المحرر موضوع: أخطاء شائعة في التاريخ الآشوري – 2 هل تكلم الآشوريون لغة الآراميين أم لغتهم القومية ؟  (زيارة 1744 مرات)

0 الأعضاء و 1 ضيف يشاهدون هذا الموضوع.

غير متصل أبرم شبيرا

  • عضو فعال جدا
  • ***
  • مشاركة: 396
    • مشاهدة الملف الشخصي
    • البريد الالكتروني
أخطاء شائعة في التاريخ الآشوري – 2
---------------------------------

هل تكلم الآشوريون لغة الآراميين أم لغتهم القومية ؟
===================================
أبرم شبيرا
أولا: من يكتب التاريخ؟:
---------------
عندما تسقط الأمة سياسياً ويضعف تأثيرها على مجريات الأمور يسقط قلمها أو يضعف تأثيره. لذلك قيل أن التاريخ لا يكتبه إلا القوي والمسيطر، وبالتالي ما هو  في مجمله إلا تاريخ الملوك والأمراء والجيوش والطبقات والشعوب المسيطرة وكل ما يتعلق بهم من معتقدات وأفكار وتصورات وممارسات ونشاطات وثقافات وإنجازات وحروب  وأنتصارات. أما الشعوب الخاضعة فتصبح بلا تاريخ، وفي أحسن الأحوال يكون تاريخها مشوهاً وذلك بسبب، إما قد كتب من قبل الشعوب المسيطرة خدمة لمصالحها الخاصة وعن طريق تنسيب المحاسن والمآثر إليها ولصق المثالب والعيوب بالآخرين، أو كُتب من قبل الشعوب الخاضعة وبنوع من الخنوع والتوافق مع رغبات الشعوب المسيطرة. لهذا السبب يسود تاريخ الشعوب الخاضعة حالة من الضبابية والخرافة والشعوذة والسحر والخيال لأنه نتيجة منطقية لسقوط القلم وضعف تأثير الفكر والمنطق في فهم التاريخ. وهنا من الضروري أن نفرق بين (التأريخ) بوضع الهمزة على الألف والذي يقابله بالإنكليزية (Chronicle) ويعني عرض للأحداث حسب تسلسلها، و(التاريخ) بدون وضع الهمزة على الألف ويقابله بالإنكليزية (History) والذي يعني علم التاريخ الذي يدرس الأحداث التاريخية ويحللها ويبين العوامل المؤثرة فيها والنتائج الحاصلة.
هكذا كان الحال بالنسبة للآشوريين في أوج إمبراطوريتهم حيث كتبوا التاريخ بأزاميل فولاذية وعلى صخور صلدة وملئوا الدنيا بأخبارهم وإنجازاتهم العظيمة التي وصلت إلى يومنا هذا. وعلى العكس من هذا عندما سقط كيانهم السياسي وأصبحوا شعباً خاضعاً سياسياً لإرادة الشعوب الأخرى، فبالتالي باتوا شعباً بدون تاريخ، وفي أحسن الأحوال تاريخ هامشي يعكس هامشية واقعهم وضعف كيانهم السياسي. فبسبب هذه العلة يسود التاريخ الآشوري بعد سقوط كيانهم السياسي الكثير من الغموض والخرافة والشعوذة والأخطاء بحيث سُلبوا من كل المحاسن والمآثر والإنجازات العظيمة وسرقت منهم أونسبت إلى الشعوب المسيطرة كالفرس والإغريق والرومان والفرس واليهود بما فيهم العرب والأكراد. لا بل فقد تطاولت عملية سرقة التاريخ الآشوري وبلغت إلى درجة قطعهم عن تاريخهم الغابر وسلبه منهم فأصبحوا في نظر هذه الشعوب المسيطرة إما بدون تاريخ أو بتاريخ يبدأ مع بداية المسيحية أو في بعض الأحيان مع بداية فكرة أو ظهور طائفة دينية أو معتقد معين، وما النعوت كالنصرانية والنسطورية واليعقوبية وغيرها من التسميات إلا نماذج في هذا السياق ألصقت بالآشوريين لتشويه أو إخفاء أو محو تاريخهم الغابر. واليوم يأتي مفهوم "المكون المسيحي" في العراق الحالي ضمن هذا السياق، كنتيجة منطقية لضعفهم السياسي وتشتتهم القومي. فالقوة أو السيطرة السياسية لاتعني إلا سيطرة إقتصادية وإجتماعية وثقافية  ودينية وحتى لغوية لأن السياسة أو الحكم أو الحكام هم الذين يشرعنون المجالات الثقافية والسياسية والإجتماعية وتهيمن أفكارهم وثقافتهم ودينهم ولغتهم على المجتمع، سواء بالقانون أو بحكم الهيمنة والسيطرة أو بالقوة وتحديداً في بلدان الشرق الأوسط، ومنها العراق.
على العموم، إن استمرار عجز الآشوريين في بناء كيان سياسي خاص بهم أو فقدانهم للمبادرات السياسية الفاعلة والمثمرة  يعني من جهة أخرى استمرار عجزهم عن كتابة تاريخهم بفاعلية مؤثرة قادرة على إزالة الخرافة والشعوذة منه وتحريره من الأوهام والخرافات التي  سيطرت على أفكارهم ومناهجهم في فهم تاريخهم. ومن المؤسف أن تستمر بعض من هذه الخرافات قائمة حتى إلى زمن قريب، ليس بين بسطاء الآشوريين فحسب، وإنما بين بعض من الكتاب وأنصاف المثقفين من علمانيين وأكليركيين. فالبعض من هؤلاء لا يزال يؤمن ويروج بأن ملك "أتور" غضب الله عليه وحوله إلى ثور لأنه حاول بناء برج يصل سقف السماء، ثم نزلت لعنته على أهل بابل فبلبل لسانهم إلى عدة ألسنة !! (التكوين: 9:11)،  في الوقت الذي هو معلوم بأن أصل كلمة بابل متأتي من اللغة الأكدية وتعني بوابة الألة.. وهناك العشرات من المعتقدات والمفاهيم التي تكتنفها الخرافات والتخريفات التي ألصقت ظلماً بالآشوريين وبمعتقداتهم وممارساتهم والبعض منها أدرجها اليهود في توراتهم والتي ظهرت بعد التطور العلمي والإكتشافات الآثارية بأنها في خلاف وتعارض مع الوقائع التاريخية وفي تناقض عميق مع أبسط مقومات الفكر والمنطق والبحث العلمي النزيه. فالبرغم من مرور ألاف السنيين عليها والتطور العلمي الهائل فلا يزال البعض يؤمن بها. وما يهمنا هنا هو موضوع اللغة العظيمة التي تكلم بها الآشوريون القدماء وحتى اليوم والتي من المحتمل، إن لم يكن من المؤكد، قد خضعت لهذه الخرافات والتحريفات.
ثانيا: ما هي اللغة التي تكلم بها الآشوريون؟:
--------------------------   
إستنادا إلى ما تقدم في فهم التاريخ يفرض علينا وبقوة سؤال عن اللغة التي تكلم بها أجدادنا الآشوريون. ومثل هذا التساؤل يأتي رغم وجود عشرات لا بل المئات من المراجع التي تقول بأن الآشوريين تركوا لغتهم القومية الأكدية بلهجتها الآشورية، وهي اللغة التي تكلموا وكتبوا وقرأوا بها لقرون طويلة ودونوا بها أعظم روائع الأدب الإنساني والملاحم والمعتقدات ومنجزات الحضارات التي سبقتهم وأسسوا أعظم مكتبة مفهرسة في التاريخ القديم، تركوا هذه اللغة العظيمة، وهم في قمة القوة والعظمة والتوسع الإمبراطوري، وتبنوا اللغة الآرامية التي تنسب إلى الآراميين وهم قبائل تغلب عليهم صفة البداوة والترحال وعدم الاستقرار والخضوع السياسي المستمر سواء للآشوريين أو لغيرهم بحيث طيلة تاريخهم المعروف لم يتمكنوا من تأسيس دولة موحدة لقبائلهم ولم يظهر فيهم ملك أو ملوك مشهورة أشاد بهم التاريخ البشري فأقتصر كيانهم السياسي على تأسيس بعض الإمارات أو دويلات مبعثرة هنا وهناك في الصحراء لم يطيل بهم الزمن إلا لفترة قصيرة. في حين على العكس منهم، فالوقائع التاريخية تؤكد حقيقة قوة وعظمة الآشوريين وملوكهم في مقارنتهم مع ضعف الأراميين وهزالة وجودهم السياسي وهشاشة كيانهم القومي. وأبسط دليل على ذلك هو الإكتفاء بزيارة واحدة للمتاحف العالمية مثل المتحف البريطاني في لندن ومتحف اللوفر في باريس ومتحف برلين في ألمانيا التي تزخر بنماذج في عظمة الآشوريين، في حين هي خالية من أي آثر للأراميين. ومن لا يستطيع زيارة هذه المتاحف عليه زيارة بلاد آشور القديمة ومعاينة عظمة الآشوريين في آثار نينوى ونمرود وخرسباد وآشور ومنطقة خازر وخنز. والمدفون من شواهد لعظمة الآشوريين تحت الأرض وغير المكتشف هو أكثر بكثير مما هو على سطحها.
-----------------------------
نموذج بسيط في المقارنة بين عظمة الآشوريين وضعف الأراميين، لا بل أنظر إلى روعة الفن الآشوري والحركة المفعمة بالحيوية  في مقارنة مع فقر الفن الأرامي ونحول وجه الفارس الأرامي.(النماذج منقولة من موقع كوكيل).


