1
أخبار شعبنا / زيارة إلى أحدى العائلات المسيحيات العراقيات المهاجرة إلى سوريا ( القامشلي ) وتسليط الضوء على أوضاعهم
« في: 16:34 26/10/2010 »
زيارة إلى أحدى العائلات المسيحيات العراقيات المهاجرة إلى سوريا ( القامشلي ) وتسليط الضوء على أوضاعهم ومعاناتهم وإبداعهم
أولف - بيث زالين : قمنا بزيارة إلى عائلة السيد نشوان حازم سعيد وهي عائلة عراقية من مدينة الموصل ، موجودة اليوم في مدينة القامشلي السورية وتسكن في شقة سكنية مستأجرة في جمعية القديس منصور الخيرية - بناية مار أفرام السرياني ، يبلغ السيد حازم سعيد نشوان السابعة والأربعين من العمر ، متزوج و لهُ 8 أبناء ، 4 شبان قُتِل أحدهم في الموصل و4 فتيات اثنين منهم متزوجات وهم في سهيل نينوى .
كان لنا معه هذا الحوار :
س1 - متى خرجتم من العراق ؟ وما هو سبب خروجكم ؟
- أول خروج لنا كان سنة 2004 وبالتحديد بتاريخ 17/12/2004 وذلك لعدة أسباب أولها مقتل ابني الأصغر ذو التسع سنوات من العمر وقد قُتل في 9-9-2004 واسمه رجوان وبالمعمودية كان اسمه ( بهنام ) ، وأسباب أخرى هي التهديدات والمضايقات العديدة التي تعرضنا لها وتلقي الرسائل الغير مباشرة من العديد من الأشخاص القريبين لنا يعلموننا بضرورة الخروج بأسرع وقت من المنطقة ، وبصورة عامة كانت المضايقات والتهديدات بسبب كوننا مسيحيين وعملنا نظيف و بصورة صحيحة وننافس الأخرين بجودتنا في السوق .
لقد كنتُ تاجراً أجلبُ البضائع ( خشب الشوح ) من طرطوس وأدخلها إلى العراق وبضاعتي كان يشهد لها السوق بأنها ذو نوعية جيدة وتباع بشكل كبير وبشكل رخيص ومعقول أيضاً فبسبب ذلك حدث نوع من المشاحنات بيني وبين بقية التجار الموجودين في المنطقة ، وهو الأمر الذي لم يسبب الارتياح لهم.
ومنذ مقتل ابني رجوان بالتحديد ، لم يعد هناك أي شيء يستحق البقاء هناك أمام أعيني سوى أولادي وعائلتي .
س2 - كيف قُتل ابنك ؟
رجوان ذو التاسعة من العمر ، كان موجوداً معي في مكتب عملي وقتها في الموصل ، وكان يرغب دوماً في الخروج من المكتب ، وسبحان الله كأنه كان يعرف أنه سيموت حينها ، وفي تلك الأوقات كانت هناك العديد من العصابات المتجولة تدور في الشوارع حيث كانت البلاد سائبة أمنياً ، وعندها طلبتُ منه أن يقوم بعد الخشب في الخارج ، وأثناء خروجه جاءوا ليختطفوه ويضعوه في السيارة ، وتمكن من الإفلات منهم بسبب صغر حجمه وركض هارباً منهم ولكنهم ركضوا وراءه ، فقام بمسك ألواح الأخشاب التي كانت لدينا والتي هي مخصصة للبناء ووزنها الطن تقريباً ، ومع إمساكه بالخشب وقع على الخشب الذي كان موجوداً على الأرض لتقع على رأسه أيضاً ألواح الخشب القائمة وتسحق رأسه وبعدها تهزأ تلك العصابة بنا وتهرب ساخرةً من الموقف ، وعندما أزلنا الخشب رأينا بقعة دماء قطرها حوالي الـ 70 سم ، وعلى الفور قمنا بأخذه إلى المشفى ومحاولة إسعافه ولكن الدكتور قال لنا أن لا أمل له وكل شيء قد انتهى .
عندها قلنا أنه ما دام أنهم أرادوا قتل الابن الاصغر فسيحاولون قتل الأبناء الأخرين لذلك رأينا أن نرحل عن الموصل .
س3- كيف كان يتم تهديدكم أو إرسال الرسائل لخروجكم من المنطقة ؟
كانوا يأتونا أمام محلنا ، وكان يتقصون أخبارنا وأحوالنا كثيراً من أشخاص عدة ، وكانت تلك الأشخاص من المقربين لنا تُعلمنا بذلك وتحذرنا وتطلب منا الحيطة ، فقد كانوا يسألون على أولادي وبناتي في المدارس وفي أحد المرات أرادوا أن يختطفوا ابنتي المتزوجة رشا ، ولكنني استطعت أن أقبض على أحدهم ووضعته
في سيارتي وأخذته للمخفر فأجابني ضابط المخفر بتعجب واحتقار : " كيف تفعل ذلك وأنت مجرد مسيحي لتجلب هذا الشخص من الشارع إلي وتتهمه ؟ " فأجابته : " وما هو مفهومك عن المسيحيين ؟ نحن لا نملك لا حول وقوة ولا عزم ولا شيء ، وهناك من يريد أن يخطف ابنتي فماذا تريد مني أن أفعل ؟ " أجابني : " اسمع كلامي جيداً وانتبه على نفسك وعائلتك " وأخلى سبيل ذلك الشخص .
وبتاريخ 10-12 بعثوا لي شخص يراقبني في محلي لمدة ستة أيام لينصبوا لي فخ ويختطفوني ولكن الرب حفظني ولم أصب بشيء ، وفي تاريخ 17-12 جئت إلى سوريا وتركتْ التجارة وكل شيء ، وكل يوم عن يوم تتراكم علي الديون ، وأصبح مطلوب مني تكاليف الإيجارات وتجهيز الشقة والقوت اليومي .
