المحرر موضوع: مادام ناقوس هنا يرسل دقاته ..  (زيارة 802 مرات)

0 الأعضاء و 1 ضيف يشاهدون هذا الموضوع.

غير متصل رياض شابا

  • عضو
  • *
  • مشاركة: 16
  • منتديات عنكاوا
    • مشاهدة الملف الشخصي
    • البريد الالكتروني
مادام ناقوس هنا يرسل دقاته ..
==============================
رياض شابا
------------------------------------------
يقرع الناقوس في القوش ، فنسمع " صوته "في كل مكان ، اينما كنا ، ياتينا صافيا رتيبا نقيا ، كما الفناه و نحن صغار ، مخترقا الاف الاميال ، فوق جسور " معبدة " بالشوق ، تربط الارض الحبيبة بابنائها المشتتين في اصقاع الدنيا .
يقرع الناقوس ، فيبث منذر حبيب كله ، و اخرون ، شرائط شيقة لشعائر توارثناها جيلا بعد جيل ، تنقل صلاة الكهنة و الشمامسة من داخل كنيسة مار كوركيس العريقة ، حيث الهيكل و الاعمدة الصخرية الصماء تناطح الزمن ، ، قبل ان يخرج الجميع في "زياح " و تراتيل و صلوات ، تكريما لاعزائنا الراحلين ، احتفاء بتذكار جمعة الموتى .
نسمع الدقات ، و معها ترتجف القلوب، احتراما لقدسية المناسبة ، و حنينا الى ايام عشناها مع الكنيسة و برجها المعدني الراسخ في مكانه، حاملا الصليب ، محتضنا ناقوسها الذي لم يدركه التعب رغم تعاقب السنين، و كاني به يقول : لقد رافقتكم لسنوات و عقود ، في المسرات و الاحزان و الخطوب . لا تفقدوا الامل مادام ناقوس هنا يرسل دقاته .
اترك المشهد بعض الوقت ، لاعود الى الاسماء من جديد ، فاجد اصحابي ايام الطفولة و التلمذة ،اقارب ومعارف،زملاء الجامعة والعمل، واخرين "تعرفت"عليهم مؤخرا . اقرا التعليقات ، اعاين القلوب و "اللايك " فاجد ان احدثها ات من العلامة الاستاذ بنيامين حداد ، المقيم في دهوك فاشكره من صميم قلبي على هذه الالتفاتة وهو الذي عودنا على مثل هذه المواقف فقد اشاد بالسيرة التي كتبتها عن والدي الراحل قبل نحو عامين بعنوان " شابا دكتور .. رجل من ذلك الزمان " و راى وقتها ان تجعل في كتيب يدعم بالصور ، كي تعم الفائدة من هذا العمل .شكرا مرة اخرى استاذنا العزيز ، مع تمنياتي القلبية بالصحة والعافية والرقي المتواصل في دراساتكم و ابحاثكم ، كي تبقى ذخرا ومشعلا يسهم في انارة الطريق امام اجيالنا الناهضة .
و من دهوك ايضا ، و بينما تواصل وفاء اختي صلواتها اليومية مع اسرتها و المقربين اليها هناك ، اتوقف انا عند مدينتي فانكوفر بعض الوقت ، و التي اكتست بثلج غزير ، يحاكي بياض قلب كبير يخفق بالحب و النبل و الطيبة .. .. ومنذ ان تعرفت على صاحبه اواخر العام 2009 ، و هو ذلك الصديق الصدوق الذي يقف معي في كل صلواتي و وجعي و بسماتي ، انه سيروان ياملكي ، الشاعر و الموسيقي ، صاحب الدواوين الاربعة و العود العريق و الصوت الشجي الذي عرفته مسارح وقاعات مدن كندية و اوروبية عدة . ليس هذا فحسب ، فقد صار ابو امين وام امين اعضاء دائمين في مجلس عشيرتي ، حيث يعيش اشقائي في مدينة تضم ايضا ابنة خالي عواطف بطرس بوداغ و قريبتنا العزيزة انتصار البازي وولديها خالد و ساندرا ، و مجموعة كبيرة من العراقيين .
اشعر ببهجة غامرة وانا اتصفح الاسماء ، اجهل اماكن اقامة الكثيرين منهم ، " ندردش " انا و اشقائي الدكتور باسم المقيم في كالفورنيا و عصام و عماد و رعد و رواء لاستذكار بعضهم ، ثم اسال ولدي نصري و رؤى و زوجتي سهيلةو نتفق على ان هذا ليس بالشان الاهم ، قطعا ، الهدف هو بقاء هذه الصلات الاخوية بيننا ، و الشعور بمقدار السعادة التي يمنحنا اياها هذا الانفتاح ، اعود لاستمع الى دقات الناقوس ، اتفاعل معها ، فاحس بقلب الشاعر اكرم يلدكو يخفق مع كل دقة من دقاته ، ومثله الكاتب جلال اسحق حنونا والكاتب نبيل دمان ، و غيرهم من ادبائنا و كتابنا و مبدعينا الذين نكن لهم كل الاحترام .لكل واحد منهم ذكرى و حكاية يسترجعها و هو يعيش هذه الاجواء ، و كانه يعود الى هناك حيث مراتع الطفولة والصبا والشباب ، زاخرة بالقصص و المواقف التي نريد تلقفها قبل ان يطويها النسيان .
