عرض المشاركات

هنا يمكنك مشاهدة جميع المشاركات التى كتبها هذا العضو . لاحظ انه يمكنك فقط مشاهدة المشاركات التى كتبها فى الاقسام التى يسمح لك بدخولها فقط .


الرسائل - سام هرمز

صفحات: [1]
1
العقلية الذمية في الذاكرة الجمعية لأبناء شعبنا – صراع الذميين من أجل السلطة الجزء الثالث‬

في المقالة السابقة سألني أحد الاخوة لماذا استعمل مصطلح "ذمي" وهو مصطلح إسلامي عندما اشير الى بعض القيادات المسيحية، واتضح لي ان القليلين هم الذين يدركون ابعاد هذا المصطلح وخطورته، فجزء كبير من فشل أبناء شعبنا في بناء كيان سياسي قوي يرجع على العقلية الذمية التي ابتلي بها الكثير من أبناء شعبنا. 
من هو الذمي: تاريخيا الذمي هو المسيحي هو اليهودي الذي ارتضى ان يعيش تحت الحكم الاسلامي، وقبل بدفع الجزية بدلا من ترك دينه واعتناق الاسلام او مقاومة الحكم الاسلامي، ولربما قاوم الخضوع للمسلمين لكنه خسر المعركة. بشكل اشمل هم اهل الكتاب الذين وقعت مناطقهم تحت الحكم الاسلامي اما لأنهم خسروا الحرب مع المسلمين او لأنهم عقدوا معاهدة صلح مع الجيوش الاسلامية للخضوع لهم مقابل تركهم بسلام. وحتى الان يبدو الامر طبيعي وحالهم حال اي شعب اخر يخسر المعركة ويقبل بحكم المنتصر عليه.
ولكن الامر لم ينته هنا، فالحكم الإسلامي لا يقبل بالتعددية الدينية كما على سبيل المثال قبلت الدولة الرومانية، بل انه انتهج منهج الفرس في اضطهاد من لم ينتم لديانتهم، وفي سورة التوبة تكلم على اهل الكتاب وان يؤدوا الجزية وهم صاغرون. ومن هنا بدأت رحلة العذاب لأهل الكتاب، فدفع الجزية ليس الشر الوحيد الذي عليهم الاعتياد عليه، بل السورة تدعو الى نوع من الاذلال يجب ان يرافق يدفع الجزية، وهنا اختلف الفقهاء عن كم الذل الذي يجب ان يناله الذمي، فمنهم من اكتفى بأن يؤدي الذمي الجزية وهو واقف، بينما الجابي جالس، واخرون ذهب ابعد من ذلك بأن فسر السورة على ان يلطم الذمي على رقبته من الخلف بعد جباية الجزية كنوع من الإذلال. الامر لم ينتهي هنا، فبعد توسع الدولة الاسلامية بشكل سريع، اصبح عدد قليل من المسلمين يحكمون اعداد كبيرة من اهل الذمة، وهو ما اثار قلقهم من أن تثور هذه الشعوب ضدهم وتزيحهم عن الحكم، وفي زمن الخليفة عمر بن عبد العزيز ظهرت وثيقة سميت بالعهدية العمرية ونسبت على عمر بن الخطاب، الا ان الكثيرين يعتقدون انها كتبت من قبل الخليفة عمر بن عبد العزيز، وهذه الوثيقة احتوت على تعهدات على اهل الذمة القبول بها مقابل البقاء على دينهم فائدتها التأكد ان هذه الشعوب لن تقوم لها قائمة ولن تشكل اي خطر على المسلمين، ولذلك هدفت العهدة العمرية الى اذلال اهل الذمة وكسر شوكتهم، للتأكد انهم لن يكون فيهم من يكون له عزة نفس وروح ابية لكل يقود اي عصيان، وثانيا التأكد انهم لن يتمكنوا من القيام بأي عصيان حتى ولو رغبوا، حيث حرمت العهدة العمرية على اهل الذمة اقتناء السلاح و ركوب الخيل، كما اجبرتهم على ان يخبروا عن اي مؤامرة تحاك ضد المسلمين او اي جاسوس يوجد بينهم. اما لإذلالهم وكسر همتهم فحدث ولا حرج حيث هناك الكثير من النقاط منعهم من رفع أصواتهم في الافراح والاحزان، وان ينهضوا في المجالس ليجلس المسلم والسير الى جانب الطريق في الاسواق، وفي مناطق اخرى اضيفت فقرات اخرى اكثر قسوة وشدة لا نريد الخوض بها كتعليق الأجراس في الرقبة الخ.