س4- ماذا فعلتْ وتفعل الأحزاب السياسية الخاصة بشعبنا في المنطقة بخصوص موضوعك على سبيل المثال ، كالحركة الديمقراطية الآشورية " زوعا " ؟ بما تملكه من درع عسكري هل استطاعت أن تحمي الوجود المسيحي في الموصل ؟
الحركة الديمقراطية الآشورية لا تملك في الموصل أي شيء ، لأن الموقف السياسي داخل الموصل صعب جداً ، نعم هم يملكون دوراً كبير في سهل نينوى ولهم نشاط كبير ، ولكن أقول أنه وللأسف أن الإرهاب غلّب الحكومة ، والإرهاب أقوى من الحكومة نفسها ، ولا نستيطع القول أن الحكومة تعمل واجبها فلو قامت بواجبها جيداً لما وجد الإرهاب أصلاً .
والمؤتمرات التي تحدث لدى أبناء شعبنا ، ومع احترامي لها جميعاً المفروض منها أن تحمي شعبنا وتقوي علاقته مع جميع الأحزاب الآخرى ، لا أن تكون مجرد حبر على ورق .
وبالنسبة لنا نحن من الناس الذين نعتبر أنفسنا منعزلين عن السياسة على الرغم من وجود نشاطات سياسية كثيرة ، ولكن لا نحضرها أو نشارك بها.
س5 - والقائمين على أمور الكنيسة وإدارتها ماذا فعلت ؟
يا أخي إذا كان عدد الحضور في القداس لا يتجاوز العشر أشخاص فكيف تريد أن يكون موقع الكنيسة قوياً وهي مبنية على بضعة الأشخاص من المتواصلين معها ؟
والبركة بالكاهن الذي كان يقيم لنا القداس وأشكره كثيراً لأنه كان يقيم لنا القداس في ظروف صعبة وبوجود عدد قليل من المؤمنين . 0 لله يكون بعونهم )
س- هناك جو من الأمن والسلام متوفر أكثر في أقليم كردستان ( شمال العراق ) لماذا لم تهاجروا إلى هناك وجئتم إلى سوريا ؟
سوف نتحدث بصراحة ، كانت هناك تهديدات من داخل الموصل تقول " إذا رحل شخص إلى الشمال لن ندعه يعود إلى الموصل " وكثير من الأشخاص خُربت بيوتهم بعد أن رحلوا إلى الشمال ، فإذا قاموا بالرحيل إلى هناك كانت العصابات الإرهابية تدمر وتفجر بيوتهم وتسرقها وتحرقها بما فيها ولي أقرباء حدث معهم كذلك .
- أقصد لماذا لا تبيعون كل شيء ، بيوتكم وأراضيكم ومحلاتكم .... وترحلوا عن الموصل إلى شمال العراق ؟
كيف نستيطع أن نبيع كل شيء ونحن نسمع بأذاننا من الجوامع يصيحون : " لا تشتروا أملاك النصارى ، سوف تحرقونها ببلاش " ، فعلى سبيل المثال أنا أملك محلاً وأريد أن أبيعه ولكنهم يقولون أن الشرع لا يدعني لأنني نصراني وليس من حقي أن أبيع المحل .
كان لدي اثنان من الرفقة المسيحيين تركوا محلاتهم وبضائعهم وتركوا كل شيء ورحلوا مثلي وأنا اليوم مطلوب مني ما يقارب المليون دينار عراقي وأريد أن أبيع ولكن لا استطيع كما قلتُ لك .
و ها أنا اليوم انتظر الكنيسة كي تعطيني المعونة ، وانتظر الأمم المتحدة كي تساعدني .... وكنتُ تاجراً في بلدي .
فماذا تريدنا أن نعمل بعد ذلك ؟
سألتُ بعض الأقرباء في عنكاوا عن الوضع هناك ولكنهم لا يعطوني الجواب الشافي ويقولون " لا نعلم ؟ " وبحسب ظني رأيتُ أن العيش في عينكاوا هو أمر لا أتحمل تكاليفه ، ولكن السؤال الذي يطرح نفسه والذي يدعوا إلى التفكير والتعجب ، هو أنه لماذا يضعون جميع المسيحيين في عنكاوا ؟ ولماذا وأنا كعراقي ، حامل للجنسية والهوية العراقية ، لا أستطيع أن أسكن وأملك في أربيل أو في دهوك أو ضيع ومناطق أخرى ؟ ولماذا بالتحديد يحصرون المسيحيين في عنكاوا ؟ فهذا الأمر غير مبعث على الإطمئنان.
لربما ليس هناك من سلبية للعيش في عنكاوا ولكنني لم أقتنع بالموقع وبتلك الفكرة ؟ وأنا بالأساس كان أحد أسباب خروجي من بلدي هو التجار الاكراد أيضاً فكيف لي أن أعود لأسكن بينهم وأعمل معهم .
س6 - إذاً لماذا قدمتم إلى سوريا ؟
قبل كل شيء أشكر هذا البلد الحبيب سوريا عامةً وأشكر دولتها وحكومتها ورئيسها الدكتور بشار الأسد خاصةً وهذا الأمر ليس مجاملة أبداً ، فالسيد الرئيس بشار كان أول من احتضننا ، وفي سنة 2004 دعى جميع الأقليات العراقية وفتح أبواب سوريا للعراقين وعلى موقفه ذلك جاءنا إلى سوريا .
وقد سبق وأن جئتُ إلى سوريا عدة مرات على مدى ثلاث أو أربع سنوات بشكل مستمر وذلك ضمن تجارتي وأحببتُ أن أنتقل للعيش مؤقتاً في سوريا عندما رأيتُ أن سوريا هي بلد أمان وهناك دولة تحكمها بعدل وتضبطها وهناك قانون موجود ، ورأيتُ الرحمة الموجودة لدى هذا الشعب ، فعلى سبيل المثال ما تراه في بيتي هذا من حاجات وأغراض كبيرة أو صغيرة هي كلها عطاء من الجيران ( الطاولات ، الكراسي ، التلفزيون وحاجات أخرى ... ) الله يعوض عليهم بدل إحسانهم تجاهنا ، وهناك لنا رفقة أيضاً في الأسواق يلبون جميع ما نحتاجه أيضاً . البركة بهذه الروح المعطاءة وبهذا البلد الآمن .
