في سيرتهم على الرغم من اختلاف انتماءاتهم الا أن انتماءهم للعراق كان الاهم.
بعضهم ينظر للمنصب كمغنم لجمع الاموال, وقلة قليلة من يعتبرون المنصب مغرماً, وبين هذا وذاك يبقى الحكم للناس والتاريخ, فكل منهم يمثل شاهداً على من اوفى بكلمته وحفظ ذمة هذا الشعب وحرمته, وعلى من خان الامانة وتنكر للناس.
شعب يقدم الدم والتضحيات العظيمة يستحق أن تحكمه نخبه تحقق اماله وتطلعاته في عيش كريم, ودولة تلتحق بركب من سبقها.
من يؤدي واجبه المكلف به على اكمل وجه, ويوفي حق الشهداء وحق هذا الشعب الذي أثقلته الهموم وخانه الحاكمون, فقد نال رضا شعبه وتجنب عار وسخط التاريخ, من تخلف عن خدمة شعبه وكرس جهده لخدمة نفسه وحاشيته ستلاحقه اللعنات, تماما كما يلعن كل طاغية وظالم وخائن, لتبقى سيرتهم تزكم الانوف على مر الازمنة!


20
مسالخ حكومية: ومخضرمون بجذور حزبية
مديحة الربيعي   
معضلة الفساد الإداري في دوائر الدولة تعلن عن نفسها بمجرد أن تدخل دائرة لإنجاز معاملة ما, والحلول ضئيلة أن لم تكن معدومة على الرغم من أنها معلومة ومتاحة الا ان الهيمنة الحزبية تلقي بظلالها على الدوائر, فلكل وزير مجموعة مدراء ولكل حزب حصة وهكذا تدار الأمور في الزوايا المظلمة.
بعض المدراء في دوائر الدولة لم تصل اليهم أذرع التغيير والإصلاحات  فهم في أماكنهم من اكثر من عشر سنوات, وكل مدير له حاشية وسماسرة والدوائر تحولت الى أسواق (شكد تدفع وامشي معاملتك), بل أن بعضهم ذهب لأكثر من ذلك لا يكتفي بمبلغ ولا يقف عند حد, بل يعتمد المماطلة والتسويف وكل توقيع له ثمن معين (بزود السيد المدير المخضرم) الذي يقدم الأتاوة لحزبه ثمنا لبقائه في منصبه.
هكذا تحولت بعض الدوائر الى مسالخ بعلم الدولة, نزولا عند رغبة الاحزاب, بناءً على حصص معلومة,  وتبقى مافيات الدوائر الرسمية خارج طائلة التغيير والحكومة عاجزة تتفرج عن مكافحة تلك الأمراض المستعصية التي تفتك بالعراق.
يبدو إن الجذور الحزبية لتلك المافيات قد نمت بشكل متسارع, وأصبح الحديث عن تغيير المدير تهديد لوجود حزب, وتحدي لكتلة فأي رئيس وزراء يقدم على مبادرة التغيير يجد نفسه امام استجواب, وسين وجيم ولهذا يبقى الوضع على ما هو عليه, ويبقى هؤلاء تحت مسمى كفاءة ومدير نزيه أفضل من الدخول لعش الدبابير ومواجهة من يقف وراء المدير!
كل تغيير يبقى منقوصا ما تحل أزمة المسالخ الحكومية, التي تسمى دوائر والتي أجهز مدرائها على مقدرات وكرامة المواطن, وهم يعيثون في اروقة الدولة فسادا, تحت مسمى مدير كفوء في العلن بينما الخفاء يتحدث عن حرب إرادات للأحزاب فيها اليد الطولى, ليبقى المواطن تحت رحمة المدير وحاشية المدير المنهمك بجمع الغلة, ويرفع شعارا خارج نطاق التغيير!

21
العراق: سيادة معلنة أم تبعية مبطنة!
مديحة الربيعي
يكاد يكون الحديث عن مقومات دولة في ظل التراكمات والأزمات والإخفاقات ضرب من ضروب الخيال, بين فساد سياسي نخر مفاصل الدولة حتى العظم, ومعارك عسكرية  ضد الدواعش والجماعات الإرهابية بالإضافة الى الصراع السياسي القائم,  يبدو أن هنالك أصرار من أغلب الاطراف في صنع القرار السياسي على زج البلاد في خلافات ومناكفات دولية أو إقليمية, لا ناقة له فيها ولا جمل.
العلاقات والتحالفات السياسية القائمة على أساس السيادة تعتمد على المصلحة المتبادلة, ومن باب المنطق أن يلتفت كل القائمين على صناعة القرار الى أصلاح شتات أمرهم, وترميم خراب البلاد والنظر في مصالح العباد, بدل الانشغال بالتصفيق لهذه الدولة أو تلك, من باب أولى ان ننشغل بتطبيب جراحنا, واللحاق بركب الدول التي نتصارع من أجلها, ونصفق لها بينما لا نمتلك ولو 1% من مقومات الحياة الكريمة لمواطنيها على المستوى الخدمي والاقتصادي, بالإضافة الى ثقلها السياسي, فهي تمتلك مقومات القدرة ومفاتيح القوة في الدفاع عن نفسها وتعرف جيدا مصالحها ومن أين وكيف تؤكل الكتف.
هذا اللهاث وراء كل صراع سياسي في المنطقة والدفاع المستميت عن دول أخرى بدعوى التحالف والعلاقات, يثير سخرية وسخط الشارع  الذي يطالب بأبسط الخدمات, ويقلل من سيادة العراق  أذ يبدو كبلد تابع يدافع عن تلك الدولة ويثأر لتلك, كل يدعو لدعم بلد ما معين على طرف بلد اخر ويعلن ان العراق تحت تصرف دولة دون اخرى!
 الواقع السياسي العراقي عن كثب يبدو أشبه بساحة صراع, كل يعلن عن تجنيد وتسخير مقدرات البلاد لخدمة دولة يراها حليفة, وربما حتى تلك الدول لا تراهم اهلا لدعمها, فمن يعجز عن تقديم الخدمة لشعبه, ويغرق حتى أذنيه في فشل سياسي, وفساد أداري أصبح مضرب الأمثال لكل سعيد يتعظ بغيره, لا يمكن أن يكون حليفاً داعماً أو اهلا لثقة.
المصالح السياسية متقلبة, وأهل مكة ادرى بشعابها, فأعداء اليوم ربما يجلسون على طاولة الحوار, اذا ما استدعت مصالح شعوبهم ذلك, من الافضل التفكير بخدمة العراق وسيادته, التي اصبحت موضع رهان بين الساسة, ومن يدعون أنهم حلفائهم, فلعبة السيادة المعلنة والتبعية المبطنة  لا تغني ولا تسمن من جوع, فالعراق وأهله وتضحيات شهدائه كل شيء واهم من كل الانتماءات والتبعيِات والصراعات, وهذا هو جوهر السيادة والسياسة.

22
وزير التعليم...حكمت فظلمت كسابقيك!
مديحة الربيعي
اذا كانت وزارة لا تميز بين مختص ومثقف فأعلم انك في العراق, في زمن الرشاوى والفساد والمهازل الحزبية, عندما يوجه السؤال للقائمين على وزارة التعليم لماذا تقبلون وتخرجون الاف من حملة الشهادات دون توفير ودرجات وظيفية ؟ يعلن المتحدث باسم الوزارة لنرفع مستوى الثقافة! فنحن نخرج مثقفين! بينما التعليم  في الحقيقة تخرج مختصين فما شأن الثقافة بالتخصص والشهادة العليا؟
في حقبة عبد الرزاق العيسى الذي لم يتوان عن تعين إبنته بمجرد حصولها على الامر الجامعي, لم يختلف واقع حمة الشهادات العليا بدعوى إن البلد تعاني من تخمة في الموظفين, بينما كانت التعيينات قائمة على قدم وساق لمن يملك الاستثناءات والواسطات!
 اما التخمة التي تعاني منها الدولة فهي تخمة حزبية لأن الاحزاب زجت بكل مؤيديها في دوائر الدولة, فهل يحاسب الخريجين على هذه التخمة؟ ولماذا أصبحت الوظائف حكرا على الاحزاب والمتحزبين؟
 من ناحية اخرى تعلن الوزارة أنها عينت  ما بين 2000 الى 3000 وفي الحقيقة حملة الشهادات بمجموعهم يزيد عن بقليل3000, ولم يتعين أحد منهم سوى من كان لديه واسطة او استثناء, فأين تلك الدرجات التي تتحدث عنها الوزارة؟, وأي منطق وعقل يفسر أن يتعين خريج بمجرد حصوله على الامر الجامعي, بل أن قسما منهم لم يحصل على الأمر الجامعي وحصل هذا في الجامعة المستنصرية وجامعة بغداد بسبسب ان أزواج بعض الخريجات ممن تم تعيينهم نواب ينتمون لأحزاب متنفذة, بينما يبقى الاف حملة الشهادات منذ سنوات لم يحصلوا على فرصة تعيين حتى في جامعات أهلية, ولماذا يستعبد الاوائل ليكون مكانهم الجامعات الاهلية بينما المكملين ومن لديهم استثناءات يحصلون على فرص خيالية في الجامعات الحكومية .
واخيرا وليس آخرا وزير الرصانة  يعلن مشروع المبادرة التعليمية للمبتعثين ويحرم حملة الشهادات الذين درسوا في العراق من التعيين, علما ان اغلب المبتعثين هم من الأحزاب ايضا!
 لم تختلف سياسية العيسى عمن سبقه من وزراء ممن عملوا على تهميش الخرجين وإطلاق يد احزاب الخراب في الجامعات,  الى ان وصل الحال بالتعليم ان أصحاب شهادات مزورة استاذة في الجامعات,  والاوائل يفترشون الأرصفة, هذا كله  الى تردي مستوى التعليم وفعلا مؤشر دافوس ومجلات التصنيف العالمي استثنت الجامعات العراقية من أن تكون ضمن لائحتها.
يا وزير التعليم حكمت فظلمت كسابقيك, ولم تختلف عن غيرك في تدمير التعليم, وحرمان الخريجين من التعيينات, وضياع الحقوق والظلم والغبن,  فسياستك نسخة طبق من سياسية الحزب الذي رشحك ومن سياسة والوزير الذي كنت مستشاره, فانت تكمل مسيرة الخراب في زمن الاحزاب وعلى العلم والتعليم السلام.

23
المشهد السياسي.. بين الكهولة والشباب
مديحة الربيعي
من يتابع مجريات العمل السياسي في أغلب الدول العربية والأوربية سيرى أن الحكومات غيرت من منهجها القائم على الخبرات الى الأعتماد الطاقات المدعمة بالخبرات, اي  من جيل الساسة كبار السن الى الشباب, وفرنسا وكندا تحتل الصدارة على المستوى الاوروبي, ومصر بدأت تحذو حذوهما في قرارات السيسي الذي يركز على تمكين الشباب, فضلا عن تجربة سياسية بعد ما يعرف بالربيع العربي, وقطر تمثل نموذجا حيا, بينما أيران كانت السباقة في الأنموذج الذي قدمه أحمدي نجاد.
 المشهد السياسي العراقي رتيب ونمطي الى حد كبير, فهناك قواعد عامة أهمها أن يكون السياسي كبير السن, ربما وصل الى سن التقاعد, من باب الإرتكاز على الخبرة, ولهذا أصبح العمل السياسي حكرا على وجوه محدودة مجرد تغيير أدوار, فلا عجب ان يتجه العمل السياسي نحو الركود فلا جديد ولا تجديد.
من الطبيعي أن تجد الشباب في ساحات التظاهر, اذا ما إبتعدوا عن أروقة السياسية فأغلب الموجودين في المشهد السياسي لا يمثلونهم, وهذا ما يفسر عزوفهم عن المشاركة في الانتخابات, فقد وجدوا ضالتهم في ميادين الاحتجاج لأنها تمثل مجالاً حقيقيا للتعبير عن طاقاتهم وتطلعاتهم, فالسياسية الكهلة لا تغني ولا تسمن كما يقال, بل قد فشل أغلب السياسيين في مد جسور التواصل مع الشباب, وأكتفوا بعزلة خلف جدران الخضراء, فهم لا يشاركون جمهورهم الشبابي الذي يشكل الاعم الأغلب من الشعب العراقي اهتماماته وهمومه.
الترهل الكبير في مفاصل الدولة, والمعضلات الحالية تحتاج الى طاقات شبابية تنزل الى ميدان العمل السياسي, بعيدا عن المكاتب المتخمة بمخصصات الضيافة!
 الخبرة والقدرة التفكير والعمل على تنفيذ الأفكار وخوض غمار المعترك السياسي, التخطيط والتواصل مع الجمهور بشكل صحيح, هي  أبرز مواصفات السياسي المطلوب الذي يتمكن  من التغلب على تحديات الوضع الراهن.
الأمثلة الشبابية التي أفرزتها التجارب السياسية في اغلب الدول كلها تؤكد على ضخ دماء شابة في شريان المشهد السياسي هو الحل الأمثل, وما يعزز هذا التوجه التظاهرات الأخيرة في البصرة, وكل المظاهرات في عموم العراق في السنوات السابقة.
اذا وجد الشاب من يمثلهم, ويتقن التواصل معهم, وينهض بمسؤولياته ويفي بالتزاماته, قطعا سيكون الجمهور الشبابي داعم حقيقي للعمل السياسي وركن أساسي من أركان نجاحه, والمعطيات تؤكد أن  الشباب العراقي طور أساليبه للضغط على أصحاب القرار للوصول الى أروقة السياسة وآليات صنع القرار السياسي.

24
البصرة: صرخة عطش من بين الدم والنفط
مديحة الربيعي
ما الفضل الذي يمن به الساسة على العراق؟ ماذا قدموا وماهي منجزاتهم؟ أي سياسي سيجيب أطحنا بالنظام السابق! والحقيقة أن أغلبهم دخلوا على ظهور دبابات أمريكية, لو أنهم فعلاً أسقطوا النظام لكانت أمريكا الآن تعاملهم كحكام للعراق وصناع قرار, لا أن توجه لهم الأوامر وتتدخل بكل صغيرة وكبيرة, وتفرض شروطها من الألف الى الياء!.
من قوض نظام صدام أبناء العراق الذين صنعوا الأنتفاضات والثورات رغم كل أساليب القمع والقتل, وتحملوا الحصار والجوع والحروب الطاحنة بينما فزاعات الحكم التي يحركها اللاعبون الآن يقطنون القصور في الخارج.
كان الجنوب في زمن النظام السابق يرفع شعار أذا حل الظلام سقط النظام وكانت البصرة  تحديداً تمثل عقوبة آنذاك لمن يؤدي مهامه فيها, فمن يقصر في عمله, أو يمثل مصدر إزعاج للنظام يعاقب بالنقل  للبصرة أو محافظات الجنوب بشكل عام, فهي عصية على الطغاة في كل وقت وحين.
عند دخول القوات الأمريكية وحلفاؤها الى العراق كل المدن دخلوها بفترة قياسية الا البصرة, تركت بصمتها الواضحة كالمعتاد, وألحقت خسائر فادحة بالقوات البريطانية والأمريكية, وفي القريب العاجل في معركة العراق ضد الدو اعش, خلت البصرة من ساكنيها بين مقاتل ومتطوع ومتبرع لخدمة الجيش والحشد, كعادتها في أيام عاشوراء وهي تخدم زوار سيد الشهداء عليه السلام.
لم تبخل البصرة بنفط أو ثروات فقد أتخمت كروش ,وقصور وبنوك الساسة, وعندما طلبوا دم قدمت قرابينها, ونحرت فحمت البلاد وثبتت العروش, جادت بفلذات الأكباد وقرر العيون وعلاء العيداني مثال حي,  فقد قدم عينيه للعراق وأهله.
أني لم أخرج أشراً ولا بطراً ولا مفسداً أنما خرجت لطلب الاصلاح, هكذا أعلنها المصلح العظيم سيد الشهداء (عليه السلام), وهو لسان حال أهل البصرة, فبين جوع تنكره الأحزاب, وترفض الاعتراف به, وبطالة دفعت الخريجين الى البيع على الأرصفة, لأن الاحزاب أستحوذت على الوظائف فأعلنت الدولة تخمتها فواقع الحال أصبح (حزبي تتعين ما عندك حزب اشتغل عمالة)
غياب العدالة الاجتماعية بين شخص يتقاضى ثلاث رواتب وأخر لا يملك الف دينار, عائلة واحدة يتعين منها 12 شخص, وعائلة لم يتمكن أحد منها من الولوج الى منفذ للعيش الا أذا دفع 12 مليون دينار, ليحصل على توقيع وكيل وزير لتخصيص درجة وظيفية, وحملة شهادات عليا يبيعون المناديل الورقية, ويعملون في المطاعم ومحلات المثلجات, بين أسرة لا تملك الا متقاعد يعتاش على تقاعده طلاب وخريجون من عائلة كاملة لم يحصلوا على وظائف, بطالة وفساد, ومحسوبية ورشاوى وصفقات مشبوهة!
 وزيرة صحة حولت المستشفيات الى مزابل, ووزير تعليم غارق في الفشل حتى أذنيه, ووزير تربية عاث بالتربية وأهلها فساداً لدرجة أن المواكب الحسينية أخذت على عاتقها طباعة الكتب لطلاب العراق, ووزير تجارة يستورد الرز التالف والطحين الذي يصلح علفاً للحيوانات, مدارس طين وأمية وفقر وجوع, طوابير من الأرامل والايتام وشهداء راحوا ضحية عمليات إرهابية وآخرين سقطوا على السواتر
برلمان متخم بالصرعات, وفزاعات ترفع الأيادي للتصويت مع الوزير الفاسد الفلاني, وتغض الطرف عن المدير العام التابع لجهة حزبية تشاركها الغنائم, فلماذا يسكت أهل البصرة؟ ولماذا يسكت أبناء العراق على هذا البؤس والتعاسة؟
بينما يسرح ويمرح ابناؤكم في الخارج قدم الشعب قرابينه للعراق, ليكون جزاؤه أزقة تختنق بالنفايات, وكهرباء أصبحت عقوبة جماعية, والموت مجاني, نازحون بلا مأوى, وخريجون بلا عمل ولا أمل, والمهاجرين من جور الحكام غرقى بين تركيا واليونان, زاد على هذا عطش أهل البصرة التي تمنح دون كلل أو ملل, لهذا كله خرج  أهل البصرة, لأعادة هيبة العراقي الذي تنعتونه (بالحيوان ), اذا مر بالقرب من أرتال حماياتكم, فعلى من تطلقون الرصاص في البصرة؟
ما حدث من انحراف في مسار التظاهرات من حرق مكاتب الحشد, لايمثل مطالب أهل البصرة, فهم أهل الحشد وأبناؤه وقادته, سرعان ما تدارك البصريون حجم المؤامرة وتمكنوا من وئد الفتنة, مطالب أبناء العراق البصرة واضحة ولا لبس فيها, أعيدوا الحقوق لأصحابها نفط الشعب لمن قدموا الدماء وليس لسكان الخضراء, قد حذرتكم المرجعية مرارا وتكرارا فتجاهلتم المراجع, وأهملتهم معاناة الناس والجياع والمعوزين, حان الوقت ليقول أبناء العراق كلمتهم, وتقض صرخة عطش البصرة مضاجع الفاسدين!

25
في الأفق.. حكومة عراقية أم حكومة إرادات خارجية؟
مديحة الربيعي
 إنجلت غبرة السباق الانتخابي وصراع الفيلة على وشك أن يبدأ, بين إقتسام الحصص وإغتنام الفرص, وعقد الصفقات للفوز بأكبر عدد من الوزرات والمناصب السيادية, هذا ما يطلق عليه الساسة إستحقاق الكتلة أو اقتسام الكعكة, أياً كانت المسميات فالضامين واحدة, كل يحظى بغنيمته.
على الجانب الآخر مظاهرات خارج أسوار الخضراء, والمرجعية تحذر من إنتفاضة شعبانية جديدة, لن تكون مظاهرة صيفية ككل مرة, والمشهد السياسي بعيد كل البعد عن ما يجري خارج الأسوار المحصنة, فالتعامل مع المظاهرات يحدث بطريقتين  الاولى: تهيئة القصور وإستخدام الجوازات المزدوجة ونقل ما غلا ثمنه وخف وزنه استعداد لأي طارئ, أو الفوز بحصاد ما بعد الانتخابات أن بقيت الامور على ماهي عليه!
لاعين ترى ولا أذن تسمع كل حزب  بما لديهم فرحون, أما الشعب فهو خارج حساباتهم الحزبية ببساطة, لأن كل من يدور في مستنقع السياسية الآسن يعزف على وتر واحد, ويردد العبارة ذاتها (لا يوجد فقر في العراق),لأن إيمانهم بقدرة الشعب العراقي على صناعة ثورة تكاد معدومة ببساطة لأن أغلب الساسة يجهلون مضامين الانتفاضة الشعابية الاولى, فهم كانوا يقيمون في بريطانيا وكندا, وغيرها من الدول الي قدموا فيها الخدمة الجهادية!, ولأنهم دخلوا العراق على دبابات أمريكية فزمن الثورات قد ولى بالنسبة لهم.
ما يميز هذه المظاهرات عن غيرها أنها متخمة بالدم, لم يبخل ابناء العراق بفلذات  الاكباد منذ اللحظة الاولى لدخول الدواعش للبلاد, حتى آخر شهيد من الحشد الشعبي والقوات المسلحة.
 لم يقدم الشعب القرابين ليعاقب بقطع الكهرباء والحرمان من التعيين وأنعدام الخدمات, لينعم كبار اللصوص بخيرات هذا البلد وعوائلهم وأبنائهم يتنعمون في الخارج, بينما تسكن الامهات الثكالى المقابر ويسكن الجرحى المستشفيات.
خياران لا ثالث لهما في عراق ما بعد التحرير, الأول تشكيل حكومة بعيداً عن المحاصصة الطائفية, تنتهج العدالة وتقديم الخدمات, والقضاء على تراكمات الفساد, والاطاحة بكبار الرؤوس التي دمرت التعليم والصحة وأستحوذت على حصص العراقيين بالتعيينات, وأشاعت البطالة والجهل حكومة تعيد الحقوق لأصحابها وتضع الأمور في نصابها.
اما الخيار الثاني تشكيل حكومة إرادات خارجية, تقوم على أسس طائفية ليبقى الوضع على ما هو عليه  من فساد وبطالة, وتأخذ المظاهرات بعداً آخر ويحدث ما عبرت عنه المرجعية (لات حين مندم), فالذي قدم القرابين ليمرغ أنوف الدواعش وقوض نظام صدام من قبل ذلك قادر على استرداد ما سُلب منه, وأعادة أصحاب الجنسيات المزدوجة من حيث جاءوا.


26
المنبر الحر / أحذية وطنية!!
« في: 17:44 11/08/2018  »
أحذية وطنية!!
مديحة الربيعي
منذ 15 عام يتكرر مشهد واحد يبدأ بأعتقاد الشعب العراقي أن تغييرا سيحصل مع كل إنتخابات, معتمدا في ذلك على الخطب الرنانة لرؤساء الكتل والمرشحين على حد سواء بأعتبارهم مقبلين على مهمة وطنية ثقيلة ومقدسة هي خدمة الشعب المظلوم!, ثم ينتهي المهرجان الانتخابي وكل يحصد نصيبه من الأصوات والمقاعد والوزرات والصفقات لتبدأ معها رحلة بؤس جديدة ويتصدر المشهد ثلة من اللصوص, بأختصارهذا ما يحدث في كل مرة.
تحرص الكتل على إنتقاء ممثليها على أساس الولاء الحزبي,  ثم تلقنهم شعارات الوطنية والنزاهة والوحدة وخدمة المواطن والخ, من تلك البضاعة الرخصية التي تغص بها دكاكين السياسية,  بعد كل تلك الشعارات لا المواطن يتغير وضعه ولا الوطن يتعافى من مرضه العضال المشخص بأنه أحزاب تتصارع على إقتسام خيراته وأذلال شعبه!
تكاد مهام وصفات المسؤولين تتشابه ,مظاهر بذخ وحمايات وشعارات, كل منهم يعمل لخدمة حزبه ونفسه, ومعظم حواراته تتمحور حول المواطن وتشجيع الهوية الوطنية, والصناعة الوطنية, والكفاءات الوطنية والثروة الوطنية, والحقيقية تلك الشخصيات لاتمت بأي صلة للوطنية سوى أن أغلبهم يحرصون على أنتعال احذية محلية الصنع! تشجيعا للصناعة الوطنية, ويحرصون على ذلك فقط أمام الكاميرا, فهم ببساطة الامر لا يملكون حتى جنسية عراقية, فعن أي وطن وأي وطنية يتحدثون يا ترى؟ وكيف يتصور الناس أن ثمة خير قادم من سياسي  مزودج الجنسية, ويعزل نفسه عن شعبه بل أن أغلبهم يترفع عن أن يعيش ابنائهم واحفادهم في العراق, حتى من تزوج زوجة ثانية كان حريصا على أن تقيم في الخارج!
ترى أي أدلة يحتاج المواطن العراقي ليصدق أن هؤلاء لا ينتمون لهذا الشعب ولا يأبهون لأمره؟ ومتى يدركون حجم خطيئة أيصال تلك النماذج الى سدة الحكم, للتحكم بمصير شعب مازال يقدم القرابين بين شهيد وجريح؟ ومتى يدرك الناس أن الدليل الوحيد على شعارات الساسة الوطنية  هو أنتعال أحذية صنعت في مصانع عراقية لغرض الدعاية الانتخابية؟

27
حكايتي مع التعليم العالي.. وحكومة المحاصصة!
مديحة الربيعي

عندما تكتب وجهة نظرما تخص الوضع السياسي أو تقييم وزير أو اشادة بأداء أومنجز, فأنك ستتعرض لسيل من الشتائم والتهم بالانتماء لجهة حزبية, عادة تلك العبارات لا تمثل وجها من وجوه الاستفزاز, بأعتبار أن لغة الشتائم وتصدر ممن يجهل, وهي تحتل المشاهد بسبب تعددت الانتماءات للأحزاب والكتل وكل الجهات ماعدا العراق الذي لا ينتمي له الا النخبة, ممن يقدمون الدم والتضحيات بلا مقابل أو طمع في منصب أو سلطة!.
 الا أن التصريحات المستفزة هي تصريحات  من يعلم خصوصا وزارة التعليم, والتي تتطلب الرد وكان أكثرها أستفزازاً تصريح الوزارة حول تعيين أكثر من 3267 خريج من حملة الشهادات في الجامعات والكليات الاهلية, ولهذا ستكون حكايتي مع التعليم أكبر دليل وابلغ رد علي تصريحات  الوزارة.
بدأت حكايتي مع وزارة التعليم العالي عام 2008 عندما تخرجت من كلية الآداب, قسم علم النفس الجامعة المستنصرية وكنت الاولى على الصباحي والمسائي, كانت الحرب  الطائفية آنذاك في أعوام 2005 و2006 و2007 في ذروتها, وطوال تلك السنوات كنت أواجه صعوبة في الوصول للجامعة خصوصا أن السيطرات الوهمية والجماعات الإرهابية وما يعرف بتنظيم القاعدة آنذاك كانت تقطع الطرق على المواطنين, وتستمر القطوعات لأكثر من سبع أو خمس ساعات, وطبعا الاستاذ الجامعي لا يمنح العذر خصوصا اذا كانت مناطقهم امنة بعض الشيء, وفي كل الأحوال كان يتحتم علي الوصول الى الجامعة لذلك كنت أضطر  للسير برفقة فرد من عائلتي لمدة ساعة أو ساعتين متواصلة دون توقف, في بعض الطرق الفرعية, ثم أستقل سيارة أخرى, بعد أن نجتاز تلك المسافات والطرق التي يستحيل أن أجتيازها بسيارة, وعبر طرق رئيسية لأن الطرق الرئيسية كانت تحت هيمنة الجماعات الإرهابية آنذاك.
اذا ما تمكنت من الخلاص من سيطرات الجماعات المسلحة التي ستجد الطرق ملغمة اما بعبوة ناسفة او سيارة مفخخة, وهكذا واذا ما تمكنت من الوصول الى الجامعة أجد السيارات المفخخة قرب الجامعة خصوصا أن الجامعة المستنصرية كانت مستهدفة طوال الحرب الطائفية, وكأن الامر سباق مع الموت والمفخخات, ورغم كل تلك الصعوبات تمكنت من الحصول على المرتبة الاولى في قسمي, في كل عام كان هناك أول على الدراسة الصباحية واخر على الدراسة المسائية اما في عام 2008 كنت الاولى على الصباحي والمسائي معا..
كنت أعتقد بعد كل تلك المعاناة سأحصل على الوظيفة, لأن التعيين من حق الطالب الاول, فتفاجأت بأستبعادي لأن رئاسة القسم في ذلك الوقت والعميد رفضوا منحي كتاب طلب حاجة! وقد بذلت جهودا حثيثة وتوجهت الى وزارة التعليم ورئيس الجامعة وكل من يمكن أن يساعدني في الحصول على أستحقاقي, وكان رد الجميع الامر مرهون بالجامعة, بعد أن نال مني اليأس وأغلقت الابواب في وجهي أتجهت لإكمال الماجستير, الذي كاد أن يذهب هو الاخر للأحزاب كما ذهبت الدرجة الوظيفية! لكن الحمد لله تمكنت من أجتياز الامتحان التنافسي وبتفوق وتجاوزت 45 طالب وطالبة كانوا متقدمين
وفعلا حصلت على الماجستير عام 2011 وكنت اتوقع اني سأحصل على درجة وظيفية, وتكرر نفس السيناريووهذه الامر لم اتوجه للوزارة فقط بل اتجهت للجامعات في المحافظات, واسط اكثر من مرة والكوفة اكثر من مرة , بالإضافة الى عشرات المرات من المقابلات في المستنصرية التي تختنق بالأحزاب والمحسوبية, ومقابلات في جامعة بغداد ولم اجد اذنا صاغية, وتلك كانت بداية دخولي لعالم الكتابة كردة فعل على كل ما يحصل من ظلم, وأستلاب حقوق كل هذا والحكومة من وجهة نظر بعض الجمهور شيعية! وعذرا لأني استخدم تلك المسميات لكنها وأن رفضنا ان نسمعها تفرض نفسها وبقوة, والحقيقة ربما أكون أحد الامثلة على ان الكل يأخذ نصيبه في الظلم والاستبعاد فالحكومة بأختصار حكومة محاصصة وليست حكومة شيعية فقط.
بعد ذلك لم أجد بدا من اكمال الدكتوراه, وفعلا تم قبولي في جامعة بغداد وانهيت دراستي في الدكتوراه تخصص علم النفس السياسي, لأكون اول خريجة تحصل على درجة في هذا التخصص الحديث, وكنت الثانية على دفعتي في كلية الآداب جامعة بغداد, المفارقة أن كل من اعرفهم ومن كان قبلي وجاء بعدي حصلوا على درجات وظيفية, فقط لأنهم ينتمون لأحزاب مختلفة, وفي كل مرة ومع كل تشكيل حكومة أتجه لمقابلة وكيل الوزير, وربما كانت الإضافة هذه المرة اني اتجهت لمكتب رئيس الوزراء في نهاية عام ,2017 ولم اجد جوابا على كتابي حتى الان الذي لا أعرف عنه شيئا حتى الان..
خلاصة الحديث وتلك القصة الطويلة والكلام موجه لوزارة التعليم والقائمين على الحكومة, وكل من حكم البلاد من 2008 ولحد الان من هو المسؤول عن حرمان الخريجين الاوائل من التعيين؟ ومن هو المستفيد من تهميش حملة الشهادات العليا؟ واذا كان اشتراط التعيين هو الدخول في كتلة حزبية ما الفائدة المرجوة من الحصول على شهادة عليا؟ وزارة التعليم متى ستتوقفون عن تصريحاتكم الاستفزازية تلك؟  لاسيما أن واقع حال حملة الشهادات والخريجين الاوائل أبلغ من كل وصف.
ما أشبه اليوم بالأمس في زمن صدام من كان بعثيا يحصل على وظيفية واليوم من كان حزبيا في كتلة ما يحصل على وظيفة!
  في هذه الايام ونحن في رحاب صاحب الذكرى كتب الامام موسى بن جعفرباب الحوائج (عليه السلام)  الى الطاغية هارون مخاطبا إياه " ما أن ينقضي عني يوم من البلاء الا وانقضى عنك يوم من الرخاء ثم نمضي الى يوم لا انقضاء له عندئذ يخسر المبطلون" وهذا هو لسان حال كل صاحب حق مسلوب, ولكل الطغاة وأصحاب المناصب الزائلة ولكم في هارون ويزيد وكل طغاة الأرض الهالكين عبرة فلو دامت لغيركم ما وصلت اليكم!


28
ذاكرة السمك: الم تملوا بعد؟
مديحة الربيعي
مشهد يتكرر مع كل أنتخابات يبدأ بأختيار (حرامية) ثم التذمر ومظاهرات والمطالبة بتحسين خدمات, ثم مطالبة بحل البرلمان, استجوابات لنواب ثم معارك برلمانية طاحنة تتبعها جلسات تسوية واقتسام حصص وهكذا يختتم الصراع الحزبي, فتكون الحصيلة أربع سنوات من النعيم داخل الخضراء والجحيم خارج أسوارها.
المشهد اليومي المتكرر طوال الاربع سنوات يبدأ كالاتي... مففخات انتحاري, انفجار, جوع بطالة فقر,  هجرة الشباب بالجملة خارج البلد ورواتب رعاية وتعيينات, اقرار موازنة رفض الموازنة فساد اداري وحرامية حصة تموينية وطحين تالف وتبليط شوارع وازمة سكن وبيوت ايجار, وتعيين للأحزاب وشهادات مزورة وعقود بدون تثبيت ومحاضرين بدون اجور, علاج ماكو, مطر فيضان رشاوى,  وشهادات مزورة تصحيح دفاتر امتحانية ونتائج مزورة قبولات تعليم موازي وقبولات كليات حكومية, استجواب وزير واستجواب برلماني وحذاء ممرضين ب 27 دولار وهو بألفين دينار, مؤتمر صحفي للنائب المستوجب, لقاء للنائبة المستجوبة, تصويت رفض الاستجواب, تدقيق رواتب تقاعد ومظاهرة للمتقاعدين وصيف حار كهرباء عقود مزورة وصفقات تحت الطاولة وامبيرات ومولدات ومظاهرة وصرح الوزير وذكر المكتب الاعلامي, تفجير تهجير اجتياج داعش قتال , سبايكر شهداء مجزرة اعلان تحرير بيان نصر!
انتخابات تشكيل كتل بطانيات رصيد مرشح حرامي مرشح مزور شهادة عندة واسطة سني ينتخبوا السنة شيعي ينتخبو الشيعة بطاقات للبيع تزوير انتخابات تغيير بطاقات لقاء ندوة مؤتمر برنامج انتخابي تصريح دعايات مرشحين, اعلان تحالف مرشح مستقل, سنغير سنقدم سندعم سننتج لا بطالة بعد اليوم وحق العيش الكريم لكل مواطن, ونفس الوجوه وتقاسم الكعكة وصراع على الكراسي وحرب الوزرات, ولم يحصل  المرشح للوزارة على اجماع وكان فرق صوتين واختيار وزير ووزير بالوكالة ورفضت الكتلة الفلانية التصويت ,وانسحب وهذا المكون يتحفظ على الوزير تم اختيار وزير تم ترشيح وزير اخر تم استجواب الوزير الجديد وصفقات فساد نائب حصل على مبلغ حتى يرفض الاستجواب تم دفع مبلغ لنائبة لضمان عدم اقالة الوزير, ونزاهة وتفتيش وعقود وشبهات فساد ومشاجرة بالأيدي في مجلس النواب وضرب نائب وووو
ثم ينادي الشيعة هيهات منا الذلة وينادي السنة اين عدل الخلفاء وزهدهم بالله عليكم الم تملوا من تلك المهزلة يا شعب العراق؟ الم يحن الوقت ان تفضوا غبار كل تلك السنوات المريرة؟ ما الذي يدفعكم لأنتخاب نفس الوجوه وكيف تتحدثون عن العدل والزهد وفي كل مرة تأمرون عليكم من لا يرقب فيكم الاً ولاذمة؟


29
استعدوا لأربعٍ عجاف جديدة!
مديحة الربيعي
ثمة دوامة بدأت وتكرر مع كل أنتخابات, نفس الوجوه تصل الى الصدارة وتتحكم بمصير بلد نفطي وشعب كان يعتقد بخروجه من السنوات ال 35  سينتقل لمرحلة اخرى ويطوي صفحة الجوع والفقر والحروب, الا انه دخل  في أنفاق مظلمة اخرى ودهاليز لا يعرف لها نهاية,  بل يمكن القول انه يعرف النهاية لكنه لا يود الخروج , ينتظر من يخرجه منها ليدخله في حقبة مظلمة أخرى.
المشهد الانتخابي  في العراق كالآتي يقسم الشارع العراقي الى ناخب متحزب حصل على وظيفة أو منصب من حزب سني او شيعي او كردي المهم أنه من جمهور جهة معينة, القسم الاخر وهو قليل يبحث عن جيد مستقل يمنحه صوته ليتفاجأ بعد ذلك أن المستقل دخل في دوامة التحالفات فيما بعد بحثا عن كتلة أكبر, والقسم الاخر يقاطع الانتخابات لدرجة انه حتى لا يكلف نفسه أن يشطب ورقته الانتخابية وهذا هو السواد الاعظم وقسم اخر يبيع صوته وبطاقته بمقدار معين لأنه يعلم لن يحصل على اي شيء من الوعود الانتخابية المعلنة, حتى تلك الدنانير التي يأخذها مقابل صوته لذلك هو يسارع للاستلام مقدما ليكون شريكا في بيع وطن  لحفنة من اللصوص, كل منهم يشتري منصب ويسعى بعد ذلك لجمع  كل ما يمكن جمعه ليخطط لأربع سنوات جديدة اخرى وهذا تستمر تلك المهزلة لتنتج اعواما جديدة من المعاناة!
لنفرض جدلا أن نسبة المشاركين بالانتخابات كانت52% او حتى 60% كما اشارت الاحصائيات للأعوام الاربعة السابقة, ما هو دور ال 40% ولماذا يقف كل منهم موقف المتفرج ثم يتحدث بعد ذلك عن سوء الخدمات والبطالة حتى وصل الامر الى التهجير وقتال الدواعش وتقديم التضحيات دفاعا عن العراق وأهله.
يعتقد من يقاطع الانتخابات بما أنه لم يشارك بالأنتخاب فعلى الاقل هو لم يكن جزءا من تلك المهزلة, لكن الحقيقة له دور أكبر مما يعتقد في صناعة خراب جديد مع كل مرحلة أنتخابية, بسبب عجزه ووقوفه موقف المتفرج فهو لم يكلف نفسه حتى أن يشطب ورقته الانتخابية كي لا تتحول الى وسيلة لوصول نماذج تتاجر بالعراق وأرضه وشعبه ودماء وتضحيات شهدائه, لقد وفر عليهم نصف المشوار بالتخلي عن دوره ومكانه.
أربع سنوات أخرى مقبلة ستكون أصعب من سابقاتها أن لم يؤدي كل من ابناء العراق دوره, فلا القطعان  التي تخدعها الشعارات يمكن ان يعول عليها, ولا من يبيع دوره ووطنه ببطانية أو كارت موضع رهان ايضا, لكن المراهنة على التغيير يمكن أن تحدث من خلال السواد الاعظم الذي يقف موقف المتفرج, ويقبل على نفسه أن يتحكم في مصيره مجموعة من تجار الشعارات والمبادئ,  خياران لا ثالث لهما اما تفويت الفرصة على هؤلاء  وأما الاستعداد لأربع عجاف جديدة! 