بالرغم من اختلاف مدى تطبيق العهدة العمرية على اهل الذمة من عصر الى اخر ومن حالكم لأخر، الا انها بشكل عام طبقت الى  حد ما في معظم العصور الاسلامية في الشرق الاوسط، والدولة العثمانية وهي آخر امبراطورية اسلامية كانت حريصة على تنفيذها ليس على اهل الذمة فقط بل حتى على سفراء الدول المسيحية حيث كان السفير مجبر على ركوب الحمار بدلا من الخيل عند تجواله داخل حدود الدولة العثمانية ايام كانت اقوى قوة في اوربا في قرون النهضة الاولى وبقى الحال هكذا الى ان أتت حكومة محمد علي المدعومة من القوى الغربية والتي ساوت بين كل المواطنين على الأقل في القانون، الا ان التطبيق كان نفسه فخرق أي ذمي للعهدة العمرية كان سبب كافي في نظر المسلمين لاستباحة كل القرية التي كان ينتمي لها وبذلك كان عقاب أي ذمي يخرج عن العهدة العمرية هو مذبحة بحق كل مجموعته او قريته او عشيرته حسب. 
 
العقلية الذمية في الذاكرة الجمعية لابناء شعبنا : 
بالرغم من تراجع استعمال مصطلح الذمي تحت حكم الحكومات العلمانية، وظهور نوع من المساوات، وانحسار ظاهرة العقاب الجماعي للذميين في العالم الإسلامي رغم عدم انتهائها كليا (كما هو الحال في مصر وباكستان ) ولكن العقل الجمعي المسيحي مازال مثقلا بأصوات هذه المذابح، كما ان تعامله مع المسلمين، حتى لو لم يكن مطلعا على العهدة العمرية مازال في إطار العهدة العمرية. فمثلا المسيحي الذمي ومنذ سقوط النظام كان وما يزال يبرأ نفسه من اي كيان مسيحي عندما يتحدث مع المسلمين لا بل يحاول وبكل الطرق إثبات انه لا يؤيد اي من السياسيين المسيحيين. حيث اثبتت الانتخابات انه حتى لو كانت نزيهة معظم الاصوات المسيحية تذهب الى كيانات غير مسيحية بحجة انها علمانية او مستقلة في حين الكل يعلم انه لا كيان مستقل او علماني في العراق حتى لو ادعى ذلك. 
أما القادة والرؤساء الدينيين فهم الآخرون مبتلون بالذمية اكثر من شعبهم فتراهم يلمعون و يتملقون للأحزاب الكبيرة بينما يحملون السيف ومستعدون لقطع رأس (مجازا) اي شخص من المسيحيين منتمي الى حزب اخر يختلف عنهم، وامثال هؤلاء كثيرون، فهم حملان مسالمون عندما يكون التعامل مع الاحزاب المسلمة و ذئاب قاطعة عندما يكون التعامل مع الاحزاب المسيحية الاخرى. ومن اسوأ الصفات لهؤلاء الذميين هي تجنب المواجهة مع القوى المسلمة وهو ما يمنعهم من ان يكون لهم اي تأثير حقيقي في الساحة العراقية، فهم كالاطفال يصرخون ويبكون ولكن بلا انياب او مخالب، فهم مازالوا في داخلهم الذمي منزوع السلاح، والذي لا يمكن ان يفكر في المواجهة كخيار له خوفا من مجزرة جماعية ترجع اصولها الى ذاكرته الجمعية. وهو ما دافع الكثير من حركاتنا (الا ما ندر ) ان تبحث عن عباءة حزب غير مسيحي لتكون تحت عباءته، وهم لا يعرفون ان هذه الاستراتيجية الذمية قلما نجحت عبر التاريخ، حيث في جميع التحالفات مع القادة والباشوات المسلمين كانت تنتهي بأن ينقض هؤلاء عهودهم عندما تقتضي مصالحهم. 