والله يديم المحبة والأمان والأخوة التي ينعم بها جميع السوريين ، والأوضاع الأمنية في سوريا مقارنةً بالعراق لا تقاس أبداً ولا تقارن ، ونحن بشكل عام كنا نعيش بأمان في الثمنانيات الماضية في العراق ، عندما كان صدام حسين مترأساً الحكم كنا بخير والأوضاع المعيشية والأمنية كانت أفضل حالاً من الأوضاع حالياً ولاتقاس بها أيضاً ، مع العلم أنني لستُ ببعثي أو مسؤول في الدولة السابقة أو أي شيء أخر ولكنني من أحد العراقيين الذين تضرروا كثيراً من الحكومة الجديدة ، فالحكومة الجديدة لم تقم بواجبها تجاه الشعب ، والعراقيين الذين تراهم هنا بالآلاف والملايين هم موجودين هنا بسبب ضعف الحكومة .
ولو قامتْ بواجبها جيداً لم وصل بنا الأمر إلى التهجير والاضطهاد الذي نعيشه .
أنا شخصياً رأيتُ في العراق أشخاص تُقطع روؤسهم عن أجسامهم ورأيتُ وحشية تقشعر لها الأبدان ... فعن أي حكومة نتكلم نحن ؟
فلو اعتدى عليك شخص ما وذهبتْ لتشتكي سيقولون لك في المفخر أنك ( فرجة ) مجرد نصراني فلا ترفع صوتك أو تطالب بشيء .
س7- هل المسيحيين فقط في العراق مضطهدون أم يوجد غيرهم أيضاً ؟
نعم يوجد اضطهاد على اليزيديين أيضاً وعلى الشبك والصائبة والبلداويين ... وعلى الأقليات بصورة عامة وبالتحديد داخل الموصل ، فهناك خلافات سياسية لدى الجهات الموجودة ونحن كشعب أقلية من الذين لا علاقة لنا بالسياسة ندفع ثمن ذلك الخلاف كبيراً .
س8- كيف تكسب قوتك في سوريا ؟
لقد تقدمت لشركة الرافدين ( شركة للسياحة والسفر ) ولكنني لم ألقى الوظيفة الشاغرة وكذلك الأمر كان في شركة إيزلا ( شركة للسياحة والسفر )، حيث أرجوا أن أرى عملاً إدارياً يناسب عمري سأعمل حينها .
ابني الكبير أخرجته من المدرسة حيث كان بصف البكلوريا ، أخرجته ليعمل ولنستطيع أن ندفع آجار البيت ، والبركة بالأمم المتحدة وبالكنائس التي تدعمنا وتساعدنا .
وبشكل عام عندما ( أغرق ) أتضايق مادياً هنا في سوريا ، أقوم بالعودة إلى العراق إلى محلي وبضاعتي هناك وأشتغل لفترة جيدة حتى ما أشعر أن هناك سوء ما قد يحدث لي أو لعائلتي فأقوم بالهرب من جديد إلى سوريا . والأمر أشبه بعملية المد والجزر .... " أعود إلى العراق عندما أتضايق مادياً كثيراً وأعود إلى سوريا عندما أشعر بسوء ما قد يحدث لي ولعائلتي " .
س9- لماذا اخترتم القامشلي بالتحديد من المناطق السورية ؟
دائماً نقول أن الموصل هي بلد الفقير والقامشلي أيضاً هي كذلك ، ونحن نسعى لأن نعيش حياة الكفاف ( قد المعيشة ) وبصراحةً أكثر أنا أحببت أن أسكن في القامشلي طمعاً بالعيش مع هذا العدد من الكنائس التي رأيتها هنا ، فعلى سبيل المثال كل يوم أحد أدوم على حضور القداس الإلهي في الكنائس المختلفة ككنيسة مريم العذراء ( للسريان الأرثوذكس ) وأفرح كثيراً عندما أرى ذلك الجمع الغفير من المؤمنين يحضرون القداس وعندما يطلب الكاهن حلول الروح القدس على القربان أبدأ بالبكاء وأطلب معه أن أرى كنائسنا في الموصل أيضاً عامرة بالمؤمنين لا أن تكون عشرة أشخاص فقط . وأطلب من الله أن يديم هذه البركة وهذا الإيمان لدى هذا الشعب وهذه الكنائس .
وإن حدث وسافرت خارجاً ، إن شاءت نعمة الله ، سوف أختار مكان ليكون فيه نفس التجمع ونفس الروح الإيمانية.
وقد سبق واتصلت بنا لجنة خاصة من الأمم المتحدة للسفر إلى الولايات المتحدة سنة 2004 وذلك عندما علموا أنه لدينا ابن مقتول فرشحونا للتوطين مع العلم أننا أردنا السفر إلى السويد أو كندا حيث هم أهلنا وأقرباءنا موجودين هناك ولكنهم لم يعطونا مجال سوى إلى أمريكا ، ففي 6-9 كان لي مقابلة مع الوفد وإن شاء الله قريباً نرحل وأعلمونا أنه لا نستطيع العودة الآن إلى العراق وإذا عدنا لن نستطيع السفر إلى الخارج ، ونحن مجبورين في هذه
الأحوال بهذا الخيار ولم نعد نفكراً أبداً بالعودة إلى الموصل .
فعندما يقوم والدك بضربك وطردك من البيت أمام الأخرين ، لن يكون لك وجه ( نية ) لتعود مرة أخرى .
