المحرر موضوع: عمكا  (زيارة 2780 مرات)

0 الأعضاء و 1 ضيف يشاهدون هذا الموضوع.

غير متصل Ibrahim Golan

  • عضو فعال
  • **
  • مشاركة: 38
    • مشاهدة الملف الشخصي
    • البريد الالكتروني
عمكا
« في: 21:51 07/10/2013 »


عمكا


 ابراهيم كولان

هي رواية وليست رواية، لكنك حين تنتهي من قراءتها، تتمنى وتقول هكذا يجب ان تكون الرواية، خاصة اذا كانت تتعرض لشعب أصيل يتم أرشفته حيا قبل انقراضه.....
مليئة بالحشو والزائد من الكلام، إلا انها تسحرك، وتحتم عليك ان تقرا كل سطر منها...
سرد يسير خافتا متموجا تارة ورتيبا أخرى، لكن نسغا من التشويق يتصاعد من بين الأسطر تتحسسه وكأنه يتصاعد من الأعماق الى الأعماق، هي كامنة خلف تنانير خربة، وخربشات من ذاكرة الطفولة وحكايات الجد والجدة، والدروب المندثرة بين الأمكنة والأزقة والطواحين القديمة، الا انها مرثية مدينة لا تشبه كل المدن، وأرشيفا يوثق شعبا ماضيه بحاضره......
سمها ما شئت، تاريخ، شهادات، ميثولوجيا، أساطير، مذكرات، ذكريات، يوميات مدينة، أما رواية!.....؟...؟.... الا انها تتوهج بين يديك صفحات رواية تظل تروي وتروي... وتروي....
فصولا كجزر متباعدة، تقحمها حكايات وأساطير على غير موعد، وتضخ لها فصولا من الكتاب المقدس شهودا (لا اعلم هل تريد ان تزيدك إيمانا، ام انها  تريد ان تحلف وتقسم بأغلظ الأيمان – وهنا تبدو غير واثقة من نفسها لتثبت صحة خصوصياتها-) ان هذه الأزقة وهذه الأقدام التي تسير عليها تنتمي الى عهود سحيقة غابرة...
لكنها تظل تصرخ بوجه الآخرين بطريقة تسييسها مناجاة البيوت، وهمس الساحات، ونواح المباني، لترفع راية مرثية مدينة ترويها للرائح والغادي... ترى هل تريد ان تقحمك في -سياسة روائية-؟.....
رواية تحمل عبق المكان، وعمق الألفة، بين أصوات تصرخ وهي تتصاعد مع أبخرة الدعاءات لنفوس ساكنة تحت الأرض وفوقها، لتستنزف عبراتك تلك الأرواح الهائمة التي تشبثت بهذه الأرض، ولم تغادرها حتى الى الخلود، فترينا كم كانت جذور هؤلاء الذين حملوا الم الأرض وآلام الإنسانية كلها راسخة ومتشبثة أسنانهم بها، رغم كل الأعاصير والعواصف أينما حلت بهم....
أخيرا أتساءل، أهي رواية تجريبية؟ ام هي فاتحة طريق جديد لرواية ما بعد الحداثة؟... ام يا ترى سيمر الروائيون من جنبها مرور الكرام ليلقوا التحية اليها باحترام ويعبروا.....
لكنها تبقى جهدا كبيرا شاقا وإبداعا متميزا، يسجل للروائي سعدي المالح، وبصمة تكفيه خلودا......