 فريان الكلداني اختبأ تحت عباية الشيعة والبطريك لويس ساكو اختبأ تحت عباءة الديمقراطي، وما يقلقني هو الاخير لان تأثيره على المسيحيين اكبر، وهو الان تحت رحمة الكردستاني، والله يعلم ما المطاليب التي سيطلب منه البارتي مقابل "حمايته" ونسى او تناسى كم من المسيحيين في الماضي كانوا يدفعون للعشائر الكردية مقابل حمايتهم من العشائر الاخرى، وما ان كان هنالك خطر حقيقي كانت العشيرة التي وعدت بالحماية تنكث بعهدها وتترك هؤلاء القرويين لمصيرهم القاسي. 
لو كان المسيحيون في سهل نينوى كونوا فصيل مسلح خاص بهم، وهو ما عارضته البطريكية الكلدانية منذ عهد البطريك دلي، لما كان بامكان الكلداني او

2
مأزق البطريك، دعوة للمراجعة - صراع الذميين للسلطة – الجزء الثاني
سام هرمز
في الجزء الاول قمنا بتغطية الصراع بين البطريرك لويس ساكو و ريان الكلداني، ويبدو أن الأمور تعقدت اكثر منذ ذلك الوقت، فالكلداني رفع دعوة ضد البطريرك بتهمة التشهير، والبطريرك و على ذمة جوزيف صليوة تعرض لضغط سياسي من البارتي لكي يمنع رئيس الجمهورية من مقابلة البابا، وهو ما دفع رئيس الجمهورية وكرد فعل انتقامي الى سحب مرسوم تعيين البطريرك. وكما توقعنا فإن البطريرك انتقل (هرب) إلى الشمال خوفا من استقدامه بالقوة الى المحكمة، والاسوأ ان يتم تثبيت تهم عليه قد تكلفه تعويضاتها الملايين او حتى فترة سجن ان كان القاضي متواطأ من المشتكي. وبالرغم اننا كمسيحيين نرفض قرار رئيس الجمهورية كونه يمس احد رموزنا، الا ان الكثير منا له عتاب خفي لبطريكنا الموقر، فمن هو على اطلاع على تاريخ البطريرك ساكو مع السياسة لا يسعه إلا أن يعترف ان البطريرك ساكو كان له طموع سياسي واعترف غير مرة انه يطمح ان يكون للمسيحيين مرجعية (بشخصه ) يتم التشاور معها في الأمور السياسية والمدنية، وبما ان الكثلكة تحرم على رجل الدين التدخل في السياسية، فقد قام بالالتفاف حول هذه النقطة باستحداث (حزب) الرابطة الكلدانية، ولكنها كانت – وكما اسلفنا في المقالة السابقة – رابطة ميتة قبل الولادة. بجانب الطموح السياسي، كثرت الاقاويل عن بيع اوقاف مسيحية بحجة انها مهجورة او لم تعد صالحة للخدمة، وسجلت الكامرات صورة لـ(شفلات) وهي تدك اساسات دير الدورة، دون ان يكون هناك توضيح رسمي من الكنيسة عن سبب تهديمه.
