((حِوار بدون رتوش))
حوار مع المفكر والباحث العراقي الكلداني في علم الأجتماع
الدكتورعبدالله مرقس رابي
إِعداد وحوار/هيثم ملوكا كما وعدنا قراؤنا ومتابعي حوار بدون رتوش ان نحاور بين الحين والأخر شخصية معروفة لدى القراء والمثقفين. وأود أن أبين لبعض قراؤنا من الأخوة العرب والمكونات الأخرى، بأننا خلال حواراتنا نسلط الضوء في غالبية أسئلتنا حول قضايا وهموم شعبنا المسيحي.ونتطرق أيضاً لبعض الأسئلة حول همنا الوطني والتطورات السياسية فيه.
حوارنا اليوم مع شخصية كلدانية عراقية معروفة، هو الكاتب والباحث الدكتور عبدالله مرقس رابي. الذي كان له حضوراً في النشر في العديد من المجلات والصحف والمواقع الإلكترونية. تخصص في دراسة علم الأجتماع وحصل على شهادة الدكتوراه. ألفّ عدة كتب وأجرى عشرات البحوث ومئات المقالات في مجال اختصاصه وحول الأثنيات الثلاثة الكلدان والسريان والأشوريين معتمدا على المصادر العلمية.
س1// د.عبدالله رابي شخصية معروفة لدى الوسط الثقافي كأستاذ جامعي سابقاً وكاتب ومؤلف. هل من الممكن الدخول أكثر في أعماق هذه الشخصية الكلدانية المعروفة. لنتعرف عن قرب عليها منذ أن رأت عينيه النور ونشأتهِ فيما بعد ؟ اجتماعياً
اسمي الكامل عبدالله مرقس ميخو رابي، من مواليد 1956م في شهر كانون الأول من العام المذكور في قريتي العزيزة مانكيش الكلدانية الواقعة شمال مدينة دهوك.
كنت المولود الأخير في العائلة بعد أربعة اخوة واخت واحدة. نشأت بين أحضان والدَين تقيين وتمتعت بالحنان والحب والعناية التي منحهما لي في الطفولة، مرقس ميخو رابي. ووالدتي مريم هرمز مرخو.
متزوج من اناهيد كوركيس عوديشو من أهالي مدينة دهوك ونعيش حاليا في كندا بلد الأمان والحرية والإنسانية وبلد متعدد الثقافات الاثنية.
ولي ثلاث بنات
ساندرا، طبيبة اسنان من جامعة ويسترن الكندية وفي نفس الوقت تحمل شهادة الدكتوراه بالكيمياء من جامعة ماك ماستر الكندية وفضلت العمل كطبيبة اسنان.
نتالي، دكتورة في الصيدلة من جامعة تورنتو.
سانتا، طبيبة أسنان من جامعة تورنتو وفي نفس الوقت تحمل شهادة الماجستير في طرق البحث الطبي، وحاليا إضافة لعملها في عيادتها تدرس القانون في جامعة ويسترن، وستنتهي دراستها هذه شهر نيسان القادم لتصبح حاملة لقب اول امرأة كندية تختص في القانون الطبي، وستمارس كلتا المهنتين. اشكر الرب على عطائهن.
دراسياً
انهيت االدراسة الأبتدائية والمتوسطة في مانكيش. أكملت الدراسة في ثانوية الجماهير عام 1975م في بغداد. تخرجت من جامعة بغداد/ كلية الآداب/ قسم الاجتماع، استمتعت أثناء دراستي بمجالاته المعرفية وميدان العمل فيه، فأعجبت به وتقبلته برغبة كبيرة لم أكن اتصورها، بحيث تخرجت عام 1979 -1980 بتسلسل الأول وبمعدل 90.8٪ بدرجة امتياز، وتم تكريمي من قبل الجامعة.
بعد ان شاهدت نفسي متفوقاً في الدراسة وتشجيع من اساتذتي واهلي، قررت التقديم للدراسات العليا/ الماجستير..
حصلت على الماجستير عام 1984 من جامعة بغداد/ قسم الاجتماع وعنوان اطروحتي (حوادث المرور، أسبابها الاجتماعية والنفسية)، وكنت متفوقاً بدرجة جيد جدا، ودرجة الأطروحة أمتياز، فتعهدت وزارة الداخلية ان تطبعها كتاباً لأهمية الموضوع، اذ كانت اول دراسة عراقية في علم الاجتماع عن حوادث المرور. طُبعت بواقع 5000 نسخة ونفذت خلال عام من المكتبات. وكان ذلك أول كتاب انشره عام 1985.
