المحرر موضوع: شجرة الحياة وصليب المسيح  (زيارة 721 مرات)

0 الأعضاء و 1 ضيف يشاهدون هذا الموضوع.

غير متصل وردااسحاق

  • عضو مميز
  • ****
  • مشاركة: 1208
    • مشاهدة الملف الشخصي
    • https://mangish.net

شجرة الحياة وصليب المسيح 
بقلم / وردا إسحاق قلّو

( فإنّ الصليب عن الهالكين جهالة ، وأما عندنا نحن المخلّصين فهي قوة الله )
" 1قور 18:1 " 
   نطالع في معتقدات الحضارات القديمة عن الشجرة التي كانت ترمز وتُعَبِرلشعوبها عن حياة الخلود ، وكذلك عن الخصوبة .
    فحضارة مصر القديمة ، كان الفراعنة يعتقدون بأن إلههم القمر ، وإله البعث ولدا من شجرة . وللآشورين شجرة حياة كان لها رمز صوفي تم رسمها كمجموعة من الخطوط المتداخلة .  وكان يخدم تلك الشجرة آلهة برؤوس نسور وكهنة وحتى ملوكهم ، لكن لم يصل علم الآشوريات إلى تفسير واضح لرموز تلك الشجرة . وكذلك للأرمن شجرة رسمت ونحتت على معابدهم القديمة ولها رموزها الدينية , وفي حضارة بلاد فارس أسطورة أخرى تتحدث عن شجرة كبيرة تحمل كل أنواع البذور . 
   اما في المسيحية فنقرأ عن شجرة الحياة في عدة أسفار، كما ذكرها سفر أخنوخ أنه في يوم القيامة سيقدم الله ثمرة من شجرة الحياة لكل من ذكر اسمه في كتاب الحياة . وفي سفر الرؤيا نقرأ ( ...نهر ماء الحياة صافياً كالبلور ينبع من عرش الله والحمل ويخترق ساحة المدينة وعلى ضفتيه شجرة الحياة تثمر أثنتي عشر مرة كل شهر مرة ، وأوراقها دواء يشفي الأمم ) " رؤ 22: 1-2 " .

فماذا تعني لنا الشجرة ؟ 
 
   جَبِلَ الله آدم من تراب الأرض ونفخ في أنفه نسمة حياة ليؤدي لإسمِهِ القدوس المجد ، فجعله كاهناً وملكاً وحبراً وسلّمَ له كل ما خلقه في الطبيعة . ( وأنبت الرب الإله من الأرض كل شجرة حسنة ِ المنظر وطيبة المأكل وشجرة الحياة في وسط الجنة ، وشجرة معرفة الخير والشر ) " تك 9:1 " لكنه أمر آدم لئلا يأكل من شجرة معرفة الخير والشر لئلا يذوق الموت ويتعرى من مجده . وإذا خالف آدم وصية الله سيتعرى من ثوب النور والمجد اللذين ألبسهما له الله . تلك كانت الشريعة التي ألزمَ الله بها آدم . لكن آدم تمرد ، وبتمرده أضاع إمكانية الوصول إلى الشجرة الثانية التي هي شجرة الحياة والتي هي رمز الخلود ، وهكذا فقد الخلود فطرد مع زوجته حواء من جنة عدن عريانين .   
   تهلل آدم وحواء لأن أبنتهم مريم ستأخذ الثأر وتنتقم من المجرب وتسحقه . مريم حملت في بطنها شجرة الحياة ، وصانها الله من كل وصمة في نفسها وجسدها لتبقى طاهرة . فصارت هي جنة عدن جديدة تحمل شجرة الحياة الجديدة التي أعطت للبشرية ثمرة الخلاص والخلود . 
إذاً في العهد الجديد مريم هي الشجرة المباركة التي أعطت ثمرة الخلاص للعالم . لقد شاء الرب يسوع في تدبيره الخلاصي أن يكون لها صلة وثيقة بصليبه المقدس . لقد جسدت مريم المسيح في حياتها ، إنها شجرة الحياة الحقة ، فيها ينبت ، ومنها يولد المخلص الذي من على شجرة الصليب سيفدي البشرية ويجدد العالم في عهد جديد عهد النعمة والمصالحة . فإن كان الإنسان قد سقط بسبب شجرة ، فمن خشب الشجرة سيصنع الصليب الذي عليه سيدفع أبن مريم الفدية لأجل المصالحة .   
   من جنب آدم خرجت حواء . ومن جنب المصلوب على الصليب خرجت الكنيسة . ففي البدء ، برجل وعذراء وشجرة كان الموت . لكن في العهد الجديد برجل وعذراء وشجرة الصليب غلب الموت بالموت . فالكلمة في مريم أخذ جسماً ، وعلى الصليب أعطى الحياة للبشرية الجديدة المؤمنة والمنتمية إلى كنيسة الرب المقدسة ، فيا لسر هذا الصليب العظيم الذي به شاء كلمة الحياة أن يتعهد كل لعنة الجنس البشري ليجعل منه علامة البركة المميزة عثار صليب اللعنة صار جنون الحب وقوة الله ( طالع 1 قور 1: 18-25 ) . فعلى الصليب سُمِر، فتحول صليب العار إلى مذبح الكرامة ، وعليه سمِرَت لعنة حواء ، ومنه تنبع كل البركات ، لأن عليه تعرى ابن الله ليجلب لبني آدم المجد . فصليب الفداء هو مفتاح الفردوس ، وهو قاتل الحية القديمة ، وساحق رأس التنين ، ومحطة سلاح الموت . وبالصليب اكتملت الأمور القديمة ليصير كل شىء جديداً ، فصار الصليب أصل حياتنا في المسيح المصلوب ، وكنيسته صارت بديلةً للفردوس . كما صار للكنيسة شركة في ( طوبى ) مريم أمَةُ الرب المتواضعة ، ومع مريم تشيد الكنيسة بآيات الله العجيب في أعماله وقديسيه .
 [/size]