ان كل هذه الافعال جمعت للبطريك الكثير من الخصوم والاعداء، و بأعتقادي انه وقع في خطيئة الكبرياء التي يقع بها الكثير من القادة، حيث بالغ بتقدير قوته ونفوذه في دولة يحكمها الإسلام كدولة العراق. على الرغم من ان البطريرك متضلع بالتاريخ الإسلامي وكيف كان الذميون يعيشون تحت هذا الحكم، الا انه نسي ان ابسط مواطن مسلم كان له الافضلية والحقوق من اهم ذمي مهما علا شأنه، والقصص التاريخية بهذا الشأن كثيرة. وجاء اليوم الذي قرر فيه رئيس الجمهورية وربما بتشجيع من جهات اخرى تقليم اظافر البطريك وتذكريه بموقعه الحقيقي. واعتقد ان الكنيسة لا يجب ان تدع هذه الحادثة تمر مرور الكرام دون التأمل بها واخذ العبر، وانا شخصيا اخذت بعض الوقت لاتأملها وافكر لماذا وصلت الامور لهذا الحد، وهذه بعض الاقتراحات :
1-      على الكنيسة انشاء مجلس بطريركي مكون من البطريرك وبعض الاساقفة، و ان لا يصدر اي قرار او مرسوم كنسي دون موافقة كل المجلس، والمجلس يجب ان يكون اعضاء منتخبين من اساقفة اخرين لكي لا يكونوا أداة طيعة بيد البطريك. الهدف من المجلس ان لا يستفرد اي شخص يمثل الكنيسة باخذ القرارات، والتي بعضها يتسم بـ الارتجالية والتسرع مما سبب في الماضي بعض الاحراج للكنيسة. ويفضل ان تكون هناك مراجعة لغوية وقانونية للبيانات قبل نشرها.
2-      انشاء نظام محاسبي شفاف للكنيسة ويكن للرعية او على الاقل الاساقفة الاطلاع عليه وان تمر جميع التعاملات المالية من خلال هذا النظام لمنع اي صفقات او عملية مالية غير واضحة او تقع في المنطقة الرمادية.
3-      على الكنيسة ان تنأى بنفسها عن الخوض في معترك السياسية، بدلا من ذلك ان تشجع أبناء الرعية لكي ينخرطوا بالسياسة دون أن يكون للكنيسة وصاية عليهم. كما عليهم عدم معاداة الاحزاب والحركات السياسية المنبثقة من المكون المسيحي واعتبارهم منافسين لهم وتأليب الجماهير ضدهم، فهذا لن يساهم سوى في اضعاف صفوفنا.
 
 
والكلداني ؟
ريان الكلداني هو الآخر اثبت ذميته بمعاداته فقط للذميين، فهل كان يجرؤ أن يرفع دعوى ضد مرجع شيعي او سني، وبالرغم انه يعتقد انه في مأمن لانه وقع في حضن المسلمين، ولكن التاريخ يذكر لنا الكثير من هذه الامثلة التي يتحالف فيها الذمي مع المسلمين ليتم في النهاية تصفيته او التضحية به عند الحاجة. ولهذا اخذر يا ريان لان شعبك الكلداني هو سندك الحقيقي فلا تفرط به واسحب دعوتك ضد البطريك، فالتعدي على شخص البطريرك ليست رجولة.

3
سام هرمز - تورنتو - كندا

ازمة البطريرك ساكو مع الشيخ الكلداني – صراع الذميين على السلطة

لا يخفى على أحد ان العلاقة بين الكنيسة الكلدانية من جهة والأحزاب "المسيحية" من جهة اخرى كانت دائما تعاني من فتور، وفي وقت الانتخابات كانت تتحول الى علاقة متوترة كون الكنيسة الكلدانية ومنذ سقوط النظام لم تدعم او "تزكي" اي قوة سياسية مسيحية، بل كانت في احيان كثيرة تقدم نفسها على انها الممثل الشرعي للمسيحيين الكلدان حتى على الصعيد السياسي، وفيما حاولت بعض الاحزاب تجنب الصدام المباشر مع الكنيسة الكلدانية، احزاب وشخصيات اخرى لها طموح سياسي دخلت في صراع معها، معظمها كان حتى الان صراع إعلامي عن طريق تسخير منابرها ومواقعها للتهجم على الكنيسة الكلدانية بشكل عام والبطريك لويس ساكو بشكل خاص، حتى ان بعض الكتاب لا يكاد يجف حبر مقالته المهاجمة للبطريرك حتى يأتي بمقالة جديدة، لثأر شخصي او مدفوع من جهة ما.