--------------------------------------------------------
من كل ما تقدم، ووفق تأثير الحكم والقوة والسياسة والهيمنة على مجمل مناحي الحياة، لا يمكن للعقل والمنطق أن يقبل هذه الخرافة في ترك الآشوريين، وهم أسياد المنطقة، لغتهم القومية العتيدة وتبنى لغة قوم رحل تغلب عليهم حياة البداوة والترحال وعدم الإستقرار. فالتاريخ يؤكد حقيقة غلبة لغة أصحاب القوة والنفوذ على لغة الضعفاء والغاضعين. فالاغريق عندما زحفت جيوشهم على المنطقة هيمنت لغتهم على لغة شعوب هذه المنطقة. والحال نفسه مع توسع الإمبراطورية الرومانية وهيمنة اللاتينية على الشعوب التي خضعت لها. واليوم اللغة الإنكليزية هي بمثابة لغة عالمية ولغة شعوب أخرى غير الأنكليز، ليس ذلك إلا بسبب قوة وتوسع الإمبراطورية البريطانية التي لم يكن يغيب الشمس عنها في السابق وكذلك قوة الولايات المتحدة الأمريكية في الحاضر. وهناك العشرات من البلدان في القارة الأفريقية وأميركا الجنوبية تتكلم شعوبها لغة مستعمريهم لأن القوة الإستعمارية فرضت عليهم التكلم بلغة المستعمر فلم تستطيع  اللغة المحلية التي كانوا يتكلمون بها أن تقاوم قوة لغة الإستعمار الفرنسي والبريطاني والإسباني، واليوم يطلق عليهم الشعوب الناطقة بالفرنسية أو الإنكليزية أو الإسبانية.
والأنكى من هذا، وبعيداً عن السياسة والقوة والهيمنة، يتجاوز ما يناقض المنطق والعقل هو القول بأن الآراميين أخترعوا الأبجدية وأن الآشوريين تركوا الخط المسماري وتبنوا أبجدية الآراميين!! عجبي كبيرا جداً بأن أمة عظيمة، كالأمة الآشورية التي سجل تاريخها إختراعات مهمة لحياة البشر وإكتشافات كثيرة نورت حياة الأجيال القادمة لا تستطيع إختراع أبجدية للغتهم وتلجأ إلى شعب آخر أضعف منها بكثير وتقتبس أبجديته.  فكثير من المراجع العلمية تذكر بأنه كانت آشور على أعلى مستوى من الإنجازات التكنولوجية والعلمية والثقافية. فقد طور الآشوريون نظام عدٍ قائم على مضاعفة الرقم 60، وقسموا الساعة إلى 60 دقيقة والدقيقة إلى 60 ثانية، والدائرة إلى 360 درجة، وكانت العمليات الحسابية مهمة في مشاريع البناء الخاصة بهم، لذلك كان لديهم معرفة واسعة في عمليات الجمع والطرح والضرب والقسمة والمعادلات التربيعية والتكعيبية والكسور. كما تتبع علمائهم حركة القمر والنجوم والكواكب، واعتمدوا في ذلك على المبادئ المتقدمة للرياضيات، وكانوا أيضًا يتنبؤون بحركة العديد من الكواكب الأخرى. وأهتم الآشوريون بالطب لأهميتهِ في خوض الحروب والمعارك، وطوروا أدوية للإصابات الخطيرة، وعالجوا الأمراض بالحبوب والمراهم والأعشاب وحتى بالثوم وكانوا يعتمدون في تشخيص الأمراض على المنطق والتاريخ الطبي المسجل. وعُرف الآشوريون بمهاراتهم العسكرية، وكانوا أول من أستخدموا الأسلحة الحديدية في حروبهم كما تميز الآشوريون باستراتيجيتهم العسكرية، خاصةً في الحروب وعن طريق الحصار ودك الحصون حيث كانوا مهرة في اختراق تحصينات الأعداء وأستخدام الضفادع البشرية في التسلسل لمواقع الأعداء، كما كان الآشوريون أول من أخترعوا العجلة، أساس تطور التكنولوجيا الصناعية واستخدموها في مركباته. (المعلومات منقولة من مواقع ألكترونية). هذا غيض من فيض من ابداعات وإختراعات الآشوريين التي هي أكثر بكثير من إختراع أبجدية للكتابة. أفهل يعقل العقل ويقبل المنطق كل هذا في القول بأن الآشوريين تبنوا أبجدية الأراميين؟
ثالثا: الآشوريون بين الأرامية والسريانية
------------------------
من الأخطاء الشائعة في التاريخ الآشوري هو أن الآشوريين الذين كانوا يتكلمون اللغة الآرامية قد أصبحت تدعى باللغة السريانية بعد إعتناق الآشوريون المسيحية، لماذا؟،  لأن التسمية الآرامية كانت مرتبطة بمرحلة وثنية والثانية مرتبطة بالمرحلة المسيحية!! ولو حاولنا التدقيق ومعرفة هذا التحول في تسمية لغة الآشوريين سنرى أنها مرتبطة، ليست بشكل مباشر ببداية المسيحية وأعتناق الآشوريون لهذه الديانة، بل بمرحلة قدوم الإغريق وسيطرتهم على المنطقة من جميع المناحي وفرض أفكارهم وثقافتهم ومعتقداتهم ولغتهم على شعوبها. وكان من المنطق أن ينطقوا أو يسموا أسماء المناطق والشعوب بلغتهم التي سادت المنطقة قبل المسيحية. يقول المؤرج الإغريقي الكبير هيرودوتس أو هيرودوت (حوالي 484 ق.م - 425 ق.م) الملقب بـ "أبي التاريخ"، الذي زار المنطقة في القرن الخامس قبل الميلاد وتحديدا بلاد آشور المحتل من قبل الفرس الميديين، فبعد أن وصف الآشوريين المجندين في جيش الفرس الميديين في كتابه المشهور "تاريخ هيرودوت" يقول "أن هذا الشعب الذي يطلق الاغريق عليه أسم "سريانس – Syrians – يطلق عليه البرابرة أسم أسريان – Assyrians-" )للعلم كان الأغريق يطلقون على غيرهم من الشعوب تسمية البرابرة(. ص 144.
The History of HERODOTUS, translated by George Rawlinson, Vol Two, First Edition 1010, Reprinted 1912, 1916, 1920, 1924. P.146
This People, the Greeks call Syrian, are called Assyrians by the Barbarians. P. 144.
