المحرر موضوع: عوامل الهجرة من أقطار العالم الثالث ووسائل معالجتها  (زيارة 605 مرات)

0 الأعضاء و 1 ضيف يشاهدون هذا الموضوع.

غير متصل يعقوب أفرام منصور

  • عضو فعال جدا
  • ***
  • مشاركة: 91
    • مشاهدة الملف الشخصي
    • البريد الالكتروني
عوامل الهجرة من أقطار العالم الثالث
ووسائل معالجتها
                                             
يعقوب أفرام منصور
     هناك فجوة حضارية بين "التقدم" و "التخلّف"، آخذة في الإتساع والتعمّق من يوم لآخر، وموقف الولايات المتحدة الأمريكية والدول الدائرة في فلكها ، حيآل قضية التنمية في دول العالم الثالث، هو من أخطر العوامل المؤدّية إلى اتساع تلك الفجوة.
     يبدو الآن جليًا للمتأمل كما لو ان النوع الإنساني قد أضحى نوعين متميّزين من وجهة النظر الأمريكية ـ الغربية ، هما : نوع (الذين يملكون) ونوع (الذين لا يملكون). ولا يُفهم من هذا التصنيف النظري/ السياسي/ الإقتصادي قيامه على أساس من ئراء الدوَل، بل على أساس الإنتماء إلى " منتدى" أو " تجمّع" القرن الحادي والعشرين ـ  " منتدى البقاء" كما يراه واضعو الإستراتيجية الأمريكيةـ الغربية.
     وليس في هذا غموض أو ريب. فالوثبة الحضارية المقبلة إلى الفضاء وعالم القرن الحادي والعشرين تتطلّب تركيز وتجميع الموارد البشرية والطبيعية في العالم الثالث. وما عملية " إستنزاف العقول والمهارات " التي تقوم بها أمريكا والدوَل الغربية السائرة في محورها تحت إسم  "الهجرة" غير عملية يُراد بها تحقيق تلك الوثبة، ومرحلة من مراحل ذلك (التجميع الإستراتيجي.) . إذ هي مرحلة استخلاص كافة العناصر البشرية من علماء ومتخصصين وفنيين وأثرياء مؤهّلين للإسهام في المسعى الكبير نحو إنجاز ذلك الإقتحام ـ الوشيك جدًا ـ لعالم الغد. وهي عملية ذكيّة ( برغم أنانيتها وأذاها)، لأن إعداد تلك الكوادر المتخصصة المتميّزة المؤهّلة، يُكبّد الأقطار التي ينزحون منها تكاليف غير قليلة بسبب حرمانها منهم، في حين هذه العملية لا تُحمّل الأقطار التي تستقبلهم  وتستوعبهم  إلاّ شيئا يسيرًا خلال فترة وجيزة لتدريبهم مجددًا وتوجيههم ـ كما يقتضي ـ لإحتياجات المستقبل، وبذلك تُحقق تلك الأقطار الغربية غرضين، أولهما : إعاقة التنمية في الدول التي تستنزف عقولها وطاقاتها البشرية المصنّفة بشكل متواصل متصاعد، وثانيهما : إنقاذ تلك الكوادر البشرية المتفوّقة المتميّزة من المصير الذي يتراءى بأنه ينتظر شعوب العالم الثالث ( في تصوّر أمريكا والغرب وتصوّر النازحين والمهاجرين).
       أما الموارد الطبيعية، فلا بدّ من  استغلالها موضعيًا أو نقلها بوسائط النقل المعلومة، وهي موارد لابدّ من التوصّل إلى استخدامها الأمثل حتى يكتمل تجميع موارد العالم الثالث كله أو معظمه، بغية توجيهها نحو إنجاز الوثبة الحضارية المخطَط لها.  