س9- من هو وراء الإرهاب الموجود في الموصل كما تعتقد ؟
لا نستطيع التحديد ، وكما يقال لو عرف المقتول من هو قاتله لما قُتِل أحد ... ولحد الآن وقد صار لنا السبع سنوات ، لم نسمع أو نرى بأعيينا أن الحكومة قد قبضت على أحد وحاكمته بسبب الإرهاب .... فعندما يقوم القاتل بالقتل يجب أن يترك أثر جريمة ... ولكن عندنا في العراق لا يبحثون عن الأدلة ولا يتم محاسبة القاتل وهو الواقع الحالي الذي نراه في بلدنا .
س10 - إذاً هناك تواطؤ من الحكومة العراقية ؟
لو لم يكن هناك تواطؤ لما وصل حال البلد إلى هذا المستوى المتردي .
فعندما قتلوا أول ثلاثة عشر مسيحيين في البلد .... أين كانت الحكومة ؟ وعندما قاموا بتفجير بيوت في حارتنا..... أين كانت الحكومة ؟ وعندما قتلوا أشخاص مسيحيين جالسين في محلاتهم يعملون ليترزقوا ..... أين كانت الحكومة ؟ وعندما جلبوا الجيش ليحيموا الأقليات والمسيحيين لماذا جردونا من السلاح ؟
فأنا على سبيل المثال كنت أملك سلاح لأحمي به عائلتي من أي أذى ولم أكن لأقتل أحد ولكن من باب الحيطة احتفظتُ به ، ولكن عندما أتتْ الحكومة جردتنا من السلاح وبالتحديد من قبل البشمركة حيث دخلوا وأخذوا السلاح وذهبوا ، أسألهم لماذا أخذتم السلاح فلا يجاوبونني وإذا ما حاولت الحديث و الإطالة أكثر كانوا ليقتلونني ويرحلوا في سبيلهم.
إذا ما لجئت إلى الأمريكيين سيقولون عنك أنك عميل لهم ، وإذا ما لجئت إلى الدولة سيأخذونك العشائر ويقتلونك ، وإذا لجئت إلى العشائر سوف يبصقون في وجهك ويطردونك ويقولون أنك مجرد نصراني ولا تملك شيئاً في هذا البلد.
وإذا ما لجئت إلى جيرانك ( المسلمين ) سيقولون لك باستغراب : " لماذا أنت موجود في هذا البلد بعد ، فجماعتك شبعوا موتاً في القبور وأنت لا زلت هنا " ....( عيفها على الله يا زلمة ... ) دعنا من الحديث عن هذا الموضوع فهناك أمور كثيرة لا أود الحديث بشأنها .
باختصار اليوم أصبحتْ لغة العراق لغة الدم ولا أحد يعيش اليوم في العراق إلا ويجب أن يكون سفّاحاً ، أنا ابن عمتي بشار قتلوه فقط لأنه لم ينكر كونه مسيحي وبإبرازه الهوية أمامهم قاموا بقتله في الشارع ومشوا في سبيلهم وكأن شيئاً لم يحدث.
وأخيراً أقول أشكر الله أنه حماني وأخرجني من بلدي وأنا اليوم بألف صحة وعافية مع عائلتي المتبقية ، ولكن أقول أنه لا زال هناك أناس كثيرون مسيحيون في بلدنا الموصل ممن هم بظروف أسوء من ظروفي جداً ولا قوت لديها وهم معاقين ومسجونين في بيوتهم ، وهناك من هم أيضاً كبار في السن ولا من يعتني بهم هؤلاء أصلي وأتمنى من الرب أن يساعدهم أيضاً وينظر بحالهم وأحوالهم .
وشكراً لكم على إتاحة هذه الفرصة للحديث.
=============================================
وكان لنا أن قمنا بإجراء مقابلة أيضاً مع ابن السيد نشوان وهو الشاب المبدع فادي نشوان ذو الستة عشرة سنة من العمر وهو حالياً طالب صف التاسع يملك موهبة جميلة في رسم اللوحات الزيتية ، شارك بأحد المعارض المقامة في بغديدا في العراق ، وكان لنا معه هذا اللقاء نستلخص منه ما يلي :
سنة 2004 وبالتحديد بعد قدومهم إلى سوريا ( القامشلي ) بدأ يمارس الرسم وذلك من خلال الرسومات البسيطة ولم تكن احترافية بالشكل الذي يرسمه اليوم ، لاقى التشجيع كثيراً من أبويه وأقرباءه ، وبعد أن التحق بمدرسة الشهيد حسين جاسم العدواني ( عكاظ ) لإكمال دراسته في الصف السابع وبحكم مادة الفنون الموجودة في المنهاج تعرف عليه الأستاذ محي الدين الصوفي وأعجب بموهبته ومحبته الكبيرة للرسم فعرض عليه أن يعطيه دورات
( مجانية ) في بيته الخاص ليعلمه الرسم بشكلٍ أكاديمي ، فعلمه أسس وقوانين الرسم وبدأ معه من مرحلة الرسم بالقلم الرصاص وتدريجياً حتى الرسم بالألوان المائية والزيتية . وللأستاذ محي الدين الصوفي يعود الفضل الكبير في تعلم فادي الرسم بهذا الدرجة المتقدمة التي يمتلكها اليوم .
يملك اليوم فادي العديد من الكراسات الخاصة التي تحوي رسوماً منوعة وجميلة رسمها بنفسه ، وخمسة لوحات زيتية كبيرة الحجم تزين جدران بيتهم المستأجر اليوم في مدينة القامشلي ويحب فادي رسم الصور الدينية وبشكل خاص أيضاً يحب رسم الفتيات ، وعن سؤالنا عن سبب محبته لرسم الفتيات قال :
" لأنني أرهم شيئاً جميلاً ، ومهما رسمتهم فستبقى اللوحة جميلة وساحرة "
يدعوا في النهاية الشاب فادي جميع الاهالي لأن يشجعوا أولادهم وكل من له موهبة للرسم لينمّوا هذه القدرة شرط أن تكون وفق دراسة أكاديمية حتى تعطي صورة واضة ودقيقة ومدروسة وفق القوانين.
