بسم الآب والابن وروح القدس الاله الواحد آمين
* - شرح رموز عيد العنصرة ( حلول الروح القدس ) .
العنصرة تعني التجمع والوحدة ، وكان شعب العهد القديم يحتفل في هذا العيد خمسين يوم بعد عيد الفصح اليهودي وكان يسمى عيد الاسابيع او عيد الخمسين ( البنتوكستي ) كلمة يونانية تعني خمسين يومآ. ذكرى استلام موسى الوصايا في جبل سيناء بعد خمسين يومآ من الفصح ( خروج 19 :1 ) وكانو يحيون فيه تذكار عمود النار الذي قادهم في البرية . وتذكار الماء الذي خرج من الصخرة على يد موسى .
عشرة ايام كاملة هي بين الصعود والعنصرة لم يبرح التلاميذ أورشليم تنفيذآ لوصية ربنا يسوع المسيح حينما قال لهم ( وها أنا أرسل لكم ما وعد به أبي فاقيموا في مدينة أورشليم الى أن تلبسوا قوة من الأعالي ) لوقا 24 :
* - ولما جاء اليوم الخمسون ، كان الاخوة مجتمعين معآ في مكان واحد ، وفجأة حدث صوت من السماء كأنه دويّ ريح عاصفة ، فملأ البيت الذي كانوا جالسين فيه .
( أعمال 2 : 1 - 2 ) .
1 - كان عيد العنصرة أو اليوم الخمسون ، بعد الفصح ، يعرف أيضآ بعيد الأسابيع أو عيد الحصاد . وهو أحد ألأعياد السنوية الثلاثة الكبرى عند اليهود ( لا 23 : 16 ) . قصد به أن يكون احتفال شكر على حصاد المحاصيل . وكان الرب يسوع قد صلب في الفصح وصعد الى السموات بعد أربعين يومآ ، وقد حلّ الروح القدس على التلاميذ بعد خمسين يومآ من الصلب أي بعد عشرة أيام من صعود السيد المسيح الى السموات .
2 - وكان اليهود من مختلف البلدان يجتمعون في أورشليم للأحتفال معآ بهذا العيد .
3 - وهكذا كان بطرس الرسول يلقي كلمته في محفل دولي وعلى مسامع جماهير من مختلف شعوب العالم وأدى ذلك الى حصاد عالمي واسع الانتشار للمؤمنين الجدد ، أول من آمنوا بالمسيحية .
* - ثمّ ظهرت لهم ألسنة كأنّها من نار، وقد توزّعت وحلت على كلّ واحد منهم .
( أعمال 2 : 3 ) .
آ - كان ذلك تتميآ لكلمات يوحنا المعمدان ( لوقا 3 : 16 ) عن معمودية الروح القدس بالنار .
ب - يتمم نبوة يوئيل عن انسكاب الروح القدس ( يوئيل 2 : 28 ، 29 ) . لماذا " ألسنة من نار ؟ الألسنة ترمز الى الحدث ، وتوصيل الانجيل .
ج - بينما ترمز النار الى وجودالله المطهر لحياتنا ، والذي يحرق كل العناصر غير المرغوب فيها في حياتنا مشعلآ قلوبنا بمحبة الآخرين .
د - على جبل سيناء أكد الله على صدق وصلاحية شريعة العهد القديم بنار من السماء ( خروج 19 : 16 – 18 ) .
ر - وفي يوم الخمسين أكد اله على صدق وصلاحية خدمة الروح القدس بألسنة النار .
ز - وعلى جبل سيناء نزلت النار من السماء على موضع واحد .
س - أما في اليوم الخمسين فنزلت ألسنة النار على مؤمنين كثيرين ، رمزآ الى أن حضور الله في حياة الانسان صار متاحآ لكل من يؤمن به .
* - فأمتلأوا جميعآ من ألرّوح ألقدس ، وأخذوا يتكلّمون بلغات أخرى ، مثلما منحهم الروح أن ينطقوا. ( أعمال 2 : 4 ) .
آ - لقد أعلن الله عن وجوده لجماعة المؤمنين بصورة منضورة مذهلة ، شملت دوي الريح العاصفة ، والسنة النار ، وحلول الروح القدس .