في عام 1989 بعد انتهاء الحرب العراقية الإيرانية وأثناء عملي التدريسي في جامعة الموصل، حصلت على زمالة دراسية مرشحاً من قبل البعثات في وزارة التعليم العالي لدراسة دكتوراه فلسفة في علم الاجتماع في جامعة القاهرة والوحيد في اختصاصي من العراق لذلك العام، وبعد القبول الرسمي، أُبلغت للتهيئة للسفر للبدء العام الدراسي في 22 أيلول من عام 1990، وحصلت المفاجأة الكبرى اثناء وجودي في دهوك للحصول على جواز السفر لي ولعائلتي وإذا سمعنا خبر هجوم الجيش العراقي على دولة الكويت، وضاعت تلك الفرصة لفرض الحصار الجائر على العراق، فتوقف السفر. اضطررت بالرغم من الاحتفاظ في حقي لمواصلة الدراسة خارج البلد، ان أقدم لنيل شهادة الدكتوراه في جامعة بغداد، لعدم وجود سقف زمني لإنهاء الحصار والتقدم بالعمر، ففي عام 1993 بدأتُ دراسة الدكتوراه في بغداد مع الاستمرار يومين في التدريس في جامعة الموصل وكانت سنة شاقة للسفر اسبوعياً بين بغداد والموصل لمدة السنة التحضيرية النظرية، وانهيت الدراسة عام 1996 وحصلت على شهادة الدكتوراه لأطروحتي (التحضر في مدينة الموصل).
س2// هل من الممكن ان نعرف القراء على اهم النشاطات المهنية والعلمية التي زاولتها في الجامعة.بعد حصولي على شهادة الماجستير عام 1984، التحقت لإكمال ما تبقى من الخدمة العسكرية الالزامية المقررة قانوناً. ولحسن الحظ بعد التدريب الأساسي، شملني قرار الخدمة في الوحدات غير الفعالة في بغداد لكوني من حملة الشهادات العليا.
تفرغت يومين في الأسبوع للتدريس في كلية الشرطة ومعهد المرور العالي مادتي علم النفس الاجتماعي وطبيعة المجتمع العراقي. وذلك بعد التنسيق بين وزارتي الداخلية والدفاع عن طريق مدير معهد المرور الذي كان عضو مناقشة رسالتي الماجستير.
عملت اثناء الخدمة محاضراً لدورة اعداد الضباط من مختلف الرتب للتعامل مع الاسرى العائدين لمدة ستة أشهر لتدريس مادتي الارشاد الاجتماعي والنفسي، وتدريبهم على منهج دراسة الحال.
بدأت العمل في شهر الثالث من عام 1986 تدريسي في جامعة الموصل/ قسم الاجتماع.
واثناء عملي من عام المذكور ولغاية 1998 إضافة لتدريسي الدراسات الأولية والدراسات العليا والاشراف على اطروحات الطلبة، عملت عضو اللجنة العلمية في الكلية والقسم وعضو لجنة الدراسات العليا.
ركزتُ تدريسي في مجالات علم الاجرام وعلم الاجتماع الحضري، وعلم اجتماع السكان.
ومن بين الأنشطة الأخرى اثناء عملي في الجامعة:
مندوب جامعة الموصل في محكمة الاحداث في الموصل لمدة سنة، للاستشارة في الجوانب الاجتماعية والنفسية في محاكمة غير البالغين اقل من 18 عاماً ليتخذ الحاكم القرار في الحكم.
عضو لجنة متابعة الجريمة في محافظة نينوى لمدة سنتين.
شاركت في عدة ندوات ومؤتمرات علمية داخل البلاد ومؤتمر الخدمة الاجتماعية في الوطن العربي.
عملتُ محاضراً في معهد الكهنوتي للسريان الأرثدوكس لتدريس مواد علم الاجتماع وعلم الاجتماع الديني وطرق البحث العلمي لمدة عشر سنوات، وكان من زملائي في المعهد، الدكتور ليون برخو لتدريس اللغة الإنكليزية وبعده الدكتور دنخا طوبيا، والدكتور يوسف للو لتدريس علم النفس، ولنا الفخر ان نرى اليوم مطارنة وكهنة من طلابنا الأعزاء وان يكون من بينهم المطران المعروف في مواقفه وتصريحاته الجريئة والغيور على شعبه المسيحي والعراقي ووطنه نيقديموس شرف.
عضو لجنة الطوائف المسيحية في مدينة الموصل للتنسيق، ممثلاً عن العلمانيين في الكنيسة الكلدانية حيث من كل كنيسة مندوب علماني واخر كاهن وبرفقة الكاهن المرحوم الشهيد فرج رحو (المطران لاحقاً). وكان معي ممثلاً عن العلمانيين للكنيسة السريانية الكاثوليكية الدكتور يوسف للو، ومعنا ايضاً لا تسعفني الذاكرة لمعرفة أسمائهم ممثلين من كنيسة السريان الأرثودوكس أتذكر الكاهن المرحوم الشهيد بولص، وكنيسة المشرق القديمة ممثلها شماساً، وكنيسة اللاتين أتذكر الكاهن الدومنيكي جودت.
