المحرر موضوع: حكمة (حميد كفائي) تشّعُ على الجميع ,فهل مِنْ مُصغٍ؟  (زيارة 402 مرات)

0 الأعضاء و 1 ضيف يشاهدون هذا الموضوع.

غير متصل رعد الحافظ

  • عضو فعال جدا
  • ***
  • مشاركة: 673
    • مشاهدة الملف الشخصي
حكمة (حميد كفائي) تشّعُ على الجميع ,فهل مِنْ مُصغٍ؟

مقدمة :
لم أستغرب روعة وحكمة مقال الكاتب الأكاديمي والمفكر العراقي (د.حميد كفائي) الجديد .نحنُ تقريباً تعوّدنا ذلك منه في السنوات الأخيرة على الأقلّ!
لكن الممتع والمفيد في المقال المقصود أنّه يشرح بمنتهى الموضوعيّة والهدوء والعقلانيّة والإختصار ,مسيرة أحد أقطاب السياسة العراقية ما بعد تحرير البلد من طاغيتهِ الألعن على مرّ التأريخ (صدام حسين) ,ألا وهو نوري المالكي ,الذي حكمَ فترتين متتاليتين كرئيس وزراء العراق بين عامي 2006 و 2014 .
أهمّ ما في المقال ,هو ذلك الحلّ المطلوب الذي طالَ أمدهُ كثيراً في عراقِ البؤس والشقاء والفساد السياسي والعواصف الترابيّة الحمراء الدائمة ,بسبب تراجع الزراعة والبيئة وكلّ شيء تقريباً.
لقد وجّه الكاتب طلباً حكيماً وسهلاً معقولاً في ذات الوقت ,لمن يسمونه المرجعية الشيعية في العراق (على السيستاني) .لإصدار فتوى أو أمر أو لا أعرف ماذا ,
يمنع إستخدام الدين في السياسة تحت أيّ ظرف ,بل يجرّم القائم بذلك كليّاً !
لايمكنني شطب أو إختصار جملة واحدة من مقال السيّد كفائي ,لذا سأنسخهُ لكم نسخاً مبيناً .وأمنيتي من كلّ مَن يدعي حُبّ العراق البائس إيصال فكرة المقال لباقي الناس ,فقد يكون من بينهم مَن يوصله للسيستاني نفسه الذي لا أعلم حتى إن كان يقرأ العربية ويتحدّث بها أم لا ؟ فأنا لم أسمع لهُ صوتاً في حياتي!
***
صورة : د.حميد كفائي

***
مقال كفائي المهم (المالكي يهجر الطائفة الى العشيرة) الرابط أدناه !
كان إختيار (نوري كامل المالكي) لرئاسة الوزراء عام 2006 خياراً أمريكياً شيعياً مشتركاً .كانت الأسس التي اُختير وفقها أنّه عروبي غير خاضع للتأثير الإيراني .أنّه سياسي إسلامي قريب من المزاج الشعبي الشيعي المُنسجم مع الولايات المتحدة حينه .لقد وصفهُ الرئيس جورج بوش بأنّهُ (الشخص المناسب للعراق) .كما تباهى السفير الأمريكي في العراق حينها (زلماي خليل زاد) ,بأنّه هو مَنْ إختارَ المالكي للمنصب .دوَّن ذلك في كتابه "المندوب" ,قائلاً إنّ المالكي غيَّر ولاءه لاحقاً بسبب الإنسحاب الأمريكي من العراق وإختلال موازين القوى لصالحِ إيران .لكن الرياح لم تجرِ كما إشتهت السفنُ !
فالمالكي الذي بدا وديعاً مطيعاً ومبتدئاً حين إختياره ,تحوّل تدريجياً إلى مركز قوّة متنامية .عملَ على تمكين أقاربه وأتباعه من الوصول إلى مراكز مهمة في الدولة .وهؤلاء ردّوا له الفضل باتباع توجيهاته وتنفيذ أوامره ,حتى أصبح الآمر الناهي في كل مؤسسات الدولة .وقال صراحةً في خطاب جماهيري عندما طالبه أحد أتباعه بألا يتخلى عن السلطة (من يستطيع أن يأخذها منّا بعد اليوم كي نعطيها له؟) تلك المقولة التي إختصرها العراقيون بعبارة ..(ما ننطيها)!
مع إقتراب نهاية ولايته الأولى ,تمّكن المالكي من تهميش القوى الشيعية الأخرى كالمجلس الأعلى والتيار الصدري وحزب الفضيلة .وإستقطب إلى جانبه علمانيين وقوى عشائرية وعلمانية صغيرة ,مكَّنها على حساب القوى العلمانية الرئيسة ,
وهي حركة الوفاق الوطني بقيادة أياد علاوي ,وحزب المؤتمر الوطني بقيادة أحمد الجلبي ,وجبهة الحوار الوطني بقيادة صالح المطلك .وإنتهى الأمر بتلك القوى إلى التهميش الكلي .إذ لجأ الجلبي إلى الترشح مع "المجلس الإسلامي الأعلى" كي يصل إلى البرلمان .
