عرض المشاركات

هنا يمكنك مشاهدة جميع المشاركات التى كتبها هذا العضو . لاحظ انه يمكنك فقط مشاهدة المشاركات التى كتبها فى الاقسام التى يسمح لك بدخولها فقط .


الرسائل - shosin

صفحات: [1]
1
المنظمة الآثورية والاضطراب السياسي
[/color]
 
منذ أن تأسست، المنظمة الآثورية الديمقراطية 1957 في سوريا،وهي تفتقر الى بنية فكرية(إيديولوجيا – عقيدة سياسية) محددة تسترشد بها في تحديد (خطها وخطابها) السياسي.فهي بقيت بأهداف وشعارات ضبابية تتلون بلون قياداتها، تتخبط بين اليمين واليسار، تتنقل بين السلطة والمعارضة، تحتار بين الحركة العربية والحركة الكردية، تتيه بين العلمانية والأصولية المسيحية،تتحدث بلغة قومية وتلبس العباءة الطائفية، تتهرب من حقائق الواقع واستحقاقات المستقبل لتغرق بأوهام الماضي وفكرها الطوباوي وأحلامها الرومانسية، ما تبقى منها في الوطن جسده في سوريا لكن فكره وعقله في المهجر،تتحدث في السياسة لكن من غير أن تمارس فعل ونشاط سياسي يذكر خشية من العواقب.كما اتسمت البنية التنظيمية للمنظمة الآثورية  منذ بدايات التأسيس بالضعف والهشاشة وعدم التماسك،لذلك بقيت تعاني وبشكل مستمر من الاضطراب الفكري والسياسي والتنظيمي.فلا تكاد تخمد مشكلة أو أزمة هنا حتى تنفجر من جديد في مكان آخر،لتخلف المزيد الانشقاقات والانسحابات الجماعية من صفوفها والتصدع في بناءها التنظيمي.ولم يعد يخفى على أحد سوء وتدهور العلاقة، وصلت الى حد القطيعة،بين الكثير من المسئولين والقيادات الآثورية،وما أكثرها لكن من غير قواعد وجماهير.واللافت في المنظمة الآثورية الديمقراطية وجود ظاهرة مرضية غريبة،لا وجود لها في جميع التشكيلات السياسية الأخرى،شرقاً وغرباً،شمالاً وجنوباً،هذه الظاهرة هي انسحاب الأجيال الآثورية القديمة منها، جيل بعد جيل،البعض منهم يبتعد من تلقاء ذاته والبعض الآخر يبعد أو يطرد قسراً،فالمنظمة الآثورية الديمقراطية تخلو اليوم من جميع مؤسسيها ومن الجيل الذي تلاهم والجيل الثالث في طريقه الى الانقراض بالرغم من أن معظمهم ما زال في سن العطاء.وهنا تبدو(المنظمة الآثورية) أشبه،من حيث البنية التنظيمية وطبيعة والالتزام، بـ(نادي رياضي أو اجتماعي) مع فارق في سن (الاعتزال). والظاهرة الأكثر خطورة على مستقبل المنظمة الآثورية هي خلوها،بعد نصف قرن مضى على تأسيسها، من كتاب ومثقفين وسياسيين بارزين لهم حضورهم الفاعل على الساحة القومية والوطنية ليمدوها بالأفكار الناضجة وبكل جديد في علم السياسة وبالرؤية السياسية والقومية المناسبة على ضوء التطورات والتحولات الحاصلة والمستمرة في الواقع،ولا أبالغ في القول: أن المنظمة الآثورية تعيش في (سبات سياسي) مزمن ومستديم، لا بل هي في (موت سياسي).وقد لمست خلال تجربتي الطويلة في المنظمة خصومة تصل الى درجة العدائية من قبل الكثير من الآثوريين للمثقفين والسياسيين ولكل من يتعاطى العمل القومي و السياسي بجدية،وقد خرجت منها بقناعة وانطباع (لا مكان للمثقفين والسياسيين والكتاب والمخلصين في المنظمة الآثورية الديمقراطية)،وهذا يفسر انعدام روح التضحية لدى الآثوريين وتنامي الروح الانتهازية والوصولية لديهم.في منتصف السبعينات من القرن الماضي وضعت قيادة المنظمة (الإيضاحات الفكرية)،وقد تفاخرت كثيراً بهذا الإنجاز الفكري الثقافي، وهي( الإيضاحات) لم تكن أكثر من كراس من بضع صفحات صغيرة احتوى على توضيح  وشرح بعض المفاهيم والمصطلحات في القومية والوطنية والتاريخ والدين والشعارات الغير مفهومة التي وردت في دستور المنظمة الآثورية، لكن في الحقيقة بدت للقارئ السياسي أهداف وشعارات المنظمة من خلال تلك الإيضاحات أكثر طوباوية و ضبابية وغموضاً وتيهاً وأبرزت الروح الطائفية المتعشعشة في ذهنية واضعيها.وقد أوضح لنا أحد القياديين السابقين في المنظمة الآثورية والمعاصرين لتلك المرحلة- هو اليوم خارج المنظمة- بأن تلك الإيضاحات،كما أشيع حينها، ظهرت بصيغة مخالفة لما اتفق عليه في المؤتمر العام الثالث عام 1975 الذي عقد في استنبول(تركيا).كما أوضح الآثوري السابق أن ظهور تلك الإيضاحات بالصيغة التي ظهرت بها تزامناً مع ممارسات طائفية لقيادات آثورية داخل المنظمة،ساهمت في  تفجير الأزمة التي كانت قائمة داخل قيادة المنظمة عام 1976 وانشقاق عضو المكتب السياسي الكاتب(دانيال هومه)وانسحاب أكثر من مئة آثوري من المنظمة تضامناً معه-قرابة ثلث أعضاء المنظمة آنذاك- جميعهم من أتباع (كنيسة المشرق الآشورية)،ومنذ ذلك التاريخ استأثر أتباع (الكنيسة السريانية الأرثوذكسية) بالسلطة والقرار وأموال المنظمة الآثورية وبدأت مشاعر الغبن والتهميش تنمو وتتزايد في نفوس الآثوريين من أتباع كنيسة المشرق الآشورية.وقد أختار الكاتب (دانيال هومي)طريقاً سياسياً جديداً بتأسيسه،مع الذين تضامنوا معه، (الحزب الآشوري الديمقراطي)،لكن، لأسباب ذاتية وأخرى موضوعية، لم يتمكن من تطوير حزبه،إذ انكمش على نفسه وتقلص الى مجموعة صغيرة بقيت محصورة ضمن أتباع كنيسة المشرق الآشورية، لكنه استطاع أن يكون خصماً عنيداً لدوداً مربكاً للمنظمة الآثورية الديمقراطية التي انشق عنها، وتمكن من سحب البساط من تحت أقدامها في الطائفة الشرقية الآشورية و يحاصر قواعدها في هذه الطائفة، خاصة في  منطقة الخابور والحسكة،معقل الحزب.بالطبع اتسمت علاقة الحزب الآشوري الديمقراطي بالمنظمة الآثورية ،طيلة العقود الماضية، بالتوتر والقطيعة والحرب الكلامية والتخوين المتبادل،الى حين انفجار الأزمة الأخيرة الراهنة في المنظمة الآثورية،حيث سارعت قيادة المنظمة الى فتح حوار مع خصمها اللدود الحزب(الآشوري الديمقراطي) وإنهاء حالة العداء والطلاق معه، سعياً منها لفك الحصار عنها وكسر عزلتها وخشيتها من خسارتها لما تبقى لها من كوادر في طائفة المشرق الآشورية ولقطع الطريق أمام المنشقين الجدد عن المنظمة الآثورية للتلاقي والتحالف مع جماعة الحزب الآشوري الديمقراطي.بالطبع هناك هدف مهم و أساسي آخر له أبعاد شخصية تخفيه القيادات الآثورية التي تسعى جاهدة الى كسب خصوم الأمس، هو (انتخابات) مجلس الشعب في سوريا التي باتت على الأبواب، فمرشح المنظمة للانتخابات هو من بين هذه الشخصيات، لذلك تعمل من الآن لكسب أكبر قدر من الآشوريين والمسيحيين الى جانبها ووضعهم تحت خدمتها في هذه الانتخابات أملاً بالفوز بمقعد في (مجلس الشعب السوري) -المعطوب سياسياً وعديم الفاعلية والدور في الحياة السياسية والتشريعية السورية- للتبجخ والمتاجرة بهذا المقعد على مدى أربع سنوات، كما فعلوا عام 1990، طبعاً من غير أن يحققوا أي مكسب قومي أو سياسي للآشوريين، ما حققه النائب الآثوري على مدى أربع سنوات في مجلس الشعب السوري مزيد من الهدر في أموال المنظمة ومزيد من الفساد المالي والسياسي وزعزعة ثقة الشارع الآشوري بالمنظمة الآثورية.
أما بالنسبة للحزب الآشوري الديمقراطي هو الآخر تعرض الى انشقاق في السنوات الأخيرة لذلك وجد الفرصة التاريخية التي كان ينتظرها ويحلم بها في تقرب المنظمة منه للخروج من قوقعته واختراق المنظمة الآثورية وفرض نفسه وشروطه عليها( بناء علاقة مباشرة مع قيادة المنظمة-هذا ما كانت ترفضه دوماً قيادة المنظمة- سحب اعترافها بالمنشقين عنه (حركة الإصلاح الآشورية)وعدم التعاطي معهم كفصيل سياسي)،فبعد عقود من الخصومة والقطيعة مع الحزب الآشوري الديمقراطي الذي كان حتى الأمس القريب بنظر قيادة المنظمة الآثورية(مجموعة من الغوغائيين الطائفيين والعملاء للأمن السوري)، بات اليوم حليفاً مدللاً  للمنظمة تراهن عليه في الخروج من محنتها وكسر عزلتها.لا شك، تعتبر المصالحة مع هذا الحزب بالنسبة للبعض في قيادة المنظمة الآثورية بمثابة (كأس السم) لكنهم تجرعوه رغماً عنهم تحت ضغط الأزمة التي تعصف بمنظمتهم الهزيلة.لذلك من حق القائمين على الحزب الآشوري أن يفرحوا لإلحاقهم الهزيمة بالمنظمة الآثورية في عقر دارها وإملاء شروطهم عليها وإرغامها على التراجع عن مواقفها السلبية منه، خاصة على قواعد المنظمة في منطقة الخابور والحسكة الذين هم في خط المواجهة الأول معه.وفي هذا السياق، شكك (قيادي سابق) في الحزب الآشوري الديمقراطي في صلاحية هذه العلاقة وفرص نجاحها، فهو يعتقد بأن أي علاقة رسمية وعلنية مع المنظمة الآثورية ستنهي الحزب الآشوري في منطقة الخابور ولهذا سيبقى القائمين على هذا الحزب حذرين جداً وخائفين من تطوير علاقتهم مع المنظمة الآثورية ورفعها الى مستوى التحالف, وأضاف: لا أعتقد بأن قيادة الحزب الآشوري راغبة بذلك، لأنها غير قادر على تحمل أعباء وتبعات مثل هذه العلاقة،خاصة وأنها تدرك جيداً بأن المنظمة الآثورية التي خبروها جيداً لا يمكن لها أن تطوي صفحة الماضي معهم. بالطبع هذه التحركات المواربة والمناورات الآثورية المكشوفة الأهداف والنوايا، لا يمكن لها أن تنقذ المنظمة من محنتها وتحييها من جديد بعد أن ماتت سياسياً، وإنما هي تؤكد من جديد النهج الانتهازي والوصولي المترسخ في ذهنية وسلوك القائمين على المنظمة الآثورية، فهم يبحثون دوماً عمن يمكن أن يبرزوا من خلاله ويتسلقون على أكتافهم. وفي هذا الإطار والمنحى يأتي تخلي المنظمة  الآثورية عن حليفها الأساسي(الحركة الديمقراطية الآشورية-زوعا) وتحولها باتجاه الأحزاب الآشورية العراقية الأخرى التي استوزرت في حكومة (إقليم كردستان) على حساب نضالات وتضحيات الحركة الديمقراطية الآشورية، وما زيارة وفد المنظمة الآثورية الى الشمال العراقي حالياً،إلا للبحث عن واجهات جديدة للبروز والظهور من خلالها،وليس لأجل ايجاد حلفاء قوميين تكون المنظمة سنداً وعوناً لهم في ساحات النضال القومي.كل هذه الظواهر السلبية والمرضية المزمنة وغيرها في المنظمة الآثورية الديمقراطية تؤكد وبما لا يترك مجالاً للشك، بأن ثمة خلل بنيوي كبير ومتجذر تعاني منه المنظمة  يصعب، إن لم يكن يستحيل، إصلاحه في ظل حالة الإحباط واليأس والخمول واللامبالاة التامة التي تسيطر على أعضائها، و بعد أن أضحت(المنظمة الآثورية) مجرد مطية بيد مجموعة متسلطة منتفعة لتحقيق نزواتها الخاصة عبر الفساد السياسي والمالي الذي تمارسه، مستفيدة بشكل أو بآخر من حالة الاستبداد والفساد القائم في سوريا. أن المنظمة الآثورية الديمقراطية ستمضي بقية عمرها في غيبوبة فكرية وقومية، بعد أن ماتت (سياسياً ) و منذ عقود.

