متي اسو
القوميون... حملة مسعورة لإفشال التضامن المسيحي .
نُجابه اية مطالبة او اقتراح لتشكيل تجمّع سياسي موحد لمسيحيي العراق بحملات مسعورة ومقصودة لافشاله ...
الحملات المسعورة هذه لا تأتي من الاسلام السياسي ، او من اولئك المتربّصين الذين يحيطون ببلداتنا المسيحية بانتضار الفرصة السانحة للانقضاض على ما تبقّى من المسيحية في العراق .... هناك في الوسط المسيحي من يقوم بهذه المهمة خير قيام ...
الحملات المسعورة هذه لا تمولها السعودية او قطر ، ولا تجيّش لها تركيا او ايران ... هناك من هو محسوب على المسيحية يوّفر لهم هذا العناء ...
ليس من باب المصادفة ان تستعر هذه الحملات مرة واحدة ضد اية شخصية تحاول طرح اقتراحا بايجاد تجمع سياسي موحد للمسيحيين ...
نكون قد ارتكبنا خطئاً قاتلا اذا قلّلنا من اهمية وخطورة هذه الحملات ، لانها ليست عشوائية وبسيطة كما يبدو للبعض ... يجب ان نعترف بحنكة ادارتها ، وفي كيفية اختيار الاشخاص المناسبين او المندسين لتنفيذها ... والاخطر من ذلك هو خلق " التنوّع " التمويهي لهذه " المقاومة الخبيثة " بغية النيل او لتشويه صورة كل من ينادي بايجاد تجمّع سياسي موحد للمسيحيين ...
فالنوع الاول منهم يرفض بعناد وجود كلمة " مسيحي " للتجمع ... فهو لا يستطيع ، او بالاحرى لا يريد ، ان يفهم ان المطالبة في الاساس هي لتشكيل تجمّع " علمانـــــي " !!! .. ويرفض الجمع بين كلمتي العلمانية والمسيحية ... قد يكون هذا الشخص يعيش في الغرب الذي يعج بأحزاب علمانية بأسماء مسيحية ( الاشتراكي المسيحي ، الديمقراطي المسيحي ، القومي المسيحي )... لكنه يصر ان " علمانيته " ليست مثل غيرها في بقية العالم...فهي رافضة لانها الانقى !!!
النوع الثاني يتحجّج بأن الفكرة ( ايجاد تجمع سياسي موحد ) تتعارض ومطالب المتظاهرين العراقيين في ساحة التحرير !!!! شكرا للمظاهرات التي اعطت اسبابا مجانية لمثل هؤلاء !!! فهو يشبّه " التجمّع العلماني المنشود للمسيحيين " بالاحزاب الاسلامية المتطرفة ، الايرانية الهوى ، التي ترفضها المظاهرات !!!
يا له ضمير ، ويا له من منطق ، يا له من تمويه ومن قلب للحقائق ...
والنوع الثالث يقترح اسما " قوميا " لمثل هذا التجمّع !!!
لا ادري ، أهي سذاجة ام خبث ؟.... لوكانت هذه الدكاكين " القومية " قد وحّدتنا وافادتنا عوض اللهاث خلف مصالحها الشخصية ، فلماذا المطالبة بهذا التجمع اصلا ؟ ... وأشد ما في الامر من غرابة هو انه يرفض " الطائفية " ، لذلك فهو يريدها قومية !! ! يبدو اننا في عصر اشبه بقارب " ضاع فيه المجذاف والملّاح " ... هل التكتل الطائفي محصور فقط في الشأن الديني ؟ ... هل التكتل العربي لا يتميز عن التكتل الكردي مثلا ؟ الطائفتان واحد ؟ ... هل نحن هنا امام سذاجة وعدم فهم ، ام استعباط ؟
والرابع صريح الى حد ما ...صراحته ليست نابعة من ايمانه بالصراحة ، لان كذبه وتمويهاته لا حصر لها.... لكن " الهسترة القومية " تجعله يُخرج بصراحة عما يعتمل في قلبه... فهو يصرخ بالبطاركة ان يرحلوا .. ويطالب الباطريرك بأن يوجّه الخطاب مستقبلا الى نفسه فقط !!! فالوسط القومي ( في نظره ) ومشاريعه التنموية لا تتحمل افكارا غريبة .... مع ذلك ، فاني اجد الرجل صادقا مع نفسه على الاقل ، فهو أفضل بكثير من اولئك الكذابين المقنعين بقناع " الثقافة والتنوير " وهم في دواخلهم ذئاب خاطفة ( قوميين متطرفين حشالكم ) ، يلهثون هنا وهناك للدفاع عما لا يمكن الدفاع عنه.
