المحرر موضوع: من الذاكرة العصيان الاشوري على الخابور  (زيارة 1009 مرات)

0 الأعضاء و 1 ضيف يشاهدون هذا الموضوع.

غير متصل يوخنا اوديشو دبرزانا

  • عضو فعال
  • **
  • مشاركة: 61
    • مشاهدة الملف الشخصي
من الذاكرة
 العصيان الاشوري على الخابور
حكاية قرية :       
قد يبدو العنوان مثيراً للتساؤل ومن حق القارئ  أن يسأل عن أي عصيان أتحدث وهل من عصيان حدث و قارئي الكريم لم يسمع به ؟  نعم حدث لكنه لم يكن كذلك , كانت محاولة افتراء ولصق تهمة العصيان من قبل بعض من صناع القرار في محافظة الحسكة  لتشمل ثلاثة وثلاثين قرية مسالمة ممتدة على ضفتي نهر الخابورعقاباً لما جرى في قرية جيلو ((تل كوران )) على المبدأ والعرف العسكري المكافأة فردية والعقوبة جماعية  لكن مشروع القرار أُبطِلَ . كان ذلك في أيلول عام 1962 للأسف حدث ذلك  أيام  بزوغ شعاع نور هامش من الحرية والممارسة الديمقراطية  من شق صغير في جدار زمن القهر  الممتد من أيام الناصرية إلى زمن بعثية الاب والابن  واليكم:
الحكاية أولاً :
لم يكن للقضية في الأساس أي طابع سياسي بقدر ما كان تصرفاً فردياً أحمق من قبل مدير ناحية (تل تمر) حيث تخضع تلك القرى لإدارته والسبب الأساسي خلاف وقع بين أهل القرية ومزارع مستثمر أراضيها الزراعية يدعى ((وانيس أغاليان )) فبعد أنتهاء العقد بينه وبين أصحاب الأراضي أراد تجديد العقد عنوة مستقوياً بمدير الناحية يقال أنه كان مرتشياً لكن أهل القرية أرادوا استثمار عقاراتهم  من خلال جمعية تعاونية فلاحية وكانوا على استعداد لشراء المعدات الخاصة بذلك  المشروع الزراعي من المستثمر لكنه رفض . كنت في التاسعة من عمري وأتذكر جيداً حينما كلف المرحوم والدي ((اوديشو دبرزانا)) والدتي المرحومة ((باسة )) مع زوجة ابن عمه المرحومة ((سارة)) للذهاب إلى قرية جيلو الأخرى  (( أبو تينة )) والتوجه برفقة نسوة أخر من تلك  إلى القرية المنكوبة لتقصي الحالة . عادتا ناقلتين أخبارأً مؤسفة حتى نساء القرية معتقلات مع الرجال ومن لم يعتقل فهو متخفي . في تل جدايا وتل مغاص التقين باثنين من المتخفين  ووضِعنَ في صورة الأوضاع و تفاصيل وحيثيات المشكلة . كان البحث عن شاب في السادسة عشرة من عمره مطلوباً حياً أو ميتاً إنه ((ججي دي باسو)) وعناصر شرطة ثلاث مخافر كانوا قد عبثوا فساداً في القرية بأوامر من مدير الناحية
حكاية ججي دي باسو  :
القيت منذ أسبوعين بالسيد ججي  في بيته في شيكاغو أفادني : كنت مشغولاً بدراجتي الجديدة ((بسكليت)) أمام بيت أبن عمي مختار  القرية ((سمسون)) حينما قدم مدير الناحية ومعه مجموعة مرافقة من الشرطة مسلحين أمرني بالدخول بعد أن أمسك دراجتي ودفعها بعيداً وبعد جمع كل رجال القرية في دار المختار سأل عن السيد المرحوم يلدا القائم على شأن تأسيس الجمعية , تناول الوثائق والمستندات من السيد  يلدا وصفعه بخيزرانة جاءت على كتفه وبدأ الشتم والسباب والضرب بخيزرانة غليظة على رأس المختار ويضيف ججي لم أتمالك نفسي عندما رأيت الدم الغزير يسيل من رأسه  , صرخت في وجهه قائلاً هل أنت مدير ناحية أم كلب ((وانيس)) وهجمت عليه حين مد يده إلى مسدسه ووجهت إلى وجهه لكمة قوية أسقطته أرضاً ومسكت بخناقه بعد