المحرر موضوع: تركيا تشرّع لتدخلها في كركوك نصرة لأبناء جلدتها "أتراك العراق"  (زيارة 622 مرات)

0 الأعضاء و 1 ضيف يشاهدون هذا الموضوع.

غير متصل Janan Kawaja

  • اداري
  • عضو مميز متقدم
  • ***
  • مشاركة: 31791
    • مشاهدة الملف الشخصي
تركيا تشرّع لتدخلها في كركوك نصرة لأبناء جلدتها "أتراك العراق"
أنقرة تنفخ في جمر الصراع بين مكونات المحافظة متعدّدة الأعراق.
العرب

بيت القصيد التركي
تركمان العراق بالنسبة إلى تركيا، وبغض النظر عما ترفعه من شعارات قومية لتبرير دعمها السياسي لهم ودفاعها المستميت عنهم، ورقة ثمينة في صراعها ضدّ أكراد المنطقة، وجسر آخر للتدخل في الشؤون الداخلية للعراق تجسيدا لمطامع تركية تاريخية في أراضيه واستجابة للنوازع التوسّعية المتعاظمة لدى أنقرة بقيادة حزب العدالة والتنمية.

كركوك (العراق) - قال سفير تركيا في العراق علي رضا غوناي إن مدينة كركوك العراقية تركمانية، مؤكّدا اهتمام بلاده بالمدينة وعزمها على مواصلة دعم التركمان المقيمين فيها واصفا هؤلاء بـ”الأتراك العراقيين” وبـ”أبناء جلدتنا”.

وتظهر تصريحات السفير التي أدلى بها خلال زيارته للمدينة المختلطة قوميا وتضم التركمان إلى جانب الأكراد والعرب، تزايد التركيز التركي على كركوك مركز المحافظة الواقعة شمالي العراق وتحمل نفس الاسم، وذلك في ارتباط بتطور سياسة تركيا خلال السنوات الأخيرة باتّجاه التمدّد خارج الحدود والتدخّل متعدّد الأشكال بما في ذلك الحضور العسكري المباشر في الدول المجاورة وتحديدا سوريا والعراق اللتين تحوّلتا إلى خاصرتين رخوتين في المنطقة ضعيفتي المناعة ضدّ التدّخلات الأجنية في شؤونهما الداخلية.

ويتجلّى ذلك الضّعف بالنسبة إلى العراق في إفساح المجال للقوى الأجنبية للتواصل بحرّية على أساس عرقي أو طائفي مع قسم من المجتمع العراقي ودعمه سياسيا وحتى بالمال والسلاح مثلما تفعل إيران مع بعض من شيعة البلاد، بينما تركّز قطر على المكوّن السنّي لكنّها تجد صعوبة في إيجاد قيادات سياسية وازنة يمكن التعويل عليها لاختراق المكوّن وتوظيفه.

وكان غوناي قد زار كركوك، الثلاثاء، حيث التقى حسن توران رئيس الجبهة التركمانية العراقية وعقدا معا مؤتمرا صحافيا مشتركا أشار فيه السفير إلى أهمية كركوك بالنسبة إلى بلاده، قائلا “من المعلوم للجميع تاريخيا أن كركوك مدينة تركمانية ولدينا هنا أبناء جلدة لنا نسميهم أتراكا عراقيين والجمهورية التركية ستواصل تقديم يد العون للتركمان العراقيين أبناء جلدتنا”.

علي رضا غوناي: لنا في كركوك أبناء جلدة سنواصل تقديم العون لهم
واستدرك الدبلوماسي التركي بالقول إن بلاده تدعم استقرار مدينة كركوك ضمن وحدة الأراضي العراقية واتحادها السياسي، وإن هذا هو النهج الذي تؤكده أنقرة باستمرار.

أما توران فقد اعتبر أن زيارة غوناي لكركوك تحمل أهمية كبيرة بالنسبة إلى التركمان هناك، قائلا إنّهم يثمنون زيارة السفير التركي للمناطق التي يعيش فيها التركمان بكثافة ومعاينته على أرض الواقع لظروفهم المعيشية الصعبة، لافتا إلى أن المناطق التركمانية بحاجة إلى مشاريع تنموية للنهوض بها، وذلك في دعوة غير مباشرة لتركيا للاستثمار في مثل تلك المشاريع.

لكنّ تكثيف تركيا لتدخلّها في كركوك لا يخلو من مخاطر على الاستقرار الهش في المدينة حيث يساهم في تكريس حالة الاحتقان بين مكوّناتها من أكراد وتركمان وعرب، خصوصا وأن أنقرة تتعاطى مع الوضع هناك بخطاب قومي فج يحيل على العدوانية والصراع على غرار ما ورد في كلام السفير غوناي.