30
الانتخابات: بعد 14 عام يفيدون للمبردات!
مديحة الربيعي
إذا أردت ان تعرف رأي الناس في حدث ما فما عليك سوى ان تستقل الباص, الذي تحول بمرور الوقت ومع تراكم الهموم الى حلقات نقاش مصغرة ومرآة تعكس مدى السخط والرضا عن مجريات الواقع السياسي، وما يدور في هذا الباص الذي لا يختلف عن غيره, فهو يعكس صورة مستنقع سياسي آسن من خلال حديث الموجودين.
بعد 14 سنة من الأداء السياسي قدم الساسة اداء أشبه ما يكون بعرض ساحر فاشل على مسرح, قدم فيه سلسلة من الاخفاقات الكارثية فحول نفسه الى أضحوكة! , ترى أي صورة يترك في اذهان الناس واي انطباع ؟هل يتابع الجمهور عروضه مرة أخرى؟
هذا التساؤل أجاب عنه أثنين من كبار السن تبدو عليهم ملامح الانهاك, أتضح من خلال الحديث أنهم كانوا يقفون في طوابير طويلة أحدهم للحصول على علاج في مستشفى, وعاد خالي الوفاض والآخر كان يبحث عن عمل في دائرة او مؤسسة أهلية لأنه لا يجد ما يسد به رمق عياله, بعد ان أنهت خدماته الشركة التي كان يعمل بها, وأغلقت الأبواب بوجهه وهو يبحث عن عمل لمدة ستة أشهر بلا كلل عسى ولعل أن يجد فرصة في البلد النفطي الذي يكاد يختنق بالفقر والبطالة!
 دار بين بين الرجلين حديث كانت بدايته " هذلولة خلو لافتاتهم للانتخابات؟ الله ليوفقهم ولا يربحهم علاج تدور متلكى بالمستشفى لعد شكو معلكين لافتات عليمن على صخام وجوههم" أجابه المسن المنهك الاخر " حجي لتحرك دمك ميفيد خليهم يعلكون لافتات بيهة فايدة؟ فسأله الأول " شنوا الفايدة  "؟ الجواب " يفيدون للمبردات للتانكيات نخليهم نسوي بيهن في (ظل) للحيوانات"!! لم ينه جملته تلك حتى انفجر كل الموجودين من الضحك لأن جوابه هذا يوضح قيمة تلك الاستعراضات الباذخة والاعلانات التي تكفي لتعبيد شوارع وبناء مدارس وتوفير علاج وووو..الخ
 أخيرا ينتهي السباق الماراثوني بحفنة من الذين تمكنوا من الضحك على بعض السذج, ووصلوا للبرلمان ليجمعوا الغلة ويقدموها لرئيس الكتلة, مقابل ان ينالهم جزء من الكعكة وفقا لمصطلحاتهم الدراجة في عالم السياسية الحديث في العراق، لكن قيمتهم لا تعدوا تل التي ذكرها الرجل المسن المنهك من جور الطغمة السياسية، فأعرفوا قيمتكم التي لاتعدوا أن تكون مفيدة للمبردات وظل للحيوانات!! رحم الله أمرئِ عرف قدر نفسه، بل ربما تعرفون أنفسكم جيدا، السؤال الاصح متى يعرف يستيقظ النيام في هذا البلد؟ ومتى تقدر الناس تضحيات الشهداء على السواتر؟ 


31
مثقفون جياع ..ووزارة التعليم العالي
مديحة الربيعي
كل شيء مثير للأستغراب ومستهجن في الدول العربية أو الاجنبية صار امرا طبيعيا ومن صميم الواقع في العراق, فمن الغريب أن تدخل مستشفى وتجد الخراف تتجول فيها في الخارج, لكن الوضع طبيعي جدا في العراق ومن الغريب أن تجد الشوارع في الخارج تذوب بمجرد نزول المطر لكن في العراق الوضع طبيعي جدا بمجرد أن ينزل المطر تختفي الشوارع بقدرة قادر!
كذلك من الطبيعي أن تجد المسؤول يتجول في الشوارع, في أي دولة اخرى لكن في العراق لابد أن يقطع الشوارع بأرتال السيارات والحماية وجيش جرار ليس له أول من اخر ليمر صاحب السيادة ,وليس بغريب أن تجد المزور لشهادة يدعي أنها عليا يحتل مناصب مرموقة بينما حملة الشهادات يبيعون مخضر على أرصفة الشوارع, وتلك طبعا لحكمة لا يعلمها الا الله والراسخون في الكتلة الحزبية وصناع الكتل الكونكريتية!
  أزمة حملة الشهادات واحدة من الاف الأزمات التي تعصف بالشعب العراقي, والتي لا توجد لها حلول مثلها مثل ازمة لكهرباء والخدمات وزارة التعليم ترى أن مهمة الوزارة فيما يخص حملة الشهادات وحسب ما صرح به المكتب الاعلامي للوزارة هو ( زيادة المثقفين وليس تعيينهم) فالوزارة ليست معنية بتعيين حملة الشهادات!
في كل دول العالم لشهادة مؤهل للحصول على الوظيفة, ولذلك تسمى مؤهل وظيفي, وليست مؤهل ثقافي ياوزارة التعليم العالي!! هؤلاء المثقفون لم يجدوا حلا لأزماتهم تلك سوى أن يدخلوا الاحزاب مجبرين, أو يفترشوا الارصفة, فهم ليسوا مشمولين بدرجات الحذف والاستحداث, رغم تأكيد ان الوزارة انها تذهب لحملة الشهادات غير المعينين الذين يتجاوز عددهم 3000, أين تذهب تلك الدرجات وكيف يتم توزيعها لا أحد يعرف؟
لماذا تغلق كل المنافذ بوجه الخريجين في العراق؟ لماذا تذهب قوانين التدريس المسائي؟ وقانون 5% وكل تلك القوانين التي تمت المصادقة عليها سدى؟ من يحرك قطع الشطرنج ويصر على أفراغ الشهادة العليا من محتواها؟ من يخطط للقضاء على التعليم يهمش الاوائل وحملة الشهادات وفي نفس الوقت يفسح المجال امام من هم اقل مستوى ليصلوا الى اعلى المراتب ليس لشيء سوى انهم ينتمون لكتل حزبية؟
لماذا لا توجد حلول جذرية لحملة الشهادات رغم ان أعدادهم بسيطة ودرجات الحذف والتدريس المسائي كفيلة بحل ازمتهم تلك؟ لماذا لا تغلق الوزارة أبواب الدراسات العليا ريثما يتم تعيين الخريجين العاطلين من حملة الشهادات؟ لماذا تُخرَج الوزارة مثقفين بجيوب فارغة يعيلون اسرهم من افتراش الارصفة؟ وهل تبقى للشهادة قيمة لمن يبحث عن لقمة العيش؟ من المسؤول عن وصول حال الخريجين من حملة الشهادات الى هذا الوضع؟ وكثير من الاسئلة يعلو ضجيجها بحثا عن اجوبة ليقابلها المسؤولين بصم الاذان!


32
حديث المرجعية.. وما يحدث في دائرة التقاعد العامة
مديحة الربيعي
في خطبة الجمعة الماضية أشار السيد الصافي وكيل المرجعية الى الإهانة المتعمدة للمتقاعدين وكبار السن في دائرة التقاعد العامة, كيف يقف الناس في طوابير طويلة في هذا الجو؟ وكيف يتم معاملة المرضى منهم والروتين البائس في تلك الدائرة تحديدا؟.
قبل أكثر من عام تناول مجموعة من الكتاب ما يحدث في التقاعد العامة على الرغم من التكرار والاشارة الى الاداء المتردي والروتين والمماطلة والتسويف في إتمام المعاملات, وأسلوب الموظفين والموظفات في التعامل مع الوافدين من المحافظات والمرضى وحتى سكنة بغداد من كبار السن, الا ان أصحاب الشأن المعنى (أذن من طين واذن من عجين), فقد فضل كل المسؤولين التزام الصمت, حتى وصل الامر الى المرجعية, ومعنى ان يصل الامر الى خطبة الجمعة ويحتل مساحة في خطبة المرجعية, فهذا يعني أن الامور وصلت الى مرحلة لايمكن السكوت عنها.
لا يمكن لاحد أن ينكر أن بعض الموظفين اكفاء خصوصا القائمين على ادارة التقاعد العسكري (الداخلية والدفاع), كما أن بعض الموظفين في القسم المدني وأن كانوا معدودين على الاصابع ادائهم ممتاز وتعاملهم مع الناس غاية في الادب, لكن الاعم الاغلب في تلك الدائرة يتعمد أهانة كبار السن ويتعامل معهم بترفع, وبأسلوب يخلو من كل وجوه الرحمة والانسانية, فمرضى القلب والسكر والامراض المزمنة يقفون في طوابير لساعات طويلة دون الوصول الى نتيجة, وقوف لمجرد الوقوف, علما ان رئيس او رئيسة القسم يدركون جيدا ان الوافدين من المحافظات يتحملون عناء السفر من اجل الوصول, ورغم ذلك لا أحد يبالي ويتمم اكمال معاملاتهم وتبدأ رحلة المشاوير الطويلة, لدرجة ان معاملة اعادة راتب تم أيقافه تتجاوز السنة.
نعم تلك هي الحقيقة ببساطة سنة كاملة من المراجعات لمجرد اعادة راتب تم ايقافه, ترى كم سنة يحتاج البدء بمعاملة جديدة لشخص تقاعد حديثا اي انه يبدأ المعاملة من الصفر؟ سؤال لا يجيب عنه الا من ذاق عناء المراجعات الطويلة والبائسة في دائرة التقاعد 
ترى لماذا يغض اصحاب الشأن المعني الطرف عن ما يحدث في دائرة التقاعد؟ واين لجان التفتيش ومراقبة الاداء في تلك الدائرة؟ وبعد ان وصل الامر للمرجعية وأعلنته صراحة في خطبة الجمعة هل سيستيقظ النائمون من سباتهم العميق؟ والى متى يهان كبار السن والمرضى ممن منحوا العراق خيرة سنوات شبابهم؟ اسمعت لو ناديت حيا ولكن لا حياة.... تلك هي القصة بأختصار


33
الى حراس الفجر... وركب الفردوس الأعلى
مديحة الربيعي
3 سنوات عجاف تخلت فيها  الموصل عن ربيعها وحل الخريف في أزقة وشوارع المدينة, التي ضجت بأصوات الثكالى والأرامل وأختنقت بالدم والدموع, وغزا السواد الأزقة والطرق فمملكة الظلام قد أرخت سدول ليل طويل على شمس الموصل, وأختفت مظاهر الحضارة, فلم تعد ترى سوى يافطات سوداء تغزو الشوارع.
في المنازل المهجورة التي خلت من ساكنيها صدى أنين, وصراخ السبايا الايزيديات, وصليب في كنسية تفتقد الأجراس وأصوات القداس, وطرقات تبحث عن مرح الصبية وأصوات طوابير المدارس, المدينة تبحث عن ساكنها الحبيب النبي يونس (عليه السلام)  الذي غادر الى غير رجعة ليس لبطن حوت يلفظه بل الى مجهول لا عودة منه, ليبقى كل سكان وشوارع وأزقة المدينة في بحث دائم عنه فغائبهم لن يرجع هذه المرة.
 في شوارع الموصل دمية طفلة وشرائط لضفيرتها الذهبية, وبقايا ملابس ممزقة, يبدو أنها سقطت من جحافل السائرين الى المجهول, وبقايا أثار مدينة  دور شروكين التي غادرت بعيداً هي الاخرى, , وقطعة من أجنحة الثور المجنح الذي يأنف أن يبقى في مملكة الخفافيش والجهل والتخلف.
بعد كل تلك المشاهدات والسنوات المظلمة والمجازر المروعة (مجزرة قرية كوجو المعروفة بأم المجازر, مجزرة سبايكر, مجزرة الصقلاوية, تفجير ضريح النبي (يونس عليه السلام) تدمير الاثار العراقية, القتل والترويع بحق المخالفين لهم, قتل المنتسبين في الجيش والشرطة من أهالي الموصل) وقائمة الفظائع والجرائم يطول ذكرها.
  هاهي مملكة الشر تلفظ أنفاسها الأخيرة وتنفض محافظات العراق التي أستبيحت من قبل الدواعش غبار سنوات ثلاث وفي مقدمتها الموصل, وتسعى لأستعادة ربيعها, الذي أينعت قطافه ليس من الماء هذه المرة بل بدماء الغيارى من أبناء الرافدين الجيش والحشد والشرطة الأتحادية وكل غيور هب للدفاع عن الوطن والمقدسات.
الموصل وأن كانت تسعى لأستقبال الربيع, وتغسل وجهها بماء طهور الا أنها لن تخلع ثوب الحداد على حراس الفجر وصناع النصر رجال الله  وهم يجودون بالنفس والمال للدفاع عن الأرض والشرف, فهي ستبقى حزينة وتردد في أرقتها عبر الآفاق صوت المقدم البطل علي النداوي وهو يردد ( والله هذا يومكم وهنيالة الي ينال الشهادة بهذا اليوم) وتبقى تردد صوت أمية جبارة وهي تعلن ( مااندك راسي مو هذولة الي واحد يخاف منهم) فهي تأبى أن تحني رأسها حذرا من رصاصات قناص داعشي, وستبقى تردد صوت مصطفى العذاري وهو يقول(  عندي عشر رصاصات اني جريح راح استشهد وما اسلم انفسي) وستبقى تردد صوت حيدر المياحي وهو يعلن بأعلى صوته ( لا تخافون احنة اهلكم والله لاتخافون تعالوا تعالوا اشربو مي لا تخافون) وستبقى تردد بأعلى صوتها صوت المراسل البطل علاء العيداني الذي بقي حيا وفقد نور عينيه ( عيوني فدوة للعراق )  وستبقى تردد صوت  الشهيد مرتضى سرحان ( وهو يوصي بأطفاله  ويكتب لصديقه ( ما ريد اطلاق نار بالتشييع هاي وصيتي الك )
ستبقى الموصل وكل مدن العراق ترى بعيون علاء العيداني وهو يوثق لحظات النصر, وتبقى عيون العراقيين ترى النصر بعدسة الشهيد علي الأنصاري , وتبقى كل المدن تترد أصوات الخالدين الذي هزموا النسيان, وأرشدوا الباحثين عن الخلود الى طريق المجد, وهم يتسابقون ككردوس الى الفردوس الأعلى ليتلحقوا بركب الحسن (عليه السلام) وهم يرسمون النصر ويحرسون فجر الرافدين  لينجلي ليل القتل والظلم والوحشية والتخلف لتشرق الشمس من جديد وتكتب بحروف  من نور أسماء الخالدين في لوائح المجد.
 في كل المعارك يُعرج الناس على ذكر الشهداء والجرحى, بصفتهم  صناع النصر, لكن في المعارك الاستثنائية ينسى الناس كل الأحداث ويستحضروا الشهداء كما هو حال معركة الطف, ومعركة العراق تلك طفوف العصر الحديث لأنها معركة استثنائية بكل المقاييس, فقد غيرت مجرى التاريخ شأنها في ذلك شأن كل الثورات والحروب  والمنعطفات المصيرية التي تنحت أحداثها في قلب التاريخ وبدونها لن يبقى للتاريخ  عبق ولا ألق, فتحية لكم يا حراس الفجر وكرودس الفردوس الاعلى كما أشرقت شمس يوم جديد على بلاد الرافدين.

34
الإنتخابات المقبلة...شطرنج سياسي الا أذا!
مديحة الربيعي
 أمن, كهرباء, تعيين, خدمات , رواتب تقاعدية, خدمات صحية, تعليم  وغيرها من حقوق بسيطة تمثل الشغل الشاغل لكل عراقي  الذي ربما يجد في صندوق الانتخاب ملاذا ووسيلة للحصول على تلك الحقوق المسلوبة, الا أنه يتفاجئ بواقع مختلف أسوأ من ذي قبل, مرشحون تنصلوا عن وعودهم, وكتل  تخلت عن مشاريعها وأسدلت الستار على مشهد المزايدات على الوطن!
 لم لا فالمرشح أصبح سياسياً وأنسلخ عن جمهوره, والكتلة أصبحت رقما صعبا في مشهد سياسي مشوه!, ليجد المواطن نفسه خرج من فخر وعز الاختيار الى ذل الأمر الواقع (التحالفات والكتل), فهو مجبر على رؤية وجوه لم يفكر يوما أن المرشح او الكتلة ستتعامل معها وهاهي بين ليلة وضحاها  باتت محورا في العملية السياسية, وتتحكم بمصير المواطن والبلد على حد سواء, فمصلحة الكتلة والمرشح فوق الوطن والمواطن وهذا المشهد قد تكرر كثيرا على مدار 13 عام, بأختصار  أنها السياسية يسكت الكل حين يعلو صوت المصالح.
 بعد كل تلك السنوات لم يشبع لصوص السياسة من ملئ خزانهم, ولم يشبعوا من دمائنا أيضا!
 مع أقتراب الانتخابات يدور حديث في الشارع العراقي عن رغبة في التغيير بعدما أرتوت السواتر بالدم العراقي وكل تلك التضحيات الجسام وقبل ذلك كله الإخفاق وخيبة الأمل, وتدهور الواقع السياسي والامني وأنعكاس هذا على المواطن, الذي تطحنه المفخخات وتسحقه البطالة والفقر, ورغم ذلك كله فهو أول المضحين, يجود بالعطاء ليقدم فلذات الأكباد للدفاع عن الارض والشرف, بينما كان أول الهاربين كبار الساسة وأبنائهم, ممن ينعمون بالأمن خارج العراق في الوقت الذي يقف فيه الغيارى على السواتر.
السؤال الأهم هنا والذي يطرح نفسه بقوة كيف سيكون المشهد السياسي في الانتخابات المقبلة وهل سيكون التغيير حقيقي ملموس وجذري؟
 الجواب أذا بقيت نفس الرؤوس الكبيرة والساسة والسياسة فطبعا لا... بأختصار كل ما سيحدث شطرنج سياسي, بعض الوجوه ستحذف من القائمة فقد أنكشف امرها, سرقات وفساد وأداء سياسي هزيل وعقارات وممتلكات بين قوسين نالوا نصيبهم من الكعكة, لذلك طبيعة المرحلة تتطلب (كش ملك), ليحل محلهم أخرين ليقتسموا الكعكة لمدة أربع سنوات مقبلة وهكذا يتم تدوير النفايات السياسية!
هذا المشهد غير قابل للتغيير الا أذا قرر الشعب فعلا تغيير الوجوه..  وربما (الا اذا)  تلك لم تتوفر لدى الشعب لغاية الان, أو أنه ليس عازما عليها, كما عزم على مواجهة الدواعش, فما تتطلبه المرحلة هو التحرر من قيود التبعية, ومن مهرجين السياسة بمختلف طوائفهم وأنتماءاتهم, لاسيما أن المشهد قد بين للشعب العراقي أن السياسة لادين لها ولا مذهب, فدينها المصلحة ومذهبها الربح!
ترى كم يحتاج المواطن ليغير مصيره؟ وكم مرة سيلدغ من نفس الجحر؟ وكيف يتحرر من كونه مجرد أداة مرحلة ورقم أنتخابي  وصوت في صندوق؟ فدمه مباح وحقه مسلوب وأحلامه مؤجلة بأنتظار أن تتخم بطون اللصوص وتمتلئ خزانهم وهذا مستحيل بطبيعة الحال, متى يخرج العراقي من أبعاد اللعبة, ومتى يصبح خارج رقعة الشطرنج؟




35
وزير التعليم التكنوقراطي.. كوبي بيست!
مديحة الربيعي
 منذ مدة حصلت على لقب دكتور, وكنت أعتقد أن الأمر يستحق التهنئة لكن بعد تصريحات وزير التعليم  والناطق الاعلامي بأسم الوزارة, أتضح ان الامر لا يستحق العناء مطلقا فالشهادة العليا طبقا لما يقوله السيد الوزير ليست مؤهلا للتوظيف بس للحصول على مستوى من الثقافة!!
سيادة الوزير هل تعرف أن 80%من رواد المتنبي  ليسوا من  حملة الشهادات العليا, ورغم ذلك هم من كبار المثقفين في العراق, هذا اولا ثانيا أن الشهادة لاتمنح صاحبها  لقب مثقف بل خريج فهي تخصص في مجال معين, والتخصص أن تعرف كل شيء عن شيء معين, أما الثقافة ان تعرف شيء عن كل شيء, ناهيك ياسيادة الوزير أن الشهادة في كل دول العالم مؤهل للتعيين ضمن ما يعرف بالتخطيط واحتياجات سوق العمل والا لماذا يا سيادة الوزير تضع الوزارة خطط القبول؟ وعلى أي أساس يتم تحديد المقاعد في الدراسات العليا؟ الاهم من هذا هل استخدمت شهادتك بصفتك مثقف؟ أم خريج حاصل عل الدكتوراه؟ والجواب واضح لا يحتاج الى أجابة.
الاهم من هذا كله منذ استلام د. عبد الرزاق العيسى المستقل لوزارة التعليم  ما الذي تغير في سياسية الجامعات؟ فمازالت الحزبية تفرض هيمنتها على الوزارة وفي أروقة الجامعات, ومازالت المناصب حكرا على فئة من الاساتذة دون غيرهم, والتعيينات هي الاخرى حكرا على فئة معينة, على أن هذه الفئة لا ترتبط بطائفة أو مذهب بل بأحزاب ومافيات من نوع أخر تبسط هيمنتها على الجامعات, وتفرض وجودها بقوة.
 هل تعرف سيادة الوزير كيف توزع المناصب عميد, رئيس قسم, مدير مركز أبحاث؟ هل تعرف كيف تتم صفقات أختيار لجان المناقشات؟ هل تعرف ماذا يحصل في عمادة كلية الآداب جامعة مستنصرية تحديدا؟ ماذا يحصل في عمادة كلية الشريعة جامعة بغداد؟ هل تعرف سيادة الوزير كيف يستغل بعض رؤساء الاقسام ممن يديرون مراكز بحثية تابعة لهم الطلبة في الكليات؟ هل تعرف كيف يحرك بعض النواب قطع الشطرنج ويتحكمون بالمشهد في الحرم الجامعي؟
على ما يبدو يا سيادة الوزير أنك لا تعرف لأن الايميل الذي خصصته لتلقي الشكاوى ردوده موحدة تقريبا ليس من أختصاصي بل من اختصاص الجامعة!
اليك ما يحدث سيادة الوزير في أروقة الجامعات أن بعض العمداء مخضرمون ولأسباب حزبية ولأن العميد مخضرم فأن رؤساء الاقسام التابعين للعميد مخضرمون ايضا, وكلية الشريعة جامعة بغداد خير دليل على ذلك ويكفي ان يتجول الزائر في اروقة الكلية ليرى طفح مجاري الحمامات والمستوى العلمي المتردي للطلبة لان الكلية تفتقر للكادر وكل ما تعتمد عليه محاضر خارجي يحاضر لمدة عامين او اكثر ثم يتم تغيير المحاضرين في العام القادم  أو يجبر المحاضر للتخلي عن حقوقه وهكذا تتم مصادرة جهود وأستغلال حملة الشهادات.
ما يحدث في الجامعة المستنصرية أن بعض زوجات نواب سابقين وأشخاص متنفذين في الأحزاب أفرغوا العمادة تماما من المسؤولية, لدرجة أن عوائل وأقارب تم تعيينهم في قسم علم النفس تحديدا واقسام اخرى, والعميد او العميدة تحركها الواسطات كما تشاء يمينا وشمالا, لدرجة أن تجبر بعض الاساتذة على تقديم الاستقالة من مناصبهم فقط لان زوجة مسؤول (عينهة عل المنصب)!
أما الاساتذة ممن يمتلكون مراكز بحثية خاصة فقد تمكنوا عن طريق العلاقات من الوصول لرئاسة الاقسام ليمارسوا ضغوطا على الطلبة مما يضطرهم للجوء الى مراكز الأساتذة الأهلية.
المنجز الذي يحسب لوزير التعليم هو أنه قدم استقالة من وزارة الملية ليتفرغ لوزارة التعليم حتى لا يتفاجأ المواطن الذي ينوي مقابلة وزير التعليم بمقابلة وكيله لأن الوزير غير متفرغ.
   بينما يكلف المواطن  نفسه عناء الحضور من المحافظات ومن مختلف انحاء بغداد, يجد أن السيد الوكيل يعقد مؤتمرات في اليوم الوحيد المخصص لمقابلات المواطنين, ممايظطرهم للانتظار لساعات طويلة لمقابلة الوكيل الذي يدس وجهه بين الاوراق, ولا يكلف نفسه حتى للاستماع او معرفة الامر الذي اجبر الناس على مقابلته بصفتهم مظلومين, ليهمش لايوجد غير متوفر لايمكن, فتسبق ال (لا) المعلنة كل الطلبات وينهي المواضيع ببساطة تماما كما هو ايميل السيد الوزير!
أن عدوى سياسة الكوبي بيست واستنساخ سياسية من سبق الوزير تلقى بظلالها على أدارة الوزارة والجامعات, فالأجوبة مكررة وسمعناها مرارا وتكرارا, والخريج يا سيادة الوزير لا يبذل جهودا استثنائية ويكلف نفسه وأهله عناء الدراسة والحصول على شهادة ليجد نفسه مثقف عاطل عن العمل, بل أن بعض من وصل الى اروقة الجامعات والتدريس (عن طريق الواسطات) لا يمتلك ادنى مقومات الثقافة, بل لا يعرف شيء عن أختصاصه أصلا ولهذا وصل التعليم الى ما هو عليه, ويبدو أن وزارة وضع وزارة التعليم أصبح معضلة تضاف لمعضلة الكهرباء التي لم تجد حلولا لغاية الان!


36
 
البحث عن الغنائم.. ومواقف لا تقبل القسمة!
مديحة الربيعي
مشهد واحد يوثق حقيقة حفظها التاريخ قبل سنيتن من الآن, هجرة معاكسة بأتجاهين الأتجاه الأول خارج العراق, فقد غصت المطارات بكبار المسؤولين وعوائلهم للسفر خارج البلاد عند دخول الدواعش للموصل, المشهد الثاني هجرة معاكسة بأتجاه الجبهات حتى أن من يتابع المشهد يفكر أن البيوت  قد خلت من ساكنيها لكثرة المتطوعين عند صدور الفتوى المباركة من المرجعية.
هجرتان الاولى للحفاظ على حياة الرفاهية والبذخ, والهجرة الاخرى للحفاظ على الوطن والشرف, وشتان بين هذين الموقفين والتاريخ بعد الله يشهد ويوثق.
  سرعان ما شرع الشرفاء في هذا البلد بتقديم فلذات الأكباد, لتنقلب الأمور سريعا وتتغير المعادلة, وبدأت صفحة أنتصارات متلاحقة, ليفكر كل من ترك العراق في ذلك الظرف معتمدا على جنسيته المزدوجة بالعودة مرة أخرى الى البلد, الذي يتعامل معه كأنه خزنة يغرف منها في وقت الرخاء ويتخلى عنها وقت الشدة, وهذا هو دأب قطيع النعام في المشهد السياسي.
من أين نبدأ وبمن نبدأ؟, بالشهداء أنفسهم ,أم بالأمهات التي تودع دون لقاء, أم باليتامى وهي تتطلع الى طرق عودة لن يمر منها من رحلوا بعد الآن, أم بالآباء وهم يدفنون قرر الأعين وفلذات الاكباد؟, أم بالأرامل التي تنوء بحمل أعباء الحياة في مقتبل العمر, أم بالجرحى ما بين بتر ساق وقطع يد وفقدان بصر؟.
أم نبدأ بأحلام شباب أنتهت على دكة المغتسل؟, أو أيام نجاح في جامعة أو مدرسة وشهادة تخرج قُدر لها أن تنتهي هنا؟
مجددا أنقسم الفرقاء في المشهد السياسي كعادتهم, بين حديث عن مكافأة بإقرار قانون الحشد الشعبي الذي تحقق , وحديث آخر معارض للقرار بدعوى البحث عن نسبة.
 أما أقرار القانون فكل ما يقدم لن يفي حق ساعة واحدة على السواتر في رحلة بحث عن أحدى الحسنيين, وأن كان هنالك من فضل فللمرجعية ولهم في بقاء العراق, فلا شيء يمكن أن يكافأ من يبذل نفسه ويهجر الاهل ليسكن السواتر,  أما حديث الاعتراض والمعترضون وأزمة البحث عن نسبة, فإن العمل السياسي برمته قد تحول لصراع على أقتسام الغنائم, بغض النظر عن معاناة الناس وتضحياتهم!
 من يعترض على القرار يتعامل مع الأمر كدعاية بدعوى الحفاظ على حقوق ناخبيهم, الا أن الواقع هو أن تلك النسبة ستتحول لأصوات أنتخابية فيما بعد وقد عرف وألف الجمهور تلك الطرق التي لم تعد تجدي نفعا, من المعيب أن يسعى سماسرة السياسة خلف مصالحهم بدعوى الدفاع عن حقوق الجمهور, فهم أبعد ما يكون عن الناس.
المشكلة أن بعض المصوتين لصالح القرار بدأ يتعامل مع الامر كدعاية أنتخابية, ليكسب تعاطف الشارع العراقي على حساب تضحيات الحشد, فرق شاسع بين  من يقتسم كل شيء في العراق , وبين من يقدم كل شيء ليبقى العراق, أن المواقف لن تصبح غنائم ولا تقبل القسمة مطلقا, فهي خارج أطار المساومات !

 


37
صحيفة الشرق الأوسخ ..مملكة العهر والأعلام القذر
مديحة الربيعي
كما هو معتاد تلقي صحيفة الشرق الأوسخ الرخيصة بقاذوراتها على العراق, فهي تنبح منذ مدة الا أن نباحها مختلف هذه المرة, لأن بساطيل الجيش والحشد تركل بقوة حثالاتهم من الأفغان والشيشان خارج الموصل, فعلى نباحهم بطريقة التطاول على بيوت الله, والطعن في أعراض العراقيين.
 أن شعب العراق حضارة منذ كنتم ومازلتم تركضون خلف (البعران), فمذ كنتم تعتاشون على الغزو والسبي وهتك الأعراض, كان حمورابي يسن القوانين دفاعا عن الحق والشرف, الا أن بول البعير الذي تعكفون على شربه لم يؤثر في أمعائكم فحسب بل ترسخ في عقولكم, والنتيجة واضحة في وريقات تلك الصحيفة القذرة.
الشعب العراقي ليس بحاجة لتوضيح قدسية زيارة سبط خاتم الأنبياء عليه وعلى اله افضل الصلاة والسلام, فهو يعلنها صراحة أنها من بيوت الله, بل حتى أنه يحجم عن الأحتفال بأي مناسبة في أيام المحرم, من باب المواساة لخاتم الرسل وحزنا على سيد شباب أهل الجنة (عليهم صلوات الرب أجمعين) فكيف تحققت تلك الصحيفة التي تمثل بوقا من أبواق داعش مما كتبت؟
 ستجد الشرخ الأوسخ ومن يمولها جوابا واضحا في بسطال كل جندي عراقي وهو يمرغ وجوه المرتزقة الذين تمولهم مملكة العهر, وأمامها  الذي يدعو في وسط الحرم لنصرة داعش على الشعب العراقي دون خجل أو وجل, بينما يتجول قادة داعش  من السعوديين في شوارع الموصل وينادون بدل السبية ببطانية.
في الوقت الذي يقاتل ويستشهد أبناء العراق الغيارى على السواتر دفاعا عن العرض وحفظ الشرف, نسمع تلك الأصوات النشاز تعلو بين الفينة والأخرى.
 ربما يجدون في ذلك وسيلة للفت الأنظار عن جرائمهم, في دول  الجوار التي حولوها بؤرة للصراع وباعوا بناتها وابنائها في أسواق النخاسة, يدفعهم لذلك أصولهم الجاهلية وأرث قديم يختنق بقصص الإتجار بالبشر, عجبا كيف يتحدث أبناء البغايا عن الشرف, وانى للعهر بالحديث عن الطهر؟
أبلغ جواب عن الشرف العراقي ستجدونه مستقر في صدور مرتزقتكم من الدواعش, رصاصات من بندقية الشهيدة أمية جبارة.. التي لقنت أبناء النكاح درسا حفظته الأيام عن ظهر قلب..
 أن فعلة تلك الصحيفة الصفراء لم تبق أحدا على الحياد, فحتى من كان محايدا صار يطالب بأتخاذ قرار واضح من الأعلام الداعشي القذر, الذي أماط اللثام عن وجهه القبيح, وكل من يسانده ويموله.
 للشرخ الاوسخ ومن لف لفها.. أبحثوا عن أمهاتكم في سرايا جهاد النكاح, وأبحثوا عن آبائكم في سرايا التفخيخ, أن كانوا احياء إذ ربما فجروا أجسادهم العفنة بحثا عن الحور العين, وأبحثوا عن الشرف في تاريخكم  البعيد العفن بداية من ميسون وسمية وحماية ومرجانة, وتاريخكم القريب لقادة البعران تكشفه تسيفي ليفني وهي تهددهم بالإفصاح عن مغامراتهم  معها!
قد أعلنها زين العابدين (عليه السلام) وهو يعرف عن نفسه أنا أبن نقيات الجيوب أنا أبن عديمات العيوب.. وهكذا هو حال كل الشرفاء من أبناء العراق.. وأعلنتها فخر المخدرات عقيلة الطالبيين عليها وعلى (اهلها السلام) "والله لا تمحو ذكرنا ولا تميت وحينا  ولا يرحض عنك عارها " فأنبحوا يا ورثة العارو العهر, فستبقى كربلاء كابوس يؤرقكم..وختام القول شعرا من بلاد الرافدين للأستاذ فرحان الساعدي
أأنت تخبرنا عن اصل معدننا                      يامن تفشت به جرثومة العلل   

38
من يؤرقه الأمر: أضرب رأسك بكل جدار
مديحة الربيعي
الخيانة والفشل, تلك هي باختصار أسباب النكسة في عام 20014 وسقوط الموصل, ورغم كل ما تبعها من أحداث كارثية كفيلة بأن تبقى رؤوس المتآمرين غارقة في وحل العار, الا أن  الخجل على ما يبدو قد غادر تلك الرؤوس وها نحن نسمع بين فترة واخرى نقيق, كنقيق ضفادع في بركة آسنة حول مشاركة الحشد في معارك تحرير المناطق التي يستحوذ عليها الشيشاني والافغاني!
يصفقون للدواعش  ويرحبون بهم حتى وصل الأمر أن سي يونغ المرشح الاوفر حظا   لإدارة ما يعرف بولاية صلاح الدين, ويرفضون وجود الحشد العراقي بدعوى الدفاع عن حقوق أهل السنة؟ اذن من هجر  اهل السنة من محافظاتهم؟ ثم من قال ان الحشد الشعبي يقتصر على مكون واحد؟ ماذا عن كتائب بابليون بقيادة ريان الكلداني وماذا عن ابناء البو فهد والجغايفة وماذا عن ابناء الرمادي الذين التحقوا بالحشد؟
 الأمر برمته ما هو الاصفقات ومصالح تتفوق لدى أصحابها على حماية الأهل والوطن والدين وحتى الهوية.
من يبكي على حقوق أهل السنة سرعان ما كفكف دموعه في أول سهرة رأس السنة وأحتفال أول عيد خارج العراق بعد سقوط الموصل, بينما حمل ابناء العراق جرح بحجم وطن بعد  أن اجبروا على ترك مناطقهم للخلاص من بطش الدو اعش, ليتكفل الغيارى من أبناء العراق بكل طوائفهم للدفاع عن وطن خانه المتصارعين على المصالح, ومازالت طوابير الشهداء تصطف طويلا للوصول الى دكة المغتسل .
 لكل من فقدوا الخجل في المشهد السياسي من تجار الدم والشرف, ومن ينبح من دول الجوار على القوافل, لاسيما من راهن منهم على عدم اشراك الحشد وكل من يؤرقه وجوده في نينوى.. اضربوا رؤوسكم بكل جدار فقد دخل ابناء الحشد في الموصل, ليساهموا في تحريرها, وليقطعوا الطريق على من يعقد صفقات من تحت الطاولة لتهريب كبار قيادات الدواعش سرا.. والتاريخ  على كل حال سيوثق خيانة دمى السياسة!

39
الحسين عليه السلام .. ومعركة الوجود الفاصلة (ج2)
مديحة الربيعي
المصلح العظيم ربيب النبوة يطبق كل مبادئ رسل السماء, السلام والرحمة, وأحترام الانسان, بل حتى  الحفاظ على حقوق الحيوان, والشواهد أكثر من ان تورد, المواقف تكشف حجم الهوة والفرق بين المعسكرين,  سيد الشهداء في طريقه الى كربلاء أختار موقعا قريبا من الماء وكان الحر قبل أن يلتحق بركب سيد الشهداء مبعوث ابن مرجانة, ليضيق الخناق على سيد الشهداء عليه السلام, شعر هو ومن معه من الجيش بالعطش.
   منتهى الإنسانية أخلاق النبوة: سيد الشهداء حرص بنفسه على أن يسقي جيش يزيد الماء ورشف الخيول.. أي تُسقى وتغسل ليخفف عنها وطأة الحر والعطش.. سليل النبوة  يكرم الانسان والحيوان.
  عندما هيمن جيش يزيد الفاسق على الماء حرموا حتى الرضيع من شربة ماء واحدة, بل انهم أقدموا على ذبحه وهو في يد والده.
  الحرص على عدم بدء الحرب: موقف اخر يظهر من خلال رفض الامام عليه السلام أن يضرب سهما واحدا وهو يقول " أكره ان أبدئهم بقتال", ...بينما يتسابق جيش يزيد على ضرب السهام,  تحت عنوان اشهدوا لي أني أول من رمى عند يزيد عليه اللعنة, فهم يتسابقون على ضرب خيام ال بيت الوحي.
 الحرص على حقن الدماء: موقف ثالث يظهر حرص سيد الشهداء على السلام, فهولم يختر القتال أنما أخرجوه مجبرا من مدينة جده عليه وعلى اله افضل الصلاة والسلام, لأنه رفض أن يبايع الفاجر يزيد, وحتى اللحظات الاخيرة يتجنب القتال ,في طريقه الى كربلاء قبل أن تبدأ المعركة أبلغ الحر أنه جاء بطلب من الناس فقد كتبوا له ان أقدم علينا, وطلب العودة  الى أرض جده " دعوني أرجع من حيث اتيت" فهو لا يرغب بالبيعة, الا ان الخطط  قد أعدت مسبقا لقتله وأهل بيته عليهم السلام.
عزة وأباء الحرية بأبهى صورها: أعلنها روحي له الفداء " يزيد شارب الخمر قاتل النفس المحترمة مثلي لا يبايع مثله", فلم يتركوا له خيارا آخر سوى القتال, فكانت كربلاء معركة بين الخير كله ويمثلها أصحاب سيد الشهداء وأهل بيته, تلك الصفوة التي تمثل سكان الجنة وهم يقضون ساعتهم الأخيرة على الارض, وبين الشر كله ويمثله  معسكر عمر ابن سعد وجيش يزيد عليهم لعنة الرب والخلائق أجمعين, ...معركة بين الايمان كله والشرك كله.
 معركة فاصلة ومستمرة: معركة بين كل قيم السماء ومعاني الفضيلة منذ نزول ادم الى الأرض, وبين كل صور ووجوه الرذيلة منذ بدء الخليقة حتى قيام الساعة.
 معركة فاصلة بين الحق كله والباطل كله, بين انصار دين الرب وبين اعدائه, بين حزب الله وحزب الشيطان, هي كربلاء التي بقيت خالدة لأنها معركة لغاية الان ,وحتى قيام الساعة تفصل بين معسكرين لا ثالث لهما, يعلوا في احدهما صوت الحسين عليه السلام مثلي لا يبايع مثله, فهنيئا لمن التحق,  ومن يلتحق بمعسكر سيد الأحرار وفاز فوزا عظيما.......وتستمر الطفوف.

40
الحسين عليه السلام .. ومعركة الوجود الفاصلة (ج1)
مديحة الربيعي
 لا يمكن الجزم بأن هناك من يجهل أسباب قيام الثورة الحسينية, ممن يُشكلون على سيد الشهداء عليه السلام في النهوض, فالحقائق معروفة وواضحة كوضوح الشمس في كبد السماء, حتى في التاريخ الموضوع المزيف الحقيقة بينة, فقبل  أن يُكتب التاريخ  بهذه الطريقة وثق الرسول الاكرم (عليه وعلى اله افضل الصلاة والسلام) مكانة الحسن والحسين عليهما السلام عندما أكد في أحاديثه المباركة أنهما سيدا شباب أهل الجنة.   
أحاديث الرسول الاكرم (عليه وعلى اله افضل الصلاة والسلام) كفيلة بإلقاء الحجة, فإذا كان الحسين عليه السلام خارجيا كما يصفونه وحاشاه من هذا الوصف فكيف يكون سيد شباب أهل الجنة ؟ ورغم ذلك للتذكير بأبعاد الثورة ولمن يصر على ان يغلق أذنيه, ولمن يتحرى الحقيقة..
 لم يعلن الحسين عليه السلام القيام , ويعزم على الحرب الا بعد أن أدرك واقع الامة وماوصلت اليه ,بعد أن تسلط على كرسي الحكم ثلة من شرار أهل الأرض, ألقوا دين الرب خلف ظهورهم, وعادوا الى ما كانوا عليه قبل البعثة النبوية.
   فلا يخفى على أحد دخول طريقة دخول الطلقاء للدين الاسلامي, الاستسلام لا الإسلام دفعهم للدخول الى الدين, والرضوخ للأمر الواقع.
 ناهيك عن الرغبة  في البحث عن مجد يعتقدون أنهم أفتقدوه لأن أكتافهم تساوت مع أكتاف الفقراء في المساجد التي دخلوها مجبرين,  ولأن السادة والعبيد  من وجهة نظرهم أصبحوا  بنفس الدرجة والمستوى الاجتماعي والاقتصادي, وبالفعل حققوا ما أرادوا ووصلوا الى الحكم, وبدأت مهمة الحفاظ على كرسي الخلافة, بقطع الرؤوس والتعذيب وقتل خيرة صحابة الرسول(عليه وعلى اله افضل الصلاة والسلام).
 بين خليفة يتقيأ الخمر في المسجد, وأخر يصلي صلاة الصبح  بركعات ست وهو مخمور ويسأل الناس هل ازيدكم بعد أم اكتفيتم بست ركعات؟, واخر يرسل جاريته تأم الناس في المسجد, هذا ما وصل اليه الحال في تلك الفترة, والأمة في حالة أنقسام بين  من قبض ثمن البيعة ليزيد الفاسق, ومن يخشى على حياته فيسكت, ومن  أبى تم تعذبيه وقتله, لم يجد سيد الشهداء عليه السلام الا ان يعلن القيام , وطرح تلك المضامين الخالدة " أنما لخرجت لطلب الاصلاح في امة جدي رسول الله", " وأن يزيد شارب للخمر قاتل النفس المحترمة ومثلي لا يبايع مثله".
وبدأت رحلة العطاء الكبير, فقد ترك سيد الشهداء المدينة وتوجه الى كربلاء حفاظا على حرمة بيت الرب, لأن يزيد طلب من اتباعه ان يقتلوا الحسين عليه السلام أن رفض البيعة حتى لو كان متعلقا بأستار الكعبة, فخرج  سيد الشهداء عليه السلام حرصا على بيت الله في الثامن من ذي الحجة في يوم التروية, وترك الناس يطوفون حول بيت الله, وتوجه للقائه, ونذر نفسه وعياله لنصرة دينه.
معركة فاصلة بين الأيمان وكل قيم الأصلاح والفضيلة, فزين العابدين عليه السلام يصف عبادة سيد الشهداء" عجبت كيف أني ولدت لابي الحسين وكان يصلي في اليوم والليلة الف ركعة", بهذا المستوى العبادي والانقطاع لله كان قائد الجيش الاول المُصلح العظيم الحسين عليه السلام.





