المحرر موضوع: الدكتور گيورگيس  (زيارة 432 مرات)

0 الأعضاء و 1 ضيف يشاهدون هذا الموضوع.

غير متصل بولص آدم

  • عضو مميز
  • ****
  • مشاركة: 1185
    • مشاهدة الملف الشخصي
    • البريد الالكتروني
الدكتور گيورگيس
« في: 23:53 11/05/2023 »




الدكتور گيورگيس

  بولص آدم
 
  في تلك الأيام الخوالي، قرأ الدكتور گيورگيس قصة كتبتها عن دكتور مثله، حوصر بأفراد عشيرة من خارج الموصل. احد رجالها، طالب ثأر تلقى رصاصة في الحالوب، تلك العملية الجراحية استغرقت من حياته ساعات ثمان من التركيز والخوف من أن نجاته شخصيا، هي جزء من نجاة الشخص المصاب في حالوبه والمستلقي مُخَدّراَ تحت مصابيح صالة العمليات! .. ثم، توقف قلبه .. وتلقى الطبيب رصاصة ليس في حالوبه بل في راسه. كانت قصة واقعية سمعتها مشوش التفكير ايام كنت جنديا..
 قال الدكتور يومها :
- انا ايضا احب القصص الغرائبية  لتقضية الوقت، لكن اتفق معك بواقعية القصة!
- نعم يادكتور، القصة حقيقية، لكن، لكي تكون قصة مؤثرة وحكيمة فقد وضعت لها نهاية درامية. أم انها فعلًا، هكذا انتهت في الواقع؟
- حسنا شكرا، بأيدينا أحياناً نتحول الى غرائبيين... ولكن قل لي، هلا تفضلت عندنا للغذاء قبل مغادرتك الى الجبهة؟ .....

 افترقنا... مع نفسي، وصلت الى قناعة ما بانه سيموت هناك وهناك سيعيش بقية عمره بقوة الأخلاص للمهنة فقط .. نعم، عاش خادما لأنقاذ قلوب الجميع من التوقف في المستشفى الجمهوري، تزوج وانجب طبيبين ومُهندسة ونام تحت ضوء المصباح المنضدي على موسوعات طبية و كراريس عملية جدا ..
عندما اقسم مع نفسه الا يغادر المدينة مهما كان الثمن، اعتقد الجراح الموهوب بان خدماته ستشفع له يوما ما! وعندما طالبه الأقرباء دوما بضرورة المغادرة الى اي ركن من اركان الأرض.. ظلَّ وبقى ولم يغادر. الا ان التخمين في تحدي الاخلاص لَمّا يأتي الطوفان، لايصيب دوما. من سبب له مراجعة كل قناعات العمر، لم يكن غير ذلك المبتلي برصاصة في الحالوب! في الممر المؤدي الى غرفته في المستشفى،  حيث تنتظره الثياب ناصعة البياض.. سمع صوته بعد عشرين عاما!
- نحن نقتل منهم، وانت تعالج جرحاهم؟
- هم اهل لي ولكم.
- اخرس يانصراني.
 هذا الحوار رسم فورة الحقد ضد الدكتور گيورگيس و هَدَّ حياته التي اصبحت تعني بعد ذلك، ميتاً يتمرد على تابوته!
 أخفى سيارته المتعبة في الغابة قرب بيته، وتنقل في المدينة مستقلا الباصات، لعل الجموع تحميه من فردية الفرصة المتاحة للملثمين وتهديدهم.. لكنه لم يتوقع ابدا، ان يتلقى صفعة من رجل فوق نقالة على حافة القبر:
- لن ننساها لك ايها الصليبي الكلب!
- شكرا، هذا ارحم من قول جماعتك: صَليبي كافر.
.. الدكتور المبتسم أبداً، اصبح التهديد، كالمزحة التي يتلقاها من رجال يودون قتله ويؤجلون التنفيذ فقط.. وفي صالة العمليات تعود على ارهاق الجراحة التي امست كالعمل اليدوي لنحات، بعد اندثار الأدوات اللازمة طبيا، اصابعه الخبيرة، هي المشرط والمقص، وقلبه جهاز افتراضي يستضيف قلوب مرضاه الواهنة، به وحده عاش الجميع في الحروب وبينها وما بعدها، المرضى والدكتور نفسه.
.. رن جرس هاتفه فجرا:
- لن انسى وانا في غرفة العمليات قبل التخدير، بانك تحدثت مع دكتور اخر بالأنكليزية، في المرة القادمة تكلم معه بلغتنا يا قواد!
 يبتسم الدكتور ويجيب بهدوء:
- رفقا بنفسك، حاضر، سنُعَرِّبُ لغة الأختصاص في المرة القادمة، هذا ان لم تنقل جثتك الى القبر، اتركنا بسلام الله يخليك ..
- انت تتحدانا يا ... يا ......
 تعود الدكتور على الشتائم، الى درجة اصبح يعتبرها هذيان الفاشلين.. لكنهم الآن يحاصرون عنقه.

 يُحكى، بانه وشكرا للرب كما يرددون، لم يُقتَل وتلك معجزة، و .. جاره الدكتور جمال، يفكر حاليا بتجديد جواز سفره ..
 اما موعد اولادهم النوابغ في لقاء كله وَهم وحيرة، فهو غير مؤكد:
- ..وفي حالة عدم الهجوم علينا ليلا بالقنابل اليدوية والرشاشات، ربما ذاك او لا، ربما .. ربما..
- سنلتقي خارج الوطن مجددا؟ أم.. سنلتقي غدا هنا وكُل غَد؟ نعم أم لا.. أم رُبما؟ ...

  11.06.2007

 الدكتور گيورگيس ربان، هو آخر طبيب يغادر الموصل في صيف 2014، مازال حياً، يعيش بين نوهدرا والعمادية ومارعوديشو في قريته ديري.