سليمان يوسف يوسف
 القامشلي shosin@scs-net.org   [/b]
[/font] [/size]

2
محنة المنظمة الآثورية الديمقراطية (6)
في عامها الخمسين
[/size]

تمر ذكرى تأسيس المنظمة الآثورية الديمقراطية هذا العام بخلاف السنوات الماضية، حيث تمر بأزمة داخلية منذ آذار الماضي،انفجرت على خلفية حدوث انشقاق داخل مكتبها السياسي حول بعض القضايا والمواقف السياسية.ألقت هذه الأزمة  بظلالها السلبية على أجواء الاحتفالات وزعزعت مكانة المنظمة بين الجماهير وتراجع كثيراً رصيدها السياسي والقومي،وزادت من حالة الإحباط واليأس في الشارع الآشوري.وما يزيد من مضاعفات الأزمة الراهنة والمرشحة للتصعيد،استمرار القائمين في انتهاج (سياسة النعامة)،حتى بعد أن انكشف حال المنظمة وتعرت أمام الرأي العام الآشوري والسوري، وكأنهم في جزيرة معزولة وليسوا في عالم جديد منفتح على بعضه.أن سياسية القفز فوق الأزمات وتجاهل الحقائق ليست غريبة على حياتنا السياسية في سوريا، فكما هو الحال في معظم الدول اللاديمقراطية والتي لم تذق طعم حرية الرأي والتعبير بعد، تعودت الأحزاب، سلطة ومعارضة، أن تجعل من ذكرى التأسيس مناسبة للحديث، وبشكل مبالغ به، عن الإنجازات حتى إن لم يكن هناك منجزات،فهي نوهم نفسها والشعب بوجودها واطلاق الوعود بتحقيق المزيد، وتصوير الهزائم على أنها بطولات والخسائر انتصارات يحتفل بها.المعارضة تحمل أسباب فشلها وإخفاقاتها الى السلطة، والسلطة تحمل الخارج  مسؤولية كل هزائمها.الجميع يتهرب من المسؤولية ولا أحد يمتلك الجرأة والشجاعة على قول الحقيقة والاعتراف بأخطائه وبفشله. في المنظمة الآثورية،بدلاً من أن يعترف القائمون عليها بأخطائهم ومسؤوليتهم في ما وصلت اليه من انحدار وانحسار وفشلها في إبراز القضية الآشورية كقضية شعب مضطهد،في سوريا والمنطقة، وبدل من أن يعلن هؤلاء إفلاسهم السياسي، يبررون إخفاقاتهم، على مدى خمسين عاماً، فقط بإشكالية التسمية القومية، ويطالبون بتغيير اسم المنظمة الى (سريانية) والشعب (سرياني)، وكأن في تغيير التسميات تكمن المعجزات، أو أن الانتماءات القومية والثقافية والحضارية للشعوب هي مجرد وصفات طبية تجرب على الشعوب وتبدل كلما زادت حالتها سوءاً.
لا شك،تعد (المنظمة الآثورية الديمقراطية)،على ضعفها وعللها، الفصيل الرئيس في الحركة الآشورية السورية، ولها الفضل في نشر الوعي القومي في بعض الأوساط الآشورية(سريان/كلدان)، منذ انطلاقتها عام 1957،بمبادرة من مجموعة من الطلبة الآشوريين في المرحلة الإعدادية والثانوية، في بيئة اجتماعية شعبية ريفية،وواقع آشوري صعب تمزقه الانتماءات الطائفية والمذهبية، قادتهم عواطفهم القومية، وغالباً بردة فعل على الأحزاب والحركات القومية الأخرى في المنطقة( عربية وكردية وأرمنية)، من غير أن يكون لديهم رؤية سياسية مستقبلية واضحة.انطلقوا بأفكار طوباوية وأحلام قومية رومانسية لا تلامس الواقع الآشوري ومشكلاته، توهم البعض منهم، ربما روج لجذب الشارع الآشوري، بوجود مقعد شاغر في(هيئة الأمم المتحدة) مخصص لـ(الدولة الآشورية) المنتظرة.وقد بقيت الطوباوية السياسية والرومانسية القومية والضبابية في الشعارات سمة ملازمة للمنظمة الآثورية ودستورها الذي عدل أكثر من مرة، جاء في المبدأ الأول منه: (( المنظمة الآثورية الديمقراطية هي منظمة قومية سياسية ديمقراطية تهدف إلى الحفاظ على الوجود القومي للشعب الآشوري وتحقيق تطلعاته القومية المشروعة(السياسية، الثقافية، الإدارية) في وطنه التاريخي(بلاد ما بين نهرين)..)).مما يؤكد على أن الوعي القومي الذي بشرت به المنظمة كان وعياً ناقصاً وقاصراً،إذ لم يقترن بوعي وطني سليم، وإنما كان فكراً قومياً مبتوراً عن جذره وبعده الوطني، ومن غير أن ترسو(المنظمة) على أرضية وهوية وطنية محددة ومن غير أن تحدد لنفسها قضية سياسية مركزية، وبهذا بدت كـ(منظمة عالمية بلا حدود) لا وطن لها،لا تختلف عن الكنيسة بشيء في هذا،فهي انتشرت عبر الجاليات الآشورية (السريانية الكلدانية) في أوربا وأمريكا،أكثر من انتشارها داخل الوطن.في سجالات حامية داخل المكتب السياسي وهيئات قيادية أخرى حول قضايا وطنية سورية، كان يرد البعض، بالقول: من قال أننا منظمة آشورية سورية حتى نغوص في قضايا ومشكلات المجتمع السوري، نحن (منظمة قومية) لكل الشعب الآشوري السرياني في كل مناطق ودول تواجده. هذه الذهنية الآثورية تكشف كم هي متأثرة بالفكر القومي الشمولي لحزب البعث وشعاراته القومية الفضفاضة التي هي ليست سوى للإستهلاك السياسي المحلي ومتاجرة بالقضايا العربية ،كما أن هذه المواقف الآثورية تفسر ابتعاد المنظمة عن قوى المعارضة السورية لعقود طويلة وعدم انخراطها في الحياة السياسية والحراك الديمقراطي في سوريا، لا بل كانت لسنوات قليلة محسوبة على حزب البعث وأقرب الى السلطة من المعارضة.ولم يعد سراً أن غالبية أعضاء المنظمة، قواعد وقيادات، انخرطت في حزب (البعث العربي الاشتراكي) بعد مجيء حافظ الأسد الى السلطة بمن فيهم (مسؤول المكتب السياسي)، الذي بقي لسنوات طويلة عضواً عاملاً ملتزماً الى حين تم فصله من حزب البعث مع آخرين غيره من أعضاء المنظمة بتهمة الازدواجية السياسية، والمفارقة الكبيرة أن (القيادي الآثوري) أحتج وبشدة على قرار فصله من البعث.بالطبع، كان الخوف من (المخابرات السورية) سبباً مهماً في تستر الآثوريون بعباءة البعث، خاصة لمن كان يبحث عن وظيفة في الدولة، لكن لا يمكن لأي ذي عقل سياسي سليم أن يبرر، تحت أية ذريعة أو مسمى، أن ينخرط أعضاء المنظمة في صفوف حركة قومية أخرى(عربية) مغايرة تتناقض معها في الأهداف والتوجهات،إذ يستحيل على المنظمة الآثورية أن تتبنى خياراً سياسياً خاصاً بها أو أن تكون جادة في مطالبتها بالحقوق القومية والسياسية للشعب الآشوري وقيادتها تخضع لأوامر وتوجيهات حركة قومية لا ديمقراطية لشعب آخر تحكمها وتسعى لابتلاع كل القوميات الأخرى وصهرها في بوتقة القومية العربية.لقد دفعت المنظمة الآثورية الكثير من مصداقيتها السياسية والقومية في المجتمع الآشوري والسوري عامة ثمناً لهذه الازدواجية في الانتماء السياسي والقومي.فقد ألقت بظلالها السلبية على العلاقة مع مختلف القوى والأحزاب الوطنية السورية، خاصة مع قوى الحركة الكردية التي تتعايش معها .وقد أخفت(ظاهرة الازدواجية)خلفها نزعة آثورية انتهازية عكست هشاشة وضعف العقيدة الآثورية، وهي تعبر عن عمق محنة (العقل السياسي) في المنظمة، وحجم التناقضات السياسية التي كانت ومازالت تعيشها.لو دققنا وتعمقنا قليلاً في تفاصيل وتلابيب (المشهد الآثوري) اليوم لوجدنا إن تلك الذهنية الآثورية الوصولية التي ترعرعت في أحضان البعث السوري وتشبعت بثقافته الشمولية الإقصائية، والتي مازالت تحكم وتتحكم بمصير المنظمة الآثورية، هي التي زرعت بذور الفساد السياسي والمالي الذي فتك بالمنظمة وهي التي وقفت وتقف خلف الهزات التنظيمية والسياسية التي تعرضت وتتعرض لها وقوضت وجودها، بدءاً من أزمة عام 1978 المعروفة بأزمة(دانيال هومه) مروراً بأزمة الهيئة المكلفة على خلفية اعتقالات 1987،وصولاً الى الأزمة الراهنة، كذلك هي تقف خلف ما تعانيه المنظمة الآثورية من أزمة بنيوية حادة والتي طالت وشملت جميع فروعها وهيئاتها، في الوطن والمهجر، كما أنها(الذهنية الآثورية البعثية) كانت سبباً أساسياً في إبعاد وابتعاد معظم المثقفين والكتاب عن المنظمة، لأنها ترفض وجود في صفوفها سياسيين ومثقفين جادين في نضالهم و معارضتهم للنظام السوري، لهذا بقيت السمة البارزة لـ(المنظمة الآثورية الديمقراطية) هي اللاديمقراطية والبطالة الفكرية والعطالة السياسية، وهي اليوم أعجز من أن تطرح وتتبنى أي برنامج أو مشروع سياسي قومي ووطني والعمل من أجله، فضعف البنية الفكرية للمنظمة خلف بنية تنظيمية هشة وهزيلة ومشلولة.
لقد بدأت(المنظمة الآثورية الديمقراطية)حياتها السياسية بعقلية وبيئة ريفية وبقيت كذلك،وبالتالي فهي حملت بذور ضعفها وعجزها وتخلفها السياسي والفكري في اعشائها منذ ولادتها،ولهذا جاءت قراءة المنظمة للواقع الآشوري قراءة سطحية و تعاملت مع الموضوع الآشوري ببعده القومي وكأنه حالة قائمة منجزة، في حين الواقع يقول غير ذلك، حيث لم تتمكن المنظمة من اختراق جدار الطائفية والمذهبية التي تمزق البناء الآشوري وأخفقت في الوصول الى شرائح  آشورية مهمة وكبيرة، خاصة تلك المقيمة في المدن،و بالرغم من مضي خمسين عاماً على تأسيسها، بقيت المنظمة الآثورية محصورة في بعض الأوساط الشعبية والريفية في الجزيرة السورية ، تحكمها وتتحكم بها العلاقات والروابط الاجتماعية التقليدية بكل ما تحمله من موروث اجتماعي وثقافي متخلف والتي تتناقض وتتعارض مع مبادئ وأخلاقيات العمل السياسي والقومي.إذ  لم تترك العلاقات الطائفية والاجتماعية والأسرية التقليدية التي تسود المنظمة أي مكان أو دور أو قيمة للعلاقات السياسية والتنظيمية بين أعضائها ،خاصة وإن الغالبية العظمى منهم يقيمون في مدينة ريفية صغيرة (القامشلي) وهم بمعظمهم من طائفة واحدة( السريان الأرثوذكس).
ونظراً لمحدودية الإمكانيات السياسية والفكرية لهؤلاء الطلبة الذين بادروا لتأسيس المنظمة الآثورية، وبسبب ظروف العمل السياسي السري، اتسم نشاطهم لسنوات طوال بالشفهية و بطابع اجتماعي فني بحت متسترين بعباءة الكنيسة، حتى تحديد يوم الخامس عشر من تموز للاحتفال به بتأسيس المنظمة،اختير لأنه يصادف الاحتفال بعيد القديس(مار قرياقس) في قرية (كرشامو)،كانت في الماضي أحد معاقل المنظمة الآثورية في ريف القامشلي واليوم تحولت الى أطلال لم يبق فيها سوى الكنيسة.كما ما من وثيقة (بيان أو اعلان) في أرشيف المنظمة توثق هذا الحدث السياسي والقومي الهام في التاريخ الآشوري المعاصر،فيما يخص يوم التأسيس و أسماء المؤسسين للمنظمة،لذلك هي تبدو اليوم من غير تاريخ تنظيمي و سياسي، الى درجة تفاجأ الكثيرون في الوسط الآشوري (السرياني)،حتى من أعضاءها،عندما نعت المنظمة الآثورية بوفاة الدكتور (سنحاريب شابو) في كانون الثاني عام 2006 كأحد مؤسسيها،إذ لم يرد ذكر اسمه في جميع البيانات أو المقالات التي كانت تصدر وتكتب سنوياً في ذكرى تأسيس المنظمة.وقد أثار ظهور المنظمة وبشكل مبالغ فيه في مراسيم الدفن والعزاء، دهشة الكثيرين وترك نساؤلاً وشكوكاً لدى الأوساط السياسية التي تدرك جيداً أسباب ابتعاد المرحوم عن المنظمة في السنوات الأخيرة.وفيما يرى البعض بأن المرحوم لم يكن أحد المؤسسين،وإنما زعمت قيادة المنظمة وادعت ذلك ،رغبة منها في توظيف حدث الوفاة والمتاجرة به سياسياً وقومياً،وهذا ما قاله البعض من الآثوريين في مجالسهم الخاصة.وما يرجح هذا الاحتمال خلوا بيان المنظمة الآثورية هذا العام الصادر قبل أيام بمناسبة التاسيس، من الإشارة الى فقدانها لأحد مؤسسيها(د.سنحاريب شابو).في حين يرى البعض الآخر قد يكون(سنحاريب) من المؤسسين لكن تجاهله من قبل القائمين على المنظمة طيلة المرحلة الماضية لم يكن بريئاً فهو يأتي ضمن نهجهم الاقصائي وإبعاد وتهميش لا بل محاربة كل من لا يتفق مع توجهاتهم، خاصة إذا كانت شخصية محترمة ومتواضعة لها اعتبارها ومكانتها في المجتمع الآشوري،كشخصية المرحوم سنحاريب،فقد أرادوا من تهميشه إبعاده عن الأضواء لتخلو الساحة لهم وينفردوا بالزعامة.جدير ذكره في سياق هذا الموضوع أنني كنت قد التقيت الدكتور سنحاريب شابو في مثل هذه الأيام من عام 2004 والمنظمة تستعد لإحياء ذكرى تأسيسها، تحدث لي يومها عن حالة الإحباط واليأس من المنظمة وعن أسباب ابتعاده عنها، قال بالحرف: ((عدت من ألمانيا طبيباً الى الوطن متحمساً لأخدم شعبي ووطني، ومن أجل هذا أقمت أول مشفى خاص في مدينة القامشلي، لكن الرفاق وبكل أسف جعلوني أندم كثيراً على عودتي فهم غدروا بي لدرجة أن بعضهم حاربني حتى في مهنتي،وقد تيقنت بأن هؤلاء غير صادقين مع شعبهم الذي يتحدثون باسمه وغير مخلصين لمبادئهم السياسية والقومية..وأضاف: كيف تريد من الناس أن تثق بهكذا منظمة وأعضاء قياديون يهربون واحد تلو الآخر،والسيد (بشير سعدي)  سيلحق بهم قريباً بعد ان حصل على غرين كارد أمريكي،..كما أن قضية الفساد المالي داخل المنظمة هي حديث الناس في الشارع...)). قطعاً لم أكن أعلم بأن المرحوم ينقل لي انطباعاته الأخيرة في المنظمة الآثورية وهو يتحسر ويتألم على الحالة المزرية التي وصلت اليها بعد نصف قرن من الزمن على انطلاقتها، قبل أن يودع هذا العالم، وقد ترك بصمات ايجابية في حياة المنظمة والمجتمع الآشوري والوطني في الجزيرة السورية.