41
قريبا ..مقتل البغدادي والرئيس ال45 للولايات المتحدة!
مديحة الربيعي
وزير الدفاع الامريكي اشتون كارتر يعلن" نستبعد تحرير الموصل قريبا", وفي واقع الأمر هذا طبيعي جدا ومتوقع للغاية, فالسناريوهات الأمريكية قد تعودنا عليها والفناها, فقبيل كل أنتخابات أمريكية يتم القضاء على كيان إرهابي, يتم أستحداثه قبيل الأنتخابات الأمريكية, ويبقى لمدة 4 او 8 اعوام, ثم تقتل قياداته في ضربة جوية قبيل السباق الأنتخابي الأمريكي ليبدأ التحضير لجماعة ارهابية اخرى تحتل المشهد!
البداية كانت من أسامة بن لادن الذي قدم مفاتيح الشرق لبوش, فيما يعرف بأحداث الحادي عشر من سبتمبر, والتداعيات التي تلت تلك الحادثة وحديث عن شرق أوسط جديد, يناغم تطلعات الكنيست, ويضمن الأمان للدولة اليهودية, مع مزيد من الموارد تحت ذريعة أدفعوا لنقضي على عدوكم الأول!
 بعد  أحداث سبتمبر, كان مقتل الزرقاوي الحدث الأبرزعام 2006, ثم مقتل بن لادن عام 2011 الذي عزز موقف اوباما, وسرعان ما بدأ العمل لخلق كيان جديد يناسب المرحلة الجديدة, وينتهي بمجرد أن تمنح أمريكا الضوء الأخضر
سيناريو سيتكرر قريبا مع اقتراب تحرير الموصل, فما أفصح عنه كارتر يتعلق بسباق الانتخابات الامريكية, وقبيل دخول هيلاري كلينتون للبيت الأبيض  سيعلن عن ضربة عسكرية تقصم ظهور الدواعش, وربما يفر البغدادي في جبل ما, ثم تتم ملاحقته ويقتل, الى هنا ينتهي فيلم السهرة الأمريكي الشيق..
   بعد ذلك كله أنتظروا صناعة غول آخر في ولاية كلينتون الثانية, يمهد لرئيس مقبل في أمريكا.
تلك هي بإختصار قواعد اللعبة يا سادة يا كرام , يحيطها الكثير من الملل والرتابة والروتين, ربما على أمريكا أن تبحث عن سيناريوهات أخرى تقتل بها أبنائنا, وتستنزف مواردنا ,تحت ذريعة محاربة الأرهاب الذي تعكف على صناعته وتصديره, ثم تتخلص منه وتعيد صناعته بإصدار جديد منه مع تحديثات بسيطة.. ومازال  في جعبة أمريكا المزيد!

42
أخفضوا أصواتكم الطائفية...قد أنتهت اللعبة!
مديحة الربيعي
   
(انتم هجرتو السنة, انتم ذبحتوا الشيعة ..انتم حرامية, وانتم بعثية)..هكذا هي معظم اللقاءات بين نائب شيعي وآخر سني على القنوات الفضائية! وفي نهاية اللقاء يحصد كل منهم أصوات جمهور مكون معين, عن طريق الضحك على الذقون, والعزف على أوتار الطائفية.
لكن هذه المرة أتفق البرلمان المنقسم على نفسه , ولأول مرة على إقالة وزير الدفاع خالد العبيدي, فالبرلمان منذ مدة لم يجمع على قرار أقالة, رغم الخروقات والصفقات ووو.., وقد تابع الشعب العراقي كيف تشظى البرلمان فيما يخص إقالة سليم الجبوري يعني اقالة الجبوري حرام والعبيدي حلال مثلا؟
حقيقية واحدة للتاريخ هي أن وزير الدفاع العبيدي ووزير الداخلية الأسبق الغبان هما فقط من أصر على اختيارهما رئيس الوزراء العبادي, وفي الحقيقة كان الثلاثة على مستوى المسؤولية, فعلى الرغم من أن كل واحد منهم من كتلة,  الا انهم مثلوا نموذجا عابرا للطائفية, وهذا يثبت أن العبادي مكبل بصراعات واطماع الكتل, وأنه صادق في نواياه فيما يخص الاصلاحات, الا أنه يقف في حقل الغام لا يمكنه أن يتحرك خطوة واحدة بفضل دستور بريمر!
هاهو الان يخسر بالتدريج وزرائه الذين أختارهم بمليء أرادته, وبقي فقط من فُرضواعليه, بل حتى أنهم عادوا بعد تمكنت كتلهم من الغاء الجلسة التي قدم فيها مرشحين جدد!
 فهل يستغرب الشعب العراقي من عدم وجود إصلاحات حقيقية؟.. بينما هو من سلم مقاليد الأمور بيد نواب يفترض أنهم يمثلونه؟ ويدافعون عن مصالحه؟..  بعد لحد يلوم العبادي يا جماعة.
اما العبيدي اجرأ وزير في الحكومة العراقية لغاية الآن, حتى وأن كان الأمر صراع مصالح كما يشيع بعض النواب, الا أنه فضح الحرامية تحت قبة البرلمان كما لم يفعل أحد من قبل.
 الغريب في الأمر .. أن معظم الاصوات الطائفية التي تعلو في اي لقاء بين نواب الكتل هدأت بل تلاشت تماما, فقد أجتمع الفرقاء, (والحمد لله لا انت شيعي ولا هذا سني والامور تمام), وكأن احدهم يقول للأخر اخفضوا اصواتكم الطائفية ( لان هاي الشعارات متوكل خبز والعبيدي اصلا ميخلينة ناكل خبز, حقهم حتى سفرة ماكو), وساد البرلمان هدوء غريب, ليقدم للشعب خيبة جديدة بعد ذلك بإقالة وزير الدفاع!
جيد  أكثر من سؤال لنواب الشيعة والسنة على حد سواء لماذا لم تجمعوا من قبل على اقالة حرامية صفقات الحامض حلو ب28 مليون دولار؟ ولماذا تجمعوا على تقديم الادلة ضد مليارات فلاح السوداني؟ ولماذا لم تقيلوا وزراء الكهرباء من الكتل المختلفة عفتان وعبد الكريم لعيبي وايهم السامرائي والشهرستاني وغيرهم وغيرهم ؟ وماذا عن صفقات البسكويت المسمومة في وزارة التربية التي سرعان ما وئدت في مكانها؟
يحسب للعبادي والعبيدي والغبان معا الوفاق والأتفاق وصدق النوايا, أما  العبيدي لوحده فتحسب له وللجيش العراقي البطل تحرير الأراضي العراقية التي أستحوذ عليها داعش في عام 2014.
كما يحسب له ترفعه عن الطائفية وسرعة أستجابته لحالة المراسل البطل علاء العيداني, عندما أرسله للعلاج خارج العراق بعد أصابته مباشرة, كما يحسب له  تمثال علي النداوي  المعروف ( بأبو الغيرة), ويحسب له احترامه للجندي العراقي بغض النظر عن مذهبه وأنتمائه, أما الصفقات التي يتحدث عنها النواب فيما يخص العبيدي أن صدق ما يشاع .. فالحمد لله .. الجماعة ( المولات والفنادق والشقق والشركات والارصفة بالموانئ ووو.. يعني بين قوسين خلوهة سكتة).


43
خالد العبيدي.. غيض من فيض!
مديحة الربيعي

عندما خرج الشعب العراقي بتظاهرات, ورفعوا شعارات منها (أصحى يا شعب باكوك نوابك) , وأصبح أسم المجلس المتداول في الشارع مجلس النهاب بدلا من النواب, أحتج عدد من النواب على تلك المسميات والشعارات, وكان جوابهم حرفيا "نحن سلطة تشريعية, لا نملك حولا ولا قوة, كما أن كل الصفقات تحدث في أروقة الوزارات وليست تحت قبة البرلمان"!
حتى أن هذا الحديث أصبح شعارا رسميا, ردده كثير من ببغاوات البرلمان ظنا منهم أن الشارع العراقي ساذج, فكل مواطن عراقي يعرف حقيقة التعيينات, وكيف تحولت الى ورقة ضغط على الشارع العراقي؟ لاسيما الخريجين, وكيف يطبق بعض الحرامية في المجلس مبدأ تجويع البطون وأستعباد العقول؟, وكيف تباع المناصب و الوزارات؟ فمجلس النواب من يشكل الحكومة , ويختار الرئيس ورئيس الوزراء ويوافق على التشكيلة الحكومية.
بإختصار مجلس النواب الكل بالكل, وكل مآسينا سببها بعض الحثالات التي تمكنت من الوصول الى قبة البرلمان, بسبب شراء الذمم, وأستغلال حاجة الشعب العراقي الذي تحول أكثر من 950 الف شخص منه الى متسولين في عموم المحافظات وتقاطعات الطرق في بغداد وحدها خير شاهد على ذلك.
رؤساء الوزراء بدورهم بالتتابع فضلوا الصمت, منذ عام 2005 ولغاية الآن فقد اختاروا الأبتعاد عن مواجهة كبار الحرامية المختبئين خلف حصانتهم, ربما بسبب مصالح مشتركة , أو خوفا من أستجوابات مفتعلة أصبحت وسيلة جباية أخرى.
أستجواب مؤجل منذ أكثر من عام لوزير الدفاع خالد العبيدي ,كان من المتوقع أن يكون تقليديا, الا أن العبيدي قلب الموازين هذه المرة, ووقع مالم يكن بحسبان المافيات تحت قبة البرلمان, فمنذ عام 2003 ولغاية الآن لم يجرؤ أحد من المسؤولين على كشف الحقائق, ووضع اليد على الجرح لنحل أحجية وطن غني وشعب فقير.
ما كشفه العبيدي غيض من فيض فساد طبقة سياسية, باعت العراق أرضا وشعبا وتاريخا, ولو أن كل وزير أو مسؤول تجرأ على كشف المستور لما أستباح الدواعش أرض العراق, ولما أصبحت أيامنا دامية, ومقابرنا جماعية.
 أسباب العجز والفشل السياسي باتت واضحة, خصوصا أن كل رئيس وزراء سيصبح تحت رحمة مافيات تدافع عن كيانها ووجودها وأمتيازاتها, وأيا كانت حقيقة الخلافات بين وزير الدفاع ومن كشف اوراقهم, وبغض النظر عن مجريات تلك القضية  هناك حقيقة واحدة فقط, أن هناك مافيات منظمة تحت قبة البرلمان!

44
 
الحكومة والأحزاب.. وحقيقة ما يحدث!
مديحة الربيعي
أن أسباب الإخفاق والصراع في العملية السياسية بمجملها هو الترهل الحكومي, الذي يعتبر نتيجة طبيعية لتقسيم  الوزارات على أساس المحاصصة الحزبية, فالأحزاب بمختلف مذاهبها وقومياتها وانتماءاتها, تقدم مرشحيها للمناصب الوزارية على أساس الحصص الحزبية, التي لا يمكن التخلي عنها لشخصيات مستقلة كفؤة, حتى وأن ثبت عدم كفاءة المرشح الحزبي,  لأن الانتماء الحزبي أهم من الكفاءة, وهذا هو نفس المشهد قبل عام 2003, فليس من المهم أن تكون كفوءا بل أن تكون بعثيا!
العملية السياسية في العراق تدار بطريقة الشطرنج, وبطبيعة الحال التحكم بمجريات اللعبة لن يتم من خلال الحكومة بل من خلال الأحزاب, عن طريق تقديم البدائل من نفس الكتلة اذا أعترض رئيس الوزراء على المرشح.
 أقتسام الحصص والتنافس على المكتسبات يتم على  أساس الدستور الذي وضعه بريمر, وهو واقع حال مفروض, من منطلق التعددية الحزبية, وعدم تكرار تجربة الحزب الواحد هذا هو المعلن الا أن ما يحدث مناف للواقع تماما, بالإضافة الى مشكلة أكبر تواجه الحكومة والأحزاب على حد سواء.
المأزق الحقيقي الذي يواجه الأحزاب الشيعية والسنية والكردية, وغيرها من الكيانات من مختلف المذاهب والقوميات أن الأحزاب التي تصدر مرشحيها لشغل المناصب تعاني من الترهل والشيخوخة المبكرة, بسبب تكرار نفس الوجوه, ومحدودية البدائل وعدم أستقطاب الكفاءات الشابة والدماء الجديدة, التي شأنها أن تقضي على حالة الجمود التي أصابتها, فهي لم تعد مصدرا لرفد الحكومة بالطاقات, بل أصبحت مجرد كيانات تتنافس في المشهد الأنتخابي فقط, وأسباب هذا المرض العضال مشخص أيضا ولم يجد حلولا هو الآخر!
معظم رؤساء الكتل يحيطون أنفسهم بحاشية تمتلك زمام الأمور, سرعان ما تتحول الى محل ثقة, ثم بعد ذلك تبسط هيمنتها على الحزب, الذي يتحول بالتدريج الى كيان ضخم معطل.
 وما تلبث تلك الحاشية والكيانات التي تتحكم بالمشهد الحزبي أن تصبح مجموعات ضخمة, تعمل على تجذير وجودها في أروقة الحزب, وأبعاد كل ما من شأنه أن يهدد كيانها, ويبدأ صراع الأفيال ضمن الحزب الواحد, للأستحواذ على السلطة وزمام الأمور, بينما يبقى رئيس الكتلة مجرد واجهة أعلامية, وكيان يفقد جمهوره بالتدريج.
بطبيعة الحال الأحزاب التي أصبحت تحت هيمنة مجموعة واحدة, او عائلة واحدة  تعمل على أستقطاب من  يضمن لها البقاء, ليكونوا قاعدة جماهيرية تعمل على دعم من أستقطبهم, وتصبح تلك المجموعة كتلة داخل كتلة, وكيان داخل كيان آخر, يعمل بشعار الحزب المعلن , ويعمل بخلاف شعارات الكتلة التي ينضوي تحت قيادتها فتتحول تلك الكيانات الحزبية الى مجرد واجهة, لهيمنة عوائل تسحب البساط بالتدريج من قادة الحزب.
كيف تتمكن أحزاب تحولت الى مجرد كيانات منخورة من الداخل, وأصبحت مجرد واجهات من تقديم الدعم للحكومة؟ بل كيف تتمكن من تقديم كفاءات كفيلة بإدارة وزارة أو حتى دائرة؟ والاهم من هذا كيف تتمكن تلك الأحزاب من خدمة جمهورها وناخبيها؟
لم يعد الصراع  في تلك الأحزاب التي أصيبت بمرض من هذا النوع كامنا في داخل أروقتها فحسب, بل أصبحت جزءا من صراع حكومي كبير, يعمل على أفشال اي مشروع ناجح, وعبء يثقل كاهل الحكومة والمواطن على حد سواء.
  الحلول المتاحة لا تتعدى الخيارات الآتية, أما أن تتمكن  الأحزاب  من أصلاح نفسها , وهذا أمر مستبعد, والحل الآخر المتاح هو أن يغير المواطن وجهته, ويحدد خياراته في صندوق الأنتخابات, فطريقة الشطرنج الحزبية لم ولن تمكن الحكومة من خدمة الناس على الأطلاق, وسيبقى المواطن ضحية الصراع الحزبي والترهل الحكومي.

45
نيس والكرادة.. وجمل أعور!
مديحة الربيعي
 في ثنايا أيامنا التي تحولت الى مراثي نودع ونشيع  الشهداء صباحا ومساءا, من كان منهم على الجبهات, أوبين شوارعنا التي تحولت الى ساحة تصفيات سياسية, بين دول المنطقة التي تشترك في حصد أرواحنا ليقف العالم متفرجا, بينما يسجل التاريخ كيف يقتل شعب الحضارات؟ وكيف يسعى القتلة الى أغتيال لحظات الحياة, في أزقة وشوارع بغداد وعموم العراق.
لم تمض سوى أيام على مجزرة الكرادة, حتى تعرضت فرنسا وبالتحديد مدينة نيس الى حادث إرهابي, سرعان ما أصبح محور أهتمام العالم, والأهم من هذا أن أول المستنكرين والمعزين, والمغردين على تويتر هم من كبار شيوخ الفتنة, ممن يصدرون فتاوى القتل والتفخيخ والتكفير بحق العراقيين, والقسم الآخر ممن صموا أذانهم عن حادثة الكرادة وكأنها لم تكن, وعلى رأسهم الأزهر الذي لم يصدر حتى بيان أدانة أو يقدم تعازي لذوي الشهداء, وكأنهم جمل أعور يتابع بعين واحدة فقط فأبناء العراق قتلى, وأبناء فرنسا شهداء!
غوغل ويوتيوب كان أكثر عروبة ممن يسمون أنفسهم عربا, فغوغل كانت أول المتضامين مع شهداء الكرادة, ويوتيوب هو الأخر أعلن تضامنه مع أبناء العراق من خلال وضع شارات سوداء تعبيرا عن الحزن, وقبل هذا سبقهم الليغا ونادي ريال مدريد, الذين تقدموا بالتعازي لذوي شهداء التفجيرات التي طالت مشجعي النادي من أبناء بلد.
ربما توتير منح مساحة لبعض الحمير من دعاة الفتنة التكفير, وكبار معلمي التفخيخ من أطلاق ما يعرف بالتغريدة, ظنا منهم أن الحمير تغرد في غفلة من الزمن, وهم يعتقدون أن فرنسا أو حتى دول الاتحاد الاوروبي يمكن أن تلتفت لتعازيهم, وهي تدرك جيدا أنهم وراء فتاوى التفجير والقتل, والجزاء وجبة غداء في الجنة, وكأنها ملك أبيهم يقسمونها كيفما يشاؤون.
الشعب العراقي يعرف جيدا كيف يطبب جراحه, فأبناء العراق الغيارى بمختلف انتماءاتهم وطوائفهم, يثبتون في كل مرة أنهم شعب واحد, من الدورة الى مدينة الصدر, ومن الشعب الى الأعظمية, فقد تطوع ابناء تلك المناطق للبحث عن أشلاء الشهداء, وأقاموا سرادق العزاء , وقدموا العون لمن فجعوا بأبنائهم, فالكرادة اصبحت عراق مصغر.
 لمن يراهن على بقاء العراق وحيدا, ويغض الطرف عن قتل أبنائه ويتعمد أن يغلق اذنيه, الحسين (عليه السلام) بقي وحيدا في الميدان, تحيطه الألوف ولم يخمد صوته على مر السنين, ولم تحول الأيام ثورته الى ذكرى, وقبابه الذهبية خير شاهد على ذلك والعراق اليوم يقف وحيدا, يخوض طفوفه على قلة الناصر, وسيبقى مهد الحضارات يقدم للتاريخ عبقا كما هو دوما على مر السنين..

46
هذا ما فعلوه بالعراق منذ عام 2003!
مديحة الربيعي
 من الواضح أن الرؤوس الفارغة التي تتحكم بالمشهد السياسي لا تسمع سوى صدى صوتها, رؤوساء الكتل وصراعهم المحموم على الكراسي, كأنهم ديكة متصارعة تقاسموا كعكة طبخها بأحتراف بول بريمر, ورضوا بدستور كتب على العراق التقسيم والمحاصصة,  وصار كل كيان دولة داخل دولة, أمتيازات وأستحقاقات ووزارات وكأنهم جنهم إذا ما سُئلت هل أمتلأت فتقول هل من مزيد!
هذا هو الواقع المفروض والمواطن بين خيارين كلاهما مر , أذا تحدثت فأنت بعثي حتى لو تفنن صدام وحزبه بثرم أهلك وأبناء عشيرتك, وأذا رضيت بالواقع والتزمت الصمت فما عليك سوى أن تتجه لدائرة الطب العدلي لأستلام جثمان ذويك من الشهداء الذين مزقتهم الانفجارات, ولن تستلمهم حتى تدفع 40 الف لوزارة الصحة كأجور فحص, للتعرف على بقايا الشهيد! ثم تدفع مصاريف أبنك على الجبهة فالحشد بلا رواتب (والكراوي على اهل المقاتل)!
جيوش العاطلين عن العمل تعج بها شوارع بغداد وعموم المحافظات, فالمقاهي قد امتلأت بالرواد من الخريجين, وحملة الشهادات يحزمون حقائبهم بعيدا عن بقايا وطن, وفرقاء المشهد السياسي تتجاور شركاتهم وقصورهم في بغداد ولندن, فبينما تفرقهم طاولة السياسة, تجمعهم المصالح والقصور والبنوك.
الفساد الإداري ينخر أروقة الدولة, بل قد أوشك على الأنتهاء منها, فالمدراء التابعين للكتل والأحزاب قد أختنقت بهم الوزرات, مثلما أختنقت البنوك بثرواتهم, وأختنق المواطن وضاق ذرعا  بحكام  يتفننون بإذلال شعبهم.
معظم المدراء وحاشيتهم غير قابلين للتغير, الا بعد أن يتنحى الوزير التابع لكتلة ما ويستلم وزارة أخرى في الانتخابات المقبلة, فالوزير والمدير ومساعد المدير تابعين لحزب واحد وكتلة واحدة, والبيع والشراء يتم بصفقة واحدة, والا فأن العملية السياسية لن تسير بشكل صحيح, وأذا لم ينتقل كل هؤلاء  لوزارة أخرى سيغضب الشركاء في الواقع السياسي, وتتوقف العملية السياسية العرجاء عن العمل, لتصاب بالشلل والعمى كما هوحال الطغمة التي تمسك برقاب العراقيين وتجيد حصد أرواحهم!
سياسية تكميم الأفواه هي الأخرى قائمة على قدم وساق منها بطرق قانونية, بين مطرقة هيئة الأعلام والاتصالات, ومنها ماهو (جوة العباية) فسيارتين وبضع رصاصات كفيلة بإخماد الاصوات!
في حديث بين دار في مجلس الشاعر ابو افراس الحمداني بين أثنين من الفقهاء, " ثما ماذا يا أبا اسحق؟ ثم يزيلون الكناسة القديمة, ويأخذون مساليب الحكم" تلك هي بأختصار قصة الكرسي العقيم, الذي يحصد أرواحنا من زمن اخو هدلة وأهلنا في المعتقلات مرورا بالعتاة الجدد  ومافعلوه من 2003 وحتى الآن, سؤال لكل من يهمه أمر العراق  متى تزيلون الكناسة القديمة؟

47
رئيس الوزراء هذا هو عدوك الأول؟
مديحة الربيعي
الإرهاب وداعش تلك تصنيفات لعدو ظاهر, معروف وسبل مواجهته متاحة, لكن هناك عدو آخر مبهم يقضي على مفهوم الدولة, ويقوض أركان الأمن والنظام, تعرفه بمجرد أن تدخل دائرة من الدوائر تحسب على الدولة, الا أن من فيها في الحقيقة يمارس جرائم أبشع من داعش, لأنه يخرق النظام والقانون تحت العلم العراقي, وفي عقر دار مؤسسات حكومية تعترف بوجود قانون!!
عدوك الأول والحقيقي يارئيس الوزراء الذي يؤلب الشارع العراقي ضدك ويثير السخط والنقمة على الحكومة هو الفساد, والروتين وأهانة المواطنين في دوائر تسمى دوائر دولة.
 بمجرد أن يسافر المواطن كزائر, لأي بلد عربي يدرك حجم الهوة بين واقع العراق وقيمة المواطن العراقي في بلده, وكيف تُقيم وتعامل الدول الأخرى مواطنيها؟, بل كيف تعامل الوافدين بمنتهى الأحترام لانهم ضيوف دخلوا أراضيها!
أتساءل ياد كتور حيدر هل دخلت دائرة خدمية؟ وسئلت الناس عن معاناتهم؟ وأطلعت على أحوالهم عن كثب؟
 هل قررت منذ تسلمك السلطة أن تزور دائرة التقاعد العامة, أو دوائر التسجيل العقاري؟ هل فكرت في يوم من الأيام القيام بجولة في دوائر الصحة والمستشفيات في بغداد والمحافظات؟
 ترى ما الذي منعك من أن تقترب من شعبك؟ و تسمع شكوى ومعاناة كبار السن وهم يرتقون سلم مكون من 7 طوابق في دائرة التقاعد أي ما يقارب   150درجة؟, ضمن نظام أشبه بالعقوبة الجماعية؟ وما الذي منعك من أن تسمع منهم التسعيرة الجديدة للمعاملات في دوائر الدولة التي تبدأ من 25 ورقة فما فوق؟
 هل تعرف يارئيس الوزراء أن الأمارات العربية تزور المتقاعد لبيته لتنجز المعاملة؟ وهل تعرف مستحقات طلبة الجامعة في الأمارات؟ وكيف تتم معاملة حملة الشهادت؟ بل كيف تتم معاملة الطفل أذا كان مرافق لمراجع في دائرة من دوائر الأمارات؟
لماذا أحطت نفسك بفقاعة وعزلت نفسك عن شعبك؟ وما الذي يمنعك من الاستماع لشكوى الناس والأختلاط بهم؟, فهؤلاء شعبك ليسوا برابرة ولا زومبيات كما يراهم بعض ساسة القرن الواحد والعشرين في العراق الذي يسمى ديمقراطيا!
لو انك  ياد كتور حيدر زرت دائرة عامة في دولة مجاورة, وقارنت بينها وبين دوائر العراق, لتعرفت على عدوك الحقيقي وجها لوجه, ولعرفت أسباب السخط والنقمة في الشارع العراقي على الفساد الذي يلتهم مقدرات الدولة كالجراد, ولحمدت الرب الف مرة كيف أن الناس لغاية الآن يتحملون هذا الوضع المزري البائس, وكيف يهان العراقي في دوائر الدولة, وكيف تتعامل الدول الاخرى مع مواطنيها بمنتهى الاحترام؟
 الاهم من هذا لا اعرف هل تقرأ ما نكتب؟ أم هناك حاشية تصور لك أن الأمور على ما يرام, ليتك تقرأ, وليتك تسمع نصيحة شعبك, قبل أن تصل الأمور الى مالا يحمد عقباه, مع أن الحلول متاحة وبسيطة للغاية وبإمكانك وحدك أن تكسب الشعب وتضع الأمور في نصابها الصحيح!!



48
نهاية أزمة..وبداية ازمات مقبلة!
مديحة الربيعي
منذ ما يقارب 13 سنة ونحن نسمع جملة من المفردات, مللنا سماعها من أفواه الساسة, الذين أخذو على عاتقهم التجارة بتلك المسميات الرنانة, مثل الشركاء في العملية السياسية, والتهميش والأقصاء, والمربع الأول ومصلحة الوطن, وخدمة الشعب, وما الى ذلك من يوميات  عرض البضاعة السياسية, التي يدلل عليها أصحابها, ليملأوا جيوبهم وخزائنهم.
اذا ما عدنا الى أرض الواقع فأن أصل المشكلة واضح لا لبس فيه, يمكن تشخيصه بمنتهى السهولة, بل هو مشخص أصلا منذ عام 2003, الشركاء في ما يعرف بالعملية السياسية, التي لم نعد نعرف محتواها, لم يتفقوا مطلقا!
تردي الواقع السياسي والأمني والأقتصادي ما هو الا أنعكاس لتلك التجاذبات والصراعات والمناكفات سموها كما شئتم, فكل تسميات الأختلاف والخلاف, تؤدي الى نتيجة واحدة, وطن على أبواب الضياع, ومواطن يبقى دوما هو الضحية!
الخدمات وأبسط متطلبات العيش مفقودة ولن تتوفر, لأنها لم تعد هي المشكلة, بل هي نتيجة لصراع محموم أكل الاخضر واليابس, متى ما عولجت المشكلة الرئيسية صراع الفرقاء, ستنتهي كل المشاكل بالتدريج, عندما يدرك الشركاء في العملية السياسية, أنهم يتحكمون بمصير شعب, ويرسمون سياسية وطن, فالعراق ليس خزنة كل منهم يهرع للحصول على مفاتيحها!
أذا ما أدرك أطراف الخلاف والأختلاف  أصل الأزمة, وعمدوا الى حلها, آنذاك يمكن القول أن هناك عملية سياسية في العراق.
 أما أذا ابقي الوضع على ما هو عليه, كل يغرف ويملأ خزائنه وجيوبه, سننتهي أزمة راهنة بشق الأنفس, لتبدأ أزمات أخرى, لن تجد حلولا على الأطلاق, ولن يبقى أمام الفرقاء سوى التخلي عن السفينة قبل أن تغرق, حلول عديدة وفرص متاحة أوشكت على النفاذ, والأيام وحدها كفيلة بكشف النوايا, وتحديد المصير.. أما أنقاذ السفينة قبل أن تغرق, أو البحث عن طوق نجاة لن يقي من الهلاك!

49
الى الحرامية في الحكومة العراقية
مديحة الربيعي
منذ عام 2003 ولغاية اليوم وبعد أن أنتهت حقبة الدكتاتورية, وفارس الأمة الهمام الذي يضحي بشباب العراق, لحماية كروش وعروش دول الخليج! ظن الشعب العراقي أنه مقبل على مرحلة  جديدة من الديمقراطية, الا أنه وقع في فخ  الحرامية أعتلوا ظهور الدبابات الامريكية, فأقتسموا الأرض ومن عليها ,من ثروات وشعب وأرض, وشرعوا أبواب الموت على مصراعيها أمام العراقيين.
بينما تمزق مفخخات صراعاتهم على الكراسي أجساد أبناء الرافدين الغضة, يمزق الجوع بطون اليتامى وهم يمسحون السيارات, في مفترقات الطرق, ويترك العوز بصمته على وجوه الأرامل, والثكالى ممن يقفن في طوابير على أستحياء, في دوائر الرعاية الأجتماعية, أو دائرة التقاعد العامة, بحثا عن نزر يسير لا يغني ولايسمن جوع, ليقعوا تحت رحمة  الموظفات والموظفين, المسنودين من قبل الأحزاب والذين حصلوا على التعيين بالواسطة, والشهادات المزورة, كأنهم لم يقدموا قرابين للعراق الذي تحول باطنه الى مقبرة, وظاهره سجن كبير لشعب الحضارات المبيوع بالجملة!
هناك خلف أسوار المنطقة السوداء بفعل من فيها, الحمراء لأنها تختنق دما, الجرداء لأنها تخلوا من عقول وقلوب لا تعرف الخالق, ولا تعرف رسوله وأهل بيته عليهم الصلاة والسلام, يقبع اللصوص وسراق المال العام وأكلي السحت, لينعموا بخيرات البلاد بينما يقتل الشرفاء على السواتر.
الحرامية وأصنام السلطة, أما وقت امتلأت خزائنكم وأختنقت البنوك بأموال العراق وترفهت عوائلكم, على حساب آباء وأمهات وزوجات الشهداء, فلا هنأكم الرب بما أخذتم, ولا طاب عيشكم.
 جئتمونا بشعارات مستعارة, بدعوى الحرية والعدالة ثم أستعبدتم الناس, وأمتطيتم ظهور الفقراء,  حيواناتكم الأليفة تنعم بالكهرباء , بينما يتسول أطفال العراق في التقاطعات.
 شعب معذب ينتقل من فترة مظلمة الى أخرى تلعن ما قبلها, والمهم في كل هذا بالنسبة للحرامية, تقديم فروض الطاعة للولايات المتحدة  طعما بالحماية, ربما فاتهم أن أمريكا تتعامل بمبدأ كش ملك, بمجرد أن تنهي مصالحها, سرعان ما تتخلص من مخلفاتها, لتبدأ البحث عن عملاء جدد.. من يراهن على الحماية الأمريكية مصيره مثل من سبقه, من قادة الشرق قبل خريف العرب, وفي قابل سيلحق بهم قادة الشرق الجديد.. بأختصار الحرامية في الحكومة العراقية...قد راهنتم على حصان خاسر!


50
حكومتنا الرشيدة.. تضرب المتقاعدين!
مديحة الربيعي
وعود رئيس الوزراء بالإصلاحات وتعهده بضرب المفسدين, لم تحمل مضامين ما دعا أليه , فالعناوين تتحدث عن شيء, والحقائق تروي تفاصيل أخرى, العنوان الأول تقشف حكومي, والمفارقة أن الحكومة ومن يعمل فيها, وكل ما يمت لها بصلة, وبيوت الوزراء والنواب, لم تعرف ما هو التقشف, كما عرفه المواطن وألفه, بل كأنه صمم خصيصا للمواطن المسكين.
  المواطن الذي تعصف بجيوبه الفارغة الأزمات الأقتصادية, كما تعصف المفخخات والصراعات السياسية, بأشلاء أبنائه وذويه, فهو في مرمى هدف القتل اليومي والجوع الذي يستهدف شعب البلد الغني, ويستثني حكومته!
المواطن الذي يرسل فلذة كبده, وقرة عينه, إلى جبهات القتال, لتقر عين العراق, ويأمن شعبه, وينعم ساساته المتخمين, وهم يرفعون شعارا أسمه التقشف, لا يعرفون معناه, ولم تألفه بطون أبنائهم أو بناتهم, كما لم تألفه قصورهم العامرة, تماما كما لم تألف الخضراء الآمنة, مفخخات الموت اليومي, والقتل بالجملة! هذا هو الشعار الأول الذي تحول من تقشف حكومي الى تقشف شعبي.
الإصلاحات وضرب كبار رؤوس الفساد, بيد من حديد, سرعان ما تحولت اليد الحديدية, لرئيس الوزراء وغيرت مسارها, من ضرب رؤوس المفسدين, الى ضرب رؤوس الفقراء والمتقاعدين!
إستقطاعات  طالت رواتب الحشد الشعبي, قطع رواتب شهداء سبايكر, بشكل كامل لمدة 4 أشهر, وأستقطاعات طالت المتقاعد, الذي يستلم  كل شهرين ,مبلغ زهيد لا يسمن ولا يغني من جوع, يدفعه لتسديد فواتير طويلة, بطول عذابات الشعب العراقي ( أيجار, سحب, توفير مستلزمات البطاقة التموينية التي أخذت تتلاشى تدريجيا مصاريف مدارس, أعالة خريجين تحولوا الى عاطلين عن العمل, مصاريف علاج) والقائمة تطول..
كنا نأمل من رئيس الوزراء, أن يبقر بطون حيتان الفساد, ويسترجع حق المقاتل والمتقاعد, والأرملة وشهداء سبايكر, وأن يضع نصب عينيه معاناة الفقراء, وسكان بيوت الصفيح, ويفرض سياسته التقشفية على النواب, والوزراء والمدراء العامين, وأن يشمل نفسه وقصره بالتقشف أولاً, بدلا من أن يستقطع من راتب المتقاعد الذي يمزقه العوز, وتحفر أيام الفاقة والعوز أخاديدها في وجهه, كنا نأمل أن تطبق خطط التقشف على المترفين المتخمين, لا أن تطال حرابكم التقشفية, ومطارقكم الإصلاحية... رؤوس الشعب المظلوم.. ما هكذا تورد الأبل يا رئيس الوزراء!

   




51
 
أهالي مدينة الصدر... طوابيركم  مازالت طويلة!
مديحة الربيعي
ملابس ممزقة (وعربانة ...تنكة دهن) ومحفظة تحتوي على بقايا الف دينار, أحترق نصفها وبقي نصف آخر ليوثق مقدار ما يملكه صاحب المحفظة, أسرته  بقيت تنتظر موعد عودته من العمل, فبأنتظاره قائمة طويلة (فلوس الأيجار, السحب, ومصاريف المدرسة), كلها تنتظر عودة صاحب المحفظة الفارغة, لاسيما أن الشهر أوشك على الأنتهاء, ولم يبق منه سوي يوم واحد, ليقف أصحاب المستحقات, أمام بيت صاحب المحفظة المفقود!
لم يرجع في نهاية اليوم, أتصلوا عليه مرارا وتكرارا, لكنه لم يرد على الأتصالات ربما حصل على عمل, وهو مستغرق في عمله, لذا لا داعي للقلق,  تلك هي الأفكار التي تعود عليها الشعب العراقي, وسرعان ما تزدحم في رؤوس الأمهات والزوجات والأبناء, ليهدئوا من روعهم, حتى يتمكنوا من طرد شبح الموت اليومي.
 خبر عن أنفجار هز مدينة الصدر,  يلغي كل الأفكار دفعة واحدة, بل يشل التفكير ليجد كل من أتصل  بأبن أو أخ, ولم يلق جوابا آنذاك أجابات كافية, خرج ولن يعود وهو الآن في مكان آخر!
لقد حان وقت الرحيل الى مكان آخر, بعيدا عن المسؤولية والتكليف, ذلك المكان وعد به خاتم الرسل( عليه وعلى اله افضل الصلاة والسلام), منذ بدء الدعوة لتوحيد خالق عظيم.... مقعد صدق عند مليك مقتدر.
المهم في هذا المكان الذي أرتقوا اليه, أنه يخلوا من وجوه الساسة, الذين أخذوا على عاتقهم بيعنا بالجملة, وخلقوا الفتنة والقتل والطائفية, والفقر والجوع, ويخلوا من الواسطات, والحزبية والكتل الكونكريتية, ويخلوا من الحرامية ومواكبهم, يخلوا من أصحاب الأحذية  الإيطالية الجديدة ,والعقول البائسة القديمة الخاوية, يخلوا من الطوابير الطويلة التي ألفها الشعب المظلوم, وأبناء مدينة الصدر تحديدا.
طوابير المدينة الحزينة ..تبدأ من البحث عن عمل (عامل بناء, حمال, عامل نظافة) فأبناؤها والفقر رفقة طويلة, طوابير المدينة الحزينة تصطف طويلاً, على دكة المغتسل, منذ عرف الشعب العراقي الحروب وألفها, فمدينة الصدر لها حصة الأسد في طوابير الدفاع عن العراق, ومغتسل النجف الأشرف خير شاهد على ذلك, طوابير أخرى تصطف في مدينة الصدر, لتشييع شهداء تفجيرات سوق مريدي, الذي تحول من باب للزرق وتأمين لقمة العيش...الى باب للموت للجماعي, الى متى تبقى طوابير الفقر والموت طويلة في مدينة الصدر؟ الى متى تبقى طوابير الموت والفقر طويلة في وطني؟   




52
البطاقة التموينية.. ومافيات تنمو في الظل!
مديحة الربيعي
أزمات كثيرة عجزت الحكومات المتلاحقة عن معالجتها, بدءاً من الكهرباء, التي أصبحت مرضا عضال, مرورا بالبطالة والفساد الإداري ومعضلة أخرى أستفحلت وصارت رديفة للكهرباء, هي توفير مفردات البطاقة التموينية, التي تشبه لعبة الشطرنج تماما,  فقد أستقرت على أربعة مفردات, قابلة للنقصان طبقا للعبة متعمدة يتقنها اللاعبون بقوت الشعب بغاية المهارة!
يتم توزيع مفردات البطاقة التموينية, وفق الطريقة الآتية.. توزع ثلاث مفردات, من أصل أربعة, كالطحين والسكر والزيت مثلا, على أن تختفي المادة الرابعة (الرز) من مفردات البطاقة, لمدة 4 أو 5 أشهر, مما يدفع المواطن الى شراء المادة, غير المتوفرة ضمن المفردات, طوال فترة عدم توزيعها!
تتكرر أزمة أختفاء أحد المفردات, بين الفينة والأخرى, ليتضح فيما بعد أن هذا لا يحدث أعتباطاً, بل أمر مخطط له مسبقاً, من قبل مافيات متنفذة, تتاجر بقوت الناس وتتلاعب بمفردات البطاقة التموينية, تتعمد  أن تكون هناك شحة, في مفردة أو أثنتين من مفردات البطاقة, ليتسنى لهم ضخ كميات, من المفردات التي لا تتوفر في البطاقة وبذلك يضمن هؤلاء بيع الشحنات المستوردة, لأن المواطن لا يجد حلاً سوى الشراء من الأسواق, التي غصت بالمفردات المفقودة, بينما شحت في البطاقة!
تلك اللعبة تدر أرباحاً خيالية على أصحابها, لأنهم على درجة عالية من الثقة أن الطلب سيزداد, على تلك الحاجة دون غيرها, فهي ستختفي من البطاقة لمدة 4 أشهر على الأقل, ولهذا السبب لم تكن هناك حلولا جذرية, للقضاء على أزمة أختفاء مادة بعينها, لأشهر متتالية, فالمافيات التي تنمو في الظل, تعتاش على صناعة الأزمات المربحة تارة , من خلال التجارة بقوت الفقراء, وتارة أخرى بدمائهم, لذلك لا عجب أن يتم الإبقاء على أبسط المشاكل, لأنها ببساطة تجارة مربحة للمافيات! 

53
الدولمة وإصلاحات العبادي!
مديحة الربيعي
دار حديث في سيارة الأجرة بين أثنين من المواطنين حول أنجاز المعاملات في دوائر الدولة, والروتين والفساد والرشاوى والسماسرة, الحاج حسن متقاعد يراجع دائرة التقاعد العامة, أخذ يروي تفاصيل طقوس الموظفين, وكيف يمارسهم بعضهم إرهابه وغطرسته بحق الأرامل وكبار السن, فالواسطة كفيلة بأن تحمي أي موظف (فإذا كان مسنود), له الحق أن يمتهن كرامة المراجعين ويتسلط على رقابهم.
أشترك في حديث الحاج حسن, أبو يوسف يبدو عليه أنه في الأربعينات من عمره وشرع يروي قصص تشيب لها الرؤوس, في دائرة التسجيل العقاري في الكاظمية ومهارة بعض الموظفين والموظفات, في الهروب من كاميرات المراقبة, وعقد الصفقات, من أجل أستلام البريد فقط أو تسليمه, تحت شعار (تدفع ورقتين لو البريد ميوصل)!
 المهم في الموضوع أن الحاج حسن, وأبو يوسف لم يختلفا في شرح طقوس بعض الموظفين, رغم أختلاف الوزارات والخدمات, التي يفترض أن تقدم للمواطنين, فعلى ما يبدو أن المخالفات أصبحت سمة في دوائر الدولة!
تتشابه الطقوس في معظم الدوائر كما يلي, يصل الموظفون الى أماكنهم عن طريق خطوط خصصتها الدولة, المفروض أن يبدأ الدوام الساعة ال 8, أو على الأقل الثامنة والنصف, الا أن بعض الموظفين بمجرد  وصولهم يعمدون الى أغلاق النوافذ بوجه المراجعين, من أجل تناول وجبة الفطور الصباحي, حتى الساعة 9 بينما تفتح نوافذ المراجعة في التاسعة والربع ( ربع ساعة حتى  يشيلون السفرة)!, هذا ما يحصل بالضبط في التقاعد العامة والتسجيل العقاري, ويبدو أن قرار الفطور الصباحي سيعمم عما قريب!
المهم بعد أن تنتهي وجبة الفطور, تبدأ الموظفة وصلة من الردح والشتائم, بحق الناس من الوافدين من مختلف محافظات العراق, حتى أن أغلبهم يتسمر في مكانه, منذ الساعة السابعة والنصف, في البرد القارس, ليصل الى شباك العجائب, ويطلع على طقوس أعداد الفطور!!
بعد ذلك يشرع بعض الموظفات والموظفين بتبادل أطراف الحديث, عن هواياتهم ثم تنتقل الموظفات الى برنامج الطبخ المعتاد, والوجبة الرئيسية محل النقاش (الدولمة) لتتعلم كل موظفة حديثة العهد بالطبخ إتقان تلك الوصفة.
الملفت للنظر أن كورس الطبخ هذا منتشر بشكل كبير, في معظم دوائر الدولة وبالأخص في التقاعد والتسجيل العقاري, بينما يمتنع مدير التقاعد عن أستقبال الناس لأنه يستمتع بقراءة الجريدة, بعد فنجان القهوة ,بينما يعلو الصراخ والدعوات من المراجعين ( ربي لا يوفقكم عساهة ابحظكم وبختكم)!
أنتهى الفطور وتعلم الموظفين مهارات جديدة , بينما أتقنت الموظفات مهارة الطبخ, ثم أغلقت النوافذ بوجه المراجعين, قبل انتهاء الوقت الدوام, وجمع قسم كبير منهم (المعلوم على ورقتين), وعاد أبناء المحافظات والمراجعين أدراجهم, ليبدأ يوم آخر من معاناتهم, ويوم طبخ جديد وكومشنات جديدة.
الحل الوحيد لتلك الأزمات في دوائر الدولة لا يقتضي إقالة مدير التقاعد, أو محاسبة الموظفين والموظفات, أو اعداد لجنة, تشرف على متابعة الفساد, في التسجيل العقاري في الكاظمية, بل أن الحل الجذري في تلك الحالة هو منع الحديث عن (الدولمة), لأنها تسبب أزمة في دوائر الدولة!!! هذا وينتظر الشعب العراقي بفارغ الصبر قرار الغاء الحديث عن الدولمة, في  حزمة إصلاحات رئيس الوزراء المقبلة ويبقى الوضع على ما هو عليه, والحليم تكفيه الاشارة!



