في احتفال للرابطة السريانية في ذكرى مذابح سيفو
بقرادونيان: ان السكوت عن اي جريمة هو جريمة
مخيبر: على مجلس النواب تشريع حقوق كل ابنائه
ابو حبيب: السريان لم ينهزموا ولم يتراجعوا
افرام: نطالب بوقفة ضمير ونقد ذاتي
اقامت الرابطة السريانية مهرجانا حاشدا في قاعة مار افرام السرياني الاشرفية بمناسبة ذكرى 24 نيسان – سيفو حضرها: المطرانان جورج صليبا ودانيال كورية، ممثل البطريرك الماروني الكاردينال مار نصرالله بطرس صفير الاب عبده ابو كسم، النواب: ابراهيم كنعان، هاغوب بقرادونيان، غسان مخيبر، النائب الناجح بالتزكية ارتور نظاريان، المرشحون: مسعود الاشقر، نايلة تويني، فريج صابونيجان، زياد عبس عن التيار الوطني الحر، فدوى يعقوب عن حزب الكتائب، وفد من جبهة الحرية ضم السادة: فادي حايك، ايلي ابو صادر، يوسف بعقليني، ريموند غول، شادي بستاني، متري سيمون، جان جاك داغر، ناجي حجار، ايلي جرجورة، رئيس حزب الحركة نبيل مشنتف، الآباء: بول كولي وجورج صومي، وفد من اتحاد الرابطات اللبنانية المسيحية ضم: عبد الله ابو حبيب، فارس داغر، عبود بوغوص، جورج سمعان، مارون ابو رجيلي، البير ملكي، دافيد دافيد، ماروكل ماروكل، ادوار بيباوي، الدكتور بول الجميّل، المحامي سيمون خوري من مركزية مسيحيي الشرق، رؤساء المجالس والمؤسسات السريانية ادمون مطران، د. جورج نجار، العميد المتقاعد جان شمعون، جوزف قهوجي عضو بلدية برج حمود، من قيادة الرابطة: امين سرها جورج شاهين، رئيسة لجنة المرأة سهام الزوقي، امين الداخلية كميل حنا القاضية ماري ماصبونجي من المركز الثقافي، وحشد غفير من المناصرين للقضية السريانية والفاعليات السياسية والاجتماعية والدينية.
بداية النشيدان اللبناني والسرياني، دقيقة صمت على ارواح الشهداء. وألقى رئيس مكتب الطلاب جوزف مقدسي كلمة ترحيبية.
ثم عرض فيلم وثائقي عن المجازر السريانية.
وقد قدمت مسؤولة المركز الثقافي السرياني فيرنال مقدسي النائب هاغوب بقرادونيان قائلة:
يكاد يكون توأم شعبه بل عنوان نضاله..
صديق الشعب السرياني.
بعدها ألقى النائب بقرادونيان كلمة جاء فيها:
كلمة النائب هاغوب بقرادونيانفي زمن الصمت الرهيب، في زمن العدالة المزيفة والشعارات الرنانة، في زمن انكار الحقيقة ورفض المصالحة مع الذات والتاريخ، في زمن غياب الذاكرة الجماعية، في زمن يرفض المجرم تحمّل مسؤولية الجريمة.
وجودنا هنا معا نحن اللبنانيون من مختلف الطوائف والمناطق يشهد ان الشعوب تحيا وتستمر بشهدائها الابرار والذاكرة الجماعية وتاريخ الشعوب يجب ان يكون ممر نضال الشعوب من اجل العدالة.
اما الاهم من احياء ذكرى الشهداء هو الوفاء الجماعي لإرثهم المقدس وقضيتهم المحقة. إن الصمت امام حقوق شعبنا المغتصبة هو الاستسلام بالذات. والصمت في هذه الحالة كما قال صاحب الغبطة الكاثوليكوس آرام الاول خيانة للشهداء ولإرثهم.