سليمان يوسف...سوريا .. القامشلي
منسحب من قيادة المنظمة الآثورية الديمقراطية
shosin@scs-net.org[/b]

3
سوريا:الآشورية المسيحية..ماذا بقي منها؟ 
[/size]


حيث،ممنوع على الآشوري(المسيحي) أن يصبح رئيساً..!   

قد يرى الكثير من(العرب) في هذا العنوان استفزازاً، وربما تحدياً،لمشاعرهم القومية، ظناً منهم بأنه يحمل  مشروع دولة (آشورية مسيحية)،جاهلين أو متجاهلين أن(الآشورية)- السريانية- هي مرحلة تاريخية مهمة، في حياة سوريا القديمة،وأن أول دستور وضع للدولة السورية الحديثة ذكر في مقدمته بأن (سوريا) هي موطن السريان (ASSERYIAN) وعنهم أخذت اسمها، وكانت تعرف دستورياً بـ( الجمهورية السورية)،الى حين قيام (الوحدة المشئومة) مع مصر 1958.وفي هذا السياق تقول، رهاب بيطار( رئيس حزب التجمع الديمقراطي الحر في سوريا)، في مقال لها: ((اطلق اسم سوريا تاريخياً على أرض الهلال السوري الخصب وهو اسم مشتق من لفظة ( آشوريا) التي تطورت عبر التاريخ لتصبح ( سوريا) وسكن هذه الأرض أقوام عدة مثل الآشوريين والكنعانيين و الفينيقيين والآراميين وتمازجت هذه الأقوام عبر آلاف السنين وشكلت شعباً عظيماً سمي بالشعب السوري تطورت لغته حتى تبلورت باللغة السريانية ( لغة سوريا)).بلا ريب،لكلام الأستاذة(بيطار)أهمية خاصة،ليس لأنه صادر عن شخصية سياسية عربية سورية فحسب،وإنما كونه قيل في مرحلة تشهد جدالاً حامياً حول (الهوية الوطنية) لسوريا- كما هو الحال في العديد من دول المنطقة- حيث تطالب بعض النخب الليبرالية والعلمانية ودعاة المجتمع المدني بإسقاط (الانتماء القومي- العروبة) من الاسم السياسي لسوريا والإبقاء فقط على (الانتماء الوطني- سوريا) كمعطى مدني وحضاري جامع وشامل لكل أبناء سوريا بغض النظر عن انتماءاتهم القومية والإثنية وعقائدهم الدينية.فنسب حضارة سوريا للعرب وحدهم دون غيرهم واختزال هويتها بـ(العروبة والإسلام)،يحمل مغالطات تاريخية وسياسية عديدة،حيث في سوريا(مهد الحضارات) عاشت واستوطنت شعوب وأمم كثيرة،آخرها العرب المسلمون الذين غزوها في القرن السابع الميلادي،كما أن الشعب السوري ليس كله عرباً ومسلمين،وإنما يضم نسبة جيدة من المسيحيين ومن قوميات أخرى.بالطبع غالبية الشعب السوري تجهل تاريخ سوريا القديم بسبب تعاطي (الحكم العربي) منذ البداية مع التراث الآشوري/السرياني والمسيحي في سوريا الكبرى وبلاد الرافدين، ومع تراث باقي الشعوب القديمة في المنطقة، بعقلية الغازي المستوطِن(المستعمِر)،الذي يسعى لطمس تاريخ ومعالم الشعوب الأصيلة (صاحبة الأرض) وإمحاء وجودها ليضمن بقاءه الدائم فيها،وبسبب هذا النهج (الاستعماري) للحكم العربي،بادت حضارة سوريا الآشورية المسيحية، بعد أن سادت لعشرات القرون، وأضحت سوريا(مقبرة للثقافات)، بعد أن كانت (مهد الحضارات). بالرغم من أن فكر حزب (البعث العربي الاشتراكي)اتسم بشيء من العلمانية والانفتاح وأعاد تعريف (القومية العربية) على أساس ثقافي وليس عرقي، لكنه لم يحدث تغيير جوهري ومهم في الموقف العربي التقليدي من (القضية الآشورية)،على الأقل بالنسبة للجانب المتعلق باللغة والتراث الحضاري والبعد الإنساني لهذه القضية، كذلك بالنسبة للموقف من مسالة الهوية الوطنية لسوريا، حيث بقيتا، كغيرها من القضايا الوطنية الهامة،أسيرة الايديولوجيا القومية والعقيدة الإسلامية والشعارات السياسية لحزب البعث الذي ظهر عملياً ومنذ انقلابه على السلطة 1963 في سوريا كواحد من أكثر الحركات والأحزاب العربية،الى جانب (الحركة الناصرية)،تعصباً للقومية العربية. حتى أنه يبدو اليوم اقرب الى (الإسلام) من العروبة،وهذا ليس بغريب على حزب، قال مؤسسه (ميشيل عفلق):(( إذا كان محمد عربياً، فعلى كل عربي أن يكون محمداً)).حقيقة أن ما يدرس في المدارس والجامعات السورية ليس تاريخ سوريا ولا علاقة له بعلم التاريخ، وإنما هو فكر قوموي عروبي إسلاموي،يحمل بذور التعصب الديني والعنصرية القومية، إذ يبدو فيه الانحياز واضحاً وفاضحاً للعنصر والتاريخ العربي الإسلامي،مع تجاهل تام للتاريخ الآشوري(السرياني) والمسيحي عامة، وهذا من دون شك،لا يخدم الوحدة الوطنية ويضر بعملية الاندماج الوطني بين أقوام ومكونات الشعب السوري.هذه المناهج المتخلفة هي المسئولة عن استنبات جذور الوعي الطائفي والإثني والعودة بسوريا الى الزمن الرديء والانحدار الحاصل في القيم والأخلاق الوطنية.واللافت في هذا السياق، أن كتب ومقررات (اللغة العربية،وبنسبة أقل مادة القومية) في المدارس والجامعات السورية أضحت (ديانة إسلامية)،بعد أن اجتاحتها آيات قرآنية وأحاديث نبوية وقصص من التراث الإسلامي، طبعاً من غير أن يرد فيها ذكر أي نص أو آية من الإنجيل ولا حديث واحد من التراث والتاريخ المسيحيين، وآخر إنجازات البعث العربي في اطار نهج أسلمة المجتمع السوري: وضع صورة (المسجد/الجامع) على البطاقات (الهوية) الشخصية للمواطنين السوريين.وإذا ما تحدث الإعلام السوري عن الحضارة الآشورية والتراث السرياني المسيحي، لا يأتي حديثه ضمن نهج  وبرنامج  وطني  ليعمق اعتزاز السوريين به كتراث وطني أصيل، وإنما يقوم بذلك بقصد الترويج السياحي لسوريا. جدير بالذكر أن أكثر من 90% من سكان سوريا نشأوا وترعرعوا في ظل حكم البعث وتشبعوا بثقافته القومية والإسلامية التي أودت بنا الى ما نحن عليه من تمزق في هويتنا السورية وانهزام إرادتنا الوطنية.ونشير هنا الى واقعة بالغة الأهمية في سياق هذه القضية: استكثر أمين فرع حزب البعث في مدينة (الحسكة)، قبل سنوات،على الفرقة النحاسية (الآشورية) عزف النشيد الوطني للبلاد في احتفال وطني كبير،حيث منعها من عزف النشيد،علماً لم يكن في ذاك الاحتفال أية فرق موسيقية أخرى.بالطبع، لا يمكن إعادة عجلة التاريخ الى الوراء وبالتالي إعادة العرب المسلمين الى من حيث جاءوا، وبالأصل ليس هذا مشروعنا أو هدفنا، إذ لا وجود لأطماع سياسية للآشوريين أو لأي فئة مسيحية أخرى في سوريا، وإنما ما نعمل من أجله هو مد الجسور المقطوعة بين ماضي وحاضر سوريا، واعادة الاعتبار للمرحلة الآشورية(السريانية) وكذلك (الآرامية) وحتى الفينيقية، وهي لم تكن مراحل عابرة بحياة سوريا وإنما متجذرة بتاريخ سوريا،تمتد عشرات القرون، لكن أسقطتها العقلية العروبية الإسلامية وغيبتها بشكل متعمد عن التاريخ السوري.بالطبع،اعادة الاعتبار للحضارات السورية القديمة يتطلب وضع مناهج وبرامج تربوية وتعليمية تجسد وعياً وطنياً لا طائفياً بتاريخ وحضارة سوريا، مناهج تؤسس لمرحلة جديدة في سوريا تقوم على الإقرار بالوجود الآشوري القائم والمتفاعل مع الحالة الوطنية السورية، وإحضار أو إحياء (التراث السرياني)، من لغة وثقافة وتاريخ لتعزيز انتماء الإنسان السوري به، وتقديمه على أنه ملك كل السوريين وليس ملك الآشوريين وحدهم، ووضعه بنفس المستوى والدرجة من الاهتمام المعطى للتراث والتاريخ العربيين من قبل الدولة السورية.فالوطنية لا تبنى بالتركيز على ما هو مدفون تحت الأرض من حجر وآثار وأموات لجذب السائح الأجنبي وتجاهل ما فوقها من بشر لهم حقوق وينتظرهم مستقبل.لا يمكن لدولة تدعي أنها تحترم تاريخ وحضارة بلدها،وهي تتجاهل حقوق مواطنيها وتغييب حقائق التاريخ كلياً عن فكر وثقافة شعبها! لماذا ممنوع على الآشوري والمسيحي أن يصبح رئيساً لسوريا التي تحمل أسمه وتحتضن تاريخه وحضارته؟.هل يعقل أن يعلم في سوريا تاريخ وحياة أفخاذ قبائل وعشائر عرب اليمن والسودان وعرب جزر القمر والصومال، ويبقى تاريخ الآشوريين وحضارتهم وحقب مهمة أخرى من تاريخ  وحضارة سوريا لغزاً وسراً مجهولاً بالنسبة للإنسان السوري، وأن يتهم من يتحدث عن المرحلة الآشورية بالشعوبية والانعزالية.من من السوريين يعرف عن الشهيدة الآشورية ( فبرونيا) التي قاتلت الاحتلال الروماني لسوريا حتى استشهدت عام 303م بالقرب من مدينة نصيبين الآشورية(تركية حالياً)؟ ومن من السوريين قرأ للشاعر الكبير مار أفرام السرياني (شمس السريان) والمؤرخ ميخائيل الكبير والأديب اوكين منا  والمؤرخ والفيلسوف ابن العبري واحيقار الحكيم، وعن يوحنا الدمشقي؟ وكم من السوريين سمع بمملكة (الرها- أورهي) الآشورية السورية، أول مملكة تعتنق المسيحية في العالم؟ لا بل كم من السوريين يعرف شيئاً عن تاريخ المسيحية وظروف ظهورها في فلسطين؟ وهل يعرف الشعب السوري شيئاً عن ملحمة التكوين البابلية( إينوما ايليش) و كلكامش الآشورية التي دارت الكثير من أحداثها على الأرض السورية وعن الملك العظيم نبوخذ نصر وعن مكتبة آشور بانيبال العظيمة، أول مكتبة في التاريخ ؟ وكذلك وكم من السوريين يعرف أن دمشق كانت عاصمة أكبر إمارة آرامية في القرن العاشر ق.م ؟. لماذا يتحدث التاريخ السوري عن مذابح بحق مجموعات عربية وإسلامية هنا وهناك، شرقاً وغرباً، شمالاً وجنوباً، ولا يذكر شيئاً عن مئات المذابح بحق الآشوريين والمسيحيين عامة نفذتها السلطنة العثمانية والاستعمار الإنكليزي في سوريا وتركيا والعراق؟ بكل أسف وحزن ثقافي، نقول: تخلو مناهج التعليم وبرامج التثقيف في سوريا من ذكر كل هذا التراث الوطني ومن هذه الحقائق السورية!.لهذا اجتاحت الثقافة الإسلامية وعي الشارع السوري،وبات هذا الشارع يربط المسيحية بالغرب،ولم يعد يتقبل المسيحية الى جانب الإسلامية، علماً أنها (المسيحية)انبعثت من هذا الشرق ومنه انتقلت الى العالم، شرقاً وغرباً،لا بل أنها ديانة سورية بامتياز، وحتى القرن السابع الميلادي كانت منطقة شرق البحر المتوسط هي قلب المسيحية ومركز حضارتها.ليس من المبالغة القول: أن المناهج التربوية والتعليمية اللاوطنية المطبقة بسوريا وفي غيرها من دول المنطقة العربية والإسلامية،الى جانب القمع والاستبداد والحرمان الممارس من قبل أنظمة الحكم على شعوبها،يتحملان معاً مسؤولية تصاعد الأصولية الإسلامية والقومية ونمو التطرف الإسلامي وانتشار ثقافة العنف والإرهاب والقتل على الهوية.فبدلاً من أن تحمل رياح التغيير والتحولات السياسية والفكرية التي اجتاحت وتجتاح العالم، الديمقراطية والحريات الاجتماعية لشعوب المنطقة وتبعث الأمل والأمن والاستقرار فيها، زادت من الإحباط المسيحي في الشرق و أضحى  الوجود المسيحي أكثر مهدداً،وبدأت مخاوف الآشوريين والمسيحيين السوريين عامة تتعاظم من المصير الذي ينتظرهم في أي تغيير سياسي غير آمن قد يحصل في سوريا،خاصة والمشهد العراقي ماثلاً أمامهم،والذي يؤكد مجدداً: أن مخاطر(النظام القومي) على الاستقرار الداخلي في دولة متعددة القوميات لا تقل عن مخاطر (النظام الديني) في مجتمع تتعدد أديانه ومذاهبه وطوائفه، فكلا النظامين يحولان دون الانتقال من (دولة العقيدة)الى (الدولة المدنية) الآمنة،القائمة على الديمقراطية وسيادة القانون وعلى مبدأ المواطنة وحقوق الإنسان،كما أنهما يعيقان إقامة نظام علماني ديمقراطي ليبرالي،أفضل أنظمة الحكم وأصلحها للطبيعة البشرية.
سليمان يوسف يوسف... سوري آشوري.. مهتم بحقوق الأقليات.
 shosin@scs-net.org
 [/b]

