عرض المشاركات

هنا يمكنك مشاهدة جميع المشاركات التى كتبها هذا العضو . لاحظ انه يمكنك فقط مشاهدة المشاركات التى كتبها فى الاقسام التى يسمح لك بدخولها فقط .


الرسائل - حبيب افرام

صفحات: [1]
1
في أنها -عنكاوا - آخر الواحات


 التاريخ هو ظلّ الإنسان على الجغرافيا : هيغل   

أعود اليه– كأني الى رحم أعود - لأستمدّ منها جرعة تفاؤل وإيمان.

         قد نصل الى اليأس والإستسلام. ونقول لا حل. شعبنا خسر قضيته. مات مسيحيو الشرق

يتلذذون بحكايات الأمس و التاريخ . ينقرضون .

      الشرق لا يليق بنا، ليس لنا، نحن مُعدّون للذبح والتهجير والتصدير.الأفضل جواز سفر الى بلاد الله

لا أنظمة حرية ولا كرامة إنسان،  ولا مساواة، ولا إعتراف بالتنوّع، وفوق هذا ، إرهاب وتكفير

فأين المفرّ ؟

       عنكاوا، بعد جراح و حروب، تقدم نموذجاً مقبولاً، مدينة تكبر فيها أمن وإعمار،

ويمكن أن تحافظ على من بقي من مسيحيي العراق.

      هذا التحدي الحضاري. أن يكون الشرق واحة حريات وقبولاً بكل التعدد هو قضيتي.

وهوسؤال مطروح على كل القوى والقوميات والأنظمة، بل على العالم.

كيف ندير التنوّع؟ وهل العيش الواحد الكريم ممكن أم مستحيل؟

      وكيف نتغلب على الفكر الإلغائي؟

وهو سؤال مطروح بعمق علينا، بكل كنائسنا، بكل تنظيماتنا والأحزاب، هل نكتفي بالشعارات، 

ونستمرفي إنقساماتنا المُضحكة المُبكية، على كل الصُعد.

 قبل أن نلوم ونتهم أحداً ونتبرأ من مصيرنا ، نحن، هذه الشعوب الشرقية المسيحية،

بكل كنائسنا وطوائفنا ولغاتنا وتراثنا وتنوعنا، نحن مسؤولون عن يومنا وأمسنا وغدنا.

نحن في عقلنا وإرادتنا في وعينا ماذا نريد؟ هل نؤمن حقاً وبعمق وبصراحة : أننا مؤتمون

على رسالة ودور وأننا شهود على حقيقة في هذا الشرق؟

أم أننا إستسهلنا الحياة في الغرب، مع سيارات الفولفو في ستوكهولم، والبويك في ديترويت،

والمرسيدس في ألمانيا، نفتخر بأننا بنينا 45 كنيسة في السويد، وأن إنتشارنا وصل الى الأرجنتين ؟

هل في بال كل منا جواز سفر جديد وهوية جديدة ؟ نستميت للوصول إليها، شرعياً أم تهريباً ؟

هل نحن مؤمنون بقضية ومستعدون لبذل كل غالٍ ورخيص من أجلها ؟ وهل تستحق أي قضية

أن نبذل دماً لها ؟

  ليس بإمكاننا نحن أن نفرض حلولاً، نحن أصغر من ذلك في العدد وفي النفوذ وفي الجغرافيا

وفي التحالفات، ولكننا قادرون على الشهادة، على الدعوة لشرق جديد، لعقل جديد.

إرادة العيش الحرّ الكريم لكل مكوّنات الشرق، فلا مواطن درجة أولى ولا ذمّية، ولا تكفير ولا إقتلاع

ولا تهجير ولا جهاد.

 ليس مقبولاً بعد، أن يبقى الشرق هكذا، عائماً على خُرافاته، هل من المعقول أن تمرّ مراسلة

لرئيس حكومة عراقية يصف فيها أبناء الرافدين و ميزوبوتاميا من الآشوريين والسريان والكلدان 

بالجالية المسيحية " من أين جاء بعلمه؟هل من المعقول أن رئيس وزراء عراقي يقول أن " ملحمة

جلجامش" كُتبت في " صدر الإسلام " من يمحو التاريخ؟ هل مسموح هذا التعرض وهذه المعاملة

للبطريرك الكاردينال ساكو  هل مسموح قضم مقاعد كوتا شعبنا النيابية ؟ هل مسموح رفض أن يكون الميلاد عطلة رسمية ؟

هل من المعقول أن هناك من يعتبر " سيفو" مجرد نزوح وليست مجازر أو إبادة ؟

هل من المعقول أن يستمر تغييب المطرانين يوحنا إبراهيم وبولس اليازجي في لغز لا حلّ له كأنهما

المسيحية المشرقية المعلّقة على صليب، لا يعودان " بطلين مكرّمين " ولا " يستشهدان قديسّين "

     وأنا في حضرة هذه النخب  التي أرادت تكريمي وأعادت طباعة كتابي عن مسيحيي الشرق،

 بدءًا من رفيقي الوزير آنو جوهر الحاضر في كل عواصم القرار الى مديرية الثقافة والفنون وعلى

رأسها صديقي المناضل كلدورمزي ، الى الإعلامي شمعون متّي ، الى كل من يحمل في عقله وقلبه

نبض القضية، أدعو كما كل مرة الى تجاوز كل ما يفرقنا، وأن نعمل معاً، بقلب واحد على تعزيز

حضورنا عبر وقف نزيفنا ، على المحافظة على كل فرد منا هنا في الشرق، من نينوى  ودهوك،

الى القامشلي وحلب، الى بيروت، الى طورعابدين، وعلى توجيه إغترابنا على وعي أن قضيتنا هنا،

        رسالتي منذ حملت قضية هي نفسها. ونحن جيل التعب والقرف، إننا لن نموت قبل أن يأتينا

الموت ، وسنناضل لشرق جديد لمفاهيم الحريات وحقوق كل مواطن.

          هنا يُصنع تاريخ البشرية أيضاً كيف نحيا معاً.

          ونحن نستحق الحياة ، وحياة أفضل.

بتواضع، أطلق صرخة وجع أن نتعالى على أنقساماتنا و تخلّفنا وتفاهاتنا ونحاول إنقاذ من بقي وما بقي،

أدعو الى إختراع روح جديدة الى مواطنة كاملة ، كيف يكون مثلاً أوباما رئيساً في الولايات المتحدة،

وريشي سوناك من أصول هندية رئيس وزراء في بريطانيا العُظمى، متى يًنتخب إبن الشرق على

كفاءاته وعلومه وفكره دون هيمنة طرف أو دين أو مذهب أو قومية !

مع تقدّم إقتصادي وإزدها، لو صُرف ربع ما أُنفق على السلاح والإقتتال والغدر في هذه المنطقة

على شعوبها وطبابتهم وعلومهم و عمرانهم لكانوا في نعيم الجنّة الآن .

هكذا نقول لكل مشرقيّ ، أنت هنا ملك، على أرضك التاريخية ، أنت الأصل. أنت مسؤول عن غد

نصنعه كلنا . أقلّ من هذه الرؤية، سنبقى ننزف ونُهجّر ونتذابح ، فهل نخترع الرجاء والأمل، أم تقوى

علينا جحافل الموت ؟










       كلمة الملفونو حبيب أفرام رئيس الرابطة السريانية
في حفل تكريمه من مديرية الثقافة والفنون في عنكاوا - العراق
25                              أيار 2024
 

2
المطرانان المغيبان  : رمز قضية مسيحيي الشرق

انت مصلوب

او تصمت خجلا وضعفًا وعجزا ويأسا

او تبقى - رغم كل الجراح - تحمل قضية في ضميرك والعقل

ضد التآمر ضد الخبث والتواطؤ

انت ، مثل المطرانين المغيبين يوحنا وبولس من حلب ، مثل المطران فرج رحو المذبوح في نينوى ،

مثل المطران مار ماري المطعون على مذبح كنيسته في اوستراليا ، مثل الوطن المعلق ،

انت ضحية هذا الشرق المعمد بالعنف والكراهية والحقد والالغاء والأحادية والجنون ،

انت ضحية هذا الغرب الذي فقد قيمه والمبادئ .

احد عشر عاما والسر مقفل . لا يعودان بطلين ولا يستشهدان قديسين .

لكننا لن نسكت . لن يمحو احد ذاكرتنا .

لن ندفن قبل ان نموت .

ربما فينا بعد ذرة ذلك الايمان الذي ينقل جبلا من مكان إلى آخر ، والذي كما في رجائنا يدحرج حجر

القبر والموت .

غمرتنا الحروب والاحتلالات والابادات والقهر وصور النعوش والجثث والدمار ، انه عالم  بلا قلب  !

وقد يسأل جاهل ، ما بالكم مع حرب أوكرانيا ، ومجازر غزة ، وتهجير شعب في كاراباخ ، وفشل دول

وانظمة وتفتتها ، تعودون إلى مطرانين أرثوذكسيين ؟ من يهتم ؟ انسوا ، أكملوا حياتكم واسكتوا .

أصلا انتم كلبنانيين آخر من يحق لكم اي كلام .

لكن في ضميرنا هما حضور في حضرة غيابهما ، ونبراس لمن يحمل بعد مشعل قضيتنا ،

هما ذاكرتنا ليس من آجل إلا ننسى وحسب بل من أجل إلا تعاد المآسي ، ذلك ان التاريخ لا يتكرر إلا

بالنسبة إلى من ينسى .

هما اختصار للمسيحية المشرقية ، انتهت او على وشك ، ماتت ولم تدرك ، مجهولة المصير .

ونحن في لبنان غارقون في خطايانا ، لا نؤسس لدولة ولا لحكم ، لا نحاسب لا من نهب ثرواتنا ولا

من فجر عاصمتنا ، نترك موقع الرئيس المسيحي الوحيد من المغرب حتى إندونيسيا فارغا في شرق

قد يعاد تركيبه ونحن غافلون ومنقسمون .

في جلسة صفاء وفكر قبيل خطفهما ، قال لي المطران يوحنا : " خائف جدا على سوريا الدولة

والشعب ، لكني مؤمن ان لبنان يبقى الواحة والمثال ، وان روح لبنان وحرياته قد ترسم وجه الشرق

هل سنتمكن من اعادة بناء هيكلنا من اجل وطن رسالة وشرق متنوع حر ؟









                                                       كلمة الملفونو حبيب أفرام في الذكرى الحادية عشرة
                                                           لتغييب المطرانين يوحنا وبولس اوتيل كبريال
                                                              الاشرفية بيروت لبنان في ١٧ نيسان ٢٠٢٤


3
المنبر الحر / ضحايا لعبة الأمم
« في: 14:18 05/10/2023  »
                                               ضحايا لعبة الأمم


 هو غضب وحزن أن يُمحى الحضور التاريخي الأرمني وعمره 2500  سنة في منطقة آرتساخ .

في يوم وليلة، حرب إقتلاع  تهجير  ترانسفير، تطهير عرقي عام 2023 ؟ تكرار لمجازر القرن

الماضي التي مرّت بلا محاسبة ولا معاقبة ولا إعتراف.


      ماذا يعني ذلك؟ مسموح التغيير الديمغرافي. لا أمم متحدة لا مجلس أمن ، لا دول عظمى 

لا ديمقراطيات ، كذب ونفاق. ألم نكن نعلم؟

      ماهي العبر علينا؟ نحن اللبنانيين الغارقين في خلافاتنا و مشاكلنا  قًصراً وعُجزاً

هل الخارج ضمانة؟

 هل النفط والغاز أهم من القيم، هل السياسات الأرمنية صائبة؟ أين الخطأ القاتل؟

     هل تمرّ هكذا سياسات وبيروت - رغم كل جراحها - صامتة لا تقف مع الحق؟

     هل القوة تسمح أن يُقتلع شعب غزّة أو الضفّة مثلاً ،أن تهجّر أي أثنية أو قومية أو مذهب
 
أو دين من أي بلد؟

     هل القوة فقط من يسيّر التاريخ؟ هل صرنا فقط نازحين ننتظر إقامة أجنبية أو صندوق إغاثة؟

      نحن دائماً ضحايا لعبة الأمم وسط لا مبالاة دولية.

حتى داخل الأوطان لا حق تقرير مصير ولا أدارة للتنوع وكرامة كل انسان.

والسؤال هل انتهت الاحزان؟
           
    وأخيراً هل يبقى لبنان الرسمي خجولاً بلا وقفة عزّ؟

آخر ما بقي منه أن يقول الحقيقة في وجه الظلم والعدوان أينما كان.

         
                                                                  كلمة رئيس الرابطة السريانية حبيب أفرام
                                                                   في لقاء وحوار بعنوان" دروس وعبر من سقوط ارتساخ"

                                                                            أوتيل كبريال – الأشرفية 3 / 10 / 2023

4
علينا أن نخترع أملاً ورجاءً لنبقى
" الحرية لا تتعلق بفعل ما نرغب ولكن بالحصول على الحق بفعل ما يجب فعله " البابا يوحنا بولس الثاني.
أن يسكنك هذا الهمّ، وتلتهم أعصابك هذه القضية وتحياها،هل مات مسيحيو الشرق؟ هل إنتهوا؟ هل ينتظرون؟ هل يتلذذون بحكايات الأمس والتاريخ؟ هل يستمرون في زواريبهم و خلافاتهم؟ هل صاروا "دبب الباندا " على وشك الإنقراض؟ هل يدغدغهم شعورٌ بأنهم معدّون للذبح أم للتهجير أو للتصدير الى غرب ينتظر ؟ ما أصعب أن تكون أنت الضحية والراوي؟
يسألني البعض بعد كل هذه المؤتمرات و الندوات و البيانات والصرخات الى أين؟
ماذا إستفدنا؟ وهم على حق. لسنا هنا في " الفن للفن "، و"المؤتمرات للمؤتمرات" بل للتوعية والحوار.
وحين تكون الدعوة من الكنيسة السريانية الضاربة في جذور هذا الشرق، ومن حرص رَعوي أبوي على إستكشاف طريق، و بدعم من هنغاريا التي تشكّل نموذجاً فريداً في دعمها المباشر لمسيحيي الشرق واجب أن اقدم عصارة "خمرتي وخبرتي".

 أولاً - قبل أن نلوم و نتهم أحداً، و نتبرأ من مصيرنا، نحن، هذه الشعوب الشرقية المسيحية، بكل كنائسنا وطوائفنا ولغاتنا و تراثنا و تنوعنا، نحن مسؤولون عن يومنا وأمسنا وغدنا.
نحن في عقلنا وإرادتنا في وعينا، ماذا نريد؟ هل نؤمن حقاً و بعمق و بصراحة، أننا مؤتمنون على رسالة ودور وأننا شهود على حقيقة في هذا الشرق؟                                             
أم أننا إستسهلنا الحياة في الغرب، مع سيارات الفولفو في ستوكهولم ، والبويك في ديترويت، والمرسيدس في ألمانيا، نفتخر بأننا بنينا 45 كنيسة  في السويد، وأن إنتشارنا وصل إلى الأرجنتين؟
هل في بال كل منا جواز سفر جديد وهوية جديدة، نستميت للوصول اليها، شرعياً أم تهريباً؟ هل نحن مؤمنون بقضية و مستعدون لبذل كل غالِ و رخيص من أجلها؟ وهل تستحق أي قضية أن نبذل دماً لها؟                                                                                 

ثانياً -  إذا كان بعد في قلوبنا نبض إيمان فماذا نفعل؟ مع الإعتراف بأن لكل بلد خصوصيته و تركيبته، وبأن أهله أدرى بشعابه، لكن هل يمكن أن نكون نحن أتباعاً ؟
هل يمكن أن نصبح "كردستانيين" او  "حشداً شعبياً" أو "بعثيين" أو "قوميين عرب" أوحتى "أردوغانيين" حسب مصالحنا ومراكزنا.
من نحن وماذا نريد، هذا هو السؤال؟
مسيحيون مشرقيون نؤمن بالإنسان، بحريته بكرامته بمساواته، لا نطلب لنا إلاّ ما نطلبه لكل أبناء الشرق، أوطاناً تحترم التنوع والتعدد قومياً و إثنياً و لغوياً وقيمة كل مواطن.
                                   
ثالثاً -  ليس بإمكاننا نحن أن نفرض حلولاً، نحن أصغر من ذلك في العدد وفي النفوذ وفي الجغرافيا وفي التحالفات، ولكننا قادرون على الشهادة، على الدعوة لشرق جديد، لعقل جديد .
إرادة العيش الحرّ الكريم، لكل مكونات الشرق، فلا مواطن درجة أولى ولا ذمّية، لا قهر ولا تعسّف ولا دكتاتورية، ولا قمع بل أنظمة ديموقراطية حرة، ولا إرهاب ولا تكفير ولا إقتلاع ولا تهجير ولا جهاد.
إنها دعوة لتغيير جوهري في العقل المشرقي، وهذا يحتاج الى جهود فكرية وإعلامية وسياسية وتربوية.

رابعاً - ليس مقبولاً بعد، أن يبقى الشرق هكذا،عائماً على خرافاته ، هل من المعقول أن تمرّ مراسلة لرئيس حكومة عراقية يصف فيها أبناء الرافدين و ميزوبوتاميا من الآشوريين والسريان و الكلدان " بالجالية المسيحية ". من أين جاء بعلمه؟
هل من المعقول أن رئيس وزراء عراقي يقول أن " ملحمة جلجامش" كُتبت في "صدر الإسلام" ؟ من يمحو التاريخ ؟
هل من المعقول أن هناك من يعتبر أن "سيفو" مجرد نزوح وليست مجازر أو ابادة ؟
نطعن أنفسنا و ذاكرتنا و الشهداء ؟؟
هل من المعقول أن يستمر تغييب المطرانين يوحنا إبراهيم و بولس اليازجي في لغز لا حلّ له، كأنهما المسيحية المشرقية المعلقة على صليب، لا يعودان "بطلين مكرميّن " ولا يستشهدان " قديسيَن".
                   
خامساً - وأتانا في آخر الأزمنة تيار التكفير والإلغاء والذبح، بتسمياته كلها داعش والقاعدة واخواتهم، يقتلعون كل مكوّن، يرفضون كل مختلف "ولو حتى من مذهبهم"، وكنا نحن من جديد الضحايا، في نينوى و الخابور، لم يعد يكفي أن يُقال داعش لا تمثلنا، إنه صراع حول هوية الإسلام و رموزه ووجهه، إنه تحدّ حضاري مذهل سيكتب غد المنطقة، إما الى مزيد من التشدد والغلو،أو الى إنفتاح، ونرى تسابقاً مذهلاً بين الخطين.

سادساً - صار من المعيب أن نتكلم عن دور الغرب والعالم الذي يسمي نفسه "حرّاً" فنحن لسنا على أجندته ولا من أولوياته، من هم هؤلاء المسيحيون المشرقيون في لعبة الأمم، هل يسيطرون على نفط؟ على أراض؟ كم سهامهم؟ وأين هم من مصالح إسرائيل؟
هكذا تتراوح نظرة الغرب الينا، إما فليغادروا و نرتاح من همهم، أو نسخّرهم في سياساتنا، هل هناك إيمان عميق بقيم حقوق كل إنسان وكل جماعة و حقها في الحرية والكرامة؟ أم أن برميل نفط أهم من حضارة شعب؟
ومع ذلك نحن لن نتردد في الصراخ أمام عقل الغرب، نحن هنا حاجة للتعدد أذا كان العيش المشترك مستحيلاً في الشرق، ونحن معاً منذ البدء، فكيف يكون ممكناً في الغرب.
                                     
سابعاً - ونحن هنا في قلب المتن في قلب جبل لبنان، يطيب لي ان نحلم بأن بعد، رغم حلاوة الروح، يمكن أن نقدم لبنان نموذجاً، صحيح  أنه ضُرب في صميمه وإنهار برسالته بوهجه بإقتصاده، بنظامه بفساده، لكن يبقى لا بديل عنه، ونحن نؤمن بالرجاء بالأمل أنه الوطن الوحيد الذي يتشارك فيه المسيحيون والمسلمون في صناعة القرار الوطني، رغم علاّت الشراكة، ورغم إعتبار المواطنين درجات، ورغم محو الطوائف الصغرى، فإن الحريات -حتى الفوضى-  تبقى ضمانة لواحة مختلفة .
أنا أدعو الى إختراع روح جديدة، إلى إعادة خلق ما نستحق أن نناضل من أجله، الى عقل جديد لا يتخلى عما صنع مجد وطن ولا أرواح الشهداء وتضحياتهم، لكنه ينظف من عفن النظام كل ما جعله عقيماً، انها دعوة الى النخب التي جربت و وصلت الى حد اليأس ، والى الجيل الطالع أن يثبت - رغم كل مشاكله - حتى لا نفقد وطناً.                                     