ب - ففي القديم طلب ايليا رسالة من الله ( 1 مل 19 :11 ، 12 ) . فحدثت ريح عظيمة شديدة ، ومن بعد الريح زلزلة ، وبعد الزلزلة نار . بعد النار صوت منخفض خفيف ، جاءت من خلال رسالة الله الى ايليا .
ج - تكلم الناس فعلآ بلغات مختلفة وهذا أسلوب معجزي ملفت بالنسبة للجماهير المحتشدة في العيد .
د - وقد سمعت كل جماعة تمثل لغة معينة حديثآ بلغتها الخاصة .
ر - الا أن ما جذب انتباه الناس أكثر من هذه الصورة الاعجازية في مخاطبة كل جماعة بلغتها ، هو أن الناس عاينوا حلول الروح القدس وأدركوا قوته .
ز - واستمر الرسل في الخدمة بقوة الروح القدس أينما ذهبوا .
س - تود أن يعلن الله لك ذاته بمثل هذه الطرق المحسوسة ؟ قد يفعل الله ذلك ، ولكن احترس من أن تفرض على الله توقعاتك ورغباتك . قد يعمل الله في حياتك بطرق وأحداث قوية ، أو قد يتحدث اليك بهمس هاديء . انتظر واصبر مصغيآ دائمأ .
* - وأستولت الدهشة عليهم . فأخذوا يتساءلون : (( أليس هؤلاء ألمتكلّمون جميعآ من أهل الجليل ؟ فكيف يسمع كلّ واحد منّا لغة ألبلد الّذي ولد فيه ؟ )).(أع 2 : 7 ، 8 ) .
1 - ليست المسيحية مقصورة على جنس دون آخر أو جماعة من الناس دون أخرى .
2 - فالمسيح يقدم الخلاص لكل انسان بغضّ النظر عن جنسيته أو هويته .
3 - لقد تعجب زائروا اورشليم حين سمعوا الرسل يتحدثون بلغة كل منهم ، وما كان لهم أن يندهشوا .
4 - فان الله يصنع كل المعجزات لنشر الانجيل ، مستخدمآ اللغات المتعددة في دعوة لكل البشر لاتباعه .
5 - فمهما كان جنسك أو هويتك أو لونك أو لغتك أو أنتمائك أو وطنك ، فأن الله يخاطبك . فهل تصغي اليه ؟ .
* - فوقف بطرس مع الرّسل آلأحد عشر ، وخاطب الحاضرين بصوت عال، وقال:
(( ايها اليهود ، ويا جميع المقيمين في أورشليم ! أصغوا الى كلامي لتعلموا
حقيقة الأمر ! )) . ( أع 2 : 14 ) .
آ - كان الرسول بطرس خلال خدمة الرب يسوع ، قائدآ متزعزعآ ، يقوده تظاهرة بالشجاعة الى السقوط . بل وانكار معرفة يسوع ( يوحنا 18 : 15 – 18 ، 25 – 27 ).
الا أن المسيح غفر له وردّه اليه .
ب - ونرى هنا بطرس آخر ، نراه متضعآ لكنه شجاع . وقد اكتسب بطرس هذه الثقة والجسارة من الروح القدس الذي جعل منه متحدثآ مقنعآ قويآ .
ج - فهل أحسست يومآ أنك ارتكبت من ألأخطاء والخطايا ما تظن أن الله لن يغفر لك ، وبالتالي أنه لن يستخدمك في حقله ؟ ثق أنه مهما كانت خطاياك التي ارتكبتها ، فقد وعد الله بأن يغفرها ، وأن يجعل منك شخصآ نافعآ لملكوته .
د - وما عليك سوى أن تترك له الفرصة ليغفر لك ، ويوظفك في خدمته بصورة فعالة .ّ
* - فقال لهم بطرس اذ رأى ذلك : (( يا بني اسرائيل ، لماذا تتعجبون ممّا حدث ،
ولماذا تحدّقون الينا كأنّنا بقدرتنا أو بتقوانا جعلنا هذا الرّجل يمشي .(أع :3 12 ).
كان هناك أناس يعاينون ما حدث ، فاقتنص الرسول بطرس الفرصة ليقدم لهم يسوع المسيح ، مقدمآ لهم رسالته بوضوح ومبيّنآ :-
(1) - من هو يسوع المسيح .