كانت فعلاً سنوات جميلة قضيناها بمحبة واحترام متبادل سواء في المعهد او اللجنة دون ان يشعر أحدنا بما خلقته الأحزاب القومية المعاصرة الالغائية للانتماء.
إضافة لكل ما قدمته: كنت أقدم ايضاً محاضرات اجتماعية في كنائس الموصل الكلدانية والسريانية وفي دهوك وتوابعها لندوات الشباب الأسبوعية. ومن ضمنها محاضرات للمخطوبين من كافة الكنائس في دورات منتظمة.
عضوية الجمعيات:
حالياً عضو جمعية علماء الاجتماع الكندية، عضو منتدى جمعية علم الاجتماع العراقية، عضو جمعية العدالة الجنائية الكندية سابقاً، عضو جمعية العلوم الاجتماعية العراقية سابقاً، والعلوم التربوية والنفسية العراقية سابقاً.
البحوث والمؤلفات:
اثناء عملي في بغداد وفي جامعة الموصل أجريت عدة بحوث علمية بعضها منشورة في المجلات الدورية العلمية/ مجلة آداب الرافدين، مجلة جمعية العلوم الاجتماعية، مجلة العلوم التربوية والنفسية، وأخرى مقبولة للنشر، والعديد منها كانت بحوث محدودة التداول لطبيعة المادة المبحوثة، وعليه لا يُجيز نشرها، بل بجهود الدكتور سطام الجبوري رئيس قسم الاجتماع آنذاك، حصلت الموافقة لتقديمها لأجل الترقيات العلمية دون نشر بعد تقييمها من قبل لجنة مختصة واهمها:
ظاهرة إيذاء النفس عند الجنود، بالاشتراك مع هادي صالح. دراسة لواقع مراكز التدريب، مشترك، دراسة لواقع العلاقات الاجتماعية بين المراتب، مشترك، دراسة لأسباب ظاهرة الهروب من أداء الخدمة، تأثير الحرب النفسية التي يشنها العدو في نفسية المقاتل، مشترك، تأثير الحرب النفسية في شل قطعات العدو، مشترك. دراسة لشخصية المحكومين بالإعدام.
التشغيل الخارجي لنزلاء اقسام الإصلاح، بالاشتراك مع الدكتور سطام الجبوري، الاجازة المنزلية لنزلاء اقسام الإصلاح بالاشتراك مع الدكتور سطام الجبوري، العوامل الاسرية للجريمة، الاثار الاجتماعية لحوادث المرور، ابرز مشكلات جهاز شرطة المرور، الاوضاع الاجتماعية للعاملين في المؤسسات الاجتماعية، ظاهرة مضايقة الفتيات في الموصل، دراسة لنمط العلاقات الاجتماعية في مجتمع السجن، توزيع الخدمات في مدينة الموصل واثرها في حركة المرور، العوامل المؤثرة في اختيار الاسرة للمنطقة السكنية في المدينة، خصائص الجريمة في الريف والمدينة، اجرام النساء بالاشتراك مع الدكتورة فهيمة كريم. إضافة لدراستين في التنظير هما: إشكالية علم الاجتماع الحضري بين البلدان النامية والمتقدمة، مفهوم الثقافة عند مالنوفسكي وبارسونز. إضافة الى بحوث أخرى.
اما الكتب المؤلفة:
حوادث المرور أسبابها الاجتماعية والنفسية، وملزمة معتمدة منهجياً في علم الاجتماع الحضري وطورتها الى كتاب، مانكيش بين الماضي والحاضر/ دراسة في التغير الاجتماعي، الكلدان والبحث عن الهوية القومية/ دراسة سسيوانثروبولوجية، الكلدان والاشوريون والسريان المعاصرون وصراع التسمية / تحليل سوسيولوجي، تقديم ومراجعة وتنقيح السيرة الكهنوتية للمونسنيور داود بفرو، تحت الإنجاز ثلاث كتب وهي: مانكيش الجمال والعطاء، طبعة منقحة للكتاب الاول، علم الاجتماع الحضري المعاصر، وطرق البحث العلمي الاجتماعي في عصر المعلوماتية، سيكون الكتابين الأخيرين هدية لجامعة الموصل /قسم الاجتماع.