و لطالما حاولت رئاسة الكنيسة الكلدانية لعب دور سياسي في عراق ما بعد صدام، ولكن ما ان تشتد عليها وتيرة العنف حتى تنسحب وتعلن على الملا تبرأها من اي طموح سياسي، ثم بعد انخفاض وتيرة العنف نراها تندفع مرة ثانية حتى تشتد عليه الأمور فتنسحب وهكذا. وكأن هناك اتفاق غير مكتوب في القوى العراقية الحاكمة وغير الحاكمة تشترك برغبتها في تقليم اظافر الذميين (المسيحيين الساكنين في دولة مسلمة )  كلما علا صوتهم وزاد طموحهم السياسي. وفي اخر محاولة للبطريك لويس ساكو في كسب بعض القوة السياسية هو تأسيس الرابطة الكلدانية، والتي في العلن هي رابطة مستقلة، ولكنها في الحقيقة مسيرة كليا من قبل البطريكية، وتاتمر بامرها حتى في ابسط الامور، وهذه الرابطة خليط من كلدان مخلصين (وهم الاقلية )  يعتقدون انها الفرصة الاخيرة ليكون للكدان كيان سياسي، و كلدان وصوليين وجدوا تنظيم جديد يتسلقون من خلاله على سلم القيادة، و بين فصيل ثالث ينتمون فقط لانهم امروا بذلك من قبل كهنتهم ولا حول لديهم ولا قوة. والرابطة الكلدانية وللاسباب اعلاه هي "التنظيم الكلداني" الوحيد المزكى من الكنيسة الكلدانية، لكنه تنظيم ضعيف جدا مسلوب الارادة و ميت قبل الولادة. كما انه تسبب بكسب الكثير من الاعداء البطريرك لويس ساكو، منهم من طمحوا ليكونوا قادة في التنظيم الجديد ولكنهم لم يحصلوا على مبتغاهم، فكرسوا باقي حياتهم للتهجم على البطريك، والبعض الاخر هم احزاب كلدانية اخرى ناشئة رأت في التنظيم تهديد لهم وللشعبية القليلة في الاساس التي يملكونها.
الانتخابات السابقة اثببت في ما لا يقبل الشك ان الرابطة الكلدانية هي رابطة سياسية ولها طموح ساسي، وقبل الانتخابات بدى وكأن البطريرك لويس ساكو وصل الى ما كان يطمح له وهو ان يكون اقوى قوة سياسية مسيحية، خاصة بعد افول نجم زوعا وتراجع شعبيتها ووهون ارادتها. حيث لم يعد للرابطة الكلدانية( البطريركية ) اي منافس حقيقي الى ان ظهر الشيخ ريان الكلداني، الخصم الجديد للبطريركية. و الكلداني يختلف عن الاحزاب المسيحية الاخرى انه مدعوم من جهات خارجية قوية وله قوة مسلحة معترف بها من الحكومة، كما يبدو ان له اطلاع على أوضاع الكنيسة من الداخل ولا يتوارى من حين الى اخر الى اتهام البطريركية بعملية مشبوهة، والتي تسارع البطريركية الى نفيها. والكلداني نفسه متهم بالكثير من القضايا منها دولية ومنها محلية ولكن بنفوذه لا يستطيع ان يحاسبه. ولو في الاونة الاخرى زاد تراشق الاتهامات بين الكلداني والكنيسة، وهنا انبرى البطريرك لويس ساكو في مؤتمر صحفي ينفي الاتهامات الموجهة له، كما ينفي ان يكون له اي طموح سياسي بجانب كونه مدافع عن حقوق الإنسان والمجتمع. كما انبرى الكثير من رجال الدين بالدفاع عن البطريركية امام هجمة الكلداني. ويبدو ان البطريرك فقد قسم من نفوذه في حكومة السوداني مما شجع الكلداني على تشديد هجمته على البطريرك.