4
محنة المنظمة الآثورية الديمقراطية (5 ) 
(عقلية المافيا)   


                                         
   -  ردود وتوضيحات:   
وصلتني عشرات الرسائل،عبر الهاتف وبالبريد الإلكتروني، بعضها تحمل الشكر والاستحسان على فتح ملف محنة المنظمة ويشجعني اصحابها على الاستمرار في الكتابة، وبعضها الآخر، بأسماء مستعارة،تستهجن ما أقوم به، وفيها من الشتائم والنعوت والوعيد والتهديد في حال واصلت الكتابة،بالطبع لن نعير أي اهتمام لكلامهم، ليقولوا ما يقولوا، نترفع على الرد عليهم، كل يعبر عن أخلاقه وثقافته.كما جاءتني رسائل من أعضاء قياديين في المنظمة، منهم مازال قائماً ومنهم ابتعد أو ابعد عنها،جميعهم يقيمون في دول المهجر،لأن من هم داخل الوطن مصرون على استمرار المقاطعة رغم انعدام المسافة الجغرافية بيننا تاركين للمسافة السياسية تأخذ مداها الأقصى، غير آبهين بالنتائج وتداعيات موقفهم.القادة الآثوريون، ينتقدونني في رسائلهم- لو وافقوني لنشرتها كما هي- على الطريقة التي أتناول بها (محنة المنظمة الآثورية)، والتي تبدو لهم بأنني أختزلها بشخص(بشير سعدي)،ويرى هؤلاء: أن التركيز على شخص بعينه دون غيره يعطي للأزمة بعد شخصي مما يضعف موقفي في القضايا التي أثيرها،وبعضهم لا يرى حاجة لفتح الدفاتر الصفراء للمنظمة وملفاتها الفاسدة لأنها، وبحسب ما يرى هؤلاء، محنة شائكة ومزمنة لا خلاص منها، الكل ساهموا في صناعتها.إحدى هذه الرسائل- صاحبها يشغل موقعاً قيادياً- تقول: )( احذر من ركوب بعضهم على موجتك، سيدورون لك ظهرهم، كل ما أخافه أن تكون مجرد أداة لتبديل (البغال) في جر هذه العربة الرائعة.. تباكيك على بعضهم آلمني كثيراً...ويضيف: لسان حالهم اليوم يقول:  فخار يكسر بعضُ، يتخلصون منك  ومن بشير...حاول يا رفيقي ان تكون حالة قائمة بذاتها وليس  مجرد (سليمان)..)).حقاً أنه كلام بالغ الأهمية،فهو يعكس (الحالة المزرية والمهزلة)التي وصلت اليها المنظمة الآثورية وهي تستعد للاحتفال بعيدها الذهبي.هل يعقل أن يصل مستوى العلاقات والأخلاق الآثورية الى هذه الدرجة من الانحطاط والابتذال والانحدار في تعامل القيادات مع بعضها وأن تتعاطى بهذه الطريقة السوقية في معالجة أزمات المنظمة؟آه يا (أمتي الآشورية)، وقد غدر الدهر والتاريخ بك، واليوم أبنائك هم من يغدر بك! ماذا يمكن للمنظمة الآثورية أن تفعل من أجلك؟إذا كانت العلاقات التنظيمية بين القيادات الآثورية وأخلاقهم بهذه النمطية القائمة على الخبث والرياء والتآمر على بعضهم البعض على طريقة رجالات المافيا.فما أذكاهم في شخصنة قضايا الخلاف داخل المنظمة وتمييعها حتى لو كانت حول مسائل وقضايا جوهرية،وفي افتعال الأزمات والفتن لتخلو الساحة لهم.كما هو الحال بالنسبة للأزمة الراهنة التي فجرها السيد (بشير)، والتي هي نتاج هذه (البيئة الآثورية الفاسدة)،لذا تحتاج الى وقفة خاصة، قبل أن نتوسع ونتعمق في الأسباب التاريخية والبنيوية والفكرية لمحنة المنظمة.على أية حال، بدأ الجليد بالذوبان وبشير ليس سوى (قمة الجبل) الذي يخفي تحته كل الفاسدين والانتهازيين الذين ضللوا الشعب الآشوري بشعاراتهم وجعلوا من المنظمة مطية بأيدهم ومزرعة ينتفعون منها.
بحكم ممارستي لفعل الكتابة والنشاط السياسي داخل الحراك الديمقراطي السوري،أجد نفسي أكثر المعنيين بظاهرة الاستبداد وإملاء القرارات الأمنية على المنظمة،ومع التزام الغالبية موقف المتفرج من هذه الظاهرة الخطيرة بالرغم من إقرار الكثيرين بها، تبدو القضية وكأنها خلاف شخصي مع بشير، لكنها بالمطلق هي ليست كذلك.أليست (قضية الديمقراطية)قضية عامة في سوريا، لكن الذين يناضلون من أجلها هم نخبة من السياسيين والمثقفين المعارضين، لأنهم أكثر من يشعر بأهمية الديمقراطية والحريات في تقدم المجتمع وازدهاره، بالطبع يحاول النظام السوري دوماً التضليل على الرأي العام باتهام المعارضة بالتآمر والعمالة للخارج ليبرر قمعه واعتقاله لناشطيها، سلوك ونهج بشير ومريديه داخل المنظمة لا يختلف بشيء عن نهج النظام السوري،وما يزيد سلوك بشير عنجهية هو غيرته القاتلة من أقرب المقربين له، فهو لا يريد شخصاً في المنظمة أن يبرز و يخطف الأضواء عنه.ولا جدال على أن الأزمة الراهنة هي امتداد واستمرار لأزمة ( التصريح المشبوه)،الذي فرضه بشير سعدي- لضرورات أمنية كما يقول- على المكتب السياسي بتاريخ 27-8-2005، الذي بموجبه جرد جميع أعضاء المنظمة قيادات وقواعد من حقوقهم السياسية والديمقراطية بخلاف المادة 41من النظام الداخلي للمنظمة، لكن باعتبار لا أحد من أعضاء القيادة أو غيرهم يمارس حق الكتابة والإدلاء بتصاريح لوسائل الإعلان،فقد بدت الأغلبية غير معنية بالموضع وبقيت وحيداً في المواجهة رافضاً التصريح المشبوه- مع كل المحبة والتقدير لمن بعث برسائل  وأصدر بيانات التعاطف والتضامن معي والتي وردت من داخل المنظمة وخارجها، وأخص بالذكر (الشبيبة الآشورية) في كل من القحطانية والخابور-،أن تخلي أعضاء القيادة عن حقوقهم، لشعورهم بعدم قدرتهم على ممارسة هذه الحقوق، قطعاً لا يعني أن مواقفهم من القضايا المطروحة هي صحيحة، حتى لو وافقت عليها الأغلبية برفع الأيدي على طريقة (مجلس الشعب السوري)،إذ كيف يمكن للمنظمة الآثورية أن تبني مواقفها على رأي من لا يرغبون بالعمل السياسي الجاد.في سياق هذه القضية،عاتبني البعض،في رسائلهم،على (كتاب التوضيح )الذي نشر باسمي 22- 10-2005 حول ما أثير من سجال حامي في الشارع الآشوري على خلفية مواقفي و ما كتبته عن خلفيات ذاك التصريح، فقد وجدوا في كتاب التوضيح تراجعاً مني عن مواقفي وعما قلته:(( بأنه لم يصدر إلا استجابة للضغوط الأمنية وبالتالي فأن قرار وارادة المنظمة باتا مصادران من قبل سلطات الأمن السورية عبر مسؤول المكتب السياسي))،إذ يرى هؤلاء،وأنا احترم وجهة نظرهم،أن التوضيح الذي تتضمن اعتذاراً،أضعف موقفي اليوم في إثارة القضية من جديد.بلا ريب، أن الاعتذار ترك ردود أفعال سلبية لم تكن في صالحي وولد شكوكاً لدى البعض بمواقفي، خاصة وقد قام بشير سعدي ومريديه بتوظيف ذاك التوضيح  بالاتجاه الذي أرادوه وبنوايا سيئة ومغرضة، وكعادتهم ضللوا به القواعد البسيطة في المنظمة، حيث أخذوا منه (شهادة حسن سلوك) لأنفسهم، واستخدموه ضدي.لهذا أجد أهمية كبيرة في التوقف عند ظروف وموجبات صدور كتاب (التوضيح) لشرح الموقف وتبيان الحقيقة. بداية أؤكد للجميع بأنني لم أكتب من ذاك (التوضيح) حرفاً واحداً وبالتالي أنا لم أقم بنشره في مواقع الانترنيت، طبعاً لا أنكر بأنني وافقت عليه، لاعتبارات وأسباب عديدة، في مقدمتها إنه جاء بعد الحاح كبير وتجاوباً مع مسعى قام به بعض أعضاء اللجنة المركزية قبيل انعقاد اجتماعها، أبرزهم (مسؤول قيادة فروع المهجر)، لتطويق الأزمة واحتوائها تداعياتها السياسية والتنظيمية السلبية على المنظمة.فقد رأى غالبية أعضاء اللجنة المركزية أن ما نشرته عبر الانترنيت مس المنظمة وزعزع ثقة الكثيرين بها،ولإنقاذ سمعتها ومكانتها التي اهتزت في المجتمع الآشوري وفي الأوساط السياسية السورية، لا بد من توضيح باسمي يعيد للمنظمة اعتبارها،وقد جاء كتاب التوضيح متوافقاً مع هذه الغاية النبيلة، وكنت مصراً على أن يعنون الكتاب بـ( توضيح) وليس بـ (اعتذار) وهكذا كان.فهو قطعاً ليس اعتذاراً مني أو تراجعاً عما كتبته في مقالة ( رياح التغيير تعصف بالمنظمة) أو في (كتاب الشكر) الموجه لمن تضامن معي، وهذا ما أكدت عليه في كل حواراتي ولقاءاتي، داخل المنظمة وخارجها.أنني اعتذرت فقط عن الإساءة التي قد لحقت بالمنظمة الآثورية ومسؤول المكتب السياسي جراء التفسيرات الغير الدقيقة من قبل البعض والمغرضة من قبل البعض الآخر والتي لم اقصدها، مثل تهم (الخيانة) و(العمالة) التي لم يرد ذكرها بالمطلق في كل ما كتبته عن (التصريح المشبوه).فقد أراد  البعض حرف القضية عن مسارها السياسي وتقزيمها واختزالها بكلمة (عمالة)،في حين أن قضية (القرارات والمواقف والتصاريح المشبوه التي يمليها بشير سعدي على المنظمة)،هي أخطر بكثير من أن تختزل بهذه الكلمة الرخيصة (عمالة) التي فقدت وظيفتها بعد ان انتقلت المنظمة الى مرحلة العمل السياسي العلني والإعلان عن أعضاء القيادة.كما أن موافقتي على (كتاب التوضيح) كانت مشروطة بطي (التصريح المشبوه)، وقد أكد أصحاب المبادرة على أن هذا مطلبهم أيضاً،لكن في اجتماع اللجنة المركزية (جرت الرياح بما لا تشتهي السفن)، كما كان متوقعاً،إذ لم يطو التصريح، فقط تم تعديله،إذ لم يعد مسؤول المكتب السياسي هو الناطق الرسمي باسم المنظمة،وقد خرجنا، أنا و مسؤول فروع المهجر، صاحب المبادرة، من الاجتماع احتجاجاً على تخاذل غالبية أعضاء اللجنة المركزية ورضوخهم لابتزازات بشير.وبعدها بدأت مساعي جديدة وعدت الى الاجتماع بعد أن تم الاتفاق على أن أكتب صفتي السياسي في المقالات وأدلي بالتصاريح لوسائل الإعلام، كعضو مكتب سياسي.
انفجار الأزمة مجدداً داخل المنظمة وبحدية أكثر على خلفية ذات المواقف والسلوك المشبوه للسيد بشير سعدي ما هي إلا معطى ومؤشر جديد على صحة ما ذهبنا وتوصلنا اليه فيما يخص، اختزل المنظمة بشخص بشير الذي رهن إرادة المنظمة وقرارها الى سلطات السورية.كما أن استمرار مسلسل الفساد السياسي والمالي الذي يفتك بالمنظمة من غير أن تقف القيادة عنده ومعالجته ووضع حد له، يؤكد على أن المنظمة الآثورية تقاد بـ(عقلية المافيا).حيال هذه الظاهرة الخطيرة لم يبق أمامنا خيارات سوى طرح القضية على (الرأي العام الآشوري)، ليكون على بينة من الحقيقة وعلى أمل أن تستفيد الأجيال القادمة من تجربتنا المريرة.
أخيراً: ماذا يمكن أن تفعله(اللجنة المركزية) في اجتماعها الاستثنائي المقرر انعقاده قريباً؟.لا شيء! لأنه بالأصل غير مخصص لمناقشة الأزمة،فقد أجبروا عليه لاستكمال الكورس(المكتب السياسي) المحيط بالسيد بشير بعد انسحابنا منه ورفض من يلينا بالأصوات دخوله. بالطبع سيصدق المجتمعون على القرارات الغير قانونية وعلى المواقف المشبوهة التي أملاها مسؤول المكتب السياسي على المنظمة ومباركة خطواته باتجاه تصفية ما تبقى من رصيدها القومي والوطني.فاللجنة المركزية أعجز من تحرك ساكناً وإنقاذ المنظمة من المصير الذي يهددها ويقودها اليه بشير.وغالباً أن الحكماء صاغوا مسبقاً البيان الختامي للاجتماع،بعد أن قرروا نتائجه مسبقاً و أعلنوها في حملاتهم الهوجاء ضدنا وعبر بياناتهم الشفهية في الشارع:(أنهم لن يعودوا الى المنظمة الآثورية)،نعم لهم الحق، فقد طوبوها باسمهم،هم الدستور والنظام الداخلي وكل المنظمة، ولا أحد يتجرأ أن يقول غير ذلك،حتى مسؤول اللجنة المركزية لم يتجرأ الحديث معنا منذ آخر اجتماع لنا معه قبل ثلاثة أشهر، وهو عمر الأزمة.نحن بدورنا لا ننتظر من اجتماعكم شيئاً لأننا حسمنا أمرنا: لن..ولن نعود الى هذه المهزلة ثانية،مكاناً ليس بينكم،وإنما بين الشعب الآشوري الذي لفظكم، الرافض للاستبداد والعاشق للحرية.
-   بمناسبة ذكرى تأسيس المنظمة الآثورية التي تصادف 15 تموز،ستكون الحلقة القادمة من وحي المناسبة.
سليمان يوسف....... shosin@scs-net.org
آثوري منسحب من قيادة المنظمة الآثورية الديمقراطية.
سوريا- القامشلي[/b]

