المحرر موضوع: نيانس حصان طروادة الاخواني في الانتخابات السويدية  (زيارة 552 مرات)

0 الأعضاء و 1 ضيف يشاهدون هذا الموضوع.

غير متصل Janan Kawaja

  • اداري
  • عضو مميز متقدم
  • ***
  • مشاركة: 31508
    • مشاهدة الملف الشخصي
نيانس حصان طروادة الاخواني في الانتخابات السويدية
قراءة لمتناقضات المشروع السياسي للحزب الإخواني تكشف أهداف تعزيز عزلة الجالية المسلمة.
MEO

ميكائيل يوكسل، من العلاقة بالذئاب الرمادية التركية اليمينية المتطرفة إلى العين على كرسي في البرلمان السويدي
تدخل الانتخابات البرلمانية والبلدية السويدية التي ستبدأ في الرابع والعشرين من آب – أغسطس الحالي وتستمر حتى الحادي عشر من أيلول – سبتمبر القادم، تدخل منعطفاً جديداً قد يعيد تشكيل لوحة الحياة السياسية في السويد، وذلك بدخول حزب نيانس Nyans الاسلامي التوجهات الصراع الانتخابي بعد ثلاث سنوات على تأسيسه في مدينة يوتبوري.

كلمة Nyans تعني باللغة العربية ظل الألوان، وربما أراد مؤسسو الحزب أن يوحوا للمجتمع السويدي أنهم مجرد ظل ليس إلا، وأن لونهم لن يكون فاقعاً كما هي أفكارهم. رئيس الحزب ومؤسسه هو ميكائيل يوكسل سويدي من أصول تركية، كان عضواً في حزب الوسط لكن تم طرده قبل سنوات من الحزب بعد اكتشاف علاقته بحركة الذئاب الرمادية التركية اليمينية المتطرفةـ وكان من مهماته فيها تشكيل فرع لها في السويد.

حزب نيانس يدخل الانتخابات الحالية بمرشحين في مختلف المدن والمقاطعات السويدية ويسعى لدخول ممثليه في مجالس البلديات والمقاطعات والبرلمان، لكن ذلك يتطلب حصوله على 4.2% من الأصوات في السويد ليتمكن من دخول البرلمان، قد تبدو المحاولة صعبة في الانتخابات الحالية لكن إذا عرفنا أن الإسلام ثاني أكبر ديانة في السويد وأوروبا، والأكثر نمواً خلال الخمسين عاماً الماضية، ووفقا لتقرير مركز ”بيو” للأبحاث، فإن السكان المسلمين في السويد وصلت نسبتهم 8.1% من إجمالي عدد سكان السويد البالغ 10 ملايين (حوالي 810 ألف شخص مسلم)، ويقدر أن أكثر من نصفهم من الملتزمين بالتعاليم الإسلامية بدرجات متفاوتة. وتتركز نسبتهم الأكبر كالتالي (تقديرات إحصائية): 190 ألف سوري، 170 ألف عراقي، 65 ألف أفغاني، 65 ألف فلسطيني، 60 ألف صومالي، 45 ألف من البوسنة وكوسوفو والشيشان، 35 ألف من دول شمال أفريقيا، 30 ألف تركي، 25 ألف إيراني، 15 ألف لبناني، 90 ألف من جنسيات مختلفة.

ووفقا للمصادر التاريخية، فأن أول المسلمين الذين وصلوا السويد كانوا تتار روسيا، وهاجرت أول جالية من أصول إسلامية إلى السويد بعد الحرب العالمية الثانية من فنلندا، وكانت من أصول تتارية وأسسوا أول جمعية ثقافية في ستوكهولم.

وفي الستينات هاجرت أعداد كبيرة من الأيادي العاملة، من تركيا ودول يوغسلافيا الإسلامية مثل البوسنة والهرسك، ثم مسلمي المغرب العربي وشمال إفريقيا وفلسطين، وشكلوا جميعا الأقلية المسلمة في السويد، وفي نهاية الستينات وصلوا من ألف مسلم إلى خمسة عشر ألفاً، أغلبهم من اليوغسلاف المسلمين والأتراك، هجرة عمل وليس لجوء.

وفي السبعينيات تحولت الهجرة من هجرة الأيدي العاملة للسويد، إلى الهجرة السياسية والإنسانية واللجوء للسويد، بسبب الحروب الأهلية والكوارث الطبيعية، وجاءت موجات جديدة من فلسطين ولبنان وسوريا والعراق، وطلبت اللجوء والإقامة.