54
تغيير الغبان ..أمر أو مؤامرة؟
مديحة الربيعي
تغيير وزاري مرتقب, يشمل عدد من الوزراء, من بينهم وزير الداخلية محمد الغبان ضجت مواقع التواصل الأجتماعي بخبر التغيير المرتقب, وأستغرب الشارع العراقي مبررات التغيير, التي أختصرها رئيس الوزراء بكلمتين ( حكومة تكنوقراط)!, ترى لماذا لم يشكل رئيس الوزراء حكومته, على هذا الاساس منذ البداية؟ والأهم من ذلك هل يعقل أن يساوي رئيس الوزراء, بين ناجح وفاشل, مجتهد ومقصر, تحت ذريعة التكنوقراط؟
على سبيل المثال, لامجال للمقارنة بين وزير الداخلية, ووزيرة الصحة ووزير المالية, فكل وزير تتحدث عنه منجزاته.
يتذكر الشارع العراقي جيدا واقع وزارة الداخلية, ما قبل أستلام الغبان لملف أدارة الوزارة, مفخخات ومافيات فساد , ورشاوى وأجهزة للكشف عن كرات الكولف, وفساد أداري في دوائر المرور,أستيراد أسلحة تالفة لوزارة الداخلية, وعصابات تتجول في شوار بغداد, وكاميرات مراقبة بيعت في الأسواق, بمجرد أن وصلت الى المخازن!
أما حلم مقابلة وزير الداخلية ووكيله لم يتحقق, في حقبة من سبق الغبان لثمان سنوات  فهو وحده شرع أبواب الوزارة أمام المواطنين, ونزل بنفسه الى الخطوط الأمامية, مع رجال الداخلية, ممن يقاتلون جبنا الى جنب مع الجيش العراقي, وقبل أيادي المرابطين في ساحات القتال, الأهم من ذلك لم يتصرف الغبان طبقا لانتماءات حزبية, أو طائفية فقد تصرف كرجل دولة بكل معنى الكلمة, بل تعامل مع أبناء العراق على أساس هويتهم الوطنية العراقية.
لم يكن الرجل من طراز وزراء المكاتب, بل وزير ميداني ترك مكتبه منذ اليوم الأول ونزل الى الشارع, لم يكن كوزير المالية الذي أغلق أبوابه أمام المتظاهرين, ولم يكن كوزيرة الصحة, التي تتعامل طبقا للمثل القائل ( اذن من طين واذن من عجين), فلا يعقل أن يعمل رئيس الوزراء ضد أرادة الشعب العراقي, فالإخفاقات شُخصت في وزارات بعينها, وكان من الممكن أن يستأصل الفشل والإخفاق, ويبقى على المنجزات التي تحققت في وزارات معينة , وعلى رأسها الداخلية.
تسريبات أعلامية أكدت أن الولايات المتحدة وجهت بإقالة الغبان, وعلى ما يبدو أن الأنتحاريين لم يتمكنوا من أطلاق العنان, لأجسادهم النتنة في شوارع العراق, مما أثار  غضب البيت الأبيض, فكان وزير الداخلية حجر عثرة, في طريق أمنيات مفخخة تدور في رؤوس وهابية, تحلم بوليمة في الجنة, بعد قتل الأبرياء, فهل يعتبر تتغير الغبان أمر وزاري, أو مؤامرة؟ ليصبح الطريق آمن أمام الدو اعش لتفجير أنفسهم في العراق!
 


55
سياسي في سوق البالة!
مديحة الربيعي
أثناء متابعة التقارير الإخبارية على القنوات الفضائية, أستوقفني تقرير يتحدث عن أسواق البالة, والعراقيون يعرفون تلك الكلمة جيدا ( البالة.. الملابس المستعملة) فحوى التقرير ينقل واقع البلاد والعباد, وتأثير الأزمة المالية, والتقشف على أوضاع الناس, ومستوى الفقر الذي أنقض على البسطاء, وعصف بجيوبهم ورواتبهم ومدخراتهم, ولم يصل الى بنوك وبيوت الحرامية!
يوضح التقرير كيف تعج تلك الأسواق بالبسطاء, وذوي الدخل المحدود من المجبرين على أقتناء الملابس لأطفالهم, تزامنا مع موجة البرد القارس, ومتطلبات المدارس.
الملفت في هذا التقرير أن أحد المتبضعين من هذا المكان.. مقاتل في الحشد الشعبي! ترك بيته وأهله, والتحق بجبهات القتال, ليقدم نفسه ودمه, ورغم عطائه هذا لا يملك ثمن  أقتناء ملابس جديدة لنفسه! فأي أجحاف مقابل العطاء؟ وأين أولي الأمر من قوله تعالى ( هل جزاء الإحسان ألا الإحسان) الرحمن آية 60, وأي إحسان يكافأ بذل النفس؟
سرعان ما أزدحمت الصور في ذاكرتي, البدلات الأمريكية والتركية, السكائر الكوبية, الأحذية الإيطالية, العطور الفرنسية, سيارات الفيراري, ترليون النازحين ترليون الهلال الأحمر, مليارات فلاح السوداني السبعة, قصور المحيط في الكاظمية والكرادة, وأوراق الانتخابات والأجهزة اليابانية, والحبر التايلندي, والصناديق وحملات التمويل, وتوزيع الهدايا والهبات...ووو!
خزينة خاوية, وبلد على حافة الإفلاس, رجال يقدمون النفس, ويرضون بالقليل مؤامرات تحاك في الخفاء لضرب الحشد, متاجرة بدماء الشرفاء, أصطياد في الماء العكر , ووطن يبحث عن قرابين.
مقاتل يبحث عن ملابس قديمة ليلحق بركب الشهداء, وسياسي يقتني بدلات أنيقة ليقيم سهرات مع شركائه في اللصوصية, خنادق وفنادق, مضامين فارغة عارية, تبحث عن ما يسترها, حتى  وأن  كانت الأبدان تكسوها بدلات الفخمة, ومضامين أخرى ممتلئة, بكل المعاني المشرفة حد التخمة, حتى وأن الأبدان النحيلة تكسوها ملابس بالية,  وتبقى الحقيقة الوحيدة لو أن أشباه الساسة عُرضوا للبيع, مع ما يرتدون, في أسواق البالة, لما أقدم على أحد أقتنائهم, بأبخس الأثمان, بينما تبقى بساطيل من يتشرون البالة, أغلى من الحرامية وكراسيهم!

56
الدم عربي.. والمقصلة عبرية!
مديحة الربيعي
لم يكن المشهد السياسي في المنطقة العربية قبل سنوات واضح تماما, كما هو اليوم فأبعاد الصورة أكتملت, والحقيقة تتحدث عن نفسها, وصار القاصي والداني يدرك أن قادة العالم العربي ينقسمون الى معسكرين, يندرج ضمن المعسكر الأول كل عربي مقاوم, ويندرج ضمن المعسكر الثاني دمى, تحركها أيادي اللاعبين بالشرق الأوسط الجديد, ممن يعبر عنهم العرب المتصهينين, أو صهاينة العرب.
مشروع الشرق الأوسط الجديد والذي طال الحديث عنه, من أول أهدافه أعلان الكيان الصهيوني دولة, وأن تكون القدس عاصمة لدولة أسرائيل, وقبل أن يحصل كل هذا هناك أشواط يجب أن يقطعها المخططون, كما أن هناك أدوات يجب أن تنفذ المشروع بحذافيره, وكما مخطط له.
من ضمن المحطات الأولى القضاء على الجيوش الثلاثة, في المنطقة العربية التي تهدد أمن أسرائيل, الجيش العراقي, والمصري والسوري, ثم تبدأ الخطوة التالية القضاء على المقاومة اللبنانية.
المقبور زهران علوش, وكبير قطيع الكلاب أبو بكر البغدادي, وكل حمير المرحلة مجرد أدوات لتنفيذ هذا المخطط, وصهاينة العرب يمولون ويتأمرون, أنطلاقا من حرصهم على مواقعهم, بصفتهم أجراء  لدى سادة البيت الأبيض.
 تلك هي الحقيقية التي أفصح عنها الرئيس الليبي السابق, معمر القذافي عندما القى خطابه الأخير في الجامعة العربية, وهو يخاطب قادة العرب, بعد أن أقدمت أمريكا على التخلص من صدام حسين, قائلاً " أمريكا جابتكم وستتخلص منكم , بعد أن تنهي مهامها", فأجابه حاكم السعودية السابق, عبد العزيز " وأنت مين جابك"؟
هذا الحوار البسيط يكشف أن المنطقة العربية, يحكمها مجرد أجراء, وربما مشهد بعض قادة العرب, وهم يبكون على صدام حسين, بعد أن تخلصت منه أمريكا لأن دوره أنتهى, رغم أن الطائرات أنطلقت من بلدانهم, التي تحولت لقواعد امريكية ساهمت بشكل مباشر في الاجهاز عليه, هي خير دليل على أنهم مجرد أجراء مجبورين, على أداء ما يطلب منهم!
أتصال هاتفي بين الرئيس الأمريكي أوباما, ورئيس قطر السابق كانت نتيجته التنحي عن السلطة, ليحل أبنه بدلا منهم, لأن دور الوالد أنتهى ببساطة, فما كان منه الا أن يلبي رغبة سادة البيت الأبيض, ويتنحى عن السلطة بمنتهى السهولة!
أستهداف الشهيد سمير القنطار, وأعدام الشيخ النمر جزء من خدمة ضرب المقاومة الذي يقدمه العرب الصهاينة, لقادة البيت الأبيض.
آل سعور كان لهم الدور الأكبر, في أغتيال الشهيد القنطار, عن طريق تقديم المعلومات لإسرائيل من خلال أذنابهم في سوريا, واليوم يكملون ما بدأوه بإعدام الشيخ النمر, لم يفكروا أن صدام حسين قدم خدمة لأمريكا, بأغتيال الشهيد الصدر الأول, ومن بعده أولاده وأحفاده, فما كان من أمريكا الا أن تخلصت منه, بعد أن أنتهى دوره, وأداور ال سعور  توشك أن تنتهي.
 دم عربي يراق ومقصلة عبرية تسمى ال سعود, تستهدف رموز المقاومة, وكل وجه من وجوه الحياة الآمنة, وما يحصل في العراق من أستهداف للشعب العراقي, بمختلف أطيافه, من مسيحين وصابئة وآيزيدين,  ومسلمين سنة وشيعة, على يد ما يسمى بداعش, تلك البذرة الشيطانية, الي نمت وترعرعت برعاية سعودية ومباركة قطرية وتأييد بعض أذنابهم في المنطقة العربية, تؤكد أن الشرق الأوسط الجديد, حلم يهودي يحرص المتصهينين العرب على تنفيذه بدقة.



57
المنبر الحر / شكد ناقصين؟
« في: 22:04 01/01/2016  »
شكد ناقصين؟
مديحة الربيعي
وسط ضجيج إقامة الولائم, والتزاحم على أجراء عمليات التجميل, والسفر أسبوعيا الى عوائلهم التي تقيم في أوروبا, او لقضاء أجازات وبعثات على حساب الدولة وأيداع الأموال في البنوك, والحرص على أقتناء المولات ,والجامعات الأهلية ومختلف المشاريع, تتلاشى أحلام الفقراء, وتخمد أصواتهم شيئا فشيئا, بينما تعلو أصوات حفلات الساسة الصاخبة, وتملأ ضحكاتهم أروقة القصور الفارهة, كما أمتلأت كؤوسهم بالخمور.
وزير يوقع ليقيل عمال الأجور اليومية, بدعوى التقشف, رغم أن أجرالعامل الواحد لا يتجاوز 150 الف دينار في الشهر, بينما لم يفكر الوزير بتقليل راتبه, أو نفقات ضيافته, ليقدم تلك المبالغ لعمال الأجور.
 الأدهى من ذلك أن بعض الوزراء يقيل عمال الأجور, ممن يعملون لأكثر من 3 سنوات, بلا مقابل تقريبا, فالأجر اليومي عمل شبه مجاني, ليعين بدلا منهم من دفع حق الوظيفة.. التي وضع لها أسعارا مبدئية, تتراوح بين 12 مليون.. 24 حسب الوظيفة والمنصب!
الدوائر تحتاج الى موظفين, فالحديث عن كذبة التخمة والترهل الوظيفي, محض أفتراء.
المدارس تعاني من نقص في الكوادر, بل أن بعض المدارس تكاد تخلو من التدريسين بشكل كامل, بعض الجامعات تفتقر للأساتذة, لأن قسم كبير منهم أحيل الى التقاعد وبقي مكانه شاغرا, وينطبق الأمر نفسه على كوادر دوائر الكهرباء, و دوائر التقاعد العامة, ومختلف دوائر العراق, ورغم ذلك تبقى لعبة التعيين, فرس رهان رابح للأحزاب, تطلق عنانه قبيل الأنتخابات, لحصد مزيد من الأصوات!
150 الف دينار قوت فقير أجير, عزم الوزير المتخم على قطعه, رغم أن حذائه أو حتى زجاجة عطره, أو علبة السيكار الخاصة به, تصل الى ثلاثة أضعاف أجر الموظف.
 يعمل الموظف الأجيرمن الثامنة صباحا, وحتى الثالثة عصرا, طوال الأسبوع ليؤمن قوت عياله, وحتى هذا النزر اليسير لم يعد متاحاً, فقد قرر المتقشفون على الفقراء أن ينهوا خدماته ببساطة, غير آبهين بقائمة طويلة تنتظره نهاية كل شهر( أيجار, سحب, علاج, مصاريف مدرسة), سؤال طرحه  أحد العمال المقالين, يخاطب به أصحاب الشأن المعني, ممن أعتلوا أكتاف الناس .. لعد شكد ناقصين؟


58
كل عام وأنتم بلا شرف!
مديحة الربيعي
وحدها المواقف تثبت صدق الشعارات, وتفصح عن حقيقية النوايا, فتتضح الرؤيا ويشار بالبنان الى الطيب والخبيث, وها هي العراقية البطلة نادية مراد توثق المواقف وتروي تفاصيل مجازر مروعة, أرتكبها كلاب الدواعش, ومن يقف بجانبهم ممن باع شرفه وتجرد من عراقيته , وراح يلعق قصاع الغرباء.. ويقدم بنات وطنه هدايا لكلاب جائعة!
نادية مراد شاهد حيادي حي على دعاة الشرف والوطنية, ممن قدموا بلادهم للدواعش على طبق من ذهب, بين سياسي متخاذل, وجار سوء يهتك حرمة جاره, فيقدم بناتهم سبايا لدولة الزناة, وبين عوائل توصد أبوابها بوجه السبايا من بنات العراق, أوتعيدهن الى مقرات الدواعش, بدعوى أنهم كفرة وأموالهم وأعراضهم حلال, كما صرح بذلك رئيس قطيع الكلاب البغدادي, هذا صنف أول لا يمتلك الشرف, ولن يعرف معناه.
 يسقط من خانة الشرفاء أيضا ساسة تخاذلوا عن نصرة ضحايا شعبهم, وأنشغلوا بعقد الصفقات والندوات, والمؤامرات والمؤتمرات, وأكتفوا بالتصريحات, فنددوا وأستنكروا, وسرعان ما أداروا ضهورهم للكاميرا, لينشغل كل منهم بحساب أرباح صفقة جديدة, وقع على أوراقها, قبل أن يؤدي دوره أمام الكاميرا منذ برهة!
قصة نادية واحدة من آلالاف القصص المأساوية, التي لم تحض باهتمام كبير من قبل الساسة!
 من جانب آخر يخصص بعض الحثالات, في المشهد السياسي, معظم وقته لأنتقاد الحشد الشعبي, الذي يعكف على غسل العار, عن وجوههم القبيحة, التي لم تتغير الوانها وهم يسمعون قصص بيع وأيجار البشر, التي تروي تفاصيلها نادية.
عبارات نادية تتفوق على العبرات, ودموع غزيرة تنهمر على وجنيتها, تنعى شرف تظن أنها فقدته, الا أن الحقيقة تختلف تماما, فنادية ترفل بالعز والشرف, ودموعها خير شاهد على ذلك, فمثلها من يعرف معنى الشرف, بينما يفتقد له كل من تخلى عن العراق , وفتح الباب على مصراعيه ليسلم بنات وطنه لشذاذ الآفاق, وكل من يؤيد ويدعم ذلك, دموع نادية ترسل رسالة لكل عديمي الشرف, وهم على أعتاب عام جديد مفادها.. كل عام وأنتم بلا شرف وستبقون كذلك!




59
وصمة عار ..في تاريخ التعليم العالي!
مديحة الربيعي
من البديهي أن تخلو خزانة الدولة من السيولة, في ظل رواتب المسؤولين الخيالية ووجبات الضيافة, في أروقة القصور والمكاتب الفخمة, ناهيك عن وجبات الساسة أنفسهم سواء كانوا وزراء أو نواب, فحسب الأرقام المعلنة عن وجبات مجلس النواب تتجاوز كلفة غداء المجلس, 2مليون ونصف لليوم الواحد, وبهذا تصل كلفة غداء النواب 75 مليون لمدة شهر واحد! هل عرفتم أين تذهب أموال الدولة المفلسة؟
هذا غيض من فيض, أما ما يحصل خلف الكواليس, فالأيام وحدها كفيلة بأن تظهره للعلن.
سياسة أدارة الأزمات تلك, دفعت الساسة الى أتباع اساليب مختلفة, لإذلال المواطن بدعوى التقشف, الذي لم يسمعوا عنه في أروقة قصورهم, ولم يصل الى ضيافة مكاتبهم, ولم يؤثر على ماركات سياراتهم, وسيارات أبنائهم, لكنه وصل الى عظم المواطن الفقير, وبدأ ينخر جسده, وما يحصل في التعليم العالي, نموذج لما يدور في أروقة الوزارات والمؤسسات المتقشفة.
الأجر اليومي نظام مستحدث في الحكومة العراقية, بعد أن اصبح التعيين حكراً على جمهور النواب, فكل نائب بعد أن يحصل على مقعد برلماني, يحمل ملفات التعيين ويتجه لوزير من كتلته, وعده بتعيين من منحهم الأصوات ليصبحوا نوابا أو وزراء وهكذا تتم الصفقات, فيبقى نظام الأجر اليومي للفقير, ومن لم يوفق في الألتحاق بركب النائب أو الوزير.
وصلت أزمة الاجر اليومي الى أروقة التعليم العالي, وحط رحالها عند أبواب الاساتذة, فحملة الشهادات من الماجستير والدكتوراه يعملون كأجراء! لكن بلا أجر وفق نظام يسمى (محاضرين).
المشكلة في النظام الآنف الذكر, أن الاستاذ يجب أن يعمل لمدة 4 أو 5 سنوات, دون أجر يذكر, حتى يناله العطف الأبوي ويحصل على درجة وظيفية!
  خلال تلك السنوات يتجرد الأستاذ من كل معاني الكرامة, فعليه أن يعمل في أكثر من مجال, لينال رضا رئيس القسم, أو ينال رضا رئاسة الجامعة, فهو يجب أن يقدم فروض الطاعة والولاء لكل من هب ودب, والمفترض به أن يتقن أكثر من مهنة فيعمل سكرتير, نجار, كهربائي, عامل نظافة, بالإضافة الى كونه محاضر, والا فأنه مهدد بالطرد من قبل القسم الذي يؤدي فيه أكثر من دور, دون أجر يذكر.
هكذا وصل الحال بأساتذة الجامعات, ممن لا يمتلكون ( واسطة), وهكذا تعامل بعض الجامعات من يقع تحت سطوتها, بينما من تربطه صلة بوزير أو نائب سيصل الى ما يصبوا اليه دون عناء يذكر, كيف تنجح دولة تعامل كفاءاتها بتلك الطريقة؟ وكيف يحترم الطالب أستاذه؟ وهو يعمل سكرتير وكهربائي, لينال رضا رئيس قسم أو رئيس جامعة؟ و ما الذي سيكتبه التاريخ عن القائمين على التعليم العالي؟ الذين أرتضوا لأنفسهم أن يوصموا بوصمة عار, وهم يهينون عقول أبناء شعبهم, ويمتهنون كرامتهم؟

60
من يهدد عروش العجول المقدسة؟
مديحة الربيعي   
الغاية تبرر الوسيلة, مبدأ أتبعه العتاة والطغاة لمليء رؤوس فارغة بفتاوى الدخول الى الجنة, والحلم بعشاء مع خاتم الرسل (عليه وعلى اله الصلاة والسلام), وثمن هذا العشاء الفاخر أرواح الأبرياء, أماني الشيطان تلك هي نتاج عروش مهددة, راحت تبحث عن أمان في تلك الفتاوى السفيهة, وتغرسها في عقول ونفوس أكثر سخفا وسفاهة, فتلك المسستقعات الضحلة تعج بضفادع تنقنق ليلا, وتختفي مع بزوغ شمس الثورات.
الحديث عن حرمة زيارة أضرحة الائمة (عليهم الصلاة والسلام), وفتاوى القتل والتكفير والتفخيخ التي يطلقها القتلة , أنما تقف خلفها أبعاد أخرى وسيناريوهات أعدت في أروقة القصور المظلمة, هناك حيث  تعد كؤوس الخمور, وتعقد ليالي الفسق والفجور.
يدرك كل من يعرف مراسيم زيارة  المشاهد المقدسة أن الزائر لا يتعبد القبور, بل أنه  يؤدي مراسم زيارة, تشبه ما يفعله الزائرين لخاتم الرسل (عليه وعلى اله الصلاة والسلام) في المدينة, فلماذا تصدر فتاوى التحريم والقتل بحق زوار أهل البيت (عليه السلام )؟
أن حقيقة الخشية من زيارة شهداء كربلاء أبعد مما هو علن, فمن يقف على تلك المشاهد المقدسة لا يتعبد بقبر, أو يقف على تراب أو عظام, بل هو يقف على ما يهدد عروش الطغاة, وعجول منحت لنفسها القدسية, وتربعت على عروش السلطة, فأصبح كل منها نسخة طبق الأصل من عجل السامري! وكل واحد من تلك الأصنام البشرية يخشى على المعطيات والمكتسبات التي وصل اليها.
كربلاء أكبر من مجرد أضرحة, أنها ثورة بعنوانها الكبير "هيهات منا الذلة", "مثلي لا يبايع مثله", "الموت أولى من ركوب العارِ", "أن لم يستقم دين محمد الا بقتلي فيا سيوف خديني", "أني زاحف بتلك الأسرة الصغيرة ,على قلة العدد وخذلان الناصر" "كد كيدك واسع سعيك, فو الله لن تمحو ذكرنا".
 هذا ما تمثله كربلاء, دماء تقلع عروش الطغاة, وتطيح برؤوس الأصنام, ثورة من طراز آخر, حيث تتغير موازين القوة, وينتصر المقتول على القاتل.
الثورات تقمعها القوة ويحكمها الحديد والنار, وغالبا ما تتفوق عليها القوة, لكن  في معركة الطف خضعت القوة أمام الصبر, وفتح سيد الشهداء( عليه السلام) باب العطاء على مصراعيه عندما قدم قرابينه للسيوف, من مختلف الأعمار بدءاً من شيخ رفع حاجبيه بالعصابة, وأنتهاءاً برضيع عمره 6 أشهر.
  بعد ذلك جاد  أبي الضيم (عليه السلام) بنفسه, وبقي يعطي حتى سلب منه ردائه وقطع أصبعه الشريف, وسحقت سنابك الخيل أضلاعه المقدسة, ثم بدأ مشوار عطاء آخر نهضت به الحوراء وبنات النبوة وزين العابدين (عليهم السلام أجمعين), فعليل سيد الشهداء, كان له نصيب آخر من  العطاء والعذاب والصبر.
لم تتفوق القسوة والقوة على الثورة, ولم تنتصر السيوف على الرقاب الغضة, فقد أطاحت رؤوس الشهداء بمقصلة الجلاد, وتفوق الصبر على الألم, لذا يبقى الق ثورة كربلاء وواقع أنتصارها يهدد عروش الطغاة, لأن الدكتاتوريات قائمة على القوة والقمع, والثورات ترتكز على العطاء والصبر, ومعركة الطف غيرت تلك المعادلة فالقتيل صار حاكما للعالم بأسره, والأسيرة أذلت الحاكم, وهزت أركان عرشه.
لهذا تمثل  ثورة الحسين (عليه السلام) مصدر خوف لكل طاغية مهما كان مذهبه شيعيا كان أو سنيا, فتجربة ما بعد 2003 في العراق أفرزت طغاة من صنف آخر يدعون التشيع في الظاهر, ويحاربون ثورة سيد الشهداء في الباطن.
 أما طغاة الوهابية والسلفية, فهم يصدرون الفتاوى بحق زواره, ويقبلون أيادي أسيادهم في تل أبيب, ويشاركونهم كؤوس الخمر, ليحظوا برضا حاخام في الكنسيت أو عضو في الكونغرس, سيبقى الحسين (عليه السلام) وثورته الخالدة مصدر خوف لكل ديكتاتور, يروم أستعباد الأحرار, ويخطط لبناء دولته على أشلاء الأبرياء, وهذا ماعبر عنه الجواهري, في قصيدته الخالدة , "تعاليتَ من   مُفْزِعٍ  للحُتوفِ ,وبُـورِكَ  قبـرُكَ من  مَفْـزَعِ.




61
صدام حسين ونسخة طبق الأصل!
مديحة الربيعي
بعد عام 2003 ظن الشعب العراقي أن حقبة مظلمة أنتهت, وحان الوقت لطي صفحة الموت الجماعي, والحروب والفقر والطبقية, والأستغلال وأعتلاء أكتاف الفقراء  وسلب حقوقهم, وأنصاف أبناء الجنوب, وأنتشالهم من آفة الحرمان والعوز, وأعادة كرامة العراقي التي أمتهنت, الا أن تلك الأحلام تبددت سريعا, بعد أن وصل دعاة الديمقراطية والخدمة الجهادية الجدد الى سدة الحكم!
تحول المطالبون بحقوق أبناء الجنوب الى حكام, تحصنوا خلف أسوار المنطقة وسرعان ما دخلوا اللعبة من أكبر أبوابها.
بدأ فصل موت آخر, يطرق أبوابنا كل يوم, فمقابرنا ما زالت جماعية, الا أن هذه المرة لم نعثر على بقايا الأحبة تحت التراب, بل ربما نجد بقايا هوية, أو قطعة ملابس, كانت أخر الشهود على أنفجار بسيارة مفخخة, أو عبوة ناسفة, تعصف بأرواح الفقراء, ممن يقفون في طابور العمالة, أو في سوق شعبي بحثا عن لقمة العيش.
لم يعلم الشعب العراقي أنه سلعة مدفوعة الثمن ( مبيوع بالجملة), لمن دفع الثمن مسبقاً من الدول الكبرى, وأن هناك أتفاقية لتقليص عدد سكانه, فالصفقة تتضمن أن يفتح الخونة أبواب الموت أمام الشعب العراقي, مقابل أن يتحكم شركاء الخراب بدفة السلطة, ويعتلي الطغاة الجدد أكتاف الشعب, تلك هي الصفقة برمتها.
خلف أسوار الخضراء شعب مرفه, حتى أن كلابهم, أجلكم الخالق محاطة بالحماية وأجهزة التكييف, بينما تتمتع الحاشية بكل الأمتيازات, من تعيينات وواسطات, وسلطة فكل ناهب أو وزير مزور, أو رئيس وزراء بالصدفة صار له شعب مصغر مترف.
عدي صدام حسين أستنتخ الى ألف نسخة, وصار أبناء المسؤولين يتنقلون بين كندا وأنكلترا, والنمسا والسويد ولبنان ودبي, بينما أحتلت نساء الحرامية الجدد المرتبة الأولى في أقتناء فساتين السهرة, من ارقى المصممين في العالم, وأزدحمت  عيادات أطباء التجميل بنساء الطبقة التي تسعى لأن تكون مخملية, بينما أحتل أزواجهن الموقرين قائمة أثرى أثرياء العالم!
 من ناحية أخرى أحتل العراق الصدار في قائمة أسوء مكان للعيش, بينما أحتلت بغداد مرتبة أسوأ عاصمة, ونالت بلاد الرافدين مرتبة البلد الأول في الفساد الأداري.
ما زال العراقي شهيدا على السواتر, ومهاجرا في أصقاع المعمورة, وما زال الخريج عاطلا عن العمل, وأبن الجنوب الذي دخلوا البلاد وهم يرفعون شعارات الدفاع عنه يبحث عن لقمة لعيش, مازالت مدارس الطين تملأ  المدن, ومازالت الأمية  تسخر من اول رقم طيني, عثر عليه في بلاد ما بين النهرين, ومازال العراق ينزف شبابا على سواتر الكرامة, بينما يتسكع أبناء الحرامية في الخارج, أهذا ما أردتموه لأنفسكم يا شعب العراق؟ نسخة أخرى من صدام حسين؟

62
إصلاحات.. و بلاء عظيم!
مديحة الربيعي
عنوان كبير منمق طرق مسامع الشعب العراقي, منذ تشكيل الحكومة الحالية بزعامة العبادي, الذي أطلق هذا العنوان, وتعهد بأستئصال سرطانات الفساد الخبيثة, الا أن واقع الحال يسرد رواية  مأساوية أخرى, فالإصلاحات قد طالت جيوب الفقراء, ولم تصل الى يخوت أبناء المسؤولين, وقصور محيط بغداد, والشقق الفاخرة على ضفاف نهر التايمز!
قرابين كان من المتوقع أن ينحرها رئيس الوزراء, ليروي عطش الجنوب, ويملأ جيوب الحمالين في شوارع بغداد, ويشبع أبناء الشهداء, ويصون كرامة الأرامل, ممن يطلبن الصدقة على الأرصفة, التي غمرتها مياه الأمطار لأن أمينة بغداد قد ورثت الداء العبوبي المزمن, من تصريحات والتقاط صور وتقديم مبررات ووو.
التقشف الذي رسم ملامحه الإصلاحية على وجوه الفقراء, و أنقض على أحلامهم بينما تكمل الكوليرا مهمتها لتأخذ نصيبها من أجسادهم الخاوية, وتؤرخ لأيام سوداء في حقبة الحرامية, ممن تقاسموا خيرات العراق, وأفلسوا خزائنه على دعاياتهم الأنتخابية, ليجسدوا صورة أخرى للعفالقة بمضمون واحد ومسميات مختلفة!
 ها هي الإصلاحات المزعومة تفتح أبواب البلاء العظيم بوجه الشعب العراقي, وفأس المصلحون وصل لعظم المواطن البسيط, ولم يصل لكبار أصنام السلطة, فحملة التقشف الإصلاحية تكشف عن وجهها القبيح, وتكشر عن أنيابها, بوجه أرباب العوائل فقد أصدرت عدة دوائر الأوامر بالتخلي عن الموظفين, ممن يعملون  بأجر يومي وأصحاب العقود, ممن كانوا يخدمون الدولة, بأجر زهيد  لا يتجاوز ال 10 الاف دينار لليوم الواحد!
الطامة الكبرى أن من معظم من كان يعمل بأجر يومي خدم الدولة لمدة 3 سنوات ورضي بهذا كله, الا أن الإصلاحات أقتضت أن يطرد هؤلاء, من مختلف دوائر الدولة, بدءا من الجامعات التابعة للتعليم العالي, مرورا بوزارة الصحة, ودوائر البلدية وغيرها من مؤسسات الدولة!
كنا نأمل أن يُطرد مسؤول حرامي, أوناهب يستغل مقعده البرلماني للحصول على مبلغ يتراوح بين 12 الى 24 مليون, لينجز معاملة لمواطن, أو يحصل على توقيع بالتعيين من وكيل الوزير شخيصا, في بعض وزارات يدير دفتها حرامية, الا يُفترض أن يطرد اللصوص من دوائر الدولة, بدل أن يطرد المواطن الفقير؟ أم أن للمصلحين رؤية أخرى؟


 

63
قبولات داعشية.. ومؤامرات أخرى في أروقة التعليم العالي!
مديحة الربيعي
قبل أيام أصدر مؤشر دافوس لجودة التعليم  كلمته بحق العراق, وأكد على أن العملية التعليمية في بلاد الرافدين الذي علم العالم الكتابة, والحروف الأبجدية الأولى يفتقر لأبسط مقومات ومعايير التعليم العالي, كان هذا التقييم قبل أن تصدر نتائج القبولات المركزية, التي أقل ما يمكن أن يقال عنها أنها كارثية, ترى ماذا سيقول القائمون على دافوس لو سمعوا بخريج حقق معدل 96 وكان نصيبه معهد طبي؟
ظهرت مؤخرا نتائج القبولات المركزية في الجامعات العراقية, وأماطت اللثام عن وجوه أخرى مشوهة للعملية التعليمية, وكيف أمتدت يد الإهمال والفشل واللامبالاة الى التعليم في العراق, وأجهزت عليه بشكل كامل.
قبولات تتحدث عن نفسها, ظهر قسم منها في محافظات تقع تحت سيطرة تنظيم داعش, كالموصل والأنبار!
 عبء آخر أثقل كاهل أبناء العراق بشكل عام, والنازحين بشكل خاص, بسبب ما يعرف بنظام القبول الموازي, وهو أن يتم قبول الطالب في جامعة أهلية موازية للجامعة الحكومية, ويتحمل نفقات التعليم!, وكأن النازح لا يملك هما سوى التحاق أبنه في جامعة ما؟ ترى هل يفكر بنفقات التعليم من تغرق خيمته مع أول زخة مطر؟
كارثة أخرى في العام الدراسي الجديد, هي حرمان طلبة الدور الثالث من القبول, فقد قررت الوزارة عدم السماح لطلبة الدور الثالث للألتحاق بالجامعات!
في العراق فقط معدل 96 يؤهل الطالب للقبول في معهد طبي!, وقد لا يؤهله معدل85 من الحصول على مقعد في كلية حكومية, بل قد يضطر ذوي الطلبة لطرق أبواب الكليات الأهلية, وذلك بعد آخر من أبعاد اللعبة, وهي تجارة القبولات في الجامعة الأهلية التي يعود قسم كبير منها, لمسؤولين كبار في الحكومةالعراقية.
 نتائج القبول للعام الدراسي الحالي,  وواقع التعليم العالي فتح الباب على مصراعيه للطرفة والتندر,  بعد أن نال نصيبه من السخط والتذمر, فأصبح يلقب بعام القبولات الداعشية, لأن معظم الطلبة كان نصيبهم مقعد, في جامعة تقع تحت سيطرة تنظيم داعش!,  لو أن نيوتن وأينشتاين كانا في العراق, هل سيحظى أحدهم بمقعد في معهد طبي؟ أو سيدخل جامعة أهلية؟ أو يحصل على مقعد في جامعة, تقع تحت سيطرة تنظيم متطرف؟ ترى هل سيبقى تعليم عالي في العراق أذا بقي الوضع على ما هو عليه؟

64
أمينة بغداد.. أنا عايز أضيف!
مديحة الربيعي
الأمينة والنهر, الأمينة النائمة, وبغداد من غركة عبعوب الى غركة علوش, وفايضين ما نمر مرة بدربكم, وأنتظروا الغركة  عل الدور ثالث, تلك هي أبرز العبارات التي تداولها الشارع العراقي, من باب الطرفة والتندر على غرق العاصمة بغداد, للمرة الثانية على التوالي, مع أول زخة مطر.
عبعوب زرق ورق أول من سن سنة أغراق العاصمة, وهناك أخبار تؤكد أن أمر أغراق العاصمة, متعمد من باب التسقيط السياسي, لأن محافظ بغداد من كتلة الأحرار والأمناء في كل مرة من دولة القانون, وفي كل مرة تغرق العاصمة , فهل الأمر محض صدفة؟ والأهم من ذلك, لماذا لم تغرق العاصمة قبل أن يتولى التميمي منصب المحافظ؟
النازحون هم الطرف الأكثر تضررا في تلك الكارثة, بعد أن أجبروا على النزوح مرة أخرى من مخيماتهم, وأمضوا ليال طوال تحت زخ المطر, وتوفي عدد من الأطفال وكبار السن في مخيمات النزوح البائسة.
الملفت في غرق العاصمة هذه المرة عدد الوفيات المتزايدة, نتيجة الصعق بالكهرباء في أحياء مدينة الصدر والكرادة.
الأهم من هذا كله تصريحات أمينة بغداد, التي أثارت دهشة  المواطن العراقي, فبعد أن أكدت معظم الفضائيات أن علوش رفضت الإجابة على المكالمات, يبدو أنها قررت أن تخرج من صمتها الطويل, لتعلن .. أن أسباب غرق العاصمة تراكمات السنوات السابقة, وعدم صيانة شبكات الصرف للعاصمة!
تصريحات الأمينة تلك تذكرنا بمشهد من مسرحية عادل أمام, شاهد مشافش حاجة عندما أطلق جملته الشهيرة, "أنا عايز أضيف", ولم تك أضافته تلك سوى تكرار للعبارات كالببغاء, فالأمينة لم تقدم شيئا جديدا, بل أن المواطن أصبح أكثر معرفة منها ومن كل أمين, سابق أو لاحق بتشخيص الخلل, بل وحفظ  الناس عن ظهر قلب خارطة المجاري في العاصمة, التي يتجدد في كل عام موعدها مع الغرق.
الحفاظ على منصب الأمين وعدم التنازل عنه لكتلة أخرى, يبقى الحدث الأبرز والأهم لدى ائتلاف دولة القانون, الذي رشح علوش, لتكون خير خلف لسلف سابق, أخذ على عاتقه أغراق العاصمة, لتكمل من خلفه مسيرة الغرق, ولتضيف عليها صبغة أخرى بالتزامن مع الامطار, هي الصعق الكهربائي, للمواطن الذي يستقبل شهيدا من الجبهة ويبقى متحيرا, أين سيقيم عزاء ولده؟ ومياه الأمطار تغمر منزله, ليبقى المواطن يردد شعاراً "بغداد عاصمة الغرق.. وشنهي دبي زرق ورق"!


65
رقية.. خارطة الجروح ومواطن الألم!
مديحة الربيعي
من بيت جدهم كانت الأنطلاقة نحو مقاليد الحرية, والتخلص من قيود الذل والعبودية من بيت محمد الغريب, اليتيم العظيم,( عليه وعلى اله افضل الصلاة واتم التسليم) الذي أخرج الناس من ظلمات الجهل ,والفسق والفجور, وأوصد أبواب الظلم والجور وفتح أبواب العدل والمساواة على مصراعيها, فأعاد للإنسان آدميته بعد أن سبلها منه تجار الرقيق, فصار سلعة في الأسواق, تقلبه أكف الباعة , ليصبح بعد ذلك ملكا لمن يدفع أكثر.
ها هم أهل بيته يكملون مسيرة العطاء, ويقدمون القرابين واحد تلوا الآخر, لنصرة دين الرب, والحفاظ على نهج خاتم المرسلين ( عليه وعلى اله الصلاة والسلام), الذي كرس آخر لحظة من حياته الشريفة في خطبة الوداع, وهو يحث الناس على أيفاء الحقوق وأداء الأمانة, والتمسك بدين الخالق.
 قربان آخر في رحلة الخلود, يلتحق بالرفيق الأعلى , وموطن  جديد من مواطن الألم  يعرف طريقه الى قلب خاتم الرسل (عليه وعلى الفضل الصلاة والسلام), ومأساة جديدة تعصف بقلب الحوراء (عليها السلام).
طفلة بعمر ثلاثة سنوات, يتيمة لسيد الشهداء ( عليه السلام) تطلب رؤية والدها, الذي لم تألف غيابه عنها, دون أن تعرف بالمجزرة الرهيبة, والسيناريو المروع الذي لحق ببيت الوحي, وسط بكاء النساء, والحاح الطفلة على رؤية والدها, تقف فخر المخدرات حائرة, تكاد رماح المرارة والحيرة تقطع نياط قلبها, فما عساها أن تجيب يتيمة سيد الشهداء, وكيف ستخبرها بما جرى؟
يتناهى صوت بكاء رقية, عزيزة الحسين (عليه السلام), لمسامع لعين أهل السماء والأرض, يزيد المسخ, فأجاب على أسئلتها دفعة واحدة, بطريقة تتفوق على ذنوب الشيطان الرجيم, فقد وضع أمامها رأس سيد الشهداء (عليه السلام), لتلتحق سريعا بركب أبي الضيم, الذي يتوق لرؤيتها بعد فراق أيام يسيرة.
حري بالأمة الإسلامية أن ترد جزء من المعروف لسيد المرسلين, وتظهر مظلومية أهل بيته, وتعرف العالم بما لحق بهم ظلم وجور, فأنطوان بارا أعلنها مسبقا, لو كان الحسين ( عليه السلام) منا لدعونا الناس الى المسيحية بأسمه.
الا يجدر بالدولة والعراقية, وكل القائمين على الفعاليات الدينية, واتباع ال محمد (عليهم السلام) في مختلف أصقاع الارض, تبّني مطلب أعلان يوم أستشهاد أيتام الحسين (عليه السلام) .. رقية وعبد الله الرضيع, وأطفال بيت النبوة ممن سحقتهم حوافر الخيل, يوما للطفولة العالمي؟
 ما الذي يمنع أصحاب الشأن المعني من النهوض بأدوارهم تلك؟ والتحرك  لدى الأمم المتحدة, ولجنة حقوق الأنسان الدولية, واليونسكو واليونيسف, وسائر المنظمات الدولية المعنية, لتكريم قرابين بيت النبوة, وعطاءهم الذي لا يعرف الأعمار, والأدوار ولا يتوقف عند حدود, ولا تمنعه قيود, السلام على الحسين, وعلى أبناء الحسين  وعلى أصحاب الحسين.


