1
المنبر الحر / من ينقذ مدينة البرتقال؟ القتل لا يحتاج إلى تبرير.. والدومينو تقدم حلاً
« في: 21:58 04/12/2006 »
فارس محسن غالي
الموت.. لاشيء غير الموت يجوب شوارع المدينة، ويفرض سيطرته وسلطته وسطوته.. ويصيب كل البيوت الآمنة وكل الناس بالرعب والخوف.. لم يعد لأحد ان يدعي بأنه آمن على حياته مهما كان عرقه او دينه او طائفته، حتى القتلة صاروا في وضع ملتبس ومضطرب وغامض فلا احد يدري (من مع من ومن ضد من ومن يخيف من ومن يخاف ِمن مَن) حتى ليخيل للبعض ان الغموض صار هو الذي يتسيد الشارع اكثر من تسيد اية جهة!! السوق الكبير في بعقوبة اغلق عن بكرة ابيه، بعد ان اغتيل الكثير من اصحاب الدكاكين والمحلات التجارية، وبعد ان احرقت الكثير من تلك المحال وتكبد اصحابها خسائر مادية كبيرة، حتى باعة الخضروات والفواكه لم يسلموا من الخطر فقد قتل العديد منهم ولم ينج الكثير ممن يعملون في مهن اقل شأنا ولا يكادون يحصلون على قوت يومهم. قبل شهرين او اكثر كان الجميع يتذمرون من حالات القتل والاغتيال اليومي ويضطر اصحاب تلك المحلات القريبة من حوادث القتل تلك الى اغلاق ابواب محلاتهم اثر كل جريمة قتل، بحيث يتواجد هناك دائما من يردد بعد حدوث الجريمة بدقائق: (هذا قتل لأنه عميل، او انه يعمل في الاجهزة الامنية او ينتمي إلى الحزب الفلاني او الجهة الفلانية) وكان الناس وقتها يتلاقفون مثل تلك الروايات ويضيفون اليها بعض التفاصيل التي تكون قد غابت عن مخيلة الراوي (المكلف من جهة مجهولة) يفعلون هذا بحماس قل نظيره ومن المرجح ان تلك الروايات كانت تساعدهم على الاستمرار في مزاولة اعمالهم، ففلان قتل لأنه كذا او كذا بما ان هذه الاوصاف لا تنطبق عليّ فأنا في مأمن، الآن غاب الراوي، أما لأنه لم يعد مقتنعا بالاكاذيب التي يرددها فقتل أو لأن من يديرون ماكنة القتل لم تعد بهم حاجة الى طابور خامس يلمع صورتهم ويطمئن باقي الخراف (وعذرا لهذه العبارة التي لم اجد غيرها) بأنها ليست المقصودة بالذبح، وربما يعزز هذا التصور ان نعلم بأن جميع المناطق التي تمت السيطرة عليها من قبل المسلحين قد صدرت فيها الاوامر للسكان بأن من ينتقل من منزله الى مدينة آمنة يعرض نفسه للقتل هو وعائلته، وبغض النظر عن انتمائه الطائفي، يحدث هذا دون ان توقف عمليات القتل على الهوية واحراق البيوت بعد نهبها. المفارقة ان لي صديقا كان يمازح جاره بسبب اضطرار هذا الجار للبقاء حبيس جدران منزله خوفا من الاغتيال لأنه ينتمي لطائفة معينة، لكن وبعد ان احرقت الكثير من المحلات في السوق وبعد ان تنامى الخطر وصار يهدد الجميع اضطر صديقي الذي ينتمي الى طائفة اخرى الى البقاء هو ايضا في منزله، ولجأ كلا الجارين الى ممارسة لعبة الطاولة والدومينو تزجية للوقت! المفارقة الاخرى ان الكثير من الزوجات ممن كن يلقين معاملة خشنة او باردة من قبل ازواجهن تصل احيانا حد الاعتداء بالضرب والاهانة، قد حصلن مؤخراً على شروط اكثر انسانية في معاملة ازواجهن لهن، فذهاب الرجال الى السوق قد صار من الامور التي تستدعي قدراً كبيراً من المخاطرة سيما وان الكثير منهم قد تعرض للاغتيال اثناء قيامه بالتسوق، وبالتالي فان مهام جديدة قد القيت على عاتق النساء فصرن يخرجن لتلبية جميع احتياجات البيت ولعل في بقاء الكثير من الرجال داخل جدران منازلهم قد دفعهم الى مزاولة الكثير من الاعمال المنزلية (لقتل الفراغ) كما يقول بعضهم. مشهد