كل الترحيب بزيارة الحبر الاعظم الى ارض الانبياء والحضارات ولكن ..
روند بولص بداية لا بد من كلمة امتنان والشكران الى مبادرة الحبر الاعظم البابا فرنسيس بابا الفاتيكان في زيارة العراق آذار القادم ، ولا بد من تثمين ايضا جهود كل من سعى و عمل على تسهيل وجعل هذه الزيارة التاريخية ممكنة من المؤسسات والشخصيات الرسمية الحكومية و الكنسية و المدنية.
لاشك الزيارة بهذا الحجم و بهذه الظروف هي مبادرة شجاعة تحمل في طياتها معاني المحبة و المشاركة و الرجاء و المؤازرة الى الانسان العراقي المعذب بشكل عام و الانسان المسيحي المثخن بالالم و العذابات بشكل خاص.
ولكن و حسب راي، لكي تحقق هذه الزيارة التاريخية اهدافها و تأتي بثمارها ، أجد كان من الأفضل ان تكون هذه الزيارة بعد استكمال الانتخابات في العراق ، لكي تتم في ظل حكومة جديدة دائمة وبرلمان منتخب، التي تمنح الحكومة الصلاحيات الكاملة والوقت الكافي في تحقيق الامن و مكافحة الفساد و فرض القانون و تقديم الخدمات و غيرها .. كون الحكومة الحالية هي حكومة انتقالية ضعيفة الارادة تنحصر اولياتها في اجراء الانتخابات والعبور الى حكومة جديدة دائمة ، وكما هو معلوم مازال الوضع الامني رخوا و مقلقا ، ويسود العراق جملة من الازمات الخطيرة منها اقتصادية و صحية ، اضافة الى المنافسات السياسية و المزايدات الحزبية المغالى بها لكسب عاطفة العراقيين تهيأة للانتخابات القادمة، لا ننسى ايضا طغيات البرلمان العراقي وفرض ارادته على سياسات الدولة الاقتصادية و الامنية ، أكيد في مثل هذا الجو المشحون بالصراعات السياسية الحادة والازمات الامنية و الاقتصادية، سيحد من كفاءة وفاعلية هذه الزيارة و اهدافها. باختصار لوكان توقيت الزيارة ما بعد الانتخابات لتمت هذه الزيارة في ظروف أكثر استقرار و أمنا ولو بشكل نسبي.
ومن جانب آخر اتسائل هل تم الاعداد المناسب لمثل هذه الزيارة من قبل المكون المسيحي في العراق؟ الذي يعاني الامرين ومنذ فترة طويلة ، وبات مهددا في بقاءه و وجوده . التهيئة المناسبة تعني ان يكون لدى حبر الاعظم مسبقا رؤية واضحة ومعلومات وملفات دقيقة غير مضللة عن واقع المسيحي و التحديات التي يواجها في الوطن ، في مجالات التجاوزات والاستيلاء على املاكهم و محاولات التغيير الديموغرافي ، و القوانين و التشريعات الجائرة بحقهم مثل قانون الاحوال المدنية و البطاقة الوطنية، الهجرة واسبابها ، التهميش و اللاعدالة ، وحملة الاعمار خاصة المناطق التي اجتاحها داعش، الواقع الامني و الاقتصادي و الثقافي لمسيحيي العراق بشكل عام، كان من الأولى لو استلم الحبر الاعظم و فريقة هذه الملفات الهامة مسبقا وهي تتضمن التوضيحات والتفصيلات المطلوبة و الحلول المقترحة، وارسالها
قبل فترة مناسبة من بدء الزيارة عن طريق السفير البابوي الى حكومة بغداد و حكومة الاقليم بشكل بروتوكولي و رسمي، و حثهما بكل محبة و مسؤولية للعمل للحد من هذه الانتهاكات والتجاوزات وأمكانية ايجاد الحلول المناسبة وسن التشريعات المناسبة واتخاذ الاجراءات المطلوبة لكل هذه المعضلات ولو ضمن سياق سقف زمني محدد ، هذه التحديات التي باتت تهدد بشكل خطير الوجود المسيحي في العراق في ضوء نقص حاد في عدد المسيحيين وسيادة فكرة الهجرة في اذهان من تبقى منهم في ارض الوطن.
عند قدوم المرتقب والمبارك اللحبر الأعظم الى العراق في ضوء هكذا ترتيبات متقنة ، كان سيتم وبشكل لا يقبل الشك استثمار كل دقيقة الثمينة من وقته في اجتماعته و لقاءته بالجهات الحكومية العليا في بغداد وأربيل في ضوء ما تم تسليمه اليهم مسبقا من ملفات التي يطالب بها بتحسين واقع المسيحيين، حتما ستكون لقاءات و اجتماعات مركزة لا تضيع في اطار العموميات.
آملا ان تكون قبل البدء بالزيارة قد تمت مثل هذه الترتيبات المهمة مسبقا بما يخص واقع المسحيين و تحسين احوالهم و واقعهم، من قبل ألفريق البابوي و الجهات ذات الصلة من داخل الوطن ، الا انه في غياب مثل هذه الترتيبات وبقناعتي الشخصية يكون المسيحييون في العراق قد خسروا الكثير من الثمار المرجوة من هذه الفرصة الذهبية و الزيارة التاريخية ، التي قد لا تتكرر مرة أخرى.
من الممكن ايضا و لتقليل حجم الخسائر من هذه الزيارة ان يتم المبادرة الى تشكيل لجنة متابعة يراسها السفير البابوي و عدد من المهتمين بالشأن المسيحي من داخل الوطن لمتابعة واقع المسيحيين مع حكومتي بغداد واربيل بهدف تحسين احوالهم بشكل عام ، و بالمقابل ان تقوم فاتيكان بتعبئة وحشد الراي العام و الاتحاد الاوروبي لدعم الحكومتين في اجراء هذه التحسينات تجاه المسيحيين و ايضا دعمها بشكل عام في مواجهة الازمات الاقتصادية والصحية و الامنية التي تجتاح البلاد انطلاقا من مبدأ الخير العام
في كل الاحوال إن تمت هذه الزيارة وان كانت في اطارها العام وعموميات اهدافها أكيد ستكون مفيدة ولو بالحد الأدنى بما تحملة من رسائل المحبة و الاهتمام و المناصرة و المشاركة ومنح الرجاء.
مرة اخرى اشد على الايدي التي ساهمت في دعم مبادرة الحبر الاعظم التاريخية في زيارة العراق ارض ( بين النهرين حاضنة حضارتي بابل و اشور ).