البروفسور جورج رولينسون مترجم ومحقق الكتاب، هو الشقيق الأصغر لعالم الآشوريات المشهور هنري رولينسون الذي فك وحلل وترجم الكتابة الآشورية المسمارية وبذلك أعتبر مؤسس وأب علم الآشوريات والذي من خلال هذا العلم تم دراسة حضارات شعوب المنطقة.
------------------------------------------------------
من هنا يمكن القول جازماً بأن الأغريق وضعوا الأمور منذ البداية في نصابها الصحيح،  فعندما أكدوا بأن تسمية السريان ( ( Syriansتعني عند شعوب المنطقة أسريان - ِ Assyrians،  فأنه بالنتيجة المنطقية اللغة التي تكلم الآشوريون بها أطلقوا الأغريق عليها بـ "Syriac" والمنحولة إلى العربية بـ "السريانية"، نسبة إلى السريان، التسمية الإغريقية أو الآشوريين (Assyrians)، بتسمية شعوب المنطقة (البرابرة حسب مفهوم الإغريق)، والتي منها أتت كلمة "سورث" العامية عند الآشوريين بشكل خاص وعند المسيحيين المشرقيين بشكل عام، و"ليشانا أتورايا أو آشورايا" بالفصحى الآشورية. من هنا نقول بأنه ليس خطأ القول بأن الآشوريين يتكلمون اللغة السريانية (Syriac) بمنطوقها الإغريقي ولكن من الأفضل وضع أسم اللغة في نصابها الصحيح ونقول بأن الآشوريين يتكلمون اللغة الآشورية (Assyrian) بمنطوق شعوب المنطقة ومنهم الآشوريين. وهنا من الضروري الإشارة، رغم عدم إختصاصنا في اللغة، بأن البعض يذكر اللغة الآشورية الحديثة أو في أحيان أخرى اللغة الآشورية القديمة (ليشانا عتيقا) فهذا أمر يخالف ويناقض قانون تطور اللغة التي تمر بمراحل كثير تتأثر وتؤثر بغيرها من اللغات وبالتحولات السياسية والإجتماعية والفكرية، خاصة عندما يكون عمر مثل هذه اللغة ألاف السنين كاللغة البابلية – الآشورية التي تكلم بها الآشوريون.
 من هذا المنطلق فأنه من الطبيعي جداً أن لا تكون لغة الآشوريين في هذه الأيام نفس لغة أجدادهم قبل أكثر من سبعة ألاف سنة، وبالتالي فأن المفاهيم مثل اللغة القديمة أو الحديثة لا تتسق مع هذا المفهوم في التطور. فلو حاولنا إجراء مقارنة مع اللغة العربية نرى بأن لغة العرب اليوم هي ليس نفسها بالتمام والكمال اللغة التي تكلم بها أهالي قريش قبل أكثر ألفي سنة ولكن لا زالت تعرف بـ "اللغة العربية" التي يتكلم بها عرب اليوم. ومقارنة أخرى نراها في اللغة الإنكليزية التي يتكلم بها الإنكليز وغيرهم من الشعوب، فهي غير لغة وليم شكسبير الإنكليزية التي كتب بها روائع الأدب الإنكليزي قبل ستة قرون تقريباً حيث تختلف كثيرا أو قليلا عن الإنكليزية الحالية لدرجة يصعب أو يستحيل على الإنكليزي العادي أن يفهمها. وهنا أسترجع بعض الذكريات بهذا الخصوص حيث في منتصف التسعينيات من القرن الماضي كنتُ مع قداسة مار كوركيس الثالث صليوا، البطريرك السابق لكنيسة المشرق الآشورية (حينذاك مطربوليت الكنيسة في العراق) في زيارة للمتحف البريطاني في لندن وأطلع قداسته على بعض أعمال وليم شكسبير المعروضة فبالكاد أستطاع قراءتها وفهمها رغم كون قداسته مختصاً في اللغة الإنكليزية وكان أستاذا لهذه اللغة في العراق قبل توشحه برداء الكهنوتية وفي حينها أستنتج قداسته، بعد أن  أطلع في نفس الوقت على بعض مخطوطات كنيسة المشرق القديمة المعروفة في المتحف والتي كان تاريخ بعضها يقارب 700 سنة وبعضها الآخر بحدود 300 سنة والتي سرقت من العراق أثناء حوادث حرب الخليج الأولى وبيعت للمتحف البريطاني، أستنتج بأن الإختلاف الموجود بين لغة شكسبير الإنكليزية مع اللغة الحالية قد يكون أكثر بكثير من أختلاف لغة الآشوريين القديمة عن اللغة الحالية لهم.
إذا الآشوريون في هذه الأيام يفتخرون بأجدادهم القدماء وإن هذا الإفتخار ليس قائم على الشعور والعاطفة والوعي الإنتمائي فحسب وإنما بجملة مقومات تاريخية وممارسات تراثية توارثوها من جيل إلى آخر لتشكل ركائز أساسية لوجودهم القومي ويمارسونها حتى اليوم، مع التأكيد بأنها مرت بمراحل تاريخية طويلة وبتطورات التأثير والتأثر بحيث لم تعد كما كانت تمارس في السابق وذلك بحكم الزمان والمكان. واللغة كما نعرف هي من أهم مقومات وجود الأمة وهي أيضا تتأثر بهذه التطورات التاريخية والتي يجب أن نفهما وفقاً لظروف الزمان والمكان. فأشوريو اليوم ينسبون قوميتهم إلى الآشوريين القدماء وفقاً لهذه المقومات المفعمة بالتطور. أفهل هناك شعب أخر يدعي بهذا الإنتساب؟؟؟ كلا و أيضا كلا، إذن الآشوريون يستحقوق شرعاً هذا الإنتساب فعلاً وقولا ومن دون منازع وكأنهم قد فازوا به شرعاً  بـ "التزكية" طالما لا يوجد من ينافسهم في هذا الإنتساب ومنها اللغة التي تكلموا بها. 
هنا ننهي موضوعنا بالتساؤل... لماذا حلال على البعض وحرام على الآشوريين؟... قد يكون الجواب كامن في السطور المذكورة أعلاه، لأنه ليس هناك دولة خاصة بهم أو كيان سياسي للآشوريين ولا لهم قوة مؤثرة تستطيع أن تفرض الحقائق على أرض الواقع وتزيل الأخطاء التاريخية التي أرتكبت بحقهم. من هنا نقول، فبسبب الضعف السياسي الذي يكتنف الآشوريين في هذه الأيام فأنه قد يستحيل أزالة هذه الأخطاء التاريخية من العقول، ولكن مع هذا، فالتسلح بالعلم وبمنطق الوقائع التاريخية يتيح لنا مجال لمناقشتها والوصول إلى كشف حقيقة هذه الأخطاء وإزالتها أو التخفيف من شيوعيتها بين غالبية الناس، وما هذه السطور إلا محاولة في هذا السياق. 





