المحرر موضوع: مستشفيات العراق: الخارج مولود والداخل محروق!  (زيارة 721 مرات)

0 الأعضاء و 1 ضيف يشاهدون هذا الموضوع.

غير متصل Janan Kawaja

  • اداري
  • عضو مميز متقدم
  • ***
  • مشاركة: 31496
    • مشاهدة الملف الشخصي
مستشفيات العراق: الخارج مولود والداخل محروق!
أطباء العراق يحاربون معاركهم باسلحة صحية تعود إلى عام 1985. لا يوجد ما يقال بعد هذا.
MEO

من لم يمت بكوفيد في الناصرية مات حرقا
 إعلان حكومي مُبطّن أن المواطن غير القادر على السفر للعلاج عليه أن يكتب شهادة وفاته
 ليس بجديد ولا مفاجئ إذا قيل أن الفساد جعل القطّاع الصحي في العراق نموذجاً حياً لطريق الموت
لم يهتز إستحيائهم أو خجلهم وهم يودعون صاحبهم رئيس الوزراء الأسبق أياد علاوي محمولاً بطائرة خاصة إلى المملكة الأردنية الهاشمية لغرض علاجه من وعكة صحية دون أن يُكمل علاجه في مستشفيات بغداد.

ولم تنتفض غيرة وإحساس ذلك المسؤول وهو يرى بلداً مثل الأردن لا تتجاوز ميزانيته ما مقداره إيرادات شهر واحد من الأموال المستحصلة لتصدير النفط العراقي عندما أعلنت وزارة النفط العراقية أن مجموع إيرادات تصدير النفط لشهر آذار/مارس فقط بلغ 11 مليار دولار، أي ما يعادل موازنة الأردن السنوية التي يتعالج في مستشفياتها أياد علاوي.

هو ربما إعلان حكومي مُبطّن أن المواطن الذي يكون غير قادر على السفر للعلاج عليه أن يكتب شهادة وفاته في بلد موازناته إنفجارية لا يستطيع توفير العلاج لمسؤول في الدولة فكيف بهذا المواطن البسيط.

لم تجد الحكومات المتعاقبة حلولاً واقعية وجدّية للواقع الصحي في العراق، بل ترقيعية تدل على مديات الإستهتار بالشعب وصلت إلى حدود إنشاء هياكل وكرفانات قابلة وسريعة للإشتعال تؤوي مرضى هربوا إليها من وباء كورونا لإنقاذهم، لكن الكارثة أن النار وهشيمها إلتهمتهم قبل أن يفتك بهم وباء كورونا بسبب الإهمال والفساد.

وبالرغم من كل تلك الوفرة المالية والإيرادات المتحققة إلا إن القطّاع الصحي ظل مُهملاً بإنتظار من ينتشله من واقعه المزري، حيث لم يجد نقيب الأطباء وصف يليق بالواقع الصحي سوى مقولته "أن الأطباء يحاربون بإسلحة تم إنشاؤها عام 1985" في إنعكاس للمشهد الصحي البائس في العراق.

وبدل أن تستورد وزارة الصحة العراقية أحدث الأجهزة الطبية وآخر ما توصلت إليه التكنولوجيا الحديثة في مجال الطب، إستوردت في عهد وزيرتها عديلة حمود بحكومة رئيس الوزراء الأسبق حيدر العبادي "أحذية طبية" بمبلغ 900 مليون دولار كلفة النعل الواحد 27 دولار، في الوقت الذي لا يجد فيه المواطن المغلوب على أمره في هذا البلد ثمن حبة الباراسيتامول، وربما لا يعلم الكثير أن مدينة بغداد الطبية التي تقع على ضفاف نهر دجلة من جانب الرصافة يرجع تاريخ بناؤها إلى عام 1961 وتعتبر من أكبر المجمعات الطبية في العراق، وقد تم تطويرها في سبعينيات وثمانينيات القرن الماضي دون إيجاد بديل أو بدائل لهذا الصرح الطبي القديم.

ليس بجديد ولا مفاجئ إذا قيل أن الفساد وصراع الأحزاب للظفر بحصة هذه الوزارة (ذات الخُبزة الوفيرة) وميزانياتها المسروقة وإنعدام مواكبة التطور التكنولوجي في مجال الطب جعلت من القطّاع الصحي في العراق نموذجاً حياً لطريق الموت الذي يسير فيه المرضى وهم ينظرون، يأخذ في طريقه كل حياة وما أرخصها.

ففي نيسان/أبريل من العام الماضي إلتهمت النيران ردهة الطوارئ للإنعاش الرئوي في مستشفى إبن الخطيب جنوب بغداد أودى بحياة 82 شخصاً من مرضى كورونا وإصابة 110 آخرين بحروق متفاوتة، وبعد هذا الحادث بأشهر لقي ما يقارب 92 شخصاً حتفهم وأُصيب العشرات بعد إندلاع حريق في جناح عزل مرضى كورونا في مستشفى بمدينة الناصرية، وقبلها في آب/أغسطس عام 2016 إندلع حريق أنهى حياة 13 طفلاً حديثي الولادة من خُدّج قسم التوليد بمستشفى اليرموك في حريق أثبت أنه مفتعل وفق ما توصلت إليه لجنة خبراء.

وبعد كل الذي قيل ويُقال ترك ذلك السياسي أياد علاوي مستشفيات العراق وغادرها إلى دولة مجاورة موازنتها تعادل موازنة محافظة عراقية واحدة، لكن ماذا يفعل المواطن الفقير الذي لا حول له ولا قوة، وماذا كانت تفعل وفعلت حكومات متعاقبة موازناتها إنفجارية إذا لم تهتم بالقطّاع الصحي جعلت أوجاع المرضى تتضاعف وتتزايد في بلد يتكالب عليه الفساد والسُرّاق واللصوص وإنعدام الخبرة والتخلف في قتل المواطن البسيط، أليست هذه كارثة تحدث في بلد غني مثل العراق يطفو على بحار من النفط؟