س3 // د.عبدالله انت تخصصت في علم الأجتماع لسنوات وحصلت على شهادة الدكتوراه بهذا التخصص، كيف تم التحول والتفكير والأهتمام لاحقا بالدراسات الأثنية أو القومية وهذا مابدا واضحا من كتاباتك وأبحاثك؟كنت في عطلة نهاية الأسبوع اسافر مع عائلتي الى دهوك منذ عام 1991،عام الذي بدا إقليم كوردستان يتمتع بحرية وشبه استقلال عن الحكومة المركزية، هناك كنت التقي مع العديد من الشباب والمهتمين في الشؤون القومية، وكنت احياناً القي محاضرات اجتماعية نفسية في ندوة الشباب في كنيسة الانتقال في مدينة دهوك، كثيرا ما وُجهتْ لي أسئلة من المهتمين عن الأصول القومية للمسيحيين، وهل الكلدان قومية، ولماذا الاشوريين يعدون الكلدان طائفة وكثير من التساؤلات المرتبطة بالموضوع، اذ كانت الحركة الديمقراطية الاشورية نشطة في المدينة والاقليم، ومن جهة أخرى كنت اطالع بعض الكراريس المطبوعة والكتب التي انتشرت في الإقليم عن الموضوع نفسه، وتبين لي انها كانت مكتوبة تأثراً بأيديولوجيات سياسية، ومنها قد اعتمدت على مصادر غير اكاديمية ومعتمدة علمياً، كلها طروحات كيفية وموجهة لإلغاء كل من هو كلداني او سرياني.
بعد ان وصلت الاردن بدأتُ بجمع المعلومات والاطلاع على المصادر ذات العلاقة بموضوع الاثنيات او كما تسمى القومية عند السياسيين، فتحولت من الاهتمام في الدراسات الحضرية والجريمة التي كانت محور تركيزي الأكاديمي في البحث والتدريس الى موضوع علم اجتماع الاثنيات وعلم الاجتماع السياسي.
س4// هل كانت الظروف منذ الطفولة ومابعدها سهلة لأن تبني شخصية د.عبدالله رابي الأنسان والأستاذ والكاتب والباحث. أم كانت هناك مصاعب ومعرقلات أستطعت أن تتجاوزها بتحمل وأصرار وعزيمة للوصول الى ماوصلتم اليه؟ سافرت الى بغداد عام 1973 لتوقعي عدم استقرار المنطقة مستقبلا. فأكملت دراستي الثانوية هناك واضطررت العمل لمدة سنتين اثناء الدراسة. كما عانيت من عدم التفاؤل للدخول الى الدراسات العليا بسبب بدء الحرب العراقية الإيرانية اثناء التقديم لنيل درجة الماجستير عام 1980، ولكن تحقق أملي.
لعله أصعب المواقف الحياتية وأكثرها الماً واحباطاً وتأثيرا على الجانب النفسي والاجتماعي والفكري، هي الفترة التي مررت بها ومع عائلتي في دوامة التفكير لاتخاذ القرار الشخصي والعائلي لمغادرة البلد العزيز العراق، فعلا كانت أيام صعبة ومحبطة وحزينة ومريرة، وذلك لتوقعي بان الاوضاع الأمنية ستتدهور في العراق والالتحاق لم شمل الاهل في المهجر. كنت مرتاحاً جدا في وظيفتي كأستاذ جامعي للدراسات الأولية والعليا في ثاني أرقى جامعات العراق ومن الجامعات الشرق الأوسط الراقية، كنت مرتاح بين زملائي التدريسيين واحبائي الطلبة وفي المدينة عامة، بدليل تواصلي لحد الان معهم، وأعلمني بعد سنة من مغادرتي رئيس القسم الدكتور حميد الفلاحي، عندما فقدناك ساد الحزن والالم عند التدريسيين والطلبة وإدارة الكلية وكلهم وقفوا وقفة الاستغراب والدهشة ويتساءلون، كيف يقرر ذلك وعلاقته مع الجميع طيبة جداً. غادرنا العراق صيف عام 1998. وصلنا الاردن، وقدمت للحصول على الفيزا للهجرة من القنصلية الكندية من فئة الخبرة والكفاءات. وصلنا الى كندا في الشهر الأول من عام 2002.
كما في العقدين الأخيرين، عندما بدأت اهتماماتي الفكرية في مجال علم اجتماع الاثنيات، تعرضت الى بعض الاهانات عندما تتقاطع الأفكار مع الاخرين لعدم وجود وعي ثقافي لأهمية الاختلاف في الرأي، وقد كنت أحيانا ضحية الصراع السياسي والتسمية بين الكلدان والاشوريين والسريان وأكثرها الماً عندما تصدر من أصدقاء مقربين وبل أحيانا من الاقرباء وبعض الاكليروس في الكنيسة لعدم تفهم موضوع النقد والتحليل، علماً لم أنتم الى أي حزب سياسي من هذه الاثنيات الثلاث، واحترم الجميع وانظر الى كل الظواهر نظرة باحث وليس سياسي ايديولوجي. بالتأكيد كل ما تعرضت اليه قابله تصميم وإرادة مني لكي احقق طموحي واستمر في طرح افكاري.