غير متصل wesammomika

  • عضو مميز
  • ****
  • مشاركة: 1654
  • الجنس: ذكر
  • السريان الآراميون شعب وأُمة مُستقلة عن الكلدوآثور
    • مشاهدة الملف الشخصي
السيد ابرم شبيرا
السادة القراء الكرام المحترمون
تحية قومية "سريانية آرامية"
نرفق لكم بشرى جميلة وكشف فضيحة بالوثائق ليطلع أبناء شعبنا السرياني الآرامي على أسلوب وطريقة من يدعي الأشورية وكيفية تضليل أنفسهم والناس والانهيار التام للمتاشورين بعد أن اعترفوا ويعترفون كل يوم أن اسم لغتهم هو السريانية أو الآرامية وليست الأكدية بلهجة بلاد آشور، لأنهم سريان آراميين ولا علاقة لهم بالآشوريين القدماء. فأصبحوا يلجئون لنظرية الاشتقاق المضحكة وأقول الأجانب وليس لأقول أبائهم، والآن إلى الفضيحة الكبرى بالجلاجل التي كانت سبباً في تعليقنا لنعلِّم كيف يُكتب التاريخ:
 
(اقتباس 1 من ابرم شبيرا) البروفسور جورج رولينسون مترجم ومحقق كتاب هيرودتس الذي قال إن السريان آشوريين، وجورج رولينسون هو الشقيق الأصغر لعالم الآشوريات المشهور هنري رولينسون الذي فك وحلل وترجم الكتابة الآشورية المسمارية وبذلك أعتبر مؤسس وأب علم الآشوريات والذي من خلال هذا العلم تم دراسة حضارات شعوب المنطقة.
 

