المحرر موضوع: ذكريات مريرة تسكن العراقيين بعد عشرين عاما على الغزو الأميركي  (زيارة 617 مرات)

0 الأعضاء و 1 ضيف يشاهدون هذا الموضوع.

غير متصل Janan Kawaja

  • اداري
  • عضو مميز متقدم
  • ***
  • مشاركة: 31616
    • مشاهدة الملف الشخصي
ذكريات مريرة تسكن العراقيين بعد عشرين عاما على الغزو الأميركي
سقوط نظام صدام حسين في العام 2003 دشن واحدة من الصفحات الأكثر عنفا في تاريخ البلاد.
العرب

رحل نظام صدام لكن أثره بقي ساكنا في مخيلة الغزاة قبل سكان البلد
بغداد - تعدّ هناء أدور (77 عاما) الناشطة النسوية والمدنية رمزا لسنوات من النضال من أجل الديمقراطية في العراق حيث دشّن سقوط نظام الرئيس الراحل صدام حسين في العام 2003 إثر غزو أميركي واحدة من الصفحات الأكثر عنفا في تاريخ البلاد.

وعاشت هناء أدور منذ 20 عاما حتى اليوم مسيرة مليئة بالمغامرات بدأت منذ ثورة 1958 عندما بقيت في المنفى لعقود: من برلين الشرقية إلى دمشق، ثلاث سنوات في جبال إقليم كردستان مع حركة الأنصار التابعة للحزب الشيوعي العراقي، أربيل ثمّ بغداد.

بنظرات ملؤها الحزم، تصف أدور بـ"الحلم" دخولها بغداد بعيد سقوط صدام حسين في 2003، بعد "حرمان" طال 25 عاما. وسرعان ما غلب الحزن على الفرح حين رأت الدبابات الأميركية في الشوارع، وحركة التنقل محدودة، والنفايات، بعد سنوات من العقوبات الدولية على العراق.

في بلد كان يلوح الاقتتال الطائفي في أفقه، ويفقد فيه ناشطون ومسؤولون حياتهم أو يخطفون، ناضلت أدور التي أسست جمعيتها "الأمل" في التسعينات من أجل "بناء حركة مجتمع مدني مستقلة.. من أجل بناء عراق ديمقراطي يؤمن بقضايا حقوق الإنسان". ومن بين انتصاراتها، إقرار الكوتا النسائية في البرلمان الذي تصفه بـ"اللحظة التاريخية".

ولعلّ مقطع فيديو يظهر مشهد وقوفها في مؤتمر حكومي أمام رئيس الوزراء الأسبق نوري المالكي في 2011 للمطالبة بإطلاق سراح أربعة متظاهرين اعتقلوا خلال موجة احتجاجات هزّت العراق، الانعكاس الأمثل لشجاعتها. وكان إلى جانبها رجل يحاول تهدئتها، وهو رئيس الوزراء الحالي محمد شياع السوداني.

◙ في بلد يلوح الاقتتال الطائفي في أفقه ويفقد فيه ناشطون ومسؤولون حياتهم يناضل آخرون من أجل بناء عراق ديمقراطي يؤمن بقضايا حقوق الإنسان

وفي ظلّ كل الظروف الكالحة التي مرت، ترى أدور أن "الخوف لا يحقّق شيئا". وعلى الرغم من أن "لا ديمقراطية اليوم في العراق"، لكن أدور تقرّ بوجود اختراقات كما في تظاهرات أكتوبر 2019. مع ذلك، "التحديات كبيرة" في ظلّ "الأحزاب التقليدية التي تكافح للبقاء".

يتذكّر ذوالفقار حسن (22 عاماً)، حينما أيقظته والدته الحامل وشقيقته في صيف العام 2007 للاختباء في الحمام من قصف طال منطقتهم الشعبية في بغداد حينذاك.

كانت "البيوت من حولنا تتساقط"، يروي ذوالفقار طالب الخطّ في معهد الفنون في بغداد من منزله في منطقة الوشاش، في إشارة إلى قصف أميركي استهدف فصائل مسلحة شيعية في سبتمبر 2007 وقضى فيه 14 مدنياً.

ويقول "في اليوم الثاني حينما صعدنا إلى السطح" حيث كان أفراد العائلة ينامون خلال الصيف، "وجدناه مليئا بالشظايا.. وفرشنا محترقة". ويضيف "في طفولتنا، كنا خائفين جدا".

ويتذكّر كيف لازمهم الخوف حتى حينما فرّوا إلى بيت عمتهم في كربلاء لثلاثة أشهر. "كنا نخشى الدخول إلى الحمّام خلال الليل. لا أحد كان يستطيع النوم في غرفته وحيدا". خوف يشاركه فيه جيل كامل في حقبة من التفجيرات والدماء. فُقد خاله في العام 2006 حينما خرج لشراء الطعام، بينما هاجر أقرباء آخرون له.

وشارك ذوالفقار في تظاهرات تشرين 2019 ضد الفساد وتردّي البنى التحتية والبطالة. لكن تدريجيا، تبدّد الأمل. ويروي الشاب "لم نستطع أن نكمل لأننا لم نجد جوابا، سقط منا شهداء لكن دون نتيجة ودون تغيير". رغم ذلك، لا يفكّر في السفر. ويقول "من يبقى؟.. قرّرت أن أواصل بذل الجهد هنا لعلّني أحقّق شيئا. لا أريد أن أعيش فقط".

"حرمان" الطفولة خلال فترة الحرب العراقية الإيرانية دفع سعاد الجوهري (53 عاماً) إلى أن تؤسّس فريقا للنساء والأطفال لاستخدام الدراجات الهوائية. وتروي الأمّ لثلاثة شبان من منزلها في بغداد “عشنا طفولتنا في الحروب، لم نستمتع بها وحرمنا من الكثير من الأشياء".

شاهدت سعاد الكردية الفيلية، جيرانها وأقاربها يرحلون خلال حملة قمع من النظام لمن يتهمهم بمعارضته، وخالتها التي توفيت حزناً على أولادها بعدما اعتقلوا.

عاشت أحداث سقوط نظام صدام حسين من المهجر في إيران، قبل أن تستقر في العراق أخيرا في العام 2009. وتقول "قررت أن أبقى مهما كانت الظروف"، لأن "الاغتراب الدائم مؤلم جدا".

ورغم سنوات الخوف، قرّرت سعاد، العداءة في طفولتها، العام 2017 أن تتحدّى المجتمع المحافظ وقادت دراجتها الهوائية للمرة الأولى في مكان عام. وتقول "كنت أخاف من نظرة المجتمع أو أن يقوم أحد بقتلي وضربي بالسيارة. لكن المخاوف تبددت وشعرت بالأمان". حينها أسست فريق "نخلة وطن" لقيادة الدراجات الذي يضمّ نساء وأطفالا. في نظرةٍ إلى الماضي تقول "عشرون سنة من الفوضى المؤلمة ذهبت من حياتنا، لا تعويض لهذا. لكن لا أشعر أنه سيأتي أسوأ من الأيام التي مرّت علينا".