المحرر موضوع: ضرورة الانتماء  (زيارة 944 مرات)

0 الأعضاء و 1 ضيف يشاهدون هذا الموضوع.

غير متصل abdalla_maroki

  • عضو
  • *
  • مشاركة: 13
    • مشاهدة الملف الشخصي
    • البريد الالكتروني
ضرورة الانتماء
« في: 18:32 30/06/2007 »
ضرورة الانتماء

يقول الشاعر الفرنسي فرانسوا فيلون : لا أثق إلا بما هو أكيد ...... فالأشياء الواضحة بالنسبة لي غامضة ولا تريبني إلا الحقيقة .... ولا استمد معرفتي إلا من صدفة عمياء فإذا ربحت كل شيْ فسأتقاعد مع الخاسرين .
الكثيرين يعتقدون إنهم مؤثرين بينما في الحقيقة تجدهم مدفوعين نحو إعلان الإفلاس السياسي إن محاولات الإنسان الانسلاخ عن دائرته لا يمكن أن تثبت إلا حقيقة واحدة هي إن الإنسان ينتمي بطبعه وان اللا انتماء المستديم علة اجتماعية وظاهرة نفسية مرضية.
ودلائل اجتماعية الإنسان وفيرة , شعوره بالحنين للجماعة عندما ينأى عنهم هو تذكره الأيام الحلوة العابرة .... ونسيانه كل ما هو سيْ وقبيح في مجتمعه ثم شعوره بالقلق والخوف الغامض كل ذلك يؤكد إن ا لإنسان مربوط بأواصر الاجتماع والانتماء. كذلك فان التماسك مع المجموع واحترامه والاقتداء به يقلل من وطأة الصدمات والأزمات . أما اللا منتمي فهو الذي انتحى ناحية قصية من محيطه ثم ينظر إلى جماعته ويقارنها باتجاهاته وميوله ورغباته فيقرر أن يفصم أواصره بها ويطمس معالمها من عقله ويمحو بصمات ثقافتها في روحه  ويمج ما رضعه منها من مثل وتقاليد في نوبة من تحد أو طيش أو حماقة صبيانية أو بدافع من الشعور بالخلو والحيرة والفوضى ... وقد يفعل ذلك لان ناحية أو أكثر فيها لا تلاءم ذوقه فيتركها استنكاراً ليس إلا وقد يفعل ذلك لأنه يعتقد إن عليه أن يحدث تغييراً أو إصلاحا في تلك الجماعة فيتركها فترة من الزمن أو يهاجمها ناقداً .
فالانتماء إذ لا يتعدى أن يكون رغبة في التعبير عن السخط أو مظهراً من مظاهر الضياع والفوضى أو رغبة  في الإصلاح والتغيير , واللا منتمي يشعر بالغربة وينعزل ويفكر ليعود إلى جماعة يحاول تغيير ما بها ويعبر عما قاله أرخميدس يوماً أعطني مكاناً خارج الأرض وأنا أحرك الأرض . أي انه لا ينتمي لفترة من زمن لكي يحرك ويفيد وعليه فانه مستحيل بمعنى أن اللا منتمي إذا خرج عن جماعته فلا يلبث أن ينتمي إلى جماعة أخرى , عندما ينفصم الفرد عن جماعته ويبتر وشائج التعاطف وروابط المسؤوليات ... أو عندما يحاول خلع جذورها التاريخية فيه فانه لا يلبث أن يجد نفسه بين جماعة غير تلك التي تركها بل سرعان ما يدرك انه خلع بزة يرتدي أخرى : فالسياسي الساخط يشعر ويفتخر بوجوده وفاعليته وعظمته في ذاته أراح يتهم الآخرون بوجود الآخرين . وتوسيع آفاقهم الفكرية فهو يكتب وينتج لغيرة ويتمنى لو أن غيره امن بما يقول .... وهو يتلمس وجود الآخرين ومؤازرتهم له من خلال التلاحم ولا أخاله يتمادى في سعادته إذا أدرك يوماً انه يكتب لنفسه فقط , فلعله يعيش على أمل دفين هو إن الأجيال القادمة ستهتف له . أما المصلح فانه إن كان قد تجرد وتباعد عن الجماعة فلكي يغير ما بها , غالباً ما يعتزل لفترات متقطعة كي يتأمل ويفكر ويصلح , فالمصلح يقوم بدور القيادة ويحقق له أتباع ومريدين وتنشأ جماعة جديدة تنتمي له وينتمي إليها . فإذا كان قد توصل إلى إحداث التغيير بـ " لا انتمائه " الوقتي فانه ما لبث أن عاد ثانية إلى انتماء جديد .
أما الانتماء والالتزام : الالتزام وجه أخر من الانتماء فالمنتمي ملتزم والتزامه ضريبة انتماءه فالسياسي والموجه الذي خلق كياناً جديداً من جماعة وأتباع يلتزم أمامهم بما دعا إليه , فالالتزام يمكن أن يكون التزاماً أخلاقيا أو فوضوياً وعندما نتحدث عن السياسي الملتزم فأن ما نعني به أن يؤدي واجبه نحو الجماعة التي يعمل أو ينبع منها وعندما يدعو البعض إلى مبدأ الالتزام فإنما يذكرون الغافلين بواجباتهم الطبيعية لأن الفرد الذي يعيش بين جماعة ويحتمي بها ويعيش عليها روحياً وعقلياً ... ثم يصمت ويغفل ويغفو ... أنما يقوم بدور الطفيلي الذي يأخذ ولا يعطي ... والتبعية التي لا فكاك منها يجب أن تخرج عن نطاق الاتكال والتكاسل .
بقي أن نقول إن البشرية يهمها أن يكون الانتماء إنسانيا وان يكون الالتزام أخلاقيا نافعاً ولا جدوى من ادعاء اللا انتماء إذ هو وهم يتخيله المتمردون أو الحائرون أو المتطفلون .
                                                   عبد الله ماروكي