أخيراً أحلم بشرق جديد، أناضل من أجله ، وحلٌ عادل للقضية الفلسطينية، دولتان لا "ابارتاييد"  ولاشعب الله مختار، كلنا شعوب الله وأبناؤه، وعودة النازحين ولا توطين.
•   جرأة إعتراف بكل المجازر و الإساءات من سيفو الى "سيميل" الى حلبجة الى كل غزو وكل إحتلال حتى ترتاح عظام في التراب.
•   أنظمة ديمقراطية و جيوش أوطان لا حكّام، هذه قناعة عميقة وليس بدبابات أي إحتلال.
•   مواطنة كاملة - كأن يكون مثلاً اوباما رئيساً في الولايات المتحدة، و ريشي سوناك من أصول هندية رئيس وزراء في بريطانيا العظمى، متى يُنتخب إبن الشرق على كفاءاته وعلومه و فكره دون هيمنة طرف أو دين او مذهب أو قومية!                       
•   تقدم إقتصادي وإزدهار لوصُرف ربع ما أُنفق على السلاح و الإقتتال و الغدر في هذه المنطقة على شعوبها و طبابتهم و علومهم و عمرانهم لكانوا في نعيم الجنة الآن.

هكذا نقول لكل مشرقيّ، أنت هنا ملك، انت على أرضك التاريخية، أنت الأصل. أنت مسؤول عن غد نصنعه كلنا.
أقلّ من هذه الرؤية ، سنبقى ننزف ونُهجّر و نتذابح، فهل نخترع الرجاء والأمل، أم  تقوى علينا جحافل الموت.


                                        كلمة رئيس الرابطة السريانية حبيب أفرام
                                            ألقاها أمين الإعلام كاري صليبا
                        في مؤتمر"مستقبل الحضور المسيحي في المشرق" – تشرين الثاني 2022
             العطشانة ، المقر البطريركي لبطركية انطاكية وسائر المشرق للسريان الأورثوذكس

5
علينا أن نخترع أملاً ورجاءً لنبقى
" الحرية لا تتعلق بفعل ما نرغب ولكن بالحصول على الحق بفعل ما يجب فعله " البابا يوحنا بولس الثاني.
أن يسكنك هذا الهمّ، وتلتهم أعصابك هذه القضية وتحياها،هل مات مسيحيو الشرق؟ هل إنتهوا؟ هل ينتظرون؟ هل يتلذذون بحكايات الأمس والتاريخ؟ هل يستمرون في زواريبهم و خلافاتهم؟ هل صاروا "دبب الباندا " على وشك الإنقراض؟ هل يدغدغهم شعورٌ بأنهم معدّون للذبح أم للتهجير أو للتصدير الى غرب ينتظر ؟ ما أصعب أن تكون أنت الضحية والراوي؟
يسألني البعض بعد كل هذه المؤتمرات و الندوات و البيانات والصرخات الى أين؟
ماذا إستفدنا؟ وهم على حق. لسنا هنا في " الفن للفن "، و"المؤتمرات للمؤتمرات" بل للتوعية والحوار.
وحين تكون الدعوة من الكنيسة السريانية الضاربة في جذور هذا الشرق، ومن حرص رَعوي أبوي على إستكشاف طريق، و بدعم من هنغاريا التي تشكّل نموذجاً فريداً في دعمها المباشر لمسيحيي الشرق واجب أن اقدم عصارة "خمرتي وخبرتي".

 أولاً - قبل أن نلوم و نتهم أحداً، و نتبرأ من مصيرنا، نحن، هذه الشعوب الشرقية المسيحية، بكل كنائسنا وطوائفنا ولغاتنا و تراثنا و تنوعنا، نحن مسؤولون عن يومنا وأمسنا وغدنا.
نحن في عقلنا وإرادتنا في وعينا، ماذا نريد؟ هل نؤمن حقاً و بعمق و بصراحة، أننا مؤتمنون على رسالة ودور وأننا شهود على حقيقة في هذا الشرق؟                                             
أم أننا إستسهلنا الحياة في الغرب، مع سيارات الفولفو في ستوكهولم ، والبويك في ديترويت، والمرسيدس في ألمانيا، نفتخر بأننا بنينا 45 كنيسة  في السويد، وأن إنتشارنا وصل إلى الأرجنتين؟
هل في بال كل منا جواز سفر جديد وهوية جديدة، نستميت للوصول اليها، شرعياً أم تهريباً؟ هل نحن مؤمنون بقضية و مستعدون لبذل كل غالِ و رخيص من أجلها؟ وهل تستحق أي قضية أن نبذل دماً لها؟                                                                                 

ثانياً -  إذا كان بعد في قلوبنا نبض إيمان فماذا نفعل؟ مع الإعتراف بأن لكل بلد خصوصيته و تركيبته، وبأن أهله أدرى بشعابه، لكن هل يمكن أن نكون نحن أتباعاً ؟
هل يمكن أن نصبح "كردستانيين" او  "حشداً شعبياً" أو "بعثيين" أو "قوميين عرب" أوحتى "أردوغانيين" حسب مصالحنا ومراكزنا.
من نحن وماذا نريد، هذا هو السؤال؟
مسيحيون مشرقيون نؤمن بالإنسان، بحريته بكرامته بمساواته، لا نطلب لنا إلاّ ما نطلبه لكل أبناء الشرق، أوطاناً تحترم التنوع والتعدد قومياً و إثنياً و لغوياً وقيمة كل مواطن.
                                   
ثالثاً -  ليس بإمكاننا نحن أن نفرض حلولاً، نحن أصغر من ذلك في العدد وفي النفوذ وفي الجغرافيا وفي التحالفات، ولكننا قادرون على الشهادة، على الدعوة لشرق جديد، لعقل جديد .
إرادة العيش الحرّ الكريم، لكل مكونات الشرق، فلا مواطن درجة أولى ولا ذمّية، لا قهر ولا تعسّف ولا دكتاتورية، ولا قمع بل أنظمة ديموقراطية حرة، ولا إرهاب ولا تكفير ولا إقتلاع ولا تهجير ولا جهاد.
إنها دعوة لتغيير جوهري في العقل المشرقي، وهذا يحتاج الى جهود فكرية وإعلامية وسياسية وتربوية.

رابعاً - ليس مقبولاً بعد، أن يبقى الشرق هكذا،عائماً على خرافاته ، هل من المعقول أن تمرّ مراسلة لرئيس حكومة عراقية يصف فيها أبناء الرافدين و ميزوبوتاميا من الآشوريين والسريان و الكلدان " بالجالية المسيحية ". من أين جاء بعلمه؟
هل من المعقول أن رئيس وزراء عراقي يقول أن " ملحمة جلجامش" كُتبت في "صدر الإسلام" ؟ من يمحو التاريخ ؟
هل من المعقول أن هناك من يعتبر أن "سيفو" مجرد نزوح وليست مجازر أو ابادة ؟
نطعن أنفسنا و ذاكرتنا و الشهداء ؟؟
هل من المعقول أن يستمر تغييب المطرانين يوحنا إبراهيم و بولس اليازجي في لغز لا حلّ له، كأنهما المسيحية المشرقية المعلقة على صليب، لا يعودان "بطلين مكرميّن " ولا يستشهدان " قديسيَن".
                   
خامساً - وأتانا في آخر الأزمنة تيار التكفير والإلغاء والذبح، بتسمياته كلها داعش والقاعدة واخواتهم، يقتلعون كل مكوّن، يرفضون كل مختلف "ولو حتى من مذهبهم"، وكنا نحن من جديد الضحايا، في نينوى و الخابور، لم يعد يكفي أن يُقال داعش لا تمثلنا، إنه صراع حول هوية الإسلام و رموزه ووجهه، إنه تحدّ حضاري مذهل سيكتب غد المنطقة، إما الى مزيد من التشدد والغلو،أو الى إنفتاح، ونرى تسابقاً مذهلاً بين الخطين.

سادساً - صار من المعيب أن نتكلم عن دور الغرب والعالم الذي يسمي نفسه "حرّاً" فنحن لسنا على أجندته ولا من أولوياته، من هم هؤلاء المسيحيون المشرقيون في لعبة الأمم، هل يسيطرون على نفط؟ على أراض؟ كم سهامهم؟ وأين هم من مصالح إسرائيل؟
هكذا تتراوح نظرة الغرب الينا، إما فليغادروا و نرتاح من همهم، أو نسخّرهم في سياساتنا، هل هناك إيمان عميق بقيم حقوق كل إنسان وكل جماعة و حقها في الحرية والكرامة؟ أم أن برميل نفط أهم من حضارة شعب؟
ومع ذلك نحن لن نتردد في الصراخ أمام عقل الغرب، نحن هنا حاجة للتعدد أذا كان العيش المشترك مستحيلاً في الشرق، ونحن معاً منذ البدء، فكيف يكون ممكناً في الغرب.
                                     
سابعاً - ونحن هنا في قلب المتن في قلب جبل لبنان، يطيب لي ان نحلم بأن بعد، رغم حلاوة الروح، يمكن أن نقدم لبنان نموذجاً، صحيح  أنه ضُرب في صميمه وإنهار برسالته بوهجه بإقتصاده، بنظامه بفساده، لكن يبقى لا بديل عنه، ونحن نؤمن بالرجاء بالأمل أنه الوطن الوحيد الذي يتشارك فيه المسيحيون والمسلمون في صناعة القرار الوطني، رغم علاّت الشراكة، ورغم إعتبار المواطنين درجات، ورغم محو الطوائف الصغرى، فإن الحريات -حتى الفوضى-  تبقى ضمانة لواحة مختلفة .
أنا أدعو الى إختراع روح جديدة، إلى إعادة خلق ما نستحق أن نناضل من أجله، الى عقل جديد لا يتخلى عما صنع مجد وطن ولا أرواح الشهداء وتضحياتهم، لكنه ينظف من عفن النظام كل ما جعله عقيماً، انها دعوة الى النخب التي جربت و وصلت الى حد اليأس ، والى الجيل الطالع أن يثبت - رغم كل مشاكله - حتى لا نفقد وطناً.                                     

أخيراً أحلم بشرق جديد، أناضل من أجله ، وحلٌ عادل للقضية الفلسطينية، دولتان لا "ابارتاييد"  ولاشعب الله مختار، كلنا شعوب الله وأبناؤه، وعودة النازحين ولا توطين.
•   جرأة إعتراف بكل المجازر و الإساءات من سيفو الى "سيميل" الى حلبجة الى كل غزو وكل إحتلال حتى ترتاح عظام في التراب.
•   أنظمة ديمقراطية و جيوش أوطان لا حكّام، هذه قناعة عميقة وليس بدبابات أي إحتلال.
•   مواطنة كاملة - كأن يكون مثلاً اوباما رئيساً في الولايات المتحدة، و ريشي سوناك من أصول هندية رئيس وزراء في بريطانيا العظمى، متى يُنتخب إبن الشرق على كفاءاته وعلومه و فكره دون هيمنة طرف أو دين او مذهب أو قومية!                       
•   تقدم إقتصادي وإزدهار لوصُرف ربع ما أُنفق على السلاح و الإقتتال و الغدر في هذه المنطقة على شعوبها و طبابتهم و علومهم و عمرانهم لكانوا في نعيم الجنة الآن.

هكذا نقول لكل مشرقيّ، أنت هنا ملك، انت على أرضك التاريخية، أنت الأصل. أنت مسؤول عن غد نصنعه كلنا.
أقلّ من هذه الرؤية ، سنبقى ننزف ونُهجّر و نتذابح، فهل نخترع الرجاء والأمل، أم  تقوى علينا جحافل الموت.


                                        كلمة رئيس الرابطة السريانية حبيب أفرام
                                            ألقاها أمين الإعلام كاري صليبا
                        في مؤتمر"مستقبل الحضور المسيحي في المشرق" – تشرين الثاني 2022
             العطشانة ، المقر البطريركي لبطركية انطاكية وسائر المشرق للسريان الأورثوذكس

6
أبناء الرافدين! ماتوا وما قبروا!

              ليست سيرة شخصية لأخ سرياني ترهب للمسيح والعلم. إنها مسيرة شعب ضاع.
     مثال حيّ على مسيحية مشرقية خسرت رهانها في حياة حرّة كريمة متساوية في أوطانها.
            لم يعد مفيداً أن نجمّل الكلمات، ولا حتى البكاء على أطلال، ولا حتى الدعوة الى
     الصمود والتعلق بالارض والهوية والانتماء والدور. انتهت. ماتت المسيحية المشرقية
    كمشروع حياة ونور واشعاع وثقافة وحلم تغيير.

              قد يكون أهون للجميع أن تنقرض.للعرب والمسلمين وجع رأس من "ذميين"
     الى " ملل"، فلا عصر أنوار يُرتجى  ولا أوطان فيها عدالة ومواطنة وحقوق. وللغرب
     راحة ضمير يغسل يديه من دم هذا " الصدِّيق" مدّعياً أنه هو من يريد الهجرة، هو
     المسيحي المشرقي يفكر دائماً برجليه يبحث عن وطن بديل، عن جواز سفر، عن سماء
     جديدة.

            ليس هيناً غوص الأخ عمانوئيل في تراثنا وعاداتنا ولاهوتنا السرياني، هناك في
    الأماكن المنسية من الجغرافيا  والمهملة  من التاريخ. مَنْ يريد أن يتذكر أور ونينوى
   ومار افرام وما أعطينا للحضارة؟  نحن، لا نفط ولا رماح، لا أحد مهتم.

           أصلاً، أن تغرَّب الأخ عمانوئيل، هو، بحد ذاته، محو للهوية ، لقد تمزق الشرق
المسيحي، مذاهب وطوائف، " تكثلكت وتليتنت وتأنجلت"، وشدّ بها  الرحال الى ثقافات
جديدة، في أخطر الأيام والأزمنة.

          هو كتاب بقدر ما احببت سرده وأخباره والمعلومات فيه  معلومات، أمعن في
غرز السكين في خاصرتي، أنا الذي فتر ايماني بالمسيحية المشرقية، بعد أن أعطيتها
عمري نضالاً.



      هلْ نفقد الرجاء ونحن نؤمن أننا نقوم حتّى بعد القبر؟
       لا اشارات تريح. أصلا مسيحيّو الشرق يئسوا من كل شيء، ولا بوادر وعي
لا شرقاً ولا غرباً، إلا بصيص نور ما خفيف.
        إبن الرافدين. إبن الشرق الحزين. ربما يكتب ورقة نعي لشعوبنا متذكراً
مآثرها، لولا !
              هلْ يمكن أن يأتي الخلاص من انتشارنا في الغرب؟ من نهضة جديدة فكرية
 علمية تؤكد على الهوية والانتماء في مواجهة الذوبان والالغاء والعولمة؟ من جيل جديد
  ولد في صقيع الغربة، درس، مثل، الأخ عمانوئيل، في الجامعات وانتهج ثقافة المعرفة
والنقد البناء والديموقراطية  والحريات؟
            هلْ نخسر الارض ونربح انساناً مشرقياً، لكن دون جذوره! وماذا ينفعنا هذا؟
هلْ نحن أمة أو شعب أو إثنية أو طائفة أو مذاهب لها أي طعم دون حواضرنا. دون
حضورنا على ارض الشرق. دون الرافدين دون أور دون طورعابدين دون القامشلي
 دون جبل لبنان؟
         هلْ مؤسساتنا في الغرب، اعلامية واقتصادية حلّْ؟ هل جوازات السفر
الاوروبية حلّْ؟ هلْ نواب ووزراء في برلمانات الغرب حل؟
         ضاع شعبنا.
        من بقي على " أثرا"، على الارض، على تراب التاريخ، قرب مقابر أجدادنا
هؤلاء الصامدون، رغم كل المخاطر، رغم كل المجازر، رغم كل الاضطهاد، رغم
كل شيء هم ملحٌ ونور وشهود.
           مباركٌ حبرك. ولوْ أننا في زمن التافهين واللامبالين.
           نحن أيتام الشرق، بقايا سيوفه، على الأقل أسمحوا لنا أن نذكر محاسن
تاريخنا  ونتغنى به. اسمحوا لنا أن نبكي مجداً ضاع!
     ------------------------------------------------------------------------------------------
مقدمة الملفونو حبيب افرام رئيس الرابطة السريانية أمين عام اللقاء المشرقي لكتاب " أبن الرافدين مسيحية مختلفة" للمؤلف الاخ عمانوئيل سمعان بتق الصادر عن دار سائر المشرق.


7
حبيب افرام
7 سنوات على خطف مطرانين لقد هُزمنا


نعتذر منكما، أيها المطرانين الأرثوذكسيين السرياني يوحنا إبراهيم والرومي بولس اليازجي، الأيقونتين المشرقيتين، فها نحن، بعد سبع سنوات على خطفكما، نعترف بذل وانكسار، اننا لا نعلم ولو حقيقة واحدة عن مصيركما.
خدعونا، كلهم، الزعماء الحكومات الدول الأجهزة الأحزاب، وعدونا بالمتابعة بالاهتمام، لكن، مثل السحر، مثل الأكذوبة، لا شيء.سر من اسرار الشرق الدفينة.
نحن في خارطة القوى لسنا قضية، ولا ملفا، ولا حاجة استراتيجية، ولا نفط تحتنا، ولا رماح في أيدينا، مبادؤنا وحضورنا ودورنا لا معنى لها في حسابات الدول.
لا اعدناكما بطلين مكرمين محررين من أيدي من تجرأ على المس بطهر ثوبكما، ببريق رسالتكما، ولا حتى شهيدين مصلوبين على خشبة الحق كما السيد الذي وهبتما العمر له.
لقد هزمنا. آه كم هزمنا،ليس فقط بكما، بل بكل ما ترمزان له، وبكل أحلامنا ونضالنا والتاريخ.
لقد ذبح شعبنا اكثر، اضطهد، أبيد من جديد، دمرت كنائسه والأديرة، هجرت قراه وأحرقت، أمام اعين عالم بلا ضمير، المسيحية المشرقية تجف، تموت رويدا رويدا، نغلق صفحة حضارة وجذور وهويات.
اوطاننا تخذلنا، لا حريات لا مساواة لا مواطنة لا حقوق إنسان لا اعتراف بالتنوع وبالتعدد، وفوق هذا أصوليات وارهاب وتكفير ورفض لكل آخر، بل اكثر سقوط الدول والحدود وحروب أهلية واحتلالات ونفوذ اجنبي وساحات قتال. لا أفق لا ضوء لا أمل.
ثم جاء الوباء هذا العام ليحرمنا حتى من احياء ذكرى تضامن معكما، وحشد أحبة في مهرجان وفاء اننا لن ننسى.
وها نحن في زمن القيامة، رجاؤنا الوحيد الباقي أعجوبة منه، هو القادر على كل شيء، ومنا ان يبقى عندنا ولو ذرة إيمان.

رئيس الرابطة السريانية أمين عام اللقاء المشرقي


8
الى أحبار الكنائس في اسبوع الوحدة.
وحدة كنائسنا لقضية بقائنا والدور.



              هو ايماننا. 
               نصلي كل عام من أجل وحدة كنائسنا؟
               ثم ماذا بعد؟
              نحن ننقرض . من تهجير واقتلاع الى هجرة وتذويب الى ابادة،
              وصلنا الى اليأس. نفقد الرجاء.
               نحن في تراجيديا. سننتهي دون ضجة.
              كيف نحمي لبنان الوطن الرسالة بسيادته واستقلاله والحريات؟ ونبقي شبابنا هنا؟
           أيّ نظام أيّ رؤية أي نهضة وأيّ دور؟
              كيف نحافظ على آخر من يشهد لتاريخنا في طورعابدين في تركيا؟
              كيف نوقف نزيف  أبنائنا من القامشلي والجزيرة وحلب وحمص في سوريا؟ 
          وكيف نشارك في مستقبلها؟
              كيف ينتهي الإرهاب ضد الاقباط في مصر؟ هل نحلم لهم بالمساواة والمواطنة الحقة؟
              كيف نحصِّن سهل نينوى وأهله المتروكين للقدر؟
              كيف نعيد المطرانين الأيقونتين من أسرهما؟ ما هذا السرّ العجيب؟
              كيف نحمي النازحين والفقراء والمهمّشين، الرازحين تحت ضغوط الحياة؟
              كيف نخلق أملاً جديداً لشعوبنا التي لا تفكر إلا  بأرجلها الآن؟
              هذه صلاتنا. أحبارنا!
               إنها قضية نضال لشعوبنا وقومياتنا واثنياتنا وهوياتنا في شرق يجرونه نحو
           الهاوية والجحيم!
               إنه عبء التاريخ. كي لا يمحونا أحد من الجغرافيا والشرق!
           وحتى لا يُقال لا أثر لنا إلا الاطلال.

