المحرر موضوع: العراق دولة أسيرة لن ينقذها سوى أبنائها  (زيارة 672 مرات)

0 الأعضاء و 1 ضيف يشاهدون هذا الموضوع.

متصل Janan Kawaja

  • اداري
  • عضو مميز متقدم
  • ***
  • مشاركة: 31615
    • مشاهدة الملف الشخصي
العراق دولة أسيرة لن ينقذها سوى أبنائها
إذا ما افترضنا بحسن نية أن هذا السياسي أو ذاك يرغب فعلا في النأي بالعراق عن الجبهة الإيرانية فإنه لن يقوى على فرض رأيه على الميليشيات التي هي صاحبة القول الفصل.
فاروق يوسف

يكذب سياسيو العراق حين يمنّون الشعب بإمكانية العودة إلى الخارطة الدولية
في محاولة منهم للإيحاء بأن وضع العراق المضطرب داخل المعادلة الإقليمية والعالمية هو سبب أزمته الداخلية يسعى سياسيو العراق إلى البحث عن وسائل للوصول بذلك الوضع إلى حالة من الاستقرار من شأنها أن تُخرج بلدهم من أزمته. وتلك وجهة نظرة فيها من الخداع والاحتيال والكذب على النفس قبل إيهام الآخرين الشيء الكثير.

فالعراق ومنذ أن وقع الاحتلال يعيش أزمتي وجود وهوية. وهو ما انعكس على صلاته بالعالم الخارجي وبالأخص محيطه العربي. فالحديث عن العراق العربي صار ملتبسا بضغط من المحتل الأميركي وبضخ طائفي موّلته إيران ورعت ديمومته من خلال تشديد الرقابة عليه. ناهيك عن أن طائفيي الأحزاب الشيعية الحاكمة لا يحتاجون إلى مَن يرشدهم إلى الدروب التي تجعل من هويتهم الطائفية الضيقة بديلا لهوية العراق العربية.

◙ يكذب سياسيو العراق حين يمنّون الشعب بإمكانية العودة إلى الخارطة الدولية في ظل انهيار منظم ترعاه الأحزاب للدفع بالعراق كي يكون مجرد ولاية إيرانية

إن العراق فشل في إقامة علاقات دولية متوازنة مع العالم لأن ارتماءه في أحضان إيران صنع سياجا عاليا يفصل بينه وبين العالم كما أن هيمنة الميليشيات الإيرانية على القرار فيه وضعته على الجبهة التي تحارب من خلالها إيران العالم. فإذا أرادت إيران استفزاز العالم فما عليها سوى أن تأمر ميليشياتها بالتحرك وتوجيه ضربات إلى المواقع العسكرية الأميركية أو إلى المنطقة الخضراء التي هي مقر سفارات الدول الأجنبية.

ليس ذلك كل شيء. فبالرغم من وجود سلطات ثلاث في العراق، تشريعية وتنفيذية وقضائية غير أن تلك السلطات بالرغم من الهالات الإعلامية التي تحيط بها هي مجرد واجهات لحكم أحزاب متفقة ظاهريا ومتناحرة في السرّ. وما من أحد في السلطة التنفيذية على سبيل المثال في إمكانه أن يتخذ قرارا إلا بعد أن يستند إلى مصلحة حزب قوي في مواجهة مصالح أحزاب أخرى ستعمل من جهتها على الإضرار به والبحث في ملفات فساده. وهو ما يصحّ على السلطة القضائية التي كانت ولا تزال مجالا لتصفية الحسابات بين الأطراف المتناحرة. أما مجلس النواب الذي يمثل السلطة التشريعية فإن أعضاءه لا يمثلون الشعب الذي انتخبهم بقدر ما يمثلون الأحزاب التي رشّحتهم ووهبتهم امتيازات لا يتمتع بها أيّ عضو برلماني في مختلف أنحاء العالم. وهو ما كان واضحا حين قرر مقتدى الصدر سحب نوابه من البرلمان ونقض نتائج انتخابات عام 2021.

النواب في العراق هم دمى تحركها كتلهم السياسية. والوزراء هم موظفون لدى أحزابهم وليست لهم علاقة بالخدمة المدنية التي تضعهم في موضع مساءلة من قبل الشعب. أما القضاة فإنهم متخصّصون في الحكم وبقسوة على مَن لا ظهر له ولا حائط حزبيا يستند عليه. أما الفاسدون الذين تقف وراءهم أحزاب متنفذة فإنهم إذا ما ثبتت عليهم تهم الفساد يدخلون إلى المحكمة ويخرجون ببراءة لا نظير لها.

وهكذا فإن خراب العراق داخلي قبل أن تكون له علاقة باصطفافه مع إيران ضد العالم. وإذا ما كان سياسيو العراق قد كرروا مرارا النغمة ذاتها التي تنص على أنهم يرغبون في أن ينأى العراق بنفسه عن سياسة المحاور فإنهم يكذبون ولا يُعقل أن أحدا في العالم يصدّقهم. وإذا ما افترضنا بحسن نية أن هذا السياسي أو ذاك يرغب فعلا في النأي بالعراق عن الجبهة الإيرانية فإنه لن يقوى على فرض رأيه على الميليشيات التي هي صاحبة القول الفصل في كل ما يتعلق بشؤون العراق ومن ضمنها علاقاته بمحيطه العربي والعالم.

◙ العراق فشل في إقامة علاقات دولية متوازنة مع العالم لأن ارتماءه في أحضان إيران صنع سياجا عاليا يفصل بينه وبين العالم

العراق دولة أسيرة. فعلى مستوى التمثيل الخارجي فإن مندوب العراق في الجامعة العربية لا يترك فرصة للدفاع عن سياسات إيران العدوانية إلا ويستغلها وهو ما يمثله ممثل لبنان، الدولة العربية الأخرى المبتلاة بالهيمنة الإيرانية من خلال متعهدها الرسمي حزب الله.

يوزع رئيس الوزراء العراقي الحالي الوعود يمينا وشمالا من أجل تحسين علاقة العراق بالعالم ملوّحا بإمكانية أن يعود العراق إلى العالم. كما لو أن عودته إلى العالم ميسّرة من غير أن يثبت قدرته على أن يكون دولة ذات سيادة يمكنها أن تستعيد عافيتها من خلال إصلاح نظامها الذي وضعه الفاسدون تحت أقدامهم وهم يتسابقون في اتجاه الولي الفقيه تعبيرا عن ولائهم.

يكذب سياسيو العراق حين يمنّون الشعب بإمكانية العودة إلى الخارطة الدولية في ظل انهيار منظم ترعاه الأحزاب للدفع بالعراق كي يكون مجرد ولاية إيرانية. لذلك من الصعب النظر إلى رئيس الحكومة العراقي إلا من جهة كونه ممثلا لدولة تحكمها ميليشيات إيرانية. ذلك ما يعرفه العالم.