نتركم مع مجموعة من اللوحات للشاب فادي نشوان التي تعبر أكثر من الكلمات عن مدى موهبته في فن الرسم :
[/ALIGN]
إعداد : كابي عيسى
تصور : فادي كوركيس
أولف - بيث زالين : قمنا بزيارة إلى عائلة السيد نشوان حازم سعيد وهي عائلة عراقية من مدينة الموصل ، موجودة اليوم في مدينة القامشلي السورية وتسكن في شقة سكنية مستأجرة في جمعية القديس منصور الخيرية - بناية مار أفرام السرياني ، يبلغ السيد حازم سعيد نشوان السابعة والأربعين من العمر ، متزوج و لهُ 8 أبناء ، 4 شبان قُتِل أحدهم في الموصل و4 فتيات اثنين منهم متزوجات وهم في سهيل نينوى .
كان لنا معه هذا الحوار :
س1 - متى خرجتم من العراق ؟ وما هو سبب خروجكم ؟
- أول خروج لنا كان سنة 2004 وبالتحديد بتاريخ 17/12/2004 وذلك لعدة أسباب أولها مقتل ابني الأصغر ذو التسع سنوات من العمر وقد قُتل في 9-9-2004 واسمه رجوان وبالمعمودية كان اسمه ( بهنام ) ، وأسباب أخرى هي التهديدات والمضايقات العديدة التي تعرضنا لها وتلقي الرسائل الغير مباشرة من العديد من الأشخاص القريبين لنا يعلموننا بضرورة الخروج بأسرع وقت من المنطقة ، وبصورة عامة كانت المضايقات والتهديدات بسبب كوننا مسيحيين وعملنا نظيف و بصورة صحيحة وننافس الأخرين بجودتنا في السوق .
لقد كنتُ تاجراً أجلبُ البضائع ( خشب الشوح ) من طرطوس وأدخلها إلى العراق وبضاعتي كان يشهد لها السوق بأنها ذو نوعية جيدة وتباع بشكل كبير وبشكل رخيص ومعقول أيضاً فبسبب ذلك حدث نوع من المشاحنات بيني وبين بقية التجار الموجودين في المنطقة ، وهو الأمر الذي لم يسبب الارتياح لهم.
ومنذ مقتل ابني رجوان بالتحديد ، لم يعد هناك أي شيء يستحق البقاء هناك أمام أعيني سوى أولادي وعائلتي .
س2 - كيف قُتل ابنك ؟
رجوان ذو التاسعة من العمر ، كان موجوداً معي في مكتب عملي وقتها في الموصل ، وكان يرغب دوماً في الخروج من المكتب ، وسبحان الله كأنه كان يعرف أنه سيموت حينها ، وفي تلك الأوقات كانت هناك العديد من العصابات المتجولة تدور في الشوارع حيث كانت البلاد سائبة أمنياً ، وعندها طلبتُ منه أن يقوم بعد الخشب في الخارج ، وأثناء خروجه جاءوا ليختطفوه ويضعوه في السيارة ، وتمكن من الإفلات منهم بسبب صغر حجمه وركض هارباً منهم ولكنهم ركضوا وراءه ، فقام بمسك ألواح الأخشاب التي كانت لدينا والتي هي مخصصة للبناء ووزنها الطن تقريباً ، ومع إمساكه بالخشب وقع على الخشب الذي كان موجوداً على الأرض لتقع على رأسه أيضاً ألواح الخشب القائمة وتسحق رأسه وبعدها تهزأ تلك العصابة بنا وتهرب ساخرةً من الموقف ، وعندما أزلنا الخشب رأينا بقعة دماء قطرها حوالي الـ 70 سم ، وعلى الفور قمنا بأخذه إلى المشفى ومحاولة إسعافه ولكن الدكتور قال لنا أن لا أمل له وكل شيء قد انتهى .
عندها قلنا أنه ما دام أنهم أرادوا قتل الابن الاصغر فسيحاولون قتل الأبناء الأخرين لذلك رأينا أن نرحل عن الموصل .
س3- كيف كان يتم تهديدكم أو إرسال الرسائل لخروجكم من المنطقة ؟
كانوا يأتونا أمام محلنا ، وكان يتقصون أخبارنا وأحوالنا كثيراً من أشخاص عدة ، وكانت تلك الأشخاص من المقربين لنا تُعلمنا بذلك وتحذرنا وتطلب منا الحيطة ، فقد كانوا يسألون على أولادي وبناتي في المدارس وفي أحد المرات أرادوا أن يختطفوا ابنتي المتزوجة رشا ، ولكنني استطعت أن أقبض على أحدهم ووضعته
في سيارتي وأخذته للمخفر فأجابني ضابط المخفر بتعجب واحتقار : " كيف تفعل ذلك وأنت مجرد مسيحي لتجلب هذا الشخص من الشارع إلي وتتهمه ؟ " فأجابته : " وما هو مفهومك عن المسيحيين ؟ نحن لا نملك لا حول وقوة ولا عزم ولا شيء ، وهناك من يريد أن يخطف ابنتي فماذا تريد مني أن أفعل ؟ " أجابني : " اسمع كلامي جيداً وانتبه على نفسك وعائلتك " وأخلى سبيل ذلك الشخص .
وبتاريخ 10-12 بعثوا لي شخص يراقبني في محلي لمدة ستة أيام لينصبوا لي فخ ويختطفوني ولكن الرب حفظني ولم أصب بشيء ، وفي تاريخ 17-12 جئت إلى سوريا وتركتْ التجارة وكل شيء ، وكل يوم عن يوم تتراكم علي الديون ، وأصبح مطلوب مني تكاليف الإيجارات وتجهيز الشقة والقوت اليومي .
