مدينة سميل في التاريخ
تقع مدينة (قضاء)سميل قرب دهوك بحوالي 15كم في المنطقة الشرقية من السهـــــل
المعروف بسهل السليفاني او سهل دوبان الذي يمتد من دهوك شرقا الى فيشخابــــور
غربا والجبل الابيض شمالا ونهر دجـلة جنوبـــــــا .
سميل كلمة ارامية اصلها شمعالا او شمالا يعني اليسار وهناك من يقول ان سميل هي
شمئيل يعني الله سمع او سمع الله وحورت بعد الفتح الاسلامي وانتشار اللغة العربيــة
الى سميل . وهناك من يفسر كلمة سميل بالعربية ب(سم. وويل) . ويقول يا قــــــــــوت
الحموي سمويل: بفتح اولة وسكون ثانية وكسر الواو ثم الياء مشتقاة من تحت واخـرة
لام موضع كثير الطير . وقال ابو منصور سمويل اسم طائر واثناء الاستعمال دمغـت
الواو لسهولة اللفظ واصبحت سميل . وسميل باللغة الكردية (سي. مل) اي انها
مبنيــة بين ثلاثة تلول وهناك راي اخر يقول (سي . مال) اي ثلاثة بيوت . وهي
تفاسيـــــــر حديثة لاعلاقة لها باصل الكلمة السرياني وهي بعيدة عن الصحــــــــــة .
كانت سميل قديما من القرى المهمة استراتيجيا فمنها كانت تمر الجيوش سا لكـــــــــة
مضيق(ممر) قشه فر الذي يتصل بممر دركــل الشيــــــخ يؤدي هذا المـمـــــــــــــــر
الى دولة ارارتو والى بلاد الحثيين في اسيا الصغرى وارمينيا . ويمر الطريــــــــــق
الملوكي القديم عبر سميل والعاصي حتى نصيبين فتربط بلاد اشور وبابل واعا لــــي
بلاد ما بين النهرين ببلاد الروم والغرب . وهو الطريق الذي سلكه الاكديـــــــــــــون
للوصول الى تجمعاتهم العسكرية وللاغراض التجارية والذي اصبح طريقا ملوكيا شهيرا .
وسميل الان تقع على الطريق الدولي رقم (2) المؤدي من الموصل الى زاخـــــــــــو
فالحدود التركية والسورية . كانت سميل قرية مسيحية صغيرة مهملة لم يــــــرد
ذكرها في المصادر التاريخية واول ذكر لها جاء اثناء الاصطدام الذي جـــــرى
بين قوات الاخوين بهرام باشا وسعيد بك قرب القرية والذي انتصرت فيــــــــــه
قوات بهرام باشا العمادية . ثم جاء ذكر سميل عندما استطاع المدعو نمربـــــــن
سمواغا امير عشيرة الدنادية مع خمسة من فرسانه من قتل عبد الباقي الجليلـــي
والي الموصـــل واخـيه واثنيــن مــن اولاده سنـــة 1787م عنـــد القريــــــــة .
لا توجد اثار تاريخية مهمة في سميل عدا التل الاثري الذي يتوسط المد ينــــــــة
وتمت تعليته على الطريق البري الذي كان يمر شرقي دجلة ويربط بين العــراق
واقليم ديار بكر وارمينيا فكان طريقا رئيسيا للتجارة بين العراق(وادي الرافدين)
واسيا الصغرى والغرب . ونظرا لاهمية الطريق في اواخر العهد العثمانــــــــي
فقد اقيمت عليه التلول ربما لاسباب المراقبة العسكرية او لتكون مرشدا ود ليــلا
للقوافل البريدية والتجارية والعسكرية وكان قد شيد على تل سميل في زمــــــــن
الدولة العثمانية مخفرا للجندرمــــــــــــه.