هذه الأرقام تغري مسؤولو حزب نيانس بإمكانية إحداث الاختراق ودخول الحياة السياسية السويدية بقوة، لكن لاعتبارات كثيرة تبدو هذه الأرقام والإحصائيات خادعة عندما يضع الناخبون أصواتهم في الصناديق الإنتخابية.

وفي هذا الإطار لا تعتقد عالمة الديموغرافيا آن زوفي دوفاندر، وهي أيضًا عالمة اجتماع، أن زيادة نسبة المسلمين ستؤثر على المجتمع السويدي بدرجة أكبر. لا عندما يتعلق الأمر بالتقاليد ولا بالنظام القانوني أو الاقتصاد. وتشدد على أن الثقافة السويدية حتى السبعينيات كانت متجانسة نسبيًا مع كنيسة الدولة - وبعد ذلك كان هناك تباين أكبر في الطريقة التي يعيش بها السويديون حياتهم. وتقول: "السويد بلد علماني للغاية. الدين ليس مهمًا جدًا في الحياة اليومية ومن المرجح أن يستمر كذلك. ولن يلاحظ ذلك كثيرًا في المجتمع العام من قبل أولئك الذين يعتبرون أنفسهم مسلمين متدينين. من الممكن أن تؤدي نسبة متزايدة من المؤمنين إلى جعل السويديين أكثر انفتاحًا على الاختلافات مثل حقيقة أن البعض متدينون". وتضيف: "بالطبع قد ينشأ عدد من المواقف الجديدة التي لم تكن ذات صلة من قبل للنظام القانوني لاتخاذ موقف بشأنها، لكن الأمر سيكون على الهامش."

نحن وهم؟!

الصحافة السويدية تنتقد هذا الخرق الذي أحدثه الحزب في الحياة الديمقراطية في السويد، وتعبر أن نجاح نيانس سيرسخ مفهوم "نحن وهم"، وكذلك سيحدث شرخاً وانقساماً في البنية الاجتماعية في السويد التي لا تبدو منذ فترة بمنأى عن مثل هذا الإنقسام والتشظي. لكن ديغمو محمد التي كانت عضواً في حزب اليسار السويدي وتركته وانتقلت لتكون مرشحة رئيسية لنيانس في ستوكهولم العاصمة ترد قائلة: "حظوظنا كبيرة ونشعر بذلك من خلال تواصل الناس معنا، فنحن نطرح مشاكل المسلمين والأقليات الأخرى في السويد على طاولة النقاش فيما الأحزاب الأخرى لا تدخل هذه المشاكل وهذه الفئات من المجتمع في اهتماماتها واولوياتها."

فيما يوضح سكرتير الحزب رامي حسين: "حرق الكتب المقدسة ليس حرية بل عنصرية، والحرب في اوكرانيا كشفت لنا أن هناك تمييز في التعامل مع المهاجرين وهذه عنصرية أيضاً ستدفع الأحزاب الأخرى ثمنها في الانتخابات الحالية، أما الإندماج فمما لاشك فيه أن الاحزاب الأخرى فشلت في تحقيق الإندماج أما نحن فلدينا برامج لتعليم الناس اللغة السويدية بشكل جيد ليتمكنوا من دخول سوق العمل بسرعة."

عناوين براقة

الحزب يركز على حفظ حقوق الجالية المسلمة كأقلية في السويد حيث يرى الحزب في أدبياته أن المسلمين يتعرضون لمضايقات وتمييز عنصري في السويد ويسعى لتشريع قانون يجرم ذلك مثله مثل تجريم معاداة السامية.