س4- ماذا فعلتْ وتفعل الأحزاب السياسية الخاصة بشعبنا في المنطقة بخصوص موضوعك على سبيل المثال ، كالحركة الديمقراطية الآشورية " زوعا " ؟ بما تملكه من درع عسكري هل استطاعت أن تحمي الوجود المسيحي في الموصل ؟
الحركة الديمقراطية الآشورية لا تملك في الموصل أي شيء ، لأن الموقف السياسي داخل الموصل صعب جداً ، نعم هم يملكون دوراً كبير في سهل نينوى ولهم نشاط كبير ، ولكن أقول أنه وللأسف أن الإرهاب غلّب الحكومة ، والإرهاب أقوى من الحكومة نفسها ، ولا نستيطع القول أن الحكومة تعمل واجبها فلو قامت بواجبها جيداً لما وجد الإرهاب أصلاً .
والمؤتمرات التي تحدث لدى أبناء شعبنا ، ومع احترامي لها جميعاً المفروض منها أن تحمي شعبنا وتقوي علاقته مع جميع الأحزاب الآخرى ، لا أن تكون مجرد حبر على ورق .
وبالنسبة لنا نحن من الناس الذين نعتبر أنفسنا منعزلين عن السياسة على الرغم من وجود نشاطات سياسية كثيرة ، ولكن لا نحضرها أو نشارك بها.
س5 - والقائمين على أمور الكنيسة وإدارتها ماذا فعلت ؟
يا أخي إذا كان عدد الحضور في القداس لا يتجاوز العشر أشخاص فكيف تريد أن يكون موقع الكنيسة قوياً وهي مبنية على بضعة الأشخاص من المتواصلين معها ؟
والبركة بالكاهن الذي كان يقيم لنا القداس وأشكره كثيراً لأنه كان يقيم لنا القداس في ظروف صعبة وبوجود عدد قليل من المؤمنين . 0 لله يكون بعونهم )
س- هناك جو من الأمن والسلام متوفر أكثر في أقليم كردستان ( شمال العراق ) لماذا لم تهاجروا إلى هناك وجئتم إلى سوريا ؟
سوف نتحدث بصراحة ، كانت هناك تهديدات من داخل الموصل تقول " إذا رحل شخص إلى الشمال لن ندعه يعود إلى الموصل " وكثير من الأشخاص خُربت بيوتهم بعد أن رحلوا إلى الشمال ، فإذا قاموا بالرحيل إلى هناك كانت العصابات الإرهابية تدمر وتفجر بيوتهم وتسرقها وتحرقها بما فيها ولي أقرباء حدث معهم كذلك .
- أقصد لماذا لا تبيعون كل شيء ، بيوتكم وأراضيكم ومحلاتكم .... وترحلوا عن الموصل إلى شمال العراق ؟
كيف نستيطع أن نبيع كل شيء ونحن نسمع بأذاننا من الجوامع يصيحون : " لا تشتروا أملاك النصارى ، سوف تحرقونها ببلاش " ، فعلى سبيل المثال أنا أملك محلاً وأريد أن أبيعه ولكنهم يقولون أن الشرع لا يدعني لأنني نصراني وليس من حقي أن أبيع المحل .
كان لدي اثنان من الرفقة المسيحيين تركوا محلاتهم وبضائعهم وتركوا كل شيء ورحلوا مثلي وأنا اليوم مطلوب مني ما يقارب المليون دينار عراقي وأريد أن أبيع ولكن لا استطيع كما قلتُ لك .
و ها أنا اليوم انتظر الكنيسة كي تعطيني المعونة ، وانتظر الأمم المتحدة كي تساعدني .... وكنتُ تاجراً في بلدي .
فماذا تريدنا أن نعمل بعد ذلك ؟
سألتُ بعض الأقرباء في عنكاوا عن الوضع هناك ولكنهم لا يعطوني الجواب الشافي ويقولون " لا نعلم ؟ " وبحسب ظني رأيتُ أن العيش في عينكاوا هو أمر لا أتحمل تكاليفه ، ولكن السؤال الذي يطرح نفسه والذي يدعوا إلى التفكير والتعجب ، هو أنه لماذا يضعون جميع المسيحيين في عنكاوا ؟ ولماذا وأنا كعراقي ، حامل للجنسية والهوية العراقية ، لا أستطيع أن أسكن وأملك في أربيل أو في دهوك أو ضيع ومناطق أخرى ؟ ولماذا بالتحديد يحصرون المسيحيين في عنكاوا ؟ فهذا الأمر غير مبعث على الإطمئنان.
لربما ليس هناك من سلبية للعيش في عنكاوا ولكنني لم أقتنع بالموقع وبتلك الفكرة ؟ وأنا بالأساس كان أحد أسباب خروجي من بلدي هو التجار الاكراد أيضاً فكيف لي أن أعود لأسكن بينهم وأعمل معهم .
س6 - إذاً لماذا قدمتم إلى سوريا ؟
قبل كل شيء أشكر هذا البلد الحبيب سوريا عامةً وأشكر دولتها وحكومتها ورئيسها الدكتور بشار الأسد خاصةً وهذا الأمر ليس مجاملة أبداً ، فالسيد الرئيس بشار كان أول من احتضننا ، وفي سنة 2004 دعى جميع الأقليات العراقية وفتح أبواب سوريا للعراقين وعلى موقفه ذلك جاءنا إلى سوريا .
وقد سبق وأن جئتُ إلى سوريا عدة مرات على مدى ثلاث أو أربع سنوات بشكل مستمر وذلك ضمن تجارتي وأحببتُ أن أنتقل للعيش مؤقتاً في سوريا عندما رأيتُ أن سوريا هي بلد أمان وهناك دولة تحكمها بعدل وتضبطها وهناك قانون موجود ، ورأيتُ الرحمة الموجودة لدى هذا الشعب ، فعلى سبيل المثال ما تراه في بيتي هذا من حاجات وأغراض كبيرة أو صغيرة هي كلها عطاء من الجيران ( الطاولات ، الكراسي ، التلفزيون وحاجات أخرى ... ) الله يعوض عليهم بدل إحسانهم تجاهنا ، وهناك لنا رفقة أيضاً في الأسواق يلبون جميع ما نحتاجه أيضاً . البركة بهذه الروح المعطاءة وبهذا البلد الآمن .
