المحرر موضوع: هل سيصبح مار باوي سورو مارتن لوثر كينك للكنيسة الشرقية؟!!  (زيارة 3228 مرات)

0 الأعضاء و 1 ضيف يشاهدون هذا الموضوع.

غير متصل يوحنا بيداويد

  • اداري منتديات
  • عضو مميز جدا
  • *
  • مشاركة: 2496
    • مشاهدة الملف الشخصي
    • البريد الالكتروني
هل سيصبح  مار باوي سورو مارتن لوثر كينك* للكنيسة الشرقية؟!!
بقلم يوحنا بيداويد
 ملبورن/ استراليا
3/2/2008

قبل بضعة ايام  أُعلِن في تصريح صحفي مخول عن لسان ابرشية التي يرأسها مار باوي سورو وجماعته عن تأسيس الكنيسة الاشورية الكاثوليكية في كليفونيا/ امريكا.
المصدر اشار ان هذا القرار اتخذه مطران الابرشية  مارباوي سورو وستة كهنة وعدد كبير من شمامسة مع الجماعة المسيحية المؤمنة معهم.

انه امر مؤسف ان يحدث انقسام بين الجماعة الواحدة لا سيما اذا كانت هذه الجماعة هي كنيسة مسيحية، ونحن نعرف ان المسيحية  تشدد في مبادئها على الوحدة اكثر من اي شيء و لا تضاهيها اية عقيدة او ديانة في تاريخ الانسانية.
فعندما سئل المسيح ( كم مرة يخطْ اخي يحب ان اسامحه، كان جواب السيد المسيح 70 مرة 7) ونحن نعرف ان الرقم سبع يحمل علامة الكمال من ناحية اللاهوتية. اي ان السماح والمصالحة يجب ان تكون متوفرة لدى جميع الاطراف في كل الاوقات والازمان

لكن شينا ام ابينا فان الانسان كائن محدود الامكانية، اي لم ولن يدرك كل الحقيقة في اي لحظة من الزمن، لذلك  كان وسيظل هناك تباين بين اراء ومواقف الناس على الرغم من درجات العليا من وعيهم و دراستهم او مسؤوليتهم اوموقعهم.

من سوء الحظ احيانا هذه التناقضات هي سبب الاهم لدفع عجلة الفكر نحو التطور والتقدم وكشف الحقائق في هذه الحياة التي لا تعرف الجمود والسكون بل ان التغير    حالة ديمومية  لها كما وصفها الفيلسوف الاغريق هيرقليدس.
فأذن الاختلاف في الرأي ليس شيئا سلبيا في كل الاحيان، ولكنه يصبح سلبيا حينما ينبع من روح الانانية وحب الظهور وعدم اعطاء اي اعتبارات لمباديء الروحية او الدينية التي حولها  وبسبب تم الصراع، اي عندما يخرج  مركز ثقل الموضوع من محوره الرئيسي.
تاريخيا الانقسامات حدثت في الكنيسة منذ مجمع المسكوني الاول عام 325 م في مدينة نقية في ( تركيا حاليا) بسبب اختلاف وخروج هرطقات خارجية امتزجت واستخدمت مفاهيم وافكار لاهويتية في خدمتها او بصورة خاطئة ومضللة للمؤمنيين
 ( مثل الديانة المانوية وغيرها) في تعابير عن شخصية السيد يسوع المسيح ومنذ ذلك الوقت والانقسامات تزداد يوما بعد يوم.
انه لشيء مؤسف ان اقول هنا ان سبب هذه الانقسامات كانت على الاغلب سلبية ولم تأتي بالجديد بالعكس كان ضررها  قاتل للمسيحية.  كحقائق تاريخية معروفة ، ان هذه الانقسامات لسوء الحظ كانت السبب الاول  في سقوط مصر وشمال افريقيا والقسطنطينية  ودول البقان و انكماش وضمور نشاط الكنيسة الشرقية في زمن فتوحات الاسلامية  والدولة العثمانية وبتالي زيادة الفوراق والانقسامات الى القرن الخامس والسادس عشر حيث ظهرت الكنيسة الانجيلة لمارتن لوثر بعد ان اباح ملك انكلترا ( هنري الثامن) الزوراج والطلاق لنفسه وفصل كنيسة الانكليكانية من كنيسة الكاثوليكية في روما في نفس الفترة تقريبا.