66
مديحة الربيعي

 من المؤسف أن تصبح السياسية في العراق مهنة لمن هب ودب, بين طامح طامع وأنتهازي مهزوز, يبحث عن موطيء قدم في وحل السياسة, بين نائب خدمته الصدفة يفتقد لأبسط المقومات الفكرية والسياسية, بل والخلقية أيضا, وتاريخ بعضهم خير شاهد عليه, وبين حاشية منتفعة, تسعى للألتحاق بركب اللاهثين على فتات الموائد.
تجربة سنوات الفشل السابقة نقشت في صفحات التواريخ كوارث, أعادت العراق الى القرون الوسطى, أمن مفقود, وموت مجاني, واقع عسكري بائس, وتعليم متدني وواقع صحي كارثي, وأقتصاد متهالك, وكانت خاتمة السوء سقوط الموصل, التي أدخلت البلاد والعباد في دوامة من الدم.
الإرهاب الذي يستهدف العراق مؤامرة دولية, لبعض دول الجوار فيها حصة الأسد هذا أمر لا خلاف فيه, الا أن رؤوس الفساد وقادة الفشل كان لهم الدور الأبرز في أنجاح  تلك المؤامرات.
يسعى بعض المتصيدين في الماء العكر الى غلق أبواب الماضي, وتشتيت الأنتباه عن أسباب الإخفاق التي ترافق الحكومة الحالية, التي ماهي الا نتيجة طبيعة لتراكمات السنوات السابقة.
ما الذي يمكن أن نتوقعه من حكومة,  يلقى القبض على  وزير من ضمن طاقمها متلبس بالجرم المشهود, يتم تبرئته من قبل القضاء, بل أن القاضي يحاكمه في السيارة, ثم يحصل على البراءة, في أسرع محاكمة يمكن أن يعرفها التاريخ, وما يلبث أن يسافر الى بريطانيا, ويسعى لشراء أندية فيها!!
لا عجب أن تفرز حكومة بهذا المستوى حيتان من الفساد, ورؤوس كبيرة تأكل الأخضر واليابس, وتنتج أجيالا من المفسدين, جيل يخلف الآخر, ليصل البلد الى حافة الإفلاس, ويقف على شفير الهاوية.
أبرز إفرازات ما بعد تلك الحكومة, جيل من المتسلقين, يسعى للقطاف, كما فعل من قبله, ويخطط لنفس سيناريو من سبقوه, حتى وأن أختلفت الوجوه, فالمضامين تبقى واحدة, نزاع على ما يعرف بالكعكة, حسب مصطلحات بعض الساسة!
 نائب يسعى للوصول الى ما يصبوا اليه, رغم أن القائمة التي ينتمي اليها, أحتلت المشهد لمدة ثمان سنوات وماتزال, فكانت سبايكر أبرز منجزاتهم, وهو أيضا ينتقد العملية السياسية, ويرفض الأستقالة! وصاحب قناة فضائية, يشكل جزءا من العملية السياسية, وينتقدها أيضا, وأعلامي يسعى للحصول على جزء من الغنيمة, ويخطط لإنشاء محطة وقود خارج السياقات, يخطط كل هؤلاء للعمل بمبدأ رمتني بدائها وأنسلت, ويوجهون أصابع الإتهام, لأبناء المراجع, وشخصيات دينية وسياسية, يشهد لها العدو قبل الصديق.
 أقل وصف يمكن أن ينطبق على الشعب العراقي, في رحلة الباحثين عن القطاف تلك, فريسة!, وليس الشعب وحده فقط, بل رموزه وقادته, ومراجعه, وأبنائهم كذلك الا أن محاولات وجوه الفشل السياسي تلك, ليست سوى جهود فزاعات من قش, تقف في حقول ملغومة بالصقور, قبل الطيور, والأيام ستثبت ذلك.
 



67
حشد الحسين.. من طويريج الى الموصل
مديحة الربيعي
" أني زاحف بتلك الأسرة على قلة العدد وخذلان الناصر", هكذا وصف سيد الشهداء (عليه السلام) أهل بيته وأصحابه بأنهم أسرة, تلك النخبة التي جمعت صفوة العالم وخلاصة الأتقياء, أختاروا الحسين (عليه السلام), وتركوا الدنيا بما فيها من أجل الألتحاق به, سبعين فردا بمواجهة  ثلاثين الفا, فكتبوا بالدم على جلد التاريخ ثورة صارت محفل أهل الملكوت.
تلك الأسرة جمع فيها سيد الشهداء (عليها السلام) مختلف الأطياف, فقد صنع أمة من تلك النخبة الصغيرة, تماماكما فعل  النبي نوح (عليه السلام), عندما أختار في سفينته النخبة.
الا أن هناك فرق  واضح في المواقف, فقوم نوح (عليه السلام) متجهون للخلاص من الطوفان, أما سيد الشهداء وأصحابه (عليهم السلام) متجهون للقاء الخالق, لصناعة بداية لأمة تخاذلت, و أختارت الذل على بذل النفس, فنهضت أمة الحسين  الجديدة صغيرة بالعدد,  كبيرة بالشأن, لتحيي دين محمد (عليه وعلى اله افضل الصلاة والسلام).
الوان مختلفة, وأعمار مختلفة , وجنسيات مختلفة, يجمعهم هدف واحد, نصرة دين الخالق وسيد الشهداء, تلك المجموعة تضم بين  ثنياها طفل رضيع, بعمر 6 أشهر وشيخ كبير, يرفع حاجبيه بالعصابة, وتضم الأبيض والأسود, العربي والتركي والحبشي.
 طبقا لقاعدة ما كان للرب ينمو, فقد أثمرت تلك الدماء الزواكي, لتنتج أنصارا أقل ما في عطائهم الأرواح والأبناء, أناس نذروا كل وجودهم للحسين (عليه السلام), وثورته فتحولت تلك الأسرة الصغيرة, الى أمم تهتف ( لبيك ياحسين), فلا يكون للنصر من موضع الا وكانوا أهله وصناعه, فهم سادة الثورات وقادتها, بعنوان كبير معلن وواضح (هيهات منا الذلة).
تلك الأرواح التي تهفوا نحو ضريح سيد الشهداء, والأجيال التى تربت على"لا اعطيكم بيدي اعطاء الذليل, ولا أقر لكم اقرار العبيد", أكملت مشوار سيد شباب أهل الجنة نحو المجد.
 هاهم اليوم يكتبون التاريخ بدماء تحاكي دماء الطف, لتصنع نصرا كسر كل الأنوف التي راهنت على أحتلال العراق, وهدم المشاهد المقدسة, فكان الجواب سريعا فعلا قبل القول, بنفس صوت الذي نفخ أوداج لعين اهل السماء  والأرض, الفاسق يزيد. 
  نعم هو صوت بطلة كربلاء, وهي تحطم رؤوس الطغاة, وتمرغ أنوفهم بالوحل " وهي تخاطب كبير البغاة, "والله لن تمحو ذكرنا, ولا تميت وحينا".
الحشود الزاحفة لتلبية نداء سيد الشهداء "هل ناصر", في ركضة طويريج المهيبة وهي تهرع الى مصرع أبي الضيم, وتتحسر على يوم الطف, هاهي  اليوم تعدل  الكفة وتغير المعادلة, فتسحق رؤوس بقايا أراذل أمية, وأتباعهم وأشياعهم  الزاحفين نحو العراق, فبدأ حشد الحسين بصنع الأنتصارات واحدة تلو الأخرى, من آمرلي الصمود, مرورا بجرف النصر, وتكريت وبيجي, وسيكملون الطريق الى الموصل فلن يقف الحسين (عليه السلام) وحيدا في الميدان بعد اليوم.




68
ليلة الوحشة.. ونحت في ثنايا الروح!
مديحة الربيعي
ها هي نفسك الزكية ياسيد الشهداء تعرج الى السماء, الجنان تفتح أبوابها و تتزين لأستقبالك, لقاء مع جدك خاتم المرسلين, ووالدك أمير المؤمنين, وأمك القديسة سيدة نساء العالمين, وأخوك الحسن المجتبى (عليهم الصلاة وأتم التسليم), لقاء بعد فراق طويل, كأني بخاتم الأنبياء يقلب جراحك, والزهراء (عليها السلام) تسأل عن أوجاعك ويحيط بك الأهل والأحبة, في رحاب الملكوت, في مقعد صدق عند مليك مقتدر.
هناك ألم آخر يتفوق على جراحك, وأحتزاز رأسك المقدس, مازال يعج بجوانب روحك, وأنت تنظر من السماء الى المصرع, تراقب خيامك تلتهما النيران,  حتى وصلت  الى عباءة زينب, وأخذت أطراف الرداء, جن الليل يا سبط خاتم المرسلين وأنت تراقب العيال والأطفال, غرباء في كبد الصحراء.
كأن نزف الدم ووجع تقطيع أوداجك وأوصالك لا يكفي, حتى تهاجم روحك سيوف الهم, ورماح المرارة, وأنت تشاهد زينب تتعثر في الوديان, قد شبكت أصابعها العشرة فوق رأسها, وهي تبحث عن الأطفال, بين الأجساد والأشلاء المتناثرة.
  ها قد بدأ طف آخر على زينب (عليها السلام), يضم بين ثناياه ألف رمح ورمح وألف سيف وسيف, وألف سهم وسهم لا تخطيء أهدافها, بل تسعى بدقة الى قلب الحوراء, ويعز عليك أن تراقبها من بعيد, وتتركها وحيدة في صحراء نينوى.
سيد الشهداء هاهو الماء يطوف به الأعداء بين عيالك, بعد أن ذابت الأكباد عطشا لثلاثة أيام, فيضج أيتامكم بالبكاء, وتهرع فاطمة الصغيرة نحو جسدك الشريف الموزع بالسيوف علها تروي عطشك, وتلك مصيبة أخرى تكسر فؤاد زينب, التي أحاطتها المصائب كما يحيط السوار بالمعصم.
سيدى ريحانة المصطفى,( عليه وعلى اله افضل الصلاة والسلام) كأني بك تنظر من عليين حال أيتامك, ويكاد فؤادك يتقطع حزنا, على أقدام الصغار التي أحرقتها النار وعلى نساء بيت الوحي, وهن غريبات مفجوعات, مروعات مسلوبات.
مع أنقضاء تلك الليلة, التي كسرت فؤاد خاتم الانبياء, (عليه وعلى اله افضل الصلاة والسلام) سيحين موعد آخر للوجع, الرحيل الى الشام, وأسر بيت ذلك الكيان العظيم الذي بُعث ليعيد للإنسان أنسانيته التي أمتُهنت, وكرامته التي أهدرت, فهل يرد له الجميل بسبي عياله؟
سيدي  ياقرة عين الزهراء( عليها السلام), هاهي قوافلك ترحل, وأنت وأصحابك تبقون على رمضاء كربلاء دون غسل أو كفن, هاهي زينب تلتفت اليك مودعة, من على ظهر ناقة هزيلة, وتعتذر منك لأنها لم تتول أمر دفنكم, وتغسيلكم يا غسيل الملائكة, وهاهو السجاد (عليه السلام), ينظر ألى مصارعكم فتنهمر دموعه على خديه, وهو يودعكم دون أن يلوح بيديه لأنهما مقيدتان.
سيدي ياثمرة فؤاد أمير المؤمنين (عليه السلام) وجع الطف لم ينته, مع أرتقاء نفسك المقدسة , التي هي سر من أسرار الخالق, بل هناك وجع آخر يختلف عن معاناة ضرب السيوف, وطعن الرماح, وقطع الرؤوس, وجراحك الخالدة التي وصلت الى 1900 جرح, فهناك مصائب آخرى, تبدأ من ليلة الوحشة ولن تنتهي, وكأنها نحت بحراب من نار في ثنايا الروح.




69
دولة الزناة والسعي لحدود جديدة!
مديحة الربيعي
 "مات في القرية كلب فاسترحنا من عواه, خلف الملعون جروا فاق بالنبح أباه".
يزيد صفحة سوداء من تاريخ بني أمية الأسود النتن, المشبع بالدم والقتل والتنكيل, في غفلة من الزمن أصبح هذا العتل الزنيم يتحكم بمصير الأمة, التي أرتضت أن تُأمر عليها أبن ميسون الغنية عن التعريف! وأبن مرجانة, أول مثلبة عن الفاجر يزيد أنه مشكوك بنسبه, فهو كما تتحدث الروايات ليس من صلب معاوية!
تربى خليفة العهر في البادية, وسرعان ما أحاط نفسه بمن تبقى من الدولة البيزنطية الذين تخلفوا عن ركب الإسلام آنذاك, فأتخذ الغلمان, وكان يجاهر بالمعصية, وشرب الخمر, واللعب مع القرود, نديمه قرد يعرف بأبي قيس, وأنيسه كاس خمر, وهو بين هذا وذاك بهيمة من بهائم الشيطان.
هو أول من البس الكلاب الحلي, وجعل لكل خلب خادما يخدمه, أشتهر بزنا المحارم ويشهد بذلك زمرة البلاط الأموي, حتى أن معاوية عندما أراد أن ينصبه  من بعده بادره زياد أبن أبيه بالقول " كيف تفعل ذلك ويزيد معروف بشرب الخمر, واللعب مع القرود, والسير على الدفوف"؟, فشهد شاهد من أهلها.
الذهبي هو الآخر وصف أمير الفاسقين في كتابه, "كان يزيد فاجرا فاسقاً متهتكا متعطشاً لسفك الدماء".
 أما سيد شباب أهل الجنة (عليه السلام ) فقد اختصر سلوك يزيد, بتلك العبارة الخالدة, عندما قال "يزيد شارب الخمر قاتل النفس المحترمة, ومثلي لا يبايع مثله".
مسخ بهذا المستوى من الفسق والفجور, طلع خبيث من شجرة خبيثة أجتثت من فوق الأرض, مالها من قرار, عاث بالأرض فسادا في فترة حكمه, التي دامت ثلاث سنوات وستة أشهر, في كل عام من تلك الأعوام يقدم على أرتكاب جريمة, تقشعر لها الأبدان.
 في السنة الأولى قتل سبط النبي الأكرم, وآل بيته (عليهم الصلاة والسلام), وسبى النساء و الأطفال.
 في السنة الثانية أباح مدينة خاتم الرسل (صلى الله عليه وعلى آله وسلم), فقتل 700 من المهاجرين والأنصار, ولم يبق بدري بعد ذلك, وقتل عشرة الاف من الموالي وأباح النساء لجيشه, فهتكوا الأعراض وأنتهكوا الحرمات, وفي السنة الثالثة قصف الكعبة المشرفة بالمنجنيق, بعد ذلك قصف الخالق عمره سريعا, فهلك الى جهنم وساءت مرتفقا.
لم يُقدم بنو أمية للتاريخ سوى العفن, ولم يقدموا للإسلام سوى المؤامرات, والدسائس يدفعهم لذلك الحقد الأعمى على خاتم الانبياء, فكانوا أنيابا غُرست في كبد النبوة, ورغم ذلك كله يلقبهم أتباع الشيطان بخلفاء المسلمين, ولا عجب في ذلك فشبيه الشيء منجذب اليه.
وجد الفيروس الأموي حواضن في بعض النفوس الضحلة, وبدأ المرض الأموي وهو بغض آل بيت النبوة ينتشر, في تلك المستنقعات الأسنة, فأنتجت عقول سلفية رجعية تحمل نفس المضمون القذر, بمسميات مختلفة, القاعدة النصرة ,وداعش وغيرها من تلك الكيانات الهزيلة المتهالكة, وبدا معها حلم البحث عن حدود, ومواطن لتلك الأوبئة.
لم يتعظ شذاذ الأفاق من مصير يزيد الفاسق, ودولة بني أمية, فراحوا ينبحون كما فعل أسلافهم, فسقطوا في مستنقع الرذيلة, وأغترفوا من برك بني أمية الآسنة, وواقع حال تلك الجماعات يفصح عن لسانها.
داعش دولة الزناة, تبحث عن حدود في الشام والعراق, فكان رد غيارى العراق سريعا, رؤوس تُحصد, وحلم يتبدد, وجرذان تبحث عن مأوى, وجيف نتنة تملأ الأرجاء, فكما نفق أميرهم يزيد, سينفق أتباعه, فيستريح الناس من نباح الكلب, وعواء الجراء, وأن غدا لناظره قريب. 

70
 
أحدوثة الصبر...ترنيمة العصور وقديسة الحضور الجليل
مديحة الربيعي
نار تشتعل بأطراف الرداء, وأقدام أدميت من السير على الأشواك, أطفال دُهست تحت حوافر الخيل, ونيران مستعرة في الخيام, وجحيم فراق أستعر في القلوب, وعيون تتطلع نحو أرض المعركة, وخطا حثيثة, نحو مصرع سيد شباب أهل الجنة ( عليهم السلام).
 أصبح الطريق طويلا من الخيام الى الميدان, صوت أنين خافت, ولسان يلهج بذكر الخالق " "صَبراً على قضائِك يا ربِّ، لا إلهَ سِواكَ يا غياثَ المُستَغيثينَ، ما لي ربُّ سِواكَ ولا معبودٌ غيرُك، صبراً على حُكمِك، يا غِياثَ من لا غِيَاثَ له، يا دائماً لا نَفَادَ له، يا مُحييَ المَوتى، يا قائِماً على كلِ نَفسٍ بما كَسبَت، أُحكُم بَيني وبيَنهم وأنتَ خيرُ الحاكِمين".
وصلت لمصدر الصوت, فوجدت ريحانة المصطفى  يجود بنفسه, قد صنع لنفسه وسادة من التراب, بعد أن قطعت أوصاله السيوف والرماح, وأعياه نزف الدم, وصية أخيرة, بحفظ العيال, وبقية  ال محمد (عليهم الصلاة والسلام), الأمام زين العابدين (عليه السلام), لتنتهي سريعا لحظات الوداع الأخير, فترفع الجسد الطاهر بين يديها ( الهي تقبل منها هذا القربان), تلك هي أحدوثة الصبر, التي أحدثكم عنها, عقيلة الطالبيين (عليها السلام).
 أمرأة بقدر أمة, حين تخاذلت الأمة عن نصرة الأمام الحسين (عليه السلام), نهضت الحوراء (عليها السلام) بأعباء تلك المسؤولية الثقيلة, فكانت لوحدها تعادل أمة, كيف لا وجدتها خديجة الكبرى, التي ساندت خاتم الرسل (عليه وعلى آله أفضل الصلاة والسلام), عندما نهض بأعباء الرسالة, وأمها الزهراء (عليها السلام) التي ساندت أمير المؤمنين (عليه السلام), فلن تكون الحوراء بأقل من ذلك, وهي سليلة المجد ووريثة خيرة نساء العالمين.
حل الليل سريعا, وأخذت الحوراء تنفذ وصية  السبط الشهيد (عليه السلام), وبدأت مهمة تنوء بحملها الجبال, دخان المخيمات يملأ الأجواء, أخوة وأحبة تركوها وحيدة وليل  بدا موحشا, بعد أن هوت أقمار ال محمد (عليهم الصلاة والسلام) على رمضاء كربلاء.
نعم كربلاء, تلك الصحراء التي بدت وكأنها عطشى, لدم الحسين وصحبه, فشربت حتى أرتوت  من دمائهم الزكية, ظهيرة العاشر من المحرم, بينما قضوا عطشى صورة عطاء أخرى, لتلك النخبة المؤمنة, سقوا الأرض وأستشهدوا عطاشى, عطاء لأرض شحيحة, وفرات بخل عليهم بجرعة ماء  أخيرة, تسبق لقاء الرب.
زينب عليها السلام, وأي زينب؟ تلك التي شهد لها الأعداء قبل الأصدقاء, فقائد معسكر العدو اللعين عمر بن سعد ينادي بالجيش," ويحكم أتدرون أي كريمة برزت من خدرها؟, هاهي تتعثر بالقتلى مع حلول المساء, تبحث عن أطفال  فروا من الخيام المشتعلة الى  أرض المعركة, ليلوذوا بجسد الأمام السبط, أو قمر العشيرة (عليهم السلام), علهم ينهضوا ليطفئوا النيران, أو ينصبوا خياما أخرى, لتلك الأجساد الصغيرة المتعبة,  والقلوب الخائفة,  أما الجوع والعطش فقد أخذا نصيبا منهم أيضا  فعائلة خاتم الأنبياء (عليهم الصلاة والسلام), لم يذوقوا الماء لثلاثة أيام متتالية.
مجزرة رهيبة, وسيناريو دموي, وفاجعة اليمة تخر لها الجبال الرواسي, حلت بآل بيت النبوة (عليهم الصلاة والسلام), كان لفخر المخدرات منها نصيب الأسد, فبعد أن ذهب الأخوة والأبناء للقاء الخالق,  كان لزاما على الحوراء (عليها السلام), أن تكمل تلك المسيرة, وهذا جزء من مشهد في فاجعة الطف, ومع طلوع فجر الحادي عشر من المحرم, يبدأ فصل عذاب آخر, حين ترتفع الرؤوس فوق شاهقات القنا, ليحين موعد الرحيل الى الشام, فيبدأ فصل جديد من ملحمة الإباء, تجسده قديسة الحضور الجليل عليها السلام.

71
الحسين ( عليه السلام).. وأبواب الثورات الكبرى
مديحة الربيعي   
ينقسم الناس في التعاطي مع ثورة الحسين ( عليه السلام) الى أكثر من صنف, الأول يتعامل مع الثورة وجدانيا, ويتعاطف مع ما يعرف بألم الضحية, ومقدار معاناة الحسين (عليه السلام), وما لحق به من أذى, كضرب وطعن, وتقطيع أوصال وسلب الجسد الشريف, وقتل الأبناء والأصحاب وسبي النساء والأطفال, وتلك عاطفة عابرة تنتهي مع نهاية شهر محرم.
القسم الآخر يتعامل مع الثورة عقليا, ويدرك النظم الفكرية التحررية , اللازمة لصناعة ثورة, تحسب نتائجها مسبقا بين ربح وخسارة, فهو يتعامل مع مقومات التحرر, دون الأخذ بنظر الأعتبار الجانب الوجداني, ومقدار الصبر والتضحيات وضريبة الدم, عندئذ ستحسب نتائج الثورة طبقا لمقدار الربح والخسارة, ولن يكون هناك مجال للعطاء الا في حد معين.
الصنف الثالث يتعاطى مع الثورة وجدانيا وفكريا وعقائديا, وهؤلاء هم نخبة السائرين على نهج الحسين (عليه السلام), فهذا  الصنف يدرك معنى صناعة الثورة الخالدة, التي تكسر كل قيود الضعف الانساني, والغرائزي وبوادر تلك الثورة جهاد النفس وتحطيم كل الأصنام, القائمة في أعماق النفس البشرية, وتلك المرحلة الأولى لصناعة الحرية.
السلطة صنم, والمال صنم, وحب الشهوات صنم, وكل شخص أسير لما تهوى نفسه عبد لا يملك مقاليد الحرية, تحركه الأهواء كيفما تشاء, فمتى ما تحرر من تلك القيود  وأقتلع معابد الأصنام من قرارة نفسه, تمكن من الوصول لأرقى مراتب الحرية, وهي التغلب على النفس والشيطان, وتلك ثورة أولى تفتح أبواب الثورات الكبرى, وتحدد مصير الشعوب, وتحطم عروش الطغاة.
عندما يملك الأنسان زمام نفسه, لن يرضى أن يكون عبدا لأي سلطة أخرى, سوى السلطة الالهية, وسيفتح أبواب العطاء على مصراعيها, فيقدم النفس والمال والولد والامثلة على ذلك أكثر من أن تورد, والحر الرياحي خير دليل على ذلك, عندما عاش صراعا للحظات بسيطة بينه وبين نفسه, وسرعان ما حسم أمره, وتفوق على نفسه والتحق بركب الخلود, وتجاوز معنى الربح والخسارة, وأدرك معنى العطاء دون حدود, ففاز فوزا عظيما.
ونحن على أعتاب الثورة الحسينية الخالدة, دعوة لكل من يؤمن بتلك الثورة التحقوا بركب الصنف الثالث, من العارفين بنهج سيد الشهداء, والسائرين على دربه وتذكروا أنه قدم الأهل والمال والولد, لأجل الرسالة المحمدية, والحفاظ على الصلاة, والألتزام بتعاليم الخالق, ففي آخر لحظات حياته الشريفة يناجي ربه ( تركت الخلق طرا في هواكا), فقد ترك الدنيا بما فيها  من أجل لقاء الخالق, وقدم القرابين واحدا تلوا الآخر ليرفع الآذان في المساجد.
بعد هذا كله لا يمكن أن تختزل تلك الثورة المباركة  في أقامة الشعائر, وتقديم الطعام والشراب, دون أدراك معنى تلك الثورة, فالأحرى بالزائرين الالتزام بالصلاة, والأكثار من ذكر الخالق, وتحري الإخلاص في كل عمل.
 أما المؤمنات بثورة سيد الشهداء, (عليه السلام) فيكفي أن نذكر زينب, (عليها السلام) وستصل الرسالة, على أكمل وجه, للعارفين بالحسين وأهل بيته (عليهم السلام) ,لنتخذ من ثورة أبي الأحرار نهجا انسانيا متكاملا, كما هو دائما, صلاة ,وعفو, و أصلاح ومراعاة حرمات الطريق, وحجاب وحلم وأدب, وسائر معاني الأرتقاء بالنفس, أكراما للتضحيات الجسام لسيد الشهداء(عليه السلام), فالحسين ثورة مستمرة, وليس ذكرى ثورة. 

72
دموع النجفي.. وكارت أبو الخمسة!
مديحة الربيعي
" كل ما أخذتموه منهم حلال, وأنتم في حل من أي عهد, ما قدموه لكم هو جزء بسيط من حقوقكم, ولكم حرية الأختيار" هكذا خاطب الناس ودموعه تنهمر على وجهه, ولا يمكن لأي أحد أن ينكر موقف المرجع الكبير بشير النجفي (دام ظله), قبيل الانتخابات الاخيرة, وهو بالتالي موقف المرجعية الواضح, لمن لم يفهم رسائل خطبة كل جمعة.
رغم أن رسائل المرجعية في الدعوة للتغيير كانت واضحة للعيان,  من قبيل المجرب لا يجرب, لابد من تغيير الوجوه, لا تنتخبوا من أخفق في أدارة شؤون البلاد, أختار قسم كبير من المستفيدين أن يلعب دور المتغابي, من منطلق ليس الغبي بسيد في قومه لكن سيد قومه المتغابي , وراح يتحرى عن معنى تلك الرسائل, فكان العذر أن المرجعية لم تحدد بالأسماء, كما قال قوم موسى (عليه السلام), أن البقر تشابه علينا!
 رغم أن أبقار السياسية المنهكة التي تدور في بركة آسنة معروفة , الا أن المصالح تعمي الأبصار, فكان رد المرجعية أكثر وضحاً قبيل الأنتخابات , وبالأسماء هذه المرة, وعلى لسان المرجع الكبير بشير النجفي( دام ظله), فكانت الأعذار مثيرة للأستغراب, بعضهم أكد أن الشيخ بشير النجفي ليس مرجعاً!, وقسم آخر يرى أنه لا يمثل المرجعية! ولا يتحدث باسمها.
أنكروا على الرجل علمه, وانتماؤه للمرجعية, ليحافظوا على المغانم, تماما كرماة جبل أحد عندما تخلوا عن مواقعهم, ليأخذ كل نصيبه من الغنيمة, فصار المسلمون غنيمة معركة حسمها الجشع, وما أشبه اليوم بالأمس.
تصدر المشهد الأنتخابي (كارت ابو الخمسة, بطانية, صوبة, 2 كيلو تمن, ايباد, ومبلغ 25 الف ) مقابل أن تقسم أنك ستنتخب من بعته صوتك, وطن للبيع في مزاد رخيص!
رغم أن المرجعية نهضت بأعباء التغيير, وكانت أول من طالب بذلك وحث عليه,  ألا أن أصحاب الغنائم أدركوا متأخرا  أن المقايضة رخيصة, بعد أنتهى (الكارت ابو الخمسة, وصرفوا ال25 الف), فراحوا يلقون باللائمة على المراجع , ويرفعون لافتات تسيء للمرجع الكبير السيستاني( دام ظله الوارف), منها  " يامن  الزمت الناس بانتخاب 555 و169 اكرمنا بسكوتك", وأفضل وصف يمكن أن ينطبق على هؤلاء قوله تعالى (إِنَّ شَرَّ الدَّوَابِّ عِنْدَ اللَّهِ الصُّمُّ الْبُكْمُ الَّذِينَ لا يَعْقِلُونَ) ,  الانفال(22) فالنصيحة للعاقل, والعصا للدواب.

73
العبادي.. ومحاولات خجولة لكشف المستور!
مديحة الربيعي   
حلقة مفرغة من التقشف والديون والأزمات المالية, يدور بها رئيس الوزراء الحالي دون أن يتمكن من الوصول لعلاج نافع, للأمراض المستعصية, التي تعصف بالاقتصاد العراقي بشكل خاص, ومعظم مفاصل الدولة بشكل عام, فتلك الأزمات حصيلة ما يقارب 13 سنة, وبطبيعة الحال لا يمكن تجاوزها في عام واحد.
حتى وأن توفرت النية والإرادة فالإمكانات محدودة, وأعداء الداخل أكثر من أعداء الخارج, فكم من متربص بالعبادي من نفس حكومته, بل ربما من داخل مكتبه أيضاً.
المشكلة الحقيقة التي يواجهها العبادي هي صعوبة القضاء على خلايا الفساد, وقطع جذورها, بعد  أن عششت في أروقة الدولة , لأن الاصلاحات لم تكن جذرية وشاملة بل سطحية, لم تحطم رؤوس الأصنام الكبيرة, ولم يَعلق قرش كبير في صنارة العبادي, فكل خلايا الفساد في مأمن, من ضربات رئيس الوزراء وهيئة النزاهة. 
أية إصلاحات يمكن أن تحقق في بلد يخرق فيه حماة الدستور, من النواب القوانين؟ وهم يجوبون أروقة الوزرات, لمساومة الوزراء من أجل  فرض تعيينات, أو لتحقيق صفقة عن طريق مساومة أو أبتزاز وزير, أو الإتفاق مع وزير, ليأخذ نصيبه من الصفقة, وأذا ما أمتنع الوزير سيجد نفسه تحت طائلة الأستجواب, أو عرضة لهجوم من نائب  أو نائبة, بمختلف الأسلحة من البنادق الى الأحذية!
 ما حصل من تغييرات طفيفة كدمج وزارات, أو أقالة بعض الوجوه التي فرضتها المحاصصة, ربما أقصى ما يتمكن أن يحققه العبادي, ومن يعرف قد لا يتمكن التحرك خطوة واحدة بعد ذلك؟
أتهامات بشراء سيارات مصفحة, وعقد صفقات مشبوهة وجهت للعبادي, مما أجبره على الخروج عن صمته, ليعلن براءة ذمته, ويؤكد للشارع العراقي أن تلك الصفقات تمت في حقبة الحكومة السابقة, بل بدأ أيضا يفصح بشكل خجول عن الأسباب الحقيقية لإفلاس خزينة الدولة, ومن يقف ورائها , عندما تطرق في كلمته  للحديث عن القائد الضرورة, وكيف أستلم خزينة مفلسة, لا يوجد فيها سوى 3 مليارات فقط!
تلميح من رئيس الوزراء, عن أهدار المال في الحملات الأنتخابية, وتوزيع المنح والهدايا,  ومحاولات خجولة لكشف المستور, الذي لم يعد خافيا على الجمهور والمرجعية والمتظاهرين, لكنه مستور فقط على هيئة النزاهة! التي يفترض أن تصبح مصدر معلومات للشعب العراقي, والقضاء, وكل باحث عن علاج لعلل العراق, بدلاً من أن تصبح آخر من يعلم, ومازال في جعبة العبادي كثير من الحقائق, ربما يفصح عنها, عندما ينتقل من التلميح للتصريح!




74
المقصلة والخراف  .. للحقيقة وجوه أخرى!
مديحة الربيعي
أوباما يدافع عن حقوق السنة, وبوتين يدافع عن حقوق الشيعة, هكذا يبدو المشهد للأطراف المتنازعة, والحقيقة أن المسألة برمتها صراع نفوذ روسي أمريكي, في شرق أرادت أمريكا وحلفاؤها وخدامها تقسيمه, ولم تتمكن من أكمال تلك الخطوة, هنا أرادت روسيا أن تثبت وجودها, لتعكر على أمريكا صفو الأنتصارات.
شرعت الولايات المتحدة بتطبيق فكرة الجيوش البديلة, لتضرب كل العصافير بحجر واحد, شرق أوسط جديد يلائم طموحات الكنيست في أسرائيل, وخلق ساحات صراع عربي, لتتحول المنطقة العربية لبركة دم, وخلق سوق رائجة للسلاح الأوروبي والأمريكي والإسرائيلي, وتلك هي تجارة الدم الرابحة, التي أصبحت أهم تجارة بعد النفط, بل هي أسهل منه أيضاً, فالدول تغرق في أزمات من الديون والتقشف, وتتسابق لتنقيب وتصدير النفط, ثم بعد ذلك تذهب الأرباح بكل سهولة ألى الخزانة الأمريكية التي تضع شرطا تعجيزية لبيع السلاح بأسعار خيالية!
دوامة أزمات تدر أرباحا على البيت الأبيض, فكلما أزدادت الخسائر العربية, زاد الربح الأمريكي وهذه هي فحوى الفوضى الخلاقة, تقتل وتهجم وتسحق عدوك وتنتصر وتحقق أرباحا مأهولة, وتنفذ الخطط العسكرية, دون أن تحرك جندياً واحداً!
أياً كانت الحقيقة وراء التدخل الروسي, أثبات وجود, تعكير صفو النصر على أمريكا أو رد الصفعة للجماعات المتطرفة, فهناك ثأر قديم بين روسيا وتلك الجماعات, أيام الحرب مع الشيشان والافغان, أياً كان السبب, المهم أن روسيا كشفت وجوه أخرى للحقيقة.
  التحالف الدولي ينفذ طلعة جوية لقتل أرهابي واحد!, يتقاضى ما يقارب 175 الف دولار, بينما روسيا وخلال 4 ساعات فقط قتلت عشرات الأرهابيين, وتمكنت من تنفيذ 60 طلعة جوية!.
هنا تتضح الحقيقة الأولى عن التحالف والإرهاب, أما أن يكون التحالف فاشل وعاجر أمام تلك الجماعات المتطرفة؟ والجيش الروسي لوحده قادر على أداء أربعة اضعاف التحالف الدولي برمته؟ أو أن التحالف الدولي يجامل تلك الجماعات, لدرجة أنه لا يدمر موقعا يضم العشرات من العناصر المتطرفة, بل يفضل أن يقتل أرهابيا واحدا!  وأياً كانت النتيجة فهي ضد التحالف, فالعجز أو المجاملات والتآمر, تدين التحالف وسادة البيت الأبيض, هذا من جانب.
من جانب آخر أحرجت  روسيا التحالف الدولي بخصوص  الأسعار الخيالية, للطلعات الجوية في العراق, فسعر الطلعة الواحدة تعادل راتب 1000 موظف عراقي, وبما أن الطلعات الجوية تصل الى 2600 طلعة في اليوم, فهذا يعني أن كلفة تلك الطلعات تعادل رواتب ملايين الموظفين, دون أن تصيب أهدافها بدقة, أو أن تتمكن من تحديد مدة زمنية, للقضاء على تلك الجماعات, وتلك حقيقة ثانية.
الحقيقة الأخرى التي تكشف عنها روسيا, الأعتراف بأن القضاء على تلك الجماعات يبدأ من العراق, وهذا أمر لم تعترف به الولايات المتحدة, التي أكدت مراراً وتكراراً على عجز الجيش العراقي, والحشد في مواجهة الدواعش, رغم الأنتصارات المتلاحقة لأبناء الجيش والحشد البواسل, وتلك حقيقة ثالثة.
 التدخل الروسي كشف النقاب عن وجوه بعض حكام الخليج, ممن أعترضوا على توجيه الضربات العسكرية لداعش, وهنا تتضح أدوار من يمثلون مخالب الشيطان, في المنطقة العربية, من حكام الخليج, ممن حرصوا على نقل المعركة الى ساحة العراق, رغم تنصلهم من تلك التهمة, بل تأكيدهم على دعم جهود العراق, في حربه ضد الإرهاب!, وتلك حقيقة أخرى.
المقصلة الروسية تحصد رؤوس خراف أوباما, الذين أتخموا خزينته بأرباح الحرب الدموية,  حتى وأن كان الصراع لتقسيم النفوذ, في الشرق الأوسط, أو لمجرد أثبات الوجود الروسي, المهم في الأمر حجم الحقائق, التي كشفها هذا الصراع, وسيكشف عما تبقى منها قريباً, وهذه حرب أخرى غير معلنة, على غرار الحرب الباردة بين روسيا والولايات المتحدة.


75
عيد الغدير ...وأسس الدولة العادلة
مديحة الربيعي
الغاية الرئيسية من الشرائع السماوية توحيد الخالق, والحفاظ على كرامة الأنسان التي أمتهنت, فأصبح سلعة رائجة في الأسواق, عندما أبتعدت الأمم عن عبادة منهج التوحيد, وأتخذوا أربابا متفرقين, بمعنى آخر غاية الشرائع تفعيل العقل الإنساني, الذي يميز البشر عن المخلوقات الدنيا, فالعقل وأن كان موجودا ألا أن  بعض الناس لا يستخدمه مطلقا, عندئذ ستنتفي الصفة الإنسانية, وينحدر الإنسان لمستوى أدنى مما هو عليه.
من تغلب على نفسه وهواه وأسعفه عقله التحق بالعالم الآدمي, فأدرك وجود الخالق وأنخرط في مجتمع أنساني, قائم على التوحيد, وريادة وسيادة البشر, والتجرد من كل أشكال العبودية, للسلطة والمال والشهوة والأصنام الحجرية والبشرية منها, والقضاء على الفوارق والطبقية, فلا فرق بين حاكم ومحكوم, ولا فرق بين أبيض وأسود, تلك هي دولة العدل الإلهي.
عبادات ومعاملات, تشريع وتطبيق, رب واحد, ورداء أبيض واحد, وأمام صلاة لا يشترط أن يكون سيد قومه, بل قد يكون أكثرهم فقرا, وصف واحد في الصلاة, تلك هي الخطوات الحقيقية لإذابة الفوارق, وتلك هي الرسالة المحمدية العظيمة.
خليفة لا يملك الخبز, تمتد حدود خلافته عبر قارات خمس, يرتدي رداءاً واحداً طوال العام, تزاحمت فيه الرقاع ,حتى لم يعد يعرف لونه أو شكله, يخصف نعله بيديه, يتناول قرص شعير, مع قليل من الملح.
يتفقد أحوال الناس دون كلل أو ملل, يطرق أبواب الفقراء, ويحرص على أعداد الطعام لليتامى بنفسه, دون أن يعرف الناس من يكون, فلا حاشية ولا حماية , ولا موكب مهيب, أو مظهر يدل على السلطة, هذا هو علي أبن ابي طالب (عليه السلام) الأمام العادل, الذي جسد زهد الرسول الأكرم ( عليه وعلى اله افضل الصلاة والسلام), والنموذج المشرف لدولة العدل الالهي.
 من أجل الحفاظ على ما تحقق من منجزات, للرسول الأكرم (عليه وعلى اله أفضل الصلاة والسلام), ولترسيخ أسس الدولة العادلة, القائمة على النهج الإسلامي الحقيقي  جاءت بيعة الغدير, لتنصيب الأمام علي أبن طالب (عليه السلام) أميراً للمؤمنين وخليفة لخاتم الرسل (عليه وعلى اله افضل الصلاة والسلام), لينفرد العالم الإسلامي بتقديم نموذج الأمة التي يحكمها زاهد عابد, رجل دين ودولة في آن واحد.
معظم الحكومات التي أبتعدت عن النهج الإسلامي, وأنسلخت منه, وأبتعدت عن تشريعاته ولم تحكم بمبادئه بل بأسمه فقط, أصبحت تجارب مشوهة ممسوخة, سريعا ما تلفظ أنفاسها, أما بيد مستعمر غاصب, أو شعب ثائر غاضب, وما أكثر تلك النماذج الممسوخة التي تحكم بأسم علي ابن طالب (عليه السلام), وتطبق نهج الحجاج!