(الجواب): يفضح الأستاذ موفق نيسكو في كتابه (اسمهم سريان لا آشوريين ولا كلدان) هؤلاء الكُتَّاب بالوثائق الدامغة وبفم جورج رولينسون الذي لا يبدو أن المسكين ابرم شبيرا يعلم ما قاله راولنصون، فيقول الأستاذ نيسكو: جورج راولنصون، مُترجم كتاب هيرودوتس بالإنكليزي سنة 1860م، وهو أحد أشهر علماء ومؤسسي علم الآشوريات والشقيق الأصغر لهنري راولنصون المُلقَّب بأبي الآشوريات الذي فكَّ الرموز المسمارية للغة الأكدية التي كانت لغة بابل وآشور، وفي تعلق جورج على الفقرة 63، من كتاب هيرودتس التي قال فيها نحن نسميهم سريان والبرابرة آشوريين، والتي كان هيرودتس قد خصص كل فقرة مستقلة للجنود الذين كانوا من مناطق جغرافية مختلفة، ومنهم جنود فصيل الفقرة 63 الذين كانت  لغتهم هي السريانية، لأن اللغة الآرامية أو السريانية كانت قد اجتاحت المنطقة لجميع الشعوب، علماً أن هيرودتس رغم أخطائه وخلطه لكثير من الأمور لكنه فرق تماماً ومرات عديدة بين سوريا وآشور والسريان والآشوريين، والمهم إلى الفضيحة الكبرى حيث يعلق جورج راولنصون على الفقرة 63 من كتاب The history of Herodotus، تاريخ هيرودتس الذي أشار له ابرم شبيرا دون أن يعلم بالفضحية، إذ يقول راولنصون:

 
إن كلمة سوريا (السريان) والآشوريين كلمتان مختلفتان تماماً، فاسم سوريا والسريان هو من اسم مدينة، صور Tyrian اللبنانية، وهي تختلف عن كلمة آشور اشتقاقاً وشكلاً وحروفاً وصوتاً ومعنى، وبكل اللغات، وقد كان اليونان قد أصبحوا على بينة من البلدان التي وصلوها بين آسيا الصغرى ومصر، فوجدوا أن أهل مدينة (صور Tyre) الصوريين، هم غالبية السكان هناك، ومن اسمهم دُعيت سوريا نسبة لاسم مدينة (Tsyria صور)، وحسب لفظ اليونان تُنطق، صور، وعندما سمع اليونان بعد ذلك عن (الآشوريين Assyrians) اعتقدوا أنه نفس اسم سوريا، والحقيقة أن أصل ونطق كلمة صور الصوتية مختلف جداً عن كلمة آشور، وقد استُعمل المصطلحان آشور وسوريا بشكل مرتبك ومشوش من بعضهم مثل متنبئ مدينة دلفي اليونانية والكاتب ايسكلوس (523-456ق.م.)، الذين أطلقوا اسم السريان على الآشوريين، بينما الرحَّالة اليوناني سكيلابس استعمل اسم الآشوريين على كبدوكية نهاية القرن السادس وبداية القرن الخامس قبل الميلاد، وهذه التسمية غير صحيحة، وتبع سكيلابس آخرون، ويبدو أن هيرودوتس كان أول كاتب انتبه إلى حقيقة أن الشعب الكبير في بلاد ما بين النهرين العليا (الآشوريين) لم يطلقوا على أنفسهم اسم سريان، بل آشوريين، ومع ذلك استمر الارتباك بين الاسمين بعدهُ، وعلى الرغم من ذلك فقد تم التمييز عملياً بين المصطلحين الذي انتبه إليه هيرودوتس، فزينفون في كتابه Cyropadia فرَّق بين سوريا وآشور، ومع ذلك تم خلط الاسمين أحياناً بلا انتباه أو مبالاة، واستمر الخلط بين الاسمين من الكُتَّاب اللاتين فيما بعد، لكن بليني (23-79م) فَّرق بين المصطلحين.
هناك فرق واضح بين المصطلحين آشور وسوريا في الشكل والحروف والصوت والمعنى، ويمكن أن يُرى الفرق بوضوح أكثر بالرجوع إل اللغات الأصلية الأم، فجذر كلمة السريان، سوريا، هو من كلمة (صور Tyrians)، وباللغة العبرية هو (צור)، بينما جذر كلمة آشور (آشور sur-Asshur, As)، بالعبرية هو (אשור)، والفرق واضح بين الحروف أيضاً، وحتى بالنسبة للمعنى فهما مختلفان تماماً، فمدينة صور معناها صخرة وتشير إلى مدينة صور المبنية على الصخر، بينما كلمة آشور في العبرية، ربما معناها السعادة، وتظهر هذه الاختلافات بين المصطلحين في النقوش الموجودة على الصخور، ثم يحسم جورج راولنصون الموضوع قائلاً: في المحصلة النهائية لا توجد علاقة بين مصطلحي سوريا وآشور. (نيسكو: أي حتى لو تطابق اسمان مئة بالمئة، فاللفظ ونظام الصوت يختلف ويُميز بين الاثنين، فالإيطاليون القدماء اسمهم (رومان)، وهو مطابق 100/ 100 لاسم شعب دولة رومانيا التي عاصمتها بخارست، لكن رومان دولة رومانيا يلفظون اسمهم  بلغتهم (رومْن)، ودولتهم (رُومَنيَّا)، وليس رومان.
ولكي يتمتع ابرام شبير وغيره من المتاشورين أكثر، ففي كتاب جورج راولنصون الآخر سنة 1862م
George Rawlinson, Five Great Monarchies on the Ancient Eastern World, History, Geography and Antiquities of Chald, Assyria, Babylon, Media, and Persia, London 1862
المراسيم الخمسة العظيمة في العالم الشرقي القديم، تاريخ وجغرافية وآثار كلديا، آشور، بابل، ميديا، وفارس، ج1 ص295-296
يقول: سابقاً وقبل اكتشاف الآثار، كان الطابع العرقي للآشوريين والكلدان القدماء مثار جدل حيث لم يكن هناك شيء معروف عن لغتهم الأصلية، لكن بعد اكتشاف لغتهم التي هي دليل على أثنيتهم توضحت الأمور، وهو يقارن ذلك لغوياً بالعرب والعبريين، ويقول: إن الآشوريين يختلفون عن الآراميين، وقد ذهب الرحَّالة نيبور بعيدا في خلطه بين هوية الآشوريين والسريان، ولكنه سقط في خطأ حيث ضُلل من اليونان مثل هيرودوتس، الذين اعتقدوا أن الآشوريين والسريان هم واحد، لكن في الحقيقة إن الاسمين (السريان والآشوريين) متميزان عن بعضهما تماماً، فالآراميون على الأرجح متميزون عن الآشوريين كغيرهم من الساميين، واسم سوريا هو من مدينة (صورTyre Tsyria,)، وهذا الاسم أعطي لبلاد سوريا أو صور، صيغته العبرية هي (צור)، أمَّا اسم آشور فهو يتطابق مع صيغة اللغة الأم (Asshur)، وفي العبرية (אשור) ويشمل الأراضي التي تقع حول نهر دجلة.
 
