المحرر موضوع: القاضية كريستين فضول في الدستور: الواقع القانوني للوجود المسيحي في الأردن  (زيارة 606 مرات)

0 الأعضاء و 1 ضيف يشاهدون هذا الموضوع.

غير متصل عنكاوا دوت كوم

  • مشرف
  • عضو مميز متقدم
  • ***
  • مشاركة: 37773
    • مشاهدة الملف الشخصي
    • البريد الالكتروني
الواقع القانوني للوجود المسيحي في الأردن


القاضية كريستين فضول
عنكاوا دوت كوم/الدستور
صدر بتاريخ 17/2/2021  عن مركز منارة للعدالة الاجتماعية وحقوق الإنسان

مقدمة:
يأطر الوجود المسيحي في الأردن من نواحي قانونية من خلال ما جاء في التشريعات الوطنية والمواثيق الدولية التي اعتمدتها الدولة الأردنية باعتبارهم مواطنين اردنيين لهم حقوق وعليهم واجبات كاقرانهم واخوانهم من المواطنين المسلمين يتبادلون احترام حرية العقيدة ضمن اطار يفرضه القانون لضرورة حماية السلامة العامة والنظام العام وحقوق الآخرين، هذا ما جاء في العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية الذي هو احد عناصر المنظومة التشريعية الوطنية بعد ان تم نشره في الجريدة الرسمية. وجاء الدستور الأردني ليؤكد بحسب المادة (108) بأن مجالس الطوائف الدينية المسيحية هي تلك المجالس الدينية غير المسلمة التي اعترفت او تعترف الحكومة بانها مؤسسة في المملكة الاردنية الهاشمية.
تتولى مجالس الطوائف المسيحية /المحاكم الكنسية في الأردن بحسب قانون مجالس الطوائف المسيحية لعام 2014 صلاحية النظر في قضايا الأحوال الشخصية الداخلة في اختصاصها. وينص نفس القانون على صلاحية مجلس الوزراء بناءا على تنسيب وزير الداخلية الأعتراف بأي طائفة مسيحية وينشر القرار في الجريدة الرسمية.
اما بالنسبة لشؤون المسيحيين الأخرى فقد قرر مجلس الوزراء بتاريخ 21/1/2009 اعتبار مجلس رؤساء الكنائس في الأردن الجهة المرجعية للحكومة في كل ما يتعلق بالشؤون المسيحية. ويعمل هذا المجلس كهيئة إدارية لجميع الكنائس المسيحية لتسهيل الأعمال الرسمية مع الحكومة. وعلى الطوائف المسيحية غير المعترف بها أن تقوم بتسيير أعمالها مع الحكومة من خلال هذا المجلس أيضا، مع أنها لا تتمتع بعضوية كاملة فيه.
الإيمان العقائدي للكنسية
بداية يفضل المسيحيون كلمة الكنيسة على الطائفة وذلك تيمناً بما قاله السيد المسيح لبطرس الرسول: «انت الصخرة وعلى هذه الصخرة سأبني كنيستي»، والصخرة هي الأيمان المسيحي القويم.
كما اعتاد السيد المسيح ان يجتمع مع تلاميذه ويفسر لهم أقواله السماويّة لا سيّما الأمثال عندما يعسر عليهم فهمها، وكانوا يسألونه في الخفاء. وفي العشاء الأخير اجتمع بهم وسمي ايضا بالعشاء السري عندما وعدهم بانه سيكون معهم دائما من خلال أسرار الكنيسة والتي منها سر
الذبيحة المقدسة والذي يتلى اثناء القداس الالهي. ووعدهم بإرسال الروح القدس الذي حلّ عليهم في اليوم الخمسين بعد الصعود.
وفي العام (49) ميلادي عقد أوّل مجمع في التاريخ الكنسي المسيحي برئاسة القديس يعقوب اخو الرب اول اساقفة اورشليم.
ثم أخذت الكنيسة الجامعة في العالم عن الرسل القدّيسين هذا التقليد فكانت تعقد المجامع كلما وقع خلاف أو انتشرت بدعة جديدة أو حدث ما يستدعي الدّعوة إلى اجتماع، فعلى سبيل المثال تم عقد المجمع المسكوني الأول والثاني في الاعوام (325) و(381) بعد الميلاد في كل من نيقية و القسطنطينية، حيث توافقوا على اعتماد قانون الأيمان والمقصود هنا الأيمان بالله. وتم بعدها من خلال المجمعات المسكونية اعتماد أسرار الكنيسة السبعة.
اذن يلاحظ من خلال هذا الموجز ان العقيدة المسيحية بنيت على أساسات ودعائم وضعت من قبل السيد المسيح اولا ثم من خلال الرسل الأطهار وآباء الكنيسة المتتالين حتى يومنا هذا. ورغم الأختلاف العقائدي في بعض الأحيان الا ان الكنيسة كانت ولا زالت هي جامعة مقدسة رسولية لا خلاف على ذلك بين مختلف الطوائف/الكنائس المعتمدة خاصة عندنا في الأراضي المقدسة منبع المسيحية وانطلاق تعاليم الكنيسة التي أسسها السيد المسيح الى جميع ارجاء المعمورة.