وتحقيق ذلك لا يخلو من مشاكل بسبب مواجهة معضلات تنجم عن بروز تيارات مناهِضة: : كالتحرر الوطني، واليقظة القومية، وإرادة بعض الشعوب في أن تمسك بيدها زمام أمورها. ونظير هذه التيارات لا يقتصر على أقطار العالم  الثالث، بل يشمل بعض الدول الأوربية والشرقية، نظير وقفة الرئيس الفرنسي الراحل ( شارل ديغول) حيال الإجتياح لأمريكي، ووقفة اليابان  وبعض دول المجموعة الأوربية حيال الهيمنة الأمريكية خلال الأعوام الي سبقت  وتلت الحرب على العراق في عام 2003. بيدَ أن هذا التيار في آسيا وأفريقيا يشكّل تهديدًا لمصالح ومخططات أمريكا التي لا حدود لأطماعها، ، جنبًا إلى جنب مع الأطماع الصهيونية الشّرِهة في التوسّع والإستغلال والتغلغل. ومن هنا نشأت الكوارث والحروب والإتقلابات التي توالت على أقطار هاتين القارتين خلال العقود الخمسة الأخيرة، وهذه عوامل خفيّة ـ نوعًا ما ـ أدّت إلى خلق أجواء وأحوال قلقة تُحفّز على الهجرة.
      غيرَ أنّ هناك عوامل بادية للعيان تؤدّي إلى هجرة الناس من أوطانهم إلى أمريكا خصوصًا وإلى أقطار غربية أخرى : إنكلترا وأوستراليا ونيوزيلندة والسويد وفنلندة وهولندة؛ وأهم هذه العوامل ناتجة من عدم إستتباب الأوضاع السياسية والإقتصادية إستتبابًا كافيًا في الأقطار التي تتدفّق منها موجات الهجرة بسبب بعض الإضطرابات الداخلية التي تُدبّرها الدوَل الإمبريالية، او التي تحدث بسبب الصراعات المذهبية والإيديولوجيّة :ـ
1 ـ تقلّص موارد الرزق  وسبل العمل من جرّاء عدم الإستقرار الإقتصادي أو السياسي.
2 ـ عدم شيوع الحريات العامة بشكلٍ وافٍ كحرية الرأي والكلام والنشر، وممارسة الحقوق الثقافية للأقليات.
3 ـ عدم إشاعة الحريات الديموقراطية بشكل وافٍ كحرية الأحزاب والعقيدة والإنتماء.
4 ـ ظهور تيارات تعصّبية مذهبية أو طائفية تحمل بعض المواطنين على النزوح خوفّا من الترويع والإرهاب والمضايقات التي ترافق هذه التيارات التعصّبية.
5 ـ عدم رعاية الدولة للقابليات والكفايات رعاية  وافية تحمل ذويها على ملازمة أوطانهم لخدمتها وتطوير مؤهّلاتهم واستثمارها لخير المجموع.
6 ـ الخدمة العسكرية الإلزامية الطويلة الأمد المفروضة في بعض الأقطار على خرّيجي الدراسة الإعدادية والجامعية فور تخّرجهم، مما يسبب لهم نقلة نوعية شديدة التباين في نمط العيش، وعدم تطبيقهم ما تعلّموه في انتقالهم إلى واقعهم العملي الجديد، وعدم انتفاعهم من دروسهم وتثقيفهم  وتدريبهم المِهَني إلاّ بعد مدّة ليست قصيرة، فيكونون آنذاك قد نسوا أهم القواعد العملية والنظرية لدراساتهم وتدريباتهم، وربما  يكونون قد أُصيبوا بشيء من الإحباط وعدم الرضا، فيفضّلون أن يُجرّبوا حظوظهم خارج أوطانهم، فور إتمامهم بعض مراحلهم الدراسية في ميادين العمل الحر المتاحة، أو أن يواصلوا  دراستهم العالية في أقطار أجنبية إرضاءً لطموحاتهم، وحبًا للإطلاع على ما في الغرب من مزايا وحرّيات ومجالات، حتى إنّ بعضهم يفضّل المكوث هناك، والإقتران بأجنبيات، مدفوعين إلى ذلك ـ  خصوصًا إذا كانوا ضعيفي الإرتباط بتربة الوطن ـ بعوامل الإنبهار بمظاهر الحياة الغربية ومزاياها،  وبالترحيب الذي يلقونه مع غيرهم من ذوي القابليات والكفايات) على استيعابهم وتوفير وسائل العمل والسكَن والإستقرار لهم..
     أما وسائل معالجة هذه الظاهرة المؤسفة الضارّة بأقطار العالم الثالث، النافعة لأعداء شعوبه، فهي تهيئة ألمضادّات التي تُزيل أو تقلّص كثيرًا من الأسباب الآنف ذكرها، فهي ـ كظاهرة مرضية قد تتفاقم ـ لا تزول أو تُعالَج إلا عن طريق التزوّد ب " العقاقير" الناجعة، وتحصين الأجسام ب " المناعات " المعروفة، واتّباع المشورات ب " الوصايا " الصائبة !