5
محنة المنظمة الآثورية الديمقراطية ( 4)

( مهزلة اعتقالات 1987)- الجزء الأول


(سعيد لحدو) شاهد زور في قضية خاسرة.... (الجلسة الثانية).

بالعودة لمقال (سعيد لحدو) المعنون بـ (سليمان يوسف أمام القضبان)، لدحض الافتراءات والمغالطات السياسية التي أتحفنا بها. يقول: (( لقد حاول في عام 1987 اغتصاب القيادة منتهزاً وجود معظم القيادات آنذاك في السجن. وبعد عودة القيادة من السجن وجد سليمان يوسف نفسه وحيداً خارج المنظمة. وعندما عاد إليها في أواخر التسعينات, ربما لأنه اعتقد أن اغتصاب القيادة من داخل المنظمة أسهل عليه. وبخاصة أنه طوال السنوات التي بقي فيها خارج المنظمة لم يتمكن من إقناع أحد بموالاته رغم كل محاولاته الحثيثة وجهوده المضنية من أجل هذا الهدف. لا أعتقد أن تهجمه الحالي على المنظمة والرفيق بشير المعروف كأكثر أعضاء القيادة قدرة ورغبة في الاستماع للآخرين, بالشكل والأسلوب الذي حصل, ليس إلا رد فعل جديد على فشل جديد لجر المنظمة إلى أقصى التطرف لفظياً، وهذا لا يخفي إلا عجزاً وانهزامية في داخل النفس التي تصرخ بأعلى صوت لمداراة ما يسكن في داخلها من تناقض تعيشه، ويضيف:المنظمة الآثورية لا تشكل أي شكل من أشكال الضمان من تهديد المخابرات السورية لأي عضو من أعضائها بالاعتقال...ولو كان هدف الرفيق بشير أو قيادة المنظمة دفعه(سليمان) إلى السجن  لتوجب عليه أن يشكرهم من الأعماق لأنهم بذلك يعلقون على صدره وسام المناضل الوطني، ولكانوا شجعوه أكثر على التطرف مما يمنحهم المتاجرة باسمه في حال تم اعتقاله، يضيف: في المنظمة على الدوام الأطر الشرعية لمناقشة أية فكرة مهما كانت متطرفة والأخذ بها إذا رأت الأغلبية ذلك مفيداً..)).
 كم تبدو الأوصاف والنعوت التي ينعتني بها سعيد مطابقة لواقع حاله و تعكس ماضيه وتاريخه الشخصي، وهو بكلامه هذا يكشف عن (الانفصام السياسي) الذي كان وما زال يعاني منه. فهل هناك شخص أكثر فشلاً وانهزامية وإفلاساً وانحداراً من ذاك الذي يهاجر أهله ورفاقه و بلده وحزبه، بعد عقود من الحديث في السياسية والقومية ومن الخطب والشعارات الرنانة في القومية والوطنية والمبادئ والتضحية وعن مخاطر الهجرة؟ وهل هناك شخصية متناقضة مع ذاتها أكثر من ذاك الذي يقول الشيء ويمارس عكسه؟.لم تكن(القيادة) بالنسبة لسعيد ولصديقه بشير وأمثالهم، إلا موقع للممارسة السلطة والوجاهة والحصول على المنفعة، لهذا كانوا يخططون دوماً من أجل الاستحواذ على مواقع قيادية في المنظمة.وفي هذا السياق كان(بشير سعدي) واضحاً وقد عن رغبته بالقيادة وبرر التكتل الذي عمل له في المؤتمر العام الأخير بالقول: (( أنا أرغب بالقيادة لأنني أجد فيها من المتعة والوجاهة ما يكفي للتمسك بها وأضاف: غيرنا يتذابح على المناصب والسلطة نحن على الأقل لم نصل بعد الى هذه المرحلة))، نعم هذا هو فهم بشير وسعيد للقيادة، بدلاً من أن ينظروا لها كمسؤولية قومية ووطنية ومتاعب نضالية، يقوم بها السياسي  ويتحملها من أجل أهداف عامة وغايات سامية، لا لأهداف أنانية مغرضة.
لقد تجاهل سعيد في مقاله عن عمد مرحلة(الهيئة المكلفة) على أهميتها،التي قادت المنظمة فترة توقيف القيادة، والأزمة التي انفجرت بعد الإفراج عنهم،وسعيد من الذين لعبوا أسوأ الأدوار في تلك الأزمة- سنتحدث عنها لاحقاً-  لهذا فهو يزيف التاريخ ويشوه الحقائق من دون أن يؤنبه ضميره.فهو يدرك جيداً بأنني لم أكن وحيداً خارج المنظمة كما يفتري ويدعي،وإنما كنا مجموعة(الهيئة المكلفة) ضمت أكثر من عشرين آثورياً من مختلف الهيئات،اختلفنا مع القيادة حول تحديد الوضع التنظيمي للمعتقلين بعد الإفراج عنهم، وقد استغلت (القيادة) الفاقدة لشرعيتها التنظيمية والأخلاقية والسياسية- بالطبع سعيد وبشير من ضمنها- تلك الأزمة وأصدرت قرار يقضي بفصلي من المنظمة لأنها كانت تنظر لي كخصم لدود لها و العائق الأكبر أمام تمرير سياساتها التخاذلية وتتهمني بالارتباط مع المعارضة السورية لتضلل القواعد والجماهير الآشورية. وقد وجدت تلك القيادة في الأزمة فرصتها للتخلص مني لكن خابت آمالها، إذ كان أحد شروط التسوية أن تعود (الهيئة المكلفة) بكامل أعضائها وعبر مؤتمر لفرع سوريا لبحث أسباب الأزمة وهذا ما حصل عام  1992.جدير بالذكر أنني كنت قد اعتذرت عن طلب أعضاء (الهيئة المكلفة) بتسميتي مسؤولاً لها إذ فضلت (القيادة الجماعية)وكانت تجربة ناجحة،وعندما ظهرت بوادر لحل الأزمة لم أقف ضد رغبة الأغلبية، طبعاً من غير أن أخفي عدم تحمسي لتلك العودة، ليس طمعاً بالزعامة أو القيادة وإنما لأنني كنت أعرف جيداً (المعدن السياسي) للقائمين على المنظمة أمثال سعيد وبشير وغيرهم وكنت على علم بالشروط التي خرجوا بها من السجن، فلم تكن غايتي أو غاية أحد في الهيئة المكلفة (اغتصاب السلطة) كما يحلو لسعيد أن يسميها اليوم وبعد ربع قرن، وهو يتباكى على بقايا (المنظمة الآثورية) من موطنه الجديد( هولندا)،علماً أننا لم نسمع مثل هذه التهمة يوم كان سعيد في سوريا والأزمة في ذروتها. حقيقة أن أكثر ما يؤلمني في هذه الأزمة هو استنفار الكثير من الآثوريين، أمثال سعيد لحدو، ليس للدفاع عن المنظمة الآثورية المهددة اليوم بالتفكك، وإنما لإنقاذ (بشير سعدي) من المأزق الذي دخل فيه، وإن تطلب الأمر التضحية بمصلحة الشعب الآشوري وبالمنظمة الآثورية ومستقبلها السياسي. هذا التماهي مع شخص المسؤول، يعكس مدى تأثر هؤلاء بـ(ثقافة الاستبداد) القائمة على تأليه وتقديس المسؤول، التي عممتها الأنظمة الشمولية في المنطقة، كالنظام السوري، والتي لا تنظر لمصالح شعوبها وأوطانها إلا بدلالات النظام الحاكم ومصالحه.
لا أعتقد بأن السيد (سعيد لحدو)،الذي تبرع أو ُكلف ليكون شاهد زور ومحامي دفاع في آنٍ واحد في قضية خاسرة،يجهل رغبات وطموحات صديقه( بشير سعدي)،وهما من ذات الفصيلة السياسية والاجتماعية.أن السيد( بشير سعدي) لا يخفي  محاربته لكل آثوري  في المنظمة الآثورية لديه روح التضحية والإقدام السياسي، كما أنه يرفض وجود مناضلين أو أبطال وطنيين لديهم الاستعداد لكسب شرف الاعتقال ولو للمتاجرة السياسية بهم.لقد قال (بشير) في أكثر من مناسبة وفي اجتماعات رسمية،موجهاً كلامه لي: (( إذا اعتقلت بسبب مقالاتك ومواقفك السياسية من النظام السوري،  نحن في المنظمة غير مسؤولين عنك والمنظمة ستتبرأ منك )).لقد بدا واضحاً أن السيد بشير يهدف من وراء حملته الهوجاء علي أن يصورني كشخص طائش ومتمرد لا بل متهور مطرود من المنظمة الآثورية، حتى لا أكون بطلاً آثورياً أو وطنياً في نظر المجتمع فيما إذا اعتقلت،هذا من جهة، ومن جهة أخرى حتى لا يتحمل هو والمنظمة الآثورية، التي يعتبرها ماركة مسجلة باسمه، التبعات السياسية والأعباء المادية للاعتقال، نعم هكذا يفكر بشير وهذه هي نظرته وفهمه للسياسة والمنظمة. وعلى خلفية هذا الموقف المتخاذل والانهزامي وضحالة تفكيره السياسي أرغم (المكتب السياسي) على اصدر (التصريح المشبوه) في صيف عام 2005، الذي يقضي بعدم مسؤولية المنظمة عن كل ما أكتبه أو أصرح به لوسائل الإعلام، وكان قد سبب ذاك (التصريح المشبوه) أزمة داخل المنظمة في حينها- سنلقي الضوء عليها من جديد لا حقاً- والأزمة الراهنة ليست مفصولة أو معزولة عن تلك الأزمة، إذ ما كان سيصدر ذاك التصريح المشبوه وما كان سينقلب على كلمة المنظمة الآثورية في حفل تأبين ضحايا الأكراد، إلا ليجنب نفسه الإحراج أمام السلطات الأمن السورية وليبرئ ساحته من الكلمة ومن كتاباتي ومن تصريحاتي الناقدة لسياسات النظام.وبغية التخلص مني ومن كل من يعترض على توجهاته المشبوهة فجر السيد (بشير) الأزمة الراهنة، بعد أن غرر ببعض الآثوريين السذج وضلل بعضهم الآخر مستفيداً من ظاهرة البطالة السياسية والعطالة الفكرية التي تجتاح المنظمة ومن حالة الرعب والخوف من السياسية التي زرعها النظام في  المجتمع السوري.نعم يا أخ سعيد: أن ما يبحث عنه (بشير سعدي) ويخطط له ليس أبطال آثوريين، وطنيين أو قوميين،وإنما أن يبقى (بطريركاً )على الطائفة الجديدة لشعبنا( المنظمة الآثورية)، ومن ثم أن يحظى على شرف الحصول على (الجنسية الأمريكية) والعيش في الفردوس الأمريكي، ليعلن من هناك موت (الأمة الآشورية).
عن أية (أطر شرعية) في المنظمة يتحدث سعيد ويريدنا أن نلتجئ أليها لحل خلافاتنا، إذا (قيادة المنظمة) اليوم مختزلة بالسيد بشير، الذي انتزع،بطريقته الاستفزازية المعروفة، قرار تجميد عضوية أثنين من المكتب السياسي( كبرو شالو وسليمان يوسف) في اجتماع غير قانوني (للجنة المركزية)، بأقل من ثلثي الأعضاء وهو الحد الأدنى للنصاب القانوني الذي حدده النظام الداخلي،وهذه سابقة خطيرة في حياة المنظمة، دون أن يتوقف عندها مسؤول اللجنة المركزية لأنه شخص مسلوب الإرادة والقرار لأسباب نعلمها جيداً . والأزمة الراهنة التي تعصف بالمنظمة  ما هي إلا نتاج تلك الذهنية المهزومة والإقصائية للسيد بشير ومريديه داخل اللجنة المركزية.
عذراً من كل آثوري وآشوري، لأنني أجد نفسي، مكرهاً لا راغباً، لنشر مزيد من (الغسيل الآثوري) الوسخ لا بل (الجيف السياسي) للمنظمة الآثورية الديمقراطية، خاصة ما يتعلق بـ(فضيحة اعتقالات 1987) التي تسترنا عليها جميعاً لأكثر من ربع قرن حرصاً منا على سمعة ومكانة المنظمة الآثورية وخوفاً عليها، ليس كتنظيم فحسب،وإنما باعتبارها جسدت حالة قومية ولو بالحد الأدنى. ربما البعض من الآثوريين، خاصة ممن يعنيهم الأمر بشكل مباشر، يخونني على فتح ملف الاعتقالات لأنه يعتبره (سري للغاية) لكن قبل أن يتسرع هؤلاء و يطلقوا الأحكام والتهم جزافاً يجب أن يتذكروا ولا ينسوا أن هذا الملف محفوظ في سجلات فرع (المخابرات الجوية) بدمشق، فعلى من يريدون إخفائه، على قواعد المنظمة والرأي العام الآشوري والسوري، خوفاً من الفضيحة.مرة أخرى عذراً عن الصدمة التي قد تصيب كل آثوري وآشوري شريف صادق بتوجهاته القومية والوطنية، بمجرد معرفته بسرعة انهيار أعضاء قياديين في المنظمة الآثورية إثناء التحقيق معهم  وعدم قدرتهم الاحتفاظ حتى بـ(ورقة التوت) الآثورية.ربما مبرراً في السياسية أن توظف تلك الاعتقالات على مهزلتها في المجتمع والأوساط السياسية لصالح المنظمة والقضية الآشورية في سوريا لرفع من رصيدها السياسي، لكن ما هو غير مبرر وغير مقبول على الإطلاق أن تستخدم الاعتقالات ورقة (صك غفران قومي وسياسي) للمزايدة والمتاجرة بها على مر الأجيال داخل المنظمة ويقدم هؤلاء أنفسهم في المجتمع على أنهم قادة تاريخيين ضحوا من أجل القضية الآشورية، كلما تم التصدي لأخطائهم وتجاوزاتهم وممارساتهم المفضوحة داخل المنظمة وفي المجتمع.لهذا بات من المهم جداً، فتح ملف الاعتقال ،بعد التطورات التي حصلت داخل المنظمة وفي المجتمع الآشوري و السوري عامة،استعداداً لمواجهة الاستحقاقات والتحديات التي تفرضها المرحلة التي تتطلب التعاطي مع القضايا والمسائل المهمة بشفافية ومصداقية كاملة والكشف عن أخطاء الماضي، ومن أجل  تقديم خطاب قومي ووطني جديد يقوم على وضوح الرؤية السياسية،ومن أجل وضع حد للمتاجرة القومية والوطنية بتلك التوقيفات.
- حقيقة الاعتقالات وتداعياتها،سقوط(ورقة التوت)الآثورية، هي موضوع الجزء الثاني من(مهزلة اعتقالات 1987).