حبيب افرام       
رئيس الرابطة السريانية
أمين عام اللقاء المشرقي
         

9
عارٌ على البشرية أن تسكت
عن الابادة.

              أخطر ما يصيب المسيحية المشرقية أنها تتعرض لابادة، لالغاء، لتطهير
    عرقي، لقتل مبرمج، لهضم حقوق، ولا أحد يريد تسمية الأمور بأسمائها، بلْ
    يحاول الكثيرون اللعب على الالفاظ والكلمات في هروب مشين من مواجهة الحقيقة. 

              أسوأ ما يصيب المسيحية المشرقية أنها صارت "عالموضة" ، تكثر المؤتمرات
      في الغرب والشرق، نتغرغر في مداخلات محشوة في أوصاف العيش المشترك واحترام
     الآخر ونصدر بياناً ختامياً ونعود ادراجنا لنعدَّ النزيف اليومي ولا حلول.
   
              أجبن ما يصيب المسيحية المشرقية، أننا نحن مسيحيي الشرق، بشعوبنا بكنائسنا
     بتنظيماتنا بتاريخنا بهوياتنا، فقدنا الأمل والرجاء  والنضال،استسهلنا الهجرة وشوارع
     ستوكهولم وفرانكفورت وبروكسل ونيوجرسي ومونتريال وسيدني، وصارت الخابور
     ونينوى والقوش والمينا  وأورميا ومذياد ذكريات في البال وأسماء مواقع الأرض لنا فيها
     القبور ولغيرنا المنازل.
            نحن في عقلنا جوازات سفر. لا نعرف أن في الشرق لا مكان لك دون قوة دون
    مقاومة دون صمود دون دور.

                إن القضية المسيحية المشرقية ليست نسباً مئوية، ولا دراسات حول كم كنا قبل
  " سيفو" في الدولة العثمانية، أو في ايران قبل الثورة الاسلامية، أو في سوريا ومصر والعراق
   قبل الثورات العسكرية ثم بعد  ما سميّ الربيع ثم مع داعش، قضيتنا مهما كان عددنا، مهما كانت
   نسبنا، حقنا، كما حق كل مواطن وكل جماعة، في حياة حرّة كريمة مع مساواة.

               المشكلة، أيها الاصدقاء، إن لا نظام أكرر ولا أي نظام. يعترف بعمق بصراحة
     بالتنوع والتعدد حقيقة. اذا لم يكن هناك تغيير خطير في العالم العربي والاسلامي في معنى
-1-
الوطن والحريات والانسان عند الرؤساء والملوك والأحزاب والتنظيمات والمؤسسات
 الدينية، فلا حلّ لنا ابداّ.
  أن نهضة فكرية هي خلاص الشرق. وإلا سنبقى نغرق في دمائنا.
               والمشكلة في غياب القيادة والرؤية والضمير في العالم الغربي. إنه عالم لاه
أضاع القيم والمبادرة. هل تعنيه حقوق انسان وجماعات أم فقط نفط وأمن اسرائيل ؟
هل مستعد هو للدفاع عن مبادىء لكل شعوب الشرق. نحن لا نطلب لا حماية ولا تدخلا
غربياً مع مسيحيي الشرق. لا نحن نريد  ولا هم حتى في هذا الوارد. لكننا نريد أن يرفضوا
الابادات والقتل  وخطف المطرانين الارثوذكسيين الروم والسريان اليازجي وابراهيم. ان
يرفضوا دساتير وممارسات لا تعطي المساواة لكل أبنائها. كيف لا يعتبر الفاتيكان
أن إفراغ الشرق من مسيحييه هو أقسى جريمة ترتكب ضد المسيحية على الاطلاق
ولماذا لا يثور ويقيم الدنيا؟  شرق دون مسيحيين؟ والمسيحية نبعها هنا وتاريخها
بدأ هنا ونورها شع ّ من هنا.
             كيف نتصدى لهذه الابادة؟
             مسيحيو الشرق مدعوون لانتفاضة على الذات للعودة الى جذورهم الى نضال
مشرقي وتشبث بالارض. وإلا أنهم ينحرون كل ما يؤمنون به وما يمثلون.
            العرب والمسلمون أمام تحدّ حضاري في كيفية علاقتهم مع مبادىء الحريات
وكرامة الانسان والتنوع. هم مسؤولون أمام الله والتاريخ عن بقاء المسيحية وكل
المكونات في الشرق على قاعدة المساواة.
           الغرب مدعو الى مشروع " مارشال" متكامل سياسي اقتصادي اجتماعي لدعم
بقاء وصمود المسيحيين والمكونات ولضغط دبلوماسي سياسي لتغيير أداء الحكام والأنظمة.
           التاريخ يُكتب بالموقف أولاَ. بالكلمة. عارٌ على البشرية أن تسكت. أن تتواطأ.
أن تغمض العين.وعارٌ علينا أن يُكتب أن في زماننا انتهت المسيحية المشرقية.


كلمة الملفونو حبيب افرام رئيس الرابطة السريانية أمين عام اللقاء المشرقي في مؤتمر باريس 11 لدعم مسيحيي الشرق في فندق إيل دو فرانس في 11 كانون الاول 2018 .

 
               


10
30 آب اليوم العالمي للمخطوفين والمفقودين !
طيف المطرانين وجه المشرق.

                إنها جراح وقضية.
                كيف تختفي وجوه وأسماء بلا أثر ولا دليل.
                كيف ينتظر الأهل قريباً لا يعود ولا يموت
               لا رفات لا كرامة دفن.
               صورٌ معلقة في البال والذاكرة.
              كلنا مدانون.
             هل فُقِد كل أمل؟
              هل عرفنا كل الحقيقة؟
              هل صاروا كلهم شهداء؟
             هل ربما مازال بعض في سجن ما؟
             من يجرؤ على جواب؟
             من يحمل هذا الملف بكل جرأة بكل موضوعية؟
              في البال هم.
             في الضمير والعقل والقلب.
             30 آب ليس يوماً. بلْ سكنى بالروح.
             ولهم، منّا الوفاء، والنضال
             وطيف المطرانين المخطوفين يوحنا ابراهيم وبولس اليازجي
     يغطّي بلاد المشرق كلها.
حبيب افرام           
                                                                                  رئيس الرابطة السريانية

11
24 تموز
ذكرى الشهداء السريان في لبنان.
حدّثني الشهيد قال: هلْ دمي هباء؟
بقلم حبيب افرام

                ولِدت الرابطة السّريانية من نداء المقاومة للدفاع عن لبنان وعن المسيحية الحرّة فيه. عام 75 تنادت ضمة من شبابنا بدعم تام من نيافة المطران جورج صليبا وانشأت  أوّل مؤسسة
سياسية سريانية في لبنان همها الأكيد المشاركة في الذود عن الوطن وعن حقوقنا فيه.
               ترأسها المحامي الراحل جوزف أحمر، السرياني الكاثوليكي لأكثر من ست سنوات.
هكذا من البدء لم تميّز مطلقاً بين كنائسنا ومذاهبنا  وأبنائنا في كل مفاصلها.
             وفي يوم من أيام حروب الجنون، إرتفع لنا باقة كبيرة من شهداء في معركة
"تحرير تل الزعتر" فقررت الرابطة إعلان 24 تموز يوم الشهداء السريان في لبنان.
            إنه يومنا وتاريخنا ونضالنا وعطاؤنا وزهرة شبابنا فلا يسرقه أحد. نحن في الرابطة
كل عناصرنا وكل أبنائنا في الجيش وفي كل الأحزاب والتنظيمات كنا مؤمنين بأن لبنان
 يستحقّ أن نعطيه  حتى الثمالة، لبنان الواحة والحريات وكرامة الانسان.
           ويشرفنا أننا لم نكن يوماً جزءا من صراع  أخوة وقتال أهل.
            لكن، وبعد إنتهاء الحرب، ومع الطائف،
     ومع العهود، ينتاب شعبنا شعوراَ عميقاً دفيناَ خطيراَ.
   إن الدم كان هباء. فالنظام السياسي اللبناني يصنّف مواطنيه درجات. والسريان وباقي
" الاقليات المسيحية" من كلدان وآشوريين ولاتين وأقباط في الدرجة الاخيرة في الحقوق.
 لم يكترث النظام لشكوانا في ضرورة زيادة عدد نوابنا الى ثلاثة ونحن ستون ألف ناخب،
 ولا يعطينا من فتات الادارة شيئاً، ويمنع عنا المشاركة في أي وزارة  منذ الاستقلال.
          فلماذا؟
          لقد ناضلت الرابطة دائما مع الماروني القوي منذ بشير، وجمعتها مع  العماد
ميشال عون  رفقة نضال ودرب تحالف ورأت فيه تجسيداً لرئيس مسيحي مشرقي يعي
همومها والمشاكل وكانت فخورة بأنه كان المتحدث الرئيسي في الذكرى المئوية لسيفو
" مجازر السريان"، وأنه رعى وأطلق " اللقاء المسيحي المشرقي"،  وأنه كان خطيباً
في مهرجان خاص في في كنيستنا في السبتية، وأنه رعى حفل عشاء الرابطة  الأخير
ممثلاً بوزير الخارجية المهندس جبران باسيل، الصديق العزيز للرابطة، ولذلك
فهي تعتبر هذا العهد عهدها وتأمل أن تنصف في هذا العهد. فاذا لم يكن الآن فمتى.
واذا لم يكن مع الرئيس عون فمع مَنْ ؟
     أيهّا الشهيد،
صحيح أن الكثير من أبنائنا فقد الثقة بالوطن وهاجر.
صحيح أن الازمات تتراكم فقر بطالة ديون بيئة وفقدان الحلم.
وصحيح أن بلاد الانتشار تعامل أبناءنا بالكرامة ومن سخريات الاقدار
أن يكون للسريان وزير في السويد وخمس نواب،
لكننا ما زلنا نؤمن أن مجدنا هنا
في لبنان " قلب الله" كما أسميناه،
وفي الشرق رسالة تجذر وشهادة ونور، رغم كل الدواعش والاضطهادات،
ومازلنا نؤمن أن إنصافنا آتٍ،
وأننا قاومنا حيث يجب، وان لبنان يستحق. وأننا سنكون طليعة عطاء اذا دعانا الواجب من جديد.
دمك أيها الشهيد أزهر أمانة لوطن نعمّره كل يوم.
ونحن على العهد والوفاء.

   رئيس الرابطة السريانية


12

رسالة مفتوحة الى البرلمانيين الارثوذكس
همومنا : بقاء مسيحيي الشرق ودورهم، القدس وعودة المطرانين المخطوفين


                أهلاً بكم في لبنان، الوطن الذي يصنع نفسه يومياً، في تحد خطير وجواب على سؤال هل يمكن العيش معاً بحرية وكرامة  ومساواة في هذا الشرق؟ يبدو أن جهنم انتقل الى المنطقة، والارهاب والتطرف عشعش في مدنها وقراها وعقلها .
              أهلاً بكم، رواد فكر يمكن أن يشكل حراكاً ووعياً ودفعاً في اتجاه عدالة وقيم ومبادىء مستقيمة الرأي تصرّ على الحق في التنوع والتعدد، تثبت أولوية الانسان وكل جماعة وكل اثنية وكل قومية. بلا هيمنة ولا استغلال ولا قهر ولا عنف!
            نحن مسيحيي الشرق في أزمة وجود. لم يعد ينفع الكلام الببغائي.
           نحن نخسر أراضينا التاريخية، نهجَّر، نُقتلع، يُذبح مطارنتنا والرهبان، تدمّر كنائسنا والاديرة، في هجمة أصولية لم تبقِ أملاً بشيء.
           أنَّ أملنا أن يعي العالم العربي والاسلامي أنَّ الحضور المسيحي في الشرق يستحق من كل الانظمة على اختلاف توجهاتها، ومن كل الاحزاب السياسية ومن كل القيادات  الدينية معاملة مختلفة. لا كأقلية ولا كمواطنين درجة ثانية، ولا حقوق منّة من حاكم، ولا ذميّة، ولا " تربيح جميلة" بوظيفة  أو منصب بل اعتراف حقيقي عميق صادق بالتنوع القومي والاثني والديني، وبالهويات التاريخية للمكونات دون عقد نقص ولا فوقية ولا قومية شوفينية.
          هلْ يتسع الشرق لهذا الفكر. ثقافة وفكراً وحضارات ولغات ضمن الهويات الوطنية.
          هلْ يكون الانسان أولا. قبل أي انتماء آخر؟
          هلْ يسمح بتمثيل صحيح لكل المجموعات؟
           هلْ نعترف باللغات الوطنية؟


             
            هلْ يُسمح بحرية الضمير؟
            هيْ نهضة. ومَنْ أجدر منكم بأن تحملوا لواءها من بيروت. هذه العاصمة التي تاريخها أن تكون رائدة انفتاح وتواصل وحوار. في هذا الوطن الذي يسعى رئيسه العماد عون الى جعله " وطنا دائماً لحوار الاديان والحضارات" مكرساً من الامم المتحدة. في هذا الوطن الذي حرر أرضه بدم أبنائه وشهادتهم ومقاومتهم، والذي دحر الارهاب بوحدة بنيه حول جيشه.
         هي نهضة، لا تنسى أن مطرانين ارثوذكسيين أميرين في كنيسة الشرق يوحنا ابراهيم وبولس اليازجي مازالا مخطوفين منذ 5 سنوات ولا أثر ولا علم ولا خبر في رواية مفضوحة  عن قهرنا.
        هي نهضة، لن تنسى القدس زهرة مدائننا ولا القضية الفلسطينية، ولا تقبل أن يبقى الارهاب متحكماً في عقول سرقت الدين وشوّهته.
        وهي، يداً بيد، قادرة على تغيير الشرق. لأننا نؤمن ونحن في زمن القيامة بأنه قال لنا "أنا معكم حتى انقضاء الدهر"!
حبيب افرام
رئيس الرابطة السريانية
الأمين العام لاتحاد الرابطات المسيحية في لبنان
رئيس أسبق للاتحاد السرياني العالمي
أمين عام اللقاء المشرقي


         

13
حتى تصبح الأرثوذكسية رسالة قيم !

* حبيب افرام


                إننا في عالم مجنون. لا قيم لا مبادىء لا احترام للانسان ولا للجماعات
 والاثنيات والقوميات. تكاد القوة والمصالح والمؤامرات وحدها ترسم التاريخ، ويكاد
 الارهاب باسم الدين يقتلع شعوباً ويفجّر دور عبادة ويقتل ويذبح أينما كان، في أي عاصمة.
                مَنْ يعيد الى السياسة رونق أنها في جوهرها تطلّع لخدمة الانسان؟
                 وكيف يمكن للأرثوذكس، المستقيمي الرأي، في كل كنائسهم وأوطانهم
   وليتورجياتهم ولغاتهم وانتشارهم، أن يكونوا قوّة تردف  العالم بالقيم، بالعودة الى
شرعة حقوق الانسان، الى كرامته، والى الحّريات والحق بالحياة الأفضل؟
                 وكيف يمكن لنا، نحن في  مؤتمر24" للمؤسسة العالمية لوحدة الدول
 الارثوذكسية المسيحية"  - روسيا"، أن نطلق حوارا عميقاً رصيناً هادئاً حول
عالم جديد، يتوحّد على رفض الالغاء والتطرف والغلو والحقد والكراهية، في المدرسة
والاعلام ودور العبادة والحكومات؟ من يقود هذا الصراع؟
                  هلْ روسيا العائدة بقوة على مسرح الاحداث قادرة على أن تكون النواة
الصلبة لهكذا تحالف؟ هلْ لدى دول " البريكس" ما يكفي من ابداع فكري وحراك دبلوماسي
وحضور اعلامي لاطلاق شرارة حقوق الناس؟
                 هلْ يمكن أنْ تتغيّر سياسات الولايات المتحدة الاميركية الى تعاون دولي من
 أجل مستقبل أفضل؟
                أنا الآتي من الشرق، أحمل جراحاته، تاريخ اضطهاد وعنف وتهجير،         
 بقاء شرق متنوع متعدد، حيث يشعر كل مواطن وكل قومية أن لها الحق الكامل
 المتساوي التام الحرّ بالحياة. أنا المسيحي المشرقي الذي شردني العثماني عام 1915
من أرضي التاريخية، ثم تبعه داعش بعد حوالي مئة عام لانهاء حضوري من " سهل نينوى"
في العراق " وقرى الخابور" في سوريا، والذي يذوّب حضوري ايضا في الاراضي المقدسة.
              أنا الذي ذُبح مطراني فرج رحو في العراق، وخُطف مطرانيّا الارثوذكسيان
 بولس اليازجي ويوحنا ابراهيم، ولا أحد يدلنا على مصيرهما، والذي شاهد على وسائل
 الاعلام ذبح الاقباط في ليبيا، وتدمير الاديرة والكنائس.
 -1-
             
         أنا الذي لا يفكر فيّ الغرب الا أن يضعني على قارب نجاة أو يمدني بفيزا
للسفر، متمما ما بدأه داعش!
         فهلْ أنا المسيحي المشرقي، الارثوذكسي الكاثوليكي الانجيلي، حامل أرث التراثات،
 السريانية الآشورية الكلدانية الارمنية القبطية المارونية، الرومية  اللاتينية، أستحق أن أكون
أولاً على جدول أعمال أي مؤتمر أرثوذكسي؟
         كيف نساهم في صمود شعبنا في بقائهم في دورهم؟
         كيف ندعمهم على كل الصعد؟
         كيف نعيد أمراء الكنيسة من الخطف؟
         كيف نوقف نزيف الهجرة؟
        إن ما فعلته روسيا الاتحادية ، مع رئيسها المعاد انتخابه بوتين، من تدخل عسكري في
سوريا لضرب الارهاب، لا يكتمل دون خطة عمل شاملة تبدأ من المساهمة في ايجاد حلّ
للقضية الفلسطينية، وفي تكريس مبدأ الحريات والتنوع والتعدد لكل شعوب المنطقة، دون
قهر ولا تهميش ولا الغاء ولا مواطنة درجة ثانية.
       إن لبنان، وطني، هو نموذج ما، لمستقبل المنطقة. أن نعيش معاً، بكل اختلافاتنا وخلافاتنا
في وطن واحد، على قدم مساواة، في مشاركة في صناعة القرار الوطني، وفي التمثيل السياسي،
في مناخ حريات وانفتاح. فهلْ نسعى كلنا لوقف عقل الحزب الواحد والدين الواحد والقائد الواحد؟
ورئيس بلادي العماد ميشال عون يسعى الى تكريس لبنان " مقراً دائماً لحوار الأديان والثقافات" برعاية الأمم المتحدة.
     إنه تحدّ حضاري. والارثوذكسية هوية حضارية تتجاوز الحدود، وهي قادرة على اعطاء روح
ثورة متوقدّة لاجيال. وان تكون ضمانة حياة أفضل.
      إنها مشروع نضال. فهلْ نحن على قدر التحدي؟




-2-
كلمة رئيس الرابطة السريانية حبيب افرام في مؤتمر" مؤسسة الأساس الدولي لوحدة الشعوب
 المسيحية الأرثوذكسية - روسيا حول موضوع المساواة والعدالة كأساس للاستقرار في العالم المسيحي
الذي سيعقد في كالوغا روسيا من 21 آذار حتى 24- 2018


حبيب افرام
رئيس الرابطة السريانية
الأمين العام لاتحاد الرابطات المسيحية في لبنان
رئيس أسبق للاتحاد السرياني العالمي
أمين عام اللقاء المشرقي


14
21 شباط اليوم العالمي للغة الأم
حبيب افرام: شعب بأسره يموت فمن يسألْ عن لغة!
* بقلم حبيب افرام
             