والله يديم المحبة والأمان والأخوة التي ينعم بها جميع السوريين ، والأوضاع الأمنية في سوريا مقارنةً بالعراق لا تقاس أبداً ولا تقارن ، ونحن بشكل عام كنا نعيش بأمان في الثمنانيات الماضية في العراق ، عندما كان صدام حسين مترأساً الحكم كنا بخير والأوضاع المعيشية والأمنية كانت أفضل حالاً من الأوضاع حالياً ولاتقاس بها أيضاً ، مع العلم أنني لستُ ببعثي أو مسؤول في الدولة السابقة أو أي شيء أخر ولكنني من أحد العراقيين الذين تضرروا كثيراً من الحكومة الجديدة ، فالحكومة الجديدة لم تقم بواجبها تجاه الشعب ، والعراقيين الذين تراهم هنا بالآلاف والملايين هم موجودين هنا بسبب ضعف الحكومة .
ولو قامتْ بواجبها جيداً لم وصل بنا الأمر إلى التهجير والاضطهاد الذي نعيشه .
أنا شخصياً رأيتُ في العراق أشخاص تُقطع روؤسهم عن أجسامهم ورأيتُ وحشية تقشعر لها الأبدان ... فعن أي حكومة نتكلم نحن ؟
فلو اعتدى عليك شخص ما وذهبتْ لتشتكي سيقولون لك في المفخر أنك ( فرجة ) مجرد نصراني فلا ترفع صوتك أو تطالب بشيء .
س7- هل المسيحيين فقط في العراق مضطهدون أم يوجد غيرهم أيضاً ؟
نعم يوجد اضطهاد على اليزيديين أيضاً وعلى الشبك والصائبة والبلداويين ... وعلى الأقليات بصورة عامة وبالتحديد داخل الموصل ، فهناك خلافات سياسية لدى الجهات الموجودة ونحن كشعب أقلية من الذين لا علاقة لنا بالسياسة ندفع ثمن ذلك الخلاف كبيراً .
س8- كيف تكسب قوتك في سوريا ؟
لقد تقدمت لشركة الرافدين ( شركة للسياحة والسفر ) ولكنني لم ألقى الوظيفة الشاغرة وكذلك الأمر كان في شركة إيزلا ( شركة للسياحة والسفر )، حيث أرجوا أن أرى عملاً إدارياً يناسب عمري سأعمل حينها .
ابني الكبير أخرجته من المدرسة حيث كان بصف البكلوريا ، أخرجته ليعمل ولنستطيع أن ندفع آجار البيت ، والبركة بالأمم المتحدة وبالكنائس التي تدعمنا وتساعدنا .
وبشكل عام عندما ( أغرق ) أتضايق مادياً هنا في سوريا ، أقوم بالعودة إلى العراق إلى محلي وبضاعتي هناك وأشتغل لفترة جيدة حتى ما أشعر أن هناك سوء ما قد يحدث لي أو لعائلتي فأقوم بالهرب من جديد إلى سوريا . والأمر أشبه بعملية المد والجزر .... " أعود إلى العراق عندما أتضايق مادياً كثيراً وأعود إلى سوريا عندما أشعر بسوء ما قد يحدث لي ولعائلتي " .
س9- لماذا اخترتم القامشلي بالتحديد من المناطق السورية ؟
دائماً نقول أن الموصل هي بلد الفقير والقامشلي أيضاً هي كذلك ، ونحن نسعى لأن نعيش حياة الكفاف ( قد المعيشة ) وبصراحةً أكثر أنا أحببت أن أسكن في القامشلي طمعاً بالعيش مع هذا العدد من الكنائس التي رأيتها هنا ، فعلى سبيل المثال كل يوم أحد أدوم على حضور القداس الإلهي في الكنائس المختلفة ككنيسة مريم العذراء ( للسريان الأرثوذكس ) وأفرح كثيراً عندما أرى ذلك الجمع الغفير من المؤمنين يحضرون القداس وعندما يطلب الكاهن حلول الروح القدس على القربان أبدأ بالبكاء وأطلب معه أن أرى كنائسنا في الموصل أيضاً عامرة بالمؤمنين لا أن تكون عشرة أشخاص فقط . وأطلب من الله أن يديم هذه البركة وهذا الإيمان لدى هذا الشعب وهذه الكنائس .
وإن حدث وسافرت خارجاً ، إن شاءت نعمة الله ، سوف أختار مكان ليكون فيه نفس التجمع ونفس الروح الإيمانية.
وقد سبق واتصلت بنا لجنة خاصة من الأمم المتحدة للسفر إلى الولايات المتحدة سنة 2004 وذلك عندما علموا أنه لدينا ابن مقتول فرشحونا للتوطين مع العلم أننا أردنا السفر إلى السويد أو كندا حيث هم أهلنا وأقرباءنا موجودين هناك ولكنهم لم يعطونا مجال سوى إلى أمريكا ، ففي 6-9 كان لي مقابلة مع الوفد وإن شاء الله قريباً نرحل وأعلمونا أنه لا نستطيع العودة الآن إلى العراق وإذا عدنا لن نستطيع السفر إلى الخارج ، ونحن مجبورين في هذه
الأحوال بهذا الخيار ولم نعد نفكراً أبداً بالعودة إلى الموصل .
فعندما يقوم والدك بضربك وطردك من البيت أمام الأخرين ، لن يكون لك وجه ( نية ) لتعود مرة أخرى .
س9- من هو وراء الإرهاب الموجود في الموصل كما تعتقد ؟
لا نستطيع التحديد ، وكما يقال لو عرف المقتول من هو قاتله لما قُتِل أحد ... ولحد الآن وقد صار لنا السبع سنوات ، لم نسمع أو نرى بأعيينا أن الحكومة قد قبضت على أحد وحاكمته بسبب الإرهاب .... فعندما يقوم القاتل بالقتل يجب أن يترك أثر جريمة ... ولكن عندنا في العراق لا يبحثون عن الأدلة ولا يتم محاسبة القاتل وهو الواقع الحالي الذي نراه في بلدنا .