سليمان يوسف.... سوريا
منسحب من (قيادة) المنظمة الآثورية الديمقراطية...
  shosin@scs-net.org
 [/b]

6
ميليس... والخيارات الصعبة أمام دمشق!

سليمان يوسف يوسف
26 سبتمبر, 2005
     
تتجه أنظار العالم هذه الأيام، الى سورية ولبنان، حيث مجريات التحقيق الدولي في أهم وأخطر جريمة "اغتيال سياسي" شهدها القرن الحادي والعشرون حتى الآن، والمتمثلة باغتيال رئيس الوزراء اللبناني الأسبق رفيق الحريري في الرابع عشر من شباط الماضي في وسط العاصمة بيروت، وقد سبقتها ولحقتها سلسلة اغتيالات، طالت العديد من السياسيين والصحافيين اللبنانيين.

وكان قد حمل العديد من الأطراف والجهات اللبنانية والدولية كلاً من النظامين الأمنيين في لبنان وسورية مسؤولية اغتيال (الحريري) والاغتيالات السياسية الأخرى، مستندين باتهاماتهم الى طبيعة العلاقة اللبنانية السورية التي اتسمت طيلة ثلاثة عقود بهيمنة أمنية ووصاية سياسية سورية على لبنان، كذلك الى الخلاف الذي كان قائماً بين رفيق الحريري والنظام السوري من قضية التمديد للرئيس إميل لحود ومن القرار 1559.

ومع ازدياد الاهتمام الدولي بقضية الحريري وتقدم التحقيق بهذه القضية، يرى الكثير من المراقبين والمحللين السياسيين، أن المستقبل السياسي لكل من سورية ولبنان، سيتحدد على ضوء النتائج النهائية لتقرير القاضي ديتليف ميليس، رئيس اللجنة الدولية المكلفة بالتحقيق بالجريمة. وقد بدأ ميليس، قبل أيام تحقيقاته في دمشق، ومن المقرر أن يستمع، كشهود في هذه القضية، الى العديد من القادة الأمنيين السوريين الذين عملوا في لبنان. لكن هذا لا يلغي احتمال توجيه التهم لهم وتوقيف من يشتبه فيه على ذمة التحقيق، على غرار ما حصل لقادة الأجهزة اللبنانية الأربعة.

والبعض يرجح بان لدى ميليس معلومات عن تورط ضباط سوريين في عملية الاغتيال ومهمته في دمشق هي التحقق والتأكد من مدى دقة وصحة هذه المعلومات. ويتوقع هؤلاء بأن تقرير ميليس سيحمل مفاجآت كبيرة خصوصاً بالنسبة لسورية، التي نفت مراراً أي علاقة لها باغتيال الحريري، وأنها ستتعاون مع لجنة التحقيق الدولية في كشف الحقيقة لأنها ستكون في مصلحتها، طبعاً من غير أن تخفي سورية قلقها وشكوكها حيال مهمة ميليس، ومن إمكانية تسييس التحقيق.

وقد لخص الرئيس بشار الأسد موقف سورية الذي يجمع بين التعاون والتشكيك والقلق من مهمة ميليس، في حديث له لمجلة "ديرشبيغل" الألمانية، نشرت في 29 آب الماضي، فقال: "نحن نتعاون من دون أي تحفظ. نحن لنا مصلحة أيضاً في هذه التحقيقات لأنها تزيل التهم الخاطئة.. هذا في حال لم تأت النتائج مزورة ولأهداف سياسية. إن سورية لا علاقة لها إطلاقاً في قضية الاغتيال...".

يبدو واضحاً من كلام الأسد، ان دمشق تركت لنفسها خط الرجعة والباب مفتوحاً لوقف تعاونها مع لجنة التحقيق الدولية، في ما إذا أتضح لها بان شكوكها بتسييس التحقيق كانت في محلها. لكن، وكما يقول المثل الشعبي السوري: "دخول الحمام، ليس كالخروج منه".

فحيال التعقيدات والتشابكات، السياسية والجنائية والقضائية والقانونية، التي تحيط بجريمة اغتيال الحريري وبعملية التحقيق في القضية، أضحى موقف سورية حرجاً للغاية وكل خياراتها صعبة، فبمجرد قبولها بالتعاون مع اللجنة الدولية المكلفة بالتحقيق، يفترض أن تتقبل سورية وتحترم النتائج النهائية للتحقيق وتحمل كل ما يترتب على ذلك، من دون تحفظ وتردد، حتى لو جاءت ضدها وأدينت بهذه الجريمة، وهو احتمال لا يمكن استبعاده. وسورية تدرك جيداً بان إدانة أي ضابط أو مسؤول أمني سوري، أياً كان موقعه في المؤسسة الأمنية، سيحمل المجتمع الدولي المسؤولية كاملة للنظام القائم، نظراً لطبيعة العلاقة القائمة بين السلطة الأمنية "العسكرية" والسلطة السياسية داخل النظام السوري.

أما إذا قررت سورية ايقاف تعاونها مع ميليس عندما تتيقن من حتمية تسييس التحقيق أو نتائج التحقيق ضدها، وهذا غير مستبعد في ظل العلاقة المتوترة بينها وبين أميركا، عندها ستضع سورية نفسها، كدولة "مارقة" بمواجهة المجتمع الدولي، وهذا ما تبحث عنه وتنتظره اميركا لتأخذ منها الذريعة التي تحتاجها للتضييق على النظام السوري واتخاذ الاجراءات الكفيلة بإجباره على تغيير مواقفه وسياساته، أو ربما لتغيير النظام نفسه، لأسباب تتجاوز قضية الحريري وتتصل بالموقف الأميركي من سياسات النظام السوري، وعقاباً له على عدم تعاونه مع المجتمع الدولي في الملفات الإقليمية الساخنة (اللبناني، الفلسطيني، العراقي) كما تقول الإدارة الأميركية. وإذا استمرت سورية في رفضها التعاون، من المرجح سيحال الملف السوري الى مجلس الأمن، وقد يتكرر السيناريو العراقي، بين مجلس الأمن وسورية، عندها على سورية أن تتهيأ وتستعد للأسوأ وتتحمل العواقب.

ويبدو أن الإدارة الأميركية قرأت جيداً الموقف السوري من مهمة ميليس، لذلك استبقت ما يمكن أن يحصل لـه في دمشق فصعدت من لهجة التهديدات ضد سورية، التي أطلقها السفير الأميركي في العراق زلماي خليل زادة، الذي قال: "باتت كل الخيارات ممكنة مع سورية لإجبارها على تغيير سلوكها، بما فيها الخيار العسكري"، كما جدد جورج بوش اتهامه لسورية بعدم التعاون والشفافية في الموضوعين العراقي واللبناني وهددها بـ"مزيد من العزلة".

من دون شك، ان الاهتمام الدولي بالملف اللبناني يتجاوز مسألة معرفة الحقيقة في قضية اغتيال الحريري، فقد سبق لأميركا وفرنسا أن سعتا- قبل اغتيال الحريري- من أجل استصدار القرار 1559عن مجلس الأمن الدولي، الذي بموجبه أرغمت سورية على سحب قواتها من لبنان بعد ثلاثة عقود من دخولها اليه، لهذا لا اعتقد بان تحرك أميركا وحلفائها ضد سورية متوقف على النتائج النهائية لتقرير ميليس وما إذا كانت ستدان سورية أم لا، طبعاً من غير أن نقلل من أهمية هذه النتائج. فلم يعد سراً، بان المستقبل السياسي لمنطقة "الشرق الأوسط" بات على سلم أولويات الأجندة الأميركية، بعد تفجيرات الحادي عشر من ايلول 2001، كما لا يمكن فصل التحرك الأميركي والأوروبي، عن التوجهات الجديدة للسياسية الدولية تجاه المنطقة (العربية والإسلامية) التي منها انطلق منفذو العمليات الإرهابية في اميركا وبعض العواصم الأوروبية. فاميركا تسعى، مع حلفائها الأوروبيين، لإعادة تشكيل هذه المنطقة الحيوية من العالم، بما يضمن مصالحهم الاستراتيجية فيها، وإدماجها في نظام عالمي جديد، بدأ التحضير له بعد تفكك الاتحاد السوفياتي وانتهاء الحرب الباردة. نظام دولي يقوم على نبذ العنف ومحاربة الإرهاب ودعم التحولات الديمقراطية وحقوق الإنسان، وتسوية الصراعات الإقليمية، وانهاء الأنظمة العسكرية والدكتاتورية التسلطية القائمة، باعتبارها لم تعد تتوافق وتنسجم مع نظرة العالم الحر الى مستقبل الإنسانية.