س5// ماهي اهم النشاطات العملية والنظرية في مجال البحث في الشؤون الإِثنية(القومية)؟أهم الأنشطة التي زاولتها كباحث في مجال علم الأجتماع الإِثنيات وعلم الاجتماع السياسي نظرياً:
تأليف كتابين يخص أحدهما الكلدان والأخر الإِثنيات الثلاث، الكلدان والآشوريون والسريان.
مئات المقالات الثقافية المنشورة في الصحافة الورقية والإلكترونية تخص الشؤون السياسية والإِثنية والكنسية عن الإِثنيات الثلاث، واغلبها اعتمدتُ في اعدادها على الكتب العلمية.
القاء عدة محاضرات بدعوة من جهات سياسية ومؤسسات أخرى عن شؤون الإِثنيات في كندا ومدينتي ديترويت وساندييكو الأمريكيتين.
كنت المساهم الأول في أعداد مسودة النظام الداخلي للرابطة الكلدانية بعد ان أُعلن عن تأسيسها غبطة البطريرك ساكو، ووفقاً لرسالة غبطتهِ آنذاك، أعلمني انها ستُعتمد للمناقشة في المؤتمر التأسيسي، وبالطبع قبل المؤتمر واثنائه أجريت التغيرات فيها. علما إني لم انضم الى الرابطة، بل تعاونت مع قيادتها لفترة ما، وانسحبت من التعاون لتشخيصي ان القيادة أخفقت في عملها، وليست مستقلة في قراراتها.
اما العملية:
ساهمت في تأسيس اتحاد الكتاب والأدباء الكلدان مع نخبة من المثقفين الكلدان، وغادرت الاتحاد بسبب ارتباطاتي العملية وأنشغالي في الكتابة والبحث ولا زلت في التواصل مع الكثيرين منهم.
دعوت للمشاركة في مؤتمرين كلدانيين عالميين، الأول في ساندييكو عام 2011، من قبل النشطاء الكلدان القوميين في المدينة، والثاني في ديترويت عام 2013، من قبل المنبر الديمقراطي الكلداني الموحد وفي كلا المؤتمرين رُشحت لرئاستهما.
كُلفت عام 2012 من قبل الدكتور نوري بركة مدير المركز الكلداني الأمريكي في مدينة ساندييكو لإجراء دراسة تنسيقية بين الأحزاب الكلدانية والأجتماع معاً في المركز المذكور للتداول والمناقشة للإعداد لمؤتمر في السنة التالية.
أُجريتُ عدة مقابلات تلفزيونية واذاعية معي عن الشأن السياسي العراقي عامة وشأن الاثنيات الثلاث الكلدان والاشوريين والسريان. اضافة الى مقابلات تخص مجالات أخرى من اختصاصي عبر المحطات التلفزيونية والاذاعية ومواقع التواصل الاجتماعي.
س6 // كما بينت في اجابتك السابقة أهتمامك بالتسميات القومية لأبناء شعبنا من خلال المحاضرات والمناقشات. وبحسب قراءاتك وتخصصك اكتشفت كما وضحت بأنه كانت هناك حملة مبرمجة وهيمنة قوية من الحركة الآشورية التي كانت نشطة وخصوصا في مدينة دهوك التي تواجدت بها الى محو الاسم القومي للكلدان وللسريان أيضاً. واعتبارها طوائف. واستطاعت لحد ما أن تقنع البعض بهذا المفهوم والفكر. برأيكم هل الخلل كان من ابناء الشعب الكلداني ومن مثقفيهم وباحثيهم الذين لم يتحركوا لتقوية الحس القومي، هذا من جهة؟ أم بسبب هيمنة الأنظمة القمعية في العراق من جهة أُخرى؟ وهل تتحمل الكنيسة الجزء الكبير من ضعف الحس القومي عند الكلدان في تلك المرحلة؟ بعد عام 1991 بسبب الحماية التي وفرتها قوى التحالف الأجنبية للأكراد، تمتع الإقليم بحرية في تدبير شؤونه مستقلاً عن الحكومة المركزية.
كنت الاحظ النشاط المكثف للحركة الديمقراطية الاشورية في الساحة السياسية بالنسبة الى المسيحيين، هكذا كانت فلسفتها الفكرية الغائية دون ان تكترث للوجود الواقعي والموضوعي للاثينتين الاخريتين الكلدانية والسريانية واعتبارهما في ادبياتها واعلامها جماعتين طائفتين. وفعلاً تمكنتْ من اقناع نفر من الكلدان، وذلك لتحقيق مصالحهم الشخصية من الطموحات الوظيفية والمناصب، وبعد ظهور أحزاب منافسة والتحاق بعضهم في المهجر، تراجع الكثير منهم عن اعتقادهم، وقد قابلت عدة اشخاص اعرفهم شخصيا من هذا القبيل هنا في المهجر، وتبين انهم كانوا مضطرين لذلك.