آخر - ربما يضيئ بعض الزوايا، أو اذا شئنا الدقة يضيف الى عتمتها تعتيماً دراماتيكياً مؤثراً - فقبل ثلاثة اسابيع ولم يكن الوضع قد تفاقم الى هذا الحد المأساوي كانت هناك عائلة عملت على تأجيل زواج ابنتها لعدة اشهر أملا في حدوث تحسن ما ثم اضطرت - بعد ان خمنت ان الوضع في ترد مستمر- الى الموافقة على اتمام مراسيم الزفاف، فعمدت ام العروس الى تزيين ابنتها لدى جارة لديها صالون نسائي متواضع في منزلها ولم تقل للجارة ان ابنتها ستتزوج، ثم عادت بها الى البيت والبستها ثوب زفاف الام القديم وعند حلول الظلام وضعتها في سيارة العريس بصمت وخوف وسط تهاطل دموع العائلة واعمام واخوال العروس ولم يعلم احد من الجيران بأمر الزواج الا بعد ان صار العروسان في منطقة بعيدة آمنة.. من جهة اخرى فان تعطل الدوام في الكثير من الدوائر الحكومية فضلا عن التوقف شبه التام لدوام المدارس بكافة مراحلها، قد خلق حالة من الاختناق والاضطراب والفوضى داخل المنازل،ولو علمنا ان متوسط عدد افراد العائلة في المدينة يقع بين (7- افراد ومع تواجد هؤلاء لفترات طويلة دون عمل (بالنسبة للكبار) ودون وجود دوام مدرسي (بالنسبة للطلبة) وما يتبعه من واجبات مدرسية يقضيها الطلبة في منازلهم تكون النتيجة فائض كبير في وقت الفراغ ومساحة صغيرة لتبديد وقت الفراغ المستمر هذا! في ظل هذه الاوضاع وما يترتب عليها يمكن النظر الى العامل الاقتصادي بوصفه القشة التي ستقصم ظهر البعير في فترة زمنية لن تطول كثيرا، ذلك اننا لونظرنا الى موضوع البطاقة التموينية على سبيل المثال - ودون النظر الى الشهور الماضية حيث لم تصل اكثر من ثلث او نصف المواد - نقول ان مواد هذا الشهر لم يصل منها الى مركز مدينة بعقوبة سوى مادة حليب الاطفال، واذا وضعنا مشكلة غياب هذه المواد - التي يعتاش عليها مايقارب (95%) من ابناء المدينة – الى جوار مشكلة ارتفاع كبير (وصل في بعض المفردات الى الضعف او اكثر) في اسعار المواد الغذائية بكل انواعها، فضلاً عن المعاناة الكبيرة والمخاطر التي تكلف المرء احيانا حياته وهو في سبيله للحصول على ما يسد رمقه ورمق عائلته.. تتضح لنا حقيقة الوضع المأساوي الذي يعيشه ابناء هذه المدينة، ومدى تفاقم حالة الحصار والشلل الذي يصيب كافة مرافق الحياة ويوشك ان يؤدي بها الى نهاية لا تحمد عقباها.. هذا الحصار وهذا الشلل يزداد غموضا يوماً بعد آخر من حيث الجهة او الجهات الداعمة له ومن حيث تقاعس او عدم قدرة من (يفترض) بأن بيدهم الحل والربط عن القيام بدورهم. اخيرا وباختصار نقول ان المواطن البعقوبي الذي وجد نفسه في هذه المرحلة الحرجة وقد تكالبت عليه كل انواع الخطوب والمحن، وترك لوحده في عزلة شبه تامة وفي تنكر واضحٍ من قبل الحكومة لمسؤولياتها تجاهه لم يعد يقوى على المواصلة في ظل الاوضاع الامنية الصعبة للغاية وفي ظل ارتفاع الاسعار وغياب مواد البطاقة التموينية وازدياد عدد العاطلين عن العمل باعداد هائلة جراء اغلاق الاسواق التجارية، فضلا عن الكثير من الامور التي قد لا يتسع المجال لذكرها جعلت المواطن في مواجهة اشد حالات اليأس (الجمعي) قسوة وهذه المواجهة ربما وعلى المدى القريب ستفرز نتائج لا يمكن تخيلها. ففي المثل يقال (يحرق الاخضر بسعر اليابس) وفي وضعنا الراهن نقول سيحترق النزر المتبقي من الاخضر بسعر اليابس المتفاقم بجنون.. واتمنى.. اتمنى بقوة ان اكون مخطئا فيما ذهبت اليه.