اما النوع الخامس فهو الاخطر على الاطلاق ... ( دعني اوضح ) :
ان مقترح ايجاد تجمع سياسي موحد جاء من رأس الكنيسة الكلدانية ، لذا فأن سهام الانتقاد والتشويه كانت موجهة لصاحب الاقتراح تحديدا ...
لو كان الاقتراح قد جاء من الكنيسة السريانية الارثوكسية ، لكانت تلك السهام قد وجدت الطريق الى الكنيسة الارثوذوكسية ... ولو ان مثل هذا الاقتراح " بعيد الاحتمال " ، لاننا لم نجد من رأس الكنيسة الارثوذوكسية مثل هذا التوجه لحد الان ...
ولكان الامر نفسه لو جاء الاقتراح من الكنيسة النسطورية ، رغم ان ذلك " مستحيـــل " لان المؤمنون هناك يشترطون ان تكون المهام القومية قبل المهام الدينية ....
اذن ، فقد وجد المموّهون المحترفون بأن أفضل سلاح لمحاربة رأس الكنيسة الكلدانية هو زج المحسوبين على الكلدان والذين هم بمثابة " الخط المائل " للتهجم على الكنيسة ورئيسها بذرائع قديمة جديدة ، ظاهرها الحرص على الكنيسة وعلى القومية الكلدانية ، وباطنها هو استهداف صاحب اقتراح " تجمع موحد للمسيحيين "...ان اختيار شخص " ذو قناع كلداني " يكشف عن ذكاء ما بعده ذكاء ... التقبّل يكون افضلا ... والتأثير أمضى ...والهدم من الداخل ...
ان التصريحات والتلميحات التي كان يطلقها رئيس الكنيسة الكلدانية بهذا الخصوص سبقت اقتراحه العلني بمدة طويلة ، لذا كانت الهجمة ضده منذ مدة ليست بالقصيرة ، ثم انفجرت بعد الاقتراح الصريح ...
ايها السادة ، ان الانتماء الطائفي والديني ليس ختما على جبين الانسان ، لذا من السهل ان يغيّر الواحد طائفته او دينه ... لكننا نشهد الآن من يغيّر قوميته التي لا تقبل التغيير ، وكأننا نحاكي المسلمين الاوائل وما عملوه بالشعوب الاخرى ... هناك من باع نفسه وقوميته ليشتري قومية اخرى لقاء ثمن ، كالمومس التي تذهب مع من يدفع اكثر ... لو كان الامر " شخصيا " لما إكترثنا به ، لكن الامر سياسيا يحمل في طياته مصير الشعب المسيحي برمته في العراق ... مثل هؤلاء ، يقبضون الثمن لقاء تقديم خدمات لاجندات قومية وحزبية دون وازع من ذمة او ضمير ... هؤلاء هم ابطال هذه الفئة ... فهم ، ومن باب الحرص على الطائفة ، خوّلوا انفسهم بشتم رئيس الطائفة صاحب الاقتراح ... لا ننكر ان بعض " الطيبين " اعتقدوا فعلا انها محاولة الاصلاح ...او التمرّد على سطوة رجال الدين .. او الحق المكفول التي تكفله الديمقراطية في النقد ...و ..و ...و
من المؤسف ان نرى مثقفينا جالسين في ابراجهم العاجية " يتفرّجون " على ما يجري دون ان " يدوخوا رؤوسهم ".
ان الاسراع بتشكيل هذا " التجمع " ، دون الاكتراث بالهجمة المسعورة المناهظة له ، اصبح مطلبا ملحا لمؤازرة اولئك الذين قرروا ان يحافظوا على الوجود المسيحي في العراق مهما كان الثمن .