اما عوامل تفرد الحركة حينها، وعدم وجود حضور للكلدان، يرجع في نظري الى عدة أسباب اهمها:
ايمان الكلدان بالواقعية والابتعاد عن الامجاد التاريخية والاساطير والخيال والسراب، بل تفهموا الواقع والظروف السياسية والاجتماعية والدينية بموضوعية، لا يمكن ان يحققوا شيئا ولا يمكن للتاريخ الرجوع.
عليه كان توجه الكلدان نحو إدراك أهمية الانتماء الوطني والحياة المشتركة مع المكونات الأخرى في ظل حكم القانون، ولهذا لم يفكروا يوماً للإعداد لتنظيمات سياسية ذات بعد قومي بل انضموا الى الأحزاب التي ظهرت تاريخياً في العراق سواء في العراق عموماً او في الإقليم. وبالأخص لتفهم ايضاً مخاطر البعد القومي لحياتهم ومستقبلهم في ظل حكومات قامعة للحرية.
عدم وجود عوامل تحفيز الشعور للانتماء القومي كما حدث عند الاشوريين منذ فترة طويلة، وعلينا ان لا نتوهم لنقول، لم يشعر الكلدان بانتمائهم القومي الكلداني، لا بالعكس، كانت وحالياً مشاعرهم الانتمائية القومية موجودة وصميمة، ولكن دون الانطلاق كما قلت من البعد القومي للعمل بل من البعد الوطني، يتوهم من يقول لم يكن لهم مشاعر.
البرهان على ما قلته هو مقارنة بين كلدان في داخل العراق قبل 1991 مع كلدان المهجر، لإيمانهم بما ذكرت أعلاه، ظل الكلدان داخل العراق دون نشاط سياسي او قومي الى ان تأسس الحزب الديمقراطي الكلداني وثم تبعته الأحزاب الأخرى عام 1997 في الإقليم، بينما عند كلدان المهجر منذ ان وطأة اقدامهم على الأرض في البلدان، كان لهم نشاطهم القومي في الاعلام والمؤتمرات واثبات هويتهم القومية رسمياً وشعبياً كما هو معروف في مشيكن وساندييكو الامريكيتين وأستراليا وكندا واينما حلوا، سبق ووضحتها في مقال مستقل. وشخصياً قدمت نظرياً وعملياً لأجل التحفيز للمشاعر الانتمائية وبناء جسور الثقة والاحترام المتبادل بين الاثنيات الثلاث منذ تواجدي في المهجر.
كما لا ننسى الإخفاق في دور الكنيسة المتمثل في الاكليروس، فالغالبية منهم لم يشجعوا ولم يكترثوا لأهمية الانتماء القومي لمؤمني الكنيسة، وحدث العكس عند الاخوة الاشوريين الذين التزم الاكليروس عندهم وشجعوا على الانتماء القومي في كل مناسبة، سواء علناً او مستتراً. كثيرا ما أخفق العديد من كتاب الهواة غير الاختصاصيين من الاكليروس في هذا الموضوع وعن موضوع تسمية اللغة، ففي مقال سبق وكتبته، تبين ان هؤلاء وقعوا في مغالطات وتناقضات عن الموضوع.
وهذا لا يعني خلو الكنيسة الكلدانية من اكليروس بذلوا جهوداً استِثنائية وكبيرة في دعم الانتماء القومي الكلداني والاعتزاز به في تاريخ الكنيسة، منهم: المرحوم البطريرك يوسف اودوا الذي لا تخلو رسائله من عبارات تُشير الى اعتزازه بانتمائه القومي عندما يقول: الامة الكلدانية، وشعبنا الكلداني، وانتماؤنا الى بابل وغيرها من العبارات. كما كان للمرحوم البطريرك الكاردينال عمانوئيل دلي، كلمته الواضحة ودوره البارز لتثبيت الانتماء القومي شعبياً ورسمياً. كما قد لا يعلم البعض عن دور الكبير للمطران المرحوم حنا قلو في دعمه وتشجيعه لنشطاء الكلدان السياسيين في دهوك، ورفضه القاطع عن اية تسمية أخرى للكلدان.