اما الان فقد بنيت فوقه ابراج تقوية للبث التلفزيوني والهاتفي . اضافة الى التـــل
كان هناك في القرية خان (فندق) كبير يقدم خدماته للمسافرين والقوافل التـــــــي
كانت تسلك هذا الطريق وكان قسم كبير منه باقيا الى السبعينات من القـــــــــرن
الماضي . اصبحت سميل مركز ناحية سنة 1954م واول مدير ناحية عين فيهــا
كان السيد احمد مفتي ثم اصبحت مركزا للقضاء سنة 1978م واول قائمقام تـــم
تعيينه فيها كان السيد صالح عبدالله . وبهذا تحولت سميل الى مركــــــــز اداري
واقتصادي مهم جذبت السكان من كافة المناطق للسكن فيها . اول مدرســـــــــــة
ابتدائية شيدت في سميل كانت سنة 1950 وكانت مبنية من اللبن والطين وبناهـا
السيد محمود النائب وعلى نفقته الخاصة وفي سنة 1969م بنيت مدرسة ابتدائية
حديثة فيها بعد ذلك شيدت مدارس اخرى كثيـــــــــرة .
اول بئر ارتوازي تم حفره في سميل كان سنة 1956م قامت بحفره شركـــــــــة
هاروليتي الانكليزية وتم نصب خزان كبير للماء قرب البئر لغرض الاستعمـال
البشري بعد ان كان اعتماد الناس على مياه العيون وفي السبعينات في القــــــرن
الماضي تم مد شبكة انابيب المياه الى داخل المدينة وتم انارة المدينة بالكهربـــاء
لاول مرة سنة 1967م . ولم يصل اليها البث التلفزيوني الا سنــــــــة 1970م .
اول جامع حديث تم بنائه سنة 1957م وعلى نفقة محمود النائب ايضا وفي عـام
1954م تم بناء اول مستوصف صحي وعلى نفقت السيد محمود النائب ايضــــا
كان من اللبن والطين ثم تم بناء اخر حديث مقابل الجامع من الجهة الشماليـــــــة
ولازال قائما لحد الان كدار سكن . سنة 1970م تم بناء مركز صحي رئيســــي
حديث زود بالاجهزة الحديثة وجهز بالادوية وتم تعيين اطباء للعمل فيـــــــــــه .
وفي سنة 2003م قامت حكومة اقليم كوردستان بتحويل مقر حزب البعث الـذي
كان وكرا للارهاب والقمع الى مركز صحي يقدم خدماته الصحية والعلاجيـــــة
ويخفف من معانات الناس والامهم كما تم بناء مستشفى اخر حديث اضافة الـــى
مذخر للادوية . سميل كنسيا تابعة لابرشية زاخو ودهوك للكلدان . اعتنقــــــــت
المسيحية منذ حوالي القرن الثاني الميلادي وتشهد بذلك الكثير من الاديــــــــــرة
والكنائس والمدارس المسيحية التي اقيمت في هذه المنطقة . وفي اواخر القـــرن
الخامس الميلادي تبنت كنيسة سميل المذهب النسطوري وكانت اثار كنيســــــة
العذراء ام الرحمة شاخصة جنوب القرية حتى الحرب العالمية الاولـــــــــــــى .
ومن الاثار المسيحية لقرية سميل الباقية لحد الان مخطوطات طقسية استنسخـت
فيها بين سنة 1677 و1708 و1711 م محفوظة في مكتبة البطريكية الكلدانيـة
وهناك مخطوط لرسائل القديس بولس يعود تاريخه الى سنة 1677م محفوظـــة
في مكتبة مطرانية الكلدان في زاخو. وهذا ما جاء في نهاية المخطوط بقلـــــــــم
كاتبه ))انتهى من كتابة هذه الرسائل في قرية القوش يوم السبـــت 24/6/1677
في زمن ابو الاباء البطريرك مار ايليا التاسع (1660_1700) كتبه القس يلــدا
ابن القس دانيا ل بن القس ايليا الالقوشي بناء على طلب القس ايسف بن شماشــة
كورييل بن ريس سيفو من قرية سميل في ارض نوهدرا الى كنيسة العـــــــذراء
ام الرحمة ولايحق لأي انسان ان يتصرف به بدون علم الروســـــــــــــــــاء )).