ونحن اليوم اذ نطالب تركيا بالذات الاعتراف بمسؤوليتها ازاء جريمة الابادة نطالبها لأجل تحقيق العدالة والتعويض على الخسائر البشرية والجغرافية والسياسية والمادية.
ان السكوت عن جريمة هي جريمة بحد ذاتها. وللاسف الشديد نستغرب ايضا سكوت لبنان الرسمي عن هذه الجريمة. وكأن السكوت لا يكفي كان الاستعجال في انعقاد جلسة لمجلس الوزراء نهار ذكرى شهداء الارمن اي ذكرى احترام اباء وأجداد آلاف اللبنانيين سقطوا دفاعا عن الحرية وكرامة الانسان والحفاظ على الذات وعدم الرضوخ للظلم والاحتلال.
ان وحدة الشعوب المضطهدة هي الوسيلة الاجدى في تحقيق الحق والعدالة.
الشعوب ولدت لتعيش. ونحن ولدنا وناضلنا وسنستكمل النضال ونستشهد لنعيش ومعا نبقى.
بعدها قدّم جوني الياس السفير عبد الله بو حبيب قائلا: إنه واحد من عقلاء الموارنة.
كلمة السفير عبدالله بو حبيبأيها الحضور الكريم،
أن نتحدث اليوم في الذكرى المشؤومة للمجازر في حق الشعب السرياني الذي بقي صامداً على الرغم من كل الإضطهادات، لهو دعوة مغرية للبحث في عراقة مجموعة قومية ودينية وحضارية في هذا الشرق وفي إسهاماتها في الغنى الحضاري في منطقتنا وفي ازدهار النشاط الثقافي منذ قرون وحتى اليوم.
وتتقاطع هذه الذكرى مع أخرى مشابهة هي الإبادة الأرمنية التي أحيينا ذكراها قبل أيام والتي ما زالت تحفر في ذاكرة الشعب الأرمني الذي قدم للبنان الكثير، وتثير هذه المجازر في حق مجموعتين بشريتين متمايزتين أسئلة كثيرة حول مسائل الإعتراف بالآخر والأقليات العرقية والثقافية والدينية كشرط ضروري لبناء شرق ديموقراطي متسامح ومتنوع.
وأن نتذكر فليس في سبيل نكء الجراح والدعوة إلى الإنتقام، بل لأخذ العبر من دروس التاريخ القاسية والإستفادة منها، فنحن أتباع دين مسيحي يعلم التسامح والمغفرة.
هذا الشعب السرياني الضارب في تاريخ المنطقة وجغرافيتها ليس طارئاً على نسيج هذه المنطقة ولا هو بدخيل أو بأقلية نعاملها على أساس العدد والكمية، ويكفيهم فخراً أن لغتهم الآرامية بشَّر بها السيد المسيح وبقيت حتى اليوم حيةً في بعض قرى سوريا وأديرتها وفي منطقة طور عابدين. وهناك مناطق كالموصل ودهوك وأربيل ترفض الإندثار والذوبان. وامتدَّ استعمال السريانية من الصين إلى مصر منذ القرن السادس قبل الميلاد.
إذن نحن أمام قيمة حضارية كبرى وشعب عريق غني بحضارته وثقافته، شعب عرف الإضطهاد على مر العصور فلم ينهزم ولم يتراجع حفاظاً على وجوده الدائم. أما مجازر سيفو التي نحيي ذكراها اليوم فمن الواجب أن تبقى في الذاكرة الجماعية كشاهد على قسوة التاريخ وانقلاب التحالفات بين الأقليات والقوميات التي كانت خاضعة للسلطنة العثمانية، لنتذكر ونعتبر ونتطلع إلى المستقبل انطلاقاً من رؤية لبنانية مسيحية أساسها التمسك بالمواطنة والإعتراف بالآخر وبالأقليات الثقافية والقومية والدينية والمذهبية كعامل غنى حضاري وليس كعامل تفرقة أو تجزئة. فالفكر القومي تراجع لصالح طروحات التعددية والديموقراطية الحقيقية وحق المجموعات في التعبير عن نفسها وثقافتها وحضارتها. ومن البديهي القول إن من المهم بمكان ألا تبقى هذه المجازر في دائرة التجاهل والنكران، ففي الإعتراف بها فائدة لكل الأطراف والدول في المنطقة لغسل دموع الماضي ودمائه وبناء مستقبل زاهر عنوانه الحرية والديموقراطية والتسامح والتنوع.