                مَنْ يحفظ التراث واللغة والحقوق والخصوصيات؟
                 أيّ نظام في هذا الشرق يؤمن بالتنوع والتعدد وحق كل انسان وكل جماعة
     بالحريات المطلقة؟
                غريبٌ قدرنا؟
                 نتعرض لابادات، لمجازر، لاقتلاع من أرض تاريخية، لتكفير، لتدمير حضارة، لخطف مطارنة، لتهجير شعوب، والعالم يتفرّج.
              نحن في قلب الجحيم. نخسر حضورنا ودورنا، وينتشر أبناؤنا في دول الهجرة بحثاً عن أمن وحرية وكرامة. ولا من يسأل؟
               فمن سيهتم بلغة؟ مَنْ  سيقر ويعترف أن السريانية لغة حضارة مشرقية، وليست فقط لغة كنسية. لغة تكلم بها السيد المسيح، وشاركت في نهضة وأغنت المكتبات والأدب والشعر واللاهوت.
            أي دولة، تعترف بالسريانية لغة وطنية؟
            أليس لبنان، في تطلعه ليكون مركزاً دائماً لحوار الأديان والحضارات، هو القادر على المبادرة؟
             أليس فخامة الرئيس، العماد ميشال عون، المشرقي الهوى، هو المؤتمن على تغيير ذهنية،
           إني أدعو الى قرار باعتراف لبنان رسمياً باللغة الآرامية السريانية لغة وطنية، فتتعانق مع العربية لغة القرآن، ويأخذ على عاتقه في مدارسه وجامعاته وكنائسه تعزيز هذه اللغة المقدسة التي يستعملها في حواراته الشعبية دون أن يدري، والتي أعطته أسماء مدنه وقراه وأنهره والينابيع.
          هكذا تبدأ ثورات الفكر.
         هكذا نبرهن أننا نستحق شرف الانتماء الى المشرقية.
         هكذا نعود الى جذورنا.
* رئيس الرابطة السريانية في لبنان
أمين عام اتحاد الرابطات اللبنانية – المسيحية
أمين عام اللقاء المشرقي   
             


15
في تحدِّي التنوع والحريات

                أسوأ ما يصيب " مسيحيي الشرق" بكلّ قومياتهم واثنياتهم ومذاهبهم وتراثاتهم وثقافاتهم ولغاتهم ودورهم وحضورهم وتاريخهم، ليس أن يُذبحوا ولا أن يُهجّروا ولا أن يُعاملوا " كأهل ذمة" أو كمواطنين درجة ثانية، او كأتباع او كملحقين، أو يعطوا فتات سلطة من مقاعد نيابية أو وزارية أو ادارية،  كمنّة من حاكم، أو أن حتى يبادوا رويداً رويداً، بلْ في الإنكار الشديد الغريب والاستخفاف كالنعامة بأنَّ لا مشكلة،  فلماذا الضجيج، ولماذا الصراخ؟
           أرحِّب بهذه الندوة لأنها في قطر، الدولة المحاصرة من أشقاء، ولأنها في هذا الظرف بالذات قادرة على فتح باب حوار عميق وخطير حول أزمة وجودية تطال "أبناء من هذا الشرق"، ولأنها من "المركز العربي لأبحاث ودراسة السياسات" في زمن نكاد نظن أن لا بحث جدي ولا دراسة ابداً لأي قرار في أي بلد عربي، وأنّ العقل قد غاب.
       فشكراً للصديق الدكتور عزمي بشارة الذي يحاول جاهداً عبر نشاطات متنوعة وكتابات  إبقاء شعلة نور في هذا الظلام والجنون.
     أين القضية؟ 
            أولاً: في المسيحيين أنفسهم: ان مسيحيي الشرق هم ابناءُ الارض الاصليون، الاصيلون، ليسوا مهاجرين ولا مرتزقة ولا وافدين ولا صليبيين، ولا احصنة طروادة ولا حلفاء للغرب ولا لمشاريعهم. إنهم امام تحدي البقاء. فها هي المسيحية تكاد تنقرض من مهدها في الارض المقدسة ومن عرشها في بلاد الرافدين ومن سوريا. ان كتباً ودراسات تصدر عنهم كأنهم ابناءُ متاحف، او بقايا سكان. "آخر الهنود الحمر" للكاتبة مهى نعمة، "حياة وموت مسيحيي الشرق " لجان بيار فالون،" آخر الآراميين" لسبستيان دو كورتوا. ان مسيحيي الشرق ليسوا عدداً. لا يهم ان كانوا 15 مليوناً او عشرين او اكثر او اقل.
-1-
1-   ان المسيحية هي أصلاً مشرقية، وليست غربية ولا رومانية ولا اميركية، أن  بيت لحم والقدس وانطاكيا والرها هي قلب المسيحية وليس نيويورك ولا باريس، المسيحية ملح الشرق، سكّر الشرق، روح من الشرق. ان المسيحية المشرقية لون من لوحة المنطقة، فهلْ نحن امام من يحاول محو الوانها؟ ليس للمسيحية هنا مشاريع جنونية ولا أوهام، ان بقاءها في الأرض مسؤولية أهلها اولاً. فالوطن ليس حقيبة ولا فندقاً نستبدله اذا تراجعت الخدمة. ولن ينفعنا كل عواصم الدنيا، لا شيكاغو واشورييها ولا البرازيل وموارنتها ولا ديتروت وكلدانها ولا ستوكهولم وسريانها.
  ان حق كل انسان، مهما كان دينه لونه فكره عقيدته قوميته اثنيته، مقدس. ليس في شرعة حقوق الانسان فقط، ولا في الديانات وكتبها، بل هذا جوهر الفكر البشري. نحن، كمسيحيين مشرقيين، لا نطالب الا بحق الانسان. بالمساواة التامة. بالدستور. لسنا حارات نصارى ولا " غيتوات".
– نحن شعوب وطوائف ومذاهب واثنيات وقوميات من صلب تكوين الشرق.
كنا فيه منذ البدء. أنوّه بكتاب بعنوان" الكتّاب السريان في قطر في القرن السابع الميلادي"تأليف دكتور ماريو قزح وعبد الرحيم أبو هيثم. جذورنا حتى هنا. جزء لا يتجزأ من تاريخه والمستقبل.
- لنا لغاتنا وعاداتنا وثقافتنا وذاكرتنا وترابنا وضيعنا وأدبنا. لا يمكن لأحد ان يمحوها ولا ان ينفيها ولا ان يلغيها ولا ان يحتقرها ولا ان يتهكّم عليها. مقدسة هي لنا كعظام اجدادنا وحكايات قديسينا.
– نحن مواطنون كاملو الاوصاف، من الدرجة الاولى، تماما مثل اي اخ لنا تحت علم البلاد. نرفض اصلا أنْ نسمى اقليات. نحن لسنا عددا، ولا يقاس انسان او شعب بعدده.
بكل حال، مَن هو أكثرية في مكان ربما هو اقلية في مكان آخر.
-   إذن، نحن مواطنون نتكنى بأسمائنا، بهويتنا، بغض النظر عن الجنس او العرق او اللون او الدين او المذهب أو اللغة او العقيدة..فنحن لسنا "مسيحيين عرباً". منا من يقبل هذه الهوية ومنا من لا نحن موارنة وأقباط وسريان وآشوريون وكلدان وروم وانجيليون.
-2-


- لسنا شعوباً سرية ولا منقرضة تدرّس في المتاحف وفي قسم اللغات القديمة في جامعة. لسنا شعوباً معدّة للتهجير أو للتصدير. لسنا ادوات عند احد ولا اصحاب رهانات على الخارج. لسنا
رعايا ولا اهل ذمة، ولا معدين لنكون ضحايا. لسنا حراس حجارة ولا منكفئين في حارات. وأكيد اننا لسنا خنجرا مغروسا في خاصرة اي وطن. ولسنا "دبب الباندا" لنطلب عطفا او مساعدات او بطانيات او ادوية، او تتبرع سفارة لتنقلنا على بواخر الى اماكن آمنة.
أيها الاحبة، فليستمع الينا العالم، بين مباراة كرة قدم وكرة سلّة وعرض ازياء وأغنية.
-ماذا نريد؟
-فقط حقوق انسان، كرامته، حق كل انسان وكل فرد وكل مجموعة بالعيش الحر الكريم المتساوي بالكامل.
-نريد الحفاظ على هوياتنا الصغيرة،
-نريد ديموقراطيات ليس على طريقة الفوضى الخلاقة.
  علينا البقاء والصمود والحضور لا أن نفكر بأرجلنا وخوفنا ونهاجر.

      ثانيا: في الفكر العربي والاسلامي.
      ان كل  نقاش  حول مصير المسيحية المشرقية  فيه مسؤولية عربية واسلامية . ولا نريد جدلا حول العودة الى النص أو حوار أديان على أهميته أو حفلة علاقات عامة. أنا أقول للنخب والقيادات نريد حلولاً الآن. منكم أنتم. لا من الخلفاء ولا ما حصل في العصر العباسي أو العثماني ولا نحن كأهل ذمة ولا أنتم كفاتحين. بل نحن معاً كمواطنين متساويين.
        ان موجة الاصوليات التكفيرية الالغائية المتخذة من النموذج الاسرائيلي راية، عبر فكرة انشاء دول دينية على انقاض الآخر، وعبر رفع فتاوى لا يقبلها لا عقل ولا منطق ولا دين هي أخطر ما يواجه المسيحي. ان هذا الارهاب الذي يغتال مطراناً ويخطف، ويكفّر جاراً، ويهجّر سكاناً أصليين هو آفة لا يمكن معالجتها فقط بالأمن، بل بالفكر والاقتصاد والاعلام.
     ان سكوت الانظمة العربية، واحياناً تواطؤَها، عبر محاباة الفكر المتأسلم، لترضيته على حساب حقوق الإنسان وحقوق المسيحيين هو طعنة في صميم جوهر تكوينها. أليس غريباً أن يكون المسيحي دائماً ضحية وفي أغلب الأحيان نسمع عن تبرئة القتلة عبر تنسيب الجرائم إلى مجنون! إن عدم جرأة
-3-
الأنظمة، بدءاً من دساتيرها ، في الإعتراف بالمساواة التامة بين المواطنين، لا يساعد على إعطاء أي بصيص أمل للمسيحي. صحيح أن الأنظمة متفاوتة في تعاملها مع المسيحي ، ففي بعض البلدان المواطنة فقط للمسلم، في بعضها دين رئيس الدولة الإسلام، وفي بعضها دين الدولة الإسلام. أحياناً، نسرّ بقليل من العطاءات مثل السماح بتشييد كنيسة، أو مثل تعيين وزير او مدير. لكن، بالإجمال، الأنظمة بعيدة عن فهم روح ومعنى عيش مشترك نموذجي متساوٍ وربما هذه ليست فقط أزمة المسيحيين بل أزمة كل العرب. ام حقوق المواطن ليس منّة ولا هبة ولا تسولاً. إن صمت العرب عن ظواهر الإغتيالات والتهجير في العراق مثلاً، وغياب جامعة الدول العربية عن أي رد فعل صريح، يضعها كثيرون في موقع غضّ النظر أو التجاهل اذا لم يكن أكثر. فلماذا ؟
- الاصولية التكفيرية مرض. انها الغاء كل آخر. ان كل فكر لا يحترم ما فيّ، ما في عقلي وقلبي وضميري وتراثي غير جدير بأن يسمى فكراً انسانياً. ان الذين يقتلون الآخر هم أعداء الانسان. اينما كانوا. كل فكر عنصري هو ضد المنطقة كلها.
-   ان مسؤولية عميقة تاريخية تقع على النخب العربية والاسلامية، وانتم زهرتها. اناشدكم اين هي من هذا الصراع، ماذا تقدم على صعيد الممارسة والفكر والكتابة والاعلام والتثقيف والجدال. ان الفكر العربي بحاجة الى انتفاضة، الى تجديد معنى العروبة، الى مواكبة تحديات العصر كلها. فلا يكفي ان نبقى اصناماً محنطة على رأي واحد، وطريقة تحليل واحدة. ما هو رد الفكر العربي على قضايا العولمة والتطور والعلم والهوية والتعدد وحقوق الانسان وحقوق الاقليات والقوميات. اين الدينامية الخلاقة في نهضة الفكر والدور. أين مكاتب الخيال؟
ان الفكر الاسلامي ايضاً باحزابه وتياراته، حتى الاصولية منها، امام تحد. كيف ينظر الى هذه الاسئلة. لا يكفي ان ينظِّر ان الاسلام هو الحل. هناك قضايا شائكة منها المسيحيون المشرقيون واحتضانهم منها ادارة التنوع والتعدد. اننا نُسَرُّ حين نسمع قيادات تعي معنى هذا الحضور ونخاف حين نشاهد تكفيريين يقطعون رأس كاهن ويغتالون مطراناً ويهددون عائلات بالاقتلاع والتهجير.
-4-
- ان مسؤولية أكيدة تقع على الحكام العرب  .ماذا تفعل الانظمة، هل يكفي القمع والاجهزة لحل مشكلة بهذا الحجم. من يعلِّم اجيالنا في كتاب التنوع والتعدد. من يشرِّع اعلامه وقصوره  لفهم الآخر، ليس لقبوله فقط بل لحبه . هل الخيار هو بين الخوذة العسكرية والعمامة الدينية؟
ان القيادات العربية مؤتمنة ان تكون في العصر. في النزول الى عمق قضايا كل فرد وكل انسان. ماذا ستقول امام الله والتاريخ. هل من مصلحتها أن تكون الطوائف والمذاهب متناحرة، او متخاصمة. ما هي حلولها؟ هل ينفتح القادة العرب على منحى جديد وفهم حديث للحوار. هل يمكن ان نجري نقداً ذاتياً جريئاً؟ اذا سقط العيش المشترك المسيحي الاسلامي في الشرق فكيف له أن يكون ممكناً في الغرب؟
          أدعو العالم الاسلامي لموقف كبير يرفض فتاوى التكفير، ومحاولات تطبيق الشريعة بالقوة.
         أدعو العالم العربي، الى نهضة فكرية حضارية لأنه أمام تحديات تطال وجوده.
          إنه صراع  داخل الفكر في الدول والانظمة والحكام والاحزاب مسؤولية أمام الله والتاريخ لا ينفع التهرب ولا التجاهل ولا الامبالاة.
         إنه اسلام مخطوف من ظلاميين يدمرون تراثهم وتاريخهم.
ثالثاُ في الغرب:
         إنّ هذا الغرب الخبيث يعامل قضية الحضور المسيحي بمكيال المتجاهل المتواطىء . أصلاً هو مسؤول مباشر في زعزعة كيانات دول عربية – مهما كان رأي الناس في قيادتها أو ممارساتها – وفي غياب الأمن والمرجعية . وهو مسؤول مباشر عن دعم إحتلال فلسطين ما هجّر أيضاً المسيحيين من الأرض المقدسة وأشعل غضباً إسلامياً عارماً. ما زلنا كمسيحيين، من دون وجه حق، ندفع أثمان اخطاء الغرب وخطاياه رغم أننا معارضون لسياساته. إن هذا الغرب ليس لديه ما يقدمه لمسيحيي العراق وسوريا إلا تسهيل  سمات دخول لمزيد من التهجير إنهم يكمِّلون ما بدأته داعش. أصلاً، ليس هناك على أي أجندة غربية ملف عنوانه بقاء أو حضور أو دور او مستقبل المسيحيين في الشرق . هذا هم زائد لا يريدونه .
-5-

لأننا كمسيحيين لسنا حاجة استراتيجية لهم . لسنا نفطاً، ولا قاعدة عسكرية، ولا مشروعاً يساعدهم على الهيمنة .
لا يمكن للعالم أن يغمض عينيه ويدَّعي انه لا يعرف ولا يسمع ولا يرى. لا يمكن أن تكون الحروب مسلسلاً تلفزيونياً ولا الضحايا أرقاماً ولا يرف له جفن. لا يمكن أنْ يكون الانسان لامبالياً تجاه أي ضحية في اي زمن في اي قارة لاي سبب. مَن يسكت يكون مشاركاً. الضمير العالمي يجب ان يبقى ساهراً متيقظاً لحقوق كل انسان. الحق ليس للقوة بالضرورة فالى متى يصم العالم اذنيه عن صراخ البراءة ويتبع مصالحه؟
        إني   أدعو دول العالم الى وقف خبثها وريائها والبدء "بمشروع مارشال" للمسيحيين في الشرق من أجل بقائهم وصمودهم.
وأدعو قداسة البابا الى عقد مؤتمر طارىء حول المسيحية المشرقية قبل أن تنتهي.
وأخيرا:
وهل يمكن ان نتفق على ثوابت من وحي الواقع؟
1 – لا يمكن لأحد ان ينكر او يلغي واقع التعدد ولا ان يمحو أي مكوِّن الا بالحلول النهائية اي الابادة او التصفية او الالغاء او التهجير. كل هذه نماذج اعتمدها طغاة في التاريخ. لكن هل يتحمل العالم اليوم في اوائل القرن الجديد هكذا حلول؟
2 – لا يمكن لأحد ان يفرض هوية او انتماء او قومية أو ديناً بالقوة. الانتماء لا تعيِّنه الدولة ولا النظام بل هو شعور ذاتي لا يُقتلع لأنه في القلب. انت تختار مَن انتَ.
3 – لكل منا هويات متنوعة قد تتكامل وقد تتضارب احيانا. في كل منا أكثر من هوية ومن انتماء ومن لغة وليس هناك هويات صافية او عرقاً صافٍ أو وطناً من لون واحد.
4 – هذه الهوية حق يجب ان يثبت في الدستور في كل وطن بل أن يكرس في ما هو اكثر من نص. في قبول حياتي في الحي والعمل والمدرسة والوطن. وهذا التنوع هو عيش مشترك وحياة تآلف.
5 – إن المسيحيين ليسوا اداة للغرب ولا للاستعمار - على الاقل بأغلبهم .
6 – ليس هناك من اكثرية وأقلية دائمة وثابتة وفي كل مكان. كل منا هو بنفس الوقت اكثرية وأقلية. السنّة الاكثرية في العالم العربي هم اقلية في ايران والعراق والبحرين. الشيعة هم اقلية في السعودية. الاكراد هم اقلية في العراق وتركيا وسوريا وايران وأكثرية في اقليم كردستان في شمال العراق..
ان منطقتنا تعاني من ازمات متنوعة لا تعد، من الاحتلال الاسرائيلي في فلسطين الى التدخلات الى
 الحروب، الى الأمية، الى الأصوليات التكفيرية، الى مواكبة الحضارة، الى الديموقراطية الى حقوق الانسان،
-6-
على ان نكران وجود مكونات وهويات  في العالم العربي وعدم الاعتراف بها واعطائها حقوقها دون منة هو من اساس وابرز المشاكل لانه يمس جوهر الهوية.
وانا هنا أمام هذه الوجوه الواعدة اسأل بتحدٍّ عن مصير المسيحيين المشرقيين.
هل تبقى مسيحية شاهدة في هذا الشرق؟
والسؤال برسم كل الدول والحكام والنخب والاحزاب الاسلامية والقومية لتجيب عليه امام الله والتاريخ. انها مسؤولة.
اذا كانت هذه المسيحية غير قادرة على البقاء في ارضها التي عاشت عليها منذ فجر المسيحية بل منذ فجر التكوين فكيف يمكن الكلام عن حوار حضارات؟ وكذا السؤال عن مصير كل اقلية قومية او اثنية او لغوية في اي وطن.
فسلام من لبنان الى قطر التي ترعى، هذا اللقاء. ما زال لبنان رغم كل شيء، نموذجاً  لرسالة التعايش. انه بلد الاقليات بامتياز حيث لا أكثرية فيه بل مجموعة أقليات، نأمل ان تعم ثقافته في التنوع الوطن العربي بأكمله.

إن لبنان، هو في ذاته في تكوينه في جوهره في فلسفته في بقائه في مغامراته، بل قلْ في رسالته لقاء حرّ توافق حرّ على عيش مشترك. إنه كما يطالب فخامة الرئيس ميشال عون مؤتمر دائم لحوار الحضارات وهو يهديكم أطيب السلام.