إلى هنا انتهت الفضيحة، ولزيادت المعلومات فقط نقول: ليس مهماً من أين أتى أو اشتق اسم أي بلد أو قوم ومنهم اسم السريان، فاسم العراق فارسي لكنالعراقيين ليسوا فرسا واسم الحبشة عربي لكن الاحباش ليسوا عرباً، واسم اشور ارمني لكن الآشوريين ليسوا أرمن أو اسم آشور معناه مكان المياه النتنة، بل لو افترضنا جدلاً أن اسم السريان  مقارب أو مشتق من آشور، بل حتى لو تطابق الاسمان مئة بالمئة معه مثل الروم (بيزنطيين ولاتين)، فذاك لا يعني أن السريان هم آشوريون، بل السريان هم الآراميون، ويختلفون حسباً ونسباً لغةً وثقافةً دولاً وملوكاً عن الآشوريين، بل السريان هم أعداء الآشوريين، وابرام شبيرا يُقر أن السريان هم الآراميون، وان اسم السريان أطلق على قوم غير آشوريين، وهم الآراميون، كما ستلاحظون.
 
(اقتباس من أبرم شبيرا2): الوقائع التاريخية تؤكد حقيقة قوة وعظمة الآشوريين وملوكهم في مقارنتهم مع ضعف الآراميين وهزالة وجودهم السياسي وهشاشة كيانهم القومي. وأبسط دليل على ذلك هو الإكتفاء بزيارة واحدة للمتاحف العالمية مثل المتحف البريطاني في لندن ومتحف اللوفر في باريس ومتحف برلين في ألمانيا التي تزخر بنماذج في عظمة الآشوريين، في حين هي خالية من أي آثر للأراميين. ومن لا يستطيع زيارة هذه المتاحف عليه زيارة بلاد آشور القديمة ومعاينة عظمة الآشوريين في آثار نينوى ونمرود وخرسباد وآشور ومنطقة خازر وخنز. والمدفون من شواهد لعظمة الآشوريين تحت الأرض وغير المكتشف هو أكثر بكثير مما هو على سطحها.
 
(الجواب): يعترف شبيرا بفمه أن الآراميين يختلفون عن الآشوريين قوميا وسياسياً (وهذا هو المهم وبذلك يُسقط هو بفمه كذبة أن الآراميين أو السريان هم آشوريين)، أما إن كان الآراميون أضعف من الآشوريين وهزيلين، أم كان الآراميون بدو يسكنون الخيام وراكبي حمير وليسوا كالآشوريين سكان ناطحات سحاب وراكبي بوينغ، أم للآراميين آثاراً أم لا (فهذا كله ليس مهماً ولا قيمة له). فاليابانيون والفرنسيون والألمان والانكليز والأمريكان ليس لديهم آثار قديمة كثيرة في المتاحف، ولم يكونوا قوة عظمى سابقاً وليس لديهم ملوك معروفين كثيراً قبل الميلاد، ومع ذلك نقول للقارئ إن الآثار الآرامية أكثر من الآثار الآشورية في متاحف العالم وفوق الأرض، وفي العهد القديم ذُكر الآراميين أكثر من الآشوريين، وندرج نماذج قليلة من كثير من آثار في متاحف العالم منها الطابق الأول من متحف لندن/ القريب على ابرم شبيرا، أما متحف برلين فالآثار الآرامية أكثر من الآشورية، وفي متحف اللوفر وغيره، أما على الأرض فعدا كل بلاد سوريا التي هي بلاد السريان وكل العراق اسمه بلاد الآراميين، لا بلاد الآشوريين ولا بلاد الكلدان في كتب من يسمون اسمهم اليوم آشوريين، ونختصر القول إن مدينتي الحضر وتدمر القائمتين لوحدها إلى اليوم هي أكثر من كل آثار آشور. علما أن الدولة الكلدانية (612-539 ق.م.) أيضاً كانت دولة آرامية، وكان عشرات الممالك الآرامية في العراق القديم.

