تدويل المعاناة
الإعلامي بسام ككا لا يزال استمرار هجرة المسيحيين العراقيين من بلدهم يشكل السبب الاهم الذي يضعف امال من تبقى منهم داخل العراق ويقلل من شأنهم ووجودهم في ظل الفكر الرجعي السائد الذي خلقته الاحزاب السياسية الاسلامية وغيرها المسيطرة والحاكمة منذ عام ٢٠٠٣ في مناطق شمال العراق وحتى جنوبه وانعكس سلبا على مفهوم المواطنة وعلى كيفية العيش ومتطلبات الاستقرار وما اطلاق تسمية "الاقلية" التي تلصق بالمسيحيين ألا اسلوب متعمد لغرض التهميش وتغليب الجانب الديني على حساب هويتهم الوطنية والتاريخية.
وتشير اراء بعض المسيحيين المقيمين بمناطق مختلفة من العراق والذين تحدثنا معهم بشأن ما اذا كانت هجرة اقربائهم او معارفهم مستمرة، الى ان قناعاتهم لم تتغير رغم وجود تحسن بالواقع الامني وفكرة الهجرة قائمة لدى العديد من المسيحيين بدوافع عدم الاستقرار وغياب سلطة القانون والفشل الحكومي وصعوبة الحصول على الوظائف او العمل بحرية دون ابتزازات والتهميش الواضح للمسيحيين من قبل الاحزاب المهيمنة اضافة الى امتعاض المواطنين بسبب تردي التعليم والخدمات الأساسية، وذهب بعض الاشخاص الى تحميل القيادات المسيحية الدينية والسياسية مسؤولية عدم قدرتهم في تدارك الخلافات المتولدة بينها وضعفها بلملمة اوضاع المسيحيين والدفاع عنهم بمواقف موحدة ومشجعة لوجودهم.
ومثال على اوضاع المسيحيين هو ما يحدث في مناطق سهل نينوى وما يتم تداوله من معلومات يثير القلق وبشكل متزايد خاصة بعد فرض الاحزاب والجماعات المسلحة التي تمتلك غطاء سياسيا هيمنتها ونفوذها هناك وتقاسمهم الواردات بطرق خارجة عن القانون واجبار المواطنين المسيحيين على ولاءها حتى يسمح لهم بالتوظيف او مزاولة العمل، فضلا عن ممارسة تلك الاحزاب لاسلوب شراء الذمم وتسليطها على باقي افراد المجتمع، كما في أقليم كردستان فهو ليس بالصورة المثالية التي تنقل للرأي العام في تعاملهم مع المسيحيين كذلك فأن متطلبات بقاءهم ودوافع الاستقرار والتشجيع المتاحة لهم في باقي المحافظات خجولة جدا.
ما ذكرته ليس بالجديد وانما هي تداعيات نواكبها منذ تغيير النظام السابق وتتصاعد بشكل ملحوظ مع اختلاف الاساليب المتبعة الطاردة للمواطنين الاصلاء ما يدفع جهات سياسية ونشطاء مدنيين ومثقفين ورؤساء لطوائف مسيحية الى اصدار بيانات وتوضيحات تذكر مدى الاذى الذي يلحق بالمسيحيين في مناطق تواجدهم فيما نرى البطريرك الكلداني الكاردينال لويس ساكو سباق بمواقفه المنددة والصريحة ونداءاته المتكررة التي يتناول فيها ما آلت اليه اوضاع المسيحيين واخرها حديثه لقناة فضائية بتدويل قضية مسيحيي العراق.
درايتي بموضوع التدويل متواضعة جدا ولا أعلم مالذي يمكن ان يحققه لنا تدويل المعاناة فهل يمكن ان نتعكز على منظمة الامم المتحدة في تقديم الدعم والمساعدة للحفاظ على وجودنا لاسيما ان المنظمة ما عادت تحظى بسمعة مهنية او سياسة شفافة؟ وهل يعني هذا أن نكون بموقف الخصم ضد من نسميها (الدولة العراقية) أن صح وجودها، ربما تكون خطوة ناجحة وتفلح في الحد من التجاوزات التي تطال مسيحيي العراق او انها تزيد من تعقيد الامور وتكون نتائجها مخيبة اكثر للامال.
ورغم ما يحصل من حولنا في المشهد العراقي الذي يعاني كثرة الفساد وسوء الادارة، لكن لابد من ان يتصدى العقلاء وحاملي الارادة الحقيقية للوقوف بوجه ما يحاك ضد المواطنين المسيحيين اينما كانوا وعدم ترك الامور تنزلق نحو الأسوء على يد الصغار والمنتفعين من نظام المحاصصة والفساد والا ستؤول الامور نحو الاندثار وتتبدد الصورة الناصعة التي عرف بها المسيحيون العراقيون.
Bassam Kakka /فيس بوك
bassam_kakka@gmail.com