المحرر موضوع: الحصان القرمزي  (زيارة 726 مرات)

0 الأعضاء و 1 ضيف يشاهدون هذا الموضوع.

غير متصل بولص آدم

  • عضو مميز
  • ****
  • مشاركة: 1185
    • مشاهدة الملف الشخصي
    • البريد الالكتروني
الحصان القرمزي
« في: 23:55 28/03/2023 »




الحصان القرمزي

  بولص آدم

  اراد القاتل غدراً، بقتله لمن كان منقذه من القصاص اصلا، ان تواتيه فرصة القتل ثانية، هو لن يجازف بالعودة الى ضاحية البلدة الصغيرة غنية الماء والشجر والأقدار والحظ المنحوس، لكي يتخلص من عاطل معوق، الشاهد المصدوم امام جثة اخيه! .. بل نزل من على ظهر حصان قرمزي اللون بمثلث ابيض يربط عينيه بالمنخار، وظل ممسكا بطرف الحبل والحصان يصهل ممدود الرقبة العريضة حتى فم الشمس، يغشى بعينين سماويتين غائمتين محدقتين مبحلقتين متمردتين. منغمستان لحظة مابعد الجريمة في حمرة الغضب .. افزعت الحصان القرمزي، حزمة العيارات النارية وهدت قواه، مرائي نوافير تخرج من جسد الضحية، واصابه غثيان رائحة الدم التي بلغ سأمه من لعنة تكرارها في حياته منذ عامه الأول وباختلاف القتلة الذين امتطوه! .. لربما، هدَّ قواه، اجترار تلك اللحظات الرهيبة وجسده يرتد الى الخلف، بينما الرماة القتلة يعبرون بردة فعل اكتافهم القبيحة الى الجانب، وبحركة لاارادية خاطفة منتولة عن تحقق فعل الرمي وانقذاف الرصاصة، وكل ذلك الرصاص كان السابح مندفعا في مسار لعين فوق راس الحصان القرمزي ذي بقعة بيضاء على البطن تنحسر في تقلص الصدمة المتكررة تلك وهبة هواء حارقة تلامس  فرشاة رقبته العريضة، تمر الرصاصات من بين اذنيه، لكانها تخرج من قحف جمجمته، لحظة لكم تكررت منذ عامه الأول ورافقته وجسده يرتد الى الخلف بلاحول ولاقوة، تتقوس نصف دائرة ظهره اكثر وتتكسر قوائمه رعبا ويرتعش هلعاً.
  لم يفهم القتلة، مغزى تمرغ الحصان في التراب كالمجنون بعد ان نقلهم كلهم بعد الجرائم الى بقعة الأمان، هو لهم بالنهاية حيوان، يُترك بلا اجر يعادل تبنا او شربة ماء .. بل،  يطارد الحصان بعد الافلات،  سراب البوادي ويرحل منطلقا لاهثاً نحو النهير ليروي الظمأ.. يَسمَحُ لمن يصادفه بأن يغسل جلده، فيجرف النهر دماء الضحايا بعيدا عنه .. يصهل كما لم يصهل من قبل وينطلق بسرعة نحو المجهول ثانية ..
 .. ليجد الحصان القرمزي الجميل رقبته الملفوفة بحبل، يمسك بنهايته القاتل التالي مرة اخرى وفي مكان اخر، في ضواحي تلك البلدة الصغيرة الغنية بالماء والشجر وبفلاحين شرفاء ..
اراد القاتل بقتله الحصان، منقذه من القصاص، ان يختفي اي أثر للجريمة، ينتظر ان تواتيه فرصة القتل المربحة ثانية بواسطة اخرى، هو لن يجازف بالعودة الى ضاحية المدينة الصغيرة غنية الماء والشجر والأقدار والحظ المنحوس، لكي يتخلص من معوق بساق واحدة، الشاهد المصدوم امام جثة اخيه. بل ينزل من على ظهر حصان قرمزي اللون بمثلث ابيض يربط عينيه بالمنخار، ويظل ممسكا بطرف الحبل والحصان يصهل ممدود الرقبة العريضة حتى فم الشمس، يغشى بعينين سماويتين غائمتين محدقتين مبحلقتين متمردتين . منغمستان لحظة مابعد الجريمة في حمرة الغضب.. كم هو سهل لمن يقتل انسان ذلك القرار بقتل حيوان ؟
 جسد الحصان القرمزي الجميل ممتد على جانبه في الطين وقد اصطبغت بياضاته المتفرقة كلها بالأحمر ..
 ماهو اقدم من اسدال الجفن على عين تصادفها الشمس؟
 عين مفتوحة لحصان ميت لكأنها تختزن سرا، عين تختزن قوة الصمود.