الموت.. لاشيء غير الموت يجوب شوارع المدينة، ويفرض سيطرته وسلطته وسطوته.. ويصيب كل البيوت الآمنة وكل الناس بالرعب والخوف.. لم يعد لأحد ان يدعي بأنه آمن على حياته مهما كان عرقه او دينه او طائفته، حتى القتلة صاروا في وضع ملتبس ومضطرب وغامض فلا احد يدري (من مع من ومن ضد من ومن يخيف من ومن يخاف ِمن مَن) حتى ليخيل للبعض ان الغموض صار هو الذي يتسيد الشارع اكثر من تسيد اية جهة!! السوق الكبير في بعقوبة اغلق عن بكرة ابيه، بعد ان اغتيل الكثير من اصحاب الدكاكين والمحلات التجارية، وبعد ان احرقت الكثير من تلك المحال وتكبد اصحابها خسائر مادية كبيرة، حتى باعة الخضروات والفواكه لم يسلموا من الخطر فقد قتل العديد منهم ولم ينج الكثير ممن يعملون في مهن اقل شأنا ولا يكادون يحصلون على قوت يومهم. قبل شهرين او اكثر كان الجميع يتذمرون من حالات القتل والاغتيال اليومي ويضطر اصحاب تلك المحلات القريبة من حوادث القتل تلك الى اغلاق ابواب محلاتهم اثر كل جريمة قتل، بحيث يتواجد هناك دائما من يردد بعد حدوث الجريمة بدقائق: (هذا قتل لأنه عميل، او انه يعمل في الاجهزة الامنية او ينتمي إلى الحزب الفلاني او الجهة الفلانية) وكان الناس وقتها يتلاقفون مثل تلك الروايات ويضيفون اليها بعض التفاصيل التي تكون قد غابت عن مخيلة الراوي (المكلف من جهة مجهولة) يفعلون هذا بحماس قل نظيره ومن المرجح ان تلك الروايات كانت تساعدهم على الاستمرار في مزاولة اعمالهم، ففلان قتل لأنه كذا او كذا بما ان هذه الاوصاف لا تنطبق عليّ فأنا في مأمن، الآن غاب الراوي، أما لأنه لم يعد مقتنعا بالاكاذيب التي يرددها فقتل أو لأن من يديرون ماكنة القتل لم تعد بهم حاجة الى طابور خامس يلمع صورتهم ويطمئن باقي الخراف (وعذرا لهذه العبارة التي لم اجد غيرها) بأنها ليست المقصودة بالذبح، وربما يعزز هذا التصور ان نعلم بأن جميع المناطق التي تمت السيطرة عليها من قبل المسلحين قد صدرت فيها الاوامر للسكان بأن من ينتقل من منزله الى مدينة آمنة يعرض نفسه للقتل هو وعائلته، وبغض النظر عن انتمائه الطائفي، يحدث هذا دون ان توقف عمليات القتل على الهوية واحراق البيوت بعد نهبها. المفارقة ان لي صديقا كان يمازح جاره بسبب اضطرار هذا الجار للبقاء حبيس جدران منزله خوفا من الاغتيال لأنه ينتمي لطائفة معينة، لكن وبعد ان احرقت الكثير من المحلات في السوق وبعد ان تنامى الخطر وصار يهدد الجميع اضطر صديقي الذي ينتمي الى طائفة اخرى الى البقاء هو ايضا في منزله، ولجأ كلا الجارين الى ممارسة لعبة الطاولة والدومينو تزجية للوقت! المفارقة الاخرى ان الكثير من الزوجات ممن كن يلقين معاملة خشنة او باردة من قبل ازواجهن تصل احيانا حد الاعتداء بالضرب والاهانة، قد حصلن مؤخراً على شروط اكثر انسانية في معاملة ازواجهن لهن، فذهاب الرجال الى السوق قد صار من الامور التي تستدعي قدراً كبيراً من المخاطرة سيما وان الكثير منهم قد تعرض للاغتيال اثناء قيامه بالتسوق، وبالتالي فان مهام جديدة قد القيت على عاتق النساء فصرن يخرجن لتلبية جميع احتياجات البيت ولعل في بقاء الكثير من الرجال داخل جدران منازلهم قد دفعهم الى مزاولة الكثير من الاعمال المنزلية (لقتل الفراغ) كما يقول بعضهم. مشهد آخر - ربما يضيئ بعض الزوايا، أو اذا شئنا الدقة يضيف الى عتمتها