ويقيننا أن مسيحيي الشرق الذين يشكل السريان فيهم عماداً أساسياً، يجابهون تحدياً وجودياً مصيرياً، يطرح الصوت عالياً أمام تكاتف الجهود والبحث في سبيل إيقاف نزيف الهجرة والإضطهاد لا سيما في هذه الأيام من العراق الجريح، والبحث المعمق في رؤية مستقبلية تكون نبراساً لنا في عتمة إرهاب الظلاميين ورفض الإختلاف والتحجر القومي. عشتم احراراً وعاش لبنان سيداً وحراً.
ورحب ميشال بادو بالنائب غسان مخيبر قائلا: شغوف بحقوق الانسان كل انسان.
مهذّب على حدة في الدفاع عن الحق.
وقد ألقى الاستاذ مخيبر كلمة مما جاء فيها:
كلمة النائب غسان مخيبريشرفني ان اشارككم اليوم في تأدية ثلاثة واجبات: واجب الوفاء؛ وواجب العدالة؛ وواجب الوقاية
فاما واجب الوفاء: فهو لعشرات آلاف لشهداء الذين رقدوا في الإيمان على يد سلاح الغدر والإجرام. فكانت هذه الأفعال من جرائم الإبادة التي لطخت صفحات تاريخ شعوب المنطقة، سريانا وارمن ويونان وغيرهم من المؤمنين العزل المسالمين.
ووفاء ايضا للبنان وللشعب اللناني بكافة طوائفه ومذاهبه، الذين احتضنوا الناجين من المجازر الرهيبة، فاصبح الشعب السرياني لحما من لحمنا، ودما من دمنا، وجزئا لا يتجزأ من الأمة اللبنانية المتنوعة، الغنية الآن برجالكم ونسائكم وايمانكم وثقافتكم الغنية وغناكم العلمي والمهني والثقافي في سائر المجالات.
واما واجب العدالة:فهو لنشهد معكم على هول الجريمة، جريمة ابادة شعب، جريمة ضد الإنسانية، لنكتب وقائعها، ونجمع ادلتها لتكون الحقيقة كاملة على الملأ، ونعمل على ان يعترف بها الجلاد، تحديد المسؤوليات الإقرار بها والإعتذار عنها والتعويض المادي والمعنوى للضحايا وورثتهم.
اما الخطوات المطلوبة في لبنان ومن السلطات اللبنانية، فهي:
• اضافة فقرات في كتبنا المدرسية اللبنانية بشأن جرائم ابادة السريان والأرمن، واقرار المجلس النيابي بهذه المجازر بصيغة علنية ورسمية والتنديد بها، لأن الصمت عن الجريمة مشاركة فيها.
• والعمل على اقرار العالم بأسره بها اسوة بما يحصل بالنسبة للمجازر الأرمنية، بما فيه الدولة التركية، الوريثة القانونية للسلطنة العثمانية، لأن عدم الإقرار بالجريمة اسوأ وادهى من الجريمة نفسها.
• العمل على تنظيم محاكمة صورية لجريمة الإبادة ضد الشعب السرياني اسوة بنظام "برتراند راسيل".
• اقامة نصب تذكاري وطني في لبنان للشهداء السريان.
واما واجب الوقاية:فهو العمل الا تتكرر مثل هذه المجازر والجرائم، لا سيما عبر العمل على وقف المجازر بحق السريان في العراق.