أن أمر الشرطة بإطلاق الرصاص لكن الشرطة أطلقوا رصاصهم في الهواء وأثناء خروجي أحد الشرطة  ممن  كانوا في الخارج صوب رصاصاته للنوافذ وهجمت عليه ورميته أرضاً ونزعت سلاحه وهربت  بعد أن أخفيت السلاح في جزيرة على الخابور. قصة هروب ججي طويلة ومشوقة تصلح لفيلم حيث توجه في النهاية إلى جبل عبد العزيز طالباً  الحماية من أهل النخوة شيوخ عشيرة بكارة الجبل المرحومين الشيخين عبد الكريم وعبد الرحمن العيسى طبعاً لم يخيب ظنه بهم  وحل المرحوم الشيخ عبدالكريم العيسى مشكلة فراره بعد تسليم السلاح الأميري للسلطة و تسليم نفسه للقضاء, أما اعتقال النسوة فكان لهجومهن على الشرطة بعد إطلاق الرصاص في الغرفة أعتقاداً أن الرجال قد قتلوا
حكاية العصيان:
سوري وطني غيور من مدينة دير الزور كان يشغل وظيفة حساسة في في مبنى المحافظة  بلغ مطران السريان الكاثوليك عن اقتراح   من بعض الحاقدين ومن بينهم المحافظ آنذاك ((عادل ميري))  بتوصيف قصة تل كوران كحالة عصيان شاملين القرى جميعها ومطالبة السلطات العليا بتدخل الجيش ومعاقبة القرى جميعها  . الاقتراح لم يحظ بموافقة مسؤول الامن السياسي  في حينه وعلى ما يبدو أن مثلث الرحمات ((مار قرياقس مطران ))طائفتنا الارذوكسية كان قد بلغه خبر الاقتراح أيضاً  فاتصل بالمحافظ مستفسراً عما بلغه , ناصحاً داعياً  ترك الموضوع للقضاء .  لكن المحافظ لم يستجب ومشادة كلامية جرت بينهما بحضور بعض من الوجهاء من مختلف طوائفنا وطلب المحافظ من (( المطران قرياقس )) بمقابلته في مكتبه لكن نيافته كان من المكانة والعزيمة أن يأمر هو المحافظ بالقدوم إلى المطرانية وليس المطران قرياقس من يذهب إلى المحافظة ونفذ سيدنا المطران تهديده بإقالة المحافظ  وتسريح مدير الناحية وإحالته إلى وظيفة مدنية  خلال ثمانية وأربعين  ساعة وقد تم  ذلك  خلال أربعة وعشرين ساعة في الوقت الذي كان المرحوم(( الشماس يوسف دي باسو)) في دمشق للالتقاء  بالمرحوم ((خالد العظم)) رئيس الوزراء في حينه بمعية شخصية دمشقية صديقة للطرفين من عائلة المعلم الدمشقية كان مديراً لأحد البنوك  في الحسكة  علماً كان لمحافظة الجزيرة ممثليها في البرلمان 
حكاية البث الإذاعي:
إنها حكاية مجهولون . عندما بَلَغ ذلك الموظف صديقه  مثلث الرحمات المطران  ميخائيل جروة …أوفد المرحوم الأب يوسف ناعم مع شخصية أخرى من الطائفة إلى بعض من معارفه في القرى كي يكونوا مستعدين تحسبا لأي طارئ وكان المرحوم والدي أول شخص التقاه الوفد وبعد التبليغ اجتمع والدي ببعض أعيان القرية في بيت المرحوم ((الشماس خوشابا كاشا أثنيال )) الذي كان طريح الفراش من مرض عضال واتفقوا على إبلاغ كل من المرحومين (( مالك قمبر ومالك ايشو خليل جوارو )) المقيمين في بيروت برسالة مفصلة عما جرى وما المتوقع . صاغها والدي أما مهمة التوصيل .  تمت الموافقة  على اقتراح المرحوم (( الشماس خوشابا )) بالذهاب للمعالجة في لبنان  بمرافقة المرحوم ((الشماس كيوركيس  تالو )) وأن تطوى الرسالة في فراشه . وفي الليلة ذاتها تم ما اتفقوا فاستعانوا بسائق سيارة أجرة موثوق وفي صباح اليوم التالي كانت الرسالة وصلت و أذاعت الخبر محطة بي بي سي الانكليزية في نشرتها المسائية   