كلمة رئيس الرابطة السريانية  أمين عام اللقاء المشرقي حبيب افرام في مؤتمر بعنوان" المسيحيون العرب في المشرق العربي الكبير بين الهجرة والتهجير" للمركز العربي للابحاث ودراسة السياسات بين 21-22 تشرين الاول 2017 في الدوحة




-7-

16




9 آب اليوم العالمي للشعوب الاصلية في العالم
ابادات مجازر وتهجير
*  بقلم حبيب افرام

                 صار خبر العنف والقتل والذبح والتهجير والتفخيخ والمجازر والاقتلاع والابادة من اليوميات العادية لأي متابع للسياسة ولما يجري في هذا العالم. كأن لا عقل ولا فكر ولا قيادة ولا قوانين ولا عقاب ولا حساب.
                وليس مهماً من تكون، ماذا تمثل، بماذا تؤمن، ارتباطكَ بالارض، تراثكَ، لغتكَ، عاداتكَ، تقاليدكَ، دينك ، مذهبك َ، كتبكَ، أشعاركَ، أغانيكَ، معابدكَ، وحتى مقابركَ،  هذه كلها عرضة للمحو وللإزالة عن وجه الارض، لأن حاقداً ما، جاهلا ما، تنظيماً ما، واحياناً حكماً ما، لا يفهم معنى التنوع والتعدد واحترام الآخر، قرر أن يلغيكَ.   
             9 آب هو اليوم العالمي للشعوب الاصلية في العالم، الذي ثبت في قرار رقم 214/49 من الجمعية العامة للامم المتحدة مؤرخ في 23 كانون الثاني عام 94، وهو مناسبة لتذكير العالم بمبادىء وقيم ومعايير حقوق الانسان، كل انسان، والجماعات، كل جماعة، والحريات بكافة أشكالها. صحيح أنه إعلان غير مُلزِم، لكنه حدّ بين أن نبقى في غابة مشرّعة للقوّة، أو تتحمل الامم المتحدة مسؤوليتها في السلام والامن العالمي.
          ونحن مسيحيي الشرق، أبناءه الاصليين، بناة حضارات فيه وتجذّر تاريخي، خاصة سرياناً وآشوريين وكلداناً، نقف أمام التاريخ بغضب وتعجب، إن مسلسل اضطهادنا يستمر، من " سيفو" الى " سيميل" الى
 " داعش" وأخواتها، ووتيرة تهجيرنا من أرضنا تكاد تفقدنا حتى موطىء قدم، كما نوشكَ أن نصير  في "طور عابدين". انَّ سهل نينوى في العراق والجزيرة في سوريا هما آخر معقلين- عدا لبنان الحبيب الرمز- لحضور شعبنا- فإما نبقي على خميرة وشهادة للحق وإماّ نندثر.
               إنها مسؤولية عميقة لمن يفتكر. إنها مسؤولية عربية واسلامية بالمطلق أن يتوقف الجنون باسمهم. وإنها مسؤولية عالمية أن يبقى الشرق واحة تنوع لكل أبنائه.
              إما نحافظ على كل شعب أصيل لأنه حق. أو نسمح بالابادات ونتخلى عن الانسانية. إنه التحدي.

* رئيس الرابطة السريانية

17
عبود آدمو
 رحيل السرياني الآدمي
* حبيب افرام

            عرفته عام 1983 . في أول محاولة جادة لانشاء اتحاد سرياني عالمي يرعى شؤون شعبنا في الشرق والانتشار في نيوجرسي من أعمال الولايات المتحدة الاميركية. برز، وهو من أركان الاتحاد الآرامي الاميركي، مع رفيقين هما الدكتور سامي سمعاني والسيِّد حنا نعموج من اليوم الأول، وجهاً مسيحياً مشرقاً  مشرقياً محباً  راعياً لا يطلب شيئاً لنفسه ولا يريد لا عزاً ولا جاهاً ولا منصباً، بل خادماً أميناً لشعبٍ، لأمّةٍ لكنيسةٍ يتباهى أنه شماس اكليريكي فيها لا ينقطع عن قدّاس أو صلاة. وتعرّفنا كأهل على عائلته زوجته الفاضلة وأولاده الأحباء، وكنا نشعر أننا في بيتنا دائماً.
         والتقينا  عاماً بعد عام في أصقاع الدنيا  وعواصمها نفكِّر نجاهد نعمل نحاول أن نمدّ جسوراً أن نبني مؤسسة أن نُسمع صوتنا للامم للدول للشعوب أن نتذكّر " سيفو" ونطالب تركيا بالاعتراف والتعويض، أن نقرّب المسافات، أن نبقى ملح الشرق وأن لا نذوب في الغرب. وأن ننسق مع كنيسةٍ تبقى رمزا لنا.
          عبود آدمو كان مثالا لنا. وحتّى حين كبا الاتحاد العالمي  ثم تسلّمه جيل جديد غيّر حتى أسمه، وحين همد حراك الاتحاد الآرامي في أميركا ، ظلَّ يفتش عن حلول.
           التقيت به لآخر مرة في 21 أيار الماضي في زيارة لي للولايات المتحدة ، في عزاء لقريب لقداسة البطريرك، ثم  في منزل شريكنا الدكتور سمعاني في نيوجرسي في حلقة نقاش جدي حول احياء الاتحاد  الاميركي الآرامي واعادة  الوصل مع الاتحاد السرياني العالمي وانشاء مكتب في واشنطن على شكل لوبي لشعبنا في الشرق. في كل هذا ، كان عبود وقادا متحمساً كأننا بعد في 83، وكأنه في أول النضال.
          يغيب السرياني الآرامي في أسوأ ايامنا، في نزيفنا القاتل، في كابوس داعش فكراً، وممارسة ، وتودِّعه أميركا والقامشلي وبيروت، وكل كنيسة سريانية  وكل ناد وكل جمعية. إن روحه باقية معنا.

* رئيس الرابطة السريانية
*رئيس سابق للاتحاد السرياني العالمي


18


يصادروننا حتى العظام

                من يريد  أن يعرف؟ من يهتم؟
                ماذا يعني أن تصادر تركيا، بألف مناورة وتذاك وتحايل على القانون، كنائس وأديرة ومقابر وعقارات مملوكة للكنيسة السريانية وللشعب السرياني عبر التاريخ؟
                اذا كان مسموحاً اقتلاع شعوب من جذورها، وارهابها، وذبحها وخطفها وسبيها والعالم يتفرج.
                اذا كانت المجازر وجهة نظر وما حصل لنا لاجدادنا في سيفو في مجازر عام 1915 مرّ دون عقاب  دون اعتراف دون مصالحة.
                اذا كان شعبنا قد خسر كل أرضه المتوارثة وهو شعب أصيل فيها فما باله يعترض على أخذ الاتراك ما بقي من شواهد على هذا التاريخ. خمسون عقاراً في هذا العالم الواسع. يتهكم البعض، وماذا ستفعلون بها؟ هل هذا خبر لجريدة أو مجلة او اذاعة او شاشة؟ لا اثارة في هذا الخبر. لا دم . لا حركة.
             ثم ماذا يمكن لنا أن نفعل؟
            حضارتنا أصلا تموت، شعبنا يذوب. يدمّرون آثارنا حيثما كان. في نينوى في المتاحف في تدمر في الخابور.
           العالم يغمض عينيه. العالم دون قادة فكر ورأي وحرية. دون قيم دون مبادىء. دون حقوق لأي انسان ولأي جماعة.
          العالم جبان.لا يواجه تركيا في ابادتها. وسكت حتى عن داعش وطالبان وبوكو حرام وكل فكر الغائي. وبصم حتى على أنظمة تستحي الدكتاتورية ان تتكنى بها .
        تلحقنا تركيا الى آخر دنيانا. آخر ما بقي. غصّت ببضعة  كنائس. كنا نناشدها وننتظر منها اعترافاً واعتذارا  ومبادرات لترتاح عظام أجدادنا.
      لكن يبدو أنه حتى هذه العظام لن يبقى لها مكان على أرض تركيا.


حبيب افرام
رئيس الرابطة السريانية


19
ليست قضية مقاعد نيابية للاقليات بلْ كرامتنا!


                 يبدو في غمرة اللقاءات لانجاز قانون جديد للانتخابات النيابية إن حقوق الطوائف المسيحية الست الصغيرة وهي نصف الطوائف المسيحية ، والمسماة زوراً في النظام السياسي اللبناني، " أقليات مسيحية"، وهي السريان الارثوذكس السريان الكاثوليك الاتين الكلدان الآشوريين والاقباط، بكل ما تمثله، بعددها 63 ألف ناخب، بتاريخها وعطائها وشهدائها وتفانيها وتجذرها ومشرقيتها وحرمانها الفادح، ليست على بال من يهندس القانون.
             لقد بحّ صوتنا وصراخنا، ويظهر أننا وحدنا سنبقى المحرومين. كأننا لسنا مواطنين. بلْ حتى كأننا ذميون من أهلنا وبيئتنا.
          في ظلّْ ما نتعرض له في الشرق، من قتل وذبح وتشريد واقتلاع، كنا نظن أن لبنان، سيصر على رسالة صارخة، إنه مازال الواحة والملجأ والجنة وأنه أكثر من أي وقت مضى، يؤكد على احترامه للتنوع والتعدد، وعلى صيانة حقوق كل أبنائه.
          لقد حلمنا وناضلنا. لكن هذا النظام العنصري لا يريد أن ينصفنا، فكيف يمر قانون يذبحنا سياسياً ويلغينا وكأنه يقول لابنائنا اذهبوا فتشوا عن وطن آخر. لا خبز لكم هنا. لا إنصاف لا مساواة لا حقوق.
         إنه نداء للنظام وصرخة ضد النظام. حقّنا بمقاعد نيابية ثلاث معترف به من كل قيادات الوطن ووعدنا بدعمنا من الكل. فلماذا يفكرنا البعض قبل صياح الديك ، لماذا يغسل البعض أيديهم من دمنا؟ ومن أين تطلع الارانب ضدنا؟
        إن القضية ليس كرسياً أكثر أو أقل، ولا أين نضعه، ولا من يمثلنا، ولا لمن نعطيه، ولا هو تناتش بين مذاهب صغيرة، أو اختلاف حول سريانية المقاعد أو أقليتها، - وكلنا واحد-  ولا أفضلية بين مناطق – وكلها بيتنا- بل القضية كرامتنا وهويتنا ومكانتنا في الوطن. فنحن لسنا عدداً زائداً ولا كمية مهملة ولا شعباً نوضع على الرف.
        والقضية هو لبنان. إما وطنُ يتعملق بكل أبنائه أو يُقمع الحق وينتهي روح الوطن.
حبيب افرام

20
نيسان  ٢٤
سيفو: عامان بعد المئة
الذاكرة والحق لاتمحوها السنون!
* بقلم حبيب افرام

           لا يحق لأي انسان أو حزب أو هيئة أن تعلن انتهاء قضية أو خسارتها أو عبثيتها تحت أي ذريعة أو حجة، لا بإسم الواقعية ولا بإسم الزمان ولا باسم العجز ولا التعب ولا أن لا أحد يهتم.
           سيفو، الابادة، المجازر العثمانية ضد شعبنا وأهلنا ومسيحيي السلطنة، أرمنا سريانا آشوريين كلدانا ويونانا، ليست حرباً صغيرة، ولا صفحة في تاريخنا. إنها طعنة في قلبنا.
          حين تخسر ما يقارب نصف شعبك، ونصف أرضك، وتهجَّر وتقتلع من جذور، من تراب أجدادك ومرقد عظامهم،
        حين السيف يذبحك والعالم صامتٌ، تحمل هذا الوجع في دمكَ كشعب، في عقلك وقلبكَ.
      " سيفو" تعيش معنا وفينا. هي رمز المسيحية المشرقية المعذّبة المصلوبة.
       ولا يهم اذا بقيت تركيا تنكر وترفض الاعتراف والاعتذار.
       ولا يهم اذا كانت مصالح الدول مع تركيا الدولة الاقليمية أقوى من أي اعتراف بحقوقكَ، وحتى الدول التي اعترفت" بسيفو" مشكورة، فهي غير راغبة في دعم قوانين تجبر تركيا على الاعتراف والتعويض.
     ما  يهمّ   أن يبقى شعبنا ابن قضية ابن هوية ابن لغة ابن تراث ابن رسالة وشهادة. هكذا يثبت أنه لا يموت، إنه انتصر بعنقه على السكين.
     ما يهمّ أنْ لا تجرفه سيفو الجديدة على يد داعش وأخواتها، كأنّ التاريخ يعيد نفسه، فها إننا نخسر في الديموغرافيا والجغرافيا من جديد، كأننا على الرمق الاخير، كأننا نودِّع حضورنا خاصة في سوريا والعراق، بعد ايران وتركيا وفلسطين، وها نحن نتعرّض بعد الى "سيفو" يومي، في كنائس مصر، وقرى الخابور، وسهل نينوى، والى" سيفو سياسي" لإلغاء المشاركة المسيحية في صناعة القرار الوطني اللبناني  تحت ألف ذريعة.
       سيفو حقنا. طالما فينا دمٌ ينبض.حتى آخر الازمنة. ولوْ بقي منّا صوتٌ وروحٌ، لا بد من عدالة على هذه الأرض.
      نذكر أجدادنا قرانا شهداءنا. إنهم ضمير حيّْ.
      نذكر كل شهداء المسيحية المشرقية. هم شعلة تُعلّمنا أن النضال والقضية أعمق من أن يختصرها أي حزب وأي شخص وهي ملك شعوبنا ومن  يناضل فيها دون خنوع ولا ذمية.
      نحن سيفو الى المنتهى.
 
   


21

إنها معركة في قلب الاسلام

               أوقفوا الاستنكار والنحيب بعد كل مجزرة!
               أنْ يكون هناك ثقافة كاملة تدعو الى العنف، وتكفّر، وتغتصب، وتفجِّر وتقتلع من الأرض، وتسبي، ولا من يقف في وجهها، إلا بكلام ان هذا ليس الاسلام، فهذا يجب أن ينتهي.
               أين الغضب الاسلامي مما يحصل؟ أين المظاهرات الصاخبة لملايين العرب والمسلمين الذين استفزهم كاريكاتور لكن لا يحركهم تفجير كنائس!
               أدعو القيادات الاسلامية والعربية الى ثورة في مفاهيمها . الى أن تتصرف على أنها هي هي المسؤولة عن كل هذه الكراهية ، عن كل هذا الجنون، عن التطهير العرقي والابادة.
             هلْ هي على قدر التحدي؟
              هلْ هي على قدر الواجهة؟
             هلْ يدعو مفتي الجمهورية اللبنانية الى وقفة تضامن مع أقباط مصر ويفتح أبواب كل مساجد لبنان لتغصّ بالمؤمنين ليستمعوا الى خطبة دينية تقول ليس منا من يعتدي على كنيسة؟
               هلْ يدعو الأزهر الشريف الى مظاهرة بالملايين في قلب القاهرة والاسكندرية وطنطا يتقدمها كل المفتين والأئمة ويرفعون  رايات المواطنة والمساواة وحقوق الأقباط وحرياتهم كجزء لا يتجزأ من هوية مصر؟
            إن مصير الاسلام أمام المحك. وليس فقط مصير مسيحيي الشرق. نحن ضحايا الارهاب.  ربما في عقل ما، مؤامرة لتهجيرنا واقتلاعنا. نحن خراف تساق للذبح فمتى نتوقف عن الغفران، وعن ادارة الخد الايسر، وعن" أنهم لا يدرون ماذا يفعلون" الى ارادة مقاومة سياسية وفكرية دون ذمية ولا خنوع.
          إن المعركة هي في قلب الاسلام، في وجهه، في حضارته، في مستقبله، في معناه، في نظرته الى نفسه والى الآخر، في رؤيته للدولة للمواطنة للمساواة. إنه زمن الحقيقة.
         إن دماء شهداء الاسكندرية وطنطا، في عيد الشعانين في " هوشنا" أي خلصنا بالسريانية، مقدمة لاحزان الصلب، لكنها حتماً أيضا رجاء لقيامة آتية ولو طالت، لأن ايماننا كله قائم على دحر الموت. ونحن قياميون ابداً.
   حبيب افرام               
أمين عام اللقاء المسيحي المشرقي
 


22
رسالة مفتوحة الى مؤتمر الأزهر
أوقفوا ثقافة الالغاء وفكر التكفير
 
* بقلم حبيب افرام

           حين يتعرّض مسيحيّو الشرق لإبادة  مبرمجة وممنهجة،
          حين يقتلع كلدان وآشوريو وسريان نينوى من عمق حضارتهم وأرضهم التاريخية في هجمة بربرية،     
          حين يشرد آشوريو الخابور ومسيحيو حلب وحمص والجزيرة في أصقاع الارض،     
         وحين يهمّش أقباط مصر ويهجّرون من العريش مع موجة قتل وحرق وتهديد واعتداءات واستهداف وحين تُفجر الكنائس والأديرة ويذبح المطارنة ورجال الدين أو يخطفون.
        فاننا أمام جريمة موصوفة لها عقلها المنظِّم ومنفذوها والمحِّرضون عليها والمسهلّون لها والممولون.
       أيها المؤتمرون.
           لم يعد ينفع تدبيج بيانات استنكار ولا حملات تضامن ولا كلام معسول حول نسيج الوحدة الوطنية هنا أو هناك.
          لم يعد ممكناً السكوت عن قول الحقيقة المرة.
         ان التنظيمات الأصولية التكفيرية هي مرض العصر وهي عورة الانسانية كلها والأديان كلها. فلماذا وتحت أي شعارات يساعدها البعض ويراقصها ويفتح لها أبوابه ويستعملها في توازنات.
          ولماذا هذا السكوت والصمت المريب في التصدي لهذا الغول فكرياً وإعلامياً وفقهياً.
          إن فضاءنا مليء بالخطابات والتعليقات والكتابة التي ترشح حقداَ وتكفيراً والغاءا ضد الآخر. فلماذا لا تعلنون حرب مقاومة مفتوحة ضدّ هذا الارهاب ؟.
          لماذا لا يذهب المؤتمر الى العريش ليؤكد لأقباطه أنه معهم. لماذا لا تتظاهر القاهرة كلها ضدّ تهجير الاقباط؟ لماذا لا تصدح منابر الجوامع كلها في العالم العربي أنّ أي تعدٍّ على أي مكون هو ضدّ المواطنة وضدّ الاسلام؟ لماذا لا تفتح برامج التوعية على رفض التكفير؟ لماذا لا يوقف من يحرض على القتل والذبح؟ لماذا ولماذا؟

١

           هذه هي الاسئلة الجوهرية.
          الأزهر مسؤول أمام اللَّه والتاريخ عن التنوع والتعدّد في الشرق، على قاعدة المساواة والمواطنة والشراكة في تقرير المصير. لا كمواطنين درجة ثانية، ولا كذميين، ولا ككفار، ولا كدافعي جزية.
       الأزهر مسؤول أمام اللَّه والتاريخ عن نهضة في العقل الاسلامي في مقاربته لقضايا المنطقة ولدوره.
        ومصر المحروسة هي أيضا أمام التحدي الخطير. إما تغرق في أتون حروبها الأهلية، وسيدفع أقباطها  اذ ذاك  - كما في كل مكان-  ثمناً باهظاً، أوْ تتعملق في المواجهة رائدة في الدفاع عن قيم الحريات وكرامة كل انسان واحترام كل عقيدة وكل دين وكل مذهب وكل قومية وكل اثنية.
       ولبنان مدعو الى مواكبة هذه النهضة  بل الى توأمة وشراكة مع كل من يناضل لهذه القيم. وهو بتكوينه ونظامه- رغم عثراته- قادر على أن يكون نموذجاً ما وشريكاً في هذه القضية.
        مسيحيو الشرق يتطلّعون اليكم. أقباط مصر يأملون منكم.
       إنه زمن الحقيقة.
   