وفي المهجر، تميز الدور الريادي للمطران سرهد جمو مطران ابرشية مار بطرس الفخري في قيادة نهضة قومية لترسيخ الانتماء القومي ليس فقط في إطار ابرشية مار بطرس في ساندييكو، بل حول العالم، لرعايته وتشجيعه لنشطاء الكلدان لعقد مؤتمرين كلدانيين. كما اضطلع المطران إبراهيم إبراهيم مطران ابرشية مار توما الفخري، دوراً كبيرا في ترسيخ الانتماء القومي، ولا يمكننا ان ننسى مقولته الشهيرة في افتتاحية مؤتمر الكلداني في ديترويت عندما قال: نحن الكلدان لا حاجة لنا الى من يحدد هويتنا القومية ولسنا بحاجة لاختصاصيين ودراسات، فكلنا نعرف تاريخنا وانتماؤنا)، فهو الذي يؤكد دائماً في كل مناسبة ترسيخ الاحترام المتبادل بين الاثنيات الثلاث بما فيه احترام وجودها وانتمائها الاثني. ولمن لا علم له عن دور المرحوم المطران يوحنا زورا راعي ابرشية مار ادي في كندا، كان داعماً للانتماء القومي الكلداني واللغة الكلدانية وتشجيعه لشباب تورينتو. وهناك العديد من الكهنة ايضاً يعتزون بانتمائهم القومي الكلداني، وبذلوا الكثير من اجل انماء المشاعر القومية.
اما البطريرك الكاردينال ساكو، لم يكن له حس قومي يُذكر من البدء، بل تأثر بما كُتبَ من انتقادات عن موقفه، وتدريجياً بدأ الاهتمام والتشجيع لترسيخ الهوية الكلدانية وبناء البيت الكلداني، ومطالبته رسمياً لتثبيت التسمية الكلدانية مستقلة في الدساتير، الا ان مشكلة غبطته، عدم الاستقرار على راي، فهناك الغموض في مواقفه عن هذا الموضوع. واعتقد حالة الكلدان تنطبق على الاخوة السريان.
. س7// حين تم تأسيس الرابطة الكلدانية في بداياتها لاقت تأييداً واسعا وكبيرا من الكلدان بكل شرائحهم وخصوصاً من المثقفين والناشطين والمهتمين بالشأن القومي الكلداني الذين تأملوا خيرا. والتي كانت تحت رعاية الكنيسة الكلدانية . ولكن فيما بعد انقسمت الأراء حول عمل الرابطة ونظامها الداخلي وعدم استقلاليتها في اتخاذ القرارات وأمور أُخرى. ولازال الجدل قائما حول كيفية استمراريتها وتفعيلها وكيف!! نتمنى ونحن في حوارنا الصريح وبدون رتوش وكونكم متابعين لكل الأحداث منذ بدايتها وتفاعلكم معها بكتاباتكم ومقالتكم . كيف تنظرون الى مستقبل الرابطة الكلدانية ؟ وهل من الممكن ان توضحوا بكل صراحة اسباب الأنقسامات في الأراء بين المثقفين والكتاب حول عملها ودورها؟ وهل من الممكن أن تبينوا أين كانت نقاط الضعف والأسباب الحقيقية التي أوصلت الرابطة على ماهي عليه الأن.؟؟؟
نعم اخي هيثم، كما تفضلت لاقت الرابطة الكلدانية في بدايتها تأييدا كبيرا من المثقفين والناشطين والمتابعين لشؤون الكلدان وحتى الاثنيات الأخرى. بينما لاقت مجابهة كي لا ترى النور من قبل الموالين لأحزاب غير كلدانية، الذين لا يريدون للكلدان مؤسسه تهتم بشؤونهم القومية والاجتماعية، كأنما جاءت لتنافسهم، واخص الذكر وبالدرجة الأساس من قبل الكلدان الذين لا يهمهم اسمهم القومي، لاعتبار ان تأسيسها سيساعد على الانقسام بين الكلدان والاشوريين والسريان من حيث وجهة نظرهم.، فتعرضت الى حملة من الانتقادات منذ الإعلان عن تأسيسها.
وقد قدمت نشاطات متميزة في البداية، من خلال بعض فروعها وليس الكل، وبدات تدريجياً في التراجع، واخص بالذكر قيادتها العليا التي تكونت من خمسة اشخاص، وشمل التراجع أيضا الفروع النشطة الأخرى، علماً داخل العراق لا يوجد نشاط ملموس يُذكر. من خلال متابعتي من اليوم الأول لتأسيسها ولا يزال لمشاركتي مع العديد في املنا بوجود الرابطة، أرى اهم عوامل اخفاقها هي:
عدم صياغة نظامها الداخلي قانونياً، بالرغم من تقديم مسودات، والأولى كانت تلك التي قدمتها، واجراء المناقشات والتعديلات للخروج بصيغة موحدة في المؤتمر التأسيسي، جاءت فقرات النظام متناقضة وبحاجة الى تعديلات في الأهداف والارتباط الإداري لها في الكنيسة. مما استوجب عرضها على المختصين القانونيين وهذا لم يحدث حينها. أدت تلك التناقضات والصياغة غير التوافقية الى زيادة الإحباط والاعتراض لفئة من الكلدان، واخص بالذكر تلك التي لم ترض ان تكون ادارتها مرتبطة في الكنيسة.