76
حج الحرامية .. وأرث قديم
مديحة الربيعي   
مع حلول موسم الحج يحجز رؤوس الفساد مقاعدهم بمنتهى السهولة, لأداء تلك الفريضة المقدسة, والغريب في الأمر أن نفس الأسماء تتكرر لمدة 13 عاما, منذ عام 2003 ولغاية اليوم! هجرة نحو بيت الرب,  بعد أن طغوا وعاثوا في الأرض فسادا وعصوا الخالق, من حيث أمرهم بالطاعة, وضربوا مبادئ الدين الحنيف عرض الحائط.
بعد أن يسرق السياسي للمرة الأولى آنذاك لم يكن أمره قد أفتضح بعد, فالبداية سرقة صغيرة, وعملية سريعة, نظيفة لم تترك أثراً, وربما لأن الرب لم يرفع عنه ستره بعد.
 في المرة الثانية يتضاعف حجم السرقات, وتبدأ الأخبار تتسرب للأعلام, مع تكرار الصفقات المشبوهة والمفاوضات والكومشنات يفتضح أمر السياسي, ويتحول الى لص محترف, ذاع صيته وأزكمت رائحته الأنوف, ويشار له بالبنان, ورغم ذلك يصر على أداء فريضة الحج  في كل عام, رغم أنه أصبح وبشكل رسمي ( حرامي) , مع سبق الإصرار والترصد
يصبح حج المسؤول الحرامي مثيرا للأستغراب, ويفتح أبواب الأسئلة أمام الناس ترى ما الذي يدفع هذا وأمثاله للحج؟ وهل يخدع  (الحرامية) أنفسهم أم يضحكون على عقول الآخرين؟ أم  أن السياسي الحرامي يعاني من أنفصام في الشخصية؟
عندما يرجع الناس بالذاكرة قليلا الى الوراء سيجد الناس أجابات وافية, عن هذه الأسئلة عند قراءة سيرة الطغاة, فصفحات التاريخ تعج بقصص حكام قتلة, لم يفوتوا على أنفسهم فرض حج واحد! رغم أن أيديهم ملطخة بدماء الأبرياء, كأمثال يزيد والحجاج, وهارون العباسي والوليد, مرورا بالتاريخ الحديث, وسيرة صناع الحروب الدموية في العالم العربي, ممن يؤدون تلك الفريضة المقدسة.
النظام السابق وساسة العراق في الوقت الحالي, والسباق على الحج, وصورة القائد الذي يطوف حول بيت الرب, مثله كمثل من سبقه من الحكام, على مدى التاريخ يؤدون الحج ليس من باب طاعة الرب, أو طلبا للمغفرة, بل كنوع من الوجاهة!
 نعم فالحج لدى هؤلاء ليس أكثر من مجرد مظهر ترفي, يضاف الى مغامرات الصيد والسهرات, والحفلات وأقامة الولائم, ربما يظن بعض الناس أن هؤلاء يقصدون بيت الرب طلبا للمغفرة, ليكفروا عن ذنوب أرتكبوها, على مدار العام, والحقيقة أن المغفرة لمن يعلن التوبة, فما الفائدة من رحلة لطلب المغفرة, سرعان ما يعود صاحبها العن من ذي قبل. بين أكل السحت والصفقات المشبوهة, وسحق الضعيف وأعانة الظالم, وصراع محموم على السلطة, وصناعة الموت في دهاليز السياسية المظلمة.
  شعب مظلوم, يحج حاكميه في كل عام, حتى أنهم يصرون على سرقة مقاعد الحج من العامة, لا لشيء سوى لألتقاط الصور, وأستقبال التهاني من الحاشية, بعد عودة القائد( المصخم) الذي يظن نفسه ملهما من الحج, الذي لا يمت للبر بصلة, فأي وجه من وجوه البر في حج سياسي يطوف حول البيت, والأرامل تبحث في أكوام النفايات عن لقمة عيش؟ بينما يـبحث جرحى الحشد الشعبي عن أبسط مستلزمات العلاج ويهاجر الشباب على زوارق الموت, هربا من  البطالة والفقر!




77
مجلس النواب..  بين حماية الحيوانات المهاجرة.. وتهجير الشعب!

مديحة الربيعي   
تناقلت مواقع التواصل الأجتماعي صورة شاب ألقى بنفسه  في دجلة, بسبب الظروف المعيشية الصعبة, وعدم القدرة على توفير لقمة العيش لأسرته,  فخلع نعليه المهترئة التي ترك الفقر آثاره عليها, وألقى بنفسه في الماء, بينما يسعى مجموعة شباب لعرض أعضاء من أجسامهم, للبيع وفق أسعار محددة, تلائم أسعار التعيينات في العراق, من أجل الحصول على تعيين, لأن فرص العمل  في العراق متاحة للحزب الحاكم فقط.
مراكب الموت تغص بالمهاجرين, والطاقات العراقية تتزاحم على الهجرة, بحثا عن أمان ولقمة عيش, بعيداً عن المحاصصة والصراع السياسي, ويوميات الموت وديناصورات الفساد, التي مازالت  تعبث بمقدرات البلاد, وتأكل الاخضر واليابس.
واقع صحي بائس, وخدمات طبية معدومة, واقع تعليمي متردي, ومدارس طينية تملأ البلاد في القرن الواحد والعشرين, وبوادر هجرة جماعية, وحرب مستعرة على السواتر, وقضاء معوج , أغتيالات ومفخخات, 3 ملايين أرملة, 6 ملايين أمي لا يعرف القراءة والكتابة, 4 ملايين يتيم.
جرحى الحشد الشعبي يفتقرون لأبسط المستلزمات الطبية, والبطالة تفتك بالخريجين وجوع دفع الأيتام لترك المدارس, وأفتراش الأرصفة, والتقاطعات بحثا عن رغيف الخبز, ومظاهرات حبيسة التحرير, لم تجد آذانا صاغية من قبل أصنام السلطة, وسنين عجاف تعصف بالبلاد والعباد, تلك صورة تختصر الوجع العراقي, بسطور قليلة, رغم هذا كله يعكف مجلس النواب العراقي على تشريع قرارات, تكشف عن حجم الهوة بين الشعب والنواب والحكومة.
أبرز منجزات البرلمان لهذا الأسبوع قانون يتعلق بالحيوانات الفطرية المهاجرة!! وآخر يتعلق بالضوضاء!
تلك القرارات تبدو للوهلة كأنها تخص البرلمان السويسري, أو الأمريكي أو أي من الدول الأوروبية المترفة, لو لا أن وسائل الأعلام أشارت ألى أن البرلمان العراقي هو من شرع هذه القوانين,( ما عرف مشاكل العراق خلصت بقت بس الضوضاء والحيوانات مهاجرة؟ )
بعد أن أفاق الشارع العراقي من صدمة أستيعاب التشريعات الجديدة, غصت مواقع التواصل الأجتماعي والفضائيات بمواضيع ساخرة, تتعلق بتلك القوانين الغريبة, التي ربما لم يطلع على فحواها معظم أعضاء مجلس النواب!
تلك القوانين وصفت بأنها أغرب تشريعات صدرت من البرلمان, منذ تأسيسه حتى الآن, فبينما يناقش البرلمان قانون الحيوانات الفطرية المهاجرة, وحمايتها ينسى أو يتناسى الآف المهاجرين من العراقيين, الذين أصبح جزء كبير منهم طعاما للأسماك   بينما يواجه من نجا منهم لعنة هنغاريا, والمصير المجهول في أرض الغربة.
لم يخصص مجلس النواب جلسته تلك لمناقشة أوضاع جرحى الحشد الشعبي, أو قانون يتعلق بحماية الأيتام ,ومعالجة أسباب هجرة الشباب, أو أنصاف الخريجين, أو أنصاف ذوي شهداء سبايكر, أو محاربة الفساد, بل أرتأى أن يخصصها للحيوانات المهاجرة! ربما لأن قضايا الشعب العراقي من أختصاص مجلس العموم الكندي!
بعد أن تمكن البرلمان الموقر من حماية الحيوانات المهاجرة, من المؤمل أن يصدر قانونا لتهجير الشعب, حتى يتسنى للمجلس, توفير الأجواء الملائمة الحيوانات, في جو خال من الضوضاء, بعد أن يتحول العراق لمحمية طبيعية للحيوانات!




78
ميركل.. تسكب الخمر على أصنام العرب!
مديحة الربيعي
" اذا أعدنا المهاجرين الهاربين من الموت في بلدانهم هذا يعني أننا لا  نمتلك قيما أوروبية", هكذا خاطبت المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل الشعب الألماني, والمجتمع الأوروبي,  قالت هذا وهي تنثر دموعها, وتفتح أبواب المانيا على مصراعيها لأستقبال اللاجئين,  نتيجة لموقفها المشرف أصبحت ميركل الشغل الشاغل للعالم بأكمله هذه الأيام, وأحتلت الصدارة في مواقع التواصل الأجتماعي, ومحركات البحث على شبكة الانترنت للأطلاع على سيرتها الذاتية, وحظيت بألقاب عديدة منها أم الغرباء, وملكة أوروبا وأن لم تتوج.
بينما تطفوا جثة الصغير الباحث عن الحرية أيلان قبالة السواحل التركية, يغط ضمير ملوك الطوائف العربية في سبات عميق, حتى أنهم لم يكلفوا أنفسهم عناء أطلاق تصريح, أو تقديم عزاء, أو التكفل بمراسيم الدفن, التي أثقلت كاهل الوالد المفجوع   فلسان حاله  يعبر عنه المثل المعروف ( موت وخراب ديار).
من جانب آخر لبى بعض ساسة العراق نداء الحج للمرة 13 على التوالي( العين عليهم باردة), فنفس الوجوه تتكرر لزيارة البيت الحرام, في الوقت الذي أصبحت فيه بطون الأسماك مقابر جماعية أخرى للعراقيين.
تساؤلات تطرح نفسها حول الحكام النائمين, وساستنا الملبين لنداء الحج, ترى هل يعرفون الرب؟ هل يعبأون به؟ هل يخشون حسابه؟ رغم أن الجواب بالنفي واضح للعيان, في العراق بشكل خاص, ولدى العرب بشكل عام كوضوح الشمس, الا أن الإجابة هذه المرة جاءت على لسان ميركل  قولا وفعلاً.
أنجيلا ميركل أماطت اللثام عن وجوه قبيحة متأسلمة تنتمي لأسلامٍ اخر, لا يمت لتعاليم الخالق بصلة, ولم ينطق محمد العظيم ( عليه وعلى أله افضل الصلاة والسلام) بسور من وحيه, دين ليس للإنسانية فيه موطأ قدم, ولا للرحمة مكان يذكر, فيه الرب هو الكرسي, والقبلة هي الخزنة, وسبيل النجاة جواز دبلوماسي, والصلاة ترانيم خرفة على مائدة خمر , في لحظة سكر,  وهذا ما كان يفعله أبن سلول وورثته من بعده من المنافقين والمارقين.
 الإسلام الذي ولد غريبا, وسيعود غريباً, كما أنبأ عن ذلك  النبي المؤتمن ( عليه وعلى اله افضل الصلاة والسلام), وأم الغرباء الالمانية عقدت مقارنة أعادت الى أذهان العالم  صورة المسلمين المهاجرين مع بداية الدعوة الإسلامية, هربا من بطش قريش, وحال المهاجرين هربا من بطش حكام العرب, وتجار الدم أزاحت الستار عن الهة وأصنام جديدة تُعبد, وألف فرعون وفرعون في بلاد العرب.
 نعم كأن محمد العظيم (عليه وعلى اله افضل  الصلاة والسلام) يطوف غريبا في قريش, وعلي أبن طالب عليه السلام يُقتل في محراب صلاته, بينما  يطاف برأس الحسين  ورؤوس أخوته وأهل بيته وصحبه (عليهم السلام) في شوارع الكوفة, والشام ويهرب المسلمون خارج بلاد العرب طلبا للرحمة والأمان.
المستشارة الألمانية التي أرسلت سفنا لنقل المهاجرين من تركيا الى المانيا, وطلبت أن ينادى في محطات المترو ( أنتم الآن في المانيا.. لقد أصبحتم في أمان),  كأنها القت بكأس الخمر الذي ظهرت تحمله في  بعض الصور, فوق رؤوس دعاة الإسلام  فغسلت ألوان التقوى المزيفة, وظهرت الوجوه الحقيقية لعتاة قريش, وهم يصفقون حول البيت الحرام في عصر الجاهلية, وكشفت حقيقة أصنام بشرية وجدت طريقها الى القصور, تحت عناوين مختلفة ..رئيس, حاكم, رئيس وزراء!
ميركل التي عرفت رب البيت, وأنقذت آلاف النفوس وحرصت على بث الطمأنينة في قلوب خائفة, وأطعمت بطونا جائعة, أفضل بكثير ممن يطوفون حول بيت الرب, لأن معرفة الخالق لا تمكن في أداء الطقوس, بل في تطبيق جوهر الايمان الذي عبر عن الرسول الاكرم( عليه وعلى اله افضل الصلاة والسلام) " الدين المعاملة".
 حج مبرور لميركل وأن لم تطف حول البيت ,لأنها حفظت قيمة النفس البشرية وحقنت الدم الذي أوصى الخالق بحفظه, فهدم الكعبة الف مرة أهوب على الرب من دم المسلم, هكذا علم الأمة خاتم الرسل ( عليه وعلى اله افضل الصلاة والسلام) ورغم ذلك يطوف حكام العرب فوق آلاف الجثث, وكأنهم يغسلون جدران الكعبة بالدم, الذي لم ينتفض له سوى ميركل, بعد هذا كله لا داعي للسؤال من هو المسلم ومن هو الملحد, فلسان الحال يفصح عن الإجابة.
 

79
د. حيدر  أنحر.. وقدم قرابينك للشعب!
مديحة الربيعي
 يفترض بعد عام 2003 أن العراق دخل مرحلة جديدة, تغيرت فيها وجوه الحكام وملامح الحكم أيضاً, فقد تحول النظام من رئاسي ألى برلماني, ومن دكتاتوري ألى ديمقراطي, ومن حزب واحد ألى أحزاب متعددة, الا أن أبناء الرافدين سرعان ما أدركوا أن اللعبة  لا تعدو أن تكون أختلاف مسميات, فالحزب الواحد ما زال يتصدر المشهد, وكل الذي أختلف في الصورة كثرة الأيادي, التي تغرف من صحن العراق وتملأ الجيوب! بمعنى آخر ( بدلنة عليوي بعلاوي).
 لم يطرأ أي تغيير حقيقي على حياة المواطن الفقير, عدا أداء المراسيم الدينية بحرية تامة, الا أن ثورة (الحسين عليه السلام) لا يمكن أن تختزل بأي حال من الاحول بأداء مراسيم الزيارة, فالحسين ثورة بعنوانها الكبير( هيهات منا الذلة), وهي أكبر من  أن تتحول شعاراً للسماسرة, كما قال الشاعر المبدع نهاد الخيكاني" لله درب حسين مو للسمسرة".
 المواطن الحالم بزهد علي أبن طالب (عليه السلام), سرعان ما وجد نفسه محاطاً بألف حجاج, رغم أنه لم يفق بعد من حكم حجاج واحد, فقد أكتشف أن زهد حاكم القارات الخمس, الذي أختلف شكل ثوبه, من تزاحم الرقاع فيه , ومل من خصف نعله, الذي تهرأ من كثرة, السعي لقضاء حوائج الناس, ليس له أثر في سلوك الحكام الجدد.
بما أن الحسين عليه السلام ثورة مستمرة, وعلي أبن طالب عليه السلام نهج أصلاحي متكامل, ومدينة  فضائل أنسانية, تغلبت على كل طروحات الفلاسفة والمفكرين التي تدعوا لتحقيق العدل, كان لابد للشعب أن ينتفض ليحفظ كرامته,  ودماء أبنائه, ويغير وجه العملية السياسية المشوه.
كثرة الضغط تولد الأنفجار, وهذا أمر لا خلاف فيه, فتراكمات 13 سنة من التخبط والغرق في دوامة من فقر ودم ولدت ضغطا , على الشعب العراقي , وأرهقت كاهل الفقراء والجياع,  والمنكوبين بفقد البيت والأبن والوطن,  فعراق ما بعد سقوط الموصل ومجزرة سبايكر, غير مدركات المواطن العراقي, الذي رأى بأم عينه  أن الدم العراقي رخيص جدا, لدى مستوردي اجهزة كرات الكولف!
المرجعية الرشيدة لم تتوان عن النهوض بأعباء تخلى عنها الساسة, وأكتفوا بالتجوال بين أوروبا والمنتجعات السياحية, فبدأ المراجع بصناعة الحشود العسكرية, والمدنية وبدأت تتشكل ملامح أخرى للعملية السياسية في العراق.
أنتصارات متلاحقة في الجانب العسكري, ودعوة للقضاء على الفساد في مؤسسات الدولة,  ومباركة للتظاهرات التي تدعوا للإصلاح, ودعم رئيس الوزراء, كل هذه المنجزات تحسب للمرجعية.
حزمة أصلاحات قدمها رئيس الوزراء لم ترض الشارع العراقي فهو لم يصطد بعد أسماك قرش كبيرة, ليقدمها للشعب, ولم يقطع رؤوس الافاعي الكبيرة, التي تنهش جسد الدولة العراقية,
حزمة الاصلاحات لم تضمن حقوق أرملة شهيد في الحشد الشعبي, قدم نفسه قربانا للوطن, ولم تنصف ضحايا الأرهاب, ممن مزقت اشلائهم العبوات الناسفة, والسيارات المفخخة, ولم تنصف حملة الشهادات العليا, أو تنقذ اليتامى من دوامة اليتم والفقر.
لا يمكن أن تتحقق الإصلاحات بين ليلة وضحاها, أمر مفروغ منه, الا أن الكتفاء بدمج الوزارات ليس كافيا دكتور حيدر.
الشعب ينتظر من رئيس الوزراء الإطاحة برؤوس كبيرة, في مختلف مؤسسات الدولة, مافيات الوزارات, القضاء, فتح ملفات المصارف, وتهريب أموال العراق ألى الخارج, التحقيق في ملفات  الدوائر المحتكرة, من قبل عوائل المسؤولين والمدراء العامين, أنصاف الشهداء, من أبناء الحشد الشعبي وضحايا الإرهاب, وتقديم المقصرين الى العدالة, دكتور حيدر أنحر ثيران وعجول الفساد, وقدم قرابينك للشعب الذي ما زال ينتظر.


80
حكومة الإصلاحات: أليست هذه هي حقيقة الكهرباء؟
مديحة الربيعي
بعد حرب الخليج الأولى والثانية في زمن النظام السابق بدأت معضلة الكهرباء أذا كانت أحد الأهداف التي قصفتها طائرات قوات التحالف آنذاك,  وبعد  ذلك دخل العراق مرحلة الحصار الاقتصادي, وبدأت لعبة الكهرباء , وأستخدامها كوسيلة ضغط ضد المواطن العراقي تروق للنظام السابق.
بعد عام 2003 توسم العراقيون خيراً بالوافدين, الذين حملوا شعارات الحرية والدفاع عن حقوق الأنسان, إذ علق المواطن العراقي أمالا كثيرة على هؤلاء, ظناً منه أن شعاراتهم الإنسانية حقيقية ويمكن أن توفر العيش الكريم للمواطن, ليحيى  بكرامة في وطن يطفوا على بحر من النفط, وعسى أن تجد الأمراض العضال التي أصابت الدولة العراقية الشفاء على أيدي هؤلاء.
الشعارات المعلنة كانت مختلفة تماماً عن التطبيق على أرض الواقع, ومع مرور الوقت بدأت الحقائق تنكشف, وظهرت الوجوه الحقيقية المختبئة خلف الأقنعة السياسية والدبلوماسية.
مقياس النجاح والفشل, والصدق والكذب, والشعارات والتطبيق  والتي تعتبر معضلة العصر في العراق منذ فترة التسعينات ولغاية الآن هي الكهرباء, أذ كان من المؤمل أن يحصل المواطن العراقي على أبسط خدمة وهي توفير الطاقة الكهربائية , الا أن احلام الشعب العراقي ذهبت أدراج الرياح, فسوط الكهرباء قد أنتقل للجلادين الجدد.
كل حكومة تلعن التي أختها في معضلة الكهرباء, وعود تجاوزت الأكتفاء للتصدير للدول الأخرى, ومع مرور السنوات تضخم أخطبوط الكذب وبدأ يلف أذرعه الطويلة على عنق المواطن الفقير, حتى تحولت الكهرباء إلى قضية سياسية بأمتياز فالسياسيون الجدد قد وجدوا ضالتهم على ما يبدو, وبدأوا يسيرون بخطى ثابتة على طريق النظام السابق, أذ أن الكهرباء أصبحت ورقة ضغط تستخدمها الحكومة ضد الشعب العراقي, فهل يعقل أن يفقتر العراق للكهرباء وهو يصدر مقومات الطاقة للعالم؟
مع أقتراب موعد الأنتخابات تتصاعد وتيرة الوعود, فالمرشح سوبرمان يعد ناخبيه بالقضاء على عصر الظلام, والأنتقال من العصور الوسطى الى القرن الواحد والعشرين!, وكل مرشح يستخدم الكهرباء كدعاية أنتخابية ليحقق ما يصبوا أليه وبعد أن يصل الى الكرسي  ينتقل هو وحاشيته لعصر المدنية, ويترك المواطن البسيط يلعن حظه العاثر, الذي جعله فريسة للصوص بثياب رسمية نالوا مرادهم منه والقوا به في قعر بئر عميق ليس له قرار.
مشكلة الكهرباء أخذت بعداً آخر, فأنتقلت من مرحلة الترغيب للمساومة والترهيب إلى أضفاء صبغة حزبية وطائفية, فالأحزاب بدأت تتسابق للحصول على منصب وزير الكهرباء, لأنها تتضمن صفقات دسمة, فمقدار الأموال المنهوبة من وزارة الكهرباء بسبب العقود الوهمية في الحكومة السابقة وصل ألى 12 مليار, واليوم أخذت القضية تسيس بشكل أكبر, فدعوات جباية الضرائب من مناطق بعينها دليل واضح على أن الكهرباء ورقة سياسية رابحة, تستخدمها الحكومات العراقية ضد الشعب العراقي السيت هذه هي الحقيقة؟



81
وزارة الصحة وموسم هجرة البطريق!
مديحة الربيعي   
موسم هجرة البطريق فيلم فرنسي حصد مئات الجوائز, وحظي بنجاح منقطع النظير في مختلف دول العالم التي عرض فيها, ما يميز هذا الفلم عن غيره أنه لا يتضمن أي مشاهد تمثيلية, بل هو من صميم الواقع, تقرير مصور يروي قصة هجرة طيور البطريق, وكيف تصارع تلك الطيور الموت, من أجل البقاء على قيد الحياة, وفي نهاية المطاف لا ينجو منها سوى عدد بسيط , لأن معظمها يفقد الحياة أثناء الطريق.
 ما أن يعرض هذا الفيلم في صالات السينما يسيطر جو من الحزن, على الحاضرين وتنهمر دموعهم, لقسوة المشاهد وحجم المعاناة, التي يتعرض لها البطريق.
 ترى كيف ستكون ردة فعل كل من اطلع على هذا الفيلم, وتأثر بمعاناة حيوانات مهاجرة , لو رأى معاناة أنسانية لمرضى يصارعون الموت, ولا يملكون نفقات العلاج؟ لاسيما أن من نتحدث عن معاناته  سجدت له الملائكة, ووصفه الباري جل وعلا بقوله (وَلَقَدْ كَرَّمْنَا بَنِي آدَمَ وَحَمَلْنَاهُمْ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ وَرَزَقْنَاهُمْ مِنَ الطَّيِّبَاتِ وَفَضَّلْنَاهُمْ على كَثِيرٍ مِمَّنْ خَلَقْنَا تَفْضِيلًا) الاسراء اية 70.
وجه آخر من وجوه معاناة الشعب العراقي, هو الواقع الصحي المتردي, في مختلف محافظات العراق.
بما أن وزارة الصحة فقدت تعريفها ووظيفتها في العراق, منذ أكثر من 35 سنة ولغاية اليوم, ينبغي أن نذكر الناس بوظيفتها ..وزارة تعتبر الأولى من حيث الأهمية في دول العالم ,فهي تضاهي وزارة الدفاع والداخلية, لأنها تساهم في تقليل معاناة الأنسان وتخفيف وطأة المرض, وتوفير حياة صحية أفضل, بأختصار  هذا هو دور وزارة الصحة في مختلف بقاع الارض.
 واقع وزارة الصحة في دولة متقشفة كالعراق, بل في السنوات الثمان العجاف المنصرمة, بل منذ عام 2003 ولغاية الآن, على أعتبار أن ما قبل  هذا التاريخ لم يكن نظام الحكم ديمقراطي, نسخة مطابقة تماما لواقع أي وزارة صحة في دولة أفريقية فقيرة!
أستيراد أجهزة طبية منتهية الصلاحية, وأفتقار المستشفيات لأبسط المستلزمات في الناصرية, وأغلب المستشفيات في المحافظات, وألقاء مواطن بعد وفاته على أرض المستشفى, بعد  تأخر الفحص وتقديم العلاج اللازم له, في محافظة البصرة, وحتى أنهم لم يضعوه في مكان ما, لحين معرفة أهله بوفاته,  فالكادر الطبي سارع بألقائه  على الأرض في ممرات المستشفى .
 خلو المراكز الصحية والمستوصفات في عموم العراق حتى من علاج الصداع والقطن, بل أن بعضها لا يمتلك (سرنجة)!
ربما يختلط الأمر على الناس عند دخولهم لتك المراكز الصحية, فيظن بعضهم أنه دخل في حديقة عامة, أو مكان مخصص لتربية الحيوانات الداجنة, بعد أن أنهارت جدران تلك البنايات, ودخلت قطعان الحيوانات, لتأكل كل ما موجود في حدائق  تلك المراكز الصحية, وربما تلك هي الفائدة الوحيدة من وجود تلك المراكز!
أما قرة عين العراق من جرحى الحشد الشعبي فلسان واقع حالهم أفصح من أن نتحدث عنه, فقبل عدة أيام في الحلة طلبت أدارة المستشفى من ذوي جرحى الحشد الشعبي أخلاء المشفى بالكامل, ونقل أبنائهم لأماكن أخرى, للعلاج لأن  المستشفى تفتقر للكهرباء!
معظم  جرحى الحشد الشعبي يتكفل ذويهم بمصاريف علاجهم, لأن الأدوية اللازمة لعلاجهم لا تتوفر في المستشفيات.
رغم أن الشعب العراقي لا يخفي تعاطفه مع طائر البطريق! ولا يعترض على ذلك لكنه يقترح على الشركة المنتجة لهذا الفيلم أن تزور العراق, وتتجول في أروقة المستشفيات, لتطلع على واقع صحي, أقل ما يمكن أن يوصف به أنه مزري, أن لم نقل مأساوي, عندئذ ستبكي على حال  المريض في العراق طيور البطريق, وقبلاً منها كل عدو وصديق!

 


82
سقوط الموصل : قتلة مع سبق الإصرار والترصد!

مديحة الربيعي   
أستخدم بنو العباس شعار يا لثارات الحسين (عليه السلام), للوصول الى السلطة وأزاحة الأمويين عن طريقهم, وفعلا حقق العباسيون ما أرادو, وأستلموا مقاليد الحكم وسرعان ما سُلطت السيوف العباسية على رقاب آل بيت النبوة (عليهم الصلاة والسلام), بعد أن رفعت في بداية الأمر, تحت ذريعة الدفاع عن حقوقهم, وكان أستشهاد الأمام موسى بن جعفر والأمام الرضا (عليهما السلام) خير شاهد, ودليل على الحقبة العباسية.
الثورة العباسية المزيفة نموذج من الثورات المبطنة, التي تستخدم شعارات الحرية والعدالة, وتعمل بخلافها لتحقيق غايات بعينها تبدأ بالسلطة, ولا تتوقف عند طموح أو حدود, حتى تهلك بعد أن يفرط قادتها في الدكتاتورية, فأما أن يسلط الخالق عليها عدو خارجي, أو تقضي عليها ثورات الشعوب.
 ما يحصل في العراق اليوم يشبه ألى حد كبير أحداث الثورة العباسية, فقد تصدر المشهد ساسة كانوا من المدافعين عن حقوق الشعب العراقي, وبالتحديد الشيعة منهم على أعتبار أنهم تعرضوا لأضطهاد, وقسوة مفرطين ,أبان حكم النظام السابق, وأن كان معظم الشعب العراقي يخضع لنفس الظروف, الا أن شيعة العراق كان لهم حصة الأسد.
شرع معظم الساسة  بالعزف على أوتار مظلومية  الشعب, وعلى وجه الخصوص  مظلومية أهالي الجنوب , و ما أن وطأت أقدامهم أرض الخضراء حتى بدأ فصل جديد, من فصول معاناة العراقيين , وأتضحت ملامح المشهد العراقي, وأخذ شبح ديكتاتورية جديدة يلوح في الأفق.
وطن جديد أسمه الخضراء, يقطن فيه شعب مصغر مترف, يغرق في طيبات النعم وحياة لا تعرف سوى التخمة والبذخ, لدرجة أن كلب أحد النواب, أجل الخالق القراء له منزل مكيف!
أما خارج الخضراء, شعب مظلوم لا يعرف أحدهم هل سيعود سالماً لأهله, بعد أن يؤمن لهم قوت يومهم, أم يرجع محمولاً على الأكتاف, أو ربما يجمع المارة أشلائه في كيس بلاستيكي,  بعد أن تمزقه أحدى المفخخات.
سرعان ما أتضحت أهداف المدافعين عن الشعب المظلوم, عندما أتخمت الكروش وعلمت أكف الساسة وأصابعهم في وجه كل عراقي, فمقابرنا جماعية, وجثثنا مجهولة,  وأيامنا دامية.
لجنة التحقيق في سقوط الموصل أنهت أعمالها, وأكدت ضلوع شخصيات شيعية وسنية بارزة, كانت خلف سقوط المدينة, وهي بذلك تكشف عن  حقيقة أخرى, مفادها أن الدفاع عن حقوق الشعب تحت شعارات مذهبية , كذبة كبيرة يختبأ خلفها تجار الدم بمختلف طوائفهم.
 ثمرة جهود الدفاع عن الشيعة هي 1700 شاب قضوا في يوم واحد, فسبايكر هدية أبطال الشيعة المزعومين!, لجمهورهم المتلهف لإنجازاتهم, بينما ثمرة جهود الدفاع عن جمهور السنة, آلاف العوائل النازحة والمهجرة, التي تفترش الأرض وتلتحف السماء, وتلك هدية المتصدين لخدمة أبناء السنة لجمهورهم.
   الكرة الآن في ملعب القضاء العراقي, الذي يفترض به أن  ينصف كل أم عراقية فقدت أبنها, منذ سقوط الموصل ولغاية اليوم سواء في سبايكر, أو على ساحات القتال وكل عراقي فقد منزله, أو بيعت أبنته في الأسواق.
سقوط الموصل فتح على العراقيين بوابة مآسي, لم تغلق بعد, فمن وجهة نظر الشارع العراقي,  ومن وجهة نظر القضاء المنصف, يعتبر كل ظالع بأحداث الموصل,  قاتل مع سبق الأصرار والترصد, فهل سينتصر القضاء  لذوي شهداء سبايكر حقوقهم ويعيد لأم عباس حقوقها , كما أعاد لها الحشد الشعبي( شيلتهة)؟






83
أصلاحات : ومذكرات مسؤول حرامي!
مديحة الربيعي
رغم أن صحوة الشعب العراقي جاءت متأخرة نوعا ما, لكن تبقى الصحوة المتأخرة أفضل من سبات عميق, تفويض من الشعب لم يسبق أن حصل عليه رئيس وزراء قبل الدكتور حيدر عبادي, وتأييد وتعضيد منقطع النظير من قبل المرجعية الرشيدة, كل تلك الأحداث الأستثنائية, تتطلب أصلاحات أستثنائية , علق عليها الشارع العراقي أمالا كثيرة.
 رغم أن  الشارع العراقي  رحب بحزمة الإصلاحات الأولى, التي قدمها رئيس الوزراء, وأعتبرها قطرة من أول غيث, يفترض أن يروي عطش شعب, ينتظر وعودا منذ عام 2003 ولغاية الآن, الا أن أول الغيث دكتور حيدر لم يكن بمستوى طموح وغضب الشارع العراقي.
 على ما يبدو أن ما قدمه  رئيس الحكومة لم يشف غليل الشارع العراقي, وما ينتظره الناس من دكتور حيدر أكثر بكثير, فالإطاحة برؤوس كبيرة, وضرب بعض اوكار مافيات الفساد, والتخلص من مسؤولين فرضتهم المحاصصة الطائفية,  ممن أذا حضر  أحدهم لا يعد وأذا غاب لا يفتقد, وأقالة نواب رئيس الجمهورية, ونواب رئيس الوزراء, ليست منتهى الطموح وغاية المنى.
لم يبحث أبناء الرافدين الذين طحنتهم رحى الصراعات الفئوية والسياسية, عن حلول ترقيعية, بل أن مطالبهم وصلت لآخر العلاج وهو الكي.
مطالب الشعب العراقي, تتضمن أعادة وطن أسمه العراق لأهله , بعد أن أصبح مجرد كرة تتقاذفها أقدام اللاعبين, من لصوص السياسية.
حزمة الإصلاحات  الأولى لم تعالج أخطاء الدستور,  واقع القضاء العراقي ,المجالس البلدية, التي تمثل الوجه القبيح الآخر لوجوه الفساد, سبل النهوض بالبنك المركزي العراقي, تقديم الخدمات, مرض الكهرباء المزمن الذي أصاب الدولة العراقية منذ ما قبل 2003 لغاية الآن.
غاب عن الإصلاحات المنتظرة, كيفية التصدي لمافيات الفساد المتحصنة خلف أسوار الخضراء؟ سبل النهوض بالمؤسسة العسكرية, أدارة الملف الأمني, والقضاء على صفقات بيع المناصب, سبل أعادة الأموال المنهوبة, سبل النهوض بواقع التعليم العالي الذي يخاطب وزيره  خيرة عقول العراق( حتى لو تحركون نفسكم مو شهاداتكم فقط متتعينون)!!.
غاب عن الإصلاحات القضاء على الترهل في مؤسسات الدولة الذي تفرضه المحاصصة, وسبل الانتقال بالبلاد من الأقتصاد الريعي الى الأنتاجي.
  رئيس الوزراء  بينما يقف الشعب معك ويشد على يديك, لا تدع  فرصة لحيتان السياسية بابتلاع  أصلاحاتكم, ومصادرة جهودكم كما صادروا 12 عاما من أعمار العراقيين, حتى لا يكتب أحدهم في مذكراته كنت مسؤولا في حقبة د. حيدر
 

84
مجلس النواب: معلش يمحيسن
مديحة الربيعي
 تضمنت جلسة مجلس النواب المخصصة للتصويت على حزمة أصلاحات رئيس الوزراء استعراضاً ( للموبايلات), وأفخم البدلات الرسمية الرجالية, وآخر صيحات الموضة النسائية,  ناهيك عن أستعراض مكيفات الهواء, ففي جانب واحد فقط من قاعة المجلس كان هناك 15 (سبلت), ولا نعرف أسباب عدم التزام أعضاء المجلس بإطفاء الكيزر!
 الأمر الملفت في هذه الجلسة هو حضور النواب, الذي لم يشهد المجلس مثله من قبل ألا في يوم أداء اليمين, وأستلام منحة ال 100 مليون لتحسين المعيشة !
  بدأت الجلسة بإلقاء رئيس المجلس كلمة حماسية, تقدم فيها بالشكر والتقدير للمتظاهرين, ولأعضاء مجلس النواب( الي منعرف شمسوين)؟
بمجرد أن أنتهى رئيس المجلس من قراءة خطة  د. حيدر ارتفعت الأيادي, مؤيدة في العلن, و ربما ما خفي في النفوس كان أعظم؟, وبعد ذلك شرع النوب بالتصفيق الحاد وكأنهم أفتتحوا قناة الجيش, التي ينتظرها أهالي بغداد, منذ خمس سنوات لغاية الآن ولا نعرف ما الذي سيفعله أعضاء المجلس , لو أنهم أفتتحوا قناة السويس, بضفتين في غضون عام واحد كما فعل السيسي؟
 مجلس النواب أرتضى لنفسه  أن يتخلى عن دوره, وهو الذي يمثل السلطة التشريعية والرقابية ,ولم يشرع قراراً واحداً يثلج صدور العراقيين,  يتعلق بقضايا الفساد الكبيرة,  أوبجريمة العصر سبايكر, بل وقف موقف المتفرج مما حصل, وأكتفى بأن يصوت على ما يقدم أليه, بل أن بعض الأعضاء وافقوا مجبرين, على خطة رئيس الوزراء, خوفاً من سخط المرجعية وغضب الجماهير.
في أرشيف المباريات الكروية أقيمت مباراة بين السعودية والمانيا, في حقبة الثمانيات والى الآن يتذكرها الجمهور الكروي, ليس في العراق فحسب , بل ففي عموم الوطن العربي, ما يميز تلك المباراة  عبارة ( معلش يمحيسن ) التي كان يرددها المعلق السعودي آنذاك.
تمكنت المانيا من تسجيل ثمانية أهداف على السعودية, ومع كل هدف تسجله المانيا كان المعلق يردد (معلش يمحيسن, معلش يعويضان ) في محاولة منه لمؤازرة لاعب الدفاع, وحارس المرمى, الذي  وقف متفرجاَ أمام سيل الأهداف الألمانية, بل أن المانيا لم تكتف بما سجلته, فكثفت هجماتها في الدقائق الأخيرة, طمعا بهدفٍ آخر لأن محيسن أكتفى بأن يكون متفرجا, ولم تسجل السعودية في تلك المباراة سوى هدف واحد, عبر عنه المعلق بأنه هدف لكل العرب! لا أعرف لماذا خطرت في ذهني عبارة معلش يمحيسن , أثناء متابعة  جلسة مجلس النواب؟



85
حاكموه: فالعراق يختنق دماً
مديحة الربيعي
بعد عام 2003 تمت محاكمة  أعضاء النظام السابق, بعد حقبة حكم أختنقت سنواتها بالدم, وظن الشعب العراقي أنه دخل مرحلة جديدة, سيحظى فيها ربما بشيء من  الأمان, الا أن  أحلام أبناء الرافدين سرعان ما سُحقت, تحت أقدام سكان الخضراء والمطالبين بالخدمة الجهادية, وجلادين جدد, أدخلوا البلاد في دوامات جديدة من جحيم ودم.
سرعان ما أمتدت أيادي المتصارعين على الكرسي لتأخذ نصيبها من أعمار ودماء العراقيين, فمن يوم دامي ألى آخر أكثر دموية, حتى أزدحمت السرادق في شوارعنا وصار الموت من أصحاب الدار, فهو لم يعد ضيفاً, يزور العراقيين بين الفينة والأخرى, بل أصبح جزء لا يتجزأ من يومياتهم, وذلك كان الواقع الأمني.
أما الواقع الاقتصادي فلم يكن أفضل من الواقع الأمني, بل هو وجه آخر للموت, لكن بشكل بطيء, موت لعزة النفس, وأراقة ماء الوجه, و أمتهان كرامة الأنسان, فما الذي  بقي  ليتيم ترك مقاعد الدراسة مجبرا, بعد أن أعدم شركاء الخراب أيام طفولته على مقصلة العمر؟ فغزا الشيب قلبه, وتحول ألى كهل يلفظ أنفاسه الأخيرة , في كل يوم يبحث فيه عن رغيف العيش, لأسرة  وجد نفسه معيلا لها بين ليلة وضحاها, وما الذي بقي لأرملة تستجدي العطف من المارة لتعيل صغارها؟
أحلام الخريجين هي الأخرى عُلقت على المشانق, في وطن أصبح العيش فيه حكرا على اللصوص,  فكم من خريج وقف حائرا على أعتاب الحياة؟, يحلم بأن يرد المعروف لوالديه,  وسرعان ما ذهبت أحلامه أدراج الرياح, فوجد نفسه مجبرا على العمل أما في تنظيف الشوارع! أو أصبح أحد رواد المقاهي الدائمين.
ماذا عن عيون أبيضت ؟ وهي تبحث عن قميص يوسف, عسى أن  يرد أليها النور لتبصرمن جديد؟,  ماذا عن قلوب مزقها الأنتظار؟ ماذا عن أرواح أعياها الألم والجزع وهي تبحث عن وجوه الأحبة؟ ماذا عن منتهى أمل بالعثور على جثة عزيز  لبناء قبر وقراءة سورة الفاتحة, ماذا عن سبايكر ؟  ماذا عن أمهات وأباء وأبناء الشهداء؟ ماذا عن وطن تحول لبركة دم؟
 لقد شرع الباري وجلا وعلا قانون واضح وصريح, كوضوح الشمس في كبد السماء,  للقصاص من المفسدين والطغاة, فقد جاء في قوله تعالى(وَلَكُمْ فِي الْقِصَاصِ حَيَاةٌ يَاْ أُولِيْ الأَلْبَابِ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ ) سورة البقرة 179.
لو أراد الشعب العراقي محاكمة المفسدين  فقط على كارثة أجتياح الدواعش  أرض العراق لعلق مشنقة لكل خائن, في كل شارع من شوارع العراق, فكيف سيكون الحال لو فتحت ملفات منذ عام 2003 ولغاية اليوم؟
ما الذي ينتظره القضاء لمحاكمة صناع الموت؟ ومافيات الفساد التي نخرت مفاصل الدولة؟ ما الذي ينتظره القضاء لمحاكمة مزوري الانتخابات؟  و مزوري الشهادات الجامعية؟ ما الذي ينتظره القضاء لمحاكمة المتسببين بانهيار المؤسسة العسكرية؟ ومالذي ينتظره القضاء لأنصاف ذوي شهداء سبايكر؟ وما الذي ينتظره القضاء للقصاص من قتلة شعب العراقي, وإيقاف نزيف بلد يختنق دماً؟


86
مصر تدشن قناة السويس.. والعراق مطفي الكيزر!
مديحة الربيعي
في يوم 4 حزيران  2014 أستلم الرئيس السيسي دفة الحكم في مصر,  فقد مر عام وشهر واحد, وبضعة أيام على حكمه, وبدأ الشعب المصري يقطف ثمار أختياره للرئيس, فملأ القطاف كل السلال الفارغة, وفاض أيضاً  وها هي مصر اليوم تفتتح قناة السويس الجديدة, وأول نتائجها الملموسة , توفير مليون فرصة عمل لأبناء مصر.
منجز عجز رئيس مصر السابق حسني مبارك عن تحقيقه, طوال فترة حكمه, بل حتى أن الرئيس المصري الراحل جمال عبد الناصر أقدم على تأميم قناة السويس, التي كانت موجودة قبل أستلامه ادارة شؤون البلاد, ولم ينشيء قناة جديدة بضفتين, كما فعل السيسي اليوم.
معادلة صحيحة, شعب تمكن من  أختيار الرجل المناسب, ورئيس أوفى بعهده لشعبه, فكانت قناة السويس الثانية نتيجة طبيعية لتلك المعادلة.
أذا ما أردنا مقارنة وضع العراق بمصر, نجد أن مصر لا تمتلك ثروات ضخمة بقدر ما يمتلك العراق, فهو رابع بلد نفطي في العالم.
 أما من ناحية الكثافة السكانية فقد وصلت مصر ألى ما يقارب 90 مليون نسمة, وهذا بطبيعة الحال يثقل كاهل الحكومة المصرية,  أذ يتحتم عليها أن توفر سبل العيش الكريم لمواطنيها, بينما يصل عدد سكان العراق ألى ما يقارب36  مليون, كما قدرت ذلك وزارة التخطيط.
 ترى لماذا وصل العراق ألى ما هو عليه اليوم؟ وهو يمتلك كل المؤهلات  التي تمكنه من أحتلال الصدارة في المنطقة العربية؟ ولماذا يعيش  نصف سكان البلد الغني بعددهم المحدود هذا تحت خط الفقر؟
بعد عام واحد من حقبة مرسي والأخون السوداء أنتقلت مصر لواقع اخر والعراق منذ عام 2003 أكمل 12 سنة على التغيير, وواقعه يزداد سوءا يوما بعد يوم.
منذ عام 2003 ونحن ننتقل من طبقة لصوصية حاكمة ألى أخرى, وتتقاذفنا أمواج العملية السياسية, لتلقي بنا  على ضفاف قراصنة السياسية ويسلمنا حجاج لآخر, ألى أن تمكن  أحد الساسة اللامعين من  أكتشاف السبب وراء هذه الأزمات؟

فالسبب وراء تدهور الأوضاع ليست الكتل السياسية المتصارعة على السلطة, ولا الحرامية في البرلمان العراقي.
 لم يكن السبب في تدهور الأوضاع العراقية بائع متجول في أوروبا, أصبح وزيراً بفضل حزبه وكتلته, ولا مسؤول حرامي أطلق العنان لأبنه ليعبث بممتلكات الشعب العراقي, بينما يعبث هو بأرواحهم.
  لم يكن السبب وراء مجزرة سبايكر وضياع ثلث الأراضي العراقية ودخول الدواعش, الخيانة والعمالة, ومرض الحزب الحاكم.
 لم يكن السبب في  عودة العراق ألى القرون الوسطى, وزير زور شهادته الدراسية ليحصل على المنصب, و لانائب حصل على لقب دكتور وهو لم يلتحق بالجامعة الا في يوم المناقشة!
 لم يكن السبب في ارتفاع البطالة وزير (يبيع الدرجات الوظيفية وميوقع الا ب24 مليون) ولا نائبة تحصد الاصوات عن طريق الترويج لتعيينات في وزارة الدفاع والداخلية, كل هؤلاء ليسوا طرفاً في مشاكل العراق, بل أن ا(لكيزر) هو السبب الرئيسي لما يحصل..  رجاءاً ارحل أيها (الكيزر) عسى أن يعرف الخير طريقه الى العراق!!



