رسالة مفتوحة الى الرئاسات الثلاث في اقليم كوردستان – العراق
د. منى ياقو تحية ومزيد من الاحترام ..
حيث أن العراق قد صادق على العهدين الدوليين ، الذين يمثلان اساس الشرعة الدولية لحقوق الانسان ، بقانون تصديق الاتفاقيات الدولية لحقوق الانسان رقم 193 لسنة 1970 ، و حيث ان المادة 18 من العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية و السياسية لعام 1966 ، تنص على ان " 1-لكل انسان حق في حرية الفكر و الوجدان و الدين و يشمل ذلك حريته في ان يدين بدين ما ، و حريته في اعتناق أي دين او معتقد يختاره و حريته في اظهار دينه او معتقده "، و حيث ان العراق و بضمنه اقليم كوردستان ، ملزمان باحترام تعهداتهم و التزاماتهم الدولية . مع الاشارة ، الى انه ، الاحكام الواردة في العهد المذكور، و التي تعد من قواعد القانون الدولي العرفي ، لا يجوز ان تكون موضوعاً للتحفظ ، و ان "حرمان الاشخاص من حرية الفكر و الوجدان و الدين " هو احد الأمور التي يحظر التحفظ عليها بحسب التعليق العام رقم 24 الصادر عن الدورة 52 للجنة المعنية بالحقوق المدنية و السياسية 1994 .
و حيث ان دستور العراق لعام 2005 ، يؤكد في المادة 2/ اولا – ج منه ، على ان "لا يجوز سن قانون يتعارض مع الحقوق و الحريات الاساسية الواردة في هذا الدستور ، و حيث ان المادة 42 منه ، قد ضمنت " لكل فرد حرية الفكر و الضمير و العقيدة " .
و حيث ان المادة 46 من الدستور ، تحظر صراحة ان " لا يكون ممارسة أي من الحقوق و الحريات الواردة في هذا الدستور او تحديدها الا بقانون او بناء عليه ، على الا يمس ذلك التحديد و التقييد جوهر الحق او الحرية "، و بما ان التحديد و التقييد الوارد في القانون النافذ و الخاص بممارسة حرية الدين و المعتقد ، هو تحديد يمس جوهر ذلك الحق ، فأنه تحديد مخالف للدستور تماماً . و حيث ان المادة (13)من قانون النفوس رقم 54 لسنة 1927 الملغي ، و المادة 16 من قانون تسجيل النفوس رقم 59 لسنة 1955 الملغي ، و المادة 25 من قانون تسجيل النقوس و الالقاب رقم 61 لسنة 1958، جميع تلك المواد جاءت عامة مطلقة ، و لم تستثني اي شخص مسجل في سجلات النفوس من حقه في تغيير دينه و اختيار اي دين آخر مسجل رسميا في العراق .
و ان الأمر تغير بصدور قانون الاحوال المدنية رقم 189 لسنة 1964 الملغي ، اذ نصت المادة 33/2 منه ، على ان "" يجوز لغير المسلم ان يغير دينه وفقا لأحكام هذا القانون "، من ثم تم التأكيد على ذلك في قانون الاحوال المدنية رقم 65 لسنة 1972 الملغي ،و مؤخرا تم التأكيد على ذلك في قانون البطاقة الوطنية رقم 3 لسنة 2016 ، اذ نصت المادة 26 منه على ان "" يجوز لغير المسلم تغيير دينه وفقا للقانون ". و حيث ان المتعارف عليه ، ان الحقوق و الحريات لا بد ان تكون في حالة تطور ، انسجاماً مع المفاهيم الحضارية ، لا ان تتراجع كما جرى في العراق ، اذ كان حق الفرد في تغيير ديانته مكفولاً في القوانين منذ 1927 ، لكن هذا الحق بات سبباً لخرق مبدأ المساواة بين المواطنين ، منذ 1964 و حتى اليوم ، حين جعل حق تبديل الدين محصوراً بين اتباع الديانات الغير مسلمة ، و بذلك فأنه ميز بين المواطنين بسبب اختلاف الدين و هذا ما يناقض تماماً نص المادة ١٤ من الدستور و بذلك فأنه يقضي على مبدأ المشروعية .
و حيث ان اقليم كوردستان – العراق ، يقود تجربة يُفترض انها تكرس لمفهوم التعايش السلمي و التقارب بين المكونات ،و ان اصداء هذا التلون قد يصل الى المجتمع الدولي ، و حيث ان احدى أسس هذا التعايش هي المساواة في الحقوق بين ابناء تلك المكونات ، رغم اختلاف ثقلها العددي و كثافتها ، و حيث أننا ، كمكون ، نعد عنصراً اساسياً في دعم هذا التعايش ، و لأننا نرفض فكرة التمييز بين مواطني الاقليم و مكوناته ، أياً كانت بواعثه و اسبابه . فأننا ندعوا الرئاسات الثلاث ، الى انصافنا ، كمكون أصيل ، ذات هوية قومية و دينية و لغوية ، له تاريخ يمتد الى آلاف السنين على ارض العراق ، ويشهد له القاصي و الداني ، بمساهمته الفاعلة في تنمية الاقليم و تطويره و الدفاع عنه ، وبكوننا احدى الركائز الأساسية للمشاركة السياسية منذ 1991 و حتى اليوم ، ندعوهم الى اتخاذ مسلك مغاير لما موجود ، والإقرار بأننا مجتمع ديمقراطي منفتح يحترم اختلافاته و يعتز بها، و ان يتم تعديل نص المادة 26 من قانون البطاقة الوطنية النافذ، بشكل حضاري يتفق مع المواثيق الدولية ، و نقترح الصيغة التالية للتعديل :
المادة 26 - اولاً – يجوز للفرد تبديل دينه ،الى أي دين معترف به رسمياً في الدستور .
ثانياً – ان تبديل دين احد الوالدين ، لا يترتب عليه تغيير دين اولاده القاصرين ، و يبقى هذا الخيار متاحاً لهم ، عند بلوغهم سن الرشد عاقلين . كلنا امل ، ان تنظروا في طلبنا هذا ، بعين الانصاف و بالرغبة الحقيقية في الاقرار بمساواتنا كأفراد نحمل هويات دينية مختلفة ، امام القانون و امام القضاء.. مع وافر تقديرنا.