وتمثّل المدينة مركزا لإحدى أثرى محافظات العراق بالنفط وفي مقدّمة المناطق المتنازع عليها إذ يطالب الأكراد بضمّها إلى إقليمهم وقد حاولوا فرض ذلك كأمر واقع ببسط سيطرة قواتهم المعروفة بالبيشمركة عليها إلى حدود خريف العام 2017 حين دخلتها القوات الاتحادية إثر تنظيم استفتاء على استقلال الإقليم عن العراق.

وعلى مدار السنوات التي شهد العراق خلالها حربا ضدّ تنظيم داعش شاركت فيها القوات الكردية بفاعلية وشملت مناطق في كركوك، تعرّض سكان من أصول عربية وتركمانية في عدد من قرى المحافظة لمضايقات على يد الأكراد الأمر الذي عُدّ محاولة لإحداث تغيير ديموغرافي قسري في المحافظة.

ومع المستجدات الطارئة على السياسة التركية خلال العقدين الماضيين مع صعود نجم رجب طيب أردوغان زعيم حزب العدالة والتنمية والرئيس الحالي لتركيا ذي التوجّه الإسلامي والميول القومية المتشدّدة، تعاظم اهتمام أنقرة بالمكوّن التركماني العراقي الذي تحرص تركيا على إبقائه قويا ومتماسكا في وجه المكوّن الكردي الذي يناصبه الأتراك عداء قوميا مستحكما وتحرص حكومة أردوغان على منعه من تحصيل مكاسب كبيرة على رأسها السيطرة على محافظة كركوك.

وتدعم تركيا بوضوح التركمان في كركوك وتحثّهم على الصمود في المحافظة ومواجهة المطالبات الكردية بضمّها إلى إقليمهم باعتبارها من المناطق العراقية المتنازع عليها. وعندما بادر أكراد العراق إلى تنظيم الاستفتاء المذكور هدّد زعيم حزب الحركة القومية التركي دولت بهجلي باستخدام القوة لدعم المكوّن التركماني العراقي قائلا إنّ “أكثر من خمسة آلاف من منتسبي الحزب مستعدون للانضمام إلى كفاح التركمان في كركوك والمدن التركمانية الأخرى في العراق”، مضيفا “هؤلاء التركمان ليسوا لوحدهم ولن نتركهم يتعرضون لمجازر عرقية، ولن نتركهم أبدا دون وطن”.

وتقود المكوّن التركماني العراقي سياسيا شخصيات معروفة بولائها الكبير لتركيا. وتمّ في مارس الماضي اختيار السياسي المخضرم حسن توران ليخلف أرشد الصالحي على رأس الجبهة التركمانية العراقية.

وتشغل الجبهة التي تأسست عام 1995 للدفاع عن حقوق التركمان في العراق 3 مقاعد في البرلمان العراقي ومقعدا واحدا في برلمان إقليم كردستان من أصل 111 مقعدا.

وترى تركيا في تركمان العراق جدار صدّ مثاليا لمواجهة الطموحات الكردية في العراق حيث يشكلّون كتلة بشرية وازنة.

وكثيرا ما يكشف الخطاب السياسي والإعلامي التركي عن تبني أنقرة لمطالبات المكوّن التركماني بحقوقه والدفع نحو خلق قضية للتركمان في العراق بينما لا تنقطع قيادات تركمانية عراقية، في المقابل، عن الإشادة بالقيادة التركية والتذكير بمساندتها للمكوّن في عملية لا يتردّد عراقيون في اعتبارها عملية استقواء مبطّنة بتركيا.

وعلى سبيل المثال تدافع تلك القيادات بشراسة عن العمليات العسكرية واسعة النطاق التي تشنها تركيا ضد مقاتلي حزب العمال الكردستاني داخل أراضي العراق دون تنسيق مع حكومته.

ويقول متابعون للشأن العراقي إنّ مطالبات تركمان العراق بحقوق لهم في محافظة كركوك تعطي الورقة التركمانية قيمة استثنائية لدى تركيا بالنظر إلى أنّ الطرف الرئيسي في النزاع على تلك المحافظة هم الأكراد الذين يعتبرهم الأتراك أعداء تاريخيين لهم على اختلاف انتماءاتهم السياسية والجغرافية، ما يجعل تركيا تتوجّس من وقوع الثروة النفطية الهائلة بكركوك بأيدي الأكراد لتكون بذلك مقوّما من مقومات دولتهم المنشودة في المنطقة. ولذلك تجتهد تركيا في الزج بتركمان العراق في الصراع على كركوك.