 

 

 

 
علماً أن الآثار السريانية تختلف عن الآشورية في المتحف العراقي

 
وللمزيد عن الآثار الآرامية هذا الرابط وغيره عن الآثار الآرامية
https://www.google.com/search?q=%D8%A7%D9%84%D8%A7%D8%AB%D8%A7%D8%B1+%D8%A7%D9%84%D8%A2%D8%B1%D8%A7%D9%85%D9%8A%D8%A9&tbm=isch&ved=2ahUKEwjB25abvYr2AhUa0-AKHeL5BFAQ2-cCegQIABAA&oq=%D8%A7%D9%84%D8%A7%D8%AB%D8%A7%D8%B1+%D8%A7%D9%84%D8%A2%D8%B1%D8%A7%D9%85%D9%8A%D8%A9&gs_lcp=CgNpbWcQDFAAWABgAGgAcAB4AIABAIgBAJIBAJgBAKoBC2d3cy13aXotaW1n&sclient=img&ei=cDUQYsHjBZqmgwfi85OABQ&bih=757&biw=1600
 
 
أما اللغة فبإجماع العلماء وكل التاريخ على الإطلاق ومنهم صديق أبرم شبيرا جورج رولنصون أن لغة الدولة الآشورية كانت أكدية ثم تركوها واستعملوا الآرامية لسهولتها، مثلاً:
ا: رسالة من سرجون الثاني يؤنب موظفه لأنه كتب بالآرامية فيقول الموظف: إذا كان مقبولا للملك دعني اكتب وابعث رسالتي بالآرامية على رسائل ملفوفة، وكان جواب الملك: لماذا لم تكتب لي بالأكدية على رقم طيني، رسائلك التي كتبتها يجب أن تتوقف بهذا الأمر الملكي.
ب: رسالة بعث بها حاكم آشوري إلى الملك يقول فيها: الرسالة الآرامية التي كتبتها للملك سيدي.
ج: ورد ذكر اللغة الآرامية في البلاط الآشوري من حاكم صور المدعو قوردي- آشور- لامور إلى الملك الآشوري يقول فيها: بعثت نابو- اوشيزب مع الرسالة الآرامية من مدينة صور.
د- عُثر في نمرود ونينوى على نقود وصكوك وأختام وتماثيل بالمسمارية الأكدية والآرامية.
 

 

 

 
يقول الملك سنحاريب في بناء قصره المعروف فوق (تل قوينجق): أنا سنحاريب، ملك الجيوش، ملك آشور، أملك التماثيل الضخمة التي تمثل الذكور والإناث من الآلِهة، تلك التماثيل التي كانت في أرض (بلعات) جلبتها بكل وقار، ووضعتها في قصري العظيم في نينوى، مددتُ عوارض من خشب الأرز المجلوب من قمة الأمانوس من تلك الجبال العالية البعيدة عبر سقوف القصر، وبالنحاس البراق ثبَّتُ أغصان السرو الزكية على الأبواب كي يفوح شذاها عند فتحها وغلقها، وأقمتُ رواقاً صُمم وفق نمط قصر حثي، ويُدعى باللسان الآرامي "بيث حيلاني"، لمتعتي الملكية.

محبتي وتقديري
وشكراً
 
>لُغَتنا السريانية الآرامية هي هويتنا القومية .
>أُعاهد شعبي بِمواصلة النضال حتى إدراج إسم السريان الآراميون في دستور العراق .
(نصف المعرفة أكثر خطورة من الجهل)
ܣܘܪܝܳܝܐ ܐܪܡܝܐ

غير متصل Gawrieh Hanna

  • عضو فعال جدا
  • ***
  • مشاركة: 171
    • مشاهدة الملف الشخصي
    • البريد الالكتروني
ملفونو ميقرو ابرم شبيرا .... 

مقالتك هذه، كالعادة مليئة بمعلومات قيمة ومفيدة للقراء والاكاديميين ونشكرك على ذلك...

هنا أود أن اتطرق الى دور الإمبراطورية الآشورية في نشر اللغة (الآشورية الحديثة/ السورث/ السريانية) مما جعلها لغة المشرق الرسمية (Lingua Franca) لأكثر من خمسة عشر قرنا .
اللغة الأكادية هي أقدم اللغات الشرقية ( السامية ) في التاريخ وأقدم نصوصها بالكتابة المسمارية تعود الى حوالي ٢٥٠٠ سنة ق٠م و كانت هذه اللغة مع كتابتها المسمارية قد إنتشرت في كل الشرق القديم. لقد أصبحت هذه اللغة مع كتابتها المسمارية لغة المراسلات الدولية في الشرق القديم، ونحن نعلم أن اللغة الآشورية القديمة كانت بالفعل، تستخدم على نطاق واسع كما نراها على الأقراص المكتشفة في تل العمارنة في مصر  والتي تكشف عن أن  المراسلات بين الملوك المصريين وملوك الحثيين كانت مدونة بالآشورية القديمة وهي تعود الى القرن الرابع عشر ق٠م .
استمرت اللغة الأكادية في تداولها أيام الملك سركون الأول،وإلى عصر سركون الثاني وتطورت بعدها الى ما عرف باللغة الآشورية القديمة عندما اكتشف العلماء الكتابات المسمارية في أواسط القرن التاسع عشر في حفريات نينوى وحينها أثبتوا أنها كتابة و لغة آشورية. اليوم، كل مؤرخ متخصص في تاريخ الشرق القديم يستخدم تعبير " اللغة الأشورية القديمة" حيث يدرون  أنها كانت استمراراً للغة الأكادية.