لكن إذا بحثنا عن البرنامج الإنتخابي للحزب سنجد العناوين البراقة والمضمون والرؤية المختلفة، فالبرنامج الانتخابي للحزب يتحدث عن: الإجهاض، الاغتصاب، التدريب المهني، صادرات الأسلحة، السياسة الخارجية، العناية بالأسنان، سوريا، موظفو الحكومة والبلديات، سيربرنيتشا، إعلانات المقامرة والألعاب، الحجاب ومنع الحجاب، الشركات الصغيرة، تعويض المرض، الرعاية الصحية، المدارس، الفصل العنصري، شعب السامر، الخدمة العامة، البغاء والدعارة، المعاش وضريبة المعاش وكبار السن، الناتو، ناغورنو كاراباخ، تعليم اللغة الأم، الهجرة، المعلمون، السوسيال واخذ الاطفال من ذويهم، القانون والنظام، الطاقة النووية، الكنائس والمساجد والمعابد والطوائف، كريستوفوبيا، النقل العام، الصين، مراقبة الكاميرا، المساواة، الاستيراد والتصدير مع اسرائيل، الاسلاموفوبيا، المهاجرون غير الشرعيين، الاندماج، ضرائب الدخل، التشرد، القمع المرتبط بالشرف، ضريبة الثروة، الدفاع، محكمة دستورية، ضريبة الأملاك، لم شمل العائلة، الاتحاد الاوروبي، الطاقة والبيئة، الرفق بالحيوان، الديمقراطية، المجتمع المدني، معونة الأطفال، معاداة السامية، الكحول والتبغ، افروفوبيا.

هذا الكم الهائل من العناوين البراقة والتي تخص الحياة في السويد تحمل في موقف الحزب منها الكثير من الرؤية الاخوانية للمجتمع والتي لا تتسق على الإطلاق مع دولة ديمقراطية وتتميز بسيادة القانون مثل السويد. فمثلاً بالنسبة لمعاداة السامية يريد حزب نيانس تقديم تصنيف جنائي خاص به لمعادة السامية ويريد أن يكلف السلطات المعنية بمهمة إدخال عنصر دوره أكثر تعمقاً في موضوع الدين المرتبط بمعاداة السامية (كلام غائم ورؤية غير واضحة). بالنسبة للمجتمع المدني يرى الحزب وجوب إشراك الجمعيات الدينية في العمل لا إهمالها والتضييق عليها (وهذا أمر خطير في دولة علمانية مثل السويد تشترط على أي جمعية من جمعيات المجتمع المدني ان تضع في نظامها الداخلي بنداً يؤكد عدم عملها ونشاطها في المجالين الديني والسياسي)، وكذلك يرفض دخول السويد للناتو ويطالب بالخدمة العسكرية الإجبارية. أما الاسلاموفوبيا يريد حزب نيانس أن تعترف الدولة السويدية برهاب الإسلام كمشكلة مجتمعية والاعتراف بالمسلمين كأقلية قومية في الدستور السويدي وان يكون للاسلاموفوبيا تصنيفها الجنائي الخاص، ويطالب الحزب بوقف كل عمليات التجارة مع اسرائيل حيث يتوقف الاحتلال غير الشرعي للاراضي الفلسطينية. بالنسبة لناغورنو كاراباخ فان نيانس يرى أن أرمينيا ارتكبت مذابح بحق الآذريين وان ارمينيا قوة احتلال غير شرعية لذا يجب انهاء هذا الاحتلال وفرض عقوبات على أرمينيا. أما المدارس فيطالب الحزب بتأميم المدارس وادارتها من قبل خبراء، وأيضا يرفض الحزب عمليات الحظر على المعتقدات الدينية وممارسيها كحظر الحجاب والختان، ويريد حظر ألعاب المراهنات على التلفزيون والراديو.

في حقائب الهجرة

هذه الافكار المتلاطمة والتي تم نقلها في حقائب الهجرة من الشرق الى السويد تبدو ثقيلة على دولة ديمقراطية وعلمانية مثل السويد لكن الاختراق الاخواني للسويد لم تكشف ملامحه الان بتشكيل حزب نيانس فهو يعود لسنوات سابقة كشف تفاصيلها الباحث الاكاديمي سامح ايجيبتسون في كتابه الخطير "الكذب الأبيض المقدس".

السقف العالي لمطالب وأهداف حزب نيانس يأتي امتداداً للطموحات الاخوانية في الدول العربية منذ عام 2011 حيث كان شعار "الاسلام هو الحل" مطروحاً بقوة، ولعل فشل المشروع الاخواني في الشرق (مصر – تونس) شكل حافزاً لهم لتعويض ذلك في الغرب وإحداث خرق كبير في واحدة من الديمقراطيات الكبيرة في اوروبا حيث تجاهلت على ما يبدو النخبة السويدية التحذيرات من ازدواجية خطاب المنتمين للجماعة، ومن استراتيجيتهم في الاستفادة من الديمقراطية في الغرب وسبل اختراقها. ولكن ما يخشاه السويديون بعد الانتخابات الحالية أن "يتسع الفتق على الراتق"!