العمل على تحويل الذاكرة الجماعية الإنسانية الى نضال مستمر من اجل القضايا المحقة، وحماية حقوق الإنسان والدفاع عنها، لا سيما تعزيز حرية المعتقد وممارسة الشعائر الدينية في جميع العالم، ولا سيما في الدول العربية.
اما بالنسبة الى لبنان، فعلينا جميعا ان نوقف المجازر السياسية المتمثلة بانكار حق تمثيل الطوائف السريانية في المجلس النيابي، ونلتزم العمل على تعديل قانون الإنتخابات لتأمين هذا الحق في التمثيل، والعمل على حسن تمثيل الطائفة السريانية بشكل عادل، لا في النيابة وحسب، انما في الوزارة وفي وظائف الإدارة الرئيسية.
في الخلاصة:قاتمة فعلا هي الحقبة التي مرّ بها السريان خلال الحرب العالمية.
عظيم هو الشعب الذي استطاع أن يخرج سالما لا بل منتصراً بعد محاولة محوه من التاريخ والذاكرة.
لقد قدم السريان الكثير الكثير لهذا الشرق من ثقافة وتراث وحضارة وإيمان؛ وما زلنا ننتظر الكثير أيضاً في شراكة المواطنة اللبنانية مع الشعب السرياني، لنعمل سويا على تحقيق واجبات الوفاء والعدالة والوقاية من الجرائم، فتنذكر لكي لا تعاد.
بعدها قدّم رئيس مكتب الطلاب جوزف مقدسي رئيس الرابطة السريانية امين عام اتحاد الرابطات اللبنانية المسيحية حبيب افرام الذي القى كلمة قال فيها:
كلمة الاستاذ حبيب افراممَن انت، انه سؤال التاريخ والهوية. انه انتماؤك وأنت تقرره. تولد، دون قرارك، في عائلة ما في وطن ما في طائفة ما في دين ما، امتداد وتراكم اجيال.
يمكن لك ان تغيّر، ان تترك اهلك، وطنك، ان تغيّر في المذهب في الدين او ان لا تبالي. الهوية إرادة وليست وراثة، تصبح مواطنا عالميا، تلهث وراء مادة، آخر همّك شعبك.
مَن انت، حين تقرر تصنع السياسة، المبدأ، القضية.
فوق رأسي، في مكتبي، صورة لشجرة عائلتي تعود الى عام 1660 في ضيعة عين ورد في طور عابدين. هذا أنا.
وفي منزلي، حجارة من ضيعة اجدادي احس انها انا امس، وتراب من قبر دير الزعفران احس انه انا دائما. هذا انا.
وفي عقلي، انا ابن الجيل الثالث لجد هو حبيب الاول، وجدة ارمنية هي تاكوهي، ضجيج من حكاياته عن ما نسميه بقايا سيوف في بدايات القرن الماضي وعن وصوله مع اقرانه الى لبنان. هذا انا.
وفي ضميري، انا ابن معاناة وتجارب مرّة، المسكون بهاجس الحضور المسيحي الحر في الشرق والمهدد بالاندثار، اني ابن قضية وطن على الحرية. هذا انا.
مَن انت، حين تقرر، يحضر التاريخ في شرايينك، لا غبار الازمنة ولا ضجيج الاحداث تغيبها عن بالك.
القضية، تحملها نبضا. في الرابطة السريانية، في اتحاد الرابطات، في الاتحاد السرياني العالمي، في المقاومة اللبنانية، في اللقاءات المسيحية، في كل حبر وكل صوت.
و"سيفو" اكثر من قضية، انها صورتنا وضميرنا، تحيا معنا، اصدرنا كتبا عنها، شاركنا في ندوات، في توعية، في مطالبات، في الامم المتحدة، في الجامعات، في وسائل الاعلام، حتى حين كان البعض يسأل ماذا تعني "سيفو" او حين كانوا لم يولدوا بعد.