بينما لجأ المطلك إلى القوى الطائفية السنية ,التي تبدِّل إسمها مرتين في العام على الأقل ,وإصطف معها حتى خرج كلياً من العمل السياسي .
أمّا أياد علاوي فقد تناقص مؤيدوه بسبب فرديته وتراكم أخطائه وتهميش المالكي المتواصل له ولأتباعه ,فخرج كلياً من العمل السياسي بعد تقدمه في السن ,وأوكل مهمة قيادة حزبه لابنته الشابة ,ولم يعد له أي تمثيل في البرلمان أو الحكومة!
وبحلول الإنتخابات البرلمانية الثانية ,شكَّل المالكي قوة سياسية ومؤسساتية قاهرة. وحقق فوزاً منفرداً في الإنتخابات على خصومهِ من الجماعات الشيعية المتفرقة. فحصل على 89 مقعد ,بينما حصل منافسوه الشيعة الرافضون لتمدد سلطته ,على 70 مقعد .لكن القوى العلمانية والإسلامية السنية غير المتجانسة ,إصطفت إصطفافا إضطرارياً لكنّه مصيري ,في جبهة موحدة ظاهرياً وخاوية داخلياً بقيادة أياد علاوي ,وتمكنت من الحصول على 91 مقعداً ,لتصبح القوى الفائزة في الانتخابات، بفارق مقعدين إثنين فقط!
لم يركن المالكي لهذا الفوز ولم يعترف به ,بل فسره بأنه مؤامرة سنية لاستعادة السلطة من الشيعة ,وظهرت نوازعه الطائفية بشكل جلي عام 2010 ,فعاد مضطراً إلى خصومه الشيعة ,مستعينا بإيران كي تعيدهم بعصا الولاء إلى حضن الطائفة التي أصبح المالكي زعيماً قسرياً لها!
بعد تسعة أشهر من الصراع والجدل والمناورات والتدخلات القضائية والإيرانية والأمريكية ,والانشقاقات المتتالية ضمن القائمة الوطنية الفائزة ,رضخت القوى الشيعية والسنية إلى إرادة المالكي ,فشكَّل حكومته الثانية المكونة من 45 وزيراً, لتكون أكبر حكومة في التأريخ (عدد الوزراء في الصين 21 وفي الهند 28)! وبعد إقرار البرلمان تلك الحكومة ,قلّصها المالكي إلى 33 وزير تحت ضغوط شعبية ودولية!
وقد برهنت الأحداث المعروفة للعراقيين والعرب جميعاً ,بأن حكومة المالكي الثانية كانت كارثة على العراق والمنطقة والعالم!
إذ سقطت في عهدها ثلاث محافظات بأيدي داعش ,وكادت ثلاث أخرى أن تسقط لولا أن يهبَّ العراقيون ومعهم المجتمع الدولي ,لنجدة العراق وتخليصه من فكي الإرهاب .لكن كان ذلك بثمنٍ باهظ مازالوا يدفعون فواتيره ,وقد يستمرون في دفعها لعقود مقبلة!
في تلك الفترة إنتبه الشيعة، ومرجعهم الديني الأعلى، السيد السيستاني، إلى أن بقاء المالكي سيشكل خطراً ليس على الشيعة فحسب ,بل على العراق ككل!
 فأوعز إلى قادة حزب الدعوة بضرورة إستبدال المالكي بشخصية غير جدلية كي يقود المرحلة المقبلة.
وفعلاً اُستُبدِل بحيدر العبادي، الذي واجه ظروفا استثنائية صعبة جدا، ليس أقلَّها أن ثلث العراق تحكمه جماعة داعش الإرهابية، وفي الوقت نفسه، واجه معارضة شديدة من المالكي وأتباعه، عرقلت عمل حكومته، إذ تمكنوا من إقالة وزيري الدفاع والمالية .وأصدروا قانونا يشرع لوجود الجماعات المسلحة رسميا، ويلزم الدولة بدفع رواتب مسلحيها. لكنه مع ذلك قاد الحكومة إلى الخلاص من داعش أولا، والتخفيف من الصراع الطائفي الذي أججه المالكي بخطابه الفاقع في الطائفية، إذ قسَّم العراقيين إلى "أتباع يزيد وأتباع الحسين" ونصَّب نفسه قائداً لأتباع الحسين!