من هذا المنطلق تسعى الكنائس الى حماية ابنائها عن كل ما هو خارج عن هذه التعاليم، فعلى سبيل المثال ترفض هذه الجماعات/التجمعات المسيحية قانون الأيمان الذي يلخص ايماننا المسيحي، وهو صادر عن مجمع الكنائس منذ مئات السنين. وترفض كذلك أسرار الكنيسة التي أسسها السيد المسيح، وتصر على التبشير لكل من المسيحيين والمسلمين من ابناء هذا الوطن الغالي علينا جميعاً. ومع احترامنا لهذه الجماعات/التجمعات ومحبتنا للجميع الا أننا نتمنى الرجوع الى حضن الكنيسة التي كانت وما زالت وستبقى درعاً وحصناً منيعاً لكل المؤمنين برسالة السيد المسيح.
الضوابط التشريعية للمواطنين المسيحيين في الأردن
يعتبر قانون مجالس الطوائف المسيحية رقم (28) لعام 2014 هو المرجع فيما يتعلق بتنظيم عمل الطوائف المسيحية المعترف بها في الأردن، مثل إنشاء المحاكم وتحديد اختصاصاتها وتعيين القضاة فيها وردهم واحكام تسوية النزاع بالوساطة. وتعتبر احكام هذا القانون نافذة سندا لما جاء في الدستور الأردني.
اما المادة 109/2 من الدستور فقد منح لمجالس الطوائف الدينية (اي المحاكم الكنسية) حق تطبيق الاصول والاحكام الخاصة فيما يتعلق بمسائل الأحوال الشخصية لكل طائفة.
وبالعودة الى قانون مجالس الطوائف المسيحية نجد ان المادة (7) من القانون تنص على اختصاص محكمة البداية النظامية بالنظر في جميع المسائل المنصوص عليها في هذا القانون اذا لم يكن لأفراد طائفة مسيحية محكمة.فيلاحظ أن من شروط تطبيق هذا النص ان يكون المختصمين اتباع طائفة مسيحية وحتى نعرف ما هي الطائفة المسيحية يجب الرجوع الى نصوص المواد (2و4) من نفس القانون الذي يحدد آلية اعتماد هذه الطوائف وذلك بقرار من مجلس الوزراء بناءا على تنسيب من وزير الداخلية، ثم ان قانون مجالس الطوائف المسيحية قد ادرج ضمن جدول ملحق أسماء هذه الطوائف المعترف بها حسب الأصول والقانون وهي احد عشر طائفة معروفة ومعترف بها رسمياً. اما الجماعات او التجمعات المسيحية والتي يطلق عليها الطوائف غير المعترف بها فهي تسجل كجمعيات اومؤسسات خيرية.
وفي سياق مشابه فقد حدد القانون قواعد الأختصاص للمحاكم الكنسيةفيما يتعلق بموضوع الزواج وكل ما يتعلق به...على النحو التالي:
اذا نشأ نزاع بين اطراف مسيحيون ينتمون الى اكثر من طائفة وكان موضوع النزاع زواج او ناشىء عنه او كان احد الأطراف قد ترك الطائفة التي عقدت الزواج فيكون لمحكمة تلك الطائفةالتي عقدت الزواج الأختصاص بالنظر فيها. اما اذا لم يكن لتلك الطائفة محكمة فيكون الأختصاص لمحكمة البداية النظامية.
2- اذا عقد الزواج من قبل سلطتين كنسيتين تنتمي كل منهما لطائفتين فيطبق قانون الطائفة التي عقدت الزواج اولاً، ولمحكمة هذه الطائفة الاختصاص بالنظر بالدعوى...اما اذا لم يكن لهذه الطائفة محكمة فيكون الاختصاص لمحكمة البداية النظامية.
الأطر الملزمة للشأن المسيحي في الأردن
إن النظر في قضايا النزاع للمسيحيين (اتباع الطوائف المعترف بها)فيما يتعلق بالأحوال الشخصية في الأردن هي الحالات المذكورة حصراً بالقانون، اما الجماعات/التجمعات المسيحية والتي يطلق عليها (الطوائف غير المعترف بها) فهي في حالة فراغ قانوني يجب معالجته.
الجهة المعتمدة رسمياً للتعامل مع الشأن المسيحي في الأردن هو مجلس رؤساء الكنائس.
أن تدخل سيادة المطران خرستوفوروس عطالله الجزيل الأحترام بصفته الروحية وبصفته رئيساً لمجلس رؤساء الكنائس الجهة المعتمدة رسميا للتعامل مع الشأن المسيحي في الأردن هو تدخل ايجابي لمصلحة المؤمنين المسيحيين من ابناء الوطن الغالي علينا جميعاً.
نثمن استجابة المجلس القضائي الأردني ممثلا برئيسه معالي الاستاذ القاضي محمد الغزو الأكرم الذي بادر مشكوراً بحل الأشكالية المتعلقة بالمرجعية القانونية لجميع المسيحيين في الأردن ، وذلك بالرجوع الى الجهة المخولة رسمياً بهذا الخصوص وهي مجلس رؤساء الكنائس حتى تدخل الأمور بنصابها الصحيح ولتجنب اي اخطاء مقصودة او غير مقصودة.
5- ان السعي الى الحفاظ على حقوق كل أبناء هذا الوطن الغالي يقتضي مراعاة قواعد السلامة العامة واحترام النظام العام وهو واجب على كل أردني غيور وذلك بالرجوع الى الضوابط التشريعية والمجتمعية والدينية والتمسك بكل ما هو مناسب للأرتقاء بما هو افضل لنا ولجميع الأجيال اللاحقة.
*الناشطة في حقوق الإنسان والخبيرة في المجال الكنسي
*ساهم في تقييم الورقة :
الأب الدكتور ابراهيم الدبور، والقاضي فارس بيك الهلسة.
أي نشر، أو إعادة تحرير لهذه المادة، دون الإشارة الى " عنكاوا كوم " يترتب عليه أجراءات قانونية