* رئيس الرابطة السريانية

٢
 
   


       
       


23
في رسالة مفتوحة الى مجلس كنائس الشرق الاوسط
حبيب افرام: ليس لدينا ترف الصمت والانتظار

                    أصحاب القداسة والنيافة.
                   وأنتم تلتقون في جمعيتكم العمومية الحادية  عشرة في الاردن، ممثلين روحيين عن كافة الكنائس المشرقية، يتطلع مسيحيّو الشرق، المهددّون المظلومون المهجّرون الفقراء، اليكم، يحمّلونكم آلامهم وصلبهم وهواجسهم، علّكم تجيبون، بشفافية وصدق، عن أسئلة جوهرية باتت تمس حضورهم وتسمح بأن يُقال الحضور المسيحي في الشرق على حدّ السكين!.
                 كيف نبقى؟ هذا هو جوهر قضيتنا. لا شيء آخر. لا حوار أديان ولا القضية الفلسطينية هو أولويتنا. بلْ كيف نوقف نزيف تهجير كل مسيحيي الشرق؟ كيف نناضل من أجل مواطنة ومساواة وحرّيات وتنوع وتعدد وحقوق انسان.
                نحن بحاجة الى ثورة ونهضة في فكرنا وعقلنا ورؤيتنا وتصرفاتنا ونهجنا بدءا من كنائسنا وأحبارنا الى كل مؤسساتنا.
               ما فعلناه  حتى الآن، ليس كافياً. علينا تغيير أسلوبنا لأننا اذا استمرينا هكذا انتهينا.
               نحن في خضم الجنون  ونار جهنم، في منطقة تستيقظ على تفجير وتنام على مذبحة وتحلم بإلغاء مكوّن، غزو سبي جهاد، في منطقة سقط فيها العقل والفكر والانسان، ضجيج قوميات وأديان ومذاهب ونفط وغاز، ساحة صراع دولي واقليمي، وتصاعد أصوليات من كل حدب وصوب تحمل سيفها لتقطع رؤوساً، في كل هذا نحن بلا رؤية ولا أصدقاء ولا تحالفات عميقة ولا على بال أحد.
              ليس لدينا ترف الصمت. هل مطلوب أن نموت دون أن يدري بنا أحد. ليس لدينا ترف الانتظار.
إننا ننزف حتى آخر نقطة دم من نينوى الى الحسكة.

١
            إعلنوا حالة طوارىء شاملة. زلزلوا الارض. من الفاتيكان الى البطريركية المسكونية، من البيت الأبيض الى الكرملين.
             إرسلوا نداء صمود الى أهلنا. إننا سنبقى. سندعمكم بكل شيء.
           حمّلوا  العالم العربي والاسلامي مسؤولية ما يجري لنا. لم يعد يكفي أن يتبرأ ملك أو زعيم أو مفتٍ من أعمال داعش وأخواتها عبر مقولة إن هذا لا يمثل الاسلام.
              كيف تحمون التنوع والتعدّد؟
             عن أي مساواة نتكلم:
             اذا كان بناء كنيسة قبطية في مصر قضية وطنية يحسب لها  ألف قانون؟
            اذا كانت كلّ مكونات العراق تحت التهديد والتهجير.
               ألا يستحق كلدانه آشوريوه وسريانه ادارة ذاتية في سهل نينوى؟
         اذا كانت سوريا شلعت أي مستقبل  ينتظر أبناؤنا في القامشلي والحسكة وحلب؟
       و اذا كان مسيحيّو لبنان لا يمونون في انتخاب  رئيس طالع من نبضهم وقوتهم وتاريخهم  وتمثيلهم  ولا في قانون انتخاب عادل  فماذا تعني الشراكة الوطنية؟
             إنه نداء القلب.
              مطرانان أميران مخطوفان  ولا خبر. كأن كل هذه القوى الكبرى التي تحصي أنفاسنا لا تسأل ولا تهتم!
               إنه نداء حتى لا يصبح كلّ مسيحيي الشرق مثل المطرانين يوحنا ابراهيم وبولس اليازجي مخطوفين لا ندري أي مصير لهم.
              وحتى نبقى كنائس أنطاكية وسائر المشرق ولا نصبح سائر الاغتراب.
حبيب افرام
رئيس الرابطة السريانية
الأمين العام لاتحاد الرابطات المسيحية في لبنان
رئيس أسبق للاتحاد السرياني العالمي
الأمين العام للقاء المسيحي المشرقي

24
25 تموز ذكرى الشهداء السريان... ماذا بقي من القضية؟


حبيب افرام


حين دقّ الخطر على أبواب لبنان، وهو بيته الخطر،
أحسّ السريان أنها قضيتهم.
الوطن بحدوده سيداً حراً مستقلا، فلاهيمنة ولا احتلال،
والوجود المسيحي الحرّ فيه آخر معقل حر للمسيحية المشرقية، فلا ذمية ولا تقيّة ولا تهجير.
هكذا، بهذا الايمان وهذه العقيدة، ودون فلسفة، قدّم السريان زهرة شبابهم على مذبح وطن أحبوه
حتى عطاء الدم، رغم أن كثيرين ارتفعوا وهم غير حائزين حتّى على هويّة هذا الوطن.
وها نحن، الأمناء على الشهداء،
وبعد كلّ هذي السنين نسأل.
ماذا بقي من القضية؟
من يحمل عبأها اليوم؟
 من قدَّر تضحيات شعبنا؟
هلْ يعترف النظام السياسي اللبناني بمن قاوم أوْ يمجِّد من عاد ليقطف ثمارا؟
هل يعترف مسيحيّو لبنان بأن السريان وكل أقلياته المسيحية ما بخلوا؟ وهل يقفون معهم في مطاليبهم المحقة في تمثيلهم في الوزارات، وفي زيادة عدد نوابهم.
هلْ بقي بعد كل هذا الجنون في الشرق، وكل المذابح والتهجير والقتل واحة آمنة تحفظ المواطنة والمساواة والتنوع والتعدد؟
من سخريات الأقدار، أن أغلب عائلات الشهداء تركت لبنان، هاجرت الى بلاد الله الواسعة، لأنها فقدت الرجاء والايمان. تركت عظام شهدائها وراءها.
ومن عثرات الأزمنة، أن أغلب الحضور التاريخي المسيحي المشرقي ذاب أو ذبل، من بغداد، الى أورميه، الى طورعابدين، الى الموصل، الى نينوى، الى القامشلي وحلب والحسكة وحمص. ترك شواهد التاريخ وراءه.
تعدّدت الأخطار، لكن جوهرها أبداً واحد. مَنْ لا يؤمن بالانسان، مَنْ لا يقبل الآخر، مَنْ يكفّره، مَنْ يلغيه، مَنْ يحتل أرضه، من يغيّر هويته، من يستعمره ويستعبده. إنه السيف. السلاح ذاته ولو تطور، إنه عقل الغزو والسبي ذاته ولو لم يتطور.
ماذا يبقى؟
أن تتذكّر كلّ هذه الوجوه كأنها شمس صباحاتك.
رسما رسما. أكثر من ألف. اسما اسما،
أن تؤمن أن ّ المقاومة كانت حقاّ رغم بعض أخطاء وخطايا.
أن تصرخ أن الدولة الغائبة الخانعة الغبية التافهة التي لا تخطط ولا تأخذ قرارا ولا تسلّح جيشاً وتقبل باستباحة أرضها وعرضها هي المشكلة.
أن تجن كيف يستمر هذا الانقسام العامودي فلا نتفق على مصلحة وطن، وتصبح الوطنية وجهة نظرونلتحق بأجندات الخارج دائما

إن السؤال نفسه مطروحٌ على من بقي من مسيحيي سوريا والعراق ولبنان؟
إننا نعيش في غابة بل جحيم. ولا مكان في الشرق إلا للاقوياء. الا لمن هو مستعد أنْ يحارب لوجوده لبقائه.
يبقى من القضية أن لا خيار أمام مسيحيي لبنان الا مزيدا من الصبر والوحدة والبذل والوعي والصمود والمقاومة، عبر اختراع صيغة دولة حقيقية قادرة على حمايتهم دائما كما حماية كل مواطن وكل حبة تراب وان يبقوا مستعدين للاسوأ.
وهكذا لمسيحيي سوريا والعراق،رغم اختلاف الظروف والمعطيات. لكن المقاومة ارادة تبدأ من العقل والقلب.
يبقى أنه لولا مثل هذه الشهادة
لما كان وطن ولا نظام
فمن أجل كل الدم. في كل المقاومات.
من أجل حلم جديد لوطن نحن مسؤولون عنه.
نحرقه بأيدينا أو نقدّمه نموذجا ما لحكم يحترم المشاركة في صناعة القرار دون منّة ودون تذاك ويشعر كل أبنائه بكل قومياتهم واثنياتهم واديانهم وطوائفهم ومذاهبهم بأنهم متساوون في الكرامة الوطنية.
ربما، ترتاح آنذاك عظام الشهداء.

25
15 حزيران 2016 *1
مئة عام وعام
*2سيفو لا تموت!

حبيب افرام*3

15 حزيران 2016 *1
مئة عام وعام
*2سيفو لا تموت!

حبيب افرام*3

أنتَ أمام تحدٍّ.
تَنسى. تُغلق صفحة التاريخ والذكريات.
تمحو الصور والأحداث والتهجير والقتل والذبح.
مئة عام وعام من الدمع والأسى
ألا يكفي؟
ثمَّ أيها الحامل وهج قضية مسيحيي الشرق
أَنزِل عن كتفيك هذا العبء  . قد تمَّ.
ولا أحد مهتم.
لا تركيا ستعترف. ليس في ثقافتها ولا نهجها ولا فكرها أن تقرّ بأخطائها والخطايا . أن تعتذر. ولا أن تعوّض أكيدا . ستستمر في الانكار والتبرؤ. ولن تجرؤ على مصالحة مع تاريخها. ولا على نقد ذاتي . ولا على وقفة ضمير.
ولماذا تفعل؟ حتى الرئيس الاميركي باراك اوباما لم يعتذر عن هول هيروشيما.
وحتى ادانة  البرلمانات  وآخرها ألمانيا واعترافها لن يفيد.
فمن سيجُبر تركيا، وريثة العثمانيين على  قول الحقيقة.
أنتَ أمام تحدٍّ  نفسكَ . أنت َ بقايا السيوف
1
تتذكَر.تتعذّب. أصلا. ها هو التاريخ يُعيد نفسه في مأساة جديدة. ها هوسيفو أمامنا. بصخب أقوى ومباشرة على الهواء.                                                           
يذبحوننا. يقتلوننا. يقتلعوننا. يدمرِّون آثارنا كنائسنا أديرتنا أعمالنا حتى مقابرنا  بإسم  شريعة وفتاوى وغزو وسبي.
وأيضا وأيضا لا أحد يهتم.
وأنتَ أعجز من أن ُتغيَّر. ليس لديكَ وسائل سياستكَ. لا نفط لا جغرافيا لاعدد لا أصدقاء ولا حلفاء.
تحاول. تحاور. تكتب. تصرخ. تقاوم حيث يمكن.
تلتقي السفراء القيادات الأحزاب الاعلام،
الهمُّ في مكان آخر.
الشرق ساحة مجازر الآن. جهنم مفتوحة. كل يوم مئات القتلى والشهداء. أنتَ " فرقُ عملة".
تفجيراتٌ .جنونٌ. ازدحامٌ. على درب جنّة موعودة بالدم.الكلّ ضدّ الكل.
لا عقل لا منطق لا رؤية لا كرامة لا احترام لأي انسان لأي تنوع لأي تعدد لأي مساواة.
أنتَ أمام تحدٍّ.
مئة عام وعام.
لماذا حتى  تكتب؟
ماذا كنت تحتفل في 24 نيسان كما دأبتَ مع الاشقاء الأرمن منذ عشرات السنين؟.
أو  في 6 أيار مع المجاعة اللبنانية وشهداء الحرية كما في المئوية مع العماد ميشال عون
أو في 15 حزيران كما الكنيسة أرتأت للتمايز.   
بضعة نشاطات، تماثيل، أنصبة، أناشيد، صور،  في مدن متعددة يحضرها بعض أصدقاء ثم يعود كلٌ الى روتينه.
النضالُ صار طُرفة. إِعجازا
2
حَمَلَ شعبُنا همَّه وهام   .   فقد الثقة بنفسه، بالوطن، بالجيران.                                               
من طورعابدين الى أورميه الى القامشلي، الى سهل نينوى، نزيفٌ حتّى آخر مسيحيٍّ مشرقي.
يفتش شعبنا عن جواز سفر. عن حلم جنّة في غرب، عن دولة تحترمه كما هو، ليس كمواطن درجة ثانية، ولا كذمّي، ولا ككافر، ولا كمشروع شهيد . في الشرق هذا سراب.
مئة عام وعام.
سيفو في دمنا.
ربما تعبنا. ربما انتهينا . ربما لا أملْ.
ربّما مازال فينا نبضٌ ما، عِرقٌ ما،
ومن أجل كلِّ هذا.
من أجل كل شهداء المسيحية المشرقية.     
من أجل العظام والتراب والشجر والتراث والهوية والقديسين.
حتى تبقى شعلة مضاءة لجيل آخر.
قد يكون أفضل منّا.
 ولأن أجمل التاريخ كان غداَ. سيفو لن تموت.

قررت الكنيسة السريانية تكريس ذكرى سيفو في 15 حزيران *١   
سيفو أي السيف باللغة السريانية  هي المجازر العثمانية *2
ضدّ الارمن والسريان والآشوريين والكلدان واليونان
رئيس الرابطة السريانية                                  *3
* الرئيس الاسبق للاتحاد السرياني العالمي               
           

26
المنبر الحر / من هو المخطوف؟
« في: 20:03 27/05/2016  »
Who is the ABDUCTED
من هو المخطوف؟
HABIB AFRAM
President of the Syriac League, Beirut, Lebanon
يصعب عليّ أنْ أكتب عنه بصفة الغياب. فهو حاضرٌ معنا في روحه في أسره في سرّه.
يوحنا ابراهيم مطران ومرشد وصديق وأخ ورفيق نضال. كانت قضية مسيحيي الشرق وقدرهم وغدهم هاجسنا، ونهضة السريان في الكنيسة والمؤسسات وصمودهم في أوطانهم أرقنا. في كل هذا، كان الفكر والرأي والتواصل والانفناح والعلاقات والحوار مع مراكز القرار وسيلة لفهم أكثر تجذراً للواقع للمخططات لما يُرسم لهذا الشرق.
المطران رجل دولة يجسّد المصالح العليا لوطنه، غيرعابئ بشيء، مع السلطة والمعارضة، مع أصدقاء سوريا ومع من تعتبرهم خصوماً، مع العرب والاتراك والايرانيين والغرب. صوت صارخ للتنوع للتعدد.
نهضوي، يقرأ، ينشر – أكثر من مئتي عنوان في دار نشر – يكتب يحاضر حوَّل مطرانيته قلب الحدث السياسي والفكري في حلب.
كنا نتبادل الكتب والمحاضر والرؤية والرأي. دائماً لديه جديد. دائماً في حراك. اذكره في بعض محطات.
حذَّرته مرة في فيينا ونحن نسير تحت زخات مطر خفيف اثر مؤتمر شاركنا فيه من كثرة حراكه، قلت له وضعكَ لا يعجبني أنت وحيد في غابة. أنت هدف سهل لكل القوى. ضحك وقال أظن ان لدي ما يكفي من اتصالات مع الجميع لأحمي نفسي، أصلاً أنا باقٍ في حلب لألعب هذا الدور الوفاقي ولأبرهن اننا نساهم في صناعة غد سوريا.
دعاني مرة الى القاء كلمة في أربعين الكاتب السرياني ابروهوم نورو في كنيسة في حلب وتعرّضت مع الراحل روبير كبريال الى حادث سير كاد يودي بنا على طرق حمص. قال لنا أمامكم نضال طويل لم يحن بعد وقت الترجل. لن تتركوني.
كنت معه في استقبال العماد ميشال عون في زيارته التاريخية لحلب. دعاه الى حفل غداء في دار المطرانية. عندما رآني الجنرال سألني انتَ هنا؟ قلت له أنتَ في دارنا، دار كل السريان. وكان المطران سعيداً جداً بالبعد المشرقي للعماد، وقال لي انه رهان حقيقي قد ينقل الموارنة الى قيادة مسيحيي الشرق اذا وعوا أهمية هذا البعد.
كنّا في مطعم ياباني في بيروت مع أمين عام اللقاء الارثوذكسي مروان أبو فاضل نتحاور حول لبنان هل ما زال واحة لكل مضطهد؟ هل يمكن له ان يلعب دور الحاضن للمسيحية المشرقية؟ هل هو وطن لجوء لمعذبي الشرق؟ هل ينوء تحت الديموغرافية الفلسطينية وحتمية التوطين المقنع، وتحت الاحتلال السلمي للنازحين السوريين؟ وفجأة دوى انفجار كبير على مقربة تبين انه عملية اغتيال اللواء وسام الحسن. أوصلته الى الفندق قائلاً يبدو لي اننا لن نرتاح. نحن خلقنا بيتنا الخطر.
كل همومه في لقاءاتنا ندواتنا والحوارات كيف نوقف حرب سوريا؟ كيف نصل الى حل سياسي؟ لن يربح أحد. كلنا سنخسر؟ لن يلغي أحد أحداً؟ سندفع من لحمنا الحيّ ثمن تحويل سوريا الى ساحة. سنبكي سوريا الدولة وليس النظام. والنسيج الاجتماعي وليس فئة.
كنت متشائماً جداً في مصير مسيحيي سوريا. أقول له نحن حلقة ضعيفة دون مشروع، دون أصدقاء، دون حلفاء، دون قوى اقليمية داعمة، دون إرادة مقاومة، منقسمون، عقل شعبنا صار في جواز سفر وليس في الهوية. لكنه كان يعطيني دائماً جرعات ايمان، أنا الذي كنت أظن أني أحمل قضية المسيحيين المشرقيين في عقلي وقلبي. يوحنا ابراهيم ايمانه أقوى وأصلب. من رحم انه يؤمن بالعجائب.
صعقني خبر اختطافه. مسّني في دمي. لم تحركني مسألة مثل اختفائه. لم أترك وزيراً ولا رئيساً ولا مسؤولاً ولا أمنياً ولا سفارة ولا اعلامياً ولا كاتباً ولا مفكراً ولا باحثاً ولا رجل دين قد يساعد في معرفة الحقيقة وفي اطلاقه، مع المطران اليازجي، إلا وحاولت. لم نسكت في بيانات ومظاهرات وندوات وطلات واذاعات وجرائد ومجلات. نسأل من هو المخطوف؟ العقل العربي والاسلامي أم المطرانان؟ نسأل ولا من يجيب ولا من يهتم؟ سرٌ ولا حقيقة.
. بالأيام بالليالي بالقلق. بالأخبار الكاذبة بالسكوت بالصمت. لمْ نعد نفهم شيئاً. أصلاً انه شرق يتفتت بالكامل، على انقاض دول وحدود وجماعات تفتش كلها عن غد أفضل عن حقوق عن بقاء.
المطران يوحنا ابراهيم اختصارٌ وتجسيد للمسيحية المشرقية المعلقة على صليب. لا تموت فتدفن ولا تقوم وتدحرج الحجارة الى أمل جنة. الى الحرية من السجن الى الوطن المعمّد بالكرامة كرامة كل انسان وكل اثنية وكل دين وكل مذهب.
هل نحتفل معه يوماً ما بحريته وبحُرية اوطاننا؟
كلمة الاستاذ حبيب افرام  رئيس الرابطة السريانية في الكتاب الذي صدر عن جامعة لندن بعنوان المطران يوحنا ابراهيم، التنوع الحوار والعيش المشترك.