وبدلاً من الإنسحاب من العمل السياسي والتقاعد بهدوء ,بعد الكوارث التي أوصل العراق إليها، ظلّ المالكي متشبثاً بكلّ قشة يجدها للبقاء في المشهد!
وتمكن أن يبقى أمينا عاما لحزب الدعوة الإسلامية، الذي انقسم في عهده مرتين، مرة بعد إقصاء الجعفري عن قيادته عام 2007، والثانية بعد تمرّد العبادي عليه، بمساعدة قيادات الدعوة الأخرى عام 2014، ليصير الحزب هامشياً في ظل قيادته، وغير قادر على أن يتقدم للناخبين بقائمة علنية باسمه، بل ظلّ يتخفى تحت أسماء أخرى، ولم يسعَ للتحرر من سطوة المالكي حتى الآن!
قبل أسبوع تقريبا ظهرت تسجيلات مسربة عن حديث خاص للمالكي مع جهة شيعية مسلحة موالية له، أطلق فيها العديد من الاتهامات ضد التيار الصدري وزعيمه مقتدى الصدر، وكيف أنه سعى لتقسيم الشيعة وتسهيل عودة السنة إلى الحكم!
من جملة ما قاله المالكي في هذه التسريبات، التي أصبحت مسلسلا ترفيهيا ينتظره العراقيون يوميا، إنه لا يخشى أحدا وإن بإمكانه أن يحتمي بألفي شخص من عشيرة (بني مالك) التي ينتمي إليها!
كان المالكي في بداية بروزه السياسي عام 2006 قد قدَّم نفسه قائدا وطنيا عراقيا، وأنه يسعى إلى بناء "دولة القانون" حتى أنه أطلق على قائمته الانتخابية اسم "قائمة دولة القانون"!
وعندما لم يستطع أن يصبح ذلك القائد الوطني، أو أنه لم يسعَ إلى ذلك، بسبب قصوره الثقافي وضيق أفقه السياسي، وخلفيته الدينية الطائفية المنغلقة، إستعان بالطائفة الشيعية كي يفرض سلطته على باقي مكونات الشعب العراقي، حتى من أبناء الطائفة المعارضين لنهجه السياسي، وقال في تصريح لجريدة الغارديان أنه شيعي قبل أن يكون عراقياً !
وبعد أن تقلصت خياراته الشيعية ,إحتمى بحزب الدعوة الذي عجز عن إزالته من موقع القيادة، وهذا إخفاق يسجل على الحزب، إذ كان بإمكانه أن يستبدله بقائد آخر كي يتبرأ من أخطائه وإخفاقاته وهفواته التي أضرت كثيرا بالدولة العراقية، وحتى بموقع الشيعة فيها، لكنه آثر الصمت الذي أضر بسمعته وقاده إلى البراري السياسية .وبعد أن ضاقت السبل أكثر فأكثر بالمالكي، انتهى الآن إلى الاحتماء بالعشيرة، ولكن حتى هذا الخيار الأخير ليس متاحا، على ما يبدو، إذ صرح شيخ قبيلة بني مالك، أو أحد شيوخها، بعكس ذلك، مطالبا بإبعاد العشائر عن الخلافات والصراعات السياسية!
تذكِّر هذه النهاية بما آل إليه وضع صدام حسين، الذي بدأ قوميا عربيا اشتراكيا، ثم تقلصت خياراته بمرور الزمن فاعتمد ابتداءً على أبناء منطقته، ثم أفراد عشيرته، وانتهى به الأمر أن يفتك حتى بأفراد عشيرته وأصهاره!
تسريبات حديث المالكي الخاص مازالت تترى ,إذ وعد الناشط المدني (علي فاضل) ,المقيم في الولايات المتحدة ,بأنه سوف ينشرها على مراحل كي يبقى العراقيون يتأملونها، ولا ينسوا ما ورد فيها خلال فترة قصيرة!
السيد مقتدى الصدر قال بعد نشر المقطع الأول من التسجيل إلى أن "هذا الكلام لا قيمة له"، لكنه قال لاحقا في تغريدة إنه تلقى تهديدا بالقتل من المالكي ودعاه إلى التقاعد عن العمل السياسي وتسليم نفسه للقضاء!
كان المالكي قد نفى أن يكون التسجيل المسرب حقيقيا، قائلاً  إنه مختلق كليا، ولاحقا قال إنه خضع لتشويهات وتحريفات عميقة!
لكن إتضح الآن لمعظم من سمعوه بأنه حقيقي وإن ما نسب للمالكي في التسجيل، قد قاله حقا بصوته الذي يعرفه الجميع!