وبالرغم من نفي الكنيسة طموحها السياسي، الا اننا نعلم ان الهجمة الحالية هي ايضا ناتجة عن الصراع على النفوذ السياسي، ولكن وكالعادة بسبب اشتداد الهجمة، قد يضطر البطريرك الى ترك السياسية لفترة ان وجدت ان الهجمة الجديدة اقوى منه. وبالرغم اني ضد تدخل الكنيسة في السياسة ولكني اعي ايضا ان المجتمع العراقي بعد 2003 لم تبقى فيه سوى القيادات الدينية، والكنيسة عليها ان تكون صريحة مع شعبها، ان كان لديها طموح سياسي فيجب عليها مفاتحة شعبها و التعاون مع النخب المثقة في شعبنا لعمل تيار سياسي حقيقي وليس تابع ذليل للبطريكية كما هو الحال مع الرابطة الكلدانية. وبهذا يكون للكنيسة سند من شعبها وتتعاون الكنيسة مع الشعب كما هو الحال في لبنان.
السؤال هل سيتغير شئ على ارض الواقع للكلدان سواء سيطر الكلداني على النفوذ السياسي المسيحي او البطريرك ساكو، والجواب هو كلا، والسبب ان كلا الشخصين تسيطر عليهم العقلية الذمية، أحدهم باع نفسه للقوى الاسلامية، ويسوق نفسه على انه جزء منهم ويحاول التقرب لهم باي ثمن وهو ما يفعله وفعله بعض الذميين عبر التاريخ والذين ارتضوا على أنفسهم بيع إيمانهم مقابل كسب رضى المسلمين عليهم. والاخر ايضا يتصرف ويصرح من منطلق ذمي عن طريق التملق والكلام المعسول وطمر مشاكل المسيحيين والتحدث فقط بالايجابيات والمشتركات. بالرغم ان المسيحيين يعانون من مشاكل تهدد وجودهم في ارض اجدادهم ومن يتصرف كمدافع عنهم عليه طرح هذه المشاكل بشكل واضح، واولها اسلمة الدولة، و محاولات قلع ما تبقى من الثقافة العلمانية فيها. لكننا نراه ساكتا ولا يتكلم سوى في مسائل ثانوية كمسألة اسلمة القاصرين في حال زواج احد الطرفين من طرف مسلم، وهي مشكلة لا تمس سوى شريحة صغيرة جدا من ابناء شعبنا كون اغلبهم لا يمارس الزواج المختلط مع الاديان الاخرى.
فما دام كلا الطرفان ذميان لا خير يؤمل في اي منهما في حل مشاكل المسيحيين ومواجهة القوى الاسلامية، لا بل عمالة الاول  وتملق  الثاني لن يجلب سوى المزيد من الويلات على ابناء شعبنا. وها نحن نشهد كيف ينشر الغسيل الداخلي لشعبنا على القنوات الفضائية بحجة فضح الطرف الاخر ولا خاسر هنا سوى ابناء شعبنا المسيحي الذين سيشوه هذا الصراع تاريخهم المشرف في العراق منذ تاسيسه.
او ان اصرت الكنيسة على خوض السياسية بدون مشاركة العلمانيين فإنها ستفشل كما حدث في كل مرة ومع هذا الفشل تاتي الكثير من الخسائر كعمليات خطف الكهنة و التفجيرات وغيرها من الطرق التي استخدمت ضد الكنيسة للحد من نفوذها السياسي في الماضي. على الكنيسة ان تعي ان الدولة الاسلامية لن تمنح نفوذ للذميين كهدية مجانية، لا بل ولن تسمح ان يكسب الذميون أي نفوذ حقيقي، ولو أراد الذميون كسب هذا النفوذ عليهم ان يكونوا مستعدين لتقديم التضحيات وان يكونوا مستعدين للمواجهة، فكما يقال الحقوق تؤخذ ولا تمنح. فعندما نسمع بعض المجاملات هنا وهناك لا يعني هذا ان الدولة الاسلامية أعطتنا الضوء الأخضر لنكون قوة سياسية، بل بالعكس في الكثير من الاحيان هذه المجاملات تكون لتغطية الواقع المرير الذي نعيشه. و بالنظر الى العشرين سنة الماضية لا يبدو ان هناك اي قوة مسيحية سواء كنيسة او علمانية مستعدة لتقديم اي تضحيات حقيقية مقابل هذه المكاسب المشروعة، لا بل هناك تغليب على المصلحة الشخصية والفردية على مصلحة الكل، وهو السبب الرئيسي الذي لم تستطع حركاتنا السياسية والدينية أن تتوحد، فالجميع يريد ان يكون القائد وغيره اتباع له وحتى الان لم يظهر الشخص الذي يمكن أن يستحق أن يسمى قائد، فالجميع يقود من الخلف لا من الامام، واغلبهم ثبت أنه يهرب من عربة القيادة عندما يجد الجد وتحمى الحديدة كما يقال في العامية.