س10 - إذاً هناك تواطؤ من الحكومة العراقية ؟
لو لم يكن هناك تواطؤ لما وصل حال البلد إلى هذا المستوى المتردي .
فعندما قتلوا أول ثلاثة عشر مسيحيين في البلد .... أين كانت الحكومة ؟ وعندما قاموا بتفجير بيوت في حارتنا..... أين كانت الحكومة ؟ وعندما قتلوا أشخاص مسيحيين جالسين في محلاتهم يعملون ليترزقوا ..... أين كانت الحكومة ؟ وعندما جلبوا الجيش ليحيموا الأقليات والمسيحيين لماذا جردونا من السلاح ؟
فأنا على سبيل المثال كنت أملك سلاح لأحمي به عائلتي من أي أذى ولم أكن لأقتل أحد ولكن من باب الحيطة احتفظتُ به ، ولكن عندما أتتْ الحكومة جردتنا من السلاح وبالتحديد من قبل البشمركة حيث دخلوا وأخذوا السلاح وذهبوا ، أسألهم لماذا أخذتم السلاح فلا يجاوبونني وإذا ما حاولت الحديث و الإطالة أكثر كانوا ليقتلونني ويرحلوا في سبيلهم.
إذا ما لجئت إلى الأمريكيين سيقولون عنك أنك عميل لهم ، وإذا ما لجئت إلى الدولة سيأخذونك العشائر ويقتلونك ، وإذا لجئت إلى العشائر سوف يبصقون في وجهك ويطردونك ويقولون أنك مجرد نصراني ولا تملك شيئاً في هذا البلد.
وإذا ما لجئت إلى جيرانك ( المسلمين ) سيقولون لك باستغراب : " لماذا أنت موجود في هذا البلد بعد ، فجماعتك شبعوا موتاً في القبور وأنت لا زلت هنا " ....( عيفها على الله يا زلمة ... ) دعنا من الحديث عن هذا الموضوع فهناك أمور كثيرة لا أود الحديث بشأنها .
باختصار اليوم أصبحتْ لغة العراق لغة الدم ولا أحد يعيش اليوم في العراق إلا ويجب أن يكون سفّاحاً ، أنا ابن عمتي بشار قتلوه فقط لأنه لم ينكر كونه مسيحي وبإبرازه الهوية أمامهم قاموا بقتله في الشارع ومشوا في سبيلهم وكأن شيئاً لم يحدث.
وأخيراً أقول أشكر الله أنه حماني وأخرجني من بلدي وأنا اليوم بألف صحة وعافية مع عائلتي المتبقية ، ولكن أقول أنه لا زال هناك أناس كثيرون مسيحيون في بلدنا الموصل ممن هم بظروف أسوء من ظروفي جداً ولا قوت لديها وهم معاقين ومسجونين في بيوتهم ، وهناك من هم أيضاً كبار في السن ولا من يعتني بهم هؤلاء أصلي وأتمنى من الرب أن يساعدهم أيضاً وينظر بحالهم وأحوالهم .
وشكراً لكم على إتاحة هذه الفرصة للحديث.
=============================================
وكان لنا أن قمنا بإجراء مقابلة أيضاً مع ابن السيد نشوان وهو الشاب المبدع فادي نشوان ذو الستة عشرة سنة من العمر وهو حالياً طالب صف التاسع يملك موهبة جميلة في رسم اللوحات الزيتية ، شارك بأحد المعارض المقامة في بغديدا في العراق ، وكان لنا معه هذا اللقاء نستلخص منه ما يلي :
سنة 2004 وبالتحديد بعد قدومهم إلى سوريا ( القامشلي ) بدأ يمارس الرسم وذلك من خلال الرسومات البسيطة ولم تكن احترافية بالشكل الذي يرسمه اليوم ، لاقى التشجيع كثيراً من أبويه وأقرباءه ، وبعد أن التحق بمدرسة الشهيد حسين جاسم العدواني ( عكاظ ) لإكمال دراسته في الصف السابع وبحكم مادة الفنون الموجودة في المنهاج تعرف عليه الأستاذ محي الدين الصوفي وأعجب بموهبته ومحبته الكبيرة للرسم فعرض عليه أن يعطيه دورات
( مجانية ) في بيته الخاص ليعلمه الرسم بشكلٍ أكاديمي ، فعلمه أسس وقوانين الرسم وبدأ معه من مرحلة الرسم بالقلم الرصاص وتدريجياً حتى الرسم بالألوان المائية والزيتية . وللأستاذ محي الدين الصوفي يعود الفضل الكبير في تعلم فادي الرسم بهذا الدرجة المتقدمة التي يمتلكها اليوم .
يملك اليوم فادي العديد من الكراسات الخاصة التي تحوي رسوماً منوعة وجميلة رسمها بنفسه ، وخمسة لوحات زيتية كبيرة الحجم تزين جدران بيتهم المستأجر اليوم في مدينة القامشلي ويحب فادي رسم الصور الدينية وبشكل خاص أيضاً يحب رسم الفتيات ، وعن سؤالنا عن سبب محبته لرسم الفتيات قال :
" لأنني أرهم شيئاً جميلاً ، ومهما رسمتهم فستبقى اللوحة جميلة وساحرة "
يدعوا في النهاية الشاب فادي جميع الاهالي لأن يشجعوا أولادهم وكل من له موهبة للرسم لينمّوا هذه القدرة شرط أن تكون وفق دراسة أكاديمية حتى تعطي صورة واضة ودقيقة ومدروسة وفق القوانين.
نتركم مع مجموعة من اللوحات للشاب فادي نشوان التي تعبر أكثر من الكلمات عن مدى موهبته في فن الرسم :
[/ALIGN]
إعداد : كابي عيسى
تصور : فادي كوركيس