بعد مارتن لوثر اصبحت ظاهرة الانقسام مرض غير عادي اصاب جسد الكنيسة،  بحيث وصلت اليوم الى اكثر من ثلاثمائة كنيسة مختلفة، بعضها صغيرة لا يتعدى عددها بضعة الالاف.

بالنسبة الكنيسة الشرقية التي تبنت المذهب النسطوري تحت دعم وضغط الفرس بسبب الحروب والصراعات الكبيرة  بين الامبراطوريتين الرومانية والفارسية كان صراعها مع المذهب المونوفيزي فقط لفترة طويلة.
في الدولة الرومانية نفسها حثت انقسامات بسبب عدم الاتفاق على المباديء الاساسية في قانون الايمان و خميرة هذه الانقسامات المذهبية وافكارها اللاهوتية  وصلت الى الشرق لذلك نتجت عنها هذا العدد كبير من الكنائس في الشرق ففي العراق وحده يوجد اكثر من اثني عشرة كنيسة. 
سؤال يطرح نفسه  في هذه الايام لكل مسؤولي هذا الشعب والاكليروس، في هذه الظروف العصيبة والاخطار الكبيرة التي تهدد شعبنا بكافة تسمياتهم بسبب الظروف السياسية التي تمر فيها المنطقة
 ماهي الاسباب الحقيقة وراء هذا الانقسام؟
 ماذا نتوقع من الكنيسة الجديدة؟ 
 وهل كنا فعلا بحاجة الى انقسام جديد بين كنائسنا؟
 لماذا لم تنجح محاولات الوحدة لاسيما الاخيرة في نهاية قرن الماضي؟
هي سيصبح مار باول سورو مطران الكنيسة ورئيس الكنيسة الجديدة فعلا خميرة لارجاع روح الوحدة والاتفاق والشعور بالمسؤولية والتنازل عن الرغبة الذاتية لصالح كنيسة المسيح الواحدة ام  ستكون كنيسته بداية النهاية لكنائس الشرقية؟
وهل سيصبح مار باول سورو مارتن لوثر كينك يدافع عن الحقيقة ام سيتلاشى حلم الوحدة من فكر الجميع؟
املا ان تكون لهذه الكنيسة وغيرها اجوبة واضحة في قرارة نفسها لهذه الاسئلة.

فاملنا ان تكون ولادة هذه الجماعة سببا لاعادة المسيحيين الى تعالم الكتاب المقدس وتطبيقها بحسب البساطة التي خاطب فيها يسوع المسيح موعظيه بها، ان يتخلى انساننا المسيحي من القوة التي تجرفه عن السير وراء مبادىء المحبة والرجاء والايمان.

املنا ان لاتكون هذه الخطوة عملية انتقامية بين الاكليروس وتصفية الحسابات بل سراجا ساطعا في وسط ظلام يقود الانسان المسيحي الشرقي نحو تعاليم المسيح و حماية ايمانه وطقسه ولغته وتراثه وهويته الشرقية ومثالا صالحا بعيدا عن روح الغرور والتسلط والانتقام .

املنا ان تصبح هذه الجماعة سببا لتلاقي الايادي والقلوب والرغبة والارادة الصافية بين رؤساء الكنائس الشرقية لاعادة اللحمة بين شعب الله المؤمن الممزق في هذه المنطقة والتي تأتيه الضربات من كل الجهات وشعبه يعاني من شتى الويلات .
   




ملاحظة:
نحن لا نوجه اللوم لاي جهة كأن تكون هي السبب الاول للانقسام وانما نطرح الموضوع بشكله موضوعي، لاننا نرى ان مصير المسيحية في الشرق وخاصة في العراق متعلق بوحدتها كما قلنا في مقال سابق ( تحديات امام الكنائس الشرقية)

مارتن لوثر كينك:
البطل الاسطوري للافارقة حيث قاد عصيان مدني و حملات التظاهر من اجل تساوي الحقوق بين البيض والسود في امريكا بطريقة مسالمة واستشهد في بداية الستينيات من القرن الماضي .