في عام ١٩١٦ قال الكاتب الفرنسي اناتولي فرانس في خضم الإبادة الارمنية "أرمينيا تحتضر، لكنها ستنجو،
قطرات الدم المتبقية غالية وثمينة وسيلد منها جيل بطل، فالأمة التي لا تريد ان تموت لن تموت."
مخططي الإبادة الأرمنية أرادوا اقتلاع الشعب الأرمني من جذوره، بعضهم تهكم وقال انهم سيبيدون الشعب الأرمني وسيبقون على ارمني واحد في المتحف،
كما يحنطون الحيوانات المنقرضة للذكرى.
نعم انها الوقاحة بعينها، الايغال في الجريمة.
قام العرق التركي بقطع اغصان الامة الأرمنية وجذعها واقتلعوا جذورها، لكن هذه الامة ابت ان تموت، وبقي جذر واحد، نمت منه شجرة لتقوم بأعجوبة من الأموات.
في يوم ٢٨ أيار ١٩١٨ تم إعادة تأسيس الدولة الأرمنية بعد انقطاع دام أكثر من خمسة قرون.
يمتد وجود هذا البلد لألاف السنين وتعد عاصمته أقدم عاصمة على وجه الارض.
انبعاث ارمينيا الحديثة شاهد على شعب ابى ان يموت، هذا النصر لم يأت على يد جيوش جرارة بل كان نصر الثكلى واليتامى.
جاء في خضم إبادة ومجاعة واوبئة فتاكة.
انتصر الأرمن في ثلاث معارك وهي سارداراباد وباش-أباران وغاراكيليسيه واستطاعوا انقاذ ما تبقى من أرمينيا
بعد ان استجمعوا واستنفروا كل قواهم حيث قاتل النساء والشيوخ والأطفال، وشارك عموم كاثوليكوس الأرمن في المعركة
وكانت بالفعل معركة امة بأكملها للدفاع عن وجودها.
ان ذكرى ٢٨ أيار وولادة أرمينيا المخضبة بالدماء، والوطن الذي تعمد بدماء شبابه، نوع من انواع تجسيد اسطورة طائر الفينيق او العنقاء الذي يبعث من الرماد، ويرمز هذا الطائر للخلود والمستحيل.
ربما تكون محض صدفة او القدر لكن شعار الدولة الارمنية يتكون من اسد ونسر، كطائر عنقاء المغرب الذي نصفه نسر والاخر اسد.
اليوم نحن هنا لنخلد ذكرى نجاة الامة الأرمنية من الموت، وطن أمن استمرارية عرق اريد له ان يباد، ان ينتهي.
نعم فقد الكثير من أراضيه ونزف الكثير من شواهد وشواخص تاريخه وحضارته الغائرة في التاريخ والممتدة ل الاف السنين.
نجد اليوم اهم رموز هذا الوطن خارج أراضيه المعترف بها دوليا، شاخص امام الاعين ليذكر كل ارمني على مدار الدقيقة بانه هناك حق مغصوب ومن واجب كل ارمني ان يسترده.
جبل اراراد شاهد على النزيف، على الحقوق المسلوبة.
ألوان العلم الارمني ثلاث (الاحمر والازرق والبرتقالي)، الاحمر اول الألوان ويرمز لبحار الدم التي سالت ويجسد المعمودية بالدم، والثاني هو الأزرق ويرمز الى السماء الأرمنية التي تغطي أراضي الأرمن المستردة والمسلوبة والبحار المفقودة.
من اجمل ابيات النشيد الوطني البيت القائل الموت واحد في كل مكان لكن طوبى لمن يضحي بنفسه من اجل حرية وطنه،
ببساطة مصير كل انسان الموت، وبعد الموت النسيان، هذا امر محتوم، لكن من مات لاجل وطنه نال الخلود.
أرمينيا الضامن الأول لوجود واستمرار هذا الشعب القديم وهذه الحضارة الضاربة في عمق التاريخ.
طالما هناك أرمينيا فهناك ارمن، لا شك في ذلك.
ان احتفال الارمن بهذا اليوم ليس من باب الاحتفال بعيد وطني او تأسيس دولة، بل ذكرى انتصار ارادة الحياة والحرية على ارادة القتل والعبودية،
انها مسالة حياة او موت.
علينا ان نتذكر اليوم، في غفلة فقد الأرمن جزء اخر من كيانهم، فقد الأرمن جزء كبير من ارتساخ ومنها شوشي وكلباجار مع كل الأراضي والتاريخ والحضارة والعمارة التي تختزنها تلك المناطق وتزخر بها. جزء قديم ومهم من تاريخ الإنسانية والتراث الإنساني مهدد اليوم.
نرى الفرق في النتائج بين انتصار إرادة الحياة والحرية وتضافر الجهود لصنع المستحيل وبين غفلة وتماهي تؤدي الى نكبات والام.
لجنةالقضيةالارمنية_في_العراق .