اتصل بي السفير التركي في بيروت ذات صباح من عام 2006، ملحاً على لقاء سريع، قال: تقيم جامعة اسطمبول اول مؤتمر علمي حول العلاقات التركية الارمنية وحول ما جرى في الحرب العالمية الاولى، واقترحت ان تكونا ن خطيبا حيث سيحضر اللقاء 500 عالم تاريخ وفكر وسياسة.
ثقل التاريخ والذاكرة، ما قلته هناك اختصار معاناتنا. سأوجز اهم مقاطعه، وهو موقفنا الرسمي.
أولاً: إن ما نسميه "سيفو" حقيقة تاريخية في المكان والزمان نحن شهودها وضحاياها بأجسادنا بأهلنا برواياتنا بكتبنا بأشعارنا بفننا بأغانينا بدمعنا بلحمنا بدمنا بالأسماء بالصور بالعائلات بأطلال باقية هناك فيها عبق اجدادنا. ولا يمكن لأحد انكارها ولا محوها ولا التبرؤ منها ولا تغييبها ولا إهمالها ولا دفنها، خاصة لا نقبل ان يدعي أحد أنها لم تحصل، أو أنها خرافة. ان الذاكرة لا تهجَّر، وهذه ليست ذاكرة وهمية ولا مُبتَدَعَة، وان تجاهلها اكاديميون أو مؤرخون أو مفكرون. وهي ليست ذاكرة ارتدادية او ذاكرة للانتقام بل هي ذاكرة للغد.
ثانياً: إن ما حصل طال شعوباً واثنيات وطوائف متنوعة من الأرمن والسريان والكلدان والاشوريين ويونان آسيا الصغرى. صحيح أن العدد الأكبر من الضحايا كان من الأرمن الذين سموها في أدبياتهم "المجزرة الأرمنية" وناضلوا على طريقتهم لاحيائها، لكن المسيحيين بأغلبهم كانوا ضحايا القتل والذبح والنزوح والجوع والمرض والتهجير.
ثالثاًً: ان الموضوع ليس عدداً أو كمّاً ولا مزايدة في أرقام. كل شهيد وصمة عار. ان مذكرة البطريرك افرام الأول برصوم عام 1920 المحفوظة في ارشيف الخارجية البريطانية تؤكد ان 90313 من ابنائنا قتلوا في 336 قرية وعدد العائلات التي فنيت كان 13360 ودمر 160 كنيسة ودير وقتل 154 كاهن ورجل دين. قتل هؤلاء وهم عزّل غير محاربين ولم يقاتل سوى ثلاث قرى آزخ، عين ورد وبسيرنية.
رابعاً: نطالب تركيا بالاعتراف الصريح الواضح الشفاف بما حصل من أجل أن ترتاح عظام أجدادنا. من أجل وقفة ضمير ونقد ذاتي. نحن لا نستثمر دم الشهداء إلا في ساحة الشرف والحرية. لا ننكأ جراحاً ولا نستجر احزاناً ولا نقبل انتقاماً ولا نحمل ضغينة ونتذكر ليس بالضرورة من أجل استعادة اراض ولا من أجل تعويضات مالية بحت بل من أجل الحقيقة.
خامساً: ان التاريخ يكتبه الكبار. ان تركيا ستكون اكثر قوة ومناعة إذا تصرفت بهالة. ان قداسة البابا الراحل طلب الغفران عن الحملات الصليبية وما سببته من مآسٍٍ. وهو نفسه طلب السماح من اليهودعن أي اهمال سبب بالمحرقة وها هي المانيا تعترف بالمحرقة دون خجل، ان جنوبي افريقيا انشأت لجاناً للحقيقة وللمصالحة الوطنية، والمغرب سيعوض عمَّن تعرّض للتعذيب والاعتقال الظالم عبر هيئة.