سليمان يوسف يوسف
•كاتب سوري آشوري[/b][/size][/font]

7
الأخوة في الحركة الديمقراطية الآشورية- العراق

ببالغ الأسى والحزن تلقينا في سوريا، نبأ اغتيال أربعة من كوادر ومقاتلي الحركة في بغداد على ايدي الإرهابيين الذين يعبثون في أمن واستقرار العراق.من دون شك، هذه الكوكبة الجديدة من الشهداء الأبطال، هي  ضريبة الحرية والوجود، كلنا على ثقة بان (زوعا) قادرة على تحملها وتخطي هذا المصاب الجلل. وأن هذا العمل الجبان، لن يثنيها عن نهجها الوطني وخطها القومي، بل سيزيد الحركة الديمقراطية  الآشورية، إيماناً وتشبثاً بالأهداف  القومية والوطنية التي تناضل من أجلها. كما أن هذه العملية الإرهابية والجريمة النكراء، ستزيد من إصرار وتمسك  شعبنا (الآشوري) بمختلف طوائفه وشرائحه وتنظيماته السياسية، بحقوقه المشروعة  وبوطنه العراق، إيماناً منه بعدالة قضيته.
أننا في المنظمة الآثورية الديمقراطية، نقدم لكم في (الحركة الديمقراطية الآشورية) ومن خلالكم لشعبنا في العراق ولذوي وأسر الشهداء، تعازينا الحارة. كما أننا  ندين ونشجب بشدة هذا العمل الإرهابي الجبان وكل الممارسات الإرهابية والجرائم التي تمارس بحق أبناء شعبنا الآشوري وبحق جميع ابناء العراق. وندعو جميع العراقيين لتوحيد جهودهم والوقوف في وجه الإرهاب والإرهابيين الذين باتوا يشكلون خطراً حقيقياً على مصير ومستقبل العراق، دولة وكياناً ومجتمعاً.

اسكن الله الشهداء فسيح جناته.
الصبر والسلوان لأهل واسر وأصدقاء الشهداء.
المجد والنصر لقضية الشعب الآشوري.
الأمن والاستقرار للعراق.
الموت والهزيمة للإرهاب والإرهابيين.

المنظمة الآثورية الديمقراطية- سوريا
           المكتب السياسي
 القامشلي: 24-9-2005[/b][/size][/font]

8
المسيحيون، بين التعريب والتهميش السياسي
سليمان يوسف يوسف
shosin@scs-net.org
19.09.2005 
بالرغم من أن مسالة الانتماء الإثني أو القومي للشعوب، هي مسالة علمية أنتربولوجية، لكن يبدو أن هذه القضية،كغيرها من القضايا الهامة،تخضع لدى الكثير من القوميين العرب، للرغبات السياسية والعقائد الايديولوجية.فكل شيء لدى هؤلاء قابل للتغيير والتبدل، حتى القضايا العلمية وحقائق التاريخ والجغرافية. في هذا السياق جاء مقال "المسيحيون العرب عرب" للكاتب الفلسطيني ( رجاء مطر) المنشور في جريدة السفير اللبنانية بتاريخ 25-8-2005، يرد فيه على مقال للدكتور وليد فارس بعنوان "المسيحيون العرب، من هم" ويتهمه مع آخرين بالترويج لأفكار شاذة حول المسيحيين العرب واثارة الشكوك بعروبتهم والادعاء باضطهادهم على أيدي المسلمين.
ويشكك، رجاء مطر، بوطنية أمثال وليد فارس ويتهمهم بالعمالة لأمريكا واسرائيل ومعاداتهم للعرب والمسلمين. وبما أنني من المهتمين بحقوق وتاريخ هذه الأقليات التي أنا منها، وجدت نفسي معنياً بالجدل الذي يثار من حين لآخر، حول أصل المسيحيين في المنطقة، خاصة وأن مقال السيد (رجاء مطر) يحمل الكثير من المغالطات السياسية والتاريخية، تستدعي الرد والتعليق عليها.
يقول: "ولدت الصحراء العربية والمناطق المحيطة بها عدداً من القبائل والحضارات: الفينيقيون والسريان والكلدان والآراميون واليهود والكنعانيون... خرجت هذه القبائل، بصورة متواصلة، من الصحراء وانتقلت للإقامة في المناطق الخصبة في الشرق ووادي النيل...".
هكذا يعتبر السيد (رجاء مطر) أن كل هذه الأقوام متحدرة من أصول عربية قدمت من الصحراء العربية، وهذه ليست أكثر من أسطورة أبدع في إخراجها، منظري الايديولوجيا (القومية –الأمة- العربية)، وهي شبيه الى حد كبير بأسطورة ((الخلق)) ( أن كل البشر من آدم وحواء)، فهل يعقل أن المناطق الخصبة ( وادي النيل و وادي الرافدين)كانت خالية من السكان قدم اليها العرب من صحراء قاحلة ؟.
لا أعتقد أن أحداً يجادل في أن الفراعنة، ومنهم ينحدر( الأقباط وغالبية شعب مصر)، كانوا في مصر وبنوا أقدم حضارة عرفها وادي النيل، قبل أربعة آلاف عام ق.م، وقد أخذت مصر((egypt اسمها من الأقباط. وكذلك بالنسبة لبلاد الرافدين حيث أقام فيها البابليون والأكاديون والكلدانيون والآشوريون، حضارة عريقة وقديمة قبل أكثر من ثلاثة آلاف عام ق.م.
وكذلك بالنسبة لسكان سوريا الكبرى، التي أخذت اسمها عن (ASSYRIA السريان)، لقد سكنها الكنعانيون والفينيقيون والآراميون، وكانت (دمشق) من أهم (الممالك الآرامية) في القرن العاشر ق.م، وتاريخ حضارة (تدمر) السورية الآرامية خير شاهد على التاريخ الآرامي القديم لسوريا.
من دون شك، أن (العروبة )كظاهرة (تاريخية ثقافية)ينضوي تحتها بعض المجموعات،التي استعربت أو تأسلمت،من أقوام وشعوب المنطقة، بفعل التحول والتغيير الذي أصاب بيئتها، السياسية والثقافية والاجتماعية والدينية،بعد وقوعها تحت الحكم (العربي الاسلامي)،لكن هذا لا يغير من حقيقة أصولها الإثنية والقومية المتميزة عن العرب وعن غير العرب.
يقول (أليكسي جورافسكي)- وهو باحث روسي متخصص في تاريخ الشعوب والحضارات- في كتابه (الإسلام والمسيحية) ص178: "مع الرسوخ السياسي واللاهوتي للدين الإسلامي، وتنامي النزعات والاتجاهات الانتقادية للمسيحية، تحولت الكتل الأساسية لمسيحيي الشرق الأدنى الى الاسلام، أما الذين بقوا أوفياء لدينهم فقد استعربوا عدا الأرمن، الذين لم يخضعوا عملياً للاستعراب، وحافظ على سماتهم الإثنية الخاصة الى حد كبير أو صغير كل من الآشوريين، الأقباط، الموارنة، ولكنهم تكيفوا مع (الواقع العربي – الإسلامي) في الميدان اللغوي، محتفظين بلغاتهم الأصلية القديمة في اطار الليتورجيات الكنسية".
في مكان آخر من مقاله يقول، السيد(رجاء): بان العرب المسيحيين كانوا في الشرق الأوسط( مصر، العراق، سوريا وبلاد الشام) قبل ظهور الإسلام.
ويضيف: "لقد تم تعريب ما كان يعرف ببلاد الشام( أو سوريا الكبرى) قبل الإسلام بزمن طويل..."، حقيقة هذه مغالطة تاريخية وسياسية كبيرة لا اساس تاريخي لها، وهي لا تحتاج الى كثير عناء لدحضها،إذ أن أول تواجد عربي في بلاد ما بين النهرين(العراق) ظهر عام 36 هجري أي مع بدء نشر الدعوة الاسلامية، ومن ثم انتقل العرب الى سوريا وبلاد الشام ومصر، وان (السريانية) كانت اللغة السائدة في معظم سوريا الكبرى( بلاد الشام) حتى بدايات القرن التاسع الميلادي، أي بعد ظهور الإسلام بقرنين من الزمن تقريباً.
يختم الأستاذ(رجاء مطر) مقاله بتوجيه النصح للمسيحيين العرب بان يتحلوا بأقصى درجات الوطنية وأن لا يكونوا بيادق في ايدي قوى أجنبية تحاول السيطرة على المنطقة، يقول: "علينا نحن المسيحيين العرب أن نتجنب، بأي ثمن كان، اقامة تحالفات مع أي غاز جديد ضد العرب او المسلمين..."
وهنا يضع المسيحيون في دائرة الشك والتشكيك بولائهم لأوطانهم، وهذا اخطر ما في المقال، فهي تهمة ترددها التيارات الإسلامية المتشددة وتروج لها في هذه المرحلة الحساسة، بهدف تأجيج مشاعر المسلمين ضد الوجود الأمريكي والأوربي في المنطقة.والسؤال الذي يفرض نفسه في هذه القضية: من الذي جلب الأمريكان والأوربيين الى المنطقة (الخليج والعراق وافغانستان)..؟‍.
كان الأجدر بالأستاذ رجاء مطر ، ومن اجل بقاء ما تبقى من المسيحيين في دول المنطقة، أن يدافع ليس فقط عن عروبة المسيحيين وإنما عن حقهم وحقوقهم في أوطانهم، وأن ينصح ويطالب قادة هذه الدول وحكوماتها والمسلمين فيها، أن ينصفوا مواطنيهم (المسيحيين)، المهمشين سياسياً، ويقفوا سياسة التمييز العنصري والديني والاجتماعي بحقهم، ويعاملوهم كمواطنين بكامل حقوق المواطنة وليس كـ (رعايا) أو مواطنين- أهل ذمة سياسياً ودينياً-بدرجات أقل من المسلمين،فهذه من الأسباب الأساسية لانحسار (المسيحية) في موطنها الأصلي، في الشرق، وهجرتهم منه، إذا ما زالت جميع دساتير الدول العربية والإسلامية تعتمد قاعدة (تفضيل المسلم على غير المسلم) التي أمر بها (الإسلام).
يبدو جلياً أن قراءات، السيد (رجاء مطر) تستند الى النظرية (الأسطورة) العربية، الطوباوية والرومانسية، في تفسير تاريخ المنطقة، كما أنه يستمد مرجعيته من ذهنية سياسية عربية معطلة، بفعل تخدير الايديولوجيات القومية والدينية التقليدية القائمة على الهيمنة والوصاية على الآخرين وإلغاء وجودهم والتنكر لحقوقهم وصهرهم في بوتقة (العروبة) ضمن مشروعها الامبراطوري الكبير (قومية-أمة – دولة- عربية) واحدة،في حين عجز (القوميون العرب)، وبسبب هذه الذهنية المعطلة، عن خلق علاقة وطنية صحيحة والتأسيس لوحدة وطنية سليمة بين مختلف الشرائح والفئات داخل كل دولة عربية.
فبعد نصف قرن من الشعارات القومية والخطابات السياسية الجوفاء، وإذا بالقوميين العرب فجأة يكتشفون أن دولهم مهددة بالانقسام والتفكك، ليس فقط على أساس عرقي أو اثني، وإنما على اساس طائفي ومذهبي وديني ومناطقي.

shosin@scs-net.org 
[/size] [/font]

