المحرر موضوع: أصل لاهوت الكلمة المتجسد  (زيارة 636 مرات)

0 الأعضاء و 1 ضيف يشاهدون هذا الموضوع.

غير متصل وردااسحاق

  • عضو مميز
  • ****
  • مشاركة: 1208
    • مشاهدة الملف الشخصي
    • https://mangish.net
أصل لاهوت الكلمة المتجسد
« في: 16:41 18/12/2021 »
أصل لاهوت الكلمة المتجسد


بقلم / وردا إسحاق قلَو

قال الجالس على العرش ( … الألف والياء ” البداية والنهاية ” أنا أسقي العطشان من ينبوع ماء الحياة مجاناً ) ” رؤ 6:21″ 

   كتب لنا الرسول بولس في رسالته إلى أهل غلاطية ” 4:4 ” ( ولكن لما جاء ملء الزمان ، أرسل الله ابنه ، وقد ولد من إمرأة ) أي أنه كان موجوداً فأرسله لكي يتجسد ، ويتخذ جسداً بشرياً وكما سردت لنا قصة ولادته الطبيعية في بداية الأصحاح الثاني من أنجيلي البشرين متى ولوقا ، فدعي المولود ( إبن الله ) وحسب وصية الملاك للعذراء في ( لو 35:1 ) ولماذا ؟

لأن المولود ليس من ذرية آدم الخاطىء ، بل هو من الروح القدس الذي حل في أحشاء مريم وحتى ولادته لم تكن طبيعية كباقي البشر ، بل كانت معجزية تلائم والمولود الإلهي ، ولكي تبقى أمه دائمة البتولية . المولود هو كلمة الله الحي ، والموجود قبل كل شىء ، أي أنه مولود وليس مخلوق . أنه موجود قبل العذراء التي ولدته ، وقبل إبراهيم وحسب قوله ( أنا كائن قبل إبراهيم ) لم يقل أنا كنت ، بل أنا كائن . فهو كائن أزلي ، الذي كان ، والذي يأتي في نهاية الزمان . لقد وضح فكرة أزليته لليهود الذين عاصروه قائلاً : ( أبوكم أبراهيم تهلل بأن يرى يومي فرأى وفرح ) ” يو 56:8″ . 

   المولود من مريم هو كلمة ( في البدء كان الكلمة ) ” يو 1:1 ” تبدو هنا الكلمة قواعدياً مؤنث ، لكن المقصود بها ليس الكلمة الملفوظة بالفم ، بل بالمقصود بها وهو (يسوع ) وحسب الآية  ( ويدعى اسمه كلمة الله ) ” رؤ 13:19 ” . والكلمة صار جسداً وحل بيننا ” يو 14:1 ” . أصل الكلمة هو اللوغس باللغة اليونانية ، ويعنى به العقل والنطق معاً . أي أن المسيح المتجسد هو عقل الله الناطق . لنسأل ونقول متى وجد الكلمة في ذات الله ؟ هل الله الآب وجد قبل الأبن الكلمة ؟ أي متى وجد لاهوت المسيح ليشكل الأقنوم الثاني في ذات الآب الأزلي ؟ للوصول إلى الجواب علينا أن نبحث عن أصل لاهوت المسيح الذي يعلنه لنا الرسول يوحنا الذي لم يدون لنا عن ولادة يسوع الجسدي ، بل تخطى ليبحث بالروح عن أسرار السماء ، والروح كشف له أصل لاهوت المسيح ، قبل كل الخليقة ، فقال ( في البدء كان الكلمة ، والكلمة كان عند الله ، وكان الكلمة هو الله ، وهو كان في البدء مع الله ) في البدء ، الموجودة في بداية أنجيل يوحنا لا تعني ما تعنيه ( في البدء ) الموجودة في بداية الأصحاح الأول من سفر التكوين والتي تعني تحديد لزمن الخلقة ، هنا يعني بها الوحي الإلهي ( منذ الأزل ) أي لا يحده زمن ، بل أنه خالق الزمن ، وواهب الحياة ، ومصدر النور . به خلق الآب كل شىء ، أي بالكلمة ، وكما يعلن لنا الوحي في بداية سفر التكوين ، وأكده أنجيل يوحنا في الآية ( كل شىء به كان ، وبغيره لم يكن شىء مما كان ) “ يو3:1 ” وهكذا به خلق كل شىء ( فإنه فيه خلق الكل ما في السموات وما على الأرض ومايرى وما لا يرى ، سواء كان عروشاً أم سيادات أم رياسات أم سلاطين . الكل به وله قد خلق ) ” قول 16:1 ” . إذاً في أسم المسيح ( الكلمة ) عمق كبير لا يستطيع العقل البشري المحدود أن يدرك بدايته وأسراره اللامحدودة ، وكما قال الرسول متى ( لا أحد يعرف الإبن إلا الآب ) ” 27:11 ” .   


 
   يسوع المسيح هو اللوغس الأزلي الواحد في الجوهر مع الآب ، لهذا لا يجوز أم نعتقد بأن الآب هو قبل الآب ، ولمجرد كونه هو الآب فيجب أن يكون هو الأول ، بل الأثنان هم فوق الزمن ، وموجودَين معاً ويشكلان مع الروح القدس إلهاً واحداً . فلا يجوز أن يكون الآب قبل الأبن ، أي حاشا للآب أن يكون ولو للحظة بلا عقل ونطق . بما أن المسيح هو الكلمة الناطقة التي بها خلق الآب الكون وكل المخلوقات ، وبه تحدث إلى بني البشر بلسان الأبن الذي جعله وارثاً لكل شىء وبه أنشأ العالمين ( عب 2:1 ) المسيح هو الذي كشف لنا أسرار الله الآب لأنه البداية والنهاية ، الأول والآخر . وهو الحق والأبن ، والشاهد الصادق لذهن وعمق الآب . لهذا يختلف يسوع عن باقي الأنبياء لأنه قدم للعالم الكلمة التي تنوّر العقل والبصيرة وتستوعبها عقول كل البشر لأنها كلمة عجيبة نابعة من ذات الله . أنه نور الله للعالم . هذا النور الحقيقي الذي ينير كل مولود في العالم . 

   كان في العالم وبه تكوَّنَ العالم ، ولم يعرفه العالم ( يو 10:1 ) أكد الرب هذه الحقيقة بقوله ( أنا هو نور العالم من يتبعني فلا يمشي في الظلمة بل يكون له نور الحياة )" يو 12:8 " وبمثل هذه الكلمات لا يتجرأ أحد من الأنبياء أن ينطقها سوى الله وحده الذي هو أصل الوجود ونور السموات والأرض . فكل من يؤمن بالمسيح بأنه أبن الله ستكون له الحياة . ومن لا يؤمن بالأبن . لن يرى الحياة . بل يمكث عليه غضب الله ( يو 36:3 ) ولربنا الملك السرمدي المولود في المذود المجد دائماً . ولربنا المتجسد المجد الدائم .
التوقيع : ( لأني لا أستحي بالبشارة . فهي قدرة الله لخلاص كل مؤمن ) " رو 16:1"