تعتيماً دراماتيكياً مؤثراً - فقبل ثلاثة اسابيع ولم يكن الوضع قد تفاقم الى هذا الحد المأساوي كانت هناك عائلة عملت على تأجيل زواج ابنتها لعدة اشهر أملا في حدوث تحسن ما ثم اضطرت - بعد ان خمنت ان الوضع في ترد مستمر- الى الموافقة على اتمام مراسيم الزفاف، فعمدت ام العروس الى تزيين ابنتها لدى جارة لديها صالون نسائي متواضع في منزلها ولم تقل للجارة ان ابنتها ستتزوج، ثم عادت بها الى البيت والبستها ثوب زفاف الام القديم وعند حلول الظلام وضعتها في سيارة العريس بصمت وخوف وسط تهاطل دموع العائلة واعمام واخوال العروس ولم يعلم احد من الجيران بأمر الزواج الا بعد ان صار العروسان في منطقة بعيدة آمنة.. من جهة اخرى فان تعطل الدوام في الكثير من الدوائر الحكومية فضلا عن التوقف شبه التام لدوام المدارس بكافة مراحلها، قد خلق حالة من الاختناق والاضطراب والفوضى داخل المنازل،ولو علمنا ان متوسط عدد افراد العائلة في المدينة يقع بين (7- افراد ومع تواجد هؤلاء لفترات طويلة دون عمل (بالنسبة للكبار) ودون وجود دوام مدرسي (بالنسبة للطلبة) وما يتبعه من واجبات مدرسية يقضيها الطلبة في منازلهم تكون النتيجة فائض كبير في وقت الفراغ ومساحة صغيرة لتبديد وقت الفراغ المستمر هذا! في ظل هذه الاوضاع وما يترتب عليها يمكن النظر الى العامل الاقتصادي بوصفه القشة التي ستقصم ظهر البعير في فترة زمنية لن تطول كثيرا، ذلك اننا لونظرنا الى موضوع البطاقة التموينية على سبيل المثال - ودون النظر الى الشهور الماضية حيث لم تصل اكثر من ثلث او نصف المواد - نقول ان مواد هذا الشهر لم يصل منها الى مركز مدينة بعقوبة سوى مادة حليب الاطفال، واذا وضعنا مشكلة غياب هذه المواد - التي يعتاش عليها مايقارب (95%) من ابناء المدينة – الى جوار مشكلة ارتفاع كبير (وصل في بعض المفردات الى الضعف او اكثر) في اسعار المواد الغذائية بكل انواعها، فضلاً عن المعاناة الكبيرة والمخاطر التي تكلف المرء احيانا حياته وهو في سبيله للحصول على ما يسد رمقه ورمق عائلته.. تتضح لنا حقيقة الوضع المأساوي الذي يعيشه ابناء هذه المدينة، ومدى تفاقم حالة الحصار والشلل الذي يصيب كافة مرافق الحياة ويوشك ان يؤدي بها الى نهاية لا تحمد عقباها.. هذا الحصار وهذا الشلل يزداد غموضا يوماً بعد آخر من حيث الجهة او الجهات الداعمة له ومن حيث تقاعس او عدم قدرة من (يفترض) بأن بيدهم الحل والربط عن القيام بدورهم. اخيرا وباختصار نقول ان المواطن البعقوبي الذي وجد نفسه في هذه المرحلة الحرجة وقد تكالبت عليه كل انواع الخطوب والمحن، وترك لوحده في عزلة شبه تامة وفي تنكر واضحٍ من قبل الحكومة لمسؤولياتها تجاهه لم يعد يقوى على المواصلة في ظل الاوضاع الامنية الصعبة للغاية وفي ظل ارتفاع الاسعار وغياب مواد البطاقة التموينية وازدياد عدد العاطلين عن العمل باعداد هائلة جراء اغلاق الاسواق التجارية، فضلا عن الكثير من الامور التي قد لا يتسع المجال لذكرها جعلت المواطن في مواجهة اشد حالات اليأس (الجمعي) قسوة وهذه المواجهة ربما وعلى المدى القريب ستفرز نتائج لا يمكن تخيلها. ففي المثل يقال (يحرق الاخضر بسعر اليابس) وفي وضعنا الراهن نقول سيحترق النزر المتبقي من الاخضر بسعر اليابس المتفاقم بجنون.. واتمنى.. اتمنى بقوة ان اكون مخطئا فيما ذهبت اليه.