27
رسالة مفتوحة الى الرئيس الفرنسي
 ساهموا في اختراع رجاء لمسيحيي الشرق
•   حبيب افرام
السيد الرئيس فرنسوا هولاند.                                                   
                         تدعون الى لقاء حول مسيحيي الشرق. حولنا. حول شعوبنا وكنائسنا وطوائفنا وتاريخنا ولغاتنا وحضورنا وحقوقنا تتحركون  متأخرين جداّ بعد أن كاد الشرق يفرغ منا بالقتل والذبح والتهجير والاقتلاع من قوى ظلامية لم نعد نفهم علاقتكم بها، ولا نصدّق أن كل التحالف الغربي وقف عاجزاً عن ضربها، هي التي تموّل من دول ومؤسسات معروفة، وتساعد لوجستياً من قوى معروفة.
                   ورغم ذلك، نرحّب بحذر. بخوف . بترقب.مَنْ يريد أن يلغي حتى ذاكرتنا وآثارنا وأديرتنا وان يسبي نساءنا وأهلنا ومن يخطف مطارتنا وكهنتنا ومن لا يريد أي آخر معه، ولا حتى من دينه أو مذهبه، ومَنْ يجبرنا على توقيع عقد ذمة، لا يقرأ بياناتكم ولا يعترف بكم ويريد قتالكم الآن ولاحقا ولا يفهم الا لغة القوة والمواجهة.
                إن المطلوب أكثر من قداس عن أرواحنا، وأكثر من غسل أياديكم لتبرئتكم من دمنا، وأكثر من لقاء علاقات عامة.
                 إن المطلوب أكثر من إشارة خاطئة فيها المساعدة على إجلاء مسيحيي الشرق عبر اعطائهم اقامات أكثر وأسرع تحت ذريعة الانسانية، في تكملة لعمل داعش.
               المطلوب، سيادة الرئيس أن تعود فرنسا والعالم الحر الى سياسات القيم ومبادىء الانسان وحقوقه. أن تكون صارمة قاسية في رفض أي إبادة، في أي زمن في أي مكان تحت أي ظرف او حجة. لا دين ولا رسالة ولا كتاب يسمح، ولا يمكن أن يقبل العالم ان يسمح، بأن يعطي أي فئة حق تكفير الآخر وإجباره على تغيير

 دينه أو على ابادته او ارتكاب مجازر ضده. إما موقف على حجم التحدي عسكرياَ  وامنياً واقتصادياً وتربوياَ واعلامياَ في حالة طوارىء

 شاملة تقول لن يبقى العراق وسوريا ساحات بلطجة للاصوليين، مهما كان الرأي في النظامين. إما هباء. القضية الآن هي الموجة الاصولية. وكيفية الحياة الواحدة الحرة الكريمة المتساوية في المواطنة والكرامة في كل بلدان الشرق.  إنها ثقافة دساتير الاحترام فيها للانسان.
             المطلوب سيادة الرئيس اعتبار ما نتعرض له نحن جرائم ابادة ضد الانسانية وتشكيل محكمة دولية للاقتصاص من الفاعلين والداعمين. الا يستحق الحضور المسيحي المشرقي وابادته محكمة دولية .
           المطلوب سيادة الرئيس العمل الجدي المباشر على إطلاق سراح كل المخطوفين فوراَ، من المطرانين بولس اليازجي ويوحنا ابراهيم  والكهنة، الى آشوريي الخابور، الى سريان القريتين، الى النساء اليزيديات. لا نصدّق أن حلفاءكم وأصدقاءكم الذين يموّلون الحراك لا يمكنهم اعادة هؤلاء .
                المطلوب، ياسيادة الرئيس انشاء صندوق دولي لدعم النازحين المسيحيين وتثبيتهم في أوطانهم، وانشاء مناطق آمنة لهم ولكل المكونات الصغيرة .
              المطلوب يا سيادة الرئيس وقف دعم أي نظام لا يلتزم بمبادىء حرية العقيدة والفكر والدين والضمير ووقف كل الاعلام الحاقد الذي يساعد في بناء شخصيات ارهابية عنيفة ترفع راية الدين.
            سيادة الرئيس
           يبقى لفرنسا في ذاكرتنا حنين الى ثورتها والمبادىء فهل تلتزم بها؟
           ما نريده ليس سحراَ ولا سراً إنه كرامة انسان ومواطنة وحقوق متساوية وحريات، لنا ولكل انسان من أي دين أو مذهب أو قومية في هذا الشرق.         
            فهلْ هذا كثير؟
           لا ذمية لا اضطهاد لا اقتلاع لا الغاء.
           إن الوقت ضدنا أيضا. ليس لدينا ترف الانتظار. إننا ننزف على قارعة الشرق.
           إننا نموت ببطء. لكننا لن نموت ساكتين.
         لا تكتبوا ورقة نعوتنا. اخترعوا لنا الامل والرجاء عبر خارطة طريق وخطة عمل وحالة طوارىء ولا تساهموا في دفننا والابادة.
حبيب افرام
رئيس الرابطة السريانية
رئيس سابق للاتحاد السرياني العالمي
أمين عام اللقاء المسيحي المشرقي

28
مئة عام . سيفو والنسيان
* حبيب افرام
مئة عام.
غبار التاريخ يضج في عقلك والشرايين
سيفو أمام عينيك لا يغيبها ضجيج احداث ولا تعاقب أجيال.

مكتوبة بالدم.
والدم حبرنا. نحن الابرياء. نحن بقايا السيوف. نحن أيتام الشرق. قرابينه.

وأخطرما  في سيفو. ليس القاتل الجلاّد الذي يرفض الاعتراف
والذي يستفزك في النكران
بل ْ في سيفو جديد حيث تقتلع من الشرق من  النهج والفكر نفسه وبدعم من أحفاد العثمنة نفسها.
أنا  ابن سيفو ابن الجيل الثالث لجدّ هو حبيب جيء به من طور عبدين  جبل النساك يتيمأ . وجدة أرمنية هي تاكوهي . جمعتهما المذبحة والحب في بيروت .
وانا ابن لبنان. مجبول به حتى قبل ما كان . إسألوا القرى والأنهر والمدن . من اعطاها أسماءها باللغة الآرامية المقدسة  . أوقفوا هذا الهراء عن من استضاف من.  كلنا ضيوف عند لبنان الوطن ان تكون له.
١
وأنا افتخر أني ابن المعاناة والتجارب المرة . مسكونٌ بهاجس الحضور المسيحي الحر المهدد بالأندثار.
وحده الأعمى لا يريد أن يرى .
لكن الحقيقة ناصعة كالشمس.
أولاً: إن ما نسميه "سيفو" حقيقة تاريخية في المكان والزمان نحن شهودها وضحاياها بأجسادنا بأهلنا برواياتنا بكتبنا بأشعارنا بفننا بأغانينا بدمعنا بلحمنا بدمنا بالأسماء بالصور بالعائلات بأطلال باقية هناك فيها عبق اجدادنا. ولا يمكن لأحد انكارها ولا محوها ولا التبرؤ منها ولا تغييبها ولا إهمالها ولا دفنها، خاصة لا نقبل ان يدعي أحد أنها لم تحصل، أو أنها خرافة. او انه تهجير احترازي او أننا أرشيف للبحث ان الذاكرة لا تهجَّر، وهذه ليست ذاكرة وهمية ولا مُبتَدَعَة. وهي ليست ذاكرة ارتدادية او ذاكرة للانتقام بل هي ذاكرة للغد.
ثانياً:   إن ما حصل طال شعوباً واثنيات وطوائفَ متنوعةَ من الأرمن والسريان والكلدان والاشوريين ويونان آسيا الصغرى. صحيح أن العدد الأكبر من الضحايا كان من الأرمن الذين سموها في أدبياتهم "المجزرة او الابادة الأرمنية" وكانوا طليعة في النضال لاحيائها، لكن المسيحيين بأغلبهم كانوا ضحايا القتل والذبح والنزوح والجوع والمرض والتهجير. بقرار رسمي.
٢
لكن الموضوع ليس عدداً أو كمّاً ولا مزايدة في أرقام. رغم ان مذكرات قدمت ومنها للبطريرك افرام الأول برصوم عام 1920 المحفوظة في ارشيف الخارجية البريطانية تؤكد ان أكثر من    250 ألفاً  من أبنائنا قتلوا في 336  قرية ودمرت 160 كنيسة ودير وقتل 154 كاهن ورجل دين. قتل هؤلاء وهم عزّل غير محاربين . واخوتنا في الدم والمصير: الارمن أرقامهم مليون ونصف، ومسيحيو جبل لبنان الذين حوصروا وجوّعوا مئتي ألف. فهل يمكن أن نفكر بتسوية في قضيتنا أو بحل وسط.                                       
      ثالثاً: لسنا في مهاترات مع تركيا لا حكومة ولا شعباً ولا نظاماَ. وليس هدفنا تشويه صورتها ولا سمعتها.
     لكننا نطالبها بالاعتراف الصريح الواضح الشفاف بما حصل من أجل أن ترتاح عظام أجدادنا. من أجل وقفة ضمير ونقد ذاتي. نحن لا نستثمر دم الشهداء إلا في ساحة الشرف والحرية. لا ننكأ جراحاً ولا نستجر احزاناً ولا نقبل انتقاماً ولا نحمل ضغينة ونتذكر ليس بالضرورة من أجل استعادة اراض فقط ولا من أجل تعويضات مالية بحت بل من أجل الحقيقة .
٣
رابعاّ: ان التاريخ يكتبه الكبار. ان تركيا ستكون اكثر قوة ومناعة إذا تصرفت بهالة. ان قداسة البابا الراحل طلب الغفران عن الحملات الصليبية وما سببته من مآسٍ. وهو نفسه طلب السماح من اليهودعن أي اهمال سبب بالمحرقة وها هي ألمانيا تعترف بالمحرقة دون خجل وتعترف أخيراَ ليس فقط بالابادة بل بمسؤوليتها الجزئية عنها.ان جنوبي افريقيا انشأت لجاناً للحقيقة وللمصالحة الوطنية، والمغرب سيعوّض عمَّن تعرّض للتعذيب والاعتقال الظالم عبر هيئة. فليس من البطولة أن يقول اردوغان ان كل صراخ الضمير والعالم يدخل من اذن ويخرج من اذن.
     ان اردوغان نفسه اعتبر مقتل 200 ايغوري من اصل تركي عام 2009 ابادة. فماذا عن مئات الالوف؟  فهل اردوغان نصف انسان؟ يفكر فقط بنصف البشر؟  يتعاطف فقط مع من يريد؟ ان سياسة صفر مشاكل صارت مشاكل مع الكل. فالعقل الطوراني يريد الغاء كل آخر، من الديني الارمن والسريان، الى المذهبي العلوي الى العرقي الكردي.
 
٤
خامساَ:  نصرخ لوجعنا بصوت أقوى لكننا بكل تأكيد ضد القتل بالمطلق، ضد الحرب، ضد الارهاب، ضد العنف. لا نقبل ان نستعمل الاحداث الأليمة لزرع الحقد او الكراهية، بلْ لتحصين مجتمعاتنا وشرقنا. وما رفضناه لأهلنا نرفضه لاي شعب وندينه في اي بقعة من العالم. 
سادساَ: ان العيش المشترك في صميم رسالتنا وفكرنا، لقد عشنا هنا منذ فجر البشرية، ومنذ بدء نور المسيحية، ثم مع المسلمين نتشارك الهواجس والهموم والايام. صحيح ان في هذا التاريخ محطات مخيفة وقاسية لكنه يسطع ايضاً بالفرح والعطاء. نحن ضدّ صدام الحضارات نحن لسنا فقط مع حوارها بل في قلب عيشها معاً. نحن لا نقبل الهجوم على اي دين. نحترم ونقدر ونجلّ الاسلام . لكن أليس من الغريب ألا تعترف ولا دولة عربية أو اسلامية ما عدا لبنان بقضيتنا ؟ وان اسرائيل التي ارتكبت ابادة جماعية موصوفة ترفض الاعتراف. وحده صوت الفاتيكان والبابا جاء مدوياّ.
      ونحن  نرفض ضرب هذا العيش المشترك في سيفو جديد في هذا الجنون. هذا التكفير والالغاء. يعدمون أبناء العشائر السنية، يفجرون الحسينيات، يبيدون اليزيديين، يهاجمون الاكراد،  يقتلعوننا نحن المسيحيين من سهل نينوى، من الموصل، من البصرة، من الحسكة، من الرقة، يذبحون المطران فرج رحو، يخطفون المطرانين يوحنا ابراهيم وبولس اليازجي دون أثر أو خبر يسبون النساء،  ومازال 300 آشوري مخطوفاً في الخابور  ولا حل ولا من يسأل، يلقون بالمسيحيين من قوارب النجاة، يذبحون القبطي والاثيوبي في ليبيا، يقتلون على الهوية في مدارس نيجيريا وكينيا، يَربضون على تلال لبنان يخطفون جنوده ينتظرون غفلة من جيش بطل صامد وشعب مقاوم، كل هذا بدعم وتسهيل من ورثة السلاطين!. أليس من الغرابة ان تكون تركيا واحة كل ارهابي؟ أليس من العار فوق كل هذا ان يقول لبناني ان الدولة العثمانية تمثلني. وأن تُرفع راية تركيا تحدياّ.

سابعاَ:    لا يمكن للعالم أن يغمض عينيه ويدَّعي انه لا يعرف ولا يسمع ولا يرى. لا يمكن أن تكون الحروب مسلسلاً تلفزيونياً ولا الضحايا أرقاماً ولا يرف له جفن. لا يمكن أنْ يكون الانسان لامبالياً تجاه أي ضحية في اي زمن في اي قارة لاي سبب. مَن يسكت يكون مشاركاً. الضمير العالمي يجب ان يبقى ساهراً متيقظاً لحقوق كل انسان. الحق ليس للقوة بالضرورة فالى متى يصم العالم اذنيه عن صراخ البراءة ويتبع مصالحه؟ ومتى الاخلاق فوق السياسة . فقط 20 دولة اعترفت. هل هو انحلال للانسانية.  وأود أن أوجه نداء الى وزير الخارجية اللبنانية جبران باسيل هل يمكن للدولة اللبنانية ان تتبنى رسمياً ملف استعادة أملاك فقدها مواطنوها منذ مئة عام في تركيا؟
     كل من سكت عن سيفو، يسكت اليوم  عن ابادة واستئصال  المسيحيين في الشرق. ويراقص     الارهاب في العراق وسوريا.
ثامناً: ان شعبنا رفض ان يموت. ويبرهن كل يوم انه جدير بالحياة ينظر الى التاريخ بعين التحدي. صحيح ان الغربة تكاد تقتلعه من الارض المشرقية، وهو اصبح حارس حجارة في طور عابدين، لكن نهضة حقيقية في احزابنا وتياراتنا ووسائل اعلامنا ومؤسساتنا وعودتنا الى
        الجذور واللغة والانتماء والافادة من التكنولوجيا والمواصلات تجعلنا شعباً واحداً نابضاً بحس الهوية مصراً على حقه في حمل رسالة التمايز والفرادة في عالم واحد يكاد يمحو كل ثقافة. سنبقى لوناً محبباً في عالم عنوانه التنوع.
و نحن في لبنان، جبلنا كسريان قدراً وخياراً نؤمن أنه الواحة والمثال رغم كل عثراتنا كلبنانيين. أنه الدور والرسالة لا الحصن ولا الملجأ فقط. عرفنا كمسيحيين جحيمنا أيضاً.  قاومنا بروعة   لكننا اقتتلنا وكنا ساحة، مررنا بكوابيسنا ومجازرنا أمام عيون العالم، تذابحنا وتصالحنا، نحن ندرك ربما أكثر من غيرنا ان لا حلول إلا بالحواروالتفهم والتفاهم
والمصالحة والتعالي على الجراح. لكن لا يحاول أحد أن يلغينا بالسياسة بنكران حقوقنا،  بالتذاكي  علينا، بسرقة تمثيلنا، لا في الرئاسة  ولا في الوزارة ولا في النيابة ولا في الادارة.

ولّى زمن استغيابنا. نحن جبالٌ. نموت لا نركع.
صحيح ان كل  ما نفعله غير كاف ٍ،
لا البيانات لا النصب التذكارية لا المهرجانات  لا الصراخ . نردد مع نزار" لقد كفرنا  ليس لدينا كلام جميل  ليس لدينا شفاه ولا مفردات"
 لكن نحن نؤمن أن  الفصح قائم فينا. ان الله يعترف بنا.
وها نحن في ٦ أيار نتذكر معاَ. تياراَ وطاشناقاً ورابطة وحلفاء واصدقاء . نتذكّر شهداء كل لبنان.
       نحن هنا نصرخ حتى لا تتكرر أي مجزرة.
      حتى نتصالح كلّنا، بشرية تسعى الى الكمال،
      وحتى نناضل لشرق جديد وفجر جديد.   
    كلنا هنا لسنا من  سلالة الخنوع
      ولاننا القضية لن نخلع جلدنا والهوية.

___________________________________________________________
كلمة  الاستاذ حبيب أفرام رئيس الرابطة السريانية، الرئيس السابق للاتحاد السرياني العالمي، في الذكرى المئوية الأولى لابادة المسيحيين في فندق لو رويال – ضبية في 6 أيار 2015


29
أنتَ على آخر رَمَقْ!

•   حبيب افرام
سنتان.
غريبٌ هذا الخطف.
لم يَقطَعوا رأسيهِمَا علناً، على ما فعلوا مع العديد. لم يَحرقُوهُما في بث مباشر كما مع الطيّار الأردني، لم يُطالبوا بفدية وتبادل كما مع أبناء جيشنا، لم يدَّعوا مسؤوليَة. لم يُبلغوا عن تصفيتهما.
غريب.
لا أحدَ يعرف شيئاً. لا أحد يُخبِرُ شيئاً.
لا ما بقي من الدولة السورية، لا من يمكن أن يدّعي أنه بعدْ معارضات سورية،
لا الحكومة التركية وهي ترعى من ترعى وكأنها تستعيدُ مآثرَها منذ مئة عام في سيفو والمجازر الأرمنية وتجويع لبنان
لا الدول العربية الصامتة وكأنّ انهاءَ الحضور المسيحي حادثُ سير، وكأن من يَسرقُ الاسلامَ والعروبة جزءٌ من العقل والتراث. أوْ مغفورة له خطاياه.
لا العالم الغربي وكلّ تكنولوجياته وأقماره الذي يستمع الى كل شيء ويرصد كل شيء افادنا بمعلومة؟
غريب. هل اختفى المطرانان؟
هل خطفهما شبحٌ أو جنٌ؟

نحن المطرانان. كلنا المطرانان.
مخطوفون
لا يعُرف مصيرنا
لا مَنْ يسأل عنا.
لا مَنْ يساعدنا على حل.
لا مَنْ يأبه لنا.
كلنا سهل نينوى الذي فُرِّغ من أهله في العراق
كلنا آشوريون من قرى الخابور التي هجر أهلها في سوريا
كلنا أقباط واثيوبيون ذبحنا في ليبيا
كلنا مسيحيون صفينا في نيجيريا وكينيا، ورُمينا من قوارب نجاة في عرض البحر.
كلنا لبنان آخر واحة لحضور مسيحي حرّ يحاول البعض وأده.

هلْ تسكتْ؟ يذبحونكَ، يهجّرونكَ، يخطفون مطارنتك والآباء والناس 300 آشوري خابوري مع داعش، يفجرون كنائسكَ والأديرة، يدنِّسون مزاراتك،  يقتلعون شعبكَ، يمحون تراثكَ وذاكرتكَ والحضارة  يسرقون آثاركَ، يسبون نساءك.
هلْ تقبل أن تكون خنوعاً. ذمياً. تنتظر دورك كالغبي؟
هلْ تركض الى أبواب السفارات الحاضرة لترحيلك عبر فيزا مخصصة، عبر ادعاء انسانية لتكمِّل ما بدأته التنظيمات الاصولية؟
أم تجنّ. تصرخ. تناضل. تكتب. تحذِّر ترفض وتقاوم.
ليس قدراً أن تموت.
ولوْ إنه عالم مجنون. لا حق فيه. لا حريات. لا كرامات. لا انسان.
ولوْ إنه عالم لاه. مصلحي.
ولوْ أنه عالم عربي غارق في رفض الاعتراف بمشاكله. وأوّلها كيف نحفظ وندير التنوع والتعدد ونؤمن بالمساواة في المواطنة وكيف نوقف علاقة حبه وكراهيته بنفس الوقت للتكفيريين.
هل هذه أوطان أم مسالخ أم مقابر جماعية؟

أيها المسيحيون. قوموا انتفضوا ثوروا.
أنتم صناع غدكم. اما ان تقبلوا ان تكونوا ضحايا نعاجاً مواطنين درجة أخيرة، أو هاربين الى بلاد الله، أوْ انتفضوا توحّدوا. انه شرق لا يفهم إلا لغة القوة. ادفعوا من دمكم بالمقاومة بدل ان تدفعوا من دمكم بالسكوت.
أنتم آخر بقايا حضور التاريخ.
كانت الأنظمة كل الأنظمة تَحرُمكم من الاعتراف بقومياتكم وخصوصياتكم ولغاتكم والحريات، الآن موجات التطرف تلغيكم بالمطلق.
حتى لبنان، هناك من يظن أنه قادر على أن نزحل نحو نينوى أو خابور، إما بعسكر داعش والنصرة أو بقضمٍ سياسي والغاء دور ورفض مشاركة وتوازن. كل هذا مغلّف بربطة عنق وابتسامة.

أيها المسلمون
اذا كان التنوع والتعدد واحترام كل آخر وكل مواطن على قدم المساواة ايمانكم فجاهروا به. اخلقوا "عاصفة حزم" ضد الارهاب، أنتم قودوا الحرب ضد كل أصولية، كل تنظيم، يقتل السني والشيعي والكردي واليزيدي والمسيحي، من عرسال من خطف عسكريينا وأهلنا، من معلولا الى صيدنايا الى كسب الى نينوى الى الخابور الى الأنبار.
إنها مسؤوليتكم أمام الله والتاريخ.
أوقفوا هذا الفكر أو اللافكر هذا الجهل هذا الجنون. واجهوه. كلَّنا معكم.