ان تواجد السريان الغربيين في سميل فيقول الاب حنا في انه لم يسبق اواخــــــر
القرن 17 او اوائل 18 وكانت سميل انذاك تابعة لأبرشية دير مار متـــــــــــــي
وقد ورد ذكرها في سوسطا طيقون القريان لعازر الرابع سنة 1730م وكانــــت
كنيستها باسم السيدة العذراء . وفيها كتب الشماس دنحا ابن القس بهنام البرطلـي
كتاب النحولمار سيوريوس يعقوب البرطلي سنة 1677م على ما ذكـــــــــــــــر
البطريرك اغناطيوس يعقوب الثالث في كتابه دققات الطيب وقد ذكر ان اهـــــل
سميل السريان بجملتهم انتقلواالى برطلة في القرن الثامن عشـــــــــــــــــــــــر .
بقيت سميل قرية مسيحية الى حوالي سنة 1800م عندما استطاع عبدي اغـــــــا
الدنادني اليزيدي الذي قويت شوكته في المنطقة من مضايقة مسيحي سميل ممــا
حدى بهم الى ترك القرية والهجره الى قرى شيزي والقوش ومعلثايا وتللسقـــف
وغيرها . ولم تهنأ العوائل اليزيدية في سميل كثيرا وتمت مهاجمتهم من قبــــــل
والي راوندوز محمد باشا حوالي سنة 1832م وطلبت بعد ذلك عائلتــــــــــــــان
عربيتان جاءتا من الجزيرة من والي العمادية السكن في سميل فسمح لهـــــــــــا
بذلك . وفي سنة 1915م اصبحت سميل مركزا لتجمع الارمن المشرديـــــــــن
اثناء الاضطهاد الذي تعرضوا له من قبل الحكومة العثمانية في زمن جمال باشا
ورفاقه . وكانت الفتيات الجميلات تباع من قبل الجندرمة التركية في الاســـواق
كأية سلعة . وعند الاحتلال البريطاني للعراق نهاية سنة 1917م وبداية سنــــــة
1918م كانت الطائرات البريطانية تهبط في شمال القرية كل اثنين لنقل جنـــود
الاحتلال البريطاني من والى بغداد.وقد سقطت احدى طاءراتهم في القريةعند الجهة
الشرقية من التل . والى الان يسمى التل الذي كانت تهبط فيه الطائرات شمــــال
قرية سميل باسم سهل الطائرات (دشتة دطيـــــــــــــــــاري) .
وفي سنة 1924م تم اسكان العديد من العوائل الاثورية في سميل وكانت بيوتهم
منتشرةحول التل الى 7 /اب/1933م حيث ارتكبت الجريمة الكبرى بحق
ملايقل عن 400 فرد من الاثوريين العزل في القريةوالتي كانت مركزا التجمع
المستسلمين منهم اثناء الحملة الجائرة التي شنتها عليهم حكومة رشيد عالي
الكيلاني انذاك وقد شارك الكثير من العربان حتى من سكنة سميل في قتل
وسلب ونهب ممتلكاتهم.وبعد ان فرغت القرية من العوائل الاثورية سكنت
بيوتها العوائل الكردية وفــي الخمسينات والستينات نزحت الى سميل عوائل
مسيحية خاصة من قريتي شيزي ومارياقو على اثر اندلاع الثورة الكوردية
وفي السبعينات سكنت القرية موجات مسيحية اخرى خاصة من منطقة زاخو
بعد عمليات الترحيل .
ولمالم يكن لهم كنيسة في المدينة لاداء طقوسهم الدينية قاموا سنة 1986م
بشراء دار السيد انور صندو وتحويره لاداء طقوسهم الدينية . وفي سنة 1996م
قامت بلدية سميل في ظل حكومة اقليم كوردستان بتخصيص قطعة ارض
مساحتها (2800)متر مربع لغرض بناء كنيسة عليها . وفي سنة 1999م قامت
منظمة اخوية المحبة(كاريتاس) بتمويل مشروع بناء الكنيسة ودار لسكن
الكاهن والسياج الخارجي . وتم افتتاحها يوم الخميس 23/12/1999م من قبل
السيد قائمقام سميل وزاخو ومسؤولي القضاء وتم تكريسها من قبل سيادة
المطران مارحنا قلو راعي ابرشيتي زاخو والعمادية . كما خصصت حكومة
اقليم كوردستان المبالغ الازم لبناء قاعة داخل ارض الكنيسة للنشاطات
الاجتماعية والثقافيـــــة .
الشماس
جميل برنادوس اسكندر هومي