 

4
كينسة الراعي الصالح بلا راعي صالح
كنيسة الراعي الصالح في تورنتو كندا لمن لا يعرفها هي كنيسة ناشئة لا يتجاوز عمرها الثلاثين او الاربعين عاما بنيت بهمة مطرانها الراحل حنا زورا وهمة رعيته الذين تبرعوا باموالهم لكي تبنى لهم هذه الكنيسة والتي اصبحت مع الوقت كنيسة نشطة ومركزا مسيحيا. ومع رحيل المطران حنا زورا تناوب عليها عدد من الكهنة والمطارين، ولكل منهم كان له طموحه واهدافه التي كانت تتراوح بين الفائدة للرعية والفائدة الشخصية، وربما اكثر مطران طموحا هو المطران الحالي روبيرت سعيد جرجيس والذي استبشرنا خيرا بتوليه رعاية هذه الكنيسة حيث يظهر انه شخص مثقف و متعلم، وانا شخصيا توقعت ان تكون فترة توليه رعاية هذه الكنيسة فترة جيدة للكنيسة والرعية، و حال تولي المطران ادارة الرعية نشر خطته الطموحة لابناء الرعية وهي عمل توسيعات في الكنيسة و بناء اضافي في تكلفة مقدارها خمسة ملايين دولار كندي، وهو مبلغ كبير يعادل بناء خمسة منازل. والسؤال هو اين مجلس الخورنة من ذلك؟ لماذا مجالس الخورنة خاضة لا بل خانعة تماما للكهنة والمطارنة، لملا تملك الكنائس سجل محاسبي شفاف ومكشوف للجميع، لماذا لا يوجد انتخابات حرة لمجلس الخورنة، وحتى لو وجدت فإن المجلس مع الوقت يتحول الى مجلس لا حول له ولا قوة ويصبح المطران او الكاهن الامر والناهي. وهنا نتسائل من له الحق يستخدم اموال الكنيسة في مشاريع لم يتم دراسة جدواها واثارها على الرعية ؟ ماذا لو ادت هذه المشاريع الكبيرة الى افلاس الرعية بسبب اخطاء في ادارة المشروع من الناحية المالية او التنفيذية ؟ بالتاكيد الرعية ستخسر كنيستها اما الكاهن فسيحمل حقيبته ويتجه الى كنيسة اخرى قادرة على تحقيق احلامه ببناء سقوف و عواميد يحسده عليها كل مطارين امريكا وكندا. ثم لماذا التركيز في جمع هذا المبلغ، فمنذ تولي المطران واجبه في هذه الكنيسة لم اسمع اي مبادرة او نشاط اخر سوى النشاطات التي تهدف الى جمع التبرعات للمشروع، واخرها هو اقامة ما يشبه الامسية الاسبوعية لابناء الرعية والتي سيباع فيها الطعام وبالطبع ريعه سيكون للمشروع الطموح الذي لا نملك الكثير من تفاصيله، وهل اصبحت الكنيسة نادي اجتماعي تجتمع فيها العوائل اسبوعيا ؟ وما فرقها على النوادي الاجتماعية الاخرى ؟ ومرة اخرى لماذا هذا السكوت من ابناء الرعية على هذه الممارسة. فما لبثنا ان تعودنا على استغلال الكنيسة في الدعاية لحزب (الرابطة الكلدانية) ها اننا نشهد استغلالها مرة اخرى في ان تتحول الى نادي اجتماعي هدفه الاول جمع الاموال.

صفحات: [1]