المحرر موضوع: إخوتي وأخواتي الكلدان: آن الأوان لمراجعة ومحاسبة النفس (1)  (زيارة 4167 مرات)

0 الأعضاء و 1 ضيف يشاهدون هذا الموضوع.

غير متصل ليون برخو

  • عضو مميز جدا
  • *****
  • مشاركة: 2141
    • مشاهدة الملف الشخصي
    • البريد الالكتروني
إخوتي وأخواتي الكلدان: آن الأوان لمراجعة ومحاسبة النفس (1)
ليون برخو
جامعة يونشوبنك
السويد

leon.barkho@ihh.hj.se

منذ ظهور نتائج الإنتخابات لم ينقطع سيل الكتابة عن الأسباب التي أدت إلى إضمحلال دورنا ككلدان في الحياة السياسية لشعبنا بتسمياته المختلفة. ولقد شارك في تحليل هذه الظاهرة المؤلمة زملائي من الكتاب الكلدان بإختلاف وجهات نظرهم ومواقفهم السياسية.

ولأنني واحد منهم رأيت انه لا بد وان ادلو بدلوي. ولا أخفي قرائي سرا أنني على إتصال مع الكثير من الأقلام الكلدانية لاسيما الشابة منها. وأزيد قرائي علما أنني وعدت مساعدة بعضهم أكاديميا، إن أمكن. وكي لا أبدو "عنصريا او متعصبا" – هذه من أبغض الصفات لدي – فإن الوعد سيشمل كل ابناء شعبنا بتسمياته المختلفة إن مكننا الله في مسعانا وموقعنا الجديد في الإعلام في السويد.

وقبل الخوص في تفاصيل التحليل الذي سأقدمه على حلقتين حول وضعنا السياسي ككلدان، اود التأكيد في إستهلال هذه المقالة إن إعتزازي بكلدانيتي ليس مثار نقاش ولكن أقول أنني جزء لا يتجزأ ومكون لا ينفصم، تاريخا ولغة وثقافة وإثنية، عن مكونات شعبنا الأخرى بتسمياتها المختلفة. إرثنا التاريخي والثقافي واللغوي والكنسي والطقسي واحد.

موقفي الوحدوي لا ينطلق من المجهول. إنه نابع من قناعتي كعالم وأكاديمي مع كل تقديري وأحترامي للأخوة القوميين لا بل المتعصبين من الكلدان والأشوريين.

الكنيسة والقومية

كُتب الكثير عن هذا الموضوع وأخيرا تدخلت الكنيسة الكلدانية في هذا الشأن، جريا وراء التقليعة الجديدة حيث جرى حتي تغيير اسماء الكنائس قبل عقود قليلة. لن أدخل في موضوع التسمية لأنه أصبح مملا وباهتا ولكنني كمختص أقول أن أكبر خطيئةُ أُقترفت وتُقترف بحق كنيستنا المشرقية – إسمها الحقييقي كنيسة المشرق او كنيسة فارس _ هو تحريف وتشويه تسميتها وتحويرها من "عيتا شليحيتا قاثوليقي" – كنيسة رسولية جامعة – إلى كنيسة "قومية وعنصرية". لا أظن ان الله واباء الكنيسة من الشهداء والقديسين والملافنة سيغفرون لنا ذلك.

لماذا فشلنا سياسيا

لنعترف بالحقيقة نحن الكلدان ولنجمع شجاعتنا ونقول أننا في أزمة حقيقية. لقد حان الوقت لمراجعة ومحاسبة النفس. ولكن كيف نقوم بهذه المراجعة والمحاسبة، هذا  هدف قد نختلف في كيفية الوصول إليه. وكي أضع بعض النقاط على حروف فشلنا سياسيا، أضع امام أحبتي الكلدان لا سيما زملائي الكتاب منهم بعض الحقائق التي من وجهة نظري تعد من الأسباب الرئسة لهذا الإخفاق وإن لم نتداركها فإن الإخفاق سيستمر ومنحنى الفشل سيرافقنا في المستقبل.

وكي أبرهن على ذلك سأتبع منهجا علميا يستند على المقاربة والمقارنة. وأطلب من كل الكلدان، لا سيما القوميين منهم، أخذها بعين الإعتبار إن كانوا كما يدّعون انهم يحبون كلدانيتهم وأن تشبثهم بقومية منفصلة نابع من الحرص والإخلاص والصدق وليس لغاية في نفس يعقوب.

ما بين كردي قومي وكلداني قومي

ولنجر الأن مقاربة بين كردي قومي وكلداني قومي. وليؤشر كل وحد منا نحن الكلدان بإشارة صح او خطأ على كل نقطة من النقاط العشرة التي سأذكرها وعلى ضؤها يحدد موقفه:

1. الكردي القومي حارب بهمة ونشاط كل محاولات التعريب على حساب لغته القومية وأستطاع بعد سقوط النظام السابق محو كل أثار الإنتقاص من هذه اللغة. أطلب من نفسي ككلداني اولا ومن ثم كافة إخوتي الكلدان ان نقول صراحة إن كنا قد فعلنا أي شيء من أجل إعلاء شأن لغتنا القومية السريانية – سمها ما شأت هذا لا يغير في الأمر شيئا.