ويا أميرا الكنيسة المشرقية الارثوذكسية
لن نسكت. سندافع عن حريتكما مهما كانت التضحيات. سندق بعد كل الأبواب. عسى في هذا العالم دولة ما أو قائد ما تستفيق على كرامتها، وتعتبر خطف مطرانين آمنين جريمة ضد الانسانية وضد السلام وضد المسيحية المشرقية بلْ ضد العروبة والاسلام.  أنتما كنتما رسولي سلام، من أجل سوريا واحدة، من أجل وقف الحرب من أجل حل سياسي لا من أجل مزيد من دمار ولا مزيد من تدخل أجنبي.
هي ارادتنا الحرة وايماننا.
اننا دائماً ندحرج الحجر. حتى في حال كنتما شهيدين، فبدمكما ننتصر على موتنا. أغبياء من خطفوكما. نحن قياميون.
أنتما امَّا الى الجنَّة رأساً. قديسَين.  اما الى الحرية ولو بعد حين. أبطالاً.
أنهي بنداء الى الدولة اللبنانية، احملي قضايا الحق في ظل هذا الجنون في المنطقة، وموجات التطرف والتكفير. اجعل يا وزير الداخلية ملف المطرانين على جدول أعمالكَ بنداً رئيساً مع كل النظراء. لا يمكن أن لا أحد يريد أن يساعد في هذه القضية، وجاهري  بأقل واجب  بتضامنك مع ابنائك الأرمن والسريان في الذكرى المئوية للمجازر.
انه نداء لنا ايضاً ان نفكِّر بطريقة مختلفة. ما فعلناه حتى الآن غير كافٍ،  لماذا لا  يعتصم كل بطاركة الشرق على باب الأمم المتحدة حتى حل، حتى شعب حرّ، حتى عودة المطرانين، حتى استعادة نينوى، حتى عودة الخابور؟
وسنبقى. لن ينتهي الحضور المسيحي. نحن سكّر الشرق وملحه.
وسيبقى لنا لبنان نؤمن به وطن نور ورسالة، لن نخسره لن نضيّعه لن نبكي عليه.
إنه عهدنا والرجاء.








_______________________________________________________________
كلمة الملفونو حبيب افرام في مهرجان تضامني لمرور عامين على اختطاف المطرانين بولس اليازجي ويوحنا ابراهيم بالتعاون مع اللقاء الارثوذكسي في 22 نيسان 2015 – بيت الطبيب

30
رسالة مفتوحة الى مجلس الأمن
أوقفوا الإبادة فوراً
•   حبيب افرام

متأخرون جداً بطيئون جداً لكن لعل وعسى.
ان يستيقظ ضمير في عقل دول ترفض في هذا العصر إبادة شعوب أصيلة واقتلاعها من جذورها وأوطانها.
ان جلسة اليوم التي دعا اليها وزير الخارجية الفرنسي هي أمل أخير تنتظره بقايا الشعوب المسيحية المشرقية بقومياتها واثنياتها وأديانها وطوائفها وتراثاتها وتاريخها بعد موجة حقد واستهداف مبرمج طالت الناس والكنائس والأديرة والمتاحف والصروح والأملاك ذبحت المطران فرج رحو في العراق، خطفت المطرانين يوحنا ابراهيم وبولس اليازجي في سوريا– دون أي أثر لهما- وتريد حتى محو الذاكرة.
ان التنظيمات الاصولية التكفيرية ترفض أي آخر، من دينها ومذهبها الى القومية المختلفة والدين الآخر. لقد حذرنا منها قبل انفلاشها وطالبنا بتحرك دولي لوقف امتدادها وعدوانيتها دون جدوى. اننا، نحن شعوب المنطقة ننقرض ونُباد تحت أعين العالم المتفرج وأمام سكوت العالمين العربي والاسلامي.
فهلْ مسموح في هذا القرن أن تُباد شعوب وقوميات أمام شاشات التلفزة فلا يرف جفن ولا ضمير؟
ماذا يمكن لكم أن تعطونا غير الكلام والبيانات اللطيفة:
1-   إنشاء إقليم سهل نينوى وسنجار في العراق كمنطقة آمنة لكل المكونات الصغيرة تتمتع بحماية دولية.
2-   اعتبار كل ما تعرض له المسيحيون جرائم إبادة وضد الانسانية، وتشكيل محكمة دولية للاقتصاص من الفاعلين والداعمين.
3-   العمل على انقاذ المخطوفين من أشوريي الخابور في سوريا والنساء اليزيديات في العراق
4-   انشاء صندوق دولي لدعم النازحين المسيحيين وتثبيتهم في أوطانهم
5-   بدء حملة دولية لاستعادة المصريين الأقباط المسيحيين من ليبيا، اثر ذبح أكثر من عشرين.
6-   تعزيز فكرة المواطنة والمساواة وحرية العقيدة والفكر والدين والضمير ورفض أي نظام لا يلتزم بهذه المبادئ
7-   وقف كل الاعلام الحاقد الذي يساهم في بناء شخصيات ارهابية عنفية ترفع راية الدين.
8-   تحميل المسؤولية المباشرة لكل من يدعم التنظيمات الاصولية بالمال والسلاح تحت أي مبرر.
ان الوقت يقتلنا ايضاً. ليس لدى شعبنا ترف الانتظار حتى حلول سياسية في سوريا والعراق. ان تسهيل اعطاء الاقامات في الغرب هو تكملة لعمل المنظمات الاصولية فهلْ مطلوب افراغ الشرق من المسيحيين أم مساعدتهم على الصمود والبقاء في نموذج حياة واحدة في أوطان تفهم معنى التنوع والتعدد.
اننا نموت ببطء. فهلْ يأتينا رثاءكم أمْ انشاء غرفة طوارئ عاجلة!
اننا نخترع الأمل. اعطونا نفحة روح.

حبيب افرام
رئيس الرابطة السريانية
رئيس سابق للاتحاد السرياني العالمي
أمين عام اللقاء المسيحي المشرقي


31
رسالة مفتوحة الى قداسة البابا فرنسيس
أحمل قضيتنا في تركيا
               
* حبيب افرام
   حين تطأ قدماك أرض تركيا وأنتَ تحمل على أكتافكَ مجد روما، أذكر أيها السيِّد انكَ ايضاً مؤتمن على المسيحية المشرقية، من انطاكية والقسطنطينية وطورعابدين الى بيت لحم واورشليم وجبل لبنان ومعلولا وصيدنايا واور والرها، مجبول بكل التاريخ وبكل الآتي من أيام.
   وذكِّر أيها الراعي، ان ما صنعته السلطنة العثمانية قبل مئة عام حين اقتلعت الحضور المسيحي الأرمني والسرياني واليوناني من أرضها ومدنها والقرى لا يمكن أن تمحوه سنون. طالب لنا وللعالم بأن تعترف تركيا صراحة وبوضوح وشفافية بما حصل، من أجل وقفة ضمير ونقد ذاتي.
   ان عظام أجدادنا تنادينا لأن العدالة والحقيقة ليست موجهة الى تشويه سمعة تركيا ولا صورتها ولا من أجل عداء معها ولا من أجل انتقام بل من أجل غد ناصع لكل الشرق.
   أحمل قضيتنا، نحن الضحايا والشهود. لا يمكن لتركيا ان تنكر ولا ان تتبرأ لأن ذاكرتنا ليست خرافة.
   كنْ صوت الحق.
   ان تركيا أمام استحقاق اليوم أيضاً. كيف تتعامل مع تنوعها، مع العلويين والأكراد والمسيحيين، كيف تطرح نفسها في دور اقليمي وهي تدعم منظمات ارهابية الغائية تكفيرية اقتلعت من جديد، في سيفو متكرر كل الحضور المسيحي من سهل نينوى وبعض سوريا.
   كن املنا.
   ان تركيا بما لديها من نفوذ قادرة على استعادة المطرانين المخطوفين يوحنا ابراهيم وبولس اليازجي وهما اميران مشرقيان مسيحيان رائدان في الحوار غيِّبا منذ حوالي ست مئة يوم. فهلْ يقبل أب الكنيسة الجمعاء أن يبقيا في أسر؟
   أحمل لنا معكَ من تركيا أملاً ورجاء.
حبيب افرام
رئيس الرابطة السريانية
رئيس أسبق للاتحاد السرياني العالمي
أمين عام اللقاء المسيحي المشرقي

32
المنبر الحر / علينا ان نثور
« في: 18:24 03/11/2014  »
علينا ان نثور

•   حبيب افرام
صرنا نستحي من الكلام.
لأننا فشلنا وخسرنا وانتهينا
وما زلنا نتغرغر حول اننا شعبٌ أصيل وأصليّ.
لم يعد ينفع كلامنا.
حين نسمع نازحي الموصل وسهل نينوى ان لا ثقة لهم بأحد وأن هذا ليس عراقهم نعرف ان الأفق مفتوح على الرحيل.
حين يترك ابن الحسكة والقامشلي وحلب كل أمجاده وراءه ولا يتطلع، خائفاً من كل من حوله ولا ضوء.
حين أي جواز سفر هو حلم المسيحي المشرقي- ولو مزوّر - 
وحين يتطلّع شعبنا الى لبنان فيرى مَنْ لا يؤمن حتى بجيشه ومَنْ هو داعشيٌ بكرافات، ونصرةٌ بمكياج
وحين الحكام العرب يلتهون دون رؤية ولا فكر ولا مجابهة ولا إعادة نظر
وحين الدين الاسلامي مخطوفٌ من فتاوى الجهل والحقد والالغاء وتقطيع الرؤوس ورفض كل آخر
وحين المطارنة يُغتالون ويُخطفون – تحية الى المطرانين يوحنا ابراهيم وبولس اليازجي – بعد سنة ونصف على تغيِّبهما
علينا نحن أنْ نغيِّر خطابنا وفكرنا وعملنا ونهجنا وطريقة تفكيرنا.
علينا كلنا أن نثور.
أنْ نفكر في سنة 2025 أين سنكون؟
أي شرق دون دول علمانية دون حقوق انسان؟
واذا كان هذا مستحيلاً.
فأي شرق فيه مكوّنات تحفظ خصوصياتها عبر الفدرالية أو الأقاليم أو الحكم الذاتي وبأقصاها اذا تغيرت الحدود عبر دول؟
فهلْ نحن على قدر اي من هذه التحديات؟ وهل نحضِّر لأيٍّ منها؟
وهلْ كل العالم العربي يقبل المناقشة في كيفية الحفاظ على التنوع والتعدد او أنْ لا جديد لديه إلا ترداد ان "الاسلام هو الحل".
وهلْ يؤمن الغرب بقيم المساواة والمواطنة كحق لكل انسان أم أن في ذهنه اننا كمسيحيين فائضٌ زيادةٌ في هذا الشرق الذي لا يتسع إلا لأصوليتين يهودية واسلامية؟
اذا لم نعرف الى أي مرفأ نحن مبحرون فأية ريح ليست الريح المناسبة
فلا الاكراد ولا الاتراك ولا السنة ولا الشيعة ولا الغرب ضمانتنا. بلْ نحن. اذا آمنا بأنفسنا ننقل حالتنا الى الانتصار وإلا فالرحمة على حضورنا.

_______________________________________________________
كلمة الملفونو حبيب افرام رئيس الرابطة السريانية في مؤتمر "الحضور المسيحي: الواقع، آفاق وتطلعات" الذي اقامته بطريركية انطاكية وسائر المشرق للسريان الارثوذكس ومؤسسة برنابا في الغولدن اوتيل – برمانا في 27-28-29 تشرين الاول 2014

33
هل أحدٌ على قدر التحدي؟
•    حبيب افرام

العراق مأساة تراجيدية
حين يكون النظام مكبّلاً والرئيس المكلّف حائراً في كيفية تشكيل حكومة، وبغداد مدينة باطون مسلح ترتجف من خطر اجتياحها رغم مئات آلاف المتطوعين من الجنوب حين ينهار جيش أمام ارهاب ميليشيا مرتزقة من كل اصقاع العالم فتسقط الموصل في يوم وليلة،
حين يُمحى حضور شعب أصيل مثل الكلدان الآشوريين السريان في سهل نينوى ويهجّر مع الإيزيديين من قرى سكنوا فيها لمئات القرون،
حين تنهزم البشمركة وتخلي المناطق أمام زحف داعش، وتبقى على تماس معها على 1200 كيلومتر
وحين يترجّى العراقيون أمريكا أن تقصف وتتدخّل لحمايتهم من داعش،
وحين يذبح صحفي أمريكي فيهتز العالم، وتهدّد أقليات ولا مَن يسأل،
وحين الترهيب والإجرام والتخويف والسبي وبيع النساء وجهاد النكاح وفتاوى الجهل لغة دارجة،
وحين تفجَّر المساجد، وتصبح أحرف "نسر"  "نصارى سنّة روافض" هي علامات الشعب إذا توحّد - كما جاء في السومرية – وعكسها "رسن" يربطه من يشاء، اذا لا توافق
فنحن أمام حقيقة سوريالية. أكثر سواداً من عواصم أخرى ودول أفشل. من ليبيا إلى اليمن إلى السودان إلى نيجيريا. من بوكوحرام إلى النصرة إلى داعش يبدو أننا لسنا فقط دولاً مارقة، ولا فقط أنظمة ساقطة، ولا فقط جيوشاً هزيلة، ولا مجتمعات متقاتلة، بل أيضاً بشر نحمل جينات اندثارنا.
كنت في بغداد وأربيل الأثنين الماضي. ما رأيت من تهجير يُدمي القلب. إنها إبادة بطيئة ومجزرة. وما سمعتُ من قلق من فم رئيس وزراء مكلّف ووزير خارجية بالوكالة في بغداد  يجعلنا نرتجف حتى في بيروت، لكن أخطر ما سمعت جاء على لسان رئيس أقليم كردستان "لم يعد هناك عراق" وعلى شفاه البطريرك الكلداني والأساقفة من كل الطوائف وكل الاحزاب المسيحية "هذا العراق ليس لنا لم يعد عراقنا. لا حلّ له. ليس لنا إلّا الرحيل".
يسقط الوطن. يرحل المواطن.
هل من رجاء في كل هذه العتمة؟
هل من سينودس إسلامي؟ من نهضة إسلامية؟ من وعي عربي؟ من انتفاضة ما؟ بعيداً عن غرغرات نخب في عواصم الغرب وفنادقه.
نهضة من هنا من قلب العروبة والإسلام!
فهل أحدٌ على قدر هذا التحدّي!

_____________________________________________________________
كلمة رئيس الرابطة السريانية في ندوة حول العراق مع السفيرة العراقية السابقة في واشنطن رند الرحيم في مركز عصام فارس 26/8/2014

34
رسالة مفتوحة الى الرئيس الأميركي
حتى لا يُقال على عهد أوباما
انتهى الحضور المسيحي في الشرق

أن نكون في القرن الواحد والعشرين ويُسمح، من قبل العالم بأسره من الأمم المتحدة إلى مجلس الأمن، إلى الولايات المتحدة الأميركية، إلى أوروبا، إلى العرب والمسلمين، إلى المجتمع الدولي وكل منظمات حقوق الإنسان أنْ تُرتكب إبادة ومجزرة بحق أي شعب أو قومية أو طائفة أو مجموعة، على أيدي عصابات إجرام تغزو تقتلع تقتل تُهجّر تذبح تغتصب تسبي تُخضع الناس للجزية وتُجبرها على تبديل دينها، عصابات تكفيرية إلغائية تضطهد، عقيدتها العنف سيطرت على مساحات بحجم دول، تتغذى بالمال بالسلاح من قوى ظلامية همجية متخلفة ومن أجل مخططات مشبوهة، في ظل تفتت الدول والجيوش، كل هذا أمام أعين العالم الذي يتفرج و يلهو ولا يتحرك إلا متأخراً جداً وقليلاً جداً، وأحياناً يقوم باستعراضات إعلامية مثل بعض الغارات أو بعض المساعدات التي تُرمى جوًا، أو بما هو أسوأ المساهمة في اقتلاع الناس عبر تسهيل تسفيرها إلى الغرب وكأنها متواطئة مع التنظيمات الأصولية لإتمام ما بدأت فيه.


حضرة الرئيس،
نحن نؤمن بأن ما زال في العالم بعض روح، وفي أمريكا قيم ومبادئ – ولو أن مصالحها وانحيازها يجعلها تضيّع البوصلة – ونحن متأكدون أن الرئيس الأميركي مسؤول أمام الله والتاريخ، على أنه رئيس قوة عظمى لا يمكن أن تتخلى عن دورها لا يحق لها أن تغلق عينيها وقلبها وعقلها ولا يجوز أن تقود من مقعد خلفي ولا أن تصمت عاجزة عن أي ردّ حقيقي خاصةً وأنها معنية وأن سياساتها - ومنها احتلال العراق- أوصلت إلى نتائج مدمرة فلا يمكن أن تغسل أمريكا يديها مما يجري في العراق.
إن شعوباً أصيلة أصلية تنتهي. السريان الكلدان الأشوريون أبناء حضارة ما بين النهرين في ميزوبوتاميا، ومعهم الايزيدون والشبك و الصابئة يُبادون. لن يكون هناك مرة أخرى ولا فرصة ثانية. إنه الآن أو لا شيء. لا نريد حماية. ولا تدخلاً من جيشكم مباشرةً. لا نريد أن يموت أبناؤكم هنا. إنها قضيتنا نحن في الشرق.
لكنكم قادرون على دعوة سريعة لمجلس الأمن وعلى تكوين أوسع تحالف دولي اقليمي وعربي واسلامي – كما حصل في غزو الكويت -  ضد كل التنظيمات التكفيرية وعلى اعلان حالة طوارئ عامة في العسكر والأمن والاقتصاد والاعلام والتوجيه للانتهاء من هذه الظاهرة، بدءًا من نينوى.
اطردوا "داعش". أعيدوا الناس الى قراها ومدنها. أوقفوا الإرهاب. انتم مؤتمنون. قادرون. لا نصدّق انكم مع الفوضى. مع التذابح.
اذا كان مسموحاً أن تأكل السمكة الكبيرة السمكة الصغيرة في هذا العالم فأنتم تعطون إشارة الى أن الإبادات مسموحة وليتصرف كلٍّ على هواه.
الشرق متنوع متعدد في قومياته وإثنياته وأديانه وطوائفه فلا تسمحوا للسواد أن يكلله، ولا للدم أن يصبح عَلَمه.
حتى لا يُقال أنه على عهد اوباما انتهى الحضور المسيحي في الشرق.
لا تغسلوا أيديكم من دمنا.
حبيب افرام
رئيس الرابطة السريانية
أمين عام اللقاء المسيحي المشرقي

35
مريم السودانية
مَن يحميها؟
*حبيب افرام
أرجموها، اقتلوها، اعدموها، حاكموها.
مريم اختصار معاناة مسيحيي الشرق
تحد حضاري فكري مذهل على كل مسلم في العالم.
لمن لا يعرف. لمن لا يريد أنْ يسمع، لمن لا يجرؤ على الكلام
هي مريم يحيى ابراهيم اسحق
جريمتها انها امرأة سودانية مسلمة والدتها مسيحية
حكم عليها في القضاء بالاعدام بتهمة الردة لأنها تريد ترك ديانتها الاسلامية.
مريم ليست امرأة انها قضية.
صحيح ان دماءاً كثيرة تسيل في الشرق
ولا مَن يسأل.   
ان الحكومة السودانية مطالبة بموقف واضح صريح علني تعلن فيه الغاء هذا الحكم وتعطي حرية الضمير والاختيار لكل مواطن فيها.
ان الدول العربية والاسلامية كلها مدعوة الى اعادة نظر عميقة في معنى حرية الاختيار على قاعدة "لا اكراه في الدين" فلا يمكن أن يكون تغيير دين سبباً لإعدام أو قتل. انه تحد ديني فقهي.
والعالم ايضاً، هذا العالم الذي يسمّي نفسه عالماً حراً، أو مجتمعاً دولياً، هل لديه بقايا قيم ومبادئ؟ هل تعني له الحريات الانسانية شيئاً؟
يا مريم، إنه عالمٌ تافهٌ.
تعالي شهيدة جديدة في لائحة شرف.
ليس دفاعاً عن مسيحي أكثر أو مسلم أقلّ
بل عن حق كل انسان في الحرية والكرامة.

صفحات: [1]