اتامل الاسماء مرة و اثنتين ، و ياله من شرف وكرم يشملونني به ، تكتحل العيون باسم نادين نصور ، ثم يقفز اسم صديقي و زميلي منذ الستينيات حسام الصفار " ابو فواز الغالي " ،واشعر بالامتنان الكبير لكل من ساهم حتى لئن كان بجزء بسيط .. ..باشارة ، لما لذلك من معان انسانية كبيرة تترك اعمق الاثر في نفوس متلقيها ، واطالع اسم الدكتور حسين العبيدي الشاعر الجميل الذي يغلف صفحاته و "يصنع "سطوره و كلامه بالورود ، عذرا ايها العزيز لانني تعرفت عليك متاخرا ، و العتب كل العتب على علاقتي المستجدة بعالم التواصل .
ومن استراليا يطل علي وجه صديقي "المعتق" الشاعر والصحفي المخضرم خالد الحلي ، بشوشا مرحبا من مكانه البعيد ، محملا بذكريات مشتركة ايام الصداقة والزمالة في اكثر من صحيفة . و من البلاد ذاتها يطالعني اسم سرجون البازي ، و ابن عمتي والي جبوري . ثم ميس ابنة شقيقه المرحوم ثائر الياس جبوري ، لكن وبعيدا عنهم جميعا ، في اميركا تحديدا ،تقيم محاسن جبوري شقيقتهما التي لا يفتر نشاطها الاجتماعي في معظم المناسبات .
و اذهب الى اوروبا لاتلقى اشارة محببة من صديقي و زميلي الروائي و الصحفي سعد هادي المقيم في فنلنده ، و من الكاتب والصحفي الزميل عماد عبود جابر ، والخبير الاعلامي خالد النجار ، و صديقي القديم سعيد ايشوع ابونا و قريبي و صديقي حازم اسحق كتو وهما في السويد ، وكذلك ابنة خالي العزيزة ذكرى حسقيال بوداغ .
اقرا ايضا اسم صديقي وزميلي في الابتدائية سالم اسعد كجوجة ، كما يطالعني وجه صديقي وزميلي رياض الياسين الذي جاورني على مقعد الدراسة الجامعية اربع سنوات متتالية ، ثم الصديق لويس حنينا الذي التقيته مرة واحدة فقط في حياتي ، ذات عرس القوشي في منتصف الستينيات.. .. و اقرا اسم الدكتور كريم كردي و مازن رزوقي ونضال نيسان الرابن زميلتي في الصحافة لعقد ونيف ، ثم الاخوة والاخوات نوال حنونا و ابنة خالي العزيزة اخلاص ممو وساهره كله و ميخا ايشو و طلال شعيا كله و هاني كوريال و وجورج شهاره و ليلى شعيا و هاله شابو وهناء ادور ابونا و سهاد سهدا وقيس جبرائيل و هاله ديزا و اسعد كله ..
و ياله من عالم صغير جميل هذا ، يجعلني صديقا لكل هؤلاء الاحبة الذين اجدد امتناني الكبير لمشاركتهم ، و لا يؤاخذني احد اذا ما فاتني اسم ، فالامور قابلة للتعديل غالبا ، و لكني اريد الان العودة لوضع الخاتمة لقصتي هذه ،فالتفت الى منذر من جديد فارى انه على وشك انهاء بثه التسجيلي عن نهار القوشي مميز ،لارى بالقرب منه ساهر وشوكت و سمير ، و ليس بعيدا عنهم جان ابن شقيقهم اسحق ، يمسح دموعه حزنا على والده الذي انهت رصاصة طائشة لعينة حياة كرسها لخدمة ابناء جلدته، فقد كان من امهر المصورين الشعاعيين في مستشفى اليرموك التعليمي ببغداد التي لفظ فيها انفاسه الاخيرة، و منها اخرجناه ، و اصطحبناه في رحلته الاخيرة الى القوش .
و يقولون لنا انها سخرية القدر..
قدر ما كان ليقع لولا ان مواجهة ليلية وحشية صاخبة جرت قرب مسكنه في الدورة ، في بغداد ما بعد " السقوط او التحرير " لا يهم ، لم يعد ثمة فارق كبير ! يوم كانت سماء مدن العراق لاتمطر غير النار والرصاص ، و لا تعرف لغة غيرهما ، من دون ان نعرف ماذا يجري ؟ و لماذا ؟و كان تلك الاحداث تنبئ بمستقبل مجهول غامض ينتظر هذا الشعب المبتلي بامره .