9
"غزوة مانهاتن" والحرب على الإرهاب
سليمان يوسف يوسف
التاريخ: , 10 سبتمبر, 2005

يوم 11 أيلول 2001، وقف العالم مذهولاً وهو يشاهد، انهيار برجي مركز التجارة العالمي في منطقة مانهاتن في نيويورك، بطائرات مدنية أميركية، خطفتها مجموعات انتحارية من تنظيم "القاعدة" الإسلامي المتطرف، وقد وصف زعيم التنظيم اسامة بن لادن عملية ضرب البرجين بغزوة مانهاتن، وما يقوم به تنظيمه بـ"الإرهاب المحمود" ضد قوى "الكفر العالمي" بذريعة أن "الولايات المتحدة الأميركية والغرب" يتحملان مسؤولية ما يعانيه العرب والمسلمون من فقر وبؤس وتخلف وإذلال.
من طرفه أعلن الرئيس الأميركي جورج بوش "الحرب المفتوحة"- وقد شبهها بـ"الحرب الصليبية"-على ما سماه بـ "الإرهاب الدولي"، وعلى كل من يمول ويدعم هذا الإرهاب، بدأها على نظام طالبان في أفغانستان، الذي كان يأوي ويرعى تنظيم "القاعدة" ومن ثم على العراق تحت شعارات مختلفة، ويواصل بوش تهديداته بضرب دول أخرى في المنطقة، يتهمها بتمويل وتسهيل تسلل الإرهابيين الى العراق في مقدمتها سورية وايران.
من دون شك، أن احداث11 ايلول وتفاعلاتها، خلقت الظروف السياسية والنفسية وهيأت الأجواء والمناخات الإقليمية والدولية للتدخل الأميركي والأوروبي المباشر في المنطقة. ومع اتساع الهوة بين حكام دول المنطقة وشعوبها، ورهان كل من السلطة والمعارضة في هذه الدول على الخارج في تقوية مواقعه وكسب المستقبل السياسي لصالحه، سيمهد لمزيد من هذا التدخل، وسيزيد الوضع تعقيداً وصعوبة في المنطقة، ويفتح باب المواجهة بين الأنظمة القائمة وشعوبها.
وما يؤكد هذا التوجه: صدور القرار 1559، الذي بموجبه خرجت القوات السورية من لبنان، وإسناد مهمة التحقيق في جريمة اغتيال رفيق الحريري الى (لجنة دولية) بصلاحيات مطلقة في استجواب كائن من كان، داخل لبنان وخارجه، وإلزام جميع الأطراف المعنية بالتعاون مع لجنة التحقيق وقبول نتائج التحقيق وتوصيات رئيس اللجنة ديتليف ميليس، وقد أشيع بأنها، مقلقة ومخيفة، للبنان وسورية، بعد توجيه الاتهام لضباط أمنيين من البلدين، بالضلوع في هذه الجريمة.
ما من شك، بأن التهديدات بنشر الاضطرابات والقلاقل (الفوضى البناءة) في العراق وعموم دول الشرق الأوسط، من قبل صقور اليمين المتطرف في الإدارة الأميركية، تعكس مدى الإحباط الذي يسيطر على هذه الإدارة، بسبب ما تتكبده قواتها من خسائر في العراق، وتذمر الأميركيين من ارتفاع فاتورة الحرب على الإرهاب بشكل باهظ في المال والأرواح، فاقت التوقعات، ولا يبدو أن الحسم سيكون قريباً.
فرغم من اسقاط نظام، صدام والطالبان، والانتصارات العسكرية التي حققتها القوات الأميركية في كل من أفغانستان والعراق، لكنها لم تحرز تقدماً ملموساً وكبيراً في القضاء على التنظيمات الإرهابية، لا بل استطاعت هذه التنظيمات ان تنفذ عمليات ارهابية جديدة في قلب أوروبا(تفجير قطارات المترو في كل من مدريد ولندن)، ومع اتساع رقعة انتشار القوات الأميركية في المنطقة، زاد عدد التنظيمات الإسلامية المتطرفة التي تقاوم وتحارب الوجود الأميركي.
وهناك خشية حقيقية من دخول العراق المقسم، الذاهب في طريق التقسيم الى النهاية، نفق الحرب الأهلية والصراعات العرقية والطائفية، فيما إذا خرجت منه القوات الأميركية وتركته بوضعه الراهن، من غير سلطة ومؤسسات قادرة على ضبط الأمن وإدارة شؤون العراقيين.
بطبيعة الحال، أساءت أحداث ايلول، وبشكل كبير، للعلاقة بين الغرب (الأوروبي ــ الأميركي) والشرق (العربي ــ الاسلامي)، حيث ما زالت آثار ونتائج تلك الأحداث، تلقي بظلالها على هذه العلاقة بعد مضي أربع سنوات عليها.
فقد فرضت تلك الأحداث، ليس على أميركا وحدها المتأذية، وإنما على معظم دول الغرب الأوروبي، اجراء عملية مراجعة جذرية وشاملة لعلاقاتها بالشرق العربي الإسلامي، الذي أهدى العالم أفضل ما لديه من خبراء في (الإرهاب الدولي)، ليضربوا أكثر المراكز والأبنية أهمية وحساسية ورمزية، في الولايات المتحدة الأميركية. وقد عكست، هذه الضربات الإرهابية الخارقة، طبيعة العقلية الظلامية التي تتحكم وتسيطر على التنظيمات الإسلامية المتطرفة والعداء الذي تحمله لقيم الحداثة ولأخلاق العالم الحر.     
 أعتقد بأنه من المهم جداً أن يؤسس لعلاقة جديدة بين الشرق والغرب، تقوم على احترام كل طرف لمصالح وحقوق وثقافة الطرف الآخر، وتستند هذه العلاقة الى حقيقة موضوعية متمثلة بكون كل من الشرق والغرب، كيانات سياسية وثقافية واجتماعية تاريخية متمايزة، تختلف في نظرتها ومفاهيمها للحياة والإنسان والكون والمستقبل.
إن ما يحدث اليوم في المنطقة من أعمال عنف وعنف مضاد، على خلفية ما حدث لأميركا في الحادي عشر من ايلول 2001، يمثل قمة الإفراط في الإرهاب المطلق والعبث بمصير العالم.
إنها أحداث جسام، اهتز لها التاريخ، كما اهتز لها رهان الإنسان على القوة في تحديد وتطويع مسار التاريخ. ربما ما يحدث هو أحد تجليات (قانون التصادم) بين مسارات- صراع صدام الحضارات، بحسب نظرية صموئيل هنينغتون-التاريخ والقوى المحركة للحضارات، رافضة أن تكون للتاريخ "نهاية" كما يرى و يرغب بذلك فرنسيس فوكوياما.
 
سليمان يوسف يوسف ...كاتب سوري آشوري  مهتم بحقوق الأقليات
.shosin@scs-net.org [/size]
 

10
وقفة مع حديث (الأسد) لمجلة (ديرشبيغل)

سليمان يوسف يوسف
 
قبل ايام، أجرت مجلة (ديرشبيغل) الألمانية، مقابلة مع الرئيس (بشار الأسد) تمحورت حول الأوضاع الداخلية في سوريا، والموقف السوري من أخر الأحداث والتطورات السياسية التي استجدت على الملفات الساخنة في المنطقة، بدءاً من (الملف الفلسطيني)الذي شهد انسحاباً اسرائيلياً من قطاع غزة، و(الملف العراقي)الملتهب أمنياً وسياسياً، ثم (الملف اللبناني) الذي طرأت عليه مستجدات دراماتيكية تتعلق بمجريات التحقيق في قضية جريمة اغتيال رفيق الحريري، وقد أعلن بشار الأسد استعداد سوريا للتعاون مع لجنة التحقيق الدولية، ووصف الشائعات التي تتهم الاستخبارات السورية أو تتهمه هو شخصياً بالضلوع في هذه الجريمة، بانها(( مهزلة)).
فيما يخص الملفات الإقليمية، لم تحمل إجابات الرئيس بشار أي جديد، فقد أكد على المواقف والسياسة السورية السابقة تجاه قضايا المنطقة.لكن الجديد والأهم في كلام الرئيس برز في الملف الداخلي السوري،حيث تطرق في سياق حديثه،ولأول مرة،الى مسألتين هما على قدر كبير من الأهمية في هذه المرحلة المهمة التي تمر بها سوريا والمنطقة، المسألة الأولى تتعلق بـ (التركيبة الدينية والعرقية)التي يتصف بها المجتمع السوري وتشكل أصعب العقد والعقبات أمام طريق انجاز الكثير من القضايا المهمة في سوريا،كقضية الديمقراطية والحريات و تعزيز الوحدة الوطنية، أما المسالة الثانية (العلمانية)، تأتي أهميتها من كونها الحل المناسب والمخرج السليم لتجاوز وتفكيك  عقدة (التركيبة الدينية والعرقية) المستعصية على الحل.
بغض النظر عن طبيعة النظام السياسي الشمولي القائم في سوريا،والقمع الذي تمارسه السلطات السورية بحق معارضيها وبحق المجتمع السياسي المدني والأهلي المستقل، أعتقد ان الرئيس بشار الأسد كان أكثر وضوحاً وصراحة وجرأة من (المعارضة السورية)في موقفه من المسألة( العلمانية)، التي بدأت تطرحها بعض المجموعات والتيارات الليبرالية السورية  الناشئة حديثاً،كمخرج لمشكلات الواقع السوري. فبشار الأسد عندما يقول: (( الأوضاع في سوريا تستقر عندما يصبح المجتمع علمانياً، وهذا يتطلب وقتاً..)) إنما يؤكد على أنه لا غنى عن (العلمانية) ولا بديل عنها من أجل استقرار الأوضاع بشكل نهائي في سوريا وحل عقدة الطائفية والمذهبية والعرقية المتأصلة والمتجذرة في المجتمع السوري، في حين نجد أن المعارضة السورية، وبأقصى اتجاهاتها اليسارية، ما زالت تتحفظ على طرح (العلمانية) وتتخوف من تبنيها، بما هي فصل الدين عن الدولة والسياسية، فهي(المعارضة السورية) لم تحسم موقفها من هذه المسالة بعد، إذ لم ترد كلمة (العلمانية)، في أحدث طروحاتها وبرامجها السياسية، بالرغم من أن العلمانية باتت مطلباً واقعياً وهدفاً ملحاً، تفرضه ضرورات الحداثة والعصرنة والتقدم، خصوصاً مع تنامي الايديولوجيا الدينية في مواجهة كل الايديولوجيات والتيارات الحديثة( الليبرالية والعلمانية والديمقراطية والاشتراكية والقومية).
أما بالنسبة لمسألة( التركيبة الدينية والعرقية)التي حدد الرئيس بشار الأسد موقفه منها بشكل حاسم محذراً من مخاطرها على أمن البلاد، بقوله:(( عندما نحاسب أحداً، فلا علاقة لهذه المحاسبة بشخصه،بل بمدى تاثير نشاطه على تركيبة الشعب الدينية والعرقية،هنا ممنوع المساس بسقف الاستقرار أو تعطيله..)).لا جدال على حجم المخاطر والمخاوف التي قد تشكلها المسألة (العرقية-القومية- والدينية) على الوحدة الوطنية واستقرار البلاد،وقد سببت في الثمانينات من القرن الماضي أحداث مأساوية ومؤلمة للسوريين زعزعت استقرارهم .لكن السؤال الذي يفرض نفسه في هذه القضية هو: هل تجاوزت سوريا، مخاطر النزعة، العرقية والدينية والطائفية، بتجاهل المشكلة وبالقفز فوقها وبجعلها من المناطق السياسية المحظورة والممنوع اختراقها أو الاقتراب منها طيلة المرحلة الماضية ؟ الحقيقة أن الوقائع على الأرض أثبتت عكس ذلك تماماً. فسوريا التي دشنت عهد الاستقلال بنظام وحكم برلماني ليبرالي نسبياً، وبدأت كدولة بنصف علمانية ونصف ديمقراطية ونصف اسلامية، لكن اليوم و بعد ستون عاماً مضت على الاستقلال، تبدو سوريا أكثر اسلامية وأكثر طائفية وعرقية وأكثر استبداداً من ذي قبل.
فهناك أكثر من مؤشر ومعطى يؤكد، على أن ثمة خلل ونقص كبير في العلاقة الوطنية بين مختلف شرائح ومكونات المجتمع السوري،هذا الخلل يعود في بعض اسبابه الى الموروث الثقافي والاجتماعي والقيمي التاريخي المتخلف للمجتمع السوري.لكن، من دون شك، أن استمرار هذا الخلل وضعف الاندماج الوطني وتقوية العصبيات وتعزيز الانتماءات البدائية في المجتمع السوري يرتبط بممارسات السلطة و بسياسات ونهج حزب البعث الحاكم وبطبيعة نظامه السياسي والثقافي والاجتماعي والتربوي القائم في سوريا منذ أكثر من اربعة عقود. لا أعتقد، أن تجاوز اشكالية ( التركيبة الدينية والعرقية)وتجنب مخاطرها، يتم  من خلال التعاطي معها بالطرق والأساليب التقليدية القديمة أو من خلال الاجراءات الأمنية المشددة والتشكك بوطنية كل من يطرح هذه المشكلة ويتحدث عنها، والقاء تبعة الاضطرابات والأزمات التي تولدها على أطراف وجهات خارجية،وتجاهل عوامل وأسبابها الداخلية.فسوريا(مهد الحضارات) يتصف مجتمعها بالتنوع القومي والإثني والديني والمذهبي، وهذه حقيقة تاريخية وموضوعية، يجب الاعتراف بها وعدم التنكر لها، وترك الحرية  لكل التكوينات والمجموعات والأقوام السورية من، عرب وآشوريين/سريان وأكراد وأرمن، مسلمين ومسيحيين وغيرهم، لتنفتح على بعضها و التعبير عن ذاتها بدون خوف، ولتطرح كل القضايا للنقاش في اطار حوار وطني ديمقراطي وتحت سقف الوطن وعلى أرضية الوحدة الوطنية.فهذا التنوع في المجتمع السوري يمكن أن يكون عامل قوة وغنى حضاري وثقافي لسوريا،إذا ما أحسنا جميعاً، سلطة ومعارضة ومجتمع سياسي مدني وأهلي، اغلبيات واقليات، التعاطي معه بايجابية، أما إذا أخطئنا وأسئنا اليه، من دون شك، سيتحول الى خطر حقيقي يقوض مجتمعنا و يهدد وحدتنا الوطنية.
إن الرئيس بشار الأسد كان محقاً وواقعياً في التعبير عن مخاوفه وقلقه، من اثارة المسألة الطائفية والعرقية والدينية، على أمن واستقرار سوريا، كذلك في طرحه العلمانية بديلاً، ومن دون شك تحققها يحتاج الى سلطة وقيادة تؤمن بها خياراً وطنياً والى وقت وجهود كبيرة تبذله على كل الأصعدة. إذ لا يمكن الوصول الى مجتمع ديمقراطي سليم آمن ومستقر ومزدهر وحياة مدنية صحيحة ، إلا في ظل مجتمع علماني، متحرر من عقدة الانتماءات الطائفية والدينية والعرقية والتخلص من كل العصبيات البدائية الأخرى ودولة محايدة عن كل القوميات والأديان والمذاهب.فلا خلاف مع الرئيس بشار الأسد، على أن (العلمانية) هي شاطئ وبر الأمان لسوريا، لكن الخلاف هو في طريقة وكيفية قيادة (السفينة السورية) الى هذا الشاطئ.

سليمان يوسف يوسف... كاتب سوري آشوري...مهتم بحقوق الأقليات.

عضو مكتب سياسي في المنظمة الآثورية الديمقراطية
shosin@scs-net.org[/size]

صفحات: [1]