 


 
 

 

87
ليلة أغتيال التحالف الوطني!
مديحة الربيعي
آلة ضخمة لكنها معطلة, هذا ما يمكن أن نصف به التحالف الوطني الذي يمثل الكتلة الأكبر في البرلمان العراقي, بمعنى آخر أنه الركن الأهم في العملية السياسية فكيف وصل وضع التحالف ألى ما هو عليه الآن؟ ومن الذي أفرغ التحالف الوطني من محتواه؟ وحوله لمجرد فزاعة يعتلى رأسها طيور الحقل؟
المعطيات على أرض الواقع تروي تفاصيل تدهور حالة التحالف الوطني, فبعض أطراف  التحالف أو البيت الشيعي كما يطلق عليه, هي من دأبت على تهديم أركانه فدود الخل منه وفيه كما يقال.
منذ أن بدأ الصراع على السلطة  بين الكتل السياسية داخل اروقة التحالف الوطني نفسه, أدركت الكتل التي أحتلت الواجهة السياسية في الأعوام الماضية أن التحالف يقف حجر عثرة  في طريقها, ولع وطمع, وصفقات وتخطيط للانفراد بالسلطة وبالفعل بدأ شبح الحاكم الأوحد يتسلل ألى أروقة التحالف, فمشهد ما قبل 2003 عاد الى الواجهة مرة أخرى.
أذرع اخطبوط الدكتاتورية بدأت تلتف شيئا فشئيا, حول عنق التحالف الوطني, مهددة بكسره, بعد أن كانت في بداية الأمر تحاول أخماد صوته فقط.
التغيير الذي طرأ على العملية السياسية, في عام 2014 أفرز نتائج كثيرة منها أعادة الأمل بإمكانية أعادة الحياة للبيت الشيعي, وترميم بعض أركانه التي أفسدها الساسة والسياسة, ألا أن مشكلة أخرى أنبثقت بمجرد أن بدأت أصوات الأصلاح تتصاعد, الا وهي أن بعض أركان الفشل في الحكومة السابقة تحاول أن تحكم قبضتها على التحالف, ولكن ليس لإخماد صوته هذه المرة, بل للأستيلاء على مقاليده وأستخدامه لخدمة مصالحها الشخصية.
تلك نتيجة طبيعية ومتوقعة , فبعد أن أدرك بعض  الأبناء العقوق للبيت الشيعي صعوبة القضاء عليه, فكروا عوضا عن ذلك بالهيمنة علينه, على أن تبقى نظرية الحزب الواحد والحاكم الأوحد تتصدر المشهد.
البيت الشيعي يبحث عن من يرمم بنيانه ويعلي صرحه, لا يبحث عن من يعتلي أكتافه ويمتطيه, يبحث عمن يبعد عنه شبح الموت, لا من يخمد أنفاسه,  والكتل السياسية المنضوية تحت البيت الشيعي تدرك جيداً معنى  كلمة مؤسس مصلح, ترى هل ستنقذ تلك الكتل التحالف الوطني, وتبعد عنه شبح الحزب الواحد؟, أم سنتفاجأ عما قريب بالإعلان عن أغتيال التحالف الوطني؟


88
وزارة الكهرباء.. وأستنساخ النعجة دوللي!
مديحة الربيعي
لم تعد معجزات العالم سبعة كما كانت, فقد أضيفت لها معجزة ثامنة الا وهي أن رابع بلد نفطي في العالم وهو العراق يفتقر ألى الكهرباء, منذ التسعينات ولغاية اليوم!  وأسباب العجز عن حل تلك المعضلة مجهولة لحد الآن, وبما أن المشكلة أصبحت مستعصية وأخذت طابعاً تراثياً بعض الشيء, لذلك بات  المتحف مكانها الطبيعي للتحول من  مجرد أزمة ألى إرث, شاهد على العجز والفشل, لتبقى تلك القضية مثار دهشة العالم أجمع, بلد نفطي بلا كهرباء.
 قضية الكهرباء كان من المفترض أن تنهي بعد عام 2003, فالعراق تحول ألى بلد ديمقراطي! فلماذا تحولت أزمة الكهرباء إلى دوامة, تأكل في طريقها الأخضر واليابس؟ ولماذا لم يتمكن أي وزير لغاية اليوم من تحقيق خطوة واحدة في طريق حل مرض الكهرباء المزمن؟ ولماذا تتصارع الكتل السياسية ليحظى أحد مرشحيها بمنصب وزير الكهرباء؟
صفقات مشبوهة, وفساد أداري وعقود وهمية, وعقول غلبت الشيطان في التخطيط للحصول على الربح, من تلك الوزارة التي تحولت ألى بئر نفطي يغرف منه الوزير وحاشيته والكتلة التي رشحته, هذا هو سبب استفحال مرض الكهرباء القاتل, لمن يبحث عن أجابة.
فالمافيات التي تسللت الى الوزارة منذ عام 2003 ولغاية الآن هي من تحرك قطع الشطرنج من وراء الستار, ولم يسع أي وزير على أجراء تغيير في تلك الوجوه, لغاية معلنة لم تعد حبيسة في نفس يعقوب, بل يعرفها القاصي والدني, فكل المجاري والمنابع تصب في نهر واحد.
الغريب في الأمر أن الوزير مهما كانت صفته, ومهما كان دينه ومذهبه, شيعيا كان أم سنيا, يسير على خطى من سبقه, بوتيرة واحدة وتتابع متقن, فهو لا يغير شيئاً  واحد من الأرث الملعون الذي  وصل أليه.
نفس الفشل ونفس الأعذار, ونفس المحافظات المظلومة, البصرة صاحبة نسبة ال 85% من صادرت نفط العراق, الضحية الأبرز لحراب وزراء الكهرباء المتشابهين في الفعل والمضمون وأن أختلفت وجوهم.
النعجة دوللي أحد أهم منجزات الطب, في حقبة التسعينات, فقد نجح الغرب في أستنساخ النعاج, عن طريق التحكم بالهندسة الوراثية, ليتمكنوا بعد ذلك من أستنساخ البشر, بينما نجح العراق بأستساخ وزراء للكهرباء, بنفس وتيرة الفشل والإخفاق, حتى الشبه بينهم فاق الشبه بين النعجة دوللي ونسختها.
 


89
طواويس منتوفة.. ومستنقعات سياسية ضحلة!
مديحة الربيعي
 ما من فائدة تذكر للطاووس سوى الأستعراض بريشه الملون, بمجرد أن ينتف ريشه يصبح مجرد قطعة لحم طازج تغري الثعالب, هذا هو تماما حال بعض ساسة العراق في الوقت الراهن, الا أن الفرق بين الطاووس والسياسي أن الأول لا خيار أمامه سوى الأستعراض, فهذا دوره في الحياة, أما الثاني فقد أختار أن يصبح كذلك, بعد أن تخلى عن القيام بدوره الحقيقي, وأتجه للأستعراض الذي لم يتقنه أيضاً.
رغم أن المشهد السياسي يعج بتلك النماذج الأستعراضية, التي جُردت من ريشها, الا أن البرلمان له حصة الأسد من تلك النماذج.
نائبة تظهر على الفضائيات تتحدث عن معاناة النازحين, رغم أنها في لجنة تتولى الاهتمام بشؤونهم, تضع على سترتها الأنيقة وردة حمراء, وقد بدت على وجهها مظاهر العناية بالبشرة, وعمليات التجميل, بينما تسرد قصص أحتراق وجوه الأطفال في المخيمات بحرارة الشمس!
بينما راح زميل النائبة في البرلمان يستعرض قدراته العضلية, أمام الجنود في المعارك فأطلق أطلاقتين بالمدفعية, ولم تبق زاوية من زوايا المشهد المبارك الا وألتقطتها الكاميرات, لتظهر بطولة النائب, الذي يغفو على مكيفات الهواء على مدار الساعة, لأن المنطقة الخضراء لم تشمل بالقطع المبرمج, لهذا لم تترك  شمس الصيف بصمتها على وجه السيد النائب, كما فعلت مع الجنود الواقفين بجانبه, بل حتى أن شهر رمضان لم يترك اثراً, هو الآخر على النائب, كما فعل الجوع الإجباري بأبدان المقاتلين.
نائب آخر لا يضيع  الفرصة لألتقاط الصور, فقد أصبح مولعاً بألتقاط الصور لنفسه وتوزيعها على مواقع التواصل الأجتماعي, وأذا عرف السبب بطل العجب كما يقال  فقد أجرى عمليات تجميل وزرع شعر, قبيل شهر رمضان, لذلك يتمنى أن يرى الناس التغييرات الجديدة التي طرأت على هئيته, حتى لا يستغربوا شكله اثناء إنعقاد جلسات البرلمان!
لم تتوقف عدوى الأستعراض تلك على المسؤولين فقط, بل أنتقلت الفايروس ألى عوائلهم أيضاً, فقبل عيد الفطر بعدة أيام, بادرت زوجة أحد المسؤولين لأفتعال أزمة أمام صالون حلاقة للسيدات, لأنها أرادت أن تركن سيارتها,  أمام صالون الحلاقة وفقاً لما تناقلته بعض مواقع التواصل الأجتماعي, ووثقته عدسات الكاميرا.
 تلك نبذة مختصرة عن أفعال بعض الساسة من مختلف الطوائف, حتى لا يفكر بعض المرضى بوضع لمساته الطائفية في الموضوع, فليس هناك فرق بين شركاء الخراب على أختلاف مذاهبهم ومشاربهم, ترى هل يدرك طواويس السياسية حقيقة سقوط الريش الذي يغطي جلودهم؟ أم أن ضحالة المستنقعات السياسية تعكس لهم ألوناً أخرى توهمهم بأن مشوارهم الأستعراضي ما زال في بدايته؟



90
قتل الصائمين .. ليدخل الجنة! ماذا عن القاتل الأول؟
مديحة الربيعي
(شهر رمضان الذي انزل فيه القران هدى للناس وطيبات من الهدى والفرقان) سورة البقرة, آية 185
الآية الكريمة  تصف بدقة فضائل شهر مبارك, قائم على عبادة  أختارها الباري لنفسه كما ورد في الحديث القدسي, (كل عمل ابن آدم له ، إلا الصوم فإنه لي ، وأنا أجزي به)) في شهر الرحمة  هذا يحجز الناس أماكنهم, استعداداً للأنطلاق  في رحلة روحية من نوع آخر, لن يتمكن من سبر غورها , ألا من اتخذ من الصيام عبادة, وليس عادة.
 يكمن الفرق بين صيام العبادة والعادة, أن الأول سيخوض تجربة تغني قلبه وعقله وتحرر نفسه, من أسر الغرائز والشهوات, بينما الآخر أعتاد أن يصوم الشهر فأصبح الأمر مجرد تجربة جسدية, تفتقر ألى المغزى, والمعنى الروحي الدقيق, لعبادة الصيام ورغم ذلك يقف كل من صام شهر الفضيل على باب الخالق, طعما في رحمته وكرمه ولطفه وجوده,  لينال كل واحد نصيبه من رحمته .
  يسمو الأنسان بنفسه في الشهر الفضيل عن جزء أساسي من تكوينه, وهي الغريزة ويعطلها بشكل مؤقت, وبذلك فأنه يتغلب على الجزء الذي يشاطر فيه الحيوان, ويعزز من قيمة العقل, وهذا هو الجانب الذي يشاطر فيه الأنسان الملائكة, وجوهر الصراع بين الغريزة والعقل ,هو الذي يحدد مصير الأنسان بين جحيم ونعيم.
 ورغم ذلك كله نجد أن هناك من ينحدر لأسفل درجات الأنقياد خلف الغريزة, بل أنه يتسافل لدرجات تترفع عنها حتى البهائم, أذ أنها  تسبح بحمد خالقها, والمفترسة منها لا تُقدم على الأفتراس ألا في حالة الجوع,  فهي على الأقل لا تقتل بطراً, فكيف سيكون الحال بمن يسمى بشرا,ً ويغرق في بحر من دم في هذا الشهر المبارك؟
التفجير الإنتحاري الذي طال المصلين في الكويت, يوضح مدى وضاعة تلك الأفكار الإجرامية , ومن يحملها  ويروج لها, ومدى تجرد هؤلاء القتلة من  العقل  وأبسط السمات البشرية , حتى  أنهم أصبحوا مجرد أدوات للقتل, وألا ما معنى أن يفجر أنتحاري جسده الفعن في  بيت الخالق؟ في يوم مبارك هو الجمعة, وفريضة مباركة هي صلاة الجماعة, وشهر من أكثر الشهور بركةً, وفضلاً لينتقلوا لجوار ربهم وهم صائمون, وعذره في ذلك أنه  فجر المسجد ليدخل الجنة!
المفارقة في هذا الأمر أن قابيل القاتل الأول في العالم, لم يدع أنه قتل أخاه ليدخل الجنة!, بل أنه لم يقدم على قتل أخيه في بيت الرحمن, ولم يقتله وهو راكع ساجد صائم قائم! بل أن دوافعه للقتل واضحة للعيان, فالغيرة هي الدافع والمحرك الأبرز الذي حدا بقابيل أن يفعل فعلته تلك, فهو لم يقتل أخاه ليتقرب ألى الرب زلفى!
بل أنه أبدى ندمه, وهام على وجهه, ولام نفسه على عجزه عن دفن أخيه, ومجاراة الغراب في ذلك, أما قتلة اليوم فهم عاجزون حتى عن مجاراة قابيل في الندم, أو على الأقل أخراج الرب من حساباتهم, ودوافعهم الحقيقية  للقتل وسفك الدم وأنتهاك الحرمات .
أليست هذه الأجساد القذرة المفخخة, هي نتاج لبذور خبيثة زرعت وترعرعت في مستنقعات الفتنة؟ رويت بالدم, ليكون طلعها كرؤوس الشياطين؟ أليست هذه نتاجات رؤوس عفنة كالعرعور, والقرضاوي, والعريفي وغيرهم؟ ممن يدعون المغفلين لقتل الأبرياء والالتحاق بالحور العين؟ ترى من هو ربكم الذي يأمركم بتقطيع أوصال الأطفال؟ وأي دين هذا الذي يبيح لكم قتل الناس في المساجد؟  وأين أنتم من قوله تعالى ((   من قتل نفسا بغير نفس أو فساد في الأرض فكأنما قتل الناس جميعا ومن أحياها فكأنما أحيا الناس جميعا) المائدة,32 ؟
   


91
سكاكين في خاصرة العبادي!

مديحة الربيعي
منذ تشكيل الحكومة الحالية ولغاية اليوم هناك تحفظ واحد فقط على رئيس الوزراء هو  قضية التعيين بالوكالة, التي على ما يبدو أنه تجاوزها, ألا أن نتائج هذا القرار مازالت تنعكس بشكل سلبي على أصحاب تلك المناصب, وعلى رئيس الوزراء نفسه, أذ أن تلك التعيينات لم تأت اؤكلها بعد, ولم يحدث أي تغيير ملموس, في أداء أصحاب تلك المناصب, منذ تكليفهم لغاية الآن.
ماعدا ذلك فان أي أخفاق في وزارة ما يحسب على الكتلة, التي أختارت من يمثلها لينهض بأعباء تلك الوزارة, فالمحاصصة أمر واقع, يفرض نفسه في العملية السياسية العراقية, وحيدر العبادي غير ملام على ذلك.
العبادي يبذل جهودا حثيثة لتخطي الأزمات, وكانت البداية من  أحتواء أزمة حريق هيئة الأستثمار, في دائرة الوقف السني, في منطقة الأعظمية, إذ أن تلك الحادثة كانت أول موقف يمثل نهوض العبادي, بعد كبوة التعيينات بالوكالة, فدرء الفتنة التي خطط لها بعض المتصيدين بالماء العكر مثلت نقطة أنطلاق, لسلسة خطوات إيجابية جديدة تحسب للعبادي.
رحلات مثمرة لروسيا, ساهمت في كسر الحصار العسكري عن العراق, تلتها بعد ذلك رحلات مكوكية لفرنسا والمانيا, وتلك الزيارتان كانت لهما أصداء إيجابية, ففي زيارة العبادي لفرنسا, سافر لمدة يوم واحد وعاد في الرابعة فجراً, وهذا ترك أنطباعاً إيجابيا في الشارع العراقي, أذ أن معظم المسؤولين عندما يذهب في زيارة رسمية يقضي أياماً إضافية, خارج  البلاد من باب الترفيه, بل أن الغالبية العظمى منهم يعمد ألى أستغلال موضوع الإيفادات, ليقضي وقتا أطول, في الخارج بينما العبادي عاد في فجر اليوم التالي, من زيارته لفرنسا مباشرة.
 أما في زيارة رئيس الوزراء لألمانيا, التي تزامنت مع قمة الدول السبع,  وعقدت في ولاية بافاريا الالمانية, وأشارت الأوساط الإعلامية أن أوباما تجاهل خلالها رئيس الوزراء العراقي , فقد ضرب فيها العبادي اكثر من عصفور بحجر واحد.
 رئيس الوزراء العراقي في تلك الزيارة أحرج وبشكل رسمي رئيس الولايات المتحدة, أمام الرأي العام العالمي والأمريكي, فالعبادي ألقى الكرة في ملعب أوباما الذي بدى وبشكل علني, أنه غير جاد في القضاء على داعش, وأن كان يبطن ذلك ألا أن العبادي أزاح ورقة التوت الأخيرة, التي يختبئ خلفها الرئيس الأمريكي, هذا من جانب, من جانب آخر تمكن العبادي من كسب تأييد الشارع العراقي, أذ  أثبت للشعب العراقي أنه يبذل قصارى جهده, من أجل كسب الدعم الدولي, لمساندة العراق في حربه المقدسة.
رئيس الوزراء تجاوز أكثر من عقبة, ومازال أمامه كثير منها, والحيتان الكبيرة مازالت تبتلع دون هوادة, أموال الشعب العراقي, أذ أن فؤوس الإصلاح لم تصل لجذور الفساد بعد, وعلى ما يبدو أن العبادي ماضي  في أقتلاع سكاكين الفساد التي تدمي خاصرة البلد, في حملة أصلاح  قريبة باتت تلوح في الأفق. 



92
صيامكم.. دم وبارود.. وكأس من معين

مديحة الربيعي
يتناول بيده جهاز تحكم التلفاز, ليتابع أخبار القتال, يحفظ كلمة أو أثنتين عن أبرز مجريات الأحداث, حتى يعرف بماذا سيجيب, عندما تجري معه أحدى الفضائيات لقاءا تسأله فيه عن العمليات العسكرية, بعد ذلك ينهض بتثاقل ليرتدي بزته الأنيقة  حتى يلبي دعوة على الأفطار, مع بعض حاشيته وأصدقائه, وبعد تصريح أو أثنين أصبح  بطل, كيف ولماذا ومتى  لانعرف؟   بطل من ورق, لا اكثر من ذلك ولا اقل هذا هو المشهد الأول.
يفترش الأرض, ويلتحف السماء التي تشبه قطعة من نار, بسبب حرارة الصيف يواجه أكثر من عدو, الأول معروف جاء من خلف الحدود ليستبيح الحرمات, والثاني العوز والفقر, الذي تركه حارسا لا يفارق بيته,  أما الثالث فهو الساتر الذي يحمل في جعبته أكثر من سلاح, الحر والجوع , والعطش والتعب, وفراق الأهل والولد, ورغم ذلك يستقبل شهر رمضان, وهو مرابط على الجبهات, يصوم نهاره ويحمل سلاحه ليذود عن الوطن والعقيدة, بطل حقيقي من الجنود المجهولين, البعيدين كل البعد عن الفضائيات, والتصريحات والأستعراضات, وهذا هو المشهد الثاني.
في المشهد الأول فزاعات لا تضر  ولاتنفع, قطيع من اللاهثين خلف كراسي زائلة, في المشهد الثاني رجال يرتشفون الصبر, ويحصدون النصر, ويجودون بالنفس والمال والولد, ليعيدوا كتابة التاريخ, الذي سيحفظ لهم صنيعهم, ويطرز صفحاتهم بحروف المجد.
تلك النخبة المرابطة على السواتر تعيد إلى الأذهان صورة الدين الصحيح, الذي جاء لحفظ كرامة الأنسان, بعد أن كان مجرد سلعة, تباع وتشترى في الأسواق,  تلك هي الصورة التي تتجسد في أفعال الدو اعش, لدين  مسخ مشوه الملامح والمباديء, صنع في مطابخ صهيونية, يفصلون قياساته وفتاواه كما تشتهي أنفسهم.
  خوارج عصرهم, لا نعرف لأي دين ينتمون, فلم نسمع من قبل بدين يبيح حرق الأنسان حياً, وتقطيع الأوصال , وقذف الناس من أعلى المباني, وهم على قيد الحياة حتى قابيل القاتل الأول في العالم أبدى ندمه, وهام على وجهه عندما قتل أخاه وأكرمه بدفنه, أما هؤلاء عجزوا حتى أن يكونوا, ورثة القاتل الأول في العالم.
صائمون مرابطون, يقبلون بالقليل, بعيداً عن الموائد الزاخرة والقصور العامرة, قد غيرت الشمس الوانهم, وترك الجوع والتعب آثاره, على ملامح وجوههم, تغزو ثيابهم رائحة البارود, يلون أيامهم الدم , وينتقلون بين صبر وظفر, يترقبون نصر أوشهادة وكأس من معين.     

   

93
الشهيد مصطفى.. حراب من نور وأخرى من نار

مديحة الربيعي
مصطفى ناصر, ينحدر من أسرة بسيطة, تقطن مدينة الصدر قطاع 75, لم يكن حزبياً, فليس له حزب يدعمه, أو كتلة تسانده ليصل إلى قبة البرلمان, بشهادة مزورة مثلاً, ولم يكن أحد أقربائه مسؤولا,  حتى يحصل على وظيفة, فيكون ضمن حماية وزير مرتشي, أو نائب مزور, ولم يكن يملك المال ليدفع ( كم دفتر لنائبة  دلالة  أو نائب عرضجي, يروج لمعاملات التعيين والنقل),  ليتسنى له الأنتقال من مكانه في الجيش, في الخطوط الأمامية, ليكون بعيداً عن خط النار.
والد مصطفى ليس نائباً أو وزير, أو مسؤول في الدولة, ليتمكن من تعيين أبنه مستشار براتب 12 مليون, وأم مصطفى ليست نائبة أو وزيرة, لتؤمن له رصيدا في بنوك سويسرا, وتختار له يختاً صنع في فرنسا أو أيطاليا, أو تؤمن له فاتورة هاتف بقيمة 4 ملايين دينار شهرياً, كما يفعل بعض الغمان في وطني.
مصطفى قصة وجع, مطرزة برائحة الفقر والموت, والغيرة والنخوة والشهامة والشجاعة, التي لا يملكها لصوص وقراصنة السياسية, وبعض الفزاعات ممن يطلق عليهم لقب مسؤول, من ناقصي المروءة والنخوة.
مصطفى قصة زهد, قدوته فيها خاتم الرسل وأهل بيته (عليهم أفضل الصلاة والسلام).
 مصطفى قصة رجولة, مثله الأعلى فيها أفذاذ من بني هاشم, وهو قصة عطاء ممزوجة بطيبة, نهل أصولها من ال بيت النبوة.
 مصطفى قصة وطن, باعه الخونة وتقاسموا دم ولحم أبنائه, مصطفى مشروع شهادة تبدأ حكاية فصوله الحزينة, من بني العلياء ( عليهم السلام), مروراً بمسلم أبن عقيل (عليه السلام), الذي طيف به مقيدا في شوارع الكوفة, والقيت جثته من قصر الأمارة وما أشبه اليوم بالأمس.
كان جريحاً, يشعر بالجوع والعطش فهو محاصر منذ عدة أيام, لكنه لم يشعر بالخوف وهذا واضح على وجهه, وقف بساق مكسورة وأخرى تنزف, يتصفح الوجوه التي تهلل وتكبر فرحاً بأسره, ربما كان مستغرباً لبرهة من الزمن هؤلاء هم من تركت أهلي لأجلهم, وغامرت بنفسي لأجل تحرير مدينتهم, الا أنه وصل لنتيجة مفادها أن هؤلاء الحثالة جاروا على أبناء وطنهم وجلدتهم, وتسببوا بنزوح آلاف العوائل من أبناء محافظتهم, وأختاروا أن يكونوا مع الدواعش.
أجتمع الخونة حوله وبدأ يصفقون, وكأنهم حظوا بصيد ثمين, تلك الأيادي التي تصفق فرحاً بأسر مصطفى, نفسها التي فتحت الأبواب للشيشاني والأفغاني, و قدموا له الأرض والعرض.
تلك الضمائر النتنة, والعقول الأكثر نتانة, والنفوس القذرة والوجوه الأكثر قذارة أرادوا إستعراض قوتهم, أمام جندي جريح أعزل, منهك القوى, وآثار التعذيب واضحة على وجهه, الا أنه أذلهم, وسحق رؤوسهم العفنة, كأسد جريج بين الكلاب فمصطفى يقف بينهم مكشوف الوجه, وهم يختبئون خلف أقنعة, لم تخف قبح وجوههم.
طيف به في شوارع الفلوجة, وأمسى بينهم كصالح في ثمود, كما عبر المتنبي عندما وصف نفسه, لم يشف غليلهم قتله, وتعليق جثته, فبعد أن أيقنوا أن أقدامه تتدلى فوق رؤوسهم العفنة, أقدموا على حرق جثمانه.
ترى أي رب هذا الذي تعبدون؟ وهل هو يأمركم بالتمثيل بجثة الأسير؟ هل هو صنم؟ لو  سلمنا جدلا أنه كذلك, سنصل لنتيجة واحدة هي أن الاصنام لا تتكلم؟ من هو النبي الذي تسيرون على نهجه, فكل الانبياء ال 124 الف( عليهم السلام) لا يوجد بينهم نبي يدعوا للتمثيل بالأسير, وتسليم الأرض والعرض, الرب الذي نعبده, رؤوف رحيم فهو القائل في محكم كتابه (وَيُطْعِمُونَ الطَّعَامَ عَلَى حُبِّهِ مِسْكِينًا وَيَتِيمًا وَأَسِيرًا)..سورة الإنسان اية 8.
  معظم الكتب التي تتحدث عن موت الأنسان, وخروج الروح من الجسد,  تؤكد أن نفس الأنسان أذا كانت طيبة, تكون لها رائحة طيبة,  ويحملها الملك بحربة من نور  وأذا كانت خبيثة, تكون لها رائحة نتنة, ويحملها الملك بحربة من نار, مصطفى ناصر ستُحمل أرواح قاتليك النتنة, بحراب من نار, ليساقوا بعد ذلك إلى جنهم زمرا, بينما يغمر عبق روحك الطاهرة, التي نسأل الخالق جل وعلا, أن تحمل بحراب من نور  تاريخ الباحثين عن المجد والشهادة. 


94
  مشروع ولٌد ميتاَ.. معطيات ونتائج
مديحة الربيعي
تلويح بالتقسيم
لوحت الولايات المتحدة قبل أيام بمشروع يقسم العراق إلى ثلاثة أقاليم الإقليم السني والشيعي والكوردي, أذ طرح الكونغرس فكرة تسليح السنة والكورد, دون الرجوع للحكومة المركزية, وهذا مؤشر واضح على التعامل مع تلك المكونات بإستقلالية تامة, تمهيداً لفرط عقد البلاد والشروع بعملية التقسيم.
ردود أفعال
رفض شعبي وسياسي لمجرد طرح الفكرة, وأستياء عام  أرسل رسالة ألى الكونغرس الأمريكي, وقبلاً منه الولايات المتحدة مفادها أن مصير العراق  يحدده العراقيون وحدهم, ولن يكون لهم خيار آخر سوى الوحدة, ردود الأفعال على المستوى الشعبي والرسمي, أكدت أن التقسيم لم ولن يحصل.
تجارب مشابهة.. وتقسيم لم ينجح
التجربة اللبنانية أحد أهم التجارب في المنطقة العربية, التي عولت عليها الدول الإستعمارية الأوروبية والعربية المتصهينة, التي أرادت تقسيم لبنان بعد الحرب الأهلية بهدف أضعافه, الا أن التقسيم لم يحصل على أرض الواقع, رغم  أن شيعة لبنان يقطنون الجنوب, والمسيحيون في الوسط, والسنة في الشمال , الا إن  أقامة الأقاليم في لبنان لم تتحقق على أرض الواقع, وهذه تجربة تقسيم أولى قد وأدت.
العراق .. ومعوقات التقسيم
أحد أهم معوقات مشروع التقسيم في العراق هي التنوع الإثني القومي والديني فالهويات الأثنية القومية في العراق تضم العرب, والتركمان, والأكراد, والهويات الأثنية الدينية تضم الشيعة السنة, المسيح الصابئة, اليزيدين الشبك, وضمن تلك الإثنيات القومية تنوع ديني, ينبثق عنه مكون  له خصوصية مختلفة, والكلدو آشور مثال حي على ذلك ,فكيف سيكون التقسيم طبقاً لتلك الأثنيات المتنوعة؟ تلك عقبة أولى, العقبة الثانية أن كبرى القبائل العراقية مختلطة, فيها سنة وشيعة مثل تميم وخزاعة عبيد وشمر, فإذا فرضنا سيحصل التقسيم, يجب أن تشطر هذه القبائل إلى شطرين! العقبة الثالثة أن نسبة الزواج المختلط بين الشيعة والسنة يصل إلى ما يقارب 27%, وهذا يعني أن وهذا يعني أن من بين  كل أربع عراقيين, أب وأبناء من مذهب وأم وأخوال من مذهب آخر, فكيف ستقسم هذه العوائل؟
معضلة جغرافية
أذا فرضنا أن المعضلات السابقة تم تجاوزها, فهناك معضلة أخرى تقف عائقاً أمام التقسيم ,الا وهي أزمة التقسيم الجغرافي, المقدسات الشيعية كأضرحة أهل البيت( عليهم السلام) تقع في مناطق ذات أغلبية سنية, وهي موضع تقديس لدى أصحاب المناطق  السنية أيضا, ولن يتخلوا عنها ,وكذلك معظم المقدسات السنية, تقع في مناطق ذات أغلبية شيعية, وهي موضع تقديس لدى أصحاب المناطق الشيعية, ولن يتخلوا عنها أيضا, وكل متمسك بما هو في أرضه, فكيف يتم تقسيم تلك المناطق والمحافظات جغرافياً على هذا الاساس؟
 خصوصية مختلفة
يتميز العراق طبقا لما ذكر أعلاه بخصوصية في النسيج المجتمعي, فهو متداخل بحكم طبيعة التعايش لسنوات طويلة, وبحكم التاريخ والإرث المشترك, هذا من جانب, من جانب آخر العراق غني بالمقدسات الإسلامية, وطبيعة وجودها في رقع جغرافية مختلفة من أنحاء البلاد, تضفي خصوصية أخرى للعراق, كل تلك المعطيات تصعب عملية التقسيم, فلا يمكن تمزيق النسيج المجتمعي, فهناك روابط تحددها صلة الدم بينما يفرض الموقع الجغرافي  للمقدسات, على  أبناء المذاهب المختلفة روابط روحية يصعب تجاهلها.
أسباب متعددة ونتيجة واحدة
كل تلك الأسباب الآنفة الذكر تؤدي ألى نتيجة واحدة, مفادها أن التقسيم مشروع ولد ميتاً, فمن يتحدث ويروج للمشروع لا يعرف طبيعة العراق, فهو ينظر ألى ظواهر الأمور, وبعيد كل البعد عن الحقيقة, لأنه من يروج للتقسيم يجهل خصوصية العراق فأهل مكة أدرى بشعابها كما يقال, والأيادي التي تسعى لفرط عقد البلاد  ليس بمقدورها  أن تحقق ذلك, الا أذا أجتزأت الإرث  التاريخ وروابط الدم والدين, وهذا هو المحال بعينه.




95
جسر الرصافة.. وقيود بيد الشمس
مديحة الربيعي
صلاة متواصلة منذ بزوغ الفجر وحتى حلول الظلام, العبد الساجد لربه لا يميز بين الليل والنهار, فهو يعرف مواعيد الصلاة من خلال أصوات السجانين, و يفطر على أصواتهم أيضا لأنه صائم, ثم يفطر بطعام بسيط, ويعود للصلاة مرة أخرى, فيسجد سجدة من الليل حتى  طلوع الفجر, عندما يحين موعد صلاة الصبح فلينهض لأدائها.
صيام وقيام في طامورة من طوامير السجن الظلماء, التي لا ينفذ اليها نور أو هواء ويدان مرفوعتان بالدعاء, قد قيدت بالسلاسل والأغلال, علق فيها كرات حديدية  ورغم ثقل الحديد يرفع يده المباركة, ليدعوا ربه ولسانه يلهج بالذكر( ألّلهُمّ إنَّك تعلم أني كنتُ أسألكَ أن تفرغني لعبادتك, وقد فعلتَ ذلك فلك الحمد), أننا في رحاب صاحب الذكرى راهب بني هاشم, حليف السجدة الطويلة باب الحوائج, وسابع الحجج موسى أبن جعفر (عليه السلام).
سُجن العابد الزاهد بتهمة نشر الفضيلة والتقوى, ومحاربة وجوه الرذيلة والقسوة والظلم, شأنه في ذلك شأن الأنبياء والمصلحين والدعاة, ممن ينهضون بأعباء إصلاح المجتمعات البشرية, فيواجهون حرباً لا تخمد نارها ولا يخبوا أوارها, فمهمة سلب النفوس غرائزها وميولها حرب من نوع آخر, لا تختلف عن الحروب في الجبهات فإما أن تهلك الدعوة, أو يهلك صاحبها دونها, أو يظهرها الخالق جل علا, وقد  لحق براهب بني هاشم (عليه السلام),  نتيجة نهضته الإصلاحية  الظلم  والاذى, ألى أن  أفنى حياته الشريفة من أجل كسر شوكة الطغيان.
 أرادوا ن يحجبوا قبس من نور محمد وآله (عليهم أفضل الصلاة وأتم التسليم) فوضعوه تحت الأرض, في مطامير لا يعرف فيها الليل من النهار,  ألا أن موسى أبن جعفر(عليه السلام),  بقي شمس الحق التي لن يُحجب نورها, فأمتد أثره ليصل ألى سجانيه, فلما سجن في بيت السندي بن شاهك، كانت عائلة السندي تطلّ عليه, فترى هذه السيرة التي تحاكي سيرة الأنبياء, فأعتنقت شقيقة السندي فكرة الإمامة, وكان من آثار ذلك أن أصبح حفيد السندي, من أعلام المسلمين في عصره.
تسع رطبات مسمومة وفي رواية أخرى سبعة , قدمت للأمام (عليه السلام),أنتقل بعدها ألى جوار ربه وفاضت روحه الشريفة, بعد معاناة من ألم السم والقيود.
قبة باب الحوائج (عليه السلام) التي تعانق السماء, جواب واضح لمن يتساءل عن جدوى عطاء الدم, فقد أنتصرت ثورة راهب بني هاشم, وأندثر ذكر الطغاة, واذا ما ذكروا كان نصيبهم اللعنات.
جنازة على جسر الرصافة, وصاحب الجسد المسجى مقيد بالأغلال, كأنه شمس محاطة بالقيود, وما أشد العجب حين تقيد الشمس ويسجن النور, سجادة صلاة بقيت خالية وقران فارقه صاحبه, وأناء أفطار غاب عنه الصائم.
السلام عليك يا باب الحوائج, وعلى جسدك النحيل المخضر الذي أثقلته القيود, وغير لونه السم, السلام على أرواح الشهداء التي حلت بفنائك, وهي تهفو أليك من على جسر الأئمة, يشاركهم في هذا الموكب العظيم عثمان العبيدي, الذي أدرج أسمه في قائمة  أتباعك, ومحبيك وجاد بنفسه من أجل زوارك.



96
المنبر الحر / مهازل برلمانية!
« في: 22:57 06/05/2015  »
مهازل برلمانية!

مديحة الربيعي
المافيات الرسمية تمثل أحد أهم أسباب الفشل الحكومي, وتردي الخدمات وتدهور الواقع الأمني والأقتصادي, وهي ذارع آخر من أذرع الأخطبوط العديدة كالمحاصصة والفساد, التي تطوق عنق بعض الوزراء, ممن يتطلعون للنجاح في المهام التي أوكلت إليهم.
 يبدو أن بعض النواب والنائبات في البرلمان العراقي لا يعرفون ماهي طبيعة المهام المناطة بهم, وما هو دورهم في مجلس النواب أصلا,  يمكن أن يقال عنهم ( اطرش بالزفة) بل أن الهدف الأول والاخير لهؤلاء هو كسب المال, والبحث عن السلطة والقوة, وهذا واضح من تصرفات حماية بعضهم مع المواطنين في الشوارع.
 الهوس بجمع المال أخذ بعداً آخر لدى هؤلاء, وتحول ألى مرض عضال حتى أن بعضهم أتخذ حرفة أخرى, فأصبحوا نواب (عرضجية) ونائبات دلالات مع كل الأحترام لأصحاب المهن, الا أن مكانها خارج قبة البرلمان.
 فقد دأب بعض النهاب والناهبات  على ترويج معاملات تعيينات, والنقل وتسهيل القروض , والبحث عن ( الواسطات عين فلان وانقل علان), وتحولت القضية إلى سمسرة وإبتزاز, لخدمة مصالحهم الشخصية, وملئ خزائنهم بأموال السحت والحصول على  أكبر قدر من الأصوات, لضمان البقاء تحت قبة البرلمان أطول وقت ممكن.
حري بهؤلاء أن يحاربوا هذه الظاهرة, التي أقل ما يمكن أن توصف به أنها قذرة  بدل  أن يمتهنوها, فقد أعادت العراق إلى القرون الوسطى, بسبب  تعيينات أناس يفتقرون للقدرة والكفاءة والمؤهل, بل أن بعضهم يحمل شهادات مزورة, ورغم ذلك يصل  إلى أرفع المناصب,  لا لشيء سوى أنه ( يعرف النائب الافندي الفلاني, والنائبة  الخاتونة الفلانية).
يبدو أن تلك المشكلة بدأت تتفاقم, في ظل صمت مطبق من رئيس البرلمان, فقد بدأ بعض النواب والنائبات التدخل في الوزارات الأمنية كالدفاع والداخلية, وهذه الظاهرة وجه آخر للفوضى والإرهاب, فاذا كان لكل نائب أو نائبة من هؤلاء حاشية يحرص على أن تكون ضمن مؤسسات الدولة, وبمناصب معينة فما الغاية من وجود الوزراء؟ ولماذا تدفع الحكومة راتب شهري للوزير؟ فليتحكم كل نائب أو نائبة بوزارة ما ولنلغي دور الوزراء!
أذا عرف السبب بطل العجب كما يقال, فأسباب الفشل في بعض الوزارات بشكل خاص بات معروفاً, وأسباب الإخفاق الحكومي بشكل عام في تخطي بعض العقبات بات معروفا هو الآخر, التدخل بعمل الوزارات وضرب القانون عرض الحائط من قبل مشرعي القوانين أنفسهم, كفيل بنشر الفوضى وأنهيار المؤسسات الأمنية, وترهل العمل الحكومي, فكل موظف ( مسنود من نائب) سيفعل ما يحلو له لأنه بمأمن من العقاب .
أذا أرادت حكومة العبادي تجاوز العقبات, وهي ماتزال في بداية الطريق يجب عليها أيقاف تدخلات بعض النواب والنائبات في عمل الوزارات, والدوائر الحيوية وقطع جذور تلك المافيات التي تنخر مفاصل الدولة, التي كانت سبباً رئيسيا في فشل الحكومة السابقة لمدة ثمان سنوات, فالسعيد من أتعض بغيره.