سادساً: لا يمكن للعالم أن يغمض عينيه ويدَّعي انه لا يعرف ولا يسمع ولا يرى. لا يمكن أن تكون الحروب مسلسلاً تلفزيونياً ولا الضحايا أرقاماً ولا يرف له جفن. لا يمكن أنْ يكون الانسان لامبالياً تجاه أي ضحية في اي زمن في اي قارة لاي سبب. مَن يسكت يكون مشاركاً. الضمير العالمي يجب ان يبقى ساهراً متيقظاً لحقوق كل انسان. الحق ليس للقوة بالضرورة فالى متى يصم العالم اذنيه عن صراخ البراءة ويتبع مصالحه؟
سابعاً: ان شعبنا رفض ان يموت. ويبرهن كل يوم انه جدير بالحياة ينظر الى التاريخ بعين التحدي. صحيح ان الغربة تكاد تقتلعه من الارض المشرقية، وهو اصبح حارس حجارة في طور عابدين، لم يبقَ لنا إلا آلاف قليلة جداً، وبضعة آلاف في اسطنبول. لكن نهضة حقيقية في احزابنا وتياراتنا ووسائل اعلامنا ومؤسساتنا وعودتنا الى الجذور واللغة والانتماء والافادة من التكنولوجيا والمواصلات تجعلنا شعباً واحداً نابضاً بحس الهوية مصراً على حقه في حمل رسالة التمايز والفرادة في عالم واحد يكاد يمحو كل ثقافة. سنبقى لوناً محبباً في عالم عنوانه التنوع.
كنا في زيارة حج الى طورعابدين مع المطران جورج صليبا وقلت له: فليسامحني الله ربما ربما للمجزرة ايجابية واحدة، انه من نتائجها اننا جئنا الى لبنان واصبحنا لبنانيين.
من انت؟ انت سرياني لبناني حيث جُبلت قدراً وخياراً.
انه وطن واحة ومثال، انه الدور والرسالة، وليس حصناً ولا ملجأ فقط.
انت هنا ولو صُنفت اقليات مسيحية, ولوظلمك النظام السياسي ولو تحاول قوى مهيمنة ان تلغيك سياسيا. وكأنك مواطن بلا حقوق او انك مواطن من درجة ثانية. انت هنا انت. نبض شعب، انت روحه وعصبه، ولن تسكت على ان هذا ملف آخر. سيفو فينا، سيفو ليس لحظة انه مسار، سيفو التزام، التزام اننا العنق الذي شمخ ضد السيف. المجد لشهدائنا هناك وللذين نسوا، المجد لشهدائنا هنا على مذبح لبنان. سنبقى واقفين كالاشجار، نحن السريان سنبقى واقفين كالاشجار لنا عمق الجذور ولنا رحابة السماء.
نحن هنا نصرخ حتى لا تتكرر أي مجزرة. حتى نتصالح كلنا، بشرية تسعى الى الكمال، وحتى نناضل لشرق جديد وفجر جديد.
بعدها قدّم جوني الياس سيادة المطران مار ثاوفيلوس جورج صليبا الذي ألقى كلمة مرتجلة أكد فيها على مسؤولية الغرب من ألمانيا وانكلترا في التخلي عن واجباتها تجاه الأقليات في الامبراطورية العثمانية، وشدد على أن مَن يخسر ارضه يخسر حضوره ووجوده.
ودعا المسيحيين الى الاعتبار من حكم التاريخ والتوحد والبقاء في الارض.
ثم قدّمت فيرنال مقدسي مطران بيروت للسريان الارثوذكس مار اقليميس دانيال كورية الذي شكر الرابطة على نشاطها وعلى دورها والمتكلمين على دعمهم.
اضاف: المهم ان نعي ان تاريخنا مليء بالمظالم لكن المهم هو غدنا ودورنا في لبنان. إننا نشعر بأننا مغيّبون في السياسة والإدارة وإن حقوقنا مهدورة ونرفض تماما طريقة التعامل معنا.