2. الكردي القومي يتقاتل على كل شبر من الأرض يعتقد انه يعود له ولا يسمح ولا يغفر كائن من كان إن تخلى عن إرثه الحضاري واللغوي والثقافي على حساب قوميته لا بل يحاربه وإن كان كرديا. هل ذكرّنا أنفسنا وحاسبناها على كل ما تخلينا عنه من إرثنا اللغوي والثقافي وفضلنا عليه الأجنبي الدخيل.

3. الكردي القومي لا ينسى أبدا منطقة جغرافية إمتدت إليها جذوره اللغوية والثقافية ويتصارع من أجلها ويدين كل من تخلى عنها إن كان بإسم الدين او غيره. من منا الكلدان، القومييون وغيرهم، له الشجاعة في إدانة سلخ أربعة ملايين كلداني هندي عن أمهم الكنيسة وتراثها الطقسي واللغوي والكنسي والثقافي؟ نحن الكلدن نتحدث كثيرا عن أكيتو ولكننا نخشى الدخول في أمور قضمت ظهرنا مثل خسارة الهند. الكلداني الذي لا يدين هذه النكبة بأقس عبارات الإدانة و لا يطالب بتحقيق شفاف ومستقل لإماطة اللثام عنها ومعاقبة لا بل إحالة المسؤولين عنها إلى المحاكم، يكذب عندما يقول أنه كلداني أصيل او كلداني قومي.

4. الكردي القومي لن يقبل ولن يسمح لأي رجل دين مسلم كردي ان يلقي خطبته بالعربية او أي لغة أخرى غير اللغة القومية.  أين نحن من ذلك؟ حتى في المهجر نفضل لغات غير لغتنا القومية.

5. الكردي القومي يحث اولاده وأقرباءه على الإنضمام إلى المدارس التي تكون اللغة الكردية لغة التعليم فيها. كم منا نحن الكلدان نفعل ذلك؟ وكم منا نحن الكلدان يقاوم ذلك؟

6. الكردي القومي يعرف عن تاريخه الكتابي ويتشبث به. يحفظ للشعراء والكتاب والمؤلفين والقادة الأكراد. أما نحن فقفزنا فوق تاريخنا الكتابي وخيرنا لا يحفظ بيتا واحدا لشاعر من شعرائنا ولا يعرف عن كاتب او مؤلف من ادبنا السرياني. ولأننا لا نعرف ذلك او لا نريد ان نعرف قفزنا فوق التاريخ وأصبحنا على الهامش.

7. الكردي القومي يحتفي برموزه التي تركت بصمات واضحة على مسيرته التاريخية من مؤرخين ومؤلفين وغيرهم ولا يمكن ان يقبل أن تكون للأجنبي حصة على حساب كرديته. اما نحن فنعرف الكثير الكثيرعن رموز وأشخاص لا يمتون بأي صلة إلى تاريخنا وحضارتنا وثقافتنا ونسينا او تناسينا ما هو لنا.

8. الكردي القومي يستخدم لغته القومية في كل المراسلات ويفضلها على أية لغة أخرى إن في الجوامع او في المدارس او في الأماكن العامة او في المنشورات والمطبوعات وغيرها. اليوم قلما تعثر على كلداني يتقن اللغة القومية وسنكونوا محظوظين إن رأينا كلمة او كلمتين بالسريانية في كنائسنا او نوادينا او روزناماتنا وغيرها.

9. الكردي القومي يرفض تعليم او تدريس الأناشيد والتراتيل بلغة غير لغته القومية. نحن الكلدان غادرنا تقريبا تراثنا الإنشادي والموسيقي الذي لا مثيل له في أصالته في العالم وأستبدلناه بأناشيد نجمعها من كل حدب وصوب كل حسب هواه وغالبا ما نقبل ترتيلها بأي لغة عدا لغتنا القومية.

10. الكردي القومي يرفض التقوقع والإنغلاق. يفرح جدا عندما يتعلم كلداني اللغة الكردية ويكتب ويتحدث بها. يتواصل بجدية مع كل الأكراد لأن كرديته تأتي قبل مذهبه ودينه وحزبه وإيديولوجيته. نحن الكلدان أضعنا الكثير بتقوقعنا. البعض منا، لجهله وليس لعلمه، صار يحارب اللغة السريانية لأنه يعتقد إنها ليست لغته لأن الأشوريين يدرسونها ويتحدثون بها. الكردي القومي من بهدينان والكردي القومي من سوران لا يفعل ذلك. اللغة الكردية لها لهجات كثيرة ولكنها واحدة. اللغة السريانية بالنسبة للقومي الكلداني والأشوري ليست لغة واحدة. يتصورون زورا ان اللهجات السريانية لغات قائمة بذاتها. وهذه كارثة علمية يريد الجهلاء منا إدخالها في عقولنا.
 
الإختبار

هذا إختبار كان علينا القيام به أفرادا ومنظمات قبل الإنتخابات. كلما زاد تقرب شخص او منظمة من النقاط التي يحترمها القومي الكردي والتي أعتبرها أساسية إزداد تقربه من قوميته. وكلما بعد شخص او منظمة عنها بعد عن قوميته.

وفي رأي فإن الكلداني الأصيل او الأشوري الأصيل او السرياني الأصيل يجب أن يحدد موقفه السسياسي والقومي على ضوء هذه النقاط الأساسية.

وأنا ككلداني سأمنح صوتي إلى كل من يحرز درجات أعلى في ضوء النقاط أعلاه إن كان كلدانيا او أشوريا او سريانيا. لماذا؟ سأشرح الأسباب في الجزء الثاني من المقال.
وإلى اللقاء