الحلول:
1- خلال أربع وعشرين ساعة بعد تهديد مثلث الرحمات مار قرياقس  كان المحافظ قد أقيل
2- خلال ثمانية وأربعين ساعة بعد البث الإذاعي ولقاء المرحوم الشماس يوسف بالمرحوم رئيس الوزراء خالد العظم أوفدت  لجنة قضائية ( محقق عسكري وآخر مدني ) ورفعت توصياتها إلى القضاء وأمرت بإطلاق سراح المعتقلين على ذمة  اكتمال التحقيق
3- أحيل مدير الناحية إلى الخدمة المدنية

غايتي:
أن يكون نقلنا للأحداث والوقائع التاريخية والآنية بروية ورؤية دقيقة واخضاعها للمماحكة العقلية بعيداً عن العواطف وعدم تحميل أي قضية أكثر مما تحتمل كما يفعل بعض كتاب الطلاسم والصيادون في المياه العكرة.  علينا الابتعاد عن التأويلات والأحكام المسبقة
عبر :
1 - العبرة الأولى المسؤولية سوط يلهب ظهر حاملها إلا إذا باع حاملها وفي أي موقع كان وجدانه وضميره مرهناً كرامته
2- التجاء المسؤول للعنف في حل القضايا مهما يكن حجمها  جائر يجرالى  الويلات ….
3- غياب الحكمة  وتغييب القضاء النزيه في حل المشاكل مأساة وطنية وهذا ما تعايشه سوريا هذه الأيام
4 - يمكن للأقليات المضطهدة  استثمار جهود وإمكانيات أبنائها المغتربين  في تسليط الضوء على معاناتهم                                      وبالاخص في زمن الفضاء المفتوح هذا إذا استثمر بعقلانية بعيداً عن الغوغائية والسذاجة
5-إن بعض من الحلول الآنفة الذكر تمت قبل(( البث الإذاعي)) . يقيناً لم تكن حاجة لذلك الإجراء  في دولة وطنية كالتي كانت برئاسة المرحوم ناظم القدسي وحكومة رشيدة يترأسها سياسي محنك ونزيه مثل خالد العظم الذي رحل إلى جوار ربه في بيروت مفلساً . أعتقد أن ذلك الإجراء كان على مضض نتيجة الخوف المعشعش في ذاكرتهم كانوا ممن عايشوا أو نجوا من مجازر الجيش العراقي صيف 1933 

ملاحظة :

سألت السيد ججي دي باسو عن دور ممثلينا في البرلمان السوري ضمن القائمة التي كانت تتضمن كل من السادة ( الشيخ كعود خالد الطلاع , السيد زيا ملك اسماعيل , السيد رشاد الزوبع .. ) رحمة الله على  أرواح الراحلين وأطال بعمر الباقين  أجابني لم أسمع بأي فعل من أي منهم و أحتفظ بتسجيل عن السؤال ورد السيد ججي 

 يوخنا أوديشو دبرزانا
                                 سكوكي 30 نيسان 2022