كما كان النظام سبباً لتلكؤ العملية الإدارية للقيادة نفسها، اذ لارتباطها المباشر وتبعيتها لغبطة البطريرك ساكو أربكت عملهم، بحيث لم يتمكنوا من تحديد مواقفهم تجاه عدة احداث مثلا، او عدم القيام باي نشاط تحسباً قد لا يرضي البطريرك. ولتبعية قرار الرابطة بالبطريرك، حدث نوع من تهرب القياديين من المسؤولية، فحاولوا الحفاظ على الأمور كما هي دون تحريك. بالرغم من قيام حملات جماعية من قبل قيادات بعض الفروع لدراسة وتغيير البوصلة وتنشيط الرابطة لتقاطعها مع القيادة، ولكن لتدخل غبطة البطريرك أيضا لم تأت بنتيجة.
ومن العوامل المهمة الاساسية التي أدت الى انكماش عمل الرابطة ونفور الكلدان منها، وعدم الاستجابة لها، هو تهميش وعدم دعوة العديد من النشطاء والمثقفين الكلدان القوميين من ذوي النشاط الحافل والمكانة في المجتمع الكلداني وفي مجتمعاتهم المحلية الى المؤتمر التأسيسي، وكانت لكتاباتهم وانتقاداتهم للرابطة وآليات تأسيسها وقعاً كبيراً في احباط عملها.
كما ان معظم أعضاء القيادة العليا لهم تاريخ موالاة لأحزاب أخرى غير كلدانية في توجهها القومي بالدرجة الاساس، مما كان سبباً آخراً لفشل عملهم، وأدى الى التقاطع بينهم في اتخاذ القرار. وبدا لي من المتابعة المستمرة انهم غير مؤهلين للعمل في منظمات مجتمع مدني. حيث لم يدركوا بعضهم تمييز طبيعة العمل في منظمة مجتمع مدني عن الأحزاب السياسية، فتصرف بعضهم كأنهم يعملون في حزب سياسي. ولا يسمعون لغيرهم من ذوي الخبرة، بل قناعتهم الشخصية غير المدروسة هي الأسمى بتصورهم.
تعد عملية التمويل من الأساسيات في نجاح أي مؤسسة، الرابطة لم تضع خطة لها لتامين الأموال اللازمة لديمومتها بالرغم من ان النظام الداخلي يبين طرق تامين الأموال، وكما وضع بعض المتابعين، مثل الإعلامي فوزي دلي خطة مضمونة لتامين مصاريف الرابطة، ولكن لم تتلق اذن صاغية من القيادة.
الإخفاق في ترجمة اهداف الرابطة الى الواقع، وهذا يرجع سببه لما وصفتهم به في الفقرات أعلاه، فانحسرت هويتها بمن ينتمي اليها فقط دون تعريفها وخلق شعبية لها من خلال التطبيق العملي للأهداف وهناك امثلة متعددة: لم نر يوما وبالأخص في العراق، أقيمت ندوة جماهيرية ثقافية من قبلهم، كأن يكون موضوعها سياسي او تاريخي او اجتماعي، لم نر زيارة لاحد قادتها لقرية ما سواء كلدانية او مسيحية، لم نر زيارة لاحد من الأحزاب المسيحية والتشاور معهم، لم نر محاولة لاستقطاب الطلبة الكلدان في نشاطات اجتماعية وثقافية، لم نر مبادرة تعليم اللغة الكلدانية للأطفال او الشباب، لم نر تقديم اية مساعدات للمحتاجين في القرى، وهناك العديد من (لم)، بل همهم كان إيصال واحد الى البرلمان، وما الذي استفاد الكلدان او المسيحيين من وصوله اسوة بمن سبقوه؟ كان همهم اصدار بيانتهم السياسية ضد من يخالفهم الرأي او للتمجيد.
في رأيي، إذا استمرت على هذه الحالة، ووجود القيادة العليا الحالية سيكون مصيرها نحو الاسوء، اذ من متابعتي ان بعض رؤساء الفروع هم أكثر أهلية من أعضاء القيادة الحالية للعمل في القيادة العليا. وكي يتغير مسارها نحو الأفضل، اقترح عليهم، الانفصال التام من تبعية الكنيسة، تقديم القيادة الحالية استقالتها والبدء بانتخابات جديدة، تعديل فقرات النظام الداخلي لتنسجم مع بعضها وحل التناقضات، واجراء دراسة لبيان أسباب الإخفاق وثم تقييم الذات وتقويمها. واجراء مؤتمر، تشمل الدعوات كل ناشط ومثقف كلداني مهتم بالشؤون الكلدانية.