لم يعد خافيا أن الجماعات الدينية الشيعية لم تحسن التصرف، عندما تولت الحكم، وأنها لم تتخلص من عُقَدِها الطائفية، وانحيازاتها العاطفية وعداواتها التأريخية، بل استخدمت السلطة لمحاربة بعضها بعضا وتجنيد المرتزقة وقتل الأبرياء وسرقة المال العام وتشويه صورة الشيعة والإسلام في العراق والعالم!
لقد آن الأوان أن تتدخل المرجعية الشيعية وتؤكد موقفها التأريخي وهو عدم إستخدام الدين في السياسة ,وعلى رجال الدين والمبلغين والدعاة أن يبتعدوا عن العمل السياسي ويتركوه للسياسيين المحترفين ,منصرفين لتأدية واجباتهم الدينية فحسب، وأن السياسي الذي يستخدم الدين أو المذهب، بأي طريقة، سواء في خطاباته السياسية أو أفعاله أو قراراته، أو يلجأ إلى استخدام الرموز والطقوس الدينية والأضرحة وأماكن العبادة للوصول إلى السلطة، إنما هو خارج عن الدين والمذهب معاً !
على مر الأزمان، كان أبناء الطائفة الشيعية في العراق مساهمين في السياسة والثقافة والتعليم والتجارة والاقتصاد، ولم يتخذوا من المذهب أو الطائفة منطلقا أو عنوانا للمشاركة في أي مجال. وينطبق الأمر نفسه على الطوائف الأخرى في العراق، فالسنة والمسيحيون والصابئة والأيزيديون والكرد والعرب والتركمان، تصرفوا كمواطنين عراقيين في سلوكهم ونشاطاتهم، وإن كانت لديهم معارضة، أو مساندة، لسياسة أو إجراء ما، فإنهم يفعلون ذلك وفق أسس سياسية أو علمية أو مهنية، وليس وفق تصنيفات طائفية أو قومية أو مناطقية!
تدني الأداء السياسي والإداري الذي يشهده العراق منذ عام 2003 خطير جداً, فقد أضعف الدولة وأضر بتماسك المجتمع ,بالشيعة قبل غيرهم!
بل أساء إلى سمعتهم وشوَّه صورتهم في العالم، وإنْ إستمر على هذه الوتيرة، فسوف تمتد أضراره لأجيال مقبلة. لقد آن الأوان أن يتصدى له الجميع بقوة وعلى جميع الجبهات!
إنتهى!
***
الخلاصة :
في الواقع من متابعتي القليلة (لأسباب صحيّة ونفسيّة) أحداث بلدي الأمّ العراق,
كنتُ متقبلاً عام 2006 وصول السيد نوري المالكي لرئاسة الوزراء كحلّ وسط!
أذكر بعدها أنّ أهمّ أعمالهِ التي اُعجبَتني هي (عملية صولة الفرسان 2008).
كانت تلك العملية ضدّ المليشيات الدينية التي تعيثُ فساداً في البلاد .كان ما سُمي (جيش المهدي) بأمر مقتدى الصدر هو الألعن بين تلك المليشيات الدينية!
اليوم بعد 14 عام من تلك العمليّة ,يتصارع نفس الشخصان (المالكي والصدر) على حُكم العراق .أسوء ما في الأمر عندي أنّ الغالبية التي تحبّ العراق بصدق (أنا أحسبُ نفسي منهم) ,يميلون للصدر وليس للمالكي .نظراً لما تبيّن من سلوك وخصال وطائفية المالكي لاحقاً في فترته الثانية ,التي كان مستعداً بالفعل لبيع مؤخرتهِ حتى للشيطان ,في سبيل البقاء في المنصب الرفيع!
فإنظروا معي أيّ مستنقع أوسخ من هذا وصلَ إليه العراق؟
أقصد أن تكون الغالبية تتمنى (الصدر) من بين الرجلين ,كالمستجيرِ من الرمضاءِ بالنارِ!
فهل مازال لديكم أدنى شكّ أنّ إشراك الدين في السياسة ,أو في أيّ شيء في واقع الحياة ,لن يفسدهُ فحسب ,بل يجعلهُ في أسفلِ السافلين؟
مع كلّ هذا ,أنا نفسي أتأمّل اليوم أن يبدأ الحلّ من رجل دين ..(السيستاني)!
وسؤالي هنا :هل سيوصلنا رجال الدين الى الجنون قبل موتنا؟
أم ستنتصر عليهم العلوم والحياة وشباب المستقبل والتنوير ؟
***
الرابط : مقال كفائي / المالكي يهجر الطائفة الى العشيرة!
https://akhbaar.org/home/2022/7/295877.html?fbclid=IwAR1oDyPJFDZmGNVBFhKbkKY4tsmO4N4z4FZQ9kQ2LRgNvFQ2TjobuP0Qfu0#.Ytg2w3eX7Zc.facebook

رعد الحافظ
20 يوليو 2022