97
وزير يخرج من حقل الألغام!
مديحة الربيعي
يخوض العراق في الوقت الراهن حربين, أحداهما  عسكرية معلنة نهض بأعبائها الغيارى, بمختلف صنوفهم من أبناء الجيش العراقي والحشد الشعبي, وبمختلف طوائفهم وانتماءاتهم, وهم يجودون بأنفسهم ليكتبوا حقبة جديدة من تاريخ العراق بالدم ويدفعوا ضريبة الدفاع عن الوطن والمقدسات, تلك هي الحرب الأولى , وقد تكفل بها أهلها وصنعوا المعجزات وبقي أمامهم خطوات قليلة.
الحرب الأخرى تختلف عن الأولى, لأنها تدار بصمت من خلف الستار, وهي أقتصادية بطبيعتها وتتمثل بأنخفاض أسعار النفط , فأقتصاد العراق كما هو معلوم يعتمد بشكل كلي على النفط, بعد أن أنقرض مردود أنتاج الواقع الزراعي والصناعي وعلى هذا الأساس يعتبر النفط العمود الفقري للاقتصاد العراقي, الذي تلقى ضربة موجعة , أصابت البلاد بحالة أشبه بالعجز, لاسيما أن أعلانَ تلك الحروب جاء بتوقيت واحد, وذلك لم يحصل بمحض الصدفة بل عن تخطيط مسبق.
 في ظل ظروف أقل ما يمكن أن توصف به  أنها كارثية, خزينة مفلسة تماما لعام 2014 ,وبلد يخوض حرباً عسكرية تحتاج لأموالٍ طائلة, ونزوح جماعي لأبناء المحافظات, التي تتعرض للأجتياح من قبل الجماعات الإرهابية , وأزمة مستعصية بين المركز والاقليم, خطوط نفطية دمرت بشكل كامل, وبلد مقبل على الإفلاس  وأزمة غاز مفتعلة راهن عليها كُثر, تلك هي أبرز المشاكل التي يتوجب على رجال الحرب الأقتصادية التصدي لها, وقد نهضوا بأعبائها وكانوا أهلاً لها.
بدأ مشوار تجاوز الأزمات الإقتصادية من إنهاء المعضلة حول الصادرات النفطية بين المركز والإقليم, والقضاء على أزمة الغاز المفتعلة, مروراً بالنجاح في توفير المشتقات النفطية للعوائل النازحة, وإصلاح بعض الخطوط النفطية في المناطق المحررة, والسعي الحثيث لزيادة الإنتاج, من أجل مواجهة إنخفاض إسعار النفط وتعويض الخسارة الناتجة عن ذلك ,وقد تحقق ذلك فعلا على أرض الواقع.
لنعد بالذاكرة إلى الوراء قليلا, في تقرير أقتصادي يكشف عن واقع الإنتاج النفطي العراقي لعام 2012, تبين  أن حصة العراق في إنتاج أوبك 3 ملايين و800 الف برميل لا ينتج سوى ثلثيها, فهو لا يصدر سوى مليونين و500 ألف برميل فقط, كان هذا في سنوات لم يشهد فيها العراق تحديات عسكرية وإقتصادية بهذا الحجم, ورغم ذلك كانت مستويات الإنتاج والتصدير متدنية جداً مقارنة بالوضع الراهن.
  اليوم وزارة النفط تتخطى الأرقام القياسية في التصدير, رغم كل تلك المعوقات لتعلن أن معدل التصدير اليومي, للنفط العراقي خلال شهر كانون الأول, من العام الماضي هو الأعلى منذ ثمانينيات القرن الماضي، فيما بينت أن مجموع الإيرادات المتحققة خلال عام 2014 بلغ 84 مليارا و215 مليون و624 الف دولار, وأن العراق يصدر في الوقت الراهن  3 مليون و 100 ألف برميل يومياً.
وزرات ثلاث يمكن أن توصف بأنها أشبه بحقول ألغام, بسبب المشاكل المتراكمة فيها, هي وزارة الدفاع والداخلية والنفط.
 الوزارتان الأولى والثانية, تتولى تحقيق النجاح في الحرب العسكرية المعلنة, وتأخذ على عاتقها توفير الأمن, بينما الوزارة الثالثة تخوض غمار الحرب الأقتصادية المبطنة, وهاهي وزارة النفط اليوم تتمكن من تجاوز الأزمات, وتتخلص من معظم تراكمات الحقبة السابقة, وتقترب من حسم الحرب الأقتصادية لصالحها, ليخرج وزيرها سالماً من حقل الألغام, بينما تسعى وزارتي الدفاع والداخلية, لحسم المعركة العسكرية, ونأمل أن يتمكن وزرائها من أجتياز حقول الألغام, وتجاوز الأزمة ولم يتبق أمامهم سوى خطوات بسيطة.


 

98
أحزاب في غرفة الإنعاش
مديحة الربيعي
بعد 2003 بدأت الأحزاب بمختلف طوائفها وانتماءاتها تسعى لتثبيت موطىء قدم في السلطة, وعلى هذا الأساس من المفترض أن ينتقل العراق من فكر وسياسية الحزب الواحد إلى التعددية الحزبية, الا أن ذلك لم يحصل على أرض الواقع, ففكر الحزب الواحد بدأ يأخذ منحى آخر ويظهر بشكل مختلف.
الأحزاب الوافدة بطبيعة الحال وحتى الأحزاب التي أنبثقت حديثاً بعد عام 2003 متخمة بأعداد تفتقر للقدرة على الإنتاج, لأن مقياس الحزب في العراق لا يقدر بالإنجاز والعطاء بل على أساس القاعدة الجماهيرية والقدرة على الأستقطاب, لأن الأحزاب تنظر للفرد على أنه مجرد صوت أنتخابي لا أكثر من ذلك ولا أقل.
العملية السياسية في العراق يتصدرها مشهد واحد, أشبه ما يكون بصراع الأفيال حرب طاحنة ضروس بين الأحزاب, كل يسعى للحصول على أصوات في المعركة الانتخابية المقبلة.
بعض الأحزاب السياسية أصيبت بالترهل والعجز, ودخلت مرحلة الشيخوخة المبكرة لأن التفكير بالكم دون النوع  أضَر بمصالحها ومصداقيتها في الشارع العراقي, أذ بدأ الحزب المتخم يصدر للمناصب نماذج تفتقر للقدرة والكفاءة والعجز عن النهوض بالمسؤولية, ويصبح هم المتصدر للمنصب خدمة حزبه ونفسه قبل خدمة شعبه, فلا يعدو المسؤول كونه أكثر من مجرد دمية تحركها أيادي اللاعبين, وتجربة السنوات الثمانية المنصرمة قد أفرزت الفشل بشكل واضح.
النظر للمنصب على أنه مجرد وسيلة لخدمة الحزب والمصالح الشخصية, يمثل أول خطوات الفشل للحزب والمسؤول, فالحزب من جانبه يطلق العنان لنفسه لتسيير المنصب الذي يشغله مرشحه, والمسؤول من جانبه يطلق العنان لنفسه لخدمة مصالحه, فالخزانة تحت تصرفه والتعيينات متاحة لأسرته وعشيرته, وقد شاهدنا عشرات المسؤولين بمختلف مواقع المسؤولية يحرصون على تعيين عوائلهم الأبناء والبنات الاخوة والاخوات, ثم بعد ذلك ينتقل للعشيرة, حتى أن الدوائر والوزارات أصبحت أشبه بعشيرة متنقلة!
أذا عرف السبب بطل العجب, ومن يسأل عن سبب البطالة أصبح يعرف الآن أسباب التخمة في الوزارة العشائرية, والدائرة العائلية, والمواطن أيضاً بات يعرف جيداً أسباب الفشل السياسي والخدمي والأمني, أما الأحزاب التي تنتهج التخمة فقد أمتلأت كروش أصحابها وبدأت تلفظ أنفاسها الأخيرة وهي الآن في غرفة الإنعاش, والمشهد العراقي يبدو أنه سيتغير أذ أن المواطن العراقي بدأ يبحث عن وجوه جديدة يمكن أن تنهض بواقع العراق بعيداً عن الأحزاب الكهلة المتهالكة.


99
المتقشفون الجدد.. والذبح على الطريقة الداعشية
مديحة الربيعي
بينما يقاتل أبناء العراق أعداء الخارج, ويقدمون الأضاحي والقرابين دفاعا عن الأرض والعرض, يعمل أعداء الداخل من الساسة على توجيه الطعنات من الخلف لهذا الشعب المظلوم, فذوي الكروش المتخمة باتوا شوكة تدمي الخاصرة, فهم يبحثون عن أي فرصة تمكنهم من نهش جسد المواطن العراقي البسيط.
إن لم تمت بالسيف مت بغيره, هذا هو واقع الحال في زمن المتقشفين الجدد, فالعراقي أصبح فريسة تحوم حولها ذئاب الدواعش من جهة, ودواعش السياسة من جهة أخرى والبداية من سياسة التقشف التي طحنت الفقراء في رحاها.
التقشف لم ينل من كروش الساسة في واقع الأمر, فالذي نالهم منه  تغييرات طفيفة ( يعني ضيافة الوزير بدل مكانت 100 مليون صارت 85 يعتبر الضيوف مسوين ريجيم)!!, ورواتب الرئاسات الثلاث وذوي الدرجات الخاصة, طرأت عليها تغييرات طفيفة, وحتى لو شملها التخفيض للنصف أذا كان راتب المستشار الواحد في مجلس النواب يصل الى 9 ملايين 413 ألف, فأي تقشف وأي خصومات ستؤثر في رواتب الرؤوس الكبيرة!
ضربة التقشف الأولى نالت من الطلبة المبتعثين, فعندما شُمل أصحاب الدرجات الخاصة بسياسة التقشف, بادرت وزارة التعليم ألى تخفيض رواتب الطلبة المبتعثين ( حالهم حال الرئاسات الثلاث), فعلى ما يبدوا أن الوزارة  لا ترى أن هناك فرق شاسع بين طالب مبتعث (مغضوب عليه), ونائب رئيس جمهورية أو نائب رئيس وزراء! (بصراحة نهائيا ماكو فرق), تلك كانت الضربة الأولى التي نالت المواطن من المتقشفين.
منحة الطلبة داخل العراق, هي الأخرى في غرفة الإنعاش,  ويبدوا أنها ولدت شبه ميتة, ألغاء منحة طلاب الدراسات ذوي النفقة الخاصة ( طالب دراسات ممتعين يدرس على نفقتة الخاصة الوزارة قررت تلغى المنحة) تلك ضربة ثالثة, فرض الضرائب على شركات الأتصالات, مما دفع الشركات ألى رفع سعر الكارت ألى 6 الآف بعد أن كان ب5500, تلك ضربة رابعة, تأخير رواتب الموظفين عن الموعد المحدد, والمقترحات المتتالية ( راتب كل 40 يوم وبعدين لغوا الفكرة وبعدهم الجماعة يفكرون شيسوون بالموظف).
تسعيرة الكهرباء تلك هي الطامة الكبرى, ولا نعرف ماهي الخطوة التالية التي ستكون أكبر منها, في حديث لمسؤول أعلام وزارة الكهرباء مصعب المدرس أن المواطن يجب أن يصرف كهرباء بحسب إمكانيته المادية, ( يعني الي عندة فلوس يصرف كهرباء براحته, والي ماعندة يطبة مرض) حسب رؤية الوزارة.
  مسؤول أعلام الوزارة, أكد أن المواطن عندما يصرف 5 أمبيرات يجب أن يدفع 16 ألف وفقاً للتسعيرة الجديدة, وأكد ان 5 أمبير( تشغل مبردتين مبين الاخ ميعرف شنو أمبير وشنو حسب حقة طبعاً), وذكر أن المواطنين لم يتمكنوا من دفع المستحقات السابقة والدولة تطلب ما يقارب 2 مليار,(لعد شلون راح يدفعون حسب التسعيرة الجديدة عيني سيادة الوزير؟)
أسئلة كثيرة تطرح نفسها, هل يعرف الجالسون على الكراسي أن معظم العوائل العراقية تضم بين ثناياها  خريجين عاطلين عن العمل ويعتاشون على راتب متقاعد؟
هل يعرف المتخمون أن التقشف أضر بالناس ولم يصل ألى كروشهم؟ هل يعرف سكان الخضراء أن أبناء الجيش والحشد يقترضون أموال الألتحاق؟ هل يعرفون أن ذوي الشهداء ألى الان دون رواتب؟ هل يعرف  دعاة التقشف معنى كلمة الإسلام وهل يعرفون علي أبن طالب (عليه السلام) الذي ينادون بأسمه كذباً؟ الإجابة على كل تلك الأسئلة هي أن دعاة التقشف يذبحون الفقراء على الطريقة الداعشية بصورة غير معلنة.

100
المنبر الحر / وطني بين ثلاجتين
« في: 22:02 14/04/2015  »
 
وطني بين ثلاجتين
مديحة الربيعي
 المكان النجف الأشرف, الحدث طابور طويل ينتظر فيه المواطنين أدوراهم لأكثر من ساعتين, بعد أن يمر الوقت المحدد يصل المنتظرون ألى الهدف الذي جاءوا من أجله  دكة المغتسل ليغسلوا فلذات الأكباد وقرة الأعين, وبعد ذلك توارى أجساد الشهداء الثرى, ثم تغزو سرادق العزاء الشوارع فتكسوها بالسواد.
 بعد أن أنقضى يوم طويل متعب على مغسل الموتى, يبدأ يوم آخر وبنفس الطابور والزحام ومعدل الوقت السابق, ساعتان تجمع بين الموت والحياة, أذ يحظى الأهالي بذلك الوقت مع أجساد الأحبة المسجاة في التوابيت, ليحين بعد ذلك الفراق الأخير لحظات تعادل عمراً, فهي تمنحهم الحق لرؤية وجه عزيز سيغيب بعد أنقضاء الوقت.
الطابور طويل جداً, ولحظات العذاب أطول بكثير, الا أن بعض الناس يتمنى أن يحظى بالوقوف في ذلك الطابور, ليدفن عزيزه  حتى يستريح من عذاب مختلف كالذي تعانيه الحاجة أم محمد من أهالي البصرة, فهي تبحث عن أجساد فلذات الأكباد الثلاثة, ولم تعثر عليهم لغاية اليوم تلك المرأة تخرج كل صباح ألى منطقة ترابية أمام منزلها, وتأخذ ثلاث قطع من القماش تحفر ثلاث حفر, حفرة لكل قطعة تدفن تلك القطع ثم تستخرجها مرة أخرى, وهي على ذلك الحال منذ أن غاب أبناؤها الثلاثة وأهالي البصرة يعرفون جيداً تلك القصة.
ثلاجة الموتى التي غصت بشهداء الحشد والجيش أصبحت مقصد الباحثين عن قرة الأعين, إذ تزدحم الممرات ويقف الناس أمام ثلاجة الموتى لأستلام جثث أبنائهم أو لمحاولة البحث بين وجوه الموجودين فيها عن أحبة غائبين, هذا هو واقع حال الغيارى من أبناء الشعب العراقي بمختلف طوائفهم.
وحدة الدم والموت لم ترق لكبار رؤوس الفتنة والطائفية, فأخذوا يبحثون في جيوب أبناء جلدتهم الفارغة, حتى من ثمن الأجرة ألألتحاق بالمعسكرات عن ثلاجة يبدوا أنها جمدت الغيرة في عروقهم أن كانت موجودة أصلا, فهم لم ينتفضوا لسبية مسيحية أو أيزيدية أو مسلمة من حرائر الموصل, وهم يشاهدون مقاطع اليوتيوب كيف ينادى وريث الطلقاء من السعودية في شوارع نينوى" اليوم يوم السبي سعر السبية يعادل بطانية واحدة, أو مسدس أمنحني أي شيء مقابل السبية"
 هكذا كان يردد الوضيع في شوارع الموصل, بينما كان الآخر منهمكاً بتقييد أيادي السبايا, مشهد أعاد ألى الأذهان عصور الجاهلية, وكأنهم لم يسمعوا من قبل بنبي عظيم أسمه محمد ( عليه وعلى أله افضل الصلاة وأتم التسليم), فأين كانت غيرتكم أنذاك أيها الثائرون من أجل الثلاجة, وأنتم تشاهدون أبناء الزنا يقتادون الحرائر ألى أسواق النخاسة؟
هجمة باردة على الحشد الشعبي, أبرد من دم بعض الساسة من السنة والشيعة المتصارعين على الكراسي, ممن أمتلأت كؤوسهم بالدم بدلاً من الخمر.
في وطني يقف الشرفاء بصفوف طويلة أمام ثلاجة الموتى لأستلام فلذات الأكباد  ويتزاحم الأهالي المفجوعين على دكة المغتسل, بينما  يكرس الخونة جهودهم لتشويه صورة من يدافعون عن وطن دنس أرضه أفغاني وسعودي وشيشاني, فقط لأن دول الجوار تدفع الأموال لشيوخ الفتنة من أجل ذلك.
بين أبناء هذا الحشد سني غيور من أبو النمر أو الجغايفة, وبينهم غيارى من أبناء تكريت ترى في وجوههم وعيونهم الشهيدة أمية جبارة, بين أبناء هذا الحشد شيعي غيور من أهالي العمارة, وبصري لم يمنعه العوز  وضنك العيش من الألتحاق بأخوته, بين أبناء هذا الحشد مسيحي يأثر لأخت مسبية, أو أم ضربت حتى الموت  بين أبناء هذا الحشد سماوي مسن لم يمنعه الكبر من الدفاع عن الأهل والوطن, وبين أبناء هذا الحشد صورة وطن لن تجمدها ثلاجتكم!!


 

 

101
رئيس الوزراء.. لا تغلط غلطة الشاطر
مديحة الربيعي
بعد  أنتهاء حكم الولايتين وتشكيل الحكومة الجديدة, أستبشر الناس خيراً لاسيما أن المشاكل مشخصة ومن السهل تجنبها لأن  رائحة أفرازتها أزكمت الأنوف, والسبب الرئيسي في فشل الحكومة السابقة هو التفكير الحزبي الفئوي, حزب واحد يدير البلاد  فالأمر لا يعدوا أن يكون نسخة مصغرة أخرى من حزب البعث, المضمون واحد وأن أختلفت المسميات.
مرض العضال الذي أنتشر في السنوات الثمانية في جسد الحكومة العراقية, هو التعيين بالوكالة, جعل البلاد والعباد ألعوبة بيد كل من هب ودب, (حزب فلان وكتلة فلان واقارب فلان), أناس عديمي الكفاءة والقدرة والأهلية قادوا البلاد الى المهالك الى أن أفاق العراقيون فجأة وبدون مقدمات على وجود مجاميع داعش على أرضهم ووصل الحال ألى ما هو عليه.
ميزانية مفلسة قطعات عسكرية أنهارت في غضون يومين, فساد أداري يعصف بالبلاد فاقت  أضراره أعصار تسونامي, العراق البلد الأول في الفساد, العاصمة بغداد أسوء مكان للعيش في العالم وأوسخ عاصمة, موت يومي, جوع بطالة, محسوبية تهريب أموال العراق ألى الخارج بسبب وزراء أتضح فيما بعد أنهم لصوص ببدلات رسمية, مدارس طينية واقع تعليم متردي, واقع صحي أشبه بالكارثي, ( البلاد خراب فقط المنطقة خضراء عامرة).
كل تلك المصائب والأزمات بسبب التفكير الحزبي والتعيين بالوكالة, مراراً وتكراراً تناولت المرجعية تلك المعضلة, لكن من سبق العبادي لم يكن يسمع, وها هو رئيس الوزراء الجديد يكرر نفس الخطأ.
خطوات ثابتة خطاها العبادي للتخلص من التراكمات السابقة, الى أن بدأ شبح التفكير الحزبي يحوم حوله, وأنزلقت قدمه إلى هاوية تعيينات بالوكالة, هذا ما يبدو عليه المشهد, ألا أن الواقع مختلف تماماً, فرئيس الوزراء الجديد يخطوا بخطوات ثابتة نحو التعيينات بالوكالة مع سبق الإصرار.
تبريرات رئيس الوزراء حول عدم التوافقات لن تغير حقيقة الموقف, فمن عينتهم دولة الرئيس تعرفهم جيداً, لو كانوا غرباء وغير مجربين كما هو حال أمينة العاصمة لما تفوهنا بكلمة, لكنك تعرف جيداً كيف أستقبل أهالي الحمزة بالأهازيج أحد الذين أمرت بتعيينهم, ومثلك من يعرف.
لا تنسى دكتور حيدر أنك وضعت قدمك على الخطوة الأولى في طريق الهاوية, فلماذا تصر على خسارة جمهورك ومؤيديك؟ لماذا توجه الضربة تلو الأخرى الى منجزاتك  حتى أنك توشك أن تحيلها ألى ركام؟ رئيس الوزراء بنيانك ما زال رطبا فلماذا تصر على هدمه بمعاول تعيينات الوكالة؟
 كنا نأمل أن لا تسمح لأخطبوطات حزبك الذي تنتمي أليه أن تلتف على عنقك, أما مبرراتك عن اللجوء للتعيينات بتلك الطريقة فلم تصل ولن تصل, فقد ذقنا الأمرين من مافيات الفساد ومللنا الأعذار والمبررات, وها نحن نرجع لنفس نقطة أنطلاق الفشل في الحكومة السابقة.
غلطة الشاطر بعشرة كما يقال, الا أنك  دولة رئيس الوزراء لم تخطئ سهواً, بل تعمدت أن تضع الشخص الغير المناسب في المكان المناسب, والأمر ليس محض صدفة أو مفارقة, أنما كل من أمرت بتعيينهم من نفس الحزب وهو نفسه الذي تنتمي أليه, مع الأسف رئيس الوزراء فأنت تدور في فلك من سبقك, ولم تتمكن من أن تتجاوز عقدة الحزب الواحد.
القائد الحقيقي هو من يدع حزبه ودينه وطائفته خلفه, ويفكر بعقلية مهنية بحتة فتجربة النظام السابق أدخلت البلاد في دوامة من المآسي, بسبب التفكير الحزبي وسيطرة الحزب الواحد, وتجربة السنوات الثمان لم تخرج عن أطار حزب البعث ,وهاهو اليوم الحزب الواحد يرجع من جديد, القائد الحقيقي من يضع عراقيته نصب عينيه قبل حزبه وكتلته.
أنطلاقا من منهج وضعه خاتم الرسل( عليه وعلى أله أفضل الصلاة والسلام) "لو أن فاطمة بنت محمد سرقت لقطعت يدها", وحاشى لقرة عين الخاتم أن تفعل ذلك, تلك هي القيادة وذلك هو التجرد الحقيقي من الحزبية, وبهذا الفكر المعتدل أصبح السلام دولة مترامية الأطراف, أما في العراق فمن تحوم حوله شبهات فساد يصبح مسؤولاً.
 رئيس الوزراء أن تعين يهودياً نزيها, خير لك من أن تعين شخصاً يسيء لدينه وأهله  ووطنه ,لا لشيء سوى أنه ينتمي لحزبك, لطالما أستبشرنا خيراً بإدارتكم المعتدلة وأقلامنا كتبت للعراق ومن أجله, عندما كنا نرى في قيادتكم خيرا للعراق وأهله, لذلك دكتور حيدر دعنا نكتب عنك وعن منجزاتك, ولا تدع أقلامنا تكون عليك, فمن يكون مع العراق نحن معه, ومن يكون عليه, ستكون أقلامنا عليه.

 

102
قطيع كلاب الصيد: أنتهت رحلتكم
مديحة الربيعي
ألقوا له بعظم فهرول نحوه ظناً منه بأنه سيصبح قائدا لدولة جديدة في الشام والعراق, فعندما رأى الكبش السمين على طاولة أسياده توقع أن يكون له نصيب في الوليمة, الا أن الكلاب لن تأكل سوى العظام ومخلفات الموائد الخليفة القادم لم يكن يتوقع أنه مجرد طعم في صنارة صيد لتدور رحى المعارك فتمتلئ خزائن الدول الكبرى وتتحرك عجلة أسواق السلاح, هنا ينتهي دور قائد قطيع كلاب الصيد.
قائد قطيع كلاب الصيد البغدادي ذكر أن المعارك في العراق ليست حرباً بل هي رحلة للصيد, ألا أنه لم يدرك دوره بعد في تلك الرحلة, فأسياده يحددون الأهداف بينما يلهث مهرولا ليحمل بين أسنانه الغث والسمين في تلك الحرب ليضعه في حجر أسياده, فهل سمعتم بكلب شارك أسياده غنائمهم؟
لوحوا له برداء الحكم فجاء مهرولاً طعماً بالسيادة, معتقداً أن الحرب في العراق نزهة ستنتهي بتنصيبه حاكماَ لدولة تمتد من الشام إلى العراق, ثم يصفق له قطيع البهائم  من خلفه , ليقيم دولته الماجنة ويبيع الناس في اسواق النخاسة .
معطيات الحرب أثبتت للمغفل الكبير وقطيعه أنهم مجرد أدوات في لعبة أشبه ما تكون بموسم قطاف حصدوا  فيه ما يبتغون من أموال الطلعات الجوية وبيع السلاح, وتركوا كلب الخلافة الحالم بالصيد يلهث خلف قوافلهم.
البطولات الخارقة  للباحثين عن الجنة  أختفت بلمح البصر عندما دخل  الجيش العراقي أرض تكريت,  فأبطال القتل والحرق والتعذيب والبطش والذبح والسلب كانوا يستعرضون قواهم  أمام الأطفال والعزل, ولم يهرولوا للقاء الحور العين التي وعدهم بها خليفتهم كبير الزنادقة الذي يقسم الجنة كيف يشاء وكأنها ملك لأبيه, ولايعرف أي نار تنتظره هو وزمرته الضالة ومن تبعه ومهد له وصفق له  وساعده على التجارة بدماء الناس وأرواحهم.
الجيش العراقي يواصل تقدمه نحو الموصل, بعد أن حسم معركة تكريت ولم يبق بينه وبين المعركة الحاسمة سوى محطة واحدة, هي الأنبار من المؤمل أن يحررها غيارى العراق لينتقلوا بعد ذلك للموصل ويطهروا أرض الرافدين من رجس الدواعش, وما هي الا أيام وتنتهي رحلة قطيع كلاب صيد.



103
  حزم النعاج: عواصف في اليمن ودبلوماسية في غزة!

مديحة الربيعي
صرح رئيس الوزراء وزير خارجية قطر، حمد بن جاسم في أجتماع وزراء الخارجية العرب عندما أعلنت أسرائيل الحرب على غزة عام 2012 : "الذئاب تأكل النعاج، وللأسف هم ليسوا بذئاب، ولكن أغلبنا نعاج" على حد تعبير حمد بن جاسم, هكذا  لخص الصراع العربي الإسرائيلي.
 محلل سياسي يهودي وصف مؤتمر وزراء الخارجية الذي عقد في القاهرة في نفس العام بأنه لأكل "البقلاوة", وقال إنهم كانوا هناك يستمتعون بأكل "البقلاوة اللذيذة، بينما أرسلوا فقط برقيات التعازي إلى غزة" وعلى مايبدو أعجبه كثيراً وصف النعاج الذي أطلقه حمد بن جاسم على نفسه وعلى من يسير على خطاه!
ذلك كان رأي قادة العرب وموقفهم من غزة آنذاك, في عام 2014 جددت إسرائيل عدوانها على غزة ولم يحرك العرب ساكناً ايضاً.
آنذاك طلبت الدول الحازمة! أن تحل أزمة غزة بشكل دبلوماسي وبذلت جهوداً حثيثة من أجل وقف أطلاق النار, ورغم مشاهد الموت المروعة والدمار الذي لحق بغزة ودفن أهلها أحياءاً تحت الأنقاض, لم تهب عواصف أو حتى عطسة من دول الحازمة, فلماذا لم تلجأ تلك الدول التي أجتمعت اليوم لضرب اليمن لحلحلة الأزمة بطرق دبلوماسية كما فعلت مع أسرائيل؟
في كل جمعة يشاهد قادة الدول العربية المستوطنين اليهود وهم يطردون المصلين الفلسطينيين من المسجد الأقصى ويمنعوهم من الصلاة, بينما يؤدون طقوسهم بحرية تامة ولم يظهر حزم عربي بعد!
مؤتمرات تناول الحلوى والشجب والأستنكار, كل ما يصدر عن العرب بعد كل مرة تعلن فيها أسرائيل الحرب على الشعب الفلسطيني, بينما تمكن العرب من حزم أمرهم في  غضون أسبوع لا أكثر فحشدوا جيوشهم وأتجهوا صوب اليمن, فهم نعاج أمام أسرائيل, ّوذئاب مام اليمن!
ما الذي جعل القضية اليمنية تأخذ هذ الصدى؟ ولماذا أثيرت في هذا الوقت بالذات وما الغاية من ذلك؟
أن الضجة التي أثيرت حول أزمة اليمن وإثارتها هذه في هذا التوقيت بالذات, هو للفت الأنظار عن أنتصارات الجيش العراقي التي أصبحت الشغل الشاغل للرأي العام العالمي أولاً, ولتخفيف الضغط عن الدواعش من جانب آخر, ففتح جبهات متعددة سياسة جديدة لتخفيف العبء عن قيادات الدواعش في المناطق التي تشهد حروب وصراعات في العالم العربي.


104
أنها حرب أخرى.. أنتبهوا رجاءاًّ

مديحة الربيعي
تتبع عصابات داعش الإرهابية أسلوبا آخر لتغطية فشلها في الجانب العسكري لخلق أزمة ثقة بين الجيش والحشد والشعب, فأبواق بعض دول الخليج الإعلامية تسعى لزرع بذور الشك  حتى تورق أشجار الخبث لتثمر فتنة فيما بعد.
قبل أيام تداولت بعض مواقع التواصل الاجتماعي والقنوات المأجورة خبرا مفاده أن العمليات العسكرية في تكريت توقفت, بسبب وجود صفقات بين الحكومة وبعض الدول الداعمة لداعش, أذا اشارت تلك الأنباء الملفقة الى أن هناك بعض القيادات في النظام السابق موجودة في تكريت, وأن الحكومة العراقية تسعى لعقد صفقة مع دول خليجية مقابل أن تخرج تلك القيادات من تكريت!
 أذا كان المتحدث مجنون فالمستمع عاقل كما يقال, معطيات ودلائل الحرب تؤكد عكس ذلك تماماً, مجموعة من التساؤلات تبين كذب تلك الادعاءات وتفضح من يقف وراءها ويروج لها والغاية منها أيضا.
سؤال يطرح نفسه, ويفتح الطريق أمام أسئلة أخرى, أن تلك القيادات التي يزعم بعض مروجي الشائعات وجودها في تكريت يمكنها أن تدير المعركة من الخارج, بسبب وجود الدعم الخليجي فما الذي يجبرهم على الدخول الى قلب جحيم المعركة؟ وهل أن وجودهم في أرض المعركة يمنحهم قدرة أكبر على التحرك, أم ان أدارتهم للمعارك من خارج البلاد يمنحهم حرية أكبر؟
 ثم يثور جيش من الأسئلة, هل أن من يروج لتلك الشائعات رأى بأم عينه تلك القيادات قبل أن ينشر الخبر؟ هل أنه على تواصل مع الجيش والحشد الشعبي أكثر من الناطق الرسمي بأسم الحشد الشعبي يوسف الكلابي, الذي نفى تلك الأخبار جملة وتفصيلاَ, وأكد أنها مزيفة ولا أساس لها من الصحة ولا شيء يمكنه أن يثني عزم الحشد الشعبي عن تحرير تكريت, فهل هناك دليل أكثر من كلام الحشد الشعبي؟
أذا كانت الجيش والحشد والمرجعية والحكومة كلهم متواطئون رغم أنهم نهضوا بأعباء وتركة ثقيلة خلفها المنكسرين, فمن هو المخلص أذاً من سلم مفاتيح البلاد على طبق من ذهب؟ أم مافيات الفساد التي نخرت مفاصل الجيش ووزارة الدفاع والداخلية وأفرغتها من محتواها وحولتها الى مؤسسات وهمية تضم بين ثناياها الفضائيين؟
أذن تلك الشائعات تهدف ألى التشكيك بإخلاص الحشد الشعبي وقياداته ومختلف فصائل المقاومة التي تقاتل الدو اعش, ومن يروج لتلك الشائعات يشكك بنوايا المرجعية التي تعتبر المسؤول الأول عن تشكيل الحشد الشعبي   الهدف الاخر وراء تلك الشائعات, التغطية على الخسائر التي تكبدها الدواعش في معركة تكريت, والتشكيك بأنتصارات الحشد الشعبي بالإضافة لزعزعة الثقة وزرع بذور الشك بين الجيش العراقي وقياداته من جهة والشعب العراقي من جهة أخرى لأن من يعقد صفقات مع قتلة أبناء شعبه خائن وهذا الوصف لا ينطبق على أبناء الجيش وقياداته من الشرفاء.
أنها حرب أخرى وأن لم تكن معلنة بشكل تام, الا أن غاياتها واضحة فالجيش والحشد الشعبي قد وضع كل ثقله في معركة تكريت لأنها بداية الطريق إلى الموصل, والدواعش فعلوا الشيء نفسه بذلوا قصارى جهدهم حتى لا يخسروا معركة تكريت, لأن الخسارة تمثل بداية النهاية بالنسبة لهم, هي حرب شائعات تطبخ على نار هادئة, وتحرك في قدورها أياد ملوثة تدعم داعش وتروج له, والأيام ستثبت ذلك.



105
رؤية المرجعية : الحشد راية وغاية

مديحة الربيعي
فتوى الجهاد الكفائي التي أطلقتها المرجعية الرشيدة شملت العراقيين بمختلف أطيافهم, فهي لم تكن فتوى تخص السنة أو الشيعة بل كل عراقي قادر على حمل السلاح, فكانت تلك بداية لتغيير المعادلة التي خطط لها بعض دول المنطقة, وكان الدو اعش وسيلتهم لتحقيق ذلك, وساعدهم في ذلك مافيات الفساد في المؤسسة العسكرية التي أصابت الدولة العراقية بالوهن والضعف.
المرجعية الغراء كعادتها تحملت مسؤوليتها كاملة وأخذت على عاتقها  محاولة رأب الصدع, والسعي لأستعادة الأراضي التي سيطرت عليها عصابات داعش, في الوقت الذي تنصل فيه معظم الساسة من مسؤولياتهم ووقفوا موقف المتفرج.
أستجابة سريعة من قبل الشعب العراقي بكل أطيافه لفتوى المرجعية, فبدأت الحشود المباركة تتوافد من كل المحافظات الى أرض المعركة لتحيل نهار الدواعش ألى ليل حالك الظلمة, حتى أنهم لم يتمكنوا من لعق جراحهم أو دفن جيفهم بعد أن صور لهم بعض من أستخدمهم أن حربهم في العراق ستكون مجرد نزهة, لأن المفخخات التي تفد ألى العراق قد أخذت مأخذا حسب أعتقادهم.
أنتصارات الجيش العراقي والحشد الشعبي, أسقطت كل المراهنات وبينت ثقل المرجعية ومدى تأثيرها في الشارع العراقي.
فصائل مختلفة تخوض المعارك ضد داعش, لكل منهم رؤيته ومنهجه ورايته وشعاره, ألا أن غايتهم واحدة لذا  أكملت المرجعية مشوار أصلاح ما أفسده الساسة, فطالبت كل الفصائل بأن يقاتلوا جميعا تحت العلم العراقي وأن لا يرفعوا صوراً شخصية للمراجع, ليكون العراق أولاً.
البدايات كانت مختلفة تماماً أنكسارات صنعها قراصنة السياسية, تحولت بين ليلة وضحاها ألى أنتصارات متلاحقة صنعها أبطال الجيش والحشد الشعبي بقيادة المرجعية, راية واحدة يرفعها الجيش العراقي وغاية واحدة يصبوا أليها الشعب بأكمله هي تحرير الأراضي العراقية, وكسر ظهر الإرهاب حتى لا تقوم له قائمة بعد اليوم.



106
لمن يسأل عن البصرة!!

مديحة الربيعي
رغم أن البصرة أبعد ما تكون عن دائرة الحرب مع داعش فهي تقع في أقصى الجنوب, والمعارك تدور في أقصى الشمال, الا أن أهل البصرة كانوا في مقدمة المتطوعين, ثأرا للسبايا الأيزيدات بل ثأرا للعراق بأكمله, وتلك هي صورة وطن يرسمها الدم الجنوبي الذي ينزف دفاعاً عن الشمال.
البصرة ليست محافظة غنية بمواردها فقط بل هي فاحشة الثراء بغيرة أهلها وشيمة رجالها, وتلك شواهد يرويها أبناء الفيحاء عن قصص البطولة وقوافل الشهداء التي تطوف في شوارع البصرة بأحتفالات مهيبة, قبل أن  يودعهم ذويهم الوداع الأخير.
أم الشهيد علي صادق فارس, أرادت أن تحتفل بتشييع أبنها البكر ذوي ال 19 ربيعاً في شوارع وأزقة منطقتها شط العرب, لأنها لم تتمكن من أقامة حفل زفافه الذي كان من المفترض أن تقيمه عند عودته سالماً, الا أنه عاد محمولاً على الأكتاف, وفعلا قامت بتشييعه بطريقة  أحتفالية تليق بوداع أخير بين أم مفجوعة وشاب بعمر الزهور.
الشهيد فريد برتبة رائد الذي شيعه أهالي البصرة, وهو يدافع عن وطنه ليترك خلفه أسرة بقيت دون معيل.
أبو عرب مقاتل آخر من غيارى البصرة, ترك أسرته والتحق بالمقاتلين ليدافع عن وطنه نسأل الباري أن يعيده لأهله سالماً, تلك قصص يرويها ذوي المقاتلين والشهداء من أبناء البصرة, شواهد حية بعيدة عن ساسة الخضراء المتحصنين خلف الأسوار والذين دأبوا طوال تلك الفترة على حجز بطاقات التذاكر لعوائلهم للسفر الى الخارج  حتى يتجولوا بسياراتهم في شوارع أوروبا, بينما يستشهد الغيارى على جبهات القتال.
لمن يسأل عن البصرة هي درة الجنوب, وعطاء لا ينضب فهي تفيض نفطاً على العراق وأهله, وأبنائها يبذلون أرواحا ومهج في ساحات القتال, تلك هي الفيحاء فأهلها أول المضحين وأخر المستفيدين,  أنها رئة العراق الأقتصادية تتنفس صبرا, ونأمل عما قريب أن تتنفس ضفراً .


107
الطائفية.. طبقاً لمنظور البهائم البشرية
مديحة الربيعي
خلق الباري جل وعلا الملائكة عقولاً بلا شهوة, وخلق البهائم شهوةً دون عقول,  أما الأنسان فهو مزيج من العقل والشهوة, فمن غلب عقله شهوته أرتقى لمستوى الملائكة ومن غلبت شهوته عقله أنحدر الى مستوى البهائم, فالعقل هو العلامة الفارقة التي تميز الأنسان عن الحيوان.
حين يُعطل الأنسان عقله يصعب عليه أدراك الحقائق, والتعامل مع مجريات الأحداث بشيء من المنطق, عندئذ ستختل الموازين ويتجرد الأنسان من خصائصه البشرية.
ما يجري من أحداث في الساحة العراقية  اليوم خير دليل على ذلك, وموضوع الحرب ضد عناصر داعش  أحد أهم المواضيع التي يعطل فيها بعض الحمقى عقولهم عن التفكير ويدركون الأمور بصورة مختلفة عن مدركات البشر.
الجيش العراقي أصبح نقطة أنطلاق للحديث عن الطائفية, وكأن كل من ينتمي للجيش يفكر بطريقة طائفية, والأمر نفسه ينطبق على المقاتلين في الحشد الشعبي, رغم أن الحرب التي يخوضها الجيش وأبناء الحشد ليست حربا بين أبناء العراق, أنما هي مسالة بقاء وحرب مقدسة يخوضها الشرفاء من أبناء هذا البلد دفاعا عن وطنهم وحضارتهم.
رغم أن مقصلة عناصر داعش لم تستثن رقاب السنة والشيعة وأبناء الطائفتين المسيحية واليزيدية, فالمهم أن يقتل كل عراقي بغض النظر عن دينه أو مذهبه, ومع ذلك يسعى بعض الحمقى للتفكير بالموضوع بطريقة طائفية بحتة , فيتخذ من الجيش العراقي عدواً له ويصفق للغرباء ممن يستعبدون أبناء شعبه!
الجيش العراقي يضم بين ثناياه أبناء العراق بمختلف طوائفهم, والحشد الشعبي يمثله أبن البصرة الذي يقاتل دفاعا عن أهالي ناحية البغدادي, وأبن بغداد الذي يقاتل دفاعا عن آمرلي, وأبناء البو عبيد والبو نمر الذين رفضوا تسليم مناطقهم وأنفوا أن تمتهن كرامتهم من قبل الدو اعش.
يسعى بعض السذج لذر الرماد في العيون وأتهام كل من يدافع عن الجيش والحشد الشعبي ومن يقف ضد داعش بأنه طائفي, من منطلق الآية الكريمة "مَنْ قَتَلَ نَفْسًا بِغيْرِ نَفْسٍ أَوْ فَسَادٍ فِي الْأَرْضِ فَكَأَنَّمَا قَتَلَ النَّاسَ جَمِيعًا وَمَنْ أَحْيَاهَا فَكَأَنَّمَا أَحْيَا النَّاسَ جَمِيعًا"  المائدة آية 32, فأن القتل كبيرة من الكبائر تودي بصاحبها ألى جنهم, أيا كانت صفته ومذهبه, وهويته وعرقه, فلا يمكن بطبيعة الحال أن تحسب تصرفات فردية توصم أصحابها بالعار, على الجيش والمتطوعين بمختلف فئاتهم وطوائفهم فهناك فرق شاسع بين قاتل ومقاتل.
أرهابي وقاتل ومقاتل, تلك هي  أبرز الشخوص في المشهد العراقي الحالي العراقيين بمختلف طوائفهم يلعنون الإرهابي والقاتل  وكل من يسفك قطرة دم ذنب أو جريرة فكلاهما وجهان لعملة واحدة.
 المقاتل الذي يبذل نفسه من أجل العراق وشعبه, ويقف على السواتر, يفترش الأرض ويلتحف السماء هل من المنصف ان يعتبر طائفياً؟ هناك من يسعى للضرب على وتر الطائفية وتفسير الأمور وفق إدراكاته المشوهة وينظر للأمور من زاوية ضيقة, أولئك من ينطبق عليهم قول الباري جل وعلا (وَلَهُمْ أَعْيُنٌ لَا يُبْصِرُونَ بِهَا وَلَهُمْ آذَانٌ لَا يَسْمَعُونَ بِهَا أُولَئِكَ كَالْأَنْعَامِ بَلْ هُمْ أَضَلُّ أُولَئِكَ هُمُ الْغَافِلُون) الاعراف أية 179.


صفحات: [1]