(2) - وكيف أنهم رفضوه .
(3) - ولماذا كان رفضهم له مميتآ .
(4) - وما يلزم عمله حتى يغيّروا وضعهم الراهن .
(5) - وأخبرهم بأنه مازالت أمامهم فرصة الاختيار ، فمازال الله يقدم لهم الفرصة
للأيمان ، ولقبول يسوع مسيحآ وربآ لهم .
(6) - ان اظهار رحمة الله ونعمته ، مثلما حدث في شفاء الكسيح ، كثيرآ ما توجد
الفرص للتعليم فصلّ الى الله ليعطيك شجاعة بطرس عندما ترى الفرصة
المناسبة للكلام عن المسيح .
* - فجادلهم بولس وبرنابا جدالآ عنيفآ . وبعد المناقشة قرّر مؤمنو أنطاكية أن يذهب
بولس وبرنابا مع بعض المؤمنين ليقابلوا الرّسل والشيوخ في أورشليم ، ويبحثوا
معهم في هذه القضيّة . ( اعمال 15 : 2 ، 3 ) .
من المفيد أن نتأمل كيف وصلت كنائس أورشليم وأنطاكية الى حل لهذا الصراع :-
(1) - لقد أرسلت كل كنيسة مندوبين عنها لبحث ايجاد الحل .
(2) - قدم المندوبون تقاريرهم لرؤساء الكنيسة ، ووحدوا موعدآ لمواصلة النقاش .
(3) - قدم بولس وبرنابا رأيهما .
(4) - لخصّ يعقوب الآراء واتخذ القرار .
(5) - التزم كل انسان بذلك القرار .
(6) - أرسل المجمع رسالة بقراراته بيد مندوبين الى كنيسة أنطاكية . وتعتبر هذه
طريقة حكيمة في تناول الصراعات داخل الكنيسة ، فلابد مواجهة المشاكل كما
أنه لابد أن تسمع جميع الأطراف المشتركة في الجدل . وينبغي أن تجري
المناقشة أمام القادة الناضجين روحيآ والموثوق في قراراتهم الحكيمة .
(7) - وبعد ذلك يجب على كل أنسان لأن يلتزم بما يصدر من قرارات .
* - أجابهم بطرس : (( توبوا ، وليتعمّد كلّ واحد منكم بأسم يسوع المسيح ، فيغفر الله
خطاياكم وتنالوا هبة الروح القدس . لأن الوعد هو لكم ولأولادكم وللبعيدين
جميعآ ، يناله كلّ من يدعوه الرّب الهنا ! )). ( أع 2 : 38 ، 39 ) .
أن أردت أن تنال الخلاص فلابد أن تترك الخطية محولآ اتجاه حياتك عن الأنانية وعصيان شرائع الله . وفي نفس الوقت لابد أن تتوجه الى المسيح متكلآ
عليه لتنال الغفران والرحمة والارشاد والهدف لحياتك . فنحن لا نقدر أن نخلّص أنفسنا بأنفسنا . وليس سوى الله يقدر أن يخلصنا . وتبين المعمودية اتحاد الانسان
المتعمد بالمسيح ، وبجماعة المؤمنين .
* - ختامآ :
الروح القدس يرشد ويعّلم ويذكر قول الرب يسوع " وأما متى جاء ذلك روح
الحق فهو يرشدكم الى جميع الحق . ذلك يمجدني لأنه يأخذ مما لي ويخبركم " ( يوحنا 14 : 26 ). [/color]
وحينما يعمل الروح القدس في نفس الانسان تنمو وتزدهر وتأتي بثمار روحانية
كثيرة كما قال مار بولس الرسول في رسالته الى كنيسة غلاطية : " وأما ثمر
الروح فهو محبة ، فرح ، سلام ، طول أناة ، لطف ، صلاح ، ايمان ،
وداعة ، تعفف ".
اعداد الشماس
بطرس داود السناطي
المصادر:-
محاضرات قديمة – معهد سنتر اللاهوتي – بغداد.
محاضرات المرحوم الاب عبد السلام حلو .
التفسير التطبيقي للكتاب المقدس .