 أعتمد الآراميون على أستعمال الأبجدية الفينيقية في الألف الأول قبل الميلاد ، وفي وقت لاحق، ارتقى تدوينها كتابة الى صفة رسمية في الإمبراطورية الآشورية حول القرن الثامن قبل الميلاد ، إلى جانب اللغة الآشورية القديمة (الأكادية). ويرى اللغويون أن الآرامية اعتمدت على  الأبجدية الفينيقية حوالي الألف الأول قبل الميلاد،  وهي أحدث من اللغة الآشورية القديمة، وجرى تداخل بين هاتين اللغتين اللتين ليست غريبتان عن بعضهما حيث كلاهما من أصول سامية وتطورت في نهاية القرون الأخيرة قبل الميلاد وما بعد، الى اللغة الآشورية الحديثة والتي عرفها الإغريق باللغة السريانية.

فاللغة الآشورية القديمة واللغة الآرامية القديمة كلاهما ساميتان مشتركة في الجذور، وانصهرت اللهجتان عبر القرون وتطورت إلى ما يعرف اليوم باللغة السريانية أي "Neo-Assyrian /Syriac" ويعود الفضل للإمبراطورية الآشورية التي كانت القوة العظمى في العالم المعروف آنذاك ، لنشر اللغة السريانية وجعلها لغة المشرق المشتركة لأكثر من خمسة عشر قرنا كما فعلت الإمبراطورية البريطانية العظمى في القرون الماضية بجعل اللغة الإنكليزية، لغة عالمية اليوم. وللإمبراطورية الآشورية الدور الأكبر في نشر اللغة  السريانية وجعلها اللغة السائدة في جميع أنحاء إمبراطوريتها حتى بعد انتهاء سيطرتها السياسية، حيت دامت لأكثر من خمسة عشر قرنا. تطورت ابجديتها الى شكلها الذي عرف ب"سطرنجيلو" في بداية القرون الأولى بعد الميلاد، وانبثق منها الخط الشرقي وال "سرطو"، ولهجاتها المختلفة كال"سوادايا" وال"طورويو"، ومن الجدير بالذكر أن لهجة أل"طورويو" حافظت على الصفة المميزة الأقدم للهجة الآشورية التي كانت متداولة في نينوى، كما نراه واضحا في مفرداتها التي تنتهي معظمها في لفظة الواو... من شعوب الهلال الخصيب،  الشعب الآشوري بمختلف طوائفه هو الوحيد الذي حافظ على لغته السريانية وأبجديتها لاكثر من ألفي سنة، بينما انقرضت اللغات الأخرى، كالكنعانية، والفينيقية، والعمورية، والابلية والاوغاريتية، باستثناء اللغة الآرامية حيث بقيت متداولة في ثلاث قرى سورية  فقط وهي، معلولا، بخعة، وجبعدين إلا أنها فقدت كتابة ابجديتها كلياً...

شلومي
كوريه حنا

غير متصل wesammomika

  • عضو مميز
  • ****
  • مشاركة: 1654
  • الجنس: ذكر
  • السريان الآراميون شعب وأُمة مُستقلة عن الكلدوآثور
    • مشاهدة الملف الشخصي
اعزائنا القراء المحترمون
تحية قومية سريانية آرامية
 
نقدر ردة فعل البعض المضحكة الذين لم يستطيعوا أن يردوا بوثائق بل بخزعبلات وكلام مرسل لا قيمة له
علمية له، فأصلا لا يوجد في التاريخ لغة آشورية بل أكدية بلهجتين بابل وآشور، وعلى المتــأشور الذي يدعي أنه اشوري أصلي أن يستعمل لغته الأكدية القديمة ويسميها الأكدية باسمها وليس سرقة لغة غيره وتزوير اسمها، وهذه بعض قليل من قواميس اللغة الأكدية الوردة في كتاب الأستاذ موفق نيسكو اسمهم سريان لا آشوريين ولا كلدان:
Babylonian and Assyrian: A History of Akkadian بابل وآشور: تاريخ الأكدية، 2004م 
A Grammar of Akkadian, Indiana, U.S.A.          قواعد الأكدية، أمريكا، إنديانا 2012م
English-Akkadian Dictionary قاموس أكدي إنكليزي، 2014م                               
Supplement to the Akkadian Dictionaries تكملة القواميس الأكدية، 2018م               
واختصاصيوا اللغة الأكدية يختلفون عن اختصاصيوا اللغة الآرامية السريانية فعلى المتأشورين مراجعة لغويو  الأكدية مثل: شارل فوسي، تيرو دانجان، ماجي روتن، ريننية لابات، الأب شيل، فون تسودون وغيرهم، وقواميسها هي قاموس ديليش، بتسولد، ماس- أرنولت، وباسم ميخائيل جبّور، وعلي ياسين الجبوري، وعامر سليمان، والمعجم البابلي السومري للأب دايميل، وغيرهم
 
وأخيراً لكي يرتاح المتأشورون  أكثر ويعودون لأصولهم ولغتهم إن كانوا صادقين فأول قاموس أكدي سمي آشوري، ويقول البروفسور I. J.Geleb ، المشرف على طبع القاموس الأكدي الذي سُمِّي آشورياً، في مقدمته ص7، وفي عنوان (بضع كلمات لازمة لتسويغ استعمال مصطلح الآشورية في عنوان القاموس المنشور): إن اسم القاموس الحقيقي والصحيح هو قاموس اللغة الأكدية، وقد تم طبعه بإسم الآشورية إحدى اللهجات الأكدية قبل أن يستقر اسم الأكدية على اللغة، ويضيف سبباً آخر هو، لكي لا يختلط الأمر حينها بين كلمة (Akkadian، Accadian الأكديين)، وبين الجالية الفرنسية الأصل التي تعيش في مقاطعتين في كندا وأمريكا والذين اسمهم المتداول شعبياً في كندا وأمريكا هو ( Acadian أكديين) أيضاً، وهذا هو القاموس ومقدمة والمقدمة ص7 وترجمتها:
 

ومن له اذنان للسمع فليسمع!!!
 
>لُغَتنا السريانية الآرامية هي هويتنا القومية .
>أُعاهد شعبي بِمواصلة النضال حتى إدراج إسم السريان الآراميون في دستور العراق .
(نصف المعرفة أكثر خطورة من الجهل)
ܣܘܪܝܳܝܐ ܐܪܡܝܐ